المصادر:  


نكر (الصّحّاح في اللغة) [50]


النُكِرة: ضد المعرفة.
وقد نَكِرْتُ الرجلَ بالكسر نُكْراً ونُكوراً، وأَنْكَرْتُهُ واسْتَنْكَرْتُهُ، بمعنًى. قال الأعشى:
من الحوادث إلا الشيبَ والصَلَعا      وأَنْكَرَتْني وما كان الذي نَكِـرَتْ

وقد نَكَّرَهُ فتَنَكَّرَ، أي غيَّره فتغيَّر إلى مجهول.
والمُنْكَرُ: واحد المَناكِرِ.
والنَكيرُ والإنْكارُ: تغيير المُنْكَرِ.
ورجل نَكِرٌ ونَكَرٌ، أي داهٍ مُنْكَرٌ.
وكذلك الذي يُنْكِرُ المُنْكَرَ.
وجمعهما أنْكارٌ.
والنُكْرُ: المُنْكَرُ. قال الله تعالى: "لقد جئتَ شيئاً نُكْراً".
وقد يحرك، قال الشاعر:
      وكانوا أتَوْني بشيءٍ نُكُرْ

والنَكْراءُ مثله.
والنَكارَةُ: الدهاءُ، وكذلك النُكْرُ بالضم. يقال للرجل إذا كان فطناً مُنْكَراً: ما أشدَّ نُكْرَهُ ونَكَرَهُ أيضاً بالفتح.
وقد نَكُرَ الأمر بالضم، أي صَعُبَ واشتدَّ.
والإنْكارُ: الجحود.
وناكَرَهُ، أي قاتله. قال أبو سفيان: "إنَّ محمداً لم يُناكر أحداً إلا كانت . . . أكمل المادة معه الأهوال".
والتَناكُرُ: التجاهلُ.
وطريقٌ يَنْكورٌ: على غير قصد.

نكر (لسان العرب) [50]


النُّكْرُ والنَّكْراءُ: الدَّهاءُ والفِطنة.
ورجل نَكِرٌ ونَكُرٌ ونُكُرٌ ومُنْكَرٌ من قوم مَناكِير: دَاهٍ فَطِنٌ؛ حكاه سيبويه. قال ابن جني: قلت لأَبي عليّ في هذا ونحوه: أَفتقول إِنّ هذا لأَنه قد جاء عنهم مُفْعِلٌ ومِفْعالٌ في معنى واحد كثيراً، نحو مُذْكِرٍ ومِذْكارٍ ومُؤْنِثٍ ومِئْناثٍ ومُحْمِق ومِحْماقٍ وغير ذلك، فصار جمع أَحدهما كجمع صاحبه، فإِذا جَمَعَ مُحْمِقاً فكأَنه جمع مِحْماقاً، وكذلك مَسَمٌّ ومَسامّ، كما أَن قولهم دِرْعٌ دِلاصٌ وأَدْرُعٌ دِلاصٌ وناقة هِجانٌ ونوقٌ هِجانٌ كُسِّرَ فيه فِعالٌ على فِعالٍ من حيث كان فِعالٌ وفَعِيلٌ أُختين، كلتاهما من ذوات الثلاثة، وفيه زائدة مَدَّة ثالثة، فكما كَسَّرُوا فَعِيلاً على فِعالٍ نحو ظريف وظراف . . . أكمل المادة وشريف وشراف، كذلك كَسَّرُوا فِعالاً على فِعال فقالوا درع دِلاصٌ وأَدْرُعٌ دِلاصٌ، وكذلك نظائره؟ فقال أَبو عليّ: فلست أَدفع ذلك ولا آباه.
وامرأَة نَكرٌ، ولم يقولوا مُنْكَرَةٌ ولا غيرها من تلك اللغات. التهذيب: امرأَة نَكْراء ورجل مُنْكرٌ دَاهٍ، ولا يقال للرجل أَنْكَرُ بهذا المعنى. قال أَبو منصور: ويقال فلان ذو نَكْراءَ إِذا كان داهِياً عاقلاً.
وجماعة المُنْكَرِ من الرجال: مُنْكَرُونَ، ومن غير ذلك يجمع أَيضاً بالمناكير؛ وقال الأُقيبل القيني: مُسْتَقْبِلاً صُحُفاً تدْمى طَوابِعُها، وفي الصَّحائِفِ حَيَّاتٌ مَناكِيرُ والإِنْكارُ: الجُحُودُ.
والمُناكَرَةُ: المُحارَبَةُ.
وناكَرَهُ أَي قاتَلَهُ لأَن كل واحد من المتحاربين يُناكِرُ الآخر أَي يُداهِيه ويُخادِعُه. يقال: فلان يُناكِرُ فلاناً.
وبينهما مُناكَرَةٌ أَي مُعاداة وقِتالٌ.
وقال أَبو سفيان بن حرب: إِن محمداً لم يُناكِرْ أَحداً إِلا كانت معه الأَهوالُ أَي لم يحارب إِلا كان منصوراً بالرُّعْبِ.
وقوله تعالى: أَنْكَرَ الأَصواتِ لَصَوْتُ الحمير؛ قال: أَقبح الأَصوات. ابن سيده: والنُّكْرُ والنُّكُرُ الأَمر الشديد. الليث: الدَّهاءُ والنُّكْرُ نعت للأَمر الشديد والرجل الداهي، تقول: فَعَلَه من نُكْرِه ونَكارَتِه.
وفي حديث معاوية، رضي الله عنه: إِني لأَكْرَهُ النَّكارَةَ في الرجل، يعني الدَّهاءَ.
والنَّكارَةُ: الدَّهاء، وكذلك النُّكْرُ، بالضم. يقال للرجل إِذا كان فَطِناً مُنْكَراً: ما أَشدّ نُكْرَه ونَكْرَه أَيضاً، بالفتح.
وقد نَكُرَ الأَمر، بالضم، أَي صَعُبَ واشتَدَّ.
وفي حديث أَبي وائل وذكر أَبا موسى فقال: ما كان أَنْكَرَه أَي أَدْهاهُ، من النُّكْرِ، بالضم، وهو الدَّهاءُ والأَمر المُنْكَرُ.
وفي حديث بعضهم: (* قوله« وفي حديث بعضهم» عبارة النهاية: وفي حديث عمر بن عبد العزيز) كنتَ لي أَشَدَّ نَكَرَةٍ؛ النكرة، بالتحريك: الاسم من الإِنْكارِ كالنَّفَقَةِ من الإِنفاق، قال: والنَّكِرَةُ إِنكارك الشيء، وهو نقيض المعرفة.
والنَّكِرَةُ: خلاف المعرفة.
ونَكِرَ الأَمرَ نَكِيراً وأَنْكَرَه إِنْكاراً ونُكْراً: جهله؛ عن كراع. قال ابن سيده: والصحيح أَن الإِنكار المصدر والنُّكْر الاسم.
ويقال: أَنْكَرْتُ الشيء وأَنا أُنْكِرُه إِنكاراً ونَكِرْتُه مثله؛ قال الأَعشى: وأَنْكَرَتْني، وما كان الذي نَكِرَتْ من الحوادثِ إِلا الشَّيْبَ والصَّلَعا وفي التنزيل العزيز: نَكِرَهُمْ وأَوْجَسَ منهم خِيفَةً؛ الليث: ولا يستعمل نَكِرَ في غابر ولا أَمْرٍ ولا نهي. الجوهري: نَكِرْتُ الرجلَ، بالكسر، نُكْراً ونُكُوراً وأَنْكَرْتُه واسْتَنْكَرْتُه كله بمعنى. ابن سيده: واسْتَنْكَرَه وتَناكَرَه، كلاهما: كنَكِرَه. قال: ومن كلام ابن جني: الذي رأَى الأَخفشُ في البَطِيِّ من أَن المُبْقاةَ إِنما هي الياءُ الأُولى حَسَنٌ لأَنك لا تَتَناكَرُ الياءَ الأُولى إِذا كان الوزن قابلاً لها.
والإِنْكارُ: الاستفهام عما يُنْكِرُه، وذلك إِذا أَنْكَرْتَ أَن تُثْبِتَ رَأْيَ السائل على ما ذَكَرَ، أَو تُنْكِرَ أَن يكون رأْيه على خلاف ما ذكر، وذلك كقوله: ضربتُ زيداً، فتقول مُنْكِراً لقوله: أَزَيْدَنِيهِ؟ ومررتُ بزيد، فتوقل: أَزَيْدِنِيهِ؟ ويقول: جاءني زيد، فتقول: أَزَيْدُنِيه؟ قال سيبويه: صارت هذه الزيادة عَلَماً لهذا المعنى كعَلمِ النَّدْبَةِ، قال: وتحركت النون لأَنها كانت ساكنة ولا يسكن حرفان. التهذيب: والاسْتِنْكارُ استفهامك أَمراً تُنْكِرُه، واللازمُ من فَعْلِ النُّكْرِ المُنْكَرِ نَكُرَ نَكارَةً.
والمُنْكَرُ من الأَمر: خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإِنْكارُ والمُنْكَرُ، وهو ضد المعروف، وكلُّ ما قبحه الشرع وحَرَّمَهُ وكرهه، فهو مُنْكَرٌ، ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكَراً، فهو مَنْكُورٌ، واسْتَنْكَرَه فهو مُسْتَنْكَرٌ، والجمع مَناكِيرُ؛ عن سيبويه. قال أَبو الحسن: وإِنما أَذكُرُ مثل هذا الجمع لأَن حكم مثله أَن الجمع بالواو والنون في المذكر وبالأَلف والتاء في المؤنث.
والنُّكْرُ والنَّكْراءُ، ممدود: المُنْكَرُ.
وفي التنزيل العزيز: لقد جئت شيئاً نُكْراً، قال: وقد يحرك مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ قال الشاعر الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُرَ: أَتَوْني فلم أَرْضَ ما بَيَّتُوا، وكانوا أَتَوْني بِشيءٍ نُكُرْ ِلأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ مُنْذِراً، وهل يُنْكحُ العبدَ حُرٌّ لِحُرّْ؟ ورجل نَكُرٌ ونَكِرٌ أَي داهٍ مُنْكَرٌ، وكذلك الذي يُنْكِرُ المُنْكَرَ، وجمعهما أَنْكارٌ، مثل عَضُدٍ وأَعْضادٍ وكَبِدٍ وأَكباد.
والتَّنَكُّرُ: التَّغَيُّرُ، زاد التهذيب: عن حالٍ تَسُرُّكَ إِلى حال تَكْرَهُها منه.
والنَّكِيرُ: اسم الإِنْكارِ الذي معناه التغيير.
وفي التنزيل العزيز: فكيف كان نَكِيري؛ أَي إِنكاري.
وقد نَكَّرَه فتَنَكَّرَ أَي غَيَّرَه فتَغَيَّرَ إِلى مجهولٍ.
والنَّكِيرُ والإِنكارُ: تغيير المُنْكَرِ.
والنَّكِرَةُ: ما يخرج من الحُوَلاءِ والخُراجِ من دَمٍ أَو قَيْحٍ كالصَّدِيد، وكذلك من الزَّحِيرِ. يقال: أُسْهِلَ فلانٌ نَكِرةً ودَماً، وليس له فِعْلٌ مشتق.
والتَّناكُرُ: التَّجاهُلُ.
وطريقٌ يَنْكُورٌ: على غير قَصْدٍ.
ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ: اسما ملَكَينِ، مُفْعَلٌ وفَعيلٌ؛ قال ابن سيده: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ فَتَّانا القبور.
وناكُورٌ: اسم.
وابن نُكْرَةَ: رجل من تَيْمٍ كان من مُدْرِكي الخيلِ السوابق؛ عن ابن الأَعرابي.
وبنو نُكْرَةَ: بطن من العرب.

ألك (لسان العرب) [50]


في ترجمة علج: يقال هذا أَلوكُ صِدْقٍ وعَلوك صِدْقٍ وعَلُوج صِدْقٍ لما يؤكل، وما تَلَوَّكْتُ بأَلوكٍ وما تَعَلَّجْتُ بعَلوج. الليث: الأَلوك الرسالة وهي المَأْلُكة، على مَفْعُلة، سميت أَلوكاً لأَنه يُؤْلَكُ في الفم مشتق من قول العرب: الفرس يَأْلُك اللُّجُمَ، والمعروف يَلوك أَو يَعْلُك أَي يمضغ. ابن سيده: أَلَكَ الفرسُ اللجام في فيه يَأْلُكه عَلَكه.
والأَلوك والمَأْلَكة والمَأْلُكة: الرسالة لأنها تُؤْلَك في الفم؛ قال لبيد: وغُلامٌ أَرْسَلَتْهُ أُمُّه بأَلوكٍ، فَبَذَلْنا ما سَأَلْ قال الشاعر: أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مَأْلُكةً، عن الذي قد يُقالُ مِ الكَذبِ قال ابن بري: أَبو دَخْتَنُوس هو لَقِيط بن زُرارة ودخْتَنُوس ابنته، سماها باسم بنت كِسرى؛ وقال . . . أكمل المادة فيها: يل ليت شِعْري عنكِ دَخْتَنوسُ، إِذا أَتاكِ الخبرُ المَرْمُوسُ قال: وقد يقال مَأْلُكة ومَأْلُك؛ وقوله: أَبْلِغْ يَزِيد بني شَيْبان مَأْلُكَةٌ: أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تأْتَكِلُ؟ إِنما أَراد تَأْتَلِكُ من الأَلوك؛ حكاه يعقوب في المقلوب. قال ابن سيده: ولم نسمع نحن في الكلام تَأْتَلِكُ من الأَلوك فيكون هذا محمولاً عليه مقلوباً منه؛ فأَما قول عديّ بن زيد: أَبْلِغِ النُّعْمان عني مَأْلُكاً: أَنه قد طال حَبْسي وانْتِظار فإِن سيبويه قال: ليس في الكلام مَفْعُل، وروي عن محمد بن يزيد أَنه قال: مَأْلُك جمع مَأْلُكة، وقد يجوز أَن يكون من باب إِنْقَحل في القلة، والذي روي عن ابن عباس أَقيس (* قوله «والذي روي عن ابن عباس أقيس» هكذا في الأصل)؛ قال ابن بري: ومثله مَكْرُم ومَعُون، قال الشاعر: ليوم رَوْغٍ أَو فَعَال مَكْرُم وقال جميل: بُثَيْنَ الْزَمي لا، إِنَّ لا إِنْ لَزِمْتِه، على كثرةِ الوَاشينَ، أَيّ مَعُون قال: ونظير البيت المتقدم قول الشاعر: أَيُّها القاتلون ظلماً حُسَيْناً، أَبْشِرُوا بالعَذابِ والتَّتْكيل كلُّ أَهلِ السماء يَدْعُو عليكُمْ: من نَبيّ ومَلأَكٍ ورسول ويقال: أَلَك بين القوم إِذا ترسّل أَلْكاً وأُلُوكاً والاسم منه الأَلُوك، وهي الرسالة، وكذلك الأَلُوكة والمَأْلُكة والمَأْلُك، فإِن نقلته بالهمزة قلت أَلَكْتُه إِليه رسالةً، والأَصل أَأْلَكْتُه فأَخرت الهمزة بعد اللام وخففت بنقل حركتها على ما قبلها وحَذْفِها، فإِن أَمرتَ من هذا الفعل المنقول بالهمزة قلت أَلِكْني إِليها برسالة، وكان مقتضى هذا اللفظ أَن يكون معناه أَرْسِلْني إِليها برسالة، إِلا أَنه جاء على القلب إِذ المعنى كُنْ رسولي إِليها بهذه الرسالة فهذا على حد قولهم: ولا تَهَيَّبُني المَوْماةُ أَركبها أَي ولا أَتَهَيَّبُها، وكذلك أَلِكْني لفظه يقضي بأَن المخاطَب مُرْسِلٌ والمتكلم مُرْسَل، وهو في المعنى بعكس ذلك، وهو أَن المخاطب مُرْسَل والمتكلم مخرْسِل؛ وعلى ذلك قول ابن أَبي ربيعة: أَلِكْني إِليها بالسلام، فإِنَّهُ يُنَكَّرُ إِلْمامي بها ويُشَهَّرُ أَي بَلِّغْها سلامي وكُنْ رسولي إِليها، وقد تحذف هذه الباء فيقال أَلِكْني إِليها السلامَ؛ قال عمرو بن شَأْسٍ: أَلِكْني إِلى قومي السلامَ رِسالةً، بآية ما كانوا ضِعافاً ولا عُزْلا فالسلام مفعول ثان، ورسالة بدل منه، وإِن شئت حملته إِذا نصبت على معنى بَلِّغ عني رسالة؛ والذي وقع في شعر عمرو بن شأْس: أَلِكْني إِلى قومي السلامَ ورحمةَ الـ ـإِله، فما كانوا ضِعافاً ولا عُزْلا وقد يكون المُرْسَلُ هو المُرْسَل إِليه، وذلك كقولك أَلِكْني إِليك السلام أَي كُنْ رسولي إِلى نفسك بالسلام؛ وعليه قول الشاعر: أَلِكْني يا عتيقُِ إِليكَ قَوْلاً، سَتُهْدِيهِ الرواةُ إِليكَ عَني وفي حديث زيد بن حارثة وأَبيه وعمه: أَلِكْني إِلى قومي، وإِن كنتُ نائياً، فإِني قَطُِينُ البيتِ عند المَشَاعِرِ أَي بَلِّغ رسالتي من الأَلُوكِ والمَأْلُكة، وهي الرسالة.
وقال كراع: المَأْلُك الرسالة ولا نظير لها أَي لم يجئ على مَفْعُل إِلا هي.
وأَلَكَه يأْلِكُه أَلْكاً: أَبلغه الأَلُوك. ابن الأَنباري: يقال أَلِكْني إِلى فلان يراد به أَرسلني، وللاثنين أَلِكاني وأَلِكُوني وأَلِكِيني وأَلِكَاني وأَلِكْنَني، والأَصل في أَلِكْني أَلْئِكْني فحولت كسرة الهمزة إلى اللام وأُسقطت الهمزة؛ وأَنشد: أَلِكْني إِليها بخير الرسو لِ، أُعْلِمُهُمْ بنواحي الخَبَرْ قال: ومن بنى على الأَلوك قال: أَصل أَلِكُْني أَأْلِكْني فحذفت الهمزة الثانية تخفيفاً؛ وأَنشد: أَلِكْني يا عُيَيْنُ إِليكَ قولا قال أَبو منصور: أَلِكْني أَلِكْ لي، وقال ابن الأَنباري: أَلِكْني إِليه أَي كُنْ رسولي إِليه؛ وقا ل أَبو عبيد في قوله: أَلِكْني يا عُيَيْنُ إِليكَ عني أَي أَبلغ عني الرسالة إِليك، والمَلَكُ مشتق منه، وأَصله مَأْلَك، ثم قلبت الهمزة إِلى موضع اللام فقيل مَلأَك، ثم خففت الهمزة بأَن أُلقيت حركتها على الساكن الذي قبلها فقيل مَلَك؛ وقد يستعمل متمماً والحذف أَكثر:فلسْتَ لإِنْسيٍّ،.
ولكن لمَلأَكٍ تَنَزَّلَ من جَوِّ السماء يَصُوب والجمع ملائكة، دخلت فيها الهاء لا لعجمة ولا لنسب، ولكن على حد دخولها في القَشاعِمَة والصيَّاقلة، وقد قالوا المَلائك. ابن السكيت: هي المَأْلَكة والمَلأَكة على القلب.
والملائكة: جمع مَلأَكة ثم ترك الهمز فقيل مَلَك في الوحدان، وأَصله مَلأَك كما ترى.
ويقال: جاء فلان قد اسْتَأْلكَ مَأْلُكَته أَي حمل رسالته.

السوفسطائية (المعجم الوسيط) [0]


 فرقة يُنكرُونَ الحسيات والبديهيات وَغَيرهَا الْوَاحِد سوفسطائي 

الْقَدَرِيَّة (المعجم الوسيط) [0]


 قوم يُنكرُونَ الْقدر وَيَقُولُونَ إِن كل إِنْسَان خَالق لفعله (مو) 

العنادية (المعجم الوسيط) [0]


 فرقة من السوفطائية يُنكرُونَ حقائق الْأَشْيَاء ويزعمون أَنَّهَا وهم وخيال بَاطِل 

الوضعية (المعجم الوسيط) [0]


 مَذْهَب (أوجست كونت) وَهُوَ يُنكر الميتافيزيقا مَا وَرَاء الطبيعة وَيُقِيم الْمعرفَة على الوقائع والتجربة (مج) 

تنكر (المعجم الوسيط) [0]


 تغير عَن حَاله أَو عَن زيه حَتَّى يُنكر وَيُقَال تنكر لي فلَان أَخذ بِشَيْء إِلَيّ بعد أَن كَانَ يحسن أَو لَقِيَنِي لِقَاء بشعا 

ب ر ق ع (المصباح المنير) [0]


 بُرْقُعُ: المرأة: ما تستر به وجهها وفتح الثالث تخفيف ومنهم من ينكره، و "بَرْقَعْتُ" المرأة: ألبستها "البُرْقُعَ" و "تَبَرْقَعَتْ" هي لبست "البُرْقُعَ" والجمع "البَرَاقِعُ" . 

الشُّعَرَاء (المعجم الوسيط) [0]


 الفروة وَالْأَرْض أَو الرَّوْضَة الْكَثِيرَة الشّجر وداهية شعراء شَدِيدَة عَظِيمَة يُقَال للرجل إِذا تكلم بِمَا يُنكر عَلَيْهِ جِئْت بهَا شعراء ذَات وبر 

أنكر (المعجم الوسيط) [0]


 الشَّيْء جَهله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فعرفهم وهم لَهُ منكرون} وَحقه جَحده وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا} وَمَا على فلَان فعله عابه وَنَهَاهُ وَيُقَال مَا كَانَ أنكرهُ أدهاه 

فضأ (لسان العرب) [0]


أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب الهمز: أَفْضَأْتُ الرجلَ أَطْعَمْته. قال أَبو منصور: أَنكر شمر هذا الحرف، قال: وحَقَّ له أَن يُنْكِرَه لأَنّ الصوابَ أَقْضَأْته، بالقاف، إِذا أَطعمتَه.
وسنذكره في موضعه.

تودع (المعجم الوسيط) [0]


 لزم السكينَة وَالْوَقار وَصَارَ صَاحب دعة وراحة وَالْقَوْم ودع بَعضهم بَعْضًا وَفُلَان الشَّيْء صانه فِي ميدع وَفُلَانًا ابتذله فِي حَاجته تودع:  من فلَان سلم عَلَيْهِ للتوديع ويئس من صَلَاحه وَفِي الحَدِيث (إِذا لم يُنكر النَّاس الْمُنكر فقد تودع مِنْهُم) 

ج ن س (المصباح المنير) [0]


 الجِنْسُ: الضرب من كلّ شيء والجمع "أَجْنَاسٌ" وهو أعمّ من النوع، فالحيوان جنس والإنسان نوع وحكي عن الخليل: "هَذَا يُجَانِسُ هَذَا" أي يشاكله ونصّ عليه في التهذيب أيضا، وعن بعضهم: "فُلانٌ لا يُجَانِسُ النَّاسَ" إذا لم يكن له تمييز ولا عقل، والأصمعي ينكر هذين الاستعمالين ويقول: هو كلام المولدين وليس بعربي. 

زرى (الصّحّاح في اللغة) [0]


زَرَيْتُ عليه بالفتح زِرايَةً وتَزَرَّيْتُ عليه، إذا عَتبت عليه.
وقال:
على ذاك فيما بيننا مُسْتَديمُها      وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ وإنَّني

أي عاتِبٌ ساخطٌ غير راضٍ.
وقال أبو عمرو: الزاري على الإنسان: الذي لا يعدُّه شيئاً ويُنكِر عليه فِعلَه.
والإزْراءُ: التهاون بالشيء. يقال: أَزْرَيْتُ به، إذا قصّرت به.
وازْدَرَيْتُهُ، أي حَقَرته.

ح و ج (المصباح المنير) [0]


 الحَاجَةُ: جمعها "حَاجٌ" بحذف الهاء و "حَاجَاتٌ" و "حَوَائِجُ" و "حَاجَ" الرجل "يَحُوجُ" إذا "احْتَاجَ" و "أَحْوَجَ" وزان أكرم من الحاجة فهو "مُحْوِجٌ" وقياس جمعه بالواو والنون؛ لأنه صفة عاقل والناس يقولون في الجمع "مَحَاوِيجٌ" مثل مفاطير ومفاليس وبعضهم ينكره ويقول غير مسموع، ويستعمل الرباعي أيضا متعديا فيقال "أَحْوَجَهُ" الله إلى كذا. 

بلعك (لسان العرب) [0]


البَلْعَكُ من النوق: المسترخية المُسِنَّة؛ قال ابن بري: هذا قول ابن دريد ولم يذكر المُسِنَّة أحد غيره؛ الأَزهري: هي البَلْعَك والدَّلْعَك للناقة الثقيلة. ابن سيده: ناقة بَلْعَك مسترخية، وقيل: ضخمة ذلول.
ورجل بَلْعَكٌ: بليد.
وفي النوادر: رجل بَلْعَك يُشْتم ويحقر فلا ينكر ذلك لموت نفسه وشدة طمعه. الليث: البَلْعَكُ الجمل البليد.
والبَلْعَكُ: لغة في البَلْعَقِ وهو ضرب من التمر.

ص - ق - و (جمهرة اللغة) [0]


هم الطَّرَفُ الناكي العدوَّ وأنتمُ ... بقُصْوَى ثلاثٍ تأكلون الوقائصا وكانوا يتعايرون بأكل المتردّية والوقيصة وما أشبهها، والأوقاص في البقر والغنم مثل الأشناق في الإبل. وواحد الأوقاص: وَقْص. وواقصة: موضع. وبنو الأوْقَص: بطن من العرب. وقد سمّت العرب واقصاً ووقّاصاً. وبنو الأوْقَص: بطن من العرب. قال الراجز: إنْ تُشْبِهِ الأوْقَصَ أو لُهَيْما تُشْبِهْ رجالاً يُنكرون الضّيْما ووَقّاص: اسم. ووُقَيْص: اسم.

طين (الصّحّاح في اللغة) [0]


الطينُ معروف، والطينَةُ أخصُّ منه.
وطَيَّنْتُ السَطح، وبعضهم ينكره ويقول: طِنْتُ السطح فهو مَطينٌ.
وأنشد:
كدُكَّانِ الدَرابِنَةِ المَطينِ      فأبْقَى باطِلي والجِدُّ منها

والطينَةُ: الخِلْقَةُ والجِبِلَّة. يقال: فلانُ من الطينة الأولى.
وطانَ فلان كتابَه: ختَمه بالطينِ. ابن السكيت: طانَهُ الله على الخيرِ وطامَهُ، أي جَبَله عليه.
وأنشد:
      ألا تلكَ نفسٌ طينَ فيها حَياؤُها

ويومٌ طانٌ ومكانٌ طانٌ.
وأرضٌ طانةٌ: كثيرة الطينِ.
حرف الظاء

الحنيف (المعجم الوسيط) [0]


 المائل من شَرّ إِلَى خير وَالصَّحِيح الْميل إِلَى الْإِسْلَام الثَّابِت عَلَيْهِ والناسك وكل من حج (وَفِي الكليات لأبي الْبَقَاء) إِذا ذكر الحنيف مَعَ الْمُسلم فَهُوَ الْحَاج كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما} وَإِذا ذكر وَحده فَهُوَ الْمُسلم كَقَوْلِه تَعَالَى {فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا} (ج) حنفَاء و (الحنفاء) فريق من الْعَرَب قبل الْإِسْلَام كَانُوا يُنكرُونَ الوثنية مِنْهُم أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَمن كَانَ على دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجَاهِلِيَّة (فِي الْحَج والختان واعتزال الْأَصْنَام) وَالدّين الحنيف الْمُسْتَقيم الَّذِي لَا عوج فِيهِ وَهُوَ الْإِسْلَام 

ز ر ق (المصباح المنير) [0]


 المِزْرَاقُ: رمح قصير أخف من العنزة و "زَرَقَهُ" بالرمح "زَرْقًا" من باب قتل طعنه و "زَرَقَ" الطائر "زَرْقًا" من بابي قتل وضرب بمعنى ذرق. و "الزُّرْقَةُ" من الألوان والذكر "أَزْرَقُ" والأنثى "زَرْقَاءُ" والجمع "زُرُقٌ" مثل أحمر وحمراء وحمر، ويقال للماء الصافي "أَزْرَقُ" والفعل "زَرِقَ" من باب تعب "زَرَى" عليه "زَرْيًا" من باب رمى و "زَرْيَةً" و "زِرَايَةً" بالكسر: عابه واستهزأ به، وقال أبو عمرو الشيباني: "الزَّارِي" على الإنسان هو الذي ينكر عليه ولا يعده شيئا، و "ازْدَرَاهُ" و "تَزَرَّى" عليه كذلك، و "أَزْرَى" بالشيء "إِزْرَاءً" تهاون به. 

د و س (المصباح المنير) [0]


 دَاسَ: الرجل الحنطة "يَدُوسُهَا" "دَوْسًا" و "دِيَاسًا" مثل الدراس ومنهم من ينكر كون الدياس من كلام العرب، ومنهم من يقول هو مجاز وكأنه مأخوذ من داس الأرض "دَوْسًا" إذا شدد وطأه عليها بقدمه، وبالمصدر سمي أبو قبيلة من العرب، و "دَاسَ" الصيقل السيف وغيره "دَوْسًا" صقله "بِالمِدْوَسِ" بكسر الميم وهو المصقلة، و "المِدْوَسُ" الذي يداس به الطعام بكسر الميم؛ لأنه آلة. وأما "المَدَاسُ" الذي ينتعله الإنسان فإن صحّ سماعه فقياسه كسر الميم؛ لأنه آلة وإلا فالكسر أيضا حملا على النظائر الغالبة من العربية ويجمع على "أَمْدِسَةٍ" مثل سلاح وأسلحة. 

ز - ز - م (جمهرة اللغة) [0]


ومن معكوسه: المزّ: بَيْنَ الحلاوة والحموضة. وتسمَّى الخمر المزةَ والمزْاءَ. قال الشاعر: بِئسَ الصحاةُ وبئسَ الشربُ شَرْبهمُ ... إذا مَشَت فيهمُ المُزّاء والسكَرُ وكان بعض أهل اللغة يُنكر أن تكون الخمر سمّيت مُزة من هذه الجهة ويقول: إنما سميت بذلك من قولهم هذا أمَز من هذا، أي أفضل منه. قال الراجز - هو رؤبة: ذا ميعَةٍ يهتّزُّ عند الهزِّ ... يقتحم الدقةَ للأمزِّ إذا أقَل الخيرَ كلُّ لَحزِ ويقال: هذا أمرَ أمَز ومَزِيز، أي صعب. وأخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي، قال: قال أعرابي لرجل: هب لي درهماً، قال: لقد سألت مَزيزاً، المرهم عُشر العشرة والعشرة عشر المائة والمائة عشْر الألف والألف عُشر دِيَتِكَ.

خفس (لسان العرب) [0]


خَفَسَ يَخْفِسُ خَفْساً وأَخْفَسَ الرجلُ: قال لصاحبه أَقْبَحَ ما يكون من القول وأَقبَح ما قدَرَ عليه. يقال للرجل: خَفَسْتَ يا هذا وأَخْفَسْتَ وهو من سوء القول.
وشَرابٌ مُخْفِسٌ: سريع الإِسكار، واشتقاقه من القُبْح لأَنه يخرج به من سُكْرِه إِلى القبيح من القول والفعل.
وخَفَسَ له يَخْفِس: قَلَّل له من الماء في شرابه، يقال: اخْفِسْ له من الماء أَي قَلِّلل الماءَ وأَكثر النبيذ؛ قال ثعلب: هذا من كلام المُجَّانِ، والصواب: أَعْرِقْ له، يريد أَقْلِلْ له من الماء في الكأْس حتى يَسْكَرَ.
وأَخْفَسَ الشرابَ وأَخْفَسَ له منه: أَكثر مَزْجَه.
وقال أَبو حنيفة: أَخفس له إِذا أَقَلَ الماء وأَكثر الشرابَ أَو اللبن أَو السويق؛ وكان . . . أكمل المادة أَبو الهيثم ينكر قول الفراء في الشراب الخَفِيس إِنه الذي أَكثر نبيذه وأَقَلَّ ماؤه. أَبو عمرو: الخَفْسُ الاستهزاء.
والخَفَْسُ: الأَكل القليل.

خرع (مقاييس اللغة) [0]



الخاء والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو يدل على الرَّخاوة، ثم يُحْمل عليه. فالْخِرْوَع نباتٌ ليِّنٌ؛ ومنه اشتقاق المرأة الخَرِيع، وهي الليِّنة.
وكان الأصمعي يُنكِر أن يكون الخَريعُ الفاجرةَ، وكان يقول: هي التي تَثَنَّى من اللِّين.
ويقال لمِشْفَر البعير إذا تدلَّى خَريع. قال:
خَريعَ النَّعو مضطربَ النَّواحِي      كأخلاق الغَرِيفة ذا غُضُونِ

وأخذه من عتيبة بن مرداس في قوله:
تكفُّ شَبَا الأنْيابِ عنها بمشفرٍ      خَريعٍ كسِبْت الأحوَرِيِّ المُخَصَّرِ

والخَرَع: لينٌ في المفاصل.
ويقال الخُرَاع جُنون النّاقة؛ وهو من الباب.
وممَّا حمل على الخَرْع الشَّقُّ، تقول خَرعته فانخَرَع.
واختَرَع الرجُل كَذِباً، أي اشتقّه.
وانخرَعَتْ أعضاءُ البعير، إذا زَالتْ مِن مواضعها.
ويقال المُخَرَّع المختلف الأخلاق.
وفيه نظرٌ، فإنْ صحَّ فهو . . . أكمل المادة من خُرَاعِ النُّوق.
ويقال خَرِعَتِ النّخلةُ، إذا ذَهَبَ كَرَبُها، تَخْرَعُ.

روس (لسان العرب) [0]


رَاسَ رَوْساً: تَبَخْتَر، والياء أَعلى.
وراسَ السَّيْلُ الغُثاءَ: جمعه وحَمَلَه.
ورَوائِس الأَودية: أَعاليها، من ذلك.
والرَّوائِسُ: المتقدِّمة من السحاب.
والرَّوْسُ: العيب؛ عن كراع.
والرَّوْسُ: كَثْرَةُ الأَكل.
وراسَ يَرُوسُ رَوْساً إِذا أَكل وجَوَّد. التهذيب: الرَّوْسُ الأَكل الكثير.
ورَواسُ: قبيلة سميت بذلك؛ ورَوْسُ بن عادِيَة بنت قَزَعَةَ الزُّبَيْرية تقول فيه عادِيَةُ أُمُّه: أَشْبَهَ رَوْسٌ نَفَراً كِراما، كانوا الذُّرَى والأَنْفَ والسَّناما، كانوا لمن خالَطَهُمْ إِداما وبنو رُواسٍ: بَطْنٌ.
وأَبو دؤَادٍ الرُواسِيُّ اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُواس ابنِ كلابِ بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعَةَ، وكان أَبو عمر الزاهد يقول في الرّواسِي أَحد القراء والمحدثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء وبالواو من غير همز، . . . أكمل المادة منسوب إِلى رَواس قبيلة من سليم، وكان ينكر أَن يقال الرُّؤَاسي، بالهمز، كما يقوله المحدِّثون وغيرهم.

حوج (الصّحّاح في اللغة) [0]


الحاجَةُ معروفة، والجمع حاجٌ وحاجاتٌ وحِوَجٌ، وحَوائجُ على غير قياس، كأنهم جمعوا حائِجَةً.
وكان الأصمعي يُنْكِرُهُ ويقول: هو مُوَلَّدٌ.
وإنما أنكره لخروجه عن القياس، وإلاّ فهو كثيرٌ في كلام العرب.
وينشد:
حوائجه من اللَيل الطـويلِ      نهارُ المرءِ أَمْثَلُ حينَ يقضي

والحَوْجاءُ: الحاجة. يقال: ما في صدري به حَوْجاء ولا لوجاء، ولا شكٌّ ولا مِرْيَةٌ بمعنىً واحد. قال قيس بن رفاعة:
كما يُقَوِّمُ قِدْحَ النَبْعَةِ الـبـاري      أقيمُ نخوَتَهُ إنْ كـان ذا عِـوَجٍ


قال ابن السكيت: كلمته فما ردَّ عليَّ حَوْجاءَ ولا لوجاءَ.
وهذا كقولهم: فما ردَّ عليّ سَوْداءَ ولا بيضاء، أي كلمةً قبيحة ولا حَسَنَةً.
وحاجَ يَحوج حَوْجاً، أي احتاج. قال الكُميت بن معروف: . . . أكمل المادة
وحُجْتُ فلم أكْدُدْكُمْ بالأصابع      غنيتُ فلم أَرْدُدْكُمُ عِندَ بُغْـيَةٍ

وأحْوَجَه إليه غيرُه.
وأحْوَجَ أيضاً بمعنى احْتاجَ.
والحَاجُ: ضرب من الشَوك.
والحاجُ: جمع حاجة. قال الشاعر:
كذاك الحاجُ تُرْضَعُ باللِبانِ      وأُرْضِعُ حاجَةً بلِبانِ أُخرى

زري (لسان العرب) [0]


زَرَيْتُ عليه وزَرَى عليه، بالفتح، زَرْياً وزِرايةً ومَزْرِيةً ومَزْراةً وزَرَياناً: عابه وعاتَبه؛ قال الشاعر: يا أَيُّها الزَّارِي على عُمَرٍ، قد قُلْتَ فيه غَيْرَ ما تَعْلَمْ وتَزَرَّيْتُ عليه إذا عتَبْتَ عليهك وقال الشاعر: وإِنِّي على لَيْلَى لَزارٍ، وإِنَّنِي على ذاكَ، فيما بيننا، مُسْتَدِيمُها أَي عاتِبٌ ساخِطٌ غير راضٍ.
وزَرَى عليه عَمَلَه إِذا عابَه وعَنَّفَه. قال الليث: وإِذا أَدخل على أَخيه عيباً فقد أَزْرَى به وهو مُزْرىً به. ابن الأَعرابي: زارَى فُلانٌ فلاناً إِذا عاتَبَه. قال ابن سيده: وأَزْرَى عليه قليلة.
وأَزْرَى به، بالأَلف، إِزْراءً: قَصَّرَ به وحَقَّرَه وهَوَّنه.
وقال أَبو عمرو: الزَّارِي على الإِنسان الذي لا يَعُدُّه شيئاً ويُنْكِر عليه فِعْلَه.
والإِزراء: . . . أكمل المادة التَّهاوُن بالشيء. يقال: أَزْرَيْت به إِذا قَصَّرْتََ به وتَهاوَنْتَ.
وازْدَرَيْته أَي حَقَّرته.
وفي الحديث: فهو أَجْدَرُ أَن لا تُزْدَرَى نِعْمةُ اللهِ عَلَيْكُم؛ الازْدِراء: الاحْتِقارُ والانْتِقاصُ والعَيْبُ، وهو افْتِعالٌ من زَرَيْت عليه زِرايةً إِذا عِبْتَه، قال: وأَصل ازْدَرَيْتُ ازْتَرَيْتُ، وهو افْتَعَلْتُ منه، فقُلِبت التاء دالاً لأَجل الزاي، وأَزْرَى بِعِلْمِي وزَرَى؛ قال ابن سيده: حكاه اللحياني ولم يفسره، قال: وعندي أَنه قَصَّرَ به.
وأَزْرَى به: أَدْخَلَ عليه أَمْراً يُريد أَن يُلَبِّسَ عليه.
ورَجل مِزْراءٌ: يُزْرِي على الناس.
وسِقاءٌ زَرِيٌّ: بين الصغير والكبير.

حضن (مقاييس اللغة) [0]



الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته. فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني. فأمَّا قول الكميت:
ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها      هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا

فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها.
وطائر [الليل]: الخفّاش.
ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها.
والمُحْتَضَن: [الحِضْن]. قال:
عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ      هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ

فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد.
والعرب تقول: "أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً".
ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان. فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها. فإنْ كانت صحيحةً . . . أكمل المادة فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه.
ومصدره الحَضْنُ والحَضانة.
ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:
تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً      وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ

ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل. فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.

جوت (لسان العرب) [0]


جَوْتَ جَوْتَ: دُعاءُ الإِبل إِلى الماءِ؛ فإِذا أَدخلوا عليه الأَلف واللام، تركوه على حاله قبل دخولهما؛ قال الشاعر، أَنشده الكسائي:دَعاهُنَّ رِدْفِي، فارْعَوَيْنَ لِصَوْتِه، كما رُعْتَ بالجَوْتَ الظِّماءَ الصَّوادِيا نصبه مع الأَلف واللام، على الحكاية: والرِّدْفُ: الصاحبُ والتابعُ، وكلُّ شيء تبع شيئاً فهو رِدْفُه.
وكان أَبو عمرو يكسر التاء، من قوله بالجَوْتِ، ويقول: إِذا أُدخلت عليه الأَلف واللام ذَهَبَتْ منه الحكايةُ؛ والأَوَّل قول الفراء والكسائي.
وكان أَبو الهيثم يُنْكِر النصب، ويقول: إِذا دخل عليه الأَلف واللام أُعرب، وينشده: كما رُعْتَ بالجَوْتِ؛ وقال أَبو عبيد: قال الكسائي: أَراد به الحكاية، مع اللام؛ قال أَبو الحسن؛ والصحيح أَن اللام هنا زائدة، كزيادتها . . . أكمل المادة في قوله: ولقد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأَوْبَرِ فبقيت على بنائها؛ ورواه يعقوب: كما رُعْتَ بالجَوْت؛ والقول فيها كالقول في الجَوْتِ، وقد جاوَتَها؛ والاسم منه؛ الجُواتُ؛ قال الشاعر: جاوَتَها، فهاجَها جُواتُه وقال بعضهم: جايَتَها، فهاجَها جُواتُه وهذا إِنما هو على المُعاقَبة؛ أَصلها جاوَتَها، لأَنه فاعَلَها مِن جَوْتِ جَوْتِ، وطَلَبَ الخِفَّةَ، فَقَلبَ الواو ياء، أَلا تراه رَجَع في قوله: فهاجَها جُواتُه، إِلى الأَصل الذي هو الواو، وقد يكون شاذّاً، نادراً.

د - م - و (جمهرة اللغة) [0]


الدَّوْم: نخل المُقْل. ودُومة الجندل، بضمّ الدال: موضع؛ هكذا يقول بعض أهل اللغة، وأصحابُ الحديث يقولون: دَومة الجندل، بفتح الدال، وذلك خطأ. ودَوْمان، قال قوم: رجل، وقال آخرون: اسم موضع. قال أبو بكر: هو دَوْمان بن بُكَيْل، فأما دُومة الجندل فمجتمعه ومستداره كما تدوم الدُّوّامة، أي تستدير. ودوّمتِ الشمس في كبد السماء. ودوّم الطائرُ ودام، إذا حلّق في السماء، وحام أيضاً، إذا دار. والدُّوَام مثل الدُّوَار سواء؛ يقال: به دُوَام ودُوَار. ودام الشيءُ يدوم دَوَماناً وأدمتُه أنا إدامةً، إذا سكّنته. ونُهي عن البول في الماء الدائم، أي الساكن. وأدمتُ القِدْرَ، إذا غلتْ فنضحتَ عليها الماءَ البارد لتَسْكُنَ. وكان الأصمعي . . . أكمل المادة ينكر بيت ذي الرُّمَّة: حتى إذا دوّمتْ في الأرض راجَعَه ... كِبْرٌ ولو شاء نجّى نفسَه الهَرَبُ ويقول: لا يكون التدويم إلا في السماء؛ وأنكر ذلك عليه قوم من أهل العلم وقالوا: لمَ سُمِّيت الدُّوّامة. وبنو دَوْمان: بطن من العرب. والوَمَد: شدّة الحرّ وسكون الريح؛ وَمِدَ يومُنا يَوْمَدُ ومَداً، وهو يوم وَمِدٌ، والاسم الوَمَد.

شرر (الصّحّاح في اللغة) [0]


 الشَرُّ: نقيض الخير. يقال: شَرَرْتَ يا رجلُ وشَرِرْتَ، لغتان، شَرّاً شراراً وشَرارَةً.
وفلان شَرُّ الناسِ، ولا يقال أَشَرُّ الناسِ إلاَّ في لغة رديئة.
وقومٌ أشرارٌ وأَشِرَّاءُ.
وقال يونس: واحِد الأَشْرارِ رجلٌ شَرٌّ.
وقال الأخفش: واحدها شريرٌ، وهو الرجل ذو الشَرِّ.
ورجلٌ شِرِّيرٌ، أي كثير الشَرِّ.
وشِرَّةُ الشباب: حِرْصُه ونَشاطُه.
والشِرَّةُ أيضاً: مصدر الشَرِّ.
والشَرارَةُ: واحدة الشَرارِ، وهو ما يتطاير من النار، وكذلك الشَرَرُ، الواحدةُ شَرَرَةٌ.
والشَرَّانُ: شَبْيهٌ بالبعوض يَغْشى وجه الإنسان ولا يَعضُّ، وربَّما سَمَّوهُ الأذى.
والشُرُّ بالضم: العيبُ. يقال: ما قلت ذلك لِشُرِّكَ، وإنما قلته لغير شُرِّكَ، أي لغير عيبك.
والمُشارَّةُ: المخاصمةُ.
وشَرَرْتُ الثوبَ: بسطْته في الشمس، وكذلك التَشْريرُ.
وشَرَرْتُ الأَقْطَ أَشُرُّهُ شَرّاً، إذا جعلتَه على خَصَفَةٍ ليجفَّ.
وكذلك شَرَرْتُ المِلْحَ واللحمَ . . . أكمل المادة وغيرَه.
والإِشْرارَةُ: ما يُبْسَطُ عليه الأَقِطُ وغيره، الجمع الأَشاريرُ.
ويقال: الأَشارِيرُ.
ويقال: الأَشاريرُ قِطَعُ قَديدٍ.
وأَشْرَرْتُ الرجلَ: نسبْته إلى الشَرِّ.
وبعضهم ينكره. قال الشاعر طَرَفة:
صديقي وحَتَّى ساءَني بَعْضُ ذَلِكَ      فَما زالَ شُرْبي الرَاحَ حَتَّى أَشَرَّني

وأَشْرَرْتُ الشيءَ: أظهرْته.
وقال في يوم صفين:
وحتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المَصاحِفُ      فما بَرِحوا حتَّى رأى الله صَبْرَهُمْ

خلبس (العباب الزاخر) [0]


الخُلابِس -مثال عُذافِر-: الكَذِب. والخُلابِس -أيضاً-: الحديث الرقيق، قال الكُمَيت يصف آثار الديار:
بما قد أرى فيها أوانِسَ كالدمى      وأشْهَدُ منهنَّ الحَديثَ الخُلابِسا

ويروى: "أوانِسَ بُدَّنا"، وروى الأمويُّ: "الخَلابِسا" -بفتح الخاء- يريد الخَلابِيْس وهو الباطل. والخَلابِيْس -أيضاً-: المتفرِّقون. والخَلابِيْس: الأخلاط من كل وجه، قال حسّان بن ثابت رضي الله عنه:
أمسى الخَلابِيْسَ قد عَزُّوا وقد كَثُرُوا      وابن الفُرَيْعَة أمسى بَيْضَةَ البلـدِ

وقال الليث: الخَلابِيْس: الكَذِب. والخَلابِيْس: أن تَروي الإبل ثم تذهب ذهاباً شديداً حتى تُعَنِّي الراعي، يقول الرجل لصاحبه: أكفيكَ الإبلَ وخَلابِيْسَها. وقال ابن دريد: الخِلْبيس: واحد الخَلابِيْس.
ودفع ذلك الأصمعي وقال: لا أعترِفُ للخَلابِيْس واحِداً، قال: والخَلابِيْس: الشيء الذي لا نظام له ولا يجري . . . أكمل المادة على استواء، قال المتلمِّس:
شَدُّوا الجِمالَ بأكوارٍ على عَجَـلٍ      والظُّلمُ يُنكِرُهُ القوم المَكـايِيْسُ


وقال ابن عبّاد: أمر خَلابِيْس: أي ذو مكرٍ وخداع ليس بالمستقيم. قال والخَلابِيْس: اللِّئام والأنذال. وقال الليث: الخَلَنْبوس: حَجَرُ القدّاح. وخَلْبَسَهُ وخَلْبَسَ قَلْبَه: إذا فتنه وذهب به؛ كما يقال خَلَبَه، وليس يَبْعُدُ أن يكون هذا هو الأصل لأنَّ السين من حروف الزيادات.
وقال ابن فارس: هو منحوت من كلمتين خَلَبَ وخَلَسَ.

الصَّلْفُ (القاموس المحيط) [0]


الصَّلْفُ: خَوافي قَلْبِ النَّخْلَةِ، الواحِدَةُ: بهاءٍ، وبالتحريكِ: قِلَّةُ نَماءِ الطعامِ وبَرَكَتِهِ، وأن لا تَحْظَى المرأةُ عندَ زَوْجِها، وهي صَلِفَةٌ من صَلِفاتٍ وصَلائِفَ، والتَّكَلُّمُ بما يَكْرَهُه صاحِبُكَ، والتَّمَدُّحُ بما ليسَ عندَكَ، أو مُجاوَزَةُ قَدْرِ الظَّرْفِ، والادِّعاءُ فوقَ ذلك تَكَبُّراً، وهو صَلِفٌ، ككتِفٍ، من صَلافَى وصُلَفاءَ وصَلِفينَ.
وككتِفٍ: الإِناءُ الثقيلُ، والطعامُ لا طَعْمَ لَه.
وإناءٌ صَلِفٌ: قليلُ الأخْذِ للماءِ.
وسحابٌ صَلِفٌ: كثيرُ الرَّعْدِ قليلُ الماءِ، وفي المَثَلِ: "رُبَّ صَلَفٍ تحتَ الراعِدَةِ": يُضْرَبُ لمَنْ يَتَوَعَّدُ ثم لا يَقومُ به، أو للبَخيلِ المُتَمَوِّلِ، أو للمُكْثِرِ مَدْحَ نَفْسِهِ، ولا خيرَ عندَهُ.
وفي المَثَلِ: "مَنْ يَبْغِ في الدِّينِ يَصْلَفْ"، أي: مَن . . . أكمل المادة class="baheth_marked">يُنْكِرْ في الدينِ على الناسِ لم يَحْظَ منهم، يُضْرَبُ في الحَثِّ على المُخالَطَةِ مع التَّمَسُّكِ بالدينِ.
والصَّلْفاءُ، وبهاءٍ، ويُكْسَرانِ: الأرضُ الغليظةُ الشديدةُ، أو صَفاةٌ قَدِ اسْتَوَتْ في الأرضِ،
أو الأصْلَفُ والصَّلْفاءُ: ما صَلُبَ من الأرضِ،
ج: أصالِفُ وصَلافِي، بكسر الفاءِ.
وكأَميرٍ: عُرْضُ العُنُقِ، وهُما صَليفانِ، أو هُما رأسُ الفَقْرَةِ التي تَلي الرأسَ من شِقَّيْها، وعُودانِ يَعْتَرِضانِ على الغَبيطِ، تُشَدُّ بهما المَحامِلُ.
والصالِفُ: جبلٌ كان في الجاهليَّةِ يَتَحَالَفونَ عندَه.
وأصْلَفَ: ثَقُلَتْ روحُهُ، وقَلَّ خَيْرُهُ،
و~ فُلاناً: أبْغَضَهُ،
و~ اللّهُ تعالى رُفْغَكِ: بَغَّضَكِ إلى زَوْجِكِ.
وتَصَلَّفَ: تَمَلَّقَ، وتَكَلَّفَ الصَّلَفَ،
و~ البَعيرُ: مَلَّ من الخُلَّةِ، ومالَ إلى الحَمْضِ،
و~ القَوْمُ: وَقَعوا في الصَّلْفاءِ.
والمُصْلِفُ، كمُحْسِنٍ: مَنْ لا تَحْظَى عنْدَهُ امْرَأةٌ.

قرقف (العباب الزاخر) [0]


القَرْقَفُ: الخَمر، وقال ابن الأعرابي: سُميِّت بذلك لأنها تُرْعِدُ شاربها، وأنكر ذلك عليه أبو عبيد، وقال السُّكري: القَرْقَفُ: التي يُرْعد عنها صاحبها من إدمانه إيّاها، وقال الليث: القَرْقَفُ: التي يُرعد عنها صاحبها من إدمانه إياها، وقال الليث: القَرْقَفُ: تُوصف به الخمر ويوصفُ به الماء البارد: قال الفرزدق في وصف الماء:
ولا زادَ إلاّ فَضْلَـتـانِ سُـلافَةٌ      وأبْيَضُ من ماءِ الغَمَامَةِ قَرْقَفُ

قال الأزهري: هذا وَهم، في البيت تأخير أُريد به التقديم، والمعنى: سُلافة قَرْقَفٌ وأبيض من ماء الغمامة. وقال ابن عبّاد: القُرْقُوْفُ: الخمر. وقال الليث: يسمى الدرهم قُرْقُوْفاً، قال الساجع: أبيض قُرْقُوفْ؛ لا شعر ولا صوف؛ بكل بلد يطوف.
ويعني به الدرهم الأبيض. وقال . . . أكمل المادة غيره: القُرْقُفُ -بالضم-: طَير صغار كأنها الصَّعَاء. قال الأزهري: هو القُرْقُبُ -بالباء-. وقال الفَرّاء: من نادر كلامهم: القَرْقَفَنَّةُ: الكَمَرةُ. وفي حديث وهب بن مُنَبِّهٍ: أنه قال: إذا كان الرجل لا يُنكِر عمل السوء على أهله جاء طائر يُقال له القَرْقَفَنَّةُ.
وقد كُتب الحديث بتمامه في تركيب ق ن ذ ع. وقال ابن عبّاد: ديك قُرَاقِفٌ: شديد الصوت. وقَرْقَفَ: أرعد؛ عن ابن الأعرابيِّ. وقُرْقِفَ الصَّرِدُ: أي خَضِرَ حتى يُقَرْقِفَ ثناياه بعضها ببعض؛ أي يصدِمَ، قال:
نِعْمَ ضَجِيْعُ الفَتى إذا بَرَدَ ال      لَيْلُ سُحَيْراُ وقُرْقِفَ الصَّرِدُ

ومنه حديث أم الدَّرْداءِ -رضي الله عنها- قالت: كان أبو الدَّرْداء -رضي الله عنه- يغتسل من الجنابة فيجيءُ وهو يُقَرْقَفُ فأضُمُّه بين فَخِذَيَّ وهي جُنب لم تَغْتَسل. وقال ابن عبّاد: القَرْقَفَةُ في هدير الحمام والفحل والضحك: الشدة. وتَقَرْقَفَ: أي ارْتَعَدَ.

بل (المعجم الوسيط) [0]


 أَدَاة تدخل على الْمُفْرد وعَلى الْجُمْلَة فَإِذا دخلت على الْمُفْرد وَكَانَ قبلهَا نفي أَو نهي فَهِيَ بِمَعْنى لَكِن تقرر مَا قبلهَا وَتثبت ضِدّه لما بعْدهَا مثل مَا عَليّ شَاعِر بل خطيب وَلَا تقل شعرًا بل نثرا وَإِذا كَانَ قبلهَا إِثْبَات أَو أَمر فَإِنَّهَا تجْعَل مَا قبلهَا كالمسكوت عَنهُ وَتثبت حكمه لما بعْدهَا مثل قَالَ عَليّ شعرًا بل نثرا وَقل نثرا بل شعرًا وَبَعض النُّحَاة يُنكر دُخُولهَا على مُفْرد بعد الْإِثْبَات ب وَتدْخل على الْجُمْلَة فتفيد حينا إبِْطَال الْمَعْنى الَّذِي قبلهَا وَالرَّدّ عَلَيْهِ بِمَا بعْدهَا مثل {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون} {أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ} وَيَقُول النُّحَاة إِنَّهَا . . . أكمل المادة هُنَا للإضراب الإبطالي وتفيد حينا الِانْتِقَال من معنى إِلَى معنى آخر هُوَ فِي الْغَالِب أهم فِي تَقْدِير المُرَاد مثل {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} و {بل قَالُوا أضغاث أَحْلَام بل افتراه بل هُوَ شَاعِر} والنحاة يسمون هَذَا الِاسْتِعْمَال إضرابا انتقاليا وَهُوَ أَكثر اسْتِعْمَال بل وَقد تَجِيء لَا بعْدهَا (بل) فَيكون نَصهَا موجها إِلَى الْكَلَام السَّابِق وَلَا تَأْثِير لَهَا فِيمَا بعد بل فَإِن كَانَ مَا قبلهَا مثبتا نفته مثل (وَجهك الْبَدْر لَا بل الشَّمْس لَو لم ... يقْض للشمس كسفة وأفول) وَإِذا كَانَ منفيا أكدت نَفْيه مثل (وَمَا هجرتك لَا بل زادني شغفا ... هجر وَبعد ترَاخى لَا إِلَى أجل) وَكَذَلِكَ تَجِيء قبلهَا كلا فَيكون ردعها موجها إِلَى مَا قبلهَا مثل {قل أروني الَّذين ألحقتم بِهِ شُرَكَاء كلا بل هُوَ الله الْعَزِيز الْحَكِيم} وَفِي لُغَة الْمُحدثين تكْثر زِيَادَة الْوَاو بعد بل يَقُولُونَ فلَان يُخطئ بل ويصر على الْخَطَأ وَهُوَ يرضى بل ويبالغ فِي الرِّضَا وَهُوَ أسلوب مُحدث 

سطن (لسان العرب) [0]


الساطِنُ: الخَبيث.
والأُسْطُوانُ: الرَّجلُ الطويل الرِّجْلينِ والظهرِ.
وجَمَل أُسْطُونٌ: طويل العُنُق مُرْتَفِع، ومنه الأُسْطُوانة؛ قال رؤبة: جَرَّبْنَ منّي أُسْطواناً أَعْنَقا، يَعْدِلُ هَدْلاءَ بِشِدْقٍ أَشْدَقا والأَعْنَق: الطويل العُنُق.
والأُسْطُوانة: السارِيَة معروفَة، وهو من ذلك، وأُسْطُوان البيت معروف، وأَساطِينُ مُسَطَّنَةٌ، ونون الأُسْطُوانة من أَصل بناء الكلمة، وهو على تقدير أُفْعُوالة، وبيان ذلك أَنهم يقولون أَساطينُ مُسَطَّنَةٌ؛ قال الفراء: النون في الأُسْطوانة أَصلية، قال: ولا نظير لهذه الكلمة في كلامهم، قال الجوهري: النون أَصلية وهو أُفْعُوالةٌ مثل أُقْحوانةٍ، وكان الأَخفش يقول هو فُعْلُوانة، قال: وهذا يُوجِب أَن تكون الواو زائدةً وإلى جَنْبِها زائدتان الأَلف والنونُ، قال: وهذا لا يكاد يكون، قال: وقال قوم هو . . . أكمل المادة أُفْعُلانةٌ، ولو كان كذلك لما جُمِعَ على أَسَاطِينَ، لأَنه لا يكون في الكلام أَفاعينُ، قال ابن بري عند قول الجوهري إن أُسْطُوانة أُفَعُوالة مثل أُقْحُوانة، قال: وزنها أُفْعُلانة وليست أُفْعُوالة كما ذكَر، يَدُلُّك على زيادة النون قولُهم في الجمع أَقاحِيُّ وأَقاحٍ، وقولُهم في التصغير أُقَيْحية، قال: وأَما أُسْطُوانة فالصحيح في وزنها فُعْلُوانة لقولهم في التكسير أَساطين كسَراحِين، وفي التصغير أُسَيْطِينة كسُرَيْحِين، قال: ولا يجوز أَن يكون وزنها أُفْعُوالة لقلة هذا الوزن وعدم نظيره، فأَمّا مُسَطَّنة ومُسَطَّن فإِنما هو بمنزلة تَشَيْطَنَ فهو مُتَشَيْطِن، فيمن زعم أَنه من شَاطَ يَشيطُ، لأَن العرب قد تَشْتقُّ من الكلمة وتُبقي زوائده كقولهم تَمَسْكَنَ وتَمَدْرَعَ، قال: وما أَنكره بعدُ من زيادة الأَلف والنون بعد الواو المزيدة في قوله وهذا لا يكادُ يكون، فغير منكر بدليل قولهم عُنْظُوان وعُنْفُوان، ووزْنُهما فُعْلُوان بإِجماع، فَعَلى هذا يجوز أَن يكون أُسْطُوانة كعُنْظُوانة، قال: ونظيره من الياء فِعْليان نحو صِلِّيان وبِلِّيان وعِنْظيان، قال: فهذه قد اجتمع فيها زيادة الأَلف والنون وزيادة الياء قبلها ولم يُنْكر ذلك أَحد.
ويقال للرجل الطويل الرجلين والدابة الطويل القوائم: مُسَطَّن، وقوائمه أَساطينُه.
والأَسْطان: آنية الصُّفْر. قال الأَزهري: الأُسْطُوانُ إِعراب (* قوله «قال الأزهري الأُسطوان إعراب إلخ» عبارته: لا أحسب الأسطوان معرباً والفرس تقول أستون اهـ. زاد الصاغاني: الأسطوانة من أسماء الذكر). أُستُون.

ي م ن (المصباح المنير) [0]


 اليَمِينُ: الجهة والجارحة وتقدم في اليسار، قال الزمخشري: أخذت "بيمينه" ، و "يُمْنَاهُ" ، وقالوا "للْيَمِينِ" "اليُمْنَى" وهي مؤنثة وجمعها "أيْمُنٌ" ، و "أَيْمانٌ" ، و "يَميِنُ" الحلف أنثى وتجمع على "أيمُن" ، و "أيْمُان" أيضا قاله ابن الأنباري، قيل سمي الحلف "يَمينًا" ؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كلّ واحد منهم يمينه على يمين صاحبه فسمي الحلف "يَمينًا" مجازا، و "اليَمِينُ" القوة والشِّدَّة، و "اليُمْنُ" البركة يقال "يُمِن" الرجل على قومه ولقومه بالبناء للمفعول فهو "مَيْمُونٌ" ، و "يَمَنَهُ" اللهُ "يَيْمُنُهُ" "يَمنًا" من باب قتل إذا جعله مباركا، و "تَيَمَّنْتُ" به مثل تبركت وزنا ومعنى، و "يامَنَ" فلان وياسر أخذ ذات اليمين وذات الشمال ذكره الأزهري وغيره، والأمر منه "يَامِنْ" بأصحابك وزان قاتل أي خذ بهم "يَمْنَةً" قال ابن السكيت: ولا يقال "تَيَامَنْ" بهم، وقال الفارابي: تياسر بمعنى ياسر، و "تَيَامَنَ" بمعنى "يَامَنَ" ، وبعضهم يرد هذين مستدلًّا بقول ابن الأنباري: العامة تغلط في معنى "تَيَامَنَ" فتظن أنه أخذ عن يمينه . . . أكمل المادة وليس كذلك عن العرب وإنما "تَيَامَنَ" عندهم إذا أخذ ناحية اليمن وأما "يَامَنَ" فمعناه أخذ عن يمينه. و "اليَمَنُ" : إقليم معروف سمي بذلك؛ لأنه عن يمين الشمس عند طلوعها، وقيل: لأنه عن يمين الكعبة والنسبة إليه "يَمِنَيُّ" على القياس، و "يَمَانٍ" بالألف على غير قياس وعلى هذا ففي الياء مذهبان "أحدهما" ، وهو الأشهر تخفيفها واقتصر عليه كثيرون وبعضهم ينكر التثقيل، ووجهه أن الألف دخلت قبل الياء؛ لتكون عوضًا عن التثقيل فلا يثقل؛ لئلا يجمع بين العوض والمعوض عنه، و "الثاني" التثقيل؛ لأن الألف زيدت بعد النسبة فيبقى التثقيل الدال على النسبة تنبيها على جواز حذفها، و "الأيْمنُ" خلاف الأيسر وهو جانب اليمين أو من في ذلك الجانب وبه كتاب الياء سمي ومنه "أمُّ أَيْمن" . و "أيْمُنٌ" : اسم استعمل في القسم، والتزم رفعه كما التزم رفع لَعَمرو الله، وهمزته عند البصريين وصل اشتقاقه عندهم من اليمن وهو البركة، وعند الكوفيين قطع؛ لأنه جمع يمين عندهم، وقد يختصر منه فيقال: و "أيْمُ" الله بحذف الهمزة والنون ثم اختصر ثانيا فقيل "مُ" الله بضم الميم وكسرها. 

طين (لسان العرب) [0]


الطِّينُ: معروف الوَحَلُ، واحدته طِينةٌ، وهو من الجواهر الموصوف بها؛ حكى سيبويه عن العرب: ممرت بصحيفةٍ طينٍ خاتَمُها، جعله صفة لأَنه في معنى الفعل، كأَنه قال لَيّنٍ خاتمها، والطان لغة فيه؛ قال المُتَلمِّس: بِطانٍ على صُمّ الصُّفي وبِكِلِّسِ ويروى: يُطانُ بآجُرٍّ عليه ويُكْلَسُ ويوم طانٌ: كثير الطين، وموضع طانٌ كذلك، يصلح أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه وأَن يكون فَعَلاً. الجوهري: يوم طانٌ ومكان طانٌ وأَرض طانَةٌ كثيرة الطين.
وفي التنزيل العزيز: أَأَسْجُدُ لمن خَلقْتَ طِيناً؛ قال أَبو إسحق: نصب طِيناً على الحال أَي خلقته في حال طينته.
والطِّينة: قطعة من الطين يختم بها الصَّكُّ ونحوه.
وطِنْتُ الكتابَ طَيْناً: جعلتُ عليه طِيناً . . . أكمل المادة لأَخْتِمَه به.
وطانَ الكتابَ طَيْناً وطيَّنه: ختمه بالطين، هذا هو المعروف.
وقال يعقوب: وسمعت من يقول أَطِنِ الكتابَ أَي اختمه، وطِينَتُه خاتمه الذي يُطَيَّن به.
وطانَ الحائطَ والبيتَ والسطحَ طَيْناً وطَيَّنه: طلاه بالطين. الجوهري: طَيَّنْتُ السطحَ، وبعضهم ينكره ويقول: طِنْتُ السطحَ، فهو مَطِينٌ؛ وأَنشد للمُثَقّب العبْدي: فأَبْقَى باطِلي والجِدُّ منها كدُكَّانِ الدَّرابِنةِ المَطِينِ.
والطَّيَّانُ: صانع الطين، وحرفته الطِّيانةُ، وأَما الطَّيّانُ من الطَّوَى وهو الجوع فليس من هذا، وهو مذكور في موضعه.
والطِّينة: الخِلْقة والجِبِلَّة. يقال: فلان من الطِّينة الأُولى.
وطانَهُ اللهُ على الخير وطامَهُ أَي جَبَله عليه، وهو يَطِينُه؛ قال: أَلا تلك نفْسٌ طِينَ فيها حَياؤُها ويروى طيم؛ كذا أَنشده ابن سيده والجوهري وغيرهما. قال ابن بري: صواب إِنشاده إلى تلك بإِلى الجارَّة، قال: والشعر يدل على ذلك؛ وأَنشد الأَحمر: لئن كانت الدُّنْيا له قد تزَيَّنَتْ على الأَرضِ، حتى ضاقَ عنها فَضاؤُها لقد كانَ حُرّاً يَسْتَحي أَن تَضُمَّه، إلى تلك، نَفْسٌ طِينَ فيها حَياؤُها. يريد أَن الحياء من جِبِلَّتها وسَجِيَّتِها.
وفي الحديث: ما من نفْسٍ مَنْفُوسةٍ تَمُوتُ فيها مِثْقالُ نملة من خير إلاَّ طِينَ عليه يوم القيامة طَيْناً أَي جُبِلَ عليه. يقال طانَه الله على طِينَتِه أَي خَلَقه على جِبِلَّتِه.
وطِينةُ الرجل: خِلْقَتُه وأَصله، وطَيْناً مصدر من طانَ، ويروى طِيمَ عليه، بالميم، وهو بمعناه.
ويقال لقد طانَني اللهُ على غير طِينَتِك. ابن الأَعرابي: طانَ فلانٌ وطامَ إذا حَسُنَ عَمَلُه.
ويقال: ما أَحسَنَ ما طامَهُ وطانَه.
وإِنه ليَابِس الطِّينةِ إذا لم يكن وَطِيئاً سَهْلاً.
وذكر الجوهري هنا فِلَسْطِين، بكسر الفاء: بلد. قال ابن بري: فِلَسْطِين حقه أَن يذكر في فصل الفاء من حرف الطاء لقولهم فِلَسْطُون.

مزع (لسان العرب) [0]


المَزْعُ: شدّةُ السير؛ قال النابغة: والخَيْلَ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتها، كالطَّيْرِ تَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ مَزَعَ البعيرُ في عَدْوِه يَمْزَعُ مَزْعاً: أَسْرَع في عَدْوه، وكذلك الفرسُ والظبْيُ، وقيل: العَدْو الخفيف، وقيل: هو أَوّل العدْو وآخر المشْي.
ويقال للظبي إِذا عَدا: مَزَعَ وقَزَعَ، وفرس مِمْزَعٌ؛ قال طفيل:وكلّ طَمُوحِ الطَّرْفِ شَقَّاءَ شَطْبةٍ مُقَرِّبةِ كَبْداءَ جَرْداءَ مِمْزَعِ والمَزْعِيُّ: النَّمّامُ، وقد يكون السيّارَ بالليل.
والقنافِذُ تَمْزَعُ بالليل مَزْعاً إِذا سَعَتْ فأَسْرَعَتْ؛ وأَنشد الرياشي لعبدة بن الطبيب يضرب مثلاً للنمام: قومٌ، إِذا دَمَسَ الظّلامُ عليهمُ، حَدَجُوا قَنافِذَ بالنميمةِ تَمْزَعُ لبن الأَعرابي: القُنْفُذُ يقال لها المَزّاعُ.
ومَزَعَ القُطْنَ يَمْزَعُه مَزْعاً: نَفَشَه.
ومَزَّعَتِ المرأَةُ القطنَ بِيَدِها إِذا زَبَّدَتْه . . . أكمل المادة وقَطَّعَتْه ثم أَلَّفَتْه فجوّدته بذلك.
والمُزْعةُ: القِطْعةُ من القُطْنِ والرِّيشِ واللحم ونحوِها.
والمِزْعةُ، بالكسر، من الريش والقطن مثل المِزْقةِ من الخِرَقِ، وجمعها مِزَعٌ؛ ومنه قول الشاعر يصف ظليماً: مِزعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ أَي سريع.
ومُزاعةُ الشيء: سُقاطَتُه.
ومَزَّعَ اللحمَ فَتَمزَّع: فَرَّقَه فتفرق.
وفي حديث جابر: فقال لهم تَمَزَّعُوه فأَوفاهُمُ الذي لهم أَي تقاسَموه وفَرَّقُوه بينكم.
والتَّمزِيعُ: التفْرِيقُ. يقال: مَزَّعَ فلان أَمرَه تَمْزِيعاً إِذا فَرَّقَه.
والمُزْعةُ: بقيَّةُ الدسَمِ.
وتَمَزَّعَ غيظاً: تقطّع.
وفي الحديث: أَنه غَضِبَ غَضَباً شديداً حتى تَخَيَّلَ لي أَنّ أَنفه يَتَمَزَّعُ من شدةِ غَضَبِه أَي يَتَقَطَّعُ ويتشقّق غَضَباً. قال أَبو عبيد: ليس يتمزع بشيء ولكني أَحسبه يَتَرَمَّعُ، وهو أَن تراه كأَنه يُرْعِدُ من الغضب، ولم ينكر أَبو عبيد أَن يكون التمزع بمعنى التقَطّع وإِنما استبعد المعنى.
والمُزْعةُ، بالضم: قِطْعةُ لحم، يقال: ما عليه مُزْعةُ لحم أَي ما عليه حُزّةُ لحم، وكذلك ما في وجهه لُحادةُ لحم. أَبو عبيد في باب النفي: ما عليه مُزْعةُ لحم.
وفي الحديث: لا تَزالُ المسأَلة بالعبد حتى يلقى الله وما في وجهه مُزْعةُ لحم أَي قِطْعةٌ يسيرة من اللحم. أَبو عمرو: ما ذُقْتُ مُزْعةَ لحم ولا حذْفةً ولا حِذْيةً ولا لحبةً ولا حِرْباءةً ولا يَرْبوعةً ولا ملاكاً ولا ملُوكاً بمعنى واحد.
ومَزَّعَ اللحمَ تَمْزِيعاً: قطَّعه؛ قال خبيب: وذلكَ في ذاتِ الإِلَهِ، وإِن يَشَأ يُبارِكْ على أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزّعِ وما في الإِناءِ مُزْعةٌ من الماءِ أَي جُرعةٌ.

تعس (لسان العرب) [0]


التَعْسُ: العَثْرُ: والتَّعْسُ: أَن لا يَنْتَعِشُ العاثِرُ من عَثْرَتِه وأَن يُنَكَّسَ في سَِفال، وقيل: التَّعْسُ الانحطاط والعُثُورُ. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: فتَعْساً لهم وأَضَلَّ أَعمالهم؛ يجوز أَن يكون نصباً على معنى أَتْقَسَهُم اللَّهُ. قال: والتَّعْسُ في اللغة الانحطاط والعُثُور؛ قال الأَعشى: بِذاتِ لَوْثٍ عِفِرْناةٍ إِذا عَثَرَتْ، فالتَّعْسُ أَدْنى لها من أَنْ أَقولَ: لَعا ويدعو الرجل على بعيره الجواد إِذا عَثُِرَ فيقول: تَعْساً فإِذا كان غير جواد ولا نَجِيب فَعَثُِر قال له: لَعاً ومنه قول الأَعشى: بذات لوث عفرناة. قال أَبو الهيثم: يقال تَعِسَ فلان يَتْعَسُ إِذا أَتْعَسه اللَّه، ومعناه انْكَبَّ فَعَثَِرَ فسقط على يديه وفمه، ومعناه . . . أكمل المادة أَنه ينكر من مثلها في سمنها وقوَّتها العِثارُ فإِذا عَثِرَت قيل لها: تَعْساً، ولم يقل لها تَعِسَكِ اللَّه، ولكن يدعو عليها بأَن يَكُبَّها اللَّه لمَنْخَرَيْها.
والتَّعْسُ أَيضاً: الهلاك؛ تَعِسَ تَعْساً وتَعَسَ يَتْعَسُ تَعْساً: هلك؛ قال الشاعر: وأَرْماحُهُم يَنْهَزْنَهُم نَهْزَ جُمَّةٍ، يَقُلْنَ لمن أَدْرَكْنَ: تَعْساً ولا لَعا ومعنى التَّعْسِ في كلامهم الشَّرُّ، وقيل: التَعْسُ البُعْدُ، وقال الرُّسْتُمي: التَعْسُ أَن يَخِرَّ على وجهه، والنَكْسُ أَن يَخِرَّ على رأْسه؛ وقال أَبو عمرو بن العلاءِ: تقول العرب: الوَقْسُ يُعْدِي فَتَعَدَّ الوَقْسا، مَنْ يَدْنُ للوَقْسِ يُلاقِ تَعْسا وقال: الوَقْسُ الجرب، والتَّعْسُ الهلاك.
وتعدْ أَي تجنب وتَنَكَّبْ كله سواء، وإِذا خاطب بالدعاء قال: تَعَسْتَ، بفتح العين، وإِن دعا على غائب كسرها فقال: تَعِسَ؛ قال ابن سيده: وهذا من الغرابة بحيث تراه.
وقال شمر: سمعته في حديث عائشة، رضي اللَّه عنها، في الإِفْكِ حين عَثَرَتْ صاحِبَتُها فقالت: تَعِسَ مِسْطَحٌ. قال ابن الأَثير: يقال تَعِسَ يَتْعَسُ إِذا عَثَر وانْكَبَّ لوجهه، وقد تفتح العين، وقال ابن شميل: تَعَسْتَ، كأَنه يدعو عليه بالهلاك، وهو تَعِسٌ، وجَدٌّ تَعِسٌ منه.
وفي الدعاء: تَعْساً له أَي أَلزمه اللَّه هلاكاً.
وتَعِسَه اللَّه وأَتْعَسَه، فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ بمعنى واحد؛ قال مُجَمِّعُ بن هلال: تقولُ وقد أَفْرَدْتُها من خَلِيلِها: تَعِسْتَ كما أَتْعَسْتَني يا مُجَمِّعُ قال الأَزهري: قال شمر لا أَعرف تَعِسَه اللَّه ولكن يقال: تَعِس بنفسه وأَتْعَسَه اللَّه.
والتَّعْسُ: السقوط على أَي وجه كان.
وقال بعض الكلابيين: تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْساً وهو أَن يُخطئ حجته إِن خاصم، وبُغْيَتَه إِن طَلَبَ. يقال: تَعِسَ فما انْتَعَشَ وشِيكَ فلا انْتَقشَ.
وفي الحديث: تَعِسَ عبد الدينار وعبد الدرهم؛ وهو من ذلك.

شعر (الصّحّاح في اللغة) [0]


الشَعَر للإنسان وغيره، وجمعه شُعورٌ وأَشْعارٌ، الواحدة شَعْرَةٌ.
ويقال: رأى فلان الشَعْرَةَ، إذا رأى الشَيْبَ.
ورجل أَشْعَرُ: كثيرُ شَعْرِ الجسدِ.
وقومٌ شُعْرٌ.
والأَشْعَرُ: ما أحاط بالحافر من الشَعْرِ، والجمع الأَشاعِرُ.
وأَشاعِرُ الناقةِ: جوانبُ حَيائِها.
والشِعْرَةُ بالكسر: شَعَرُ الرَكَبِ للنساء خاصّة.
والشَعيرُ من الحبوب، الواحدة شَعَرةٌ.
وشَعيرَةُ السكين: الحديدةُ التي تُدْخَلُ في السيلانِ لتكون مِساكاً للنَصل.
والشَعيرَةُ: البَدَنَةُ تُهْدى.
والشَعائِرُ: أعمالُ الحجِّ.
وكلُّ ما جُعل عَلَماً لطاعة الله تعالى. قال الأصمعي: الواحدة شَعيرةٌ. قال: وقال بعضهم: شِعارَةٌ.
والمَشاعِرُ: مواضع المناسك.
والمَشْعَرُ الحرام: أحد المَشاعِرِ.
وكسر الميم لغةٌ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ. قال بَلْعاءُ بن قيس:
يَهْدي السبيلَ له سَمْعٌ وعينانِ      والرأسُ مرتفعٌ فيه مَشاعِرُهُ

والشِعارُ: ما وَلِيَ الجسدَ من الثياب.
وشِعارُ القوم في الحرب: عَلامَتُهُمْ ليعرِف َبعضُهم بعضاً.
والشَعارُ . . . أكمل المادة بالفتح: الشجر. يقال: أرضٌ كثيرة الشَعار.
وأَشْعَرَ الهَدْيَ، إذا طَعَنَ في سَنامه الأيمن حتَّى يسيل منه دمٌ، لِيُعْلَمَ أنه هَدْيٌ.
وأُشْعِرَ الرجلُ هَمّاً، إذا لزِق بمكان الشِعارِ من الثياب بالجسد.
وشَعَرْتُ بالشيء بالفتح أَشْعُرُ به شِعْراً: فطِنْتُ له.
ومنه قولهم: ليت شِعْري، أي ليتني علمت.
والشِعْرُ: واحد الأَشْعارِ.
ويقال: ما رأيت قصيدةً أَشْعَرَ جمعاً منها.
والشاعِرُ جمعه الشعَراءُ، على غير قياس.
وقال الأخفش: الشاعِرُ صاحب شِعْر.
وسمِّي شاعِراً لفِطْنته.
وما كان شاعِراً ولقد شَعرَ بالضم، وهو يَشْعُرُ.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِعْرِ.
وشاعَرْتُهُ فشَعَرْتُهُ أَشْعَرَهُ بالفتح، أي غلبتُه بالشِعْرِ.
وشاعَرْتُهُ: ناومْتُهُ في شِعارٍ واحدٍ.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ خوفاً، أي أضمره.
وأَشْعَرْتُ السكِّين: جعلتُ لها شَعيرَةً.
وأَشْعَرْتُهُ فَشَعَرَ، أي أَدْرَيْتُهُ فدَرى.
وأَشْعَرْتُهُ: ألبستُهُ الشِعارَ.
وأَشْعَرَهُ فلانٌ شَرّاً: غشيه به. يقال: أَشْعَرَهُ الحُبُّ مرضاً.
وأَشْعَرَ الجنينُ وتَشَعَّرَ، أي نبَت شَعْرُهُ.
والشِعْرى: الكوكب الذي يطلُع بعد الجَوْزاء، وَطلوعه في شدَّة الحَرِّ.
وهما الشِعْرَيانِ: الشِعْرى العَبورُ التي في الجوزاء، والشِعْرى الغُمَيْصاءُ التي في الذراع. تزعم العرب أنَّهما أختا سُهَيْلٍ.
والشَعْراءُ: ضربٌ من الخَوْخ، واحدُه وجمعه سواء.
والشَعْراءُ: ذبابة يقال هي التي لها إبرة.
وداهيةٌ شَعْراءُ، وداهيةٌ وَبْراءُ.
ويقال للرجل إذا تكلَّمَ بما يُنْكَرُ عليه: جئتَ بها شَعْراءَ ذات وَبَرٍ.
والشَعْراءُ: الشجر الكثير.
والشَعاريرُ: صِغار القِثّاء، الواحدة شُعْرورةٌ.
والشَعاريرُ: لُعبةٌ، لا تُفرَد. يقولون: لِعْبنا الشَعاريرَ، وهذا لَعِبُ الشَعاريرِ.
وذهبَ القومُ شَعاريرَ، إذا تفرَّقوا. قال الأخفش: لا واحد له.

زقم (لسان العرب) [0]


الأَزهري: الزَّقْمُ الفعل من الزَّقُّوم، والازْدِقامُ كالابتلاع. ابن سيده: ازْدَقَمَ الشيءَ وتَزَقَّمَهُ ابتلعه.
والتَّزَقُّمُ: التَّلَقُّمُ. قال أَبو عمرو: الزَّقْمُ واللَّقْمُ واحد، والفعل زَقَمَ يَزْقُمُ ولَقِمَ يَلْقَمُ.
والتَّزَقُّمُ: كثرة شرب اللبن، والاسم الزَّقَمُ، ابن دريد: يقال تَزَقَّمَ فلان اللبن إذا أَفرط في شربه.
وهو يَزْقُمُ اللُّقَمَ زَقْماً أَي يَلْقَمُها.
وزَقَمَ اللحم زَقْماً بلعه.
وأَزْقَمْتُه الشيء أَي أَبلعته إياه. الجوهري: الزَّقُّوم إسم طعام لهم فيه تمر وزُبْدٌ، والزَّقْمُ: أَكله. ابن سيده: والزَّقُّومُ طعم أَهل النار، قال وبلغنا أَنه لما أُنزلت آية الزَّقُّومِ: إن شجرة الزَّقُّومِ طعامُ الأَثِيم؛ لم يعرفه قريش، فقال أَبو جهل: إن هذا لشجر ما ينبت في بلادنا فَمَنْ منكم مَنْ يعرف الزَّقُّومَ؟ . . . أكمل المادة فقال رجل قدم عليهم من إِفْريقيَةَ: الزّقُّومُ بلغة إفْريقيَة الزُّبْدُ بالتمر، فقال أَبو جهل: يا جارية هاتي لنا تمراً وزبداً نَزْدَقِمُه، فجعلوا يأْكلون منه ويقولون: أَفبهذا يخوفنا محمد في الآخرة؟ فبيَّنَ الله تبارك وتعالى ذلك في آية أُخرى فقال في صفتها: إنها شجرة تخرج في أَصل الجحيم طَلْعُها كأَنه رؤوس الشياطين؛ وقال تعالى: والشَّجَرَةَ المَلْعونةَ في القرآن؛ الأَزهري: فافتتن بذكر هذه الشجرة جماعات من مُشْركي مكة فقال أَبو جهل: ما نعرف الزَّقُّومَ إلاَّ أَكل التمر بالزبد؛ فقال لجاريته: زَقِّمِينا.
وقال رجل آخر من المشركين: كيف يكون في النار شجر والنار تأكل الشجر؟ فأَنزل الله تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أَرَيْناك إلاَّ فتنة للناس والشجرةَ الملعونةَ في القرآن؛ أَي وما جعلنا هذه الشجرة إِلاَّ فينة للكفار؛ وكان أَبو جهل ينكر أَن يكون الزَّقُّومُ من كلام العرب، ولما نزلت: إِن شجرة الزَّقُّوم طعامُ الأَثِيمِ، قال: يا معشر قريش هل تَدْرُونَ ما شجرةُ الزَّقُّومِ التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: هي العَجْوةُ، فأَنزل الله تعالى: إنَّها شجرة تَخْرُجُ في أَصل الجَحِيم طَلْعُها كأَنه رؤوس الشياطين؛ قال: وللشياطين فيها ثلاثة أَوجه: أَحدها أَن يُشْبِه طَلْعُها في قبحه رؤوس الشياطين لأَنها موصوفة بالقُبْحِ وإن كانت غير مشاهَدة فيقال كأَنه رأْس شيطان إذا كان قبيحاً، الثاني أَن الشيطان ضرب من الحيات قبيح الوجه وهو ذو العُرْفِ، الثالث أَنه نبت قبيح يسمى رؤوس الشياطين؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي من أزْدِ السَّراة قال: الزَّقُّومُ شجرة غبراء صغيرة الورق مُدَوَّرَتُها لا شوك لها، ذَفِرَةٌ مُرَّة، لها كَعابر في سُوقها كثيرة، ولها ورُيْدٌ ضعيف جدّاً يجْرُسُه النحل، ونَوْرَتُها بيضاء، ورأس ورقها قبيح جدّاً.
والزَّقُّومُ: كل طعام يَقْتل؛ عن ثعلب.
والزَّقْمَةُ: الطاعون؛ عنه أَيضاً.
وفي صفة النار: لو أَن قَطْرة من الزَّقُّوم قطرت في الدنيا؛ الزَّقُّومُ:ما وصف الله في كتابه فقال: إنها شجرة تَخْرج في أَصل الجَحيم؛ قال: هو فَعُّول من الزَّقْمِ الشديد والشرب المفرط.
والزُّلْقُوم، باللام: الحْلْقُوم.

يسر (الصّحّاح في اللغة) [0]


اليُسْرُ: نقيض العسرِ.
وكذلك اليُسُرُ والمَيْسورُ: ضد المعسورِ.
وقد يَسَّرَهُ الله لليُسْرى، أي وفَّقه لها.
ويقال أيضاً: يَسَّرَتِ الغنمُ، إذا كثر ألبانها ونسلها. قال الشاعر:
يَسودانِنا إنْ يَسَّرَتْ غَنْماهُما      هما سيِّدانا يزْعُمانِ وإنَّمـا

ومنه قولهم: رجلٌ مُيَسِّرٌ بكسر السين، وهو خلاف المُجَنِّبِ.
وقعدَ فلانٌ يَسرَةً، أي شأْمَةٌ.
واليَسْرُ: الفتلُ إلى أسفل، وهو أن تمدَّ يمينك نحو جَسَدك.
والشَزْرُ إلى فوق.
والطعنُ اليَسْرُ: حِذاءَ وجهِك.
وتَيَسَّرَ لفلان الخروج واسْتَيْسَرَ له،بمعنًى، أي تهيَّأ.
والأَيْسَرُ: نقيض الأيمن.
والمَيْسَرَةُ: خلاف المَيْمَنَةِ.
والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ: السَعَةُ والغِنى.
والمَيْسِرُ: قِمار العرب بالأزلام.
واليَسَرَةُ بالتحريك: أسرارُ الكفّ إذا كانت غير ملتزقةٍ؛ وهي تُستحبُّ.
واليَسَرَةُ أيضاً: سمةٌ في الفخذين، وجمعها أيْسارٌ. قال ابن مقبل:
وألواحَها العليا السَقيفُ المُشَبَّحُ      على ذاتِ أيْسارٍ كأنَّ . . . أكمل المادة ضُلوعَها

واليَسَراتُ: القوائمُ الخِفافُ.
ودابَّةٌ حسنُ التَيْسورِ، أي حسنُ نقلِ القوائم، ويقال السِمن.
وقال الشاعر:
وعلى التَيْسورِ منه والضُمُرْ      قد بَلَوْناهُ عـلـى عـلاَّتِـهِ

والياسِرُ: نقيض اليامنِ. تقول: ياسِرْ بأصحابك، أي خذْ بهم يَساراً.
وتَياسَرْ يا رجل: لغةٌ في ياسِر.
وبعضهم ينكِّره. أي ساهلْهُ.
والياسِرُ: اللاعب بالقِداح.
وقد يَسَرَ يَيْسِرُ. قال الشاعر:
وإذا همْ نزلوا بضَنْكِ فانْزِلِ      فإعِنْهُمُ وايْسِرْ بما يَسَروا به

واليَسَرُ والياسِرَ بمعنًى، والجمع أيْسارٌ. قال أبو ذؤيب:
يَسَرٌ يُفيض على القِداحِ ويَصْدَعُ      وكـأنَّـهـنَّ رِبـابَةٌ وكـأنَّـه

ويقال: رجلٌ أعسرُ يَسَرٌ، للذي يعمل بكلتا يديه جميعاً.
ويَسَرَ القومُ الجَزورَ، أي اجتزروها واقتسموا أعضاءها. قال سحيمُ بن وثيل اليربوعي:
ألم تيْئسوا أنِّي ابنُ فارِسِ زَهْدَمِ      أقول لهم بالشِعْبِ إذْ يَيْسرونَني

كان قد وقع عليه سِباءٌ فضُربَ عليه بالسِهامِ.
وقال أبو عمر الجرمِيُّ: يقال أيضاً: اتَّسَروها يَتَّسرونها اتِّساراً، أي افتعلوا. قال: وناسٌ يقولون يأتَسِرونَها ائتِساراً، بالهمز، وهم مؤتَسِرونَ.
واليَسارُ: خلاف اليمين، ولا تقل اليِسارُ بالكسر.
واليَسارُ واليَسارَةُ: الغنى.
وقد أَيْسَرَ الرجل، أي استغنى، يوسِرُ.
وقال:
ولقد تُخفِ شيمَتي إعْساري      ليسَ تَخفى يَسارَتي قدرَ يومٍ

ويقال: أنظرني حتَّى يَسارِ، وهو مبني على الكسر، لأنَّه معدولٌ عن المصدر، وهو المَيْسَرَةُ. قال الشاعر:
نحُجُّ معاً قالتْ أعاماً وقابِلهْ      فقلتُ امْكُثي حتَّى يَسارِ لعلَّنا

واليَسيرُ: القليلُ.
وشيءٌ يَسيرٌ، أي هيِّنٌ.

ر و ي (المصباح المنير) [0]


 روي: من الماء "يروي" "ريا" ، والاسم "الري" بالكسر فهو "ريان" ، والمرأة "ريا" وزان غضبان وغضبى والجمع في المذكر والمؤنث "رواء" وزان كتاب ويعدى بالهمزة والتضعيف فيقال: "أرويته" و "رويته" "فارتوى" منه و "تروى" ، ويوم "التروية" ثامن ذي الحجة من ذلك؛ لأن الماء كان قليلًا بمنىً فكانوا "يرتوون" من الماء لما بعد و "روي" البعير الماء "يرويه" من باب رمى: حمله فهو "راوية" الهاء فيه للمبالغة ثم أطلقت "الرواية" على كل دابة يستقى الماء عليها ومنه يقال: "رويت" الحديث إذا حملته ونقلته. ويعدى بالتضعيف فيقال: "رويت" زيدا الحديث ويبنى للمفعول فيقال: "روينا" الحديث. و "الراية" علم الجيش يقال أصلها الهمز لكن العرب آثرت تركه تخفيفا. ومنهم من ينكر هذا القول، ويقول: لم يسمع الهمز والجمع "رايات" . و "المرآة" بكسر الميم معروفة وأصلها "مَرْأَيَة" على مفعلة تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا وكسرت الميم؛ لأنها آلة وجمعها "مَرَاءٍ" مثل جوارٍ وغواشٍ؛ لأن ما بعد ألف . . . أكمل المادة الجمع لا يكون إلا مكسورا وجمعت أيضا على مرايا قال الأزهري: وهو خطأ، و "الرَّوِيَّة" الفكر والتدبر وهي كلمة جرت على ألسنتهم بغير همز تخفيفا، وهي من "رَوَّأْتُ" في الأمر بالهمز إذا نظرت فيه، و "رَأَيْتُ" الشيء "رُؤْيَةً" أبصرته بحاسة البصر ومنه "الرِيَاءُ" وهو إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرًا فالعمل لغير الله نعوذ بالله منه، و "رُؤْيَةُ" العين معاينتها للشيء يقال "رُؤْيَةُ" العين و "رَأْيُ" العين وجمع "الرُّؤْيَةِ" "رُؤًى" مثل مدية ومدى و "رَأَى" في الأمر "رَأْيًا" والذي "أُرَاهُ" بالبناء للمفعول بمعنى الذي أظن وبالبناء للفاعل بمعنى الذي أذهب إليه. و "الرَّأْيُ" العقل والتدبير، ورجل ذو "رَأْيٍ" أي بصيرة وحذق بالأمور وجمع "الرَّأْيِ" "آرَاءٌ" ، و "رَأَى في منامه" رُؤْيا "على فعلى غير منصرف لألف التأنيث، و" رَأَيْتُهُ" عالما يستعمل بمعنى العلم والظن فيتعدى إلى مفعولين، و "رَأَيْتُ" زيدا أبصرته يتعدى إلى واحد؛ لأنه من أفعال الحواس وهي إنما تتعدى إلى واحد فإن رأيته على هيئة نصبتها على الحال وقلت "رَأَيْتُهُ "قائما. و"  رَأَيْتُنِي "قائما يكون الفاعل هو المفعول وهذا مختص بأفعال القلوب على غير قياس قالوا ولا يجوز ذلك في غير أفعال القلوب والمراد ما إذا كانا متصلين مثل" رَأَيْتُنِي "وعلمتني أما إذا كان غير ذلك فإنه غير ممتنع بالاتفاق نحو أهلك الرجل نفسه وظلمت نفسي.و"  الأَرْوَى "بفتح الهمزة: تيس الجبل البري وهو منصرفٌ؛ لأنه اسم غير صفة، و" الرَّيُّ "بالفتح من عراق العجم والنسبة إليه" رَازِيٌّ "بزيادة زاي على غير قياس.

رقا (لسان العرب) [0]


الرَّقْوةُ: دِعْصٌ من رَمْلٍ. ابن سيده: الرَّقْوةُ والرَّقْوُ فُوَيْقَ الدِّعْصِ من الرمل، وأَكثرُ ما يكون إلى جوانب الأَودية؛ قال يصف ظبية وخِشْفها: لها أُمُّ مُوَقَّفة وَكُوبٌ، بحيثُ الرَّقْوُ، مَرْتَعُها البَرِيرُ (* قوله: وكنى بالكوب؛ هكذا في الأصل، ولم يرد في البيت وإنما ورد وَكُوب). أَراد لها أُمُّ مرتَعها البَريرُ، وكنى بالكُوب عن القلب وغيرهِ، والمُوَقَّفة: التي في ذِراعَيْها بياضٌ، والوَكُوبُ: التي واكَبَتْ ولدَها ولازَمَتْه؛ وقال آخر: مِن البِيضِ مِبْهاجٌ، كأَنَّ ضَجِيعَها يَبِيتُ إلى رَقْوٍ، من الرَّمْلِ، مُصْعب ابن الأَعرابي: الرَّقْوة القُمْزَة من التراب تَجْتَمِع على شَفِير الوادي، وجمعها الرُّقا.
ورَقِيَ إلى الشيءِ رُقِيّاً ورُقُوّاً وارْتَقى يَرْتَقي وتَرَقَّى: صَعِد، ورَقَّى . . . أكمل المادة غيرهَ؛ أَنشد سيبويه للأَعشى: لئنْ كُنت في جُبٍّ ثمانين قامَةً، ورُقِّيت أَسْبابَ السماء بسُلَّم ورَقِىَ فلانٌ في الجبل يَرْقَى رُقِيّاً إذا صَعَّدَ.
ويقال: هذا جبَل لا مَرْقىً فيه ولا مُرْتَقىً.
ويقال: ما زال فلانٌ يتَرقَّى به الأَمرُ حتى بَلَغ غايتَه.
ورَقِيتُ في السُّلَّم رَقْياً ورُقِيّاً إذا صَعِدْتَ، وارتَقَيْت مثلُه؛ أَنشد ابن بري: أَنتَ الذي كلَّفْتَني رَقْيَ الدَّرَجْ، على الكَلالِ والمَشِيبِ والعَرَجْ وفي التنزيل: لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ.
وفي حديث اسْتِراقِ السَّمْعِ: ولكنَّهم يُرَقُّونَ فيه أَي يتَزَيَّدُون فيه. يقال: رَقَّى فلان على الباطل إذا تقَوَّلَ ما لم يكن وزاد فيه، وهو من الرُّقِيّ الصُّعُودِ والارتفاعِ، ورَقَّى شُدِّد للتعدية إلى المفعول، وحقيقة المعنى أنهم يرتفعون إلى الباطل ويدَّعون فوق ما يسمعون.
وفي الحديث: كنتُ رَقَّاءً على الجبال أي صَعَّاداً عليها، وفعَّال للمبالغة.
والمَرْقاة والمِرْقاة: الدرجة، واحدة من مَراقي الدرَج، ونظيره مَسْقاةٌ ومِسْقاة، ومَثْناةٌ ومِثْناة للحَبْل، ومَبْناةٌ ومِبْناة للعَيْبة أَو النِّطَع، بالفتج والكسر؛ قال الجوهري: من كسَرَها شبَّهها بالآلة التي يعمل بها، ومن فَتَح قال هذا موضع يفعل فيه، فجعَله بفتح الميم مخالفاً؛ عن يعقوب.
وترقَّى في العِلْم أَي رَقِيَ فيه دَرَجة درجة.
ورَقَّى عليه كلاماً تَرْقِيةً أَي رفَع.
والرُّقيْة: العُوذة، معروفة؛ قال رؤْبة: فما تَرَكا مِن عُوذَةٍ يَعْرِفانها، ولا رُقْيةٍ إلا بها رَقَياني والجمع رُقىً.
وتقول: اسْتَرْقَيْتُه فرَقاني رُقيْة، فهو راقٍ، وقد رَقَاه رَقْياً ورُقِيّاً.
ورجلٌ رَقَّاءٌ: صاحبُ رُقىً. يقال: رَقَى الراقي رُقْيةً ورُقِيّاً إذا عَوَّذَ ونَفَثَ في عُوذَتِه، والمَرْقِيُّ يَسْتَرْقي، وهم الراقُونَ؛ قال النابغة: تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوءِ سَمِّها وقول الراجز: لقد عَلِمْت، والأَجَلِّ الباقي، أَنْ لَنْ يَرُدَّ القَدَرَ الرواقي قال ابن سيده: كأَنه جمَع امرأَةً راقيةً أَو رجُلاً راقيةٌ، بالهاء للمبالغة.
وفي الحديث: ما كنَّا نأْبُنُه برُقْىة. قال ابن الأَثير: الرُّقْية العُوذة التي يُرْقى بها صاحبُ الآفةِ كالحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات، وقد جاء في بعض الأَحاديث جوازُها وفي بعضِها النَّهْيُ عنها، فمنَ الجواز قوله: اسْتَرْقُوا لهَا فإنَّ بها النَّظْرَة أَي اطْلُبوا لها من يَرْقِيها، ومن النهي عنها قوله: لا يَسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون، والأَحاديث في القسمين كثيرة، قال: ووجه الجمع بينها أَن الرُّقَى يُكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أَسماء الله تعالى وصفاتهِ وكلامه في كتُبه المنزلة، وأَن يعْتَقدَ أَن الرُّقْيا نافعة لا مَحالَة فيتَّكلَ عليها، وإياها أَراد بقوله: ما توَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى، ولايُكره منها ما كان في خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرُّقَى المَرْوِيَّةِ، ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأَخَذَ عليه أَجْراً: مَن أَخَذ برُقْية باطِلٍ فقد أَخَذْت برُقْية حَقٍّ، وكقوله في حديثج ابر: أَنه، عليه السلام، قال اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْناها فقال لا بأْس بها إنما هي مواثِيقُ، كأَنه خاف أَن يقع فيها شيء مما كانوا يتلفظون به ويعتقدونه من الشرك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه، فلا يجوز استعماله؛ وأَما قوله: لا رُقْىةَ إلا من عَيْنٍ أَو حُمَةٍ، فمعناه لا رُقْية أولى وأَنفعُ، وهذا كما قيل لا فَتىً إلا عليٌّ، وقد أَمَر، عليه الصلاة والسلام، غير واحد من أَصحابه بالرُّقْيةِ وسَمِعَ بجماعة يَرْقُونَ فلم يُنْكِرْ عليهم، قال: وأَما الحديث الآخر في صفة أَهل الجنة: الذي يدخلونها بغير حساب وهم الذين لا يَسْتَرقُونَ ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون، فهذا من صفة الأَولياء المعرضين عن أَسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجةُ الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه، فأَما العوامُّ فَمُرَخَّصٌ لهم في التداوي والمُعالجات، ومن صبر على البلاء وانتظر الفرجَ من الله بالدعاء كان من جملة الخواص والأَولياء، ومن لم يصبر رخص له في الرقية والعلاج والدواء، أَلا ترى أَن الصدّيق، رضي الله عنه، لما تصدق بجميع ماله لم ينكر عليه علماً منه بيقينه وصبره؟ ولما أَتاه الرجل بمثل بيضة الحمامة من الذهب وقال: لا أَملك غيره، ضربه به بحيث لو أَصابه عَقَره وقال فيه ما قال.
وقولُهم: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي امْشِ واصْعد بقدر ما تطيق ولا تَحْمِلْ على نفسك ما لا تطيقه، وقيل: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه.
ويقال للرجل: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي أَصِْلحْ أوَّلاً أمرَكَ، فيقول قد رَقِيتُ، بكسر القاف، رُقِيّاً.
ومَرْقَيَا الأَنْفِ: حَرْفاه؛ عن ثعلب، كأَنه منه ظَنٌّ، والمعروف مَرَقَّا الأَنْفِ. أَبو عمرو: الرُّقَّى الشحْمة البيضاء النَّقِيَّة تكون في مَرْجِعِ الكَتِف، وعليها أُخْرى مثلُها يقال لها المَأْتاةُ (* قوله «يقال لها المأتاة» هكذا هو في الأصل والتهذيب) .فكما يَراها الآكِلُ يأْخُذُها مُسابَقةً. قال: وفي المثل يَضْرِبُه النِّحْرير للخَوْعَمِ حَسِبْتَنِي الرُّقىَّ عليها المَأْتاة. قال الجوهري: والرُّقَيُّ موضع.
ورُقَيَّة: اسم امرأَة.
وعبدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّات (* قوله «وعبد الله بن قيس الرقيات» مثله في الجوهري عبد الله مكبراً، وقال في التكملة: صوابه عبيد الله مصغراً). إنما أُضيف قيسٌ إليهن لأَنه تزوج عدَّة نسوة وافق أَسماؤهن كُلِّهِنَّ رقيَّةَ فنُسب إليهن؛ قال الجوهري: هذا قول الأَصمعي، وقال غيره: إنه كانت له عدَّةُ جدّات أَسماؤهن كُلِّهنّ رُقَيَّة، ويقال: إنما أُضيف إليهنّ لأَنه كان يُشَبِّبُ بعدّة نساء يُسَمِّيْن رُقَيَّة.

فشل (لسان العرب) [0]


الفَشِل: الرجل الضعيف الجبان، والجمع أَفشال. ابن سيده: فَشِل الرجل فَشَلاً، فهو فَشِل: كَسِلَ وضعُف وتراخَى وجَبُن.
ورجل خَشِل فَشِل، وخَسْل فَسْل، وقوم فُشْل؛ قال: وقد أَدْرَكَتْني، والحوادث جَمَّةٌ، أَسِنَّة قومٍ لا ضِعاف، ولا فُشْل ويروى: ولا فُسْل، يعني جمع فَسْل.
وفي حديث عليّ يصِف أَبا بكر، رضوان الله عليهما: كنت للدِّين يَعْسُوباً أَولاً حين نفر الناسُ عنه، وآخِراً حين فَشِلوا؛ الفَشَل: الفزعُ والجُبْن والضَّعْف؛ ومنه حديث جابر: فينا نزلتْ: إِذ همَّت طائفتان منكم أَن تَفْشَلا؛ وفي حديث الاستسقاء: سِوى الحَنْظَل العاميّ والعِلْهِز الفَشْلِ أَي الضعيف يعني الفَشْل مُدَّخِرُه وآكله، فصرف الوصف إِلى العِلْهِز وهو في الحقيقة لآكله، ويروى الفَسْل، . . . أكمل المادة بالسين المهملة، وقد تقدم. الليث: رجل فَشِيل، وقد فَشِل يَفْشَل عند الحرب والشدة إِذا ضعُف وذهبت قُواه.
وفي التنزيل العزيز: ولا تنازعوا فتَفْشَلوا وتذهب ريحكُم؛ قال الزجاج: أَي تَجْبُنوا عن عدوّكم إِذا اختلفتم، أَخبر أَن اختلافهم يضعفهم وأَن الأُلْفة تزيد في قوّتهم. النضر بن شميل: المِفْشَلة الكَبارِجة.
والمَشافل جماعة (* قوله «والمشافل جماعة» هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: وجمعها مفاشل كالمشفلة والكشافل جماعة، ويدل على ذلك قوله: وقال اعرابي إلخ فانه ليس من هذه المادة.
وعبارة القاموس في مادة شفل: المشفلة كمكنسة الكبارجة والكرش الجمع مشافل اهـ. اي فهما مترادفان المفرد كالمفرد في معنييه والجمع كالجمع) قال: والقِرْطالة الكبارجة أَيضاً، وقال أَعرابي: المِشْفَلة الكَرِش. ابن الأَعرابي: المِفشَل الذي يتزوّج في الغرائب لئلا يخرج الولد ضاوِياً، والمِفْشَل الهَوْدَج؛ وقال ابن شميل: هو الفِشْل وهو أَن يعلِّق ثوباً على الهودج ثم يدخله فيه ويشد أَطرافه إِلى القواعد، فيكون وِقاية من رؤوس الأَحْناء والأَقْطاب وعُقَد العُصْمِ، وهي الحبال، وقيل: الفِشْل ستر الهودج، وفي المحكم: الفِشْل شيء من أَداة الهودج تجعله المرأَة تحتها، والجمع فُشُول؛ وقد افْتَشَلَت المرأَة فِشْلها وفَشَّلته وتَفَشَّلتْ.
وتَفَشَّل الماءُ: سال.
وتَفَشَّل امرأَةً: تزوّجها. ابن السكيت: يقال تَفَشَّل فلان منهم امرأَة أَي تزوّجها.
والفَيْشَلة: الحَشَفة طرَف الذكَر، والجمع الفَيْشَل والفَياشِل، وقيل: الفَيْشلة رأْس كل محوَّق، وقال بعضهم: لامها زائدة كزيادتها في زَيْدَل وعَبْدَل وأُلالِكَ، وقد يمكن أَن تكون فَيْشلة من غير لفظ فَيْشَة، فتكون الياء في فَيْشلة زائدة ويكون وزنها فَيْعَلة، لأَن زيادة الياء ثانية أَكثر من زيادة اللام، وتكون الياء في فَيْشَة عيناً فيكون اللفظان مقترنين والأَصْلان مختلفين، ونظير هذا قولهم رجل ضَيَّاط وضَيْطار؛ فأَما قول جرير: ما كان يُنكَرُ في نَدِيِّ مُجاشِعٍ أَكْلُ الخَزِير، ولا ارتِضاعُ الفَيْشَل فقد يكون جمع فَيْشلة، وهو على الجمع الذي لا يفارق واحدة إِلا بالهاء.
والفَياشِل: ماء لِبَني حُصَيْن، سمي بذلك لإِكامٍ حُمْرٍ عنده حوله يقال لها الفَياشِل، قال: أَظن ذلك تشبيهاً لها بالفَياشِل التي تقدم ذكرها؛ قال القَتَّال الكلابي: فلا يَسْتَرِثْ أَهْلُ الفَياشِل غارَتي، أَتَتْكم عِتاق الطيْر يحمِلْن أَنْسُرا والفَياشِل: شجر.

سجح (لسان العرب) [0]


السَّجَحُ: لِينُ الخَدِّ.
وخَدٌّ أَسْجَحُ: سهلٌ طويل قليل اللحم واسع؛ وقد سَجِحَ سَجَحاً وسَجاحةً.
وخُلُقٌ سَجِيح: لَيِّنٌ سهل؛ وكذلك المِشْيةُ، بغير هاء، يقال: مَشى فلان مشياً سُجُحاً وسَجِيحاً.
ومِشْيةٌ سُجُحٌ أَي سهلة؛ وورد في حديث عليّ،رضي الله عنه، يُحَرِّضُ أَصحابه على القتال: وامْشُوا إِلى الموت مِشْيةً سُجُحاً؛ قال حسان: دَعُوا التَّخاجُؤَ، وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً، إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ قال الأزهري: هو أَن يعتدل في مشيه ولا يتمايَل فيه تَكَبُّراً.
ووجهٌ أَسْجَحُ بَيِّنُ السَّجَحِ أَي حَسَنٌ معتدل؛ قال ذو الرمة: لها أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى أَسِيلةٌ، ووجهٌ، كَمِرآةِ الغَرِيبةِ، أَسْجَحُ وأَورد الأَزهري هذا البيت شاهداً على لين الخد، وأَنشد: «وخدٍّ كمرآة الغريبة» قال . . . أكمل المادة ابن بري: خص مرآة الغريبة، وهي التي لم تتَزوَّج في قومها، فلا تجد في نساء ذلك الحي من يُعْنى بها ويُبَيِّن لها ما تحتاج إِلى إِصلاحه من عيب ونحوه، فهي محتاجة إِلى مرآتها التي ترى فيها ما يُنْكِرُه فيها من رآها، فمرآتها لا تزال أَبداً مَجْلُوَّة؛ قال: والرواية المشهورة في البيت «وخَدّ كمرآة الغريبة». الأَزهري: وفي النوادر يقال: سَجَحْتُ له بشيء من الكلام وسَرَحْتُ وسَجَّحْتُ وسَرَّحْتُ وسَنَحْتُ وسَنَّحْتُ إِذا كان كلام فيه تعريض بمعنى من المعاني.
وسُجُحُ الطريق وسُجْحُه: مَحَجَّتُه لسهولتها.
وبَنَوْا بيوتهم على سُجُحٍ واحد وسُجْحةٍ واحدةٍ وعِذارٍ واحد أَي قدْرٍ واحد.
ويقال: خَلِّ له عن سُجحِ الطريق، بالضم، أَي وَسَطه وسَنَنه.
والسَّجِيحة والمَسْجُوحُ والمَسْجيوحُ: الخُلُق؛ وأَنشد: هُنا وهَنَّا وعلى المَسْجُوحِ قال أَبو الحسن: هو كالمَيْسُور والمَعْسُور وإِن لم يكن له فِعْلٌ أَي إِنه من المصادر التي جاءت على مثال مفعول. أَبو عبيد: السَّجِيحة السَّجِيَّة والطبيعة. أَبو زيد: يقال ركب فلان سَجِيحَةَ رأْسه، وهو ما اختاره لنفسه من الرأْي فركبه.
والأَسْجَعُ من الرجال: الحَسَنُ المعتدل. الأَزهري: قال أَبو عبيد: الأَسْجَحُ الخَلْق المعتدل الحسن. الليث: سَجَحَتِ الحمامةُ وسَجَعَت. قال: وربما قالوا مُزْجِح في مُسْجِحٍ كالأَسْدِ والأَزْدِ.
والسَّجْحاء من الإِبل: التامَّة طولاً وعظماً.والإِسْجاحُ: حُسْنُ العفو؛ ومنه المثل السائر في العفو عند المَقْدُِرَةِ: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ؛ وهو مرويٌّ عن عائشة، قالته لعلي، رضي الله عنهما، يوم الجمل حين ظَهَرَ على الناس، فَدَنا من هَوْدَجها ثم كلمها بكلام فأَجابته: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ أَي ظَفِرْتَ فأَحْسِنْ وقَدَرْتَ فَسَهِّلْ وأَحْسِنِ العَفْوَ؛ فَجَهَّزَها عند ذلك بأَحْسَنِ الجِهاز إِلى المدينة؛ وقالها أَيضاً ابنُ الأَكْوَعِ في غزوة ذي قَرَدٍ: ملكت فأَسْجِحْ؛ ويقال: إِذا سأَلتَ فأَسْجِحْ أَي سَهِّلْ أَلفاظَكَ وارْفُقْ.
ومِسْجَحٌ: اسم رجل.
وسَجاحِ: اسم المرأَة المُتَنَبِّئة، بكسر الحاء، مثل حَذامِ وقَطامِ، وهي من بني يَرْبُوعٍ؛ قال: عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً وقَيْسا، ولَقِيَتْ من النكاحِ وَيْسا، قد حِيسَ هذا الدِّينُ عندي حَيْسا قال الأَزهري: كانت في تميم امرأَة كذابة أَيام مسيلمة المُتَنَبِّئ فتَنَبَّأَتْ هي أَيضاً، واسمها سَجاحِ، وخطبها مسيلمة وتزوَّجته ولهما حديث مشهور.

رون (لسان العرب) [0]


الرُّونُ: الشِّدَّة، وجمعها رُوُون.
والرُّونَة: الشِّدَّة. ابن سيده: رُونة الشيء شِدَّته ومُعْظَمُه؛ وأَنشد ابن بري: إن يُسْرِ عَنْكَ اللهُ رُونَتَها، فعَظِيمُ كلّ مُصيبةٍ جَلَلُ وكشف الله عنك رُونَة هذا الأَمر أَي شدَّته وغُمَّته ويقال: رُونَةُ الشيء غايته في حر أَو برد أَو غيره من حزن أَو حرب وشبهه؛ ومنه يومٌ أَرْوَنانٌ (* قوله «أرونان» يجوز إضافة اليوم إليه أيضاً كما في القاموس، وسيشير إليه المؤلف فيما بعد).
ويقال: منه أُخذتِ الرُّنَةُ اسم لجمادى الآخرة لشدة برده.
والرَّوْن: الصياح والجَلَبة، يقال منه: يومٌ ذو أَرْوَنان وزَجَلٍ؛ قال الشاعر: فهي تُغَنِّيني بأَرْوَنانِ أَي بصياحٍ وجلبة.
والرَّوْن أَيضاً: أَقصى المَشارَةِ؛ وأَنشد يونس: والنَّقْبُ مِفْتَحُ مائها . . . أكمل المادة والرَّوْن ويومٌ أَرْوَنانٌ وأَرْوَنانيٌّ: شديد الحر والغم، وفي المحكم: بلغ الغاية في فرح أَو حزن أَو حر، وقيل: هو الشديد في كل شيءٍ من حر أَو برد أَو جلبة أَو صياح؛ قال النابغة الجَعْديّ: فظَلَّ لنِسوَةِ النُّعمانِ منا، على سَفَوانَ، يومٌ أَرْوَنانُ قال ابن سيده: هكذا أَنشده سيبويه، والرواية المعروفة يومٌ أَرْوناني لأَنَّ القوافي مجرورة؛ وبعده: فأَرْدَفْنا حَليلتَه، وجِئْنا بما قد كان جَمَّعَ من هِجانِ وقد تقدم أَنَّ أَرْوَناناً أَفْوَعَالٌ من الرَّنين؛ التهذيب: أَراد أَرْوَنانيّ بتشديد ياء النسبة كما قال الآخر: لم يَبْقَ من سُنَّة الفارُوق تعرفه إلاَّ الدُّنَيْنيُّ وإلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ (* قوله «الدنيني» كذا بالأصل). قال الجوهري: إنما كسر النون على أَن أَصله أَرْونانيّ على النعت فحذفت ياء النسبة؛ قال الشاعر: ولم يَجِبْ ولم يَكَعْ ولم يَغِبْ عن كلِّ يومٍ أَرْوَنانيّ عَصِبْ وأَما قول الشاعر: حَرَّقَها وارِسُ عُنْظُوانِ، فاليومُ منها يومُ أَرْوَنانِ فيحتمل الإضافة إلى صفته ويحتمل ما ذكرنا.
وليلة أَرْوَنانة وأَرْوَنانيَّة: شديدة الحر والغم.
وحكى ثعلب: رَانَتْ ليلَتَنا اشتدَّ حرها وغمها. قال ابن سيده: وإنما حملناه على أَفَْعَلان، كما ذهب إليه سيبويه، دون أَن يكون أَفْوَعالاً من الرَّنَّةِ التي هي الصوت، أَو فَعْوَلاناً من الأَرَنِ الذي هو النَّشَاط، لأَن أَفْوَعالاً عَدَمٌ وإِنَّ فَعْوَلاناً قليل، لأَن مثل جَحْوَش لا يلحقه مثل هذه الزيادة، فلما عدم الأَول وقلَّ هذا الثاني وصحَّ الاشتقاق حملناه على أَفْعَلان. التهذيب عن شمر قال: يومٌ أَرْوَنان إذا كان ناعماً؛ وأَنشد فيه بيتاً للنابغة الجعدي: هذا ويومٌ لنا قَصِيرٌ، جَمُّ المَلاهِي أَرْوَنانُ صوابه جمٌّ ملاهيه؛ قال: وهذا من الأَضداد، فهذا البيت في الفرح، وكان أَبو الهيثم ينكر أَن يكون الأَرْوَنان في غير معنى الغم والشدَّة، وأَنكر البيت الذي احتج به شمر.
وقال ابن الأَعرابي: يومٌ أَرْوَنانٌ مأْخوذ من الرَّوْنِ، وهو الشدة، وجمعه رُوُون.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، طُبَّ أَي سُحِرَ ودُفِنَ سِحْرُه في بئر ذي أَرْوانَ؛ قال الأَصمعي: هي بئر معروفة؛ قال: وبعضهم يخطئ فيقول ذَرْوَانَ.
والأَرْوَنانُ: الصوت؛ وقال: بها حاضِرٌ من غيرِ جِنٍّ يَرُوعُه؛ ولا أَنَسٍ ذُو أَرْونانٍ وذُو زَجَلْ ويومٌ أَرْوَنان وليلة أَرْوَنانة: شديدة صعبة.
وأَرْوَنان مشتق من الرَّون وهو الشدة.
ورَانَ الأَمْرُ رَوْناً أَي اشتد.

ضفط (العباب الزاخر) [0]


رجل ضَفيطّ بينُّ الضفاطةِ: أي ضعيفُ الرّأي والعقلِ، قال أبو حزَامٍ غالبُ بن الحارثِ العُكليّ
تعادَتْ بالجنانِ على المزُجـى      ويخّفي الخبْءَ بالبدْءِ الضفيطِ

يخْفي: يظهرُ، والبدءُ: الدّاهيةَ، وقد ضفطَ -بالضمّ-، وبلغَ عُمر -رضي الله عنه- أنّ رجلاً اسْتأذَنّ فقال: إني لأراهَ ضَفيْطاً، لأنه كان ينكر قولَ من قال: إذا قعدَ إليك رجلّ فلا تقُمْ حتىّ تستأذنهِ. وقال اللّيثُ: الضفِيطُ، العذْيوْطُ الذي يبدْي إذا جامعَ أهله. وعن ابن سيرين: أنه شهدَ نكاحاً فقال: أينَ ضَفَاطتكمُ، أرادَ الدفّ لأنه لعبّ ولهو فهو راجعّ إلى ما يحمقُ فيه صاحبهُ. وفي حديثّ عمر -رضي الله عنه-: أنهّ سمعَ رجلاً يتعوذّ من الفتنِ فقال: اللهم إني . . . أكمل المادة أعُوْذ يك من الضّفاطةِ، أتسألُ ربكّ ألاّ يرزقكّ أهْلاً ومالاً. ذَهبَ إلى قوله تعالى: (إنما أموالكم وأولادكمُ فتنة) وكرهَ التعوذَ منها  
وفي حديث ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: لو لم يطالبِ النّاسُ بدمٍ عثمانَ لرمواُ بالحجارة من السماء، فقيلَ له: اتقواُ هذا وأنتَ عاملَ لفلان، فقال: إنّ في ضفطات وهذه إحدْى ضفَطاني. الضّفطةُ للمرةِ كالمْقةِ، وجمعُ الضفْطِ ضَفْطى؛ كصريْع وصرْعى.
وفي حديثِ عمرُ رضي الله عنه-: أنّ أصحاب محمدٍ صلّى الله عليه وساّم- تذَاكروا الوترْ، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه-: أماّ أنا فأبْدا بالوتْرِ- وقال عمرُ -رضي الله عنه-: لكنيِ أوترُ حين ينامُ الضفْطى: همُ الحمْقى والنوْكى. والضّفْيطُ -أيضاً- من فحولٍ الإبلِ: السرِيسُ. والضّفْيط: السخيّ، وهو من الأضدَادِ. والضفّاطةُ -بالتشديد-: شبيهةّ بالدجاّلةِ؛ وهي الرفقةُ العظيمةُ. والضّفاطُ: الذي يكريُ الإبل من قريةِ إلى قريةٍ أخرى.
وقال ابن الأعْرابيّ: الضفّاطُ: الجمالُ وروي: أنّ ضفاطة -ويرْوى: ضفّاطيْن- قدمواُ المدينةَْ. وقيل: الصّافطةُ: رُذالُ الناس، وكذلك الضّفاطُ، قال جسّاس بن قطيبْ:
ليستْ به شماءلُ الضفاطِ     

وقال ابن شْميلٍ: الصّافطةُ: الأنباطُ كانوا يقدمون المدينةْ بالدرْمكِ والزيتِ وقال ابن المباركِ: الضفاطَ: الجالبُ من الأصلِ والمقاطُ: الحاملُ من قريةٍ إلى قريةٍ. وقيل: الضفّاطُ: الذي يكرْي من منزلٍ إلى منزلٍ أو من ماءٍ إلى ماء، قال:
وما كنتُ ضَفّاطاً ولكنّ راكبا      أناَخَ فأغْفى فوق ظَهْرِ سبيلِ

ويرْوى: "ولكنّ طالباً" وقال ابن دريدٍ: يقال للعابّ الدّفَ والصنْجِ: الضفّاطةُ وقال اللّيثْ: الضفّاطُ: الذيقد ضفَط بسلْحِه. وقال غيرهُ: ضفط: أي شدّ.
والضفّاطةُ: الإبل الحموْلةُ.
وضفَط عليه فلم يزايلهَ: أي ركبهَ وقال ابن شميلٍ: الضفّطُ -مثالُ فلزٍ-: التّارُّ من الرّجالِ. وقال ابن عبادٍ: الصّافط: المسافرُ الذي لا يبعْدُ السفرَ. وتضافطَ عليه اللّحْمُ: أي اكتنزَ. والترْكيبُ يدلُ على الحقِ والجفاء، وقال ابن فارسٍ: وأحْسب أن البابَ كلهّ ممّا يعولُ عليه

عنف (العباب الزاخر) [0]


الليث: العُنْفُ: ضد الرفق، تقول منه: عَنُفَ عليه-بالضم-وعَنُفَ به أيضاً.
ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العُنْفِ وما لا عطي على ما سوى ذلك. والعَنِيْفُ: الذي ليس له رفق بركوب الخيل، قال أمرؤ القيس يصف فرساً:
يُزِلُّ الغلام الخِفَّ عن صهوته      ويلوي بأثواب العَنِيْفِ المثقل

وقول عَنِيْفٌ: شديد: قال أبو صخر الهذلي يعرض بتأبط شرا:
فإن ابن تُرْنى إذا جئتكم      أراه يدافع قولا عَنِيْفاً

قال السكري: "تُرْنى" أمه. وقال الكسائي: يقال كان ذلك منا عُنْفَةً وعُنُفَةً: أي اعْتِنافاً يعني ائتِنافاً. وعُنْفُوَانُ الشيء: أوله، وقال الليث: أول بهجته، يقال: هو في . . . أكمل المادة عُنْفُوَانِ شبابه وعُنْفُوِّ شبابه -عن أبي عباد- وأنشد أبو ليلى:
تلوم امرءً في عُنْفُوَانِ شبابه      وتترك أشاع الضلال تحين

ويروى: "وللترك أشياع الضلالة حين"، تحين: أي تهلك. وعُنْفُوَانُ النبات: أوله، قال:
ماذا تقول نيبهـا تـلـمـس      وقد دعاها العُنْفُوانُ المُخلِسُ

ويقال: هؤلاء يخرجون عُنْفُواناً عَنْفاً عَنْفاً: أي أولاً أولاً، وقال الأزهري: يجوز أن يكون الأصل فيه: أُنْفُوَاناً؛ من ائتَنَفْتُ الشيء واسْتَأْنَفْتُه، إذا اقتبلته؛ فقبلت الهمزة عيناً. وقال أبو عمرو: العَنَفَةُ -بالتحريك- الذي يضربه الماء فيدير الرحى. قال: والعَنَفَةُ -أيضاً-: ما بين خطي الزرع. وقال الليث: أعْنَفْتُه وعَنَّفْتُه تَعْيِنْفاً: من العُنْفِ.
وقال غيره: التَّعْنِيْفُ: التعيير واللوم. وقال غيره: اعْتَنَفْتُ الأمر: إذا أخذته بعُنْفٍ. واعْتَنَفْتُ الأرض: أي كرهتها. وهذه إبل مُعْتَنِفةٌ: إذا كانت في بلد لا يُوَافِقها، وأنشد ابن الأعرابي:
إذا اعْتَنَفَتْني بلدة لم أكن بهـا      نسياً ولم تسدد عليَّ المطالب

يقال: أعْتَنَفَتْني البلاد واعْتَنَفْتُها.
وبعض بني تميم يقول: اعْتَنَفْتُ الأمر بمعنى أئتَنَفْتُه. واعْتَنَفْا المراعي: أي رَعَيْنا أُنفها، وهذه عَنْعَنَةُ تميم.
ومنه قول الشافعي -رحمه الله- أُبُّ للرجل إذا نعس في المجلس يوم الجمعة ووجد مجلسا غيره لا يتخطى فيه أحداً أن يتحول عنه ليحدث له بالقيام واعْتِنافِ المجلي ما يذعر عنه النوم. قال الزهري: جعل الاعْتِنَافَ التحول من مكان إلى مكان؛ وهو مثل الائْتِنَافِ. ويقال:اعْتَنَفْتُ الأمر: جهلته، قال:
بأربعٍ لا يَعْتَنِفْنَ العَنَفا     

أي لا يجهلن شدة العدو. واعْتَنَفْتُ الأمر: أي أتيته ولم يكن لي به علم، قال أبو نخيلة السعدي يرثي ضرار بن الحارث العنبري:
نَعَيْتَ امرءً زيناً إذا تُطْلَقُ الحُبى      وإن أُطْلِقت لم تعْتَنِفْهُ الأصابع

أي ليس ينكرها ولا هو غُمْرٌ. ويقال: اعْتَنَفْتُ الأمر: أي لم يكن لي به علم. وقال الباهلي: يقال أكلت طعاماً فاعْتَنَفْتُه: أي أنكرته. وطريق مُعْتَنفٌ: أي غير قاصد. والتركيب يدل على خلاف الرفق.

عنف (لسان العرب) [0]


العُنْف الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به، وهو ضد الرفق. عَنُفَ به وعليه يَعْنُفُ عُنْفاً وعَنافة وأَعْنَفه وعَنَّفه تَعْنيفاً، وهو عَنِيفٌ إذا لم يكن رَفيقاً في أَمره.
واعْتَنَفَ الأَمرَ: أَخذه بعُنف.
وفي الحديث: إن اللّه تعالى يُعْطِي على الرِّفْق ما لا يُعطي على العنف؛ هو، بالضم، الشدة والمَشَقّة، وكلُّ ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشرّ مثله.
والعَنِفُ والعَنِيفُ: المُعتَنِف؛ قال: شَدَدْت عليه الوَطْء لا مُتظالِعاً، ولا عَنِفاً، حتى يَتِمَّ جُبُورُها أَي غير رَفِيق بها ولا طَبّ باحتمالها، وقال الفرزدق: إذا قادَني يومَ القِيامة قائدٌ عَنِيفٌ، وسَوَّاقٌ يَسوقُ الفَرَزْدَقا والأَعنفُ: كالعَنِيف والعَنِفِ كقولك اللّه أَكبر بمعنى كبير؛ وكقوله: لعَمْرُك ما . . . أكمل المادة أَدْري وإني لأَوْجَلُ بمعنى وَجِل؛ قال جرير: تَرَفَّقْتَ بالكِيرَينِ قَيْنَ مُجاشعٍ، وأَنت بهَزِّ المَشْرَفِيّةِ أَعْنَفُ والعَنِيفُ: الذي لا يُحسن الركوب وليس له رفق بركوب الخيل، وقيل: الذي لا عهد له بركوب الخيل، والجمع عُنُفٌ؛ قال: لم يَرْكَبُوا الخيلَ إلا بعدَما هَرِمُوا، فهم ثِقالٌ على أَكْتافِها عُنُف وأَعْنف الشيءَ: أَخذه بشدَّة.
واعتنف الشيءَ: كرهه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: لم يَخْتَرِ البيتَ على التَّعَزُّبِ، ولا اعْتِنافَ رُجْلةٍ عن مَرْكَبِ يقول: لم يختر كراهةَ الرُّجْلة فيركب ويدَع الرُّجلة ولكنه اشتهى الرجلة.
واعْتَنَف الأَرضَ: كَرِهَها واسْتَوخَمها.
واعْتَنَفَتْه الأَرضُ نفْسُها: نَبَتْ عليها (* قوله «نبت عليها إلخ» كذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: واعتنفتني الأرض نفسها: نبت ولم توافقني.) ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في معنى الكراهة: إذا اعْتَنَفَتْني بَلْدةٌ، لم أَكن لها نَسِيّاً، ولم تُسْدَدْ عليَّ المَطالِبُ أَبو عبيد: اعْتَنَفْتُ الشيء كَرهْتُه ووجدت له عليَّ مشقَّة وعُنْفاً.
واعْتَنَفْت الأَمر اعْتِنافاً: جَهِلْته؛ وأَنشد قول رؤبة: بأَرْبعٍ لا يَعْتَنِفْنَ العَفْقا أَي لا يَجْهَلن شدّة العَدْو. قال: واعتفْتُ الأَمْر اعْتِنافاً أَي أَتَيْتُه ولم يكن لي به علم؛ قال أَبو نُخَيْلةَ: نَعَيْتُ امْرَأً زَيْناً إذا تُعْقَدُ الحُبى، وإن أُطْلِقَتْ، لم تَعْتَنِفْه الوَقائعُ يريد: لم تَجِدْه الوقائعُ جاهلاً بها. قال الباهلي: أَكلت طَعاماً فاعْتَنَفْتُه أَي أَنكرْتُه، قال الأَزهري: وذلك إذا لم يُوافِقْه.
ويقال: طريق مُعْتَنِفٌ أَي غيرُ قاصِدٍ.
وقد اعْتَنَفَ اعْتِنافاً إذا جارَ ولم يَقْصِد، وأَصله من اعتنفْت الشيءَ إذا أَخذْته أَو أَتيته غير حاذق به ولا عالم.
وهذه إبل مُعْتَنِفة إذا كانت في بلد لا يُوافِقُها.
والتعْنِيفُ: التَّعْيير واللَّوم.
وفي الحديث: إذا زَنت أَمةُ أَحدكم فليَجْلدْها ولا يُعَنِّفْها التعْنِيفُ: التوْبيخُ والتقْريعُ واللَّوم؛ يقال: أَعْنَفْته وعَنَّفْته، معناه أَي لا يجمَع عليها بين الحَدّ والتوْبيخ؛ قال الخطابي: أَراد لا يَقْنَعُ بتَوْبيخها على فِعْلها بل يُقيم عليها الحدّ لأَنهم كانوا لا ينكرون زِنا الإماء ولم يكن عندهم عَيْباً؛ وقوله أَنشده اللحياني: فقَذَفَتْ ببيْضةٍ فيها عُنُفْ فسره فقال: فيها غِلَظٌ وصَلابة.
وعُنْفُوانُ كلِّ شيء: أَوّله، وقد غَلب على الشباب والنبات؛ قال عدي بن زيد العبادي: أَنْشَأْتَ تَطَّلِبُ الذي ضَيَّعْتَه في عُنْفُوانِ شَبابِك المُتَرَجْرجِ قال الأَزهري: عُنفوان الشباب أَوّلُ بَهْجته، وكذلك عُنْفُوان النبات. يقال: هو في عُنفوان شبابه أَي أَوْله؛ وأَنشد ابن بري: رأَتْ غُلاماً قد صَرَى في فِقْرَتِهْ ماءَ الشَّبابِ عُنْفوانَ سَنْبَتِه (* قوله «رأت غلاماً» كذا بالأصل، والذي في الصحاح في مادة صرى: رب غلام قد إلخ.) وفي حديث معاوية: عُنْفُوانَ المَكْرَعِ أَي أَوَّلَه.
وعُنْفُوان: فُعْلوان من العُنْف ضد الرفق، قال: ويجوز أَن يكون الأَصل فيه أُنْفُوان من ائتَنَفْت الشيء واسْتَأْنَفْته إذا اقْتَبَلْتَه فأَقبل إذا ابْتَدأْتَه، فقلبت الهمزة عيناً فقيل عُنفوان، قال: وسمعت بعض تميم يقول اعْتنفْت الأَمر بمعنى ائتَنَفْته.
واعْتَنَفْنا المَراعِيَ أَي رَعَينا أُنُفَها، وهذا كقولهم: أَعن تَرَسّمْت، في موضع أَأَن تَرَسمت.
وعُنْفُوانُ الخَمر: حِدَّتُها.
والعُنْفوان: ما سال من العنب من غير اعْتِصار.
والعُنْفُوة: يبِيس النَّصيّ وهو قطعة من الحَليّ.

سرف (العباب الزاخر) [0]


السَّرَفْ: ضد القصد. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا ينتَهِبُ الرجل نهبة ذاة سَرَفٍ وهو مؤمن. أي ذاة شَرَفٍ، أي ذاة قدر كثير يُنكِر ذلك الناس ويتشرفون إليه ويستعظمونه، ويُروى بالشين المعجمة. والسَّرَفُ -أيضاً-: الإغفال والخطأ، وقد سَرِفْتُ الشيء -بالكسر-: إذا أغفلته وجهلته.
وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم؛ فقيل له في ذلك فقال: مررت بكم فَسَرِفْتُكُم: أي أغْفَلْتُكم، ومنه قول جرير:
أعطوا هُنيدة يحدوها ثمـانـية      ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَفُ

أي إغفال ولا خطأ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المُسْتَحِقَّ. ورجل سَرِفُ الفؤاد: أي مُخْطِئ الفؤاد . . . أكمل المادة غافلُهُ، قال طرفة بن العبد:
إن إمرءً سَرِفَ الفؤاد يرى      عَسَلا بماء سَحَابَةٍ شتمي

والسَّرَفُ -أيضاً-: الضراوة، ومنه حديث عائشة -رضي الله عنها-: إن لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخمر.
والمعنى: أن مَن اعتاده ضري بأكله فأسرف فيه فعل المعاقر في ضراوته بالخمر وقلة صبره عنها.
ووجه آخر: أن تريد بالسَّرَفِ الغَفلَةَ.
ويجوز أن يكون من سَرِفَتِ المرأة صبيها إذا أفسدته بكثرة اللبن، تعني الفساد الحاصل من جهة غلظة القلب وقسوته والجرأة على المعصية والانبعاث للشهوة. وسَرِفُ -مثال كَتِفٍ-: موضع قريب من التنعيم، وتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية -رضي الله عنها- بِسَرِفَ سنة سبعٍ من الهجرة في عمر القضاء، وبنى بها بِسَرِفَ، وكانت وفاتها-أيضا-بِسَرِفَ، ودفنت هنالك. قال خداش بن زهير:
فإن سمعتم بجيشٍ سـالـك سـرفـاً      أو بطن مرَّ فأخفوا الجرس واكتتموا

وقال عبيد الله بن قيس الرُّقيات:
سَرِفٌ منزل لسلمةَ فالظه      ران منها منازل فالقصيمُ

والسُّرْفَةُ: دويبة تتخذ لنفسها بيتا مربعا من دُقَاقِ العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناوُوْسِ ثم تدخل فيه وتموت.
وفي المثل: هو أصنع من سُرْفَةٍ.
وقد سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشجرة تَسْرُفُها سَرْفاً: إذا أكلت ورقها؛ عن ابن السكيت.
وسُرِفَتِ الشجرة فهي مَسْرُوْفَةٌ.
وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ولم تُسْرَفْ، وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ج ر د.
وأرض سَرِفَةٌ: كثيرة السُّرْفَةِ. وقال ابن عبّاد: السًّرُفُ: شيء أبيض كأنه نسج دود القز. والسَّرُوْفُ: الشديد العظيم، يقال يوم سَرُوْفٌ: أي عظيم. وقال غيره: الأُسْرُفُ: الآنُكُ، فارسي معرب، وهو تعريب سُرُبْ. وذهب ماء الحوض سرفاً: إذا فاض من نواحيه. والسَّرِيْفُ: سطر من كَرْمٍ. واسرافيل: اسم أعجمي كأنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة: اسْرَافِيْنُ؛ كما قالوا جبرين واسماعين واسْرَائينُ.
والإسراف في النفقة: التبذير، قال الله تعالى: (ولا تُسْرِفُوا) الإسراف: أكل ما لا يحل أكله، وقيل: هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله الله، وقال سفيان: الإسْرَافُ ما أُنْفِقَ في غير طاعة الله، وقال إياس بن معاوية: ما قُصِرَ به عن حق الله. وقوله تعالى: (مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي كافرٌ شاك. ومُسْرِفٌ: لقب مسلم بن عقبة المُرِّيِّ صاحب وقعة الحرة؛ لأنه قد أسْرَفَ فيها، قال علي بن عبد الله بن العباس:
هم منعوا ذِماري يوم جاءت      كتائب مُسْرِفٍ وبنو اللَّكِيْعَه

والتركيب يدل على تعدي الحد وعلى الإغفال للشيء.

عجب (لسان العرب) [0]


العُجْبُ والعَجَبُ: إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِـيادِه؛ وجمعُ العَجَبِ: أَعْجابٌ؛ قال: يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، * الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قال: ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا، * ولو زَبَنَتْهُ الـحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ.
وفي النوادر: تَعَجَّبنِـي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم: العَجِـيبةُ، والأُعْجُوبة.
والتَّعاجِـيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر: ومنْ تَعاجِـيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِـيةٌ، * يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِـيٌّ وغِرْبِـيبُ الغَاطِـيَةُ: الكَرْمُ.
وقوله تعالى: بل عَجِـبْت ويَسْخَرُون؛ قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ، وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس؛ وقرأَ ابن كثير ونافع وابن . . . أكمل المادة عامر وعاصم وأَبو عمرو: بل عَجِـبْتَ، بنصب التاءِ. الفراءُ: العَجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه، فليس معناه من اللّه، كمعناه من العباد. قال الزجاج: أَصلُ العَجَبِ في اللغة، أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، قال: قد عَجِـبْتُ من كذا.
وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ، لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ، جاز أَن يقول فيه عَجِـبْتُ، واللّه، عز وجل، قد علم ما أَنْكَره قبل كونه، ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به الـحُجَّة عند وقوع الشيءِ.
وقال ابن الأَنباري في قوله: بل عَجِـبْتُ؛ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب.
وهو يريد: بل جازَيْتُهم على عَجَبِـهم من الـحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم.
وقيل: بل عَجِبْتَ، معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك.
وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الـحَقِّ؛ قال: أَكَانَ للناسِ عَجَباً؛ وقال: بل عَجِـبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم؛ وقال الكافرون: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ. ابن الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ.
وقوله عز وجل: وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ، وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث، والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّـنُوا.
وقوله عز وجل: واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً؛ قال ابن عباس: أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً، وكان لموسى وصاحبه عَجَباً.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل؛ أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه. أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده، وخَفِـيَ عليه سببُه، فأَخبرهم بما يَعْرِفون، ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده.
وقيل: معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِـيَ وأَثابَ؛ فسماه عَجَباً مجازاً، وليس بعَجَبٍ في الحقيقة.
والأَولُ الوجه كما قال: ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ؛ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ؛ هو من ذلك.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم. قال ابن الأَثير: إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ، لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء؛ والتَّعَجُّبُ مما خَفِـيَ سببه ولم يُعْلَم.
وأَعْجَبَه الأَمْرُ: حَمَلَهُ على العَجَبِ منه؛ وأَنشد ثعلب: يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ، * أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً؛ وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ: رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْــ * ــبَةً، لَسْتُ أُغَيِّبُها فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِـبُها أَي يَكْسِـبُها التَّعَجُّبَ.
وأُعْجِبَ به: عَجِبَ.
وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِـيباً: نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه.
وقِصَّةٌ عَجَبٌ، وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا.
والتَّعَجُّبُ: أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِـبُكَ، تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه.
وقولهم: للّه زيدٌ! كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ، وكذلك قولهم: للّه دَرّهُ ! أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ لكثرته.
وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِـيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ، على المبالغة، يؤكد به.
وفي التنزيل: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ؛ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِـيُّ: ان هذا لشيء عُجَّابٌ، بالتشديد؛ وقال الفراء: هو مِثْلُ قولهم رجل كريم، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بالتشديد، أَكثر من عُجَابٍ.
وقال صاحب العين: بين العَجِـيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَمـَّا العَجِـيبُ، فالعَجَبُ يكون مثلَه، وأَمـَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ.
وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ: سَرَّه.
وأُعْجِبَ به كذلك، على لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ.
والعَجِـيبُ: الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه.
وأَمْرٌ عَجِـيبٌ: مُعْجِبٌ.
وقولهم: عَجَبٌ عاجِبٌ، كقولهم: لَيْلٌ لائِلٌ، يؤكد به؛ وقوله أَنشده ثعلب: وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني، * ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِـيبٌ بإِليَّ، لأَنه في معنى حَبِـيب، فكأَنه قال: حَبِـيبٌ إِليَّ. قال الجوهري: ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِـيبٌ.
ويقال: جمعُ عَجِـيب عَجائبُ، مثل أَفِـيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ.
وقولهم: أَعاجِـيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ، مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ.
والعُجْبُ: الزُّهُوُّ.
ورجل مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِـيحاً.
وقيل: الـمُعْجَبُ الإِنسانُ الـمُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ، وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه؛ والاسم العُجْبُ، بالضم.
وقيل: العُجْب فَضْلَةٌ من الـحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ.
وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه، شاذّ لا يُقاس عليه.
والعُجْب: الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة.
والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ: الذي يُعْجِـبُه القُعُود مع النساءِ.
والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة(1) (1 قوله «والعجب والعجب من كل دابة الخ» كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ.
وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد: العجب، بالفتح وبالضم، من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح، ان هذا لشيء عجاب.): ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ الـمَغْروز في مؤخر العَجُزِ؛ وقيل: هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه.
وقال اللحياني: هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وهو العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ.
وفي الحديث: كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ؛ وفي رواية: إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب. العَجْبُ، بالسكون: العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِـيبُ من الدَّوابِّ.
وناقة عَجْباءُ: بَيِّنَةُ العَجَبِ، غلِـيظةُ عَجْبِ الذَّنَب، وقد عَجِـبَتْ عَجَباً.
ويقال: أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها.
والعَجْباءُ أَيضاً: التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها، وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت.
وعَجْبُ الكَثِـيبِ: آخِرُه الـمُسْتَدِقُّ منه، والجمعُ عُجُوب؛ قال لبيد: يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً * بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها ومعنى يَجتابُ: يَقْطَع؛ ومن روى يَجْتافُ، بالفاءِ، فمعناه يَدْخُلُ؛ يصف مطراً.
والقالِصُ: المرتفعُ.
والـمُتَنَبِّذُ: الـمُتَنَحِّي ناحيةً.
والـهَيَامُ: الرَّمْل الذي يَنْهار.
وقيل: عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه.
وبَنُو عَجْبٍ: قبيلة؛ وقيل: بَنُو عَجْبٍ بطن.
وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله: انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ * تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعدما كُفَّ بَصَرُه، وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قال خارجةُ: يقول عَجِـبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قال ومثله قوله: فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِـبُها أَي تَتَعَجَّبُ منه. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.

صلف (العباب الزاخر) [0]


الصَّلْفَاءُ: الأرض الصلبة، والمكان أصْلَفُ.
وقال ابن عبّاد: الصَّلْفَاءُ صَفَاةٌ قد استوت في الأرض، ويقال: صِلْفَاءةٌ -بوزن حِرْباءةٍ-.
وقال الأصمعي: الأصْلَفُ والصَّلْفَاءُ: ما اشتد من الأرض وغلظ وصَلُبَ، والجمع الأصَالِفُ والصَّلافي، قال أوس بن حجر:
وخَبَّ سَفَا قريانه وتـوقـدت      عليه من الصَّمّانَتَيْنِ الأصالِفُ

والصَّلِيْفُ: عرض العنق؛ وهما صَلِيْفانِ من الجانبين، قال جندل بن المثنى:
ينحط من قنفذ ذِفراه الذَّفِـرْ      على صَلِيْفَيْ عنق لأْمِ الفِقَرْ

وقال أبو زيد: الصَّلِيْفانِ رأسا الفقرةِ التي تلي الرأس من شقيهما. وقال الأصمعي: يقال أخذ بِصَلِيْفِه وبِصَلِيْفَتِه: أي بقفاه.  والصَّلِيْفانِ -أيضاً-: عودن يعترضان على الغَبِيْطِ تشد بهما المَحَامِلُ، قال
ويَحْمِلُ بَزَّهُ في كل هَيْجىً      أقَبُّ كأن هاديه الصَّلِيْفُ

وقال . . . أكمل المادة ابن الأعرابي: الصَّلْفُ -بسكون اللام-: خوافي قلب النخلة، الواحدة: صَلْفَةٌ. والصَّلَفُ -بالتحريك-: قلة نزل الطعام. وإناء صَلِفٌ: إذا كان قليل الأخذ للماء. وسَحابٌ صَلِفٌ: قليل الماء كثير الرعد.
وفي المثل: رُبَّ صَلَفٍ تحت الرّاعدة: يُضْرَبُ للرجل يتوعد ثم لا يقوم به.
وقال أبو عبيد: من أمثالهم في الواجد وهو بخيل: رُبَّ صَلَفٍ تحت الرّاعدة: أي إن هذا مع كثرة ما عنده من المال مع المنع كالغمامة الكثيرة الرعد مع قلة مطرها.
وقال ابن دريد: يُضْرَبُ مثلا للرجل يكثر الكلام والمدح لنفسه ولا خير عنده. وصَلِفَتِ المرأة تَصْلَفُ صَلَفاً: إذا لم تحظ عند زوجها وأبغضها، يقال: امرأة صَلِفَةٌ من نسوة صَلِفاتٍ وصَلائفَ، قال القطامي يذكر امرأة:
لها روضة في القلب لم ترع مثلها      فروك ولا المُسْتَعْبِرَاتُ الصَّلائفُ

وفي الحديث: أن امرأة قالت: يا رسول الله لو أن المرأة لا تَصَنَّعُ لزوجها صَلِفَتْ عنده.
وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: تنطلق إحداكن فتصانع بمالها عن ابنتها الحَظِيَةِ ولو صانعت عن ابنتها الصَّلِفَةِ كانت أحق، قال:
وقد خُبِّرْتُ أنك تفركنـي      وأصْلَفُكِ الغداةَ ولا أُبالي

وقال أبو زيد: رجل صَلِفٌ من قوم صَلافى وصُلَفَاءَ وصَلِفِيْنَ. والصَّلَفُ في الرجل والمرأة: أن يتكلما بما يكرهه أصْحابهما ويمتدحا بما ليس عندهما.
وقال الإفريقي: آفة الظَّرْفِ الصَّلَفُ. ويقال في المثل: من يبغ في الدين يَصْلَفْ: أي من ينكر في الدين على الناس وير له عليهم فضلا يقل خيره عندهم ولم يحظ منهم. يُضْرَبُ في الحثِّ على مخالطة الناس مع التمسك بالدين. وزعم الخليل أن الصَّلَفَ مجاورة قدر الظَّرْفِ والادعاء فوق ذلك تكبراً فهو رجل صَلِفٌ. والصَّلِفُ: الإناء الثقيل الثخين. وطعام صَلِفٌ: مسخ لا طعم له. والصّالِفُ: جبل كان يتخالف أهل الجاهلية عنده. وفي الحديث: أن ضميره -رضي الله عنه- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال: جئت أُحالفك، قال: حالف علياً، قال: فإني أحالف ما دام الصّالِفَانِ، قال: بل حالِفْ ما دام أحُدٌ مكانه فإنه خير. قال إبراهيم الحربي -رحمه الله-: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا بل حالِفْ ما دام أُحُدٌ مكانه، فإنه كَرِهَ أن يفعلوا في الإسلام من التَّحَابُفِ عند الصّالِفِ مثل فعلهم في الجاهلية فيساووهم، ولم يكره أن يُحَالِفَه ما دام أُحُدٌ مكانه إذ لم يوافق ذلك فعل الجاهلية. وقال ابن عبّاد: أصْلَفَ القوم: وقعوا في الصَّلْفاءِ. وقال ابن الأعرابي: المُصْلِفُ: الذي لا تحظى عنده امرأة، قال مدرك:
غدت ناقتي من عند سعد كأنهمُطَلَّقَةٌ كانت حَلِيْلَةَ مُصْلِفِ     

قال: وأصْلَفَ: إذا قلَّ خيره. وأصْلَفَ: إذا ثَقُلَتْ روحه. وقال ابن عبّاد: أصْلَفْتُ الرجل: إذا أبغضته. وقال الشيباني: يُقال للمرأة: أصْلَفَ الله رُفْغَكِ: أي بَغَّضَكِ إلى زوجك. وتَصَلَّفَ: تَفَعَّلَ؛ من الصَّلَف. وتَصَلَّفَ البعير: إذا ملَّ من الخُلَّةِ ومال إلى الحمض. والتَّصَلُّفُ: التَّمَلُّقُ. والتركيب يدل على شدةٍ وكَزَازَةٍ.

كأس (لسان العرب) [0]


ابن السكيت: هي الكَأْس والفَأْس والرَّأْس مَهْموزات، وهو رابطُ الجَأْش.
والكأْس مؤنثة، قال اللَّه تعالى: بكأْسِ من مَعينٍ بَيْضاء؛ وأَنشد الأَصمعي لأُمية بن أَبي الصلت: ما رَغْبَةُ النفسِ في الحياة، وإِن تَحْيا قليلاً، فالموتُ لاحِقُها يُوشك مَن فَرّ مِنْ مَنِيَّته، في بعضِ غِرّاته يُوافِقُها مَن لم يَمُتْ عَبْطَةً يمت هَرَمًا، للموت كأْس، والمرءُ ذائقُها قال ابن بري: عَبْطَة أَي شابّاً في طَراءته وانتصب على المصدر أَي مَوْت عَبْطَة وموت هَرَم فحذف المضاف، قال: وإِن شئت نصبتهما على الحال أَي ذا عَبْطَة وذا هَرَم فحذف المضاف أَيضاً وأَقام المضاف إِليه مُقامَه.
والكأْس: الزُّجاجة ما دام فيها شراب.
وقال أَبو حاتم: الكأْسُ الشراب . . . أكمل المادة بعَيْنه وهو قول الأَصمعي، وكذلك كان الأَصمعي ينكر رواية من روى بيت أُمَيَّة للمَوْتِ كأْس، وكان يَرْويه: المَوْت كأْس، ويقطع أَلف الوصل لأَنها في أَول النصف الثاني من البيت، وذلك جائز؛ وكان أَبو علي الفارسي يقول: هذا الذي أَنكره الأَصمعي غير منكر، واستشهد على إِضافة الكأْس إِلى الموت ببيت مُهَلْهِل، وهو: ما أُرَجِّي بالعَيْش بعد نَدامى، قد أَراهُمْ سُقُوا بكأْس حَلاقِ وحَلاقِ: اسم للمنِيَّة وقد أَضاف الكأْس إِليهما؛ ومثلُ هذا البيت الذي استشهد به أَبو عليّ. قول الجعدي: فهاجَها، بعدما رِيعَتْ، أَخُو قَنَصٍ، عارِي الأَشاجِعِ من نَبْهان أَو ثُعَلا بأَكْلُبٍ كقِداحِ النَّبْعِ يُوسِدُها طِمْلٌ، أَخُو قَفْرَة غَرْثان قد نَحَلا فلم تَدَعْ واحداً منهنَّ ذا رَمَقٍ، حتى سَقَتْه بكأْسِ الموت فانْجَدَلا يصف صائداً أَرسل كلابه على بقرةِ وَحْشٍ؛ ومثله للخنساء: ويُسْقِي حين تَشْتَجِرُ العَوالي بكأْس الموت، ساعةَ مُصْطَلاها وقال جرير في مثل ذلك: أَلا رُبَّ جَبَّار، عليه مَهابَةٌ، سَقَيْناه كأْس الموت حتى تَضَلَّعَا ومثله لأَبي دُواد الإِيادِي: تعْتادُه زفَرَاتٌ حين يذكُرُها، سَقَيْنَه بكُؤُوس الموت أَفْوَاقَا ابن سيده: الكأْس الخمر نفسها اسم لها.
وفي التنزيل العزيز: يُطاف عليهم بكأْس من مَعين بيضاءَ لذةٍ للشاربين؛ وأَنشد أَبو حنيفة للأَعشى: وكأْسٍ كعَينِ الدِّيكِ باكَرْتُ نَحْوَها بفِتْيانِ صِدْقٍ، والنَّواقِيسُ تُضْرَبُ وأَنشد أَبو حنيفة أَيضاً لعلقمة: كأْسٌ عزيزٌ من الأَعْناب عَتَّقَها، لبعضِ أَربابها، حَانِيَّةٌ حُومُ قال ابن سيده: كذا أَنشده أَبو حنيفة، كأْسٌ عزيزٌ، يعني أَنها خمر تَعِزٌّ فَيُنْفَسُ بها إِلا على المُلُوك والأَرباب؛ وكأْسٌ عزيزٌ، على الصفة، والمتعارَف: كأْسُ عزيزٍ، بالإِضافة؛ وكذلك أَنَشده سيبويه، أَي كأْسُ مالِكٍ عَزيزٍ أَو مستحِقٍّ عزيزٍ.
والكأْس أَيضاً: الإِناء إِذا كان فيه خَمْرٌ، قال بعضهم: هي الزُّجاجة ما دام فيها خمر، فإِذا لم يكن فيها خمر، فهي قدح، كل هذا مؤنث. قال ابن الأَعرابي: لا تسمَّى الكأْس كأْساً إِلا وفيها الشَّراب، وقيل: هو اسم لها على الانفراد والاجتماع، وقد ورد ذكر الكأْس في الحديث، واللفظة مهموزة وقد يترك الهمز تخفيفاً، والجمع من كل ذلك أَكْؤُسٌ وكُؤُوسٌ وكِئاسٌ؛ قال الأَخطل: خَضِلُ الكِئاسِ، إَِذا تَثَنَّى لم تكنْ خُلْفاً مَواعِدُه كَبَرْقِ الخُلَّبِ وحكى أَبو حنيفة: كِياس، بغير همز، فإِن صح ذلك، فهو على البَدَل، قلَبَ الهمزة في كأْس أَلفاً في نية الواو فقال كاسٌ كنارٍ، ثم جمع كاساً على كِياسٍ، والأَصل كِواس، فقلبت الواو ياء للكسرة التي قبلها؛ وتَقَعُ الكأْس لكل إِناءٍ مع شرابه، ويستعار الكأْس في جميع ضُرُوب المكاره، كقولهم: سقاه كأْساً من الذلِّ، وكأْساَ من الحُبِّ والفُرْقة والموت، قال أُمَيَّة بن أَبي الصَّلْت، وقيل هو لبعض الحرورية: مَن لم يَمُت عَبْطَةً يَمُت هَرَماً، المَوْتُ كأْس، والمرءُ ذائقُه (* روي هذا البيت في الصفحة ؟؟ : والمرء ذائقها: ويظهر أَنه أَرجع هنا الضمير إلى الموت لا إلى الكأس.) قطَع أَلف الوصل وهذا يفعل في الأَنْصاف كثيراً لأَنه موضع ابتداء؛ أَنشد سيبويه: ولا يُبادِرُ في الشِّتاء وَلِيدُنا، أَلْقِدْرَ يُنزِلها بغيرِ جِعَال ابن بُزُرج: كاصَ فلان من الطعام والشراب إِذا أَكثر منه.
وتقول: وجَدْت فلاناً كأْصاً بِزِنَةٍ كَعْصاً أَي صبوراً باقياً على شُربه وأَكله. قال الأَزهري: وأَحْسب الكأْس مأْخوذاً منه لأَن الصاد والسين يَتَعاقبان في حروف كثيرة لقرب مَخْرَجَيْهما.

خذم (لسان العرب) [0]


الخَذَمُ، بالتحريك: سرعة السير، وظَلِيْمٌ خَذُومٌ؛ قال الشاعر يصف ظَليماً: مِزْعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ حَذُومُ وقد خَذِمَ الفرسُ خَذَماً فهو خَذِمٌ، وفرس خَذِمٌ: سريع، نعت له لازم، لا يشتق منه فِعْلٌ.
وقد خَذَمَ يَخْذِمُ خَذَماناً، وبه سُمِّي السيفُ مِخْذَماً.
والخَذْمُ: سرعة القطع. خَذَمَةُ يَخْذِمُه خَذْماً أَي قطعه.
وفي حديث عمر: إِذا أَذَّنْتَ فاستَرْسِلْ، وإِذا أَقمت فاخْذِمْ؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الزمخشري وقال: هو اختيار أَبي عبيد ومعناه التَّرْتيلُ كأَنه يقطع الكلام بعضه من بعض، قال: وغيره يرويه بالحاء المهملة؛ ومنه الحديث: أُتيَ عَبد الحَميد وهو أَمير على العراق بثلاثة نَفَرٍ قد قطعوا الطريق وخَذَمُوا بالسُّيوف أَي قطعوا وضربوا الناس بها في . . . أكمل المادة الطريق.
وفي حديث عبد الملك ابن عُمَيْرٍ، بمَواسيَ خَذِمَةٍ أَي قاطعة.
وفي حديث جابر: فضربا حتى جعلا يَتَخَذَّمانِ الشجرةَ أَي يقطعانها.
والتَّخْذيمُ: التقطيع؛ ومنه قول ابن مقبل: تَخَذَّمَ منأَطرافِه ما تَخَذَّما وقال حميد الأَرْقَطُ: وخَذَّمَ السَّريحَ من أَنْقابِهِ وثَوْبٌ خَذِمٌ وخَذاويمُ (* قوله «وخذاويم» هكذا في الأصل، وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو خذاريم بالراء، ولكن الذي في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس) بمنزلة رَعابِيل، وخَذَّمه فتَخَذَّمَ، وتَخَذَّمَهُ هو أَيضاً؛ قال عَدِيّ بن الرِّقاع: عامِيَّة جَرَّتِ الرِّيحُ الذُّيولَ بها، فقد تَخَذَّمها الهِجْرانُ والقِدَمُ وخَذِمَ الشيءُ: انقطع؛ قال في صفة دَلْوٍ: أَخَذِمَتْ أَم وَذِمَتْ أَمْ ما لَها؟ أَم صادَفَتْ في قَعْرِها حِبالَها؟ والمِخْذَمُ: السيق القاطع.
وسيف خَذِمٌ وخَذُومٌ ومِخْذَمٌ: قاطع.
ومِخْذَمٌ ورَسُوبٌ: اسمان لسَيْفَي الحرثِ بن أَبي شَمِرٍ، وعليه قول عَلْقَمَةَ: مظاهِرُ سِرْبالَيْ حَديدٍ، عليهما عَقِيلا سُيوفٍ: مِخْذَمٌ ورَسُوبُ والخُذُم: الآذانُ المقطَّعة.
وفي الحديث: كأَنكم بالتُّرْكِ وقد جاءتكم على بَراذِين مُخَذَّمةِ الآذان أَي مُقَطَّعَتِها.
وأُذن خَذيمةٌ: مقطوعة؛ قال الكَلْحَبة: كأَن مَسِيحَتَيْ وَرِقٍ عليها، نَمَتْ قُرْطَيْهِما أُذُنٌ خَذِيمُ قال ثعلب: شَبَّهَ صَفاءَ جلدها بفضة جعلت في الأُذن.
ويقال: خَذِمَت النعلُ خَذَماً إِذا انقطع شِسْعُها. قال أَبو عمرو: وأَخْذَمْتُها إِذا أَصلحت شِسْعَها.
والخُذامَةُ: القطعة.
والخَذْماءُ من الشاء: التي شُقَّتْ أُذنها عرضاً ولم تَبِنْ. التهذيب: الخَذْمةُ من سِمات الشاء شقُّه من عَرْض الأُذن فتترك الأُذن نائسةً.
ونعجة خَذْماءُ: قُطِعَ طَرَفُ أُذنها.
والخَذْمةُ: سِمات الإِبل مُذْ كان الإسلام.
وخَذَمه الصَّقْرُ (* قوله «وخذمه الصقر إلخ» هكذا بضبط الأصل والمحكم): ضربَه بمِخْلَبه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وبه فسر قوله: صائب الخَذمة من غير فَشَلْ قال: ويروى الجَذْمة، يعني بكل ذلك الخَطْفة والضَّرْبَة. ابن السكيت: الإِخْذامُ الإِقرار بالذُّلِّ والسكون؛ وأَنشد لرجل من بني أَسد في أَولياء دَمٍ رضوا بالدِّيَةِ فقال: شَرى الكِرْشُ عن طول النَّجِيِّ أَخاهُمُ بمالٍ، كأَن لم يَسْمعوا شِعْرَ حَذْلَمِ شَرَوْهُ بِحُمْرٍ كالرِّضام، وأَخْذموا على العار، مَنْ لم يُنْكِرِ العارَ يُخْذِمِ أَي باعوا أَخاهم بإِبل حمر وقبلوا الدية ولم يطلبوا بدمه.
والخُذُمُ: السَّكارى.
والخَذيمةُ: المرأَة السَّكْرى، والرجل خَذيم. قال الأَزهري: وقرأْت شمر سكت الرجل وأَطِمَ وأَرْطَمَ وأَخْذَم واخْرَنْبَقَ بمعنى واحد.
ورجل خَذِمٌ: سَمْحٌ طَيْبُ النفس كثير العطاء، والجمع خَذِمون، ولا يُكَسَّر.
ورجل خَذِمُ العطاء أَي سمح.
وخِذامٌ: بطن من مُحارب؛ أَنشد ابن الأعرابي: خِذامِيَّة آدتْ لها عَجْوَةُ القُرى، وتأْكل بالمَأْقوط حَيْساً مُجَعَّدا أَراد عجوة وادي القُرى. المُجَعَّدُ: الغليظُ، رماها بالقبيح.
وخِذامُ: اسم فرس حاتم بن حَيَّاش؛ قال: أَقْدِمْ خِذامُ إِنها الأَساوِرهْ، ولا تَهُولَنَّكَ ساقٌ نادِرَهْ وابن خِذامٍ: رجل جاهلي من الشعراء في قول امرئ القيس: عُوجا على الطَّلَلِ المُحيلِ لأَنَّنا نَبْكي الديار، كما بَكى ابنُ خِذامِ قال ابن خالويه: خِذامٌ منقول من الخِذامِ، وهو الحمار الوحشي، قال: ويقال للحَمام ابن خِذام وابن شَنَّة (* قوله «وابن شنة» هكذا بالأصل مضبوط)، ولأَننا ههنا بمعنى لَعَلَّنا؛ قال: ومثله قول الآخر: أَريني جَواداً مات هَزْلاً، لأَنَّني أَرى ما تَرَيْنَ، أَو بخيلاً مُكَرَّما وفي التنزيل العزيز قوله عز وجل: وما يُشْعِركم أَنها إِذا جاءتْ لا يؤمنون.

صوت (لسان العرب) [0]


الصَّوتُ: الجَرْسُ، معروف، مذكر؛ فأَما قول رُوَيْشِدِ بن كَثيرٍ الطائي: يا أَيُّها الراكبُ المُزْجِي مَطِيَّتَه، سائلْ بَني أَسَدٍ: ما هذه الصَّوْتُ؟ فإِنَّما أَنثه، لأَنه أَراد به الضَّوضاءَ والجَلَبة، على معنى الصَّيْحةِ، أَو الاستغاثة؛ قال ابن سيده: وهذا قبيح من الضرورة، أَعني تأْنيث المذكر، لأَنه خروجٌ عن أَصلٍ إِلى فَرْعٍ، وإِنما المُسْتَجاز من ذلك رَدُّ التأْنيث إِلى التذكير، لأَن التذكير هو الأَصْلُ، بدلالة أَن الشيء مذكر، وهو يقع على المذكر والمؤنث، فعُلم بهذا عُمومُ التذكير، وأَنه هو الأَصل الذي لا يُنْكَر؛ ونظير هذا في الشذوذ قوله، وهو من أَبيات الكتاب:إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا، كفَى الأَيتامَ فَقْدُ أَبي اليَتيم . . . أكمل المادة قال: وهذا أَسهل من تأْنيثِ الصوتِ، لأَن بعضَ السنين: سنة، وهي مؤَنثة، وهي من لفظ السنين، وليس الصوتُ بعضَ الاستغاثة، ولا مِن لفظها، والجمعُ أَصْواتٌ.
وقد صاتَ يَصُوتَ ويَصاتُ صَوتاً، وأَصاتَ، وصَوَّتَ به: كلُّه نادَى.
ويقال: صَوَّتَ يُصَوِّتُ تصْويتاً، فهو مُصَوِّتٌ، وذلك إِذا صَوَّت بإِنسانٍ فدعاه.
ويقال: صاتَ يَصُوتُ صَوتاً، فهو صائت، معناه صائح. ابن السكين: الصوتُ صوتُ الإِنسان وغيره.
والصائتُ: الصائح. ابن بُزُرْجَ: أَصاتَ الرجلُ بالرجل إِذا شَهَّره بأَمر لا يَشْتَهيه.
وانْصاتَ الزمانُ به انْصِياتاً إِذا اشْتَهر.
وفي الحديث: فَصْلُ ما بين الحلال والحرام الصَّوتُ والدُّفُّ؛ يريد إِعلانَ النكاح.
وذَهابَ الصَّوتِ، والذِّكرَ به في الناس؛ يقال: له صَوتٌ وصِيتٌ أَي ذِكْرٌ.والدُّفُّ: الذي يُطََّبَلُ به، ويُفتح ويضم.
وفي الحديث: أَنهم كانوا يكرهون الصَّوتَ عند القتال؛ هو أَن يُناديَ بعضُهم بعضاً، أَو يفعل أَحدُهم فِعْلاً له أَثر، فيَصِيحَ ويُعَرِّفَ بنفسه على طريق الفَخْر والعُجْب.
وفي الحديث: كان العباس رجلاً صَيِّتاً أَي شديدَ الصوت، عاليه؛ يقال: هو طيِّتٌ وصائِتٌ، كمَيِّتٍ ومائِتٍ، وأَصله الواو، وبناؤُه فَيْعِلٌ، فقلب وأُدغم؛ ورجل صَيِّتٌّ وصاتٌ؛ وحمارٌ صاتٌ: شديدُ الصَّوتِ. قال ابن سيده: يجوز أَن يكون صاتٌ فاعلاً ذَهَبَتْ عينه، وأَن يكون فَعِلاً مكسور العين؛ قال النَّظَّارُ الفَقْعَسِيّ: كأَنَّني فوقَ أَقَبّ سَهْوَقٍ جَأْبٍ، إِذا عَشَّرَ، صاتِ الإِرْنانْ قال الجوهري: وهذا مَثَلٌ، كقولهم رجلٌ مالٌ: كثيرُ المال، ورجلٌ نالٌ: كثير النَّوال، وكبشٌ صافٌ، ويوم طانٌ، وبئر ماهةٌ، ورجل هاعٌ لاعٌ، ورجل خَافٌ، قال: وأَصل هذه الأَوصافِ كلِّها فَعِل، بكسر العين.
والعرب تقول: أَسمعُ صَوتاً وأَرى فَوتاً أَي أَسْمَعُ صَوتاً ولا أَرى فِعلاً.
ومثله إِذا كنتَ تَسمعُ بالشيء ثم لا تَرى تَحْقِيقاً؛ يقال: ذِكْرٌ ولا حِساسَ، ينصب على التبرئة، ومنهم من يقول: لا حِساسٌ، ومنهم من يقول: لا حِساسٍ، ومنهم من يقول: ذِكْرٌ ولا حَسِيسَ، فينصب بغير نون، ويرفع بنون.
ومن أَمثالهم في هذا المعنى: لا خيرَ في رَزَمَة لا دِرَّة معها أَي لا خير في قول ولا فِعْلَ معه.
وكلُّ ضَرْبٍ من الغِناء صوتٌ، والجمع الأَصْوات.
وقوله عز وجل: واسْتَفْزِزْ من اسْتَطَعْتَ منهم بصَوتِك؛ قيل: بأَصوات الغِناء والمَزامير.
وأَصاتَ القَوسَ: جَعَلَها تُصَوِّتُ.
والصِّيتُ: الذِّكْرُ؛ يقال: ذَهَب صِيتُه في الناس أَي ذِكْرُه.
والصِّيتُ والصَّاتُ: الذِّكْرُ الحَسَنُ. الجوهري: الصِّيتُ الذِّكْر الجميلُ الذي يَنْتَشِرُ في الناس، دون القبيح. يقال: ذهب صِيتُه في الناس، وأَصله من الواو، وإِنما انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، كما قالوا: رِيحٌ من الرُّوحِ، كأَنهم بَنَوه على فِعْلٍ، بكسر الفاء، للفرق بين الصَّوتِ المسموع، وبين الذِّكْر المعلوم، وربما قالوا: انْتَشَرَ صَوتُه في الناس، بمعنى الصِّيتِ. قال ابن سيده: والصَّوْتُ لغةٌ في الصِّيتِ.
وفي الحديث: ما من عبدٍ إِلاّ له صِيتٌ في السماء أَي ذِكْرٌ وشُهْرة وعِرفان؛ قال: ويكون في الخير والشر.
والصِّيتَةُ، بالهاء: مثلُ الصِّيتِ؛ قال لبيد: وكم مُشْتَرٍ من مالهِ حُسنَ صِيتةٍ لآبائِهِ، في كلِّ مَبْدًى ومَحْضَرِ وانْصاتَ للأَمْر إِذا اسْتَقَامَ.
وقولُهم: دُعيَ فانْصاتَ أَي أَجابَ وأَقْبل، وهو انْفَعلَ مِن الصَّوْت.
والمُنْصاتُ: القَويم القامة.
وقد انْصاتَ الرجلُ إِذا اسْتَوَتْ قامَتُهُ بعد انْحنَاءٍ، كأَنه اقْتَبَل شَبابُهُ؛ قال سلمة بن الخُرْشُبِ الأَنْبارِيُّ: ونَصْرُ بنُ دَهْمانَ الهُنَيْدةَ عاشَها وتِسْعِينَ حَوْلاً، ثُمَّ قُوِّمَ فانْصاتَا وعادَ سوادُ الرأْسِ بعد ابْيضاضِه، وراجَعهُ شَرْخُ الشَّبابِ الذي فاتَا وراجَعَ أَيْداً، بعد ضَعفٍ وقُوَّةٍ، ولكنه، من بعدِ ذا كلِه، ماتَا

دأدأ (لسان العرب) [0]


الدِّئْداءُ: أَشدُّ عَدْوِ البعيرِ. دَأْدَأَ دَأْدأَةً ودِئْداءً، مـمدود: عَدا أَشَدَّ العَدْو، ودَأْدَأْت دَأْدَأَةً. قال أَبو دُواد يَزِيد بن معاويةَ بن عَمرو بن قَيس بن عُبيد بن رُؤَاس بن كِلاب بن ربِيعةَ بن عامر بن صَعْصَعَة الرُّؤاسي، وقيل في كُنيته أَبو دُوادٍ: واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَرْكُضُه * أُمُّ الفَوارِسِ، بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ وكان أَبو عُمر الزَّاهِدُ يقول في الرُّؤَاسي أَحدِ القُرّاء والمُحدِّثين إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء والواو من غير همز، منسوب إِلى رَواسٍ قبيلة من بني سليم، وكان ينكر أَن يقال الرؤاسِي بالهمز، كما يقوله الـمُحدِّثُون وغيرهم.
وبَيْتُ أَبي دُواد هذا المتقدم يُضْرب مثلاً في شِدَّة الأَمر. يقول: رَكِبَتْ . . . أكمل المادة هذه المرأَةُ التي لها بَنُونَ فوارِسُ بَعِيراً صَعْباً عُرْياً من شِدَّة الجَدْبِ، وكان البَعِيرُ لا خِطام له، وإِذا كانت أُمّ الفَوارِس قد بَلَغَ بها هذا الجَهدُ فكيف غَيرُها؟ والفَوارِسُ في البيت: الشُّجْعان. يقال رجل فارِسٌ، أَي شُجاعٌ؛ والعُلُطُ: الذي لا خِطامَ عليه، ويقال: بَعِيرٌ عُلُطٌ مُلُطٌ: إِذا لم يكن عليه وَسْمٌ؛ والدِّئداءُ والرَّبَعةُ: شِدّة العَدْوِ، قيل: هو أَشَدُّ عَدْو البَعِير.وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: وَبْرٌ تَدَأْدَأَ من قَدُومِ ضَأْنٍ أَي أَقْبَلَ علينا مُسْرِعاً، وهو من الدِّئداء أَشدِّ عَدْوِ البعير؛ وقد دَأْدَأَ وتَدَأْدَأَ ويجوز أَن يكون تَدَهْدَه، فقُلِبَت الهاءُ همزة، أَي تَدَحْرَجَ وسقط علينا؛ وفي حديث أُحُدٍ: فَتَدَأْدَأَ عن فرسه.
ودَأْدَأَ الهِلالُ إِذا أَسْرَعَ السَّيْرَ؛ قال: وذلك أَن يكون في آخر مَنْزِل من منازِل القمر، فيكون في هُبُوطٍ فَيُدَأْدِئُ فيها دِئْداءً.
ودَأْدأَتِ الدابةُ: عَدَتْ عَدْواً فوق العَنَقِ. أَبو عمرو: الدَّأْداءُ: النَّخُّ من السير، وهو السَّرِيع، والدَّأْدأَة: السُّرْعة والإِحْضارُ. وفي النوادر: دَوْدَأَ فلان دَوْدأَةً وتَوْدَأَ تَوْدَأَةً وكَوْدَأَ كَوْدَأَةً إِذا عَدا.
والدَّأْدأَةُ والدِّئداءُ في سير الابل: قَرْمَطةٌ فوق الحَفْد.
ودَأْدَأَ في أَثَرِه: تَبِعَه مُقْتَفِياً له؛ ودَأْدأَ منه وتَدَأْدَأَ: أَحْضَر نَجاءً منه، فتَبِعَه وهو بين يديه.
والدَّأْداءُ والدُّؤْدُؤُ والدُّؤْداءُ(1) (1 قوله «والدؤداء» كذا ضبط في هامش نسخة من النهاية يوثق بضبطها معزوّاً للقاموس ووقع فيه وفي شرحه المطبوعين الدؤدؤ كهدهد والثابت فيه على كلا الضبطين ثلاث لغات لا أربع.) والدِّئداءُ: آخر أَيام الشهر. قال: نحنُ أَجَزْنا كُلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ، * في الحَجِّ، مِنْ قَبْلِ دَآدِي الـمُؤْتَمِرْ أَراد دَآدئَ الـمُؤْتَمِر، فأَبدل الهمزة ياءً ثم حذفها لالتقاء الساكنين. قال الأَعشى: تَدَارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ، بَعْدَما * مَضَى، غير دَأْداءٍ، وقد كادَ يَعْطَبُ قال الأَزهري: أَراد أَنه تَدارَكَه في آخر ليلة من ليالِي رجبٍ، وقيل الدَأْداءُ والدِّئداءُ: ليلة خمسٍ وسِتٍّ وسبعٍ وعشرين.
وقال ثعلب: العرب تسمي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين الدَّآدِئَ، والواحدة دَأْداءة؛ وفي الصحاحِ: الدآدِئُ: ثلاثُ ليالٍ من آخر الشهر قبلَ ليالي المِحاق، والمِحاقُ آخِرُها؛ وقيل: هِيَ هِيَ؛ أَبو الهيثم: الليالي الثلاثُ التي بَعْدَ المِحاقِ سُمِّينَ دَآدِئَ لأَن القمر فيهايُدَأْدِئُ إِلى الغُيوب أَي يُسْرِعُ، من دَأْدَأَةِ البعير؛ وقال الأَصمعي: في ليالي الشهر ثلاثٌ مِحاقٌ وثلاثٌ دَآدِئُ؛ قال: والدَّآدِئُ: الأَواخر، وأَنشد: أَبْدَى لنا غُرَّةَ وَجْهٍ بادي، * كَزُهْرَةِ النُّجُومِ في الدَّآدِي وفي الحديث: أَنه نَهَى عن صَوْمِ الدَّأْداءِ، قيل: هو آخِرُ الشهر؛ وقيل: يومُ الشَّكِّ.
وفي الحديث: ليس عُفْرُ الليالِي كالدَّآدِئِ؛ العُفْرُ: البِيضُ الـمُقْمِرةُ، والدَّآدِئُ: الـمُظْلِمةُ لاِختفاءِ القمر فيها.
والدَّأْداءُ: اليومُ الذي يُشَكُّ فيه أَمِنَ الشَّهْرِ هو أَمْ مِنَ الآخَرِ؛ وفي التهذيب عن أَبي بكر: الدَّأْداءُ التي يُشَكُّ فيها أَمِن آخِر الشهرِ الماضي هي أَمْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهرِ الـمُقْبِل، وأَنشد بيت الأَعشى: مَضَى غيرَ دَأْدَاءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ وليلةٌ دأْداءُ ودَأْدَاءة: شديدةُ الظُّلْمة.
وتَدَأْدَأَ القومُ: تزاحَمُوا، وكلُّ ما تَدَحْرَج بين يَدَيْك فذَهَب فقد تَدَأْدأَ.
ودأْدأَةُ الحَجر: صَوْتُ وَقْعه على الـمَسِيلِ. الليث: الدَّأْداءُ: صَوْتُ وَقعِ الحِجارة في الـمَسِيل. الفرّاء، يقال: سمعت له دَودأَةً أَي جَلَبةً، وإِني لأَسْمَع له دَوْدَأَةً مُنْذ اليومِ أَي جَلَبةً.
ورأَيت في حاشية بعض نسخ الصحاح ودَأْدَأَ: غَطَّى. قال: وقد دَأْدَأْتُمُ ذاتَ الوُسومِ وتَدَأْدَأَتِ الإِبِلُ، مثل أَدَّتْ، إِذا رَجَّعَت الحنِينَ في أَجْوافِها.
وتَدَأْدَأَ حِمْلُه: مالَ.
وتَدَأْدَأَ الرَّجل في مَشْيِه: تَمَايَلَ، وتَدأْدأَ عن الشيءِ: مال فَتَرَجَّحَ به.
ودَأْدَأَ الشيءَ: حَرَّكه وسَكَّنَه.
والدَّأْداءُ: عَجلة(1) (1 قوله «والدأداء عجلة» كذا في النسخ وفي نسخة التهذيب أيضاً والذي في شرح القاموس والدأدأة عجلة إلخ.) جَواب الأَحْمق.
والدَّأْدأَةُ: صوت تَحريكِ الصبي في الـمَهْد.
والدَّأْداءُ: ما اتَّسَع من التِّلاع.
والدَّأْداء: الفَضاء، عن أَبي مالك.

خصب (لسان العرب) [0]


الخِصْبُ: نَقِيضُ الجَدْبِ، وهو كَثرةُ العُشْبِ، ورفَاغةُ العَيْشِ؛ قال الليث: والإِخصابُ والاختِصابُ من ذلك. قال أَبو حنيفة: والكَمْأَةُ من الخِصْب، والجَرادُ من الخِصْبِ، وإِنما يُعَدُّ خِصْباً إِذا وقع إِليهم، وقد جَفَّ العُشْبُ، وأَمِنُوا مَعَرَّتَه.
وقد خَصَبَتِ الأَرضُ، وخَصِبَتْ خِصْباً، فهي خَصِبةٌ، وأَخْصَبَتْ إِخصاباً؛ وقولُ الشاعر أَنشده سيبويه: لقد خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا، * في عامِنا ذا، بَعْدَما أَخْصَبَّا فرواه هنا بفتح الهمزة؛ هو كأَكْرَمَ وأَحسَنَ إِلاَّ أَنه قد يُلْحَقُ في الوَقْفِ الحَرْفُ حَرْفاً آخر مثلَه، فيشدَّد حِرْصاً على البيانِ، لِيُعْلَم أَنه في الوَصْل مُتَحَرِّك، من حيث كان الساكِنانِ لا يَلْتَقِيانِ في الوَصْل، فكان سبيلُه إِذا أَطْلَق الباء، . . . أكمل المادة أَن لا يُثَقِّلَها، ولكنه لما كان الوقفُ في غالِب الأَمر إِنما هو عى الباءِ، لم يَحْفِل بالأَلف، التي زِيدَتْ عليها، إِذ كانت غيرَ لازمةٍ فثَقَّل الحَرْفَ، على من قال: هذا خالدّْ، وفَرَجّْ، ويجْعَلّْ، فلما لم يكن الضم لازماً، لأَن النصب والجرّ يُزِيلانِه، لم يُبالوا به. قال ابن جني: وحدثنا أَبو علي أَن أَبا الحسن رواه أَيضاً: بعدما إِخْصَبَّا، بكسر الهمزة، وقطَعها ضرورةً، وأَجراه مُجْرَى اخْضَرَّ، وازْرَقَّ وغيرِه منَ افْعَلَّ، وهذا لا يُنْكَر، وإِن كانت افْعَلَّ للأَلوانِ، أَلا تراهم قد قالوا: اصْوابَّ، وامْلاسَّ، وارْعَوَى، واقْتَوَى؟ وأَنشدَنا لِيَزيد بن الحَكَمِ: تَبَدَّلْ خَلِيلاً بي، كَشَكْلِكَ شَكْلُهُ، * فَإِني، خَلِيلاً صالحاً، بكَ، مُقْتَوِي فمِثالُ مُقْتَوِي مُفْعَلٌّ، مِنَ القَتْوِ، وهو الخِدْمةُ، وليس مُقْتَوٍ بمُفْتَعِلٍ، مِن القُوَّةِ، ولا مِن القَواءِ والقِيِّ؛ ومنه قول عَمْرو بن كُلْثُوم: متى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا؟ ورواه أَبو زيد أَيضاً: مَقْتَوَيْنا، بفتح الواو.
ومكانٌ مُخصِبٌ وخَصيبٌ، وأَرض خِصْبٌ، وأَرَضُون خِصْبٌ، والجمعُ كالواحد، وقد قالوا أَرَضُون خِصْبةٌ، بالكسر، وخَصْبةٌ، بالفتح: فَإِما أَن يكون خَصْبةٌ مصدراً وُصِفَ به، وإِما أَن يكون مخففاً من خَصِبةٍ.
وقد قالوا أَخصابٌ، عن ابن الأَعرابي، يقال: بَلَدٌ خِصْبٌ وبَلَدٌ أَخْصابٌ، كما قالوا: بَلدٌ سَبْسَبٌ، وبلدٌ سَباسِبٌ، ورُمْح أَقصادٌ، وثوب أَسْمالٌ وأَخْلاقٌ، وبُرْمةٌ أَعْشارٌ، فيكون الواحد يُراد به الجمعُ، كأَنـَّهم جعلوه أَجْزاء.
وقال أَبو حنيفة: أَخْصَبَتِ الأَرضُ خِصْباً وإِخصاباً، قال: وهذا ليس بِشيءٍ لأَنّ خِصْباً فعْلٌ، وأَخْصَبَتْ أَفْعَلَتْ؛ وفِعلٌ لا يكون مصدراً لأَفْعَلَتْ.
وحكى أَبو حنيفة: أَرض خَصِيبةٌ وخَصِبٌ، وقد أَخْصَبَتْ وخَصِبَتْ، قال أَبو حنيفة: الأَخيرة عن أَبي عبيدة، وعيشٌ خَصِبٌ مُخصِبٌ، وأَخْصَبَ القومُ: نالوا الخِصْبَ، وصاروا إِليه، وأَخْصَب جَنابُ القوم، وهو ما حولهم.
وفلان خَصِيبُ الجنابِ أَي خَصِيبُ الناحِيةِ.
والرجلُ إِذا كان كَثِيرَ خَيرِ المنزِلِ يقال: إِنه خَصِيبُ الرَّحْل.
وأَرضٌ مِخْصابٌ: لا تكاد تُجْدِبُ، كما قالوا في ضدّها: مِجْدابٌ.
ورجل خَصِيبٌ: بَيِّنُ الخِصْبِ، رَحْبُ الجَنابِ، كَثيرُ الخَير.
ومَكانٌ خَصِيبٌ: مِثْلُه؛ وقال لبيد: هَبَطَا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضامُها والـمُخْصِبةُ: الأَرضُ الـمُكْلِئَةُ، والقومُ أَيضاً مُخْصِبُون إِذا كثر طَعامُهم ولَبَنُهُم، وأَمْرَعَتْ بِلادُهم. وأَخْصَبتِ الشاءُ إِذا أَصابَتْ خِصْباً.
وأَخْصَبَتِ العِضاهُ إِذا جَرَى الماءُ في عِيدانِها حتى يَصِلَ بالعُرُوقِ. التهذيب، الليث: إِذا جَرَى الماءُ في عُود العِضاهِ، حتى يَصِلَ بالعُروق، قيل: قد أَخْصَبَتْ، وهو الإِخْصابُ. قال الأَزهري: هذا تصحيف مُنكر، وصوابه الإِخْضابُ، بالضاد المعجمة، يقال: خَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ. الليث: الخَصْبةُ، بالفتح، الطَّلْعة، في لغة، وقيل: هي النَّخْلة الكثِيرة الحَمْلِ في لغة، وقيل: هي نَخْلة الدَّقَلِ، نَجْدِيَّةٌ، والجمع خَصْبٌ وخِصابٌ؛ قال الأَعشى: وكلِّ كُمَيْتٍ، كَجذْعِ الخِصا * ب، يُرْدي على سَلِطاتٍ لُثُمْ وقال بشر بن أَبي خازم: كأَنَّ، عَلى أَنْسائِها، عِذْقَ خَصْبةٍ * تَدَلَّى، من الكافُورِ، غيرَ مُكَمَّمِ أَي غير مَسْتُور. قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسير الخَصْبةِ.
والخِصابُ، عند أَهْلِ البَحْرَينِ: الدَّقَلُ، الواحدةُ خَصْبةٌ.
والعرب تَقُول: الغَداء لا يُنْفَجُ إِلا بالخِصابِ، لكثرة حَمْلِها، إِلا أَنَّ تَمْرها رَديءٌ، وما قال أَحدٌ إِنَّ الطَّلْعةَ يقال لها الخَصْبة، ومن قاله فقد أَخْطأَ.
وفي حديث وَفْدِ عبدِالقَيسِ: فأَقْبَلْنا مِن وِفادَتِنا، وإِنما كانت عندَنا خَصْبةٌ، نَعْلِفُها إِبِلَنا وحمِيرَنا. الخَصْبةُ: الدَّقَلُ، وجمعها خِصابٌ، وقيل: هي النخلة الكثيرة الحَمْل.
والخُصْبُ: الجانِبُ، عن كراع، والجمع أَخْصابٌ.
والخِصْبُ: حَيَّةٌ بيضاء تكون في الجَبَلِ. قال الأَزهري: وهذا تصحيف، وصوابه الحِضْبُ، بالحاءِ والضاد، قال: وهذه الحروف وما شاكلها، أُراها منقولة من صُحُفٍ سَقيمة إِلى كتابِ الليث، وزِيدَت فيه، ومَن نَقَلَها لم يَعْرف العربية، فصَحَّفَ وغيَّر فأَكْثر.
والخَصِيبُ: لَقَبُ رَجُل من العرب.

عسس (العباب الزاخر) [0]


عَسَّ يَعُسُّ -بالضم- عَسّاً وعَسَساً: أي طافَ بالليل؛ وهو نَفْضُ الليل عن أهل الرِّيْبَة، فهو عاسٌّ وقومٌ عَسَسٌ، مثال خادِمٍ وخَدَمٍ وطالِبٍ وطَلَبٍ. وفي المَثَل: كَلْبٌّ عَسَّ خيرٌ من كَلْبٍ رَبَضَ، ويروى: خيرٌ من أسَدٍ انْدَسَّ. يُضْرَب في تفضيل الضعيف إذا تَصَرَّفَ في المَكْسَبِ على القَوِيِّ إذا تقاعَسَ. ويقال: إنَّ فيه لَعَسَساً: أي قِلَةُ خَير. وعَسَّ خَبَرُ فُلان: أي أبطأ. وقولُهم: جِئْ بالمالِ مِن عَسِّكَ وبَسِّكَ: لغةٌ في حَسِّكَ وبَسِّكَ. وقال أبو زيد: العَسُوْسُ: الناقة التي ترعى وحدها؛ مثل القَسُوْسِ.
وقَدْ عَسَّتْ تَعُسُّ. والعَسُوْسُ -أيضاً-: الناقة التي لا تَدثرُّ حتى تَبَاعَدَ من الناس. والعَسُوْسُ -أيضاً-: الناقة التي تُعْتَسُّ أي تُرَازُ أبِها لَبَنٌ أمْ لا ويُمْسَحُ ضَرْعُها. والعَسُوْسُ من . . . أكمل المادة النساء: التي لا تُبالي أن تَدنو من الرِجال. والعَسُوْسُ: القليل الخير مِنَ الرجال. والعَسُوْسُ: الطالِبُ للصَّيْدِ، قال:
واللَّعْلَعُ المُهْتَبِلُ العَـسُـوْسُ      والفيلُ لا يَبْقى ولا الهِرْميسُ

والفيلُ لا يَبْقى ولا الهِرْميسُ 

والعَسُوْس: الناقة التي إذا أُثيرَت طَوَّفَت ثمَّ دَرَّتْ. والعَسُوْس: الناقة التي تضجَر وتَسوء خُلُقُها عند الحَلَبِ. وقال ابن عبّاد: العَسُوْس القليلة الدَّرِّ، وقيل هي التي تَعْتَسُّ العِظامَ وتَرْتَمُّها.
والعَسِيْس: الذئب الكثير الحركة. والعَسِيْس -أيضاً-: جَمْعُ عاسٍ؛ مثال حَجِيجٍ وحاجٍّ. والمَعَسُّ: المَطْلَبُ، قال الطِّرِمّاح:
مُعَقَّرَةٍ لا يُنْكِرُ السَّيْفُ وَسْطَـهـا      إذا لم يكُن فيها مَعَسٌّ لِحـالِـبِ


وعَسَسْتُ القوم أعُسُّهم: إذا أطْعَمْتَهم شيئاً قليلاً. وقال ابن الأعرابي: العُسُسُ -بضمّتين- التِّجارُ الحُرَصاء. والعُسُسُ- أيضاً-: الآنية الكِبار. والعُسُّ: القَدَحُ العظيم، والرِّفْدُ أكبرُ منه، قال:
يقولُ إنّي خاطِبٌ وقد كَـذَبْ      وإنَّما يَخْطُبُ عُسّاً من حَلَبْ


العينان: عَينا الإنسان، ومَن قال موضِعٌ بعَينِه فقد وَهِمَ.
والجمع: عِسَاسٌ، قال النابغة الجعدي رضي الله عنه:
وحَرْبٍ ضَروس بها نـاخِـسٌ      مَرَيْتُ بِرُمْحي فَدَرَّتْ عِسَاسا

وقال ابن دريد: بَنو عِسَاس بطنٌ من العَرَب. وقال أبو عمرو: يقال دَرَّتْ عسَاساً: أي كَرْهاً. والعُسُّ -أيضاً-: الذَّكَرُ، وانشَدَ أبو الوازِع:
لاقَتْ غُلاماً قد تَشَظْى عُسُّهُ      ما كانَ إلاّ مَسُّهُ فَـدَسُّـهُ

والعَسّاس -بالفتح والتشديد- والعَسْعَسُ -بالفتح- والعَسْعَاسُ: الذئب، لأنّه يَعُسُّ بالليل أي يَطلُب. ويقال للقنافذ: العَسَاعِسُ، لكثرة ترددها بالليل. وعَسْعَسٌ: موضع بالبادية.
وقال الخارْزَنْجي: عَسْعَسٌ: جبل طويل من وراء ضَرِيَّةَ على فَرْسَخٍ لبَني عامِر، قال بِشْرُ بن أبي خازِم:
لِمَنْ دِمْنَةٌ عـاديَّةٌ لـم تـؤنَّـسِ      بِسِقْطِ اللِّوى بينَ الكَثيبِ فَعَسْعَسِ

وقال امرؤ القيس:
ولم تَرِمِ الدّارُ الكَثيبَ فَعَسْعَساً      كأنّي أُنادي أو أُكَلِّمُ أخْرَسا


ورَوى الأصمَعي: ألِمّا على الرَّبْعِ القديمِ بِعَسْعَسا. وعَسْعَسُ بن سَلاَمَة: كان مشهوراً بالبصرة في صدر الإسلام، قال رُوَيْشِد الأسديّ:
فِيْنا لَبيدٌ وأبـو مُـحَـيّاهْ      وعَسْعَسٌ نِعْمَ الفَتى تَبَيّاهْ

أي: تَعْتَمِدُه. ودراةُ عَسْعَسٍ: غَرْبيَّ الحِمى، وقد ذَكَرْتُها في تركيب دور، وبَسَطْتُ في ذِكرِها الكلام، وذَكَرْتُ ما حَضَرَني من الشواهِد، وللّه الحمد والمِنَّة. والعَسْعاسُ: السَّراب، قال رؤبة:
وبَلَدٍ يجري عليه العَسْـعـاسْ      من السَّرَابِ والقَتَامُ المَسْمَاسْ

المَسْمَاس: الخفيف الرقيق. وعَسْعَسَ الذئبُ: أي طاف بالليل. ويقال- أيضاً-: عَسْعَسَ الليل: إذا أقبَلَ ظلامُه.
وقوله تعالى: (واللَّيْلِ إذا عَسْعَسَ)، قال الفرّاء: اجتمَعَ المُفَسِّرون على أنَّ معنى (عَسْعَسَ) أدْبَرَ، وقال بعض أصحابنا: معناه أنَّه دَنا من أوَّلِه وأظلَمَ.
وكذلك السحابُ إذا دَنا من الأرض، وقال الليث: من الأرضِ ليلاً؛ لا يُقال ذلك إلاّ بالليل إذا كان في ظُلْمَةٍ وبَرْقٍ، وانشد:
عَسْعَسَ حتى لو نَشَاءُ إدَّنا      كانَ لنا من نارِهِ مُقْتَبَسُ

أرادَ: إذْ دَنا؛ فأدْغَمَ الذال في الدال، يعني سحاباً فيه برق وقد دَنا من الأرض. وقال ابن عَرَفَة: يقال عَسْعَسَ الليل: إذا أقبَلَ أو أدْبَرَ بظُلْمَتِه. وعَسْعَسَ فلان الأمر: إذا لَبَّسَه وعَمّاه. وعَسْعَسَه -أيضاً-: أي حَرَّكه. واعْتَسَّ بالليل: أي عَسَّ، ويُروى المَثَل الذي ذكرناه في اوّل هذا التركيب: كَلْبٌ اعْتَسَّ خيرٌ من كَلْبٍ رَبَضَ، قال الحُطَيْئَة:
ويُمْسي الغُرابُ الأعورُ العَيْنِ واقِعاً      مَعَ الذئبِ يَعْتَسّانِ ناري ومِفْـأدي

واعْتَسَّ -أيضاً-: أي اكْتَسَبَ. واعْتَسَّ الإبِلَ: إذا دَخَلَ وَسَطَها فَمَسَحَ ضُرُوْعَها لِتَدُرَّ. والتَّعَسْعُسُ: الشَّمُّ، قال:
كَمَنْخِرِ الذِّئبِ إذا تَعَسْعَسا     

والتَعَسْعُس -أيضاً-: طَلَبُ الصَيد. والتركيب يدل على الدُّنُّوِّ من الشيء وطَلَبِه وعلى خِفَّة في الشيء.

عجج (لسان العرب) [0]


عَجَّ يَعِجُّ ويَعَجُّ عَجّاً وعجيجاً، وضجَّ يَضِجُّ: رفع صوته وصاحَ؛ وقيَّده في التهذيب فقال: بالدعاءِ والاستغاثة.
وفي الحديث: أَفضل الحجّ العَجُّ والثَّجُّ؛ العجُّ: رفع الصوت بالتَّلْبيَة، والثَّجُّ: صَبُّ الدم، وسَيَلان دماء الهَدْيِ؛ يعني الذبح؛ ومنه الحديث: أَن جبريل أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: كن عَجَّاجاً ثَجَّاجاً.
وفي الحديث: من قتل عُصْفُوراً عَبَثاً عَجَّ إِلى الله تعالى يوم القيامة.
وعَجَّةُ القوم وعَجِيجُهم: صِياحُهم وجَلَبتهم؛ وفي الحديث: من وحَّد الله تعالى في عَجَّتِه وجبتْ له الجنة، أَي من وحَّده عَلانِيَة برفع صوته.
ورجل عاجٌّ وعَجْعاجٌ وعَجَّاجٌ: صيّاح، والأُنثى بالهاء؛ قال: قَلْبٌ تَعَلَّقَ فَيْلَقاً هَوْجَلاً، عَجَّاجَةً هَجَّاجَةً تَأَلاَّ، لَتُصْبِحَنَّ الأَحْقَرَ الأَذَلاَّ اللحياني: رجل . . . أكمل المادة عَجْعاجٌ بَجْباجٌ إِذا كان صَيَّاحاً.
وعَجْعَجَ: صوَّت؛ ومضاعفته دليل على تكريره.
والبعير يَعِجُّ في هَديره عَجّاً وعَجِيجاً: يُصَوِّت.
ويُعَجْعِجُ: يردِّد عَجِيجَه ويُكَرِّرُه؛ قال أَبو محمد الحذلمي: وقَرَّبُوا لِلْبَينِ والتَّقَضِّي، من كلِّ عَجَّاجٍ تَرَى للْغَرْضِ، خَلْفَ رَحَى حَيزُومه كالغَمْضِ الغمض: المطمئن من الأَرض.
وعَجَّ: صاح.
وجَعَّ: أَكل الطِّين.
وعَجَّ الماءُ يَعِجُّ عَجيجاً وعَجْعَجَ، كلاهما: صوَّت؛ قال أَبو ذؤَيب: لكُلِّ مَسيلٍ منْ تِهَامَةَ، بعدما تَقَطَّعَ أَقْرانُ السَّحابِ عَجيجُ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: بأَوْسَعَ، منْ كَفِّ المُهاجِرِ، دَفْقَةً، ولا جَعْفَر عَجَّت إِليه الجَعافرُ عَجَّت إِليه: أَمدَّته، فللسَّيل صوْت من الماءِ، وعَدَّى عَجَّت بإِلى لأَنها إِذا أَمدَّته فقد جاءَته وانضَمَّتْ إِليه، فكأَنه قال: جاءَت إِليه وانضمت إِليه.
والجَعْفَرُ هنا: النهر.
ونهرٌ عَجَّاج: تسمع لمائه عَجيجاً أَي صوْتاً؛ ومنه قول بعض الفَخَرة: نحن أَكثر منكم ساجاً ودِيباجاً وخَراجاً ونَهْراً عَجَّاجاً.
وقال ابن دريدٍ: نهر عَجَّاج كثير الماءِ؛ وفي حديث الخيل: إِن مَرَّت بنهر عَجَّاج فشرِبت منه كُتبت له حسَنات؛ أَي كثير الماءِ كأَنه يَعِجُّ من كثرته وصَوْت تدفُّقه.
وفَحْلٌ عَجَّاج في هَديره أَي صيَّاح؛ وقد يجيءُ ذلك في كل ذي صوْت مِن قوس وريح.
وعَجَّت القوس تَعِجُّ عَجيجاً: صوَّتت، وكذلك الزَّنْدُ عند الوَرْيِ.
والعَجَاج: الغُبار، قيل: هو من الغبار ما ثَوَّرَتْه الريح، واحدته عَجاجة، وفعله التَّعْجيجُ.
وفي النوادر: عَجَّ القوم وأَعَجُّوا، وهَجُّوا وأَهَجُّوا، وخَجُّوا وأَخَجُّوا إِذا أَكثروا في فُنُونه الرُّكوبَ (* قوله «في فنونه الركوب» هكذا في الأصل، وعبارة القاموس في هذه المادة وعج القوم اكثروا في فنونهم الركوب.).
وعَجَّجَته الرِّيح: ثَوَّرتْهُ.
وأَعَجَّتِ الرِّيح، وعَجَّت: اشتدَّ هُبوبها وساقت العجاج.
والعَجَّاج: مُثِير العجاج.
والتعجيجُ: إِثارة الغُبار. ابن الأَعرابي: النُّكْبُ في الرياح أَربعٌ: فنَكباءُ الصَّبا والجَنُوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ، ونكباءُ الصَّبا والشَّمال مِعْجاجٌ مِصْرادٌ لا مطر فيه ولا خيرَ، ونَكْباءُ الشَّمال والدَّبُور قَرَّةٌ، ونَكْباءُ الجَنُوب والدَّبور حارَّة؛ قال: والمِعْجاجُ هي التي تُثِير الغُبار.
ويوم مِعَجٌّ وعَجَّاجٌ، ورياحٌ مَعاجِيجُ: ضِدُّ مَهَاوين (* قوله «ضد مهاوين» هكذا في الأصل وشرح القاموس.).
والعَجَاجُ: الدُّخَان؛ والعَجَاجَة أَخصُّ منه.
وعَجَّجَ البيتَ دُخَاناً فَتَعَجَّجَ: مَلأَهُ.
والعَجَاجة: الكثير من الإِبل؛ قال شَمِر: لا أَعرفُ العَجاجة بهذا المعنى.
وقال ابن حبيب: العَجْعاجُ من الخيل النَّجِيب المُسِنُّ.
والعُجَّة: دقيق يُعجَن بسَمْن ثم يُشْوَى؛ قال ابن دريد: العُجَّة ضرْب من الطعام لا أَدري ما حدُّها. قال الجوهري: العُجَّة هذا الطعام الذي يُتخذ من البيض، أَظنُّه مولَّداً. قال ابن دريد: لا أَعرف حقيقة العُجَّة غير أَن أَبا عمرو ذكر لي أَنه دقيق يعجن بسمن؛ وحكى ابن خالويه عن بعضهم أَن العُجَّة كلُّ طعام يُجمع مثل التمر والأَقِطِ.
وجئتهم فلم أَجد إِلاَّ العَجَاج والهَجَاج؛ العَجَاج: الأَحمق.
والهَجَاج: مَن لا خير فيه.
وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يأْخذ الله شَريطَتَه من أَهل الأَرض، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لا يعرفون معروفاً ولا يُنْكِرون منكراً؛ قال الأَزهري: أَظنه شُرْطَته أَي خياره، ولكنه كذا رُوي شَريطَتَه.
والعَجَاجُ من الناس: الغَوْغاءُ والأَراذِل ومَن لا خير فيه، واحدهم عَجاجة، وهو كنحو الرَّجَاجِ والرَّعاعِ؛ قال: يَرضَى، إِذا رَضِي النِّساءُ، عَجَاجَةً، وإِذا تُعُمِّدَ عَمْدُهُ لم يَغْضَب والعَجَّاج بن رؤْبة السَّعْدي: من سعد تميم، هذا الراجز؛ يقال: أَشعر الناس العَجَّاجان أَي رؤْبة وأَبوه (* قوله «أي رؤبة وأبوه» في القاموس في مادة رأب رؤبة بن العجاج بن رؤبة اهـ.
وبه يظهر ما قبله.)؛ قال ابن دريد: سمي بذلك لقوله: حتى يَعجَّ ثَخَناً مَنْ عَجْعَجَا، ويُودِيَ المُودِي، ويَنْجُو مَنْ نَجا (* قوله «ثخناً» كذا في الأَصل والصحاح وشرح القاموس، ولعلها شجناً.) أَي استغاث. قال الليث: لَمَّا لم يستقم له أَن يقول في القافية عَجَّا، ولم يصح عَجَجاً ضاعفه، فقال: عَجْعَجا، وهُمْ فُعَلاءُ لذلك.
ويقال للناقة إِذا زجرتها: عاج، وفي الصحاح: عاجِ، بكسر الجيم، مخففة.
وقد عَجْعَجَ بالناقة إِذا عَطَفها إِلى شيء فقال: عَاجِ عَاجِ.
والعَجْعَجة في قضاعة: كالعَنْعَنة في تميم يُحَوِّلون الياء جيماً مع العين، يقولون: هذا راعِجَّ خرج مَعِجْ أَي راعِيّ خرج مَعِي؛ كما قال الراجز: خالي لَقِيطٌ وأَبو عَلِجِّ، المُطْعِمَان اللَّحم بالعَشِجِّ وبالغَداةِ كِسَرَ البَرْنِجِّ، يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِّ أَراد: عَليّ والعَشِيّ والبَرْنيّ والصِّيصِيّ.
وفلان يَلُفُّ عَجَاجَته على بَني فلان أَي يُغِير عليهم؛ وقال الشَّنْفَرَى: وإِني لأَهْوَى أَنْ أَلُفَّ عَجَاجَتي على ذِي كِساءٍ، من سُلامَان، أَو بُرْدِ أَي أَكْتَسِحَ غنيَّهم ذا البُرْدِ، وفقيرهم الكساءِ.
وطَرِيقٌ عاجٌّ زاجٌّ إِذا امتلأَ.

قوت (لسان العرب) [0]


القُوتُ: ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من الرًِّزْق. ابن سيده: القُوتُ، والقِيتُ، والقِيتَةُ، والقائِتُ: المُسْكة من الرزق.
وفي الصحاح: هو ما يَقُوم به بَدَنُ الإِنسان من الطعام؛ يقال: ما عنده قُوتُ ليلةٍ، وقِيتُ ليلةٍ، وقِيتَةُ ليلةٍ؛ فلما كُسِرتِ القافُ صارت الواو ياء، وهي البُلْغة؛ وما عليه قُوتٌ ولا قُواتٌ، هذانِ عن اللحياني. قال ابن سيده: ولم يفسره، وعندي أَنه من القُوت.
والقَوْتُ: مصدرُ قاتَ يَقُوتُ قَوْتاً وقِياتَةً.
وقال ابن سيده: قاتَه ذلك قَوْتاً وقُوتاً، الأَخيرة عن سيبويه.
وتَقَوَّتَ بالشيء، واقْتاتَ به واقْتاتَهُ: جَعَلَه قُوتَهُ.
وحكى ابنُ الأَعرابي: أَن الاقْتِياتَ هو القُوتُ، جعله اسماً له. قال ابن سيده: ولا أَدري كيفَ ذلك؛ قال وقول طُفَيلٍ: يَقْتاتُ . . . أكمل المادة فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ قال: عندي أَنَّ يَقْتاته هنا يأْكله، فيجعله قُوتاً لنفسه؛ وأَما ابن الأَعرابي فقال: معناه يَذْهَبُ به شيئاً بعد شيء، قال: ولم أَسمع هذا الذي حكاه ابن الأَعرابي، إِلاّ في هذا البيت وحده، فلا أَدْري أَتَأَوُّلٌ منه، أَم سماعٌ سمعه؛ قال ابن الأَعرابي: وحَلَفَ العُقَيْليُّ يوماً، فقال: لا، وَقائتِ نَفَسِي القَصير؛ قال: هو من قوله: يَقْتاتُ فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ قال: والاقْتِياتُ والقَوتُ واحدٌ. قال أَبو منصور: لا، وقائِتِ نَفَسِي؛ أَراد بنَفَسِه روحَه؛ والمعنى: أَنه يَقْبِضُ رُوحَه، نَفَساً بعد نَفَسٍ، حتى يَتَوفَّاه كلَّه؛ وقوله: يَقْتاتُ فَضْلَ سَنامِها الرَّحْلُ أَي يأْخذ الرحلُ، وأَنا راكبُه، شَحْمَ سَنام الناقةِ قليلاً قليلاً، حتى لا يَبْقَى منه شيءٌ، لأَنه يُنْضِيها.
وأَنا أَقُوتُه أَي أَعُولُه برزقٍ قليلٍ.
وقُتُّه فاقتاتَ، كما تقول رَزَقْتُه فارْتَزَقَ، وهو في قائِتٍ من العَيْش أَي في كِفايةٍ.
واسْتَقاتَه: سأَله القُوتَ؛ وفلانٌ يَتَقَوَّتُ بكذا.
وفي الحديث: اللهم اجْعَلْ رِزْقَ آلِ محمدٍ قُوتاً أَي بقَدْرِ ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ من المَطْعَم.
وفي حديث الدُّعاء: وجَعَلَ لكل منهم قِيتَةً مَقْسومةً من رِزْقِه، هي فِعْلَة من القَوْتِ، كمِيتَة من المَوتِ.
ونَفَخَ في النار نَفْخاً قُوتاً، واقْتاتَ لها: كلاهما رَفَقَ بها.
واقْتَتْ لنارِك قِيتةً أَي أَطْعِمْها؛ قال ذو الرمة: فقلتُ له: خُذْها إِليكَ، وأَحْيِها بروحِكَ، واقْتَتْه لها قِيتةً قَدْرا وإِذا نَفَخَّ نافخٌ في النار، قيل له: انْفُخْ نَفْخاً قُوتاً، واقْتْ لها نَفْخَك قِيتةً؛ يأْمُرُه بالرِّفْقِ والنَّفْخِ القليل.
وأَقاتَ الشيءَ وأَقاتَ عليه: أَطاقَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وبِما أَسْتَفِيدُ، ثم أُقِيتُ الـ ـمالَ، إِني امْرُؤٌ مُقِيتٌ مُفِيدُ وفي أَسماء الله تعالى: المُقِيتُ، هو الحَفِيظ، وقيل: المُقْتَدِرٌ، وقيل: هو الذي يُعْطِي أَقْواتَ الخلائق؛ وهو مِن أَقاتَه يُقِيتُه إِذا أَعطاه قُوتَه.
وأَقاته أَيضاً: إِذا حَفِظَه.
وفي التنزيل العزيز: وكان اللهُ على كلِّ شيء مُقِيتاً. الفراء: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ والمُقَدِّرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ شيءٍ قوتَه.
وقال الزجاجُ: المُقِيتُ القَديرُ، وقيل: الحفيظ؛ قال: وهو بالحفيظ أَشبه، لأَنه مُشْتَقُّ من القُوتِ. يقال: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه قَوْتاً إِذا حَفِظْتَ نَفْسَه بما يَقُوته.والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، ولا فَضْلَ فيه على قَدْرِ الحِفْظِ، فمعنى المُقِيتِ: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ قَدْرَ الحاجة، من الحِفْظِ؛ وقال الفراس: المُقِيتُ المُقْتَدِرُ، كالذي يُعْطِي كلَّ رَجُلٍ قُوتَه.
ويقال: المُقِيتُ الحافِظُ للشيء والشاهِدُ له؛ وأَنشد ثعلب للسَّمَوْأَل بن عادِياء: رُبَّ شَتْمٍ سَمِعْتُه وتَصامَمْـ ـتُ، وعِيٍّ تَرَكْتُه. فكُفِيتُ لَيتَ شِعْري وأَشْعُرَنَّ إِذا ما قَرَّبُوها مَنْشُورةً، ودُعِيتُ أَلِيَ الفَضْلُ أَمْ عَليَّ، إِذا حُو سِبْتُ؟ إِني عَلى الحِسابِ مُقِيتُ أَي أَعْرِفُ ما عَمِلْتُ من السُّوء، لأَن الإِنسان على نفسه بصيرة. حكى ابن بري عن أَبي سعيد السيرافي، قال: الصحيح رواية من رَوَى: رَبِّي على الحِسابِ مُقِيتُ قال: لأَن الخاضعَ لربِّه لا يَصِفُ نفسَه بهذه الصفة. قال ابن بري: الذي حَمَلَ السيرافيَّ على تصحيح هذه الرواية، أَنه بَنَى على أَن مُقِيتاً بمعنى مُقْتَدِرٍ، ولو ذَهَبَ مَذْهَبَ من يقول إِنه الحافظ للشيء والشاهد له، كما ذكر الجوهري، لم يُنْكِر الروايةَ الأَوَّلَة.
وقال أَبو إِسحق الزجاج: إِن المُقِيتَ بمعنى الحافظ والحفيظ، لأَنه مشتق من القَوتِ أَي مأْخوذ من قولهم: قُتُّ الرجلَ أَقُوتُه إِذا حَفِظْتَ نفسه بما يَقُوتُه.
والقُوتُ: اسمُ الشيء الذي يَحْفَظُ نَفْسَه، قال: فمعنى المُقِيت على هذا: الحفيظُ الذي يُعْطِي الشيءَ على قدر الحاجة، مِن الحِفْظ؛ قال: وعلى هذا فُسِّرَ قولُه عز وجل: وكان اللهُ على كل شيء مُقِيتاً أَي حفيظاً.
وقيل في تفسير بيت السَّمَوأَل: إِني على الحِسابِ مُقِيتُ؛ أَي مَوقوفٌ على الحساب؛ وقال آخر: ثم بَعْدَ المَماتِ يَنشُرني مَن هُو على النَّشْرِ، يا بُنَيَّ، مُقِيتُ أَي مُقْتَدِرٌ.
وقال أَبو عبيدة: المُقِيتُ، عند العرب، المَوقُوفُ على الشيء.
وأَقاتَ على الشيء: اقْتَدَرَ عليه. قال أَبو قَيْسِ بن رِفاعة، وقد رُوِيَ أَنه للزبَير بن عبد المطلب، عَمَّ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ وأَنشده الفراء: وذي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه، وكنتُ على مَساءَتِه مُقِيتا (* قوله «على مساءته مقيتا» تبع الجوهري، وقال في التكملة: الرواية أُقيت أَي بضم الهمزة، قال والقافية مضمومة وبعده: يبيت الليل مرتفقاً ثقيلاً * على فرش القناة وما أَبيت تعن إلي منه مؤذيات * كما تبري الجذامير البروت والبروت جمع برت، فاعل تبري كترمي.والجذامير مفعوله على حسب ضبطه.) وقوله في الحديث: كفَى بالمرء إِثماً أَن يُضَيِّعَ من يَقُوتُ؛ أَراد من يَلْزَمُهُ نَفَقَتُه من أَهله وعياله وعبيده؛ ويروى: من يَقِيتُ، على اللغة الأُخْرى.
وقوله في الحديث: قُوتوا طعامَكم يُبارَك لكم فيه؛ سئِلَ الأَوزاعِيُّ عنه، فقال: هو صِغَرُ الأَرغِفَةِ؛ وقال غيره: هو مثل قوله: كِيلُوا طعامَكم.

نكس (العباب الزاخر) [0]


نَكَسْتُ الشَّيْءَ أنْكُسُه نَكْساً: قَلَبْتُه على رأسِه. وقوله تعالى: (ثُمَّ نُكِسُوا على رُؤوسِهم)، قال الفرّاء: أي رَجَعُوا عَمّا عَرَفُوا مِن الحُجَّة لإبْراهِيمَ -صلوات الله عليه-، وقال الأزهري: أي ضَلُّوا.
وأنشد الليث في وَصْفِ الزِّقِّ:
إذا نُكِسَتْ صارَ القَوائمُ تَحْتَـهـا      وإنْ نُصِبَتْ شالَتْ عليها القَوائمُ

وقرَأ غَيرُ عاصِمٍ وحَمْزَةَ قوله تعالى: (ومَنْ نُعَمِّرْهُ نَنْكُسْه) -بفتح النون وتخفيف الكاف-، أي مَنْ أطَلْنا عُمُرَه نَكَسْنَا خَلْقَه، فَصَارَ بَعْدَ القوَّةِ الضَّعْفُ وبَعْدَ الشَّبابِ الهَرَمُ. وفي حديث عَليٍّ -رضي الله عنه-: إذا كانَ القَلْبُ لا يَعْرِفُ مَعروفاً ولا يُنْكِرُ مُنْكَراً نُكِسَ فَجُعِلَ أعلاه أسْفَلَه.
وفي حديث ابن مسعود- رضي الله عنه-: أنّه قيل له: إنَّ فُلاناً يَقْرَأُ . . . أكمل المادة القُرآنَ مَنْكوساً، فقال: ذاكَ مَنْكوس القَلْب. قال أبو عُبَيد: يَتَأوَّلُه كثيراً من النَّاسِ أنَّه يَبْدأ من آخِرِ السَّورَة فَيَقْرَأها إلى أوَّلِها، وهذا شَيْءٌ ما أحْسِبُ أحَداً يُطِيْقُه، ولا كانَ هذا في زَمَنِ عبد الله ولا عَرَفَة.
ولكن وَجْهُهُ عِنْدي أن يَبْدَأَ الرَّجُل من آخِر القُرآن من المُعَوِّذَتَيْنِ ثمَّ يَرْتَفِع إلى البَقَرة؛ كَنَحْوِ ما يَتَعَلّم الصِّبيانُ في الكُتّاب، لأنَّ السُّنَّة خِلافُ هذا، يُعْلَمُ ذلك بالحديث الذي يُحَدِّثُه عثمان رضي الله عنه- عن النبي ّ-صلى الله عليه وسلّم- أنَّه كانَ إذا أُنْزِلَت عليه السورة أو الآيَة قال: ضَعوها في المَوْضِع الذي يُذْكَرُ فيه كذا كذا. ألا تَرى أنَّ التَّأْلِيْفَ الآنَ في هذا الحديث من رَسول الله صلى الله عليه وسلّم-، ثمَّ كُتِبَت المَصَاحِفُ على هذا.
ومِمّا يُبَيِّنُ ذلك لك أنَّه ضمَّ بَراءَةَ إلى الأنفالِ فجعلها بعدها وهي أطوَل، وإنَّما ذلك للتأليف، فكانَ أوَّلُ القُرآن فاتِحَةُ الكِتاب ثمَّ البقرة إلى آخِرِ القُرآن، فَكَيْفَ تُسَمّى فاتِحَتُه وقد جُعِلَت خاتِمَتَه.
وقد رُوِيَ عن الحَسَن وابنِ سيرين من الكَرَاهَةِ فيما هوَ دون هذا: أنَّهما كانا يَقْرَئانِ القُرآنَ من أوَّلِهِ إلى آخِرِه ويَكْرَهانِ الأورادَ، وقال ابن سيرين: تأليف اللهِ خيرٌ من تَأليفِكم.
وتأويل الأوراد أنَّهم كانوا أحْدَثوا أنْ جَعَلوا القُرآنَ أجزاءً؛ كُلُّ جُزْءٍ منها فيه سُوَرٌ مختَلِفَة من القُرآنِ على غَيْرِ التأليف، جَعَلوا السورة الطويلة مع أُخرى دونَها في الطول، ثمَّ يَزيدونَ كذلك حتى يَتِمَّ الجُزْء، ولا تكون فيه سورة مُنْقَطِعَة، ولكن يكون كُلُّها سُوَراً تامّة، فهذه الأوراد التي كَرِهَهَا الحَسَن ومحمد.
والنَّكْسُ أكْثَرُ من هذا وأشَدُّ، وإنَّما جاءت الرُّخْصَة في تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ والعَجَمِيِّ من المُفَصَّلِ لِصُعُوبَةِ السُّوَرِ الطِّوالِ عَلَيْهِما، فهذا عُذْرٌ، فأمّا مَن قد قَرَأَ القُرآنَ وحَفِظَه ثمَّ تَعَمَّدَ أنْ يَقْرَأَ من آخِرِه إلى أوَّلِه فهذا النَّكْسُ المَنْهِيُّ عنه، وإذا كَرْهْنا هذا فَنَحْنُ للنَّكْسِ من آخِرِ الصُّورة إلى أوَّلِها أشَدُّ كَرَاهَةً إن كانَ ذلك يكون. هذا كُلُّهُ كَلامُ أبي عُبَيْد رَحْمَةُ الله عليه. والوِلاد المَنْكوس: الذي تَخْرُجُ رِجْلاهُ قَبْلَ رأسِهِ، وهو اليَتْنُ. والمَنكوس من أشكال الرّمل: ثلاثَةُ أزواج مُتَوالِيَة يَتْلوها فَرْدٌ، وبعضهم يُسَمِّيْه الإنْكيس. والنُّكْسُ والنُّكَاسُ -بالضم فيهما-: عَوْدُ المَرَضِ بَعْدَ النَّقَهِ، قال أُمَيَّة بن أبي عائذٍ الهُذَليّ:
خَيالٌ لِزَيْنَبَ قد هـاجَ لـي      نُكَاساً مِنَ الحُبِّ بعدَ انْدِمالِ

وقد نُكِسَ الرَّجُلُ نُكْساً فهو مَنْكوس. يقال: تَعْساً له ونُكْساً، وقد يُفْتَح هاهنا للازْدِواجِ. والناكِسُ: المُطَأْطِئُ رَأسَه، وجُمِعَ في الشَّعْرِ على نَواكِسَ، وهو شاذٌّ، قال الفَرَزْدَق يمدح يَزيد بن المُهَلَّب:
وإذا الرِجالُ رَأوْا يَزِيْدَ رَأيْتَهـم      خُضُعَ الرِّقابِ نَواكِسَ الأبْصارِ

ويروى: مُنَكِّسِي الأبْصارِ. ونَكَسَ كذا داءَ المَريْضِ بَعْدَ البُرْءِ: أي رَدَّهُ وأعادَهُ، قال ذو الرمَّةِ:
إذا قُلْتُ أسْلو عَنْكِ يا مَيُّ لم يَزَل      مَحَلٌّ لِدائي مِن دِيارِكِ ناكِـسُ

وقال ابن الأعرابيّ: النُّكُسُ -بضمتين-: المُدْرَهِمُّونَ من الشُيُوخِ بعْدَ الهَرَمِ. والنِّكْسُ -بالكسر-: السَّهْمُ الذي يَنْكَسِرُ فَوْقَهُ فَيَجْعَل أعلاه أسْفَلَه، قال الحُطَيْئَة يهجو الزّبْرَقان بن بَدر:
قد ناضَلُوكَ فَسَلُّوا من كناسهم      مَجْداً تَليداً ونَبْلاً غَيرَ أنْكاسِ

وقال أبو عمرو: النِّكْسُ من القِسِيِّ: التي تُحَوِّلُ يَدُها رِجْلَها.
وقال الأصمعيّ: هي المَنكوسَة من القِسِيِّ وهي عَيْب؛ وهو أن تكونَ رِجْلُ القَوْسِ رَأْسَ الغُصْنِ. والنِّكْسُ -أيضاً-: الضَّعيفُ.
وقال ابن دريد: النِّكْسُ: النَّصْلُ الذي يَنْكَسِر سِنْخُه فَتُجْعَلُ ظُبَتُه سِنْخاً فلا يَزَالُ ضَعيفاً، ثُمَّ كَثُرَ ذلك في كلامِهِم حتى سمُّوا كُلَّ ضَعيفٍ نِكْساً. قال: وقال قومٌ: النِّكْسُ اليَتْنُ، ولَيْسَ بثَبَتٍ. قال: والنِّكْسُ من القَوْمِ: المُقَصِّرُ عن غايَةِ النَّجْدَةِ والكَرَمِ، وأنْشَدَ إبراهيم الحَرْبيُّ رحمه الله:
رَأْسُ قِوَامِ الدِّيْنِ وابْنُ رَأْسِ      وخَضِلُ الكَفَّيْنِ غَيْرُ نِكْسِ

والجمع: أنكاس، قال كَعْب بن زُهَيْرٍ -رضي الله عنه- يَمْدَحُ صَحَابَةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلّم، ورضي عنهم-:
زالُوا فَما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفُ      عِنْدَ اللِّقاءِ ولا مِيْلٌ مَعَـازِيْلُ

ونَكَّسْتُه تَنْكيساً: مِثل نَكَسْتُه نَكْساً، والتَّشْديد للمُبالَغة.
وقَرَأَ عاصِمٌ وحَمْزَة: (ومَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْه) بالتشديد. والمُنَكِّسُ من الخَيْل: الذي لا يَسمو برأسِه.
وقال ابن فارِس: هو الذي إذا جَرى لا يَسْمو بِهادِيْه ولا بِرَأْسِه من ضَعْفِه. وقال الليث: إذا لَم يَلْحَقِ الفَرَسُ بالخَيل قيل: قد نَكَّسَ، وأنشد:
إذا نَكَّسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ     

وقال رؤبة:
ولا لِنِكْسٍ يَعْمُرُ التَّنْكِيْسـا     


وانْتَكَسَ الرَّجُلُ: وَقَعَ على رأسِهِ، ومنه حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: تَعَسَ وانْتَكَسَ؛ وإذا شِيْكَ فلا انْتَقَشَ.
وقد ذُكِرَ الحديث بتمامِهِ في تركيب ت ع س. والتركيب يدل على القَلْب.

كفي (لسان العرب) [0]


الليث: كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قام بالأَمر.
ويقال: اسْتَكْفَيْته أَمْراً فكَفانِيه.
ويقال: كَفاك هذا الأَمرُ أَي حَسْبُك، وكَفاكَ هذا الشيء.
وفي الحديث: من قرأَ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كَفَتاه أَي أَغْنَتاه عن قيام الليل، وقيل: إِنهما أَقل ما يُجزئ من القراءة في قيام الليل، وقيل: تَكْفِيانِ الشرَّ وتَقِيان من المكروه.
وفي الحديث: سَيَفْتَحُ اللهُ عليكم ويَكْفِيكم اللهُ أَي يَكْفيكم القِتالَ بما فتَح عليكم.
والكُفاةُ: الخَدَمُ الذين يَقومون بالخِدْمة، جمع كافٍ.
وكفَى الرجلُ كِفايةً، فهو كافٍ وكُفًى مثل حُطَمٍ؛ عن ثعلب، واكْتَفَى، كلاهما: اضْطَلَع، وكَفاه ما أَهَمَّه كِفايةً وكَفاه مَؤُونَته كِفاية وكَفاك الشيءُ يَكفِيك واكْتَفَيْت به. أَبو زيد: هذا رجل كافِيك من . . . أكمل المادة رَجُل وناهيك من رجل وجازيكَ من رجل وشَرْعُكَ من رجُل كله بمعنى واحد.
وكَفَيْته ما أَهَمَّه.
وكافَيْته: من المُكافاة، ورَجَوْتُ مُكافاتَك.
ورجل كافٍ وكَفِيٌّ: مثل سالِم وسَلِيمٍ. ابن سيده: ورجل كافِيكَ من رجل وكَِفْيُكَ من رجُل (* قوله« وكفيك من رجل» في القاموس مثلثة الكاف.) وكَفَى به رجلاً. قال: وحكى ابن الأَعرابي كَفاكَ بفلان وكَفْيُكَ به وكِفاكَ، مكسور مقصور، وكُفاكَ، مضموم مقصور أَيضاً، قال: ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث. التهذيب: تقول رأَيت رجُلاً كافِيَك من رجل، ورأَيت رجلين كافِيَك من رجلين، ورأَيت رجالاً كافِيَكَ من رجال، معناه كَفاك به رجلاً. الصحاح: وهذا رجل كافِيكَ من رجُل ورَجلان كافِياكَ من رجلين ورِجالٌ كافُوكَ من رِجال، وكَفْيُك، بتسكين الفاء، أَي حَسْبُكَ؛ وأَنشد ابن بري في هذا الموضع لجثامة الليثي: سَلِي عَنِّي بَني لَيْثِ بنِ بَكْرٍ، كَفَى قَوْمي بصاحِبِهِمْ خَبِيرا هَلَ اعْفُو عن أُصولِ الحَقِّ فِيهمْ، إِذا عَرَضَتْ، وأَقْتَطِعُ الصُّدُورا وقال أَبو إِسحق الزجاج في قوله عز وجل: وكفَى بالله وليّاً، وما أَشبهه في القرآن: معنى الباء للتَّوْكيد، المعنى كفَى اللهُ وليّاً إِلا أَن الباء دخلت في اسم الفاعل لأَن معنى الكلام الأَمْرُ، المعنى اكْتَفُوا بالله وليّاً، قال: ووليّاً منصوب على الحال، وقيل: على التمييز.
وقال في قوله سبحانه: أَوَلم يَكْفِ بربّك أَنه على كل شيء شهيد؛ معناه أَوَلم يَكْفِ ربُّك أَوَلم تَكْفِهم شهادةُ ربِّك، ومعنى الكِفاية ههنا أَنه قد بين لهم ما فيه كِفاية في الدلالة على توحيده.
وفي حديث ابن مريم: فأَذِنَ لي إِلى أَهْلي بغير كَفِيٍّ أَي بغير مَن يَقوم مَقامي. يقال: كَفاه الأَمرَ إِذا قام فيه مَقامه.
وفي حديث الجارود: وأَكْفي مَنْ لم يَشهد أَي أَقوم بأَمْرِ مَن لم يَشهد الحَرْبَ وأُحارِبُ عنه؛ فأَمّا قول الأَنصاري: فكَفَى بِنا فَضْلاً، على مَن غَيْرُنا، حُبُّ النبيِّ مُحَمَّدٍ إِيّانا فإِنما أَراد فكَفانا، فأَدخل الباء على المفعول، وهذا شاذ إِذ الباء في مثل هذا إِنما تدخل على الفاعل كقولك كفَى باللهِ؛ وقوله: إِذا لاقَيْتِ قَوْمي فاسْأَلِيهمْ، كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا هو من المقلوب، ومعناه كفَى بقوم خَبِيراً صاحبُهم، فجعل الباء في الصاحب، وموضعها أَن تكون في قوم وهم الفاعلون في المعنى؛ وأَما زيادَتها في الفاعل فنحو قولهم: كَفى بالله، وقوله تعالى: وكفى بنا حاسبين، إِنما هو كفى اللهُ وكفانا كقول سحيم: كفى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْء ناهِياً فالباء وما عملت في موضع مرفوع بفعله، كقولك ما قام من أَحد، فالجار والمجرور هنا في موضع اسم مرفوع بفعله، ونحوه قولهم في التعجب: أَحْسِنْ بِزَيْدٍ، فالباء وما بعدها في موضع مرفوع بفعله ولا ضمير في الفعل، وقد زيدت أَيضاً في خبر لكنَّ لشبهه بالفاعل؛ قال: ولَكِنَّ أَجْراً لو فَعَلْتِ بِهَيِّنٍ، وهَلْ يُعْرَفُ المعْروفُ في الناسِ والأَجْرُ (* قوله« وهل يعرف» كذا بالأصل، والذي في المحكم: ولم ينكر.) أَراد: ولكِنّ أَجراً لو فَعَلْتِه هَيِّن، وقد يجوز أَن يكون معناه ولكنَّ أَجراً لو فعلته بشيء هين أَي أَنت تَصِلين إِلى الأَجرِ بالشيء الهين، كقولك: وُجُوبُ الشكر بالشيءِ الهيّن، فتكون الباء على هذا غير زائدة، وأَجاز محمد بن السَّرِيّ أَن يكون قوله: كَفَى بالله، تقديره كفَى اكْتِفاؤك بالله أَي اكْتفاؤك بالله يَكْفِيك؛ قال ابن جني: وهذا يضعف عندي لأَن الباء على هذا متعلقة بمصدر محذوف وهو الاكتفاء، ومحال حذف الموصول وتبقية صلته، قال: وإِنما حسَّنه عندي قليلاً أَنك قد ذكرت كفَى فدلَّ على الاكتفاء لأَنه من لفظه، كما تقول: مَن كَذب كان شرًّا له، فأَضمرته لدلالة الفعل عليه، فههنا أَضمر اسماً كاملاً وهو الكذب، وهناك أَضمر اسماً وبقي صلته التي هي بعضه، فكان بعضُ الاسم مضمراً وبعضه مظهراً، قال: فلذلك ضعف عندي، قال: والقول في هذا قول سيبويه من أَنه يريد كفى الله، كقولك: وكفى الله المؤمنين القتال؛ ويشهد بصحة هذا المذهب ما حكي عنهم من قولهم مررت بأَبْياتٍ جادَ بِهنَّ أَبياتاً وجُدْنَ أَبْياتاً، فقوله بهنَّ في موضع رفع، والباء زائدة كما ترى. قال: أَخبرني بذلك محمد بن الحسن قراءة عليه عن أَحمد بن يحيى أَن الكسائي حكى ذلك عنهم؛ قال: ووجدت مثله للأَخطل وهو قوله:فقُلْتُ: اقْتُلُوها عَنْكُمُ بِمِزاجِها، وحُبَّ بِها مَقْتولَةً حِينَ تُقْتَل فقوله بها في موضع رفع بحُبَّ؛ قال ابن جني: وإِنما جاز عندي زيادة الباء في خبر المبتدإِ لمضارعته للفاعل باحتياج المبتدإِ إِليه كاحتياج الفعل إِلى فاعله.
والكُفْيةُ، بالضم: ما يَكْفِيك من العَيش، وقيل: الكُفْيَةُ القُوت، وقيل: هو أَقلّ من القوت، والجمع الكُفَى. ابن الأَعرابي: الكُفَى الأَقوات، واحدتها كُفْيةٌ.
ويقال: فلان لا يملك كُفَى يومه على ميزان هذا أَي قُوتَ يومه؛ وأَنشد ثعلب: ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ مِن دُونِنا كُفًى، وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها قال: يكون كُفًى جمع كُفْيَة وهو أَقلّ من القُوت، كما تقدّم، ويجوز أَن يكون أَراد كُفاةً ثم أَسقط الهاء، ويجوز أَن يكون من قولهم رجل كَفِيٌّ أَي كافٍ.
والكِفْيُ: بطن الوادي؛ عن كراع، والجمع الأَكْفاء. ابن سيده: الكُفْوُ النظير لغة في الكُفءِ، وقد يجوز أَن يريدوا به الكُفُؤ فيخففوا ثم يسكنوا.

كتف (لسان العرب) [0]


الكَتِفُ والكِتْفُ مثل كَذِبٍ وكِذْبٍ: عظم عريض خلف المَنْكِب، أُنثى وهي تكون للناس وغيرهم.
وفي الحديث: ائتُوني بكَتِف ودَواة أَكْتُب لكم كتاباً، قال: الكتف عظم عريض يكون في أَصل كتف الحيوان من الناس والدوابّ كانوا يكتُبون فيه لقِلة القَراطِيس عندهم.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: ما لي أَراكم عنها مُعْرِضين؟ واللّه لأَرْمِيَنَّها بين أَكتافكم يروى بالتاء والنون، فمعنى التاء أَنها كانت على ظهورهم وبين أَكتافهم لا يقدِرون أَن يُعْرِضوا عنها لأَنهم حاملوها فهي معهم لا تُفارِقهم، ومعنى النون أَنه يرميها في أَفْنِيتهم ونواحِيهم فكلما مروا فيها رأَوها فلا يَقْدِرون أَن يَنْسَوْها.
والكَتِفُ من الإبل والخيل والبغال والحمير وغيرها: ما . . . أكمل المادة فوق العَضُد، وقيل: الكتفان أَعلى اليدين، والجمع أَكتاف؛ سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء، وحكى اللحياني في جمعه كِتَفةً.
والأَكْتف من الرجال: الذي يشتكي كتفه.
ورجل أَكتف بيّنُ الكَتَفِ أَي عريض الكَتِف، وفي المحكم: عظيم الكتف.
ورجل أَكتف: عظيم الكتف كما يقال أَرْأَسُ وأَعْنَقُ، وما كان أَكْتَفَ ولقد كَتِف كَتَفاً: عظُمت كَتِفُه.
وإني لأَعلم من أَين تؤكل الكَتِفُ؛ تضربه كل شيء علمته.
والكُتاف: وجع في الكتِف.
وقال اللحياني: بالدابة كُتافٌ شديد أَي داء في ذلك الموضع.
والكَتَفُ: عَيْب يكون في الكَتِف.
والكتَف: انْفِراجٌ في أَعالي كتف الإنسان وغيره مما يلي الكاهِل، وقيل: الكَتَفُ في الخيل انفراج أَعالي الكَتِفَين من غَراضِيفها مما يلي الكاهل، وهو من العيوب التي تكون خِلْقة. أَبو عبيدة: فرس أَكتف وهو الذي في فُروع كَتِفيه انفراج في غراضيفها مما يلي الكاهل. الجوهري: الأَكْتَفُ من الخيل الذي في أَعالي غَراضِيف كتفيه انفراج.
والكَتَفُ، بالتحريك: نقصان في الكتف، وقيل: هو ظَلَع يأْخذ من وجع الكَتِفِ، كَتِفَ كَتَفاً وهو أَكْتَف.
وكَتِفَ البعير كتَفاً وهو أَكتفُ إذا اشتكى كَتِفه وظَلع منها. اللحياني: بالبعير كتَفٌ شديد إذا اشتكى كَتِفه. يقال جمل أَكتَف وناقة كَتْفاء.
وكَتفه يَكْتِفه كتْفاً: أَصاب كَتِفه أَو ضربه عليها.
والكَتَف: مصدر الأَكْتف وهو الذي انضمت كَتِفاه على وسط كاهله خِلْقة قبيحة.
وكتَفَت الخيلُ تَكْتِف كتْفاً وكَتَّفَت وتكَتَّفَت: ارتفعت فُروع أَكتافها في المشي، وعُرِضَت على ابن أُقَيْصِرٍ أَحد بني أَسد بن خزيمة خيل فأَوْمأَ إلى بعضها وقال: تجيء هذه سابقة، فسأَلوه: ما الذي رأَيت فيها؟ فقال: رأَيتها مشت فكتَفتْ، وخبَّت فوجَفَت، وعدَت فنَسَفَت فجاءت سابقة.
والكَتِفان: اسم فرس من ذلك؛ قالت بنت مالك ابن زيد ترثيه: إذا سَجَعَتْ، بالرَّقْمَتَيْنِ، حَمامةٌ، أَو الرَّسِّ تَبْكي فارِسَ الكَتِفانِ وكتَفتِ المرأَة تَكتِف: مشت فحرَّكت كتفيها. قال الأَزهري: وقولهم مشت فكتَفَت أَي حركت كتِفيْها يعني الفرس.
والكِتافُ: مصدرُ المِكْتاف من الدوابّ، والمِكْتاف من الدوابّ: الذي يَعقِر السرجُ كتفَه، والاسم الكِتاف، والكَتَّافُ: الذي ينظر في الأَكتاف فيُكَهِّنُ فيها.
والكَتْف: المشي الرُّوَيْد؛ قال الأَعشى: فأَفْحَمْته حتى اسْتَكان كأَنَّه قريحُ سِلاح، يَكتِف المشي، فاترُ أَنشده ابن بري. ابن سيده: كتَف يَكْتِف كَتْفاً وكَتِيفاً مشى مَشْياً رُوَيْداً؛ قال لبيد: وسُقْت رَبيعاً بالقَناة كأَنه قريح سلاح، يكتف المشي، فاتر والكُتْفان والكِتْفان: الجراد بعد الغَوْغاء، وقيل: هو كُتْفان وكِتْفان إذا بدا حَجْم أَجنحته ورأَيت موضعَه شاخِصاً، وإن مسَسْتَه وجدت حَجْمه، واحدته كتفانة، وقيل: واحده كاتِف والأُنثى كاتفة. أَبو عبيدة: يكون الجراد بعد الغوفاء كتفاناً؛ قال أَبو منصور: سماعي من العرب في الكتفان من الجراد التي ظهرت أَجنحتها ولمّا تَطِرْ بعد، فهي تَنْقُزُ في الأَرض نَقَزاناً مثل المَكْتُوف الذي لا يَستعين بيديه إذا مشى.
ويقال للشيء إذا كثر: مثلُ الدَّبى والكُِتفان.
والغَوْغاء من الجراد: ما قد طار ونبتت أَجنحته. الأَصمعي: إذا استبان حجم أَجنحة الجراد فهو كتفان، وإذا احمرّ الجراد فانسلخ من الأَلوان كلها فهي الغَوْغاء. الجوهري: الكُتفان الجراد أَوّل ما يطير منه، ويقال: هي الجراد بعد الغوغاء أَولها السِّرْو ثم الدَّبى ثم الغوغاء ثم الكتفان؛ قال ابن بري: وقد يثقل في الشعر؛ قال صخر أَخو الخَنْساء: وحَيّ حريد قد صَبَحْتُ بِغارةٍ، كرِجْل الجَرادِ أَو دَبًى كُتُفانِ والكَتْفُ والكَتَفانُ: ضرب من الطيَران كأَنه يردّ جناحيه ويضمهما إلى ما وراءه.
والكَتْفُ: شدّك اليدين من خلف.
وكتَف الرجلَ يَكْتِفه كتْفاً وكتّفه: شدَّ يديه من خلفه بالكِتاف.
والكِتافُ: ما شُدَّ به؛ قالت بعض نساء الأَعراب تصف سحاباً: أَناخَ بذي بَقَرٍ بَرْكَه، كأَنَّ على عضُدَيْه كِتافا وجاء به في كِتاف أَي في وِثاق.
والكِتافُ: الحَبل الذي يُكتف به الإنسان.
وفي الحديث: الذي يصلّي وقد عقَص شعره كالذي يصلّي وهو مكْتوف؛ هو الذي شدّت يداه من خلفه يشبه به الذي يَعْقِد شعره من خلفه.
والكِتافُ: وثاق في الرحْل والقَتَب وهو إسارُ عُودين أَو حِنْوين يُشدّ أَحدهما إلى الآخر.
والكتْف: أَن يشدَّ حِنْوا الرَّحل أَحدهما على الآخر.
وكتّف اللحم تَكْتِيفاً: قطَّعه صغاراً، وكذلك الثوب، وكتَّفه بالسيف كذلك. الجوهري: والكَتِيفةُ ضبَّة الباب وهي حديدة عريضة. ابن سيده: والكَتِيفُ والكَتيفة حديدة عريضة طويلة وربما كانت كأَنها صحيفة، وقيل: الكتيف الضبة؛ قال الأَعشى: بيْنما المَرْء كالرُّديْني ذي الجُبْـ ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ أَو كَقِدْحِ النُّضار لاَّمَه القَيـ ـن، ودانى صُدوعه بالكتيفِ رَدَّه دَهْرُه المُضَلَّل، حتى عادَ من بعدِ مَشْيِه للدَّلِيفِ قوله بالكتِيف يعني كتائفَ رِقاقاً من الشَبه؛ وقيل: الكتِيفة الضبَّة، وقيل: الضبة من الحديد، وجمعها كتِيف وكُتُفٌ.
وكَتف الإناء يكْتِفُه كتْفاً وكتَّفه: لأَمَه بالكتِيف؛ قال جرير: ويُنْكِرُ كفَّيْه الحُسامُ وحَدُّه، ويَعْرِفُ كفَّيْه الإناءُ المُكَتَّفُ شمر: ويقال للسيف الصفيح كَتِيف؛ قال أَبو دُواد: فَوَدِدْتُ لو أَني لَقِيتُك خالِياً، أَمْشِي، بكَفِّي صَعْدَةٌ وكَتِيفُ أَراد سيفاً صَفِيحاً فسماه كَتِيفاً. قال خالد بن جَنْبَة: كَتِيفةُ الرحْل واحدة الكتائف، وهي حديدة يُكْتَفُ بها الرحْل.
وقال ابن الأَعرابي: أُخذ المَكْتوف من هذا لأَنه جَمع يديه.
والكتيفة: كلْبَة الحدَّاد.
والكَتِيفةُ: السَّخِيمةُ والحِقْد والعداوة وتجمع على الكتائف؛ قال القطامي:أَخُوك الذي لا يَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه، وتَرْفضُّ عند المُخْطِفاتِ الكتائفُ ويروى المُحْفِظات.
وكِتافُ القَوْس: ما بين الطائف والسِّيةِ، والجمع أَكْتِفةٌ وكُتُفٌ.

نجل (لسان العرب) [0]


النَّجْل: النَّسْل. المحكم: النَّجْل الولد، وقد نَجَل به أَبوه يَنْجُل نَجْلاً ونَجَلَه أَي ولَدَه؛ قال الأَعشى: أَنْجَبَ أَيَّامَ والِداهُ به، إِذ نَجَلاهُ فَنِعْم ما نَجَلا قال الفارسي: معنى والداه به كما تقول أَنا بالله وبِكَ.
والناجِلُ: الكريم النَّجْل، وأَنشد البيت، وقال: أَنْجَب والداه به إِذ نَجَلاه في زمانه، والكلام مقدَّم ومؤخَّر.
والانْتِجالُ: اختيار النَّجْل؛ قال: وانْتَجَلُوا من خير فَحْلٍ يُنْتَجَلْ والنَّجْل: الوالد أَيضاً، ضدّ؛ حكى ذلك أَبو القاسم الزجاجي في نوادره. يقال: قَبَحَ اللهُ ناجِلَيْه.
وفي حديث الزهري: كان له كَلْب صائد يطلب لها الفُحُولة يطلب نَجْلَه أَي ولدها.
والنَّجْل: الرمي بالشيء، وقد نَجَل به ونَجَله؛ قال امرؤ القيس: كأَنَّ الحَصَى من . . . أكمل المادة خَلْفها وأَمامِها، إِذا أَنْجَلَتْه رِجْلُها، خَذْفُ أَعْسَرَا وقد نجَل الشيءَ أَي رمَى به.
والناقة تَنْجُل الحَصَى مَناسِمُها نَجْلاً أَي ترمِي به وتدفعه.
ونَجَلْت الرجلَ نَجْلَةً إِذا ضربته بمقدَّم رجلك فتدحرج. يقال: من نَجَل الناس نَجَلوه أَي من شارَّهم شارُّوه.
وفي الحديث: من نَجَل الناس نَجَلوه أَي مَنْ عاب الناس عابوه ومَنْ سَبَّهم سبُّوه وقَطَع أَعْراضَهم بالشَّتْم كما يَقْطع المِنْجَل الحشيشَ، وقد صُحِّف هذا الحرف فقيل فيه: نَحَل فلان فلاناً إِذا سابَّه، فهو ينْحَله يُسابُّه؛ وأَنشد لطرفة: فَذَرْ ذَا، وَانْحَل النُّعْمان قَوْلاً، كنَحْتِ الفَأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور قال الأَزهري: قوله نَحَل فلان فلاناً إِذا سابَّه باطل وهو تصحيف لِنَجَل فلان فلاناً إِذا قَطَعه بالغيبةِ؛ قال الأَزهري: قاله لليث بالحاء وهو تصحيف.
والنَّجْل والفَرْض معناهما القَطْع؛ ومنه قيل للحديدة ذات الأَسنان: مِنْجَل، والمِنْجَل ما يُحْصَد به.
وفي الحديث: وتُتَّخَذ السُّيوف مَناجِل؛ أَراد أَن الناس يتركون الجهاد ويشتغلون بالحَرْث والزِّراعة، والميم زائدة.
والمِنْجَل: المِطْرَد؛ قال مسعود بن وكيع: قد حَشَّها الليل بِحادٍ مِنْجَلِ أَي مِطْرَد يَنْجلها أَي يسرع بها.
والمِنْجَل: الذي يقضَب به العود من الشجر فيُنْجَل به أَي يرمَى به؛ قال سيبويه: وهذا الضرب مما يُعتمل به مكسور الأَول، كانت فيه الهاء أَو لم تكن؛ واستعاره بعض الشعراء لأَسْنان الإِبل فقال: إِذا لم يكن إِلاَّ القَتادُ، تَنَزَّعت مَناجِلُها أَصلَ القَتاد المُكالِب ابن الأَعرابي: النَّجَل نَقَّالو الجَعْوِ في السابِل، وهو مِحْمَل الطيَّانين، إِلى البَنَّاء.
ونَجَل الشيءَ يَنْجُله نَجْلاً: شقَّه.
والمَنْجُول من الجلود: الذي يُشق من عُرْقوبَيْه جميعاً ثم يسلَخ كما تسلخ الناس اليوم؛ قال المُخَبَّل:وأَنْكَحْتُمُ رَهْواً كأَنَّ عِجانَها مَشَقُّ إِهاب، أَوْسَع السَّلْخَ ناجِلُهْ يعني بالرَّهْو هنا خُلَيدة بنت الزِّبْرقان، ولها حديث مذكور في موضعه.
وقد نَجَلْت الإِهاب وهو إِهابٌ مَنْجول؛ اللحياني: المَرْجُول والمَنْجول الذي يُسلخ من رجليه إِلى رأْسه. أَبو السَّمَيْدع: المَنْجول الذي يُشقّ من رجله إِلى مذبحه، والمَرْجُول الذي يُشقّ من رجله ثم يقلَب إِهابه.
ونَجَله بالرُّمْح يَنْجُله نَجْلاً: طَعَنه وأَوسع شَقَّه.
وطَعْنة نَجْلاء أَي واسعة بَيِّنة النَّجَل.
وسِنان مِنْجَل واسع الجُرْح.
وطَعْنة نجلاء: واسعة.
وبئر نَجْلاء المَجَمِّ: واسِعَته؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إِنَّ لها بئراً بِشَرْقِيِّ العَلَمْ، واسعةَ الشُّقّة، نَجْلاءَ المَجَمْ والنَّجَل، بالتحريك: سعة شقِّ العين مع حُسْنٍ، نَجِل نَجَلاً وهو أَنْجَل، والجمع نُجْل ونِجال، وعين نَجْلاء، والأَسد أَنْجَل.
وفي حديث الزبير: عينين نَجْلاويْن؛ عين نجلاء أَي واسعة.
وسنان مِنْجَل إِذا كان يُوسِّع خرق الطعنة؛ وقال أَبو النجم: سِنانُها مثل القُدامَى مِنْجَل ومَزاد أَنْجَلُ: واسع عريض.
وليل أَنْجَل: واسع طويل قد علا كلَّ شيء وأَلبَسَه، وليلة نَجْلاء.
والنَّجْل: الماء السائل.
والنَّجْل: الماءُ المُستنقِع، والولَد، والنَّزُّ، والجمع الكثير من الناس، والمَحَجَّة الواضحة، وسلْخ الجِلْد من قَفاه.
والنَّجْل أَيضاً: إِثارة أَخفافِ الإِبل الكَمْأَة وإِظهارها.
والنَّجْل: السير الشديد والجماعة أَيضاً تَجتمع في الخير.
وروي عن عائشة، رضي الله عنها، أَنها قالت: قَدِم رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، المدينةَ وهي أَوْبأُ أَرض الله وكان واديها يَجْري نَجْلاً؛ أَرادت أَنه كان نَزًّا وهو الماء القليل، تعني واديَ المدينة، ويجمع على أَنْجال؛ ومنه حديث الحرث بن كَلْدة: قال لعمر البلادُ الوَبِئَة ذاتُ الأَنْجال والبَعوض أَي النُّزُوز والبَقِّ.
ويقال: استَنْجلَ الموضع أَي كثُر به النَّجْل وهو الماء يظهر من الأَرض. المحكم: النَّجْل النزّ الذي يخرج من الأَرض والوادي، والجمع نِجال.
واستَنْجلَتِ الأَرض: كثرت فيها النِّجال.
واستنجَل النزَّ: استخرجه.
واستنْجَل الوادي إِذا ظهرَ نُزُوزه. الأَصمعي: النَّجْل ماء يُستَنْجل من الأَرض أَي يستخرج. أَبو عمرو: النجْل الجمع الكثير من الناس، والنَّجْل المَحَجَّة.
ويقال للجَمَّال إِذا كان حاذقاً: مِنْجَل؛ قال لبيد: بِجَسْرَة تنجُل الظِّرَّانَ ناجيةٍ، إِذا توقَّد في الدَّيْمُومة الظُّرَر أَي تثيرُها بخفها فترمي بها.
والنَّجْل: مَحْوُ الصبيّ اللوح. يقال: نَجَل لوحَه إِذا محاه.
وفحل ناجِل: وهو الكريم الكثير النَّجْل؛ وأَنشد:فزَوَّجُوه ماجِداً أَعْراقُها، وانْتَجَلُوا من خير فحل يُنْتَجَل وفرس ناجِل إِذا كان كريم النَّجْل. أَبو عمرو: التَّناجُل تنازع الناس بينهم.
وقد تناجَل القومُ بينهم إِذا تنازعوا.
وانْتَجَلَ الأَمرُ انتِجالاً إِذا استبان ومضى.
ونَجَلْت الأَرض نَجْلاً: شقَقْتها للزراعة.
والإِنْجِيل: كتاب عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يؤَنث ويذكَّر، فمَن أَنث أَراد الصحيفة، ومن ذكَّر أَراد الكتاب.
وفي صفة الصحابة، رضي الله عنهم: معه قومٌ صُدورُهم أَناجِيلُهم؛ هو جمع إِنجيل، وهو اسم كتاب الله المنزَّلِ على عيسى، عليه السلام، وهو اسم عِبرانيّ أَو سُرْيانيّ، وقيل: هو عربي، يريد أَنهم يقرؤون كتاب الله عن ظهر قلوبهم ويجمعونه في صدورهم حِفظاً، وكان أَهل الكتاب إِنما يقرؤون كتبهم في الصحف ولا يكاد أَحدهم يجمعها حفظاً إِلا القليل، وفي رواية: وأَناجِيلهم في صدورهم أَي أَن كتُبَهم محفوظة فيه.
والإِنْجيل: مثل الإِكْلِيل والإِخْرِيط، وقيل اشتقاقه من النَّجْل الذي هو الأَصل، يقال: هو كريم النَّجْل أَي الأَصل والطَّبْع، وهو من الفِعل إِفْعِيل.
وقرأَ الحسن: وليحكُم أَهل الأَنْجِيل، بفتح الهمزة، وليس هذا المثال من كلام العرب. قال الزجاج: وللقائل أَن يقول هو اسم أَعجمي فلا يُنكَر أَن يقع بفتح الهمزة لأَن كثيراً من الأَمثلة العجمية يخالف الأَمثلةَ العربية نحو آجَر وإِبراهيم وهابِيل وقابِيل.
والنَّجِيل: ضرب من دِقِّ الحَمْض معروف، والجمع نُجُل. قال أَبو حنيفة: هو خير الحَمْض كله وأَلْيَنُه على السائمة.
وأَنْجَلوا دوابَّهم: أَرسلوها في النَّجِيل.
والنَّواجِلُ من الإِبل: التي ترعَى النجيل، وهو الهَرْم من الحَمْض.
ونَجَلَتِ الأَرض: اخْضرَّتْ.
والنَّجِيل: ما تكسَّر من ورَق الهَرْم، وهو ضرْب من الحَمْض؛ قال أَبو خراش يصف ماءً آجِناً: يُفَجِّين بالأَيْدي على ظهر آجِنٍ، له عَرْمَضٌ مُسْتَأْسِدٌ ونَجِيلُ (* قوله «يفجين إلخ» هكذا في الأصل بالجيم، وتقدم في مادة أسد يفحين بالحاء، والصواب ما هنا). ابن الأَعرابي: المِنْجَل السائق الحاذِق، والمِنْجَل الذي يمحو أَلْواح الصِّبْيان، والمِنْجَل الزرع الملتفُّ المُزْدَجُّ، والمِنْجَل الرجل الكثير الأَولاد، والمِنْجَل البعير الذي يَنْجُلُ الكَمْأَةَ بِخُفِّه.
والصَّحْصَحانُ الأَنْجل: هو الواسع.
ونَجَلْت الشيء أَي استخرجْته.
ومَناجِلُ: اسم موضع؛ قال لبيد: وجادَ رَهْوَى إِلى مَناجِلَ فالـ ـصَّحْراء أَمْسَتْ نِعاجُه عُصَبا

بتت (لسان العرب) [0]


البَتُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِل. يقال: بَتَتُّ الحبلَ فانْبَتَّ. ابن سيده: بَتَّ الشيءَ يَبُتُّه، ويَبِتُّه بَتّاً، وأَبَتَّه: قطَعه قَطْعاً مُسْتَأْصِلاً؛ قال: فَبَتَّ حِبالَ الوصْلِ، بيني وبَيْنَها، أَزَبُّ ظَهُورِ السَّاعِدَيْنِ، عَذَوَّرُ قال الجوهري في قوله: بَتَّه يَبُتُّه قال: وهذا شاذّ لأَنَّ باب المُضاعف، إِذا كانَ يَفْعِل منه مكسوراً، لا يجيءُ متعدِّياً إِلاَّ أَحرفٌ معدودة، وهي بَتَّه يَبُتُّه وَيَبِتُّه، وعَلَّه في الشُّرب يَعُلُّه ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، وشَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه، وحَبَّه يَحِبُّه؛ قال: وهذه وحدَها على لغةٍ واحدةٍ. قال: وإِنما سَهَّلَ تَعَدِّيَ هذه الأَحْرُف إِلى المفعول اشتراكُ الضم والكسر فيهنّ؛ وبَتَّتَه تَبْتِيتاً: شُدِّدَ للمبالغة، وبَتَّ هو يَبِتُّ ويَبُتُّ بَتّاً وأَبَتَّ.
وقولهم: تَصَدَّقَ . . . أكمل المادة فلانٌ صَدَقَةً بَتاتاً وبَتَّةً بَتْلَةً إِذا قَطَعَها المُتَصَدِّقُ بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، وقد انْقَطَعَتْ منه؛ وفي النهاية: صدقة بَتَّةٌ أَي مُنْقَطِعَةٌ عن الإِمْلاكِ؛ وفي الحديث: أَدْخَلَه اللَّهُ الجَنَّةَ البَتَّةَ. الليث: أَبَتَّ فُلانٌ طَلاقَ امرأَتِه أَي طَلَّقَها طَلاقاً باتّاً، والمُجاوزُ منه الإِبْتاتُ. قال أَبو منصور: قول الليث في الإِبْتاتِ والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد، لأَنه جَعَل الإِبْتات مُجاوزاً، وجعل البَتَّ لازماً، وكلاهما مُتعدِّ؛ ويقال: بَتَّ فلانٌ طَلاقَ امرأَتِه، بغير أَلف، وأَبَتَّه بالأَلف، وقد طَلَّقها البَتَّةَ.
ويقال: الطَّلْقةُ الواحدة تَبُتُّ وتَبِتُّ أَي تَقطَعُ عِصْمةَ النكاح، إِذا انْقَضَتِ العدَّة.
وطَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً وبَتاتاً أَي قَطْعاً لا عَوْدَ فيها؛ وفي الحديث: طلَّقها ثلاثاً بَتَّةً أَي قاطعةً.
وفي الحديث: لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلاَّ في بيتها، هي المُطَلَّقة طَلاقاً بائِناً.
ولا أَفْعَلُه البَتَّةَ: كأَنه قَطَعَ فِعْلَهُ. قال سيبويه: وقالوا قَعَدَ البَتَّةَ مصدر مُؤَكِّد، ولا يُستعمل إِلا بالأَلف واللام.
ويقال: لا أَفْعَلُه بَتَّةً، ولا أَفعلهُ البَتَّةَ، لكل أَمرٍ لا رَجْعة فيه؛ ونَصْبُه على المصدر. قال ابن بري: مذهب سيبويه وأَصحابه أَن البَتَّةَ لا تكون إِلاَّ معرفة البَتَّةَ لا غَيْرُ، وإِنما أَجازَ تَنْكِيرَه الفراءُ وَحْدَه، وهو كوفيٌّ.
وقال الخليل بن أَحمد: الأُمورُ على ثلاثة أَنحاءٍ، يعني على ثلاثة أَوجه: شيءٌ يكون البَتَّةَ، وشيءٌ لا يكونُ البَتَّةَ، وشيءٌ قد يكون وقد لا يكون. فأَما ما لا يكون، فما مَضَى من الدهر لا يرجع؛ وأَما ما يكون البَتَّة، فالقيامةُ تكون لا مَحالة؛ وأَما شيءٌ قد يكون وقد لا يكون، فمِثْل قَدْ يَمْرَضُ وقد يَصِحُّ.
وبَتَّ عليه القضاءَ بَتّاً، وأَبَتَّه: قطعه.
وسكرانُ ما يَبُتُّ كلاماً أَي ما يُبَيِّنُه.
وفي المحكم: سَكْرانُ ما يَبُتُّ كلاماً، وما يَبِتُّ، وما يُبِتُّ أَي ما يقطعه.
وسكرانُ باتٌّ: مُنْقَطِعٌ عن العمل بالسُّكْر؛ هذه عن أَبي حنيفة. الأَصمعي: سكرانُ ما يَبُتُّ أَي ما يَقْطَعُ أَمْراً؛ وكان ينكر يُبِتُّ؛ وقال الفراءُ: هما لغتان، يقال بَتَتُّ عليه القضاءَ، وأَبْتَتُّه عليه أَي قَطَعْتُه.
وفي الحديث: لا صِيامَ لمن لم يُبِتَّ الصيامَ من الليل؛ وذلك من الجَزْم والقَطْع بالنية؛ ومعناه: لا صِيامَ لمن لم يَنْوِه قبل الفجر، فيَجْزِمْه ويَقْطَعْه من الوقت الذي لا صَوْم فيه، وهو الليل؛ وأَصله من البَتّ القَطْعِ؛ يقال: بَتَّ الحاكمُ القضاءَ على فلان إِذا قَطَعه وفَصَلَه، وسُمِّيَتِ النيَّةُ بَتّاً لأَنها تَفْصِلُ بين الفِطْرِ والصوم.
وفي الحديث: أَبِتُّوا نكاحَ هذه النساءِ أَي اقْطَعُوا الأَمْر فيه، وأَحْكِمُوه بشرائطه، وهو تَعْريضٌ بالنهي عن نكاح المُتْعةِ، لأَِنه نكاحٌ غير مَبْتُوتٍ، مُقَدَّرٌ بمدّة.
وفي حديث جُوَيريةَ، في صحيح مسلم: أَحْسِبُه قال جُوَيرية أَو البَتَّةُ؛ قال: كأَنه شك في اسمها، فقال: أَحْسِبُه جُوَيرية، ثم استدرك فقال: أَو أَبُتُّ أَي أَقْطَعُ أَنه قال جُوَيرية، لا أَحْسِبُ وأَظُنُّ.
وأَبَتَّ يَمينَه: أَمْضاها.
وبَتَّتْ هي: وجَبَتْ، تَبُتُّ بُتُوتاً، وهي يَمين بَاتَّةٌ.
وحَلَفَ على ذلك يميناً بَتاً، وبَتَّةً، وبَتَاتاً: وكلُّ ذلك من القَطْع؛ ويقال: أَعْطَيْتُه هذه القَطيعَةَ بَتّاً بَتْلاً.
والبَتَّةُ اشتقاقُها من القَطْع، غير أَنه يُستعمل في كل أَمْرٍ يَمضي لا رَجْعَةَ فيه، ولا الْتِواءَ.
وأَبَتَّ الرجلُ بعيرَه من شِدَّة السَّير، ولا تُبِتَّه حتى يَمْطُوَه السَّيرُ؛ والمَطْوُ: الجِدُّ في السَّير.
والانْبِتاتُ: الانقِطاعُ.
ورجل مُنْبَتٌّ أَي مُنْقَطَعٌ به.
وأَبَتَّ بعيرَه: قَطَعَه بالسير.
والمُنْبَتُّ في حديث الذي أَتْعَبَ دابَّتَه حتى عَطِبَ ظَهْرُه، فبَقِي مُنْقَطَعاً به؛ ويقال للرجل إِذا انْقَطع في سفره، وعَطِبَتْ راحلَتُه: صار مُنْبَتّاً؛ ومنه قول مُطَرَّفٍ: إِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضاً قَطَع، ولا ظَهْراً أَبْقى. غيره: يقال للرجل إِذا انْقُطِعَ به في سَفَرِه، وعَطِبَتْ راحِلَتُه: قد انْبَتَّ من البَتِّ القَطْعِ، وهو مُطاوِعُ بَتَّ؛ يقال: بَتَّه وأَبَتَّه، يريد أَنه بقي في طريقه عاجزاً عن مَقْصِدِهِ، ولم يَقْضِ وَطَرَه، وقد أَعْطَب ظَهْرَه. الكسائي: انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا انْقَطَعَ ماءُ ظَهْره؛ وأَنشد: لقد وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ، عند القيامِ، وانْبِتاتاً في السَّحَرْ وبَتَّ عليه الشهادةَ، وأَبَتَّها: قَطَع عليه بها، وأَلزمه إِياها.
وفلانٌ على بَتاتِ أَمرٍ إِذا أَشرف عليه؛ قال الراجز: وحاجةٍ كنتُ على بَتاتِها والباتُّ: المَهْزُول الذي لا يقدر أَن يقوم.
وقد بَتَّ يَبِتُّ بُتُوتاً.
ويقال للأَحْمق المَهْزولِ: هو باتٌّ.
وأَحْمَقُ باتٌّ: شَديدُ الحُمْق. قال الأَزهري: الذي حَفِظْناه عن الثِّقاتِ أَحْمَقُ تابٌّ مِن التَّبَابِ، وهو الخَسارُ، كما قالوا أَحْمَقُ خاسِرٌ، دابرٌ، دامِرٌ.
وقال الليث: يقال انقطع فلانٌ عن فلانٍ، فانْبَتَّ حَبْلُه عنه أَي انقطع وِصالُه وانْقَبض؛ وأَنشد: فَحَلَّ في جُشَمٍ، وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً بحَبْلهِ، من ذَوِي الغُرِّ الغَطاريفِ ابن سيده: والبَتُّ كِساءٌ غليظٌ، مُهَلْهَلٌ، مُرَبَّع، أَخْضرُ؛ وقيل: هو من وَبَرٍ وصُوفٍ، والجمع أَبُتٌّ وبِتاتٌ. التهذيب: البَتُّ ضرْبٌ من الطَّيالِسة، يسمّى السَّاجَ، مُرَبَّعٌ، غليظ، أَخضر، والجمع: البُتُوتُ. الجوهري: البَتُّ الطَّيْلَسانُ مِن خَزٍّ ونحوه؛ وقال في كِساءٍ من صُوف: مَن كان ذا بَتٍّ، فهذا بَتِّي مُقيِّظٌ، مُصَيِّفٌ، مُشَتِّي، تَخِذْتُه من نَعَجاتٍ سِتِّ والبَتِّيُّ الذي يَعْمله أَو يبيعه، والبتَّاتُ مثلُه.
وفي حديث دار النَّدْوة وتَشاوُرِهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: فاعترضهم إِبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌّ أَي كساءٌ غليظ مُرَبَّعٌ، وقيل: طَيْلَسان من خَزٍّ.
وفي حديث عليٍّ، عليه السلام: أَن طائفة جاءَت إِليه، فقال لقَنْبر: بَتِّتْهمهم أَي أَعْطِهم البُتُوتَ.
وفي حديث الحسن، عليه السلام: أَينَ الذين طَرَحُوا الخُزُوزَ والحِبَراتِ، ولَبِسُوا البُتُوتَ والنِّمَرَاتِ؟ وفي حديث سُفْيان: أَجِدُ قَلْبي بين بُتُوتٍ وعَباءٍ.
والبَتَاتُ: متاعُ البيت.
وفي حديث النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كَتَبَ لحارثة بنِ قَطَنٍ ومَن بدُومةِ الجَنْدَل من كَلْب: إِنَّ لنا الضاحِيَةَ من البَعْلِ، ولكم الضامنةُ من النَّخْلِ، ولا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ، ولا يؤْخذ منكم عُشْرُ البَتاتِ؛ قال أَبو عبيد: لا يُؤْخَذ منكم عُشْر البَتاتِ، يعني المتاع ليس عليه زكاة، مما لا يكون للتجارة.
والبَتاتُ: الزادُ والجِهَازُ، والجمع أَبِتَّةٌ؛ قال ابن مُقبل في البَتاتِ الزَّادِ: أَشَاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ، ونِسْوةٌ بِكِرْمانَ، يُغْبَقْنَ السَويقَ المُقَنَّدَا وبَتَّتُوه: زَوَّدُوه.
وتَبَتَّتَ: تَزَوَّدَ وتمَنَّعَ.
ويقال: ما لَه بَتاتٌ أَي ما لَه زادٌ؛ وأَنشد: ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَنْ لم تَبِعْ له بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ وهو كقوله: ويأْتيكَ بالأَخْبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ أَبو زيد: طَحَنَ بالرَّحَة شَزْراً، وهو الذي يَذْهَبُ بالرَّحَى عن يمينه، وبَتّاً، ابْتَدَأَ إِدارَتها عن يساره؛ وأَنشد: ونَطْحَنُ بالرَّحَى شَزْراً وبَتّاً، ولو نُعْطَى المَغازِلَ، ما عَيينَا

أمس (لسان العرب) [0]


أَمْسِ: من ظروف الزمان مبني على الكسر إِلا أَن ينكر أَو يعرَّف، وربما بني على الفتح، والنسبة إِليه إِمسيٌّ، على غير قياس. قال ابن جني: امتنعوا من إِظهار الحرف الذي يعرَّف به أَمْسِ حتى اضطروا بذلك إِلى بنائه لتضمنه معناه، ولو أَظهروا ذلك الحرف فقالوا مَضَى الأَمسُ بما فيه لما كان خُلْفاً ولا خطأً؛ فأَما قول نُصيب: وإِني وَقَفْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ببابِكَ، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُبُ فإِن ابن الأَعرابي قال: روي الأَمْسِ والأَمْسَ جرّاً ونصباً، فمن جره فعلى الباب فيه وجعل اللام مع الجر زائدة، واللام المُعَرَّفة له مرادة فيه وهو نائب عنها ومُضَمن لها، فكذلك . . . أكمل المادة قوله والأَمس هذه اللام زائدة فيه، والمعرفة له مرادة فيه محذوفة عنه، يدل على ذلك بناؤه على الكسر وهو في موضع نصب، كما يكون مبنيّاً إِذا لم تظهر اللام في لفظه، وأَما من قال والأَمْسَ فإِنه لم يضمنه معنى اللام فيبنيه، لكنه عرَّفه كما عرَّف اليوم بها، وليست هذه اللام في قول من قال والأَمسَ فنصب هي تلك اللام التي في قول من قال والأَمْسِ فجرّ، تلك لا تظهر أَبداً لأَنها في تلك اللغة لم تستعمل مُظْهَرَة، أَلا ترى أَن من ينصب غير من يجرّ؟ فكل منهما لغة وقياسهما على ما نطق به منهما لا تُداخِلُ أُخْتَها ولا نسبة في ذلك بينها وبينها. الكسائي: العرب تقول: كَلَّمتك أَمْسِ وأَعجبني أَمْسِ يا هذا، وتقول في النكرة: أَعجبني أَمْسِ وأَمْسٌ آخر، فإِذا أَضفته أَو نكرته أَو أَدخلت عليه الأَلف والسلام للتعريف أَجريته بالإِعراب، تقول: كان أَمْسُنا طيباً ورأَيت أَمسَنا المبارك ومررت بأَمسِنا المبارك، ويقال: مضى الأَمسُ بما فيه؛ قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأَمْس وإِن أَدخل عليه الأَلف واللام، كقوله: وإِني قَعَدْتُ اليومَ والأَمْسِ قبله وقال أَبو سعيد: تقول جاءَني أَمْسِ فإِذا نسبت شيئاً إِليه كسرت الهمزة، قلت إِمْسِيٌّ على غير قياس؛ قال العجاج: وجَفَّ عنه العَرَقُ الإِمْسيُّ وقال العجاج: كأَنَّ إِمْسِيّاً به من أَمْسِ، يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ الجوهري: أَمْسِ اسم حُرِّك آخره لالتقاء الساكنين، واختلفت العرب فيه فأَكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إِذا أَدخل عليه الأَلف واللام أَو صيره نكرة أَو أَضافه. غيره: ابن السكيت: تقول ما رأَيته مُذْ أَمسِ، فإِن لم تره يوماً قبل ذلك قلت: ما رأَيته مذ أَوَّلَ من أَمْسِ، فإِن لم تره يومين قبل ذلك قلت: ما رأَيته مُذ أَوَّلَ من أَوَّلَ من أَمْسِ. قال ابن الأَنباري: أَدخل اللام والأَلف على أَمس وتركه على كسره لأَن أَصل أَمس عندنا من الإِمساء فسمي الوقت بالأَمر ولم يغير لفظه؛ من ذلك قول الفرزدق: ما أَنْتَ بالحَكَمِ التُرْضى حُكومَتُهُ، ولا الأَصيلِ ولا ذي الرأْي والجَدَلِ فأَدخل الأَلف واللام على تُرْضى، وهو فعل مستقبل على جهة الاختصاص بالحكاية؛ وأَنشد الفراء: أَخفن أَطناني إِن شكين، وإِنني لفي شُغْلٍ عن دَحْليَ اليَتَتَبَّعُ (* قوله «أخفن أطناني إلخ» كذا بالأصل هنا وفي مادة تبع.) فأَدخل الأَلف واللام على يتتبع، وهو فعل مستقبل لما وصفنا.
وقال ابن كيسان في أَمْس: يقولون إِذا نكروه كل يوم يصير أَمْساً، وكل أَمسٍ مضى فلن يعود، ومضى أَمْسٌ من الأُموس.
وقال البصريون: إِنما لم يتمكن أَمْسِ في الإِعراب لأَنه ضارع الفعل الماضي وليس بمعرب؛ وقال الفراء: إِنما كُسِرَتْ لأَن السين طبعها الكسر، وقال الكسائي: أَصلها الفعل أُحذ من قولك أَمْسِ بخير ثم سمي به، وقال أَبو الهيثم: السين لا يلفظ بها إِلا من كسر الفم ما بين الثنية إِلى الضرس وكسرت لأَن مخرجها مكسور في قول الفراء؛ وأَنشد: وقافيةٍ بين الثَّنِيَّة والضِّرْسِ وقال ابن بزرج: قال عُرامٌ ما رأَيته مُذ أَمسِ الأَحْدَثِ، وأَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، وقال بِجادٌ: عهدي به أَمْسَ الأَحْدَثَ، وأَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، قال: ويقال ما رأَيته قبل أَمْسِ بيوم؛ يريد من أَولَ من أَمْسِ، وما رأَيته قبل البارحة بليلة. قال الجوهري: قال سيبويه وقد جاء في ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح؛ وأَنشد: لقد رأَيتُ عَجَباً، مُذْ أَمْسا، عَجائزاً مِثْلَ السَّعالي خَمْسا يأْكُلْنَ في رَحْلِهنَّ هَمْسا، لا تَرك اللَّهُ لهنَّ ضِرْسا قال ابن بري: اعلم أَن أَمْسِ مبنية على الكسر عند أَهل الحجاز وبنو تميم يوافقونهم في بنائها على الكسر في حال النصب والجرّ، فإِذا جاءَت أَمس في موضع رفع أَعربوها فقالوا: ذهب أَمسُ بما فيه، وأَهل الحجاز يقولون: ذهب أَمسِ بما فيه لأَنها مبنية لتضمنها لام التعريف والكسرة فيها لالتقاء الساكنين، وأَما بنو تميم فيجعلونها في الرفع معدولة عن الأَلف واللام فلا تصرف للتعريف والعدل، كما لا يصرف سَحَر إِذا أَردت به وقتاً بعينه للتعريف والعدل؛ وشاهد قول أَهل الحجاز في بنائها على الكسر وهي في موضع رفع قول أُسْقُف نَجْران: مَنَعَ البَقاءَ تَقَلُّبُ الشَّمْسِ، وطُلوعُها من حيثُ لا تُمْسِي اليَوْمَ أَجْهَلُ ما يَجيءُ به، ومَضى بِفَصْلِ قَضائه أَمْسِ فعلى هذا تقول: ما رأَيته مُذْ أَمْسِ في لغة الحجاز، جَعَلْتَ مذ اسماً أَو حرفاً، فإِن جعلت مذ اسماً رفعت في قول بني تميم فقلت: ما رأَيته مُذ أَمْسُ، وإِن جعلت مذ حرفاً وافق بنو تميم أَهل الحجاز في بنائها على الكسر فقالوا: ما رأَيته مُذ أَمسِ؛ وعلى ذلك قول الراجز يصف إِبلاً: ما زالَ ذا هزيزَها مُذْ أَمْسِ، صافِحةً خُدُودَها للشَّمْسِ فمذ ههنا حرف خفض على مذهب بني تميم، وأَما على مذهب أَهل الحجاز فيجوز أَن يكون مذ اسماً ويجوز أَن يكون حرفاً.
وذكر سيبويه أَن من العرب من يجعل أَمس معدولة في موضع الجر بعد مذ خاصة، يشبهونها بمذ إِذا رفعت في قولك ما رأَيته مذ أَمْسُ، ولما كانت أَمس معربة بعد مذ التي هي اسم، كانت أَيضاً معربة مع مذ التي هي حرف لأَنها بمعناها، قال: فبان لك بهذا غلط من يقول إن أَمس في قوله: لقد رأَيت عجبا مذ أَمسا مبنية على الفتح بل هي معربة، والفتحة فيها كالفتحة في قولك مررت بأَحمد؛ وشاهد بناء أَمس إِذا كانت في موضع نصب قول زياد الأَعجم: رأَيتُكَ أَمْسَ خَيْرَ بني مَعَدٍّ، وأَنت اليومَ خَيْرٌ منك أَمْسِ وشاهد بنائها وهي في موضع الجر وقول عمرو بن الشَّريد: ولقدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً، وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ وكذا قول الآخر: وأَبي الذي تَرَكَ المُلوك وجَمْعَهُمْ، بِصُهابَ، هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ قال: واعلم أَنك إِذا نكرت أَمس أَو عرَّفتها بالأَلف واللام أَو أَضفتها أَعربتها فتقول في التنكير: كلُّ غَدٍ صائرٌ أَمْساً، وتقول في الإِضافة ومع لام التعريف: كان أَمْسُنا طَيِّباً وكان الأَمْسُ طيباً؛ وشاهده قول نُصَيْب: وإِني حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ببابِك، حتى كادَتِ الشمسُ تَغْرُب (* ذكر هذا البيت في صفحة ؟؟ وفيه: وإِني وقفت بدلاً من: وإني حبست.
وهو في الأغاني: وإني نَوَيْتُ.) قال: وكذلك لو جمعته لأعربته كقول الآخر: مَرَّتْ بنا أَوَّلَ من أُمُوسِ، تَمِيسُ فينا مِشْيَةَ العَرُوسِ قال الجوهري: ولا يصغر أَمس كما لا يصغر غَدٌ والبارحة وكيف وأَين ومتى وأَيّ وما وعند وأَسماء الشهور والأُسبوع غير الجمعة. قال ابن بري: الذي حكاه الجوهري في هذا صحيح إِلا قوله غير الجمعة لأَن الجمعة عند سيبويه مثل سائر أَيام الأُسبوع لا يجوز أَن يصغر، وإِنما امتنع تصغير أَيام الأُسبوع عند النحويين لأَن المصغر إنما يكون صغيراً بالإِضافة إِلى ما له مثل اسمه كبيراً،وأيام الأُسبوع متساوية لا معنى فيها للتصغير، وكذلك غد والبارحة وأَسماء الشهور مثل المحرّم وصفر.

سخن (لسان العرب) [0]


السُّخْنُ، بالضم: الحارُّ ضدّ البارد، سَخُنَ الشيءُ والماءُ، بالضم، وسَخَنَ، بالفتح، وسَخِنَ؛ الأَخيرة لغة بني عامر، سُخونة وسَخانةً وسُخْنة وسُخْناً وسَخَناً وأَسْخَنَه إِسْخاناً وَسخَّنَه وسَخُنَتْ الأَرض وسَخِنَتْ وسَخُنَت عليه الشمس؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وبنو عامر يَكْسِرون.
وفي حديث معاوية بن قُرّة: شَرُّ الشتاء السَّخينُ أَي الحارّ الذي لا برد فيه. قال: والذي جاء في غريب الحَرْبيّ: شرُّ الشتاءِ السُّخَيْخِين، وشرحه أَنه الحارّ الذي لا برد فيه، قال: ولعله من تحريف النَّقَلة.
وفي حديث أَبي الطُّفَيْل: أَقبل رهْطٌ معهم امرأَة فخرجوا وتركوها مع أَحدهم فشهد عليه رجل منهم فقال: رأَيت سَخينَته تَضْرب اسْتَها يعني بَيْضَتيه لحرارتهما.
وفي حديث واثلة: أَنه، عليه . . . أكمل المادة السلام، دَعا بقُرْصٍ فكسره في صَحْفة ثم صَنَعَ فيها ماءً سُخْناً؛ ماء سُخْن، بضم السين وسكون الخاء، أَي حارّ.
وماء سَخِينٌ ومُسَخَّنٌ وسِخِّين وسُخاخِينٌ: سُخْنٌ، وكذلك طعام سُخاخِين. ابن الأَعرابي: ماءٌ مُسْخَنٌ وسَخِين مثل مُتْرَص وتَريصٍ ومُبرَم وبَريمٍ؛ وأَنشد لعمرو ابن كلثوم: مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فيها، إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا. قال: وقول من قال جُدْنا بأَموالنا فليس بشيء؛ قال ابن بري: يعني أَنّ الماء الحارّ إذا خالطها اصْفَرَّت، قال: وهذا هو الصحيح؛ وكان الأَصمعي يذهب إلى أَنه من السَّخاء لأَنه يقول بعد هذا البيت: ترى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ، إذا أُمِرَّتْ عليه لمالِهِ فيها مُهِينا. قال: وليس كما ظن لأَن ذلك لقب لها وذا نعت لفعلها، قال: وهو الذي عناه ابن الأَعرابي بقوله: وقول من قال جُدْنا بأَموالنا ليس بشيء، لأَنه كان ينكر أَن يكون فعيل بمعنى مُفْعَل، ليبطل به قول ابن الأَعرابي في صفته: الملدوغ سليم؛ إنه بمعنى مُسْلَم لما به. قال: وقد جاء ذلك كثيراً، أَعني فعيلاً بمعنى مُفْعَل مثل مُسْخَن وسَخِين ومُتْرَص وتَرِيص، وهي أَلفاظ كثيرة معدودة. يقال: أََعْقَدْتُ العسلَ فهو مُعْقَدُ وعَقِيد، وأَحْبَسْته فرساً في سبيل الله فهو مُحْبَسٌ وحَبِيس، وأَسْخَنْتُ الماءَ فهو مُسْخَنٌ وسَخِين، وأَطْلَقْتُ الأَسيرَ فهو مُطْلَقٌ وطَلِيق، وأَعْتَقْت العبدَ فهو مُعْتَق وعَتِيق، وأَنْقَعْتُ الشرابَ فهو مُنْقَع ونَقِيع، وأَحْبَبْتُ الشيءَ فهو مُحَبٌّ وحَبِيبٌ، وأَطْرَدْتُه فهو مُطْرَد وطَرِيد أَي أَبعدته، وأَوْجَحْتُ الثوبَ إذا أَصْفَقْته فهو مُوجَحٌ ووَجِيحٌ، وأَتْرَصْتُ الثوبَ أَحْكمته فهو مُترَص وتَرِيص، وأَقْصَيْتُه فهو مُقْصىً وقَصِيٌّ، وأَهْدَيْت إلى البيت هَدْياً فهو مُهْدَى وهَدِيٌّ، وأَوصيت له فهو مُوصىً ووَصِيٌّ، وأَجْنَنْتُ الميتَ فهو مُجَنٌ وجَنين، ويقال لولد الناقة الناقص الخَلْق مُخْدَجٌ وخَديجٌ؛ قال: ذكره الهروي، وكذلك مُجْهَضٌ وجَهِيض إذا أَلقته من شدّة السير، وأُبْرَمْتُ الأمرَ فهو مُبْرَمٌ وبَرِيمٌ، وأَبْهَمْتُه فهو مُبْهَم وبَهِيمٌ، وأَيْتَمه الله فهو مُوتَم ويَتِيم، وأَنْعَمه الله فهو مُنعَمٌ ونَعِيم، وأُسْلِمَ الملْسُوعُ لما به فهو مُسْلَم وسَلِيم، وأَحْكَمْتُ الشيءَ فهو مُحْكَم وحَكيم؛ ومنه قوله عز وجل: تلك آياتُ الكتابِ الحكيم؛ وأَبْدَعْته فهو مُبْدَع وبَدِيع، وأَجْمَعْتُ الشيء فهو مُجْمَع وجَمِيع، وأَعْتَدْتُه بمعنى أَعْدَدْته فهو مُعْتَد وعَتيد؛ قال الله عز وجل: هذا ما لَدَيّ عَتِيد؛ أَي مُعْتَدٌ مُعَدٌّ؛ يقال: أَعددته وأَعتدته وأَعتدته بمعنى، وأَحْنَقْتُ الرجل أَغضبه فهو مُحْنَقٌ وحَنِيقٌ؛ قال الشاعر: تَلاقَيْنا بغِينةِ ذي طُرَيْفٍ، وبعضُهُم على بعضٍ حَنِيقُ.
وأَفْرَدْته فهو مُفْرَد وفَرِيد، وكذلك مُحْرَدٌ وحَرِيد بمعنى مُفْرد وفَريد، قال: وأَما فعيل بمعنى مُفْعِل فمُبْدِعٌ وبَدِيع، ومُسْمِع وسَمِيع، ومُونِقٌ وأَنيق، ومُؤْلِم وأَلِيم، ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قال الهذلي: حتى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلُ غيره: وماء سُخَاخِينٌ على فُعاليل، بالضم، وليس في الكلام غيره. أَبو عمرو: ماء سَخِيم وسَخِين للذي ليس بحارٍّ ولا بارد؛ وأَنشد: إنّ سَخِيمَ الماءِ لن يَضِيرا.
وتَسْخين الماء وإِسْخانه بمعنى.
ويومٌ سُخاخينٌ: مثل سُخْن؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله: أُحِبُّ أُمَّ خالِدٍ وخالِداً، حُبّاً سُخاخِيناً وحُبّاً باردا. فإِنه فسر السُّخاخين بأَنه المؤذي المُوجِع، وفسر البارد بأَنه الذي يَسْكُنُ إليه قلبه، قال كراع: ولا نظير لسُخَاخِين.
وقد سَخَنَ يومُنا وسَخُن يَسْخُن، وبعض يقول يَسْخَنُ، وسَخِنَ سُخْناً وسَخَناً.
ويوم سُخْن وساخِن وسُخْنانٌ وسَخْنانٌ: حارٌّ.
وليلة سُخْنه وساخنة وسُخْنانة وسَخْنانة وسَخَنَانة، وسَخُنَتِ النارُ والقِدْر تَسْخُنُ سُخْناً وسُخُونة، وإني لأَجِدُ في نفْسي سُخْنة وسِخْنة وسَخْنة وسَخَنَةً، بالتحريك، وسَخْناءَ، ممدود، وسُخونة أَي حَرّاً أَو حُمَّى، وقيل: هي فَضْلُ حرارة يجدها من وجع.
ويقال: عليك بالأَمر عند سُخْنته أَي في أَوله قبل أَن يَبْرُد.
وضَرْبٌ سِخِّين: حارٌّ مُؤْلِم شديد؛ قال ابن مقبل: ضَرْباً تَواصَتْ به الأَبْطالُ سِخِّينا والسَّخينةُ: التي ارتفعت عن الحَسَاء وثَقُلَتْ عن أَن تُحْسَى، وهي طعام يتخذ من الدقيق دون العصيدة في الرقة وفوقَ الحَساء، وإنما يأْكلون السَّخِينة والنَّفِيتَة في شدَّة الدَّهْرِ وغَلاءِ السِّعْرِ وعَجَِفِ المالِ. قال الأَزهري: وهي السَّخُونة أَيضاً.
وروي عن أَبي الهَيْثم أَنه كتب أعرابي قال: السَّخِينة دقيق يُلْقَى على ماءٍ أَو لبن فيطبخ ثم يؤْكل بتمر أَو يُحسَى، وهو الحَسَاءِ. غيره: السَّخِينة تعمل من دقيق وسمن.
وفي حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها جاءت النبي، صلى الله عليه وسلم، ببُرْمَةٍ فيها سَخِينة أَي طعام حارّ، وقيل: هي طعام يتخذ من دقيق وسمن، وقيل: دقيق وتمر أَغلظ من الحَسَاء وأَرق من العصيدة، وكانت قريش تكثر من أَكلها فعُيِّرَتْ بها حتى سُمُّوا سَخِينَة.
وفي الحديث: أَنه دخل على عمه حمزة فصُنِعَتْ لهم سَخِينَةٌ فأَكلوا منها.
وفي حديث معاوية: أَنه مازَحَ الأََحْنَفَ بنَ قيس فقال: ما الشيءُ المُلَفَّفُ في البِجَادِ؟ قال: هو السَّخِينة يا أَمير المؤمنين؛ المُلَفَّفُ في البِجاد: وَطْبُ اللبن يُلَفُّ فيه ليَحْمَى ويُدْرِكَ، وكانت تميم تُعَيِّرُ به.
والسَّخِينة: الحَساءِ المذكور، يؤْكل في الجَدْب، وكانت قريش تُعَيِّرُ بها، فلما مازحه معاوية بما يعاب به قومه مازحه الأحْنَفُ بمثله.
والسَّخُونُ من المرق: ما يُسَخَّنُ؛ وقال: يُعْجبُه السَّخُونُ والعَصِيدُ، والتَّمْرُ حُبّاً ما له مَزِيدُ.
ويروى: حتى ما له مزيد.
وسَخِينةُ: لقب قريش لأَنها كانت تُعاب بأَكْل السَّخينة؛ قال كعب بن مالك (* قوله «قال كعب بن مالك» زاد الأزهري الأنصاري، والذي في المحكم: قال حسان).: زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَن سَتَغْلِبُ رَبَّها، ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ.
والمِسْخَنَةُ من البِرامِ: القِدْرُ التي كأَنها تَوْر؛ ابن شُميل: هي الصغيرة التي يطبخُ فيها للصبي.
وفي الحديث: قال له رجل يا رسول الله، هل أُنزِل عليك طعامٌ من السماء؟ فقال: نعم أُنزل عليّ طعام في مِسْخَنة؛ قال: هي قِدْر كالتَّوْرِ يُسَخَّن فيها الطعام.
وسُخْنَةُ العين: نقيضُ قُرَّتها، وقد سَخِنَت عينه، بالكسر، تَسْخَنُ سَخَناً وسُخْنَةً وسُخُوناً وأَسْخَنها وأَسْخَنَ بها؛ قال: أَوهِ أَدِيمَ عِرْضِه، وأَسْخِنِ بعَيْنِه بعد هُجوعِ الأَعْيُنِ (* حرك نون أسخن بالكسر وحقها السكون مراعاة للقافية).
ورجل سَخِينُ العين، وأَسْخَن الله عينَه أَي أَبكاه.
وقد سخُنَتْ عينه سُخْنَة وسُخُوناً، ويقال: سَخِنَتْ وهي نقيض قَرّت، ويقال: سَخِنَت عينه من حرارة تَسْخَن سُخْنَةً؛ وأَنشد: إذا الماءُ من حالِبَيْه سَخِنْ قال: وسَخِنَت الأَرض وسَخُنت، وأَما العين فبالكسر لا غير.
والتَّساخين: المَراجل، لا واحد لها من لفظها؛ قال ابن دريد: إلا أَنه قد يقال تِسْخان، قال: ولا أَعرف صحة ذلك.
وسَخُنَت الدابة إِذا أُجْرِيَت فسَخُنَ عِظامُها وخَفَّتْ في حُضْرِها؛ ومنه قول لبيد: رَفَّعْتُها طَرَدَ النَّعامِ وفوْقَهُ، حتى إذا سَخُنَتْ وخَفَّ عِظامُها.
ويروى سخنت، بالفتح والضم.
والتَّساخِينُ: الخِفافُ، لا واحد لها مثل التَّعاشِيب.
وقال ثعلب: ليس للتَّساخين واحد من لفظها كالنساء لا واحد لها، وقيل: الواحد تَسْخان وتَسْخَن.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، بعث سَرِيَّةً فأَمَرهم أَن يَمْسَحُوا على المَشاوِذ والتَّساخين؛ المَشاوذُ: العمائم، والتَّساخِين: الخِفَاف. قال ابن الأَثير: وقال حمزة الأَصبهاني في كتاب المُوازنة: التَّسْخان تعريب تَشْكَن، وهو اسم غِطاء من أَغطية الرأْس، كان العلماءُ والمَوَابِذة يأْخذونه على رؤوسهم خاصة دون غيرهم، قال: وجاء ذكر التَّساخين في الحديث فقال مَنْ تعاطَى تفسيرَه هو الخُفُّ حيث لم يعرف فارسيته والتاء فيه زائدة.
والسَّخاخِينُ المَساحِي، واحدها سِخِّينٌ، بلغة عبد القيس، وهي مِسْحاة مُنْعَطِفة.
والسِّخِّينُ: مَرُّ المِحْراث؛ عن ابن الأَعرابي، يعني ما يَقْبِضُ عليه الحَرَّاثُ منه؛ ابن الأَعرابي: هو المِعْزَق والسِّخُّينُ، ويقال للسِّكِّين السِّخِّينة والشِّلْقاء، قال: والسَّخاخِين سَكاكين الجَزَّار.

شرق (لسان العرب) [0]


شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طلعت، واسم الموضع المَشْرِق، وكان القياس المَشْرَق ولكنه أحد ما ندر من هذا القبيل.
وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. يقال: شَرَقَت الشمسُ إذا طلعت، وأشْرَقَت إذا أضاءت، فإن أراد الطلوع فقد جاء في الحديث الآخر حتى تطلع الشمس، وإن أراد الإضاءة فقد ورد في حديث آخر: حتى ترتفع الشمس، والإضاءة مع الإرتفاع.
وقوله تعالى: يا ليت بيني وبَينَك بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ فبئس القَرِين؛ إنما أَراد بُعْدَ المشرق والمغرب، فلما جُعِلا اثنين غَلَّب لفظَ المشرق لأنه دالّ على الوجود والمغرب دال على العدم، والوجودُ لا محالة أشرفُ، كما يقال القمران . . . أكمل المادة للشمس والقمر؛ قال: لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ أَراد الشمس والقمر فغَلّب القمر لشرف التذكير، وكما قالوا سُنَّة العُمَرين يريدون أَبا بكر وعمر، رضوان الله عليهما، فآثروا الخِفَّة.
وأما قوله تعالى: رَبّ المشرقين وربّ المَغْربَيْن ورب المشارق المغارب، فقد ذكر في فصل الغين من حرف الباء في ترجمة غرب.
والشَّرْق: المَشْرِق، والجمع أَشراق؛ قال كُثَيِّر عزّة: إذا ضَرَبُوا يوماً بها الآل، زيَّنُوا مَساندَ أَشْراقٍ بها ومَغاربا والتَّشْرِيقُ: الأخذ في ناحية المشرق. يقال: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ ومُغرِّبٍ.
وشَرِّقوا: ذهبوا إلى الشَّرْق أَو أتوا الشرق.
وكل ما طلَع من المشرق فقد شَرَّق، ويستعمل في الشمس والقمر والنجوم.
وفي الحديث: لا تَسْتَقْبلوا القِبْلة ولا تَسْتَدْبروها، ولكن شَرِّقوا أَو غَرِّبوا؛ هذا أَمر لأَهل المدينة ومن كانت قِبْلته على ذلك السَّمْتِ ممن هو في جهة الشمال والجنوب، فأما من كانت قبلته في جهة المَشْرِق أو المغرب فلا يجوز له أَن يُشَرِّق ولا يُغَرِّب إنما يَجْتَنِب ويَشْتَمِل.
وفي الحديث: أناخَتْ بكم الشُّرْق الجُونُ، يعني الفِتَن التي تجيء من قِبَل جهة المشرق جمع شارِق، ويروى بالفاء، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرْقيّ: الموضع الذي تُشْرِق فيه الشمس من الأَرض.
وأَشْرَقَت الشمسُ إشْراقاً: أضاءت وانبسطت على الأَرض، وقيل: شَرَقَت وأَشْرَقت طلعت، وحكى سيبويه شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت.
وشَرِقَت، بالكسر: دَنَتْ للغروب.
وآتِيك كلَّ شارقٍ أي كلَّ يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارِقُ قَرْن الشمس. يقال: لا آتِيك ما ذَرَّ شارِقٌ. التهذيب: والشمس تسمى شارقاً. يقال: إني لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أي كلما طلع الشَّرْقُ، وهو الشمس.
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: الشَّرْق الضوء والشَّرْق الشمس.
وروى عمرو عن أَبيه أَنه قال: الشَّرْق الشمس، بفتح الشين، والشِّرْق الضوء الذي يدخل من شقّ الباب، ويقال له المِشْرِيق.
وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وأضاء وتلألأ حُسْناً.
والمَشْرقة: موضع القعود للشمس، وفيه أربع لغات: مَشْرُقة ومَشْرَقة، بضم الراء وفتحها، وشَرْقة، بفتح الشين وتسكين الراء، ومِشْراق.
وتَشَرَّقْت أي جلست فيه. ابن سيده: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الموضع الذي تَشْرُق عليه الشمس، وخصَّ بعضهم به الشتاء؛ قال: تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ ويقال: اقعُد في الشَّرْق أَي في الشَّمْسِ، وفي الشَّرْقة والمَشْرَقة والمَشْرُقة.
والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عن السيرافي.
ومِشْرِيقُ الباب: مدْخَلُ الشمس فيه.
وفي الحديث: أَنَّ طائراً يقال له القَرْقَفَنَّة يقع على مِشْرِيق باب مَنْ لا يَغار على أهله فلو رأَى الرجال يدخلون عليها ما غَيَّر؛ قيل في المِشْرِيق: إنه الشق الذي يقع فيه ضِحُّ الشمس عند شروقها؛ وفي الرواية الأُخرى في حديث وهب: إذا كان الرجل لا ينكرُ عَمَل السوء على أهله، جاءَ طائر يقال له الفَرْقَفَنَّة فيقع على مِشْرِيق بابه فيمكث أربعين يوماً، فإن أنكر طار، وإن لم يُنْكر مسح بجناحيه على عينيه فصار قُنْذُعاً دَيُّوثاً.
وفي حديث ابن عباس: في السماء بابٌ للتوبة يقال له المِشْرِيق وقد رُدَّ فلم يبق إلاّ شَرْقُه أَي الضوءُ الذي يدخل من شقِّ الباب.ومكان شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عليه الشمس فأضاء.
ويقال: أَشْرَقَت الأَرض إشراقاً إذا أنارت بإشْراق الشمس وضِحِّها عليها.
وفي التنزيل: وأَشْرَقَت الأَرضُ بنور رَبِّها.
والشَّرْقة: الشمس، وقيل: الشَّرَق والشَّرْق، بالفتح.
والشَّرِقة والشارِقُ والشَّرِيق: الشمس، وقيل: الشمس حين تَشرُق. يقال: طلعت الشَّرَق والشَّرُق، وفي الصحاح: طلع الشَّرْق ولا يقال غرَبت الشَّرْق ولا الشَّرَق. ابن السكيت: الشَّرَق الشمس، والشَّرْق، بسكون الراء، المكان الذي تَشْرُق فيه الشمس. يقال: آتيك كل يوم طَلْعَةَ شَرَقِه.
وفي الحديث: كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداونِ بينهما شَرَقٌ؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وهو الشمس، والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة موضع الشمس في الشتاء، فأما في الصيف فلا شَرقة لها، والمَشْرِقُ موقعها في الشتاء على الأَرض بعد طلوعها، وشَرْقَتُها دَفاؤُها إلى زوالها.
ويقال: ما بين المَشْرِقَيْنِ أَي ما بين المَشْرِق والمغرب.
وأَشْرَق الرجلُ أَي دخل في شروقِ الشمس.
وفي التنزيل: فأَخَذَتْهم الصَّيْحةُ مُشْرِقِينَ؛ أَي مُصْبِحين.
وأَشْرَقَ القومُ: دخلوا في وقت الشروق كما تقول أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فأما شَرَّقُوا وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق والمغرب.
وفي التنزيل: فأَتْبَعُوهم مُشْرقينَ، أي لَحِقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها. يقال: شَرَقَت الشمسُ إذا طلعت، وأَشْرَقَت أَضاءت على وجه الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إذا غابت.
والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصيف والشتاء. ابن الأَنباري في قولهم في النداء على الباقِلاَّ شَرْقُ الغداة طَرِيّ قال أَبو بكر: معناه قَطْعُ الغداة أَي ما قُطِع بالغداة والْتُقِط؛ قال الأَزهري: وهذا في الباقلاَّ الرَّطْب يُجْنَى من شجره. يقال: شَرقَتُ الثمرةَ إذا قطعتها.
وقال الفراءُ وغيره من أَهل العربية في تفسير قوله تعالى: من شَجَرةِ مُبارَكة زَيْتونةٍ لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة؛ يقول هذه الشجرة ليست مما تطْلع عليها الشمسُ في وقت شُروقِها فقط أَو في وقت غروبها فقط، ولكنها شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشمس بالغداة والعشيَّة، فهو أَنْضَر لها وأَجود لزيتونها وزيتِها، وهو قول أكثر أَهل التفسير؛ وقال الحسن: لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة إنها ليست من شجر أَهل الدنيا أَي هي من شجر أَهل الجنة، قال الأَزهري: والقول الأَول أَولى؛ قال وروى المنذري عن أَبي الهيثم في قول الحرث بن حِلِّزة: إنه شارِق الشَّقِيقة، إذ جا ءَت مَعَدٌّ، لكل حَيٍّ لواء قال: الشَّقِيقة مكان معلوم، وقوله شارق الشَّقِيقة أَي من جانبها الشَّرْقي الذي يلي المَشْرِق فقال شارق، والشمس تَشْرُق فيه، هذا مفعول فجعله فاعلاً.
وتقول لِما يلي المَشْرِق من الأَكَمَةِ والجبل: هذا شارِقُ الجبل وشَرْقِيُّه وهذا غاربُ الجبل وغَربِيُّه؛ وقال العجاج: والفُتُن الشارق والغَرْبيّ أَراد الفُتُنَ التي تلي المَشْرِق وهو الشَّرْقيُّ؛ قال الأزهري: وإنما جاز أَن يفعله شارقاً لأَنه جعله ذا شَرْقٍ كما يقال سِرُّ كاتمٌ ذو كِتْمان وماء دافِقٌ ذو دَفْقٍ.
وشَرَّقْتُ اللحم: شَبْرَقْته طولاً وشَرَرْته في الشمس ليجِفَّ لأن لحوم الأَضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى؛ قال أَبو ذؤيب: فغدا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا له أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ يعني الثور يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه للشمس ليجِف ما عليه من ندى الليل فبدا له سوابقُ الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ.
وتَشْريق اللحم: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه وبَسْطُه، ومنه سميت أيام التشريق.
وأيام التشريق: ثلاثة أَيام بعد يوم النحر لأَن لحم الأَضاحي يُشَرَّق فيها للشمس أَي يُشَرَّر، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يقولون في الجاهلية: أَشْرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ الإِغارةُ: الدفع، أَي ندفع للنَّفْر؛ حكاه يعقوب، وقال ابن الأَعرابي: سميت بذلك لأن الهَدْيَ والضحايا لا تُنْحَر حتى تَشْرُق الشمسُ أَي تطلع، وقال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال سميت بذلك لأَنهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحوم الأَضاحي، وقيل: بل سميت بذلك لأَنها كلَّها أَيام تشريق لصلاة يومِ النحر،يقول فصارت هذه الأيام تبعاً ليوم النحر، قال: وهذا أَعجب القولين إليَّ، قال: وكان أَبو حنيفة يذهب بالتَّشْرِيقِ إلى التكبير ولم يذهب إليه غيره، وقيل: أَشْرِق ادْخُلْ في الشروق، وثَبِيرٌ جبل بمكة، وقيل في معنى قوله أَشْرِق ثبِير: كَيْما نُغِير: يريد ادْخل أيها الجبل في الشروق وهوضوء الشمس، كما تقول أَجْنَب دخل في الجنوب وأَشْمَلَ دخل في الشِّمال، كيما نُغِير أَي كيما ندفع للنحر، وكانوا لا يُفِيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويقال كيما ندفع في السير من قولك أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي أَسْرع ودفع في عَدْوِه.
وفي الحديث: مَنْ ذَبَح قبل التشريق فلْيُعِدْ، أَي قبل أَن يصلِّيَ صلاة العيد ويقال لموضعها المُشَرَّق.
وفي حديث مَسْروق: انْطَلِقْ بنا إلى مُشَرِّقِكم يعني المُصَلَّى.
وسأل أَعرابي رجلاً فقال: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يعني الذي يُصَلَّى فيه العيد، ويقال لمسجد الخَيْف المُشَرَّق وكذلك لسوق الطائف.
والمُشَرَّق: العيد، سمي بذلك لأن الصلاة فيه بعد الشَّرْقةِ أَي الشمس، وقيل: المُشَرَّق مُصَلَّى العيد بمكة، وقيل: مُصَلَّى العيد ولم يقيد بمكة ولا غيرها، وقيل: مصلى العيدين، وقيل: المُشَرَّق المصلّى مطلقاً؛ قال كراع: هو من تشريق اللحم؛ وروى شعبة أن سِماك بن حَرْب قال له يوم عيد: اذهب بنا إلى المُشَرَّق يعني المصلى؛ وفي ذلك يقول الأَخطل: وبالهَدايا إذا احْمَرَّتْ مَدارِعُها، في يوم ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْخار والتَّشْرِيق: صلاة العيد وإنما أُخذ من شروق الشمس لأَن ذلك وقتُها.
وفي الحديث: لا ذَبْحَ إلا بَعْد التَّشْرِيق أَي بعد الصلاة، وقال شعبة: التَّشْرِيق الصلاة في الفطر والأَضحى بالجَبّانِ.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: لا جُمْعة ولا تَشْرِيقَ إلا في مِصْرٍ جامع؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: قُلْتُ لِسَعْدٍ وهو بالأَزارِق: عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق فسره فقال: معناه عليك بالشمس في الشتاء فانْعَمْ بها ولَذَّ؛ قال ابن سيده: وعندي أن المَشارِق هنا جمع لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عند الشمس، يُقَوِّي ذلك قولُه بالمحض لأَنهما مطعومان؛ يقول: كُلِ اللحم واشْرَب اللبن المحض.
والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الوجه؛ قاله ابن الأَعرابي في بيت المرار: ويَزِينُهنَّ مع الجمالِ مَلاحةٌ، والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ (* قوله «والفخر» كذ بالأصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام).
والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة.
وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت من أَطرافها ولم يَبِنْ منها شيء.
ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولاً ولم تَبِنْ، وقيل: الشَّرْقاءُ الشاة يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها من جانب الأُذن شَقّاً بائناً ويترك وسط أُذُنِها صحيحاً، وقال أَبو علي في التذكرة: الشَّرْقاءُ التي شُقَّت أُذناها شَقَّين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة.
وشَرَقَتْ الشاة أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها.
وشَرِقت الشاةُ، بالكسر، فهي شاة شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو جَدْعاء. الأَصمعي: الشَّرْقاء في الغنم المشقوقة الأُذن باثنين كأنه زنَمة، واسم السِّمَةِ الشَّرَقة، بالتحريك، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها شَرْقاً إذا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يكون في الأُذن ثقب مستدير.
وشاة شَرْقاء: مقطوعة الأُذن.
والشَّرِيقُ من النساء: المُفْضاة.
والشَّرِقُ من اللحم: الأَحمر الذي لا دَسَم له.
والشَّرَقُ: الشجا والغُصّة.
والشَّرَقُ بالماء والرِّيق ونحوهما: كالغَصَص بالطعام؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ؛ قال عدي بن زيد: لو بِغَيْرِ الماء حَلْقِي شَرِقٌ، كنتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصاري الليث: يقال شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بريقه، ويقال: أَخذَتْه شَرْقة فكاد يموت. ابن الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قال الأَزهري: والغَرَقُ أَن يدخل الماءُ في الأَنف حتى تمتلئ منافذُه.
والشَّرَقُ: دخولُ الماء الحَلْقَ حتى يَغَصَّ به، وقد غَرِقَ وشَرِقَ.
وفي الحديث: فلما بلغ ذِكْرَ موسى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع أي أَخذته سُعْلة منعته عن القراءة. قال ابن الأَثير: وفي الحديث أَنه قرأَ سورة المؤمن في الصلاة فلما أتى على ذكرِ عيسى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فركع؛ الشَّرْقة: المرة الواحدة من الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بالقراءة، وقيل: أَراد أَنه شَرِقَ بريقه فترك القراءة وركع؛ ومنه الحديث: الحَرَقُ والشِّرَقُ شهادةٌ؛ هو الذي يَشْرَقُ بالماء فيموت.
وفي حديث أُبَيّ: لقد اصطلح أَهل هذه البلدة على أَن يَعْصِّبُوه فشَرِقَ بذلك أَي غَصَّ به، وهو مجاز فيما ناله من أَمْرِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ به حتى كأَنه شيء لم يقدر علي إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ به.
وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فضاق، وشَرِقَ الجسدُ بالطيب كذلك؛ قال المخبَّل: والزَّعْفَرانُ على تَرائِبها شَرِقاً به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اختلط؛ قال المسَّيب بن عَلَسٍ: شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ والتَّشْريق: الصَّبغ بالزعفران غير المُشْبَع ولا يكون بالعُصْفُر.
والتَّشْويق: المُشْبَع بالزعفران.
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اشتدت حمرته بدم أَو بحسن لون أَحمر؛ قال الأَعشى: وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْته، كما شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ من الدَّمِ ومنه حديث عكرمة: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عليهما ثياب مُشْرَقة أَي محمّرة. يقال شَرِقَ الشيءُ إذا اشتدت حمرته، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إذا بالَغْت في حمرته؛ وفي حديث الشعبي: سُئِل عن رجل لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت بالدم ولمّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فقال: لها أَمْرُها، حتى إذا ما تَبَوَّأَتْ بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا الضمير في لها للإبل يُهْمِلها الراعي حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي أَعجبها فأقامت فيه مالَ الراعي إلى مَضْجَعِه؛ ضربه مثلاً للعين أَي لا يُحْكَم فيها بشيء حتى تأتيَ على آخر أمْرِها وما تؤول إليه، فمعنى شَرِقَت بالدم أَي ظهر فيها ولم يَجْرِ منها.
وصَرِيع شَرِقٌ بدمه: مُخْتَضِب.
وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ من الخَجَلِ.
والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر.
وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فيها: ظهر. الأَصمعي: شَرِقَ الدم بجسده يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ظهر ولم يَسِلْ، وقيل إذا ما نَشِبَ، وكذلك شَرِقت عينُه إذابَقِي فيها دمٌ؛ قال: وإذا اختلطت كُدورةٌ بالشمس ثم قلت شَرِقَت جاز ذلك كما يَشْرَق الشيء بالشيء يَنْشَبُ فيه ويختلط. يقال: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ما دخل الماءُ حَلْقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، قال في الناقة المُنْكَسرة: ولا هي بفَقِيٍّ فتشْرَق أَي تمتلئ دماً من مرض يَعْرِضُ لها في جوفها؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه كان يُخْرِج يديه في السجود وهما مُتَفَلِّقَتان قد شَرِق بينهما الدم.
وشَرِقَ النخل وأَشْرَق وأَزْهَقَ (* قوله «وأزهق» هكذا في الأصل ولعله وأزهى.) لوَّنَ بحمرة. قال أَبو حنيفة: هو ظهور أَلوان البُسْر.
ونَبْتٌ شَِرِقٌ أَي رَيَّان؛ قال الأَعشى: يُضاحِك الشمسَ منها كوكَبٌ شَرِقٌ، مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ وأَما ما جاء في الحديث من قوله: لعلكم تُدْرِكون قوماً يُؤَخِّرون الصلاة إلى شَرِقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ للوقت الذي تَعْرِفون ثم صَلّوا معهم؛ فقال بعضهم: هو أن يَشْرَقَ الإنسانُ بريقِه عند الموت، وقال: أَراد أَنهم يصلون الجمعة ولم يبق من النهار إلا بقدر ما بَقِي من نَفْس هذا الذي قد شَرِق بريقه عند الموت، أَراد فَوْتَ وقْتِها ولم يقيّد الصلاة في الصحاح بجمعة ولا بغيرها، وسئل عن هذا الحديث فقال: أَلم ترَ الشمسَ إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى؛ قال أَبو عبيد: يعني أَن طلوعها وشُروقَها إنما هو تلك الساعة للموتى دون الأَحياء. أَبو زيد: تُكْرَه الصلاة بشَرَقِ الموتى حين تصفرُّ الشمس، وفعلت ذلك بشَرَقِ الموتى: في ذلك الوقت.
وفي الحديث: أَنه ذكر الدنيا فقال: إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى؛ له معنيان: أَحدهما أَنه أَراد به آخِرَ النهار لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَث قليلاً ثم تغيب فشبَّه ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة، والآخَرُ من قولهم شَرِقَ الميت بريقه إذا غَصَّ به، فشَّبه قِلَّةَ ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة الشَّرِق بريقه إلى أَن تخرج نفسه.
وسئل الحسن بن محمد بن الحنفية عنه فقال: أَلم تَرَ إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى. يقال: شَرِقَت الشمس شَرَقاً إذا ضعف ضوءُها، قال: ووَجّه قولَه حين ذكر الدنيا فقال إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى إلى معنيين: أَحدهما أَن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَثُ ساعة ثم تغيب فشبَّه قِلَّة ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة من اليوم، والوجه الآخر في شَرَقِ الموتى شَرَقُ الميت برِيقِه عند خروج نفسه.
وفي بعض الروايات: واجعلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة أَي نافلة.
وقال أبو عبيد: المُشَرَّق جبل بسوق الطائف، وقال غيره: المُشَرَّق سُوقُ الطائف؛ وقول أبي ذؤيب: حتى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ، بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ يُفَسَّر بكلا ذَيْنِك، ورواه ابن الأعرابي: بصفا المُشَقَّر؛ قال: وهو صفا المُشَقَّر الذي ذكره امرؤ القيس فقال: دُوَيْنَ الصَّفا اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا والشارِقُ: الكِلْسُ، عن كراع.
والشَّرْقُ: طائر، وجمعه شُروق، وهو من سِباع الطير؛ قال الراجز: قد أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذو بَرِيقِ، بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ، أَجْدَلَ أو شَرْقٍ من الشُّروقِ قال شمر: أَنشدني أَعرابي في مجلس ابن الأَعرابي وكتبها ابن الأعرابي: انْتَفِخي، يا أَرْنَبَ القِيعان، وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ، أو ضربة من شرق شاهيان، أو توجي جائع غرثان (* قوله «أو ضربة من شرق إلى آخر البيت» هكذا في الأصل). قال: الشَّرْق بين الحِدَأَة والشاهين ولونه أَسود.
والشارِق: صنم كان في الجاهلية، وعبد الشارِق: اسم وهو منه.
والشَّرِيقُ: اسم صنم أيضاً.
والشَّرْقِيُّ: اسم رجل راوِية أَخبار.
ومِشْرِيق: موضع.
وشَرِيق: اسم رجل.

ضغط (العباب الزاخر) [0]


رجل ضفيط بين الضفاطة: أي ضعيف الرأي والعقل، قال ابو حزام غالبُ بن الحارث العكلي.
تعادت بالجنان على المزجى      ويخفي بالبدء الضـفـيط

يخفي: يظهرُ، والبدء: الداهية، وقد ضفط -بالضم-، وبلغ عمر -رضى الله عنه- أن رجلا استأذن فقال: إني لا أراه ضفيطاً، لأنه كان ينكر قول من قال: إذا قعد إليك رجل فلا تقم حتى تستأذنه. وقال الليثُ: الضفيط: العذيوط الذي يبدي إذا جامع أهله. وعن ابن سيرين: أنه شهد نكاحاً فقال: أين ضفاطتكم، أراد الدف لأنه لعب ولهو فهو راجع إلى ملا يحققُ فيه صاحبه. وفي حديث عمر -رضى الله عنه-: أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال: اللهم إني أعوذ . . . أكمل المادة بك من الضفاطة، أتسأل ربك إلا يرزقك أهلا ومالا. ذهبَ إلى قوله تعالى: (إنما أموالُكم وأولادُكم فتنة) وكره التعوذ منها. وفي حديث ابن عباس -رضى الله عنهما-: لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء، فقيل له: أتقولُ هذا وأنت عامل لفلان، فقال: إن في ضفطات وهذه إحدى ضفطاتي الضفطة للمرة كالحمقة، والجمع الضفط ضفطى؛ كصريعه وصرعى.
وفي الحديث عمر رضى الله عنه-: أن صاحب محمد صلى الله عليه وسلم-: تذاكروا الوتر، فقال أبو بكر برضى الله عنه-: أما أنا فأبدوا الوتر، وقال عمر -رضى الله عنه-: لكني أوتر حين ينام الضفى: همُ الحمقى والنوكى. والضفيط -أيضا- من فحول الإبل: السريس. والضفيط: السخي:وهو من الاضداد. والضَّفَّاطة -بالتشديد-: شبيهة بالدجاجة؛ وهي الرفقة العظيمة. والضفاط: الذي يكري الإبل من قرية إلى قرية أخرى.
وقال ابن الأعرابي: الضفاط: الجمال وروي: أن ضفاطة -ويروي: ضفاطتين- قدموا المدينة. وقيل: الضفاطةُ: رذال الناس، وكذلك الضفاط، قال بن القطيب:
ليست به شمائل الضفاط     

وقال ابن شميل: الضفاطة: الأنباط كانوا يقدمون المدينة بالدرمك والزيت وقال ابن المبارك: الضفاط: الجالب من الأصل والمقاط: الحاملُ من قريةُ إلى قرية. وقيل: الضفاط: الذي يكري من منزل إلى منزل أو من ماء إلى ماء، قال: وما كنت ضفاطاً ولكن راكباً. وذاةُ أنواطٍ: اسم شجرة كلان يُنَاطُ بها السلاح وتعبد من دون الله، ومنه الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ابْصَرَ في بعض أسفاره شجرة دَفْوَاءَ ذاةَ أنوَاطٍ. الدَّفْوَاءُ: العظيمة الطويلة الفروع والأغصان الجَثَلةُ الظليلةُ. سُمي المَنُوطُ بالنَّوِط وهو مصدر؛ ثم جمع- ومنه قولهم لِمزد الراكب الذي يَنُوطه: نَوطٌ والنَّوُطُ والنَّوْطَةُ: جُلة صغيرة فيها ثمر تعلق من البعير، وفي الحديث أنه أهْدي إلى النبي -صلى الله عليه ويلم- نَوْطُ من تَعْضوض هجر أهداه "له" وفد عبد القيس. "والنَّوْطُ": العلاوة بين "العدْلَيِنِ".
وأصله الجُلَّةُ. إذا تلكأ في السير بصر.
والإلحاح على البعير، وأنشد ابن دريد:
فَعَلَّق النَّوْطَ أبا مَحْـبُـوبِ      إنَّ الغّضّا ليس بذي تَذنُوبِ

وقال أبو عمر: النّوْطَةُ: البئر بين الجبلين. والنَّوْطَةُ: الحَوصَلةُ، قال النابغة الذبياني يصف القَطَاةَ:
حَذّاءُ مُدْبِرَةً سَـكّـاءُ مُـقْـبـلَةً      للماءِ في النَّحْرِ منها نَوْطَةُ عَجَبُ

والنَّوْطَةُ -أيضاً-: وَرَمٌ في نَحْرِ البعير وأرفاغه، وقال ابن دريد: النَّوْطَةُ: غُدَّةٌ تصيب البعير في بطنه فلا أن تقتله، يقال: نِيْطَ البعير: إذا أصابه ذلك. والنَّوْطَةُ -أيضاً- الحِقْدُ، قال عمرو بن أحمر الباهلي:
وما عِلْمُنا ما نَوْطَةٌ مُسْتَـكِـنَّة      ولا أيُّ ما قارَفتُ أسقى سِقائيا

يقول: وما ادري أي ذنوبي فعل بي هذا.
ويروى: "ولا أي من قارَفْتُ".
وقوله: أسقى سِقائيا: أي أوعى جوفي هذا الدّاء الذي أجده. والنَّوءطُ: ما بين العجز والمتن. والأنْوَاطُ: ما عُلق على البعير إذا أوقِرَ.
وكل عُلق من شيءٍ فهو نَوْطُ. ويقال: نَوْطَةٌ من صلح، كما يقال: عِيصٌ من سِدرٍ وايكةٌ من أثلٍ وفرشٌ من عُرفُطٍ ووهط من عُشر وغال من سلم وسليل من سَمرٍ وقصيمة من غَضَاً ومن رمث وصريمة من غضا ومن سلم وحرجة من شجر. وقال ابن الأعرابي: النَّوْطُ: المكان فيه شجر في وسطه وطرفاه لا شجر فيهما؛ وهو مرتفع في السيل، يقال: أصابنا مطر وإنا لَبِنَوطةٍ.
وقال ابن شُميل: النَّوْطَةُ ليست بواد ضخم ولا بتلعة؛ هي بين ذلك. والتَّنْوَاطُ: ما يتلعق من الهودج يزين به.
ويقال: فلان منَّي مَنَاطَ الثُريا: أي في البعد.
وهذا الشيء مَنُوْطٌ بفلان. وقال الخليل: المَدّاتُ الثلاث مَنُوْطاتُ بالهمز، قال: ولذلك قابل بعضهم في افْعَلي وافْعَلا وافْعَلوا في الوقوف: افْعَلِىء وافْعَلا وافْعَلُوا، ولذلك يهمزون "لا" إذا وقفوا فيقولون: لا. ويقال: رجل مَنُطُ بالقوم: أي ليس منهم، وقيل: دَعِيُّ، قال حسان بن ثابت يهجو أبا سفيان -رضي الله عنهما-:
وكْنت دَعِيّاً نشيْطَ فـي آلِ هـاشـمٍ      كما نِيْطَ خَلْفَ الرّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ

والنَّيَاطُ: ما يعلق به الشيء، يقال: نُطْتُ القربة بِنياطها: أي علقتها من محمل ونحوه. ونِيَاطُ المفازة: بعد طريقها فكأنها نِيْطَتْ بمفازةٍ أخرى لا تكاد تنقطع، قال العجاج:
وبَـلْـدَةٍ بَـعِـيْدِة الـنَّـيَاطِ      مجْهولةٍ تَغتال خَطْوَ الخاطي

والنَّيَاطُ: كوكبان بينهما قلب العقرب. والنَّيَاط: عرق عُلق به القلب من الوترين فإذا قُطع مات صاحبه.
ويقال للأرنب: المُقطعة النَّيِاط والمقطعة الأسحار والمقطعة السحور على التفاؤل؛ أي نِيَاطُها يقطع على هذا الاسم. في ال. من يكسر الطاء؛ أي سرعتها وشدة عَدوها كأنها تُقطع نِياطَها، وقيل: تُقطع نِيَاطَ الكلاب من شدة عدوها. وكذلك النَّيْطُ، قال أبو سعيد: القياس: النَّوْطُ، لأنه من ناطَ يَنُوطُ، غير أن الياء تعاقب الواو في حروف كثيرة، ويجوز أن يقال أصله نَيطُّ؛ فخفف؛ كميت وهين ولين في ميتٍ وهين ولينٍ. ويقال: رُمي في نَيْطِه وطعن في جنازته: إذا مات، ومنه حديث عليّ -رضي الله عنه- أنه قال: لودَّ معاوية أنه ما بقى من بني هاشم نافخ ضرمةٍ الا طُعن في نَيْطِه. ويقال: رماه الله بالنَّيِط: أي بالموت. ونِيَاطُ القوس: مُعلقها. والنّاءطُ: عرق في الصلب ممتد بعالج المصفور بقطعه، قال العجاج يصف ثوراً طعن الكلاب:
وبَجَّ كلَّ عِانـدٍ نَـعُـورِ      أجْوَفَ ذي فَوّارَةٍ ثَوورِ

قَضْبَ الطبيب نائطَ المَصْفُوِر ؤالنّائطَةُ: الحَوصَلةُ. وقال ابن عباد النَّيَّطَةُ: "البعير يرسله مع ناسٍ يمتارون" ليحمل له عليه. وقال ابن الأعرابي: بئر نَيُطٌ -على فعيل-: إذا حفرت فأتي الماء من جانب منها فسال الى قعرها ولم تعن من قعرها بشيءٍ، وأنشد:
لا تَسْتَقي دِلاؤها من نَيّطِ      ولا بَعِيدٍ قَعرُها مُخْرَوط

وقال أبو الهيثم: النَّيَّطُ: العين في البئر قبل أن تصل إلى القعر، ومنه حديث الحجاج: أنه أمر رجلاً له عضيدة أن يحفر بالشجي بئراً فحفرها؛ فقال: يا عُضيدة أأخسفت أم أوشلت ويروى: أمْ أعلمت- فقال: لا واحد منهما ولكن نَيَّطاً بين المائين، قال: وما يبلغ ماؤها؟ قال: وردت عَلَيَّ رفقة فيها خمسة وعشرون بعيراً؛ فرويت الإبل ومن عليها، فقال الحجاج: الإبل حفرتها إن الإبل ضُمزٌ خُنُس ما جشمت. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: وسبب ذلك أن رفقةً ماتت من العطش بالشجي. فقال الحجاج: أني أظنهم قد دعوا الله حين بلغهم الجهد؛ فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه لعل الله يسقي الناس، فقال رجل من جلسائه: قد قال الشاعر:
تَرَاءَتْ له بَيْنَ الَّـلـوى وعُـنَـيْزَةٍ      وبَيْنَ الشَّجِي مّماِ أحالَ على الوادي

ما تَراءت له إلا وهو على ماءٍ، فأمر الحجاج رجلاً له عُضيدة أن يحفر في الشَّجي بئراً؛ فحفرها؛ فلما أنْيَطَ حمل معه قربتين من مائها إلى الحجاج بواسطٍ، فلما طلع قال له: يا عضيدة لقد تخطيت بها ماء عذاباً أأخسفت. الحديث. وقال بعضهم: إن كان الحرف على ما روي "فهو من" ناطَه يَنُوْطُه: إذا "عَلَّقَه؛ أراد": أن الماء وَ"سَط بين المائين": كأنه معلق بينهما.
وإن كانت الرواية لكن نَبَطاً بالباء الموحدة- "فإنَّه" يقال "للرَّكِيَّة" إذا استخرج ماؤها. والتَّنضوُّطُ والتُّنَويطُ: طائر، قال الأصمعي، سمي بذلك لأنه يُدلي خيوطها من شجرةٍ ثم يفرخ فيها، الواحدة: تَنَوُّطَةٌ وتُنَوَّطَةٌ. وقال "حَمْزَةُ" في قولهم: أصنع من تَنَوطٍ: هو طائر يركب عشه تركيباً بين عودين من أعواد الشجر فينسجه كقارورة الدهن ضيق الفم واسع الداخل فيودعه بيضه فلا يوصل إليه حتى تدخل اليد فيه إلى المعصم. وقال أبو عمرو: أناطَتِ الإبل: أصابها وَرَمٌ في نحورها؛ مثل نِيْطَتْ.
وقال ابن عباد: نَوَّطْت القربة تَنْوِيْطاً: إذا أثقلتها لتدهنها. وانْتَاطَ المكان: بَعُدَ. وقال أبو عمرو: انْتَاطَ من قولهم: أني أريد أن أسْتَنِطَكَ ناقتي: إذا دفعها إليه ليمتار له "عليها، فيقول" الرجل: أنا أنْتَاطُها لك. والتركيب يدل على تعليق شيءٍ بشيء إذا علقته به، وقد شَذَّ عن هذا التركيب قولهم: بئر نَيُّطٌ.

فرج (لسان العرب) [0]


الفَرْجُ: الخَلَلُ بين الشيئين، والجمع فُرُوجٌ، لا يكسَّر على غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب يصف الثور: فانْصاعَ مِنْ فَزَعٍ، وسَدَّ فُرُوجَهُ، غُبْرٌ ضَوارٍ، وافِيانِ وأَجْدَعُ فُروجه: ما بين قوائمه. سَدَّ فُرُوجَه أَي مَلأَ قوائمه عَدْواً كأَن العَدْوَ سَدَّ فُروجَه ومَلأَها.
وافيان: صحيحان.
وأَجْدَع: مقطوع الأُذُن.
والفُرْجَة والفَرْجَة: كالفَرْج؛ وقيل: الفُرْجَة الخَصاصَة بين الشيئين. ابن الأَعرابي: فَتَحات الأَصابع يقال لها التَّفارِيجُ، واحدها تِفْراجٌ (* قوله «واحدها تفراج» عبارة القاموس جمع تفرجة كزبرجة.)، وخُرُوق الدَّرابِزِينِ يقال لها التَّفارِيجُ والحُلْفُق. النضر: فَرْجُ الوادي ما بين عُدْوَتَيْهِ، وهو بطْنُه، وفَرْجُ الطريق منه وفُوْهَتُه.
وفَرْج الجبَل: فَجُّه؛ قال: مُتَوَسِّدِين زِمامَ كُلِّ نَجِيبةٍ، ومُفَرَّجٍ، عَرِقِ المَقَذِّ، مُنَوَّقِ وهو . . . أكمل المادة الوَساعُ المُفَرَّجُ الذي بان مِرْفَقُه عن إِبطِه.
والفُرْجَة، بالضم: فُرْجَة الحائط وما أَشبهه، يقال: بينهما فُرْجَة أَي انْفِراج.
وفي حديث صلاة الجماعة: ولا تَذَرُوا فُرُجات الشيطان؛ جمع فُرْجَة، وهو الخَلَلُ الذي يكون بين المُصَلِّينَ في الصُّفُوف، فأَضافها إِلى الشيطان تَفظِيعاً لشأْنها، وحَمْلاً على الاحتراز منها؛ وفي رواية: فُرُجَ الشيطان، جمع فُرْجَة كَظُلْمَة وظُلَم.
والفَرْجَة: الرَّاحة من حُزْن أَو مَرَض؛ قال أُمية بن أَبي الصلت: لا تَضِيقَنَّ في الأُمور، فقد تُكْـ ـشَفُ غَمَّاؤُها بغير احْتِيالِ رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ من الأَمْـ ـرِ له فَرْجَةٌ، كَحَلِّ العِقالِ ابن الأَعرابي: فُرْجَة اسم، وفَرْجَةٌ مصدر.
والفَرْجَة: التَّفَصِّي من الهَمِّ؛ وقيل: الفَرْجَة في الأَمر؛ والفُرْجَة، بالضم، في الجدار والباب، والمعنَيان مُتَقارِبان؛ وقد فَرَج له يَفْرِج فَرْجاً وفَرْجَة. التهذيب: ويقال ما لهذا الغَمِّ من فَرْجَة ولا فُرْجَة ولا فِرْجَة. الجوهري: الفَرَجُ من الغم، بالتحريك. يقال: فَرَّجَ الله غَمَّك تَفْريجاً، وكذلك فَرَجَ الله عنك غمَّك يَفْرِج، بالكسر.
وفي حديث عبد الله ابن جعفر: ذَكَرَتْ أُمُّنا يُتْمَنا وجَعَلَتْ تُفْرَحُ له؛ قال أَبو موسى: هكذا وجدته بالحاء المهملة، قال: وقد أَضرب الطبراني عن هذه اللفظة فتركها من الحديث، قال: فإِن كانت بالحاء، فهو من أَفرَحَه إِذا غَمَّه وأَزال عنه الفَرَحَ، وأَفْرَحَه الدَّيْن إِذا أَثْقَله، وإِن كانت بالجيم، فهو من المُفْرَجِ الذي لا عَشِيرة له، فكأَنَّ أُمَّهُم أَرادتْ أَن أَباهم تُوُفِّيَ ولا عشيرة لهم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أَتَخافِينَ العَيْلة وأَنا وَلِيُّهُم؟ والفَرْجُ: الثَّغْرُ المَخُوف، وهو موضع المخافة؛ قال: فَغَدَت، كِلا الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه مَولى المَخافة: خَلْفُها وأَمامُها وجمعه فُرُوج، سُمِّي فَرْجاً لأَنه غير مَسْدُود.
وفي حديث عُمَر: قَدِمَ رجل من بعض الفُرُوجِ؛ يعني الثُّغُور، واحدها فَرْج. أَبو عبيدة: الفَرْجانِ السِّنْد وخُراسانُ، وقال الأَصمعي: سِجِسْتانُ وخُراسانُ؛ وأَنشد قول الهذلي: على أَحَدِ الفَرْجَيْنِ كانَ مُؤَمَّرِي وفي عهد الحجَّاج: اسْتَعْمَلْتُك على الفَرْجَين والمِصْرَينِ؛ الفَرْجانِ: خُراسانُ وسِجِسْتانُ، والمِصْرانِ: الكُوفة والبَِصْرَة.
والفَرْجُ: العَوْرَة.
والفَرْجُ: شِوارُ الرجل والمرأَة، والجمع فُرُوج.
والفَرْجُ: اسم لجمع سَوآت الرجال والنساء والفِتْيان وما حَوالَيْها، كله فَرْج، وكذلك من الدَّوابِّ ونحوها من الخَلْق.
وفي التنزيل: والحافِظِين فُرُوجَهُم والحافِظات؛ وفيه: والذين هم لِفُرُوجِهِم حافِظون إِلا على أَزواجِهم؛ قال الفراء: أَراد على فُروجِهِم يُحافِظون، فجعل اللام بمعنى على، واستثنى الثانية منها، فقال: إِلا على أَزواجِهم. قال ابن سيده: هذه حكاية ثعلب عنه قال: وقال مرة: على مِن قوله: إِلا على أَزواجِهم؛ من صِلةِ مَلُومِينَ، ولو جعل اللام بمنزلة الأَول لكان أَجود.
ورجل فَرِجٌ: لا يزال ينكشِف فَرْجُه.
وفَرِجَ، بالكسر، فَرَجاً.
وفي حديث الزبير: أَنه كان أَجْلَعَ فَرِجاً؛ الفَرِجُ: الذي يَبْدو فَرْجُه إِذا جَلَس، وينكَشِف.
والفَرْجُ: ما بين اليَدَيْن والرجلين.
وجَرَتِ الدَّابة مِلْءَ فُرُوجِها، وهو ما بين القوائم، واحدها فَرْج؛ قال: وأَنت إِذا اسْتَدْبَرْتَهُ، سَدَّ فَرْجَه بِضافٍ فُوَيْقَ الأَرْض، ليْسَ بأَعْزَلِ وقول الشاعر: شُعَبُ العِلافِيَّات بَيْنَ فُرُوجِهِمْ، والمُحْصَناتُ عَوازِبُ الأَطْهارِ العِلافِيَّاتُ، رِحالٌ منسوبة إِلى عِلافٍ، رجل من قُضاعةَ.
والفُرُوج جمع فَرْج، وهو ما بين الرِّجلين، يريد أَنهم آثَرُوا الغَزْوَ على أَطهار نسائهم؛ وكلُّ فُرْجَةٍ بين شيئين، فهو فَرْجٌ كله، كقوله: إِلاَّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً، بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه ويَدِهْ جعل ما بين يديه فَرْجاً؛ وقال امرؤُ القيس: لها ذَنَبٌ مِثلُ ذَيْلِ العَروسِ، تَسُدُّ به فَرْجَها مِن دُبُرْ أَراد ما بين فَخِذَي الفَرَسِ ورِجْلَيْها.
وفي حديث أَبي جعفر الأَنصاري: فَمَلأْتُ ما بين فُروجي، جمع فَرْجٍ، وهو ما بين الرجلين. يقال للفرس: مَلأَ فَرْجَه وفُرُوجَه إِذا عَدا وأَسْرَع به.
وسُمِّي فَرْجُ المرأَة والرجل فَرْجاً لأَنه بين الرِّجْلين.
وفُروجُ الأَرض: نواحِيها.وباب مَفْرُوجٌ: مُفَتَّجٌ.
ورجلٌ أَفْرَجُ الثَّنايا وأَفْلَجُ الثَّنايا، بمعنى واحد.
والأَفْرَجُ: العظيم الأَلْيَتَيْنِ لا تَكادان تَلْتقيان، وهذا في الحَبَشِ. رجل أَفْرَجُ وامرأَة فَرْجاءُ بَيِّنا الفَرَج؛ وقد فَرِجَ فَرَجاً.
والمُفَرَّجُ كالأَفْرَجِ.
والفُرُجُ والفِرْجُ، بالكسر: الذي لا يَكْتُمُ السِّرَّ؛ قال ابن سيده: وأُرى الفُرُجَ، بضم الفاءِ والراء، والفِرْجَ لُغَتَيْن؛ عن كراع.
وقَوْسٌ فُرُجٌ وفارِجٌ وفَرِيجٌ: مُنَفَّجَةُ السِّيَتَيْنِ، وقيل: هي النَّاتِئَة عن الوَتَرِ، وقيل: هي التي بانَ وَتَرُها عن كَبِدِها.
والفَرَجُ: انْكِشافُ الكَرْب وذهابُ الغَمِّ.
وقد فَرَجَ الله عنه وفَرَّجَ فانْفَرَجَ وتَفَرَّجَ.
ويقال: فَرَجَه الله وفَرَّجه؛ قال الشاعر:يا فارِجَ الهَمِّ وكشَّاف الكُرَبْ وقول أَبي ذؤَيب: فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بَعْدَ ابنِ عَنْبَسٍ، وقد لَجَّ، مِنْ ماءِ الشُّؤُونِ، لَجُوجُ لِيُحْسَبَ جَلْداً، أَو لِيُخْبَرَ شامِتٌ، وللشَّرِّ، بَعْدَ القارِعاتِ، فُرُوجُ يقول: إِني صَبَرْتُ على رُزْئي بابن عَنْبَسٍ لأُحْسَبَ جَلْداً أَو لِيُخْبَر شامتٌ بتَجَلُّدي فينكسر عَني؛ ويجوز أَن يكون قوله فُرُوجٌ، جمع فَرْجة على فُروج كَصَخْرةٍ وصُخُور، ويجوز أَن يكون مصدراً لفَرَجَ يَفْرِجُ أَي تَفَرُّجٌ وانكشاف. أَبو زيد: يقال لِلْمُشْطِ النحِيتُ والمُفَرَّجُ والمِرْجَلُ؛ وأَنشد ثعلب لبعضهم يصف رجلاً شاهد الزور: فَاتَهُ المَجْدُ والعَلاءُ، فأَضْحَى يَنْقُصُ الحَيْسَ بالنَّحِيتِ المُفَرَّج (* قوله «ينقص الحيس» كذا في الأصل، ومثله في شرح القاموس.) التهذيب: في حديث عَقِيلٍ: أَدْرِكُوا القومَ على فَرْجَتِهم أَي على هَزيمَتِهم، قال: ويُرْوى بالقاف والحاءِ.
والفَريجُ: الظَّاهِرُ البارِزُ المُنْكَشِفُ، وكذلك الأُنثى؛ قال أَبو ذؤَيب يصف دُرَّةً: بكَفَّيْ رَقاحِيٍّ يُريدُ نَماءَها، لِيُبْرِزَها للبَيْعِ، فَهْيَ فَريجُ كَشَفَ عن هذه الدُّرَّة غِطاءَها لِيَراها الناس.
ورجل نِفْرِجٌ ونِفْرِجَةٌ ونِفْراجٌ ونِفْرِجاءُ، ممدود: ينكشف عند الحرب.
ونِفْرِجٌ ونِفْرِجةٌ، وتِفْرِجٌ وتِفْرِجَةٌ: ضعيف جَبانٌ؛ أَنشد ثعلب: تِفْرِجَةُ القَلْبِ قَلِيلُ النَّيْلِ، يُلْقَى عَليه نِيدُِلانُ اللَّيْلِ أَو أَنشد: تِفْرِجَةُ القَلْبِ بَخِيلٌ بالنَّيل، يُلْقى عليه النِّيدُِلانُ بالليل ويروى نِفْرِجةٌ.
والنِّفْرِجُ: القَصَّارُ.
وامرأَة فُرُجٌ: مُتَفَضِّلَةٌ في ثوبٍ، يُمانِيةٌ، كما تقول: أَهل نَجْد فُضُلٌ.
ومَرَةٌ فَريجٌ: قد أَعْيَتْ من الولادة.
وناقَةٌ فَريجٌ: كالَّة، شُبِّهَتْ بالمرأَة التي قد أَعيت من الولادة؛ قال ابن سيده: هذا قول كراع، وقال مرّة: الفَريجُ من الإِبل الذي قد أَعْيا وأَزْحَفَ.
ونعجة فَريجٌ إِذا ولَدت فانفَرَج وَرِكاها؛ أَنشده أَبو عمرو مستشهداً به على مخخ: أَمْسى حَبيبٌ كالفَريجِ رائِخا والمُفرَجُ: الحَمِيلُ الذي لا وَلَدَ له، وقيل: الذي لا عشيرة له؛ عن ابن الأَعرابي.
والمُفْرَجُ: القَتِيل يُوجَد في فَلاةٍ من الأَرض.
وفي الحديث: العَقْلُ على المسلمين عامَّةً؛ وفي الحديث: لا يُتْرَك في الإِسلام مُفْرَجٌ؛ يقول: إِن وُجِدَ قَتِيلٌ لا يُعرف قاتله وُدِيَ من بيت مال الإِسلام ولم يُترك، ويروى بالحاءِ وسيذكر في موضعه.
وكان الأَصمعي يقول: هو مُفْرَحٌ، بالحاءِ، ويُنْكِر قولَهم مُفْرَجٌ، بالجيم؛ وروى أَبو عبيد عن جابر الجعْفِيّ: أَنه هو الرجل الذي يكون في القوم من غيرهم فحقَّ عليهم أَن يَعْقِلوا عنه؛ قال: وسمعت محمد بن الحسن يقول: يروى بالجيم والحاءِ، فمن قال مُفْرَج، بالجيم، فهو القتيل يُوجَد بأَرض فَلاة، ولا يكون عنده قَرْيةٌ، فهو يُودى من بيت المال ولا يَبْطُلُ دَمُه، وقيل: هو الرجل يكون في القوم من غيرهم فيلزمهم أَن يَعْقِلوا عنه، وقيل: هو المثقل بحق دية أَو فِداءٍ أَو غُرم.
والمَفْروجُ: الذي أَثقله الدين (* قوله «والمفروج الذي أَثقله الدين» مقتضى ذكره هنا أَنه بالجيم. قال في شرح القاموس: وصوابه بالحاء، وتقدم للمصنف في هذه المادة في شرح حديث عبد الله بن جعفر ما يؤخذ منه ذلك.
وكذا يؤخذ من القاموس في مادة فرج.).
وقال أَبو عبيدة: المُفْرَج أَن يُسْلِمَ الرجل ولا يُوالي أَحداً، فإِذا جنى جناية كانت جِنايَتُه على بَيْت المال لأَنه لا عاقِلة له؛ وقال بعضهم: هو الذي لا دِيوانَ له. ابن الأَعرابي: المُفْرَج الذي لا مال له، والمُفْرَج الذي لا عشيرة له.
ويقال: أَفْرَجَ القومُ عن قَتِيلٍ إِذا انْكَشَفُوا، وأَفْرَجَ فلان عن مكان كذا وكذا إِذا حلَّ به وتركه، وأَفْرَجَ الناس عن طريقه أَي انْكَشَفُوا.
وفَرَجَ فاهُ: فَتَحَهُ للموْتِ؛ قال ساعدة بن جؤَية: صِفْرِ المَباءَة ذِي هَِرْسَيْنِ مُنْعَجِفٍ، إِذا نَظَرْتَ إِلَيْه قُلْتَ: قد فَرَجا والفَرُّوجُ: الفَتِيُّ من ولد الدُّجاج، والضم فيه لغة، رواه اللحياني.
وفَرُّوجة الدُّجاجةِ تجمع فَراريجَ، يقال: دُجاجة مُفْرِجٌ أَي ذات فَراريجَ.
والفَرُّوجُ، بفتح الفاءِ: القَباءُ، وقيل: الفَرُّوج قَباءٌ فيه شَقٌّ من خَلْفِه.
وفي الحديث: صلى بنا النبي، صلى الله عليه وسلم، ويعليه فَرُّوجٌ من حَريرٍ.
وفَرُّوج: لَقَبُ إِبراهيم بن حَوْرانَ؛ قال بعض الشعراءِ يَهْجُوه: يُعَرِّضُ فَرُّوجُ بنُ حَوْرانَ بِنْتَه، كما عُرِّضَتْ للمُشْتَرينَ جَزُورُ لَحى اللهُ فَرُّوجاً، وخَرَّبَ دارَه وأَخْزى بني حَوْرانَ خِزْيَ حَمِير وفَرَجٌ وفرَّاجٌ ومُفَرِّجٌ أَسماء.
وبنو مُفْرِجٍ: بطن.

وفي (لسان العرب) [0]


الوفاءُ: ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال ابن بري: وقد جمعهما طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله: أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ. ابن سيده: وفَى بالعهد وَفاءً؛ فأَما قول الهذلي: إذ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِائةً وَفْياً، وزادُوا على كِلْتَيْهِما عَدَدا فقد يكون مصدر وَفَى مسموعاً وقد يجوز أَن يكون قياساً غير مسموع، فإن أَبا علي قد حكى أَن للشاعر أَن يأْتي لكلّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وإن لم يُسمع، وكذلك أَوْفَى. الكسائي وأَبو عبيدة: وَفَيْتُ بالعهد وأَوْفَيْتُ به سواء، قال شمر: يقال وَفَى وأَوْفَى، فمن قال . . . أكمل المادة وفَى فإنه يقول تَمَّ كقولك وفَى لنا فلانٌ أَي تَمَّ لنا قَوْلُه ولم يَغْدِر.
ووَفَى هذا الطعامُ قفيزاً؛ قال الحطيئة: وفَى كَيْلَ لا نِيبٍ ولا بَكَرات أَي تَمَّ، قال: ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه شيئاً. قال أَبو الهيثم فيما ردّ على شمر: الذي قال شمر في وَفَى وأَوْفَى باطل لا معنى له، إنما يقال أَوْفَيْتُ بالعهد ووَفَيْتُ بالعهد.
وكلُّ شيء في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالأَلف، قال الله تعالى: أَوْفُوا بالعُقود، وأَوْفُوا بعهدي؛ يقال: وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ، وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قال الله تعالى: وأَوفُوا الكيلَ؛ وفي الحديث: فممرت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ أَي تَمَّتْ وطالَتْ؛ وفي الحديث: أَلَسْتَ تُنْتِجُها وافيةً أَعينُها وآذانُها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنكم وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم خَيْرُها وأَكْرَمُها على الله أَي تَمَّت العِدَّة سبعين أُمة بكم.
ووفَى الشيء وُفِيًّا على فُعولٍ أَي تَمَّ وكثر.
والوَفِيُّ: الوافِي. قال: وأَما قولهم وفَى لي فلان بما ضَمِن لي فهذا من باب أَوْفَيْتُ له بكذا وكذا ووَفَّيتُ له بكذا ؛ قال الأَعشى: وقَبْلَكَ ما أَوْفَى الرُّقادُ بِجارةٍ والوَفِيُّ: الذي يُعطِي الحقَّ ويأْخذ الحقَّ.
وفي حديث زيد بن أَرْقَمَ: وَفَتْ أُذُنُكَ وصدّق الله حديثَك، كأَنه جعل أُذُنَه في السَّماع كالضامِنةِ بتصديق ما حَكَتْ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت الأُذن كأَنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أَدَّته إلى اللسان، وفي رواية: أَوفى الله بأُذنه أَي أَظهر صِدْقَه في إِخباره عما سمعت أُذنه، يقال: وفَى بالشيء وأَوْفَى ووفَّى بمعنى واحد.
ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ: ذو وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأَوفاه وأَوْفَى به؛ وفي التنزيل العزيز: يُوفُون بالنَّذر، وحكى أَبو زيد: وفَّى نذره وأَوْفاه أَي أَبْلَغه، وفي التنزيل العزيز: وإبراهيمَ الذي وَفَّى؛ قال الفراء: أَي بَلَّغَ، يريد بَلَّغَ أَنْ ليست تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى أَي لا تحمل الوازِرةُ ذنب غيرها؛ وقال الزجاج: وفَّى إبراهيمُ ما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به من ذبح ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل: وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأَن الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن.
وقال أبو بكر في قولهم الزَمِ الوَفاء: معنى الوفاء في اللغة الخُلق الشريف العالي الرَّفِيعُ من قولهم: وفَى الشعرَ فهو وافٍ إذا زادَ؛ ووَفَيْت له بالعهد أَفِي؛ ووافَيْتُ أُوافِي، وقولهم: ارْضَ من الوفاء باللّفاء أَي بدون الحق؛ وأَنشد: ولا حَظِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ والمُوافاةُ: أَن تُوافيَ إنساناً في المِيعاد، وتَوافَينا في الميعاد ووافَيْتُه فيه، وتوَفَّى المُدَّة: بلَغَها واسْتَكْمَلها، وهو من ذلك.
وأَوْفَيْتُ المكان: أَتيته؛ قال أَبو ذؤَيب: أُنادِي إذا أُفِي من الأَرضِ مَرْبَأً لأَني سَمِيعٌ ، لَوْ أُجابُ، يَصيِرُ أُفِي: أُشْرِفُ وآتي؛ وقوله انادي أي كلما أَشرفت على مَرْبَإٍ من الأَرض نادَيتُ يا دارُ أَين أَهْلَكِ، وكذلك أَوْفَيْتُ عليه وأَوْفَيْت فيه.
وأَوْفَيْتُ على شَرَفٍ من الأَرض إذا أَشْرَفْت عليه، فأَنا مُوفٍ، وأَوْفَى على الشيء أَي أَشْرَفَ؛ وفي حديث كعب بن مالك: أَوْفَى على سَلْعٍ أَي أَشْرَفَ واطَّلَعَ.
ووافَى فلان: أَتَى.
وتوافَى القومُ: تتامُّوا .
ووافَيْتُ فلاناً بمكان كذا.
ووَفَى الشيءُ: كثُرَ؛ ووَفَى رِيشُ الجَناحِ فهو وافٍ، وكلُّ شيء بلَغ تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، وكذلك دِرْهمٌ وافٍ يعني به أَنه يزن مِثقالاً، وكَيْلٌ وافٍ.
ووَفَى الدِّرْهَمُ المِثقالَ: عادَلَه، والوافِي: درهمٌ وأَربعةُ دَوانِيقَ؛ قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أَنه قال الوافِي درهمٌ ودانِقانِ، وقال غيره: هو الذي وَفَى مِثقالاً، وقيل: درهمٌ وافٍ وفَى بزِنتِه لا زيادة فيه ولا نقص، وكلُّ ما تمَّ من كلام وغيره فقد وفَى، وأَوْفَيْتُه أَنا؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي: أَوْفَيْتُ الزَّرْعَ وفَوْقَ الإِيفاء وعدَّاه إلى مفعولين، وهذا كما تقول: أَعطيت الزرع ومنحته، وقد تقدم الفرق بين التمام والوفاء.
والوافِي من الشِّعْر: ما اسْتَوفَى في الاستعمال عِدَّة أَجزائه في دائرته، وقيل: هو كل جزء يمكن أَن يدخله الزِّحاف فسَلِمَ منه.
والوَفاء: الطُّول؛ يقال في الدُعاءِ: مات فلان وأَنت بوَفاء أَي بطول عُمُر، تدْعُو له بذلك؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَوْفَى الرجلَ حقَّه ووَفَّاه إِياه بمعنى: أَكْمَلَه له وأَعطاه وافياً.
وفي التنزيل العزيز: ووَجدَ اللهَ عندَه فوفَّاه حسابَه.
وتَوَفَّاه هو منه واسْتَوْفاه: لم يَدَعْ منه شيئاً.
ويقال أَوْفَيْته حَقَّه ووَفَّيته أَجْره.
ووفَّى الكيلَ وأَوفاه: أَتَمَّه.
وأَوْفَى على الشيء وفيه: أَشْرَفَ.
وإنه لمِيفاء على الأَشْرافِ أَي لا يزالُ يُوفِي عليها، وكذلك الحِمار.
وعَيرٌ مِيفاء على الإِكام إذا كان من عادته أَن يُوفيَ عليها؛ وقال حميد الأَرقط يصف الحمار:عَيْرانَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ، حَدَّ الرَّبِيعِ، أَرِنٍ أَرُونِ لا خَطِلِ الرَّجْعِ ولا قَرُونِ، لاحِقِ بَطْنٍ بِقَراً سَمِينِ ويروى: أَحْقَبَ مِيفاءٍ، والوَفْيُ من الأَرض: الشَّرَفُ يُوفَى عليه؛ قال كثير: وإنْ طُوِيَتْ من دونه الأَرضُ وانْبَرَى، لِنُكْبِ الرِّياحِ.
وَفْيُها وحَفِيرُها والمِيفَى والمِيفاةُ، مقصوران، كذلك. التهذيب: والميفاةُ الموضع الذي يُوفِي فَوقه البازِي لإِيناس الطير أَو غيره، قال رؤْبة: ميفاء رؤوس فوره (* قوله «قال رؤبة إلخ» كذا بالأصل.) والمِيفَى: طَبَق التَّنُّور. قال رجل من العرب لطباخه: خَلِّبْ مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ، قال: خَلِّبْ أَي طَبِّقْ، والرَّوْدَقُ: الشِّواء.
وقال أَبو الخطاب: البيت الذي يطبخ فيه الآجُرُّ يقال له المِيفَى؛ روي ذلك عن ابن شميل.
وأَوْفَى على الخمسين: زادَ، وكان الأَصمعي يُنكره ثم عَرَفه.
والوَفاةُ: المَنِيَّةُ.
والوفاةُ: الموت.
وتُوُفِّيَ فلان وتَوَفَّاه الله إذا قَبَضَ نَفْسَه، وفي الصحاح: إذا قَبَضَ رُوحَه، وقال غيره: تَوَفِّي الميتِ اسْتِيفاء مُدَّتِه التي وُفِيتْ له وعَدَد أَيامِه وشُهوره وأَعْوامه في الدنيا.
وتَوَفَّيْتُ المالَ منه واسْتوْفَيته إذا أَخذته كله.
وتَوَفَّيْتُ عَدَد القومِ إذا عَدَدْتهم كُلَّهم؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمنظور الوَبْرِي: إنَّ بني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ، ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العددْ أَي لا تجعلهم قريش تَمام عددهم ولا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم؛ ومن ذلك قوله عز وجل: الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها؛ أَي يَسْتَوفي مُدَد آجالهم في الدنيا، وقيل: يَسْتَوْفي تَمام عدَدِهم إِلى يوم القيامة، وأَمّا تَوَفِّي النائم فهو اسْتِيفاء وقْت عَقْله وتمييزه إِلى أَن نامَ.
وقال الزجاج في قوله: قل يَتَوَفَّاكم مَلَكُ الموت، قال: هو من تَوْفِية العدد، تأْويله أَن يَقْبِضَ أَرْواحَكم أَجمعين فلا ينقُص واحد منكم، كما تقول: قد اسْتَوْفَيْتُ من فلان وتَوَفَّيت منه ما لي عليه؛ تأْويله أَن لم يَبْقَ عليه شيء.
وقوله عز وجل: حتى إذا جاءتهم رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهم؛ قال الزجاج: فيه، والله أَعلم، وجهان: يكون حتى إذا جاءتهم ملائكةُ الموت يَتَوَفَّوْنَهم سَأَلُوهم عند المُعايَنة فيعترفون عند موتهم أَنهم كانوا كافرين، لأَنهم قالوا لهم أَين ما كنتم تدعُون من دون الله؟ قالوا: ضَلُّوا عنا أَي بطلوا وذهبوا، ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، حتى إذا جاءتهم ملائكة العذابِ يتوفونهم، فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على ضربين: أَحدهما يَتَوَفَّوْنَهم عذاباً وهذا كما تقول: قد قَتَلْتُ فلاناً بالعذاب وإن لم يمت، ودليل هذا القول قوله تعالى: ويأْتِيه الموتُ من كلِّ مَكانٍ وما هو بمَيِّت؛ قال: ويجوز أَن يكون يَتَوَفَّوْنَ عِدَّتهم، وهو أَضعف الوجهين، والله أعلم، وقد وافاه حِمامُه؛ وقوله أَنشده ابن جني: ليتَ القِيامةَ ، يَوْمَ تُوفي مُصْعَبٌ، قامتْ على مُضَرٍ وحُقَّ قِيامُها أَرادَ: وُوفيَ، فأَبدل الواو تاء كقولهم تالله وتَوْلجٌ وتَوْراةٌ، فيمن جعلها فَوْعَلة. التهذيب: وأَما المُوافاة التي يكتبها كُتَّابُ دَواوين الخَراج في حِساباتِهم فهي مأْخوذة من قولك أَوْفَيْتُه حَقَّه ووَفَّيْتُه حَقَّه ووافَيْته حَقَّه،كل ذلك بمعنى: أَتْمَمْتُ له حَقَّه، قال: وقد جاء فاعَلْتُ بمعنى أَفْعلْت وفَعَّلت في حروف بمعنى واحد. يقال: جاريةٌ مُناعَمةٌ ومُنَعَّمةٌ، وضاعَفْتُ الشيء وأَضْعَفْتُه وضَعَّفْتُه بمعنى، وتَعاهَدْتُ الشيء وتعَهَّدْته وباعَدْته وبَعَّدته وأَبْعَدْتُه، وقارَبْتُ الصبي وقَرَّبْتُه، وهو يُعاطِيني الشيء ويُعطِيني؛ قال بشر بن أبي خازم: كأَن الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فيها، لحُسنِ دَلالِها، رَشأٌ مُوافي قال الباهلي: مُوافي مثلُ مفاجي؛ وأَنشد: وكأَنما وافاكَ، يومَ لقِيتَها من وَحْش وَجّرةَ، عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ وقيل: موافي قد وافى جِسْمُه جِسمَ أُمه أَي صار مثلها.
والوَفاء: موضع؛ قال ابن حِلِّزةَ: فالمُحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا قُ قَنانٍ فَعاذِبٌ فالوَفاء وأَوْفى: اسم رجل.

رأس (لسان العرب) [0]


رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال امرؤ القيس: فيوماً إِلى أَهلي، ويوماً إِليكمُ، ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله: رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه.
ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد: كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ، يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه.
ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ. التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو . . . أكمل المادة الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب رأْسه.
وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب: ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه، وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه.
وفي نوادر الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني.
وفحل أَرْأَسُ: وهو الضَّخْمُ الرأْس.
والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد: إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها، فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت.
وشاة رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى ورَماثَى.
ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي.
وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ.
ورَأَسَ السَّيْلُ الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة: خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله.
والرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم: بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل ندق بهم.
ويقال للقوم إِذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ.
ورَأَسَ القومَ يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ، ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت: يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً، ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر: تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُرْأَة، تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي.
والثَّوْلاء: النعجة التي بها ثَوَلٌ.
والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها.
وقوله لا ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد.
وقوله تهدى الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم.
وفي حديث القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق.
ورَئيسُ الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم.
وكلبة رائِسَة: تأْخذ الصيد برأْسه.
وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد.
ورائس النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب.
ورَوائس الوادي: أَعاليه.
وسحابة مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس.
ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ.
ووَلَدَتْ وَلَها على رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ: وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعدما زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتٍلُهْ وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين، فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة المقتول تهجو الزبرقان: تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ، فليس لخُلْفِهامنه اعْتِذارُ برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ الرِّياحِيِّ:وهم قََتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ، برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك. فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه ثم قال: لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً، سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُوبُ وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي: وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا قيل: عنى هذا الجبل.
ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك.
ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل: وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها، ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إِذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري والصواب: ثم اضطغنت سلاحي.
والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف من أَعلى صدرها.
والسِّدَفُ ههنا: الضوء.
واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت حِضْني.
والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة.
والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق.
وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛ قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء.
وقولهم: رُمِيَ فلان منه في الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر إِليَّ.
وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرىة بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان: كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ، يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.

خبث (لسان العرب) [0]


الخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ من الرِّزْق والولدِ والناسِ؛ وقوله: أَرْسِلْ إِلى زَرْع الخَبِيِّ الوالِجِ قال ابن سيده: إِنما أَراد إِلى زَرْع الخَبِيثِ، فأَبدل الثاء ياء، ثم أَدعم، والجمعُ: خُبَثاء، وخِبَاثٌ، وخَبَثَة، عن كراع؛ قال: وليس في الكلام فَعيل يجمع على فَعَلَة غيره؛ قال: وعندي أَنهم توهموا فيه فاعلاً، ولذلك كَسَّروه على فَعَلة.
وحَكى أَبو زيد في جمعه: خُبُوثٌ، وهو نادر أَيضاً، والأُنثى: خَبِيثةٌ.
وفي التنزيل العزيز: ويُحَرِّمُ عليهم الخَبائِثَ.
وخَبُثَ الرجلُ خُبْثاً، فهو خَبيثٌ أَي خَبٌّ رَدِيءٌ. الليث: خَبُثَ الشيءُ يَخْبُثُ خَباثَةً وخُبْثاً، فهو خَبيثٌ، وبه خُبْثٌ وخَباثَةٌ؛ وأَخْبَثَ، فهو مُخْبِثٌ إِذا صار ذا خُبْثٍ وشَرٍّ.
والمُخْبِثُ: الذي يُعَلِّمُ الناسَ الخُبْثَ.
وأَجاز بعضُهم أَن . . . أكمل المادة يقال للذي يَنْسُبُ الناسَ إِلى الخُبْثِ: مُخْبِثٌ؛ قال الكُمَيْتُ: فطائفةٌ قد أَكْفَرُوني بِحُبِّكُمْ، وطائِفَةُ قالوا: مُسِيءٌ ومُذْنِبُ أَي نَسَبُوني إِلى الكُفْر.
وفي حديث أُنس: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا أَراد الخَلاءَ، قال: أَعُوذُ بالله من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ ورواه الأَزهري بسنده عن زيد بن أَرْقَمَ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَة، فإِذا دَخَلَ أَحدُكم فلْيَقُلْ: اللهم إِني أَعوذ بك من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ قال أَبو منصور: أَراد بقوله مُحْتَضَرة أَي يَحْتَضِرُها الشياطينُ، ذُكورُها وإِناثُها.
والحُشُوشُ: مواضعُ الغائط.
وقال أَبو بكر: الخُبْثُ الكُفْرُ؛ والخَبائِثُ: الشياطين.
وفي حديث آخر: اللهم إِني أَعوذ بك من الرِّجْسِ النَّجِسِ الخَبيثِ المُخْبِثِ؛ قال أَبو عبيد: الخَبِيثُ ذو الخُبْثِ في نَفْسه؛ قال: والمُخْبِثُ الذي أَصحابُه وأَعوانه خُبَثاء، وهو مثل قولهم: فلانٌ ضَعِيف مُضْعِفٌ، وقَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقويُّ في بدنه، والمُقْوِي الذي تكون دابتُه قَويَّةً؛ يريد: هو الذي يعلمهم الخُبْثَ، ويُوقعهم فيه.
وفي حديث قَتْلَى بَدْرٍ: فأُلْقُوا في قَلِيبٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، أَي فاسدٍ مُفْسِدٍ لما يَقَع فيه؛ قال: وأَما قوله في الحديث: من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ فإِنه أَراد بالخُبْثِ الشَّرَّ، وبالخَبائِثِ الشياطين؛ قال أَبو عبيد: وأُخْبِرْتُ عن أَبي الهيثم أَنه كان يَرْويه من الخُبُث، بضم الباء، وهو جمعُ الخَبيث، وهو الشيطان الذَّكر، ويَجْعَلُ الخَبائِثَ جمعاً للخَبيثة مِن الشياطين. قال أَبو منصور: وهذا عندي أَشْبَهُ بالصواب. ابن الأَثير في تفسير الحديث: الخُبُثُ، بضم الباء: جمع الخَبِيثِ، والخَبائثُ: جمع الخَبيثة؛ يُريد ذكورَ الشياطين وإِناثَهم؛ وقيل: هو الخُبْثُ، بسكون الباء، وهو خلافُ طَيِّبِ الفِعْل من فُجُور وغيره، والخَبائِثُ، يُريد بها الأَفعالَ المذمومة والخِصالَ الرَّديئةَ.
وأَخْبَثَ الرجلُ أَي اتَّخَذَ أَصحاباً خُبَثاء، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، ومَخْبَثانٌ؛ يقال: يا مَخْبَثانُ وقوله عز وجل: الخَبيثاتُ للخَبيثينَ، والخَبيثُونَ للخَبيثاتِ؛ قال الزجَّاج: معناه الكلماتُ الخَبيثاتُ للخَبيثينَ من الرجالِ والنساءِ؛ والرجالُ الخبيثونَ للكلماتِ الخَبيثاتِ؛ أَي لا يَتَكَلَّم بالخَبيثاتِ إِلاَّ الخَبيثُ من الرجالِ والنساء؛ وقيل: المعنى الكلماتُ الخبيثاتُ إِنما تَلْصَقُ بالخَبيثِ من الرجالِ والنساء، فأَما الطاهرونَ والطاهراتُ، فلا يَلْصَقُ بهم السَّبُّ؛ وقيل: الخبيثاتُ من النساءِ للخَبيثين من الرجالِ، وكذلك الطَّيِّباتُ للطَّيِّبينَ.
وقد خَبُثَ خُبْثاً وخَباثَةً وخَبَاثِيَةً: صار خَبِيثاً. أَخْبَثَ: صار ذا خُبْثٍ.
وأَخْبَثَ: إِذا كان أَصحابه وأَهلُه خُبَثاء، ولهذا قالوا: خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، والاسم: الخِبِّيثى.
وتَخابَثَ: أَظْهَر الخُبْثَ؛ وأَخْبَثَه غيره: عَلَّمه الخُبْثَ وأَفْسَده.
ويقال في النداء: يا خُبَثُ كما يقال يا لُكَعُ تُريدُ: يا خَبِيثُ.
وسَبْيٌ خِبْثَةٌ: خَبِيثٌ، وهو سَبْيُ من كان له عهدٌ من أَهل الكفر، لا يجوز سَبْيُه، ولا مِلْكُ عبدٍ ولا أَمةٍ منه.
وفي الحديث: أَنه كَتَب للعَدَّاء بن خالد أَنه اشترى منه عبداً أَو أَمة، لا دَاءَ ولا خِبْثةَ ولا غائلةَ. أَراد بالخِبْثة: الحرام، كما عَبَّرَ عن الحلال بالطَّيِّب، والخِبْثَةُ نوعٌ من أَنواع الخَبيثِ؛ أَراد أَنه عبدٌ رقيقٌ، لا أَنه من قوم لا يَحِلُّ سَبْيُهم كمن أُعْطِيَ عَهْداً وأَماناً، وهو حُرٌ في الأَصل.
وفي حديث الحجاج أَنه قال لأَنس: يا خِبْثة؛ يُريد: يا خَبِيثُ ويقال الأَخلاق الخَبيثة: يا خِبْثَةُ.
ويُكتَبُ في عُهْدةِ الرقيق: لا داءَ، ولا خِبْثَةَ، ولا غائِلَةَ؛ فالداءُ: ما دُلِّسَ فيه من عَيْبٍ يَخْفى أَو علةٍ باطِنةٍ لا تُرَى، والخِبْثَةُ: أَن لا يكون طِيَبَةً، لأَِنه سُبِيَ من قوم لا يَحِلُّ اسْترقاقُهم، لعهدٍ تَقَدَّم لهم، أَو حُرِّيَّة في الأَصل ثَبَتَتْ لهم، والغائلةُ: أَن يَسْتَحِقَّه مُسْتَحِقٌّ بِمِلْكٍ صَحَّ له، فيجب على بائعه ردُّ الثمَن إِلى المشتري.
وكلُّ من أَهْلك شيئاً قد غالَه واغـتاله، فكأَن استحقاقَ المالكِ إِياه، صار سبباً لهلاك الثمَن الذي أَدَّاه المشتري إِلى البائع.ومَخْبَثَان: اسم معرفة، والأُنْثَى: مَخْبَثَانةٌ.
وفي حديث سعيد: كَذَبَ مَخْبَثَانٌ، هو الخَبيثُ؛ ويقال للرجل والمرأَة جميعاً، وكأَنه يدلُّ على المبالغة؛ وقال بعضهم: لا يُسْتَعْمَلُ مَخْبَثانٌ إِلاَّ في النداء خاصة.
ويقال للذكر: يا خُبَثُ وللأُنْثَى: يا خَباثِ مثل يا لَكَاعِ، بني على الكسر، وهذا مُطَّرِدٌ عند سيبويه.
وروي عن الحسن أَنه قال يُخاطِبُ الدنيا: خَباثِ كلَّ عِيدانِكِ مَضَِضْنا، فوَجَدْنا عاقبتَهُ مُرًّا يعني الدنيا.
وخَباثِ بوزن قَطامِ: مَعْدُولٌ من الخُبْثِ، وحرف النداء محذوف، أَي يا خَباثِ.
والمَضُّ: مثلُ المَصّ؛ يريد: إِنَّا جَرَّبْناكِ وخَبَرْناكِ، فوَجَدْنا عاقِبَتَكِ مُرَّةً.
والأَخابِثُ: جمعُ الأَخْبَثِ؛ يقال: هم أَخابِثُ الناس.
ويقال للرجل والمرأَة: يا مَخْبَثانُ، بغير هاءٍ للأُنْثَى.
والخِبِّيثُ: الخَبِيثُ، والجمع خِبِّيثُونَ.
والخابِثُ: الرَّديُّ من كل شيء فاسدٍ. يقال: هو خَبِيثُ الطَّعْم، وخَبِيثُ اللَّوْنِ، وخَبِيثُ الفِعْل.
والحَرامُ البَحْتُ يسمى: خَبِيثاً، مثل الزنا، والمال الحرام، والدم، وما أَشْبهها مما حَرَّمه الله تعالى، يقال في الشيء الكريه الطَعْمِ والرائحة: خَبيثٌ، مثل الثُّوم والبَصَلِ والكَرّاثِ؛ ولذلك قال سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من أَكل من هذه الشجرة الخَبيثة، فلا يَقْرَبَنَّ مسجدَنا.
وقال الله تعالى في نعت النبيّ، صلى الله عليه وسلم: يُحِلُّ لهم الطَّيِّبات ويُحَرِّمُ عليهم الخَبائثَ؛ فالطَّيِّباتُ: ما كانت العربُ تَسْتَطِيبُه من المآكل في الجاهلية، مما لم ينزل فيه تحريم، مثل الأَزْواج الثمانية، ولُحوم الوحْش من الظِّباء وغيرها، ومثل الجراد والوَبْر والأَرْنبِ واليَرْبُوع والضَّبِّ؛ والخَبائثُ: ما كانت تَسْتَقْذِرُه ولا تأْكله، مثل الأَفاعي والعَقاربِ والبَِرَصةِ والخَنافِسِ والوُرْلانِ والفَأْر، فأَحَلَّ الله، تعالى وتقدّس، ما كانوا يَسْتَطِيبون أَكلَه، وحَرَّم ما كانوا يَسْتَخْبثونه، إِلاّ ما نَصَّ على تحريمه في الكتاب، من مثل الميتة والجم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ لغير الله به عند الذبْحِ، أَو بَيَّنَ تَحْريمه على لسان سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مِثْلُ نَهْيِه عن لُحُوم الحُمُر الأَهلية، وأَكْلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وكلّ ذي مِخْلبٍ من الطَّير.
ودَلَّت الأَلف واللام اللتان دخلتا للتعريف في الطَّيِّبات والخَبائث، على أَن المراد بها أَشياءُ معهودةٌ عند المخاطَبين بها، وهذا قول محمد بن ادريس الشافعي، رضي الله عنه.
وقولُه عز وجل: ومثلُ كَلِمةٍ خَبيثةٍ كشجرةٍ خَبيثةٍ؛ قيل: إِنها الحَنْظَلُ؛ وقيل: إنها الكَشُوثُ. ابن الأَعرابي: أَصلُ الخُبْثِ في كلام العرب: المكروه؛ فإِن كان من الكلام، فهو الشَّتْم، وإن كان من المِلَل، فهو الكُفْر، وإِن كان من الطعام، فهو الحرام، وإِن كان من الشَّراب، فهو الضَّارُّ؛ ومنه قيل لما يُرْمَى من مَنْفِيِّ الحديد: الخَبَث؛ ومنه الحديث: إِن الحُمَّى تَنْفِي الذُّنوب، كما يَنْفِي الكِيرُ الخَبَث.
وخَبَثُ الحديدِ والفضَّة، بفتح الخاء والباء: ما نَفاه الكِيرُ إِذا أُذِيبا، وهو لا خَيْرَ فيه، ويُكْنى به عن ذي البَطْنِ.
وفي الحديث: نَهَى عن كلِّ دواءٍ خَبيث؛ قال ابن الأَثير: هو من جهتين: إِحداهما النجاسة، وهو الحرام كالخمر والأَرواث والأَبوال، كلها نجسة خبيثة، وتناوُلها حرام، إِلاَّ ما خصته السُّنَّة من أَبوال الإِبل، عند بعضهم، ورَوْثِ ما يؤكل لحمه عند آخرين؛ والجهةُ الأُخْرى من طَريق الطَّعْم والمَذاق؛ قال: ولا ينكر أَن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، وكراهية النفوس لها؛ ومنه الحديث: من أَكل من هذه الشجرة الخبيثة لا يَقْرَبَنَّ مسجدَنا؛ يُريد الثُّوم والبصل والكَرّاثَ، وخُبْثُها من جهة كراهة طعمها ورائحتها، لأَنها طاهرة، وليس أَكلها من الأَعذار المذكورة في الانقطاع عن المساجد، وإِنما أَمَرَهم بالاعتزال عقوبةً ونكالاً، لأَنه كان يتأَذى بريحها وفي الحديث: مَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وثمنُ الكلب خبيثٌ، وكَسْبُ الحجَّامِ خبيثٌ. قال الخطابي: قد يَجْمَع الكلامُ بين القَرائن في اللفظ ويُفْرَقُ بينها في المعنى، ويُعْرَفُ ذلك من الأَغراض والمقاصد؛ فأَما مَهْرُ البَغِيِّ وثمنُ الكلب، فيريد بالخَبيث فيهما الحرامَ، لأَن الكلب نَجِسٌ، والزنا حرام، وبَذْلُ العِوَضِ عليه وأَخذُه حرامٌ؛ وأَما كسبُ الحجَّام، فيريد بالخَبيث فيه الكراهيةَ، لأَن الحجامة مباحة، وقد يكون الكلامُ في الفصل الواحد، بعضُه على الوجوب، وبعضُه على النَّدْبِ، وبعضُه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، ويُفْرَقُ بينهما بدلائل الأُصول، واعتبار معانيها.
والأَخْبَثانِ: الرجيع والبول، وهما أَيضاً السَّهَرُ والضَّجَرُ، ويقال: نَزَل به الأَخْبَثانِ أَي البَخَر والسَّهَرُ.
وفي الحديث: لا يُصَلِّي الرجلُ، وهو يُدافعُ الأَخْبَثَيْنِ؛ عَنى بهما الغائط والبولَ. الفراء: الأَخْبَثانِ القَيءُ والسُّلاح؛ وفي الصحاح: البولُ والغائط.
وفي الحديث: إِذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَيْنِ لم يَحْمِل خَبَثاً. الخَبَثُ، بفتحتين: النَّجَسُ.
وفي حديث هِرَقْلَ: فأَصْبحَ يوماً وهو خَبِيثُ النَّفْسِ أَي ثَقِيلُها كرِيهُ الحال؛ ومنه الحديث: لا يَقُولَنَّ أَحَدُكم: خَبُثَتْ نَفْسي أَي ثَقُلَتْ وغَثَتْ، كأَنَّه كَرِهَ اسمَ الخُبْثِ.
وطعام مَخْبَثَةٌ: تَخْبُثُ عنه النَّفْسُ؛ وقيل: هو الذي من غير حلّه؛ وقولُ عَنْترة: نُبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكِرِ نِعْمةٍ، والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لنَفْسِ المُنْعِم أَي مَفْسدة.
والخِبْثة: الزِّنْية؛ وهو ابن خِبْثة، لابن الزِّنْية، يقال: وُلِدَ فلانٌ لخِبْثةٍ أَي وُلِدَ لغير رِشْدةٍ.
وفي الحديث؛ إِذا كَثُر الخُبْثُ كان كذا وكذا؛ أَراد الفِسْقَ والفُجور؛ ومنه حديث سعدِ بن عُبادة: أَنه أُتِيَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، برَجُلٍ مُخْدَجٍ سَقِيمٍ، وُجِدَ مع أَمَةٍ يَخْبُثُ بها أَي يَزْني.

حدث (لسان العرب) [0]


الحَدِيثُ: نقيضُ القديم.
والحُدُوث: نقيضُ القُدْمةِ. حَدَثَ الشيءُ يَحْدُثُ حُدُوثاً وحَداثةً، وأَحْدَثه هو، فهو مُحْدَثٌ وحَديث، وكذلك اسْتَحدثه.
وأَخذني من ذلك ما قَدُمَ وحَدُث؛ ولا يقال حَدُث، بالضم، إِلاَّ مع قَدُم، كأَنه إِتباع، ومثله كثير.
وقال الجوهري: لا يُضَمُّ حَدُثَ في شيء من الكلام إِلا في هذا الموضع، وذلك لمكان قَدُمَ على الازْدواج.
وفي حديث ابن مسعود: أَنه سَلَّمَ عليه، وهو يصلي، فلم يَرُدَّ عليه السلامَ، قال: فأَخذني ما قَدُمَ وما حَدُث، يعْني همومه وأَفكارَه القديمةَ والحديثةَ. يقال: حَدَثَ الشيءُ، فإِذا قُرِن بقَدُم ضُمَّ، للازْدواج.
والحُدُوثُ: كونُ شيء لم يكن.
وأَحْدَثَه اللهُ فَحَدَثَ.
وحَدَثَ أَمرٌ أَي وَقَع.
ومُحْدَثاتُ الأُمور: ما ابتدَعه أَهلُ الأَهْواء من الأَشياء التي . . . أكمل المادة كان السَّلَف الصالحُ على غيرها.
وفي الحديث: إِياكم ومُحْدَثاتِ الأُمور، جمعُ مُحْدَثَةٍ بالفتح، وهي ما لم يكن مَعْرُوفاً في كتاب، ولا سُنَّة، ولا إِجماع.
وفي حديث بني قُرَيظَة: لم يَقْتُلْ من نسائهم إِلا امْرأَةً واحدةً كانتْ أَحْدَثَتْ حَدَثاً؛ قيل: حَدَثُها أَنها سَمَّتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مُحْدَثَةٍ بدْعَةٌ، وكلُّ بِدْعةٍ ضَلالةٌ.
وفي حديث المدينة: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً، أَو آوَى مُحْدِثاً؛ الحَدَثُ: الأَمْرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بمعتادٍ، ولا معروف في السُّنَّة، والمُحْدِثُ: يُروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر مَن نَصَرَ جانياً، وآواه وأَجاره من خَصْمه، وحال بينه وبين أَن يَقْتَضَّ منه؛ وبالفتح، هو الأَمْرُ المُبْتَدَعُ نَفْسُه، ويكون معنى الإِيواء فيه الرضا به، والصبر عليه، فإِنه إِذا رَضِيَ بالبِدْعة، وأَقرّ فاعلَها ولم ينكرها عليه، فقد آواه.
واسْتَحْدَثْتُ خَبَراً أَي وَجَدْتُ خَبَراً جديداً؛ قال ذو الرمة: أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعهم خَبَراً، أَم راجَعَ القَلْبَ، من أَطْرابه، طَرَبُ؟ وكان ذلك في حِدْثانِ أَمْرِ كذا أَي في حُدُوثه.
وأَخذَ الأَمْر بحِدْثانِه وحَدَاثَته أَي بأَوّله وابتدائه.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْر، لَهَدَمْتُ الكعبةَ وبَنَيْتُها. حِدْثانُ الشيء، بالكسر: أَوّلهُ، وهو مصدر حَدَثَ يَحْدُثُ حُدُوثاً وحِدْثاناً؛ والمراد به قُرْبُ عهدهم بالكفر والخروج منه، والدُّخولِ في الإِسلام، وأَنه لم يتمكن الدينُ من قلوبهم، فلو هَدَمْتُ الكعبة وغَيَّرْتُها، ربما نَفَرُوا من ذلك.
وفي حديث حُنَين: إِني لأُعْطِي رجالاً حَديثِي عَهْدٍ بكفر أَتَأَلَّفُهم، وهو جمعُ صحةٍ لحديثٍ، وهو فعيل بمعنى فاعل.
ومنه الحديث: أُناسٌ حَديثةٌ أَسنانُهم؛ حَداثةُ السِّنِّ: كناية عن الشَّباب وأَوّلِ العمر؛ ومنه حديثُ أُم الفَضْل: زَعَمَت امرأَتي الأُولى أَنها أَرْضَعَت امرأَتي الحُدْثى؛ هي تأْنيثُ الأَحْدَث، يريد المرأَة التي تَزَوَّجَها بعد الأُولى.
وحَدَثانُ الدَّهْر (* قوله «وحدثان الدهر إلخ» كذا ضبط بفتحات في الصحاح والمحكم والتهذيب والتكملة والنهاية وصرح به صاحب المختار. فقول المجد: ومن الدهر نوبه، صوابه: والحدثان، بفتحات، من الدهر نوبه إلخ ليوافق أصوله، ولكن نشأ له ذلك من الاختصار، ويؤيد ما قلناه أنه قال في آخر المادة.
وأوس بن الحدثان محركة صحابي. فقال شارحه: منقول من حدثان الدهر أَي صروفه ونوائبه نعوذ بالله منها.) وحَوادِثُه: نُوَبُه، وما يَحْدُث منه، واحدُها حادِثٌ؛ وكذلك أَحْداثُه، واحِدُها حَدَثٌ. الأَزهري: الحَدَثُ من أَحْداثِ الدَّهْرِ: شِبْهُ النازلة.
والأَحْداثُ: الأَمْطارُ الحادثةُ في أَوّل السنة؛ قال الشاعر: تَرَوَّى من الأَحْداثِ، حتى تَلاحَقَتْ طَرائقُه، واهتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ أَي مع الشِّرْشِر؛ فأَما قول الأَعشى: فإِمَّا تَرَيْني ولِي لِمَّةٌ، فإِنَّ الحَوادث أَوْدى بها فإِنه حذف للضرورة، وذلك لمَكان الحاجة إِلى الرِّدْف؛ وأَما أَبو علي الفارسي فذهب إِلى أَنه وضع الحَوادِثَ موضع الحَدَثانِ، كما وَضَع الآخرُ الحَدَثانَ موضعَ الحوادث في قوله: أَلا هَلَكَ الشِّهابُ المُسْتَنِيرُ، ومِدْرَهُنا الكَمِيُّ، إِذا نُغِيرُ ووَهَّابُ المِئِينَ، إِذا أَلَمَّتْ بنا الحَدَثانُ، والحامي النَّصُورُ الأَزهري: وربما أَنَّثت العربُ الحَدَثانَ، يذهبون به إِلى الحَوادث، وأَنشد الفراءُ هذين البيتين أَيضاً، وقال عِوَضَ قوله ووهَّابُ المِئين: وحَمَّالُ المِئين، قال: وقال الفراءُ: تقول العرب أَهلكتْنا الحَدَثانُ؛ قال: وأَما حِدْثانُ الشَّباب، فبكسر الحاءِ وسكون الدال. قال أَبو عمرو الشَّيباني: تقول أَتيته في رُبَّى شَبابه، ورُبَّانِ شَبابه، وحُدْثى شبابه، وحديثِ شبابه، وحِدْثان شبابه، بمعنى واحد؛ قال الجوهري: الحَدَثُ والحُدْثى والحادِثَةُ والحَدَثانُ، كله بمعنى.
والحَدَثان: الفَأْسُ، على التشبيه بحَدَثان الدَّهْر؛ قال ابن سيده: ولم يَقُلْهُ أَحَدٌ؛ أَنشد أَبو حنيفة: وجَوْنٌ تَزْلَقُ الحَدَثانُ فيه، إِذا أُجَراؤُه نَحَطُوا، أَجابا الأَزهري: أَراد بِجَوْنٍ جَبَلاً.
وقوله أَجابا: يعني صَدى الجَبل يَسْمَعُه.
والحَدَثانُ: الفأْس التي لها رأْس واحدة.
وسمى سيبويه المَصْدَر حَدَثاً، لأَن المصادرَ كلَّها أَعراضٌ حادِثة، وكَسَّره على أَحْداثٍ، قال: وأَما الأَفْعال فأَمثلةٌ أُخِذَتْ من أَحْداثِ الأَسماء. الأَزهري: شابٌّ حَدَث فَتِيُّ السِّنِّ. ابن سيده: ورجل حَدَثُ السِّنِّ وحَديثُها: بيِّن الحَداثة والحُدُوثة.
ورجال أَحْداثُ السِّنِّ، وحُِدْثانُها، وحُدَثاؤُها.
ويقال: هؤُلاء قومٌ حُِدْثانٌ، جمعُ حَدَثٍ، وهو الفَتِيُّ السِّنِّ. الجوهري: ورجلٌ حَدَثٌ أَي شابٌّ، فإِن ذكرت السِّنَّ قلت: حديث السِّنِّ، وهؤلاءِ غلمانٌ حُدْثانٌ أَي أَحْداثٌ.
وكلُّ فَتِيٍّ من الناس والدوابِّ والإِبل: حَدَثٌ، والأُنثى حَدَثةٌ.
واستعمل ابن الأَعرابي الحَدَثَ في الوَعِل، فقال: إِذا كان الوَعِلُ حَدَثاً، فهو صَدَعٌ.
والحديثُ: الجديدُ من الأَشياء.
والحديث: الخَبَرُ يأْتي على القليل والكثير، والجمع: أَحاديثُ، كقطيع وأَقاطِيعَ، وهو شاذٌّ على غير قياس، وقد قالوا في جمعه: حِدْثانٌ وحُدْثانٌ، وهو قليل؛ أَنشد الأَصمعي: تُلَهِّي المَرْءَ بالحِدْثانِ لَهْواً، وتَحْدِجُه، كما حُدِجَ المُطِيقُ وبالحُدْثانِ أَيضاً؛ ورواه ابن الأَعرابي: بالحَدَثانِ، وفسره، فقال: ِْذا أَصابه حَدَثانُ الدَّهْرِ من مَصائِبه ومَرارِئه، أَلْهَتْه بدَلِّها وحَدِيثها عن ذلك وقوله تعالى: إِن لم يُؤْمِنوا بهذا الحديث أَسَفاً؛ عنى بالحديث القرآن؛ عن الزجاج.
والحديثُ: ما يُحَدِّثُ به المُحَدِّثُ تَحْديثاً؛ وقد حَدَّثه الحديثَ وحَدَّثَه به. الجوهري: المُحادثة والتَّحادُث والتَّحَدُّثُ والتَّحْديثُ: معروفات. ابن سيده: وقول سيبويه في تعليل قولهم: لا تأْتيني فتُحَدِّثَني، قال: كأَنك قلت ليس يكونُ منك إِتيانٌ فحديثٌ، غِنما أَراد فتَحْديثٌ، فوَضَع الاسم موضع المصدر، لأَن مصدر حَدَّث إِنما هو التحديثُ، فأَما الحديثُ فليس بمصدر.
وقوله تعالى: وأَما بنِعْمةِ ربك فَحَدِّثْ؛ أَي بَلِّغْ ما أُرْسِلْتَ به، وحَدِّث بالنبوّة التي آتاك اللهُ، وهي أَجلُّ النِّعَم.
وسمعت حِدِّيثى حَسنَةً، مثل خِطِّيبيى، أَي حَديثاً.
والأُحْدُوثةُ: ما حُدِّثَ به. الجوهري: قال الفراءُ: نُرى أَن واحد الأَحاديث أُحْدُوثة، ثم جعلوه جمعاً للحَديث؛ قال ابن بري: ليس الأَمر كما زعم الفراءُ، لأَن الأُحْدُوثةَ بمعنى الأُعْجوبة، يقال: قد صار فلانٌ أُحْدُوثةً. فأَما أَحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، فلا يكون واحدها إِلا حَديثاً، ولا يكون أُحْدوثةً، قال: وكذلك ذكره سيبويه في باب ما جاءَ جمعه على غير واحده المستعمل، كعَرُوض وأَعاريضَ، وباطل وأَباطِيل.
وفي حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها جاءَت إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فوَجَدَتْ عنجه حُدّاثاً أَي جماعة يَتَحَدَّثُون؛ وهو جمع على غير قياس، حملاً على نظيره، نحو سامِرٍ وسُمَّارٍ فإِن السُّمّارَ المُحَدِّثون.
وفي الحديث: يَبْعَثُ اللهُ السَّحابَ فيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ ويَتَحَدَّث أَحْسَن الحَديث. قال ابن الأَثير: جاءَ في الخبر أَن حَديثَه الرَّعْدُ، وضَحِكَه البَرْقُ، وشَبَّهه بالحديث لأَنه يُخْبِر عن المطر وقُرْبِ مجيئه، فصار كالمُحَدِّث به؛ ومنه قول نُصَيْب: فعاجُوا، فأَثْنَوْا بالذي أَنتَ أَهْلُه، ولو سَكَتُوا، أَثْنَتْ عليكَ الحَقائبُ وهو كثير في كلامهم.
ويجوز أَن يكون أَراد بالضحك: افْتِرارَ الأَرض بالنبات وظهور الأَزْهار، وبالحديث: ما يَتَحدَّثُ به الناسُ في صفة النبات وذِكْرِه؛ ويسمى هذا النوعُ في علم البيان: المجازَ التَّعْليقِيَّ، وهو من أَحْسَن أَنواعه.
ورجل حَدِثٌ وحَدُثٌ وحِدْثٌ وحِدِّيثٌ ومُحَدِّثٌ، بمعنى واحد: كثيرُ الحَديثِ، حَسَنُ السِّياق له؛ كلُّ هذا على النَّسَب ونحوه.
والأَحاديثُ، في الفقه وغيره، معروفة.
ويقال: صار فلانٌ أُحْدُوثةً أَي أَكثروا فيه الأَحاديثَ.
وفلانٌ حِدْثُك أَي مُحَدِّثُك، والقومُ يَتحادَثُون ويَتَحَدَّثُون، وتركت البلادَ تَحَدَّثُ أَي تَسْمَعُ فيها دَويّاً؛ حكاه ابن سيده عن ثعلب.ورجل حِدِّيثٌ، مثال فِسِّيق أَي كثيرُ الحَديث.
ورجل حِدْثُ مُلوك، بكسر الحاءِ، إِذا كان صاحبَ حَدِيثهم وسَمَرِهِم؛ وحِدْثُ نساءٍ: يَتَحَدَّثُ إِليهنّ، كقولك: تِبْعُ نساءٍ، وزيرُ نساءٍ.
وتقول: افْعَلْ ذلك الأَمْر بحِدْثانِه وبحَدَثانه أَي أَوّله وطَراءَته.ويقال للرجل الصادق الظَّنِّ: مُحَدَّثٌ، بفتح الدال مشدَّدة.
وفي الحديث: قد كان في الأُمم مُحَدَّثون، فإِن يكن في أُمتي أَحَدٌ، فعُمَرُ بن الخطاب؛ جاءَ في الحديث: تفسيره أَنهم المُلْهَمُون؛ والمُلْهَم: هو الذي يُلْقَى في نفسه الشيءُ، فيُخْبِرُ به حَدْساً وفِراسةً، وهو نوعٌ يَخُصُّ اللهُ به مَن يشاءُ من عباده الذين اصْطَفى مثل عُمر، كأَنهم حُدِّثوا بشيءٍ فقالوه.
ومُحادَثةُ السيف: جِلاؤُه.
وأَحْدَثَ الرجلُ سَيْفَه، وحادَثَه إِذا جَلاه.
وفي حديث الحسن: حادِثُوا هذه القُلوبَ بذكر الله، فإِنها سريعةُ الدُّثورِ؛ معناه: اجْلُوها بالمَواعظ، واغْسِلُوا الدَّرَنَ عنها، وشَوِّقُوها حتى تَنْفُوا عنها الطَّبَع والصَّدَأَ الذي تَراكَبَ عليها من الذنوب، وتَعاهَدُوها بذلك، كما يُحادَثُ السيفُ بالصِّقالِ؛ قال لبيد: كنَّصْلِ السَّيْف، حُودِث بالصِّقال والحَدَثُ: الإِبْداءُ؛ وقد أَحْدَث: منَ الحَدَثِ.
ويقال: أَحْدَثَ الرجلُ إِذا صَلَّعَ، أَو فَصَّعَ، وخَضَفَ، أَيَّ ذلك فَعَلَ فهو مُحْدِثٌ؛ قال: وأَحْدَثَ الرجلُ وأَحْدَثَتِ المرأَةُ إِذا زَنَيا؛ يُكنى بالإِحْداثِ عن الزنا.
والحَدَثُ مِثْل الوَليِّ، وأَرضٌ مَحْدُوثة: أَصابها الحَدَثُ.
والحَدَثُ: موضع متصل ببلاد الرُّوم، مؤَنثة.

حوج (لسان العرب) [0]


الحاجَةُ والحائِجَةُ: المَأْرَبَةُ، معروفة.
وقوله تعالى: ولِتَبْلُغُوا عليها حاجةً في صدوركم؛ قال ثعلب: يعني الأَسْفارَ، وجمعُ الحاجة حاجٌ وحِوَجٌ؛ قال الشاعر: لَقَدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابَتي، وعَنْ حِوَجٍ، قَضَاؤُها مِنْ شِفَائِيَا وهي الحَوْجاءُ، وجمع الحائِجَة حوائجُ. قال الأَزهري: الحاجُ جمعُ الحاجَةِ، وكذلك الحوائج والحاجات؛ وأَنشد شمر: والشَّحْطُ قَطَّاعٌ رَجاءَ مَنْ رَجا، إِلاَّ احْتِضارَ الحاجِ مَنْ تَحَوَّجا قال شمر: يقول إِذا بعد من تحب انقطع الرجاء إِلاَّ أَن تكون حاضراً لحاجتك قريباً منها. قال: وقال رجاء من رجاء، ثم استثنى، فقال: إِلا احتضار الحاج، أَن يحضره.
والحاج: جمع حاجة؛ قال الشاعر: وأُرْضِعُ حاجَةً بِلِبانِ أُخْرى، كذاك الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ وتَحَوَّجَ: . . . أكمل المادة طلب الحاجَةَ؛ وقال العجاج: إِلاَّ احْتِضارَ الحاجِ من تَحَوَّجا والتَحَوُّجُ: طلب الحاجة بعد الحاجة.
والتَحَوُّج: طلبُ الحاجَةِ. غيره: الحاجَةُ في كلام العرب، الأَصل فيها حائجَةٌ، حذفوا منها الياء، فلما جمعوها ردوا إِليها ما حذفوا منها فقالوا: حاجةٌ وحوائجُ، فدل جمعهم إِياها على حوائج أَن الياء محذوفة منها.
وحاجةٌ حائجةٌ، على المبالغة. الليث: الحَوْجُ، من الحاجَة.
وفي التهذيب: الحِوَجُ الحاجاتُ.
وقالوا: حاجةٌ حَوْجاءُ. ابن سيده: وحُجْتُ إِليك أَحُوجُ حَوْجاً وحِجْتُ، الأَخيرةُ عن اللحياني؛ وأَنشد للكميت بن معروف الأَسدي: غَنِيتُ، فَلَم أَرْدُدْكُمُ عِنْدَ بُغْيَةٍ، وحُجْتُ، فَلَمْ أَكْدُدْكُمُ بِالأَصابِع قال: ويروى وحِجْتُ؛ قال: وإِنما ذكرتها هنا لأَنها من الواو، قال: وسنذكرها أَيضا في الياء لقولهم حِجْتُ حَيْجاً.
واحْتَجْتُ وأَحْوَجْتُ كَحُجْتُ. اللحياني: حاجَ الرجلُ يَحُوجُ ويَحِيجُ، وقد حُجْتُ وحِجْتُ أَي احْتَجْتُ.
والحَوْجُ: الطَّلَبُ.
والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه الله.
والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ من قوم مَحاويجَ. قال ابن سيده: وعندي أَن مَحاويجَ إِنما هو جمع مِحْواجٍ، إِن كان قيل، وإِلاَّ فلا وجه للواو.
وتَحَوَّجَ إِلى الشيء: احتاج إِليه وأَراده. غيره: وجمع الحاجةِ حاجٌ وحاجاتٌ وحَوائِجُ على غير قياس، كأَنهم جمعوا حائِجَةً، وكان الأَصمعي ينكره ويقول هو مولَّد؛ قال الجوهري: وإِنما أَنكره لخروجه عن القياس، وإِلاَ فهو كثير في كلام العرب؛ وينشد: نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى حَوائِجُهُ، مِنَ اللَّيْلِ الطَّويلِ قال ابن بري: إِنما أَنكره الأَصمعي لخروجه عن قياس جمع حاجة؛ قال: والنحويون يزعمون أَنه جمع لواحد لم ينطق به، وهو حائجة. قال: وذكر بعضهم أَنه سُمِعَ حائِجَةٌ لغة في الحاجةِ. قال: وأَما قوله إِنه مولد فإِنه خطأٌ منه لأَنه قد جاء ذلك في حديث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي أَشعار العرب الفصحاء، فمما جاء في الحديث ما روي عن ابن عمر: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن لله عباداً خلقهم لحوائج الناس، يَفْزَعُ الناسُ إِليهم في حوائجهم، أُولئك الآمنون يوم القيامة.
وفي الحديث أَيضاً: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: اطْلُبُوا الحوائجَ إِلى حِسانِ الوجوه.
وقال صلى الله عليه وسلم: استعينواعلى نَجاحِ الحوائج بالكِتْمانِ لها؛ ومما جاء في أَشعار الفصحاء قول أَبي سلمة المحاربي: ثَمَمْتُ حَوائِجِي ووَذَأْتُ بِشْراً، فبِئْسَ مُعَرِّسُ الرَّكْبِ السِّغابُ قال ابن بري: ثممت أَصلحت؛ وفي هذا البيت شاهد على أَن حوائج جمع حاجة، قال: ومنهم من يقول جمع حائجة لغة في الحاجةِ؛ وقال الشماخ: تَقَطَّعُ بيننا الحاجاتُ إِلاَّ حوائجَ يَعْتَسِفْنَ مَعَ الجَريء وقال الأَعشى: الناسُ حَولَ قِبابِهِ: أَهلُ الحوائج والمَسائلْ وقال الفرزدق: ولي ببلادِ السِّنْدِ، عندَ أَميرِها، حوائجُ جمَّاتٌ، وعِندي ثوابُها وقال هِمْيانُ بنُ قحافة: حتى إِذا ما قَضَتِ الحوائِجَا، ومَلأَتْ حُلاَّبُها الخَلانِجَا قال ابن بري: وكنت قد سئلت عن قول الشيخ الرئيس أَبي محمد القاسم بن علي الحريري في كتابه دُرَّة الغَوَّاص: إِن لفظة حوائج مما توهَّم في استعمالها الخواص؛ وقال الحريري: لم أَسمع شاهداً على تصحيح لفظة حوائج إِلا بيتاً واحداً لبديع الزمان، وقد غلط فيه؛ وهو قوله: فَسِيَّانِ بَيْتُ العَنْكَبُوتِ وجَوْسَقٌ رَفِيعٌ، إِذا لم تُقْضَ فيه الحوائجُ فأَكثرت الاستشهاد بشعر العرب والحديث؛ وقد أَنشد أَبو عمرو بن العلاء أَيضاً: صَرِيعَيْ مُدامٍ، ما يُفَرِّقُ بَيْنَنا حوائجُ من إِلقاحِ مالٍ، ولا نَخْلِ وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً: مَنْ عَفَّ خَفَّ، على الوُجُوهِ، لِقاؤُهُ، وأَخُو الحَوائِجِ وجْهُه مَبْذُولُ وأَنشد أَيضاً: فإِنْ أُصْبِحْ تُخالِجُني هُمُومٌ، ونَفْسٌ في حوائِجِها انْتِشارُ وأَنشد ابن خالويه: خَلِيلَيَّ إِنْ قامَ الهَوَى فاقْعُدا بِهِ، لَعَنَّا نُقَضِّي من حَوائِجِنا رَمّا وأَنشد أَبو زيد لبعض الرُّجّاز: يا رَبَّ، رَبَّ القُلُصِ النَّواعِجِ، مُسْتَعْجِلاتٍ بِذَوِي الحَوائِجِ وقال آخر: بَدَأْنَ بِنا لا راجِياتٍ لخُلْصَةٍ، ولا يائِساتٍ من قَضاءِ الحَوائِجِ قال: ومما يزيد ذلك إِيضاحاً ماقاله العلماء؛ قال الخليل في العين في فصل «راح» يقال: يَوْمٌ راحٌ وكَبْشٌ ضافٌ، على التخفيف، مِن رائح وضائف، بطرح الهمزة، كما قال أَبو ذؤيب الهذلي: وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فاها، فَلَوْنهُ كَلَوْنِ النَّؤُورِ، وهْي أَدْماءُ سارُها أَي سائرها. قال: وكما خففوا الحاجة من الحائجة، أَلا تراهم جمعوها على حوائج؟ فأَثبت صحة حوائج، وأَنها من كلام العرب، وأَن حاجة محذوفة من حائجة، وإِن كان لم ينطق بها عنده. قال: وكذلك ذكرها عثمان بن جني في كتابه اللمع، وحكى المهلبي عن ابن دريد أَنه قال حاجة وحائجة، وكذلك حكى عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه يقال: في نفسي حاجَةٌ وحائجة وحَوْجاءُ، والجمع حاجاتٌ وحوائجُ وحاجٌ وحِوَجٌ.
وذكر ابن السكيت في كتابه الأَلفاظ ! باب الحوائج: يقال في جمع حاجةٍ حاجاتٌ وحاجٌ وحِوَجٌ وحَوائجُ.
وقال سيبويه في كتابه، فيما جاء فيه تَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ، بمعنى، يقال: تَنَجَّزَ فلانٌ حوائِجَهُ واسْتَنْجَزَ حوائجَهُ.
وذهب قوم من أَهل اللغة إِلى أَن حوائج يجوز أَن يكون جَمْعَ حوجاء، وقياسها حَواجٍ، مثل صَحارٍ، ثم قدّمت الياء على الجيم فصار حَوائِجَ؛ والمقلوب في كلام العرب كثير.
والعرب تقول: بُداءَاتُ حَوائجك، في كثير من كلامهم.
وكثيراً ما يقول ابن السكيت: إِنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين والراحات، وإِنما غلط الأَصمعي في هذه اللفظة كما حكي عنه حتى جعلها مولّدة كونُها خارجةً عن القياس، لأَن ما كان على مثل الحاجة مثل غارةٍ وحارَةٍ لا يجمع على غوائر وحوائر، فقطع بذلك على أَنها مولدة غير فصيحة، على أَنه قد حكى الرقاشي والسجستاني عن عبد الرحمن عن الأَصمعي أَنه رجع عن هذا القول، وإِنما هو شيء كان عرض له من غير بحث ولا نظر، قال: وهذا الأَشبه به لأَن مثله لا يجهل ذلك إِذ كان موجوداً في كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وكلام العرب الفصحاء؛ وكأَن الحريريّ لم يمرّ به إِلا القول الأَول عن الأَصمعي دون الثاني، والله أَعلم.
والحَوْجاءُ: الحاجةُ.
ويقال ما في صدري به حوجاء ولا لَوْجاءُ، ولا شَكٌّ ولا مِرْيَةٌ، بمعنى واحد.
ويقال: ليس في أَمرك حُوَيْجاءُ ولا لُوَيْجاءُ ولا رُوَيْغَةٌ، وما في الأَمر حَوْجاء ولا لَوْجاء أَي شك؛ عن ثعلب.وحاجَ يَحوجُ حَوْجاً أَي احتاج.
وأَحْوَجَه إِلى غيره وأَحْوَجَ أَيضاً: بمعنى احتاج. اللحياني: ما لي فيه حَوْجاءُ ولا لوجاء ولا حُوَيجاء ولا لُوَيجاء؛ قال قيس بن رقاعة: مَنْ كانَ، في نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها عِندي، فَإِني له رَهْنٌ بإِصْحارِ أُقِيمُ نَخْوَتَه، إِنْ كان ذا عِوَجٍ، كما يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي قال ابن بري المشهور في الرواية: أُقِيمُ عَوْجَتَه إِن كان ذا عوج وهذا الشعر تمثل به عبد الملك بعد قتل مصعب بن الزبير وهو يخطب على المنبر بالكوفة، فقال في آخر خطبته: وما أَظنكم تزدادون بعدَ المَوْعظةِ إِلاَّ شرّاً، ولن نَزْدادَ بَعد الإِعْذار إِليكم إِلاّ عُقُوبةً وذُعْراً، فمن شاء منكم أَن يعود إِليها فليعد، فإِنما مَثَلي ومَثَلكم كما قال قيس بن رفاعة: مَنْ يَصْلَ نارِي بِلا ذَنْبٍ ولا تِرَةٍ، يَصْلي بنارِ كريمٍ، غَيْرِ غَدَّارِ أَنا النَّذِيرُ لكم مني مُجاهَرَةً، كَيْ لا أُلامَ على نَهْيي وإِنْذارِي فإِنْ عَصِيْتُمْ مقالي، اليومَ، فاعْتَرِفُوا أَنْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ خِزْياً، ظاهِرَ العارِ لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً، لَهْوَ المُقِيمِ، ولَهْوَ المُدْلِجِ السارِي مَنْ كانَ، في نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها عِندي، فإِني له رَهْنٌ بإِصْحارِ أُقِيمُ عَوْجَتَه، إِنْ كانَ ذا عِوَجٍ، كما يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي وصاحِبُ الوِتْرِ لَيْسَ، الدَّهْرَ، مُدْركَهُ عِندي، وإني لَدَرَّاكٌ بِأَوْتارِي وفي الحديث: أَنه كوى سَعْدَ بنَ زُرارَةَ وقال: لا أَدع في نفسي حَوْجاءَ مِنْ سَعْدٍ؛ الحَوْجاءُ: الحاجة، أَي لا أَدع شيئاً أَرى فيه بُرْأَة إِلاّ فعلته، وهي في الأَصل الرِّيبَةُ التي يحتاج إِلى إِزالتها؛ ومنه حديث قتادة قال في سجدة حم: أَن تَسْجُدَ بالأَخيرة منهما، أَحْرى أَنْ لا يكون في نفسك حَوْجاءُ أَي لا يكون في نفسك منه شيء، وذلك أَن موضع السجود منها مختلف فيه، هل هو في آخر الآية الُولى أَو آخر الآية الثانية، فاختار الثانية لأَنه أَحوط؛ وأَن يسجد في موضع المبتدإِ، وأَحرى خبره.
وكَلَّمه فما رَدَّ عليه حَوْجاء ولا لَوْجاء، ممدود، ومعناه: ما ردَّ عليه كلمة قبيحةً ولا حَسَنَةً، وهذا كقولهم: فما رد عليَّ سوداء ولا بيضاء أَي كلمة قبيحة ولا حسنة.
وما بقي في صدره حوجاء ولا لوجاء إِلا قضاها.
والحاجة: خرزة (* قوله «والحاجة خرزة» مقتضى ايراده هنا انه بالحاء المهملة هنا، وهو بها في الشاهد أيضاً.
وكتب السيد مرتضي بهامش الأَصل صوابه: والجاجة، بجيمين، كما تقدم في موضعه مع ذكر الشاهد المذكور.) لا ثمن لها لقلتها ونفاستها؛ قال الهذلي: فَجاءَت كخاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجَةً، ولا حاجَةٌ منها تَلُوحُ على وَشْمِ وفي الحديث: قال له رجل: يا رسول ا ، ما تَرَكْتُ من حاجَةٍ ولا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ؛ أَي ما تركت شيئاً من المعاصي دعتني نفسي إِليه إِلا وقد ركبته؛ وداجَةٌ إِتباع لحاجة، والأَلف فيها منقلبة عن الواو.
ويقال للعاثر: حَوْجاً لك أَي سلامَةً وحكى الفارسي عن أَبي زيد: حُجْ حُجَيَّاكَ، قال: كأَنه مقلوبٌ مَوْضِعُ اللاَّم إِلى العين.

أخر (لسان العرب) [0]


في أَسماء الله تعالى: الآخِرُ والمؤخَّرُ، فالآخِرُ هو الباقي بعد فناء خلقِه كله ناطقِه وصامتِه، والمؤخِّرُ هو الذي يؤخر الأَشياءَ فَيضعُها في مواضِعها، وهو ضدّ المُقَدَّمِ، والأُخُرُ ضد القُدُمِ. تقول: مضى قُدُماً وتَأَخَّرَ أُخُراً، والتأَخر ضدّ التقدّم؛ وقد تَأَخَّرَ عنه تَأَخُّراً وتَأَخُّرَةً واحدةً؛ عن اللحياني؛ وهذا مطرد، وإِنما ذكرناه لأَن اطِّراد مثل هذا مما يجهله من لا دُرْبَة له بالعربية.
وأَخَّرْتُه فتأَخَّرَ، واستأْخَرَ كتأَخَّر.
وفي التنزيل: لا يستأْخرون ساعة ولا يستقدمون؛ وفيه أَيضاً: ولقد عَلِمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأْخرينَ؛ يقول: علمنا من يَستقدِم منكم إِلى الموت ومن يَستأْخرُ عنه، وقيل: عَلِمنا مُستقدمي الأُمم ومُسْتأْخِريها، وقال ثعلبٌ: عَلمنا من يأْتي . . . أكمل المادة منكم إِلى المسجد متقدِّماً ومن يأْتي متأَخِّراً، وقيل: إِنها كانت امرأَةٌ حَسْنَاءُ تُصلي خَلْفَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فيمن يصلي في النساء، فكان بعضُ من يُصلي يَتأَخَّرُ في أَواخِرِ الصفوف، فإِذا سجد اطلع إليها من تحت إِبطه، والذين لا يقصِدون هذا المقصِدَ إِنما كانوا يطلبون التقدّم في الصفوف لما فيه من الفضل.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أَخِّرْ عني يا عمرُ؛ يقال: أَخَّرَ وتأَخَّرَ وقَدَّمَ وتقَدَّمَ بمعنًى؛ كقوله تعالى: لا تُقَدِّموا بين يَدَي الله ورسوله؛ أَي لا تتقدموا، وقيل: معناهُ أَخَّر عني رَأْيَكَ فاختُصِر إِيجازاً وبلاغة.
والتأْخيرُ: ضدُّ التقديم.
ومُؤَخَّرُ كل شيء، بالتشديد: خلاف مُقَدَّمِه. يقال: ضرب مُقَدَّمَ رأْسه ومؤَخَّره.
وآخِرَةُ العينَ ومُؤْخِرُها ومؤْخِرَتُها: ما وَليَ اللِّحاظَ، ولا يقالُ كذلك إِلا في مؤَخَّرِ العين.
ومُؤْخِرُ العين مثل مُؤمِنٍ: الذي يلي الصُّدْغَ، ومُقْدِمُها: الذي يلي الأَنفَ؛ يقال: نظر إِليه بِمُؤْخِرِ عينه وبمُقْدِمِ عينه؛ ومُؤْخِرُ العين ومقدِمُها: جاء في العين بالتخفيف خاصة.
ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته وآخِره، كله: خلاف قادِمته، وهي التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب.
وفي الحديث: إِذا وضَعَ أَحدكُم بين يديه مِثلَ آخِرة الرحلِ فلا يبالي مَنْ مرَّ وراءَه؛ هي بالمدّ الخشبة التي يَسْتنِدُ إِليها الراكب من كور البعير.
وفي حديث آخَرَ: مِثْلَ مؤْخرة؛ وهي بالهمز والسكون لغة قليلة في آخِرَتِه، وقد منع منها بعضهم ولا يشدّد.
ومُؤْخِرَة السرج: خلافُ قادِمتِه.
والعرب تقول: واسِطُ الرحل للذي جعله الليث قادِمَه.
ويقولون: مُؤْخِرَةُ الرحل وآخِرَة الرحل؛ قال يعقوب: ولا تقل مُؤْخِرَة.
وللناقة آخِرَان وقادمان: فخِلْفاها المقدَّمانِ قادماها، وخِلْفاها المؤَخَّران آخِراها، والآخِران من الأَخْلاف: اللذان يليان الفخِذَين؛ والآخِرُ: خلافُ الأَوَّل، والأُنثَى آخِرَةٌ. حكى ثعلبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دخولاً والآخِراتُ خروجاً. الأَزهري: وأَمَّا الآخِرُ، بكسر الخاء، قال الله عز وجل: هو الأَوَّل والآخِر والظاهر والباطن. روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال وهو يُمَجِّد الله: أنت الأَوَّلُ فليس قبلك شيءٌ وأَنت الآخِرُ فليس بعدَك شيء. الليث: الآخِرُ والآخرة نقيض المتقدّم والمتقدِّمة، والمستأْخِرُ نقيض المستقدم، والآخَر، بالفتح: أَحد الشيئين وهو اسم على أَفْعَلَ، والأُنثى أُخْرَى، إِلاَّ أَنَّ فيه معنى الصفة لأَنَّ أَفعل من كذا لا يكون إِلا في الصفة.
والآخَرُ بمعنى غَير كقولك رجلٌ آخَرُ وثوب آخَرُ، وأَصله أَفْعَلُ من التَّأَخُّر، فلما اجتمعت همزتان في حرف واحد استُثْقِلتا فأُبدلت الثانية أَلفاً لسكونها وانفتاح الأُولى قبلها. قال الأَخفش: لو جعلْتَ في الشعر آخِر مع جابر لجاز؛ قال ابن جني: هذا هو الوجه القوي لأَنه لا يحققُ أَحدٌ همزة آخِر، ولو كان تحقيقها حسناً لكان التحقيقُ حقيقاً بأَن يُسمع فيها، وإِذا كان بدلاً البتة وجب أَن يُجْرى على ما أَجرته عليه العربُ من مراعاة لفظه وتنزيل هذه الهمزة منزلةَ الأَلِفِ الزائدة التي لا حظَّ فيها للهمز نحو عالِم وصابِرٍ، أَلا تراهم لما كسَّروا قالوا آخِرٌ وأَواخِرُ، كما قالوا جابِرٌ وجوابِرُ؛ وقد جمع امرؤ القيس بين آخَرَ وقَيصرَ توهَّمَ الأَلِفَ همزةً قال: إِذا نحنُ صِرْنا خَمْسَ عَشْرَةَ ليلةً، وراءَ الحِساءِ مِنْ مَدَافِعِ قَيْصَرَا إِذا قُلتُ: هذا صاحبٌ قد رَضِيتُه، وقَرَّتْ به العينانِ، بُدّلْتُ آخَرا وتصغيرُ آخَر أُوَيْخِرٌ جَرَتِ الأَلِفُ المخففةُ عن الهمزة مَجْرَى أَلِفِ ضَارِبٍ.
وقوله تعالى: فآخَرَان يقومانِ مقامَهما؛ فسَّره ثعلبٌ فقال: فمسلمان يقومانِ مقامَ النصرانيينِ يحلفان أَنهما اخْتَانا ثم يُرْتجَعُ على النصرانِيِّيْن، وقال الفراء: معناه أَو آخَرانِ من غير دِينِكُمْ من النصارى واليهودِ وهذا للسفر والضرورة لأَنه لا تجوزُ شهادةُ كافرٍ على مسلمٍ في غير هذا، والجمع بالواو والنون، والأُنثى أُخرى.
وقوله عز وجل: وليَ فيها مآربُ أُخرى؛ جاء على لفظ صفةِ الواحدِ لأَن مآربَ في معنى جماعةٍ أُخرى من الحاجاتِ ولأَنه رأُس آية، والجمع أُخْرَياتٌ وأُخَرُ.
وقولهم: جاء في أُخْرَيَاتِ الناسِ وأُخرى القومِ أَي في أَخِرهِم؛ وأَنشد:أَنا الذي وُلِدْتُ في أُخرى الإِبلْ وقال الفراءُ في قوله تعالى: والرسولُ يدعوكم في أُخراكم؛ مِنَ العربِ مَنْ يَقولُ في أُخَراتِكُمْ ولا يجوزُ في القراءةِ. الليث: يقال هذا آخَرُ وهذه أُخْرَى في التذكير والتأْنيثِ، قال: وأُخَرُ جماعة أُخْرَى. قال الزجاج في قوله تعالى: وأُخَرُ من شكله أَزواجٌ؛ أُخَرُ لا ينصرِفُ لأَن وحدانَها لا تنصرِفُ، وهو أُخْرًى وآخَرُ، وكذلك كلُّ جمع على فُعَل لا ينصرِفُ إِذا كانت وُحدانُه لا تنصرِفُ مِثلُ كُبَرَ وصُغَرَ؛ وإذا كان فُعَلٌ جمعاً لِفُعْلةٍ فإِنه ينصرِفُ نحو سُتْرَةٍ وسُتَرٍ وحُفْرَةٍ وحُفْرٍ، وإذا كان فُعَلٌ اسماً مصروفاً عن فاعِلٍ لم ينصرِفْ في المعرفة ويَنْصَرِفُ في النَّكِرَةِ، وإذا كان اسماً لِطائِرٍ أَو غيره فإِنه ينصرفُ نحو سُبَدٍ ومُرّعٍ، وما أَشبههما.
وقرئ: وآخَرُ من شكلِه أَزواجٌ؛ على الواحدِ.
وقوله: ومَنَاةَ الثالِثَةَ الأُخرى؛ تأْنيث الآخَر، ومعنى آخَرُ شيءٌ غيرُ الأَوّلِ؛ وقولُ أَبي العِيالِ: إِذا سَنَنُ الكَتِيبَة صَـ ـدَّ، عن أُخْراتِها، العُصَبُ قال السُّكَّريُّ: أَراد أُخْرَياتِها فحذف؛ ومثله ما أَنشده ابن الأَعرابي: ويتَّقي السَّيفَ بأُخْراتِه، مِنْ دونِ كَفَّ الجارِ والمِعْصَمِ قال ابن جني: وهذا مذهبُ البَغدادِيينَ، أَلا تَراهم يُجيزُون في تثنية قِرْ قِرَّى قِرْ قِرَّانِ، وفي نحو صَلَخْدَى صَلَخْدانِ؟ إَلاَّ أَنَّ هذا إِنَّما هو فيما طال من الكلام، وأُخْرَى ليست بطويلةٍ. قال: وقد يمكنُ أَن تكون أُخْراتُه واحدةً إِلاَّ أَنَّ الأَلِفَ مع الهاءُ تكونُ لغير التأْنيثِ، فإِذا زالت الهاءُ صارتِ الأَلفُ حينئذ للتأْنيثِ، ومثلُهُ بُهْمَاةٌ، ولا يُنكرُ أَن تقدَّرَ الأَلِفُ الواحدةُ في حالَتَيْنِ ثِنْتَيْنِ تقديرينِ اثنينِ، أَلاَ ترى إِلى قولهم عَلْقَاةٌ بالتاء؟ ثم قال العجاج: فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكُور فجعلها للتأْنيث ولم يصرِفْ. قال ابن سيده: وحكى أَصحابُنا أَنَّ أَبا عبيدة قال في بعض كلامه: أُراهم كأَصحابِ التصريفِ يقولون إِنَّ علامة التأْنيثِ لا تدخلُ على علامة التأْنيثِ؛ وقد قال العجاج: فحط في علقى وفي مكور فلم يصرِفْ، وهم مع هذا يقولون عَلْقَاة، فبلغ ذلك أَبا عثمانَ فقال: إنَّ أَبا عبيدة أَخفى مِن أَن يَعرِف مثل هذا؛ يريد ما تقدَّم ذكرهُ من اختلافِ التقديرين في حالَيْنِ مختلِفينِ.
وقولُهُم: لا أَفْعلهُ أُخْرَى الليالي أَي أَبداً، وأُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛ قال: وما القومُ إِلاَّ خمسةٌ أَو ثلاثةٌ، يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ خَوْتَ الأَجادلِ أَي مَنْ كان في آخِرهم.
والأَجادلُ: جمع أَجْدلٍ الصَّقْر.
وخَوْتُ البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قال ابنُ بَرِّي: وفي الحاشية شاهدٌ على أُخْرَى المنونِ ليس من كلام الجوهريّ، وهو لكعب بن مالِكٍ الأَنصارِيّ، وهو: أَن لا تزالوا، ما تَغَرَّدَ طائِرٌ أُخْرَى المنونِ، مَوالياً إِخوانا قال ابن بري: وقبله: أَنَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ، ولقد أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا؟ وأُخَرُ: جمع أُخْرَى، وأُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، وهو غيرُ مصروفٍ.
وقال تعالى: قِعدَّةٌ من أَيامٍ أُخَرَ، لأَن أَفْعَلَ الذي معه مِنْ لا يُجْمَعُ ولا يؤنَّثُ ما دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ منك وبامرأَةٍ أَفضل منك، فإِن أَدْخَلْتَ عليه الأَلِفَ واللاَم أَو أَضفتَه ثَنْيَّتَ وجَمَعَتَ وأَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ وبالرجال الأَفضلِينَ وبالمرأَة الفُضْلى وبالنساءِ الفُضَلِ، ومررتُ بأَفضَلهِم وبأَفضَلِيهِم وبِفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ؛ وقالت امرأَةٌ من العرب: صُغْراها مُرَّاها؛ ولا يجوز أَن تقول: مررتُ برجلٍ أَفضلَ ولا برجالٍ أَفضَلَ ولا بامرأَةٍ فُضْلَى حتى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عليه الأَلفَ واللامَ وهما يتعاقبان عليه، وليس كذلك آخَرُ لأَنه يؤنَّثُ ويُجْمَعُ بغيرِ مِنْ، وبغير الأَلف واللامِ، وبغير الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ برجل آخر وبرجال وآخَرِين، وبامرأَة أُخْرَى وبنسوة أُخَرَ، فلما جاء معدولاً، وهو صفة، مُنِعَ الصرفَ وهو مع ذلك جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ به رجلاً صرفتَه في النَّكِرَة عند الأَخفشِ، ولم تَصرفْه عند سيبويه؛ وقول الأَعشى: وعُلِّقَتْني أُخَيْرَى ما تُلائِمُني، فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ كلُّه خَبَلُ تصغيرُ أُخْرَى.
والأُخْرَى والآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غالبة.
والآخِرُ بعدَ الأَوَّلِ، وهو صفة، يقال: جاء أَخَرَةً وبِأَخَرَةٍ، بفتح الخاءِ، وأُخَرَةً وبأُخَرةٍ؛ هذه عن اللحياني بحرفٍ وبغير حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شيءٍ.
وفي الحديث: كان رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يقولُ: بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد أَن يقومَ من المجلِسِ كذا وكذا أَي في آخِر جلوسه. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون في آخِرِ عمرِه، وهو بفتح الهمزة والخاءُ؛ ومنه حديث أَبي هريرة: لما كان بِأَخَرَةٍ وما عَرَفْتُهُ إِلاَّ بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً.
ويقال: لقيتُه أَخيراً وجاء أُخُراً وأَخيراً وأُخْرِيّاً وإِخرِيّاً وآخِرِيّاً وبآخِرَةٍ، بالمدّ، أَي آخِرَ كلِّ شيء، والأُنثى آخِرَةٌ، والجمع أَواخِرُ.
وأَتيتُكَ آخَر مرتينِ وآخِرَةَ مرتينِ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يفسر آخَر مرتين ولا آخرَةَ مرتين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها المرَّةُ الثانيةُ من المرَّتين.
وسْقَّ ثوبَه أُخُراً ومن أُخُرٍ أَي من خلف؛ وقال امرؤ القيس يصفُ فرساً حِجْراً: وعينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، شقَّتْ مآقِيهِما مِنْ أُخُرْ وعين حَدْرَةٌ أَي مُكْتَنِزَةٌ صُلْبة.
والبَدْرَةُ: التي تَبْدُر بالنظر، ويقال: هي التامة كالبَدْرِ.
ومعنى شُقَّتْ من أُخُرٍ: يعني أَنها مفتوحة كأَنها شُقَّتْ من مُؤْخِرِها.
وبعتُه سِلْعَة بِأَخِرَةٍ أَي بنَظِرَةٍ وتأْخيرٍ ونسيئة، ولا يقالُ: بِعْتُه المتاعَ إِخْرِيّاً.
ويقال في الشتم: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ،بكسر الخاء وقصر الأَلِف، والأَخِيرَ ولا تقولُه للأُنثى.
وحكى بعضهم: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، بالمد، والآخِرُ والأَخِيرُ الغائبُ. شمر في قولهم: إِنّ الأَخِرَ فَعَلَ كذا وكذا، قال ابن شميل: الأَخِرُ المؤُخَّرُِ المطروحُ؛ وقال شمر: معنى المؤُخَّرِ الأَبْعَدُ؛ قال: أُراهم أَرادوا الأَخِيرَ فأَنْدَروا الياء.
وفي حديث ماعِزٍ: إِنَّ الأَخِرَ قد زنى؛ الأَخِرُ، بوزن الكِبِد، هو الأَبعدُ المتأَخِّرُ عن الخير.
ويقال: لا مرحباً بالأَخِر أَي بالأَبعد؛ ابن السكيت: يقال نظر إِليَّ بِمُؤُخِرِ عينِه.
وضَرَبَ مُؤُخَّرَ رأْسِه، وهي آخِرَةُ الرحلِ.
والمِئخارُ: النخلةُ التي يبقى حملُها إلى آخِرِ الصِّرام: قال: ترى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئخارا، مِن وَقْعِه، يَنْتَثِرُ انتثاراً ويروى: ترى العَضِيدَ والعَضِيضَ.
وقال أَبو حنيفة: المئخارُ التي يبقى حَمْلُها أَلى آخِرِ الشتاء، وأَنشد البيت أَيضاً.
وفي الحديث: المسأَلةُ أَخِرُ كَسْبِ المرءِ أَي أَرذَلُه وأَدناهُ؛ ويروى بالمدّ، أَي أَنّ السؤالَ آخِرُ ما يَكْتَسِبُ به المرءُ عند العجز عن الكسب.

لها (لسان العرب) [0]


اللَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهما.
وفي الحديث: ليس شيء من اللَّهْوِ إَلاَّ في ثلاث أَي ليس منه مباح إِلاَّ هذه، لأَنَّ كلَّ واحدة منها إِذا تأَملتها وجدتها مُعِينة على حَق أَو ذَرِيعة إِليه.
واللَّهْوُ: اللَّعِب. يقال: لهَوْتُ بالشيء أَلهُو به لَهْواً وتَلَهَّيْتُ به إِذا لَعِبتَ به وتَشاغَلْت وغَفَلْتَ به عن غيره.
ولَهِيتُ عن الشيء، بالكسر، أَلْهَى، بالفتح، لُهِيّاً ولِهْياناً إِذا سَلَوْتَ عنه وتَرَكْتَ ذكره وإِذا غفلت عنه واشتغلت.
وقوله تعالى: وإِذا رأَوْا تجارةً أَو لَهْواً؛ قيل: اللَّهْوُ الطِّبْل، وقيل: اللهوُ كلُّ ما تُلُهِّيَ به، لَها يَلْهُو لَهْواً والْتَهى وأَلهاه ذلك؛ قال ساعدة بن جؤيَّة: فَأَلْهَاهُمُ باثْنَيْنِ . . . أكمل المادة منْهمْ كِلاهُما به قارتٌ، من النَّجِيعِ، دَمِيمُ والمَلاهِي: آلاتُ اللَّهْو، وقد تَلاهَى بذلك.
والأُلْهُوَّةُ والأُلْهِيَّةُ والتَّلْهِية: ما تَلاهَى به.
ويقال: بينهم أُلْهِيَّةٌ كما يقال أُحْجِيَّةٌ، وتقديرها أُفْعُولةٌ.
والتَّلْهِيَةُ: حديث يُتَلَهَّى به؛ قال الشاعر: بِتَلهِيةٍ أَرِيشُ بها سِهامي، تَبُذُّ المُرْشِياتِ من القَطِينِ ولهَتِ المرأَةُ إِلى حديث المرأَة تَلْهُو لُهُوًّا ولَهْواً: أَنِسَت به وأَعْجَبها؛ قال (* البيت لامرئ القيس وصدره: أَلا زعمت بَسبَاسة، اليومَ، أنني) : كَبِرتُ، وأَن لا يُحْسِنَ اللَّهْوَ أَمثالي وقد يكنى باللَّهْوِ عن الجماع.
وفي سَجْع للعرب: إِذا طلَع الدَّلْوُ أَنْسَلَ العِفْوُ وطلَب اللَّهْوَ الخِلْوُ أَي طلَب الخِلْوُ التزويجَ.
واللَّهْوُ: النكاح، ويقال المرأَة. ابن عرفة في قوله تعالى: لاهيةً قُلوبُهم؛ أَي مُتشاغِلةً عما يُدْعَوْن إِليه، وهذا من لَها عن الشيء إِذا تَشاغل بغيره يَلْهَى؛ ومنه قوله تعالى: فأَنْتَ عنه تلَهَّى أَي تتشاغل.
والنبي، صلى الله عليه وسلم،لا يَلْهوُ لأَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: ما أَنا من دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي.
والتَهَى بامرأَة، فهي لَهْوَته.
واللَّهْوُ واللَّهْوةُ: المرأَة المَلْهُوّ بها وفي التنزيل العزيز: لو أَرَدْنا أَن نَتَّخِذ لَهْواً لاتَّخَذْناه من لَدُنَّا؛ أَي امرأَةً، ويقال: ولداً، تعالى الله عز وجل؛ وقال العجاج: ولَهْوةُ اللاَّهِي ولو تَنَطَّسا أَي ولو تعمَّقَ في طلَب الحُسْن وبالغ في ذلك.
وقال أَهل التفسير: اللَّهْوُ في لغة أَهل حضرموت الولد، وقيل: اللَّهْوُ المرأَة، قال: وتأُويله في اللغة أَن الولد لَهْوُ الدنيا أَي لو أَردنا أَن نتخذ ولداً ذا لَهْوٍ نَلهَى به، ومعنى لاتخذناه من لدنَّا أَي لاصْطفَيْناه مما نخلُق.
ولَهِيَ به: أَحبَّه، وهو من ذلك الأَول لأَن حبك الشيء ضَرْب من اللهو به.
وقوله تعالى: ومن الناس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل الله؛ جاء في التفسير: أَن لَهوَ الحديث هنا الغِناء لأَنه يُلْهى به عن ذكر الله عز وجل، وكلُّ لَعِب لَهْوٌ؛ وقال قتادة في هذه الآية: أَما والله لعله أَن لا يكون أَنفق مالاً، وبحَسْب المَرء من الضلالة أَن يختار حديث الباطل على حديث الحق؛ وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه حَرَّم بيعَ المُغنِّية وشِراءها، وقيل: إِن لَهْوَ الحديث هنا الشِّرْكُ، والله أَعلم.
ولَهِيَ عنه ومنه ولَها لُهِيّاً ولِهْياناً وتَلَهَّى عن الشيء، كلُّه: غَفَل عنه ونَسِيَهُ وترك ذكره وأَضرب عنه.
وأَلهاهُ أَي شَغَلَه.
ولَهِيَ عنه وبه: كَرِهَه، وهو من ذلك لأَن نسيانك له وغَفْلَتك عنه ضرب من الكُرْه.
ولَهَّاه به تَلْهِيةً أَي عَلَّله.
وتَلاهَوْا أَي لَها بضعُهم ببعض. الأَزهري: وروي عن عُمر، رضي الله عنه، أَنه أَخذ أَربعمائة دينار فجعلها في صُرة ثم قال للغلام: اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح، ثم تَلَهَّ ساعة في البيت، ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ، قال: ففرَّقها؛ تَلَهَّ ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء: التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ. يقال: تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه؛ وفي قصيد كعب: وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُهُ: ولا أُلْهِيَنّكَ، إِني عنكَ مَشْغُول أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك، وقيل: معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك.
وتقول: الْهَ عن الشيء أَي اتركه.
وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: الْهَ عنه، وفي خبر ابن الزبير: أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه.
وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه؛ وأَنشد الكسائي: إِلْهَ عنها فقد أَصابَك مِنْها والْهَ عنه ومنه بمعنى واحد. الأَصمعي: لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى. الكسائي: لَهِيتُ عنه لا غير، قال: وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه، وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه.
وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير، على فَعُولٍ. الأَزهري: اللَّهْو الصُّدُوفُ. يقال: لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً، قال: وقول العامة تَلَهَّيْتُ، وتقول: أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني؛ قال الأَزهري: وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث، يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير، قال: ولا يجوز لَهاً.
ويقولون: لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً. ابن بزرج: لهَوْتُ (* قوله« ابن بزرج لهوت إلخ» هذه عبارة الأَزهري وليس فيها أَلهو لهواً.) ولَهِيتُ بالشيء أَلْهو لَهْواً إِذا لعبت به؛ وأَنشد: خَلَعْتُ عِذارَها ولَهِيتُ عنها كما خُلِعَ العِذارُ عن الجَوادِ وفي الحديث: إِذا اسْتأْثَر اللهُ بشيء فالْهَ عنه أَي اتْرُكْه وأَعْرِضْ عنه ولا تَتعرَّضْ له.
وفي حديث سهل بن سعد: فَلَهِيَ رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، بشيءٍ كان بين يديه أَي اشتغل. ثعلب عن ابن الأَعرابي: لَهِيتُ به وعنه كَرهته، ولهوت به أَحببته؛ وأَنشد: صَرَمَتْ حِبالَكَ، فالْهَ عنها، زَيْنَبُ، ولقَدْ أَطَلْتَ عِتابَها، لو تُعْتِبُ لو تُعْتِبُ: لو تُرْضِيك؛ وقال العجاج: دارَ لُهَيَّا قَلْبِكَ المُتَيَّمِ يعني لَهْو قلبه، وتَلَهَّيْتُ به مثله.
ولُهَيَّا: تصغير لَهْوى، فَعْلى من اللهو: أَزَمان لَيْلى عامَ لَيْلى وحَمِي أَي هَمِّي وسَدَمي وشَهْوَتي؛ وقال: صَدَقَتْ لُهَيَّا قَلْبيَ المُسْتَهْتَرِ قال العجاج: دارٌ لِلَهْوٍ للمُلَهِّي مِكْسالْ جعل الجارية لَهْواً للمُلَهِّي لرجل يُعَلِّلُ بها أى لمن يُلَهِّي بها.الأَزهري بإِسناده عن أَنس بن مالك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: سأَلت ربي أَن لا يُعَذِّبَ اللاهينَ من ذُرِّيَّة البشر فأَعْطانِيهم؛ قيل في تفسير اللاهينَ: إِنهم الأَطفال الذين لم يَقْتَرفُوا ذنباً، وقيل: هم البُلْه الغافِلُون، وقيل: اللاهُون الذين لم يَتَعَمَّدوا الذنب إِنما أتوه غَفْلة ونِسياناً وخَطأً، وهم الذين يَدْعُون الله فيقولون: رَبَّنا لا تؤاخِذْنا إِن نَسِينا أَو أَخْطَأْنا، كما علمهم الله عز وجل.
وتَلَهَّتِ الإِبل بالمَرْعى إِذا تَعَلَّلَتْ به؛ وأَنشد: لَنا هَضَباتٌ قد ثَنيْنَ أَكارِعاً تَلَهَّى ببَعْضِ النَّجْمِ، واللَّيْلُ أَبْلَقُ يريد: ترْعى في القمر، والنَّجْمُ: نبت، وأَراد بهَضَباتٍ ههنا إِبلاً؛ وأَنشد شمر لبعض بني كلاب: وساجِيةٍ حَوْراءَ يَلْهُو إِزارُها إِلى كَفَلٍ رابٍ، وخَصْرٍمُخَصَّرِ قال: يَلْهُو إِزارُها إِلى الكَفَلِ فلا يُفارِقُه، قال: والإِنسانُ اللاهي إِلى الشيءِ إِذا لم يُفارِقْه.
ويقال: قد لاهى الشيءَ إِذا داناهُ وقارَبَه.
ولاهى الغُلامُ الفِطامَ إِذا دنا منه؛ وأَنشد قول ابن حلزة: أَتَلَهَّى بها الهَواجِزَ، إِذْ كُلْـ لُ ابْنِ هَمٍّ بَلِيّةٌ عَمْياء قال: تَلَهِّيه بها رُكُوبه إِياها وتَعَلُّله بسيرها؛ وقال الفرزدق: أَلا إِنَّما أَفْنى شَبابيَ، وانْقَضى على مَرِّ لَيْلٍ دائبٍ ونهَارِ يُعِيدانِ لي ما أَمْضَيا، وهُما مَعاً طَريدانِ لا يَسْتَلْهِيانِ قَراري قال:معناه لا ينتظران قراري ولا يَسْتَوْقِفاني، والأَصل في الاسْتِلْهاء بمعنى التوقف أَن الطاحِنَ إِذا أَراد أَن يُلقِيَ في فم الرحى لَهْوة وقَفَ عن الإِدارة وقْفة، ثم استعير ذلك ووضع موضع الاسْتِيقاف والانتظار.
واللُّهْوةُ واللَّهْوةُ: ما أَلقَيْتَ في فَمِ الرَّحى من الحُبوب للطَّحْن؛ قال ابن كلثوم: ولَهْوَتُها قُضاعةَ أَجْمَعِينا وأَلْهَى الرَّحى وللرَّحى وفي الرَّحى: أَلقى فيها اللَّهوة، وهو ما يُلقِيه الطاحن في فم الرَّحى بيده، والجمع لُهاً.
واللُّهْوةُ واللُّهْيةُ؛ الأَخيرة على المُعاقبة: العَطِيَّةُ، وقيل: أَفضل العطايا وأَجْزلُها.
ويقال: إِنه لمِعْطاء لِلُّها إِذا كان جَواداً يُعطي الشيء الكثير؛ وقال الشاعر: إِذا ما باللُّها ضَنَّ الكِرامُ وقال النابغة: عِظامُ اللُّها أَبْناءُ أَبْناءِ عُدْرَةٍ، لَهامِيمُ يَسْتَلْهُونَها بالجراجِرِ يقال: أَراد بقوله عِظام اللُّها أَي عظام العَطايا. يقال: أَلهَيْت له لُهْوَةً من المال كما يُلْهَى في خُرْتَي الطَّاحُونة، ثم قال يَسْتَلْهُونَها، الهاء للمَكارم وهي العطايا التي وصَفها،والجَراجِرُ الحَلاقِيم، ويقال: أَراد باللُّها الأَمْوال، أَراد أَن أَموالهم كثيرة، وقد اسْتَلْهَوْها أَي استكثروا منها.
وفي حديث عمر: منهم الفاتِحُ فاه لِلُهْوَةٍ من الدنيا؛ اللُّهْوةُ، بالضم: العطِيَّة، وقيل: هي أَفضل العَطاء وأَجزله.
واللُّهْوة: العَطيَّة، دَراهِمَ كانت أَو غيرها.
واشتراه بَلُهْوَةٍ من مال أَي حَفْنَةٍ.
واللُّهْوةُ: الأَلف من الدنانير والدراهم، ولا يقال لغيرها؛ عن أَبي زيد.
وهُمْ لُهاء مائةٍ أَي قَدْرُها كقولك زُهاء مائة؛ وأَنشد ابن بري للعجاج. كأَنَّما لُهاؤه لِمَنْ جَهَر لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَر واللَّهاةُ: لَحمة حَمْراء في الحَنك مُعَلَّقَةٌ على عَكَدَةِ اللسان، والجمع لَهَياتٌ. غيره: اللَّهاةُ الهَنةُ المُطْبِقة في أَقصَى سَقْف الفم. ابن سيده: واللَّهاةُ من كلّ ذي حَلق اللحمة المُشْرِفة على الحَلق، وقيل: هي ما بين مُنْقَطَع أَصل اللسان إِلى منقطَع القلب من أَعلى الفم، والجمع لَهَواتٌ ولَهَياتٌ ولُهِيٌّ ولِهِيٌّ ولَهاً ولِهاء؛ قال ابن بري: شاهد اللَّها قول الراجز: تُلْقِيه، في طُرْقٍ أَتَتْها من عَلِ، قَذْف لَهاً جُوفٍ وشِدْقٍ أَهْدَلِ قال: وشاهد اللَّهَواتِ قول الفرزدق: ذُبابٌ طارَ في لَهَواتِ لَيْثٍ، كَذاكَ اللَّيْثُ يَلْتَهِمُ الذُّبابا وفي حديث الشاة المسمومة: فما زلْتُ أَعْرِفُها في لَهَوات رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم.
واللَّهاةُ: أَقْصى الفم، وهي من البعير العربيّ الشِّقْشِقةُ.
ولكلل ذي حلق لهَاة؛ وأَما قول الشاعر: يا لكَ من تَمْرٍ ومن شِيشاءٍ، يَنْشَبُ في المَسْعَلِ واللَّهاءِ فقد روي بكسر اللام وفتحها، فمن فتحها ثم مدَّ فعلى اعتقاد الضرورة، وقد رآه بعض النحويين، والمجتمع عليه عكسه، وزعم أَبو عبيد أَنه جمع لَهاً على لِهاء. قال ابن سيده: وهذا قول لا يُعرج عليه ولكنه جمع لَهاةٍ كما بينَّا، لأَن فَعَلَة يكسَّر على فِعالٍ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم أَضاةٌ وإِضاءٌ، ومثله من السالم رَحَبةٌ ورِحابٌ ورَقَبةٌ ورِقابٌ؛ قال ابن سيده: وشرحنا هذه المسأَلة ههنا لذهابها على كثير من النُّظَّار. قال ابن بري: إِنما مدّ قوله في المَسْعَل واللَّهاء للضرورة، قال: هذه الضرورة على من رواه بفتح اللام لأَنه مدّ المقصور، وذلك مما ينكره البصريون؛ قال: وكذلك ما قبل هذا البيت: قد عَلِمَتْ أُمُّ أَبي السِّعْلاء أَنْ نِعْمَ مأْكُولاً على الخَواء فمدَّ السِّعْلاء والخَواء ضرورة.
وحكى سيبويه: لَهِيَ أَبُوك مقلوب عن لاهِ أَبوك، وإِن كان وزن لَهِيَ فَعِلَ ولاهِ فَعَلٌ فله نظير، قالوا: له جاهٌ عند السلطان مقلوب عن وجْهٍ. ابن الأَعرابي: لاهاهُ إِذا دنا منه وهالاهُ إِذا فازعه. النضر: يقال لاهِ أَخاك يا فلان أَي افْعَلْ به نحو ما فَعَل بك من المعروف والْهِهِ سواء.
وتَلَهلأْتُ أَي نَكَصْتُ.
واللَّهْواء، ممدود: موضع.
ولَهْوةُ: اسم امرأَة؛ قال: أَصدُّ وما بي من صُدُودٍ ولا غِنًى، ولا لاقَ قَلْبي بَعْدَ لَهوةَ لائقُ

محل (لسان العرب) [0]


المَحْلُ: الشدّة.
والمَحْلُ: الجوع الشديد وإِن لم يكن جَدْب.
والمَحْل: نقيض الخِصْب، جمعه مُحول وأَمْحال. الأَزهري: المُحولُ والقُحوطُ احتباس المطر.
وأَرض مَحْلٌ وقَحْطٌ: لم يصبها المطر في حينه. الجوهري: المَحْل الجدبُ وهو انقطاع المطر ويُبْسُ الأَرض من الكَلإِ. غيره قال: وربما جمع المَحْل أَمْحالاً؛ وأَنشد: لا يَبْرَمُون، إِذا ما الأُفْقُ جلَّله صِرُّ الشتاء من الأَمْحال كالأَدَمِ ابن السكيت: أَمْحَلَ البلدُ، هو ماحِل، ولم يقولوا مُمْحِل، قال: وربما جاء في الشعر؛ قال حسان بن ثابت: إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لَوْنُه شَمَطاً، فأَصْبَحَ كالثَّغامِ المُمْحِلِ فَلَقَدْ يَراني المُوعِدي، وكأَنَّني في قَصْرِ دُومَةَ أَو سواء الهَيْكَلِ ابن سيدَه: أرض مَحْلة ومَحْلٌ ومَحُول، وفي التهذيب: . . . أكمل المادة ومَحُولة أَيضاً، بالهاء، لا مَرْعَى بها ولا كَلأَ؛ قال ابن سيده: وأَرى أَبا حنيفة قد حكى أَرض مُحُولٌ، بضم الميم، وأَرَضُون مَحْل ومَحْلة ومُحُولٌ وأَرض مُمْحِلة ومُمْحِل؛ الأَخيرة على النسب؛ الأَزهري: وأَرض مِمْحال؛ قال الأَخطل: وبَيْداء مِمْحالٍ كأَنّ نَعامَها، بأَرْحائها القُصْوَى، أَباعِرُ هُمَّلُ وفي الحديث: أَمَا مَرَرتَ بِوادي أَهلِك مَحْلاً أَي جَدْباً؛ والمَحْل في الأَصْل: انقطاع المطر.
وأَمْحَلَت الأَرْضُ والقومُ وأَمْحَل البلدُ، فهو ماحِل على غير قياس، ورجل مَحْل: لا يُنْتفع به.
وأَمْحَل المطرُ أَي احتبس، وأَمْحَلْنا نحن، وإِذا احتبس القَطْر حتى يمضِيَ زمانُ الوَسْمِيِّ كانت الأَرض مَحُولاً حتى يصيبها المطرُ.
ويقال: قد أَمْحَلْنا منذ ثلاث سنين؛ قال ابن سيده: وقد حكي مَحُلَت الأَرض ومَحَلَت.
وأَمْحَل القومُ: أَجْدبوا، وأَمْحَلَ الزمانُ، وزمان ماحِلٌ؛ قال الشاعر: والقائل القَوْل الذي مِثْلُه يُمْرِعُ منه الزَّمَنُ الماحِلُ الجوهري: بلد ماحِلٌ وزمان ماحِلٌ وأَرض مَحْل وأَرض مُحُول، كما قالوا بلد سَبْسَب وبلد سَباسِب وأَرض جَدْبَة وأَرض جُدوب، يريدون بالواحد الجمع، وقد أَمْحَلَت.
والمَحْل: الغُبار؛ عن كراع.
والمُتماحِل من الرجال: الطويلُ المضطرب الخلْق؛ قال أَبو ذؤيب: وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَه، غَدَاتَئِذٍ، ذِي جَرْدَةٍ مُتماحِل قال الجوهري: هو من صفة أَشْعَث، والبَوْشِيُّ: الكثير البَوْشِ والعِيال، وأُحاحُه: ما يجده في صَدْره من غَمَر وغَيْظٍ أَي شفَينا ما يجده من غَمَر العِيال؛ ومنه قول الآخر: يَطْوِي الحَيازيمَ على أُحاحِ والجَرْدةُ: بُرْدة خلَق.
والمُتماحِلُ: الطويل.
وفي حديث علي: إِنّ من وَرائكم أُموراً مُتماحِلة أَي فِتَناً طويلة المدة تطولُ أَيامها ويعظم خَطَرُها ويَشتدّ كَلَبُها، وقيل: يطول أَمرها.
وسَبْسَب مُتماحل أَي بعيد ما بين الطرَفين.
وفَلاة مُتماحلة: بعيدة الأَطراف؛ وأَنشد ابن بري لأَبي وجزة: كأَنّ حريقاً ثاقِباً في إِباءةٍ، هَدِيرُهُما بالسَّبْسَب المُتماحل وقال آخر: بَعِيدٌ من الحادي، إِذا ما تَدَفَّعَتْ بناتُ الصُّوَى في السَّبْسَب المُتماحِل وقال مزرّد: هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ وناقة مُتماحِلة: طويلة مُضطَربة الخلْق أَيضاً.
وبعير مُتماحِل: طويل بعيد ما بين الطرفين مُسانِدُ الخلْق مُرْتَفِعهُ.
والمَحْلُ: البُعد.
ومكان مُتَماحِل: مُتباعد؛ أَنشد ثعلب: من المُسْبَطِرَّاتِ الجِيادِ طِمِرَّةٌ لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ أَي هَواها أَن تجد مُتَّسعاً بعيد ما بين الطرَفين تغدو به.
وتَماحَلَتْ بهم الدارُ: تباعدت؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وأُعْرِض، إِنِّي عن هواكنّ مُعْرِض؛ تَماحَل غِيطانٌ بكُنَّ وبِيدُ دعا عليهنّ حين سلا عنهن بكبر أَو شغل أَو تباعد.
ومَحَلَ لفلان حقه: تكلَّفه له.
والمُمَحَّل من اللبن: الذي قد أَخذ طعماً من الحموضة، وقيل: هو الذي حُقِن ثم لم يترك يأْخذ الطعم حتى شرب؛ وأَنشد: ما ذُقْتُ ثُفْلاً، مُنْذُ عامٍ أَوّلِ، إِلاَّ من القارِصِ والمُمَحَّلِ قال ابن بري: الرجز لأَبي النجم يصف راعياً جَلْداً، وصوابه: ما ذاقَ ثُفْلاً؛ وقبله: صُلْب العَصا جافٍ عن التَّغَزُّلِ، يحلِف بالله سِوى التَّحَلُّلِ والثُّفْل: طعام أَهل القُرى من التمر والزبيب ونحوهما. الأَصمعي: إِذا حُقِن اللبن في السِّقاء وذهبت عنه حَلاوة الحَلَب ولم يتغير طعمُه فهو سامِطٌ، فإِن أَخذ شيئاً من الريح فهو خامِطٌ، فإِن أَخذ شيئاً من طعم فهو المُمَحَّل.
ويقال: مع فلان مَمْحَلة أَي شَكْوة يُمَحِّل فيها اللبن، وهو المُمَحَّل ويديرها . . . (* هكذا بياض في الأصل) الجوهري: والمُمَحَّل، بفتح الحاء مشددة، اللبن الذي ذهبت منه حلاوة الحَلَب وتغيَّر طعمُه قليلاً.
وتَمَحَّل الدراهمَ: انْتَقَدَها.
والمِحالُ: الكَيْد ورَوْمُ الأَمرِ بالحِيَل.
ومَحَِل به يَمْحَل (* قوله «ومحل به يمحل إلخ» عبارة القاموس: ومحل به مثلثة الحاء محلاً ومحالاً؛ كاده بسعاية إلى السلطان) مَحْلاً: كاده بسِعاية إِلى السلطان. قال ابن الأَنباري: سمعت أَحمد بن يحيى يقول: المِحال مأْخوذ من قول العرب مَحَل فلان بفلان أَي سَعَى به إِلى السلطان وعَرَّضه لأَمر يُهْلِكه، فهو ماحِل ومَحُول، والماحِلُ: الساعي؛ يقال: مَحَلْت بفلان أَمْحَل إِذا سعيت به إِلى ذي سلطان حتى تُوقِعه في وَرْطة ووَشَيْتَ به. الأَزهري: وأَما قول الناس تمَحَّلْت مالاً بغريمي فإِن بعض الناس ظن أَنه بمعنى احْتَلْتُ وقدَّر أَنه من المحالة، بفتح الميم، وهي مَفْعلة من الحيلة، ثم وُجِّهت الميم فيها وِجْهة الميم الأَصلية فقيل تمَحَّلْت، كما قالوا مَكان وأَصله من الكَوْن، ثم قالوا تمكَّنت من فلان ومَكَّنْت فلاناً من كذا وكذا، قال: وليس التمَحّل عندي ما ذهب إِليه في شيء، ولكنه من المَحْل وهو السعي، كأَنه يسعى في طلبه ويتصرف فيه.
والمَحْل: السِّعايةُ من ناصح وغير ناصح.
والمَحْل: المَكْر والكيد.
والمِحال: المكر بالحقِّ.
وفلان يُماحِلُ عن الإِسلام أَي يُماكِر ويُدافِع.
والمِحالُ: الغضب.
والمِحالُ: التدبير.
والمُماحَلة: المُماكَرة والمُكايَدة؛ ومنه قوله تعالى: شدِيد المِحال؛ وقال عبد المطلب بن هاشم: لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُم ومِحالُهم، عَدْواً، مِحالَك أَي كيدَك وقوّتك؛ وقال الأَعشى: فَرْع نَبْعٍ يَهْتزُّ في غُصُنِ المَجْـ ـدِ، غزِير النَّدَى، شديد المِحال (* قوله «في غصن المجد» هكذا ضبط في الأصل بضمتين). أَي شديد المكر؛ وقال ذو الرمة: ولبّسَ بين أَقوامٍ، فكُلٌّ أَعَدَّ له الشَّغازِبَ والمِحالا وفي حديث الشفاعة: إِن إِبراهيم يقول لسْتُ هُناكُم أَنا الذي كَذَبْتُ ثلاثَ كَذَباتٍ؛ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: واللهِ ما فيها كَذْبة إِلا وهو يُماحِلُ بها عن الإِسلام أَي يُدافِع ويُجادِل، من المِحال، بالكسر، وهو الكيد، وقيل: المكر، وقيل: القوة والشدَّة، وميمه أَصلية.
ورجل مَحِل أَي ذو كَيْد.
وتمَحَّلَ أَي احتال، فهو مُتَمَحِّلٌ. يقال: تَمَحَّلْ لي خيراً أَي اطلُبْه. الأَزهري: والمِحالُ مُماحَلة الإِنسان، وهي مُناكَرتُه إِياه، يُنْكر الذي قاله.
ومَحَلَ فلانٌ بصاحبه ومَحِل به إِذا بَهَتَه وقال: إِنه قال شيئاً لم يَقُلْه.
وماحَلَه مُماحَلةً ومِحالاً: قاواه حتى يتبين أَيَّهما أَشدّ.
والمَحْل في اللغة: الشدة، وقوله تعالى: وهو شديد المِحالِ؛ قيل: معناه شديد القدرة والعذاب، وقيل: شديد القوّة والعذاب؛ قال ثعلب: أَصل أَن يسعى بالرجل ثم ينتقل إِلى الهَلَكة.
وفي الحديث عن ابن مسعود: إِن هذا القرآن شافِعٌ مُشَفَّع وماحِلٌ مُصدَّق؛ قال أَبو عبيد: جعله يَمْحَل بصاحبه إِذا لم يتَّبع ما فيه أَو إِذا هو ضيَّعه؛ قال ابن الأَثير: أَي خَصْم مُجادل مُصدَّق، وقيل: ساعٍ مُصدَّق، من قولهم مَحَل بفلان إِذا سعى به إِلى السلطان، يعني أَن من اتَّبعه وعَمِل بما فيه فإِنه شافع له مقبول الشفاعة ومُصدَّق عليه فيما يَرْفع من مَساوِيه إِذا تَرك العملَ به.
وفي حديث الدعاء: لا يُنْقَض عهدُهم عن شِيَةِ ماحِلٍ أَي عن وَشْي واشٍ وسِعاية ساعٍ، ويروى: سنَّة ماحل، بالنون والسين المهملة.
وقال ابن الأَعرابي: مَحَل به كادَه، ولم يُعَيِّن أَعِنْد السلطان كاده أَم عند غيره؛ وأَنشد: مَصادُ بنَ كعب، والخطوبُ كثيرة، أَلم تَرَ أَن الله يَمْحَل بالأَلْف؟ وفي الدعاء: ولا تجْعَلْه ماحِلاً مُصدَّقاً.
والمِحالُ من الله: العِقابُ؛ وبه فسر بعضهم قوله تعالى: وهو شديد المِحال؛ وهو من الناس العَداوةُ.
وماحَله مُماحَلة ومِحالاً: عاداه؛ وروى الأَزهري عن سفيان الثوري في قوله تعالى: وهو شديدُ المِحال؛ قال: شديد الانتِقام، وروي عن قتادة: شديد الحِيلة، وروي عن ابن جُريج: أَي شديد الحَوْل، قال: وقال أَبو عبيد أَراه أَراد المَحال، بفتح الميم، كأَنه قرأَه كذلك ولذلك فسره الحَوْلَ، قال: والمِحال الكيد والمكر؛ قال عدي: مَحَلُوا مَحْلَهم بصَرْعَتِنا العا م، فقد أَوْقَعُوا الرَّحى بالثُّفال قال: مكَروا وسَعَوْا.
والمِحال، بكسر الميم: المُماكَرة؛ وقال القتيبي: شديد المِحال أَي شديد الكيد والمكر، قال: وأَصلُ المِحال الحِيلةُ؛ وأَنشد قول ذي الرمة: أَعدَّ له الشغازِبَ والمِحالا قال ابن عرفة: المِحالُ الجِدالُ؛ ماحَلَ أَي جادَلَ؛ قال أَبو منصور: قول التقتيبي في قوله عز وجل وهو شديد المِحال أَي الحيلةِ غَلطٌ فاحش، وكأَنه توهم أَن ميم المِحال ميم مِفْعَل وأَنها زائدة، وليس كما توهَّمه لأَن مِفْعَلاً إِذا كان من بنات الثلاثة فإِنه يجيء بإِظهار الواو والياء، مثل المِزْوَد والمِحْوَل والمِحْوَر والمِعْيَر والمِزْيَل والمِجْوَل وما شاكلها، قال: وإِذا رأَيت الحرف على مثال فِعال أَوّله ميم مكسورة فهي أَصلية مثل ميم مِهاد ومِلاك ومِراس ومِحال وما أَشبهها؛ وقال الفراء في كتاب المصادر: المِحال المماحلة. يقال في فَعَلْت: مَحَلْت أَمْحَل مَحْلاً، قال: وأَما المَحالة فهي مَفْعَلة من الحِيلة، قال أَبو منصور: وهذا كله صحيح كما قاله؛ قال الأَزهري: وقرأَ الأَعرج: وهو شديد المَحال، بفتح الميم، قال: وتفسيره عن ابن عباس يدل على الفتح لأَنه قال: المعنى وهو شديد الحَوْل، وقال اللحياني عن الكسائي: قال مَحِّلْني يا فلان أَي قَوِّني؛ قال أَبو منصور: وقوله شديد المَحال أَي شديد القوّة.
والمَحالة: الفَقارة. ابن سيده: والمَحالة الفِقْرة من فَقار البعير، وجمعه مَحال، وجمع المَحال مُحُل؛ أَنشد ابن الأَعرابي: كأَنّ حيث تَلْتَقِي منه المُحُلْ، من قُطُرَيْهِ وَعِلانِ وَوَعِلْ يعني قُرونَ وَعِلَين ووَعِلٍ، شبَّه ضلوعه في اشتباكها بقُرون الأَوْعال؛ الأَزهري: وأَما قول جندل الطَّهَويّ: عُوجٌ تَسانَدْنَ إِلى مُمْحَلِ فإِنه أَراد موضع مَحال الظهر، جعل الميم لما لزمت المَحالة، وهي الفَقارة من فَقار الظهر، كالأَصلية.
والمَحِلُ: الذي قد طُرِد حتى أَعيا؛ قال العجاج: نَمْشِي كَمَشْيِ المَحِلِ المَبْهور وفي النوادر: رأَيت فلاناً مُتماحِلاً وماحِلاً وناحِلاً إِذا تغير بدَنه.
والمَحالُ: ضرْب من الحَلي يصاغ مُفَقَّراً أَي مُحْزَّزاً على تفقير وسط الجراد؛ قال: مَحال كأَجْوازِ الجَرادِ، ولؤلؤ من القَلَقِيِّ والكَبِيسِ المُلَوَّب والمَحالةُ: التي يستقي عليها الطيَّانون، سميت بفَقارة البعير، فَعالة أَو هي مَفْعَلة لتَحوُّلها في دَوَرانها.
والمحالة والمحال أَيضاً: البكَرة العظيمة التي تستقي بها الإِبل؛ قال حميد الأَرقط: يَرِدْن، والليلُ مُرِمٌّ طائرُه، مُرْخىً رِواقاه هُجودٌ سامِرُه، وِرْدَ المَحال قَلِقَتْ مَحاوِرُهْ والمَحالةُ: البكَرة، هي مَفْعَلة لا فَعالة بدليل جمعها على مَحاوِل، وإِنما سميت مَحالة لأَنها تدور فتنقل من حالة إِلى حالة، وكذلك المَحالة لفِقْرة الظهر، هي أَيضاً مَفْعَلة لا فَعالة، منقولة من المَحالة التي هي البكَرة، قال ابن بري: فحق هذا أَن يذكر في حول. غيره: المَحالة البكَرة العظيمة التي تكون للسَّانية.
وفي الحديث: حَرَّمْت شجر المدينة إِلاَّ مَسَدَ مَحالة؛ هي البكَرة العظيمة التي يُسْتَقى عليها، وكثيراً ما تستعملها السَّفَّارة على البِئار العميقة.
وقولهم: لا مَحالةَ بوضع موضع لا بُدَّ ولا حيلة، مَفْعلة أَيضاً من الحَوْل والقوَّة؛ وفي حديث قس: أَيْقَنْتُ أَني، لا مَحا لةَ، حيث صار القومُ، صائِرْ أَي لا حيلة، ويجوز أَن يكون من الحَوْل القوة أَو الحركة، وهي مَفْعَلة منهما، وأَكثر ما تستعمل لا مَحالة بمعنى اليقين والحقيقةِ أَو بمعنى لا بدّ، والميم زائدة.
وقوله في حديث الشعبي: إِنْ حَوَّلْناها عنك بِمِحْوَلٍ؛ المحول، بالكسر: آلةُ التحويلِ، ويروى بالفتح، وهو موضع التحويل، والميم زائدة.

شرر (لسان العرب) [0]


الشَّرُّ: السُّوءُ والفعل للرجل الشِّرِّيرِ، والمصدر الشَّرَارَةُ، والفعل شَرَّ يَشُِرُّ.
وقوم أَشْرَارٌ: ضد الأَخيار. ابن سيده: الشَّرُّ ضدّ الخير، وجمعه شُرُورٌ، والشُّرُّ لغة فيه؛ عن كراع.
وفي حديث الدعاء: والخيرُ كُلُّه بيديك والشَّرُّ ليس إِليك؛ أَي أَن الشر لا يُتقرّب به إِليك ولا يُبْتَغَى به وَجْهُكَ، أَو أَن الشر لا يصعد إِليك وإِنما يصعد إِليك الطيب من القول والعمل، وهذا الكلام إِرشاد إِلى استعمال الأَدب في الثناء على الله، تعالى وتقدس، وأَن تضاف إِليه، عز وعلا، محاسن الأَشياء دون مساوئها، وليس المقصود نفي شيء عن قدرته وإِثباته لها، فإِن هذا في الدعاء مندوب إِليه، يقال: يا رب السماء والأَرض، ولا . . . أكمل المادة يقال: يا رب الكلاب والخنازير وإِن كان هو ربها؛ ومنه قوله تعالى: ولله الأَسماء الحسنى فادعوه بها.
وقد شَرَّ يَشِرُّ ويَشُرُّ شَرّاً وشَرَارَةً، وحكى بعضهم: شَرُرْتُ بضم العين.
ورجل شَرِيرٌ وشِرِّيرٌ من أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ، وهو شَرٌّ منك، ولا يقال أَشَرُّ، حذفوه لكثرة استعمالهم إِياه، وقد حكاه بعضهم.
ويقال: هو شَرُّهُم وهي شَرُّهُنَّ ولا يقال هو أَشرهم.
وشَرَّ إِنساناً يَشُرُّه إِذا عابه. اليزيدي: شَرَّرَنِي في الناس وشَهَّرني فيهم بمعنى واحد، وهو شَرُّ الناس؛ وفلان شَرُّ الثلاثة وشَرُّ الاثنين.
وفي الحديث: وَلَدُ الزنا شَرُّ الثلاثة؛ قيل: هذا جاء في رجل بعينه كان موسوماً بالشَّرّ، وقيل: هو عامٌّ وإِنما صار ولد الزنا شَرّاً من والديه لأَنه شَرُّهم أَصلاً ونسباً وولادة، لأَنه خلق من ماء الزاني والزانية، وهو ماء خبيث، وقيل: لأَن الحدّ يقام عليهما فيكون تمحيصاً لهما وهذا لا يدرى ما يفعل به في ذنوبه. قال الجوهري: ولا يقال أَشَرُّ الناس إِلا في لغة رديئة؛ ومنه قول امرأَة من العرب: أُعيذك بالله من نَفْسٍ حَرَّى وعَيْنٍ شُرَّى أَي خبيثة من الشر، أَخرجته على فُعْلَى مثل أَصغر وصُغْرَى؛ وقوم أَشْرَارٌ وأَشِرَّاءٌ.
وقال يونس: واحدُ الأَشْرَارِ رَجُلٌ شَرٌّ مثل زَنْدٍ وأَزْنَادٍ، قال الأَخفش: واحدها شَرِيرٌ، وهو الرجل ذو الشَّرِّ مثل يتيم وأَيتام.
ورجل شِرِّيرٌ، مثال فِسِّيقٍ، أَي كثير الشَّرِّ.
وشَرَّ يَشُِرُّ إِذا زاد شَرُّهُ. يقال: شَرُرْتَ يا رجل وشَرِرْتَ، لغتان، شَرّاً وشَرَراً وشَرارَةً.
وأَشررتُ الرجلَ: نسبته إِلى الشَّر، وبعضهم ينكره؛ قال طرفة: فما زال شُرْبِي الرَّاحَ حتى أَشَرَّنِي صَدِيقِي، وحتى سَاءَنِي بَعْضُ ذلِكا فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله: إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بَعْدَ إِساءَةٍ، فَلَسْتُ لِشَرّي فِعْلَهِ بحَمُول. إِنما أَراد لِشَرّ فِعْلِهِ فقلب.
وهي شَرَّة وشُرَّى: يذهب بهما إِلى المفاضلة؛ وقال كراع: الشُّرَّى أُنثى الشَّر الذي هو الأَشَرُّ في التقدير كالفُضْلَى الذي هو تأْنيث الأَفضل، وقد شَارَّهُ.
ويقال: شَارَّاهُ وشَارَّهُ، وفلان يُشَارُّ فلاناً ويُمَارُّهُ ويُزَارُّهُ أَي يُعاديه.
والمُشَارَّةُ: المخاصمة.
وفي الحديث: لا تُشَارِّ أَخاك؛ هو تُفَاعِل من الشر، أَي لا تفعل به شرّاً فتحوجه إِلى أَن يفعل بك مثله، ويروى بالتخفيف؛ ومنه حديث أَبي الأَسود: ما فَعَلَ الذي كانت امرأَته تُشَارُه وتُمارُه. أَبو زيد: يقال في مثل: كلَّمَا تَكْبَرُ تَشِرّ. ابن شميل: من أَمثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنَّ.
وقد أَشَرَّ بنو فلان فلاناً أَي طردوه وأَوحدوه.
والشِّرَّةُ: النَّشاط.
وفي الحديث: إِن لهذا القرآن شِرَّةً ثم إِن للناس عنه فَتْرَةً؛ الشِّرَّةُ: النشاط والرغبة؛ ومنه الحديث الآخر: لكل عابد شِرَّةٌ.
وشِرَّةُ الشباب: حِرْصُه ونَشاطه.
والشِّرَّةُ؛ مصدر لِشَرَّ.
والشُّرُّ، بالضم: العيب. حكى ابن الأَعرابي: قد قبلتُ عطيتك ثم رددتها عليك من غير شُرِّكَ ولا ضُرِّكَ، ثم فسره فقال: أَي من غير ردّ عليك ولا عيب لك ولا نَقْصٍ ولا إِزْرَاءٍ.
وحكى يعقوب: ما قلت ذلك لشُرِّكَ وإِنما قلته لغير شُرِّكَ أَي ما قلته لشيء تكرهه وإِنما قلته لغير شيء تكرهه، وفي الصحاح: إِنما قلته لغير عيبك.
ويقال: ما رددت هذا عليك من شُرٍّ به أَي من عيب ولكني آثرتك به؛ وأَنشد: عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ من ذي شُرِّهِ أَي من ذي عيبه أَي من عيب الدليل لأَنه ليس يحسن أَن يسير فيه حَيْرَةً.وعينٌ شُرَّى إِذا نظرت إِليك بالبَغْضَاء.
وحكي عن امرأَة من بني عامر في رُقْيَةٍ: أَرْقيك بالله من نفس حَرَّى وعَين شُرَّى؛ أَبو عمرو: الشُّرَّى: العَيَّانَةُ من النساء.
والشَّرَرُ: ما تطاير من النار.
وفي التنزيل العزيز: إِنها ترمي بِشَرَرٍ كالقَصْرِ؛ واحدته شَرَرَةٌ وهو الشَّرَارُ واحدته شَرَارَةٌ؛ وقال الشاعر: أَوْ كَشَرَارِ الْعَلاَةِ يَضْرِبُها الْـ ـقَيْنُ، عَلَى كُلِّ وَجْهِهِ تَثِبُ وشَرَّ اللحْمَ والأَقِطَ والثوبَ ونحوَها يَشُرُّه شَرّاً وأَشَرَّه وشَرَّرَهُ وشَرَّاهُ على تحويل التضعيف: وضعه على خَصفَةٍ أَو غيرها ليَجِفَّ؛ قال ثعلب وأَنشد بعض الرواة للراعي: فأَصْبَحَ يَسْتافُ البِلادَ، كَأَنَّهُ مُشَرَّى بأَطرافِ البُيوتِ قَديدُها قال ابن سيده: وليس هذا البيت للراعي إِنما هو للحَلال ابن عمه.
والإِشْرَارةُ: ما يبسط عليه الأَقط وغيره، والجمع الأَشارِيرُ.
والشَّرُّ: بَسْطُك الشيء في الشمس من الثياب وغيره؛ قال الراجز: ثَوْبٌ على قامَةٍ سَحْلٌ، تَعَاوَرَهُ أَيْدِي الغَوَاسِلِ، للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ وشَرَّرْتُ الثوبَ واللحم وأَشْرَرْتُ؛ وشَرَّ شيئاً يَشُرُّه إِذا بسطه ليجف. أَبو عمرو: الشِّرَارُ صفائح بيض يجفف عليها الكَرِيصُ وشَرَّرْتُ الثوب: بسطته في الشمس، وكذلك التَّشْرِيرُ.
وشَرَّرْتُ الأَقِطَ أَشُرُّهُ شَرّاً إِذا جعلته على خَصِفَةٍ ليجف، وكذلك اللحم والملح ونحوه.
والأَشَارِيرُ: قِطَع قَدِيد.
والإِشْرَارَةُ: القَدِيدُ المَشْرُورُ والإشْرَارَةُ: الخَصَفَةُ التي يُشَرُّ عليها الأَقِطُ، وقيل: هي شُقَّة من شُقَقِ البيت يُشَرَّرُ عليها؛ وقول أَبي كاهل اليَشْكُرِيِّ: لها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ، من الثَّعالِي، وَوَخْزٌ منْ أَرَانِيها قال: يجوز أَن يعني به الإِشْرَارَة من القَديد، وأَن يعني به الخَصَفَة أَو الشُّقَّة.
وأَرانيها أَي الأَرانب.
والوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بعد الخَطيئَة والشيءُ بعد الشيء أَي معدودة؛ وقال الكميت: كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ، أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا ابن الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عليها القديد، وجمعها الأَشارِيرُ وكذلك قال الليث: قال الأَزهري: الإِشْرَارُ ما يُبْسَطُ عليه الشيء ليجف فصح به أَنه يكون ما يُشَرَّرُ من أَقِطٍ وغيره ويكون ما يُشَرَّرُ عليه.
والأَشارِيرُ: جمع إِشْرارَةٍ، وهي اللحم المجفف.
والإِشْرارة: القِطْعة العظيمة من الإِبل لانتشارها وانبثاثها.
وقد اسْتَشَرَّ إِذا صار ذا إِشرارة من إِبل، قال: الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ، فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا قال ابن بري: قال ثعلب اجتمعت مع ابن سَعْدانَ الراوية فقال لي: أَسأَلك؟ فقلت: نعم، فقال: ما معنى قول الشاعر؟ وذكر هذا البيت، فقلت له: المعنى أَن الجدب يفقره ويميت إِبله فيقل كلامه ويذل؛ والغرب: حِدَّة اللسان.
وغَرْبُ كل شيء: حدّته.
وقوله: وإِذا استشر أَي صارت له إِشْرَارَةٌ من الإِبل، وهي القطعة العظيمة منها، صار بَرْباراً وكثر كلامه.
وأَشَرَّ الشيءَ: أَظهره؛ قال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ، وقيل: إِنه للحُصَيْنِ بن الحمام المُرِّيِّ يَذكُرُ يوم صِفِّين: فما بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ، وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ أَي نُشِرَتْ وأُظهرت؛ قال الجوهري والأَصمعي: يروى قول امرئ القيس: تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها ومَعْشَراً عَلَيَّ حِراصاً، لو يُشِرُّونَ مَقْتَلِي (* في معلقة امرئ القيس: لو يُسِرّون). على هذا قال، وهو بالسين أَجود.
وشَرِيرُ البحر: ساحله، مخفف؛ عن كراع.
وقال أَبو حنيفة: الشَّرِيرُ مثل العَيْقَةِ، يعني بالعيقة ساحلَ البحر وناحيته؛ وأَنشد للجَعْدِي: فَلا زَالَ يَسْقِيها، ويَسْقِي بلادَها من المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلاً، تَرُدُّهُ حَلائبُ قُرْحٌ، ثم أَصْبَحَ غَادِيَا والشَّرَّانُ على تقدير فَعْلانَ: دَوابُّ مثل البعوض، واحدتها شَرَّانَةٌ، لغة لأَهل السواد؛ وفي التهذيب: هو من كلام أَهل السواد، وهو شيء تسميه العرب الأَذى شبه البعوض، يغشى وجه الإِنسان ولا يَعَضُّ.
والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جميعاً.
وقال كراع: هي محبة النفس، وقيل: هو جميع الجسد، وأَلقى عليه شَرَاشِرَهُ، وهو أَن يحبه حتى يستهلك في حبه؛ وقال اللحياني: هو هواه الذي لا يريد أَن يدعه من حاجته؛ قال ذو الرمة: وكائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ في كَرِيهَةٍ، ومِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عليها الشَّراشِرُ قال ابن بري: يريد كم ترى من مصيب في اعتقاده ورأْيه، وكم ترى من مخطئ في أَفعاله وهو جادّ مجتهد في فعل ما لا ينبغي أَن يفعل، يُلْقِي شَرَاشِرَهُ على مقابح الأُمور وينهَمِك في الاستكثار منها؛ وقال الآخر: وتُلْقَى عَلَيْهِ، كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ، شَرَاشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وأَلْبُبُ الأَلْبُبُ: عروق متصلة بالقلب. يقال: أَلقى عليه بنات أَلْبُبه إِذا أَحبه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: وما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلامَ يُلْقي شَرَاشِرَهُ، أَيُخْطِئُ أَم يُصِيبُ؟ والشَّرَاشِرُ: الأَثقال، الواحدةُ شُرْشُرَةٌ (* قوله: «الواحدة شرشرة» بضم المعجمتين كما في القاموس، وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما). يقال: أَلقى عليه شراشره أَي نفسه حرصاً ومحبة، وقيل: أَلقى عليه شَراشره أَي أَثقاله.
وشَرْشَرَ الشيءَ: قَطَّعَهُ، وكل قطعة منه شِرْشِرَةٌ.
وفي حديث الرؤيا: فَيُشَرْشِرُ بِشِدْقِهِ إِلى قَفاه؛ قال أَبو عبيد: يعني يُقَطِّعُهُ ويُشَقِّقُهُ؛ قال أَبو زبيد يصف الأَسد: يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ، رُفَاتُ عِظَامٍ، أَو عَرِيضٌ مُشَرشَرُ وشَرْشَرَةُ الشيء: تَشْقِيقُهُ وتقطيعه.
وشَرَاشِرُ الذنَب: ذَباذِبُهُ.
وشَرْشَرَتْهُ الحية: عَضَّتْهُ، وقيل: الشَّرْشَرَةُ أَن تَعَضَّ الشيء ثم تنفضه.
وشَرْشَرَتِ الماشِيَةُ النباتَ: أَكلته؛ أَنشد ابن دريد لجُبَيْها الأَشْجَعِيِّ: فَلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بِنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ، نَفَى الدِّقَّ عنه جَدْبُه، فَهْوَ كَالحُ وشَرْشَرَ السِّكِّين واللحم: أَحَدَّهما على حجر.
والشُّرْشُور: طائر صغير مثل العصفور؛ قال الأَصمعي: تسميه أَهل الحجاز الشُّرْشُورَ، وتسميه الأَعراب البِرْقِشَ، وقيل: هو أَغبر على لطافة الحُمَّرَةِ، وقيل: هو أَكبر من العصفور قليلاً.
والشَّرْشَرُ: نبت.
ويقال: الشَّرْشِرُ، بالكسر.
والشَّرْشِرَةُ: عُشْبَة أَصغر من العَرْفَج، ولها زهرة صفراء وقُضُبٌ وورق ضخام غُبْرٌ، مَنْبِتُها السَّهْلُ تنبت متفسحة كأَن أَقناءها الحِبالُ طولاً، كَقَيْسِ الإِنسان قائماً، ولها حب كحب الهَرَاسِ، وجمعها شِرْشِرٌ؛ قال: تَرَوَّى مِنَ الأَحْدَابِ حَتَّى تَلاحَقَتْ طَرَائِقُه، واهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ قال أَبو حنيفة عن أَبي زياد: الشِّرْشِرُ يذهب حِبالاً على الأَرض طولاً كما يذهب القُطَبُ إِلا أَنه ليس له شوك يؤذي أَحداً؛ الليث في ترجمة قسر: وشَِرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَصْرِيُّ قال الأَزهري: فسره الليث فقال: والشرشر الكلب، والقسور الصياد؛ قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في تفسيره في أَشياء فمنها قوله الشرشر الكلب وإِنما الشرشر نبت معروف، قال: وقد رأَيته بالبادية تسمن الإِبل عليه وتَغْزُرُ، وقد ذكره ابن الأَعرابي: من البقول الشَّرْشَرُ. قال: وقيل للأَسدية أَو لبعض العرب: ما شجرة أَبيك؟ قال: قُطَبٌ وشَرْشَرٌ ووَطْبٌ جَشِرٌ؛ قال: الشِّرْشِرُ خير من الإِسْلِيح والعَرْفَج. أَبو عمرو: الأَشِرَّةُ واحدها شَرِيرٌ: ما قرب من البحر، وقيل: الشَّرِيرُ شجر ينبت في البحر، وقيل: الأَشِرَّةُ البحور؛ وقال الكميت: إِذا هو أَمْسَى في عُبابِ أَشِرَّةٍ، مُنِيفاً على العَبْرَيْنِ بالماء، أَكْبَدا وقال الجعدي: سَقَى بِشَرِيرِ البَحْر حَوْلاً، يَمُدُّهُ حَلائِبُ قُرْحٌ ثم أَصْبَحَ غادِيا (* قوله: «سقى بشرير إلخ» الذي تقدم: «تسقي شرير البحر حولاً تردّه» وهما روايتان كما في شرح القاموس).
وشِوَاءٌ شَرْشَرٌ: يتقاطر دَسَمُه، مثل سَلْسَلٍ.
وفي الحديث: لا يأْتي عليكم عام إِلاَّ والذي بعده شَرٌّ منه. قال ابن الأَثير: سئل الحسن عنه فقيل: ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج؟ فقال: لا بد للناس من تنفيس، يعني أَن الله تعالى ينفس عن عباده وقتاً ما ويكشف البلاء عنهم حيناً.
وفي حديث الحجاج: لها كِظَّةٌ تَشْتَرُّ؛ قال ابن الأَثير: يقال اشْتَرَّ البعير كاجْتَرَّ، وهي الجِرَّةُ لما يخرجه البعير من جوفه إِلى فمه يمضغه ثم يبتلعه، والجيم والشين من مخرج واحد.
وشُرَاشِرٌ وشُرَيْشِرٌ وشَرْشَرَةُ: أَسماء.
والشُّرَيْرُ: موضع، هو من الجار على سبعة أَميال؛ قال كثير عزة: دِيارٌ بَأَعْنَاءٍ الشُّرَيْرِ، كَأَنَّمَا عَلَيْهِنَّ في أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ

شرط (لسان العرب) [0]


الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ.
والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط.
وفي الحديث: لا يجوز شَرْطانِ في بَيْعٍ، هو كقولك: بعتك هذا الثوب نَقْداً بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين في بَيْعةٍ، ولا فرق عند أَكثر الفقهاء في عقد البيع بين شَرْط واحد أَو شرطين، وفرق بينهما أَحمد عملاً بظاهر الحديث؛ ومنه الحديث الآخر: نهى عن بَيْع وشَرْطٍ، وهو أَن يكون الشرطُ ملازماً في العقد لا قبله ولا بعده؛ ومنه حديث بَرِيرةَ: شَرْطُ اللّهِ أَحَقُّ؛ يريد ما أَظهره وبيَّنه من حُكم اللّه بقوله الولاء لمن أَعْتق، وقيل: هو إِشارة إِلى قوله تعالى: فإِخْوانُكم في الدِّين ومَوالِيكم؛ . . . أكمل المادة وقد شرَط له وعليه كذا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط عليه.
والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وقد شارَطَه وشرَط له في ضَيْعَتِه يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً.
والشَّرَطُ، بالتحريك: العلامة، والجمع أَشْراطٌ.
وأَشْراطُ الساعةِ: أَعْلامُها، وهو منه.
وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أَشْراطُها.
والاشْتِراطُ: العلامة التي يجعلها الناس بينهم.
وأَشْرَطَ طائفةً من إِبله وغنمه: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها للبيع.
والشَّرَطُ من الإِبل: ما يُجْلَبُ للبيع نحو النَّاب والدَّبِرِ. يقال: إِن في إِبلك شَرَطاً، فيقول: لا ولكنها لُبابٌ كلها.
وأَشْرَط فلان نفسَه لكذا وكذا: أَعْلَمها له وأَعَدَّها؛ ومنه سمي الشُّرَطُ لأَنهم جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفُون بها، الواحد شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قال ابن أَحمر:فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عليها، وكان بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا والشُّرْطةُ في السُّلْطان: من العلامة والإِعْدادِ.
ورجل شُرْطِيٌّ وشُرَطِيٌّ: منسوب إِلى الشُّرطةِ، والجمع شُرَطٌ، سموا بذلك لأَنهم أَعَدُّوا لذلك وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بعلامات، وقيل: هم أَول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأُ للموت.
وفي حديث ابن مسعود: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون إِلا غالِبين؛ هم أَوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعة، وقيل: بل صاحب الشُّرْطةِ في حرب بعينها؛ قال ابن سيده: والصواب الأَول؛ قال ابن بري: شاهدُ الشُّرْطِيِّ احد الشُّرَطِ قول الدَّهناء: واللّهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ، وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قال: وقال آخر: أَعُوذُ باللّهِ وبالأَمِيرِ من عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ وأَشْراطُ الشيء: أَوائلُه؛ قال بعضهم: ومنه أَشراطُ الساعةِ وذكرها النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، والاشتقاقان مُتقارِبان لأَن علامة الشيء أَوَّله.
ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي مَشارِيطُ ما الأَوْرادُ عنه صَوادِرُ قال: ولاواحد لها.
وأَشْراطُ كلِّ شيء: ابتداء أَوَّله. الأَصمعي: أَشْراطُ الساعةِ علاماتها، قال: ومنه الاشْتِراط الذي يَشْتَرِطُ الناسُ بعضُهم على بعض أَي هي عَلامات يجعلونها بينهم، ولهذا سميت الشُّرَط لأَنهم جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفون بها.
وحكى الحطابي عن بعض أَهل اللغة أَنه أَنكر هذا التفسير وقال: أَشراطُ الساعةِ ما تُنكِره الناسُ من صغار أُمورها قبل أَن تقوم الساعة.
وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الذين يقدِّمهم على غيرهم من جنده؛ وقول أَوس بن حجر: فأَشْرَط فيها نفْسَه، وهو مُعْصِمٌ، وأَلْقَى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا أَجعل نفْسَه علَماً لهذا الأَمر؛ وقوله: أَشْرَط فيها نفسه أَي هَيَّأَ لهذه النَّبْعةِ.
وقال أَبو عبيدة: سمي الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم أَعِدّاء.
وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها التي هي دون مُعْظَمِها وقِيامِها.والشَّرَطانِ: نَجْمانِ من الحَمَلِ يقال لهما قَرْنا الحملِ، وهما أَوَّل نجم من الرَّبيع، ومن ذلك صار أَوائلُ كل أَمْر يقع أَشْراطَه ويقال لهما الأَشْراط؛ قال العجاج: أَلْجَأَهُ رَعْدٌ من الأَشْراطِ، ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ قال الجوهري: الشرطانِ نجمانِ من الحَمَل وهما قَرْناه، وإِلى جانِب الشَّمالِيِّ منهما كوكب صغير، ومن العرب من يَعُدُّه معهما فيقول هو ثلاثة كواكب ويسميها الأَشراط؛ قال الكميت: هاجَتْ عليه من الأَشْراطِ نافِجةٌ، في فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قد غَلب عليها فصار كالشيء الواحد؛ قال العجاج: من باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُّ أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قال ابن بري: الشَّرَطانِ تثنية شَرَطٍ وكذلك الأَشْراطُ جمع شَرَطٍ؛ قال: والنسبُ إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ كقوله:ومن شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر قال: وكذلك النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قال: وربما تسَبُوا إِليه على لفظ الجمع أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بيت العجاج.
ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة: مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قال ذو الرمة يصف روضة: قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ يعني رَوْضةُ مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قال قرحاء لأَنَّ في وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وقال حوَّاء لخُضْرةِ نباتها.
وحكى ابن الأَعرابي: طلَع الشَّرَطُ، فجاء للشَّرَطَيْنِ بواحد، والتثنيةُ في ذلك أَعْلى وأَشْهر لأَن أَحدهما لا ينفصل عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ في أَنهما يُثْبَتانِ معاً، وتكون حالَتُهما واحدة في كل شيء.
وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رسولاً إِلى أَمر قيل أَشْرَطَه وأَفْرَطَه من الأَشْراط التي هي أَوائل الأَشياء كأَنه (* قوله «كأَنه إلخ» كذا بالأصل ويظهر ان قبله سقطاً.) من قولك فارِطٌ وهو السابق.
والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء؛ قال جرير: تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ، ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ وفي حديث الزكاة: ولا الشَّرَطَ اللَّئيمة أَي رُذالَ المالِ، وقيل: صِغارُه وشِراره.
وشَرَطُ الناس: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قال الكميت: وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ، ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا فالشَّرَطُ: الدُّونُ من الناسِ، والذين هم أَعظم منهم ليسوا بشرَطٍ.
والأَشْراطُ: الأَرْذالُ.
والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قال يعقوب: وهذا الحرف من الأضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بن ثابت: في نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ، نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ فيقال: إِنه أَراد به الحرَسَ وسَفِلةَ الناس؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: أَشارِيطُ من أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِّءٍ، وكان أَبوهمْ أَشْرَطاً وابْن أَشْرَطا وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يأْخُذَ اللّهُ شريطتَه من أَهلِ الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لا يَعْرِفون مَعْروفاً ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً، يعني أَهلَ الخيرِ والدِّينِ.
والأَشْراطُ من الأَضْداد: يقع على الأَشراف والأَرذال؛ قال الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ شمراً كذا رواه.
وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بن بُجْرَة، ذهَبوا في ذلك إِلى اسْتِرْذالِه لأَنه كان يُحَمَّقُ؛ قال خالد بن قيس التيْمي يهجُو مالكاً هذا:لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عند السَّبَلهْ وحَلَّقَتْ بك العُقابُ القَيْعَلَهْ، مُدْبِرةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وليس هناك فِعْل؛ قال ابن سيده: وهذا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تكون من الفعل دون الاسم، وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم أَحْنَكُ الشاتين لأَن ذلك لا فعل له أَيضاً عنده، وكذلك آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ له عند سيبويه.
وشَرَطُ الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، واحدها شَرَطٌ أَيضاً، وناقة شَرَطٌ وإِبل شَرَطٌ. قال: وفي بعض نسخ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ المال، قال: فإِن صح هذا فهو جمع شَرَط. التهذيب: وشَرَطُ المالِ صغارها، وقال: والشُّرَطُ سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كل شيء خِيارُه وهم نُخْبةُ السلطانِ من جُنده؛ وقال الأَخطل: ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ، حَنَّتْ مَثاكِيلُ من أَيْفاعِهمْ نُكُدُ وقال آخر: حتى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ وقال أَوْسٌ: فأَشْرَط فيها أَي استخَفَّ بها وجعلها شَرَطاً أَي شيئاً دُوناً خاطَرَ بها. أَبو عمرو: أَشْرَطْتُ فلاناً لعمل كذا أَي يَسَّرْتُه وجعلته يليه؛ وأَنشد: قَرَّبَ منهم كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ عَجَمْجَمٍ، ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمل.
والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ مثله.
والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط بها. قال ابن الأَعرابي: حدثني بعض أَصحابي عن ابن الكَلْبي عن رجل عن مُجالِد قال: كنت جالساً عند عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أَبي طالب بالكوفة فأُتِيَ برجل فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فقلت: هذا واللّهِ جَهْدُ البَلاء، فقال: واللّه ما هذا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه ولكن جهد البلاء فَقْر مُدْقِعٌ بعد غِنىً مُوسع.
وفي الحديث: نَهى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شَرِيطةِ الشيطانِ، وهي ذبيحة لا تُفْرَى فيها الأَوْداجُ ولا تُقْطَعُ ولا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ من شَرْط الحجام، وكان أَهل الجاهلية يقطعون بعضَ حَلْقِها ويتركونها حتى تموتَ، وإِنما أَضافها إِلى الشيطان لأَنه هو الذي حملهم على ذلك وحسّن هذا الفعلَ لدَيْهِم وسوّلَه لهم.
والشَّرِيطةُ من الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن.
والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ تُفْتل من الخُوص واللِّيفِ، وقيل: هو الحبلُ ما كان، سمي بذلك لأَنه يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثم يفتل، والجمع شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ كشَعيرة وشَعير.
والشَّرِطُ: العَتِيدةُ للنساء تَضَعُ فيها طِيبَها، وقيل: هي عَتيدةُ الطِّيبِ، وقيل: العَيْبةُ؛ حكاه ابن الأَعرابي وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بن مَعْدِ يكَرِب: فَزَيْنُكَ في الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا، وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني يقول: زَيْنُكَ الطِّيبُ الذي في العَتِيدةِ أَو الثيابُ التي في العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذي النُّونين السيفَ كما سماه بعضهم ذا الحَيّاتِ؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ: عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه، فَخَرَّ، كما خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا وقال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد الهُذليّ: وما جَرَّدْتُ ذا الحَيّاتِ، إِلاّ لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ (* قوله «الحباب» ضبط في الأصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك: الحباب اسم سيفه.) كانت امرأَته نظرت إِلى رجل فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف فأَتَرَّ يَدَها فقال فيها هذا، يقول: إِنما كنت ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ لجَدِّكِ: فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً، وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ وقال أَبو حنيفة: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصغير يجيء من قَدر عشرة أَذرُع مِثل شَرَطِ المال رُذالِها، وقيل الأَشْراطُ ما سال من الأَسْلاقِ في الشِّعابِ.
والشَّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ القليل اللحْم الدقيقُ، يكون ذلك من الناس والإِبل، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال: يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ، مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ قال ابن بري: الرجَز لجسَّاسِ بن قُطَيْبٍ والرجز مُغَيَّرٌ؛ وصوابه بكماله على ما أَنشده ثعلب في أَمالِيه: وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ، باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ تَنْجُو إِذا قيل لها يَعاطِ، فلو تَراهُنَّ بذي أُراطِ، وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ، يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ، صاتِ الحُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ، مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ على سَراوِيلَ له أَسْماطِ، ليست له شَمائلُ الضَّفَّاطِ يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ، ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ( ) قوله «ومسرب» كذا في الأَصل بالسين المهملة ولعله بالشين المعجمة. خَوَّى قليلاً، غيرَ ما اغْتِباطِ، على مَباني عُسْبٍ سِباطِ يُصْبِحُ بعد الدَّلَج القَطْقاطِ، وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ الأَلْياطُ: الجُلود.
ومُلَحَّب: طريق.
وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ.
ويَعاطِ: زَجْر.
وأُراطٌ: موضع.
والسُّرَى، جمع سُرْوةٍ: السَّهْم.
والأَمْراطُ: المُتمرِّطةُ الرِّيشِ.
ويُلِحْن: يَفْرَقْنَ.
والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر والسَّوْقِ.
والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ.
والضَّفّاطُ: الكثير اللحم، وهو أَيضاً الذي يُكْرَى من مَنْزِل إِلى منزل.
والمِلاطُ: المِرْفَقُ، وعُسُبٌ قَوائمه.
وسِباطٌ: جمع سَبْطٍ.
والقَطْقاطُ: السريعُ. الليث: ناقة شِرْواطٌ وجمل شِرْواط طويل وفيه دِقّة، الذكر والأُنثى فيه سواء.
ورجل شِرْوَطٌ: طويل.
وبنو شَرِيطٍ: بطن.

ذبح (لسان العرب) [0]


الذَّبْحُ: قَطْعُ الحُلْقُوم من باطنٍ عند النَّصِيل، وهو موضع الذَّبْحِ من الحَلْق.
والذَّبْحُ: مصدر ذَبَحْتُ الشاة؛ يقال: ذَبَحه يَذْبَحُه ذَبْحاً، فهو مَذْبوح وذَبِيح من قوم ذَبْحَى وذَباحَى، وكذلك التيس والكبش من كِباشٍ ذَبْحَى وذَباحَى.
والذَّبِيحة: الشاة المذبوحة.
وشاة ذَبِيحة، وذَبِيحٌ من نِعاج ذَبْحَى وذَباحَى وذَبائح، وكذلك الناقة، وإِنما جاءَت ذبيحة بالهاء لغلبة الاسم عليها؛ قال الأَزهري: الذبيحة اسم لما يذبح من الحيوان، وأُنث لأَنه ذهب به مذهب الأَسماء لا مذهب النعت، فإِن قلت: شاة ذَبيحٌ أَو كبش ذبيح أَو نعجة ذبيح لم تدخل فيه الهاء لأَن فَعِيلاً إِذا كان نعتاً في معنى مفعول يذكَّر، يقال: امرأَة قتيل وكفٌّ خضيب؛ وقال الأَزهري: . . . أكمل المادة الذبيح المذبوح، والأُنثى ذبيحة وإِنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها.
وفي حديث القضاء: من وَليَ قاضياً (* قوله «من ولي قاضياً إلخ» كذا بالأصل والنهاية.) فكأَنما ذُبِحَ بغير سكين؛ معناه التحذير من طلب القضاء والحِرصِ عليه أَي من تَصَدَّى للقضاء وتولاه فقد تَعَرَّضَ للذبح فليحذره؛ والذبح ههنا مجاز عن الهلاك فإِنه من أَسْرَعِ أَسبابِه، وقوله: بغير سكين، يحتمل وجهين: أَحدهما أَن الذبح في العُرْف إِنما يكون بالسكين، فعدل عنه ليعلم أَن الذي أَراد به ما يُخافُ عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه، والثاني أَن الذَّبْحَ الذي يقع به راحة الذبيحة وخلاصها من الأَلم إِنما يكون بالسكين، فإِذا ذُبِحَ بغير السكين كان ذبحه تعذيباً له، فضرب به المثل ليكون أَبلغَ في الحَذَرِ وأَشَدَّ في التَّوَقِّي منه.
وذَبَّحَه: كذَبَحَه، وقيل: إِنما ذلك للدلالة على الكثرة؛ وفي التنزيل: يُذَبِّحُون أَبناءَكم؛ وقد قرئ: يَذْبَحُون أَبناءَكم؛ قال أَبو إِسحق: القراءة المجتمع عليها بالتشديد، والتخفيف شاذ، والقراءة المجتمع عليها بالتشديد أَبلغ لأَن يُذَبِّحُون للتكثير، ويَذْبَحُون يَصْلُح أَن يكون للقليل والكثير، ومعنى التكثير أَبلغ.
والذِّبْحُ: اسم ما ذُبِحَ؛ وفي التنزيل: وفديناه بِذِبْح عظيم؛ يعني كبش إِبراهيم، عليه السلام. الأَزهري: معناه أَي بكبش يُذْبَحُ، وهو الكبش الذي فُدِيَ به إِسمعيلُ بن خليل الله، صلى الله عليهما وسلم. الأَزهري: الذِّبْحُ ما أُعِدَّ للذَّبْح، وهو بمنزلة الذَّبِيح والمذبوح.
والذِّبْحُ: المذبوح، هو بمنزلة الطِّحْن بمعنى المطحون، والقِطْفِ بمعنى المَقْطُوف؛ وفي حديث الضحية: فدعا بِذِبْحٍ فذَبَحَه؛ الذبح، بالكسر: ما يُذْبَحُ من الأَضاحِيّ وغيرها من الحيوان، وبالفتح الفعل منه.
واذَّبَحَ القومُ: اتخذوا ذبيحة، كقولك اطَّبَخُوا إِذا اتخذوا طبيخاً.
وفي حديث أُمِّ زَرْع: فأَعطاني من كل ذابحة زَوْجاً؛ هكذا في رواية أَي أَعطاني من كل ما يجوز ذَبْحُه من الإِبل والبقر والغنم وغيرها، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، والرواية المشهورة بالراء والياء من الرواح.
وذَبائحُ الجنّ: أَن يشتري الرجل الدار أَو يستخرج ماء العين وما أَشبهه فيذبح لها ذبيحة للطِّيَرَة؛ وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذبائح الجن؛ كانوا إِذا اشْتَرَوْا داراً أَو استخرجوا عيناً أَو بَنَوْا بُنياناً ذبحوا ذبيحة، مخافة أَن تصيبهم الجن فأُضيفت الذبائح إِليهم لذلك؛ معنى الحديث أَنهم يتطيرون إِلى هذا الفعل، مخافة أَنهم إِن لم يذبحوا أَو يطعموا أَن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم، فأَبطل النبي، صلى الله عليه وسلم، هذا ونهى عنه.
وفي الحديث: كلُّ شيء في البحر مَذْبوحُ أَي ذَكِيّ لا يحتاج إِلى الذبح.وفي حديث أَبي الدرداء: ذَبْحُ الخَمْرِ المِلْحُ والشمسُ والنِّينانُ؛ النِّينان: جمع نون، وهي السمكة؛ قال ابن الأَثير: هذه صفة مُرِّيٍّ يعمل في الشام، يؤْخذ الخَمْرُ فيجعل فيه الملح والسمك ويوضع في الشمس، فتتغير الخمر إِلى طعم المُرِّيِّ، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إِل الخَلِّيَّة؛ يقول: كما أَن الميتة حرام والمذبوحة حلال فكذلك هذه الأَشياء ذَبَحَتِ الخَمْرَ فحلّت، واستعار الذَّبْحَ للإِحْلال.
والذَّبْحُ في الأَصل: الشَّقُّ.
والمِذْبَحُ: السكين؛ الأَزهري: المِذْبَحُ: ما يُذْبَحُ به الذبيحة من شَفْرَة وغيرها.
والمَذْبَحُ: موضع الذَّبْحِ من الحُلْقوم.
والذَّابحُ: شعر ينبت بين النَّصِيل والمَذْبَح.
والذُّباحُ والذِّبَحَةُ والذُّبَحَةُ: وَجَع الحَلْق كأَنه يَذْبَحُ، ولم يعرف الذَّبْحَة بالتسكين (* قوله «ولم يعرف الذبحة بالتسكين» أي مع فتح الذال.
واما بضمها وكسرها مع سكون الباء وكسرها وفتحها فمسموعة كالذباح بوزن غراب وكتاب كما في القاموس.) الذي عليه العامة. الأَزهري: الذَّبَحَة، بفتح الباء، داء يأْخذ في الحَلقِ وربما قتل؛ يقال أَخذته الذُّبَحة والذِّبَحة. الأَصمعي: الذُّبْحةُ، بتسكين الباء: وجع في الحلق؛ وأَما الذُّبَحُ، فهو نبت أَحمر.
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كَوى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَة في حَلْقِه من الذُِّبْحة؛ وقال: لا أَدَعُ في نفسي حَرَجاً من أَسْعَدَ؛ وكان أَبو زيد يقول: الذِّبَحَةُ والذُّبَحة لهذا الداء، ولم يعرفه باسكان الباء؛ ويقال: كان ذلك مثل الذِّبْحة على النَّحْر؛ مثل يضرب للذي تِخالُه صديقاً فإِذا هو عدوّ ظاهر العداوة؛ وقال ابن شميل: الذِّبْحَة قَرْحة تخرج في حلق الإِنسان مثل الذِّئْبَةِ التي تأْخذ الحمار؛ وفي الحديث: أَنه عاد البَرَاءَ بن مَعْرُور وأَخذته الذُّبَحة فأَمر مَن لَعَطَه بالنار؛ الذُّبَحة: وجع يأْخذ في الحلق من الدَّمِ، وقيل: هي قَرْحَة تظهر فيه فينسدّ معها وينقطع النفَس فَتَقْتُل.والذَّبَاح: القتل أَيّاً كان.
والذِّبْحُ: القتيل.
والذَّبْحُ: الشَّق.
وكل ما شُقَّ، فقد ذُبِح؛ قال منظور بن مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ: يا حَبَّذا جاريةٌ من عَكِّ تُعَقِّدُ المِرْطَ على مِدَكِّ، شِبْه كثِيبِ الرَّمْلِ غَيْرَ رَكِّ، كأَنَّ بين فَكِّها والفَكِّ، فَأْرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ في سُكِّ أَي فُتِقَتْ، وقوله: غير رَكَّ، لأَنه خالٍ من الكثيب.
وربما قالوا: ذَبَحْتُ الدَّنَّ أَي بَزَلْتُه؛ وأَما قول أَبي ذؤيب في صفة خمر: إِذا فُضَّتْ خَواتِمُها وبُجَّتْ، يقال لها: دَمُ الوَدَجِ الذَّبيح فإِنه أَراد المذبوح عنه أَي المشقوق من أَجله، هذا قول الفارسي؛ وقول أَبي ذؤيب أَيضاً: وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعبيرِ كأَنه دماءُ ظِباءٍ، بالنُّحورِ، ذَبِيحُ ذبيح: وصف للدماء،وفيه شيئان: أَحدهما وصف الدم بأَنه ذبيح، وإِنما الذبيح صاحب الدم لا الدم، والآخر أَنه وصف الجماعة بالواحد؛ فأَما وصفه الدم بالذبيح فإِنه على حذف المضاف أَي كأَنه دماء ظِباء بالنُّحور ذبيح ظباؤُه، ثم حذف المضاف وهو الظباء فارتفع الضمير الذي كان مجروراً لوقوعه موقع المرفوع المحذوف لما استتر في ذبيح، وأَما وصفه الدماء وهي جماعة بالواحد فِلأَن فعيلاً يوصف به المذكر والمؤَنث والواحد وما فوقه على صورة واحدة؛ قال رؤبة: دَعْها فما النَّحْوِيُّ من صَديقِها وقال تعالى: إِنَّ رحمة الله قريب من المحسنين.
والذَّبِيحُ: الذي يَصْلُح أَن يذبح للنُّسُك؛ قال ابن أَحمر: تُهْدَى إِليه ذِراعُ البَكْرِ تَكْرِمَةً، إِمَّا ذَبِيحاً، وإِمَّا كانَ حُلاَّما ويروى حلاَّنا.
والحُلاَّنُ: الجَدْيُ الذي يؤخذ من بطن أُمه حيّاً فيذبح، ويقال: هو الصغير من أَولاد المعز؛ ابن بري: عَرَّضَ ابنُ أَحمر في هذا البيت برجل كان يَشْتِمه ويعيبه يقال له سفيان، وقد ذكره في أَوّل المقطوع فقال: نُبِّئْتُ سُفْيانَ يَلْحانا ويَشْتِمنا، واللهُ يَدْفَعُ عنَّا شَرَّ سُفْيانا وتذابحَ القومُ أَي ذبَحَ بعضُهم بعضاً. يقال: التَّمادُح التَّذابُحُ.
والمَذْبَحُ: شَقٌّ في الأَرض مِقْدارُ الشِّبْر ونحوه. يقال: غادَرَ السَّيْلُ في الأَرض أَخاديدَ ومَذابحَ.
والذَّبائِحُ: شقوق في أُصول أَصابع الرِّجْل مما يلي الصدر، واسم ذلك الداء الذُّباحُ، وقيل: الذُّبَّاح، بالضم والتشديد.
والذُّباحُ: تَحََزُّز وتَشَقُّق بين أَصابع الصبيان من التراب؛ ومنه قولهم: ما دونه شوكة ولا ذُباح، الأَزهري عن ابن بُزُرْج: الذُّبَّاحُ حَزٌّ في باطن أَصابع الرِّجْل عَرْضاً، وذلك أَنه ذَبَحَ الأَصابع وقطعها عَرْضاً، وجمعه ذَبابيحُ؛ وأَنشد: حِرٌّ هِجَفٌّ مُتَجافٍ مَصْرَعُهْ، به ذَبابِيحُ ونَكْبٌ يَظْلَعُهْ وكان أَبو الهيثم يقول: ذُباحٌ، بالتخفيف، وينكر التشديد؛ قال الأَزهري: والتشديد في كلام العرب أَكثر، وذهب أَبو الهيثم إِلى أَنه من الأَدواء التي جاءت على فُعَال.
والمَذَابِحُ: من المسايل، واحدها مَذْبَح، وهو مَسِيل يسيل في سَنَدٍ أَو على قَرارِ الأَرض، إِنما هو جريُ السيل بعضه على أَثر بعض، وعَرْضُ المَذْبَحِ فِتْرٌ أَو شِبْرٌ، وقد تكون المَذابح خِلْقَةً في الأَرض المستوية لها كهيئة النهر يسيل فيه ماؤُها فذلك المَذْبَحُ، والمَذَابِحُ تكون في جميع الأَرض في الأَودية وغير الأَودية وفيما تواطأَ من الأَرض؛ والمَذْبَحُ من الأَنهار: ضَرْبٌ كأَنه شَقٌّ أَو انشق.
والمَذَابِحُ: المحاريبُ سميت بذلك للقَرابين.
والمَذْبَحُ: المِحْرَابُ والمَقْصُورة ونحوهما؛ ومنه الحديث: لما كان زَمَنُ المُهَلَّب أُتِيَ مَرْوانُ برجل ارْتَدَّ عن الإِسلام وكَعْبٌ شاهد، فقال كَعْبٌ: أَدْخِلوه المَذْبَحَ وضعوا التوراة وحَلِّفوه بالله؛ حكاه الهَرَوِيُّ في الغَريبَيْنِ؛ وقيل: المَذابحُ المقاصير، ويقال: هي المحاريب ونحوها.
ومَذَابحُ النصارى: بيُوتُ كُتُبهم، وهو المَذْبَح لبيت كتبهم.
ويقال: ذَبَحْتُ فَأْرَة المِسْكِ إِذا فتقتها وأَخرجت ما فيها من المسك؛ وأَنشد شعر منظور بن مَرْثَدٍ الأَسَدِيِّ: فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ في سُكِّ أَي فُتِقَتْ في الطيب الذي يقال له سُكُّ المِسْك.
وتُسمَّى المقاصيرُ في الكنائس: مَذابِحَ ومَذْبَحاً لأَنهم كانوا يذبحون فيها القُرْبانَ؛ ويقال: ذَبَحَتْ فلاناً لِحْيَتُه إِذا سالت تحت ذَقَنه وبدا مُقَدَّمُ حَنكه، فهو مذبوح بها؛ قال الراعي: من كلِّ أَشْمَطَ مَذْبُوحٍ بِلِحْيَتِه، بادِي الأَداةِ على مَرْكُوِّهِ الطَّحِلِ يصف قَيِّمَ الماء مَنَعَه الوِرْدَ.
ويقال: ذَبَحَتْه العَبْرَةُ أَي خَنَقَتْه.
والمَذْبَحُ: ما بين أَصل الفُوق وبين الرِّيش.
والذُّبَحُ: نباتٌ (* قوله «والذبح نبات إلخ» كصرد وعنب، وقوله: والذبح الجزر إلخ كصرف فقط كما في القاموس.) له أَصل يُقْشَرُ عنه قِشرٌ أَسودُ فيخرج أَبيض، كأَنه خَرَزَة بيضاءُ حُلْو طيب يؤكل، واحدته ذُبَحَةٌ وذِبَحَةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة عن الفراء؛ وقال أَبو حنيفة أَيضاً: قال أَبو عمرو الذِّبَحة شجرة تنبت على ساق نَبتاً كالكُرَّاث، ثم يكون لها زَهْرة صفراء، وأَصلها مثلُ الجَزَرة، وهي حُلْوة ولونها أَحمر.
والذُّبَحُ: الجَزَر البَرِّيُّ وله لون أَحمر؛ قال الأَعشى في صفة خمر: وشَمولٍ تَحْسِبُ العَيْنُ، إِذا صَفَقَتْ في دَنِّها، نَوْرَ الذُّبَحْ ويروى: بُرْدَتها لون الذُّبَحْ.
وبردتها: لونها وأَعلامها، وقيل: هو نبات يأْكله النعام. ثعلب: الذُّبَحَة والذُّبَحُ هو الذي يُشبه الكَمأَةَ؛ قال: ويقال له الذِّبْحَة والذِّبَحُ، والضم أَكثر، وهو ضَربٌ من الكمأَة بيض؛ ابن الأَثير: وفي شعر كعب بن مُرَّة: إِني لأَحْسِبُ قولَه وفِعالَه يوماً، وإِن طال الزمانُ، ذُباحا قال: هكذا جاء في رواية.
والذُّباحُ: القتل، وهو أَيضاً نبت يَقْتُل آكله، والمشهور في الرواية رياحا.
والذُّبَحُ والذُّباحُ: نبات من السَّمِّ؛ وأَنشد: ولَرُبَّ مَطْعَمَةٍ تكونُ ذُباحا (* قوله «ولرب مطعمة إلخ» صدره كما في الأَساس «واليأس مما فات يعقب راحة» والشعر للنابغة.) وقال رؤبة: يَسْقِيهمُ، من خِلَلِ الصِّفاحِ، كأْساً من الذِّيفان والذُّباحِ وقال الأَعشى: ولكنْ ماءُ عَلْقَمَةٍ بسَلْعٍ، يُخاضُ عليه من عَلَقِ الذُّباحِ وقال آخر: إِنما قولُكَ سَمٌّ وذُبَحْ ويقال: أَصابه موت زُؤام وذُواف وذُباحٌ؛ وأَنشد لبيد: كأْساً من الذِّيفانِ والذُّباحِ وقال: الذُّباحُ الذُّبَحُ؛ يقال: أَخذهم بنو فلان بالذُّباحِ أَي ذَبَحُوهم.
والذُّبَحُ أَيضاً: نَوْرٌ أَحمر.
وحَيَّا الله هذه الذُّبَحة أَي هذه الطلعة.
وسَعْدٌ الذَّابِحُ: منزل من منازل القمر، أَحد السعود، وهما كوكبان نَيِّرَان بينهما مقدارُ ذِراعٍ في نَحْر واحد، منهما نَجْمٌ صَغير قريبٌ منه كأَنه يذبحه، فسمي لذلك ذابحاً؛ والعرب تقول: إِذا طلع الذابح انْحَجَر النابح.
وأَصلُ الذَّبْح: الشَّق؛ ومنه قوله: كأَنَّ عَينَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبُوحُ أَي مشقوق معصور.
وذَبَّح الرجلُ: طأْطأَ رأْسه للركوع كَدبَّحَ، حكاه الهروي في الغريبين، والمعروف الدال.
وفي الحديث: أَنه نهى عن التذبيح في الصلاة، هكذا جاء في روايةٍ، والمشهور بالدال المهملة؛ وحكى الأَزهري عن الليث، قال: جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى عن أَن يُذَبِّحَ الرجلُ في صلاته كما يُذَبِّحُ الحمارُ، قال: وقوله أَن يُذَبِّحَ، هو أَن يطأْطئ رأْسه في الركوع حتى يكون أَخفض من ظهره؛ قال الأَزهري: صحَّف الليث الحرف، والصحيح في الحديث: أَن يدبِّح الرجل في الصلاة، بالدال غير معجمة كما رواه أَصحاب أَبي عبيد عنه في غريب الحديث، والذال خطأٌ لا شك فيه.
والذَّابح: مِيسَمٌ على الحَلْق في عُرْض العُنُق.
ويقال للسِّمَةِ: ذابحٌ.

فتن (لسان العرب) [0]


الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.
والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.
ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.
ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في . . . أكمل المادة التأْويل الظُّلْم. يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة الخِبْرَةُ.
وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا: الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.
وقوله عز وجل: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب الكفار بكفرهم.
ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون: فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛ قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين: لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي: هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ وقوله أَيضاً: إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ، ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال: حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ معها وتقول: لئن فتنتني لهي بالأَمس أَفتنت سعيداً، فأَمسى قد قلا كل مسلم وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ فقال سعيد: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ.
والفِتْنةُ: إِعجابُك بالشيء، فتَنَه يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فهو فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي بالأَلف فأَنشد بيت رؤبة: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ فلم يعرف البيت في الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً: لئن فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ فلم يَعْبأْ به، ولكن أَهل اللغة أَجازوا اللغتين.
وقال سيبويه: فتَنَه جعل فيه فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ الفِتْنة إليه. قال سيبويه: إِذا قال أَفْتَنْتُه فقد تعرض لفُتِنَ، وإِذا قال فتَنْتُه فلم يتعرَّض لفُتِنَ.
وحكى أَبو زيد: أُفْتِنَ الرجلُ، بصيغة ما لم يسم فاعله، أَي فُتِنَ.
وحكى الأَزهري عن ابن شميل: افْتَتَنَ الرجلُ وافْتُتِنَ لغتان، قال: وهذا صحيح، قال: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ فهي لغة ضعيفة. قال أَبو زيد: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا أَراد الفجور، وقد فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وقال أَبو السَّفَر: أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فهو مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتُون إِذا أَصابته فِتْنة فذهب ماله أَو عقله، وكذلك إِذا اخْتُبِرَ. قال تعالى: وفتَنَّاك فُتُوناً.
وقد فتَنَ وافْتَتَنَ، جعله لازماً ومتعدياً، وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فهو مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جدّاً.
والفُتُون أَيضاً: الافْتِتانُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى؛ ومنه قولهم: قلب فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛ قال الشاعر: رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيا مِ، أَمْسى فُؤادي بها فاتِنا والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صيغ المصدر على لفظ المفعول كالمَعْقُول والمَجْلُودِ.
وقوله تعالى: فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بأَيَّكُمُ المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: معنى المَفْتُونِ الذي فُتِنَ بالجنون؛ قال أَبو عبيدة: معنى الباء الطرح كأَنه قال أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: ولا يجوز أَن تكون الباء لَغْواً، ولا ذلك جائز في العربِية، وفيه قولان للنحويين: أَحدهما أَن المفْتُونَ ههنا بمعنى الفُتُونِ، مصدر على المفعول، كما قالوا ما له مَعْقُولٌ ولا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وليس لفلان مَجْلُودٌ أَي ليس له جَلَدٌ ومثله المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قال بأَيِّكم الفُتون، وهو الجُنون، والقول الثاني فسَتُبْصِر ويُبْصِرُونَ في أَيِّ الفَريقينِ المَجْنونُ أَي في فرقة الإِسلام أَو في فرقة الكفر، أَقامَ الباء مقام في؛ وفي الصحاح: إِن الباء في قوله بأَيِّكم المفتون زائدة كما زيدت في قوله تعالى: قل كفى بالله شهيداً؛ قال: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وهو مصدر كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، ويكون أَيُّكم الابتداء والمفتون خبره؛ قال: وقل وقال المازني المَفتون هو رفع بالابتداء وما قبله خبره كقولهم بمن مُروُرُك وعلى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول في معنى الظرف، قال ابن بري: إِذا كانت الباء زائدة فالمفتون الإِنسان، وليس بمصدر، فإِن جعلت الباء غير زائدة فالمفتون مصدر بمعنى الفُتُونِ.
وافْتَتَنَ في الشيء: فُتِن فيه.
وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ.
والفِتْنة: الضلال والإِثم.
والفاتِنُ: المُضِلُّ عن الحق.
والفاتِنُ: الشيطان لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صفة غالبة.
وفي حديث قَيْلَة: المُسْلم أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ ويتعاونان على الفَتَّانِ؛ الفَتَّانُ: الشيطانُ الذي يَفْتِنُ الناس بِخداعِه وغروره وتَزْيينه المعاصي، فإِذا نهى الرجلُ أَخاه عن ذلك فقد أَعانه على الشيطان. قال: والفَتَّانُ أَيضاً اللص الذي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ في طريقهم فينبغي لهم أَن يتعاونوا على اللِّصِّ، وجمع الفَتَّان فُتَّان، والحديث يروى بفتح الفاء وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عن الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ على الذين يُضِلُّون الناسَ عن الحق ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ من أَبنية المبالغة في الفِتْنة، ومن الأَول قوله في الحديث: أَفَتَّانٌ أَنت يا معاذ؟ وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتَنْتُمْ أَنفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُم؛ استعملتموها في الفِتْنة، وقيل: أَنَمْتُموها.
وقوله تعالى: وفتَنَّاكَ فُتُوناً؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً.
وقوله عز وجل: ومنهم من يقول ائْذَنْ لي ولا تَفْتِنِّي؛ أَي لا تُؤْثِمْني بأَمرك إِيايَ بالخروج، وذلك غير مُتَيَسِّرٍ لي فآثَمُ؛ قال الزجاج: وقيل إِن المنافقين هَزَؤُوا بالمسلمين في غزوة تَبُوكَ فقالوا يريدون بنات الأَصفر فقال: لا تَفْتِنِّي أَي لا تَفْتِنِّي ببنات الأَصفر، فأَعلم الله سبحانه وتعالى أَنهم قد سقَطوا في الفِتْنةِ أَي في الإِثم.
وفتَنَ الرجلَ أَي أَزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإِن كادوا ليَفتِنونك عن الذي أَوْحَيْنا إِليك؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابن الأَنباري: وقولهم فتَنَتْ فلانة فُلاناً، قال بعضهم: معناه أَمالته عن القصد، والفِتْنة في كلامهم معناه المُمِيلَةُ عن الحق.
وقوله عز وجل: ما أَنتم عليه بفاتِنينَ إِلا من هو صالِ الجحِيمِ: فسره ثعلب فقال: لا تَقْدِرون أَن تَفْتِنُوا إِلا من قُضِيَ عليه أَن يدخل النار، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فيه معنى قادرين فعدَّاه بما كان يُعَدَّى به قادرين لو لفِظَ به، وقيل: الفِتْنةُ الإِضلال في قوله: ما أَنتم عليه بفاتنين؛ يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ النار الذين سبق علم الله في ضلالهم؛ قال الفراء: أَهل الحجاز يقولون ما أَنتم عليه بفاتِنينَ، وأَهل نجد يقولون بمُفْتِنينَ من أَفْتَنْتُ والفِتْنةُ: الجُنون، وكذلك الفُتُون.
وقوله تعالى: والفِتْنةُ أَشدُّ من القَتْلِ؛ معنى الفِتْنة ههنا الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سيده: والفِتْنةُ الكُفْر.
وفي التنزيل العزيز: وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ فِتْنة.
والفِتْنةُ: الفَضِيحة.
وقوله عز وجل: ومن يرد الله فِتْنَتَه؛ قيل: معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أَبو إِسحق: ويجوز أَن يكون اختِبارَه بما يَظْهَرُ به أَمرُه.
والفِتْنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضَعْفَى المؤمنين في أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عن الإِيمان، كما مُطِّيَ بلالٌ على الرَّمْضاء يعذب حتى افْتَكَّه أَبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، فأَعتقه.
والفِتْنةُ: ما يقع بين الناس من القتال.
والفِتْنةُ: القتل؛ ومنه قوله تعالى: إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا؛ قال: وكذلك قوله في سورة يونس: على خَوْفٍ من فرعونَ ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم؛ أَي يقتلهم؛ وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم، فإِنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فِرَقِ المسلمين إِذا تَحَزَّبوا، ويكون ما يُبْلَوْنَ به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفْتَنُونَ بذلك عن الآخرة والعمل لها.
وقوله، عليه السلام: ما تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ على الرجال من النساء؛ يقول: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفِتْنةً: الاختِبارُ.
وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره.
وقوله عز وجل: أَوَلا يَرَوْنَ أَنهم يُفْتَنُونَ في كل عام مرة أَو مرتين: قيل: معناه يُخْتَبَرُونَ بالدعاء إِلى الجهاد، وقيل: يُفْتَنُونَ بإِنزال العذاب والمكروه.والفَتْنُ: الإِحرَاق بالنار. الشيءَ في الناريَفْتِنُه: أَحرقه.
والفَتِينُ من الأَرض: الحَرَّةُ التي قد أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ كأَنها مُحْرَقة، والجمع فُتُنٌ.
وقال شمر: كل ما غيرته النارُ عن حاله فهو مَفْتُون، ويقال للأَمة السوداء مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ في السواد كأَنها مُحْترقَة؛ وقال أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَتِ: غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ، على آبارِها، أَبداً عُطُونُ وكأَنَّ واحدة الفَتائن فَتينة، وقال بعضهم: الواحدة فَتِينة، وجمعها فَتِين؛ قال الكميتُ: ظَعَائِنُ من بني الحُلاَّفِ، تَأْوي إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا (* قوله «من الحلاف» كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح الحاء المهملة). فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفِتِىنَا.
ويقال: واحدة الفِتِينَ فِتْنَةٌ مثل عِزَةٍ وعِزِينَ.
وحكى ابن بري: يقال فِتُونَ في الرفع، وفِتِين في النصب والجر، وأَنشد بيت الكميت.
والفِتْنَةُ: الإِحْراقُ.
وفَتَنْتُ الرغيفَ في النار إِذا أَحْرَقْته.
وفِتْنَةُ الصَّدْرِ: الوَسْواسُ.
وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعَْدِلَ عن الطريق.
وفِتْنَةُ المَمات: أَنْ يُسْأَلَ في القبر.
وقوله عزَّ وجل: إِنَّ الذين فَتَنُوا المؤْمنين والمؤْمناتِ ثم لم يتوبوا؛ أَي أَحرقوهم بالنار المُوقَدَةِ في الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فيها ليَصُدُّوهم عن الإِيمان.
وفي حديث الحسن: إِنَّ الذين فتنوا المؤْمنين والمؤْمِنات؛ قال: فَتَنُوهم بالنار أَي امْتَحَنُوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امْتِحانَ عبيده المؤمنين بالَّلأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم على ما ابْتلاهم به فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قال الله تعالى: أَلم، أَحَسِبَ الناسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفْتَنُونَ؛ جاءَ في التفسير: وهم لا يُبْتَلَوْنَ في أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بالصبر على البلاء الصادقُ الإِيمان من غيره، وقيل: وهم لا يُفْتَنون وهم لا يُمْتَحَنُون بما يَبِينُ به حقيقة إِيمانهم؛ وكذلك قوله تعالى: ولقد فَتَنَّا الذين من قبلهم؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا.
وقوله تعالى مُخْبِراً عن المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنما نحن فِتْنَةٌ فلا تَكْفُر؛ معناه إِنما نحن ابتلاءٌ واختبارٌ لكم.
وفي الحديث: المؤمن خُلِقَ مُفَتَّناً أَي مُمْتَحَناً يمتَحِنُه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فَتَنْتُه إِذا امْتَحنْتَه.
ويقال فيهما أَفْتَنْتُه أَيضاً، وهو قليل: قال ابن الأَثير: وقد كثر استعمالها فيما أَخرجه الاخْتِبَار للمكروه، ثمَّ كَثُر حتى استعمل بمعنى الإِثم والكفر والقتال والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ عن الشيء.
وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ.
وفي حديث الكسوف: وإِنكم تُفْتَنُونَ في القبور؛ يريد مُساءَلة منكر ونكير، من الفتنةِ الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات وغير ذلك.
وفي الحديث: فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ أَي تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه سمع رجلاً يتعوَّذ من الفِتَنِ فقال: أَتَسْأَلُ رَبَّك أَن لا يَرْزُقَك أَهْلاً ولا مالاً؟ تَأَوَّلَ قوله عزَّ وجل: إِنما أَموالكم وأَولادُكم فِتْنَة، ولم يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ.
وهما فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قال نابغة بني جَعْدة: هما فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عليه لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ الواحد: فَتْنٌ؛ وروى أَبو عمرو الشَّيْبانيّ قول عمر بن أَحمر الباهليّ:إِمّا على نَفْسِي وإِما لها، والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ قال أَبو عمرو: الفِتْنُ الناحية، ورواه غيره: فَتْنانِ، بفتح الفاء، أَي حالان وفَنَّانِ، قال ذلك أَبو سعيد قال: ورواه بعضهم فَنَّانِ أَي ضَرْبانِ.
والفِتانُ، بكسر الفاء: غِشاء يكون للرَّحْل من أَدَمٍ؛ قال لبيد:فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي، ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ والجمع فُتُنٌ.

نقب (لسان العرب) [0]


النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً.
وشيءٌ نَقِـيبٌ: مَنْقُوب؛ قال أَبو ذؤَيب: أَرِقْتُ لذِكْرِه، مِنْ غيرِ نَوْبٍ، * كَما يَهْتاجُ مَوْشِـيٌّ نَقِـيبُ يعني بالـمَوْشِـيِّ يَراعةً.
ونَقِبَ الجِلْدُ نَقَباً؛ واسم تلك النَّقْبة نَقْبٌ أَيضاً.
ونَقِبَ البعيرُ، بالكسر، إِذا رَقَّتْ أَخْفافُه.
وأَنْقَبَ الرجلُ إِذا نَقِبَ بعيرُه.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَتاه أَعرابيّ فقال: إِني على ناقة دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ، واسْتَحْمَله فظنه كاذباً، فلم يَحْمِلْه، فانطَلَقَ وهو يقول: أَقْسَمَ باللّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: * ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ أَراد بالنَّقَبِ ههنا: رِقَّةَ الأَخْفافِ. نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ، فهو نَقِبٌ.
وفي حديثه الآخر قال لامرأَةٍ حَاجَّةٍ: أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ أَي . . . أكمل المادة نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ.
وفي حديث علي، عليه السلام: ولْيَسْـتَأْنِ بالنَّقِبِ والظَّالِـع أَي يَرْفُقْ بهما، ويجوز أَن يكون من الجَرَب.
وفي حديث أَبي موسى: فنَقِـبَتْ أَقْدامُنا أَي رَقَّتْ جُلودُها، وتَنَفَّطَتْ من الـمَشْيِ.
ونَقِبَ الخُفُّ الملبوسُ نَقَباً: تَخَرَّقَ، وقيل: حَفِـيَ.
ونَقِبَ خُفُّ البعير نَقَباً إِذا حَفِـيَ حتى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه، فهو نَقِبٌ؛ وأَنْقَبَ كذلك؛ قال كثير عزة: وقد أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبُ خُفُّها، * مَناسِمُها لا يَسْتَبِلُّ رَثِـيمُها أَراد: ومَناسِمُها، فحذف حرف العطف، كما قال: قَسَمَا الطَّارِفَ التَّلِـيدَ؛ ويروى: أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها.
والـمَنْقَبُ من السُّرَّة: قُدَّامُها، حيث يُنْقَبُ البَطْنُ، وكذلك هو من الفرس؛ وقيل: الـمَنْقَبُ السُّرَّةُ نَفْسُها؛ قال النابغة الجعدي يصف الفرس: كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِـيفِه، * إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالـمَنْقَبِ، لُطِمْنَ بتُرْسٍ، شديد الصِّفَا * قِ، من خَشَبِ الجَوْز، لم يُثْقَبِ والـمِنْقَبةُ: التي يَنْقُب بها البَيْطارُ، نادرٌ.
والبَيْطارُ يَنْقُبُ في بَطْنِ الدابة بالـمِنْقَبِ في سُرَّته حتى يَسيل منه ماء أَصْفر؛ ومنه قول الشاعر: كالسِّيدِ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَسِمْه، ولم يَلْمِسْ له عَصَبا ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدابة؛ وتلك الحديدةُ مِنْقَبٌ، بالكسر؛ والمكان مَنْقَبٌ، بالفتح؛ وأَنشد الجوهري لـمُرَّة بن مَحْكَانَ: أَقَبّ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَدِجْهُ، ولم يَغْمِزْ له عَصَبا وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَنه اشْتَكَى عَيْنَه، فكَرِهَ أَنْ يَنْقُبَها؛ قال ابن الأَثير: نَقْبُ العَيْنِ هو الذي تُسَمِّيه الأَطباءُ القَدْح، وهو مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الذي يَحْدُثُ في العين؛ وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حافر الدابة ليَخْرُجَ منه ما دَخل فيه.
والأَنْقابُ: الآذانُ، لا أَعْرِفُ لها واحداً؛ قال القَطامِـيُّ: كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً * أَنْقابُهُنَّ، إِلى حُداءِ السُّوَّقِ ويروى: أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ. التهذيب: إِن عليه نُقْبةً أَي أَثَراً.
ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ: أَثَرُه وهَيْـأَتُهُ.
والنُّقْبُ والنُّقَبُ: القِطَعُ المتفرّقَةُ من الجَرَب، الواحدة نُقْبة؛ وقيل: هي أَوَّلُ ما يَبْدُو من الجَرَب؛ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ: مُتَبَذِّلاً، تَبدُو مَحاسِنُه، * يَضَعُ الـهِناءَ مواضِـعَ النُّقْبِ وقيل: النُّقْبُ الجَرَبُ عامّةً؛ وبه فسر ثعلب قولَ أَبي محمدٍ، الـحَذْلَـمِـيِّ: وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عن لِثامِها يقول: تُبْرِئُ من الجَرَب.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: لا يُعْدي شيءٌ شيئاً؛ فقال أَعرابيٌّ: يا رسول اللّه، إِنَّ النُّقْبةَ تكون بِمِشْفَرِ البَعيرِ، أَو بذَنَبِه في الإِبل العظيمة، فتَجْرَبُ كُلُّها؛ فقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فما أَعْدى الأَوّلَ؟ قال الأَصمعي: النُّقْبةُ هي أَوَّل جَرَبٍ يَبْدُو؛ يقال للبعير: به نُقْبة، وجمعها نُقْبٌ، بسكون القاف، لأَنها تَنْقُبُ الجِلْد أَي تَخْرِقُه. قال أَبو عبيد: والنُّقْبةُ، في غير هذا، أَن تُـؤْخذَ القِطْعةُ من الثوب، قَدْرَ السَّراويلِ، فتُجْعل لها حُجْزةٌ مَخِـيطَةٌ، من غير نَيْفَقٍ، وتُشَدّ كما تُشَدُّ حُجْزةُ السراويل، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ وساقانِ فهي سراويل، فإِذا لم يكن لها نَيْفَقٌ، ولا ساقانِ، ولا حُجْزة، فهو النِّطاقُ. ابن شميل: النُّقْبَةُ أَوَّلُ بَدْءِ الجَرَب، تَرَى الرُّقْعَة مثل الكَفِّ بجَنْبِ البَعير، أَو وَرِكِه، أَو بِمِشْفَره، ثم تَتَمَشَّى فيه، حتَّى تُشْرِيَه كله أَي تَمْلأَه؛ قال أَبو النجم يصف فحلاً: فاسْوَدَّ، من جُفْرتِه، إِبْطاها، * كما طَلى، النُّقْبةَ، طالِـياها أَي اسْوَدَّ من العَرَق، حينَ سال، حتى كأَنه جَرِبَ ذلك الموضعُ، فطُلِـيَ بالقَطِرانِ فاسْوَدَّ من العَرَق؛ والجُفْرةُ: الوَسَطُ.
والناقِـبةُ: قُرْحة تَخْرُجُ بالجَنْب. ابن سيده: النُّقْب قرْحة تَخْرج في الجَنْب، وتَهْجُمُ على الجوف، ورأْسُها من داخل.
ونَقَبَتْه النَّكْبةُ تَنْقُبه نَقْباً: أَصابته فبَلَغَتْ منه، كنَكَبَتْه.
والناقبةُ: داءٌ يأْخذ الإِنسانَ، من طُول الضَّجْعة.
والنُّقْبة: الصَّدَأُ.
وفي المحكم: والنُّقْبة صَدَأُ السيفِ والنَّصْلِ؛ قال لبيد: جُنُوءَ الهالِكِـيِّ على يَدَيْهِ، * مُكِـبّاً، يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ ويروى: جُنُوحَ الهالِكِـيِّ.
والنَّقْبُ والنُّقْبُ: الطريقُ، وقيل: الطريقُ الضَّيِّقُ في الجَبل، والجمع أَنْقابٌ، ونِقابٌ؛ أَنشد ثعلب لابن أَبي عاصية: تَطَاوَلَ لَيْلي بالعراقِ، ولم يكن * عَليَّ، بأَنْقابِ الحجازِ، يَطُولُ وفي التهذيب، في جمعه: نِقَبةٌ؛ قال: ومثله الجُرْفُ، وجَمْعُه جِرَفَةٌ.والـمَنْقَبُ والـمَنْقَبةُ، كالنَّقْبِ؛ والـمَنْقَبُ، والنِّقابُ: الطريق في الغَلْظِ؛ قال: وتَراهُنَّ شُزَّباً كالسَّعالي، * يَتَطَلَّعْنَ من ثُغُورِ النِّقابِ يكون جمعاً، ويكون واحداً.
والـمَنْقَبة: الطريق الضيق بين دارَيْنِ، لا يُسْتطاع سُلوكُه.
وفي الحديث: لا شُفْعةَ في فَحْل، ولا مَنْقَبةٍ؛ فسَّروا الـمَنْقبةَ بالحائط، وسيأْتي ذكر الفحل؛ وفي رواية: لا شُفْعةَ في فِناءٍ، ولا طريقٍ، ولا مَنْقَبة؛ الـمَنْقَبةُ: هي الطريق بين الدارين، كأَنه نُقِبَ من هذه إِلى هذه؛ وقيل: هو الطريق التي تعلو أَنْشازَ الأَرض.
وفي الحديث: إِنهم فَزِعُوا من الطاعون، فقال: أَرْجُو أَن لا يَطْلُع إِلينا نِقابَها؛ قال ابن الأَثير: هي جمع نَقْبٍ، وهو الطريق بين الجبلين؛ أَراد أَنه لا يَطْلُع إِلينا من طُرُق المدينة، فأَضْمَر عن غير مذكور؛ ومنه الحديث: على أَنْقابِ المدينةِ ملائكة، لا يَدْخُلُها الطاعُونُ، ولا الدجالُ؛ هو جمع قلة للنَّقْب. والنَّقْبُ: أَن يجمع الفرسُ قوائمه في حُضْرِه ولا يَبْسُطَ يديه، ويكون حُضْرُه وَثْباً.
والنَّقِـيبةُ النَّفْسُ؛ وقيل: الطَّبيعَة؛ وقيل: الخَليقةُ.
والنَّقِـيبةُ: يُمْنُ الفِعْل. ابن بُزُرْجَ: ما لهم نَقِـيبةٌ أَي نَفاذُ رَأْيٍ.
ورجل مَيْمونُ النَّقِـيبة: مباركُ النَّفْسِ، مُظَفَّرٌ بما يُحاوِلُ؛ قال ابن السكيت: إِذا كان مَيْمونَ الأَمْرِ، يَنْجَحُ فيما حاوَل ويَظْفَرُ؛ وقال ثعلب: إِذا كان مَيْمُون الـمَشُورة.
وفي حديث مَجْدِيِّ بن عمرو: أَنه مَيْمُونُ النَّقِـيبة أَي مُنْجَحُ الفِعَال، مُظَفَّرُ الـمَطالب. التهذيب في ترجمة عرك: يقال فلان مَيْمُونُ العَريكَة، والنَّقِـيبة، والنَّقِـيمة، والطَّبِـيعَةِ؛ بمعنًى واحد.
والـمَنْقَبة: كَرَمُ الفِعْل؛ يقال: إِنه لكريمُ الـمَناقِبِ من النَّجَدَاتِ وغيرها؛ والـمَنْقَبةُ: ضِدُّ الـمَثْلَبَةِ.
وقال الليث: النَّقِـيبةُ من النُّوقِ الـمُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً، بَيِّنةُ النِّقابةِ؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف، إِنما هي الثَّقِـيبَةُ، وهي الغَزيرَةُ من النُّوق، بالثاءِ.
وقال ابن سيده: ناقة نَقِـيبةٌ، عظيمةُ الضَّرْع.
والنُّقْبةُ: ما أَحاطَ بالوجه من دَوائره. قال ثعلب: وقيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليك؟ قالت: الـحَديدَةُ الرُّكْبةِ، القَبيحةُ النُّقْبةِ، الحاضِرَةُ الكِذْبةِ؛ وقيل: النُّقْبة اللَّوْنُ والوَجْهُ؛ قال ذو الرمة يصف ثوراً: ولاحَ أَزْهَرُ مَشْهُورٌ بنُقْبَتهِ، * كأَنـَّه، حِـينَ يَعْلُو عاقِراً، لَـهَبُ قال ابن الأَعرابي: فلانٌ مَيْمُونُ النَّقِـيبة والنَّقِـيمة أَي اللَّوْنِ؛ ومنه سُمِّيَ نِقابُ المرأَةِ لأَنه يَسْتُر نِقابَها أَي لَوْنَها بلَوْنِ النِّقابِ.
والنُّقْبةُ: خِرْقةٌ يجعل أَعلاها كالسراويل، وأَسْفَلُها كالإِزار؛ وقيل: النُّقْبةُ مثل النِّطَاقِ، إِلا أَنه مَخِـيطُ الـحُزَّة نَحْوُ السَّراويلِ؛ وقيل: هي سراويل بغير ساقَيْنِ. الجوهري: النُّقْبة ثَوْبٌ كالإِزار، يجعل له حُجْزة مَخِـيطةٌ من غير نَيْفَقٍ، ويُشَدُّ كما يُشَدُّ السراويل.
ونَقَبَ الثوبَ يَنْقُبه: جعله نُقْبة.
وفي الحديث: أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها؛ هي السراويلُ التي تكون لها حُجْزةٌ، من غير نَيْفَقٍ، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ، فهي سَراويلُ.
وفي حديث ابن عمر: أَنَّ مَوْلاةَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ من كل شيءٍ لها، وكلِّ ثوب عليها، حتى نُقْبَتِها، فلم يُنْكِرْ ذلك.
والنِّقابُ: القِناع على مارِنِ الأَنْفِ، والجمع نُقُبٌ.
وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ، وانْتَقَبَتْ، وإِنها لَـحَسَنة النِّقْبة، بالكسر.
والنِّقابُ: نِقابُ المرأَة. التهذيب: والنِّقابُ على وُجُوهٍ؛ قال الفراء: إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ نِقابَها إِلى عَيْنها، فتلك الوَصْوَصَةُ، فإِن أَنْزَلَتْه دون ذلك إِلى الـمَحْجِرِ، فهو النِّقابُ، فإِن كان على طَرَفِ الأَنْفِ، فهو اللِّفَامُ.
وقال أَبو زيد: النِّقابُ على مارِنِ الأَنْفِ.
وفي حديث ابن سِـيرِين: النِّقاب مُحْدَثٌ؛ أَراد أَنَّ النساءَ ما كُنَّ يَنْتَقِـبْنَ أَي يَخْتَمِرْن؛ قال أَبو عبيد: ليس هذا وجهَ الحديث، ولكن النِّقابُ، عند العرب، هو الذي يبدو منه مَحْجِرُ العين، ومعناه أَنَّ إِبداءَهُنَّ الـمَحَاجِرَ مُحْدَثٌ، إِنما كان النِّقابُ لاحِقاً بالعين، وكانت تَبْدُو إِحدى العينين، والأُخْرَى مستورة، والنِّقابُ لا يبدو منه إِلا العينان، وكان اسمه عندهم الوَصْوَصَةَ، والبُرْقُعَ، وكان من لباسِ النساءِ، ثم أَحْدَثْنَ النِّقابَ بعدُ؛ وقوله أَنشده سيبويه: بأَعْيُنٍ منها مَلِـيحاتِ النُّقَبْ، * شَكْلِ التِّجارِ، وحَلالِ الـمُكْتَسَبْ يروى: النُّقَبَ والنِّقَبَ؛ رَوَى الأُولى سيبويه، وروى الثانيةَ الرِّياشِـيُّ؛ فَمَن قال النُّقَب، عَنَى دوائرَ الوجه، ومَن قال النِّقَب، أَرادَ جمعَ نِقْبة، مِن الانتِقاب بالنِّقاب.
والنِّقاب: العالم بالأُمور.
ومن كلام الحجاج في مُناطَقَتِه للشَّعْبِـيِّ: إِن كان ابنُ عباس لنِقَاباً، فما قال فيها؟ وفي رواية: إِن كان ابن عباس لمِنْقَباً. النِّقابُ، والـمِنْقَبُ، بالكسر والتخفيف: الرجل العالم بالأَشياءِ، الكثيرُ البَحْثِ عنها، والتَّنْقِـيبِ عليها أَي ما كان إِلا نِقاباً. قال أَبو عبيد: النِّقابُ هو الرجل العَلاَّمة؛ وقال غيره: هو الرَّجُل العالمُ بالأَشياءِ، الـمُبَحِّث عنها، الفَطِنُ الشَّديدُ الدُّخُولِ فيها؛ قال أَوْسُ بن حَجَر يَمْدَحُ رجلاً: نَجِـيحٌ جَوادٌ، أَخُو مَـأْقَطٍ، * نِقابٌ، يُحَدِّثُ بالغائِبِ وهذا البيت ذكره الجوهري: كريم جواد؛ قال ابن بري: الرواية: نَجِـيحٌ مَلِـيحٌ، أَخو مأْقِطٍ قال: وإِنما غيره من غيره، لأَنه زعم أَن الملاحة التي هي حُسْن الخَلْق، ليست بموضع للمدح في الرجال، إِذ كانت الـمَلاحة لا تجري مجرى الفضائل الحقيقية، وإِنما الـمَلِيحُ هنا هو الـمُسْتَشْفَى برأْيه، على ما حكي عن أَبي عمرو، قال ومنه قولهم: قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بهم.
وقال غيره: الـمَلِـيحُ في بيت أَوْسٍ، يُرادُ به الـمُسْتَطابُ مُجالَسَتُه.
ونَقَّبَ في الأَرض: ذَهَبَ.
وفي التنزيل العزيز: فَنَقَّبُوا في البلاد هل من مَحِـيصٍ؟ قال الفَرَّاء: قرأَه القُراء فَنَقَّبوا(1) (1 قوله «قرأه الفراء إلخ» ذكر ثلاث قراءات: نقبوا بفتح القاف مشددة ومخففة وبكسرها مشددة، وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الانقاب حتى لزمهم الوصف به.)، مُشَدَّداً؛ يقول: خَرَقُوا البلادَ فساروا فيها طَلَباً للـمَهْرَبِ، فهل كان لهم محيصٌ من الموت؟ قال: ومن قرأَ فَنَقِّبوا، بكسر القاف، فإِنه كالوعيد أَي اذْهَبُوا في البلاد وجِـيئُوا؛ وقال الزجاج: فنَقِّـبُوا، طَوِّفُوا وفَتِّشُوا؛ قال: وقرأَ الحسن فنَقَبُوا، بالتخفيف؛ قال امرؤ القيس: وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ، حتى * رَضِـيتُ من السَّلامةِ بالإِيابِ أَي ضَرَبْتُ في البلادِ، أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ. ابن الأَعرابي: أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سار في البلاد؛ وأَنْقَبَ إِذا صار حاجِـباً؛ وأَنْقَبَ إِذا صار نَقِـيباً.
ونَقَّبَ عن الأَخْبار وغيرها: بَحَثَ؛ وقيل: نَقَّبَ عن الأَخْبار: أَخْبر بها.
وفي الحديث: إِني لم أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناسِ أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ.
والنَّقِـيبُ: عَريفُ القوم، والجمعُ نُقَباءُ.
والنَّقيب: العَريفُ، وهو شاهدُ القوم وضَمِـينُهم؛ ونَقَبَ عليهم يَنْقُبُ نِقابةً: عَرَف.
وفي التنزيل العزيز: وبَعَثْنا منهم اثْنَيْ عَشر نَقِـيباً. قال أَبو إِسحق: النَّقِـيبُ في اللغةِ كالأَمِـينِ والكَفِـيلِ. النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً .
ويقال: نَقَبَ الرجلُ على القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً، مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً، فهو نَقِـيبٌ؛ وما كان الرجلُ نَقِـيباً، ولقد نَقُبَ. قال الفراء: إِذا أَردتَ أَنه لم يكن نَقِـيباً ففَعَل، قلت: نَقُبَ، بالضم، نَقابة، بالفتح. قال سيبويه: النقابة، بالكسر، الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الوِلاية والوَلاية.
وفي حديث عُبادة بن الصامت: وكان من النُّقباءِ؛ جمع نَقِـيبٍ، وهو كالعَرِيف على القوم، الـمُقَدَّم عليهم، الذي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم، ويُنَقِّبُ عن أَحوالهم أَي يُفَتِّشُ.
وكان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد جَعلَ، ليلةَ العَقَبَةِ، كلَّ واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نَقيباً على قومه وجماعته، ليأْخُذوا عليهم الإِسلامَ ويُعَرِّفُوهم شَرائطَه، وكانوا اثني عشر نَقيباً كلهم من الأَنصار، وكان عُبادة بن الصامت منهم.
وقيل: النَّقِـيبُ الرئيسُ الأَكْبَرُ.
وقولهم: في فلانٍ مَنَاقِب جميلةٌ أَي أَخْلاقٌ.
وهو حَسَنُ النَّقِـيبةِ أَي جميلُ الخليقة.
وإِنما قيل للنَّقِـيب نَقيبٌ، لأَنه يعلم دخيلةَ أَمرِ القوم، ويعرف مَناقبهم، وهو الطريقُ إِلى معرفة أُمورهم. قال: وهذا الباب كلُّه أَصلُه التأْثِـيرُ الذي له عُمْقٌ ودُخُولٌ؛ ومن ذلك يقال: نَقَبْتُ الحائط أَي بَلغت في النَّقْب آخرَه.
ويقال: كَلْبٌ نَقِـيبٌ، وهو أَن يَنْقُبَ حَنْجَرَةَ الكلبِ، أَو غَلْصَمَتَه، ليَضْعُفَ صوتُه، ولا يَرْتَفِـع صوتُ نُباحِه، وإِنما يفعل ذلك البُخلاء من العرب، لئلا يَطْرُقَهم ضَيْفٌ، باستماع نُباح الكلاب.
والنِّقَابُ: البطنُ. يقال في الـمَثل، في الاثنين يَتَشَابَهانِ: فَرْخَانِ في نِقابٍ.
والنَّقِـيبُ: الـمِزْمارُ.
وناقَبْتُ فلاناً إِذا لَقِـيتَه فَجْـأَةً.
ولَقِـيتُه نِقاباً أَي مُواجَهة؛ ومررت على طريق فَناقَبَني فيه فلانٌ نِقاباً أَي لَقِـيَني على غير ميعاد، ولا اعتماد.
وورَدَ الماءَ نِقاباً، مثل التِقاطاً إِذا ورَد عليه من غير أَن يَشْعُرَ به قبل ذلك؛ وقيل: ورد عليه من غير طلب.
ونَقْبٌ: موضع؛ قال سُلَيْكُ بنُ السُّلَكَة: وهُنَّ عِجَالٌ من نُباكٍ، ومن نَقْبِ

صدق (لسان العرب) [0]


الصِّدْق: نقيض الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً وصِدْقاً وتَصْداقاً.
وصَدَّقه: قَبِل قولَه.
وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق؛ قال الأَعشى: فصدَقْتُها وكَذَبْتُها، والمَرْءُ يَنْفَعُه كِذابُهْ ويقال: صَدَقْتُ القومَ أي قلت لهم صِدْقاً، وكذلك من الوعيد إذا أَوقعت بهم قلت صَدَقْتُهم.
ومن أَمثالهم: الصِّدقُ ينبئُ عنك لا الوَعِيد.
ورجل صَدُوقٌ: أبلغ من الصادق.
وفي المثل: صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه؛ وأَصله أن رجلاً أَراد بيع بَكْرٍ له فقال للمشتري: إنه جمل، فقال المشتري: بل هو بَكْرٌ، فينما هما كذلك إذ ندَّ البكر فصاح به صاحِبُه: هِدَعْ وهذه كلمة يسكَّن بها صغار الإبل إذا نفرت، وقيل: يسكن بها البَكارة خاصَّة، فقال المشتري: صدقَني سِنَّ بَكْرِه.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: . . . أكمل المادة صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه.؛ وهو مثل يضرب للصادق في خبره.
والمُصَدِّقُ: الذي يُصَدِّقُك في حديثك.
وكَلْبٌ تقلب الصاد مع القاف زاياً، تقول ازْدُقْني أي اصْدُقْني، وقد بيَّن سيبويه هذا الضرب من المضارعة في باب الإدغام.
وقوله تعالى: لِيَسْأَلَ الصَّادِقينَ عن صِدْقِهم؛ تأْويله ليسأل المُبَلِّغين من الرسل عن صِدْقِهم في تبليغهم، وتأْويل سؤالهم التبكيتُ للذين كفروا بهم لأن الله تعالى يعلم أَنهم صادِقُون.
ورجل صِدْقٌ وامرأَة صِدْقٌ: وُصِفا بالمصدر، وصِدْقٌ صادِقٌ كقولهم شِعْرٌ شاعِرٌ، يريدون المبالغة والإشارة.
والصِّدِّيقُ، مثال الفِسَّيق: الدائمُ التَّصْدِيقِ، ويكون الذي يُصَدِّقُ قولَه بالعمل؛ ذكره الجوهري، ولقد أَساء التمثيل بالفِسِّيق في هذا المكان.
والصِّدِّيقُ: المُصَدِّقُ.
وفي التنزيل: وأُمُّه صِدِّيقةٌ أي مبالغة في الصِّدْق والتَّصْديِقِ على النسب أي ذات تَصْدِيق.
وقوله تعالى: والذي جاء بالصِّدْقِ وصَدَّق به. روي عن علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، أنه قال: الذي جاء بالصِّدْق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، والذي صَدَّقَ به أَبو بكر، رضي الله عنه، وقيل: جبرئيل ومحمد، عليهما الصلاة والسلام، وقيل: الذي جاء بالصدق محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، وصَدَّقَ به المؤمنون. الليث: كل من صَدَّقَ بكل أَمر الله لا يَتخالَجُه في شيء منه شكٌّ وصَدَّقَ النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو صِدِّيقٌ، وهو قول الله عز وجل: والصِّدِّيقون والشُّهَداء عند ربهم.
والصِّدِّيقُ: المبالغ في الصِّدْق.
وفلان لا يَصْدُق أَثَرُهُ وأَثَرَهَ كَذِباً أي إذا قيل له من أين جئت قال فلم يَصْدُقْ.
ورجلٌ صَدْقٌ: نقيض رجل سَوْءٌ، وكذلك ثوبٌ صَدْقٌ وخمار صَدْقٌ؛ حكاه سيبويه.
ويقال: رجُلُ صِدْقٍ، مضاف بكسر الصاد، ومعناه نِعم الرجل هو، وامرأَةُ صِدْقٍ كذلك، فإن جعلته نعتاً قلت هو الرجل الصَّدْقُ، وهي صَدْقةٌ، وقوم صَدْقون ونساء صَدْقات؛ وأَنشد: مَقْذوذة الآذانِ صَدْقات الحَدَقْ أي نافذات الحدق؛ وقال رؤبة يصف فرساً: والمراي الصدق يبلي الصدقا (* قوله «المراي الصدق إلخ» هكذا في الأصل، وفي نسخة المؤلف من شرح القاموس: والمري إلخ).
وقال الفراء في قوله تعالى: ولقد صَدَقَ عليهم إبليسُ ظَنَّه؛ قرئ بتخفيف الدال ونصْبِ الظن أَي صَدَقَ عليهم في ظنه، ومن قرأَ: ولقد صَدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه؛ فمعناه أَنه حقق ظنه حين قال: ولأُضِلَّنَّهم ولأُمَنِّيَنَّهم، لأنه قال ذلك ظانّاً فحققه في الضالين. أَبو الهيثم: صَدَقَني فلانٌ أي قال لي الصِّدْقَ، وكَذَبَني أي قال لي الكذب.
ومن كلام العرب: صَدَقْتُ الله حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا؛ المعنى لا صَدَقْتُ اللهَ حديثاً إن لم أَفعل كذا وكذا.
والصَّداقةُ والمُصادَقةُ: المُخالّة.
وصَدَقَه النصيحةَ والإخاء: أَمْحَضه له.
وصادَقْتُه مُصادَقةً وصِداقاً: خالَلْتُه، والاسم الصَّداقة.
وتصادَقا في الحديث وفي المودّة، والصَّداقةُ مصدر الصَّدِيق، واشتقاقُه أَنه صَدَقَه المودَّة والنصيحةَ.
والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لك، والجمع صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ؛ قال عمارة بن طارق: فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ، يُبْذَلُ للجيرانِ والأصادِقِ وقال جرير: وأَنْكَرْتَ الأصادِقَ والبلادا وقد يكون الصَّدِيقُ جمعاً وفي التنزيل: فما لنا من شافِعين ولا صَديقٍ حَميم؛ ألا تراه عطفه على الجمع؟ وقال رؤبة: دعْها فما النَّحْويُّ من صَدِيِقها والأُنثى صديق أَيضاً؛ قال جميل: كأنْ لم نُقاتِلْ يا بُثَيْنُ لَوَ انَّها تُكَشَّفُ غُمَاها، وأنتِ صَديق وقال كُثَيّر فيه: لَيالَي من عَيْشٍ لَهَوْنا بِوَجْهِه زَماناً، وسُعْدى لي صَدِيقٌ مُواصِلُ وقال آخر: فلو أَنَّكِ في يوم الرَّخاء سَأَلْتِني فِراقَكَ، لم أَبْخَلْ، وأنتِ صَدِيقُ وقال آخر في جمع المذكر: لعَمْري لَئِنْ كُنْتْم على النَّأْيِ والنَّوى بِكُم مِثْلُ ما بي، إِنّكم لَصَدِيقُ وقيل صَدِيقةٌ؛ وأَنشد أَبو زيد والأَصمعي لَقَعْنَب بن أُمّ صاحب: ما بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ ليس لهم دِينٌ، وليس لهم عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنوا؟ ويقال: فلان صُدَيِّقِي أَي أَخَصُّ أَصْدِقائي وإِنما يصغر على جهة المدح كقول حباب بن المنذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وقد يقال للواحد والجمع والمؤنث صَدِيقٌ؛ قال جرير: نَصَبْنَ الهَوى ثم ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وهُنَّ صَدِيقُ أَوانِس، أَمّا مَنْ أَرَدْنَ عناءَه فعانٍ، ومَنْ أَطْلَقْنه فطَلِيقُ وقال يزيد بن الحكم في مثله: ويَهْجُرْنَ أََقْواماً، وهُنَّ صَدِيقُ والصَّدْقُ: الثَّبْتُ اللقاء، والجمع صُدْق، وقد صَدَقَ اللقاءَ صَدْقاً؛ قال حسان بن ثابت: صلَّى الإِلهُ على ابنِ عَمْروٍ إِنِّه صَدَقَ اللِّقاءَ، وصَدْقُ ذلك أَوفقُ ورجل صَدْقُ اللقاء وصَدْقُ النظر وقوم صُدْقٌ، بالضم: مثل فرس وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ وجَوْن وجُون.
وصَدَقُوهم القِتالَ: أَقدموا عليهم، عادَلُوا بها ضِدَّها حين قالوا كَذَبَ عنه إِذا أَحجم، وحَمْلةٌ صادِقةٌ كما قالوا ليست لها مكذوبة؛ فأَما قوله: يَزِيد زادَ الله في حياته، حامِي نزارٍ عند مَزْدُوقاتِه فإِنه أَراد مَصْدُوقاتِهِ فقلب الصاد زاياً لضرب من المضارعة.
وصَدَقَ الوَحْشِي إِذا حملت عليه فعدا ولم يلت،ت.
وهذا مِصْداقُ هذا أَي ما يُصَدِّقُه.
ورجل ذو مَصْدَقٍ، بالفتح، أَي صادقُ الحَمْلِة، يقال ذلك للشجاع والفرسِ الجَوادِ، وصادِقُ الجَرْي: كأَنه ذو صِدْقٍ فيما يَعِدُكَ من ذلك؛ قال خفاف ابن ندبة: إِذا ما استْحَمَّتْ أَرْضُه من سَمائِهِ جَرى، وهو مَوْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ يقول: إِذا ابتلَّت حوافره من عَرق أَعاليه جرى وهو متروك لا يُضرب ولا يزجر ويصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية؛ وقول أَبي ذؤيب: نَماه من الحَيَّيْنِ قرْدٌ ومازنٌ لُيوثٌ، غداةَ البَأْس، بيضٌ مَصادِقُ يجوز أَن يكون جمع صَدْق على غير قياس كمَلامح ومَشابِه، ويجوز أَن يكون على حذف المضاف أَي ذو مَصادِق فحذف، وكذلك الفرس، وقد يقال ذلك في الرأْي.
والمَصْدَق أَيضاً: الجِدُّ، وبه فسر بعضهم قول دريد: وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القومِ مَصْدَقاً، وطُولُ السُّرى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ ويروى ذَرِّيّ.
والمَصْدَق: الصلابة؛ عن ثعلب.
ومِصْداق الأَمر: حقيقتُه.والصَّدْق، بالفتح: الصلب من الرماح وغيرها.
ورمح صَدْقٌ: مستوٍ، وكذلك سيف صَدْق؛ قال أَبو قيس بن الأَسلت السلمي: صَدْقٍ حُسامٍ وادقٍ حَدُّه، ومُحْنإٍ أَسْمَرَ قرَّاعِ قال ابن سيده: وظن أَبو عبيد الصَّدْقَ في هذا البيت الرمحَ فغلط؛ وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه أَنشده لكعب: وفي الحِلْم إِدْهانٌ، وفي العَفُو دُرْسةٌ، وفي الصِّدْق مَنْجاةٌ من الشرِّ، فاصْدُقِ قال: الصِّدْقُ ههنا الشجاعة والصلابة؛ يقول: إِذا صَلُبْت وصَدَقْت انهزم عنك من تَصْدُقه، وإِن ضعفت قَوي عليك واستمكن منك؛ روى ابن بري عن ابن درستويه قال: ليس الصِّدق من الصلابة في شيء، ولكن أَهل اللغة أَخذوه من قول النابغة: في حالِك اللَّوْن صَدْق غير ذي أمَد قال: وإِنما الصِّدْقُ الجامع للأَوصاف المحمودة، والرمح يوصف بالطول واللين والصلابة ونحو ذلك. قال الخليل: الصَّدْقُ الكامل من كل شيء. يقال: رجل صَدْقٌ وامرأَة صَدْقة؛ قال ابن درستويه؛ وإِنما هذا بمنزلة قولك رجل صَدْقٌ وامرأَة صَدْقٌ، فالصَّدْق من الصِّدْق بعينه، والمعنى أَنه يَصْدُق في وصفه من صلابة وقوة وجودة، قال: ولو كان الصِّدْق الصُّلْبَ لقيل حجر صَدْقٌ وحديد صَدْق، قال: وذلك لا يقال.
وصَدَقاتُ الأَنعامِ: أَحدُ أَثمان فرائضها التي ذكرها الله تعالى في الكتاب.
والصَّدَقة: ما تصَدَّقْت به على للفقراء .
والصَّدَقة: ما أَعطيته في ذات الله للفقراء.
والمُتَصَدِّق: الذي يعطي الصِّدَقَةَ.
والصَّدَقة: ما تصَدَّقْت به على مسكين، وقد تَصَدَّق عليه، وفي التنزيل: وتَصَدَّقْ علينا، وقيل: معنى تصدق ههنا تفَضَّلْ بما بين الجيّد والرديء كأَنهم يقولون اسمح لنا قبولَ هذه البضاعة على رداءتها أَو قلَّتها لأَن ثعلب فسر قوله تعالى: وجِئْنا بِبضاعةٍ مُزْجاةٍ فأَوْفِ لنا الكيلَ وتَصَدَّقْ علينا، فقال: مزجاة فيها اغماض ولم يتم صلاحُها، وتَصَدَّقْ علينا قال: فَضِّل ما بين الجيّد والرديء.
وصَدَّق عليه: كتَصَدَّق، أَراه فَعَّل في معنى تَفَعَّل.
والمُصَدِّق: القابل للصَّدقة، ومررت برجل يسأَل ولا تقل برجل يَتَصَدَّق، والعامة تقوله، إِنما المُتَصَدِّق الذي يعطي الصَّدَقة.
وقوله تعالى: إِن المُصَّدِّقِين والمُصَّدَّقات، بتشديد الصاد، أَصله المُتَصَدِّقِين فقلبت التاء صاداً فأُدغمت في مثلها؛ قال ابن بري: وذكر ابن الأَنباري أَنه جاء تَصَدَّق بمعنى سأَل؛ وأَنشد: ولَوَ انَّهم رُزِقُوا على أَقْدارِهِم، لَلَقِيتَ أَكثَر مَنْ تَرى يَتَصَدَّقُ وفي الحديث لما قرأ: ولتنظُرْ نفسٌ ما قدَّمت لِغدٍ، قال: تصَدَّق رجل من دينارِه ومن دِرْهمِه ومن ثوبه أَي ليتصدق، لفظه الخبر ومعناه الأَمر كقولهم أَنجز حُرٌّ ما وعد أَي ليُنْجِزْ.
والمُصَدِّقُ: الذي يأْخذ الحُقوقَ من الإِبل والغنم. يقال: لا تشترى الصدَقَةُ حتى يَعْقِلَها المُصَدِّقُ أَي يقبضها، والمعطي مُتَصَدِّق والسائل مُتَصَدِّق هما سواء؛ قال الأَزهري: وحُذَّاق النحويين ينكرون أَن يقال للسائل مُتَصَدِّق ولا يجيزونه؛ قال ذلك الفراء والأَصمعي وغيرهما.
والمُتصَدِّق: المعطي؛ قال الله تعالى: وتَصَدَّقْ علينا إِنَّ الله يَجْزِي المُتَصَدِّقِين، ويقال للذي يقبض الصَّدَقات ويجمعها لأَهل السُّهْمان مُصَدِّق، بتخفيف الصاد، وكذلك الذي ينسب المُحدِّث إِلى الصِّدْق مُصَدِّق، بالتخفيف قال الله تعالى: أَئِنَّك لمن المُصَدِّقِين، الصاد خفيفة والدال شديدة، وهو من تَصْديِقِك صاحِبَك إِذا حدَّثك؛ وأَما المُصَّدِّق، بتشديد الصاد والدال، فهو المُتَصَدِّق أُدغمت التاء في الصاد فشددت. قال الله تعالى: إِنَّ المُصَّدِّقِينَ والمُصَّدِّقاتِ وهم الذين يُعْطون الصَّدَقات.
وفي حديث الزكاة: لا تُؤْخَذُ في الصَّدَقةِ هَرِمةٌ ولا تَيْسٌ إِلاَّ أَن يشاءَ المُصَدَّقُ؛ رواه أَبو عبيد بفتح الدال والتشديد، يُرِيد صاحبَ الماشية الذي أُخذت صَدقةُ ماله، وخالَفه عامة الرُّواة فقالوا بكسر الدال، وهو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أَربابها، صَدَّقَهم يُصَدِّقُهم، فهو مُصَدِّقٌ؛ وقال أَبو موسى: الرواية بتشديد الصاد والدال معاً وكسر الدال، وهو صاحب المال، وأَصله المُتَصَدِّق فأُدغمت التاء في الصاد، والاستثناءُ من التَّيْسِ خاصة، فإِنَّ الهَرِمة وذات العُوَّار لا يجوز أَخذها في الصدقة إِلاَّ أَن يكون المال كله كذلك عند بعضهم، وهذا إِنما يتجه إِذا كان الغرض من الحديث النهي عن أَخذ التيس لأَنه فحل المَعَز، وقد نهي عن أَخذ الفحل في الصدقة لأَنه مُضِرٌّ برَبِّ المال لأَنه يَعِزُّ عليه إِلاَّ أَن يسمح به فيؤْخذ؛ قال ابن الأَثير: والذي شرحه الخطابي في المعالم أَن المُصَدِّق، بتخفيف الصاد، العاملُ وأَنه وكيل الفقراء في القبض فله أَن يتصرف بهم بما يراه مما يؤَدِّي إِليه اجتهاده.
والصَّدَقةُ والصَّدُقةُ والصُّدُقةُ والصُّدْقةُ، بالضم وتسكين الدال، والصَّدْقةُ والصَّداقُ والصِّداقُ: مهر المرأَة، وجمعها في أَدنى العدد أَصْدِقةٌ، والكثير صُدُقٌ، وهذان البناءَ ان إِنما هما على الغالب.
وقد أَصْدَق المرأَةَ حين تزوَّجها أَي جعل لها صَداقاً، وقيل: أَصْدَقَها سمَّى لها صَداقاً. أَبو إِسحق في قوله تعالى: وآتوا النساءَ صَدُقاتِهنَّ نِحْلةً؛ الصَّدُقات جمع الصَّدُقةِ، ومن قال صُدْقة قال صُدْقاتِهنَّ، قال: ولا يقرأُ من هذه اللغات بشيء إِن القراءَة سنَّة.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُغالُوا في الصَّدُقاتِ؛ هي جمع صَدُقة وهو مهر المرأَة؛ وفي رواية: لا تُغالُوا في صُدُق النساء، جمع صَداقٍ.
وفي الحديث: وليس عند أَبَوَيْنا ما يُصْدِقانِ عَنَّا أَي يُؤدِّيانِ إِلى أَزواجنا الصَّداقَ.
والصَّيْدَقُ، على مثال صَيْرف: النجمُ الصغير اللاصق بالوُسْطَى من نبات نعش الكبرى؛ عن كراع، وقال شمر: الصَّيْدقُ الأَمِينُ؛ وأَنشد قول أُمية: فيها النجومُ تُطِيعُ غير مُراحةٍ، ما قال صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ وقال أَبو عمرو: الصَّيْدَقُ القطب، وقيل المَلِك، وقال يعقوب: هي الصُّنْدوق والجمع الصَّنادِيق.

حبر (لسان العرب) [0]


الحِبْرُ: الذي يكتب به وموضعه المِحْبَرَةُ، بالكسر (* قوله: «وموضعه المحبرة بالكسر» عبارة المصباح: وفيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم والباء، والثانية ضم الباء، والثالثة كسر الميم لأنها آلة مع فتح الباء). في الجَمالِ والبَهاء.
وسأَل عبدالله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال: هو الرجل الصالح، وجمعه أَحْبَارٌ وحُبُورٌ؛ قال كعب بن مالك: لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ، كذاكَ الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ وكل ما حَسُنَ من خَطٍّ أَو كلام أَو شعر أَو غير ذلك، فقد حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ.
وكان يقال لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ في الجاهلية: مُحَبِّرٌ، لتحسينه الشِّعْرَ، وهو مأْخوذ من التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ.
وتحبير الخط والشِّعرِ وغيرهما: تحسينه. الليث: . . . أكمل المادة حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه، وفي حديث أَبي موسى: لو علمت أَنك تسمع لقراءتي لحَبَّرْتُها لك تَحْبِيراً؛ يريد تحسين الصوت.
وحَبَّرتُ الشيء تَحْبِيراً إِذا حَسَّنْتَه. قال أَبو عبيد: وأَما الأَحْبارُ والرُّهْبان فإِن الفقهاء قد اختلفوا فيهم، فبعضهم يقول حَبْرٌ وبعضهم يقول حِبْرٌ، وقال الفراء: إِنما هو حِبْرٌ، بالكسر، وهو أَفصح، لأَنه يجمع على أَفْعالٍ دون فَعْلٍ، ويقال ذلك للعالم، وإِنما قيل كعب الحِبْرِ لمكان هذا الحِبْرِ الذي يكتب به، وذلك أَنه كان صاحب كتب. قال: وقال الأَصمعي لا أَدري أَهو الحِبْرُ أَو الحَبْر للرجل العالم؛ قال أَبو عبيد: والذي عندي أَنه الحَبر، بالفتح، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه. قال: وهكذا يرويه المحدّثون كلهم، بالفتح.
وكان أَبو الهيثم يقول: واحد الأَحْبَارِ حَبْرٌ لا غير، وينكر الحِبْرَ.
وقال ابن الأَعرابي: حِبْرٌ وحَبْرٌ للعالم، ومثله بِزرٌ وبَزْرٌ وسِجْفٌ وسَجْفٌ. الجوهري: الحِبْرُ والحَبْرُ واحد أَحبار اليهود، وبالكسر أَفصح؛ ورجل حِبْرٌ نِبْرٌ؛ وقال الشماخ: كما خَطَّ عِبْرانِيَّةً بيمينه بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثم عَرِّضَ أَسْطُرَا رواه الرواة بالفتح لا غير؛ قال أَبو عبيد: هو الحبر، بالفتح، ومعناه العالم بتحبير الكلام.
وفي الحديث: سميت سُورةَ المائدة وسُورَةَ الأَحبار لقوله تعالى فيها: يحكم بها النبيون الذي أَسلموا للذين هادوا والربانيون والأَحْبَارُ؛ وهم العلماء، جمع حِبْرٍ وحَبْر، بالكسر والفتح، وكان يقال لابن عباس الحَبْرُ والبَحْرُ لعلمه؛ وفي شعر جرير: إِنَّ البَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ لا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ أَي لا يَفِيانِ بالعهود، يعني قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا أَوْفُوا بالعُقُودِ.
والتَّحْبِيرُ: حُسْنُ الخط؛ وأَنشد الفرّاء فيما روى سلمة عنه: كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْماً، يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ ابن سيده: وكعب الحِبْرِ كأَنه من تحبير العلم وتحسينه.
وسَهْمٌ مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي.
والحَبْرُ والسَّبْرُ والحِبْرُ والسِّبْرُ، كل ذلك: الحُسْنُ والبهاء.
وفي الحديث: يخرج رجل من أَهل البهاء قد ذهب حِبْرُه وسِبْرُه؛ أَي لونه وهيئته، وقيل: هيئته وسَحْنَاؤُه، من قولهم جاءت الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسْبَارِ، وقيل: هو الجمال والبهاء وأَثَرُ النِّعْمَةِ.
ويقال: فلان حَسَنُ الحِبْر والسَّبْرِ والسِّبْرِ إِذا كان جيملاً حسن الهيئة؛ قال ابن أَحمر وذكر زماناً: لَبِسْنا حِبْرَه، حتى اقْتُضِينَا لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا أَي لبسنا جماله وهيئته.
ويقال: فلان حسن الحَبْر والسَّبْرِ، بالفتح أَيضاً؛ قال أَبو عبيد: وهو عندي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مصدر حَبَرْتُه حَبْراً إِذا حسنته، والأَوّل اسم.
وقال ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الحِبْر والسِّبْر أَي حسن البشرة. أَبو عمرو: الحِبْرُ من الناس الداهية وكذلك السِّبْرُ.
والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَة والحُبُور، كله: السُّرور؛ قال العجاج: الحمدُ للهِ الذي أَعْطى الحَبَرْ ويروى الشَّبَرْ مِن قولهم حَبَرَني هذا الأَمْرُ حَبْراً أَي سرني، وقد حرك الباء فيهما وأَصله التسكين؛ ومنه الحَابُورُ: وهو مجلس الفُسَّاق.
وأَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني.
والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النِّعْمَةُ، وقد حُبِرَ حَبْراً.
ورجل يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ من الحُبُورِ. أَبو عمرو: اليَحْبُورُ الناعم من الرجال، وجمعه اليَحابِيرُ مأْخوذ من الحَبْرَةِ وهي النعمة؛ وحَبَرَه يَحْبُره، بالضم، حَبْراً وحَبْرَةً، فهو مَحْبُور.
وفي التنزيل العزيز: فهم في رَوْضَةٍ يُحْبَرُون؛ أَي يُسَرُّونَ، وقال الليث: يُحْبَرُونَ يُنَعَّمُونَ ويكرمون؛ قال الزجاج: قيل إِن الحَبْرَةَ ههنا السماع في الجنة.
وقال: الحَبْرَةُ في اللغة كل نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ مُحَسَّنَةٍ.
وقال الأَزهري: الحَبْرَةُ في اللغة النَّعمَةُ التامة.
وفي الحديث في ذكر أَهل الجنة: فرأَى ما فيها من الحَبْرَة والسرور؛ الحَبْرَةُ، بالفتح: النِّعْمَةُ وسعَةُ العَيْشِ، وكذلك الحُبُورُ؛ ومنه حديث عبدالله: آل عِمْرَانَ غِنًى والنِّساءُ مَحْبَرَةَ أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ والسرور.
وقال الزجاج في قوله تعالى: أَنتم وأَزواجكم تُحْبَرُون؛ معناه تكرمون إِكراماً يبالغ فيه.
والحَبْرَة: المبالغة فيما وُصِفَ بجميل، هذا نص قوله.
وشَيْءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ: قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنَانِهِ، كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ وثوب حَبِيرٌ: جديد ناعم؛ قال الشماخ يصف قوساً كريمة على أَهلها: إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ حَبِيراً، وَلَمْ تُدْرَجْ عليها المَعَاوِزُ والجمع كالواحد.
والحَبِيرُ: السحاب، وقيل: الحَبِيرُ من السحاب الذي ترى فيه كالتَّثْمِيرِ من كثرة مائه. قال الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بمعنى السحاب فلا أَعرفه؛ قال فإِن كان أَخذه من قول الهذلي: تَغَذَّمْنَ في جَانِبَيْهِ الخَبِيـ رَلَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا فهو بالخاء، وسيأْتي ذكره في مكانه.
والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ من برود اليمن مُنَمَّر، والجمع حِبَرٌ وحِبَرات. الليث: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضرب من البرود اليمانية. يقال: بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مثل عِنَبَةٍ، على الوصف والإِضافة؛ وبُرُود حِبَرَةٌ. قال: وليس حِبَرَةٌ موضعاً أَو شيئاً معلوماً إِنما هو وَشْيٌ كقولك قَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما خَطَبَ خديجة، رضي الله عنها، وأَجابته استأْذنت أَباها في أَن تتزوجه، وهو ثَمِلٌ، فأَذن لها في ذلك وقال: هو الفحْلُ لا يُقْرَعُ أَنفُهُ، فنحرت بعيراً وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ بُرْداً أَحْمَرَ، فلما صحا من سكره قال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ وهذا العَقِيرُ؟ أَراد بالحبير البرد الذي كسته، وبالعبير الخَلُوقَ الذي خَلَّقَتْهُ، وبالعقير البعيرَ المَنْحُورَ وكان عُقِرَ ساقُه.
والحبير من البرود: ما كان مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً.
وفي حديث أَبي ذر: الحمد لله الذي أَطعمنا الحَمِير وأَلبسنا الحبير.
وفي حديث أَبي هريرة: حين لا أَلْبَسُ الحَبيرَ.
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الحواميم في القرآن كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ في الثياب.
والحِبْرُ: بالكسر: الوَشْيُ؛ عن ابن الأَعرابي.
والحِبْرُ والحَبَرُ: الأَثَرُ من الضِّرْبَة إِذا لم يدم، والجمع أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وهو الحَبَارُ والحِبار. الجوهري: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قال الراجز: لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فيها، أَلا تَرى حِبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟ وقال حميد الأَرقط: لم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ، ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبَارُ والجمعُ حَبَاراتٌ ولا يُكَسِّرُ.
وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جلده وبجلده: أَثرت فيه.
وحُبِرَ جِلْدُه حَبْراً إِذا بقيت للجرح آثار بعد البُرْء.
والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشيء. الأَزهري: رجل مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت البراغيث جِلْدَه فصار له آثار في جلده؛ ويقال: به حُبُورٌ أَي آثار.
وقد أَحْبَرَ به أَي ترك به أَثراً؛ وأَنشد لمُصَبِّحِ بن منظور الأَسَدِي، وكان قد حلق شعر رأْس امرأَته، فرفعته إِلى الوالي فجلده واعتقله، وكان له حمار وجُبَّة فدفعهما للوالي فَسَرَّحَهُ: لَقَدْ أَشْمَتَتْ بي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا وما فَعَلتْ بي ذاك، حَتَّى تَرَكْتُها تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا وأَفْلَتَني منها حِماري وَجُبَّتي، جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي وحِمارِيَا وثوبٌ حَبِيرٌ أَي جديد.
والحِبْرُ والحَبْرُ والحَبْرَةُ والحُبْرَةُ والحِبِرُ والحِبِرَةُ، كل ذلك: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قال الشاعر: تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذا أُشُرٍ، كَعارِضِ البَرْق لم يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا قال شمر: أَوّله الحَبْرُ وهي صفرة، فإِذا اخْضَرَّ، فهو القَلَحُ، فإِذا أَلَحَّ على اللِّثَةِ حتى تظهر الأَسْناخ، فهو الحَفَرُ والحَفْرُ. الجوهري: الحِبِرَة، بكسر الحاء والباء، القَلَح في الأَسنان، والجمع بطرح الهاء في القياس، وأَما اسم البلد فهو حِبِرٌّ، بتشديد الراء.
وقد حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَراً مثال تَعِبَ تَعَباً أَي قَلِحَتْ، وقيل: الحبْرُ الوسخ على الأَسنان.
وحُبِرَ الجُرْحُ حَبْراً أَي نُكسَ وغَفَرَ، وقيل: أَي برئ وبقيت له آثار.
والحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صار على رأْس البعير، والخاء أَعلى؛ هذا قول ابن سيده. الجوهري: الحَبِيرُ لُغامُ البعير.
وقال الأَزهري عن الليث: الحَبِيرُ من زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار على رأْس البعير، ثم قال الأَزهري: صحف الليث هذا الحرف، قال: وصوابه الخبير، بالخاء، لِزَبَدِ أَفواه الإِبل، وقال: هكذا قال أَبو عبيد.
وروى الأَزهري بسنده عن الرِّياشِي قال: الخبير الزَّبَدُ، بالخاء.
وأَرض مِحْبَارٌ: سريعة النبات حَسَنَتُهُ كثيرة الكلإِ؛ قال: لَنَا جِبَالٌ وحِمًى مِحْبَارُ، وطُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ ابن شميل: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ التي ببطون الأَرض وسَرَارتِها وأَراضَتِها، فتلك المَحابِيرُ.
وقد حَبِرَت الأَرض، بكسر الباء، وأَحْبَرَتْ؛ والحَبَارُ: هيئة الرجل؛ عن اللحياني، حكاه عن أَبي صَفْوانَ؛ وبه فسر قوله: أَلا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها قال ابن سيده: وقيل حَبَارُ هنا اسم ناقة، قال: ولا يعجبني.
والحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تخرج في الشجر أَي العُقْدَةُ تقطع ويُخْرَطُ منها الآنية.
والحُبَارَى: ذكر الخَرَبِ؛ وقال ابن سيده: الحُبَارَى طائر، والجمع حُبَارَيات (* عبارة المصباح: الحبارى طائر معروف، وهو على شكل الأوزة، برأسه وبطنه غبرة ولون ظهره وجناحيه كلون السماني غالباً، والجمع حبابير وحباريات على لفظه أَيضاً).
وأَنشد بعض البغداديين في صفة صَقْرٍ: حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوين قال سيبويه: ولم يكسر على حَِبَارِيَّ ولا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بينها وبين فَعْلاء وفَعَالَةٍ وأَخواتها. الجوهري: الحُبَارَى طائر يقع على الذكر والأُنثى، واحدها وجمعها سواء.
وفي المثل: كُلُّ شيء يُحِبُّ ولَدَهُ حتى الحُبَارَى، لأَنها يضرب بها المَثلُ في المُوقِ فهي على مُوقها تحب ولدها وتعلمه الطيران، وأَلفه ليست للتأْنيث (* قوله: «وألفه ليست للتأنيث» قال الدميري في حياة الحيوان بعد أَن ساق عبارة الجوهري هذه، قلت: وهذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسماني، ولو لم تكن له لانصرفت اهـ.
ومثله في القاموس. قال شارحه: ودعواه أنها صارت من الكلمة من غرائب التعبير، والجواب عنه عسير).
ولا للإِلحاق، وإِنما بني الاسم عليها فصارت كأَنها من نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة ولا نكرة أَي لا تنوّن.
والحبْرِيرُ والحُبْرور والحَبَرْبَرُ والحُبُرْبُورُ واليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ وقول أَبي بردة: بازٌ جَرِيءٌ على الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ، ومن حَبَابِيرِ ذي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ قال ابن سيده: قيل في تفسيره: هو جمع الحُبَارَى، والقياس يردّه، إِلا أَن يكون اسماً للجمع. الأَزهري: وللعرب فيها أَمثال جمة، منها قولهم: أَذْرَقُ من حُبَارَى، وأَسْلَحُ من حُبَارَى، لأَنها ترمي الصقر بسَلْحها إِذا أَراغها ليصيدها فتلوث ريشه بِلَثَقِ سَلْحِها، ويقال: إِن ذلك يشتد على الصقر لمنعه إِياه من الطيران؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: أَمْوَقُ من الحُبَارَى؛ ذلك انها تأْخذ فرخها قبل نبات جناحه فتطير معارضة له ليتعلم منها الطيران، ومنه المثل السائر في العرب: كل شيء يحب ولده حتى الحبارى ويَذِفُّ عَنَدَهُ.
وورد ذلك في حديث عثمان، رضي الله عنه، ومعنى قولهم يذف عَنَدَهُ أَي تطير عَنَدَهُ أَي تعارضه بالطيران، ولا طيران له لضعف خوافيه وقوائمه.
وقال ابن الأَثير: خص الحبارى بالذكر في قوله حتى الحبارى لأَنها يضرب بها المثل في الحُمْق، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان.
وقال الأَصمعي: فلان يعاند فلاناً أَي يفعل فعله ويباريه؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: فلانٌ ميت كَمَدَ الحُبارَى، وذلك أَنها تَحْسِرُ مع الطير أَيام التَّحْسير، وذلك أَن تلقي الريش ثم يبطئ نبات ريشها، فإِذا طار سائر الطير عجزت عن الطيران فتموت كمداً؛ ومنه قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي: يَزِيدٌ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى، إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُّ أَي يموت أَو يقرب من الموت. قال الأَزهري: والحبارى لا يشرب الماء ويبيض في الرمال النائية؛ قال: وكنا إِذا ظعنا نسير في جبال الدهناء فربما التقطنا في يوم واحد من بيضها ما بين الأَربع إِلى الثماني، وهي تبيض أَربع بيضات، ويضرب لونها إِلى الزرقة، وطعمها أَلذ من طعم بيض الدجاج وبيض النعام، قال: والنعام أَيضاً لا ترد الماء ولا تشربه إِذا وجدته.
وفي حديث أَنس: إِن الحبارى لتموت هُزالاً بذنب بني آدم؛ يعني أَن الله تعالى يحبس عنها القطر بشؤم ذنوبهم، وإِنما خصها بالذكر لأَنها أَبعد الطير نُجْعَةً، فربما تذبح بالبصرة فتوجد في حوصلتها الحبة الخضراء، وبين البصرة وبين منابتها مسيرة أَيام كثيرة.
واليَحبُورُ: طائر.
ويُحابِرُ: أَبو مُرَاد ثم سميت القبيلة يحابر؛ قال: وقد أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذاك، يُحابِرٌ بما كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا وحِبِرٌّ، بتشديد الراء: اسم بلد، وكذلك حِبْرٌ.
وحِبْرِيرٌ: جبل معروف.
وما أَصبت منه حَبَرْبَراً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي.
وما أَغنى فلانٌ عني حَبَرْبَراً أَي شيئاً؛ وقال ابن أَحمر الباهلي: أَمانِيُّ لا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا وما على رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي ما على رأْسه شعرة.
وحكى سيبويه: ما أَصاب منه حَبَرْبَراً ولا تَبَرْبَراً ولا حَوَرْوَراً أَي ما أَصاب منه شيئاً.
ويقال: ما في الذي تحدّثنا به حَبَرْبَرٌ أَي شيء. أَبو سعيد: يقال ما له حَبَرْبَرٌ ولا حَوَرْوَرٌ.
وقال الأَصمعي: ما أَصبت منه حَبَرْبَراً ولا حَبَنْبَراً أَي ما أَصبت منه شيئاً.
وقال أَبو عمرو: ما فيه حَبَرْبَرٌ ولا حَبَنْبَرٌ، وهو أَن يخبرك بشيء فتقول: ما فيه حَبَنْبَرٌ.ويقال للآنية التي يجعل فيها الحِبْرُ من خَزَفٍ كان أَو من قَوارِير: مَحْبَرَةٌ ومَحْبُرَةٌ كما يقال مَزْرَعَة ومَزْرُعَة ومَقْبَرَة ومَقْبُرَة ومَخْبَزَة ومَخْبُزَةٌ. الجوهري: موضع الحِبْرِ الذي يكتب به المِحْبَرَة، بالكسر.
وحِبِرٌّ: موضع معروف في البادية.
وأَنشد شمر عجز بيت: فَقَفا حِبِرّ. الأَزهري: في الخماسي الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وقال: هذه ثلاثية الأَصل أُلحقت بالخماسي لتكرير بعض حروفها.
والمُحَبَّرُ: فرس ضرار بن الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ. أَبو عمرو: الحَبَرْبَرُ والحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.

قتل (لسان العرب) [0]


القَتْل: معروف، قَتَلَه يَقْتُله قَتْلاً وتَقْتالاً وقَتَل به سواء عند ثعلب، قال ابن سيده: لا أَعرفها عن غيره وهي نادرة غريبة، قال: وأَظنه رآه في بيت فحسِب ذلك لغة؛ قال: وإِنما هو عندي على زيادة الباء كقوله: سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر وإِنما هو يقرأْن السُّوَر، وكذلك قَتَّله وقَتَل به غيرَه أَي قتله مكانه؛ قال: قَتَلتُ بعبد الله خيرَ لِداتِه ذُؤاباً، فلم أَفخَرْ بذاك وأَجْزَعا التهذيب: قَتَله إِذا أَماته بضرْب أَو حجَر أَو سُمّ أَو علَّة، والمنية قاتلة؛ وقول الفرزدق وبلغه موت زياد، وكان زياد هذا قد نفاه وآذاه ونذر قتله فلما بلغ موته الفرزدق شَمِت به فقال: . . . أكمل المادة كيف تراني قالِباً مِجَنِّي، أَقْلِب أَمري ظَهْره لِلْبَطْنِ؟ قد قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي عَدَّى قَتَل بعنْ لأَنَّ فيه معنى صَرَفَ فكأَنه قال: قد صَرَف الله زياداً، وقوله قالِباً مِجَنِّي أَي أَفعل ما شئت لا أَتَرَوَّع ولا أَتَوقَّع.
وحكى قطرب في الأَمر إِقْتُل، بكسر الهمزة على الشذوذ، جاء به على الأَصل؛ حكى ذلك ابن جني عنه، والنحويون ينكرون هذا كراهية ضمة بعد كسرة لا يحجُز بينهما إِلا حرف ضعيف غير حصين.
ورجل قَتِيل: مَقْتول، والجمع قُتَلاء؛ حكاه سيبويه، وقَتْلى وقَتالى؛ قال منظور بن مَرْثَد: فظلَّ لَحْماً تَرِبَ الأَوْصالِ، وَسْطَ القَتلى كالهَشِيم البالي ولا يجمع قَتِيل جمعَ السلامة لأَن مؤنثه لا تدخله الهاء، وقَتَله قِتْلة سَوء، بالكسر.
ورجل قَتِيل: مَقْتول.
وامرأَة قَتِيل: مَقْتولة، فإِذا قلت قَتيلة بَني فلان قلت بالهاء، وقيل: إِن لم تذكر المرأَة قلت هذه قَتِيلة بني فلان، وكذلك مررت بقَتِيلة لأَنك تسلك طريق الاسم.
وقال اللحياني: قال الكسائي يجوز في هذا طرْح الهاء وفي الأَوّل إِدخال الهاء يعني أَن تقول: هذه امرأَة قَتِيلة ونِسْوة قَتْلى.
وأَقْتَل الرجلَ: عرَّضه للقَتْل وأَصْبَره عليه.
وقال مالك بن نُوَيْرة لامرأَته يوم قَتَله خالد بن الوليد: أَقْتَلْتِني أَي عرَّضْتِني بحُسْن وجهك للقَتْل بوجوب الدفاع عنك والمُحاماة عليك، وكانت جميلة فقَتَله خالد وتزوَّجها بعد مَقْتَله، فأَنكر ذلك عبد الله بن عمر؛ ومثله: أَبَعْتُ الثَّوْب إِذا عَرَّضْته للبيع.
وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة من قتَل نبيّاً أَو قَتَله نبيٌّ؛ أَراد من قَتَله وهو كافر كقَتْله أُبيَّ بن خَلَف يوم بدْر لا كمَن قَتَله تطهيراً له في الحَدِّ كماعِزٍ.
وفي الحديث: لا يُقْتَل قُرَشيٌّ بعد اليوم صبْراً؛ قال ابن الأَثير: إِن كانت اللام مرفوعة على الخَبر فهو محمول على ما أَباح من قَتْل القُرَشيّين الأَربعة يوم الفَتْح، وهم ابن خَطَل ومَنْ معه أَي أَنهم لا يعودون كفَّاراً يُغْزوْن ويُقْتَلون على الكفر كما قُتِل هؤلاء، وهو كقوله الآخر: لا تُغْزَى مكة بعد اليوم أَي لا تعودُ دار كفر تُغْزى عليه، وإِن كانت اللام مجزومة فيكون نهياً عن قَتْلهم في غير حَدٍّ ولا قِصاص.
وفي حديث سَمُرة: مَنْ قَتَل عَبْده قَتَلْناه ومن جَدَعَ عبده جَدَعْناه؛ قال ابن الأَثير: ذكر في رواية الحسن أَنه نَسِيَ هذا الحديث فكان يقول لا يُقْتَل حرٌّ بعبد، قال: ويحتمل أَن يكون الحسن لم يَنْسَ الحديث، ولكنه كان يتأَوَّله على غير معنى الإِيجاب ويراه نوعاً من الزَّجْر ليَرْتَدِعوا ولا يُقْدِموا عليه كما قال في شارب الخمر: إِنْ عاد في الرابعة أَو الخامسة فاقتُلوه، ثم جيء به فيها فلم يَقْتله، قال: وتأَوَّله بعضهم أَنه جاء في عَبْد كان يملِكه مرَّة ثم زال مِلْكه عنه فصار كُفؤاً له بالحُرِّية، قال: ولم يقل بهذا الحديث أَحد إِلاَّ في رواية شاذة عن سفيان والمرويُّ عنه خلافه قال: وقد ذهب جماعة إِلى القِصاص بين الحرِّ وعبد الغير، وأَجمعوا على أَن القِصاص بينهم في الأَطراف ساقط، فلما سقَط الجَدْع بالإِجماع سقط القِصاص لأَنهما ثَبَتا معاً، فلما نُسِخا نُسِخا معاً، فيكون حديث سَمُرة منسوخاً؛ وكذلك حديث الخمر في الرابعة والخامسة، قال: وقد يرد الأَمر بالوَعيد رَدْعاً وزَجْراً وتحذيراً ولا يُراد به وقوع الفعل، وكذلك حديث جابر في السارق: أَنه قُطِع في الأُولى والثانية والثالثة إِلى أَن جيء به في الخامسة فقال اقتُلوه، قال جابر: فقَتَلْناه، وفي إِسناده مَقال قال: ولم يذهب أَحد من العلماء إِلى قَتْل السارق وإِن تكررت منه السَّرقة.
ومن أَمثالهم: مَقْتَلُ الرجل بين فَكَّيْه أَي سبب قَتْله بين لَحْيَيْه وهو لِسانه.
وقوله في حديث زيد بن ثابت: أَرسَل إِليَّ أَبو بكر مَقْتَلع أَهل اليمامة؛ المَقْتَل مَفْعَل من القَتْل، قال: وهو ظرف زمان ههنا أَي عند قَتْلهم في الوَقْعة التي كانت باليمامة مع أَهل الرِّدَّة في زمن أَبي بكر، رضي الله عنه.
وتَقاتَل القوم واقتَتَلوا وتقَتَّلوا وقَتَّلوا وقِتَّلوا، قال سيبويه: وقد أَدغم بعض العرب فأَسكن لمَّا كان الحرفان في كلمة واحدة ولم يكونا مُنفَصِلين، وذلك قولهم يَقِتِّلون وقد قِتَّلوا، وكسروا القاف لأَنهما ساكنان التقيا فشبِّهت بقولهم رُدِّ يا فَتى، قال: وقد قال آخرون قَتَّلوا، أَلقَوْا حركة المتحرك على الساكن، قال: وجاز في قاف اقتَتَلوا الوَجْهان ولم يكن بمنزلة عَصَّ وقِرَّ يلزمه شيء واحد لأَنه لا يجوز في الكلام (* قوله «لأنه لا يجوز في الكلام إلخ» هكذا في الأصل) فيه الإِظهار والإِخْفاء والإِدغام، فكما جاز فيه هذا في الكلام وتصرَّف دَخَله شيئَان يَعْرضان في التقاء الساكنين، وتحذف أَلف الوَصْل حيث حرِّكت القاف كما حذفت الأَلف التي في رُدَّ حيث حركت الراء، والأَلف التي في قلَّ لأَنهم حرفان في كلمة واحدة لحقها الإِدغام، فحذفت الأَلف كما حذفت في رُبَّ لأَنه قد أُدْغِم كما أُدْغم، قال: وتصديق ذلك قراءة الحسن: إِلا مَنْ خَطَّف الخَطْفة؛ قال: ومن قال يَقَتِّل قال مُقَتِّل، ومن قال يَقِتِّل قال مُقِتِّل، وأَهل مكة يقولون مُقُتِّل يُتْبِعون الضمة الضمة. قال سيبويه: وحدثني الخليل وهرون أَنَّ ناساً يقولون مُرُدِّفين يريدون مُرْتَدِفين أَتبَعُوا الضمةَ الضمة؛ وقول منظور بن مرثد الأَسدي: تَعَرَّضَتْ لي بمكان حِلِّ، تَعَرُّضَ المُهْرةِ في الطِّوَلِّ، تَعَرُّضاً لم تَأْلُ عن قَتْلَلِّي أَراد عن قَتْلي، فلما أَدخل عليه لازماً مشدَّدة كما أَدخل نوناً مشدَّدة في قول دَهْلَب بن قريع: جارية ليسَتْ من الوَخْشَنِّ أُحِبُّ منكِ مَوْضِع القُرْطنِّ وصار الإِعراب فيه فتَحَ اللامَ الأُولى كما تفتح في قولك مررت بتَمْرٍ وبتَمْرَةٍ وبرجُلٍ وبرَجُلَين؛ قال ابن بري والمشهور في رجز منظور: لم تَأْلُ عن قَتْلاً لي على الحِكاية أَي عن قولها قَتْلاً له أَي اقتُلوه. ثم يُدغم التنوين في اللام فيصير في السَّمْع على ما رواه الجوهري، قال: وليس الأَمر على ما تأَوَّله.
وقاتَله مُقاتَلة وقِتالاً، قال سيبويه: وَفَّروا الحروف كما وَفَّروها في أَفْعَلْت إِفْعالاً. قال: والتَّقْتال القَتْل وهو بناء موضوع للتَّكثير كأَنك قلت في فَعَلْت فَعَّلْت، وليس هو مصدر فَعَّلْت، ولكن لما أَردت التَّكْثير بَنَيْت المصدر على هذا كما بنيت فَعَّلْت على فَعَلْت.
وقتَّلوا تقْتيلاً: شدِّد للكثرة.
والمُقاتَلة: القتال؛ وقد قاتَله قِتالاً وقِيتالاً، وهو من كلام العرب، وكذلك المُقاتَل؛ قال كعب بن مالك: أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً، وأَنجو إِذا عُمَّ الجَبانُ من الكَرْب وقال زيد الخيل: أُقاتِل حتى لا أَرى لي مُقاتَلاً، وأَنجُو إِذا لم يَنْجُ إِلا المُكَيّس والمُقاتِلة: الذين يَلُون القِتال، بكسر التاء، وفي الصحاح: القوم الذين يَصْلحون للقتال.
وقوله تعالى: قاتَلهم الله أَنَّى يؤفَكُون؛ أَي لَعَنَهم أَنَّى يُصْرَفون، وليس هذا بمعنى القِتال الذي هو من المُقاتلة والمحاربة بين اثنين.
وقال الفراء في قوله تعالى: قُتِل الإِنسان ما أَكْفَره؛ معناه لُعِن الإِنسان، وقاتَله الله لعَنه الله؛ وقال أَبو عبيدة: معنى قاتَلَ الله فلاناً قَتَله.
ويقال: قاتَل الله فلاناً أَي عاداه.
وفي الحديث: قاتَل الله اليهود أَي قَتَلَهُم الله، وقيل: لعَنهم الله، وقيل: عاداهم، قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ولا يخرج عن أَحد هذه المعاني، قال: وقد يرد بمعنى التعجب من الشيء كقولهم: تَرِبَتْ يداه، قال: وقد ترد ولا يراد بها وُقوعُ الأَمر، وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قاتَل الله سَمُرة؛ وسَبِيلُ فاعَلَ أَن يكون بين اثنين في الغالب، وقد يرد من الواحد كسافرْت وطارَقْت النعْل.
وفي حديث المارّ بين يدي المُصَلِّي: قاتِلْه فإِنه شيطان أَي دافِعْه عن قِبْلَتِك، وليس كل قِتال بمعنى القَتْل.
وفي حديث السَّقِيفة: قَتَلَ الله سعداً فإِنه صاحب فتنة وشرٍّ أَي دفع الله شرَّه كأَنه إِشارة إِلى ما كان منه في حديث الإِفْك، والله أَعلم؛ وفي رواية: أَن عمر قال يوم السَّقِيفة اقْتُلوا سعداً قَتَله الله أَي اجعلوه كمن قُتِل واحْسِبُوه في عِدادمَنْ مات وهلك، ولا تَعْتَدُّوا بمَشْهَده ولا تُعَرِّجوا على قوله.
وفي حديث عمر أَيضاً: مَنْ دَعا إِلى إِمارة فسِه أَو غيره من المسلمين فاقتلوه أَي اجعلوه كمن قُتِلَ ومات بأَن لا تَقْبَلوا له قولاً ولا تُقِيموا له دعوة، وكذلك الحديث الآخر: إِذا بُويِع لخَلِيفتين فاقتلوا الأَخير منهما أَي أَبْطِلوا دعوته واجعلوه كمَنْ قد مات.
وفي الحديث: على المُقْتَتِلِين أَن يَنْحَجِزوا الأَوْلى فالأَوْلى، وإِن كانت امرأَة؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي معناه أَن يَكُفُّوا عن القَتْل مثل أَن يُقْتَل رجل له وَرَثة فأَيهم عفا سقط القَوَدُ، والأَوْلى هو الأَقرب والأَدنى من ورثة القتيل، ومعنى المُقْتَتِلِين أَن يطلُب أَولياء القَتِيل القَوَد فيمتنع القَتَلة فينشأ بينهم القِتال من أَجله، فهو جمع مُقْتَتِل، اسم فاعل من اقْتَتَل، ويحتمل أَن تكون الرواية بنصب التاءين على المفعول؛ يقال: اقْتُتِل، فهو مُقْتَتَل، غير أَن هذا إِنما يكثر استعماله فيمن قَتَله الحُبُّ؛ قال ابن الأَثير: وهذا حديث مشكل اختلف فيه أَقوال العلماء فقيل: إِنه في المُقْتَتِلِين من أَهل القِبْلة على التأْويل فإِن البَصائر ربما أَدْرَكت بعضَهم فاحتاج إِلى الانصراف من مَقامه المذموم إِلى المحمود، فإِذا لم يجد طريقاً يمرُّ فيه إِليه بقي في مكانه الأَول فعسى أَن يُقْتَل فيه، فأُمِرُوا بما في هذا الحديث، وقيل: إِنه يدخل فيه أَيضاً المُقْتَتِلون من المسلمين في قِتالهم أَهل الحرب، إِذ قد يجوز أَن يَطْرأَ عليهم مَنْ معه العذر الذي أُبِيح لهم الانصراف عن قِتاله إِلى فِئة المسلمين التي يَتَقَوَّون بها على عدوِّهم، أَو يصيروا إِلى قوم من المسلمين يَقْوَون بهم على قِتال عدوِّهم فيقاتِلونهم معهم.
ويقال: قُتِل الرجل، فإِن كان قَتَله العِشْق أَو الجِنُّ قيل اقْتُتِل. ابن سيده: اقْتُتِل فلان قتله عشق النساء أَو قَتَله الجِنُّ، وكذلك اقْتَتَلَتْه النساء، لا يقال في هذين إِلا اقْتُتِل. أَبو زيد: اقْتُتِل جُنَّ، واقْتَتَله الجِنُّ خُبِل، واقْتُتِل الرجل إِذا عَشِق عِشْقاً مُبَرِّحاً؛ قال ذو الرمة: إِذا ما امْرُؤٌ حاوَلْن أَن يَقْتَتِلْنه، بِلا إِحْنةٍ بين النُّفوس، ولا ذَحْل هذا قول أَبي عبيد؛ وقد قالوا قَتَله الجِنّ وزعموا أَن هذا البيت: قَتَلْنا سَيِّد الخَزْرَ ج سعدَ بْنَ عُباده إِنما هو للجنّ.
والقِتْلة: الحالة من ذلك كله.
وفي الحديث: أَعَفُّ الناس قِتْلَةً أَهلُ الإِيمان؛ القِتْلة، بالكسر: الحالة من القَتْل، وبفتحها المرَّة منه، وقد تكرر في الحديث ويفهَم المراد بهما من سياق اللفظ.
ومَقاتِل الإِنسان: المواضع التي إِذا أُصيبت منه قَتَلَتْه، واحدها مَقْتَل.
وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي المجيب: لا والذي أَتَّقِيه إِلا بمَقْتَلِه (* قوله «والذي أتقيه إلا بمقتله» هكذا في الأصل) أَي كل موضع مني مَقْتَل بأَيِّ شيءٍ شاء أَن ينزِل قَتْلي أَنزله، وأَضاف المَقْتَل إِلى الله لأَن الإِنسان كله مِلْك لله عز وجل، فمَقاتِله ملك له.
وقالوا في المَثل: قَتَلَتْ أَرْضٌ جاهلَها وقَتَّلَ أَرضاً عالِمُها. قال أَبو عبيدة: من أَمثالهم في المعرفة وحمدِهم إِياها قولُهم قَتَّل أَرضاً عالمُها وقَتَلت أَرضٌ جاهلها، قال: قولهم قتَّل ذلك من قولهم فلان مُقَتَّل مُضَرَّس، وقالوا قَتَله عِلْماً على المَثل أَيضاً، وقَتَلْت الشيء خُبْراً. قال تعالى: وما قَتَلوه يَقِيناً بل رفعه الله إِليه؛ أَي لم يُحيطوا به عِلْماً، وقال الفراء: الهاء ههنا للعلم كما تقول قَتَلْتُه علماً وقَتَلْتَه يقيناً للرأْي والحديث، وأَما الهاء في قوله: وما قَتَلوه وما صَلَبوه، فهو ههنا لعيسى، عليه الصلاة والسلام؛ وقال الزجاج: المعنى ما قَتَلوا علْمَهم يقيناً كما تقول أَنا أَقْتُل الشيء علماً تأْويله أَي أَعْلم علماً تامًّا. ابن السكيت: يقال هو قاتِل الشَّتَوات أَي يُطعِم فيها ويُدْفِيءُ الناس، والعرب تقول للرجل الذي قد جرَّب الأُمور: هو مُعاوِد السَّقْي سقى صَيِّباً.
وقَتَل غَليلَه: سقاه فزال غَليلُه بالرِّيِّ، مثل بما تقدم؛ عن ابن الأَعرابي.
والقِتْل، بالكسر: العدوُّ؛ قال: واغْتِرابي عن عامِر بن لُؤَيٍّ في بلادٍ كثيرة الأَقْتال الأَقتال: الأَعداء، واحدهم قِتْل وهم الأَقْران؛ قال ابن بري: البيت لابن قيس الرُّقَيّات، ولُؤَي بالهمز تصغير اللأْيِ، وهو الثور الوحشيُّ.
والقَتالُ والكَتَالُ: الكِدْنة والغِلْظ، فإِذا قيل ناقة نَقِيَّة القَتال فإِنما يريد أَنها، وإِن هُزِلت، فإِن عملَها باقٍ؛ قال ابن مقبل:ذعرْت بِجَوْس نَهْبَلَةٍ قِذَافٍ من العِيدِيِّ باقِية القَتَال والقِتْل: القِرْن في قِتال وغيره.
وهما قِتْلان أَي مِثْلان وحَِتْنان.
وقِتْل الرجل: نظيرة وابنُ عمه.
وإِنه لقِتْل شرٍّ أَي عالم به، والجمع من ذلك كله أَقْتال.
ورجل مُقَتَّل: مجرِّب للأُمور. أَبو عمرو: المجرِّبُ والمُجَرَّس والمُقَتَّل كله الذي جرَّب الأُمور وعرفها.
وقَتَل الخمر قَتْلاً: مزجها فأَزال بذلك حِدَّتها؛ قال الأَخطل: فقلتُ: اقْتُلوها عنكُم بمِزاجِها، وحُبَّ بها مَقْتولة، حين تُقْتَل وقال حسان: إِنَّ التي عاطَيْتَني فَرَدَدْتُها قُتِلَتْ، قُتِلْتَ فهاتِها لم تُقْتَل قوله قُتِلْتَ دعاء عليه أَي قَتَلك الله لِمَ مزجتها؛ وقول دكين: أُسْقَى بَراوُوقِ الشَّباب الخاضِلِ، أُسْقَى من المَقْتولَةِ القَواتِلِ أَي من الخُمور المَقْتولة بالمَزْج القَواتِل بحدَّتها وإِسكارها.
وتَقَتَّل الرجل للمرأَة: خضَع.
ورجل مُقَتَّل أَي مُذَلَّل قَتَله العشق.
وقلْب مُقَتَّل: قُتِل عشقاً، وقيل مذلَّل بالحب؛ وقال أَبو الهيثم في قوله: بسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّل (* هذا البيت لامرئ القيس من معلقته، وصدره: وما ذَرَفَت عيناك إلا لتضربي) قال: المُقَتَّل العَوْد المُضَرَّس بذلك الفعل كالناقة المُقَتَّلة المُذَلَّلة لعمل من الأَعمال وقد رِيضت وذُلِّلَتْ وعُوِّدت؛ قال: ومن ذلك قيل للخمر مَقْتولة إِذا مُزِجت بالماء حتى ذهبت شدَّتها فصار رِياضة لها.
والمُقَتَّل: المَكْدود بالعمل المُذَلَّلُ.
وجمل مُقَتَّل: ذَلول؛ قال زهير: كأَنَّ عَيْنيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ، من النواضِحِ، تَسْقي جَنَّةً سُحُقَا واسْتَقْتَل أَي اسْتَمات. التهذيب: المُقَتَّل من الدواب الذي ذَلَّ ومَرَن على العمل.
وناقة مُقَتَّلة: مذللة.
وتَقَتَّلَت المرأَةُ للرجل: تزينت.
وتَقَتَّلت: مشت مِشْية حسنة تقلَّبت فيها وتثنَّت وتكسَّرت؛ يوصف به العشق؛ وقال: تَقَتّلْتِ لي، حتى إِذا ما قَتَلْتِني تنسَّكْتِ، ما هذا بفِعْل النَّواسِكِ قال أَبو عبيد: يقال للمرأَة هي تَقَتَّل في مِشْيتها؛ قال الأَزهري: معناه تَدَلُّلها واخْتيالها.
واسْتَقْتَل في الأَمر: جدَّ فيه.
وتقتَّل لحاجته: تهيَّأ وجدَّ.
والقَتَال: النَّفْس، وقيل بقيَّتها؛ قال ذو الرمة: أَلم تَعْلَمِي يا مَيُّ أَني، وبيننا مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلاً قَتَالُها، أُحَدِّثُ عنكِ النَّفْسَ حتى كأَنني أُناجِيكِ من قُرْبٍ، فيَنْصاحُ بالُها؟ ونَحْلاً: جمع ناحِل، تقول منه قَتْله كما تقول صَدرَه ورأَسَه وفَأَدَه.
والقَتَال: الجسمُ واللحمُ، وقيل: القَتال بقيَّة الجسم.
وقال في موضع آخر: العُجُوس مَشْيُ العَجَاساء وهي الناقة السمينة تتأَخَّر عن النُّوق لثِقَل قَتالها، وقَتالُها شحمُها ولحمُها.
ودابة ذات قَتال: مستوية الخَلْق وَثِيقة.
وبقي منه قَتَال إِذا بقي منه بعد الهُزال غِلَظ أَلواح.وامرأَة قَتُول أَي قاتلة؛ وقال مدرك بن حصين: قَتُول بعَيْنَيْها رَمَتْكَ، وإِنما سِهامُ الغَواني القاتِلاتُ عُيونُها والقَتُول وقَتْلَة: اسمان؛ وإِياها عنى الأَعشى بقوله: شاقَتْك مَنْ قَتْلَة أَطْلالُها، بالشَّطِّ فالوُِتْر إِلى حاجِرِ والقَتَّال الكِلابي: من شُعَرائهم.

هوا (لسان العرب) [0]


الهَواء، ممدود: الجَوُّ ما بين السماء والأَرض، والجمع الأَهْوِيةُ، وأَهلُ الأَهْواء واحدها هَوًى، وكلُّ فارغٍ هَواء.
والهَواء: الجَبانُ لأَنه لا قلب له، فكأَنه فارغٌ، الواحد والجمع في ذلك سواء.
وقلب هواء: فارغٌ، وكذلك الجمع.
وفي التنزيل العزيز: وأَفْئِدَتُهم هَواء؛ يقال فيه: إِنه لا عُقولَ لهم. أَبو الهيثم: وأَفْئِدَتُهم هَواء قال كأَنهم لا يَعْقِلون من هَوْلِ يوم القيامة، وقال الزجاج: وأَفْئِدَتُهم هَواء أَي مُنْحَرِفة (* قوله« منحرفة» في التهذيب: منخرقة.) لا تَعِي شيئاً من الخَوْفِ، وقيل: نُزِعَتْ أَفْئدَتُهم من أَجْوافِهم؛ قال حسان: أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفيانَ عَنِّي، فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواه والهَواء والخَواء واحد.
والهَواء: كل فُرْجةٍ بين شيئين كما بَيْنَ أَسْفَلِ البيت . . . أكمل المادة إِلى أَعْلاه وأَسْفَلِ البئرِ إِلى أَعْلاها.
ويقال: هَوَى صَدْرُه يَهْوِي هَواء إِذا خلا؛ قال جرير: ومُجاشِعٌ قَصَبٌ هَوَتْ أَجْوافُه، لَوْ يُنْفَخُونَ مِنَ الخُؤُورةِ طارُوا أَي هم بمنزلة قَصَبٍ جَوْفُه هَواء أَي خالٍ لا فُؤادَ لهم كالهَواء الذي بين السماء والأَرض؛ وقال زهير: كأَنّ الرَّحل مِنها فَوْق صَعْلٍ، من الظِّلْمانِ، جُؤْجُؤه هَواه وقال الجوهري: كل خالٍ هَواء؛ قال ابن بري: قال كعب الأَمثال: ولا تَكُ مِنْ أَخْدانِ كُلِّ يَراعةٍ هَواء كسَقْبِ البان، جُوفٍ مَكاسِرُهْ قال: ومثله قوله عز وجل: وأَفْئِدَتُهم هَواء؛ وفي حديث عاتكة: فَهُنَّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ أَي بَعِيدةٌ خاليةُ العقول من قوله تعالى: وأَفْئِدَتُهم هَواء.
والمَهْواةُ والهُوَّةُ والأُهْوِيَّةُ والهاوِيةُ: كالهَواء. الأَزهري: المَهْواةُ مَوْضِع في الهَواء مُشْرِفٌ ما دُونَه من جبل وغيره: ويقال: هَوَى يَهْوِي هَوَياناً، ورأَيتهم يَتَهاوَوْنَ في المَهْواةِ إِذا سقط بعضُهم في إِثْر بعض. الجوهري: والمَهْوَى والمَهْواةُ ما بين الجبلين ونحو ذلك.
وتَهاوَى القَوْمُ من المَهواةِ إِذا سقَط بَعضُهم في إِثر بعض.
وهَوتِ الطَّعْنَةُ تَهْوِي: فتَحَت فاها بالدم؛ قال أَبو النجم: فاخْتاضَ أُخْرَى فَهَوَتْ رُجُوحا لِلشِّقِّ، يَهْوِي جُرْحُها مَفْتُوحا وقال ذو الرمة: طَوَيْناهُما، حتى إِذا ما أُنِيخَتا مُناخاً، هَوَى بَيْنَ الكُلَى والكَراكِرِ أَي خَلا وانفتح من الضُّمْر.
وهَوَى وأَهْوَى وانْهَوَى: سَقَط؛ قال يَزيدُ بن الحَكَم الثقفي: وكَمْ مَنْزِلٍ لَوْلايَ طِحْتَ، كما هَوَى، بأَجْرامِه مِن قُلَّةِ النِّيقِ، مُنْهَوِي وهَوت العُقابُ تَهْوِي هُوِيًّا إِذا انْقَضَّت على صيد أَو غيره ما لم تُرِغْه، فإِذا أَراغَتْه قِيل: أَهْوَتْ له إِهْواء؛ قال زهير: أَهْوَى لها أَسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُطَّرِقٌ رِيش القَوادِمِ، لَمْ يُنْصَبْ له الشَّبَك والإِهْواء: التَّناوُل باليد والضَّرْبُ، والإِراغةُ: أَن يَذْهَبَ الصَّيدُ هكذا وهكذا والعُقاب تَتْبَعُه. ابن سيده: والإِهْواء والاهْتِواء الضَّرب باليد والتناوُلُ.
وهَوَت يدي للشيء وأَهْوَتْ: امْتَدَّت وارْتَفَعَت.
وقال ابن الأَعرابي: هَوَى إِليه مِن بُعْدٍ، وأَهْوَى إِليه من قُرْبٍ، وأَهْوَيْت له بالسيف وغيره، وأَهْوَيْت بالشيء إِذا أَوْمَأْت به، وأَهْوَى إِليه بيده ليأْخذه.
وفي الحديث: فأَهْوَى بيده إِليه أَي مَدَّها نَحْوَه وأَمالها إِليه. يقال: أَهْوَى يَده وبيده إِلى الشيء ليأْخذه. قال ابن بري: الأَصمعي ينكر أَن يأْتي أَهْوَى بمعنى هَوَى، وقد أَجازه غيره، وأَنشد لزهير: أَهْوَى لَها أَسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُطَّرِقٌ وكان الأَصمعي يرويه: هَوَى لها؛ وقال زهير أَيضاً: أَهْوَى لَها فانْتَحَتْ كالطَّيْرِ حانيةً، ثم اسْتَمَرَّ عليها، وهو مُخْتَضِعُ قال ابن أَحمر: أَهْوَى لَها مِشْقَصاً حَشْراً فَشَبْرَقَها، وكُنْتُ أَدْعُو قَذاها الإِثْمِدَ القَرِدا وأَهْوَى إِليه بسَهْم واهْتَوَى إِليه به.
والهاوِي من الحُروف واحد: وهو الأَلف، سمي بذلك لشدّة امتداده وسَعة مَخرجه.
وهَوَتِ الرِّيح هَوِيًّا: هَبَّتْ؛ قال: كأَنَّ دَلْوِي في هَوِيِّ رِيحِ وهَوَى، بالفتح، يَهْوِي هَوِيًّا وهُوِيًّا وهَوَياناً وانْهَوَى: سَقَط مِن فوقُ إِلى أَسفل، وأَهْواهُ هُو. يقال: أَهْوَيْتُه إِذا أَلقَيْتَه من فوق.
وقوله عز وجل: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوَى؛ يعني مَدائنَ قومِ لُوط أَي أَسْقَطَها فَهَوَت أَي سَقَطَت.
وهَوَى السهم هُوِيًّا: سَقَط من عُلْو إِلى سُفْل.
وهَوَى هَوِيًّا وهَى (* قوله« وهوى هوياً وهى إلخ» كذا في الأَصل، وعبارة المحكم: وهوى هوياً، وهاوى سار سيراً شديداً، وأَنشد بيت ذي الرمة.) ، وكذلك الهُوِيّ في السير إِذا مضى. ابن الأَعرابي: الهُوِيُّ السَّرِيعُ إِلى فَوْقُ، وقال أَبو زيد مثله، وأَنشد: والدَّلْوُ في إِصْعادِهَا عَجْلَى الهُوِيُّ وقال ابن بري: ذكر الرياشي عن أَبي زيد أَنَّ الهَوِيّ بفتح الهاء إِلى أَسفل، وبضمها إِلى فوق؛وأَنشد: عَجْلَى الهُوي؛ وأَنشد: هَوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَها الرِّشاء فهذا إِلى أَسفل؛ وأَنشد لمعقر بن حمار البارقي: هَوَى زَهْدَمٌ تحْتَ الغُبارِ لِحاجِبٍ، كما انْقَضَّ بازٍ أَقْتَمُ الرِّيشِ كاسِرُ وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كأَنَّما يَهْوِي مِن صَبَبٍ أَي يَنْحَطُّ، وذلك مِشية القَوِيّ من الرجال. يقال: هَوَى يَهْوِي هَوِيًّا، بالفتح، إِذا هبط، وهَوَى يَهْوِي هُوِيًّا، بالضم، إِذا صَعِدَ، وقيل بالعكس، وهَوَى يَهْوِي هُوِيًّا إِذا أَسرع في السير.
وفي حديث البراق: ثم انْطَلَق يَهْوِي أَي يُسْرِعُ.
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ.
والمُهاواةُ: شدَّة السير.
وهاوَى: سارَ سَيْراً شديداً؛ قال ذو الرمة: فلم تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى، ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرِينَ خَواضِعِ وفي التهذيب: ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرينَ سَوامِ وأَنشد ابن بري لأَبي صخرة: إِيّاكَ في أَمْرِك والمُهاواهْ، وكَثْرَة التَّسْويفِ والمُماناهْ الليث: العامة تقول الهَوِيُّ في مصدر هَوَى يَهْوي في المَهْواةِ هُوِيًّا. قال: فأَما الهَويُّ المَلِيُّ فالحينُ الطويل من الزمان، تقول: جلست عنده هَوِيّاً.
والهَويُّ: الساعة المُمتدَّة من الليل.
ومضى هَويٌّ من الليل، على فَعِيلٍ أَي هَزيعٌ منه.
وفي الحديث: كنتُ أَسْمَعُه الهَوِيَّ من الليل؛ الهَوِيُّ، بالفتح: الحين الطويل من الزمان، وقيل: هو مختص بالليل. ابن سيده: مضى هَوِيٌّ من الليل وهُوِيٌّ وتَهْواء أَي ساعة منه.
ويقال: هَوَتِ الناقةُ والأَتانُ وغيرهما تَهْوي هُوِيّاً، فهي هاوِيةٌ إِذا عَدَتْ عَدْواً شديداً أَرْفَعَ العَدْو، كأَنه في هَواء بئر تَهْوي فيها، وأَنشد: فشَدَّ بها الأَماعِزَ، وهْيَ تَهْوي هُويَّ الدَّلْوِ أَسْلمها الرِّشاءُ والهَوى، مقصور: هَوَى النَّفْس، وإِذا أَضفته إِليك قلت هَوايَ. قال ابن بري: وجاء هَوَى النفْس ممدوداً في الشعر؛ قال: وهانَ على أَسْماءَ إِنْ شَطَّتِ النَّوى نَحِنُّ إِليها، والهَواء يَتُوقُ ابن سيده: الهَوى العِشْق، يكون في مداخل الخير والشر.
والهَوِيُّ: المَهْوِيُّ؛ قال أَبو ذؤيب: فَهُنَّ عُكُوفٌ كنَوْحِ الكَرِيـ ـمِ، قدْ شَفَّ أَكْبادَهُنَّ الهَويُّ أَي فَقْدُ المَهْويِّ.
وهَوى النفسِ: إِرادتها، والجمع الأَهْواء. التهذيب: قال اللغويون الهَوَى محبةُ الإِنسان الشيء وغَلَبَتُه على قلبه؛ قال الله عز وجل: ونَهى النفْسَ عن الهَوى؛ معناه نَهاها عن شَهَواتِها وما تدعو إِليه من معاصي الله عز وجل. الليث: الهَو مقصور هَوى الضَّمير، تقول: هَوِيَ، بالكسر، يَهْوى هَوًى أَي أَحبَّ.
ورجل هَوٍ: ذو هَوًى مُخامِرُه.
وامرأَة هَوِيةٌ: لا تزال تَهْوى على تقدير فَعِلة، فإِذا بُنيَ منه فَعْلة بجزم العين تقول هَيَّة مثل طَيَّة.
وفي حديث بَيْعِ الخِيار: يأْخُذُ كلُ واحد من البيع ما هَوِيَ أَي ما أَحب، ومتى تُكُلِّمَ بالهَوى مطلقاً لم يكن إِلا مذموماً حتى يُنْعَتَ بما يُخرجُ معناه كقولهم هَوًى حَسَنٌ وهَوًى موافق للصواب؛ وقول أَبي ذؤيب: سَبَقوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَواهُم فتُخُرِّمُوا، ولكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ قال ابن حبيب: قال هَوَيَّ لغة هذيل، وكذلك تقول قَفَيَّ وعَصَيَّ، قال الأَصمعي: أَي ماتوا قبلي ولم يَلْبثُوا لِهَواي وكنت أُحِبُّ أَن أَموت قبلهم، وأَعْنَقُوا لِهَواهم: جعلهم كأَنهم هَوُوا الذَّهابَ إِلى المَنِيَّةِ لسُرْعتهم إِليها، وهم لم يَهْوَوْها في الحقيقة، وأَثبت سيبويه الهَوَى لله عز وجل فقال: فإِذا فعَلَ ذلك فقد تَقَرَّب إِلى الله بهَواه.
وهذا الشيءُ أَهْوى إليَّ من كذا أَي أَحَبُّ إِليَّ؛ قال أَبو صخر الهذلي: ولَلَيْلةٌ مِنها تَعُودُ لَنا، في غَيْرِ ما رَفْثٍ ولا إِثْمِ، أَهْوى إِلى نَفْسِي، ولَوْ نَزَحَتْ مِمَّا مَلَكْتُ، ومِنْ بَني سَهْمِ وقوله عز وجل: فاجْعَلْ أَفْئِدةً من الناس تَهْوَى إِليهم وارْزُقْهم من التَّمرات، فيمن قرأَ به إِنما عدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى تميل، والقراءَة المعروفة تَهْوي إِليهم أَي تَرْتَفِع، والجمع أَهْواء؛ وقد هَوِيَه هَوًى، فهو هَوٍ؛ وقال الفراء: معنى الآية يقول اجعل أَفئدة من الناس تُريدُهم، كما تقول: رأَيت فلاناً يَهْوي نَحْوَك، معناه يُريدك، قال: وقرأَ بعض الناس تَهْوى إِليهم، بمعنى تَهْواهم، كما قال رَدِفَ لكم ورَدِفَكم؛ الأَخفش: تَهْوى إِليهم زعموا أَنه في التفسير تَهْواهم؛ الفراء: تَهْوي إِليهم أَي تُسْرعُ.
والهَوى أَيضاً: المَهْويُّ؛ قال أَبو ذُؤيب:زَجَرْتُ لها طَيْرَ السَّنِيحِ، فإِنْ تَكُنْ هَواكَ الذي تَهْوى، يُصِبْكَ اجْتِنابُها واسْتَهْوَتْه الشياطينُ: ذهبت بهَواه وعَقْله.
وفي التنزيل العزيز: كالذي اسْتَهْوَتْه الشياطينُ؛ وقيل: اسْتَهْوَتْه استَهامَتْه وحَيَّرَتْه، وقيل: زيَّنت الشياطينُ له هَواه حَيْرانَ في حال حيرته.
ويقال للمُسْتَهام الذي استَهامَتْه الجنُّ: اسْتَهْوَته الشياطين. القتيبي: استَهْوته الشَّياطينُ هَوَتْ به وأَذْهَبتْه، جعله من هَوَى يَهْوي، وجعله الزجاج من هَوِيَ يَهْوَى أَي زيَّنت له الشياطينُ هَواه.
وهَوى الرَّجل: ماتَ؛ قال النابغة: وقال الشَّامِتُونَ: هَوى زِيادٌ، لِكُلِّ مَنِيَّةٍ سَببٌ مَتِينُ قال: وتقول أَهْوى فأَخذ؛ معناه أَهْوى إِليه يَدَه، وتقول: أَهْوى إِليه بيَدِه.
وهاوِيةُ والهاوِيةُ: اسم من أَسماء جهنم، وهي معرفة بغير أَلف ولام.
وقوله عز وجل: فأُمُّه هاوِيةٌ؛ أَي مَسْكنه جهنمُ ومُسْتَقَرُّه النار، وقيل: إِنَّ الذي له بدل ما يسكن إِليه نارٌ حامية. الفراء في قوله، فأُمُّه هاوِية: قال بعضهم هذا دعاءٌ عليه كما تقول هَوَتْ أُمه على قول العرب؛ وأَنشد قول كعب بن سعد الغنوي يرثي أَخاه: هَوَتْ امُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِياً، وماذا يُؤَدِّي الليلُ حين يَؤُوبُ (* قوله «هوت أمه» قال الصاغاني رادًّا على الجوهري، الرواية: هوت عرسه، والمعروف: حين يثوب اهـ. لكن الذي في صحاح الجوهري هو الذي في تهذيب الازهري.) ومعنى هَوت أُمه أَي هلَكَت أُمُّه.
وتقول: هَوَت أُمُّه فهي هاويةٌ أَي ثاكِلةٌ.
وقال بعضهم: أُمّه هاويةٌ صارَتْ هاويةٌ مأْواه، كما تُؤْوي المرأَةُ ابنها ، فجعلها إذْ لا مأْوى له غَيْرَها أُمًّا له، وقيل: معنى قوله فأُمُّه هاويةٌ أُمُّ رأْسه تَهْوي في النار؛ قال ابن بري: لو كانت هاوية اسماً علماً للنار لم ينصرف في الآية.
والهاوِيةُ: كلُّ مَهْواة لا يُدْرَك قَعْرُها ؛ وقال عمرو بن مِلْقَط الطائي: يا عَمْرُو لو نالتْك أَرْماحُنا، كنتَ كمَنْ تَهْوي به الهاوِيَهْ وقالوا: إِذا أَجْدَبَ الناسُ أَتى (* قوله «إذا أجدب الناس أتى إلخ» كذا في الأصل والمحكم.) الهاوي والعاوي، فالهاوي الجَرادُ، والعاوي الذئبُ.
وقال ابن الأَعرابي: إنما هو الغاوي، بالغين المعجمة، والهاوي، فالغاوي الجَرادُ، والهاوي الذِّئبُ لأَن الذِّئابَ تأْتي إلى الخِصْب. ابن الأَعرابي: إذا أَخْصَب الزَّمانُ جاء الغاوي والهاوي؛ قال: الغاوي الجَراد وهو الغَوْغاء، والهاوي الذئاب لأَن الذئاب تَهْوي إلى الخصب. قال: وقال إذا جاءت السنة جاء معها أَعوانُها، يعني الجَراد والذئاب والأَمراض.
ويقال: سمعتُ لأُذُني هَوِياًّ أَي دَوِيًّا، وقد هَوَت أُذُنه تَهْوي. الكسائي: هاوَأْتُ الرَّجل وهاوَيْتُه، في باب ما يهمز وما لا يهمز، ودارَأْتُه ودارَيْتُه.
والهَواهي: الباطلُ واللَّغْوُ من القول ، وقد ذكر أَيضاً في موضعه؛ قال ابن أَحمر: أَفي كلِّ يَوْمٍ يَدْعُوانِ أَطبّةً إليَّ ، وما يُجْدُونَ إلا الهَواهِيا؟ قال ابن بري: صوابه الهَواهِيُّ الأباطيلُ، لأَن الهَواهِيَّ جمع هَوْهاءة من قوله هَوْهاءة اللُّبّ أَخْرَقُ، وإنما خففه ابن أَحمر ضرورة؛ وقياسُه هَواهِيُّ كما قال الأَعشى: أَلا مَنْ مُبْلِغُ الفِتْيا نِ أَنَّا في هَواهيِّ وإِمْساءِ وإِصباح، وأَمْرٍ غَيْرِ مَقْضِيِّ قال: وقد يقال رجل هَواهِيةٌ إلا أَنه ليس من هذا الباب.
والهَوْهاءة، بالمد: الأَحْمَقُ.
وفي النوادر: فلان هُوَّة أي أَحْمَقُ لا يُمْسِكُ شيئاً في صدره.
وهَوٌّ من الأَرض: جانِبٌ منها .
والهُوّة: كلُّ وَهْدَةٍ عَمِيقةٍ؛ وأَنشد: كأَنه في هُوَّةٍ تَقَحْذَما قال: وجمع الهُوَّةِ هُوًى. ابن سيده: الهُوَّةُ ما انهَبَطَ من الأَرضَ ، وقيل: الوَهْدةُ الغامضةُ من الأرض، وحكى ثعلب: اللهم أَعِذْنا من هُوَّةِ الكُفْر ودَواعي النفاق، قال: ضربه مثلاً للكُفْر، والأُهْوِيّة على أُفْعُولة مثلها. أَبو بكر: يقال وَقَعَ في هُوَّة أَي في بئر مُغَطَّاةٍ؛ وأَنشد: إنكَ لو أُعْطِيتَ إَرْجاء هُوّةٍ مُغَمَّسَةٍ ، لا يُسْتَبانُ تُرابُها، بِثَوْبِكَ في الظَّلْماء، ثم دَعَوْتَني لجِئْتُ إِليها سادِماً، لا أَهابُها النضر: الهَوَّةُ، بفتح الهاء، الكَوّةُ؛ حكاها عن أَبي الهذيل، قال: والهُوّةُ والمَهْواةُ بين جبلين. ابن الفرج: سمعت خليفة يقول للبيت كِواءٌ كثيرة وهِواء كثيرة، الواحدة كَوَّةٌ وهَوَّةٌ، وأَما النضر فإِنه زعم أَن جمع الهَوَّة بمعنى الكَوَّة هَوًى مثل قريةٍ وقُرًى؛ الأَزهري في قول الشماخ: ولمّا رأَيتُ الأَمْرَ عَرْشَ هُوَيَّةً، تسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤَادِ بشَمَّرا قال: هُوَيَّةٌ تصغير هُوّة، وقيل: الهَوِيَّةُ بئر (*قوله « وقيل الهوية بئر» أي على وزن فعيلة كما صرح به في التكملة ، وضبط الهاء في البيت بالفتح والواو بالكسر.
وقوله «طواطي» كذا بالأصل.) بَعِيدةُ المَهْواةِ، وعَرْشُها سقفها المُغَمَّى عليها بالتراب فيَعْتَرُّ به واطِئُه فيَقَع فيها ويَهْلِك، وأَراد لما رأَيتُ الأَمرَ مُشْرِفاً بي على هَلَكةِ طواطي سَقْفِ هَوَّةٍ مُغَمَّاةٍ تركته ومضيت وتسَلَّيْت عن حاجتي من ذلك الأَمر، وشَمَّرُ: اسم ناقة أَي ركبتها ومضيت. ابن شميل: الهُوَّةُ ذاهبةٌ في الأَرض بعيدة القعر مثل الدَّحْلِ غير أَن له أَلجافاً، والجماعةُ الهُوُّ، ورأْسُها مثلُ رأْس الدَّحْل. الأَصمعي: هُوَّةٌ وهُوًى.
والهُوَّة: البئر؛ قال أَبو عمرو، وقيل: الهُوَّة الحُفْرة البعيدة القعر، وهي المَهْواةُ. ابن الأَعرابي: الرواية عَرْشَ هُوِيَّة، أَراد أُهْوِيَّةٍ، فلما سقطت الهمزة رُدَّت الضمة إلى الهاء، المعنى لما رأَيت الأَمر مشرفاً على الفوت مضيت ولم أُقم.
وفي الحديث: إذا عَرَّسْتم فاجْتَنِبُوا هُوِيَّ الأَرضِ (* قوله «هوي الارض» كذا ضبط في الأصل وبعض نسخ النهاية، وهو بضم فكسر وشد الياء، وفي بعض نسخها بفتحتين.) ؛ هكذا جاء في رواية، وهي جمع هُوَّة، وهي الحُفْرة والمطمئن من الأَرض، ويقال لها المَهْواةُ أَيضاً.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها ، ووصفت أَباها قالت: وامْتاحَ من المَهْواة،أَرادت البئر العَمِيقَة أَي أَنه تحَمَّل ما لم يَتحَمَّل غيره. الأَزهري: أَهْوى اسم ماء لبني حِمَّان، واسمه السُّبَيْلةُ، أَتاهم الرَّاعي فمنعوه الوِرْدَ فقال: إِنَّ على أَهْوى لأَلأَمَ حاضِرٍ حَسَباً، وأَقْبَحَ مَجْلسٍ أَلوانا قَبَحَ الإِلهُ ولا أُحاشي غَيْرَهُمْ، أَهْلَ السُّبَيْلةِ من بَني حِمَّانا وأَهْوى، وسُوقةُ أَهْوى، ودارة أَهْوى: موضع أَو مَواضِعُ، والهاء حرف هجاء، وهي مذكورة في موضعها من باب الأَلف اللينة.

شهد (لسان العرب) [0]


من أَسماء الله عز وجل: الشهيد. قال أَبو إِسحق: الشهيد من أَسماء الله الأَمين في شهادته. قال: وقيل الشهيدُ الذي لا يَغيب عن عِلْمه شيء.
والشهيد: الحاضر.
وفَعِيلٌ من أَبنية المبالغة في فاعل فإِذا اعتبر العِلم مطلقاً، فهو العليم، وإِذا أُضيف في الأُمور الباطنة، فهو الخبير، وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الظاهرة، فهو الشهيد، وقد يعتبر مع هذا أَن يَشْهَدَ على الخلق يوم القيامة. ابن سيده: الشاهد العالم الذي يُبَيِّنُ ما عَلِمَهُ، شَهِدَ شهادة؛ ومنه قوله تعالى: شهادَةُ بينِكم إِذا حضر أَحدَكم الموتُ حين الوصية اثنان؛ أَي الشهادةُ بينكم شهادَةُ اثنين فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه.
وقال الفراء: إِن شئت رفعت . . . أكمل المادة اثنين بحين الوصية أَي ليشهد منكم اثنان ذوا عدل أَو آخران من غير دينكم من اليهود والنصارى، هذا للسفر والضرورة إِذ لا تجوز شهادة كافر على مسلم إِلا في هذا.
ورجل شاهِدٌ، وكذلك الأُنثى لأَنَّ أَعْرَفَ ذلك إِنما هو في المذكر، والجمع أَشْهاد وشُهود، وشَهيدٌ والجمع شُهَداء.
والشَّهْدُ: اسم للجمع عند سيبويه، وقال الأَخفش: هو جمع.
وأَشْهَدْتُهُم عليه.
واسْتَشْهَدَه: سأَله الشهادة.
وفي التنزيل: واستشهدوا شَهِيدين.
والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ منه: شَهِدَ الرجلُ على كذا، وربما قالوا شَهْدَ الرجلُ، بسكون الهاء للتخفيف؛ عن الأخفش.
وقولهم: اشْهَدْ بكذا أَي احْلِف.
والتَّشَهُّد في الصلاة: معروف؛ ابن سيده: والتَّشَهُّد قراءَة التحياتُ للهِ واشتقاقه من «أَشهد أَن لا إِله إِلا الله وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله» وهو تَفَعُّلٌ من الشهادة.
وفي حديث ابن مسعود: كان يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يريد تشهد الصلاة التحياتُ.
وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن أَشهد أَن لا إِله إِلا الله: أَعْلَمُ أَن لا إِله إِلا الله وأُبَيِّنُ أَن لا إِله إِلا الله. قال: وقوله أَشهد أَن محمداً رسول الله أَعلم وأُبيِّن أَنَّ محمداً رسول الله.
وقوله عز وجل: شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو؛ قال أَبو عبيدة: معنى شَهِدَ الله قضى الله أَنه لا إِله إِلا هو، وحقيقته عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ لأَن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه، فالله قد دل على توحيده بجميع ما خَلَق، فبيَّن أَنه لا يقدر أَحد أَن يُنْشِئَ شيئاً واحداً مما أَنشأَ، وشَهِدَتِ الملائكةُ لِما عاينت من عظيم قدرته، وشَهِدَ أُولو العلم بما ثبت عندهم وتَبَيَّنَ من خلقه الذي لا يقدر عليه غيره.
وقال أَبو العباس: شهد الله، بيَّن الله وأَظهر.
وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكم أَي بين ما يعلمه وأَظهره، يدل على ذلك قوله: شاهدين على أَنفسهم بالكفر؛ وذلك أَنهم يؤمنون بأَنبياءٍ شعَروا بمحمد وحَثُّوا على اتباعه، ثم خالَفوهم فَكَذَّبُوه، فبينوا بذلك الكفر على أَنفسهم وإِن لم يقولوا نحن كفار؛ وقيل: معنى قوله شاهدين على أَنفسهم بالكفر معناه: أَن كل فِرْقة تُنسب إِلى دين اليهود والنصارى والمجوس سوى مشركي العرب فإِنهم كانوا لا يمتنعون من هذا الاسم، فَقَبُولهم إِياه شَهادَتهم على أَنفسهم بالشرك، وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبَّيْكَ لا شَريكَ لك إِلاَّ شريكٌ هو لكَ تَمْلِكُه وما ملك.
وسأَل المنذريّ أَحمدَ بن يحيى عن قول الله عز وجل: شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو، فقال: كُلُّ ما كان شهد الله فإِنه بمعنى علم الله. قال وقال ابن الأَعرابي: معناه قال الله، ويكون معناه علم الله، ويكون معناه كتب الله؛ وقال ابن الأَنباري: معناه بيَّن الله أَن لا إِله إِلا هو.
وشَهِدَ فلان على فلان بحق، فهو شاهد وشهيد.
واسْتُشِهْدَ فلان، فهو شَهِيدٌ.
والمُشاهَدَةُ: المعاينة.
وشَهِدَه شُهوداً أَي حَضَره، فهو شاهدٌ.
وقَوْم شُهُود أَي حُضور، وهو في الأَصل مصدر، وشُهَّدٌ أَيضاً مثل راكِع ورُكّع.
وشَهِدَ له بكذا شَهادةً أَي أَدّى ما عنده من الشَّهادة، فهو شاهِد، والجمع شَهْدٌ مثل صاحِب وصَحْب وسافر وسَفْرٍ، وبعضهم يُنْكره، وجمع الشَّهْدِ شُهود وأَشْهاد.
والشَّهِيدُ: الشَّاهِدُ، والجمع الشُّهَداء.
وأَشْهَدْتُه على كذا فَشَهِدَ عليه أَي صار شاهداً عليه.
وأَشْهَدْتُ الرجل على إِقرار الغريم واسْتَشْهَدتُه بمعنًى؛ ومنه قوله تعالى: واسْتَشْهِدُوا شَهيدَيْن من رجالكم؛ أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْن. يقال للشاهد: شَهيد ويُجمع شُهَداءَ.
وأَشْهَدَني إِمْلاكَه: أَحْضَرني.
واسْتَشْهَدْتُ فلاناً على فلان إِذا سأَلته اقامة شهادة احتملها.
وفي الحديث: خَيْرُ الشُّهَداءِ الذي يأْتي بِشهَادَتِه قبل إنْ يُسْأَلَها؛ قال ابن الأَثير: هو الذي لا يعلم صاحبُ الحق أَنَّ له معه شَهادةً؛ وقيل: هي في الأَمانة والوَديعَة وما لا يَعْلَمُه غيره؛ وقيل: هو مثَلٌ في سُرْعَةِ إِجابة الشاهد إِذا اسْتُشْهِدَ أَن لا يُؤَخِّرَها ويَمْنَعَها؛ وأَصل الشهادة: الإِخْبار بما شاهَدَه.
ومنه: يأْتي قوم يَشْهَدون ولا يُسْتَشْهَدون، هذا عامّ في الذي يُؤدّي الشهادَةَ قبل أَن يَطْلُبها صاحبُ الحق منه ولا تُقبل شهادَتُه ولا يُعْمَلُ بها، والذي قبله خاص؛ وقيل: معناه هم الذين يَشْهَدون بالباطل الذي لم يَحْمِلُوا الشهادَةَ عليه ولا كانت عندهم.
وفي الحديث: اللّعَّانون لا يكونون شهداء أَي لا تُسْمَعُ شهادتهم؛ وقيل: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأُمم الخالية.
وفي حديث اللقطة: فَلْيُشْهِدْ ذا عَدْل؛ الأَمْرُ بالشهادة أَمْرُ تأْديب وإِرْشادٍ لما يُخافُ من تسويلِ النفس وانْبِعاثِ الرَّغْبة فيها، فيدعوه إِلى الخِيانة بعد الأَمانة، وربما نزله به حادِثُ الموت فادّعاها ورثَتُه وجعلوها قي جمل تَرِكَتِه.
وفي الحديث: شاهداك أَو يَمِينُه؛ ارتفع شاهداك بفعل مضمر معناه ما قال شاهِداكَ؛ وحكى اللّحياني: إِنَّ الشَّهادةَ ليَشْهَدونَ بكذا أَي أَهلَ الشَّهادَة، كما يقال: إِن المجلس لَيَشْهَدُ بكذا أَي أَهلَ المجلس. ابن بُزرُج: شَهِدْتُ على شَهادَة سَوْءٍ؛ يريد شُهَداءَ سوء.
وكُلاَّ تكون الشَّهادَة كَلاماً يُؤَذَّى وقوماً يَشْهَدُون.
والشاهِدُ والشَّهيد: الحاضر، والجمع شُهَداء وشُهَّدٌ وأَشْهادٌ وشُهودٌ؛ وأَنشد ثعلب:كأَني، وإِن كانَتْ شُهوداً عَشِيرَتي، إِذا غِبْتَ عَنّى يا عُثَيْمُ، غَريبُ أَي إِذا غِبْتَ عني فإِني لا أُكلِّم عشيرتي ولا آنَسُ بهم حجتى كأَني غريب. الليث: لغة تميمِ شهيد، بكسر الشين، يكسرون فِعِيلاً في كل شيء كان ثانيه أَحد حروف الحلق، وكذلك سُفْلى مُصغر يقولون فِعِيلاً، قال: ولغة شَنْعاءُ يكسرون كل فِعِيل، والنصب اللغة العالية.
وشَهدَ الأَمَر والمِصْرَ شَهادَةً، فهو شاهدٌ، من قوْم شُهَّد، حكاه سيبويه.
وقوله تعالى: وذلك يومٌ مَشْهودٌ، أَي محضور يَحضُره أَهل السماءِ والأَرض.
ومثله: إِنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً؛ يعني صلاة الفجر يَحْضُرها ملائكة الليل وملائكة النهار.
وقوله تعالى: أَو أَلقى السمع وهو شهيد؛ أَي أَحْضَرَ سمعه وقلبُهُ شاهدٌ لذلك غَيْرُ غائب عنه.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: وشَهِيدُكَ على أُمَّتِك يوم القيامة أَي شاهِدُك.
وفي الحديث: سيدُ الأَيام يوم الجمعة هو شاهد أَي يَشْهَدُ لمن حضر صلاتَه.
وقوله: فشهادَةُ أَحدِهم أَربع شهادات بالله؛ الشهادة معناها اليمين ههنا.
وقوله عز وجلّ: إِنا أَرسلناك شاهداً؛ أَي على أُمتك بالإِبْلاغ والرسالة، وقيل: مُبَيِّناً.
وقوله: ونزعنا من كل أُمة شهيداً؛ أَي اخْتَرْنا منها نبيّاً، وكلُّ نبي شَهِيدُ أُمَّتِه.
وقوله، عز وجل: تبغونها عِوَجاً وأَنْتم شُهَداء؛ أي أَنتم تشهدون وتعلمون أَن نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، حق لأَن الله، عز وجل، قد بينه في كتابكم.
وقوله عز وجل: يوم يقوم الأَشْهادُ؛ يعني الملائكة، والأَشهادُ: جمع شاهد مثل ناصر وأَنصار وصاحب وأَصحاب، وقيل: إِن الأَشْهاد هم الأَنبياءُ والمؤمنون يَشْهدُون على المكذبين بمحمد، صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد ويَتْلُوه شاهد منه أَي حافظٌ مَلَكٌ.
وروى شمِر في حديث أَبي أَيوب الأَنصاري: أَنه ذكَرَ صلاة العصر ثم قال: قلنا لأَبي أَيوب: ما الشَّاهِدُ؟ قال: النَّجمُ كأَنه يَشْهَدُ في الليل أَي يحْضُرُ ويَظْهَر.
وصلاةُ الشاهِدِ: صلاةُ المغرب، وهو اسمها؛ قال شمر: هو راجع إِلى ما فسره أَبو أَيوب أَنه النجم؛ قال غيره: وتسمى هذه الصلاةُ صلاةَ البَصَرِ لأَنه تُبْصَرُ في وقته نجوم السماء فالبَصَرُ يُدْرِكُ رؤْيةَ النجم؛ ولذلك قيل له (* قوله «قيل له» أي المذكور صلاة إلخ فالتذكير صحيح وهو الموجود في الأَصل المعول عليه.) صلاةُ البصر، وقيل في صلاةِ الشاهد: إِنها صلاةُ الفجر لأَنَّ المسافر يصليها كالشاهد لا يَقْصُرُ منها؛ قال: فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذانِ الأَوَّلِ تَيْماء، والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَل، قَبْلَ صلاةِ الشاهِدِ المُسْتَعْجل وروي عن أَبي سعيد الضرير أَنه قال: صلاة المغرب تسمى شاهداً لاستواءِ المقيم والمسافر فيها وأَنها لا تُقْصَر؛ قال أَبو منصور: والقَوْلُ الأَوَّل، لأَن صلاة الفجر لا تُقْصَر أَيضاً ويستوي فيها الحاضر والمسافر ولم تُسَمَّ شاهداً.
وقوله عز وجل: فمن شَهِدَ منكم الشهر قليصمه؛ معناه من شَهْدِ منكم المِصْرَ في الشهر لا يكون إِلا ذلك لأَن الشهر يَشْهَدُهُ كلُّ حَيٍّ فيه؛ قال الفراء: نَصَبَ الشهر بنزع الصفة ولم ينصبه بوقوع الفعل عليه؛ المعنى: فمن شَهِدَ منكم في الشهر أَي كان حاضراً غير غائب في سفره.
وشاهَدَ الأَمرَ والمِصر: كَشهِدَه.
وامرأَة مُشْهِدٌ: حاضرة البعل، بغير هاءٍ.
وامرأَة مُغِيبَة: غاب عنها زوجها.
وهذه بالهاءِ، هكذا حفظ عن العرب لا على مذهب القياس.
وفي حديث عائشة: قالت لامرأَة عثمان بن مَظْعُون وقد تَرَكَت الخضاب والطِّيبَ: أَمُشْهِدٌ أَم مُغِيبٌ؟ قالت: مُشْهِدٌ كَمُغِيبٍ؛ يقال: امرأَة مُشْهِدٌ إِذا كان زوجها حاضراً عندها، ومُغِيبٌ إِذا كان زوجها غائباً عنها.
ويقال فيه: مُغِيبَة ولا يقال مُشْهِدَةٌ؛ أَرادت أَن زوجها حاضر لكنه لا يَقْرَبُها فهو كالغائب عنها.
والشهادة والمَشْهَدُ: المَجْمَعُ من الناس.
والمَشْهَد: مَحْضَرُ الناس.
ومَشاهِدُ مكة: المَواطِنُ التي يجتمعون بها، من هذا.
وقوله تعالى: وشاهدٍ ومشهودٍ؛ الشاهِدُ: النبي، صلى الله عليه وسلم، والمَشْهودُ: يومُ القيامة.
وقال الفراءُ: الشاهِدُ يومُ الجمعة، والمشهود يوم عرفةَ لأَن الناس يَشْهَدونه ويَحْضُرونه ويجتمعون فيه. قال: ويقال أَيضاً: الشاهد يومُ القيامة فكأَنه قال: واليَوْمِ الموعودِ والشاهد، فجعل الشاهد من صلة الموعود يتبعه في خفضه.
وفي حديث الصلاة: فإِنها مَشْهودة مكتوبة أَي تَشْهَدُها الملائكة وتَكتُبُ أَجرها للمصلي.
وفي حديث صلاة الفجر: فإِنها مَشْهودة مَحْضورة يَحْضُرها ملائكة الليل والنهار، هذه صاعِدةٌ وهذه نازِلَةٌ. قال ابن سيده: والشاهِدُ من الشهادة عند السلطان؛ لم يفسره كراع بأَكثر من هذا.
والشَّهِيدُ: المقْتول في سبيل الله، والجمع شُهَداء.
وفي الحديث: أَرواحُ الشهَداءِ قي حَواصِل طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ من وَرَق (* قوله «تعلق من ورق إلخ» في المصباح علقت الإبل من الشجر علقاً من باب قتل وعلوقاً: أكلت منها بأفواهها.
وعلقت في الوادي من باب تعب: سرحت.
وقوله، عليه السلام: أرواح الشهداء تعلق من ورق الجنة، قيل: يروى من الأَول، وهو الوجه اذ لو كان من الثاني لقيل تعلق في ورق ، وقيل من الثاني، قال القرطبي وهو الأكثر.) الجنة، والإسم الشهادة.
واسْتُشْهِدَ: قُتِلَ شهِيداً.
وتَشَهَّدَ: طلب الشهادة.
والشَّهِيدُ: الحيُّ؛ عن النصر بن شميل في تفسير الشهيد الذي يُسْتَشْهَدُ: الحيّ أَي هو عند ربه حيّ. ذكره أَبو داود (* قوله «ذكره أبو داود إلى قوله قال أبو منصور» كذا بالأصل المعول عليه ولا يخفى ما فيه من غموض.
وقوله «كأن أرواحهم» كذا به أيضاً ولعله محذوف عن لان أرواحهم.) أَنه سأَل النضر عن الشهيد فلان شَهِيد يُقال: فلان حيّ أَي هو عند ربه حيّ؛ قال أَبو منصور: أُراه تأَول قول الله عز وجل: ولا تحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أَمواتاً بل أَحياءٌ عند ربهم؛ كأَنَّ أَرواحهم أُحْضِرَتْ دارَ السلام أَحياءً، وأَرواح غَيْرِهِم أُخِّرَتْ إِلى البعث؛ قال: وهذا قول حسن.
وقال ابن الأَنباري: سمي الشهيد شهيداً لأَن اللهَ وملائكته شُهودٌ له بالجنة؛ وقيل: سُمُّوا شهداء لأَنهم ممن يُسْتَشْهَدُ يوم القيامة مع النبي، صلى الله عليه وسلم، على الأُمم الخالية. قال الله عز وجل: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً؛ وقال أَبو إِسحق الزجاج: جاءَ في التفسير أَن أُمم الأَنبياء تكَذِّبُ في الآخرة من أُرْسِلَ إِليهم فيجحدون أَنبياءَهم، هذا فيمن جَحَدَ في الدنيا منهم أَمْرَ الرسل، فتشهَدُ أُمة محمد، صلى الله عليه وسلم، بصدق الأَنبياء وتشهد عليهم بتكذيبهم، ويَشْهَدُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، لهذه بصدقهم. قال أَبو منصور: والشهادة تكون للأَفضل فالأَفضل من الأُمة، فأَفضلهم من قُتِلَ في سبيل الله، مُيِّزوا عن الخَلْقِ بالفَضْلِ وبيَّن الله أَنهم أَحياءٌ عند ربهم يُرْزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله؛ ثم يتلوهم في الفضل من عدّه النبي، صلى الله عليه وسلم، شهيداً فإِنه قال: المَبْطُونُ شَهيد، والمَطْعُون شَهِيد. قال: ومنهم أَن تَمُوتَ المرأَةُ بِجُمَع.
ودل خبر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُنْكَراً وأَقام حَقّاً ولم يَخَفْ في الله لَومَة لائم أَنه في جملة الشهداء، لقوله، رضي الله عنه: ما لكم إِذا رأَيتم الرجل يَخْرِقُ أَعْراضَ الناس أَن لا تَعْزِمُوا عليه؟ قالوا: نَخافُ لسانه، فقال: ذلك أَحْرَى أَن لا تكونوا شهداء. قال الأَزهري: معناه، والله أَعلم، أَنَّكم إِذا لم تَعْزِموا وتُقَبِّحوا على من يَقْرِضُ أَعْراضَ المسلمين مخافة لسانه، لم تكونوا في جملة الشهداء الذين يُسْتَشهَدُون يوم القيامة على الأُمم التي كذبت أَنبياءَها في الدنيا. الكسائي: أُشْهِدَ الرجلُ إِذا استُشهد في سبيل الله، فهو مُشْهَدٌ، بفتح الهاءِ؛ وأَنشد: أَنا أَقولُ سَأَموتُ مُشْهَداً وفي الحديث: المبْطُونُ شَهِيدٌ والغَريقُ شَهيدٌ؛ قال: الشهيدُ في الأَصل من قُتِلَ مجاهداً في سبيل الله، ثم اتُّسِعَ فيه فأُطلق على من سماه النبي، صلى الله عليه وسلم، من المَبْطُون والغَرِق والحَرِق وصاحب الهَدْمِ وذات الجَنْب وغيرِهم، وسُمِّيَ شَهيداً لأَن ملائكته شُهُودٌ له بالجنة؛ وقيل: لأَن ملائكة الرحمة تَشْهَدُه، وقيل: لقيامه بشهادَة الحق في أَمْرِ الله حتى قُتِلَ، وقيل: لأَنه يَشْهَدُ ما أَعدّ الله له من الكرامة بالقتل، وقيل غير ذلك، فهو فَعيل بمعنى فاعل وبمعنى مفعول على اختلاف التأْويل.
والشَّهْدُ والشُّهْد: العَسَل ما دام لم يُعْصَرْ من شمَعِه، واحدته شَهْدَة وشُهْدَة ويُكَسَّر على الشِّهادِ؛ قال أُمية: إِلى رُدُحٍ، من الشِّيزى، مِلاءٍ لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ (* قوله «ملاء» ككتاب، وروي بدله عليها.) أَي من لباب البر يعني الفالوذَق.
وقيل: الشَّهْدُ والشُّهْدُ والشَّهْدَة العَسَلُ ما كان.
وأَشْهَدَ الرجُل: بَلَغَ؛ عن ثعلب.
وأَشْهَدَ: اشْقَرَّ واخْضَرَّ مِئْزَرُه.
وأَشْهَدَ: أَمْذَى، والمَذْيُ: عُسَيْلَةٌ. أَبو عمرو: أَشْهَدَ الغلام إِذا أَمْذَى وأَدرَك.
وأَشْهَدت الجاريةُ إِذا حاضت وأَدْركتْ؛ وأَنشد: قامَتْ تُناجِي عامِراً فأَشْهَدا، فَداسَها لَيْلَتَه حتى اغْتَدَى والشَّاهِدُ: الذي يَخْرُجُ مع الولد كأَنه مُخاط؛ قال ابن سيده: والشُّهودُ ما يخرجُ على رأْس الولد، واحِدُها شاهد؛ قال حميد بن ثور الهلالي:فجاءَتْ بِمثْلِ السَّابِرِيِّ، تَعَجَّبوا له، والصَّرى ما جَفَّ عنه شُهودُها ونسبه أَبو عبيد إِلى الهُذَلي وهو تصحيف.
وقيل: الشُّهودُ الأَغراس التي تكون على رأْس الحُوار.
وشُهودُ الناقة: آثار موضع مَنْتَجِها من سَلًى أَو دَمٍ.
والشَّاهِدُ: اللسان من قولهم: لفلان شاهد حسن أَي عبارة جميلة.
والشاهد: المَلَك؛ قال الأَعشى: فلا تَحْسَبَنِّي كافِراً لك نَعْمَةً على شاهِدي، يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ وقال أَبو بكر في قولهم ما لفلان رُواءٌ ولا شاهِدٌ: معناه ما له مَنْظَرٌ ولا لسان، والرُّواءُ المَنظَر، وكذلك الرِّئْيِ. قال الله تعالى: أَحسنُ أَثاثاً ورِئْياً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: لله دَرُّ أَبيكَ رَبّ عَمَيْدَرٍ، حَسَن الرُّواءِ، وقلْبُه مَدْكُوكُ قال ابن الأَعرابي: أَنشدني أَعرابي في صفة فرس: له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْه وشاهِدُ قال: الشاهِدُ مِن جَرْيِهِ ما يشهد له على سَبْقِه وجَوْدَتِهِ، وقال غيره: شاهِدُه بذله جَرْيَه وغائبه مصونُ جَرْيه.

برق (لسان العرب) [0]


قال ابن عباس: البَرْقُ سَوط من نور يَزجرُ به الملَكُ السحاب.
والبَرْقُ: واحد بُروق السحاب.
والبَرقُ الذي يَلمع في الغيم، وجمعه بُروق.
وبرَقت السماء تَبْرُق بَرْقاً وأَبْرَقتْ: جاءَت بِبَرق.
والبُرْقةُ: المِقْدار من البَرْق، وقرئ: يكاد سنَا بُرَقِه، فهذا لا محالة جمع بُرْقة.
ومرت بنا الليلةَ سحابة برّاقة وبارقةٌ أَي سحابة ذات بَرْق؛ عن اللحياني.
وأَبْرَق القوم: دخلوا في البَرْق، وأَبرقُوا البرْق: رأَوْه؛ قال طُفَيْل: ظعائن أَبْرَقْنَ الخَرِيفَ وشِمْنَه، وخِفْنَ الهُمامَ أَن تُقاد قَنَابِلُهْ قال الفارسي: أَراد أَبْرَقْن بَرْقه.
ويقال: أَبرقَ الرجل إذا أَمَّ البرقَ أَي قصَده.
والبارِقُ: سحاب ذو بَرْق.
والسحابة بارقةٌ، وسحابةٌ بارقة: ذات بَرق.
ويقال: ما فعلت البارقة التي رأَيتَها البارحة؟ يعني السحابة التي يكون فيها . . . أكمل المادة بَرق؛ عن الأَصمعي. بَرَقَت السماء ورعَدَت بَرَقاناً أَي لَمَعَت.
وبرَق الرَّجل ورعَد يرعُد إذا تهدّد؛ قال ابن أَحمر: يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليكَ بِلادُنا وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرْضِكَ وارْعُدِ وبرَق الرجل وأبرَق: تهدَّد وأَوْعد، وهو من ذلك، كأَنه أَراه مَخِيلةَ الأَذى كما يُري البرقُ مخيلةَ المطَر؛ قال ذو الرمة: إذا خَشِيَتْ منه الصَّرِيمة، أَبرَقَتْ له بَرْقةً من خُلَّبٍ غير ماطِرِ جاء بالمصدر على برَقَ لإن أَبْرَقَ وبرَق سواء، وكان الأَصمعي ينكر أَبْرق وأَرعد ولم يك يرى ذا الرُّمة حُجةً؛ وكذلك أَنشد بيت الكميت: أَبْرِقْ وأَرْعِد يا يزيـ ـدُ، فما وَعِيدُك لي بِضائرْ فقال: هو جُرْمُقانِيّ. الليث: البَرق دخِيل في العربية وقد استعملوه، وجمعه البِرْقان.
وأَرْعَدْنا وأَبْرَقْنا بمكان كذا وكذا أَي رأَينا البرق والرعد.
ويقال: برْق الخُلَّبِ وبرقُ خُلَّبٍ، بالإضافة، وبرقٌ خُلَّبٌ بالصفة، وهو الذي ليس فيه مطر.
وأَرعَد القومُ وأَبرَقُوا أَي أَصابهم رَعْد وبَرق.
واستَبْرَقَ المكانُ إذا لَمَع بالبرق؛ قال الشاعر: يَسْتَبْرِقُ الأُفُقُ الأَقصَى، إذا ابْتَسَمَتْ، لَمْعَ السُّيُوفِ، سِوَى أَغْمادِها، القُضُبِ وفي صفة أَبي إدريسَ: دخلْت مسجد دِمَشْقَ فإذا فتى بَرّاقُ الثنايا؛ وصَف ثناياه بالحُسن والضِّياء (*قوله «والضياء» الذي في النهاية: والصفاء) وأنها تَلْمَع إذا تبسَّم كالبرق، أَراد صفة وجهه بالبِشْر والطَّلاقة؛ ومنه الحديث: تَبْرقُ أَساريرُ وجههِ أَي تلمع وتَسْتَنِيرُ كالبَرْق. بَرق السيفُ وغيره يَبْرُق بَرْقاً وبَرِيقاً وبرُوقاً وبَرَقاناً: لمَع وتَلأْلأَ، والاسم البَريق.
وسيفٌ إبْريق: كثير اللَّمَعان والماء؛ قال ابن أَحمر: تَعَلَّق إبْرِيقاً، وأَظهر جَعْبةً ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاء وجامِلِ والإبْريقُ: السيفُ الشديدُ البَرِيق؛ عن كراع، قال: سمي به لفعله، وأَنشد البيت المتقدم؛ وقال بعضهم: الإبريق السيف ههنا، سمي به لبَرِيقِه ، وقال غيره: الإبريق ههنا قَوْس فيه تَلامِيعُ.
وجاريةٌ إبريقٌ: برّاقة الجسم.
والبارِقةُ: السيوفُ على التشبيه بها لبياضها.
ورأَيت البارِقةَ أي بريقَ السلاح؛ عن اللحياني.
وفي الحديث: كفى ببارقة السيوف على رأْسه فتنةً أي لَمَعانِها.
وفي حديث عَمّار، رضي الله عنه: الجنةُ تحت البارقة أي تحت السيوف. يقال للسلاح إذا رأيت برِيقَه: رأيتُ البارقة.
وأبرَق الرجل إذا لمع بسيفه وبَرق به أيضاً، وأبرَق بسيفه يُبْرق إذا لمع به.
ولا أَفعله ما برَق في السماء نجم أَي ما طلع، عنه أَيضاً، وكله من البرق.
والبُراق: دابّة يركبها الأَنبياء، عليهم السلام، مشتقة من البَرْق، وقيل: البراق فرس جبريل، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. الجوهري: البراق اسم دابة ركبها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة المِعْراج، وذُكر في الحديث قال: وهو الدابة التي ركبها ليلة الإسْراء؛ سمي بذلك لنُصوع لونه وشدَّة بريقه، وقيل: لسُرعة حركته شبهه فيها بالبَرْق.
وشيءٌ برّاقٌ: ذو بَرِيق.
والبُرقانة: دُفْعة (*قوله «والبرقانة دفعة» ضبطت في الأصل الباء بالضم.) البريق.
ورجل بُرْقانٌ: بَرَّاقُ البدن.
وبرَّقَ بصَرَه: لأْلأَ به. الليث: برَّق فلان بعينيه تَبْريقاً إذا لأْلأَ بهما من شدَّة النظر؛ وأَنشد: وطَفِقَتْ بعَيْنِها تَبْريقا نحوَ الأَميرِ، تَبْتَغي تَطْليقا وبرَّقَ عينيه تبريقاً إذا أَوسَعَهما وأَحدَّ النظر.
وبرَّق: لوَّح بشيء ليس له مِصْداق، تقول العرب: برَّقْت وعرَّقْت؛ عرَّقْتُ أَي قلَّلت.
وعَمِل رجل عَمَلاً فقال له صاحبه: عرَّفْتَ وبرَّقت لوَّحتَ بشيء ليس له مِصداق.
وبَرِقَ بصرُه بَرَقاً وبرَق يبرُق بُرُوقاً؛ الأَخيرة عن اللحياني: دَهِشَ فلم يبصر، وقيل: تحيَّر فلم يَطْرِفْ؛ قال ذو الرمة: ولو أنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَتْ لعَينيْهِ مَيٌّ سافِراً، كادَ يَبْرَقُ وفي التنزيل: فإذا بَرِقَ البصر، وبَرَقَ، قُرئ بهما جميعاً؛ قال الفراء: قرأَ عاصم وأَهل المدينة برِق، بكسر الراء، وقرأَها نافع وحده برَق، بفتح الراء، من البَريق أَي شخَص، ومن قرأَ بَرِقَ فمعناه فَزِع؛ وأَنشد قول طرَفة: فنَفْسَكَ فانْعَ ولا تَنْعَني، وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ يقول: لا تَفزَعْ من هَوْل الجِراح التي بك، قال: ومن قرأَ بَرَق يقول فتح عينيه من الفزَع، وبرَقَ بصرُه أيضاً كذلك.
وأَبرَقَه الفزَعُ.
والبَرَقُ أيضاً: الفزع.
ورجل بَرُوقٌ: جَبان. ثعلب عن ابن الأَعرابي: البُرْقُ الضِّبابُ، والبُرْقُ العين المُنْفتحة.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لكل داخل بَرْقة أَي دَهْشة، والبَرَقُ: الدهِشُ.
وفي حديث عَمرو: أَنه كتب إلى عمر، رضي الله عنهما: إنَّ البحر خَلْق عظيم يَرْكبه خَلق ضَعيف دُود على عُود بين غرَق وبَرَق؛ البَرَقُ، بالتحريك: الحَيْرة والدهَش.
وفي حديث الدعاء: إذا برقت الأَبصار، يجوز كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحَيْرة، والفتح بمعنى البريق اللُّموع.
وفي حديث وَحْشِيّ: فاحتمله حتى إذا برِقَت قدماه رمَى به أَي ضَعُفتا وهو من قولهم برَق بصره أَي ضعف.
وناقة بارق: تَشَذَّرُ بذنبها من غير لقَح؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَبرَقَت الناقةُ بذَنبها، وهي مُبرِق وبَرُوقٌ؛ الأَخيرة شاذة: شالت به عند اللَّقاح، وبرَقت أَيضاً، ونُوق مَبارِيقُ؛ وقال اللحياني: هو إذا شالَت بذنبها وتلقَّحت وليست بلاقح.
وتقول العرب: دَعْني من تَكْذابِك وتأْثامك شَوَلانَ البَرُوق؛ نصب شولان على المصدر أَي أَنك بمنزلة الناقة التي تُبْرِق بذنبها اي تشولُ به فتوهمك أَنها لاقح، وهي غير لاقح، وجمع البَرُوق بُرْقٌ.
وقول ابن الأَعرابي، وقد ذكر شهرَزُورَ: قبّحها الله إنّ رجالها لنُزْق وإنَّ عقاربها لبُرْق أَي أَنها تشول بأَذنابها كما تشول الناقة البَروق.
وأَبرقت المرأَة بوجهها وسائر جسمها وبرَقت؛ الأَخيرة (*قوله «الاخيرة إلخ» ضبطت في الأصل بتخفيف الراء، ونسب في شرح القاموس برّقت مشددة للحياني.) عن اللحياني، وبرَّقَت إذا تعرَّضت وتحسَّنت، وقيل: أَظْهرته على عَمْد؛ قال رؤبة: يَخْدَعْنَ بالتبْريق والتأَنُّث وامرأَة برَّاقة وإبْريق: تفعل ذلك. اللحياني: امرأَة إبريق إذا كانت برَّاقة.
ورعَدت المرأَة وبرَقَت أَي تزيَّنت.
والبُرْقانةُ: الجَرادة المتلوّنة، وجمعها بُرْقانٌ.
والبُرْقةُ والبَرْقاء: أَرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، وجمعها بُرَقٌ وبِراقٌ، شبهوه بِصِحاف لأَنه قد استعمل استعمال الأَسماء، فإذا اتسعت البُرقة فهي الأَبْرَقُ، وجمعه أَبارق، كسِّر تكسير الأَسماء لغلبته. الأَصمعي: الأَبْرقُ والبَرْقاء غِلَظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة، وكذلك البُرْقة، وجمع البَرقاء بَرْقاوات، وتجمع البُرقة بِراقاً.
ويقال: قُنْفُذُ بُرْقةٍ كما يقال ضَبُّ كُدْية، والجمع بُرَقٌ.
وتَيْسٌ أَبرقُ: فيه سواد وبياض. قال اللحياني: من الغنم أَبرق وبَرقاء للأُنثى، وهو من الدوابّ أَبلَق وبَلْقاء، ومن الكلاب أَبقَع وبَقْعاء.
وفي الحديث: أَبْرِقُوا فإنَّ دمَ عَفْراء أَزكى عند الله من دم سَوْداوين، أَي ضَحُّوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خِلال صوفها الأَبيض طاقات سود، وقيل: معناه اطلُبوا الدَّسَمَ والسِّمَن، من بَرَقْت له إذا دسَّمْتَ طعامه بالسمْن.
وجبَل أَبرقُ: فيه لونانِ من سواد وبياض، ويقال للجبَل أَبرقُ لبُرْقة الرمل الذي تحته. ابن الأَعرابي: الأَبرقُ الجبل مخلوطاً برمل، وهي البُرْقةُ ذاتُ حجارة وتراب، وحجارتها الغالب عليها البياض وفيها حجارة حُمر وسود، والترابُ أَبيض وأَعْفر وهو يَبْرُقُ لك بلوْن حجارتها وترابها، وإنما بَرْقُها اختلافُ ألوانها، وتُنْبِت أَسنادُها وظهرُها البقْلَ والشجر نباتاً كثيراً يكون إلى جنبها الرَّوضُ أحياناً؛ ويقال للعين بَرْقاء لسواد الحَدقة مع بياض الشحْمة؛ وقول الشاعر: بمُنْحَدِرٍ من رأْسِ بَرْقاءَ، حَطَّه تذَكُّرُ بَيْنٍ من حَبِيبٍ مُزايِلِ (*قوله «تذكر» في الصحاح: مخافة). يعني دَمْعاً انحدَرَ من العين، وفي المحكم: أَراد العين لاختلاطها بلونين من سواد وبياض.
ورَوْضة بَرْقاء: فيها لونان من النبْت؛ أَنشد ثعلب:لدى رَوْضةٍ قَرْحاءَ بَرْقاء جادَها، من الدَّلْوِ والوَسْمِيِّ، طَلٌّ وهاضِبُ ويقال للجراد إذا كان فيه بياض وسواد: بُرْقانٌ؛ وكلُّ شيء اجتمع فيه سواد وبياض، فهو أَبْرق. قال ابن برّي: ويقال للجَنادِب البُرْقُ؛ قال طَهْمان الكلابي: قَطَعْت، وحِرْباء الضُّحى مُتَشَوِّسٌ، ولِلْبُرْقِ يَرْمَحْنَ المِتانَ نَقِيقُ والنَّقِيق: الصَّرِير. أبو زيد: إذا أَدَمْتَ الطعام بدَسَم قليل قلت بَرَقْتُه أَبْرُقُه بَرْقاً.
والبُرْقةُ: قِلَّة الدسَم في الطعام.
وبَرَقَ الأُدْمَ بالزيت والدسَم يَبْرُقُه بَرْقاً وبُروقاً: جعل فيه شيئاً يسيراً، وهي البَريقة، وجمعها بَرائقُ، وكذلك التبارِيقُ.
وبرَق الطعامَ يبرُقه إذا صب فيه الزيت.
والبَريقةُ: طعام فيه لبن وماء يُبْرَقُ بالسمْن والإهالةِ؛ ابن السكيت عن أَبي صاعد: البَرِيقةُ وجمعها بَرائقُ وهي اللبن يُصَبُّ عليه إهالةٌ أو سمن قليل.
ويقال: ابْرُقوا الماء بزيت أي صبُّوا عليه زيتاً قليلاً.
وقد بَرَقُوا لنا طعاماً بزيت أو سمْن برْقاً: وهو شيء منه قليل لم يُسَغْسِغُوه أَي لم يُكثروا دُهْنه. المُؤرِّج: بَرَّق فلان تبريقاً إذا سافر سفراً بعيداً، وبَرَّقَ منزله أي زَيَّنه وزَوَّقَه، وبرَّقَ فلان في المعاصي إذا أَلَحَّ فيها، وبَرَّق لي الأَمْرُ أي أعْيا علَيَّ.
وبَرَق السِّقاءُ يَبْرُق بَرْقاً وبُروقاً: أصابه حرٌّ فذابَ زُبْده وتقطَّع فلم يجتمع. يقال: سِقاء بَرِقٌ.
والبُرَقِيُّ: الطُّفَيْلِيُّ، حجازيَّة.
والبَرَقُ: الحَمَلُ، فارسيّ معرّب، وجمعه أبْراقٌ وبِرْقانٌ وبُرقان.
وفي حديث الدجال: أن صاحِبَ رايتِه في عَجْب ذَنبه مثل أَلْيةِ البَرَقِ وفيه هُلْباتٌ كهُلْبات الفرس؛ البرق، بفتح الباء والراء: الحمَل، وهو تعريب بَرَهْ بالفارسية.
وفي حديث قتادة: تسُوقُهم النارُ سَوقَ البَرَقِ الكَسِير أي المكسور القَوائم يعني تسوقهم النار سَوْقاً رَفِيقاً كما يُساق الحَمَل الظالع.
والإبْرِيقُ: إناء، وجمعه أبارِيقُ، فارسي معرب؛ قال ابن بري: شاهده قول عديّ بن زيد: ودَعا بالصَّبُوحِ، يوماً، فجاءَتْ قَيْنةٌ في يَمينِها إبْرِيقُ وقال كراع: هو الكُوز.
وقال أبو حنيفة مرة: هو الكوز، وقال مرة: هو مثل الكوز وهو في كل ذلك فارسي.
وفي التنزيل: يَطُوف عليهم وِلدان مُخلَّدون بأَكْواب وأَبارِيقَ؛ وأَنشد أبو حنيفة لشُبْرُمةَ الضَّبِّي: كأَنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيّةً إوَزٌّ بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحناجِرِ والعرب تشبه أبارِيقَ الخمر برقاب طير الماء؛ قال أبو الهِنْدِيّ: مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها رِقابُ بناتِ الماء أَفْزَعَها الرَّعْد وقال عدي بن زيد: بأَبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الـ ـماءِ قد جِيبَ، فوْقَهُنَّ، حَنِيفُ ويشبهون الإبْرِيق أيضاً بالظبي؛ قال عَلْقَمةُ بن عَبْدة: كأَنَّ إبْرِيقَهم ظبيٌ على شَرَفٍ، مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثُومُ وقال آخر كأنَّ أبارِيقَ المُدامِ لدَيْهِمُ ظِباء، بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ، قِيامُ وشبّه بعضُ بني أسد أُذن الكُوز بياء حطِّي؛ فقال أبو الهندي اليَرْبوعِيّ: وصُبِّي في أُبَيْرِقٍ مَلِيحٍ، كأنَّ الأُذْن منه رَجْعُ حُطِّي والبَرْوَقُ: ما يكْسُو الأَرض من أَوّل خُضْرة النبات، وقيل: هو نبت معروف؛ قال أبو حنيفة: البَرْوَقُ شجر ضعيف له ثمر حبٌّ أسود صغار، قال: أَخبرني أَعرابي قال: البَرْوَقُ نبت ضعيف رَيّانُ له خِطَرةٌ دِقاقٌ، في رُؤوسِها قَماعِيلُ صِغار مثل الحِمَّص، فيها حبّ أسود ولا يرعاها شيء ولا تؤكل وحدها لأَنها تُورِث التَّهَبُّجَ؛ وقال بعضهم: هي بقلة سَوْء تَنْبُت في أوّل البقل لها قَصبة مثل السِّياط وثمرة سَوْداء، واحدته بَرْوَقة.
وتقول العرب: هو أشكَرُ من بَرْوقٍ، وذلك أنه يَعِيشُ بأدْنى ندَّى يقع من السماء، وقيل: لأَنه يخضرّ إذا رأى السحاب.
وبَرِقَت الإبل والغنم، بالكسر، تَبْرَق بَرَقاً إذا اشْتَكت بُطونها من أكل البَرْوَق؛ ويقال أيضاً: أضْعفُ من بَرْوقةٍ؛ قال جرير: كأَنَّ سُيوفَ التَّيْمِ عيدانُ بَرْوَقٍ، إذا نُضِيَت عنها لحَرْبٍ جُفُونُها وبارِقٌ وبُرَيْرِقٌ وبُرَيْقٌ وبُرْقان وبَرّاقة: أَسماء.
وبنو أبارِقَ: قبيلة.
وبارِقٌ: موضع إليه تُنسب الصِّحافُ البارقية؛ قال أبو ذؤيب:فما إنْ هُما في صَحْفةٍ بارِقِيّةٍ جَديدٍ، أُمِرَّتْ بالقَدُومِ وبالصَّقْلِ أَراد وبالمِصْقلة، ولولا ذلك ما عطَف العرَض على الجَوْهَر.
وبِراقٌ: ماء بالشام؛ قال: فأَحْمَى رأْسَه بِصَعيدِ عَكٍّ، وسائرَ خَلْقِه بَجبا بِراقِ وبارق: قبيلة من اليمن منهم مُعَقَّر بن حِمار البارِقي الشاعر.
وبارِقٌ: موضع قريب من الكوفة؛ ومنه قول أسْود بن يَعْفُرَ: أرضُ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارِقٍ، والقَصْرِ ذي الشُّرفاتِ من سِنْدادِ قال ابن بري: الذي في شعر الأَسود: أَهلِ الخورنق بالخفض؛ وقبله: ماذا أُؤمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ، تركوا مَنازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟ أهلِ الخورنق . البيت، وخفضُه على البدل من آل، وإن صحت الرواية بأَرض فينبغي أن تكون منصوبة بدلاً من منازِلَهم.
وتُبارِقُ: اسم موضع أيضاً؛ عن أبي عمرو؛ وقال عِمْران بن حِطَّانَ: عَفا كَنَفا حَوْرانَ من أُمِّ مَعْفَسٍ، وأقْفَر منها تُسْتَرٌ وتُبارِقُ (*قوله «حوران» كذا هو في الأصل وشرح القاموس بالراء، وهي من أعمال دمشق الشام، وحوران ايضاً: ماء بنجد، وأما حوزان، بالزاي: فناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان، أفاده ياقوت ولعلها أنسب لقوله تستر).
وبُرْقة: موضع.
وفي الحديث ذكر بُرْقةَ، وهو بضم الباء وسكون الراء، موضع بالمدينة به مال كانت صدَقاتُ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منها.
وذكر الجوهري هنا: الإسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فارسي معرَّب، وتصغيره أُبَيْرِق. برزق: البَرازِيقُ: الجماعات، وفي المحكم: جَماعاتُ الناس، وقيل: جماعات الخيل، وقيل: هم الفُرسان، واحدهم بِرْزِيق، فارسي معرَّب، وقد تحذف الياء في الجمع؛ قال عُمارة: أَرْض بها الثِّيرانُ كالبَرازِقِ، كأَنما يَمْشِينَ في اليَلامِقِ وفي الحديث: لا تَقوم الساعة حتى يكون الناسُ بَرازِيقَ يعني جماعاتٍ، ويروى بَرازِقَ، واحده بِرْزاق وبَرْزَقٌ.
وفي حديث زياد: ألم تكن منكم نُهاةٌ يمنعون الناسَ عن كذا وكذا وهذه البَرازِيق؛ وقال جُهَيْنة بن جُنْدَب بن العَنْبر بن عمرو بن تميم: رَدَدْنا جَمْعَ سابُورٍ، وأَنتم بِمَهْواةٍ، مَتالِفُها كثيرُ تَظَلُّ جِيادنا مُتَمَطِّراتٍ بَرازِيقاً، تُصَبِّحُ أو تُغِيرُ يعني جماعات الخيل.
وقال زياد: ما هذه البَرازِيقُ التي تتردّد؟ وتَبَرْزَق القومُ: اجتمعوا بلا خيل ولا رِكاب؛ عن الهَجَرِيّ.
والبَرْزَق: نبات؛ قال أبو منصور: هذا منكر وأراه بَرْوقٌ فغُيِّر.

يسر (لسان العرب) [0]


اليَسْرُ (* قوله« اليسر» بفتح فسكون وبفتحتين كما في القاموس) : اللِّينُ والانقياد يكون ذلك للإِنسان والفرس، وقد يَسَرَ ييْسِرُ.
وياسَرَه: لايَنَهُ؛ أَنشد ثعلب: قوم إِذا شُومِسُوا جَدَّ الشِّماسُ بهم ذاتَ العِنادِ، وإِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا وياسَرَه أَي ساهَلَه.
وفي الحديث: إِن هذا الدّين يُسْرٌ؛ اليُسْرُ ضِدُّ العسر، أَراد أَنه سَهْلٌ سَمْح قليل التشديد.
وفي الحديث: يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا.
وفي الحديث الآخر: من أَطاع الإِمام وياسَرَ الشَّريكَ أَي ساهله.
وفي الحديث: كيف تركتَ البلاد؟ فقال: تَيَسَّرَتْ أَي أَخصبت، وهو من اليُسْرِ.
وفي الحديث: لن يغلب عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وقد ذكر في فصل العين.
وفي الحديث: تَياسَرُوا في الصَّداق أَي تساهلوا فيه ولا تُغالُوا.
وفي الحديث: اعْمَلُوا وسَدِّدوا . . . أكمل المادة وقاربوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له أَي مُهَيَّأٌ مصروفٌ مُسَهَّلٌ.
ومنه الحديث وقد يُسِّرَ له طَهُورٌ أَي هُيِّئَ ووُضِع.
ومنه الحديث: قد تَيَسَّرا للقتال أَي تَهَيَّآ له واسْتَعَدّا. الليث: يقال إِنه ليَسْرٌ خفيف ويَسَرٌ إِذا كان لَيِّنَ الانقياد، يوصف به الإِنسان والفرس؛ وأَنشد: إِني، على تَحَفُّظِي ونَزْرِي، أَعْسَرُ، وإِن مارَسْتَنِي بعُسْرِ، ويَسْرٌ لمن أَراد يُسْرِي ويقال: إِن قوائم هذا الفرس ليَسَرَات خِفافٌ؛ يَسَرٌ إِذا كُنَّ طَوْعَه، والواحدة يَسْرَةٌ ويَسَرَةٌ.
واليَسَرُ: السهل؛ وفي قصيد كعب: تَخْدِي على يَسَراتٍ وهي لاهِيةٌ اليَسَراتُ: قوائم الناقة. الجوهري: اليَسَرات القوائم الخفاف.
ودابةٌ حَسَنَةُ التَّيْسُورِ أَي حسنة نقل القوائم.
ويَسَّرَ الفَرَسَ: صَنَعه.
وفرس حسنُ التَّيْسورِ أَي حَسَنُ السِّمَنِ، اسم كالتَّعْضُوضِ. أَبو الدُّقَيْش: يَسَرَ فلانٌ فرسَه، فهو مَيْسُورٌ، مصنوعٌ سَمِين؛ قال المَرَّارُ يصف فرساً: قد بلَوْناه على عِلاَّتِه، وعلى التَّيْسُورِ منه والضُّمُرْ والطَّعْنُ اليَسْرُ: حِذاءَ وجهِك.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: اطْعَنُوا اليَسْرَ؛ هو بفتح الياء وسكون السين الطعن حذاءَ الوجه.
وولدت المرأَة ولداً يَسَراً أَي في سهولة، كقولك سَرَحاً، وقد أَيْسَرَتْ؛ قال ابن سيده: وزعم اللحياني أَن العرب تقول في الدعاء وأَذْكَرَتْ أَتَتْ بذكر، ويَسَرَتِ الناقةُ: خرج ولدها سَرَحاً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: فلو أَنها كانت لِقَاحِي كثيرةً، لقد نَهِلَتْ من ماءِ حُدٍّ وعَلَّتِ ولكنها كانت ثلاثاً مَياسِراً، وحائلَ حُولٍ أَنْهَرَتْ فأَحَلَّتِ ويَسَّرَ الرجلُ سَهُلَتْ وِلادَةُ إِبله وغنمه ولم يَعْطَبْ منها شيء؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: بِتْنا إِليه يَتَعاوَى نَقَدُه، مُيَسِّرَ الشاءِ كثيراً عَدَدُه والعرب تقول: قد يَسَرَتِ الغَنَمُ إِذا ولدت وتهيأَت للولادة.
ويَسَّرَتِ الغنم: كثرت وكثر لبنها ونسلها، وهو من السهولة؛ قال أَبو أُسَيْدَةَ الدُّبَيْرِيُّ: إِنَّ لنا شَيْخَيْنِ لا يَنْفَعانِنَا غَنِيَّيْن، لا يُجْدِي علينا غِناهُما هما سَيِّدَانا يَزْعُمانِ، وإِنما يَسُودَانِنا أَنْ يَسَّرْتْ غَنَماهما أَي ليس فيهما من السيادة إِلا كونهما قد يَسَّرَتْ غنماهما، والسُّودَدَ يوجب البذلَ والعطاء والحِراسَة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس غندهما من ذلك شيء. قال الجوهري: ومنه قولهم رجل مُيَسِّرٌ، بكسر السين، وهو خلاف المُجَنِّب. ابن سيده: ويَسَّرَتِ الإِبلُ كثر لبنها كما يقال ذلك في الغنم.
واليُسْرُ واليَسارُ والمِيسَرَةُ والمَيْسُرَةُ، كله: السُّهولة والغِنى؛ قال سيبويه: ليست المَيْسُرَةُ على الفعل ولكنها كالمَسْرُبة والمَشْرُبَة في أَنهما ليستا على الفعل.
وفي التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ؛ قال ابن جني: قراءة مجاهد: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسُرهِ، قال: هو من باب مَعْوُنٍ ومَكْرُمٍ، وقيل: هو على حذف الهاء.
والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ: السَّعَة والغنى. قال الجوهري: وقرأَ بعضهم فنظرة إِلى مَيْسُرِهِ، بالإِضافة؛ قال الأَخفش: وهو غير جائز لأَنه ليس في الكلام مَفْعُلٌ، بغير الهاء، وأَما مَكْرُمٌ ومَعْوُن فهما جمع مَكْرُمَةٍ ومَعُونَةٍ.وأَيْسَرَ الرجلُ إِيساراً ويُسْراً؛ عن كراع واللحياني: صار ذا يَسارٍ، قال: والصحيح أَن اليُسْرَ الاسم والإِيْسار المصدر.
ورجلٌ مُوسِرٌ، والجمع مَياسِيرُ؛ عن سيبويه؛ قال أَبو الحسن: وإِنما ذكرنا مثل هذا الجمع لأَن حكم مثل هذا أَن يجمع بالواو والنون في المذكر وبالأَلف والتاء في المؤنث.
واليُسْر: ضدّ العُسْرِ، وكذلك اليُسُرُ مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. التهذيب: واليَسَرُ والياسِرُ من الغنى والسَّعَة، ولا يقال يَسارٌ. الجوهري: اليَسار واليَسارة الغِنى. غيره: وقد أَيْسَر الرجل أَي استغنى يُوسِرُ، صارت الياء واواً لسكونها وضمة ما قبلها؛ وقال: ليس تَخْفَى يَسارَتي قَدْرَ يومٍ، ولقد يُخْفي شِيمَتي إِعْسارِي ويقال: أَنْظِرْني حتى يَسارِ، وهو مبني على الكسر لأَنه معدول عن المصدر، وهو المَيْسَرَةُ، قال الشاعر: فقلتُ امْكُثي حتى يَسارِ لَعَلَّنا نَحُجُّ معاً، قالتْ: أَعاماً وقابِلَه؟ وتَيَسَّر لفلان الخروجُ واسْتَيْسَرَ له بمعنى أَي تهيأَ. ابن سيده: وتَيَسَّر الشيء واسْتَيْسَر تَسَهَّل.
ويقال: أَخذ ما تَيَسَّر وما اسْتَيْسَر، وهو ضدّ ما تَعَسَّر والْتَوَى.
وفي حديث الزكاة: ويَجْعَلُ معها شاتين إِن اسْتَيْسَرتا له أَو عشرين درهماً؛ استيسر استفعل من اليُسْرِ، أَي ما تيسر وسَهُلَ، وهذا التخيير بين الشاتَيْنِ والدراهم أَصل في نفسه وليس ببدل فجرى مجرى تعديل القيمة لاختلاف ذلك في الأَزمنة والأَمكنة، وإِنما هو تعويض شرعي كالغُرَّةِ في الجنين والصَّاع في المُصَرَّاةِ، والسِّرُّ فيه أَن الصدقة كانت تؤخذ في البراري وعلى المياه حيث لا يوجد سُوقٌ ولا يُرى مُقَوِّمٌ يرجع إِليه، فَحَسُنَ في الشرع أَن يُقَدَّر شيء يقطع النزاع والتشاجر. أَبو زيد: تَيَسَّر النهار تَيَسُّراً إِذا بَرَدَ.
ويقال: أَيْسِرْ أَخاك أَي نَفِّسْ عليه في الطلب ولا تُعْسِرْهُ أَي لا تُشَدِّدْ عليه ولا تُضَيِّقْ.
وقوله تعالى: فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي؛ قيل: ما تَيَسَّر من الإِبل والبقر والشاء، وقيل: من بعير أَو بقرة أَو شاة.
ويَسَّرَه هو: سَهَّله، وحكى سيبويه: يَسَّرَه ووَسَّعَ عليه وسَهَّلَ.
والتيسير يكون في الخير والشر؛ وفي التنزيل العزيز:فَسَنُيَسِّرُه لليُسْرَى، فهذا في الخير، وفيه: فسنيسره للعُسْرَى، فهذا في الشر؛ وأَنشد سيبويه: أَقام وأَقْوَى ذاتَ يومٍ، وخَيْبَةٌ لأَوَّلِ من يَلْقَى وشَرٌّ مُيَسَّرُ والميسورُ: ضدّ المعسور.
وقد يَسَّرَه الله لليُسرى أَي وفَّقَه لها. الفرّاء في قوله عز وجل: فسيسره لليسرى، يقول: سَنُهَيِّئُه للعَوْد إِلى العمل الصالح؛ قال: وقال فسنيسره للعسرى، قال: إِن قال قائل كيف كان نيسره للعسرى وهل في العُسْرى تيسير؟ قال: هذا كقوله تعالى: وبَشِّرِ الذين كفروا بعذاب أَليم، فالبشارَةُ في الأَصل الفَرَحُ فإِذا جمعت في كلامين أَحدهما خير والآخر شر جاز التيسير فيهما.
والميسورُ: ما يُسِّرَ. قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، وأَما سيبويه فقال: هو من المصادر التي جاءت على لفظ مفعول ونظيره المعسور؛ قال أَبو الحسن: هذا هو الصحيح لأَنه لا فعل له إِلا مَزِيداً، لم يقولوا يَسَرْتُه في هذا المعنى، والمصادر التي على مثال مفعول ليست على الفعل الملفوظ به، لأَن فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ إِنما مصادرها المطردة بالزيادة مَفْعَل كالمضرب، وما زاد على هذا فعلى لفظ المُفَعَّل كالمُسَرَّحِ من قوله: أَلم تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافي وإِنما يجيء المفعول في المصدر على توهم الفعل الثلاثي وإِن لم يلفظ به كالمجلود من تَجَلَّد، ولذلك يخيل سيبويه المفعول في المصدر إِذا وجده فعلاً ثلاثيّاً على غير لفظة، أَلا تراه قال في المعقول: كأَنه حبس له عقله؟ ونظيره المعسورُ وله نظائر.
واليَسَرَةُ: ما بين أَسارير الوجه والراحة. التهذيب: واليَسَرَة تكون في اليمنى واليسرى وهو خط يكون في الراحة يقطع الخطوط التي في الراحة كأَنها الصليب. الليث: اليَسَرَة فُرْجَةُ ما بين الأَسِرَّةِ من أَسرارِ الراحة يُتَيَمَّنُ بها، وهي من علامات السخاء. الجوهري: اليسرة، بالتحريك، أَسرار الكف إِذا كانت غير ملتزقة، وهي تستحب، قال شمر: ويقال في فلان يَسَرٌ؛ وأَنشد: فَتَمَتَّى النَّزْعَ في يَسَرِه قال: هكذا روي عن الأَصمعي، قال: وفسره حِيَال وجهه.
واليَسْرُ من الفَتْلِ: خلاف الشَّزْر. الأَصمعي: الشَّزْرُ ما طَعَنْتَ عن يمينك وشمالك، واليَسْرُ ما كان حِذاء وجهك؛ وقيل: الشَّزْرُ الفَتْلُ إِلى فوق واليَسْرُ إِلى أَسفل، وهو أَن تَمُدَّ يمينكَ نحوَ جَسَدِكَ؛ وروي ابن الأَعرابي:فتمتى النزع في يُسَرِه جمع يُسْرَى، ورواه أَبو عبيد: في يُسُرِه، جمع يَسارٍ.
واليَسارُ: اليَدُ اليُسْرى.
والمَيْسَرَةُ: نقيضُ الميمنةِ.
واليَسار واليِسار: نقيضُ اليمين؛ الفتح عند ابن السكيت أَفصح وعند ابن دريد الكسر، وليس في كلامهم اسم في أَوّله ياء مكسورة إِلا في اليَسار يِسار، وإِنما رفض ذلك استثقالاً للكسرة في الياء، والجمع يُسْرٌ؛ عن اللحياني، ويُسُرٌ؛ عن أَبي حنيفة. الجوهري: واليسار خلاف اليمين، ولا تقل (*قوله« ولا تقل إلخ» وهمه المجد في ذلك ويؤيده قول المؤلف، وعند ابن دريد الكسر) اليِسار بالكسر.
واليُسْرَى خلاف اليُمْنَى، والياسِرُ كاليامِن، والمَيْسَرَة كالمَيْمَنة، والياسرُ نَقِيضُ اليامن، واليَسْرَة خلافُ اليَمْنَة.
وياسَرَ بالقوم: أَخَذَ بهم يَسْرَةً، ويَسَر يَيْسِرُ: أَخذ بهم ذات اليَسار؛ عن سيبويه. الجوهري: تقول ياسِرْ بأَصحابك أَي خُذْ بهم يَساراً، وتياسَرْ يا رجلُ لغة في ياسِرْ، وبعضهم ينكره. أَبو حنيفة: يَسَرَني فلانٌ يَيْسِرُني يَسْراً جاء على يَسارِي.
ورجلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ: يعمل بيديه جميعاً، والأُنثى عَسْراءُ يَسْراءُ، والأَيْسَرُ نقيض الأَيْمَنِ.
وفي الحديث: كان عمر، رضي الله عنه، أَعْسَرَ أَيْسَرَ؛ قال أَبو عبيد: هكذا روي في لحديث، وأَما كلام العرب فالصواب أَنه أَعْسَرُ يَسَرٌ، وهو الذي يعمل بيديه جميعاً، وهو الأَضْبَطُ. قال ابن السكيت: كان عمر، رضي الله عنه، أَعْسَرَ يَسَراً، ولا تقل أَعْسَرَ أَيْسَرَ.
وقعد فلانٌ يَسْرَةً أَي شَأْمَةً.
ويقال: ذهب فلان يَسْرَةً من هذا.
وقال الأَصمعي: اليَسَرُ الذي يساره في القوة مثل يمينه، قال: وإِذا كان أَعْسَرَ وليس بِيَسَرٍ كانت يمينه أَضعف من يساره.
وقال أَبو زيد: رجل أَعْسَرُ يَسَرٌ وأَعْسَرُ أَيْسَرُ، قال: أَحسبه مأْخوذاً من اليَسَرَةِ في اليد، قال: وليس لهذا أَصل؛ الليث: رجل أَعْسَرُ يَسَرٌ وامرأَة عَسْراءُ يَسَرَةٌ.
والمَيْسِرُ: اللَّعِبُ بالقِداح، يَسَرَ يَيْسَرُ يَسْراً.
واليَسَرُ: المُيَسَّرُ المُعَدُّ، وقيل: كل مُعَدٍّ يَسَرٌ.
واليَسَرُ: المجتمعون على المَيْسِرِ، والجمع أَيْسار؛ قال طرفة: وهمُ أَيْسارُ لُقْمانَ، إِذا أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبْداءَ الجُزُرْ واليَسَرُ: الضَّرِيبُ.
والياسِرُ: الذي يَلي قِسْمَةَ الجَزُورِ، والجمع أَيْسارٌ، وقد تَياسَرُوا. قال أَبو عبيد: وقد سمعتهم يضعون الياسِرَ موضع اليَسَرِ واليَسَرَ موضعَ الياسِرِ. التهذيب: وفي التنزيل العزيز: يسأَلونك عن الخمر والمَيْسِرِ؛ قال مجاهد: كل شيء فيه قمارٌ فهو من الميسر حتى لعبُ الصبيان بالجَوْزِ.
وروي عن علي، كرم الله وجهه، أَنه قال: الشِّطْرَنْج مَيْسِرُ العَجَمِ؛ شبه اللعب به بالميسر، وهو القداح ونحو ذلك. قال عطاء في الميسر: إِنه القِمارُ بالقِداح في كل شيء. ابن الأَعرابي: الياسِرُ له قِدْحٌ وهو اليَسَرُ واليَسُورُ؛ وأَنشد: بما قَطَّعْنَ من قُرْبى قَرِيبٍ، وما أَتْلَفْنَ من يَسَرٍ يَسُورِ وقد يَسَرَ يَيْسِرُ إِذا جاء بِقِدْحِه للقِمار.
وقال ابن شميل: الياسِرُ الجَزَّار.
وقد يَسَرُوا أَي نَحَرُوا.
ويَسَرْتُ الناقة: جَزَّأْتُ لحمها.
ويَسَرَ القومُ الجَزُورَ أَي اجْتَزَرُوها واقتسموا أَعضاءها؛ قال سُحَيْمُ بن وُثَيْلٍ اليربوعي: أَقولُ لهم بالشَّعْبِ إِذ يَيْسِرونَني: أَلم تَعْلَمُوا أَنِّي ابْنُ فارِسِ زَهْدَم؟ كان وقع عليه سِباءٌ فضَربَ عليه بالسهام، وقوله يَيْسِرونَني هو من المَيْسر أَي يُجَزِّئُونني ويقتسمونني.
وقال أَبو عُمَر الجَرْمِيُّ: يقال أَيضاً اتَّسَرُوها يَتَّسرُونها اتِّساراً، على افْتَعَلُوا، قال: وناس يقولون يأْتَسِرُونها ائْتِساراً، بالهمز، وهم مُؤْتَسِرون، كما قالوا في اتَّعَدَ.
والأَيْسارُ: واحدهم يَسَرٌ، وهم الذين يَتقامَرُون.
والياسِرونَ: الذين يَلُونَ قِسْمَةَ الجَزُور؛ وقال في قول الأَعشى: والجاعِلُو القُوتِ على الياسِرِ يعني الجازرَ.
والمَيْسِرُ: الجَزُورُ نفسه، سمي مَيْسِراً لأَنه يُجَزَّأُ أَجْزاء فكأَنه موضع التجزئة.
وكل شيء جَزَّأْته، فقد يَسَرْتَه.
والياسِرُ: الجازرُ لأَنه يُجَزِّئ لحم الجَزُور، وهذا الأَصل في الياسر، ثم يقال للضاربين بالقداح والمُتَقامِرِينَ على الجَزُور: ياسِرُون، لأَنهم جازرون إِذا كانوا سبباً لذلك. الجوهري: الياسِرُ اللاَّعِبُ بالقداحِ، وقد يَسَر يَيْسِرُ، فهو ياسِرٌ ويَسَرٌ، والجمع أَيْسارٌ؛ قال الشاعر: فأَعِنْهُمُ و يْسِرْ ما يَسَرُوا به، وإِذا هُمُ نَزَلوا بضَنْكٍ فانزِلِ قال: هذه رواية أَبي سعيد ولن تحذف الياء فيه ولا في يَيْعِرُ ويَيْنِعُ كما حذفت في يَعِد وأَخواته، لتَقَوِّي إِحدى الياءَين بالأُخرى، ولهذا قالوا في لغة بني أَسد: يِيْجَلُ، وهم لا يقولون يِعْلَم لاستثقالهم الكسرة على الياء، فإِن قال: فكيف لم يحذفوها مع التاء والأَلف والنونفقيل له: هذه الثلاثة مبدلة من الياء، والياء هي الأَصل، يدل على ذلك أَن فَعَلْتُ وفَعَلْتَ وفَعَلَتا مبنيات على فَعَلَ.
واليَسَر والياسِرُ بمعنى؛ قال أَبو ذؤيب: وكأَنهنَّ رِبابَةٌ، وكأَنه يَسَرٌ يَفِيض على القِداحِ ويَصْدَعُ قال ابن بري عند قول الجوهري ولم تحذف الياء في بَيْعِر ويَيْنع كما حذفت في يعد لتقوّي إِحدى الياءَين بالأُخرى، قال: قد وهم في ذلك لأَن الياء ليس فيها تقوية للياء، أَلا ترى أَن بعض العرب يقول في يَيْئِسُ يَئِسُ مثل يَعِدُ؟ فيحذفون الياء كما يحذفون الواو لثقل الياءين ولا يفعلون ذلك مع الهمزة والتاء والنون لأَنه لم يجتمع فيه ياءان، وإِنما حذفت الواو من يَعِدُ لوقوعها بين ياء وكسرة فهي غريبة منهما، فأَما الياء فليست غريبة من الياء ولا من الكسرة، ثم اعترض على نفسه فقال: فكيف لم يحذفوها مع التاء والأَلف والنونفقيل له: هذه الثلاثة مبدلة من الياء، والياء هي الأَصل؛ قال الشيخ: إِنما اعترض بهذا لأَنه زعم أَنما صحت الياء في يَيْعِرُ لتقوّيها بالياء التي قبلها فاعترض على نفسه وقال: إِن الياء ثبتت وإِن لم يكن قبلها ياء في مثل تَيْعِرُ ونَيْعِرُ وأَيْعِرُ، فأَجاب بأَن هذه الثلاثة بدل من الياء، والياء هي الأَصل، قال: وهذا شيء لم يذهب إِليه أَحد غيره، أَلا ترى أَنه لا يصح أَن يقال همزة المتكلم في نحو أَعِدُ بدل من ياء الغيبة في يَعِدُف وكذلك لا يقال في تاء الخطاب أَنت تَعِدُ إِنها بدل من ياء الغيبة في يَعِدُ، وكذلك التاء في قولهم هي تَعِدُ ليست بدلاً من الياء التي هي للمذكر الغائب في يَعِدُ، وكذلك نون المتكلم ومن معه في قولهم نحن نَعِدُ ليس بدلاً من الياء التي للواحد الغائب، ولو أَنه قال: إِن الأَلف والتاء والنون محمولة على الياء في بنات الياء في يَيْعِر كما كانت محمولة على الياء حين حذفت الواو من يَعِدُ لكان أَشبه من هذا القول الظاهر الفساد. أَبو عمرو: اليَسَرَةُ وسْمٌ في الفخذين، وجمعها أَيْسارٌ؛ ومنه قول ابن مُقْبِلٍ: فَظِعْتَ إِذا لم يَسْتَطِعْ قَسْوَةَ السُّرى، ولا السَّيْرَ راعي الثَّلَّةِ المُتَصَبِّحُ على ذاتِ أَيْسارٍ، كأَنَّ ضُلُوعَها وأَحْناءَها العُلْيا السَّقِيفُ المُشَبَّحُ يعني الوَسْمَ في الفخذين، ويقال: أَراد قوائم لَيِّنَةً، وقال ابن بري في شرح البيت: الثلة الضأْن والمشبح المعرّض؛ يقال: شَبَّحْتُه إِذا عَرَّضْتَه، وقيل: يَسَراتُ البعير قوائمه؛ وقال ابن فَسْوَةَ: لها يَسَراتٌ للنَّجاءِ، كأَنها مَواقِعُ قَيْنٍ ذي عَلاةٍ ومِبْرَدِ قال: شبه قوائمها بمطارق الحدَّاد؛ وجعل لبيد الجزور مَيْسِراً فقال: واعْفُفْ عن الجاراتِ، وامْـ ـنَحْهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمِينا الجوهري: المَيْسِرُ قِمارُ العرب بالأَزلام.
وفي الحديث: إِن المسلم ما لم يَغْشَ دَناءَةً يَخْشَعُ لها إِذا ذُكِرَتْ ويَفْري به لِئامُ الناس كالياسِرِ الفالِجِ؛ الياسِرُ من المَيْسِر وهو القِمارُ.
واليُسْرُ في حديث الشعبي: لا بأْس أَن يُعَلَّقَ اليُسْرُ على الدابة، قال: اليُسْرُ، بالضم، عُودٌ يُطْلِق البولَ. قال الأَزهري: هو عُودُ أُسْرٍ لا يُسْرٍ، والأُسْرُ احتباس البول.
واليَسِيرُ: القليل.
ويء يسير أَي هَيِّنٌ.
ويُسُرٌ: دَحْلٌ لبني يربوع؛ قال طرفة: أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَقِرْ طاف، والركْبُ بِصَحْراءِ يُسُرْ وذكر الجوهري اليُسُرَ وقال: إِنه بالدهناء، وأَنشد بيت طرفة. يقول: أَسهر عيني خيال طاف في النوم ولم يَقِرْ، هو من الوَقارِ، يقال: وَقَرَ في مجلسه، أَي خَيالُها لا يزال يطوف ويَسْري ولا يَتَّدعُ.
ويَسارٌ وأَيْسَرُ وياسِرٌ: أَسماء.
وياسِرُ مُنْعَمٍ: مَلِكٌ من ملوك حمير.
ومَياسِرُ ويَسارٌ: اسم موضع؛ قال السُّلَيْكُ: دِماء ثلاثةٍ أَرْدَتْ قَناتي، وخادِف طَعْنَةٍ بقَفا يَسارِ أَراد بخاذِفِ طعنةٍ أَنه ضارِطٌ من أَجل الطعنة؛ وقال كثير: إِلى ظُعُنٍ بالنَّعْفِ نَعْفِ مياسِرٍ، حَدَتْها تَوالِيها ومارَتْ صُدورُها وأَما قول لبيد أَنشده ابن الأَعرابي: دَرى باليَسارى جِنَّةً عبْقَرِيَّةً مُسَطَّعَةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِم قال ابن سيده: فإِنه لم يفسر اليسارى، قال: وأُراه موضعاً.
والمَيْسَرُ: نَبْتٌ رِيفيّ يُغْرَسُ غرساً وفيه قَصَفٌ؛ الجوهري وقول الفرزدق يخاطب جريراً: وإِني لأَخْشَى، إِن خَطَبْتَ إِليهمُ، عليك الذي لاقى يَسارُ الكَواعِبِ هو اسم عبد كان يتعرّض لبنات مولاه فَجَبَبْنَ مذاكيره.

كرم (لسان العرب) [0]


الكَريم: من صفات الله وأَسمائه، وهو الكثير الخير الجَوادُ المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المطلق.
والكَريم: الجامع لأَنواع الخير والشرَف والفضائل.
والكَريم. اسم جامع لكل ما يُحْمَد، فالله عز وجل كريم حميد الفِعال ورب العرش الكريم العظيم. ابن سيده: الكَرَم نقيض اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه، وإن لم يكن له آباء، ويستعمل في الخيل والإبل والشجر وغيرها من الجواهر إذا عنوا العِتْق، وأَصله في الناس قال ابن الأَعرابي: كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده ويَلِين شعره وتَطِيب رائحته.
وقد كَرُمَ الرجل وغيره، بالضم، كَرَماً وكَرامة، فهو كَرِيم وكَرِيمةٌ وكِرْمةٌ ومَكْرَم ومَكْرَمة (* قوله «ومكرم ومكرمة» ضبط في الأصل والمحكم بفتح . . . أكمل المادة أولهما وهو مقتضى إطلاق المجد، وقال السيد مرتضى فيهما بالضم).
وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكُرَّامةٌ، وجمع الكَريم كُرَماء وكِرام، وجمع الكُرَّام كُرَّامون؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّر كُرَّام استغنوا عن تكسيره بالواو والنون؛ وإنه لكَرِيم من كَرائم قومه، على غير قياس؛ حكى ذلك أَبو زيد.
وإنه لَكَرِيمة من كَرائم قومه، وهذا على القياس. الليث: يقال رجل كريم وقوم كَرَمٌ كما قالوا أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُود وعَمَدٌ، ونسوة كَرائم. ابن سيده وغيره: ورجل كَرَمٌ: كريم، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، تقول: امرأَة كَرمٌ ونسوة كَرَم لأَنه وصف بالمصدر؛ قال سعيد بن مسحوح (* قوله «مسحوح» كذا في الأصل بمهملات وفي شرح القاموس بمعجمات) الشيباني: كذا ذكره السيرافي، وذكر أَيضاً أنه لرجل من تَيْم اللاّت بن ثعلبة، اسمه عيسى، وكان يُلَوَّمُ في نُصرة أَبي بلال مرداس بن أُدَيَّةَ، وأَنه منعته الشفقة على بناته، وذكر المبرد في أَخبار الخوارج أَنه لأَبي خالد القَناني فقال: ومن طَريف أَخبار الخوارج قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءة المازِني لأَبي خالد القَناني: أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ، وَما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ أَتَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ على الهُدَى، وأنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ وجاحِدِ؟ فكتب إليه أَبو خالد: لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً بَناتي، أَنَّهُنَّ من الضِّعافِ مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي، وأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ وأنْ يَعْرَيْنَ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي، فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ ولَوْلا ذاكَ قد سَوَّمْتُ مُهْري، وفي الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا، وصارَ الحيُّ بَعدَك في اخْتِلافِ؟ قال أَبو منصور: والنحويون ينكرون ما قال الليث، إنما يقال رجل كَرِيم وقوم كِرام كما يقال صغير وصغار وكبير وكِبار، ولكن يقال رجل كَرَم ورجال كَرَم أي ذوو كَرَم، ونساء كَرَم أي ذوات كرَم، كما يقال رجل عَدْل وقوم عدل، ورجل دَنَفٌ وحَرَضٌ، وقوم حَرَضٌ ودَنَفٌ.
وقال أَبو عبيد: رجل كَرِيم وكُرَامٌ وكُرَّامٌ بمعنى واحد، قال: وكُرام، بالتخفيف، أبلغ في الوصف وأكثر من كريم، وكُرّام، بالتشديد، أَبلغ من كُرَام، ومثله ظَرِيف وظُراف وظُرَّاف، والجمع الكُرَّامون.
وقال الجوهري: الكُرام، بالضم، مثل الكَرِيم فإذا أفرط في الكرم قلت كُرّام، بالتشديد، والتَّكْرِيمُ والإكْرامُ بمعنى، والاسم منه الكَرامة؛ قال ابن بري: وقال أَبو المُثَلم:ومَنْ لا يُكَرِّمْ نفْسَه لا يُكَرَّم (* هذا الشطر لزهير من معلقته). ابن سيده: قال سيبويه ومما جاء من المصادر على إضمار الفعل المتروك إظهاره ولكنه في معنى التعجب قولك كَرَماً وصَلَفاً، كأَنه يقول أَكرمك الله وأَدام لك كَرَماً، ولكنهم خزلوا الفعل هنا لأَنه صار بدلاً من قولك أَكْرِمْ به وأَصْلِف، ومما يخص به النداء قولهم يا مَكْرَمان؛ حكاه الزجاجي، وقد حكي في غير النداء فقيل رجل مَكْرَمان؛ عن أَبي العميثل الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وقد حكاها أَيضاً أَبو حاتم.
ويقال للرجل يا مَكرمان، بفتح الراء، نقيض قولك يا مَلأَمان من اللُّؤْم والكَرَم.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن رجلاً أَهدى إليه راوية خمر فقال: إن الله حَرَّمها، فقال الرجل: أَفلا أُكارِمُ بها يَهودَ؟ فقال: إن الذي حرَّمها حرَّم أن يُكارَم بها؛ المُكارَمةُ: أَن تُهْدِيَ لإنسانٍ شيئاً ليكافِئَك عليه، وهي مُفاعَلة من الكَرَم، وأَراد بقوله أُكارِمُ بها يهود أي أُهْديها إليهم ليُثِيبوني عليها؛ ومنه قول دكين: يا عُمَرَ الخَيراتِ والمَكارِمِ، إنِّي امْرُؤٌ من قَطَنِ بن دارِمِ، أَطْلُبُ دَيْني من أَخٍ مُكارِمِ أراد من أَخٍ يُكافِئني على مَدْحي إياه، يقول: لا أَطلب جائزته بغير وَسِيلة.
وكارَمْتُ الرجل إذا فاخَرْته في الكرم، فكَرَمْته أَكْرُمه، بالضم، إذا غلبته فيه.
والكَريم: الصَّفُوح.
وكارَمنى فكَرَمْته أَكْرُمه: كنت أَكْرَمَ منه.
وأَكْرَمَ الرجلَ وكَرَّمه: أَعْظَمه ونزَّهه.
ورجل مِكْرام: مُكْرِمٌ وهذا بناء يخص الكثير. الجوهري: أَكْرَمْتُ الرجل أُكْرِمُه، وأَصله أُأَكْرمه مثل أُدَحْرِجُه، فاستثفلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا الثانية، ثم أَتبعوا باقي حروف المضارعة الهمزة، وكذلك يفعلون، ألا تراهم حذفوا الواو من يَعِد استثقالاً لوقوعها بين ياء وكسرة ثم أَسقطوا مع الأَلف والتاء والنون؟ فإن اضطر الشاعر جاز له أَن يرده إلى أَصله كما قال:فإنه أَهل لأَن يُؤَكْرَما فأَخرجه على الأصل.
ويقال في التعجب: ما أَكْرَمَه لي، وهو شاذ لا يطرد في الرباعي؛ قال الأخفش: وقرأَ بعضهم ومَن يُهِن اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أي إكْرام، وهو مصدر مثل مُخْرَج ومُدْخَل.
وله عليَّ كَرامةٌ أَي عَزازة.
واستَكْرم الشيءَ: طلَبه كَرِيماً أَو وجده كذلك.
ولا أَفْعلُ ذلك ولا حُبّاً ولا كُرْماً ولا كُرْمةً ولا كَرامةً كل ذلك لا تُظهر له فعلاً.
وقال اللحياني: أَفْعَلُ ذلك وكرامةً لك وكُرْمَى لك وكُرْمةً لك وكُرْماً لك، وكُرْمةَ عَيْن ونَعِيمَ عين ونَعْمَةَ عَينٍ ونُعامَى عَينٍ (* قوله «ونعامى عين» زاد في التهذيب قبلها: ونعم عين أي بالضم، وبعدها: نعام عين أي بالفتح).
ويقال: نَعَمْ وحُبّاً وكَرْامةً؛ قال ابن السكيت: نَعَمْ وحُبّاً وكُرْماناً، بالضم، وحُبّاً وكُرْمة.
وحكي عن زياد بن أَبي زياد: ليس ذلك لهم ولا كُرْمة.
وتَكَرَّمَ عن الشيء وتكارم: تَنزَّه. الليث: تكَرَّمَ فلان عما يَشِينه إذا تَنزَّه وأَكْرَمَ نفْسَه عن الشائنات، والكَرامةُ: اسم يوضع للإكرام (* قوله «يوضع للإكرام» كذا بالأصل، والذي في التهذيب: يوضع موضع الإكرام)، كما وضعت الطَّاعةُُ موضع الإطاعة، والغارةُ موضع الإغارة.
والمُكَرَّمُ: الرجل الكَرِيم على كل أَحد.
ويقال: كَرُم الشيءُ الكَريمُ كَرَماً، وكَرُمَ فلان علينا كَرامةً.
والتَّكَرُّمُ: تكلف الكَرَم؛ وقال المتلمس: تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ، ولنْ تَرَى أَخَا كَرَمٍ إلا بأَنْ يتَكَرَّما والمَكْرُمةُ والمَكْرُمُ: فعلُ الكَرَمِ، وفي الصحاح: واحدة المَكارمِ ولا نظير له إلاَّ مَعُونٌ من العَوْنِ، لأَنَّ كل مَفْعُلة فالهاء لها لازمة إلا هذين؛ قال أَبو الأَخْزَرِ الحِمّاني: مَرْوانُ مَرْوانُ أَخُو اليَوْم اليَمِي، ليَوْمِ رَوْعٍ أو فَعالِ مَكْرُمِ ويروي: نَعَمْ أَخُو الهَيْجاء في اليوم اليمي وقال جميل: بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا، إنْ لَزِمْتِه، على كَثرةِ الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ قال الفراء: مَكْرُمٌ جمع مَكْرُمةٍ ومَعُونٌ جمع مَعُونةٍ.
والأُكْرُومة: المَكْرُمةُ.
والأُكْرُومةُ من الكَرَم: كالأُعْجُوبة من العَجَب.
وأَكْرَمَ الرجل: أَتى بأَولاد كِرام.
واستَكْرَمَ: استَحْدَث عِلْقاً كريماً.
وفي المثل: استَكْرَمْتَ فارْبِطْ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنَّ اللهَ يقولُ إذا أَنا أَخَذْتُ من عبدي كَرِيمته وهو بها ضَنِين فصَبرَ لي لم أَرْض له بها ثواباً دون الجنة، وبعضهم رواه: إذا أَخذت من عبدي كَرِيمتَيْه؛ قال شمر: قال إسحق بن منصور قال بعضهم يريد أهله، قال: وبعضهم يقول يريد عينه، قال: ومن رواه كريمتيه فهما العينان، يريد جارحتيه أي الكريمتين عليه.
وكل شيء يَكْرُمُ عليك فهو كَريمُكَ وكَريمتُك. قال شمر: وكلُّ شيء يَكْرُمُ عليك فهو كريمُك وكريمتُك.
والكَرِيمةُ: الرجل الحَسِيب؛ يقال: هو كريمة قومه؛ وأَنشد: وأَرَى كريمَكَ لا كريمةَ دُونَه، وأَرى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوادِ (* قوله «منقع الاجواد» كذا بالأصل والتهذيب، والذي في التكملة: منقعاً لجوادي، وضبط الجواد فيها بالضم وهو العطش). أَراد من يَكْرمُ عليك لا تدَّخر عنه شيئاً يَكْرُم عليك.
وأَما قوله، صلى الله عليه وسلم: خير الناس يومئذ مُؤمن بين كَرِيمين، فقال قائل: هما الجهاد والحج، وقيل: بين فرسين يغزو عليهما، وقيل: بين أَبوين مؤَمنين كريمين، وقيل: بين أَب مُؤْمن هو أَصله وابن مؤْمن هو فرعه، فهو بين مؤمنين هما طَرَفاه وهو مؤْمن.
والكريم: الذي كَرَّم نفْسَه عن التَّدَنُّس بشيءٍ من مخالفة ربه.
ويقال: هذا رجل كَرَمٌ أَبوه وكَرَمٌ آباؤُه.
وفي حديث آخر: أَنه أكْرَم جرير بن عبد الله لمّا ورد عليه فبَسط له رداءَه وعممه بيده، وقال: أَتاكم كَريمةُ قوم فأَكْرموه أي كريمُ قوم وشَريفُهم، والهاء للمبالغة؛ قال صخر: أَبى الفَخْرَ أَنِّي قد أَصابُوا كَريمتي، وأنْ ليسَ إهْداء الخَنَى مِنْ شِمالِيا يعني بقوله كريمتي أَخاه معاوية بن عمرو.
وأَرض مَكْرَمةٌ (* قوله «وأرض مكرمة» ضطت الراء في الأصل والصحاح بالفتح وفي القاموس بالضم وقال شارحه: هي بالضم والفتح) وكَرَمٌ: كريمة طيبة، وقيل: هي المَعْدُونة المُثارة، وأَرْضان كَرَم وأَرَضُون كَرَم.
والكَرَمُ: أَرض مثارة مُنَقَّاةٌ من الحجارة؛ قال: وسمعت العرب تقول للبقعة الطيبة التُّربةِ العَذاة المنبِت هذه بُقْعَة مَكْرَمة. الجوهري: أَرض مَكْرَمة للنبات إذا كانت جيدة للنبات. قال الكسائي: المَكْرُمُ المَكْرُمة، قال: ولم يجئ مَفْعُل للمذكر إلا حرفان نادران لا يُقاس عليهما: مَكْرُمٌ ومَعُون.
وقال الفراء: هو جمع مَكْرُمة ومَعُونة، قال: وعنده أَنَّ مفْعُلاً ليس من أَبنية الكلام، ويقولون للرجل الكَريم مَكْرَمان إذا وصفوه بالسخاء وسعة الصدر.
وفي التنزيل العزيز: إنِّي أُلْقِيَ إليَّ كتاب كَريم؛ قال بعضهم: معناه حسن ما فيه، ثم بينت ما فيه فقالت: إنَّه من سُليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أَلاَّ تعلوا عليَّ وأْتُوني مُسلمين؛ وقيل: أُلقي إليّ كتاب كريم، عَنَتْ أَنه جاء من عند رجل كريم، وقيل: كتاب كَريم أي مَخْتُوم.
وقوله تعالى: لا بارِدٍ ولا كَريم؛ قال الفراء: العرب تجعل الكريم تابعاً لكل شيء نَفَتْ عنه فعلاً تَنْوِي به الذَّم. يقال: أَسَمِين هذا؟ فيقال: ما هو بسَمِين ولا كَرِيم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة.
وقال: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون؛ أَي قرآن يُحمد ما فيه من الهُدى والبيان والعلم والحِكمة.
وقوله تعالى: وقل لهما قولاً كَريماً؛ أَي سهلاً ليِّناً.
وقوله تعالى: وأَعْتَدْنا لها رِزْقاً كريماً؛ أي كثيراً.
وقوله تعالى: ونُدْخِلْكم مُدْخَلاً كريماً؛ قالوا: حسَناً وهو الجنة.
وقوله: أَهذا الذي كَرَّمْت عليّ؛ أي فضَّلْت.
وقوله: رَبُّ العرشِ الكريم؛ أَي العظيم.
وقوله: إنَّ ربي غنيٌّ كريم؛ أي عظيم مُفْضِل.
والكَرْمُ: شجرة العنب، واحدتها كَرْمة؛ قال: إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمةٍ تُرَوِّي عِظامي، بَعْدَ مَوْتي، عُرُوقُها وقيل: الكَرْمة الطاقة الواحدة من الكَرْم، وجمعها كُروُم.
ويقال: هذه البلدة إنما هي كَرْمة ونخلة، يُعنَى بذلك الكثرة.
وتقول العرب: هي أَكثر الأرض سَمْنة وعَسَلة، قال: وإذا جادَت السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَت.
وفي حديث أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا تُسَمُّوا العِنب الكَرْم فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم؛ قال الأَزهري: وتفسير هذا، والله أَعلم، أن الكَرَمَ الحقيقي هو من صفة الله تعالى، ثم هو من صفة مَنْ آمن به وأَسلم لأَمره، وهو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال: رجل كَرَمٌ ورجلان كرَم ورجال كرَم وامرأَة كرَم، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤَنث لأنه مصدر أُقيمَ مُقام المنعوت، فخففت العرب الكَرْم، وهم يريدون كَرَمَ شجرة العنب، لما ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع وكَثُرَ من خيره في كل حال وأَنه لا شوك فيه يُؤْذي القاطف، فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن تسميته بهذا الاسم لأَنه يعتصر منه المسكر المنهي عن شربه، وأَنه يغير عقل شاربه ويورث شربُه العدواة والبَغْضاء وتبذير المال في غير حقه، وقال: الرجل المسلم أَحق بهذه الصفة من هذه الشجرة. قال أَبو بكر: يسمى الكَرْمُ كَرْماً لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على السخاء والكَرَم وتأْمر بمَكارِم الأَخلاق، فاشتقوا له اسماً من الكَرَم للكرم الذي يتولد منه، فكره النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يسمى أَصل الخمر باسم مأْخوذ من الكَرَم وجعل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن؛ وأَنشد: والخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ وكذلك سميت الخمر راحاً لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء أَي يَخِفُّ؛ وقال الزمخشري: أَراد أن يقرّر ويسدِّد ما في قوله عز وجل: إن أَكْرَمَكم عند الله أَتْقاكم، بطريقة أَنِيقة ومَسْلَكٍ لَطِيف، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كَرْماً، ولكن الإشارة إلى أَن المسلم التقي جدير بأَن لا يُشارَك فيما سماه الله به؛ وقوله: فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم أَي إنما المستحق للاسم المشتقِّ من الكَرَمِ الرَّجلُ المسلم.
وفي الحديث: إنَّ الكَريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريم يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحق لأَنه اجتمع له شَرَف النبوة والعِلم والجَمال والعِفَّة وكَرَم الأَخلاق والعَدل ورِياسة الدنيا والدين، فهو نبيٌّ ابن نبيٍّ ابن نبيٍّ ابن نبي رابع أربعة في النبوة.
ويقال للكَرْم: الجَفْنةُ والحَبَلةُ والزَّرَجُون.
وقوله في حديث الزكاة: واتَّقِ كَرائمَ أَموالهم أي نَفائِسها التي تتعلَّق بها نفْسُ مالكها، ويَخْتَصُّها لها حيث هي جامعة للكمال المُمكِن في حقّها، وواحدتها كَرِيمة؛ ومنه الحديث: وغَزْوٌ تُنْفَقُ فيه الكَريمةُ أي العزيزة على صاحبها.
والكَرْمُ: القِلادة من الذهب والفضة، وقيل: الكَرْم نوع من الصِّياغة التي تُصاغُ في المَخانِق، وجمعه كُروُم؛ قال: تُباهِي بصَوْغ من كُرُوم وفضَّة يقال: رأَيت في عُنُقها كَرْماً حسناً من لؤلؤٍ؛ قال الشاعر: ونَحْراً عَليْه الدُّر تُزْهِي كُرُومُه تَرائبَ لا شُقْراً، يُعَبْنَ، ولا كُهْبا وأَنشد ابن بري لجرير: لقَدْ وَلَدَتْ غَسّانَ ثالِبةُ الشَّوَى، عَدُوسُ السُّرَى لا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها ثالبة الشوء: مشققة القدمين؛ وأَنشد أَيضاً له في أُم البَعِيث: إذا هَبَطَتْ جَوَّ المَراغِ فعَرَّسَتْ طُرُوقاً، وأَطرافُ التَّوادي كُروُمُها والكَرْمُ: ضَرْب من الحُلِيِّ وهو قِلادة من فِضة تَلْبَسها نساء العرب.
وقال ابن السكيت: الكَرْم شيء يُصاغ من فضة يُلبس في القلائد؛ وأَنشد غيره تقوية لهذا: فيا أَيُّها الظَّبْيُ المُحَلَّى لَبانُه بكَرْمَيْنِ: كَرْمَيْ فِضّةٍ وفَرِيدِ وقال آخر: تُباهِي بِصَوغٍ منْ كُرُومٍ وفِضّةٍ، مُعَطَّفَة يَكْسونَها قَصَباً خَدْلا وفي حديث أُم زرع: كَرِيم الخِلِّ لا تُخادِنُ أَحداً في السِّرِّ؛ أَطْلَقَت كرِيماً على المرأَة ولم تقُل كرِيمة الخلّ ذهاباً به إلى الشخص.
وفي الحديث: ولا يُجلس على تَكْرِمتِه إلا بإذنه؛ التَّكْرِمةُ: الموضع الخاصُّ لجلوس الرجل من فراش أو سَرِير مما يُعدّ لإكرامه، وهي تَفْعِلة من الكرامة.
والكَرْمةُ: رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزة وموضعها الذي تدور فيه من الوَرِك القَلْتُ؛ وقال في صفة فرس: أُمِرَّتْ عُزَيْزاه، ونِيطَتْ كُرُومُه إلى كَفَلٍ رابٍ وصُلْبٍ مُوَثَّقِ وكَرَّمَ المَطَرُ وكُرِّم: كَثُرَ ماؤه؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً: وَهَى خَرْجُه واسْتُجِيلَ الرَّبا بُ مِنْه، وكُرِّم ماءً صَرِيحا ورواه بعضهم: وغُرِّم ماء صَرِيحا؛ قال أَبو حنيفة: زعم بعض الرواة أن غُرِّم خطأ وإنما هو وكُرِّم ماء صَريحا؛ وقال أَيضاً: يقال للسحاب إذا جاد بمائه كُرِّم، والناس على غُرِّم، وهو أشبه بقوله: وَهَى خَرْجُه. الجوهري: كَرُمَ السَّحابُ إذا جاء بالغيث.
والكَرامةُ: الطَّبَق الذي يوضع على رأْس الحُبّ والقِدْر.
ويقال: حَمَلَ إليه الكرامةَ، وهو مثل النُّزُل، قال: وسأَلت عنه في البادية فلم يُعرف.
وكَرْمان وكِرْمان: موضع بفارس؛ قال ابن بري: وكَرْمانُ اسم بلد، بفتح الكاف، وقد أُولِعت العامة بكسرها، قال: وقد كسرها الجوهري في فصل رحب فقال يَحكي قول نَصر بن سَيَّار: أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرْمانيّ؟ والكَرْمةُ: موضع أيضاً؛ قال ابن سيده: فأَما قول أَبي خِراش:وأَيْقَنْتُ أَنَّ الجُودَ مِنْكَ سَجِيَّةٌ، وما عِشْتُ عَيْشاً مثْلَ عَيْشِكَ بالكَرْمِ قيل: أَراد الكَرْمة فجمعها بما حولها؛ قال ابن جني: وهذا بعيد لأَن مثل هذا إنما يسوغ في الأجناس المخلوقات نحو بُسْرَة وبُسْر لا في الأَعلام، ولكنه حذف الهاء للضرورة وأَجْراه مُجْرى ما لا هاء فيه؛ التهذيب: قال أَبو ذؤيب (* قوله «أبو ذؤيب إلخ» انفرد الازهري بنسبة البيت لابي ذؤيب، إذ الذي في معجم ياقوت والمحكم والتكملة إنه لابي خراش) في الكُرْم: وأَيقنتُ أَن الجود منك سجية، وما عشتُ عيشاً مثل عيشكَ بالكُرْم قال: أَراد بالكُرْمِ الكَرامة. ابن شميل: يقال كَرُمَتْ أَرضُ فلان العامَ، وذلك إذا سَرْقَنَها فزكا نبتها. قال: ولا يَكْرُم الحَب حتى يكون كثير العَصْف يعني التِّبْن والورق.
والكُرْمةُ: مُنْقَطَع اليمامة في الدَّهناء؛ عن ابن الأعرابي.

وا (لسان العرب) [0]


الواو: من حروف المُعْجم، وَوَوٌ حرفُ هجاء (* قوله « ووو حرف هجاء» ليست الواو للعطف كما زعم المجد بل لغة أَيضاً فيقال ووو ويقال واو، انظر شرح القاموس.) واوٌ: حرف هجاء، وهي مؤلفة من واو وياء وواو، وهي حرف مهجور يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً، فالأَصل نحو وَرَلٍ وسَوْطٍ ودَلْوٍ، وتبدل من ثلاثة أَحرف وهي الهمزة والأَلف والياء، فأَما إبدالها من الهمزة فعلى ثلاثة أَضرب: أَحدها أَن تكون الهمزة أَصلاً، والآخر أَن تكون بدلاً، والآخر أَن تكون زائداً، أَمَّا إبدالها منها وهي أَصل فأَن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها ضمة، فمتى آثرت تخفيف الهمزة قلبتها واواً، وذلك نحو . . . أكمل المادة قولك في جُؤَنٍ جُوَن، وفي تخفيف هو يَضْرِبُ أَباكَ يَضْرِبُ وَباك، فالواو هنا مُخَلَّصةٌ وليس فيها شيء من بقية الهمزة المُبْدَلِة، فقولهم في يَمْلِكُ أَحَدَ عَشَرَ هو يَمْلِكُ وَحَدَ عَشَرَ، وفي يَضْرِبُ أَباهُ يَضْرِبُ وَباه، وذلك أَن الهمزة في أَحدَ وأَباهُ بدل من واو، وقد أُبْدِلت الواو من همزة التأْنيث المُبْدَلة من الأَلف في نحو حَمْراوانِ وَصَحْراواتٍ وصَفْراوِيٍّ، وأَما إبدالُها من الهمزة الزائدة فقولك في تخفيف هذا غلامُ أَحْمَدَ: هذا غلامُ وَحْمَدَ، وهو مُكْرِمُ أَصْرَمَ: هو مُكْرِمُ وَصْرَمَ، وأَما إبدال الواو من الأَلف أَصليةً فقولك في تثنية إلى وَلَدَى وإذا أَسماء رجال: إلَوانِ ولَدَوانِ وإذَ وانِ؛ وتحقيرها وُوَيَّةٌ.
ويقال: واو مُوَأْوَأَةٌ، وهمزوها كراهَةَ اتِّصالِ الواواتِ والياءَات، وقد قالوا مُواواةٌ، قال: هذا قول صاحب العين، وقد خرجت واوٌ بدليل التصريف إلى أَنَّ في الكلام مثل وَعَوْتُ الذي نفاه سيبويه، لأن أَلف واو لا تكون إلا منقلبةً كما أَنّ كل أَلف على هذه الصُّورة لا تكون إلا كذلك، وإذا كانت مُنْقَلِبة فلا تخلو من أَن تكون عن الواو أَو عن الياء إذ لولا همزها فلا تكون (*قوله «إذ لولا همزها فلا تكون إلخ» كذا بالأصل ورمز له في هامشه بعلامة وقفة.) عن الواو، لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة ولا نعلم ذلك في الكلام البتة إلا بَبَّة وما عُرِّب كالكَكّ، فإذا بَطلَ انْقِلابها عن الواو ثبت أَنه عن الياء فخرج إلى باب وعَوْت على الشذوذ.
وحكى ثعلب: وَوَّيْت واواً حَسَنة عَمِلتها، فإِن صح هذا جاز أَن تكون الكلمة من واو وواو وياء، وجاز أَن تكون من واو وواو وواو، فكان الحكم على هذا وَوَّوْتُ، غير أَن مُجاوزةَ الثلاثة قلبت الواوَ الأَخيرة ياء وحملها أَبو الحسن الأَخفش على أَنها مُنْقَلِبةٌ من واو، واستدلَّ على ذلك بتفخيم العرب إِيَّاها وأَنه لم تُسْمَع الإِمالةُ فيها، فقَضَى لذلك بأَنها من الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات، قال ابن جني: ورأَيت أَبا علي يُنكر هذا القول ويَذْهب إلى أَنَّ الأَلف فيها منقلبة عن ياء، واعتمد ذلك على أَنه إن جَعَلَها من الواو كانت العين والفاء واللامُ كلها لفظاً واحداً؛ قال أَبو علي: وهو غير موجود؛ قال ابن جني: فعدل إلى القَضاء بأَنها من الياء، قال: ولست أَرَى بما أَنْكَره أَبو عليّ على أَبي الحسن بأْساً، وذلك أَنَّ أَبا عليّ، وإن كان كره ذلك لئلا تَصِيرَ حُروفُه كلُّها واواتٍ، فإِنه إِذا قَضَى بأَنَّ الأَلف من ياء لتَخْتَلِف الحروف فقد حَصَل بعد ذلك معه لفظ لا نظير له، أَلا ترى أَنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو ولامه واو إلاَّ قولنا واو؟ فإِذا كان قضاؤه بأَنَّ الأَلف من ياء لا يخرجه من أَن يكون الحرف فَذًّا لا نظيرَ له، فقضاؤه بأَنَّ العينَ واوٌ أَيضاً ليس بمُنْكَر، ويُعَضِّدُ ذلك أَيضاً شيئان: أَحدهما ما وصَّى به سيبويه من أَنَّ الأَلف إذا كانت في موضع العين فأَنْ تكونَ منقلبةً عن الواو أَكثرُ من أَن تكون منقلبةً عن الياء، والآخر ما حكاه أَبو الحسن من أَنه لم يُسْمَعْ عنهم فيها الإمالةُ، وهذا أَيضاً يؤكِّدُ أَنها من الواو، قال: ولأَبي علي أَن يقولَ مُنْتَصِراً لكَوْنِ الأَلف عن ياء إنَّ الذي ذَهَبْتُ أنا إليه أَسْوَغُ وأَقَلُّ فُحْشاً ممَّا ذهَبَ إليه أَبو الحسنِ، وذلك أَنِّي وإنْ قَضَيْتُ بأَنَّ الفاء واللام واوان، وكان هذا مما لا نظير له، فإني قد رأَيت العرب جعَلَتِ الفاء واللام من لفظ واحد كثيراً، وذلك نحو سَلَسٍ وقَلَقٍ وحِرْحٍ ودَعْدٍ وفَيْفٍ، فهذا وإن لم يكن فيه واو فإِنا وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد.
وقالوا أَيضاً في الياء التي هي أُخت الواو: يَدَيْتُ إِليه يداً، ولم نَرَهم جعلوا الفاء واللام جميعاً من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها، قال: فقد دخل أَبو الحسن معي في أَن أَعترف بأَنَّ الفاء واللام واوان، إذ لم يجد بُدًّا من الاعتراف بذلك، كما أَجده أَنا، ثم إِنه زاد عَمَّا ذَهَبْنا إِليه جميعاً شيئاً لا نظير له في حَرْف من الكلام البتة، وهو جَعْلُه الفاء والعين واللام من موضع واحد؛ فأَمَّا ما أَنشده أَبو علي من قول هند بنت أَبي سفيان تُرَقِّصُ ابنَها عبدَ الله بنَ الحَرث: لأُنْكِحَنَّ بَبِّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ فإِنما بَبِّهْ حكاية الصوت الذي كانت تُرَقِّصُه عليه، وليس باسم، وإِنما هو لَقَبٌ كقَبْ لصوت وَقْع السَّيْف، وطِيخِ للضَّحِك، ودَدِدْ (* قوله« وددد» كذا في الأصل مضبوطاً.) لصوت الشيء يَتَدَحْرَجُ، فإِنما هذه أَصواتٌ ليست تُوزَنُ ولا تُمَثَّلُ بالفعل بمنزلة صَه ومَهْ ونحوهما؛ قال ابن جني: فلأَجْل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أَبي علي تَعادَلَ عندنا المَذْهبان أَو قَرُبا من التَّعادُلِ، ولو جَمَعْتَ واواً على أَفعالٍ لقلتَ في قول مَنْ جعل أَلِفَها منقلبةً من واو أَوَّاءٌ، وأَصلها أَوَّاوٌ، فلما وقعت الواو طَرَفاً بعد أَلف زائدة قُلبت ألفا، ثم قلبت تلك الأَلفُ هَمْزةً كما قلنا في أَبْنَاء وأَسْماء وأَعْداء، وإِنْ جَمَعها على أَفْعُلٍ قال في جمعها أَوٍّ، وأَصلها أَوْوُوٌ، فلما وقعت الواوُ طرَفاً مضموماً ما قَبْلَها أَبْدَلَ من الضمة كَسْرةً ومن الواو ياءً، وقال أَوٍّ كأَدْلٍ وأَحْقٍ، ومن كانت أَلفُ واو عنده مِن ياء قال إِذا جمَعَها على أَفْعال أَيَّاءً، وأَصلها عنده أَوْياءٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقَتِ الواوُ بالسكون قُلبت الواوُ ياء وأُدْغِمت في الياء التي بعدها، فصارت أَيَّاء كما ترى، وإن جمعَها على أَفْعُل قال أَيٍّ وأَصلها أَوْيُوٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقت الواوُ بالسكون قُلِبت الواو ياء وأُدغمت الأُولى في الثانية فصارت أَيُّوٌ، فلما وقعت الواو طرَفاً مضموماً ما قبلها أُبْدِلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء، على ما ذكرناه الآنَ، فصار التقدير أَيْيِيٌ فلما اجتمعَت ثَلاثُ ياءَاتٍ، والوُسْطَى منهن مكسورة، حُذفت الياء الأَخيرة كما حذفت في تَحْقِير أَحْوَى أُحَيٍّ وأَعْيا أُعَيٍّ، فكذلك قلت أَنت أَيضاً أَيٍّ كأَدْلٍ.
وحكى ثعلب أَن بعضهم يقول: أَوَّيْتُ واواً حَسَنةً، يجعل الواو الأُولى هَمزةً لاجتماع الواوات. قال ابن جني: وتُبْدَلُ الواو من الباء في القَسَم لأَمْرَيْنِ: أَحدهما مُضارَعَتُها إِياها لفظاً، والآخر مُضارَعَتُها إِيَّاها مَعْنًى، أَما اللفظ فلأنّ الباء من الشفة كما أَنَّ الواو كذلك، وأَما المعنى فلأَنَّ الباء للإِلصاق والواوَ للاجتماع، والشيءُ إِذا لاصَقَ الشيءَ فقد اجتمع معه. قال الكسائي: ما كان من الحُرُوف على ثلاثة أَحْرُفٍ وسَطُه أَلف ففي فِعْلِه لغتان الواو والياء كقولك دَوَّلْت دالاً وقَوَّفْتُ قافاً أَي كَتَبْتها، إِلا الواو فإِنها بالياء لا غير لكثرة الواوات، تقول فيها وَيَّيْتُ واواً حَسَنةً، وغير الكسائي يقول: أَوَّيْتُ أَوْ وَوَّيْتُ، وقال الكسائي: تقول العرب كلِمةٌ مُؤَوَّاةٌ مثل مُعَوّاةٍ أَي مَبْنِيَّةٌ من بناتِ الواو، وقال غيره: كلمة مُوَيَّاةٌ من بنات الواو، وكلمة مُيَوّاةٌ من بنات الياء، وإِذا صَغَّرْتَ الواو قُلتَ أُوَيَّةٌ.
ويقال: هذه قصيدة واوِيَّةٌ إِذا كانت على الواو، قال الخليل: وجدْتُ كلَّ واو وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إِلى الياء نحو يَا وفَا وطَا ونحوه، والله أَعلم. التهذيب: الواو (* قوله« التهذيب الواو إلخ» كذا بالأصل.) معناها في العَطْفِ وغَيْرِه فعل الأَلف مهموزة وساكنة فعل الياء. الجوهري: الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدلُّ على الترتيب، ويدخل عليها أَلف الاستفهام كقوله تعالى: أَوَعَجِبْتُم أَنْ جاءَكم ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكم على رَجُل؛ كما تقول أَفَعَجِبْتُم؛ وقد تكون بمعنى مَعْ لما بينهما من المناسبة لأَن مَع للمصاحبة كقول النبي، صلى الله عليه وسلم: بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ، وأَشار إِلى السَّبَّابةِ والإِبْهام، أَي مَع الساعةِ؛ قال ابن بري: صوابه وأَشار إِلى السبَّابةِ والوُسْطَى، قال: وكذلك جاء في الحديث؛ وقد تكون الواو للحال كقولهم: قُمْتُ وأَصُكُّ وجْهَه أَي قمتُ صاكًّا وجْهَه، وكقولك: قُمتُ والناسُ قُعودٌ، وقد يُقْسَمُ بها تقول: واللهِ لقد كان كذا، وهو بَدَلٌ من الباء وإِنما أُبْدِل منه لقُربه منه في المَخرج إِذ كان من حروف الشَّفة، ولا يَتجاوَزُ الأَسماءَ المُظْهَرةَ نحو والله وحَياتِك وأَبيك؛ وقد تكون الواو ضمير جماعة المذكَّر في قولك فعَلُوا ويَفْعَلُون وافْعَلُوا؛ وقد تكون الواو زائدة؛ قال الأَصمعي: قلت لأَبي عمرو قولهم رَبَّنا ولكَ الحمدُ فقال: يقول الرجل للرجل بِعْني هذا الثوبَ فيقول وهو لك وأَظنه أَراد هو لك؛ وأَنشد الأَخفش: فإِذا وذلِك، يا كُبَيْشةُ، لَمْ يَكُنْ إِلاَّ كَلَمَّةِ حالِمِ بخَيالِ كأَنه قال: فإِذا ذلك لم يكنْ؛ وقال زهير بن أَبي سُلْمى: قِفْ بالدِّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ بَلى، وغَيَّرَها الأَرْواحُ والدِّيَمُ يريد: بلى غَيَّرَها.
وقوله تعالى: حتى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ أَبوابها؛ فقد يجوز أَن تكون الواو هنا زائدة؛ قال ابن بري: ومثل هذا لأَبي كَبير الهُذلي عن الأَخفش أَيضاً: فإِذا وذلِكَ ليسَ إِلاَّ ذِكْرَه، وإِذا مَضى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ قال: وقد ذَكر بعضُ أَهلِ العلم أَنَّ الواوَ زائدةٌ في قوله تعالى: وأَوْحَيْنا إِليه لَتُنَبِّئَنَّهم بأَمرهم هذا؛ لأَنه جواب لَمَّا في قوله: فلمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوه في غَيابَةِ الجُبِّ.التهذيب: الواواتُ لها مَعانٍ مختلفة لكل معنًى منها اسم يُعْرَفُ به: فمنها واوُ الجمع كقولك ضَرَبُوا ويَضْرِبُون وفي الأَسماء المُسْلِمون والصالحون؛ ومنها واو العطف والفرقُ بينها وبين الفاءِ في المعطوف أَو الواو يُعْطَفُ بها جملة على جملةٍ ،لا تدلُّ على الترتيب في تَقْديم المُقَدَّمِ ذِكْرُه على المؤخَّر ذكره، وأَما الفراء فإِنه يُوَصِّلُ بها ما بَعْدَها بالذي قبلها والمُقَدَّمُ هو الأَوَّل، وقال الفراء: إِذا قلتَ زُرْتُ عبدَ اللهِ وزيْداً فأَيَّهُما شئت كان هو المبتدأَ بالزيارة، وإِن قلتَ زُرْتُ عبدَ الله فزَيْداً كان الأَولُ هو الأَولَ والآخِرُ هو الآخِر؛ ومنها واو القَسم تَخْفِضُ ما بَعْدَها، وفي التنزيل العزيز: والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُور؛ فالواو التي في الطُّور هي واو القَسَمِ، والواوُ التي هي في وكتابٍ مسْطورٍ هي واوُ العَطف، أَلا ترى أَنه لو عُطِف بالفاء كان جائزاً والفاء لا يُقْسَم بها كقوله تعالى: والذَّارِياتِ ذَرْواً فالحامِلاتِ وِقْراً؛ غير أَنه إِذا كان بالفاء فهو مُتَّصِلٌ باليمين الأُولى، وإِن كان بالواو فهو شيء آخَرُ أُقْسِمَ به؛ ومنها واوُ الاسْتِنْكارِ، إِذا قلت: جاءَني الحَسَنُ، قال المُسْتَنْكِرُ أَلحَسَنُوهْ، وإِذا قلت: جاءَني عَمرو، قال: أَعْمْرُوهْ، يَمُدُّ بواو والهاء للوقفة؛ ومنها واو الصِّلة في القَوافي كقوله: قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُها القِدَمُو فَوُصِلَتْ ضَمَّةُ المِيمِ بواو تَمَّ بها وزن البيت؛ ومنها واوُ الإِشْباع مثل قولهم البُرْقُوعُ والمُعْلُوقُ، والعرب تصل الضمة بالواو.
وحكى الفراء: أَنْظُور، في موضع أَنْظُر؛ وأَنشد: لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَن يَرْقُودا فانْهَضْ، فشُدَّ المِئْزَرَ المَعْقُودا أَراد: أَن يَرْقُدَ فأَشْبَعَ الضمةَ ووصَلَها بالواو ونَصَب يَرْقُود على ما يُنْصَبُ به الفعلُ؛ وأَنشد: اللهُ يَعْلَم أَنَّا، في تَلفُّتِنا، يومَ الفِراقِ، إِلى إِخوانِنا، صُورُ وأَنَّني حَيْثُما يَثْني الهَوَى بَصَري، من حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنُو فأَنْظُورُ أَراد: فأَنْظُر؛ ومنها واو التَّعايي كقولك: هذا عمْرُو، فيَسْتَمِدُّ ثم يقولُ مُنْطَلِقٌ، وقد مَضى بعضُ أَخواتِها في ترجمة آ في الأَلِفات، وستأْتي بَقِيَّةُ أَخَواتها في ترجمة يا؛ ومنها مَدُّ الاسم بالنِّداء كقولك أَيا قُورْط، يريد قُرْطاً، فمدّوا ضمة القاف بالواو ليَمْتَدَّ الصَّوتُ بالنداء؛ ومنها الواو المُحَوَّلةُ نحو طُوبى أَصلها طُيْبى فقُلِبت الياء واواً لانضمام الطاءِ قبلها، وهي من طاب يَطيبُ؛ ومنها واو المُوقنين والمُوسِرين أَصلها المُيْقِنين من أَيْقَنْتُ والمُيْسِرين من أَيْسَرْتُ؛ ومنها واوُ الجَزْمِ المُرْسَلِ مثلُ قوله تعالى: ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبيراً؛ فأُسْقِطَ الواو لالتقاء الساكنين لأَن قبْلَها ضَمَّةً تَخْلُفها؛ ومنها جَزْمُ الواو (* قوله« جزم الواو» وعبارة التكملة واو الجزم وهي أنسب.) المنبسط كقوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ في أَموالكم؛ فلم يُسْقِطِ الواو وحَرّكها لأَن قبلها فتحة لا تكون عِوضاً منها؛ هكذا رواه المنذري عن أَبي طالب النحوي، وقال: إِنما يَسْقُط أَحَدُ الساكنين إِذا كان الأَوّل من الجَزم المُرْسَل واواً قبلها ضمة أَو ياء قبلها كسرة أَو أَلفاً قبلها فتحة، فالأَلف كقولك للاثنين اضْرِبا الرجل، سقطت الأَلف عنه لالتقاء الساكنين لأَن قبلها فتحة، فهي خَلَفٌ منها، وسنذكر الياء في ترجمتها؛ ومنها واواتُ الأَبْنِية مثل الجَوْرَبِ والتَّوْرَبِ للتراب والجَدْوَلِ والحَشْوَرِ وما أَشبهها؛ ومنها واو الهمز في الخط واللفظ، فأَما الخط فقولك: هذِه شاؤُك ونِساؤُك، صُوِّرَتِ الهمزة واواً لضمتها، وأَما اللفظ فقولك: حَمْراوانِ وسَوْداوان، ومثل قولك أُعِيذُ بأَسْماوات الله وأَبْناواتِ سَعْدٍ ومثل السَّمَواتِ وما أَشْبهها؛ ومنها واو النِّداء وَواوُ النُّدْبة، فأَما النِّداء فقولك: وازَيْد، وأَما النُّدبة فكقولك أَو كقول النَّادِبة: وازَيْداهْ والَهْفاهْ واغُرْبَتاهْ ويا زَيداه ومنها واواتُ الحال كقولك: أَتَيْتُه والشمسُ طالِعةٌ أَي في حال طُلُوعها، قال الله تعالى: إِذْ نادى وهوَ مَكْظُوم؛ ومنها واوُ الوَقْتِ كقولك: اعْمَل وأَنتَ صَحِيحٌ أَي في وقْتِ صِحَّتِك، والآنَ وأَنت فارِغٌ، فهذه واوُ الوقت وهي قَريبة من واو الحال؛ ومنها واوُ الصَّرْفِ، قال الفراء: الصَّرْفُ أَنْ تأْتي الواوُ مَعْطُوفةً على كلام في أَوّله حادِثةٌ لا تَسْتَقِيمُ إِعادَتُها على ما عُطِفَ عليها كقوله: لا تَنْهَ عَنْ خُلْقٍ وتَأْتيَ مِثْلَه، عارٌ عَلَيْكَ، إِذا فَعَلْتَ، عَظِيمُ أَلا ترى أَنه لا يجوز إِعادة لا على وتَأْتيَ مِثْلَه، فلذلك سُميَ صَرْفاً إِذْ كان معطوفاً ولم يَسْتَقِم أَن يُعادَ فيه الحادثُ الذي فيما قَبْلَه؛ ومنها الواواتُ التي تدخلُ في الأَجْوِبةِ فتكون جواباً مع الجَوابِ، ولو حُذِفت كان الجوابُ مُكْتَفِياً بنفسه؛ أَنشد الفراء: حتى إِذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ، ورَأَيْتُمُ أَبْناءَكُمْ شَبُّوا وقَلَبْتُمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لنا، إِنَّ اللَّئِيمَ العاجِزُ الخَبُّ أَراد قَلَبْتُم.
ومثله في الكلام: لمَّا أَتاني وأَثِبُ عليه، كأَنه قال: وَثَبْتُ عليه، وهذا لا يجوز إِلاَّ مع لَمَّا حتى إِذا (* قوله «حتى إذا» كذا هو في الأصل بدون حرف العطف.) . قال ابن السكيت: قال الأَصمعي قلت لأَبي عَمْرو بن العَلاء رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ ما هذه الواوُ؟ فقال: يقول الرَّجُل للرَّجُل بِعْني هذا الثَّوْبَ، فيقول: وهو لك، أَظُنُّه أَراد هُوَ لكَ؛ وقال أَبو كبير الهذلي: فإِذا وذلِكَ ليْسَ إِلاَّ حِينَه، وإِذا مَضَى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ أَراد: فإِذا ذلكَ يعني شَبابَه وما مَضَى مِن أَيّام تَمَتُّعه؛ ومنها واو النِّسبة، روي عن أَبي عَمرو بن العَلاء أَنه كان يقول: يُنْسَبُ إِلى أَخٍ أَخَويٌّ، بفتح الهمزة والخاء وكسر الواو، وإِلى الرِّبا رِبَوِيٌّ، وإِلى أُخْتٍ أُخَويٌّ، بضم الهمزة، وإِلى ابْن بَنَوِيٌّ، وإِلى عالِيةِ الحِجاز عُلْوِيٌّ، وإِلى عَشِيَّة عَشَوِيٌّ، وإِلى أَبٍ أَبَوِيٌّ؛ ومنها الواوُ الدَّائمةُ، وهي كل واوٍ تُلابِسُ الجَزاء ومعناها الدَّوامُ، كقولك: زٌرْني وأَزُورَكَ وأَزُورُكَ، بالنصب والرفع، فالنَّصْبُ على المُجازاةِ، ومَن رفع فمعناه زيارَتَكَ عليَّ واجبةٌ أُدِيمُها لك على كلِّ حالٍ؛ ومنها الواو الفارِقةُ، وهي كلُّ واوٍ دَخَلت في أَحَدِ الحَرْفين المُشْتَبِهين ليُفْرَقَ بينَه وبين المُشْبهِ له في الخَطِّ مثل واوِ أُولئِك وواو أُولو. قال الله عز وجل: غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ وغَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ زيدت فيها الواو في الخط لتَفْرُق بينَها وبينَ ما شاكَلَها في الصُّورةِ مِثْل إِلى وإِلَيْك؛ ومنها واو عَمْرو، فإِنها زيدَتْ لِتَفْرُقَ بينَ عَمْروٍ وعُمَرَ، وزيدتْ في عَمْرٍو دونَ عُمَرَ لأَن عُمَرَ أَثقَلُ من عَمْرٍو؛ وأَنشد ابن السكيت: ثمَّ تَنادَوْا، بينَ تِلْكَ الضَّوْضَى مِنْهُمْ: بِهابٍ وهَلا ويايا نادَى مُنادٍ مِنْهُمُ: أَلا تا، صَوْتَ امْرِئٍ للجُلَّياتِ عَيّا قالُوا جَمِيعاً كُلُّهُم: بَلافا أَي بَلَى فإِنَّا نَفْعَلُ، أَلا تا: يُريد تَفْعَلُ، والله أَعلم. الجوهري: الواوا صَوْتُ ابْن آوَى.
وَوَيْكَ: كلمةٌ مِثل وَيْبَ ووَيْحَ، والكافُ للخِطاب؛ قال زيد بن عَمرو بن نُفَيْل ويقال هو لِنُبَيْهِ بن الحجاج السَّهْمِي: وَيْكَ أَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ ـبَبْ، ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرَّ قال الكسائي: هو وَيْكَ، أُدْخِلَ عليه أَنَّ ومعناه أَلم تَرَ؛ وقال الخليل: هي وَيْ مَفْصُولة ثم تَبتدِئُ فتقول كأَنَّ، والله أَعلم.

نعم (لسان العرب) [0]


النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى.
وقوله عز وجل: ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه سيبويه؛ وقال النابغة: فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ.
ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه . . . أكمل المادة لغة ثالثة مركبة بينهما: نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم، بالكسر فيهما، وهو شاذ.
والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة.
ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً، وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله، فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم.
والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ. يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم.
وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي المسرّة والفرح والترفُّه.
وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال وقوله: ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ، تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ.
ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛ قال الأَعشى: وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ.
وثوبٌ ناعِمٌ: ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال: ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك.
ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله، بإسكان العين، فأَما الكسرُ (* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله، بالكسر.
وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله وقوله عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة، فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه.
وفلانٌ واسعُ النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ.
وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن عباس (* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب.
وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج: معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ.
وقوله تعالى: وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك.
وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون.
وقوله تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك.
والنِّعمةُ، بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد.
وأَنْعَم: أَفْضل وزاد.
وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما.
ويقال: قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً.
وتقول: أَنْعَم اللهُ عليك، من النِّعْمة.
وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً.
ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه؛ أَنشد ثعلب: أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ، وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً.
وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري: الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال: ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني: ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات.
ونُعْمةُ العين: قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك.
ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه: واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق: وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل: إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر.
وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن الكسائي: صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى. قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز: أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ.
ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره.
ويقال للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر: فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ.
ويقال للعَذارَى: كأنهن بَيْضُ نَعامٍ.
ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها.
ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً.
ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك: ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله: ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً، تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛ وفي ذلك يقول بعضهم: أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ.
والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي.
والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز، وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة: بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا، والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه: تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر: لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره: لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة، والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت: بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم.
والنَّعامة: الطريق.
والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ: أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ: اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر: إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة: الظُّلْمة.
والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ: ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة.
وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق، وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة: فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه، وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله: وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر.
والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق.
والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل.
والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام.
والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛ وقبله: كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي: هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ، وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد، قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله «في كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة: دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم.
وقوله عز وجل: والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛ أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله: مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم: في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ، يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت (* قوله «إذا ذكرت» الذي في التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب: مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ، وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري: النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها النَّعام؛ أَنشد ثعلب: باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ.
وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال: سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً، وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك، وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها.
وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد.
وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله: فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ، فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ.
وحكى سيبويه: أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر.
وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً، ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛ قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين، وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت: هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة.
وفي الحديث: مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة: أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة: ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع.
ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت.
ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه.
ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها.
وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ.
وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما.
وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة؛ قال: تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات.
وقوله تعالى: إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين، وذكر أَبو عبيدة (* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم، حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل، وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان.
وشقائقُ النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم.
ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ. الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله «ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها (* قوله «ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ.
والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ: المِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن بري: وقول الراعي: صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي: صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ.
ونَعْمانُ: اسم جبل بين مكة والطائف.
وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه.
ونَعْمانُ، بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ: تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد: أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي.
وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم.
وقوله «وأنعم» قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها.
وقوله «ونعمى» قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ.
والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك.
وبَنو نَعامٍ: بطنٌ.
ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن.
والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول: قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ.
والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة.
ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن.
ونَعَمْ ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه، قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال: ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ.
وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد قرئَ بهما.
وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ، رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ، بكسر العين.
وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين.
وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد: كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي: تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال: قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله: وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي: أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم: الجوس قاتله، والجوس الجوع.
والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛ والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ. تقرير دردير). يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ، ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين.
ونَعَّم الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني.
وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد: تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله: تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.

عمي (لسان العرب) [0]


العَمَى: ذهابُ البَصَر كُلِّه، وفي الأزهري: من العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما، عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى، واعمايَ يَعْمايُ (*وقد تشدد الياء كما في القاموس.) اعْمِياءَ، وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه على لفْظٍ صحيح وكان في الأصل ادْهامَمَ فأَدْغَمُوا لاجْتماع المِيمَين، فَلما بَنَوا اعْمايَا على أَصل ادهامَمَ اعتمدت الياءُ الأَخيرة على فَتْحَةِ الياء الأُولى فصارت أَلِفاً، فلما اختلفا لم يكن للإدْغامِ فيها مَساغٌ كمساغِه في المِيمين، ولذلك لم يَقولوا: اعمايَّ فلان غير مستعمل.
وتَعَمَّى: في مَعْنى عَمِيَ؛ وأَنشد الأخْفَش: صَرَفْتَ، ولم نَصْرِف أَواناً، وبادَرَتْ نُهاكَ دُموعُ العَيْنِ حَتَّى تَعَمَّت وهو أَعْمَى وعَمٍ، والأُنثى عَمْياء وعَمِية، وأَما عَمْية فَعَلى حدِّ فَخْذٍ في . . . أكمل المادة فَخِذٍ، خَفَّفُوا مِيم عَمِيَة؛ قال ابن سيده: حكاه سيبويه. قال الليث: رجلٌ أَعْمَى وامْرَأَةٌ عَمْياء، ولا يقع هذا النَّعْتُ على العينِ الواحِدَة لأن المعنى يَقَعُ عليهما جميعاً، يقال: عَمِيتْ عَيْناهُ، وامرأتانِ عَمْياوانِ، ونساءٌ عَمْياواتٌ، وقومٌ عُمْيٌ.
وتَعامى الرجلُ أَي أَرَى من نفسه ذلك.
وامْرَأَةٌ عَمِيةٌ عن الصواب، وعَمِيَةُ القَلْبِ، على فَعِلة، وقومٌ عَمُون.
وفيهم عَمِيَّتُهم أَي جَهْلُهُم، والنِّسْبَة إلى أَعْمَى أَعْمَويٌّ وإلى عَمٍ عَمَوِيٌّ.
وقال الله عز وجل: ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً؛ قال الفراء: عَدَّدَ الله نِعَم الدُّنْيا على المُخاطَبين ثم قال من كان في هذه أَعْمَى، يَعْني في نِعَم الدُّنْيا التي اقْتَصَصْناها علَيكم فهو في نِعَمِ الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً، قال: والعرب إذا قالوا هو أَفْعَلُ مِنْك قالوه في كلِّ فاعل وفعِيلٍ، وما لا يُزادُ في فِعْلِه شيءٌ على ثَلاثة أَحْرُفٍ، فإذا كان على فَعْلَلْت مثل زَخْرَفْت أَو على افْعَلَلت مثل احْمَرَرْت، لم يقولوا هو أَفْعَلُ منكَ حتى يقولوا هو أَشدُّ حُمْرَةً منك وأَحسن زَخْرفةً منك، قال: وإنما جازَ في العَمَى لأنه لم يُرَدْ به عَمَى العَيْنَينِ إنما أُرِيد، والله أَعلم، عَمَى القَلْب، فيقال فلانٌ أَعْمَى من فلان في القَلْبِ، ولا يقال هو أَعْمَى منه في العَيْن، وذلك أَنه لمَّا جاء على مذهب أَحَمَر وحَمْراءَ تُرِك فيه أَفْعَلُ منه كما تُرِكَ في كَثيرٍ، قال: وقد تَلْقى بعض النحويين يقولُ أُجِيزُه في الأَعْمَى والأَعْشَى والأَعْرَج والأَزْرَق، لأَنَّا قد نَقُول عَمِيَ وزَرِقَ وعَشِيَ وعَرِجَ ولا نقول حَمِرَ ولا بَيضَ ولا صَفِرَ، قال الفراء: ليس بشيء، إنما يُنْظر في هذا إلى ما كان لصاحبِهِ فِعْلٌ يقلُّ أَو يكثُر، فيكون أَفْعَلُ دليلاً على قِلَّةِ الشيء وكَثْرَتِه، أَلا تَرَى أَنك تقولُ فلان أَقْوَمُ من فلانٍ وأََجْمَل، لأَنَّ قيام ذا يزيدُ على قيام ذا، وجَمالَهُ يزيدُ على جَمالِه، ولا تقول للأَعْمَيَيْن هذا أَعْمَى من ذا، ولا لِمَيِّتَيْن هذا أَمْوتُ من ذا، فإن جاء شيءٌ منه في شعر فهو شاذٌّ كقوله: أَمَّا المُلوك، فأَنت اليومَ أَلأَمُهُمْ لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ وقولهم: ما أَعْماهُ إنما يُراد به ما أَعْمَى قَلْبَه لأَنَّ ذلك ينسبُ إليه الكثيرُ الضلالِ، ولا يقال في عَمَى العيونِ ما أَعْماه لأَنَّ ما لا يَتزَيَّد لا يُتَعَجَّب منه.
وقال الفراء في قوله تعالى: وهُوَ عَلَيْهِم عَمًى أُولئك يُنادَوْنَ من مكانٍ بَعيدٍ؛ قرأَها ابنُ عباس، رضي الله عنه: عَمٍ.
وقال أَبو معاذ النحويّ: من قرأَ وهُو علَيهم عَمًى فهو مصدرٌ. يقا: هذا الأمرُ عَمًى، وهذه الأُمورُ عَمًى لأَنه مصدر، كقولك: هذه الأُمور شُبْهَةٌ ورِيبةٌ، قال: ومن قرأَ عَمٍ فهو نَعْتٌ، تقول أَمرٌ عَمٍ وأُمورٌ عَمِيَةٌ.
ورجل عَمٍ في أَمرِه: لا يُبْصِره، ورجل أَعْمَى في البصر؛ وقال الكُمَيت: أَلا هَلْ عَمٍ في رَأْيِه مُتَأَمِّلُ ومثله قول زهير: ولكِنَّني عَنْ عِلْمِ ما في غَدٍ عَمٍ والعامِي: الذي لا يُبْصرُ طَريقَه ؛ وأَنشد: لا تَأْتِيَنِّي تَبْتَغِي لِينَ جانِبي بِرَأْسِك نَحْوي عامِيًا مُتَعاشِيَا قال ابن سيده: وأَعْماه وعَمَّاهُ صَيَّره أَعْمَى؛ قال ساعدة بنُ جُؤيَّة: وعَمَّى علَيهِ المَوْتُ يأْتي طَريقَهُ سِنانٌ، كعَسْراء العُقابِ ومِنْهَب (* قوله « وعمى الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً كما في الاصول هنا، وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا، وقوله ويروى: وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا، وتقدم لنا في مادة عسر أيضاً: ويروى يأبى طريقه يعني عيينة، والصواب ما هنا.) يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت، ويروى، وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه يعني عَيْنَيْه.
ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ.
ورجل عَمِي القَلْب أَي جاهلٌ.
والعَمَى: ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ، والفِعْلُ كالفِعْلِ، والصِّفةُ كالصّفةِ، إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ، وإنما هو على المَثَل، وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ.
وقوله تعالى: وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال الزجاج: هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين، والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق، وهو الكافِر، والبَصِير، وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ، ولا الظُّلماتُ ولا النورُ، الظُّلماتُ الضلالات، والنورُ الهُدَى، ولا الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ؛ وقول الشاعر: وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ ، وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ، وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي.
وتَعامَى: أَظْهَر العَمَى، يكون في العَين والقَلب.
وقوله تعالى: ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى؛ قيلٍ: هو مثْلُ قوله: ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا؛ وقيل: أَعْمَى عن حُجَّته، وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل، وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد.
وروي عن مجاهد في قوله تعالى: قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً، قال: أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها.
وقال نَفْطَوَيْه: يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه.
ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ، قال: وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ. قال تعالى: فإنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ.
وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، هو على المَثَل، جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى، لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته.
والأعْمِيانِ: السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ، وقيل: السَّيْلُ والحَرِيقُ؛ كِلاهُما عن يَعقوب. قال الأَزهري: والأَعْمَى الليلُ، والأَعْمَى السَّيْلُ، وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ.
وفي الحديث: نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن؛ هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه، أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك، فهو يَمشِي حيث أَدَّته رجْلُه؛ وأَنشد ابن بري: ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ، ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ، وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن، وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ أُخِلَّ: من الخَلَّة، وهي الحاجة.
والأَعْمَيانِ: السَّيْل والنارُ.
والأَثْرَمان: الدهْرُ والموتُ.
والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة، كلُّه: الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل.
والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ: الكِبرُ من ذلك.
وفي حديث أُم مَعْبَدٍ: تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ؛ العَمايةُ: الضَّلالُ، وهي فَعالَة من العَمَى.
وحكى اللحياني: تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة ، وهو من العَمَى.
وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه.
وفي الحديث: مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ، قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً؛ هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ، وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن.
وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال: الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ ما وجْهُه. قال أَبو إسحق: إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل بعضهم بعضاً، يقول: مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً. قال أَبو زيد : العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار.
وقال أَبو العلاء: العَصَبة بنُو العَمِّ، والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة، وقيل: العِمِّيَّة الفِتْنة، وقيل: الضَّلالة؛ وقال الراعي: كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ؛ ومنه حديث الزُّبَير: لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ.
وفي الحديث: من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ، وفي رواية: في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ؛ العِمِّيَّا، بالكسر والتشديد والقصر، فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من التَّخَصُّصِ، وهي مصادر، والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا يَبِينُ قاتِلُه، فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية.
وفي الحديث الآخر: يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة، والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى، يُريدُ بها الضلالة والجَهالة.
والعماية: الجهالة بالشيء؛ ومنه قوله: تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ: جَهالَتها.
والأعماءُ: المَجاهِلُ، يجوز أن يكون واحدُها عَمىٌ.
وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة؛ قال رؤبة: وبَلَدٍ عَامِيةٍ أَعْماؤهُ، كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ يريد: ورُبَّ بَلَد.
وقوله: عامية أَعْماؤُه، أَراد مُتَناهِية في العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ، فكأَنه قال أَعْماؤُه عامِيَةٌ، فقدَّم وأَخَّر، وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا تابعاً لِما قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ، لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم وأَخَّر. قال الأَزهري: عامِيَة دارِسة، وأَعْماؤُه مَجاهِلُه. بَلَدٌ مَجْهَلٌ وعَمًى: لا يُهْتدى فيه.
والمَعامِي: الأَرَضُون المجهولة، والواحدة مَعْمِيَةٌ، قال: ولم أَسْمَعْ لها بواحدةٍ.
والمعامِي من الأَرَضين: الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ عِمارَةٍ، وهي الأَعْماءُ أَيضاً.
وفي الحديث: إنَّ لنا المَعامِيَ؛ يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ، واحدُها مَعْمًى، وهو موضِع العَمَى كالمَجْهَلِ.
وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ ومكانٌ أَعْمَى: لا يُهْتَدَى فيه؛ قال: وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي: وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه، من الأَجْنِ، أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه، مَرَارِيُّ مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِب قال ابن الأَعرابي: عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً وعَمٍ مَسْلَكاً، يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر، وأَما الذي في حديث سلمان: سُئِلَ ما يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا؟ فقال: من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ طريقاً أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق، وإنما رَخّص سَلْمانُ في ذلك لأَنَّ أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم، فأَما إذا لم يُشْرَط فلا يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة، وقوله: من ذِمَّتِنا أَي من أَهلِ ذِمَّتِنا.
ويقال: لقيته في عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه.
وفي حديث أَبي ذرّ: أَنه كان يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ.
ولقِيتُه صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً، وذلك أَن الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ الشمسِ ولَمعانِها، فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه، وقيل: هو أَشدُّ الهاجرة حرّاً، وقيل: حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه، ولا يقال في البرْد، وقيل: حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة، وقيل: نصف النهار في شدَّة الحرّ، وقيل: عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه، وقيل: عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ كان يُفتي في الحجِّ، فأَقبل مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال عُمَيٌّ: من جاءتْ عليه هذه الساعةُ من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه، فهو حرامٌ إلى قابِلٍ، فوثَبَ الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ، وبَينهم وبَينَه من ذلك الموضِع ليلتانِ جوادان، فضُرِبَ مَثلاً.
وقال الأزهري: هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ أَعْمى؛ قال: وأَنشد ابن الأعرابي: صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً عُمَيٌّ، ولم يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها وفي الحديث: نَهى رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم،عن الصلاة نصفَ النهار إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ؛ قال: وعُمَيٍّ تصغير أَعْمى على التَّرْخيم، ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ، والإنسان إذا خَرَج نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين الشمس، فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى، ويقال: هو اسم رجلٍ من العَمالِقةِ أَغارَ على قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه؛ وقولُ الشاعر: يَحْسَبُه الجاهِلُ، ما كان عَمَى، شَيْخاً، على كُرْسِيِّهِ، مُعَمَّمَا أَي إِذا نظَرَ إِليه من بعيد، فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد، يصف وَطْبَ اللَّبن، يقول إِذا رآه الجاهلُ من بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً لبياضه.
والعَماءُ، ممدودٌ: السحابُ المُرْتَفِعُ، وقيل: الكثِيفُ؛ قال أَبو زيد: هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال؛ قال ابن بري: شاهِدُه قولُ حميدِ بن ثورٍ: فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ، رأَيتَه كالطَّوْدِ أَفْرَدَه العَماءُ المُمْطِرُ وقال الفرزدق: ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ، وكِيعَة، غَدَوْتُ بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه، كنَجْمِ الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها ويروى: إِذْ بَدَتْ من عَمائها وقال ابن سيده: العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ، وقيل: هو الرقِيقُ، وقيل: هو الأَسودُ، وقال أَبو عبيد: هو الأَبيض، وقيل: هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ الجِفَالِ، واحدتُه عماءةٌ.
وفي حديث أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه قال للنبي،صلى الله عليه وسلم: أَين كان ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ؟ قال: في عَماءٍ تَحْتَه هَواءٌ وفَوْقَه هَواءٌ؛ قال أَبو عبيد: العَماء في كلام العرب السحاب؛ قاله الأَصمعي وغيرُه، وهو ممدودٌ؛ وقال الحرث بن حِلِّزَة: وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا أَعْـ ـصم صمٍّ، يَنْجابُ عنه العَماءُ يقول: هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ يَنْجابُ عنه أَي ينكشف؛ قال أَبو عبيد: وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام العرب المَعْقُول عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ، قال: وأَما العَمَى في البَصَر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء. قال الأَزهري: وقد بلَغَني عن أَبي الهيثم، ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ، أَنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه كان في عمًى، مقصورٌ، قال: وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو عَمًى، قال: والمعنى أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ؛ قال الأَزهري: والقولُ عندي ما قاله أَبو عبيد أَنه العَماءُ، ممدودٌ، وهو السحابُ، ولا يُدْرى كيف ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه ولا نَعْتٍ يحدُّه، ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى: هل يَنْظُرون إِلا أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة، والغَمام: معروفٌ في كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه، فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه، وكذلك سائرُ صِفاتِ الله عز وجل؛ وقال ابن الأَثير: معنى قوله في عَمًى مقصورٌ ليسَ مَعَه شيءٌ، قال: ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف في قوله تعالى: هل ينظرون إِلا أَن يأْتيهم الله، ونحوه، فيكون التقدير أَين كان عرش ربّنا، ويدلّ عليه قوله تعالى: وكانَ عرْشُه على الماء.
والعَمايَةُ والعَماءَة: السحابَةُ الكثِيفة المُطْبِقَةُ، قال: وقال بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجَفْل (* قوله: «هو الذي . إلخ.» اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة.) والعربُ تقولُ: أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء تحتَ ظِلِّ عَماء. قال: ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ، قال: وبعضٌ ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ اسْماً جامعاً.
وفي حديث الصَّوْم: فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ؛ هكذا جاء في رواية، قيل: هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ عن رُؤيَتِه.
وعَمَى الشيءُ عَمْياً: سالَ.
وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ، وهَمى يَهْمِي مثله؛ قال الأَزهري: وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن ابن الأَعرابي: وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ، بها مِنْ ثَنَايا المَنْهَلَيْنِ، طَريقُ قال: عَمَى يَعْمي إِذا سالَ، يقول: سالَ عليها الآلُ.
ويقال: عمَيْتُ إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه لا تُريدُ غيره، غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة، عَمَى يَعْمِي.
وعَمَى الموجُ، بالفتح، يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى والزَّبَدِ ودَفَعَه.
وقال الليث: العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها؛ وأَنشد: رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً: هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان، وقيل: رَمى به على هامَته.
وقال المؤرج: رجلٌ عامٍ رامٍ.
وعَماني بكذا وكذا: رماني من التُّهَمَة، قال: وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ واعْتَمى، ثلاثُ لغاتٍ، واعْتَمى الشيءَ: اخْتاره، والاسم العِمْيَة. قال أَبو سعيد: اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته، وقال غيره: اعْتَمَيته اختَرْته، وهو قَلب الاعْتِيامِ، وكذلك اعتَمْته، والعرب تقول: عَمَا واللهِ، وأَمَا واللهِ، وهَمَا والله، يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى، ومنهم من يقول: غَمَا والله، بالغين المعجمة.
والعَمْو: الضلالُ، والجمع أَعْماءٌ.
وعَمِيَ عليه الأَمْرُ: الْتَبَس؛ ومنه قوله تعالى: فعَمِيَتْ عليهمُ الأَنباء يومئذٍ.
والتَّعْمِيَةُ: أَنْ تُعَمِّيَ على الإِنْسانِ شيئاً فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً.
وفي حديث الهجرة: لأُعَمِّيَنَّ على مَنْ وَرائي، من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ، حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ.
وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية، ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر، وقُرئَ: فعُمِّيَتْ عليهم، بالتشديد. أَبو زيد: تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا أَشْرَفُوا على الموت. قال الأَزهري: وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول الفرزدق:غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ والمُعَمَّى، وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقاتِ قال: فَخَر الفرزدق في هذا البيت على جرير، لأَن العرب كانت إِذا كان لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها، فإِذا تمت أَلفان عَمَّاه وأَعْماه، فافتخر عليه بكثرة ماله، قال: والخافقات الرايات. ابن الأَعرابي: عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ.
ومنه حديث ابنِ عُمر: مَثَلُ المُنافق مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ، تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى هذه؛ يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه، قال: والأَعرف تَعْنُو، التفسير للهَرَويِّ في الغريبَين؛ قال: ومنه قوله تعالى: مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك.
والعَمَا: الطُّولُ. يقال: ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه.
وقال أَبو العباس: سأَلتُ ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه، وقال: الأَعْماءُ الطِّوال منَ الناسِ.
وعَمايَةُ: جَبَلٌ من جبال هُذَيْلٍ.
وعَمايَتانِ:جَبَلان معروفان.

ضرر (لسان العرب) [0]


في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وهو الذي ينفع من يشاء من خلقه ويضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها وشرّها ونفعها وضرّها. الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان: ضد النفع.
والضَّرُّ المصدر، والضُّرّ الاسم، وقيل: هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ والنفع فتحت الضاد، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً، كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ ضد النفع، والضُّر، بالضم، الهزالُ وسوء الحال.
وقوله عز وجل: وإِذا مسّ الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه؛ وقال: كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مسَّه؛ فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، وما كان . . . أكمل المادة ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ وقوله: لا يَضُرّكم كيدُهم؛ من الضَّرَر، وهو ضد النفع.
والمَضَرّة: خلاف المَنْفعة.
وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بمعنى؛ والاسم الضَّرَر.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام؛ قال: ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه، وهو ضد النفع، وقوله: ولا ضِرار أَي لا يُضَارّ كل واحد منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً والضَّرَر فعل واحد، ومعنى قوله: ولا ضِرَار أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه، كقوله عز وجل: ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه ولِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير: قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ والضَّرَر فعل الواحد، والضِّرَارُ فعل الاثنين، والضَّرَر ابتداء الفعل، والضِّرَار الجزاء عليه؛ وقيل: الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به، والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن تنتفع، وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد.
وقوله تعالى: غير مُضَارّ؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ وروي عن أَبي هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو نار؛ والضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ ومنه الحديث: إِنّ الرجلَ يعمَلُ والمرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران في الوصية فتجبُ لهما النار؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها ونحو ذلك مما يخالف السُّنّة. الأَزهري: وقوله عز وجل: ولا يُضَارَّ كاتب ولا شهيد، له وجهان: أَحدهما لا يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يكتب وهو مشغول، والآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق ولا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق، ويستوي اللفظان في الإِدغام؛ وكذلك قوله: لا تُضَارَّ والدةٌ بولدها؛ يجوز أَن يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، وهو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، ويجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ معناه لا تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.
والضَّرَّاءُ: السَّنَة.
والضَّارُوراءُ: القحط والشدة.
والضَّرُّ: سوء الحال، وجمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي: وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْـ شِ يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي وكذلك الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه وفسرها السيرافي؛ وقوله أَنشده ثعلب: مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها، على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز؛ يقول: كرمُه وجوده يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ والضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء.
وفي الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وابتلينا بالسَّرَّاء فلم نَصْبِرْ؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، وهي نقيض السَّرَّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ وهي الدنيا والسَّعَة والراحة بَطِرْنا ولم نصبر.
وقوله تعالى: وأَخذناهم بالبأْساءِ والضَّرَّاءِ؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال والأَنفس، وكذلك الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشيء، يقال: دخل عليه ضَرَرٌ في ماله.
وسئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى: ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: والضُّرّ أَيضاً هو حال الضَّرِيرِ، وهو الزَّمِنُ.
والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وقوله عز وجل: غير أُولي الضَّرَر؛ أَي غير أُولي الزَّمانة.
وقال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه وتقطعه عن الجهاد، وهي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر وغيره، يقول: لا يَسْتَوي القاعدون والمجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛ الجوهري: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشدة، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير، قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى النِّعْمة على أَنْعُم لجاز.
ورجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب البصر، والجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ به المرضُ يقال: رجل ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة.
وفي حديث البراء: فجاء ابن أُمّ مكتوم يشكو ضَرَارَتَه؛ الضَّرَارَة ههنا العَمَى، والرجل ضَرِيرٌ، وهي من الضَّرّ سوء الحال.
والضَّرِيرُ: المريض المهزول، والجمع كالجمع، والأُنثى ضَرِيرَة.
وكل شيء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ.
والضَّرائِرُ: المَحاويج.
والاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشيء، وقد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، والاسم الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة: وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً، وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، ويروى: ذَرِّيَّ عضب يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ.
والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ.
والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وليس عليك ضَرَرٌ ولا ضَرُورةٌ ولا ضَرَّة ولا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ.
ورجل ذو ضارُورةٍ وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وقد اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛ قال الشاعر: أَثِيبي أَخا صارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى عليه، وقَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني الضّرُورَةُ على كذا وكذا.
وقد اضْطُرّ فلان إِلى كذا وكذا، بِناؤُه افْتَعَلَ، فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ.
وقوله عز وجل: فمن اضطُرّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل الميْتةِ وما حُرِّم وضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، وأَصله من الضّرَرِ، وهو الضِّيقُ.
وقال ابن بزرج: هي الضارُورةُ والضارُوراءُ ممدود.
وفي حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه نهى عن بيع المُضْطَرّ؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: وهذا بيعٌ فاسدٌ لا يَنْعَقِدُ، والثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البليعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُروةِ، وهذا سبيلُه في حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، ولكن يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ ولم يُفْسَخْ مع كراهةِ أَهلِ العلْم له، ومعنى البَيْعِ ههنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو قَبُولُ البَيْعِ.
والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ، فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ ومنه حديث ابن عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على المُكْرَهِ على البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج.
وفي حديث سَمُرَةَ: يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق؛ الضارروةُ لغةٌ في الضّرُورةِ، أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وليس له اين يَجْمعَ بينهما.
والضَّرَرُ: الضِّيقُ.
ومكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ.
ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ ومنه قول ابن مُقْبِل: ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر وقول الأَخطل: لكلّ قَرارةٍَ منها وفَجٍّ أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، وأَرادَ أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، وإِن اتَّسَعَتْ.
والمُضِرُّ: الدَّاني من الشيْءِ؛ قال الأَخْطل: ظَلَّتْ ظِياءٌ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً، حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرار وفي حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده فكَسَرَهُ؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه.
وأَضَرَّ بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه ولم يُخالِطْه؛ قال عبدالله بن عَنْمة (* قوله: «ابن عنمة» ضبط في الأصل بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك). الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ قَيْسٍ: لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟ (* قوله: «غداة» في ياقوت بحيث). يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ لأُمِّ الأَرْضِ ماذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من السَّبِيلِ.
وأَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام.
وأَضَرَّ السيْلُ من الحائط: دَنَا منه.
وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ.
وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ.
وفي الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له؛ هذه الكلمةُ يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ ومعناها الحَضُّ والتَّرْغِيبُ.والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضِرِيرَي الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، وقال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه.
والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر: وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ، يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ.
وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ على الشرِّ ومُقَاساةٍ له.
والضَّرِيرُخ من النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ على كلّ شيء؛ قال: باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرزَّةٍ، شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ وقال: أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ، ولكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ عليه ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد: وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ يقال ذلك في الناس والدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال الأَصمعي في قول الشاعر: بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ وقول مليح الهذلي: وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني، بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ أَراد مُلازِم شَدِيد.
وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو خراش: والقوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها، لكِنَّ عُرْوةَ فيها ضِرُّ أَضْرارِ أَي لا يستنقذه ببَأْسهه وحِيلَهِ.
وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وكان لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه: إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما يَزِيدُكَ؛ قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ صَبْراً، وما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً وما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ.
وقال ابن السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلاً يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، ولا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ أَي لا يَزِيدُك.
والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر ما يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها.
وإِنه لذُو ضَرِيرٍ على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً: حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه وضارّه مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة: وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْارَإِ، متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا وروُي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قيل له: أَنَرَى رَبَّنا يومَ القيامةِ؟ فقال: أَتُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟ قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ وتعالى؛ قال أَبو منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم بَعْضاً، وروي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ.
ومعناهما واحدٌ؛ ضارَهُ ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، والمعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه.
والضرَرُ: الضِّيقُ، وقيل: لا تُضارُّون في رُؤْيته أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال: ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: وبعضُهم يقول لا تَضارّون، بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، ويروى لا تَضامُّون في رُؤْيته أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ له: أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن يَنْفَردُ كلٌّ منهم برُؤْيته؛ ويروى: لا تُضامُون، بالتخفيف، ومعناه لا يَنالُكْم ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: ومعاني هذه الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت، مُتَقارِبةٌ، وكلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ ولا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، وهو من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وغُرَرِها ولا يُنْكِرُها إِلاَّ مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وقال أَبو بكر: مَنْ رواه: هل تَضارُّون في رؤيته، مَعْناه هل تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وهو تَتَفاعلُونَ من الضَّرارِ، قال: وتفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته ضُرٌّ، وتُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، وهو الضُّرُّ، وتُضامُون لا يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ وقال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف والتَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون ولا تَتَجادلُون في صِحّةِ النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يقال: ضارَّةُ يُضارُّه مِثْل ضَرَّه يَضُرُّه، وقيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عند النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ، والمَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيده: وأَما مَنْ رواه لا تُضارُون في رؤيته على صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون.
وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها.
والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ، كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وهو من ذلك، وهُنَّ الضرائِرُ، نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً: لَهُنَّ نَشُيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها وهي الضِّرُّ.
وتزوَّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ امْرَأَتينِ، ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ.
وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّكُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ لا واحدَ له.
والإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ وفي الصحاح: أَنْ يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ ومنه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ.
والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها.
وحكى أَبو عبدالله الطُّوَالُ: تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضمِّ.
وامرأَةٌ مُضِرٌّ أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، ويقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ إِذا كان لها ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ ضرائرُ.
والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ كلَّ زاحدةٍ منهما تُضارُّ صاحِبتَها، وكُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها ضَرَّة، وقيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ.
ويقال: هو في ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خير وفي طَثْرَةِ خيرٍ وصَفْوَةٍ من العَيْشِ.
وقوله في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند اعْتِكارِ الضرائرِ؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ.
والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وفي المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها.
وضَرَّةُ الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وقيل: أَصْلُها، وقيل: هي باطنُ الكَفِّ حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ.
والضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ.
وضَرَّةُ الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي مَلأَى من اللَّبَنِ.
والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، وقيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ، ولا يسمى بذلك إِلاَّ أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، وقيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة: من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها، وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد؛ الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ.
والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ من ذلك كُلِّه ضرائرُ، وهو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب: وصار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ.
والضرَّةُ: المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ وهو لغيره من أقارِبه، وعليه ضَرَّتانِ من ضأْنٍ ومعَزٍ.
والضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال والإِبلِ والغنمِ، وقيل: هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ.
ورجلٌ مُضِرٌّ: له ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان: تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه، أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟ بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ وقد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار، فلا أَنَتَ حُلْوٌ، ولا أَنت مُرْ والمَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له.
والضَّرّة: المالُ الكثيرُ.
والضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، وفي المحكم: الرحَيانِ.
والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ الجِسْمِ؛ قال العجاج: حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ ويقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ اللُّغُوبِ، وقيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ وبه فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ الهذلي:تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير، وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وقيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: وقد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ.
والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد: إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الخُضْرِ، أَغْلَظُ شيءٍ جانباً بِقُطْرِ وضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش: نُسابِقُِم على رَصَفٍ وضُرٍّ، كدَابِغةٍ، وقد نَغِلَ الأَدِيمُ وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ.
ويقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللَّجامَ إِذا أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي.
وأَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي صَبَرَ.
وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيء إِذا كان ذا صبْر عليه ومُقاساة له؛ قال جرير: طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى، نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ وصبرٌ، والضمير في طَرَقَتُْ يعُودُ على امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتَهْم وهُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، والسَّواهِمُ: المَهْزُولةُ، وقوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ.
والزُّورُ: جمع زَوْراءَ.
والتَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، وهي الأَرْضُ القَفْرُ، وهي التي لا يُسارُ فيها على قَصْدٍ بل يأْخذون فيها يَمْنَةً ويَسْرَةً.

كفأ (لسان العرب) [0]


كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه.
وقول حَسَّانَ بن ثابت: وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ أَي جبريلُ، عليه السلام، ليس له نَظِير ولا مَثيل.
وفي الحديث: فَنَظَر اليهم فقال: مَن يُكافِئُ هؤُلاء.
وفي حديث الأَحنف: لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له، يعني الشيطانَ.
ويروى: لا أُقاوِلُ.والكَفِيءُ: النَّظِيرُ، وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ، على فُعْلٍ وفُعُولٍ.
والمصدر الكَفَاءةُ، بالفتح والمدّ.
وتقول: لا كِفَاء له، بالكسر، وهو في الأَصل مصدر، أَي لا نظير له.
والكُفْءُ: النظير والمُساوِي.
ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح، وهو أَن يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك.
وتَكافَأَ الشَّيْئانِ: . . . أكمل المادة تَماثَلا.
وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً: ماثَلَه.
ومن كلامهم: الحمدُ للّه كِفاءَ الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له.
والاسم: الكَفاءة والكَفَاءُ. قال: فَأَنْكَحَها، لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً، * زِيادٌ، أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه، بالفتح عن كراع، أَي مثله، يكون هذا في كل شيء. قال أَبو زيد: سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن: لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً أَحَدٌ، فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء.
وقال الزجاج: في قوله تعالى: ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ؛ أَربعةُ أَوجه القراءة، منها ثلاثة: كُفُؤاً، بضم الكاف والفاء، وكُفْأً، بضم الكاف وإِسكان الفاء، وكِفْأً، بكسر الكاف وسكون الفاء، وقد قُرئ بها، وكِفاءً، بكسر الكاف والمدّ، ولم يُقْرَأْ بها.
ومعناه: لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه، تعالى ذِكْرُه.
ويقال: فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان.
وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً، مثقلاً مهموزاً.
وقرأَ حمزة كُفْأً، بسكون الفاء مهموزاً، وإِذا وقف قرأَ كُفَا، بغير همز.
واختلف عن نافع فروي عنه: كُفُؤاً، مثل أَبي عَمْرو، وروي: كُفْأً، مثل حمزة.
والتَّكافُؤُ: الاسْتِواء. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: الـمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم. قال أَبو عبيد: يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ، فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك.
وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً، والجمع من كل ذلك: أَكْفَاء. قال ابن سيده: ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ.
وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك، أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ، المفتوحِ الأَول أَيضاً.
وشاتان مُكافَأَتانِ: مُشْتَبِهتانِ، عن ابن الأَعرابي.
وفي حديث العَقِيقةِ عن الغلام: شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ، وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً، كما يُجْزِئُ في الضَّحايا.
وقيل: مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ.
واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ، قال: واللفظة مُكافِئَتانِ، بكسر الفاء، يقال: كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه. قال: والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ، بالفتح. قال: وأَرى الفتح أَولى لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما. قال: وأَما بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان، فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا، وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى.
وقال الزمخشري: لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ، لأَن كل واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ، فهي مُكافِئة ومُكافَأَة، أَو يكون معناه: مُعَادَلَتانِ، لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من الأَسنان. قال: ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان، من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق؛ كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد.
وقيل: تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى، وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً، حتى يكون مثله، فهو مُكافِئٌ له.
والمكافَأَةُ بين الناس من هذا. يقال: كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي.
ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة، تقول: إِنه مثلها في حَسَبها.
وأَما قوله، صلى اللّه عليه وسلم: لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها. فإِن معنى قوله لِتَكْتَفِئَ: تَفتَعِلُ، من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها؛ والصَّحْفةُ: القَصْعةُ.
وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها.
ويقال: كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا. قال الكميت: نَحْر الـمُكافِئِ، والـمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ والـمَكْثُورُ: الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم. يهْتَبلُ: يَحْتالُ للخلاص.
ويقال: بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها. قال أَبو ذرّ، رضي اللّه عنه، في حديثه: ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ، من الـمُكافَأَة: الـمُقاوَمة، وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب.
وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ، وهو مَكْفُوءٌ، واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه: قَلَبَه. قال بشر بن أَبي خازم: وكأَنَّ ظُعْنَهُم، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في مِشْيَتِها: تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ، كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ. الكسائي: كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه، وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمَاله، لُغَيّة، وأَباها الأَصمعي.
ومُكْفِئُ الظُّعْنِ: آخِرُ أَيام العَجُوزِ.
والكَفَأُ: أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه؛ جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ. ابن شميل: سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير، وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ، وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير، لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه.
وكَفَأْتُ الإِناءَ: كَبَبْته.
وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمالَه، ولهذا قيل: أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها. غيره: وأَكْفَأَ القَوْسَ : أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها(1) (1 قوله «حين يرمي عليها» هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها.). قال ذو الرمة: قَطَعْتُ بها أَرْضاً، تَرَى وَجْهَ رَكْبِها، * إِذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً، غيرَ ساجِعِ أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ.
والساجِعُ: القاصِدُ الـمُسْتَوِي الـمُسْتَقِيمُ.
والـمُكْفَأُ: الجائر، يعني جائراً غير قاصِدٍ؛ ومنه السَّجْعُ في القول.
وفي حديث الهِرّة: أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة.
وفي حديث الفَرَعَة: خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه، وتُكْفِئُ إِناءَك، وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه.
وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها.
وفي حديث الصراط: آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ، أَي يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ.
وفي حديث دُعاء الطّعام: غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه رَبَّنا، أَي غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع إِلى الطعام.
وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ، من الكفاية، فيكون من المعتلِّ. يعني: أنَّ اللّه تعالى هو الـمُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ، فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل.
وقوله: ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده.
وأَما قوله: رَبَّنا، فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء، وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ، ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال: حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد.
وفي حديث الضحية: ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما، أَي مالَ ورجع.
وفي الحديث: فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه.
وفي حديث القيامة: وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر.
وفي رواية: يَتَكَفَّؤُها، يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها الـمُسافِر ويَضَعُها في الـمَلَّة، فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة، وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ.
وفي حديث صفة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً. التَّكَفِّي: التَّمايُلُ إِلى قُدَّام كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها. قال ابن الأَثير: روي مهموزاً وغير مهموز. قال: والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً، وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً، والهمزة حرف صحيح، فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر.
وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه، وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ.
وكذلك قوله: إِذا مَشَى تَقَلَّع، وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره.
وقال ثعلب في تفسير قوله: كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ: أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن، فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة، وأَنشد: الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ، * يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه، ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً.
وأَكْفَأَ في سَيره: جارَ عن القَصْدِ.
وأَكْفَأَ في الشعر: خالَف بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه، وقيل: هي الـمُخالَفةُ بين هِجاءِ قَوافِيهِ، إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ.
وقال بعضهم: الإِكْفَاءُ في الشعر هو الـمُعاقَبَةُ بين الراء واللام، والنون والميم. قال الأَخفش: زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ، وسمعته من غيره من أَهل العلم. قال: وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ، فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً، إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف، فأَنشدته: كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ، منها، حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ، كأَنَّ صِيرانَ الـمَها الـمُنَقِّزِ فقال: هذا هو الإِكْفَاءُ. قال: وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة، فعابَه، ولا أَعلمه إِلاَّ قال له: قد أَكْفَأْتَ.
وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ: أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ، وهو مثل الإِقْواءِ. قال ابن جني: إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره، وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه، لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً، لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ. قال الأَخفش: إِلا أَنِّي رأَيتهم، إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف، أَو كانت من مَخْرَج واحد، ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها، لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم، يعني عامَّةَ العرب.
وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله: الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها طاءً، فقال: صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف الـمُتقارِبة في المخرج، وأَما الطاء فليست من مخرج الميم.
والـمُكْفَأُ في كلام العرب هو الـمَقْلُوب، وإِلى هذا يذهبون. قال الشاعر: ولَمَّا أَصابَتْنِي، مِنَ الدَّهْرِ، نَزْلةٌ، * شُغِلْتُ، وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها إِذا الفارِغَ الـمَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه، * أَبَرَّ، وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم. قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها، وقُتِلَ، وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام: وما لَيْثُ غَرِيفٍ، ذُو * أَظافِيرَ، وإِقْدامْ كَحِبِّي، إِذْ تَلاَقَوْا، و * وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا * ءَ، مِنْها مُزْبِدٌ آنْ وبالكَفِّ حُسامٌ صا * رِمٌ، أَبْيَضُ، خَدّامْ وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ، * فما تُخْنِي بِصُحْبانْ قال: جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما، وهو كثير. قال: وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي. قال الأَخفش: وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ الـمُخالَفةُ.
وقال في قوله: مُكْفَأً غير ساجِعِ: الـمُكْفَأُ ههنا: الذي ليس بِمُوافِقٍ.
وفي حديث النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه: هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً. قال: وهو كالإِقْواء، وقيل: هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فلا يلزم حرفاً واحداً.
وكَفَأَ القومُ: انْصَرَفُوا عن الشيءِ.
وكَفَأَهُم عنه كَفْأً: صَرَفَهم.
وقيل: كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره، فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا.
ويقال: كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا، إِذا انهزموا.
وانْكَفَأَ القومُ: انْهَزَمُوا. كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ. .
وكَفَأَ الإِبلَ: طَرَدَها.
واكْتَفَأَها: أَغارَ عليها، فذهب بها.
وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ: أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم، فاكْتَفَأَها.
والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل: حَمْل سَنَتِها، وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ. قال: غُلْبٌ، مَجالِيحُ، عنْدَ الـمَحْلِ كُفْأَتُها، * أَشْطانُها، في عِذابِ البَحْرِ، تَسْتَبِقُ (1) (1 قوله «عذاب» هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين.) أَراد به النخيلَ، وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها؛ والبحرُ ههنا: الماءُ الكَثِير، لأَن النخيل لا تشرب في البحر. أَبو زيد يقال: اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً، فجعل للنخل كَفْأَةً، وهو ثَمَرُ سَنَتِها، شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل.
واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً، فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه.
والاسم: الكَفْأَة والكُفْأَة، تضم وتفتح. تقول: أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك. غيره: كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها: نِتاجُ عامٍ.
ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ.
وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين، وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً، ويَدَعُ نصفاً، كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة، فإِذا كان العام الـمُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ، لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ، عند العرب في نِتاجِ الإِبل، أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل.
وفي الصحاح: لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً، وتُتْرَكَ عاماً، كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة، وأَنشد قول ذي الرمة: تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ، ولَم يَجِدْ * لَها ثِيلَ سَقْبٍ، في النِّتاجَيْنِ، لامِسُ وفي الصحاح: كِلا كَفْأَتَيْها، يعني: أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً، وهو محمود عندهم.
وقال كعب بن زهير: إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً، عامَ كُفْأَةٍ، * بَغاها خَناسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا الخَناسِيرُ: الهَلاكُ.
وقيل: الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ: نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ.
وقيل: بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ. يقال من ذلك: نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً، وأَكْفَأْتُ في الشاءِ: مِثلُه في الإِبل.
وأَكْفَأَتِ الإِبل: كَثُر نِتاجُها.
وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً: جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها.
وقال بعضهم: مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها: وَهَب له أَلبانَها وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ.
ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ ناقتِي وكُفْأَتها، تضم وتفتح، إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة.
واسْتَكْفَأَه، فأَكْفَأَه: سَأَلَه أَن يجعل له ذلك. أَبو زيد: اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً.
وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ: أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع، فأَتَى أُمَّه، فاسْتَأْمَرها، فقالت: إِنك اشتريته بثلثمائة شاة: أُمُّها مائةٌ، وأَولادُها مائة شاة، وكُفْأَتُها مائة شاة، فَنَدِمَ، فاسْتَقالَ صاحِبَه، فأَبَى أنْ يُقِيلَه، فَقَبَضَ الـمَعْدِنَ، فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ، فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ، كَرُّم اللّه وجهه، فقال: إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً؛ فسأَله عليّ، كرّم اللّه وجهه، فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع. فقال عليّ: ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ، فأَخذَ الخُمُس من الغنم؛ أَراد بالـمُتْبِع: التي يَتْبَعُها أَولادُها.
وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به، يَأْثُوا أَثْواً.
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل: وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ، وأَنشد شمر: قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن، * قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن، * أَنْتِجُ عاماً ذِي، وهذِي يُعْفَيْن وأَنْتِجُ الـمُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن، * مِنْ عامِنا الجَائي، وتِيكَ يَبْقَيْن قال أَبو منصور: لمْ يزد شمر على هذا التفسير.
والمعنى: أَنَّ أُمَّ الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً.
ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين، لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها وقت ضِرابِها أَجْمَعَ، وتَحْمِلُ أَجْمَع، وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سَنةً، وسنةً لا يُحْمَلُ عليها.
وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ ما اشْتَرى به ابنُها، وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ، فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى الـمَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ، فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه، فأَبَى، وبارَكَ اللّهُ له في الـمَعْدِن، فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح، وسَعَى به إِلى عَليٍّ، رضي اللّه عنه، ليأْخذ منه الخمس، فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ، وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في سِعايَته بصاحِبِه إليه.
والكِفاءُ، بالكسر والمَدّ: سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه.
وقيل: الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ.
وقيل: هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ.
وقيل: هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ.
وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً، وهو مُكْفَأٌ، إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً.
وكِفَاءُ البيتِ: مؤَخَّرُه.
وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت، هو من ذلك، والجمعُ أَكْفِئةٌ، كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ.
ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ: مُتَغَيِّرُه ساهِمُه.
ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً.
ويقال: رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ(1) (1 قوله «متكفّئ اللون ومنكفت اللون» الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب.) أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله.
ويقال: أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه، كأَنه كُفِئَ، فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ. قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة: وأَسْمَرَ، من قِداحِ النَّبْعِ، فَرْعٍ، * كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ.
وفي حديث الأَنصاريِّ: ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قال: من الجُوعِ.
وقوله في الحديث: كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ. قال القتيبي: معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه، وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها. قال ابن الأَثير، وقال ابن الأَنباري: هذا غلط، إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، لأَنَّ اللّه، عز وجل، بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً، فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ، والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به.
وإنما المعنى: أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه، ولا يدخل عنده في جُمْلة الـمُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم. قال: وقال الأَزهريّ: وفيه قول ثالث: إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه، ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه.

كبر (لسان العرب) [0]


الكَبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي تَكَبَّر عن ظلم عباده، والكِبْرِياء عَظَمَة الله، جاءتْ على فِعْلِياء؛ قال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتاةِ خَلْقه، والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرِياء: العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى، وقد تكرر ذكرهما في الحديث، وهما من الكِبْرِ، بالكسر، وهو العظمة.
ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فهو كبير. ابن سيده: الكِبَرُ نقيض الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار، بالتشديد إذا . . . أكمل المادة أَفرط، والأُنثى بالهاء، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ.
واستعمل أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر، ويقال: علاه المَكْبَِرُ، والاسم الكَبْرَةُ، بالفتح، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم.
وقال مجاهد في قوله تعالى: قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم؛ أَي أَعْلَمُهم لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان شَمْعُونَ؛ قال الكسائي في روايته: كَبيرهم يَهُوذا.
وقوله تعالى: إنه لكبيركم الذي علَّمكم السِّحْرَ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم.
والصبي بالحجاز إِذا جاء من عند مُعَلِّمه قال: جئت من عند كَبيري.
واسْتَكْبَر الشيءَ: رآه كبيراً وعَظُمَ عنده؛ عن ابن جني.
والمَكْبُوراء: الكِبَارُ.
ويقال: سادُوك كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن كابِرٍ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ.
وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ: ورِثْتُه كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز والشرف. التهذيب: ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن كبير.
وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته. الليث: المُلوك الأَكابِرُ جماعة الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب.
وكَبَّرَ الأَمْرَ: جعله كبيراً، واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: فلما رَأَيْنَه أَكْبَرْنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه.
وروي عن مجاهد أَنه قال: أَكبرنه حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة؛ وأَنشد بعضهم: نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ، ولا نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْباراً قال أَبو منصور: وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ إِلى حد الكِبَر، فقيل لها: أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي.
وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: سأَلت رجلاً من طَيِّء فقلت: يا أَخا طيء، أَلك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوّجت وقد وُعِدْتُ في ابنة عم لي، قلت: وما سِنُّها؟ قال: قد أَكْبَرَتْ أَو كَبِرَت، قلت: ما أَكْبَرَتْ؟ قال: حاضت. قال أَبو منصور: فلغة الطائي تصحح أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ جَمالُه فأَعظمنه.
وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فلما رأَينه أَكبرنه، قال: حِضْنَ؛ قال أَبو منصور: فإِن صحت الرواية عن ابن عباس سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية، والله أَعلم بما أَراد.
واسْتِكْبارُ الكفار: أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ؛ ومنه قوله: إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون؛ وهذا هو الكِبْرُ الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن من كان في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة، قال: يعني به الشرك، والله أَعلم، لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه.
والاستكبار: الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً. ابن بُزُرْجٍ: يقال هذه الجارية من كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته، يريدون من صِغارِ بناته، ويقولون من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان، فأَما قولهم: الله أَكبر، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من كل شيء، كما تقول: أَنت أَفضلُ، تريد: من غيرك.
وكَبَّرَ: قال: الله أَكبر.
والتكبير: التعظيم.
وفي حديث الأَذان: الله أَكبر. التهذيب: وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه قولان: أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى: وهو أَهْوَنُ عليه؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس: لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ معناه إِني وَجِل، والقول الآخر ان فيه ضميراً، المعنى الله أَكْبَرُ كَبيرٍ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز؛ قال الفرزدق: إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا بيتاً، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ أَي عزيزة طويلة، وقيل: معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم، فحذف لوضوح معناه، وأَكبر خبر، والأَخبار لا ينكر حذفها، وقيل: معناه الله أَكبر من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر القَوْمِ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف، فإِذا وُصِلَ بكلام ضُمَّ.
وفي الحديث: كان إِذا افتتح الصلاة قال: الله أَكبر كبيراً، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه قال أُكَبِّرُ كَبيراً، وقيل: هو منصوب على القطع من اسم الله.
وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن أَبيه: أَنه رأَى النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي قال: فكَبَّرَ وقال: الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، ثم ذكر الحديث بطوله؛ قال أَبو منصور: نصب كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً، يدل على ذلك ما روي عن الحسن: أَن نبي الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل قال: لا إِله إِلا الله، الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وقوله: الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ الله حَمْداً كثيراً.
والكِبَرُ: في السن؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً ومَكْبِراً، بكسر الباء، فهو كبير: طعن في السن؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ.
والكِبَرُ: مصدر الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب.
ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ ومنه قوله: سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها، بِيَثْرِبَ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ ابن سيده: ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده: علته كَبْرَةٌ.
وحكى ابن الأَعرابي: ما كَبَرَني (* قوله« ما كبرني إلخ» بابه نصر كما في القاموس.) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك. الكسائي: هو عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم.
وفي الصحاح: كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم، يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل: هو أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه، بوزن إِفْعِلَّة، والمرأَة في ذلك كالرجل. قال أَبو منصور: معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه، وأَنه للمذكر والمؤنث سواء، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر، فافهم.
وروى الإِيادي عن شمر قال: هذا كبْرَة ولد أَبويه للذكر والأُنثى، وهو آخر ولد الرجل، ثم قال: كِبْرَة ولد أَبيه بمعنى عِجْزة.
وفي المؤلف للكسائي: فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم، وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه، قال الأَزهري: ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى. أَبو زيد: يقال هو صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وفلان كِبْرَةُ القوم وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصحاح: وقولهم هو كُبْرُ قومه، بالضم، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب.
وفي الحديث: الوَلاءُ للكُبْرِ، وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن.
وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن يموت عن ابنين فيرثان الولاء، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون نصيب أَبيهما من الولاء، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر. يقال: فلان كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب، وهو أَن ينتسب إِلى جده الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته.
وفي حديث العباس: إِنه كان كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته.
وفي حديث القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ، ويروى: كَبِّر الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر.
وفي الحديث: أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث فقال: ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى الجد الأَعلى.
وفي حديث الدفن: ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي الأَفضل، فإِن استووا فالأَسن.
وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة: فلما أَبرَزَ عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه، والكُبْرُ ههنا: جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر.
وفلان إِكْبِرَّة قومه، بالكسر والراء مشددة، أَي كُبْرُ قومه، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. ابن سيده: وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور، ومنه قولهم: الولاء للكُبْر.
وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري: ويقال فلان كُبُرُّ ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه، الراء مشددة، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه.
وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بالنسب، والمرأَة في ذلك كالرجل، وقال كراع: لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ.
وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً: عَظُمَ.
وكلُّ ما جَسُمَ، فقد كَبُرَ.
وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما يَكْبُر في صدوركم؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم وأُبْلِيكم.
وقوله عز وجل: وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى اللهُ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ فَعْلَة كبيرة؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين، فأَما من أَخلص فليست بكبيرة عليه. التهذيب: إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت: كَبُرَ يَكْبُرُ كِبَراً، كما لو قلت: عَظُمَ يَعظُم عِظَماً.
وتقول: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر كَبارَةً.
وكُِبْرُ الشيء أَيضاً: معظمه. ابن سيده: والكِبْرُ معظم الشيء، بالكسر، وقوله تعالى: والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم؛ قال ثعلب: يعني معظم الإِفك؛ قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول: فلان تولى عُظْمَ الأَمر، يريدون أَكثره؛ وقال ابن اليزيدي: أَظنها لغة؛ قال أَبو منصور: قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره. ابن السكيت: كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه، بالكسر؛ وأَنشد قول قَيْسِ بن الخَطِيمِ:تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها، فإِذا قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ تَنْغَرِفُ وورد ذلك في حديث الإِفك: وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه، وقيل: الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة.
وفي الحديث أَيضاً: إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها.
ومن أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ الناس في المال. قال: والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بالضم، فهو أَكْبَرُ ولد الرجل. ابن سيده: والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله عليه النار.
والكِبْرَةُ: كالكِبْرِ، التأْنيث على المبالغة.
وفي التنزيل العزيز: الذين يَجْتَنِبُون كبائرَ الإِثم والفَواحشَ.وفي الأَحاديث ذكر الكبائر في غير موضع، واحدتها كبيرة، وهي الفَعْلةُ القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً، العظيم أَمرها كالقتل والزنا والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة.
وفي الحديث عن ابن عباس: أَن رجلاً سأَله عن الكبائر: أَسَبْعٌ هي ففقال: هي من السبعمائة أَقْرَبُ إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار.
وروى مَسْرُوقٌ قال: سُئِلَ عبد الله عن الكبائر فقال: ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس الثلثين.
ويقال: رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قال الله عز وجل: ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً.
وقوله في الحديث في عذاب القبر: إِنهما ليعذبان وما يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه، لا أَنه في نفسه غير كبير، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي الحديث: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر؛ قال ابن الأَثير: يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى: إِن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال: ولا يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان؛ أَراد دخول تأْبيد؛ وقيل: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ؛ ومنه الحديث: ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ؛ هذا على الحذف، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ كِبْرُ من بَطِر، كقوله تعالى: ولكنَّ البِرَّ من اتقى.
وفي الحديث: أَعُوذ بك من سُوءِ الكِبر؛ يروى بسكون الباء وفتحها، فالسكون من هذا المعنى، والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ.
والكِبْرُ: الرفعة في الشرف. ابن الأَنباري: الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى: وتكون لكما الكبرياء في الأَرض؛ أَي الملك. ابن سيده: الكِبْر، بالكسر، والكبرياء العظمة والتجبر؛ قال كراع: ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي بين الصَّبا والجَنُوب، قال: فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية.
وقد تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ: من الكِبْر، وتَكابَر: من السِّنّ.
والتكَبُّر والاستِكبار: التَّعظّم.
وقوله تعالى: سأَصْرِفُ عن آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق؛ قال الزجاج: أَي أَجْعَلُ جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي؛ قال: ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون إِلا لله خاصة لأَن الله، سبحانه وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأَحد مثله، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر، وليس لأَحد أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله المتكبر، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه صفتهم؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير الحق: من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق.
وقوله تعالى: لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس؛ أَي أَعجب. أَبو عمرو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ.
والإِكْبِرُ والأَكْبَرُ: شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس بشديد الحلاوة ولا عذب، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع.
والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ، وجمع الأَكْبَرِ الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قال: ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة خاصة مثل الأَحمر والأَسود، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر، لا تقول هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام.
وفي الحديث: يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ، قيل: هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإِنما سمي الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر.
وفي حديث أَبي هريرة: سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في: إِذا السماءُ انشَقَّتْ؛ أَراد الشيخين أَبا بكر وعمر.
وفي حديث مازِنٍ: بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر، جمع الكبرى؛ ومنه قوله تعالى: إِنها لإِحدى الكُبَرِ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ.
وقوله في الحديث: لا تُكابِرُوا الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا في التسبيح بعد التسليم، وقيل: لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها ولتكن الصلاة زائدة عليه. شمر: يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ النهار أَي حين ارتفع النهار، قال الأَعشى: ساعةً أَكْبَرَ النهارُ، كما شدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما يقول: قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ.
وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وهو كناية.
والكِبْرِيتُ: معروف، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر، إِنما هو كقولهم: أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ.
ويقال: ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص؛ قال رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة: هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ، أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ؟ والكَبَرُ: الأَصَفُ، فارسي معرب.
والكَبَرُ: نبات له شوك.
والكَبَرُ: طبل له وجه واحد.
وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان: أَنه أَخَذَ عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً؛ رواه شمر في كتابه قال: الكبر بفتحتين الطبلُ فيما بَلَغَنا، وقيل: هو الطبل ذو الرأْسين، وقيل: الطبل الذي له وجه واحد.
وفي حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلق على الحائط، فقال: إِن كان في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير، وفي رواية: إِن كان في قَصَبَةٍ، وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ.
والأَكابِرُ: إَحياء من بكر بن وائل، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم، فقال بَدْرٌ في ذلك: وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ بتِعشارَ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قال المَرَّارُ: ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها، ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ وذُو كِبار: رجل.
وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: من بلاد بني أَسد؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسيّ: فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا، ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ