المصادر:  


نَافق (المعجم الوسيط) [50]


 اليربوع نفَاقًا وَمُنَافِقَة دخل فِي نافقائه وَفُلَان أظهر خلاف مَا يبطن 

نفق (الصّحّاح في اللغة) [50]


نَفَقَتِ الدابَّة تَنْفُقُ نُفوقاً، أي ماتت.
ونفقَ البيعُ نَفاقاً بالفتح، أي راج.
والنِفاقُ بالكسر: فِعل المُنافِقُ.
والنِفاقُ أيضاً: جمع النَفَقَةِ من الدراهم. يقال: نَفِقَتْ نِفاقُ القومِ، أي فنيت.
ونَفِقَ الزادُ يَنْفَقُ نَفَقاً، أي نَفِدَ.
وفرسٌ نَفِقُ الجري، إذا كان سريعَ انقطاعِ الجري.
وأَنْفَقَ القومُ، أي نَفَقَتْ سوقُهُم.
وأَنفَقَ الرجل، أي افتقر وذهب ماله، ومنه قوله تعالى: "إذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفاقِ".
وقد أَنْفَقْتُ الدراهم، من النَفَقَةِ.
ورجلٌ مِنْفاقٌ، أي كثير النَفَقَةِ.
والنَفَقُ: سربٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكانٍ.
والنافِقاءُ: إحدى جِحَرَةِ اليربوع، يكتُمها ويُظهر غيرها، وهو موضعٌ يرقِّقه، فإذا أُتِيَ من قِبَلِ القاصِعاءِ ضربَ النافِقاءَ برأسه فانْتَفَقَ، أي خرج.
والجمع النَوافِقُ.
والنُفقَةُ أيضاً، مثال الهُمَزَةِ: النافِقاءُ. تقول منه: نَفَّقَ اليربوع تَنْفيقاً، ونافَقَ، . . . أكمل المادة أي أخذ في نافِقائه.
ومنه اشتقاق المُنافِقِ في الدينِ.
ونَيْفَقُ السراويلِ: الموضعُ المتَّسعُ منها.

نفق (لسان العرب) [50]


نَفَقَ الفرسُ والدابةُ وسائر البهائم يَنْفُقُ نُفُوقاً: مات؛ قال ابن بري أَنشد ثعلب: فما أَشْياءُ نَشْرِيها بمالٍ، فإن نَفَقَتْ فأَكْسَد ما تكونُ وفي حديث ابن عباس: والجَزور نافقة أَي ميتة من نَفَقت الدابة إذا ماتت؛ وقال الشاعر: نَفَقَ البغلُ وأَوْدَى سَرْجه، في سبيل الله سَرْجي وبَغَلْ وأورده ابن بري: سرجي والبَغَلْ.
ونَفَقَ البيع نَفَاقاً: راج.
ونَفَقت السِّلْعة تَنْفُق نَفاقاً، بالفتح: غَلَتْ ورغب فيها، وأَنْفَقَها هو ونَفَّقها.
وفي الحديث: المُنَفِّق سلْعته بالحلف الكاذب؛ المُنَفِّقُ، بالتشديد: من النَّفَاق وهو ضد الكَسَاد؛ ومنه الحديث: اليمين الكاذبة مَنْفَقَة للسِّلْعة مَمْحَقة للبركة أي هي مَظِنة لنفَاقها وموضع له.
وفي الحديث عن ابن عباس: لا يُنَفِّقْ بعضُكم بعضاً . . . أكمل المادة أَي لا يقصد أَن يُنَفِّقَ سِلْعته على جهة النَّجْش، فإنه بزيادته فيها يرغب السامع فيكون قوله سبباً لابتياعها ومُنفِّقاً لها.
ونعفَقَ الدرهم يَنْفُق نَفَاقاً: كذلك؛ هذه عن اللحياني كأَن الدرهم قَلَّ فرغب فيه.
وأَنْفَقَ القوم: نَفَقت سوقهم.
ونَفَق مالُه ودرهمه وطعامه نَفْقاً ونَفاقاً، كلاهما: نقص وقلّ، وقيل فني وذهب.
وأَنْفَقُوا: نَفَقت أَموالهم.
وأَنفَقَ الرجل إذا افتقر؛ ومنه قوله تعالى: إذاً لأَمسكتم خشية الإنْفَاقِ؛ أَي خشية الفناء والنَّفَاد.
وأَنْفَقَ المال: صرفه.
وفي التنزيل: وإذا قيل لهم أَنْفِقُوا مما رزقكم الله؛ أَي أَنفقوا في سبيل الله وأَطعموا وتصدقوا.
واسْتَنْفَقه: أَذهبه.
والنَّفقة: ما أُنِفق، والجمع نِفاق.حكى اللحياني: نَفِدت نِفاقُ القوم ونفَقَاتهم، بالكسر، إذا نفدت وفنيت.
والنِّفاقُ، بالكسر: جمع النَّفَقة من الدراهم، ونَفِقَ الزاد يَنْفَقُ نَفَقاً أي نفد، وقد أَنفَقت الدراهم من النَّفقة.
ورجل مِنْفاقٌ أي كثير النَّفَقة.
والنَّفَقة: ما أَنفَقْت، واستنفقت على العيال وعلى نفسك. التهذيب: الليث نَفَقَ السعر (* قوله «السعر» كذا هو في الأصل ولعله الشيء). يَنْفُق نُفُوقاً إذا كثر مشتروه، وأَنْفَقَ الرجل إنْفاقاً إذا وجد نَفاقاً لمتاعه.
وفي مثل من أَمثالهم: من باع عِرْضه أَنْفَقَ أَي من شاتم الناس شُتِمَ، ومعناه أَنه يجد نَفاقاً بعِرْضه ينال منه؛ ومنه قول كعب بن زهير: أبِيتُ ولا أَهجُو الصديقَ، ومن يَبِعْ بعِرْض أَبيه في المَعاشِرِ يُنْفِقِ أَي يجد نَفاقاً، والباء مقحمة في قوله بعِرض أَبيه.
ونَفَقَت الأَيّم تَنْفُق نَفاقاً إذا كثر خُطّابها.
وفي حديث عمر: من حَظّ المَرْء نَفاق أَيّمه أَي من سعادته أن تخطب نساؤه من بناته وأَخواته ولا يَكْسَدْنَ كَساد السِّلَع التي لا تَنْفُق.
والنَّفِقُ: السريع الانقطاعِ من كل شيء، يقال: سير نَفِقٌ أي منقطع؛ قال لبيد: شَدّاً ومَرْفوعاً بقُرْبِ مثله للوِرْدِ، لا نَفِق ولا مَسْؤُوم أَي عَدْو غير منقطع.
وفرس نَفِقُ الجَرْي إذا كان سريع انقطاع الجري: قال علقمة بن عبدة يصف ظليماً: فلا تَزَيُّده في مشيه نَفِقٌ، ولا الزَّفيف دُوَيْن الشّدِّ مَسْؤُوم والنَّفَقُ: سَرَبٌ في الأَرض مشتق إلى موضع آخر، وفي التهذيب: له مَخْلَصٌ إلى مكان اخر.
وفي المثل: ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقه أي جُحْره.
وفي التنزيل: فإن استطعت أَن تبتغي نَفَقاً في الأرض، والجمع أَنْفَاق؛ واستعاره امرؤ القيس لجِحَرة الفِئَرة فقال يصف فرساً: خَفَاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ، كأَنما خَفاهنَّ ودْقٌ من عَشِيّ مُجَلِّبِ والنُّفَقةُ والنَّافِقاء: جُحْر الضَّبّ واليَرْبوع، وقيل: النُّفقةُ والنافِقاء موضع يرققه اليربوع من جُحره، فإذا أُتِيَ من قبل القاصِعاء ضرب النافِقاء برأْسه فخرج.
ونَفِقَ اليربوع ونَفَق وانْتَفَقَ ونَفَّق: خرج منه.
وتَنَفَّقَه الحارِشُ وانْتَفقه: استخرجه من نافِقائه؛ واستعاره بعضهم للشيطان فقال: إذا الشيطانُ قَصَّعَ في قَفاها، تَنَفَّقْناهُ بالحَبْل التُّؤام أَي استخرجناه استخراج الضَّبّ من نافِقائه.
وأَنْفَقَ الضَّبّ واليربوع إذا لم يَرْفُق به حتى ينْتَفِقَ ويذهب. ابن الأَعرابي: قُصَعَةُ اليربوع أَن يحفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها، ويسمى ذلك التراب الدَّامّاء، ثم يحفر حفراً آخر يقال له النافِقاء والنُّفَقَة والنَّفَق فلا ينفذها، ولكنه يحفرها حتى ترقّ، فإذا أُخِذَ عليه بقاصِعائه عدا إلى النافِقاء فضربها برأْسه ومَرَق منها، وتراب النُّفَقَةِ يقال له الراهِطَاء؛ وأَنشد:وما أُمُّ الرُّدَيْنِ، وإن أَدلَّتْ، بعالِمةٍ بأَخلاق الكِرام إذا الشيطانُ قَصَّع في قفاها تَنَفّقْناه بالحبْل التُّؤام أَي إذا سكن في قاصعاء قفاها تنفَّقناه أَي استخرجناه كما يُستخرج اليربوع من نافقائه. قال الأَصمعي في القاصعاء. إنما قيل له ذلك لأَن اليَرْبوع يخرج تراب الجحر ثم يسدّ به فم الآخر من قولهم قَصَع الكَلْمُ بالدم إذا امتلأَ به، وقيل له الدامَّاء لأنه يخرج تراب الجحر ويطلي به فم الآخر من قولك ادْمُمْ قِدْرك أَي اطْلِها بالطِّحال والرَّماد.
ويقال: نافَقَ اليربوعُ إذا دخل في نافِقائه، وقَصَّع إذا خرج من القاصِعاء.
وتَنَفَّق: خرج؛ قال ذو الرمة: إذا أَرادوا دَسْمَهُ تَنَفَّقا أَبو عبيد: سمي المنافقُ مُنافقاً للنَّفَق وهو السَّرَب في الأَرض، وقيل: إنما سمي مُنافقاً لأنه نافَقَ كاليربوع وهو دخوله نافقاءه. يقال: قد نفق به ونافَقَ، وله جحر آخر يقال له القاصِعاء، فإذا طلِبَ قَصَّع فخرج من القاصِعاء، فهو يدخل في النافِقاء ويخرج من القاصِعاء، أو يدخل في القاصِعاء ويخرج من النافِقاء، فيقال هكذا يفعل المُنافق، يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه. الجوهري: والنافِقاء إحدى جِحَرةَ اليَرْبوع يكتمها ويُظْهر غيرها وهو موضع يرققه، فإذا أُتِيَ من قِبَلِ القاصِعاء ضرب النافِقاء برأْسه فانْتَفَق أَي خرج، والجمع النَّوَافِقُ. قال ابن بري: جِحَرة اليربوع سبعة: القاصِعاء والنافِقاء والدامَّاء والراهِطاءُ والعَانِقاء والحَاثياء واللُّغَزُ، وهي اللُّغَّيْزَى أَيضاً. قال أَبو زيد: هي النافِقاء والنُّفَقاء والنُّفَقة والرُّهطاء والرُّهَطة والقُصَعاء والقُصَعة، وما جاء على فاعِلاء أَيضاً حاوياء وسافياءُ وسابياء والسموأَل ابن عادِياء، والخافِيَاء الجنّ، والكارِـاء (* قوله «الكارـاء» هكذا هو في الأصل بدون نقط.) واللأَّوِياء والجاسِياء للصَّلابة والبَالغاء للأَكارع، وبنُو قَابِعاء للسَّبّ.
والنُّفَقة مثال الهُمَزة: النَّافِقاء، تقول منه: نَفَّق اليَرْبوع تَنْفيقاً ونافَقَ أَي دخل في نافِقائه، ومنه اشتقاق المُنافق في الدين.
والنِّفاق، بالكسر، فعل المنافِق.
والنِّفاقُ: الدخول في الإسلام من وَجْه والخروُج عنه من آخر، مشتقّ من نَافِقَاء اليربوع إسلامية، وقد نافَقَ مُنافَقَةً ونِفاقاً، وقد تكرر في الحديث ذكر النِّفاق وما تصرّف منه اسماً وفعلاً، وهو اسم إسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يَسْترُ كُفْره ويظهر إيمانَه وإن كان أَصله في اللغة معروفاً. يقال: نافَقَ يُنافِق مُنافقة ونِفاقاً، وهو مأْخوذ من النافقاء لا من النَّفَق وهو السَّرَب الذي يستتر فيه لستره كُفْره.
وفي حديث حنظلة: نافَقَ حَنْظَلة أَراد أَنه إذا كان عند النبي، صلى الله عليه وسلم، أخلص وزهد في الدنيا، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها، فكأَنه نوع من الظاهر والباطن ما كان يرضى أَن يسامح به نفسه.
وفي الحديث: أَكثر مُنافِقِي هذه الأُمَّة قُرَّاؤها؛ أَراد بالنِّفاق ههنا الرياء لأَن كليهما إظْهار غير ما في الباطن؛ وقول أبي وجزة:يَهْدِي قلائِص خُضَّعاً يَكنفْنَهُ، صُعْرَ الخدُودِ نوَافِقَ الأَوْبَارِ أَي نُسِلَتْ أَوبارُها من السِّمَن، وفي نوادر الأَعراب: أَنْفَقَت الإبُل إذا انْتَثَرَتْ أَوبارُها عن سِمَن. قالوا: ونَفَق الجُرْح إذا تقشَّر، ويقال زيْت انفاق؛ قال الراجز: إذا سَمِعْنَ صَوْتَ فَحْلٍ شَقْشاق، قَطَعْنَ مُصْفَرّاً كزيت الانْفاق والنَّافِقة: نافِقة المِسْك، دخيل، وهي فأْرة المسك وهي وعاؤه.
ومالك بن المُنْتَفِقِ الضَّبيّ أَحد بني صُبَاح بن طريف قاتل بِسْطَامِ بن قَيْس.
والنُّفَيْقُ: موضع.
ونَيْقَقُ القميص والسراويل: معروف، وهو قارسي معرب، وهو المُنَفَّقُ، وقيل النَّيْقَقُ دخيل، نَيْفق السراويل. الجوهري: ونيفق السروايل الموضع المتسع منها، والعامة تقول نِيفَق، بكسر النون، والمُنْتَفِقُ: اسم رجل.

نَفَقَ (القاموس المحيط) [50]


نَفَقَ البَيْعُ نَفاقاً، كسحابٍ: راجَ،
و~ السُّوقُ: قامَتْ،
و~ الرجُلُ والدابَّةُ نُفوقاً: ماتا،
و~ الجُرْحُ: تَقَشَّرَ.
وكفرِحَ ونَصَرَ: نَفِدَ وفَنِيَ، أو قَلَّ.
وككِتابٍ: فِعْلُ المُنافِقِ، وجمعُ نَفَقَةٍ.
ونَفِقَتْ نِفاقُهُم: فَنِيَتْ نَفَقاتُهُم.
ورجُلٌ مِنْفاقٌ: كثيرُ النَّفَقَةِ.
وفَرَسٌ نَفِقُ الجَرْيِ، ككتِفٍ: سريعُ انْقِطاعِهِ.
وكزُبَيْرٍ: ع.
ونافِقانُ: ة بمَرْوَ.
والنَّفَقُ، محرَّكةً: سَرَبٌ في الأرضِ له مَخْلَصٌ إلى مكانٍ.
وانْتَفَقَ: دَخَلَهُ.
و"ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقَهُ": في: د ر ص، وبهاءٍ: ماتُنْفِقُهُ من الدراهِمِ ونحوِها.
والنافِقَةُ: نافِجَةُ المسْكِ، وجَبَلٌ.
والنافِقَاءُ والنُّفَقَةُ، كهُمَزَةٍ: إِحْدَى جِحَرَةِ اليَرْبوعِ، يَكْتُمُها ويُظْهِرُ غيرَها، فإِذا أُتِيَ من جِهَةِ القاصِعاءِ، ضَرَبَ النافِقاءَ . . . أكمل المادة برأسِه فانْتَفَقَ.
ونَفَقَ، كنَصَرَ وسَمِعَ،
ونَفَّقَ وانْتَفَقَ: خَرَجَ من نافِقائِه.
ونَيْفَقُ السراويلِ، بالفتح: الموضِعُ المُتَّسِعُ منه.
وأنْفَقَ: افْتَقَرَ،
و~ مالَهُ: أنْفَدَه،
كاسْتَنْفَقَه،
و~ القومُ: نَفَقَتْ سوقُهُم،
و~ الإِبِلُ: انْتَشَرَتْ أوبارُها سِمَناً.
ونَفَّقَ السِّلْعَةَ تَنْفِيقاً: رَوَّجَها،
كأَنْفَقَها.
والمُنْتَفِقُ: أبو قبيلةٍ.
ومالكُ بنُ المُنْتَفِقِ: قاتِلُ بِسْطامِ بنِ قَيْسٍ.
ونافَقَ في الدينِ: سَتَرَ كُفْرَهُ وأظْهَرَ إيمانَهُ،
و~ اليَرْبوعُ: أخَذَ في نافِقائِه،
كانْتَفَقَ.
وتَنَفَّقْتُه: اسْتَخْرَجْتُه.

ف - ق - ن (جمهرة اللغة) [50]


الفَنَق: النَّعمة في العيش؛ جارية فُنُق: منعَّمة؛ وتفنّق في عيشه، إذا تنعّم. قال النابغة: والرّاكضاتِ ذُيولَ الرّيْطِ فنَّقها ... بَرْدُ الهواجر كالغِزلان بالجَرَدِ والفَنيق: الفحل من الإبل. قال الأعشى: بزَيّافةٍ كالفَنيقِ القَطِمْ ويُجمع الفنيق أفناقاً، وهذا مثل يتيم وأيتام وشريف وأشراف؛ ويُجمع فُنُقاً أيضاً. والتفنُّق والفُناق واحد. والقَنَف: صِغر الأذنين وغِلَظهُما ولصوقهما بالرأس؛ رجل أقْنَفُ والأنثى قَنْفاءُ. وربما سُمّيت الفَيْشَة قَنْفاء تشبيهاً به. وبه سُمّي قُنافة. والقَنيف اختلفوا فيه فقال قوم: القَنيف: السحاب، وقال آخرون: مرّ قَنيف من الليل، إذا مرّ هَوِيٌّ منه، وليس بثَبْت. والقَنيف: العدد الكثير من الناس. والقَفْن من قولهم: قَفَنْتُ الشاة أقفِنها قَفْناً، إذا ذبحتها من قفاها، فهي قفينة. . . . أكمل المادة وأنشد: ألقَى رَحَى الزَّوْر عليه فطَحَنْ قد قاءَ منها فَرْثَه حتى قَفَنْ والنَّفَق: السَّرَب في الأرض؛ وكذا فُسِّر في التنزيل في قوله جلّ ثناؤه: " نَفَقاً في الأرض أو سُلَّماً في السّماء " ، والله أعلم. وسُمِّي نافقاء اليَربوع من هذا لأنه ينفُق فيه، أي يدخل فيه، وقال قوم: يخرج منه؛ ومنه اشتقاق المنافق لخروجه عن الدين، والاسم النِّفاق. ونِئفِق القميص، مهموز مكسور الفاء، فارسي معرّب، مثل زِئبِر. والنَّفيق: موضع. ونَفِقَ الطعامُ نِفاقاً فهو نافق، إذا نَفِدَ، وقد قالوا: نَفَقَ. والنَّفاق: ضد الكساد؛ نَفَقَ ينفُق فهو نافق. وقالوا: نَفَقَ الدابّةُ، إذا مات. قال أبو بكر: وليس كل أهل اللغة صحّح هذه اللفظة. وأنفقَ مالَه إنفاقاً، إذا أتلفه. والنَّقْف: نقفُك رأسَ الرجل بعصاً أو رمح؛ نَفَقْتُه أنفُقه نَفْقاً. والمِنقاف: ضرب من الوَدَع، والجمع مَناقف. ومِنْقاف الطائر: منقاره في بعض اللغات. وجِذْ نَقيف ومنقوف، إذا نُقِبَ، أي أكلته الأرَضَة.

أمن (لسان العرب) [50]


الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى.
وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ، وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان.
والأَمْنُ: ضدُّ الخوف.
والأَمانةُ: ضدُّ الخِيانة.
والإيمانُ: ضدُّ الكفر.
والإيمان: بمعنى التصديق، ضدُّه التكذيب. يقال: آمَنَ به قومٌ وكذَّب به قومٌ، فأَما آمَنْتُه المتعدي فهو ضدُّ أَخَفْتُه.
وفي التنزيل العزيز: وآمَنَهم من خوف. ابن سيده: الأَمْنُ نقيض الخوف، أَمِن فلانٌ يأْمَنُ أَمْناً وأَمَناً؛ حكى هذه الزجاج، وأَمَنةً وأَماناً فهو أَمِنٌ.
والأَمَنةُ: الأَمْنُ؛ ومنه: أَمَنةً نُعاساً، وإذ يَغْشاكم النعاسُ أَمَنةً منه، نصَب أَمَنةً لأَنه مفعول له كقولك فعلت ذلك حَذَر الشر؛ قال ذلك الزجاج.
وفي حديث نزول المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وتقع الأمَنةُ في الأَرض أَي الأَمْنُ، يريد أَن الأَرض تمتلئ بالأَمْن فلا . . . أكمل المادة يخاف أَحدٌ من الناس والحيوان.
وفي الحديث: النُّجومُ أَمَنةُ السماء، فإذا ذهبت النجومُ أَتى السماءَ ما تُوعَد، وأَنا أَمَنةٌ لأَصحابي فإذا ذهبتُ أَتى أَصحابي ما يُوعَدون، وأََصحابي أَمَنةٌ لأُمَّتي فإذا ذهبَ أصحابي أَتى الأُمَّةَ ما تُوعَد؛ أَراد بِوَعْد السماء انشقاقَها وذهابَها يوم القيامة.
وذهابُ النجومُ: تكوِيرُها وانكِدارُها وإعْدامُها، وأَراد بوَعْد أَصحابه ما وقع بينهم من الفِتَن، وكذلك أَراد بوعْد الأُمّة، والإشارةُ في الجملة إلى مجيء الشرّ عند ذهابِ أَهل الخير، فإنه لما كان بين الناس كان يُبَيِّن لهم ما يختلفون فيه، فلما تُوفِّي جالت الآراءُ واختلفت الأَهْواء، فكان الصَّحابةُ يُسْنِدونَ الأَمرَ إلى الرسول في قول أَو فعل أَو دلالة حال، فلما فُقِدَ قَلَّت الأَنوارُ وقَويَت الظُّلَمُ، وكذلك حالُ السماء عند ذهاب النجوم؛ قال ابن الأَثير: والأَمَنةُ في هذا الحديث جمع أَمينٍ وهو الحافظ.
وقوله عز وجل: وإذ جَعَلْنا البيتَ مثابةً للناس وأَمْناً؛ قال أَبو إسحق: أَراد ذا أَمْنٍ، فهو آمِنٌ وأَمِنٌ وأَمِين؛ عن اللحياني، ورجل أَمِن وأَمين بمعنى واحد.
وفي التنزيل العزيز: وهذا البَلد الأَمين؛ أَي الآمِن، يعني مكة، وهو من الأَمْنِ؛ وقوله: أَلم تعْلمِي، يا أَسْمَ، ويحَكِ أَنني حلَفْتُ يميناً لا أَخونُ يَميني قال ابن سيده: إنما يريد آمنِي. ابن السكيت: والأَمينُ المؤتمِن.
والأَمين: المؤتَمَن، من الأَضداد؛ وأَنشد ابن الليث أَيضاً: لا أَخونُ يَمِيني أََي الذي يأْتَمِنُني. الجوهري: وقد يقال الأَمينُ المأْمونُ كما قال الشاعر: لا أَخون أَميني أَي مأْمونِي.
وقوله عز وجل: إن المتقِينَ في مقامٍ أَمينٍ؛ أَي قد أَمِنُوا فيه الغِيَرَ.
وأَنتَ في آمِنٍ أَي في أَمْنٍ كالفاتح.
وقال أَبو زياد: أَنت في أَمْنٍ من ذلك أَي في أَمانٍ.
ورجل أُمَنَةٌ: يأْمَنُ كلَّ أَحد، وقيل: يأْمَنُه الناسُ ولا يخافون غائلَته؛ وأُمَنَةٌ أَيضاً: موثوقٌ به مأْمونٌ، وكان قياسُه أُمْنةً، أَلا ترى أَنه لم يعبَّر عنه ههنا إلا بمفعول؟ اللحياني: يقال ما آمَنْتُ أَن أَجِدَ صحابةً إيماناً أَي ما وَثِقْت، والإيمانُ عنده الثِّقةُ.
ورجل أَمَنةٌ، بالفتح: للذي يُصَدِّق بكل ما يسمع ولا يُكَذِّب بشيء.
ورجل أَمَنةٌ أَيضاً إذا كان يطمئنّ إلى كل واحد ويَثِقُ بكل أَحد، وكذلك الأُمَنَةُ، مثال الهُمَزة.
ويقال: آمَنَ فلانٌ العدُوَّ إيماناً، فأَمِنَ يأْمَنُ، والعدُوُّ مُؤْمَنٌ، وأَمِنْتُه على كذا وأْتَمَنْتُه بمعنىً، وقرئ: ما لَك لا تأَمَننا على يوسف، بين الإدغامِ والإظهارِ؛ قال الأَخفش: والإدغامُ أَحسنُ.
وتقول: اؤتُمِن فلانٌ، على ما لم يُسمَّ فاعلُه، فإن ابتدأْت به صيَّرْت الهمزة الثانية واواً، لأن كلَّ كلمة اجتمع في أَولها هَمزتانِ وكانت الأُخرى منهما ساكنة، فلك أَن تُصَيِّرها واواً إذا كانت الأُولى مضمومة، أَو ياءً إن كانت الأُولى مكسورة نحو إيتَمَنه، أَو أَلفاً إن كانت الأُولى مفتوحة نحو آمَنُ.
وحديث ابن عمر: أَنه دخل عليه ابنُه فقال: إنّي لا إيمَنُ أَن يكون بين الناسِ قتالٌ أَي لا آمَنُ، فجاء به على لغة من يكسر أَوائل الأَفعال المستقبلة نحو يِعْلَم ونِعْلم، فانقلبت الأَلف ياء للكسرة قبلها.
واسْتأْمَنَ إليه: دخل في أَمانِه، وقد أَمَّنَه وآمَنَه.
وقرأَ أَبو جعفر المدنيّ: لستَ مُؤَمَّناً أَي لا نُؤَمِّنك.
والمَأْمَنُ: موضعُ الأَمْنِ.
والأمنُ: المستجيرُ ليَأْمَنَ على نفسه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: فأَحْسِبُوا لا أَمْنَ من صِدْقٍ وَبِرْ، وَسَحّْ أَيْمانٍ قَليلاتِ الأَشرْ أَي لا إجارة، أَحْسِبُوه: أَعطُوه ما يَكْفيه، وقرئَ في سورة براءة: إنهم لا إِيمانَ لهم؛ مَنْ قرأَه بكسر الأَلف معناه أَنهم إن أَجارُوا وأَمَّنُوا المسلمين لم يَفُوا وغَدَروا، والإيمانُ ههنا الإجارةُ.
والأَمانةُ والأَمَنةُ: نقيضُ الخيانة لأَنه يُؤْمَنُ أَذاه، وقد أَمِنَه وأَمَّنَه وأْتَمَنَهُ واتَّمَنه؛ عن ثعلب، وهي نادرة، وعُذْرُ مَن قال ذلك أَن لفظه إذا لم يُدْغم يصير إلى صورة ما أَصلُه حرفُ لين، فذلك قولهم في افْتَعَل من الأَكل إيتَكَلَ، ومن الإزْرةِ إيتَزَرَ، فأَشْبه حينئذٍ إيتَعَدَ في لغة من لم يُبْدِل الفاء ياء، فقال اتَّمَنَ لقول غيره إيتَمَنَ، وأَجود اللغتين إقرارُ الهمزة، كأَن تقول ائتمن، وقد يُقَدِّر مثلُ هذا في قولهم اتَّهَلَ، واسْتَأْمَنه كذلك.
وتقول: اسْتَأْمَنني فلانٌ فآمَنْتُه أُومِنُهُ إيماناً.
وفي الحديث: المُؤَذِّنُ مؤتَمَنٌ؛ مُؤْتَمَنُ القوم: الذي يثِقون إليه ويتخذونه أَمِيناً حافظاً، تقول: اؤتُمِنَ الرجل، فهو مُؤْتَمَن، يعني أَن المؤذِّنَ أَمينُ الناسِ على صلاتهم وصيامهم.
وفي الحديث: المَجالِسُ بالأَمانةِ؛ هذا ندْبٌ إلى تركِ إعادةِ ما يَجْرِي في المجلس من قولٍ أَو فعلٍ، فكأَنَّ ذلك أَمانةٌ عند مَن سَمِعه أَو رآه، والأََمانةُ تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثِّقةِ والأَمان، وقد جاء في كل منها حديث.
وفي الحديث: الأَمانةُ غِنًى أَي سبب الغنى، ومعناه أَن الرجل إذا عُرِفَ بها كثُر مُعاملوه فصار ذلك سبباً لِغناه.
وفي حديث أَشْراطِ الساعة: والأَمانة مَغْنَماً أَي يرى مَن في يده أَمانةٌ أَن الخِيانَة فيها غَنيمةٌ قد غَنِمها.
وفي الحديث: الزَّرعُ أَمانةٌ والتاجِرُ فاجرٌ؛ جعل الزرع أَمانَةً لسلامتِه من الآفات التي تقع في التِّجارة من التَّزَيُّدِ في القول والحَلِف وغير ذلك.
ويقال: ما كان فلانٌ أَميناً ولقد أَمُنَ يأْمُنُ أَمانةً.
ورجلٌ أَمينٌ وأُمّانٌ أَي له دينٌ، وقيل: مأْمونٌ به ثِقَةٌ؛ قال الأَعشى: ولَقَدْ شَهِدْتُ التّاجرَ الـ أُمّانَ مَوْروداً شرابُهْ التاجِرُ الأُمّانُ، بالضم والتشديد: هو الأَمينُ، وقيل: هو ذو الدِّين والفضل، وقال بعضهم: الأُمّان الذي لا يكتب لأَنه أُمِّيٌّ، وقال بعضهم: الأُمّان الزرّاع؛ وقول ابن السكيت: شَرِبْت مِنْ أَمْنِ دَواء المَشْي يُدْعى المَشُْوَّ، طعْمُه كالشَّرْي الأَزهري: قرأْت في نوادر الأَعراب أَعطيت فلاناً مِنْ أَمْنِ مالي، ولم يفسّر؛ قال أَبو منصور: كأَنَّ معناه مِنْ خالِص مالي ومِنْ خالص دَواءِ المَشْي. ابن سيده: ما أَحْسَنَ أَمَنَتَك وإِمْنَك أَي دِينَكَ وخُلُقَكَ.
وآمَنَ بالشيء: صَدَّقَ وأَمِنَ كَذِبَ مَنْ أَخبره. الجوهري: أَصل آمَنَ أَأْمَنََ، بهمزتين، لُيِّنَت الثانية، ومنه المُهَيْمِن، وأَصله مُؤَأْمِن، لُيِّنَتْ الثانيةُ وقلبت ياء وقلبت الأُولى هاء، قال ابن بري: قوله بهمزتين لُيِّنَتْ الثانية، صوابه أَن يقول أُبدلت الثانية؛ وأَما ما ذكره في مُهَيْمِن من أَن أَصلَه مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الهمزةُ الثانية وقلبت ياءً لا يصحُّ، لأَنها ساكنة، وإنما تخفيفها أَن تقلب أَلفاً لا غير، قال: فثبت بهذا أَن مُهَيْمِناً منْ هَيْمَنَ فهو مُهَيْمِنٌ لا غير.
وحدَّ الزجاجُ الإيمانَ فقال: الإيمانُ إظهارُ الخضوع والقبولِ للشَّريعة ولِما أَتَى به النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، واعتقادُه وتصديقُه بالقلب، فمن كان على هذه الصِّفة فهو مُؤْمِنٌ مُسْلِم غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ، وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك ريبٌ.
وفي التنزيل العزيز: وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لنا؛ أَي بمُصدِّقٍ.
والإيمانُ: التصديقُ. التهذيب: وأَما الإيمانُ فهو مصدر آمَنَ يُؤْمِنُ إيماناً، فهو مُؤْمِنٌ.
واتَّفق أَهلُ العلم من اللُّغَويّين وغيرهم أَن الإيمانَ معناه التصديق. قال الله تعالى: قالتِ الأَعرابُ آمَنّا قل لَمْ تُؤْمِنوا ولكن قولوا أَسْلمنا (الآية) قال: وهذا موضع يحتاج الناس إلى تَفْهيمه وأَين يَنْفَصِل المؤمِنُ من المُسْلِم وأَيْنَ يَسْتَويانِ، والإسْلامُ إظهارُ الخضوع والقبول لما أَتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، وبه يُحْقَنُ الدَّمُ، فإن كان مع ذلك الإظْهارِ اعتِقادٌ وتصديق بالقلب، فذلك الإيمانُ الذي يقال للموصوف به هو مؤمنٌ مسلمٌ، وهو المؤمنُ بالله ورسوله غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ، وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه، وأَن الجِهادَ بنفسِه وماله واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك رَيْبٌ فهو المؤمنُ وهو المسلمُ حقّاً، كما قال الله عز وجل: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يَرتابوا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون؛ أَي أُولئك الذين قالوا إنّا مؤمنون فهم الصادقون، فأَما من أَظهرَ قَبولَ الشريعة واسْتَسْلَم لدفع المكروه فهو في الظاهر مُسْلمٌ وباطِنُه غيرُ مصدِّقٍ، فذلك الذي يقول أَسْلَمْتُ لأَن الإيمان لا بدّ من أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً، لأَن قولَكَ آمَنْتُ بالله، أَو قال قائل آمَنْتُ بكذا وكذا فمعناه صَدَّقْت، فأَخْرج الله هؤلاء من الإيمان فقال: ولَمّا يدْخل الإيمانُ في قُلوبِكم؛ أَي لم تُصدِّقوا إنما أَسْلَمْتُمْ تَعَوُّذاً من القتل، فالمؤمنُ مُبْطِنٌ من التصديق مثلَ ما يُظْهِرُ، والمسلمُ التامُّ الإسلامِ مُظْهرٌ للطاعة مؤمنٌ بها، والمسلمُ الذي أَظهر الإسلامَ تعوُّذاً غيرُ مؤمنٍ في الحقيقة، إلاّ أَن حُكْمَه في الظاهر حكمُ المسلمين.
وقال الله تعالى حكاية عن إخْوة يوسف لأَبيهم: ما أَنت بمُؤْمِنٍ لنا ولو كُنّا صادقين؛ لم يختلف أَهل التفسير أَنّ معناه ما أَنت بمُصدِّقٍ لنا، والأَصلُ في الإيمان الدخولُ في صِدْقِ الأَمانةِ التي ائْتَمَنه الله عليها، فإذا اعتقد التصديقَ بقلبه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدّى الأَمانةَ وهو مؤمنٌ، ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأَمانة التي ائتمنه الله عليها، وهو مُنافِقٌ، ومَن زعم أَن الإيمان هو إظهار القول دون التصديقِ بالقلب فإنه لا يخلو من وجهين أَحدهما أَن يكون مُنافِقاً يَنْضَحُ عن المنافقين تأْييداً لهم، أَو يكون جاهلاً لا يعلم ما يقول وما يُقالُ له، أَخْرَجَه الجَهلُ واللَّجاجُ إلى عِنادِ الحقِّ وتَرْكِ قبولِ الصَّوابِ، أَعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن عَلِم فاسْتَعْمل ما عَلِم، أَو جَهِل فتعلّم ممن عَلِمَ، وسلَّمَنا من آفات أَهل الزَّيْغ والبِدَع بمنِّه وكرمه.
وفي قول الله عز وجل: إنما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثم لَمْ يرتابوا وجاهَدوا بأَموالِهِم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون؛ ما يُبَيّنُ لك أَن المؤمنَ هو المتضمّن لهذه الصفة، وأَن مَن لم يتضمّنْ هذه الصفة فليس بمؤمنٍ، لأَن إنما في كلام العرب تجيء لِتَثْبيتِ شيءٍ ونَفْيِ ما خالَفَه، ولا قوّةَ إلا بالله.
وأَما قوله عز وجل: إنا عَرَضْنا الأَمانةَ على السموات والأَرضِ والجبالِ فأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ منها وحمَلَها الإنسانُ إنه كان ظَلُوماً جهولاً؛ فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أَنهما قالا: الأَمانةُ ههنا الفرائضُ التي افْتَرَضَها الله تعالى على عباده؛ وقال ابن عمر: عُرِضَت على آدمَ الطاعةُ والمعصيةُ وعُرِّفَ ثوابَ الطاعة وعِقَابَ المعْصية، قال: والذي عندي فيه أَن الأَمانة ههنا النِّيّةُ التي يعتقدها الإنسان فيما يُظْهِره باللّسان من الإيمان ويؤَدِّيه من جميع الفرائض في الظاهر، لأَن الله عز وجل ائْتَمَنَه عليها ولم يُظْهِر عليها أَحداً من خَلْقِه، فمن أَضْمر من التوحيد والتصديق مثلَ ما أَظهرَ فقد أَدَّى الأَمانةَ، ومن أَضمَر التكذيبَ وهو مُصَدِّقٌ باللسان في الظاهر فقد حَمَل الأَمانةَ ولم يؤدِّها، وكلُّ مَنْ خان فيما اؤتُمِنَ عليه فهو حامِلٌ، والإنسان في قوله: وحملها الإنسان؛ هو الكافر الشاكُّ الذي لا يُصدِّق، وهو الظَّلُوم الجهُولُ، يَدُلُّك على ذلك قوله: ليُعَذِّبَ اللهُ المُنافقينَ والمُنافقات والمُشركين والمُشْرِكاتِ ويتوبَ اللهُ على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً.
وفي حديث ابن عباس قال، صلى الله عليه وسلم: الإيمانُ أَمانةٌ ولا دِينَ لِمَنْ لا أَمانةَ له.
وفي حديث آخر: لا إيمانَ لِمَنْ لا أَمانةَ له.
وقوله عز وجل: فأَخْرَجْنا مَنْ كان فيها من المؤمنين؛ قال ثعلب: المؤمِنُ بالقلب والمُسلِمُ باللسان، قال الزجاج: صفةُ المؤمن بالله أَن يكون راجياً ثوابَه خاشياً عقابه.
وقوله تعالى: يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين؛ قال ثعلب: يُصَدِّق اللهَ ويُصدق المؤمنين، وأَدخل اللام للإضافة، فأَما قول بعضهم: لا تجِدُه مؤمناً حتى تجِدَه مؤمنَ الرِّضا مؤمنَ الغضب أَي مؤمِناً عندَ رضاه مؤمناً عند غضبه.
وفي حديث أَنس: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: المؤمنُ مَن أَمِنَه الناسُ، والمسلِمُ من سَلِمَ المسلمون من لِسانه ويَدِه، والمُهاجِرَ من هَجَر السُّوءَ، والذي نفسي بيده لا يدخلُ رجلٌ الجنة لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقَه.
وفي الحديث عن ابن عمر قال: أَتى رجلٌ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، وقال: مَنِ المُهاجرُ؟ فقال: مَنْ هجَر السيئاتِ، قال: فمَن المؤمنُ؟ قال: من ائْتَمَنه الناس على أَموالِهم وأَنفسهم، قال: فَمَن المُسلِم؟ قال: مَن سلِمَ المسلمون من لسانِه ويده، قال: فمَن المجاهدُ؟ قال: مَنْ جاهدَ نفسَه. قال النضر: وقالوا للخليل ما الإيمانُ؟ قال: الطُّمأْنينةُ، قال: وقالوا للخليل تقول أَنا مؤمنٌ، قال: لا أَقوله، وهذا تزكية. ابن الأَنباري: رجل مُؤمِنٌ مُصَدِّقٌ لله ورسوله.
وآمَنْت بالشيء إذا صَدَّقْت به؛ وقال الشاعر: ومِنْ قَبْل آمَنَّا، وقد كانَ قَوْمُنا يُصلّون للأَوثانِ قبلُ، محمدا معناه ومن قبلُ آمَنَّا محمداً أَي صدَّقناه، قال: والمُسلِم المُخْلِصُ لله العبادة.
وقوله عز وجل في قصة موسى، عليه السلام: وأَنا أَوَّلُ المؤمنين؛ أَراد أَنا أوَّلُ المؤمنين بأَنّك لا تُرَى في الدنيا.
وفي الحديث: نَهْرانِ مؤمنانِ ونَهْرانِ كافرانِ: أَما المؤمنانِ فالنيلُ والفراتُ، وأَما الكافران فدِجْلةُ ونهْرُ بَلْخ، جعلهما مؤمنَيْن على التشبيه لأَنهما يفيضانِ على الأَرضِ فيَسقِيانِ الحَرْثَ بلا مَؤُونةٍ، وجعل الآخَرَيْنِ كافِرَيْن لأَنهما لا يسقِيانِ ولا يُنْتَفَعُ بهما إلا بمؤونة وكُلفةٍ، فهذان في الخيرِ والنفعِ كالمُؤْمِنَيْنِ، وهذان في قلَّة النفع كالكافِرَين.
وفي الحديث: لا يَزْني الزاني وهو مُؤْمِنٌ؛ قيل: معناه النَّهْي وإن كان في صورة الخبر، والأَصلُ حذْفُ الياء من يَزْني أَي لا يَزْنِ المؤمنُ ولا يَسْرِقُ ولا يَشْرَبْ، فإن هذه الأَفعال لا تليقُ بالمؤمنين، وقيل: هو وعيدٌ يُقْصَدُ به الرَّدْع، كقوله عليه السلام: لا إيمانَ لمنْ لا أمانة له، والمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناسُ من لِسانِه ويدِه، وقيل: معناه لا يَزْني وهو كاملُ الإيمانِ، وقيل: معناه أَن الهوى يُغطِّي الإيمانَ، فصاحِبُ الهَوى لا يَزني إلاّ هواه ولا ينْظُر إلى إيمانه الناهي له عن ارتكابِ الفاحشة، فكأَنَّ الإيمانَ في تلك الحالة قد انْعَدم، قال: وقال ابن عباس، رضي الله عنهما: الإيمانُ نَزِهٌ، فإذا أَذْنَبَ العبدُ فارَقَه؛ ومنه الحديث: إذا زَنَى الرجلُ خرجَ منه الإيمانُ فكان فوقَ رأْسه كالظُّلَّةِ، فإذا أَقْلَع رجَع إليه الإيمانُ، قال: وكلُّ هذا محمول على المجاز ونَفْي الكمالِ دون الحقيقة ورفع الإيمان وإِبْطالِه.
وفي حديث الجارية: أعْتِقُها فإنها مُؤمِنةٌ؛ إنما حكَمَ بإيمانِها بمُجرَّد سُؤاله إياها: أَين الله؟ وإشارَتِها إلى السماء، وبقوله لها: مَنْ أَنا؟ فأَشارت إليه وإلى السماء، يعني أنْتَ رسولُ الله، وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادَتَيْن والتبرِّي من سائر الأَديان، وإنما حكم عليه السلام بذلك لأَنه رأى منها أَمارة الإسلام وكوْنَها بين المسلمين وتحت رِقِّ المُسْلِم، وهذا القدر يكفي علَماً لذلك، فإن الكافر إذا عُرِضَ عليه الإسلامُ لم يُقْتَصَرْ منه على قوله إني مُسْلِمٌ حتى يَصِفَ الإسلامَ بكماله وشرائِطه، فإذا جاءنا مَنْ نَجْهَل حالَه في الكفر والإيمان فقال إني مُسْلِم قَبِلْناه، فإذا كان عليه أَمارةُ الإسلامِ من هَيْئَةٍ وشارةٍ ودارٍ كان قبولُ قوله أَولى، بل يُحْكَمُ عليه بالإسلام وإنْ لم يَقُلْ شيئاً.
وفي حديث عُقْبة بن عامر: أَسْلم الناسُ وآمَنَ عمرُو بن العاص؛ كأَنَّ هذا إشارةٌ إلى جماعةٍ آمَنوا معه خوفاً من السيف وأنَّ عَمْراً كان مُخْلِصاً في إيمانه، وهذا من العامّ الذي يُرادُ به الخاصّ.
وفي الحديث: ما مِنْ نبيٍّ إلاَّ أُعْطِيَ منَ الآياتِ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنما كان الذي أُوتِيتُهُ وحْياً أَوْحاهُ اللهُ إليَّ أَي آمَنوا عند مُعايَنة ما آتاهم من الآياتِ والمُعْجِزات، وأَراد بالوَحْيِ إعْجازَ القرآن الذي خُصَّ به، فإنه ليس شيء من كُتُبِ الله المُنزَّلة كان مُعْجِزاً إلا القرآن.
وفي الحديث: مَنْ حَلَف بالأَمانةِ فليس مِنَّا؛ قال ابن الأَثير: يشبه أَن تكون الكراهةُ فيه لأجل أَنه أُمِر أَن يُحْلَفَ بأَسماءِ الله وصفاتِه، والأَمانةُ أَمرٌ من أُمورِه، فنُهُوا عنها من أَجل التسوية بينها وبين أَسماء الله، كما نُهوا أَن يحلِفوا بآبائهم.
وإذا قال الحالفُ: وأَمانةِ الله، كانت يميناً عند أَبي حنيفة، والشافعيُّ لا يعدُّها يميناً.
وفي الحديث: أَسْتَوْدِعُ الله دينَكَ وأمانتَكَ أَي أَهلك ومَنْ تُخَلِّفُه بَعْدَكَ منهم، ومالَكَ الذي تُودِعُه وتستَحْفِظُه أَمِينَك ووكِيلَكَ.
والأَمينُ: القويُّ لأَنه يُوثَقُ بقوَّتِه.
وناقةٌ أَمون: أَُمينةٌ وثِيقةُ الخَلْقِ، قد أُمِنَتْ أَن تكون ضعيفةً، وهي التي أُمِنتْ العِثَارَ والإعْياءَ، والجمع أُمُنٌ، قال: وهذا فعولٌ جاء في موضع مَفْعولةٍ، كما يقال: ناقة عَضوبٌ وحَلوبٌ.
وآمِنُ المالِ: ما قد أَمِنَ لنفاسَتِه أَن يُنْحَرَ، عنَى بالمال الإبلَ، وقيل: هو الشريفُ من أَيِّ مالٍ كانَ، كأَنه لو عَقَلَ لأَمِنَ أَن يُبْذَل؛ قال الحُوَيْدرة: ونَقِي بآمِنِ مالِنا أَحْسابَنا، ونُجِرُّ في الهَيْجا الرِّماحَ وندَّعي. قولُه: ونَقِي بآمِنِ مالِنا (* قوله «ونقي بآمن مالنا» ضبط في الأصل بكسر الميم، وعليه جرى شارح القاموس حيث قال هو كصاحب، وضبط في متن القاموس والتكملة بفتح الميم). أَي ونَقِي بخالِصِ مالِنا، نَدَّعي ندعو بأَسمائنا فنجعلها شِعاراً لنا في الحرب.
وآمِنُ الحِلْم: وَثِيقُه الذي قد أَمِنَ اخْتِلاله وانْحِلاله؛ قال: والخَمْرُ لَيْسَتْ منْ أَخيكَ، ولـ ـكنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ ويروى: تَخُون بثامِرِ الحِلْمِ أَي بتامِّه. التهذيب: والمُؤْمنُ مِن أَسماءِ الله تعالى الذي وَحَّدَ نفسَه بقوله: وإِلهُكم إِلهٌ واحدٌ، وبقوله: شَهد الله أَنه لا إِله إِلاَّ هو، وقيل: المُؤْمِنُ في صفة الله الذي آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه، وقيل: المُؤْمن الذي آمَنَ أَوْلياءَ عذابَه، قال: قال ابن الأَعرابي قال المنذري سمعت أَبا العباس يقول: المُؤْمنُ عند العرب المُصدِّقُ، يذهب إلى أَنَّ الله تعالى يُصدّق عبادَه المسلمين يومَ القيامة إذا سُئلَ الأُمَمُ عن تبليغ رُسُلِهم، فيقولون: ما جاءنا مِنْ رسولٍ ولا نذير، ويكذِّبون أَنبياءَهم، ويُؤْتَى بأُمَّة محمد فيُسْأَلون عن ذلك فيُصدِّقونَ الماضِينَ فيصدِّقُهم الله، ويصدِّقهم النبيُّ محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو قوله تعالى: فكيفَ إذا جِئْنا بك على هؤُلاء شهيداً، وقوله: ويُؤْمِنُ للمؤْمنين؛ أَي يصدِّقُ المؤْمنين؛ وقيل: المُؤْمن الذي يَصْدُق عبادَه، ما وَعَدَهم، وكلُّ هذه الصفات لله عز وجل لأَنه صَدَّق بقوله ما دعا إليه عبادَه من توحيد، وكأَنه آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه وما وَعَدَنا من البَعْثِ والجنَّةِ لمن آمَنَ به، والنارِ لمن كفرَ به، فإنه مصدَّقٌ وعْدَه لا شريك له. قال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المُؤْمِنُ، هو الذي يَصْدُقُ عبادَه وعْدَه فهو من الإيمانِ التصديقِ، أَو يُؤْمِنُهم في القيامة عذابَه فهو من الأَمانِ ضدّ الخوف. المحكم: المُؤْمنُ اللهُ تعالى يُؤْمِنُ عبادَه من عذابِه، وهو المهيمن؛ قال الفارسي: الهاءُ بدلٌ من الهمزة والياء مُلْحِقةٌ ببناء مُدَحْرِج؛ وقال ثعلب: هو المُؤْمِنُ المصدِّقُ لعبادِه، والمُهَيْمِنُ الشاهدُ على الشيء القائمُ عليه.
والإيمانُ: الثِّقَةُ.
وما آمنَ أَن يَجِدَ صَحابةً أَي ما وَثِقَ، وقيل: معناه ما كادَ.
والمأْمونةُ من النساء: المُسْتراد لمثلها. قال ثعلب: في الحديث الذي جاء ما آمَنَ بي مَن باتَ شَبْعانَ وجارُه جائعٌ؛ معنى ما آمَنَ بي شديدٌ أَي ينبغي له أَن يُواسيَه.
وآمينَ وأَمينَ: كلمةٌ تقال في إثْرِ الدُّعاء؛ قال الفارسي: هي جملةٌ مركَّبة من فعلٍ واسم، معناه اللهم اسْتَّجِبْ لي، قال: ودليلُ ذلك أَن موسى، عليه السلام، لما دعا على فرعون وأَتباعه فقال: رَبَّنا اطْمِسْ على أَموالِهِم واشْدُدْ على قلوبهم، قال هرون، عليه السلام: آمِينَ، فطبَّق الجملة بالجملة، وقيل: معنى آمينَ كذلك يكونُ، ويقال: أَمَّنَ الإمامُ تأْميناً إذا قال بعد الفراغ من أُمِّ الكِتاب آمين، وأَمَّنَ فلانٌ تأْميناً. الزجاج في قول القارئ بعد الفراغ من فاتحة الكتاب آمينَ: فيه لغتان: تقول العرب أَمِينَ بِقَصْرِ الأَلف، وآمينَ بالمد، والمدُّ أَكثرُ، وأَنشد في لغة مَنْ قَصَر: تباعَدَ منِّي فُطْحُلٌ، إذ سأَلتُه أَمينَ، فزادَ اللهُ ما بيْننا بُعْدا وروى ثعلب فُطْحُل، بضم الفاء والحاء، أَرادَ زادَ اللهُ ما بيننا بُعْداً أَمين؛ وأَنشد ابن بري لشاعر: سَقَى الله حَيّاً بين صارةَ والحِمَى، حِمَى فَيْدَ صَوبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ أَمِينَ ورَدَّ اللهُ رَكْباً إليهمُ بِخَيْرٍ، ووَقَّاهُمْ حِمامَ المقادِرِ وقال عُمَر بن أَبي ربيعة في لغة مَنْ مدَّ آمينَ: يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً، ويرْحمُ اللهُ عَبْداً قال: آمِينا قال: ومعناهما اللهمَّ اسْتَجِبْ، وقيل: هو إيجابٌ ربِّ افْعَلْ قال: وهما موضوعان في موضع اسْمِ الاستحابةِ، كما أَنَّ صَهْ موضوعٌ موضعَ سُكوتٍ، قال: وحقُّهما من الإعراب الوقفُ لأَنهما بمنزلة الأَصْواتِ إذا كانا غيرَ مشتقين من فعلٍ، إلا أَن النون فُتِحت فيهما لالتقاء الساكنين ولم تُكسر النونُ لثقل الكسرة بعد الياء، كما فتحوا أَينَ وكيفَ، وتشديدُ الميم خطأٌ، وهو مبنيٌ على الفتح مثل أَينَ وكيف لاجتماع الساكنين. قال ابن جني: قال أَحمد ابن يحيى قولهم آمِينَ هو على إشْباع فتحةِ الهمزة، ونشأَت بعدها أَلفٌ، قال: فأَما قول أَبي العباس إنَّ آمِينَ بمنزلة عاصِينَ فإنما يريدُ به أَن الميم خفيفة كصادِ عاصِينَ، لا يُريدُ به حقيقةَ الجمع، وكيف ذلك وقد حكي عن الحسن، رحمه الله، أَنه قال: آمين اسمٌ من أَسماء الله عز وجل، وأَين لك في اعتقاد معنى الجمع مع هذا التفسير؟ وقال مجاهد: آمين اسم من أَسماء الله؛ قال الأَزهري: وليس يصح كما قاله عند أَهل اللغة أَنه بمنزلة يا الله وأَضمر اسْتَجِبْ لي، قال: ولو كان كما قال لرُفِعَ إذا أُجْرِي ولم يكن منصوباً.
وروى الأَزهري عن حُمَيْد بن عبد الرحمن عن أُمِّه أُمِّ كُلْثومٍ بنت عُقبة في قوله تعالى: واسْتَعِينوا بالصَّبْرِ والصَّلاةِ، قالت: غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوفٍ غَشيةَ ظَنُّوا أَنَّ نفْسَه خرجت فيها، فخرجت امرأَته أُم كلثوم إلى المسجد تسْتَعين بما أُمِرَتْ أَن تسْتَعينَ به من الصَّبْرِ والصَّلاةِ، فلما أَفاقَ قال: أَغُشِيَ عليَّ؟ قالوا: نعمْ، قال: صدَقْتُمْ، إنه أَتاني مَلَكانِ في غَشْيَتِي فقالا: انْطلِقْ نحاكِمْكَ إلى العزيز الأَمين، قال: فانطَلَقا بي، فلقِيَهُما مَلَكٌ آخرُ فقال: وأَين تُرِيدانِ به؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين، قال: فارْجِعاه فإن هذا ممن كتَب الله لهم السعادةَ وهم في بطون أُمَّهاتهم، وسَيُمَتِّعُ الله به نبيَّه ما شاء الله، قال: فعاش شهراً ثم ماتَ.
والتَّأْمينُ: قولُ آمينَ.
وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: آمين خاتَمُ ربِّ العالمين على عباده المؤمنين؛ قال أَبو بكر: معناه أَنه طابَعُ الله على عبادِه لأَنه يَدْفعُ به عنهم الآفات والبَلايا، فكان كخاتَم الكتاب الذي يَصُونه ويمنع من فسادِه وإظهارِ ما فيه لمن يكره علمه به ووُقوفَه على ما فيه.
وعن أَبي هريرة أَنه قال: آمينَ درجةٌ في الجنَّة؛ قال أَبو بكر: معناه أَنها كلمةٌ يكتَسِبُ بها قائلُها درجةً في الجنة.
وفي حديث بلال: لا تسْبِقْني بآمينَ؛ قال ابن الأَثير: يشبه أَن يكون بلالٌ كان يقرأُ الفاتحةَ في السَّكتةِ الأُولى من سكْتَتَي الإمام، فربما يبقى عليه منها شيءٌ ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد فرَغ من قراءتِها، فاسْتَمْهَلَه بلال في التأْمينِ بِقَدْرِ ما يُتِمُّ فيه قراءةَ بقيَّةِ السورة حتى يَنَالَ بركةَ موافَقتِه في التّأْمين.

انف (العباب الزاخر) [50]


النف: معروف، والجمع آنف وأنوف وأناف، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تقم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار العين ذلف الآنف -ويروى: الأنوف-، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن أبا بكر رضي الله عنه، أوصى أن يكفن في ثوبين كانا عليه وأن يجعل معهما ثوب آخر؛ فأرادت عائشة رضي الله عنها- أن تبتاع له أثواباً جدداً؛ فقال عمر -رضي الله عنه-: لا يكفن غلا فيما أوصى به؛ فقالت عائشة -رضي الله عنها-: يا عمر؛ والله ما وضعت الخطم على آنفنا؛ فبكى عمر -رضي الله عنه- وقال: كفني أباك فيما شئت. كنت عن الولاية والملك بوضع الخطم، . . . أكمل المادة لأن البعير إذا ملك وضع عليه الخطام، والمعنى: ما ملكت علينا أمورنا بعد فتنهانا أن نصنع ما نريد فيها. وفي الحديث: لكل شيء أنفة وأنفة الصلاة التكبيرة الأولى. أي ابتداء وأول.
وكأن التاء زيدت على أنف؛ كقولهم في الذنب: ذنبه، وقد جاء في أمثالهم: إذا أخذت بذنبة الضب أغضبته. ويقال: هو الفحل لا يقرع أنفه ولا يقدع، أي هو خاطب لا يرد، وقد مر الشاهد عليه من الحديث في تركيب ق د ع. ويقال: جعل أنفه في قفاه، أي أعرض عن الشيء، وفي حديث أبي بكر -رضي الله عنه-: أن فلاناً دخل عليه فنال من عمر -رضي الله عنه- وقال: لو استخلفت فلاناً، فقال أبو بكر: رضي الله عنه: لو فعلت ذلك لجعلت أنفك في قفاك ولما أخذت من أهلك حقاً. جعل الأنف في القفا عبارة عن غاية الإعراض عن الشيء ولي الرأس عنه، لأن قصارى ذلك أن يقبل بأنفه على ما وراءه، فكأنه جعل أنفه في قفاه.
ومنه قولهم للمنهزم: عيناه في قفاه؛ لنظره إلى ما وراءه دائباً فرقاً من الطلب.
والمراد: لأفرطت في الإعراض عن الحق؛ أو: لجعلت ديدنك الإقبال بوجهك إلى من وراءك من أقاربك مختصاً لهم ببرك ومؤثراً إياهم على غيرهم. وأنف اللحية: طرفها: قال معقل بن خويلد الهذلي:
تُخَاصِمُ قَوْماً لا تُلَقّى جَوَابَـهُـمْ      وقد أخَذَتْ من أنفِ لِحْيَتكَ اليَدُ

ويروى: "من جَنْبِ لِحْيِتَكَ" ورجل حمي الأنف: إذا كان أنفاً يأنف أن يضام، قال عامر بن فهيرة -رضي الله عنه- في مرضه وعادته عائشة -رضي الله عنها- وقالت له: كيف تجدك:
كُلُّ امرئٍ مُجَاهِدٌ بِطَـوْقِـهِ      كالثَّوْرِ يَحْمي أنْفَهُ بِروْقِـهِ


وأنف كل شيء: أوله، ويقال: هذا أنف الشد: أي أول العدو. وأنف البرد: أشده، وقيل: أوله.
وأنف المطر: أول ما أنبت، قال امرؤ القيس:
قد غَدا يَحْمِلُني فـي انْـفِـهِ      لاحِقُ الاطْلَيْنِ مَحْبُوكٌ مُمَرْ

وهذا أنف عمل فلان: أي أول ما أخذ فيه. وأنف خف البعير: طرف منسمه. وقال أبن السكيت: أنف الجبل: نادر يشخص منه، قال:
خُذا أنْفَ هَرْشى أوقَفاها فإنَّـهُ      كِلا جانَبِيْ هَرْشى لَهُنَّ طَريقُ

وقال أبن فارس: أنف الأرض: ما أستقبل الشمس من الجلد والضواحي. وقال غيره: ما أطعمني إلا أنف الرَّغيف: أي كسرة منه. وأنف الناب: طرفه حين يطلع. والعرب تقول لسمي الأنف: الأنفان، قال مزاحم العقيلي:
يَسُوْفُ بأنْفَيْهِ النِّقَـاعَ كـأنَّـه      عن الرَّوْضِ من النَّشَاطِ كَعِيْمُ

ويقال: أفلان يتبع أنفه: إذا كان يتشمم الرائحة فيتبعها. وذو الأنف: هو النعمان بن عبد الله بن جابر بن وهب بن الأقيصر بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن نسر بن وهب الله من شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل -وهو خثعم- بن أنمار بن إراش بن عمر وبن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر، الخثعمي، قاد خيل خثعم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الطائف وكانوا مع ثقيف، وهو بيت خثعم. وقال أبن العرابي: النف: السيد. وانف: ثنية، قال أبو خراش الهذلي وقد نهشه حية:
لقد أهْلَكْتِ حَيَّةَ بَطْـنِ أنْـفٍ      على الأصْحاب ساقاً ذاة فقد

ويروى: "بَطْنِ وادٍ".
وقال أيضاً:
لقد أهْلَكْتِ حَيَّةَ بَطْـنِ أنـفٍ      على الإخوان ساقاً ذاةَ فَضْلِ

وأنف الناقة: لقب جعفر بن قريع بن عوف بن كعب، وكانوا يغضبون إذا قيل لهم: بنو أنف الناقة.
وإنما لقب بذلك بذلك لأن قريعاً نحو جزوراً فقسمها بين نسائه، فبعثت جعفراً هذا أمة -وهي الشموس- من بني وائلٍ ثم من سعد هذيم فأتى أباه وقد قسم الجزور فلم يبق إلا رأسها وعنقها؛ فقال: شأنك بهذا؛ فأدخل يده في أنفها وجعل يجرها، فلقب أنف الناقة، فكانوا يغضبون من ذلك، فلما مدحهم الحطيئة بقوله:
قَوْمٌ هُمُ الأنْفُ والأذْنابُ غيرُهُمُ      ومَنْ يُسَوِّي بأنَفِ النّاقةِ الذَّنَبا

صار الَّلقب مدحاً لهم.
والنسبة إليهم أنفي. وقال أبن عباد: أضاع مطلب أنفه؛ قيل: فرج أمِّه. وأنفته أنفاً: ضربت انفه؛ آنفه وآنفه. ورجل أنافي -بالضم-: عظيم الأنف. وامرأة أنوف: تأنف مما لا خير فيه، والطيبة ريح النف أيضاً. وأنفه الماء: بلغ أنفه، وذلك إذا نزل في النهر. وروضة أنف -بضمتين-: -إذا لم يرعها أحد- وفي حديث أبي مسلم الخولاني أنه أتي معاوية -رضي الله عنه-: فقال: السلام عليك أيها الأجير؛ إنه ليس من أجير استرعي رعية إلا ومستأجره سائله عنها، فإن كان داوى مرضاها وجبر كسراها وهنا جرباها ورد أولاها على أخراه ووضعها في أنف من الكلأ وصفو من الماء؛ وفاه أجره. وكذلك كاس انف، قال لقيط بن زرارة:
وصِفْوَةَ القِدْرِ وتَعْجِيْلَ الكَتِـفْ      للطّاعِنينَ الخَيلَ والخَيْلُ قُطُفْ


وأمر أنفف: مستأنف لم يسبق به قدر، ومنه حديث يحيى بن يعمر أنه قال لعبد الله لن عمر -رضي الله عنهما-: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وإنهم يزعمون أن لا قدر وإن الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء وانهم براءة مني. وقال أبن الأعرابي في قوله تعالى: (ماذا قال آنَفاً) أي مذ ساعة، وقال الزجاج: نزلت الآية في المنافقين كانوا يستمعون خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا خرجوا سألوا أصحابه -رضي الله عنهم- استهزاء وأعلاماً انهم لم يلتفتوا إلى ما قال فقالوا: ما ذا قال آنفا؛ أي ماذا قال الساعة؛ أي في أول وقت يقرب منا. وأنفت الإبل أنفاً: إذا وطئت كلا أنفاً. وقال الطائي: أرض أنيقة النبت: إذا أسرعت النبات، وتلك أرض آنف بلاد الله. ويقال: آتيك من ذي أنف؛ كما تقول من ذي قبل: أي فيما يستقبل. وقال أبن عباد: الأنف: المشية الحسنة.  وقال الكسائي: آنفه الصبا -بالمد- ميعته وأوليته، قال كثير:
عَذَرْتُكَ في سَلْمَى بآنِفَةِ الصِّبَا      ومَيْعَتِهِ إذْ تَزْدهِيْكَ ظلالها

وقال أبن عباد: جبل أنيف: ينبت قبل سائر البلاد. ورجل مئناف: أي سائر في أول النهار. وقال الأصمعي: رجل مئناف: يرعى ماله أنف الكلأ. وانف من الشيء -بالكسر- يأنف أنفاً وأنفة: أي استنكف، ويقال: ما رأيت آنف من فلان. وأنف البعير -أيضاً-: إذا اشتكى أنفه من البرة؛ فهو أنف -بالقصر-؛ عن أبن السكيت، ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ. وقال أبو عبيده: كان الصل في هذا أن يقال مأنوف؛ لأنه مفعول به؛ كما قالوا مصدور للذي يشتكي صدره ومبطون للذي يشتكي بطنه، وجميع ما في الجسد على هذا، ولكن هذا الحرف جاء شاذاً عنهم. ويقال -أيضاً-: جمل آنف -بالمد-، والأول أصح وأفصح. وأنيف -مصغراً- من الصحابة -رضي الله عنهم-: ثلاثة: أنيف بن جشم؛ وأنيف بن ملة اليمامي؛ وأنيف بن واثلة -رضي الله عنهم-. وقريط بن أنيف: شاعر. وأنيف فرع: موضع، قال عبد الله بن سلمة -ويقال: أبن سليمة- العبدي يذكر جنوب بنت أبي وفاء:
ولم أرَ مِثْلَها بأنَيْفِ فَـرْعٍ      عَلَيَّ إذَنْ مُذَرَّعَةٌ خَضِيْبُ

أي بدنه. وقال أبن عباد: أنفت المرأة -بالكسر- تأنف: إذا حملت فلم تشته شيئاً. وأنفت الرجل: حملته على الأنفة. وأنفت الإبل: إذا تتبعت بها أنف المرعى. وقيل في قول ذي الرمة يصف إبلاً:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيمَاً وبُسْرَةً      وصَمْعاءَ حتّى آنَفَتْها نِصالُـهَـا

أي أصاب شوك البهمي أنوف الإبل فأوجعها حين دخل أنوفها، وقيل: جعلتها تشتكي أنوفها، وقيل: تكرهها. ويقال: أنفته: أي جعلته يشتكي أنفه. وقال أبن عباد: انفه الماء: بلغ انفه؛ مثل أنفه -بالقصر-. قال: والمؤنف: الذي لم يرعه أحدٌ؛ مثل النف. وانف أمره: إذا أعجله. وأنفت مالي تأنيفاً: إذا رعيتها الكلأ النف، وقال أبن عباد: التأنيف: طلب الكلأ؛ وغنم مؤنفة، قال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمة:
لَسْتُ بذي ثَلَّةٍ مُؤنَّفَةٍ      آقِطُ ألْبانَها وأسْلَؤها

ونصل مؤنف: أي محدد؛ قد أنف تأنيفاً، وأنشد أبن فارس.
بكُلِّ هَتُوْفٍ عَجْسُهـا رَضَـوِيَّةٍ      وسَهْمٍ كَسَيْفِ الحمْيريِّ المُؤنَّفِ

وهو في العرقوب: تحديد غيره على الأنفة؛ كالمؤنف. والاستئناف والائتناف: الابتداء، يقال: استأنف العمل وائتنفه. والمؤتنف: الذي لم يؤكل منه شيء.
وجارية مؤتنفة الشباب: مقتبلته. وقال أبن عباد: المتأنف من الأماكن: لم يؤكل قبله. ويقال للمرأة إذا حملت فاشتد وحمها وتشهت على أهلها الشيء بعد الشيء: إنها لتتأنف الشهوات. والتركيب يدل على أخذ الشيء من أولى وعلى أنف كل ذي أنف.

أنف (لسان العرب) [50]


الأَنْفُ: الـمَنْخَرُ معروف، والجمع آنُفُ وآنافٌ وأُنُوفٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: بِيضُ الوُجُوهِ كَريمةٌ أَحْسابُهُمْ، في كلِّ نائِبَةٍ، عِزازُ الآنُفِ وقال الأَعشى: إذا رَوَّحَ الرَاعي اللِّقاحَ مُعَزِّباً، وأَمْسَتْ على آنافِها غَبَراتُها وقال حسان بن ثابت: بِيضُ الوُجُوهِ، كَرِيمةٌ أَحْسابُهُم، شُمُّ الأَنُوفِ من الطِّرازِ الأَوَّلِ والعرب تسمي الأَنْفَ أَنْفين؛ قال ابن أَحمر: يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنه، عن الرَّوْضِ من فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ الجوهري: الأَنْفُ للإنسان وغيره.
وفي حديث سَبْقِ الحَدَثِ في الصلاة: فليَأْخُذْ بأَنفِه ويَخْرُجْ؛ قال ابن الأَثير: إنما أَمَره بذلك ليُوهِمَ الـمُصَلِّين أَن به رُعافاً، قال: وهو نوع من الأَدب في سَتْرِ العَوْرَة وإخْفاء القَبيحِ، والكنايةِ بالأَحْسَن عن الأَقْبح، قال: . . . أكمل المادة ولا يدخل في باب الكذب والرياء وإنما هو من باب التَّجَمُّل والحَياء وطلَبِ السلامة من الناس.
وأَنَفَه يَأْنُفُه ويأْنِفُه أَنْفاً:أَصابَ أَنْفَه.
ورجل أُنافيٌّ: عَظِيم الأَنْفِ، وعُضادِيٌّ: عظيم العَضُد، وأُذانيٌّ: عظيم الأُذن.
والأنُوفُ: المرأَةُ الطَّيِّبَةُ رِيحِ الأَنْفِ. ابن سيده: امرأَة أَنُوفٌ طيبة رِيحِ الأَنف، وقال ابن الأَعرابي: هي التي يُعْجِبُك شَمُّك لها، قال: وقيل لأَعرابي تَزَوَّج امرأَة: كيف رأَيتها؟ فقال: وجَدْتها رَصُوفاً رَشْوفاً أَنُوفاً، وكل ذلك مذكور في موضعه.
وبعير مأَْنُوفٌ: يُساقُ بأَنْفِه، فهو أَنِفٌ.
وأَنِفَ البعير: شكا أَنْفَه من البُرة.
وفي الحديث: إن المؤمن كالبعير الأَنِفِ والآنِف أَي أَنه لا يَرِيمُ التَّشَكِّي (* قوله «لا يريم التشكي» أي يديم التشكي مـما به إلى مولاه لا إلى سواه.) ، وفي رواية: الـمُسْلِمون هَيِّنُون لَيِّنُون كالجمل الأَنِفِ أَي المأْنُوفِ، إن قِيدَ انْقادَ، وإن أُنِيخَ على صَخْرةٍ اسْتَناخَ.
والبعير أَنِفٌ: مثل تَعِبَ، فهو تَعِبٌ، وقيل: الأَنِفُ الذي عَقَره الخِطامُ، وإن كان من خِشاشٍ أَو بُرةٍ أَو خِزامةٍ في أَنفه فمعناه أَنه ليس يمتنع على قائده في شيء للوجع، فهو ذَلُولٌ منقاد، وكان الأَصل في هذا أَن يقال مأْنُوف لأَنه مَفْعول به كما يقال مصدورٌ.
وأَنَفَه: جعله يَشْتَكي أَنْفَه.
وأَضاعَ مَطْلَبَ أَنْفِه أَي الرَّحِمَ التي خرج منها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: وإذا الكَرِيمُ أَضاعَ مَوْضِع أَنْفِه، أَو عِرْضَه بِكَرِيهَةٍ، لم يَغْضَبِ وبعير مأْنُوفٌ كما يقال مَبطونٌ ومَصْدورٌ ومَفْؤُودٌ للذي يَشْتَكي بطنَه أَو صَدْرَه أَو فُؤَادَه، وجميع ما في الجسد على هذا، ولكن هذا الحرف جاء شاذًّا عنهم.
وقال بعضهم: الجملُ الأَنِفُ الذَّلُولُ، وقال أَبو سعيد: الجمل الأَنِف الذّليل المؤاتي الذي يأْنَفُ من الزَّجْر ومن الضرب، ويُعطي ما عنده من السير عَفْواً سَهْلاً، كذلك المؤمن لا يحتاج إلى زجر ولا عِتاب وما لزمه من حقّ صبرَ عليه وقام به.
وأَنَفْتُ الرجل: ضربت أَنْفَه، وآنَفْتُه أَنا إينافاً إذا جعلته يشتكي أَنْفَه.
وأَنَفَه الماءُ إذا بلغ أَنْفَه، زاد الجوهري: وذلك إذا نزل في النهر.
وقال بعض الكِلابِيِّينَ: أَنِفَتِ الإبلُ إذا وقَع الذُّبابُ على أُنُوفِها وطَلَبَتْ أَماكِنَ لم تكن تَطْلُبها قبل ذلك، وهو الأَنَفُ، والأَنَفُ يُؤْذِيها بالنهار؛ وقال مَعْقِل بن رَيْحانَ: وقَرَّبُوا كلَّ مَهْرِيٍّ ودَوْسَرَةٍ، كالفَحْلِ يَقْدَعُها التَّفْقِيرُ والأَنَفُ والتَّأْنِيفُ: تَحْدِيدُ طرَفِ الشيء.
وأَنْفا القَوْس: الحَدَّانِ اللذان في بَواطِن السِّيَتَيْن.
وأَنْف النعْلِ: أَسَلَتُها.
وأَنْفُ كلِّ شيء: طرَفُه وأَوَّله؛ وأَنشد ابن بري للحطيئة: ويَحْرُمُ سِرُّ جارَتِهِمْ عليهمْ، ويأْكلُ جارُهُمْ أَنْفَ القِصاعِ قال ابن سيده: ويكون في الأَزْمِنَةِ؛ واستعمله أَبو خراش في اللِّحْيَةِ فقال: تُخاصِمُ قَوْماً لا تَلَقَّى جوابَهُمْ، وقد أَخَذَتْ من أَنْفِ لِحْيَتِكَ اليَدُ سمى مُقَدَّمَها أَنْفاً، يقول: فطالتْ لِحْيَتُكَ حتى قبضْتَ عليها ولا عَقْلَ لك، مَثَلٌ.
وأَنْفُ النَّابِ: طَرَفُه حين يطْلُعُ.
وأَنـْفُ النَّابِ: حَرْفُه وطَرَفُه حين يطلع.
وأَنـْفُ البَرْدِ: أَشَدُّه.
وجاءَ يَعْدُو وأَنـْفَ الشَّدِّ والعَدْوِ أَي أَشدَّه. يقال: هذا أَنـْفُ الشدّ، وهو أَوّلُ العَدْوِ.
وأَنـْفُ البردِ: أَوّله وأَشدُّه.
وأَنـْف المطر: أَوّل ما أَنبت؛ قال امرؤ القيس: قد غَدا يَحْمِلُني في أَنـْفِه لاحِقُ الأَيْطَلِ مَحْبُوكٌ مُمَرّ وهذا أَنـْفُ عَمَلِ فلان أَي أَوّل ما أَخذ فيه.
وأَنف خُفّ البعير: طرَفُ مَنْسِمِهِ.
وفي الحديث: لكل شيء أُنـْفةٌ، وأُنـْفَةُ الصلاةِ التكبيرة الأُولى؛ أُنفة الشيء: ابتداؤه؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي بضم الهمزة، قال: وقال الهروي الصحيح بالفتح، وأَنـْفُ الجَبَل نادرٌ يَشْخَصُ ويَنْدُر منه.
والـمُؤَنَّفُ: الـمُحَدَّدُ من كل شيء.
والـمُؤَنَّفُ: الـمُسَوَّى.
وسيرٌ مُؤَنَّفٌ: مَقْدودٌ على قَدْرٍ واسْتِواء؛ ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً: لُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ وأُنِّفَ تأْنِيف السَّيْرِ أَي قُدّ حتى استوى كما يستوي السير المقدود.
ورَوْضةٌ أُنـُفٌ، بالضم: لم يَرْعَها أَحد، وفي المحكم: لم تُوطَأْ؛ واحتاج أَبو النجم إليه فسكنه فقال: أُنْفٌ تَرَى ذِبّانَها تُعَلِّلُهْ وكَلأٌ أُنـُفٌ إذا كان بحاله لم يَرْعَه أَحد.
وكأْسٌ أُنـُفٌ: مَلأَى، وكذلك الـمَنْهَلُ.
والأُنُفُ: الخَمر التي لم يُسْتَخْرَجْ من دَنِّها شيء قبلها؛ قال عَبْدَةُ بن الطَبِيب: ثم اصْطَبَحْنا كُمَيْتاً قَرْقَفاً أُنـُفاً من طَيِّبِ الرَّاحِ، واللَّذَّاتُ تَعْلِيلُ وأَرض أُنـُفٌ وأَنيقةٌ: مُنْبِتَةٌ، وفي التهذيب: بَكَّرَ نباتُها.
وهي آنـَفُ بلاد اللّه أَي أَسْرَعُها نباتاً.
وأَرض أَنِيفةُ النبْتِ إذا أَسْرَعتِ النباتَ.
وأَنـَف: وَطِئَ كَلأً أُنـُفاً.
وأَنَفَتِ الإبلُ إذا وطِئَت كلأً أُنـُفاً، وهو الذي لم يُزعَ.
وآنـَفْتُها أَنا، فهي مُؤْنَفَةٌ إذا انْتَهَيْتَ بها أَنـْفَ المَرْعَى. يقال: روضةٌ أُنـُف وكأْسٌ أُنـُف لم يُشرب بها قبل ذلك كأَنه اسْتُؤْنِفَ شربها مثل روْضةٍ أُنف.
ويقال: أَنـَّفَ فلان مالَه تأْنيفاً وآنفها إينافاً إذا رعّاها أُنـُف الكلإِ؛ وأَنشد: لَسْتُ بِذي ثَلَّةٍ مُؤَنَّفَةٍ، آقِطُ أَلبانَها وأَسْلَؤُها (* قوله «آقط البانها إلخ» تقدم في شكر: تضرب دراتها إذا شكرت * بأقطها والرخاف تسلؤها وسيأتي في رخف: تضرب ضراتها إذا اشتكرت نافطها إلخ.
ويظهر أن الصواب تأقطها مضارع أقط.) وقال حميد: ضَرائرٌ لَيْسَ لَهُنَّ مَهْرُ، تأْنِيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ أَي رَعْيُهُنَّ الكلأَ الأُنـُف هذان الضرْبانِ من العَدْو والسير.
وفي حديث أَبي مسلم الخَوْلانيّ.
ووضَعَها في أُنـُفٍ من الكلإِ وصَفْوٍ من الماء؛ الأُنـُفُ، بضم الهمزة والنون: الكلأَ الذي لم يُرْعَ ولم تَطَأْه الماشية.
واسْتَأْنَفَ الشيءَ وأْتَنَفَه: أَخذ أَوّله وابتدأَه، وقيل: اسْتَقْبَلَه، وأَنا آتَنِفُه ائْتِنافاً، وهو افْتعِالٌ من أَنـْفِ الشيء.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: إنما الأَمـْرُ أُنـُفٌ أَي يُسْتَأْنـَفُ استئنافاً من غير أَن يَسْبِقَ به سابِقُ قضاء وتقدير، وإنما هو على اخْتِيارِك ودخولك فيه؛ استأْنفت الشيء إذا ابتدأْته.
وفعلت الشيء آنِفاً أَي في أَول وقت يقرُب مني.
واسْتَأْنَفَه بوعْد: ابتدأَه من غير أَن يسأَله إيّاه؛ أَنشد ثعلب: وأَنتِ الـمُنَى، لو كُنْتِ تَسْتَأْنِفيننا بوَعْدٍ، ولكِنْ مُعْتَفاكِ جَدِيبُ أَي لو كنت تَعِديننا الوَصْل.
وأَنـْفُ الشيء: أَوّله ومُسْتَأْنَفُه.
والـمُؤْنَفَةُ والـمُؤَنَّفةُ من الإبل: التي يُتَّبَعُ بها أَنـْفُ الـمَرْعى أَي أَوَّله، وفي كتاب علي بن حمزة: أَنـْفُ الرِّعْي.
ورجل مِئْنافٌ: يَسْتَأْنِفُ المَراعي والـمَنازل ويُرَعِّي ماله أُنـُفَ الكلإِ.
والمؤَنَّفَةُّ من النساء التي اسْتُؤْنِفَت بالنكاح أَوّلاً.
ويقال: امرأَة مُكَثّفةٌ مؤَنَّفة، وسيأْتي ذكر الـمُكَثَّفةِ في موضعه.
ويقال للمرأَةِ إذا حَمَلَتْ فاشْتَدَّ وحَمُها وتَشَهَّتْ على أَهلها الشيء بعد الشيء: إنها لتَتَأَنَّفُ الشَّهواتِ تأَنُّفاً.
ويقال للحَدِيدِ اللَّيِّن أَنِيفٌ وأَنِيثٌ، بالفاء والثاء؛ قال الأَزهري: حكاه أَبو تراب.
وجاؤوا آنِفاً أَي قُبَيْلاً. الليث: أَتَيْتُ فلاناً أُنـُفاً كما تقول من ذي قُبُلٍ.
ويقال: آتِيكَ من ذي أُنُفٍ كما تقول من ذي قُبُلٍ أَي فيما يُسْتَقْبَلُ، وفعله بآنِفةٍ وآنفاً؛ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه مثل قولهم فعَلَه آنفاً.
وقال الزجاج في قوله تعالى: ماذا قال آنفاً؛ أي ماذا قال الساعةَ في أَوّل وقت يَقْرُبُ مِنّا، ومعنى آنفاً من قولك استأْنـَفَ الشيءَ إذا ابتدأَه.
وقال ابن الأَعرابي: ماذا قال آنفاً أَي مُذْ ساعة، وقال الزجاج: نزلتْ في المنافقين يستمعون خُطبة رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فإذا خرجوا سأَلوا أَصحاب رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، اسْتِهزاء وإعلاماً أَنهم لم يلتفتوا إلى ما قال فقالوا: ماذا قال آنفاً؟ أَي ماذا قال الساعة.
وقلت كذا آنِفاً وسالفاً.
وفي الحديث: أُنزلت عليَّ سورة آنِفاً أَي الآن.
والاسْتِئنافُ: الابتداء، وكذلك الائْتِنافُ.
ورجل حَمِيُّ الأَنـْف إذا كان أَنِفاً يأْنَفُ أَن يُضامَ.
وأَنِفَ من الشيء يأْنـَفُ أَنـَفاً وأَنـَفةً: حَمِيَ، وقيل: اسْتَنْكَف. يقال: ما رأَيت أَحْمَى أَنـْفاً ولا آنـَفَ من فلان.
وأَنِفَ الطعامَ وغيره أَنـَفاً: كَرِهَه.
وقد أَنِفَ البعيرُ الكَلأَ إذا أَجَمَه، وكذلك المرأَةُ والناقةُ والفرسُ تأْنـَفُ فَحْلَها إذا تبَيَّنَ حملُها فكَرِهَتْه وهو الأَنـَفُ؛ قال رؤبة: حتى إذا ما أَنِفَ التَّنُّوما، وخَبَطَ العِهْنَةَ والقَيْصُوما وقال ابن الأَعرابي: أَنِفَ أَجَمَ، ونَئِفَ إذا كَرِه. قال: وقال أَعرابي أَنِفَتْ فرَسِي هذه هذا البلَد أَي اجْتَوَتْه وكَرِهَتْه فهُزِلَتْ.
وقال أَبو زيد: أَنِفْتُ من قولك لي أَشَدَّ الأَنـَفِ أَي كرِهتُ ما قلت لي.
وفي حديث مَعْقِل بن يسار: فَحَمِيَ من ذلك أَنـَفاً؛ أَنِفَ من الشيء يأْنَفُ أَنـَفاً إذا كرهه وشَرُفَتْ عنه نفسُه؛ وأَراد به ههنا أَخذته الحَمِيّةُ من الغَيْرَة والغَضَبِ؛ قال ابن الأَثير: وقيل هو أَنـْفاً، بسكون النون، للعُضْوِ أَي اشتدَّ غضبُه وغَيْظُه من طريق الكناية كما يقال للـمُتَغَيِّظ وَرِمَ أَنـْفُه.
وفي حديث أَبي بكر في عَهْده إلى عمر، رضي اللّه عنهما، بالخلافة: فكلُّكم ورِمَ أَنـْفُه أَي اغْتاظَ من ذلك، وهو من أَحسن الكنايات لأَن الـمُغْتاظَ يَرِمُ أَنفُه ويَحْمَرُّ؛ ومنه حديثه الآخر أَما إنك لو فَعَلْتَ ذلك لجَعَلْتَ أَنـْفكَ في قَفَاكَ، يريد أَعْرَضْتَ عن الحَقِّ وأَقْبَلْتَ على الباطل، وقيل: أَراد أَنك تُقْبِلُ بوجهك على مَن وراءكَ من أَشْياعِكَ فتُؤْثِرَهُم بِبِرِّك.
ورجل أَنُوفٌ: شديدُ الأَنـَفَةِ، والجمع أُنـُفٌ.
وآنَفَه: جعلَه يأْنـَفُ؛ وقول ذي الرمة: رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً وصَمْعاء حتى آنـَفَتْها نِصالُها أَي صَيَّرت النِّصالُ هذه الإبلَ إلى هذه الحالة تأْنفُ رَعْيَ ما رَعَتْه أَي تأْجِمُه؛ وقال ابن سيده: يجوز أَن يكون آنـَفَتْها جعلتها تَشْتَكي أُنوفَها، قال: وإن شئتَ قلت إنه فاعَلَتْها من الأَنـْف، وقال عُمارةُ: آنـَفَتْها جعلتها تأْنـَفُ منها كما يأْنـَفُ الإنسانُ، فقيل له: إن الأَصمعي يقول كذا وإن أَبا عَمْرٍو يقول كذا، فقال: الأَصمعي عاضٌّ كذا من أُمِّه، وأَبو عمرو ماصٌّ كذا من أُمه أَقول ويقولان، فأَخبر الراوية ابن الأَعرابي بهذا فقال: صَدَقَ وأَنتَ عَرَّضْتَهما له، وقال شمر في قوله آنـَفَتْها نِصالُها قال: لم يقل أَنـَفَتْها لأَن العرب تقول أَنـَفَه وظَهَرَه إذا ضرب أَنـْفَه وظهْره، وإنما مدّه لأَنه أراد جعلتها النِّصالُ تَشْتَكي أُنـُوفَها، يعني نِصال البُهْمى، وهو شَوْكُها؛ والجَمِيم: الذي قد ارْتفع ولم يَتِمّ ذلك التمامَ.
وبُسْرةً وهي الغَضّةُ، وصَمْعاء إذا امْتلأَ كِمامُها ولم تَتَفَقَّأْ.
ويقال: هاجَ البُهْمى حتى آنَفَتِ الرّاعِيةَ نِصالُها وذلك أَن يَيْبَسَ سَفاها فلا ترْعاها الإبل ولا غيرها، وذلك في آخر الحرّ، فكأَنـَّها جعلتها تأْنـَفُ رَعْيها أَي تكرهه. ابن الأَعرابي: الأَنـْفُ السيِّد.
وقولهم: فلان يتتبع أَنفه إذا كان يَتَشَمَّمُ الرائحة فيَتْبَعُها.
وأَنـْفٌ: بلْدةٌ؛ قال عبد مناف بن رِبْع الهذَليّ: مِنَ الأَسَى أَهْلُ أَنـْفٍ، يَوْمَ جاءَهُمُ جَيْشُ الحِمارِ، فكانُوا عارِضاً بَرِدا وإذا نَسَبُوا إلى بني أَنـْفِ الناقةِ وهم بَطْنٌ من بني سَعْدِ بن زيد مَناة قالوا: فلانٌ الأَنـْفِيُّ؛ سُمُّوا أَنْفِيِّينَ لقول الحُطَيْئةِ فيهم: قَوْمٌ هُمُ الأَنـْفُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، ومَنْ يُسَوِّي بأَنـْفِ الناقةِ الذَّنَبا؟

الْمُنَافِق (المعجم الوسيط) [0]


 من يخفي الْكفْر وَيظْهر الْإِيمَان وَمن يضمر الْعَدَاوَة وَيظْهر الصداقة وَمن يظْهر خلاف مَا يبطن 

خادعه (المعجم الوسيط) [0]


 مخادعة وخداعا خدعه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن الْمُنَافِقين يخادعون الله وَهُوَ خادعهم وَإِذا} 

الوباص (المعجم الوسيط) [0]


 وصف للْمُبَالَغَة وَفِي حَدِيث الْحسن (لَا تلقى الْمُؤمن إِلَّا شاحبا وَلَا تلقى الْمُنَافِق إِلَّا وباصا) أَي براقا مزهوا وَالْقَمَر والبراق اللَّوْن 

البحوث (المعجم الوسيط) [0]


 من الدَّوَابّ الَّتِي تبحث التُّرَاب بأرجلها وتثيره وَرَاءَهَا البحوث:  اسْم لسورة بَرَاءَة سميت بذلك لِأَنَّهَا بحثت عَن الْمُنَافِقين وأسرارهم أَي استثارتها وفتشت عَنْهَا وتقال بِفَتْح الْبَاء أَيْضا 

جعف (مقاييس اللغة) [0]



الجيم والعين والفاء أصلٌ واحد* ، وهو قَلْْعُ الشيء وصَرْعُه. يقال جَعَفْت الرجلَ إذا صرعْتَه بعد قلعِك إيّاه من الأرض.
والانجعاف: الانقلاع تقول انجعَفَت الشّجرةُ.
وفي الحديث: "مثل المنافق مثل الأرْزَة المُجْذِية على الأرض حتى يكون انجعافُها مرّة".
وجُعْفِيٌّ: قبيلة.

أجذى (المعجم الوسيط) [0]


 الشَّيْء ثَبت قَائِما فَهُوَ مجذ وَفِي الحَدِيث (مثل الْمُنَافِق مثل الأرزة المجذية على الأَرْض حَتَّى يكون انجعافها بِمرَّة) والفصيل حمل فِي سنامه شحما وَالْإِنْسَان وَغَيره عَنهُ جذاه وَالْحجر رَفعه وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس (مر بِقوم يجذون حجرا) وطرفه نَصبه وَرمى بِهِ أَمَامه 

غلظ (المعجم الوسيط) [0]


 الشَّيْء غلظا وغلظة خلاف رق غلظ:  الشَّيْء غلظا وغلظة غلظ وَالزَّرْع اكتمل وَخرج فِيهِ الْحبّ وَالرجل اشْتَدَّ وَالْأَرْض كَانَت غير سهلة والخلق والطبع وَالْقَوْل وَالْفِعْل والعيش اشْتَدَّ وصعب وَعَلِيهِ وَله اشْتَدَّ وعنف وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَا أَيهَا النَّبِي جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} فَهُوَ غليظ (ج) غِلَاظ وَهُوَ غِلَاظ أَيْضا وَهِي غَلِيظَة (ج) غِلَاظ وغلائظ 

الدَّرك (المعجم الوسيط) [0]


 اسْم مصدر من الْإِدْرَاك وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَا تخَاف دركا وَلَا تخشى} والتبعة يُقَال مَا لحقك من دَرك فعلي خلاصه وَمِنْه ضَمَان الدَّرك (فِي الْفِقْه) وأسفل كل شَيْء ذِي عمق كالبئر وَنَحْوهَا يُقَال بلغ الغواص دَرك الْبَحْر والطبق من أطباق جَهَنَّم وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} (ج) أَدْرَاك وَيُقَال فرس دَرك الطريدة يُدْرِكهَا وَرِجَال الدَّرك الشرطيون لإدراكهم الفار والمجرم (مو) 

غذر (لسان العرب) [0]


الغَذِيرة: دقيق يُحْلب عليه لبن ثم يُحْمى بالرَّضْف، وقد اغْتَذَر؛ قال عبد المطلب: ويأْمُر العبد بلَيلٍ يَغْتَذِرْ مِيراثَ شَيْخٍ عاشَ دَهْراً، غير حُرّ والغَيْذَرة: الشرّ؛ عن يعقوب. الأَزهري: قرأْت في كتاب ابن دريد: يقال للحِمار غَيْذارٌ، وجمعه غَياذِيرُ، قال: ولم أَره إِلا في هذا الكتاب، قال: ولا أَدري عَيْذار أَم غَيْذار.
وفي الحديث: لا يُلْقي المُنافِقُ إِلا غَذْوَرِّيًا؛ قال ابن الأَثير: قال أَبو موسى كذا ذكروه، وهو الجافي الغليظ.

ذيع (لسان العرب) [0]


الذَّيْعُ: أَن يَشِيع الأَمرُ. يقال أَذَعْناه فذاع وأَذَعْت الأَمر وأَذَعْتُ به وأَذَعْتُ السِّرَّ إِذاعة إِذا أَفْشيْته وأَظهرته.
وذاعَ الشيءُ والخبر يَذِيع ذَيْعاً وذيَعاناً وذُيوعاً وذَيْعوعةً: فَشا وانتشَر.
وأَذاعه وأَذاع به أَي أَفشاه.
وأَذاعَ بالشيء: ذهَب به؛ ومنه بيت الكتاب (* قوله: بيت الكتاب؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد كتاب سيبويه.): رَبْع قِواء أَذاعَ المُعْصِراتُ به أَي أَذْهَبته وطَمَسَتْ مَعالِمَه؛ ومنه قول الآخر: نَوازِل أَعْوامٍ أَذاعَتْ بخَمْسةٍ، وتَجْعَلُني، إِن لم يَقِ اللهُ، سادِيا وفي التنزيل: وإِذا جاءهم أَمْر من الأَمْن أَو الخَوْف أَذاعوا به، قال أَبو إِسحق: يعني بهذا جماعة من المنافقين وضَعَفةً من المسلمين، قال: ومعنى أَذاعُوا به أَي أَظهروه ونادَوْا . . . أكمل المادة به في الناس؛ وأَنشد: أَذاعَ به في الناسِ حتى كأَنه، بعَلْياء، نارٌ أُوقِدتْ بثَقُوبِ وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، إِذا أُعلم أَنه ظاهرٌ على قوم أَمِنَ منهم، أَو أُعلم بتَجَمُّع قوم يُخافُ من جَمْع مِثلهم، أَذاعَ المنافقون ذلك ليَحْذَر من يبتغي أَن يَحْذر من الكفار وليَقْوى قلبُ من يبتغي أَن يقْوى قلبُه على ما أَذاع، وكان ضَعَفةُ المسلمين يشِيعون ذلك معهم من غير علم بالضرر في ذلك فقال الله عز وجل: ولو رَدُّوا ذلك إِلى أَن يأْخذوه من قِبَلِ الرسول ومن قِبَلِ أُولي الأَمر منهم لعلم الذين أَذاعوا به من المسلمين ما ينبغي أَن يُذاعَ أَو لا يذاع.
ورجل مِذياعٌ: لا يستطيع كَتْمَ خبَر.
وأَذاع الناسُ والإِبلُ ما وبما في الحَوْضِ إِذاعةً إِذا شربوا ما فيه.
وأَذاعَتْ به الإِبل إِذاعة إِذا شربت.
وتركْتُ مَتاعي في مكان كذا وكذا فأَذاع الناسُ به إِذا ذهبوا به.
وكلُّ ما ذُهب به، فقد أُذِيعَ به.
والمِذْياع: الذي لا يكتمُ السرّ، وقوم مَذايِيعُ.
وفي حديث عليّ، كرَّم الله وجهه، ووصْف الأَولياء: ليسوا بالمَذايِيع البُذُر، هو جمع مِذْياع من أَذاعَ الشيءَ إِذا أَفْشاه، وقيل: أَراد الذين يُشِيعون الفواحِش وهو بِناءُ مبالغة.

القَزَمُ (القاموس المحيط) [0]


القَزَمُ، محرَّكةً: الدَّناءَةُ، والقَماءَةُ، أو صِغَرُ الجِسْمِ في المالِ، وصِغَرُ الأخْلاقِ في الناسِ، ورُذالُ الناسِ، للواحِدِ والجَمْعِ، والذَّكَرِ والأنْثَى، وقد يُثَنَّى ويُجْمَعُ ويُؤَنَّثُ،
يقالُ: رجلٌ قَزَمٌ،
ورجُلانِ قَزَمَانِ،
وامرأةٌ قَزَمَةٌ،
ورِجالٌ أقْزامٌ وقُزامَى وقُزُمٌ،
وقد قَزِمَ، كفرِحَ،
فهو قَزْمٌ وككتِفٍ وعُنُقٍ وجَبَلٍ، وهي: بهاءٍ، وأرْدَأُ المال.
وككِتابٍ: اللئامُ.
وكغُرابٍ: الذي لا يَغْلِبُه أحدٌ، والمَوْت الوَحِيُّ.
وككتِفٍ وجَبَلٍ: الصَّغيرُ الجُثَّةِ اللئيمُ لا غَناءَ عندَهُ
ج: كعُنُقٍ وأصحابٍ.
ورجلٌ وامرأةٌ قَزَمَةٌ، محرَّكةً: قَصيرةٌ،
والاسمُ: القَزَمُ.
وقَزَمَهُ: عابَه.
وقُزْمانُ، بالضم: ابن الحَارِثِ العَبْسِيُّ المُنافِقُ الذي قال فيه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله لَيُؤَيِّدُ هذا الدينَ بالرَّجلِ الفاجِرِ".

درك (مقاييس اللغة) [0]



الدال والراء والكاف أصلٌ واحد، وهو لُحوق الشَّيء بالشّيء ووُصوله إليه. يقال أدْرَكْتُ *الشّيءَ أُدْرِكُه إدراكاً.
ويقال فرس دَرَكُ الطريدةِ، إذا كانت لا تَفوتُه طريدة.
ويقال أدرك الغلامُ والجارية، إذا بلَغَا.
وتدارَكَ القومُ: لَحِق آخرُهم أوّلَهم.
وتدارَكَ الثَّرَيَانِ، إذا أدرك الثَّرَى الثاني المَطَرَ الأوّل. فأمَّا قوله تعالى: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَة [النمل 66]، فهو من هذا؛ لأنَّ عِلْمَهم أدركَهم في الآخرة حين لم ينفَعْهم.والدَّرَك: القطعة من الحَبْل تُشَدُّ في طَرَف الرِّشاء إلى عَرْقُوَة الدَّلو؛ لئلاَّ يأكلَ الماءُ الرِّشاء.
وهو وإن كان لهذا فبِهِ تُدرَك الدَّلْو.ومن ذلك الدَّرَك، وهي منازِل أهل النار.
وذلك أن الجنّة [درجاتٌ، والنَّار] دركات. قال الله تعالى: إنَّ المُنَافِقِينَ . . . أكمل المادة فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء 145]، وهي منازلُهم التي يُدْرِكونها ويَلْحَقُون بها. نعوذُ بالله منها!

نوض (لسان العرب) [0]


النَّوضُ: وُصْلةُ ما بين العَجُز والمتن، وخَصَّصَه الجوهري بالبعير.
ولكل امرأَة نَوْضانِ: وهما لَحمتان مُنْتَبِرتانِ مُكْتَنِفتانِ قَطَنَها يعني وسَط الوَرِك؛ قال: إِذا اعْتَزَمْنَ الدَّهْرَ في انْتِهاضِ، جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ (* قوله «الدهر» كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: الزهو.) والنَّوْضُ: شِبْهُ التَّذَبْذُبِ والتَّعَثْكُلِ.
وناضَ الشيءُ يَنُوضُ نَوْضاً: تَذَبْذَبَ.
وناضَ فلان يَنُوض نَوْضاً: ذهب في البلاد.
ونُضْتُ الشَّيءَ وناضَ الشيءَ يَنُوضُه نَوْضاً: أَراغَه لينتزعه كالغُصْن والوَتدِ ونحوهما.
وناضَ نَوْضاً كناصَ أَي عدَل؛ عن كراع.
وناضَ البرْقُ يَنُوضُ نَوْضاً إِذا تلألأ.
ويقال: فلان ما يَنُوضُ بحاجة وما يَقْدِر أَن ينوض أَي يتحرّك بشيء، والصاد لغة.
والمَناضُ: المَلْجأُ؛ عن كراع، والصاد أَعلى.
وأَناضَ حَمْلُ النخلة إِناضةً وإِناضاً كأَقامَ إِقامةً وإِقاماً: . . . أكمل المادة أَدرَك؛ قال لبيد: فاخِراتٌ ضُروعُها في ذُراها، وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ قال ابن سيده: وإِنما كانت الواو أَولى به من الياء لأَنَّ ض ن و أَشدّ انقلاباً من ض ن ي.
والإِناضُ: إِدْراكُ النخل.
وإِذا أَدْرَكَ حَمْلُ النخلةِ، فهو الإِناضُ. أَبو عمرو: الأَنْواضُ مَدافِعُ الماء.
والأَنْواضُ والأَناوِيضُ: مواضع متفرّقة (* قوله «متفرقة» في الصحاح مرتفعة.)؛ ومنه قول لبيد: أَرْوَى الأَناوِيضَ وأَرْوَى مِذْنَبَهْ والأَنْواضُ: موضع معروف؛ قال رؤبة: غُرّ الذُّرى ضَواحِك الإِيماضِ، تُسْقَى به مَدافِعُ الأَنْواضِ وقيل: الأَنْواضُ هنا مَنافِقُ الماء، وبه فسر الشعر ولم يذكر للأَنْواضِ ولا للمَنافِق واحد.
والأَنْواضُ: الأَوْدِية، واحدها نَوْض، والجمع الأَناوِيضُ.
والنَّوْضُ: الحرَكة.
والنَّوْضُ: العُصْعُصُ. قال الكسائي: العرب تبدل من الصاد ضاداً فتقول: ما لكَ من هذا الأَمر مَناضٌ أَي مَناصٌ، وقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً إِذا ذهب في الأَرض. قال ابن الأَعرابي: نَوَّضْتُ الثوبَ بالصِّبْغ تَنْوِيضاً؛ وأَنشد في صفة الأَسد:في غِيلِه جِيَفُ الرِّجالِ كأَنَّه، بالزَّعْفرانِ من الدِّماء، مُنَوَّضُ أَي مُضَرَّج. أَبو سعيد: الأَنْواضُ والأَنْواطُ واحد، وهي ما نُوِّطَ على الإِبل إِذا أُوقِرَتْ؛ قال رؤبة: جاذَبْنَ بالأَصْلابِ والأَنْواضِ

قرطم (لسان العرب) [0]


القُرْطُمُ والقِرْطِمُ والقُرْطُمُّ والقِرْطِمُّ: حب العُصْفُر، وفي التهذيب: ثَمَر العصفر.
وفي الحديث: فتَلْتَقِطُ المنافقين لَقْطَ الحَمامةِ القِرْطِمَ؛ هو بالكسر والضم حب العصفر، وقد جعله ابن جني ثلاثيّاً وجعل الميم زائدة كما ذكرناه في حرف الطاء في ترجمة قرط. الأَزهري: قُرْمُوطُ الغَضَى زهره الأَحمر يحكي لونُه لونَ نَوْر الرمان أَوَّل ما يخرج.
والقُِرُطْم: شجر يشبه الراء، يكون بجبلي جهينة الأَشْعَرِ والأَجْرَدِ وتكون عنه الصَّرَبةُ، وكل ما في القرطم عن الهجري.
والقِرْطِمَتانِ: الهُنَيَّتانِ اللتان عن جانبي أَنف الحمامة؛ عن أَبي حاتم، قال: أُراه على التشبيه.
وقَرْطَمَ الشيء: قطَعه. ابن السكيت: القُرْطُمانّي الفتى الحسن الوجه من الرجال؛ وأَنشد: ابن الأَعرابي قال: قال أَعرابي جاءنا فلان . . . أكمل المادة في نِخافَيْن مُقَرْطَمَيْنِ أَي لهما مِنقاران، والنِّخافُ الخُفّ، رواه بالقاف، ورواه الليث: خُفٌّ مُفَرْطَمٌ، بالفاء، قال: وهو أَصح مما رواه الليث بالفاء.

جذو (مقاييس اللغة) [0]



الجيم والذال والواو أصلٌ يدلّ على الانتصاب. يقال جَذَوْتُ على أطراف أصابعي، إذا قمت. قال:
إذا شِئْتُ غَنَّتَنِي دَهَاقِينُ قريةٍ      وصَنَّاجَةٌ تَجْذُو على حدِّ مَنْسِِمِ

قال الخليل: يقال جَذَا يجذُو، مثل جثا يجثُو، إلاّ أنّ جذا أَدَلُّ علىاللزوم.
وهذا الذي قاله الخليل فدَليلٌ لنا في بعض ما ذكرناه من مقاييس الكلام.
والخليل عندنا في هذا المعنى إمامٌ.قال: ويقال جَذَا القُرادُ في جنْب البعير؛ لشدّة التزاقه.
وجَذَتْ ظَلِفَة الإكاف في جَنْب الحمار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَثَلُ المنافِق مَثَلُ الأَرْزَة المُجْذِيَة على الأرض حتّى يكونَ انجعافُها مَرَّةً". أراد بالمجْذِيَةِ الثّابتة.ومن الباب تجاذَى القومُ الحَجرَ، إذا تشاوَلُوه.فأمّا قولهم رجلٌ جاذٍ، أي . . . أكمل المادة قصير الباع، فهو عندي من هذا؛ لأنّ الباع إذا لم يكن طويلاً ممدوداً كان كالشيء الناتئ المنتصب. قال:
إنّ الخلافةَ لم تكن مقصورةً      أبداً على جاذِي اليدينِ مُبَخَّلِ

سخب (لسان العرب) [0]


السِّخَابُ: قِلادَةٌ تُتَّخَذُ من قَرَنْفُلٍ، وسُكٍّ، ومَحْلَبٍ، ليس فيها من اللُّؤْلُؤِ والجوهر شيءٌ، والجمعُ سُحُبٌ. الأَزهري: السِّخَابُ، عند العرب: كُلُّ قِلادَةٍ كانت ذاتَ جَوْهَرٍ، أَو لَمْ تَكُنْ؛ قال الشاعر: ويومُ السِّخَابِ، مِنْ تَعاجِـيبِ رَبِّنا، * عَلى أَنـَّه، مِنْ بَلْدَة السُّوءِ، نَجَّانِـي وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، حَضَّ النساءَ على الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَت الـمَرْأَةُ تُلْقِـي الخُرْصَ والسِّخَابَ، يعني القِلادَةَ؛ قال ابن الأَثير: هو خَيْطٌ يُنْظَمُ فيه خَرَزٌ، وتُلْبَسُه الصِّبْيانُ والجَواري؛ وقيل: هو ما بُدِئَ بتفسيره.
وفي حديث فاطمَة: فَأَلْبَسَتْهُ سِخَاباً، يعني ابْنَها الـحُسَيْنَ.
وفي الحديث الآخر: أَنَّ قَوْماً فَقَدوا سِخَابَ فَتَاتهِمْ، فاتَّهَمُوا به امْرَأَةً.
وفي الحديث في ذكر المنافقين: . . . أكمل المادة خُشُبٌ بالليلِ سُخُبٌ بالنهار؛ يقول: إِذا جنَّ عليهمُ الليلُ سَقَطُوا نِـياماً كأَنهم خُشُبٌ، فإِذا أَصْبَحُوا تَسَاخَبُوا على الدُّنيا شُحّاً وحِرْصاً.
والسَّخَب والصَّخَب بمعنى الصياح، والصادُ والسينُ يجوزُ في كُلِّ كَلِمَة فيها خاءٌ.
وفي حديث ابن الزبير: فكأَنهم صِـبْيانٌ يَمْرُثونَ سُخُبَهُم؛ هو جمعُ سِخَاب: الخَيْطُ الذي نُظِمَ فيه الخَرَزُ.
والسَّخَبُ لُغَةٌ في الصَّخَبِ، مضارعة.

لسن (المعجم الوسيط) [0]


 فلَان عض لِسَانه تحيرا وفكرة وَالشَّيْء جعل طرفه كطرف اللِّسَان وَيُقَال لسن الْحذاء خرط صَدره ودققه من أَعْلَاهُ وَجعل طرف مُقَدّمَة ٣٠ ٣١ ٣٢ ٣٣ ٣٤ ٣٥ ٣٦ ٣٧ (مو) و (ذُو اللسانين) الْمُنَافِق يُقَال هُوَ ذُو وَجْهَيْن وَذُو لسانين (لِسَان الْحذاء) الهنة الناتئة تَحت فَتحته فَوق ظهر الْقدَم ولسان الْمِيزَان عود من الْمَعْدن يثبت عموديا على أَوسط العاتق وتتحرك مَعَه ويستدل مِنْهُ على توازن الكفتين (مج) و (لِسَان النَّار) شعلتها وَهُوَ مَا يتشكل مِنْهَا على شكل اللِّسَان يُقَال طفيء لِسَان النَّار و (لِسَان المزمار) (فِي التشريح) صفيحة غضروفية عِنْد أصل اللِّسَان سرجية الشكل مغطاة بغشاء مخاطي تنحدر للخلف لتغطية فَتْحة الحنجرة لإقفالها فِي أثْنَاء عملية البلع (مج) و (لِسَان الثور) عشبة سنوية طبية من الفصيلة البوراجينية . . . أكمل المادة ورقه يشبه لِسَان الثور بعض أَنْوَاعهَا تنْبت فِي الحقول وَأُخْرَى تزرع لزهرها و (لِسَان الْحمل) نبت عشبي معمر طبي بري من الفصيلة الحملية و (لِسَان العصافير) هُوَ الدردار من شجر الحراج والزينة و (لِسَان العصفور) ضرب من (المكرونة) يكون قطعا صغَارًا على هَيْئَة أَلْسِنَة (محدثة) 

لوح (مقاييس اللغة) [0]



اللام والواو والحاء أصلٌ صحيح، مُعظَمه مقاربةُ بابِ اللَّمعان. يقال: لاحَ الشَّيء يلوح، إذا لمَحَ وَلَمَع.
والمصدر اللَّوْح. قال:
أراقِبُ لَوحاً من سُهيلٍ كَأنَّه      إذا ما بدا من آخِرِ الليل يَطرِفُ

ويقال: ألاحَ بسَيفهِ: لمَعَ به.
وألاحَ البرقُ: أومَضَ.
واللَّيَاح: الأبيض. قال ابنُ دريد في قول القائل:
تُمسِي كألواح السِّلاح وتُضحي      كالمهاةِ صبيحةَ القَطْرِ

إنَّ الألواح: ما لاح من السلاح، وأكثر ذلك السُّيوفُ.ومن الباب لَوّحَهُ الحرُّ، وذلك إذا حرَّقه وسوّدَه حتَّى لاح من بُعدٍ لمن أبصَرَه.
ومن الباب اللَّوح: الكَتِف.
واللَّوح: الواحد من ألواح السَّفينة؛ وهو أيضاً كلُّ عظمٍ عريض.
وسمِّي لَوحاً لأنَّه يلُوح.
ومن الباب اللُّوح بالضم، وهو الهواء بينَ السّماء والأرض.ومن الذي شذَّ عن . . . أكمل المادة هذا الباب اللَّوح: العطش: ودابَّةٌ مِلْواح: سريع العَطَش.
ومما شذَّ عنه أيضاً قولهم: ألاَحَ من الشَّيء: حاذَرَ.لِوَاذاً [النور 63].
وكان المنافقون إذا أراد الواحدُ منهم مفارَقَةَ مجلسِ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لاذ بغيرِه متستِّراً ثم نهض.
وإنما قال لواذاً لأنه من لاوَذَ وجعل مصدره صحيحاً، ولو كان من لاذ لقال لِياذاً، واللَّوْذ: ما يُطِيف بالجبل، والجمع ألواذ.

خلع (مقاييس اللغة) [0]



الخاء واللام والعين أصلٌ واحد مطرّد، وهو مُزايَلة الشَّيء الذي كان يُشتَمَل به أو عليه. تقول: خلعتُ الثّوبَ أخْلَعُهُ خَلْعاً، وخُلِع الوالي يُخْلَعُ خَلْعاً.
وهذا لا يكادُ يقال إلاّ في الدُّون يُنْزِل مَن هو أعلى منه، وإلاّ فليس يُقال خَلَع الأميرُ واليَه على بلدِ كذا. ألاَ ترى أنّه إنما يقال عزَله.
ويقال طلَّقَ الرَّجُل امرأته. فإن كان ذلك من قبَل المرأة يقال خالعَتْه وقد اختَلَعَتْ؛ لأنّها تَفتدِي نفسَها منه بشيءٍ تبذلُه لـه.
وفي الحديث: "المختلِعات هنَّ المنافقات" يعني اللواتي يخالِعْن أزواجهنَّ من غير أنْ يضارَّهُنّ الأزواج.
والخالِع: البُسر النَّضِيج، لأنَّه يَخْلَع قِشرَهُ من رُطوبته. كما يقال فَسَقَتِ الرُّطَبَة، إذا خرجَتْ مِن . . . أكمل المادة قشرها.ومن الباب خَلَعَ السُّنْبُلُ، إذا صار له سَفاً، كأنَّه خلعَه فأخرجَه.
والخليع: الذي خَلَعه أهلُه، فإِن جَنَى لم يُطْلَبُوا بجِنايته، وإنْ جُنِيَ عليه لم يَطْلُبوا به.
وهو قوله:
      به الذّئبُ يعوِي كالخليع المُعيَّلِ

والخليع: الذِّئبُ، وقد خُلِع أيّ خَلْعٍ! ويقال الخليع الصائد.
ويقال: فلانٌ يتخلَّعُ في مِشيتِه، أي يهتزُّ، كأنَّ أعضاءَه تريد أن تتخلَّع.
والخالع: داءٌ يُصِيب البعير. يقال به خالعٌ، وهو الذي إذا بَرَك لم يقدِرْ على أن يثُور.
وذلك أنَّه كأنَّه تخلَّعت أعضاؤُه حتَّى سقطت بالأرض.
والخَوْلَع. فَزَعٌ يعترِي الفُؤادَ كالمسِّ؛ وهو قياسُ الباب، كأنَّ الفؤادَ قد خُلِع.
ويقال قد تخالَعَ القومُ، إذا نَقَضُوا ما كان بَينهم من حِلْف.

بحن (لسان العرب) [0]


بَحْنةُ: نخلةٌ معروفة.
وبنات بَحْنَةَ: ضربٌ من النخل طِوالٌ، وبها سمِّي ابنُ بُحَينة.
وابنُ بَحْنَة: السوطُ تَشْبيهاً بذلك؛ قال أَبو منصور: قيل للسوط ابنُ بَحْنةَ لأَنه يُسَوّى من قُلوس العراجين.
وبَحْنَةُ: اسمُ امرأَةٍ نُسِبَ إليها نَخْلاتٌ كُنَّ عند بيتها كانت تقول: هُنَّ بناتي، فقيل: بناتُ بَحْنةً. قال ابن بري: حكى أَبو سهل عن التميمي في قولهم بنت بحْنة أَن البَحْنة نخلة معروفة بالمدينة، وبها سميت المرأَة بَحْنة، والجمع بنات بَحْنٍ. المحكم: وبَحْنةُ وبُحَيْنَةُ اسمُ امرأَتين؛ عن أَبي حنيفة.
والبَحْونُ: رملٌ متراكبٌ؛ قال:من رَمْلِ تُرْنَى ذي الرُّكامِ البَحْون ورجل بَحْوَنٌ وبَحْوَنةٌ: عظيمُ البطن.
والبَحْوَنةُ: القِرْبةُ الواسعةُ البطن؛ أَنشد ابن بري للأَسود بن يَعْفُر: جَذْلان . . . أكمل المادة يَسَّرَ جُلَّةً مكنوزةً، حَبْناءَ بَحْوَنةً ووَطْباً مِجْزَما (* قوله «جذلان» رواية ابن سيده: ريان). أَبو عمرو: البَحْنانةُ الجُلَّة العظيمةُ البَحْرانية التي يُحْملُ فيها الكَنْعَد المالحُ، وهي البَحْوَنةُ أَيضاً، ويقال للجُلَّة العظيمة البَحْناء.
وفي الحديث: إذا كان يومُ القيامة تخرجُ بَحْنانةٌ من جهنم فتلْقُطُ المنافقين لَقْطَ الحَمامةِ القِرْطِمَ؛ البَحْنانةُ: الشرارةُ من النار.
ودلْوٌ بَحْوَنيٌّ: عظيمٌ كثيرُ الأَخْذِ للماء.
وجُلَّة بَحْوَنةٌ: عظيمةٌ، قال: وكذلك الدلو العظيم.
والبَحْوَنُ: ضربٌ من التمر؛ حكاه ابن دريد، قال: فلا أَدري ما حقيقتُه.
وبَحْوَن وبَحْوَنةُ: اسمان.

جعف (لسان العرب) [0]


جَعَفَه جَعْفاً فانْجَعَفَ: صرَعه وضرَب به الأَرضَ فانْصَرَعَ؛ ومنه الحديث: أَنه مرَّ بمُصْعب ابن عُمَيْر وهو مُنْجَعِفٌ أَي مَصْروعٌ، وفي رواية: بمصعب بن الزبير. يقال: ضرَبه فَجَعَبه وجَعَفَه وجَأَبَه وجَعْفَلَه وجَفَلَه إذا صَرَعَه.
والجَعْفُ: شِدَّةُ الصَّرْعِ.
وجَعَفَ الشيء جَعْفاً: قَلَبَه.
وجَعَفَ الشيء والشجرة يَجْعَفُها جَعْفاً فانْجَعَفَت: قَلَعَها.
وفي الحديث: مَثَلُ الكافر (* قوله «مثل الكافر» الذي في النهاية هنا وفي مادة جذي: مثل المنافق.) كمثلِ الأَرزةِ الـمُجْذِية على الأَرض حتى يكون انْجِعافُها مَرَّةً واحدةً أَي انْقِلاعُها.
وسيْلٌ جُعافٌ: يَجْعَفُ كل شيء أَي يَقْلِبه.
وما عنده من الـمَتاع إلا جَعْفٌ أَي قليل.
والجُعْفةُ: موضع.
وجُعْفٌ: حَيٌّ من اليمن وجُعْفِيٌّ: من هَمدانَ؛ قال الجوهري: جُعْفِيٌّ أَبو قبيلة من . . . أكمل المادة اليمن وهو جُعْفِيُّ بن سعد العشيرة من مَذْحِج، والنسبة إليه كذلك، ومنهم عبيد اللّه بن الحُرّ الجُعْفِيُّ وجابر الجُعْفيُّ؛ قال لبيد: قَبائِلُ جُعْفِيّ بنِ سَعْدٍ، كأَنـَّما سَقى جَمْعَهم ماءُ الزُّعافِ مُنِيم قوله مُنِيم أَي مُهْلِك، جعل الموت نوماً.
ويقال هذا كقولهم ثَأْرٌ مُنيمٌ: قال ابن بري: جُعْفِيُّ مثل كُرسِيّ في لزوم الياء المشدَّدة في آخره، فإذا نسبت إليه قَدَّرْتَ حذفَ الياء المشددة وإلحاقَ ياء النسبِ مكانها، وقد جُمِع جَمْعَ رُومِيّ فقيل جُعْفٌ؛ قال الشاعر: جُعْفٌ بنَجْرانَ تَجُرُّ القَنا، ليس بها جُعْفِيُّ بالـمُشْرِعِ ولم يصرف جُعْفِيّ لأنه أَراد بها القبيلة.

صخب (لسان العرب) [0]


الصَّخَبُ: الصِّـياحُ والجلَبة، وشدة الصوت واختلاطُهُ.
وفي حديث كعب في التوراة: محمدٌ عبدي ليس بفَظٍّ ولا غَلِـيظ، ولا صَخُوبٍ في الأَسواق؛ وفي رواية: ولا صَخَّاب. الصَّخَب والسَّخَب: الضَّجّة واختلاط الأَصوات للخِصام؛ وفَعُول وفَعّال: للمبالغة.
وفي حديث خديجة: لا صَخَبَ فيه، ولا نَصَب.
وفي حديث أُمِّ أَيمن: وهي تَصْخَب وتَذْمُر عليه.
وقد صَخِب، بالكسر، يَصْخَب صخَباً.
والسَّخَب: لغة فيه رَبَعِـيَّة قبيحة.
ورجل صَخَّاب وصَخِبٌ وصَخُوبٌ وصَخْبانُ: شديد الصخَب كثيره، وجمع الصَّخْبان: صُخْبان عن كراع، والأُنثى صَخِـبَة وصَخّابة وصُخُبَّة وصَخُوب؛ قال: فَعَلَّكَ لوْ تُبَدِّلُنا صَخُوباً، * تَرُدُّ الأَمْرَدَ المخْتارَ كَهْلا وقول أُسامة الهذلي: إِذا اضْطَرَبَ الـمُمَرُّ بجانِـبَيْها، * تَرَنَّمُ قَيْلَةٌ صَخِبٌ طَروب(2) . . . أكمل المادة (2 قوله «قيلة» كذا بالنسخ التي بأيدينا باللام وفي شرح القاموس قينة بالنون وهو أَليق بقوله ترنم وبقول المصنف لا يعرف إلخ.) حمله على الشخص فذكَّر، إِذ لا يُعْرَف في الكلام: امرأَة فَعِلٌ، بلا هاء.
واصْطَخَب: افتَعل، منه؛ قال الشاعر: إِنَّ الضّفادِعَ، في الغُدْرانِ، تَصْطَخِب وفي حديث المنافقين: صخبٌ بالنهار أَي صيّاحون فيه ومتجادلون.
وعين صَخْبَةٌ: مُصْطَفِقَة عند الجَيَشانِ.
واصْطَخَب القوم وتَصاخَبُوا إِذا تصايحوا وتضاربوا.
وماء صَخِبُ الآذِيِّ ومُصْطَخِـبُه إِذا تلاطمت أَمواجُه أَي له صوت؛ قال الشاعر: مُفْعَوْعِمٌ، صَخِبُ الآذِيِّ، مُنْبَعِق واصْطِخابُ الطير: اختلاط أَصواتها.
وحمار صَخِبُ الشوارِبِ: يُرَدِّدُ نُهاقَه في شواربه.
والشوارِبُ: مجاري الماء في الـحَلْق؛ قال: صَخِبُ الشوارِبِ لا يَزال، كأَنه * عبْدٌ، لآلِ أَبي رَبيعةَ، مُسْبَعُ والصَّخْـبَة: العَطْفة.

بحث (لسان العرب) [0]


البَحْثُ: طَلَبُكَ الشيءَ في التُّراب؛ بَحَثَه يَبْحَثُه بَحْثاً، وابْتَحَثَه.
وفي المثل: كالباحِثِ عن الشَّفْرة.
وفي آخر: كباحِثةٍ عن حَتْفها بظِلْفها؛ وذلك أَن شاةً بَحَثَتْ عن سِكِّين في التراب بظِلْفِها ثم ذُبِحَتْ به. الأَزهري: البَحُوثُ من الإِبل التي إِذا سارتْ بحثت الترابَ بأَيديها أُخُراً أَي ترمِي إِلى خَلْفِها؛ قاله أَبو عمرو.
والبَحوثُ: الإِبلُ تَبْتَحثُ الترابَ بأَخْفافِها، أُخُراً في سَيرها.
والبَحْثُ: أَن تَسْأَل عن شيء، وتَسْتَخْبر.
وبَحَثَ عن الخَبر وبَحَثَه يَبْحَثُه بَحْثاً: سأَل، وكذلك اسْتَبْحَثَه، واسْتَبْحَثَ عنه. الأَزهري: اسْتَبْحَثْتُ وابْتَحَثْتُ وتَبَحَّثْتُ عن الشيء، بمعنى واحد أَي فَتَّشْتُ عنه.
والبَحْث: الحَيَّةُ العظيمة لأَنها تَبْحَثُ التُّرابَ.
وتَرَكْتُه بمباحِثِ البَقَر أَي بالمكان القَفْر؛ يعني بحيثُ لا يُدْرى أَين هو.
والباحِثاء، من . . . أكمل المادة جِحرَة اليرابيع: تُرابٌ يُخَيَّلُ إِليكَ أَنه القاصِعاء، وليس بها، والجمعُ باحِثاواتُ.
وسُورةُ بَراءةَ كان يقال لها: البُحُوثُ، سمِّيت بذلك لأَنها بَحَثَتْ عن المنافقين وأَسرارهم أَي اسْتَثارتْها وفَتَشَتْ عنها.
وفي حديث المِقداد: أَبَتْ علينا سُورةُ البُحوثِ، انْفِرُوا خِفافاً وثِقالاً؛ يعني سورةَ التوبة.
والبُحوثُ: جمع بَحْثٍ. قال ابن الأَثير: ورأَيت في الفائق سورة البَحُوث، بفتح الباء، قال: فإِن صحت، فهي فَعُول من أَبنية المبالغة، ويقع على الذكر والأُنثى، كامرأَة صَبور، ويكون في باب إِضافة الموصوف إِلى الصفة.
وقال ابن شميل: البُحَّيْثى مثال خُلَّيْطَى: لُعْبة يَلْعَبون بها بالتراب كالبُحْثَة.
وقال شمر: جاء في الحديث أَن غُلامين كانا يَلْعَبانِ البُحْثَةَ (* قوله «يلعبان البحثة» ضبطت البحثة، بضم الموحدة، بالأَصل كالنهاية وضبطت في القاموس كالتكملة والتهذيب بفتحها.)، وهو لعبٌ بالتراب.قال: البَحْثُ المَعْدِنُ يُبْحَثُ فيه عن الذَّهَبِ والفِضَّةِ.قال: والبُحاثَة التُّراب الذي يُبْحَثُ عما يُطْلَبُ فيه.

وبص (لسان العرب) [0]


الوبِيصُ: البَرِيقُ؛ وبَصَ الشيءُ يَبِصُ وَبْصاً ووَبِيصاً وبِصَةً: بَرَقَ ولمَع، ووبَصَ البرقُ وغيره؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:إِذا شَبّ للْمَرْوِ الصِّغارِ وَبِيصُ وفي حديث أَخْذِ العهد على الذُّريّة: وأَعْجَبَ آدمَ وَبِيصُ ما بين عَيْنَيْ داود، عليهما السلام؛ الوبِيصُ: البَريقُ، ورجل وَبّاصٌ: برّاق اللون؛ ومنه الحديث: رأَيت وَبِيصَ الطيِّبِ في مَفارِقِ رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو مُحْرِمٌ أَي بَرِيقَه؛ ومنه حديث الحسن: لا تَلْقَى المؤمن إِلا شاحِباً ولا تَلْقَى المُنافِقَ إِلا وَبّاصاً أَي برّاقاً.
ويقال: أَبْيَضُ وابِصٌ ووَبّاصٌ؛ قال أَبو النجم: عن هامةٍ كالحَجَرِ الوَبّاصِ وقال أَبو العزيب النصري: أَما تَرَيْنِي اليومَ نِضْواً خالصا، أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ وَابِصَا؟ . . . أكمل المادة أَبو حنيفة: وبَصَتِ النارُ وَبِيصاً أَضاءتْ.
والوابِصةُ: البَرْقةُ.
وعارض وَبّاصٌ: شديدُ وَبِيصِ البَرْق.
وكل بَرّاقٍ وَبَّاصٌ ووابصٌ.
وما في النار وَبْصةٌ ووابِصةٌ أَي جمرة.
وأَوْبَصَت نارِي: أَضاءت، زاد غيره: وذلك أَول ما يظهر لَهَبُها.
وأَوْبَصَت النارُ عند القَدْح إِذا ظهرت. ابن الأَعرابي: الوَبِيصةُ والوابِصةُ النار.
وأَوْبَصت الأَرضُ: أَول ما يظهرمن نباتها.
ووَبَّصَ الجِرْوُ تَوْبِيصاً إِذا فتح عينيه.
ورجل وابِصةُ السَّمْع: يعتمد على ما يقال له، وهو الذي يُسَمَّى الأُذُنَ، وأَنَّث على معنى الأُذُن، وقد تكون الهاء للمبالغة.
ويقال: إِن فلاناً لوَابِصةُ سَمْعٍ إِذا كان يَثِق بكل ما يسمعه، وقيل: هو إِذا كان يسمع كلاماً فيعتمد عليه ويظنُّه ولمَّا يَكُنْ على ثِقَة، يقال: وابِصةُ سَمع بفلان ووابِصةُ سَمع بهذا الأَمر؛ ابن الأَعرابي: هو القَمَرُ (* قوله: هو القمر؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد: الوبّاص هو القمر: هكذا في سائر المعاجم.).
والوَبَّاصُ ووَبْصانُ: شهر ربيع الآخر (* قوله «وبصان شهر ربيع الآخر» هو بفتح الواو وضمها مع سكون الباء فيهما.)؛ قال: وسِيّانِ وَبْصانٌ، إِذا ما عَدَدْته، وبُرْكٌ لَعَمْري في الحِسَاب سَواءُ وجمعه وَبْصاناتٌ.
ووابِصٌ ووابِصةُ: اسمان.
والوَابِصةُ: موضع.

بعق (لسان العرب) [0]


البُعاقُ: شدّة الصوت، وقد بَعَقَ الرجلُ وغيره وانْبَعَقَ وبعَقَت الإبلُ بُعاقاً.
والباعِقُ: المُؤَذن، وقد بَعَقَ بُعاقاً؛ وأنشد: تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَوْنِ كي لا يَفُوتَني، من المَقْلةِ البَيْضاء، تَقْرِيظُ باعِق قال: يعني ترجيع المؤذن إذا رجَّع في أذانه؛ قال الأَزهري: ورواه غيره تفريط ناعق، من نَعَق الرّاعي بغنمه، ولعلهما لغتان.
وانْبَعَق الشيء: اندَرأَ مُفاجأَة وأَنت لا تشعُر من حيث لم تحتسبه، وهو الانْبِعاق؛ وأَنشد:بَيْنما المَرْء آمِناً راعَه را ئعُ حَتْفٍ، لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ والباعِقُ: المطر يُفاجِئ بوابل.
ومطر بُعاقٌ وبِعاقٌ: مُنْدفِع بالماء، وقد تَبَعَّق يتَبَعَّق وانْبَعَقَ يَنْبَعِق.
وسيْلٌ بُعاق وبِعاق: شديد الدفْعة؛ قال أبو حنيفة: هو الذي يَجْرُف كل شيء.
وأرض مَبْعُوقة: أصابها البُعاق.
والبعاقُ: المطر . . . أكمل المادة الذي يَتبَعَّق بالماء تبعُّقاً؛ وأنشد ابن بري: تبَعَّقَ فيه الوابِلُ المُتَهَطِّلُ وبعَقَ الناقةَ: نَحَرَها وأسالَ دمَها.
وفي حديث حُذيفة أنه قال: ما بقي من المُنافقين إلا أربعة، فقال رجل: فأَين الذين يُبَعِّقُون لِقاحَنا ويَنقُبون بيوتنا؟ فقال حُذيْفةُ: أُولئك هم الفاسقون؛ قال أبو عبيد: قوله يبعقون لقاحنا يعني أنهم ينْحَرون إبلنا ويُسيلون دِماءها. يقال: انبعق المطرُ إذا سال لكثرته.
وفي حديث الاسْتِسقاء: جَمُّ البُعاق؛ هو بالضم، المطر الكثير الغزير الواسع.
وبعقْت الإبلَ: نحرْتُها، وتَبعَّقَت: أفاضَتْ بها (* قوله «وتبعقت أفاضت بها» كذا بالأصل ورمز له بعلامة وقفة). قال الأزهري: وفي نوادر الأَعراب انْبعَق فلان كذا وكذا انْبِعاقاً إذا أَخذه من تلقاء نفسه، فهو مُنْبعِق.
وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: الانبعاق فيما لا ينبغي من شقاشِق الشيطان.
وفي الحديث: إن الله يكره الانْبِعاقَ في الكلام، فرحم الله امْرأً أوجَز في كلامه؛ أَي التوسُّعَ فيه والتكثُّر منه، ويروى: التبعُّقَ في الكلام.
والبُعاق، بالضم: سحاب يتصبب بشدّة.
وقد انْبعَقَ المُزْن إذا انْبعَجَ بالمطر، وتَبَعَّق مثله؛ قال رؤبة: وَجُود مَرْوانَ، إذا تَدَفَّقا، جُودٌ كجُودِ الغَيْثِ، إذ تَبَعَّقا والبَعْقُ والبَعْجُ: الشَّقُّ.
وبعَّقْت زِقَّ الخمر تَبْعِيقاً أي شققْتُه.

السَّلُّ (القاموس المحيط) [0]


السَّلُّ: انْتِزَاعُكَ الشيءَ وإخْراجُهُ في رِفْقٍ،
كالاسْتِلالِ.
وسَيْفٌ سَليلٌ: مَسْلولٌ.
وأتَيْناهُم عندَ السَّلَّةِ، ويُكْسَرُ، أي: اسْتِلالِ السُّيوفِ.
وانْسَلَّ وتَسَلَّلَ: انْطَلَقَ في اسْتِخفاءٍ.
والسُّلالَةُ، بالضم: ما انْسَلَّ من الشيءِ، والوَلَدُ،
كالسَّليلِ.
والسَّليلَةُ: البِنْتُ، وما اسْتَطَالَ من لَحْمِ المَتْنِ، وعَصَبَةٌ، أو لَحْمَةٌ ذاتُ طَرَائِقَ، وسَمَكَةٌ طَويلَةٌ.
والسَّليلُ، كأَميرٍ: المُهْرُ، وما وُلِدَ في غيرِ ماسِكَةٍ ولا سَلًى، وإلاَّ: فَبَقيرٌ، ودِماغُ الفَرَسِ، والشَّرابُ الخالِصُ، والسَّنامُ، ومَجْرَى الماءِ في الوادي، أو وَسَطُه، والنُّخاعُ، ووادٍ واسِعٌ غامِضٌ يُنْبِتُ السَّلَمَ والسَّمرَ،
كالسالِّ، وجَمْعُهما: سُلاَّنٌ، أو جمعُ الثانيةِ: سَوالُّ.
والسَّليلُ الأَشْجَعِيُّ: صحابيٌّ.
وأبو السَّليلِ: ضُرَيْبُ بنُ نُقَيْرٍ التابعيُّ، وعبدُ . . . أكمل المادة اللهِ بنُ إياد، وأحمدُ بنُ صاحِبِ آمِدَ عيسى، وابنُه السَّليلُ بنُ أحمدَ وسَليلُ بنُ بشْرِ بنِ رافِعٍ، وعبدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ سَليلٍ، وزيدُ بنُ خَليفَةَ بنِ السَّليلِ: محدِّثونَ.
والسَّلَّةُ، بالفتح،
والسُّلُّ، بالكسر والضم، وكغُرابٍ: قَرْحَةٌ تَحْدُثُ في الرِّئَةِ، إما تُعْقِبُ ذاتَ الرِّئَةِ أو ذاتَ الجَنْبِ، أو زُكامٌ ونَوازِلُ، أو سُعالٌ طويلٌ، وتَلْزَمُها حُمَّى هادِيَةٌ.
وقد سُلَّ، بالضم، وأسَلَّهُ اللّهُ تعالى، وهو مَسْلولٌ.
والسَّلَّةُ: السَّرِقَةُ الخَفِيَّةُ،
كالإِسْلالِ، والجونَةُ،
كالسَّلِّ،
ج: سِلالٌ.
والإِسْلالُ: الرِّشْوَةُ.
وسَلَّ يَسِلُّ: ذَهَبَ أسْنانُه، فهو سَلٌّ، وهي سَلَّةٌ.
والسَّلَّةُ: ارْتِدادُ الرَّبْوِ في جَوْفِ الفرسِ من كَبْوَةٍ يَكْبوها.
والمِسَلَّةُ، بكسر الميم: مِخْيَطٌ ضَخْمٌ.
والسُّلاَّءَةُ، كرُمَّانةٍ: شَوْكَةُ النَّخْلِ،
ج: سُلاَّءٌ.
والسَّلَّةُ: أن تَخْرِزَ سَيْرَيْنِ في خَرْزَةٍ، والعَيْبُ في الحَوْضِ أو الخابيةِ، أو الفُرْجَةُ بين أنْصابِ الحَوْضِ.
وسَلولُ: فَخِذٌ من قَيسٍ، وهم: بنُو مُرَّةَ بنِ صَعْصَعَةَ، وسَلولُ: أُمُّهُم، منهم: عبدُ اللهِ بنُ هَمَّامٍ الشاعِرُ، وأُمُّ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيّ المُنافِقِ.
وسُلِّيٌّ، ككُلِّيٍّ: ع لبني عامِر ابنِ صَعْصَعَةَ، وليس بتصحيفِ سُلَيٍّ كسُمَيٍّ.
والسُّلاَّنُ، بالضم: وادٍ لبني عَمْرِو بنِ تَميمٍ.

عقم (مقاييس اللغة) [0]



العين والقاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على غموضٍ وضيق وشِدّة. من ذلك قولهم حَرْبٌ عَقام وعُقَام: لا يَلوِي فيها أحدٌ [على أحد ] لشِدّتها.
وداءٌ عَُقَامٌ: لا يُبرَأ منه.ومن الباب قولهم: رجل عَقام، وهو الضيِّق الخُلُق. قال:
أنت عَقامٌ لا يُصابُ لـه هوَىً      وذو همّة في المَطْلِ وهو مُضَيِّعُ

ومن الباب عَقِمت الرّحمُ عُقماً، وذلك هَزْمَةٌ تقع في الرّحِم فلا تقبل الولَد.
ويقال: عَقِمَت المرأة وعُقِمَت، وهي أجودُهما.
وفي الحديث: "تُعقَم أصلابُ المنافقين فلا يقدِرون على السجود"، والمعنى يُبْسُ مفاصِلهم .
ويقال رجلٌ عقيم، ورجال عُقَماء، ونسوةٌ معقومات وعقائم وعُقُم.قال أبو عمرو: عُقِمت المرأة، إذا لم تلد. قال ابنُ الأعرابي: عُقِمَت المرأة عَُقْماً، . . . أكمل المادة وهي معقومة وعقيم، وفي الرّجل أيضاً عُقِم فهو عقيم ومعقوم.
وربما قالوا: عَقَمت فلانةَ، أي سحرتُها حتى صارت معقومةَ الرّحِم لا تَلِد.قال الخليل: عقلٌ عقيم، للذي لا يُجدي على صاحبه شيئاً.ويروى أنّ العقل عقلان: فعقل عقيمٌ، وهو عقل صاحب الدنيا؛ وعقلٌ مثمر، وهو عقل [صاحب] الآخرة.ويقال: المُلْك عقيم، وذلك أنّ الرّجلَ يقتلُ أباه على الملك، والمعنى أنّه يَسُدّ بابَ المحافظة على النّسب .
والدنيا عقيم: لا تردُّ على صاحبها خيراً.
والرِّيح العَقيم. التي لا تُلقِح شجراً ولا سَحاباً. قال الله تعالى: وَفِي عَادٍ إذْ أَرْسَلْنَا عَليْهِمُ الرِّيحَ العَقِيم [الذاريات 41]، قيل: هي الدَّبور. قال الكسائيّ: يقال عَقِمت عليهم الرّيح تَعقَم عُقْماً.
والعقيم من الأرض: ما اعتقمتَها فحفَرْتها. قال:
تزوَّدَ منّا بين أُذْناه ضَربةً      دَعَتْه إلى هابي التُّراب عقِيم

قال الخليل: الاعتقام: الحفر في جوانب البئر. قال ربيعة بن مقروم:
وماءٍ آجِنِ الجَمّات قَفرٍ      تَعقَّمُ في جوانبه السِّباعُ

وإنما قيل لذلك اعتقامٌ لأنَّه في الجانب، وذلك دليل الضِّيقِ الذي ذكرناه.ومن الباب: المُعاقِم: المُخاصِم، والوجه فيه أنه يضيِّق على صاحبه بالكلام.
وكان الشيبانيّ يقول: هذا كلام عُقْمِيّ، أي إنَّه من كلام الجاهلية لا يُعرف.
وزَعم أنَّه سأل رجلاً من هُذيل يكنى أبا عِياض، عن حرفٍ من غريب هُذيل، فقال:هذا كلامِ عُِقميّ، أي من كلام الجاهليّة لا يُتكلَّم به اليوم.
ويقولون: إنّ الحاجز بين التِّبْن والحَبِّ إذا ذُرِّي الطعامُ مِعْقَم .

أذي (لسان العرب) [0]


الأَذَى: كل ما تأَذَّيْتَ به. آذاه يُؤذِيه أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً وتَأَذَّيْت به. قال ابن بري: صوابه آذاني إيذاءً، فأَما أَذىً فمصدر أَذِيَ أَذىً، وكذلك أَذاة وأَذِيَّة. يقال: أَذِيْت بالشيء آذَى أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً فأَنا أَذٍ؛ قال الشاعر: لقَدْ أَذُوا بِكَ وَدُّوا لو تُفارِقُهُم، أَذَى الهَراسةِ بين النَّعلِ والقَدَم وقال آخر: وإذا أَذِيتُ ببَلْدَةٍ فارَقْتُها، ولا أُقيم بغَيرِ دَارِ مُقام ابن سيده: أَذِيَ به أَذىً وتَأَذّى؛ أَنشد ثعلب: تَأَذِّيَ العَوْدِ اشْتكى أن يُرْكَبا والاسم الأَذِيَّةُ والأَذاة؛ أَنشد سيبويه: ولا تَشْتُم المَوْلى وتَبْلُغْ أَذاتَهُ، فإنَّك إن تَفْعَلْ تُسَفَّهْ وتَجْهَل وفي حديث العَقيقة: أَمِيطوا عنه الأَذى، يريد الشعر والنجاسة وما يخرج . . . أكمل المادة على رأْس الصبي حين يولد يُحْلَق عنه يوم سابعه.
وفي الحديث: أَدْناها إماطةُ الأَذَى عن الطريق، وهو ما يؤْذِي فيها كالشوك والحجر والنجاسة ونحوها.
وفي الحديث: كلُّ مُؤْذٍ في النار، وهو وعيد لمن يُؤْذِي الناس في الدنيا بعقوبة النار في الآخرة، وقيل: أَراد كلّ مُؤذٍ من السباع والهوام يُجْعَل في النار عقوبةً لأَهلها. التهذيب: ورجل أَذيٌّ إذا كان شديد التأَذِّي، فِعْلٌ له لازمٌ، وبَعيرٌ أَذيٌّ.
وفي الصحاح: بَعيرٌ أَذٍ على فَعِلٍ، وناقة أَذِيَةٌ: لا تستقر في مكان من غير وجع ولكن خِلْقَةً كأَنها تشكو أَذىً.
والأَذِيُّ من الناس وغيرهم: كالأَذِي؛ قال: يُصاحِبُ الشَّيطانَ مَنْ يُصاحِبُه، فَهْوَ أَذيٌّ حَمَّةٌ مَصاوِبُه (* قوله «حمة» كذا في الأصل بالحاء المهملة مرموزاً لها بعلامة الإهمال).وقد يكون الأَذِيٌّ.
وقوله عز وجل: وَدَعْ أَذاهم؛ تأْويلُه أَذى المنافقين لا تُجازِهِمْ عليه إلى أَن تُؤْمَرَ فيهم بأَمر.
وقد آذَيْتُه إيذاءً وأَذِيَّةً، وقد تَأَذَّيْتُ به تَأَذِّياً، وأَذِيتُ آذى أَذىً، وآذى الرجلُ: فَعَل الأَذى؛ ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، للذي تَخَطَّى رِقاب الناس يَوْم الجُمُعَة: رأَيْتُك آذَيْتَ وآتَيْتَ.
والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال امرؤ القيس يصف مطراً: ثَجَّ، حَتَّى ضاق عن آذِيِّه عَرْضُ خِيمٍ فحِفاف فَيُسُر ابن شميل: آذيُّ الماء الأَطباق التي تراها ترفعها من مَتْنهِ الريحُ دونَ المَوْج.
والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال المُغِيرة بن حَبْناء: إذا رَمى آذِيُّهُ بالطِّمِّ، تَرى الرِّجالَ حَوْلَه كالصُّمِّ، من مُطْرِقٍ ومُنْصِتٍ مُرِمِّ الجوهري: الآذيُّ مَوْجُ البحر، والجمع الأَواذيُّ؛ وأَنشد ابن بري للعَجّاج: طَحْطَحَهُ آذيُّ بَحْرٍ مُتْأَقِ وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى: وإذ أَخَذَ رَبُّك من بَني آدم من ظُهورهم ذُرِّيَّاتِهم، قال: كأَنَّهم الذَّرُّ في آذِيِّ الماء. الآذيُّ، بالمد والتشديد: المَوْجُ الشديد.
وفي خُطْبَة علي، عليه السلام: تَلْتَطِمُ أَو اذيُّ مَوْجِها.
وإذا وإذْ: ظَرْفان من الزمان، فإذا لِمَا يأْتي، وإذْ لِمَا مضى وهي محذوفة من إذا.

رصد (لسان العرب) [0]


الراصِدُ بالشيء: الراقب له. رَصَدَه بالخير وغيره يَرْصُدُه رَصْداً ورَصَداً: يرقبه، ورصَدَه بالمكافأَة كذلك.
والتَّرَصُّدُ: الترقب. قال الليث: يقال أَنا لك مُرْصِدٌ بإِحسانك حتى أُكافئك به؛ قال: والإِرصاد في المكافأَة بالخير، وقد جعله بعضهم في الشر أَيضاً؛ وأَنشد: لاهُمَّ، رَبَّ الراكب المسافر، احْفَظْه لي من أَعيُنِ السواحر، وحَيَّةٍ تُرْصِدُ بالهواجر فالحية لا تُرْصِدُ إِلا بالشر.
ويقال للحية التي تَرْصُد المارة على الطريق لتلسع: رصيد.
والرَّصِيدُ: السبع الذي يَرْصُد لِيَثِب.
والرَّصُود من الإِبل: التي تَرْصُد شرب الإِبل ثم تشرب هي.
والرَّصَدُ: القوم يَرْصُدون كالحَرَس، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث، وربما قالوا أَرصاد.
والرُّصْدَة، بالضم: الزُّبْية.
وقال بعضهم: أَرصَدَ له بالخير والشر، لا يقال إِلا بالأَلف، وقيل: . . . أكمل المادة تَرَصَّدَه ترقبه.
وأَرصَدَ له الأَمر: أَعدّه.
والارتصاد: الرَّصْد.
والرَّصَد: المرتَصِدُون، وهو اسم للجمع.
وقال الله عز وجل: والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإِرصاداً لمن حارب الله ورسوله؛ قال الزجاج: كان رجل يقال له أَبو عامر الراهب حارَب النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ومضى إِلى هِرَقْلَ وكان أَحد المنافقين، فقال المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار: نبني هذا المسجد وننتظر أَبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه.
والإِرصاد: الانتظار.
وقال غيره: الإِرصاد الإِعداد، وكانوا قد قالوا نَقْضي فيه حاجتنا ولا يعاب علينا إِذا خلونا، ونَرْصُده لأَبي عامر حتى مجيئه من الشام أَي نعدّه؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من جهة اللغة. روى أَبو عبيد عن الأَصمعي والكسائي: رصَدْت فلاناً أَرصُدُه إِذا ترقبته.
وأَرْصَدْت له شيئاً أُرْصِدُه: أَعددت له.
وفي حديث أَبي ذر: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما أُحِبُّ عِندي (* قوله «ما أحب عندي» كذا بالأصل ولعله ما أحب ان عندي والحديث جاء بروايات كثيرة) . مِثلَ أُحُدٍ ذهباً فَأُنفِقَه في سبيل الله، وتمُسي ثالثةٌ وعندي منه دينارٌ إِلاَّ دينار أُرْصِدُه أَي أُعِدُّه لدين؛ يقال: أَرصدته إِذا قعدت له على طريقه ترقبه.
وأَرْصَدْتُ له العقوبة إِذا أَعددتها له، وحقيقتُه جعلتها له على طريقه كالمترقبة له؛ ومنه الحديث: فأَرْصَدَ الله على مَدْرجته ملَكاً أَي وكله بحفظ المدرجة، وهي الطريق.
وجعله رَصَداً أَي حافظاً مُعَدّاً.
وفي حديث الحسن بن علي وذكر أَباه فقال: ما خَلَّف من دنياكم إِلا ثلثمائة درهم كان أَرصَدَها لشراء خادم.
وروي عن ابن سيرين أَنه قال: كانوا لا يَرْصُدون الثمار في الدَّيْن وينبغي أَن يُرْصَد العينُ في الدَّيْن؛ قال: وفسره ابن المبارك فقال إِذا كان على الرجل دين وعنده من العين مثله لم تجب الزكاة عليه، وإِن كان عليه دين وأَخرجت أَرضه ثمرة يجب فيها العشر لم يسقط العشر عنه من أَجل ما عليه من الدين، لاختلاف حكمهما وفيه خلاف. قال أَبو بكر: قولهم فلان يَرْصُد فلاناً معناه يقعد له على طريقه. قال: والمَرْصَدُ والمِرْصادُ عند العرب الطريق؛ قال الله عز وجل: واقعدوا لهم كل مَرصد؛ قال الفراء: معناه واقعدوا لهم على طريقهم إِلى البيت الحرام، وقيل: معناه أَي كونوا لهم رَصَداً لتأْخذوهم في أَيّ وجه توجهوا؛ قال أَبو منصور: على كل طريق؛ وقال عز وجل: إِنَّ ربك لبالمرصاد؛ معناه لبالطريق أَي بالطريق الذي ممرّك عليه؛ وقال عديّ: وإِنَّ المنايا للرجالِ بِمَرْصَد وقال الزجاج: أَي يرصد من كفر به وصدّ عنه بالعذاب؛ وقال ابن عرفة: أَي يَرْصُد كل إِنسان حتى يجازِيَه بفعله. ابن الأَنباري: المِرصاد الموضع الذي ترصد الناس فيه كالمضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيل من ميدان السباق ونحوه، والمَرْصَدُ: مثل المِرصاد، وجمعه المراصد، وقيل: المرصاد المكان الذي يُرْصَدُ فيه العدوّ.
وقال الأَعمش في قوله: إِنَّ ربك لبالمرصاد؛ قال: المرصاد ثلاثة جسور خلف الصراط: جسر عليه الأَمانة، وجسر عليه الرحم، وجسر عليه الربّ؛ وقال تعالى: إِن جهنم كانت مرصاداً، أَي تَرْصُد الكفار.
وفي التنزيل العزيز: فإِنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً أَي إِذا نزل الملَك بالوحي أَرسل الله معه رصداً يحفظون الملك من أَن يأْتي أَحد من الجنّ، فيستمع الوحي فيخبر به الكهنة ويخبروا به الناس، فيساووا الأَنبياء.
والمَرْصَد: كالرصَد.
والمرصاد والمَرْصَد: موضع الرصد.
ومراصد الحيات: مكامنها؛ قال الهذلي: أَبا مَعْقَلٍ لا يُوطِئَنْكَ بغاضَتي رُؤوسَ الأَفاعي في مَراصِدِها العُرْم وليث رصيد: يَرْصُدُ ليثب؛ قال: أَسليم لم تعد، أَم رصِيدٌ أَكلَكْ؟ والرَّصْد والرَّصَد: المطر يأْتي بعد المطر، وقيل: هو المطر يقع أَوّلاً لما يأْتي بعده، وقيل: هو أَوّل المطر. الأَصمعي: من أَسماء المطر الرصْد. ابن الأَعرابي: الرصَد العهاد تَرْصُد مطراً بعدها، قال: فإِن أَصابها مطر فهو العشب، واحدتها عِهْدَة، أَراد: نَبَت العُشْب أَو كان العشب. قال: وينبت البقل حينئذ مقترحاً صُلْباً، واحدته رَصَدَة ورَصْدة؛ الأَخيرة عن ثعلب؛ قال أَبو عبيد: يقال قد كان قبل هذا المطر له رَصْدَة؛ والرَّصْدة، بالفتح: الدُّفعة من المطر، والجمع رصاد، وتقول منه: رُصِدَت الأَرض، فهي مرصودة.
وقال أَبو حنيفة: أَرض مُرصِدة مطرت وهي ترجى لأَن تنبت، والرصد حينئذ: الرجاء لأَنها ترجى كما ترجى الحائل (* قوله «ترجى الحائل» مرة قالها بالهمز ومرة بالميم، وكلاهما صحيح.) وجمع الرصد أَرصاد.
وأَرض مرصودة ومُرْصَدة: أَصابتها الرَّصْدة.
وقال بعض أَهل اللغة: لا يقال مرصودة ولا مُرْصَدَة، إِنما يقال أَصابها رَصْد ورَصَد.
وأَرض مُرصِدة إِذا كان بها شيء من رصَد. ابن شميل: إِذا مُطرت الأَرض في أَوّل الشتاء فلا يقال لها مَرْت لأَنّ بها حينئذ رصداً، والرصد حينئذ الرجاء لها كما ترجى الحامل. ابن الأَعرابي: الرَّصْدة ترصد وَلْياً من المطر. الجوهري: الرصَد، بالتحريك، القليل من الكلإِ والمطر. ابن سيده: الرصد القليل من الكلإِ في أَرض يرجى لها حَيَا الربيع.
وأَرض مُرْصِدة: فيها رَصَدٌ من الكلإِ.
ويقال: بها رصد من حيا.
وقال عرّام: الرصائد والوصائد مصايدُ تُعدّ للسباع.

ثرب (لسان العرب) [0]


الثَّرْبُ: شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ، وجمعُه ثُرُوبٌ.
والثَّرْبُ: الشَّحْمُ الـمَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ.
وشاة ثَرْباءُ: عَظيمة الثَّرْبِ؛ وأَنشد شمر: وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ وفي الحديث: نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند الـمَغِيب. شَبَّهها بالثُّرُوبِ، وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة: أَثْرُبٌ؛ والأَثارِبُ: جمع الجمع.
وفي الحديث: انَّ الـمُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها.
والثَّرَباتُ: الأَصابعُ.
والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ.
والثَّارِبُ: الـمُوَبِّخُ. يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ. قال نُصَيْبٌ: إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي * يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه . . . أكمل المادة لم يَثْرِبِ وقال في أَثْرَبَ: أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً، مِنْ تِلادِه، * سَوامُ أَخٍ، داني الوسِيطةِ، مُثْرِبِ قال: مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ، وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى.
وثَرَّبَ عليه: لامَه وعَيَّره بذَنْبه، وذكَّرَه به.
وفي التنزيل العزيز قال: لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ. قال الزجاج: معناه لا إِفسادَ عليكم.
وقال ثعلب: معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم. قال الجوهريّ: وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف. قال بِشْر، وقيل هو لتُبَّعٍ: فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ، * وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم، بمعنى، إِذا قَبَّحْتَ عليهم فعْلَهم.وَالـمُثَرِّبُ: الـمُعَيِّرُ، وقيل: الـمُخَلِّطُ الـمُفْسِدُ.
والتَّثْرِيبُ: الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ.
وفي الحديث: إِذا زَنَتْ أَمـَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ؛ قال الأَزهري: معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ.
والتقْريعُ: أَن يقول الرجل في وَجه الرجْل عَيْبَه، فيقول: فَعَلْتَ كذا وكذا.
والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه.
وقال ابن الأَثير: أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب.
وقيل: أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ، فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً، فأَمَرَهم بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر.
ويَثْرِبُ: مدينة سيدنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ، فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات.
وروى عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ، وسماها طَيْبةَ، كأَنه كَرِه الثَرْبَ، لأَنه فَسادٌ في كلام العرب. قال ابن الأَثير: يَثْرِبُ اسم مدينة النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قديمة، فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ، وهو اللَّوْمُ والتَعْيير.
وقيل: هو اسم أَرضِها؛ وقيل: سميت باسم رجل من العَمالِقة.
ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ، مَنْسوب إِلى يَثْربَ.
وقوله: وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ الـمُقَطَّعُ زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ، وأَن يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ. قال أَبو حنيفة: وليس كذلك لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من أَرض الحجاز، وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً. قال الشاعر: وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ أَي مشدودٌ بالرِّصافِ.
والثَّرْبُ: أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ.
وأَثارِبُ: موضع.

ح - ص - ف (جمهرة اللغة) [0]


وصفحتُ عن الرجل أصفَح صَفْحاً، إذا عفوت عن جرمه. وأضربتُ عن هذا الأمر صَفْحاً، إذا تركته. وصَفْحَة الإنسان والدابّة: عُرْض جَنبه إذا اعترضتَه. وأبدى فلان لي صفحتَه، إذا أمكنك من نفسه في خصومة أو حَرَد. وأصفحتُ عن الشيء إصفاحاً، إذا تركته، مثل قولهم أضربتُ عنه إضراباً. والمُصفَح: المُمال. وجاء في الحديث " قَلْبُ المنافِق مُصْفَح " أي مُمال عن الحقّ. وضربتُه بالسيف مُصفَحاً ومصفوحاً، إذا ضربته بعُرضه ولم تضربه بحدّه، وإذا ضربته بحدّه قلت: ضربته صَلْتاً. والصَّفيحة: النصل العريض من السيوف، والجمع صفائح. والصَّفيحة: القطعة من الصخر العريضة، والجمع صَفائح أيضاً، كانوا يجعلونها في القبور واللحود مكان اللَّبِن، فلذلك . . . أكمل المادة ذكروها في أشعارهم فقالوا: بين الثَّرى والصفائح ويُروى: تحت الثَّرى. ويقال لها الصُّفّاح أيضاً، والواحدة صُفّاحة. قال النابغة الذبياني: وخَيِّس الجِن إني قد أَذنْتُ لهم ... يبنون تَدْمُرَ بالصُّفّاح والعَمَدِ ورأس مُصْفَح، إذا كانت فيه كالضُّغطة حتى يستطيل قليلاً ما بين جبهته وقفاه. وربّما قالوا: رجل مُصْفَح، ولم يذكروا الرأس. وقال الكلابيون: المُصْفَح الذي مُسِحَ جنبا رأسه ونتأت جبهتُه فخرجت وظهرت قَمَحْدوَتُه. وربما جمعوا الصَّفيحة صِفاحاً. وقال أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء: ويُكره في الخيل القَنا والصِّفاحٍ، فأما القَنا فهو أن يحدودب الأنف من وسطه فتراه شاخصاً فإذا أفرط ذلك ضاق المَنْخِر فكان عيباً وأما الصَّفاح فشبيه بالمَسْحَة في عُرض الخدّ يُفرط بها اتّساعُه، فذلك مكروه مستقبَح. وصفح الرجل عن زَلَّة صاحبه فهو صَفوح وصافِح عنها. وتصافح الرجلان بكفّيهما، إذا ألصق كل واحد منهما كفُه بكفّ صاحبه. ونهي عن مصافحة النِّساء. والتصفيح: التصفيق باليدين. وفي الحديث: " التسبيح للرجال والتصفيحُ للنساء " ، وهو التصفيق. قال الشاعر يصف سحاباً: كأنّ مصفَّحاتٍ في ذُراه ... وأنواحاً بأيديها المَآلي ويُروى: عليهنّ والمَآلي: خِرَق سُود تثير بها النائحة، واحدتها مِئلاة. وفي التنزيل: " أفنضرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً " قال أبو عبيدة: نُعْرِض عنكم. وفحصتُ عن الشيء أفحَص فَحْصاً، إذا كشفت عنه. وبه سُمِّي أُفْحوص القطاة، وذلك أنها تفحص الحصى بصدرها حتى تصير إلى ليِّن الأرض فتبيض وجمع الأُفحوص أفاحيص. قال الشاعر: وقد تَخِذَت رجلي إلى جَنْب غَرْزها ... نَسيفَاً كأُفْحُوص القطاة المطرِّقِ المطرِّق: التي قد عسر عليها البيض فهي تحكّ الأرضَ بصدرها حتى تؤثّر فيها. وقال: أنتمٍ بنو كابِيَةَ بن حُرْقوصْ وكُلّكم هامتُه كالأُفحوصْ وأفصح العربيًّ إفصاحاً وفَصُحَ الأعجمي فصاحةً، إذا تكلم بالعربية. وأفصح اللبنُ، إذا انجلت رغوتُه فهو مُفْصِح، وفَصُحَ فهو فصيح، وهو حينئذ الصريح. قال الشاعر: ولم يخشوا مَصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبنُ الصَّريحُ وُيروى: الفصيح. وأفصح الصبحُ، إذا بدا ضوءه وكل شيء وَضَحَ لك فقد أفصح لك. والفِصح: عيد النصارى، وقد تكلَّمت به العرب. قال الشاعر حسّان: قد دَنا الفِصْحُ فالولائدُ يَنْطم ... نَ سِراعاً أكِلّةَ المَرْجانِ

خشب (لسان العرب) [0]


الخَشَبَةُ: ما غَلُظَ مِن العِيدانِ، والجمع خَشَبٌ، مثل شجرةٍ وشَجَر، وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ.
وفي حديث سَلْمانَ: كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه، وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ. قال ابن الأَثير: وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ، لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ، وإِنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ، كحَمَلٍ وحُمْلانٍ؛ قال: كأَنـَّهم، بجَنُوبِ القاعِ، خُشْبانُ قال: ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ.
وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ: ذو خَشَب.
والخَشَّابةُ: باعَتُها.
وقوله عز وجل، في صفة المنافقين: كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ؛ وقُرئَ خُشْبٌ، بإِسكان الشين، مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ.
ومن قال خُشُبٌ، فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ؛ أَراد، واللّه أَعلم: أَنَّ المنافقين في تَرْكِ التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ، وَوَعْي . . . أكمل المادة ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ، بمنزلة الخُشُبِ.
وفي الحديث في ذِكر المنافقين: خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ أَراد: أَنهم يَنامُونَ الليلَ، كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ، لا يُصَلُّون فيه؛ وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً.
والعربُ تقول للقَتِيلِ: كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ: أَكلت الخَشَبَ؛ قال الراجز ووصف إِبلاً: حَرَّقَها، مِن النَّجِيلِ، أَشْهَبُهْ، أَفْنانُه، وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ ويقال: الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذا تَناوَلَتْ أَغصانَه.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ؛ قال ابن الأَثير: هم أَصْحابُ الـمُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة؛ ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ: الخَشَبِيَّةُ؛ قيل: لأَنهم حَفِظُوا خَشَبةَ زَيْدِ بن عليّ، رضي اللّه عنه، حينَ صُلِبَ، والوجه الأَوّل، لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير.
والخَشِيبةُ: الطَّبِيعةُ.
وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: طَبَعَه، وقيل : صَقَلَه.
والخَشِيبُ من السيوفِ: الصَّقِيلُ؛ وقيل: هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ ولم يُصْقَلْ، ولا أُحْكِمَ عَمَلُه، ضدٌّ؛ وقيل: هو الحديثُ الصَّنْعة؛ وقيل: هو الذي بُدِئَ طَبْعُه. قال الأَصمعي: سيف خَشِيبٌ، وهو عند الناس الصَّقِيلُ، وإِنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ؛ وقول صخر الغي: ومُرْهَفٌ، أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه، * أَبْيَضُ مَهْوٌ، في مَتْنِهِ، رُبَدُ أَي طَبِيعَتُه.
والـمَهْوُ: الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ. قال ابن جني: فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ، لأَنه من الماءِ الذي لامُهُ هاء، بدليل قولهم في جمعه: أَمْواهٌ.
والمعنى فيه: أَنه أُرِقَّ، حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ. قال: وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه، من قول امرئِ القَيس: راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ، * ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ قال: أَصله أَمـْوَهَهُ، ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماءِ. قال، ومنه: مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه، حتى كأَنـَّه جعل عليه طَلاوةً وماءً.
والرُّبَدُ: شِبْهُ مَدَبِّ النمل، والغُبارِ.
وقيل: الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً أَمْلَسَ، فيَدْلُكَه به، فإِن كان فيه شُقُوقٌ، أَو شَعَثٌ، أَو حَدَبٌ ذَهَبَ به وامْلَسَّ. قال الأَحمر: قال لي أَعْرابي: قلت لصَيْقَلٍ: هل فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي؟ قال: نعم، إِلاَّ أَني لم أَخْشِبْه.
والخشابةُ: مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه، أَجراها عليه، فلا يُغَبِّره الجَفْن؛ هذه عن الهجري.
والخَشْبُ: الشَّحْذُ.
وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ.
واخْتَشَبَ السيفَ: اتَّخَذَه خَشْباً؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ولا فَتْكَ إِلاّ سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه، * بما اخْتَشَبُوا، مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ ويقال: سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ؛ يقول: عُرِّضَ حين طُبِعَ؛ قال ابن مِرْداسٍ: جَمَعْتُ إِلَيْهِ نَثْرَتي، ونجِيبَتي، * ورُمْحِي، ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ، صارِما والخَشْبةُ: البَرْدةُ الأُولى، قَبْلَ الصِّقال؛ وأَنشد: وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا أَي مـما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه، يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا.وقال أَبو حنيفة: خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً: عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ، وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ.
وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: مَنْحُوتٌ؛ قال أَوْسٌ في صفة خيل: فَخَلْخَلَها طَوْرَين، ثم أَفاضَها * كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ(1) (1 قوله «فخلخلها» كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومة.)ويُروى: تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ.
والخَشِيبُ: السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل.
وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها.
ويقول الرجل للنَّبَّالِ: أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي؟ فيقول: قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل، ولم أُسَوِّه، فإِذا فَرَغَ قال: قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ، وهي الـمَلْساءُ.
وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه، ولم يَتَأَنَّقْ فيه، ولا تَعَمَّلَ له؛ وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إِذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه.
والخَشِيبُ: الرَّدِيءُ والـمُنْتَقَى.
والخَشِيبُ: اليابِسُ، عن كراع. قال ابن سيده: وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ.
وجَبْهَةٌ خَشْباءُ: كَرِيهةٌ يابِسةٌ.
والجَبْهةُ الخَشْباءُ: الكَرِيهةُ، وهي الخَشِبةُ أَيضاً، ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ؛ وأَنشد: إِمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ، * أَخْشَبَ مَهْزُولاً، وإِنْ لم أُهْزَلِ وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ، وهي التي كأَنَّ حِجارَتها مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ؛ قال رؤْبة: بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ وقولُ أَبي النَّجْمِ: إِذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ الـمَنْطُوحا يريد: كأَنه نُطِحَ.
والخَشِيبُ: الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ.
والخَشيبُ من الرِّجال: الطَّوِيلُ الجافي، العارِي العِظام، مع شِدّة وصَلابة وغِلَظٍ؛ وكذلك هو من الجِمالِ.
وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً، وهو الخَشِنُ.
ورَجل خَشِيبٌ: عارِي العَظْمِ، بادِي العَصَبِ.
والخَشِيبُ منَ الإِبل: الجافي، السَّمْجُ، الـمُتَجافي، الشاسِئُ الخَلْقِ؛ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ.
وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ: كأَنها أَخاشِبُ، جمع الأَخْشَبِ؛ والحَراجيجُ: جمع حُرْجُوجٍ، وهي الناقةُ الطويلةُ، وقيل: الضَّامِرةُ؛ وقيل: الحادَّةُ القَلْبِ.
وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ.
وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ، فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذا أَكلت اليَبِيسَ من الـمَرْعَى.
وعَيْشٌ خَشِبٌ: غير مُتَأَنَّقٍ فيه، وهو من ذلك.
واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه: شَظِفَ.
وقالوا: تمَعْدَدُوا، واخْشَوْشِبُوا أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ؛ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك، ليكون أَجْلَدَ لكم.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اخْشَوْشِبُوا، وتَمعْدَدُوا. قال: هو الغِلَظُ، وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل، والاحْتِفاءُ في الـمَشْيِ، ليَغْلُظ الجَسَدُ؛ ويُروى: واخْشَوْشِنُوا، من العِيشةِ الخَشْناءِ.
ويقال: اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذا صارَ صُلْباً، خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه، وجَمِيعِ أَحْوالِه.
ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة، والنون؛ يقول: عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ، يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل، ولا تُعَوِّدُوا أَنـْفُسَكم التَّرَفُّه، أَو عِيشةَ العَجَمِ، فإِنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي.
وجَبَلٌ أَخْشَبُ: خَشِنٌ عظيم؛ قال الشاعر يصف البعير، ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل: تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ، مِنه، أَخْشَبا والأَخْشَبُ مِن الجِبال: الخَشِنُ الغَلِيظُ؛ ويقال: هو الذي لا يُرْتَقَى فيه.
والأَخْشَبُ من القُفِّ: ما غَلُظَ، وخَشُنَ، وتحَجَّر؛ والجمع أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ؛ وقد قيل في مؤَنَّثه: الخَشْباءُ؛ قال كثير عزة: يَنُوءُ فَيَعْدُو، مِنْ قَريبٍ، إِذا عَدا * ويَكْمُنُ، في خَشْباءَ، وَعْثٍ مَقِيلُها فإِما أَن يكون اسماً، كالصَّلْفاءِ، وإِما أَن يكون صفة، على ما يطرد في باب أَفعل، والأَوّل أَجود، لقولهم في جمعه: الأَخاشِبُ.
وقيل الخَشْباءُ، في قول كثير، الغَيْضةُ، والأَوّلُ أَعْرَفُ.
والخُشْبانُ: الجِبالُ الخُشْنُ، التي ليست بِضِخامٍ، ولا صِغارٍ. ابن الأَنباري: وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ، وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين.
ويقال: وقَعْنا في غضْراءَ، وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ، لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره.
والحَصْباءُ: الحَصى الذي يُحْصَبُ به.
والأَخْشَبانِ: جَبَلا مَكَّةَ.
وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ: لا تَزُولُ مَكَّةُ، حتى يَزُولَ أَخْشَباها. أَخْشَبا مَكَّةَ: جَبَلاها.
وفي الحديث: أَن جِبْرِيلَ، عليه السلام، قال: يا محمدُ إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ، فقال: دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي؛ صلى اللّه عليه وسلم، وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه، ونُصْحِه لهم، وإِشْفاقِه عليهم. غيره: الأَخْشَبانِ: الجَبَلانِ الـمُطِيفانِ بمكَّةَ، وهما: أَبو قُبَيْس والأَحْمرُ، وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ. والأَخْشَبُ: كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ.
والأَخاشِبُ: جِبالُ الصَّمَّان.
وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ: جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ، في مَحِلّة بني تَمِيم، ليس قُرْبَها أَكَمةٌ، ولا جَبَلٌ؛ وصُلْبُ الصَّمَّانِ: مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ؛ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
والخَشْبُ: الخَلْطُ والانْتِقاءُ، وهو ضِدٌّ. خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً، فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ. أَبو عبيد: الـمَخْشُوب: الـمَخْلوط في نَسَبِه؛ قال الأَعشى يصف فرساً: قافِلٍ جُرْشُعٍ، تراه كَيَبْس الرَّ * بْل، لا مُقْرِفٍ، ولا مَخْشُوبِ قال ابن بري: أَورد الجوهري عجز هذا البيت، لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ، قال: وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض، وبعده: تِلْكَ خَيْلي منه، وتِلكَ رِكابي، * هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها، كالزَّبيبِ قال ابن خالويه: الـمَخْشُوب الذي لم يُرَضْ، ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه، مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ الـمَخْشُوبة، وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها. قال: ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالـمَخْشُوبِ، إِلاَّ الأَعْشَى.
ومعنى قافِل: ضامِرٌ.
وجُرْشُعٌ: مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ.
والرَّبْلُ: ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ، وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر.
والـمُقْرِفُ: الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ.
وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطْتُه به.
وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذا كان حَبّاً، فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ، وإِن كان لحماً فَنيءٌ لم يَنْضَجْ.
ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ: لا خَيرَ عنده، وخَشِبٌ إِتْباعٌ له. الليث: الخَشَبِيَّةُ: قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ(1) (1 قوله «الجهمية» ضبط في التكملة، بفتح فسكون، وهو قياس النسب إِلى جهم بفتح فسكون أيضاً، ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها.) يَقُولون: إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم، ويقُولون: القرآنُ مَخْلُوقٌ.
والخِشابُ: بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ؛ قال جرير: أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً، * عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا؟ ويُروى: أَو رَباحاً.
وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم: الخِشابُ.
واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ.
وخُشْبانُ : اسم.
وخُشْبانُ: لَقَبٌ.
وذُو خَشَبٍ: موضِع ؛ قال الطِّرِمَّاحُ: أَو كالفَتى حاتِمٍ، إِذْ قالَ: ما ملَكَتْ * كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى، يومَ ذي خَشَبِ وفي الحديث ذكر خُشُبٍ، بضمتين، وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من الـمَدينةِ، له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي، ويقال له: ذُو خُشُبٍ.

بوك (لسان العرب) [0]


ناقة بائِكةٌ: سمينة خِيار فَتِيَّة حسنة، والجمع البَوائك.
ومن كلامهم: إنه لمِنْحارٌ بَوائكها، وقد باكت بُؤوكاً، وبعير بائِك كذلك، وجمعهم بُوَّك، وحكى ابن الأَعرابي بُيَّك، وهو مما دخلت فيه الياء على الواو بغير علة إلا القرب من الطرف وإيثار التخفيف، كما قالوا صُيَّم في صوّم، ونُيَّم في نُوّم؛ أنشد ابن الأَعرابي: ألا تَرَاها كالهِضاب بُيَّكا، مَتالِياً جَنْبَى وعوذاً ضُيَّكا؟ جَنْبَى: أراد كالجَنْبَى لتثاقلها في المشي من السمن، والضُّيَّك: التي تفاجّ من شدة الحَفْلِ لا تقدر أن تضم أفخاذها على ضروعها، وهو مذكور في موضعه. الكسائي: باكَت الناقة تَبُوك بَوْكاً سمنت.
والبَوائِكُ: السمان؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ: فما كان ذنبُ بَنِي . . . أكمل المادة مالكٍ، بأن سُبَّ منهم غلامٌ فسَبْ عَراقِيبَ كومٍ طِوال الذُّرَى، تَخِرُّ بوائِكُها للرُّكَبْ وقال ذو الرمة: أمثال اللِّجابِ البَوائك. الأَصمعي: البائك والفاشِحُ (* قوله «والفاشج» كذا بالأصل هنا وفي مادة فسج، ولم يذكر هذه العبارة في مادة فشج بل ذكرها في مادة فثج فلعل فشج محرف عن فثج).
والفاسِجُ الناقة العظيمة السنام، والجمع البَوائِك.
وقال النضر: بَوائك الإبل كرامها وخيارها؛ وقوله أنشده ابن الأَعرابي: أعطاكَ يا زيدُ الذي يُعْطي النِّعمْ من غير ما تَمَنُّنٍ ولا عَدَمْ، بَوائِكاً لم تَنْتَجِعْ مع الغنم فسره فقال: البَوائك الثابتة في مكانها يعني النخل.
والبَوْك: تَثْويرُ الماء، وفي التهذيب: تَثْوير العين يعني عين الماء. يقال: باكَ العينَ يعبُوكها.
وفي الحديث: أن بعض المنافقين باكَ عَيْناً كان النبي، صلى الله عليه وسلم، وضع فيها سهماً.
والبَوْكُ: تَدُوير البُنْدقة بين راحتيك.
وفي حديث ابن عمر: أنه كانت له بُنْدقة من مسك وكان يبلها ثم يَبُوكها أي يديرها بين راحتيه فتفوح روائحها.
والبَوْك: البيع.
وحكي عن أعرابي أنه قال: معي درهم بَهْرَج لا يُباكُ به شيء أي لا يباع.
وباكَ إذا اشترى، وباكَ إذا باع، وباكَ إذا جامع.
والبوك: الشراء، والبَوْك إدخال القِدْح في النصل.
ويقال: عُكْتَ وبُكْتَ ما لا يدي لك به (* قوله: «ما لا يدي لك به» هكذا في الأصل.) وعاك وباك.
والبَوْك: سفاد الحمار.
وباكَ الحمارُ الأتانَ يَبوكها بَوْكاً: كامَها ونزا عليها، وقد يستعمل في المرأة، قال ابن بري: وقد يستعار للآدمي؛ وأنشد أبو عمرو: فباكها مُشوَثَّقُ النِّيَاطِ، ليس كَبَوْكِ بعلها الوَطْوَاطِ وفي الحديث: أنه رُفع إلى عمر بن عبد العزيز أن رجلاً قال لآخر وذكر امرأة أجنبية: إنَّك تَبُوكها، فجلده عمر وجعله قذفاً، وأصل البَوْك في ضِراب البهائم وخاصة الحمير، فرأى عمر ذلك قذفاً وإن لم يكن صرح بالزنا.
وفي حديث سليمان بن عبد الملك: أن فلاناً قال لرجل من قريش: عَلامَ تَبُوك يتيمك في حجرك؟ فكتب إلى ابن حزم أنِ اضْرِبْه الحدَّ.
وباك القومُ رأيَهم بَوْكاً: اختلط عليهم فلم يجدوا له مَخْرَجاً.
وباكَ أمرُهم بوكاً: اختلط عليهم.
ولقيته أول بَوْكٍ أَي أوَّل مرة، ويقال لقيته اوَّل بَوْكٍ.
وأَوّلَ كل صَوْكٍ وبَوْكٍ أي أول كل شيء.
ويقال: أول بَوْكٍ وأول بائك أي كل شيء.
وكذلك فعله أول كل صَوْكٍ وبَوْكٍ.
ويقال: لقيته أول صَوْكٍ وبَوْكٍ أي أول مرة، وهو كقولك لقيته أول ذات بدءٍ.
وفي الحديث: أنهم باتوا يَبوكون حِسْيَ تَبوك بقِدْح فلذلك سميت تَبُوك، أي يحرّكونه يدخلون فيه القِدْح، وهو السهم، ليخرج منه الماء؛ ومنه يقال: باكَ الحمارَ الأَتان.
وسميت غزوة تَبُوك لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى قوماً من أَصحابه يَبوكون حسْيَ تَبُوك أَي يدخلون فيه القِدْح ويحركونه ليخرج الماء، فقال: ما زلتم تَبُوكونها بَوْكاً، فسميت تلك الغزوة غزوة تَبُوك، وهو تَفْعُل من البَوْك، والحِسْي: العين كالجَفْر.

عسب (لسان العرب) [0]


العَسْبُ: طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه. يقال: عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِـبُها، ويقال: إِنه لشديد العَسْب، وقد يُسْتَعار للناس؛ قال زهير في عبدٍ له يُدْعَى يَساراً؛ أَسَرَه قومٌ، فهَجَاهم: ولولا عَسْبُه لرَدَدْتُموه، * وشَرُّ مَنِـيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ(2) (2 قوله «لرددتموه» كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه.) وقيل: العَسْبُ ماء الفَحْلِ، فرساً كان، أَو بعيراً، ولا يَتَصَرَّفُ منه فِعْلٌ.
وقَطَعَ اللّهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه.
ويقال للوَلد: عَسْبٌ؛ قال كُثَيِّرٌ يصف خَيْلاً، أَزْلَقَتْ ما في بُطُونِها مِن أَولادها، من التَّعَب: يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِـيِّ وناصِحٍ، * تَخُصُّ به أُمُّ الطَّرِيقِ عِـيالَها العَسْبُ: الوَلَدُ، أَو ماءُ الفَحْل. يعني: أَن هذه الخيلَ . . . أكمل المادة تَرْمي بأَجِنَّتِها من هذين الفَحْلين، فتأْكلُها الطير والسباعُ.
وأُمُّ الطريق، هنا: الضَّبُعُ.
وأُمُّ الطريق أَيضاً: مُعْظَمُه.
وأَعْسَبَهُ جَمَلَه: أَعارَه إِياه؛ عن اللحياني.
واسْتَعْسَبه إِياه: اسْتَعاره منه؛ قال أَبو زُبَيْدٍ: أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الـحِصانِ إِلى * مُسْتَعْسِبٍ، أَرِبٍ منه بتَمْهِـينِ والعَسْبُ: الكِراء الذي يُؤْخَذ على ضَرْبِ الفَحْل.
وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِـبُه عَسْباً: أَعطاه الكِراءَ على الضِّرابِ.
وفي الحديث: نَهَى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، عن عَسْبِ الفَحْل. تقول: عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِـبُه أَي أَكراه. عَسْبُ الفَحْل: ماؤُه، فرساً كان أَو بعيراً، أَو غيرهما.
وعَسْبُه: ضِرابُه، ولم يَنْهَ عَن واحدٍ منهما، وإِنما أَراد النَّهْيَ عن الكراء الذي يُؤْخَذ عليه، فإِن إِعارة الفحل مندوب إِليها.
وقد جاءَ في الحديث: ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها.
ووَجْهُ الحديث: أَنه نهى عن كراء عَسْبِ الفَحْل، فحُذِفَ المضافُ، وهو كثير في الكلام.
وقيل: يقال لكراء الفحل عَسْبٌ، وإِنما نَهَى عنه للجَهالة التي فيه، ولا بُدَّ في الإِجارة من تَعْيينِ العمل، ومَعْرِفةِ مِقْدارِه.
وفي حديث أَبي معاذ: كنتُ تَيَّاساً، فقال لي البَراءُ بنُ عازب: لا يَحِلُّ لك عَسْبُ الفَحْل.
وقال أَبو عبيد: معنى العَسْبِ في الحديث الكِراءُ.
والأَصل فيه الضِّرابُ، والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ باسم غيره إِذا كان معه أَو من سَببه، كما قالوا للـمَزادة راوِية، وإِنما الرَّاوية البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه.
والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ.
واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ.
والعرب تقول: اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب، وذلك إِذا ما هَاجَ واغْتَلَم؛ وكلب مُسْتَعْسِبٌ.
والعَسِـيبُ والعَسِـيبةُ: عَظْمُ الذَّنَب، وقيل: مُسْتَدَقُّهُ، وقيل: مَنْبِتُ الشَّعَرِ منه، وقيل: عَسِـيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ والعظم.وعَسِـيبُ القَدَم: ظاهرُها طُولاً، وعَسِـيبُ الرِّيشةِ: ظاهرُها طُولاً أَيضاً، والعَسِـيبُ: جَرِيدَةٌ من النخل مستقيمة، دقيقة يُكْشَطُ خُوصُها؛ أَنشد أَبو حنيفة: وقَلَّ لها مِنِّي، على بُعْدِ دارِها، * قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِـيبُ قال: إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِـيباً، وهو القَنا، لتَتَّخِذ منه نِـيرةً وحَفَّة؛ والجمع أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ، عن أَبي حنيفة، وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ، وهي العَسِـيبة أَيضاً.
وفي التهذيب: العَسِـيب جريد النخل، إِذا نُحِّيَ عنه خُوصه.
والعَسِـيبُ من السَّعَفِ: فُوَيْقَ الكَرَبِ، لم ينبت عليه الخوصُ؛ وما نَبَت عليه الخُوصُ، فهو السَّعَفُ.
وفي الحديث: أَنه خرج وفي يده عَسِـيبٌ؛ قال ابن الأَثير: أَي جريدَةٌ من النخل، وهي السَّعَفَة، مما لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ.
ومنه حديث قَيْلة: وبيده عُسَيِّبُ نخلةٍ، مَقْشُوٌّ؛ كذا يروى مصغراً، وجمعه: عُسُبٌ، بضمتين.
ومنه حديث زيد بن ثابت: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ من العُسُبِ واللِّخَافِ.
ومنه حديث الزهري: قُبِضَ رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، والقرآنُ في العُسُبِ والقُضُم؛ وقوله أَنشده ثعلب: على مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ فسره، فقال: عَنَى قَوائمه.
والعَسْبَةُ والعَسِـبَةُ والعَسِـيبُ: شَقٌّ يكون في الجَبل. قال الـمُسَيَّب بن عَلَسٍ، وذكر العاسِلَ، وأَنه صَبَّ العَسلَ في طَرَفِ هذا العَسِـيبِ، إِلى صاحب له دونه، فتَقَبَّله منه: فهَراقَ في طَرَفِ العَسِـيبِ إِلى * مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ وعَسِـيبُ: اسمُ جَبَل.
وقال الأَزهري: هو جَبَل، بعالِـيةِ نَجْدٍ، معروف. يقال: لا أَفْعَلُ كذا ما أَقَامَ عَسِـيبٌ؛ قال امرؤ القيس: أَجارَتَنا ! إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ، * وإِنِّي مُقيمٌ ما أَقامَ عَسِـيبُ واليَعْسُوب: أَمير النَّحْلِ وذكَرُها، ثم كَثُر ذلك حتى سَمَّوْا كل رَئيسٍ يَعْسُوباً.
ومنه حديثُ الدَّجَّالِ: فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِـيبِ النَّحْل، جمع يَعْسُوبٍ، أَي تَظْهَر له وتجتمع عنده، كما تجتمع النحلُ على يَعاسِـيبها.
وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر، رضي اللّه عنهما: كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلاً حين نَفَر الناسُ عنه. اليَعْسُوب: السَّيِّدُ والرئيسُ والـمُقَدَّمُ، وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ.
وفي حديث علي، رضي اللّه عنه، أَنه ذَكرَ فتنةً فقال: إِذا كان ذلك، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه، فيَجْتَمِعُونَ إِليه كما يجتمع قَزَعُ الخَريفِ؛ قال الأَصمعي: أَراد بقوله يَعْسُوبُ الدين، أَنه سَيِّدُ الناسِ في الدِّين يومئذٍ.
وقيل: ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذنبه أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها، وضرَبَ في الأَرض ذاهِـباً في أَهْلِ دِينِه؛ وذَنَبُه: أَتْباعُه الذين يتبعونه على رَأْيه، ويَجْتَنِـبُونَ اجْتِنابَهُ من اعْتزالِ الفِتَنِ.
ومعنى قوله: ضَرَبَ أَي ذَهَبَ في الأَرض؛ يقال: ضَرَب في الأَرض مُسافِراً، أَو مُجاهِداً.
وضَرَبَ فلانٌ الغائطَ إِذا أَبْعَدَ فيها للتَّغَوُّطِ.
وقوله: بذنبه أَي في ذَنَبِه وأَتباعِه، أَقامَ الباءَ مقام في، أَو مُقامَ مع، وكل ذلك من كلام العرب.
وقال الزمخشري: الضَّرْبُ بالذَّنَب، ههنا، مَثَلٌ للإِقامة والثَّباتِ؛ يعني أَنه يَثْبُتُ هو ومن تَبِعَه على الدِّينِ.
وقال أَبو سعيد: أَراد بقوله ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدين بذَنَبه: أَراد بيَعْسُوب الدين ضعيفَه، ومُحْتَقَره، وذليلَه، فيومئذ يَعْظُم شأْنُه، حتى يصير عَيْنَ اليَعْسُوب. قال: وضَرْبُه بذَنَبِه، أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذا باضَ كما تَسْرَأُ الجراد؛ فمعناه: أَن القائم يومئذ يَثْبُتُ، حتى يَثُوبَ الناسُ إِليه، وحتى يظهر الدينُ ويَفْشُوَ.
ويقال للسَّيِّد: يَعْسُوبُ قومه.
وفي حديث عليٍّ: أَنا يَعْسُوبُ المؤمنين، والمالُ يَعْسُوبُ الكفار؛ وفي رواية المنافقين أَي يَلُوذُ بي المؤمِنونَ، ويَلُوذ بالمالِ الكفارُ أَو المنافقون، كما يَلُوذُ النَّحْلُ بيَعْسُوبِها، وهو مُقَدَّمُها وسيدُها، والباء زائدة.
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه، أَنه مَرَّ بعبدالرحمن ابن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ مَقْتُولاً، يوم الجَمل، فقال: لَهْفِـي عليك، يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ، جَدَعْتُ أَنْفي، وشَفَيْتُ نَفْسِـي؛ يَعْسُوبُ قريش: سَيِّدُها. شَبَّهه في قُرَيش بالفَحْلِ في النَّحْلِ. قال أَبو سعيد: وقوله في عبدالرحمن بن أُسَيْدٍ على التَّحْقِـير له، والوَضْعِ من قَدْرِه، لا على التفخيم لأَمره. قال الأَزهري: وليس هذا القولُ بشيء؛ وأَمـَّا ما أَنشده الـمُفَضَّلُ: وما خَيْرُ عَيْشٍ، لا يَزالُ كأَنه * مَحِلَّةُ يَعْسُوبٍ برأْسِ سِنَانِ فإِن معناه: أَن الرئيس إِذا قُتِلَ، جُعِلَ رأسُه على سِنانٍ؛ يعني أَن العَيْشَ إِذا كان هكذا، فهو الموتُ.
وسَمَّى، في حديث آخر، الذَّهَبَ يَعْسُوباً، على الـمَثَل، لِقوامِ الأُمُورِ به.
واليَعْسُوبُ: طائر أَصْغَرُ من الجَرادة، عن أَبي عبيد.
وقيل: أَعظمُ من الجرادة، طويلُ الذَّنَب، لا يَضُمُّ جناحيه إِذا وَقَع، تُشَبَّه به الخَيْلُ في الضُّمْرِ؛ قال بِشْر: أَبُو صِـبْيةٍ شُعْثٍ، يُطِـيفُ بشَخْصِه * كَوالِـحُ، أَمثالُ اليعاسِـيبِ، ضُمَّرُ والياء فيه زائدة، لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول، غير صَعْقُوقٍ.
وفي حديث مِعْضَدٍ: لولا ظَمَـأُ الـهَواجر، ما باليْتُ أَن أَكونَ يَعْسُوباً؛ قال ابن الأَثير: هو، ههنا، فَراشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تطِـيرُ في الربيع؛ وقيل: إِنه طائر أَعظمُ من الجَرادِ. قال: ولو قيل إِنه النَّحْلةُ، لَجاز.واليَعْسُوبُ: غُرَّةٌ، في وجْهِ الفرس، مُسْتَطيلَةٌ، تنقطع قبل أَن تُساوِيَ أَعْلى الـمُنْخُرَيْنِ، وإِن ارتفع أَيضاً على قَصَبة الأَنف، وعَرُضَ واعْتَدلَ، حتى يبلغ أَسفلَ الخُلَيْقَاءِ، فهو يَعْسُوب أَيضاً، قلَّ أَو كَثُر، ما لم يَبْلُغِ العَيْنَيْنِ.
واليَعْسُوبُ: دائرةٌ في مَرْكَضِ الفارِسِ، حيث يَرْكُضُ برجله من جَنْبِ الفرس؛ قال الأَزهري: هذا غلط. اليَعْسُوب، عند أَبي عبيدة وغيره: خَطٌّ من بَياضِ الغُرَّةِ، يَنْحَدِرُ حتى يَمَسَّ خَطْمَ الدابة، ثم ينقطعُ.
واليَعْسُوب: اسم فرس سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم. واليَعْسُوبُ أَيضاً: اسم فرس الزُّبير بن العوامّ، رضي اللّه تعالى عنه.

كبن (لسان العرب) [0]


الكَبْنُ: عُدْوٌ لَيِّنٌ في اسْترسال. كَبَن الرجلُ يَكْبِنُ كُبوناً وكَبْناً إِذا لَيَّن عَدْوَه؛ وأَنشد الليث (* قوله «وأنشد الليث» أي العجاج وعجزه كما في التكملة: خزاية والخفر الخزيّ الخزاية بفتح الخاء المعجمة: الاستحياء، والخفر ككتف: شديد الحياء، والخزيّ: فعيل) : يَمور وهو كابِنٌ حَيِيُّ وقيل: هو أَن يُقَصِّر في العَدْو. قال الأَزهري: الكَبْن في العَدْوِ أَن لا يَجْهَدَ نَفْسَه ويَكُفَّ بعضَ عَدْوِه، كَبَنَ الفرسُ يَكْبِنُ كَبْناً وكُبُوناً.
وفي حديث المنافق: يَكْبِنُ في هذه مرةً وفي هذه مرة أَي يَعْدُو. يقال: كَبَنَ يَكْبِنُ كُبوناً إِذا عدا عَدْواً لَيِّناً.
والكُبُونُ: السُّكُونُ؛ ومنه قال أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيّ: واضِحَة الخَدِّ شَرُوب لِلَّبَنْ، كأَنَّها أُمُّ غَزَالٍ . . . أكمل المادة قد كَبَنْ أَي سَكَنَ.
وكَبَنَ الثوبَ يَكْبِنُه ويَكْبُنُه كَبْناً: ثناه إِلى داخل ثم خاطَه.
وفي الحديث: مَرَّ بفُلانٍ وهو ساجد وقد كَبَنَ ضَفِيرَتَيْه وشَدَّهما بنِصاح أَي ثناهما ولواهما.
ورجل كُبُنٌّ وكُبُنَّة: مُنْقَبِضٌ بَخِيلٌ كَزٌّ لئيم، وقيل: هو الذي لا يَرْفَعُ طَرْفه بُخْلاً، وقيل: هو الذي يُنَكِّسُ رأْسه عن فعل الخير والمعروف؛ قال الخنساء: فَذَاكَ الرُّزْءُ عَمْرَكَ لا كُبُنٌّ، ثَقيلُ الرأْسِ يَحْلُم بالنَّعِيقِ وقال الهذلي: يَسَرٍ، إِذا كانَ الشِّتاءُ، ومُطْعِمٍ للَّحْمِ، غيرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ واستشهد الجوهري بشعر عُمَير بن الجَعْدِ الخُزاعي: يَسَرٍ، إِذا هَبَّ الشتاءُ وأَمْحَلُوا في القَوْمِ، غيرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ التهذيب: الكسائيّ رجل كُبُنَّة وامرأَة كُبُنَّةٌ للذي فيه انقباض، وأَنشد بيت الهذلي: واكْبَأَنَّ اكبِئْناناً إِذا تَقَبَّضَ.
والكُبُنَّة: الخُبْزة اليابسة.
والكُبُنُّ: الخُبْز لأَن في الخُبْز تَقَبُّضاً وتَجَمُّعاً.
ورجل مَكْبُون الأَصابع: مِثل الشَّثْنِ.
وكَبَنَ الرجلُ كَبْناً: دخلت ثناياه من أَسفلُ ومن فوقُ إِلى غارِ الفَم.
وكَبَنَ هدِيَّتَه عنَّا يَكْبِنُها كَبْناً: كفَّها وصَرَفَها؛ قال اللحياني: معنى هذا صَرَفَ هَدِيَّتَه ومعروفه عن جيرانه ومعارفه إِلى غيرهم.
وكلُّ كَفٍّ كَبْنٌ، وفي التهذيب: كلُّ كَبْنٍ كَفٌّ. يقال: كَبَنْتُ عنك لساني أَي كففته، وفرس كُبُنٌّ. ابن سيده: وفرس فيه كُبْنَةٌ وكَبَنٌ ليس بالعظيم ولا القَمِيء.
والكُبانُ: داء (* قوله «والكبان داء إلخ» وطعام لأهل اليمن وهو سحيق الذرة المبلولة يجعل في مراكن صغار ويوضع في التنور فإذا نضج واحمرّ وجهه أُخرج) . يأْخذ الإِبل، يقال منه: بعير مَكْبُونٌ.
وكَبَنَ له الظَّبْيُ وكَبَنَ الظَّبْيُ واكْبَأَنَّ إِذا لَطَأَ بالأَرض.
واكبَأَنَّ الرجل: انكسر، واكْبَأَنَّ: انْقَبَضَ؛ قال مُدْرِكُ بنُ حِصْنٍ: يا كَرَواناً صُكَّ فاكْبَأَنَّا قال ابن بري: شاهدُه قول أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيّ: كأَنها أُمُّ غَزالٍ قد كَبَنْ أَي قد تَثَنَّى ونام؛ وأَنشد لآخر: فلم يَكْبَئِنُّوا، إِذ رَأَوْنِي، وأَقْبَلَتْ إِليَّ وُجُوهٌ كالسُّيُوفِ تَهَلَّلُ وفسره أَبو عمرو الشَّيْباني فقال: كَبَنَ شَفَنَ.
والكُبُونُ: الشُّفُونُ. ابن بُزُرْج: المُكْبَئِنُّ الذي قد احْتَبى وأَدخل مِرْفَقَيْه في حُبْوَتِه ثم خَضَعَ برقبته وبرأْسه على يديه، قال: والمُكْبَئِنُّ والمُقْبَئِنُّ المُنْقَبِضُ المُنْخَنِسُ.
والكُبْنَةُ: لُعْبة للأَعراب، تُجْمَعُ كُبَناً؛ وأَنشد: تَدَكَّلَتْ بَعْدِي وأَلْهَتْها الكُبَنْ (* قوله «تدكلت إلخ» عجزه كما في التكملة: ونحن نعدو في الخبار والجرن وتدكلت أي تدللت). أَبو عبيدة: فرس مَكْبُون، والأُنثى مَكْبُونة، والجمع المَكابينُ، وهو القصير القَوائمِ الرَّحِيبُ الجَوْفِ الشَّخْتُ العِظامِ، ولا يكون المَكبُون أَقْعَسَ.
وكَبْنُ الدَّلْوِ: شَفَتُها، وقيل: ما ثُنِيَ من الجلد عند شَفَةِ الدلو فَخُرِزَ. الأَصمعي: الكَبْنُ ما ثُنِيَ من الجلد عند شفة الدلو. ابن السكيت: هو الكَبْنُ والكَبْلُ، باللام والنون؛ حكاه عن الفراء، تقول منه: كَبَنْتُ الدلو، بالفتح، أَكْبِنُها، بالكسر، إِذا كَفَفْتَ حول شَفَتِها.
وكَبَنْتُ عن الشيء: عَدَلْتُ.
وكَبَنْتُ الشيءَ: غَيَّبْتُه، وهو مثل الخَبْنِ.
وكَبَنَ فلان: سمن.
والكِبْنَةُ: السِّمَنُ؛ قال قَعْنَبُ بنُ أُم صاحب يصف جملاً: ذا كِبْنَةٍ يَمْلأُ التَّصْدِيرَ مَحْزِمُه، كأَنه حينَ يُلْقَى رَحْلُه فَدَنُ

رمق (لسان العرب) [0]


الرَّمَقُ: بقيّة الحياةِ، وفي الصحاح: بَقِية الرُّوح، وقيل: هو آخِر النفْس.
وفي الحديث: أَتيت أَبا جَهل وبه رَمَقٌ، والجمع أَرْماقٌ.
ورجل رامِق: ذو رَمَقٍ؛ قال: كأَنَّهمْ من رامِقٍ ومُقْصَدِ أَعَجازُ نَخْلِ الدَّقَلِ المُعَصَّدِ ورَمَّقه: أَمْسكَ رَمَقه. يقال: رَمَّقُوه وهم يَرمِّقُونه بشيء أَي قَدرِ ما يُمْسِك رَمَقَه.
ويقال: ما عَيْشُه إِلا رُمْقةٌ ورِماقٌ؛ قال رؤبة: ما وَجْزُ مَعْرُوفِك بالرِّماقِ، ولا مُؤاخاتُك بالمِذاقِ أَي ليس بِمَحْضٍ خالصٍ، والرَّمَقُ والرُّمْقةُ والرِّماقُ والرَّماقُ؛ الأَخيرة عن يعقوب: القليل من العَيْش الذي يُمْسِكُ الرَّمَقَ، قال: ومن كلامهم موتٌ لا يَجُرّ إِلى عارٍ خَير من عَيْشٍ في رِماق.
والمُرْمَقُّ من العَيش: الدُّون اليَسِير.
وعَيْشٌ مُرْمَقٌّ: قليل يَسير؛ قال الكميت: أَرانا . . . أكمل المادة على حُبِّ الحَياةِ وطُولِها، يُجَدُّ بِنا، في كلِّ يَوْمٍ، ونَهْزِل (* قوله «يجد» رواه الجوهري في مادة هزل بالبناء للفاعل ونقل المؤلف عن ابن بري فيها أنه بالبناء للمفعول وقال: قال وهو الصحيح). نُعالِجُ مُرْمَقّاً من العَيْشِ فانياً، له حارِكٌ لا يَحْمِلُ العِبْء أَجْزَلُ وعيش رَمِقٌ أَي يُمْسِك الرَّمَق.
وما في عيش فلان إِلا رُمْقة ورِماق أَي بلغة.
والرُّمُق: الفُقراء الذين يتَبلَّغون بالرِّماق وهو القليل من العيش؛ التهذيب: وأَنشد المُنذِري لأَوْس: صَبَوْتَ، وهل تَصْبُو ورَأْسُك أَشْيَبُ، وفاتَتْكَ بالرَّهْنِ المُرامِقِ زَيْنَبُ؟ قال أَبو الهيثم: الرَّهْن المُرامَق، ويروى المُرامِق، وهو الرَّهن الذي ليس بموثوق به وهو قلب أَوْس.
والمُرامِقُ: الذي بآخِر رَمَقٍ؛ وفلان يُرامِقُ عيْشَه إِذا كان يُدارِيه؛ فارَقَتْه زينب وقلبُه عندها فأَوْسٌ يُرامِقُه أَي يُدارِيه.
والمُرامِقُ: الذي لم يبقَ في قلبه من مودَّتك إِلا قليل؛ قال الراجز: وصاحِبٍ مُرامِقٍ داجَيْتُه، دَهَنْتُه بالدُّهْن أَو طَلَيْتُه، على بِلالِ نَفْسِه طَوَيْتُه ورامَقْتُ الأَمر إِذا لم تُبرمه؛ قال العجاج: والأمْرُ ما رامَقْتَه مُلَهْوَجا يُضْوِيك، ما لم تَجْنِ منه مُنْضَجا ونخلة تُرامِقُ بعِرْق أَي لا تَحْيا ولا تموت.
والرُّمَّقُ: الضعيفُ من الرِّجال.
وحَبْل مُرْماقٌّ: ضعيف، وقد ارْماقَّ الحبْلُ ارْمِيقاقاً.
وارْمَقَّ الأَمرُ ارْمِقاقاً أَي ضَعُف.
وحبل أَرْماقٌ: ضعيف خَلَقٌ وارْمَقَّ العيْشُ: ضَعُف.
وترمَّقَ الرجلُ الماءَ وغيره: حَسا منه حُسْوةً بعد أُخرى.
والرَّمَقُ: القَطيعُ من الغنم. فارسي معرب.
ومن كلامهم: أَضْرَعَتِ الضَّأْنُ فرَبِّقْ رَبِّقْ، وأَضْرَعَتِ المَعز فرَمِّقْ رَمِّقْ؛ يريد الأَرْباقَ وهي خُيوط تُطرَح في أَعناق البَهم لأَن الضأْن تُنزِل اللبن على رُؤوس أَولادها، والمِعزى تُنزل قبل نِتاجها بأَيام، يقول: فتَرَمَّقْ لبنَها أَي اشرَبه قليلاً قليلاً.
ورجل مُرامِق: سَيِّء الخُلُق عاجز.
ورامَقَه: داراه مَخافة شره.
والرِّماقُ: النِّفاق.
وفي حديث طَهْفةَ: ما لم تُضْمِروا الرِّماق، وهو قريب من هذا لأَنَّ المنافِقَ مُدارٍ بالكذب؛ حكاه الهَرويّ في الغريبين. يقال: رامَقْته رِماقاً وهو أَن تنظُر إِليه شَزْراً نظَرَ العَداوة، يعني ما لم تَضِق قلوبُكم عن الحقّ.
وفي حديث قُسٍّ: أَرْمُق فَدْفَدَها أَي أَنظُر نظراً طويلاً شَزْراً.
والمُرَمِّقُ في الشيء: الذي لا يُبالِغ في عَمَله.
والتَّرْمِيقُ: العَمل يعمَلُه الرجل لا يُحْسِنه وقد يَتبلَّغ به. يقال: رَمِّقْ على مَزادَتَيْك أَي رُمَّهما مَرَمَّةً تتبَلَّغ بهما.
ورمقَه يَرْمُقه رَمْقاً ورامَقَه: نظر إِليه.
ورمقْتُه ببصري ورامَقْتُه إِذا أَتْبَعْته بصَرك تتعهَّده وتنظر إِليه وتَرقُبه.
ورمَّقَ تَرْمِيقاً: أَدامَ النظر مثل رَنَّقَ.
ورجل يَرْموقٌ: ضعيف البصر.
والرُّمُقُ: الحسَدةُ، واحدهم رامِق ورَمُوقٌ.
والرَّامِقُ والرَّامِجُ: هو المِلْواحُ الذي تُصاد به البُزاةُ والصُّقور، وهو أَن تُشَدَّ رِجل البومة في شيء أَسود وتُخاطَ عيناها ويُشدّ في ساقها خيط طويل، فإِذا وقع البازي عليها صاده الصيّاد من قُترته؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَحسبه عربيّاً صحيحاً.
وارْمقّ الطريقُ: امتدّ وطال؛ قال رؤبة: عَرَفْتُ من ضَرْبِ الحَرِير عِتْقا فيه، إِذا السَّهْبُ بهِنّ ارْمَقّا الأَصمعي: ارْمَقَّ الإِهابُ ارْمِقاقاً إِذا رَقَّ، ومنه ارْمِقاقُ العيش؛ وأَنشد غيره: ولم يَدْبُغُونا على تِحْلِئٍ، فيَرْمَقُّ أَمْرٌ ولم يَعْمَلُوا والمُرْمَقُّ: الفاسد من كل شيء.

يعر (لسان العرب) [0]


اليَعْرُ واليَعْرَةُ: الشاة أَو الجَدْيُ يُشَدُّ عند زُِبْيَةِ الذئب أَو الأَسد؛ قال البُرَيْقُ الهُذَليُّ وكان قد توجه إِلى مصر في بَعْثٍ فبكى على فقدهم: فإِن أُمْسِ شيخاً بالرَّجِيع ووُلْدُهُ، ويُصْبِحُ قَوْمي دون أَرضِهِمُ مِصْرُ أُسائِلُ عنهم كلما جاءَ راكِبٌ مقيماً بأَمْلاحٍ، كما رُبِطَ اليَعْرُ والرجيع والأَملاح: موضعان.
وجعل نفسه في ضَعْفِه وقِلَّةِ حيلته كالجَدْيِ المربوط في الزُّبْيَةِ، وارتفع قوله وُلْدُه بالعطف على المضمر الفاعل في أَمس.
وفي حديث أُم زرع: وتُرْوِيه فيِقَةُ اليَعْرَةِ؛ هي بسكون العين العَناق.
واليَعْرُ: الجَدْيُ،وبه فسر أَبو عبيد قول البريق.
والفِيقَةُ: ما يجتمع في الضرع بين الحلبتين. قال الأَزهري: وهكذا قال ابن الأَعرابي، وهو الصواب، رُبط عند زُبْيَةِ . . . أكمل المادة الذئب أَو لم يُرْبَطْ.
وفي المثل: هو أَذلُّ من اليَعْرِ.
واليُعارُ: صوتُ الغنم، وقيل: صوتُ المِعْزى، وقيل: هو الشديد من أَصوات الشاء.
ويَعَرَتْ تَيْعَرُ وتَيْعِرُ، الفتح عن كراع، يُعاراً؛ قال: وأَما أَشْجَعُ الخُنْثى فَوَلَّوْا تُيوساً، بالشَّظِيِّ، لها يُعارُ ويَعَرَتِ العَنْزُ تَيْعِرُ، بالكسر، يُعاراً، بالضم: صاحت؛ وقال: عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ يَيْعِرُ حولَه، وباتَ يُسَقِّينا بُطونَ الثَّعالِبِ هذا رجل ضاف رجلاً وله عَتُودٌ يَيْعِرُ حوله، يقول: فلم يذبحه لنا وبات يُسْقِينا لبناً مَذِيقاً كأَنه بطون الثعالب لأَن اللبن إِذا أُجْهِدَ مَذْقُه اخْضَرَّ.
وفي الحديث: لا يجيء أَحدكم بشاة لها يُعارٌ، وفي حديث آخر: بشاة تَيْعَِرُ أَي تصيح.
وفي كتاب عُمَيْر ابن أَفْصى: إِن لهم الياعِرَة أَي ما له يُعارٌ، وأَكثر ما يقال لصوت المعز.
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنه: مَثَلُ المُنافِقِ كالشاة الياعِرَة بين الغَنَمَيْنِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في مسند أَحمد فيحتمل أَن يكون من اليُعار الصوت، ويحتمل أَن يكون من المقلوب لأَن الرواية العائِرَة، وهي التي تذهب كذا وكذا.
واليَعُورَةُ واليَعُورُ: الشاة تبول على حالبها وتَبْعَرُ فيفسد اللبن؛ قال الجوهري: هذا الحرف هكذا جاء، قال: وقال أَبو الغَوْثِ هو البَعُورُ، بالباء، يجعله مأُخوذاً من البَعَرِ والبَوْلِ. قال الأَزهري: هذا وهَمٌ، شاة يَعُور إِذا كانت كثيرة اليُعارِ، وكأَن الليث رأَى في بعض الكتب شاة يعور فصحَّفه وجلعه شاة بعور، بالباء.
واليَعارَةُ: أَن يُعارِضَ الفحلُ الناقةَ فيعارضها معارضة من غير أَن يُرْسَلَ فيها. قال ابن سيده: واعترض الفحلُ الناقةَ يَعارَةً إِذا عارضها فَتَنَوَّخَها، وقيل: اليَعارَةُ أَن لا تُضْرَبَ مع الإِبل ولكن يُقادُ إِليها الفحلُ وذلك لكرمها؛ قال الراعي يصف إِبلاً نجائب وأَن أَهلها لا يَغْفُلون عن إِكرامها ومراعاتها، وليست للنتاج فهنّ لا يضرب فيهن فحل إِلا معارضة من غير اعتماد، فإِن شاءت أَطاعته وإِن شاءت امتنعت منه فلا تُكره على ذلك: قلائص لا يُلْقَحْنَ إِلا يَعارَةً عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلا غَوالِيا لا يشرين إِلا غواليا أَي لكونها لا يوجد مثلها إِلا قليلاً. قال الأَزهري: قوله يقاد إِليها الفحل محال، ومعنى بيت الراعي هذا أَنه وصف نجائب لا يرسل فيها الفحل ضِنّاً بِطِرْقِها وإِبقاءً لقوّتها على السير لأَن لِقاحَها يُذهِبُ مُنَّتَها، وإِذا كانت عائطاً فهو أَبقى لسيرها وأَقل لتعبها، ومعنى قوله إِلا يَعارَةً، يقول: لا تُلْقَحُ إِلا أَن يُفْلِتَ فحل من إِبل أُخرى فَيَعِير ويضربها في عَيرَانِه؛ وكذلك قال الطِّرِمَّاحُ في نجيبة حَمَلَت يَعارَةً فقال: سَوْفَ تُدْنِيكَ من لَمِيسٍ سَبَنْتا ةٌ، أَمارَتْ بالبَوْلِ ماءَ الكِراضِ أَنْضَجَتْهُ عشرينَ يوماً، ونِيلَتْ حين نِيلَتْ يَعارَةً في عِراضِ أَراد أَن الفحل ضربها يَعارَةً، فلما مضى عليها عشرون ليلة من وقتِ طَرَقها الفحلُ أَلقت ذلك الماء الذي كانت عقدت عليه فبقيت مُنَّتُها كما كانت؛ قال أَبو الهيثم: معنى اليَعارَةِ أَن الناقة إِذا امتنعت على الفحل عارَتْ منه أَي نَفَرَتْ، تعارُ، فَيُعارِضها الفحلُ في عَدوِها حتى يَنالها فَيَسْتَنِيخَها ويضربها. قال: وقوله يَعارَةً إِنما يريد عائرةً فجعل يَعارة اسماً لها وزاد فيه الهاء، وكان حقه أَن يقال عارَتْ تَعِيرُ فقال تعارُ لدخول أَحد حروف الحلق فيه.
واليَعْرُ: ضرب من الشجر.
وفي حديث خزيمة: وعاد لها اليَعارُ مُجْرَنْثِماً؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وفسر أَنه شجرة في الصحراء تأْكلها الإِبل، وقد وقع هذا الحديث في عدّة تراجم.
ويَعْرٌ: بلد؛ وبه فسر السُّكَّرِيُّ قول ساعدة بن العَجْلان: تَرَكْتَهُمُ وظَلْتَ بِجَرِّ يَعْرٍ، وأَنتَ زَعَمْتَ ذو خَبَبٍ مُعِيدُ

حَمَلَهُ (القاموس المحيط) [0]


حَمَلَهُ يَحْمِلُهُ حَمْلاً وحُمْلاناً، فهو مَحْمولٌ وحَميلٌ، واحْتَمَلَهُ.
والحِمْلُ، بالكسر: ما حُمِلَ،
ج: أحْمالٌ.
والحُمْلانُ، بالضم: ما يُحْمَلُ عليه من الدوابِّ، في الهِبَةِ خاصَّةً
و~ في اصْطِلاحِ الصاغَةِ: ما يُحْمَلُ على الدَّراهِمِ من الغِشِّ.
وحَمَلَهُ على الأمر يَحْمِلُهُ فانْحَمَلَ: أغْراهُ به.
والحَمْلَةُ: الكَرَّةُ في الحَربِ، وبالكسر والضم: الاحْتِمالُ من دارٍ إلى دارٍ.
وحَمَّلَهُ الأمرَ تَحْميلاً وحِمَّالاً، ككِذَّابٍ، فَتَحَمَّلَهُ تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً.
وقولُهُ تعالى {فأَبَيْنَ أن يَحْمِلْنهَا وحَمَلَها الإِنْسانُ}، أي: يَخُنَّها، وخانَها الإِنسانُ، والإِنسانُ هنا: الكافرُ والمُنافِقُ.
واحْتَمَلَ الصَّنيعَةَ: تَقَلَّدَها وشَكَرَها.
وتَحامَلَ في الأمرِ، وبه: تَكَلَّفَهُ على مَشَقَّةٍ،
و~ عليه: كَلَّفَهُ . . . أكمل المادة ما لا يُطيقُ.
واسْتَحْمَلَهُ نَفْسَه: حَمَّلَهُ حَوائِجَهُ وأُمورَهُ.
وشَهْرٌ مُسْتَحْمِلٌ: يَحْمِلُ أهْلَهُ في مَشَقَّةٍ.
وحَمَلَ عنه: حَلُمَ،
فهو حَمولٌ: ذو حِلْمٍ.
والحَمْلُ: ما يُحْمَلُ في البَطْنِ من الوَلَدِ،
ج: حِمالٌ وأحْمالٌ،
وبِلا لامٍ: ة باليمنِ.
وحُمْلانُ، كعُثْمانَ: أُخْرَى بها.
وحَمَلَتِ المرأةُ تَحْمِلُ: عَلِقَتْ، ولا يقالُ: حَمَلَتْ به، أو قليلٌ، وهي حامِلٌ وحامِلةٌ.
والحَمْلٌ: ثَمَرُ الشجرِ، ويُكْسَرُ، أو الفتحُ: لما بَطَنَ من ثَمَرِه، والكسرُ: لِما ظَهَرَ، أو الفتحُ: لما كان في بَطْنٍ، أو على رأسِ شجرةٍ، والكسرُ: لما على ظَهْرٍ أو رأسٍ، أو ثَمَرُ الشجرِ، بالكسر، ما لم يَكْبُرْ ويَعْظُمْ، فإذا كَبُرَ فبالفتح،
ج: أحْمالٌ وحُمولٌ وحِمالٌ، ومنه: "هذا الحِمالُ لا حِمالُ خَيْبَرَ"، يعني: ثَمَرَ الجَنَّةِ، وأنه لا يَنْفَدُ، وشجرةٌ حامِلةٌ.
وكشَدَّادٍ: حامِلُ الأَحْمالِ.
وككِتابةٍ: حِرْفَتُه.
وكأَميرٍ: الدَّعِيُّ، والغَريبُ، والشِّراكُ، والكَفِيلُ، والوَلَدُ في بَطْنِ أُمِّه إذا أُخِذَتْ من أرضِ الشِّرْكِ،
و~ من السَّيْلِ: الغُثاءُ،
و~ من الثُّمامِ والوَشيجِ: الدابِلُ الأَسْوَدُ، وبَطنُ المَسيلِ، وهو لا يُنْبِتُ، والمَنْبُوذُ يَحْمِلُهُ قومٌ فَيُرَبُّونَهُ.
والمَحْمِلُ، كَمَجْلِسٍ: شِقَّانِ على البعيرِ يُحْمَلُ فيهما العَديلانِ،
ج: مَحامِلُ، وإلى بَيْعِها نُسِبَ أبو الحسنِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ القاسِمِ بنِ إسماعيلَ بنِ محمدِ بنِ إسماعيلَ المَحامِلِيُّ، وولدُهُ محمدٌ، ويحيى حَفيدُه، وأخوهُ أَبو القاسِمِ الحُسَيْنُ، والزِّنْبيلُ يُحْمَلُ فيه العِنَبُ إلى الجَرينِ،
كالحامِلَةِ.
وكَمِنْبَرٍ: عِلاقَةُ السيفِ،
كالحَميلَةِ والحِمالَةِ، بالكسر، وعِرْقُ الشجرِ.
والحَمولَةُ: ما احْتَمَلَ عليه القومُ من بعيرٍ وحِمارٍ ونحوِهِ، كانتْ عليه أثْقالٌ أو لم تكنْ، والأَحْمالُ بعَيْنِها.
والحُمولُ، بالضم: الهَوادِجُ، أَو الإِبِلُ عليها الهَوادِجُ، الواحدُ: حِمْلٌ، بالكسر، ويُفْتَحُ.
وأحْمَلَهُ الحِمْلَ: أعانَهُ عليه.
وحَمَلَهُ: فَعَلَ ذلك به.
وكسحابةٍ: الدِّيَةُ يَحْمِلُها قومٌ عن قومٍ،
كالحِمال،
ج: حُمُلٌ، ككُتُبٍ.
وككِتابَةٍ: أفْراسٌ لِبني سُلَيْمٍ، ولِعامرِ بنِ الطُّفَيْلِ، ولمُطَيْرِ بنِ الأشْيَمِ، ولعَبايَةَ بنِ شَكْسٍ.
وكشَدَّادٍ: فَرَسُ أوفى بنِ مَطَرٍ، ولَقَبُ رافِعِ بنِ نَصرٍ الفَقيهِ.
وكزُبَيْرٍ: اسمٌ، ولَقَبُ أبي نَضْرَةَ الغِفارِيِّ، وفَرَسٌ لبَني عِجْلٍ من نَسْلِ الحَرونِ.
والحوامِلُ: الأَرْجُلُ،
و~ من القَدَمِ والذِراعِ: عَصَبُها، الواحِدَةُ: حامِلَةٌ.
ومَحامِلُ الذَّكَرِ وحَمائِلُهُ: عُروقٌ في أصْلِهِ، وجِلْدُهُ.
وحَمَلَ به يَحْمِلُ حَمالَةً: كفَلَ،
و~ الغَضَبَ: أظهَرَه، قيلَ: ومنه:
"لم يَحْمِلْ خَبَثاً"، أَي: لم يَظْهَرْ فيه الخَبَثُ.
واحْتُمِلَ لَوْنُهُ، للمَفْعولِ: غَضِبَ وامْتُقِعَ، وكَمُحْسِنٍ: المرأةُ يَنْزِلُ لبَنُها من غيرِ حَبَلٍ، وقد أحْمَلَتْ.
والحَمَلُ، محرَّكةً: الخَروفُ، أَو هو الجَذَعُ من أولادِ الضأنِ فَما دونَهُ،
ج: حُمْلانٌ وأحْمالٌ،
و~ : السَّحابُ الكثيرُ الماءِ،
و~: بُرْجٌ في السماءِ،
وع بالشامِ،
و~ : جَبَلٌ قُرْبَ مكةَ عندَ الزَّيْمَةِ وسَوْلَةَ،
و~ ابنُ سَعْدانَةَ الصَّحابِيُّ، وابنُ مالِكِ بنِ النابِغة، وابنُ بِشرٍ الأَسْلَمِيُّ، وسَعيدُ بنُ حَمَلٍ، وعَدامُ بنُ حَمَلٍ، وعليُّ بنُ السَّرِيِّ بنِ الصَّقْرِ بنِ حَمَلٍ: مُحدِّثونَ،
و~ : نقَاً من رَمْلِ عالِجٍ،
و~ : جَبَلٌ آخَرُ فيه جَبَلانِ، يقالُ لهما: طِمِرَّانِ.
والحَوْمَلُ: السَّيْلُ الصافي،
و~ من كلِّ شيءٍ: أوَّلُهُ، والسَّحابُ الأَسْوَدُ من كَثْرَةِ مائِهِ، وبِلا لامٍ: فَرَسُ حارِثَةَ بنِ أوْسٍ، وامرأةٌ كانت لها كَلْبَةٌ، تُجيعُها بالنَّهارِ، وهي تَحْرُسُها باللَّيلِ، حتى أَكَلَتْ ذَنَبَها جُوعاً، فقيلَ: "أَجْوَعُ من كَلْبَةِ حَوْمَل"، وع.
والأَحْمالُ: بُطونٌ من تَميمٍ.
والمَحْمولَةُ: حِنْطَةٌ غَبْراءُ، كثيرَةُ الحَبِّ.
وبَنو حَميلٍ، كأَميرٍ: بَطْنٌ.
ورجُلٌ مَحْمولٌ: مَجْدودٌ من رُكوبِ الفُرَّهِ.
والحُمَيْلِيَةُ، بالضم: ة من نَهْرِ المَلِكِ.
وهو حَميلَةٌ عَلَينا: كَلٌّ وعِيالٌ.
واحْتَمَلَ: اشْتَرَى الحَميلَ: للشيءِ المَحْمولِ من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ.
وحَوْمَلَ: حَمَلَ الماءَ.

هبر (لسان العرب) [0]


الهَبْرُ: قطع اللحم.
والهَبْرَةُ: بضعة من اللحم أَو نَحْضَة لا عظم فيها، وقيل: هي القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة.
وأَعطيته هَبْرَةً من لحم إذا أَعطاه مجتمعاً منه، وكذلك البِضْعَةُ والفِدْرَةُ.
وهَبَرَ يَهْبُرُ هَبْراً:قطع قِطَعاً كباراً.
وقد هَبَرْت له من اللحم هَبْرَةً أَي قطعت له قِطْعَةً.
واهْتَبَرَهُ بالسيف إِذا قطعه.
وفي حديث عمر: أَنه هَبَرَ المنافقَ حتى بَرَدَ.
وفي حديث علي، عليه السلام: انظروا شَزْراً واضْرِبُوا هَبْراً؛ الهَبْرُ: الضرب والقطع.
وفي حديث الشُّراةِ: فَهَبَرْناهم بالسيوف. ابن سيده: وضَرْبٌ هَبْرٌ يَهْبُرُ اللحم، وصف بالمصدر كما قالوا: دِرْهَمٌ ضربٌ. ابن السكيت: ضرب هَبْرٌ أَي يُلْقِي قِطْعَةً من اللحم إِذا ضربه، وطعنٌ نَتْرٌ فيه اختلاسُ، وكذلك ضربٌ هَبِيرٌ وضربَةٌ . . . أكمل المادة هَبِيرٌ؛ قال المتنخل: كَلَوْنِ المِلْحِ، ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، يُتِرُّ العَظْمَ، سَقَّاطٌ سُراطِي وسيف هَبَّارٌ يَنْتَسِفُ القطعة من اللحم فيقطعه، والهِبِرُّ: المنقطع من ذلك، مثل به سيبويه وفسره السيرافي.
وجملٌ هَبِرٌ وأَهْبَرُ: كثير اللحم.
وقد هَبِرَ الجمل، بالكسر، يَهْبَرُ هَبَراً، وناقة هَبِرَةٌ وهَبْراءُ ومُهَوْبِرَةٌ كذلك.
ويقال: بعير هَبِرٌ وَبِرٌ أَي كثير الوَبَرِ والهَبْرِ، وهو اللحم.
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: كَعَصْفٍ مأْكول، قال: هو الهَبُّورُ؛ قيل: هو دُقاقُ الزرع بالنَّبَطِيَّة ويحتمل أَن يكون من الهَبْرِ القَطْع.
والهُبْرُ: مُشاقَةُ الكتان؛ يمانية؛ قال: كالهُبْرِ، تحتَ الظُّلَّةِ، المَرْشُوشِ والهِبْرِيَةُ: ما طار من الزَّغَبِ الرقيق من القطن؛ قال: في هِبْرِياتِ الكُرْسُفِ المَنْفُوشِ والهِبْرِيَة والهُبارِية: ما طار من الريش ونحوه.
والهِبْرِيَة والإِبْرِيَةُ والهُبارِيَةُ: ما تعلق بأَسفل الشعر مثل النخالة من وسخ الرأْس.
ويقال: في رأْسه هِبْرِيَةٌ مثلُ فِعْلِيَةٍ؛ وقول أَوسِ بن حَجَرٍ: لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ، كالمَرْزُنانِيِّ عَيَّارٌ بأَوْصالِ قال يعقوب: عنى بالهبرية ما يتناثر من القصب والبردي فيبقى في شعره متلبداً.
وهَوْبَرَتْ أُذُنُه: احْتَشَى جَوْفُها وَبَراً وفيها شعر واكْتَسَتْ أَطرافُها وطُرَرُها، وربما اكتَسَى أُصولُ الشعر من أَعالي الأُذنين.
والهَبْرُ: ما اطمأَنَّ من الأَرض وارتفع ما حوله عنه، وقيل: هو ما اطمأَن من الرمل؛ قال عدي: فَتَرى مَحانِيَهُ التي تَسِقُ الثَّرَى، والهَبْرَ يُونِقُ نَبْتُها رُوَّادَها والجمع هُبُور؛ قال الشاعر: هُبُور أَغْواطٍ إِلى أَغْواطِ وهو الهَبيرُ أَيضاً؛ قال زُمَيْلُ بن أُم دينار: أَغَرُّ هِجانٌ خَرَّ من بَطْنِ حُرّةٍ على كَفِّ أُخْرَى حُرَّةٍ بِهَبِيرِ وقيل: الهبير من الأَرض أَن يكون مطمئناً وما حوله أَرفع منه، والجمع هُبْرٌ؛ قال عدي: جَعَلَ القُفَّ شمالاً وانْتَحى، وعلى الأَيْمَنِ هُبْرٌ وبُرَقْ ويقال: هي الصُّخُورُ بين الرَّوابي.
والهَبْرَةُ: خرزة يُؤَخَّذُ بها الرجال.
والهَوْبَرُ: الفهد؛ عن كراع.
وهَوْبَرٌ: اسم رجل؛ قال ذو الرمة: عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثِيُّون، بعدما قَضَى نَحْبَه من مُلْتَقَى القومِ هَوْبَرُ أَراد ابن هَوْبَر، وهُبَيْرَةُ: اسم.
وابنُ هُبَيْرَةَ: رجل. قال سيبويه: سمعناهم يقولون ما أَكثَرَ الهُبَيْراتِ، واطَّرَحُوا الهُبَيْرِينَ كراهية أَن يصير بمنزلة ما لا علامة فيه للتأْنيث.
والعرب تقول: لا آتيك هُبَيْرَةَ بنَ سَعْدٍ أَي حتى يَؤُوبَ هُبَيْرَةُ، فأَقاموا هُبَيْرَةَ مقام الدَّهْرِ ونصبوه على الظرف وهذا منهم اتساع؛ قال اللحياني: إِنما نصبوه لأَنهم ذهبوا به مذهب الصفات، ومعناه لا آتيك أَبداً، وهو رجل فُقِدَ؛ وكذلك لا آتيك أَلْوَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ، ويقال: إِن أَصله أَن سَعْدَ بنَ زيد مناةَ عُمِّرَ عُمُراً طويلاً وكَبِرَ، ونظر يوماً إِلى شائه وقد أُهْمِلَتْ ولم تَرْعَ، فقال لابنه هُبَيْرَةَ: ارْعَ شاءَك، فقال: لا أَرعاها سِنَّ الحِسْلِ أَي أَبداً، فصار مثلاً.
وقيل لا آتيك أَلْوَةَ هُبَيْرَةَ.
والهُبَيْرَةُ: الضَّبُعُ الصغيرة. أَبو عبيدة: من آذان الخيل مُهَوْبَرَةٌ، وهي التي يَحْتَشِي جَوْفُها وَبَراً وفيها شعر، وتَكْتَسِي أَطرافُها وطُرَرُها أَيضاً الشَّعْرَ، وقلما يكون إِلا في روائد الخيل وهي الرَّواعِي.
والهَوْبَرُ والأَوْبَرُ: الكثير الوَبَرِ من الإِبل وغيرها.
ويقال للكانُونَيْنِ: هما الهَبَّارانِ والهَرَّارانِ. أَبو عمرو: يقال للعنكبوت الهَبُورُ والهَبُونُ.
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، في وقوله تعالى: فجعلهم كَعَصْفٍ مأْكول؛ قال: الهَبُّورُ،قال سفيان: وهو الذَّرُّ الصغير.
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: هو الهَبُّورُ عُصافَةُ الزرع الذي يؤكل، وقيل: الهَبُّورُ بالنَّبَطيَِّة دُقاق الزرع، والعُصافَةُ ما تفتت من ورقه، والمأْكول ما أُخذ حبه وبقي لا حب فيه.
والهَوْبَرُ: القِرْدُ الكثير الشعر، وكذلك الهَبَّارُ؛ وقال: سَفَرَتْ فقلتُ لها: هَجٍ فَتَبَرْقَعَتْ، فذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ هَبَّارَا وهَبَّار: اسم رجل من قريش.
وهَبَّار وهابِرٌ: اسمان.
والهَبِيرُ: موضع، والله أَعلم.

خلص (لسان العرب) [0]


خَلَص الشيء، بالفتح، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كان قد نَشِبَ ثم نَجا وسَلِم.
وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص للّه دِينَه: أَمْحَضَه.
وأَخْلَصَ الشيءَ: اختاره، وقرئ: إِلاَّ عبادَك منهم المُخْلِصين، والمُخْلَصِين؛ قال ثعلب: يعني بالمُخْلِصين الذين أَخْلَصوا العبادة للّه تعالى، وبالمُخْلَصِين الذين أَخْلَصهم اللّهُ عزّ وجلّ. الزجاج: وقوله: واذْكُرْ في الكتاب موسى إِنه كان مُخْلَصاً، وقرئ مُخْلِصاً، والمُخْلَص: الذي أَخْلَصه اللّهُ جعله مُختاراً خالصاً من الدنس، والمُخْلِص: الذي وحّد اللّه تعالى خالصاً ولذلك قيل لسورة: قل هو اللّه أَحد، سورة الإِخلاص؛ قال ابن الأَثير: سميت بذلك لأَنها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس، أَو لأَن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيدَ للّه عزّ وجلّ، . . . أكمل المادة وكلمة الإِخلاص كلمة التوحيد، وقوله تعالى: من عبادنا المُخْلَصِين، وقرئ المُخْلِصين، فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون.
والتخليص: التَّنْجِيَة من كل مَنْشَبٍ، تقول: خَلَّصْته من كذا تَخْلِيصاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فتخلّص، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كما يُتخلّصُ الغَزْلُ إِذا الْتَبَس.
والإِخْلاصُ في الطاعة: تَرْكُ الرِّياءِ، وقد أَخْلَصْت للّه الدِّينَ.
واسْتَخْلَصَ الشيء: كأَخْلَصَه.
والخالِصةُ: الإِخْلاصُ.
وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ.
وخَلَصَ الشيءُ، بالفتح، يَخْلُصُ خُلوصاً أَي صار خالِصاً.
وخَلَصَ الشيء خَلاصاً، والخَلاصُ يكون مصدراً للشيء الخالِص.
وفي حديث الإِسراء: فلما خَلَصْت بمُسْتَوىً من الأَرض أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يقال: خَلَصَ فلان إِلى فلان أَي وصل إِليه، وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ ومنه حديث هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه.
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: أَنه قَضَى في حكومة بالخَلاصِ أَي الرجوعِ بالثَّمن على البائع إِذا كانت العينُ مُسْتَحِقَّةً وقد قَبَضَ ثمَنَها أَي قضى بما يُتَخَلّص به من الخصومة.
وخلَص فلانٌ إِلى فلان أَي وَصَل إِليه.
ويقال: هذا الشيء خالِصةٌ لك أَي خالِصٌ لك خاصّة.
وقوله عزّ وجلّ: وقالوا ما في بُطونِ هذه الأَنْعامِ خالصةٌ لذكورنا؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جعل معنى ما التأْنيثَ لأَنها في معنى الجماعة كأَنهم قالوا: جماعةُ ما في بطون هذه الأَنعامِ خالصةٌ لذكورنا.
وقوله: ومُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ على لفظ ما، ويجوز أَن يكون أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، والذي في بطون الأَنعام ليس بمنزلة بعض الشيء لأَن قولك سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ الأَصابِع أُصبعٌ، وهي واحدة منها، وما في بطن كل واحدة من الأَنعام هو غيرها، ومن قال يجوز على أَن الجملة أَنعام فكأَنه قال وقالوا: الأَنعامُ التي في بطون الأَنعام خالصةٌ لذكورنا، قال ابن سيده: والقولُ الأَول أَبْبَنُ لقوله ومُحَرَّمٌ، لأَنه دليل على الحَمْلِ على المعنى في ما، وقرأَ بعضهم خالصةً لذكورنا يعني ما خلَص حَيّاً، وأَما قوله عزّ وجلّ: قل هي للذين آمَنُوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، قُرئَ خالصةٌ وخالصةً، المعنى أَنها حَلال للمؤمنين وقد يَشْرَكُهم فيها الكافرون، فإِذا كان يومُ القيامة خَلَصت للمؤمنين في الآخرة ولا يَشْرَكُهم فيها كافر، وأَما إِعْراب خالصةٌ يوم القيامة فهو على أَنه خبر بعد خبر كما تقول زيدٌ عاقلٌ لبيبٌ، المعنى قل هي ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا في تأْويل الحال، كأَنك قلت قل هي ثابتة مستقرة في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة.
وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَخْلَصْناهم بِخالِصةٍ ذِكْرى الدار؛ يُقْرَأُ بخالصةِ ذِكْرى الدار على إِضافة خالصة إِلى ذِكْرى، فمن قرأَ بالتنوين جعل ذِكْرى الدار بَدَلاً من خالصة، ويكون المعنى إِنا أَخْلَصْناهم بذكرى الدار، ومعنى الدار ههنا دارُ الآخرة، ومعنى أَخلصناهم جعلناهم لها خالصين بأَن جعلناهم يُذَكِّرون بدار الآخرة ويُزَهِّدون فيها الدُّنْيا، وذلك شأْن الأَنبياء، ويجوز أَن يكون يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة والرُّجوعِ إِلى اللّه، وأَما قوله خلَصُوا نَجِيّاً فمعناه تَميّزوا عن الناس يَتَناجَوْن فيما أَهَمَّهم.
وفي الحديث: أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فقالوا: وما يومُ الخَلاصِ؟ قال: يوم يَخْرج إِلى الدجّال من أَهل المدينة كلُّ مُنافِقٍ ومُنافقة فيتميَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بعضُهم من بعض.
وفي حديث الاستسقاء: فَلْيَخْلُصْ هو وولدُه أَي ليتميّزْ من الناس.
وخالَصَهُ في العِشْرة أَي صافاه.
وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ وأَخْلَصه له وهم يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً.
والخالصُ من الأَلوان: ما صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني.
والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ من تمر.
والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى في السَّمْن، وأَخْلَصَه: فَعَل به ذلك.
والخِلاصُ: ما خَلَصَ من السَّمْن إِذا طُبِخَ.
والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ من الثُّفْل.
والخُلوصُ: الثُّفْلُ الذي يكون أَسفل اللبَنِ.
ويقول الرجل لصاحبةِ السَّمْنِ: أَخْلِصي لنا، لم يفسره أَبو حنيفة، قال ابن سيده: وعندي أَن معناه الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غيره: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السمن ما خَلَصَ منه لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فيه شيئاً من سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ من الثُّفْل فذلك السمنُ هو الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بكسر الخاء، وهو الإِثْر، والثُّفْلُ الذي يَبْقى أَسفلَ هو الخُلوصُ والقِلْدَةُ والقِشْدَةُ والكُدادةُ، والمصدر منه الإِخْلاصُ، وقد أَخْلَصْت السَّمْنَ. أَبو زيد: الزُّبْدُ حين يجعل في البُرْمةِ لِيُطبخ سمناً فهو الإِذْوابُ والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ من الثُّفْل فذلك اللبن الإِثْرُ والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الذي يكون أَسفلَ هو الخُلوصُ. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول لما يُخْلَصُ به السمنُ في البُرْمة من اللبن والماء والثُّفْل: الخِلاصُ، وذلك إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فيه ليَخْلُصَ السمنُ من بَقيّة اللبن المختلط به، وذلك الذي يَخْلُص هو الخِلاص، بكسر الخاء، وأَما الخِلاصة والخُلاصة فهو ما بقي في أَسفل البُرْمة من الخِلاص وغيرِه من ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدقيش: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي منه يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قال: مَرَّ الفرزدق برجل من باهلة يقال له حُمامٌ ومعه نِحْيٌ من سَمْنٍ، فقال له الفرزدق: أَتَشْتري أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بهذا النِّحْي؟ فقال: أَللّهِ عليك لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فقال: أَللّهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بين يديه وخرج يَعْدُوة فأَخذه الفرزدق وقال: لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه، عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ من السَّمْنِ رِبْعيٌّ يكون خِلاصُه، بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ فأَصْبَحْتُ عن أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ، أَهَلَّ بِحَجٍّ في أَصَمَّ حَرامِ الفراء: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا أَعطى الخَلاص، وهو مِثْل الشيء؛ ومنه حديث شريح: أَنه قضى في قَوْس كسَرَها رجل بالخَلاصِ أَي بمثلها.
والخِلاص، بالكسر: ما أَخْلَصَته النارُ من الذهب والفضة وغيره، وكذلك الخِلاصة والخُلاصة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه كاتَبَ أَهلَه على كذا وكذا وعلى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص.
والخِلاصة والخُلاصة: كالخِلاص، قال: حكاه الهروي في الغريبين.
واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وهو خالِصَتي وخُلْصاني.
وفلان خِلْصي كما تقول خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت مَوَدّتُهما، وهم خُلْصاني، يستوي فيه الواحد والجماعة.
وتقول: هؤلاء خُلْصاني وخُلَصائي، وقال أَبو حنيفة: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ البعيرُ سَمِن، وكذلك الناقة؛ قال: وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الريح له وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قال أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شجر ينبت نبات الكَرْم يتعلق بالشجر فيعْلق، وله ورق أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وله وَرْدةٌ كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وهو طيّبُ الريح، وله حبّ كحبّ عِنَبِ الثَّعْلبِ يجتمع الثلاثُ والأَربعُ معاً، وهو أَحمر كغَرز العقيق لا يؤكل ولكنه يُرْعَى؛ ابن السكيت في قوله: بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ الأَصمعي: هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه.
ويقال لكل شيء أَبيضَ: خالِصٌ؛ قال العجاج: مِنْ خالِص الماء وما قد طَحْلَبا يريد خَلَص من الطُّحْلُب فابْيَضَّ. الليث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كان قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد: مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما والخالصُ: الأَبْيَضُ من الأَلوان. ثوب خالصٌ: أَبْيَضُ.
وماءٌ خالص: أَبيض.
وإِذا تَشَظَّى العظامُ في اللحم، فذلك الخَلَصُ. قال: وذلك في قَصَب العظام في اليد والرجل. يقال: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا بَرَأَ وفي خَلَلِه شيءٌ من اللحم.
والخَلْصاءُ: ماءٌ بالبادية، وقيل موضع، وقيل موضع فيه عين ماء؛ قال الشاعر: أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها، وهُنَّ أَحْسَنُ من صِيرانِها صِوَرَا وقيل: هو الموضع بالدهناء معروف.
وذو الخَلَصة: موضع يقال إِنه بيت لِخَثْعَم كان يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وكان فيه صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ فَهُدِم.
وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ على ذي الخَلَصة؛ هو بيتٌ كان فيه صنم لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم، وقيل: ذو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ التي كانت باليمن فأَنْفَذَ إِليها رسول اللّه، صلَى اللّه عليه وسلّم، جَرِيرَ بنَ عبد اللّه يُخَرِّبُها، وقيل: ذو الخَلَصة الصنم نفسه، قال ابن الأَثير: وفيه نظر (* قوله «وفيه نظر» أَي في قول من زعم انه بيت كان فيه صنم يسمى الخلصة لأن ذو لا تضاف الا إلخ، كذا بهامش النهاية.) لأَن ذو لا تُضاف إِلاَّ إِلى أَسماء الأَجناس، والمعنى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جاهليّتهم في عبادة الأَوثان فتسعى نساءُ بني دَوْسٍ طائفاتٍ حول ذي الخَلَصة فتَرْتَجُّ أَعجازُهن.
وخالصةُ: اسم امرأَة، واللّه أَعلم.

حفر (لسان العرب) [0]


حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، واسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ.
واسْتَحْفَرَ النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ.
والحَفُيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: البئر المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، والحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشيء المَحْفُور، وهو مثل الهَدَمِ، ويقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ وقال الشاعر: قالوا: انْتَهَيْنا، وهذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ والجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي: جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ، مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِّ وقد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ.
وفي الأَحاديث: ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، وهو بفتح الحاء والفاء، وهي رَكايا احْتَفَرها على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، وفيه ذكر الحَفِيرة، بفتح الحاء وكسر . . . أكمل المادة الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، وأَما بضم الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ.
والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ ونحوها مما يحتفر به، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وجمع الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهَّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عنه واحْتَفَرَهُ.الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وفلان أَرْوَغُ من يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ سُفْلاً ويَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجُحْرُ فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ ويقال إِنه إِذا حافَرَ وأَبى أَن يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا فترى الجُحْرَ مملوءًا تراباً مستوياً مع ما سواه إِذا جَثا، ويسمى ذلك الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه.
وقال ابن شميل: رجل مُحافِرٌ ليس له شيء؛ وأَنشد: مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي، ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي، غَيْرُ مُدًى وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ وكانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، وذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب المنافقين، وذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم.
والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، وقيل: هي صُفْرة تعلو الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لغتان، وهو ما يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر وباطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ حَفْراً.
ويقال: في أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تقول: في أَسنانه حَفَرٌ، بالتحريك؛ وقد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً: فسدت أُصولها؛ ويقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: وهي أَرادأُ اللغتين؛ وسئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ من ظاهر وباطن، يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً.
ويقال: أَخذ فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ.
ويقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فيهما.
وأَحْفَرَ الصبي: سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ.
وأَحْفَرَ المُهْرَ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ: سقطت ثناياه لذلك.
وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذهبت رَواضِعُها وطلع غيرها.
وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: وإِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا رواضعه فسقطن؛ قال: وأَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له ثنيتان سفليان وثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان والرباعيتان العلييان من رواضعه، وإِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه، فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح وهو أَن يتحرَّك قارحاه وذلك إِذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إِذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم إِذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إِذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ للإِرباع، وإِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: وصوابه إِذا استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: وكأَنه سقط شيء.
وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إِذا ذهبت رواضعه وطلع غيرها.
والْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما الْتَقَوْا.
والعرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ وفي التهذيب: أَي رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ.
ورجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه.
والحافِرَةُ: الخلقة الأُولى.
وفي التنزيل العزيز: أَئِنَّا لَمَرْدُودونَ في الحافِرَةِ؛ أَي في أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: أَحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ؟ مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ يقول: أَأَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي وأَمري الأَول من الغَزَلِ والصِّبَا بعدما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ والحافرة: العَوْدَةُ في الشيء حتى يُرَدَّ آخِره على أَوّله.
وفي الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى يُرَدَّ على حافِرَتِه؛ أَي على أَوّل تأْسيسه.
وفي حديث سُراقَةَ قال: يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير وجَفَّت به الأَقلام؟ وقال الفراء في قوله تعالى: في الحافرة: معناه أَئنا لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة.
وقال ابن الأَعرابي: في الحافرة، أَي في الدنيا كما كنا؛ وقيل معنى قوله أَئنا لمردودون في الحافرة أَي في الخلق الأَول بعدما نموت.
وقالوا في المثل: النَّقْدُ عند الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ وفي التهذيب: معناه إِذا قال قد بعتُك رجعتَ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد؛ قال: وبعضهم يقول النَّقْدُ عند الحافِرِ يريد حافر الفرس، وكأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، وقيل: الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة والمعنى يريد المحفورة كما قال ماء دافق يريد مدفوق؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: والحافرة الأَرض المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النِّقْدَ؛ وقال الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إِذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ.
وفي حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النصوح، قال: هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك وتستغفر الله بندامتك عندَ الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر وصيروه مثلاً، ومن قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة نفسها وكثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية فقيل: رجع إِلى حافِرِه وحافِرَته، وفعل كذا عند الحافِرَة والحافِرِ، والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن التأْخير من الإِصرار، والباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب مغفرة الله بأَن تندم، والواو في وتستغفر للحال أَو للعطف على معنى الندم.
والحافِرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب، والجمع حَوافِرُ؛ قال: أَوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ، بعدما خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِرَا أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء الموحدة من الحوافر وزاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم يعتقد القلب، وهو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ ومن هان قال بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، وليس ذلك بقويّ.
ويقولون للقَدَمِ حافراً إِذا أَرادوا تقبيحها؛ قال: أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَوِّلَةٍ كأَنَّ حافِرَها في. ظُنْبوُبِ (* كذا بياض بالأصل). الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم؛ قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه: فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ بِلَيْلٍ فَلاَحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حتى رَأَيْتُه على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ ومعنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ.
والحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ.
والحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض.
والحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر.
والحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع.
وحَفَرَ الغَرَزُ العَنْزَ يَحْفِرُها حَفْراً: أَهْزَلَها.
وهذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مثال الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وقيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، وهو من نبات الربيع، وقال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ لا تكون إِلاَّ في الأَرض الغليظة ولها زهيرة بيضاء، وهي تكون مثلَ جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها: يَظَلُّ حِفْراهُ، من التَّهَدُّلِ، في رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، وناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بها البُرُّ من التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله الحِفْرَى، وهو نبت؛ قال الأَزهري: وهو من أَردإِ المراعي. قال: وأَحْفَرَ إِذا عمل بالحِفْراةِ، وهي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة وهي الخشبة المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، والمِعْزَقَةَ؛ قال: والمِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: والرَّفْشُ في غير هذا: الأَكلُ الكثيرُ.
ويقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إِذا فتشت عن أَمره ووقفت عليه، وقال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جامع، وحَفِرَ إِذا فَسَد.
والحَفِيرُ: القبر.
وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلاء والحَمْلُ يَحْفِرُها إِلاَّ الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه.
وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، ويقالان بالأَلف واللام: مواضع، وكذلك أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قال الفرزدق: فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ وقال ابن جني: أَراد الحَفَرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ وحَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري: والأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، وهي وركايا احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: وقد نزلت بها واستقيت من ركاياها وهي ما بين ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وركايا الحَفَرِ مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ، وهي ركايا بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ سَعْدِو بن زيد مَناةَ بن تميم، وهي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.

شحح (لسان العرب) [0]


الشُّحُّ والشَّحُّ: البُخْلُ، والضم أَعلى؛ وقيل: هو البخل مع حِرْصٍ؛ وفي الحديث: إٍياكم والشُّحَّ الشُّحُّ أَشدُّ البخل، وهو أَبلغ في المنع من البخل؛ وقيل: البخل في أَفراد الأُمور وآحادها، والشح عام؛ وقيل: البخل بالمال، والشح بالمال والمعروف؛ وقد شَحَحْتَ تَشُحُّ وشَحِحْتَ، بالكسر، ورجل شَحيحٌ وشَحاحٌ من قومٍ أَشِحَّةٍ وأَشِحَّاء وشِحَاح؛ قال سيبويه: أَفْعِلَةٌ وأَفْعِلاءُ إِنما يَغْلِبانِ على فَعِيل اسماً كأَرْبِعَةٍ وأَرْبِعاءَ، وأَخْمِسة وأَخْمِساءَ، ولكنه قد جاء من الصفة هذا ونحوه.
وقوله تعالى: سَلَقُوكم بأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً على الخير أَي خاطبوكم أَشدَّ مخاطبةٍ وهم أَشِحَّةُ على المال والغنيمة؛ الأَزهري: نزلت في قوم من المنافقين كانوا يؤذون المسلمين بأَلسنتهم في الأَمر، . . . أكمل المادة ويَعُوقُونَ عند القتال، ويَشِحُّون عند الإِنفاق على فقراء المسلمين؛ والخيرُ: المالُ ههنا.
ونفس شَحَّة: شَحِيحة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: لسانُك مَعْسُولٌ، ونَفْسُك شَحَّةُ، وعند الثُّرَيَّا من صَدِيقِك مالُكا وأَنتَ امْرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هي أَرسَلَتْ يَمينُك شيئاً، أَمْسَكَتْه شِمالُكا وتَشاحُّوا في الأَمر وعليه: شَحَّ به بعضهم على بعض وتَبادروا إِليه حَذَرَ فَوْتِه؛ ويقال: هما يَتَشاحّان على أَمر إِذا تنازعاه، لا يريد كل واحد منهما أَن يفوته، والنعت شَحِيح، والعدد أَشِحَّةٌ.
وتَشاحَّ الخَصْمانِ في الجَدَلِ، كذلك، وهو منه؛ وماء شَحَاحٌ: نَكِدٌ غيرُ غَمْرٍ، منه أَيضاً؛ أَنشد ثعلب: لَقِيَتْ ناقتي به وبِلَقْفٍ بَلَداً مُجْدِباً، وماءً شَحاحا وزَنْدٌ شَحاحٌ: لا يُورِي كأَنه يَشِحُّ بالنار؛ قال ابن هَرْمَة: وإِني وتَرْكي نَدَى الأَكْرَمِين، وقَدْحِي بِكَفِّيَ زَنْداً شَحاحا كتارِكَةٍ بَيْضَها بالعَراء، ومُلْبِسَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَناحا يضرب مثلاً لمن ترك ما يجب عليه الاهتمام به والجِدُّ فيه، واشتغل بما لا يلزمه ولا منفعة له فيه.
وشَحِحْت بك وعليك سواء ضَنَنْتُ، على المثل.
وفلان يُشاحُّ على فلان أَي يَضِنُّ به.
وأَرضٌ شَحاحٌ: تسيلٌ من أَدْنى مطرة كأَنها تَشِحُّ على الماء بنفسها؛ وقال أَبو حنيفة: الشِّحاحُ شِعابٌ صغار لو صَبَبْتَ في إِحداهن قِرْبة أَسالته، وهو من الأَول.
وأَرضٌ شَحاحٌ: لا تَسيل إِلاّ من مطر كثير (* قوله «لا تسيل إلا من مطر كثير» لا منافاة بينه وبين ما قبله، فهو من الأضداد كما في القاموس.).
وأَرضٌ شَحْشَحٌ، كذلك.
والشُّحُّ: حِرْصُ النفس على ما ملكت وبخلها به، وما جاء في التنزيل من الشُّحِّ، فهذا معناه كقوله تعالى: ومن ُيوقَ شُحَّ نفسه فأُولئك هم المفلحون؛ وقوله: وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ؛ قال الأَزهري في قوله: ومن يوق شح نفسه فأُولئك هم المفلحون؛ أَي من أَخرج زكاته وعف عن المال الذي لا يحل له، فقد وُقِيَ شُحَّ نفسه؛ وفي الحديث: بَرِئَ من الشُّحِّ من أَدَّى الزكاة وقَرَى الضَّيْفَ وأَعطى في النائبة؛ وفي الحديث: أَن تتصدق وأَنت شَحِيح صَحيح تَأْمُلُ البقاء وتَخْشى الفقر؛ وفي حديث ابن عمر: أَن رجلاً قال له: إِني شَحِيح، فقال: إِن كان شُحُّكَ لا يحملك على أَن تأْخذ ما ليس لك فليس بشُحِّكَ بأْسٌ؛ في حديث ابن مسعود: قال له رجل: ما أُعْطِي ما أَقْدِرُ على منعه، قال: ذاك البخلُ، والشح أَن تأْخذ مال أَخيك بغير حقه.
وفي حديث ابن مسعود أَنه قال: الشح منع الزكاة وإِدخال الحرام.
وشَحَّ بالشيء وعليه يَشِحُّ، بكسر الشين، قال: وكذلك كل فَعِيل من النعوت إِذا كان مضاعفاً على فَعَلَ يَفْعِل، مثل خفيف ودَفِيف وعَفِيف، وقال بعض العرب: تقول شَحَّ يَشِحُّ، وقد شَحِحْتَ تَشَحُّ، ومثله ضَنَّ يَضَنُّ، فهو ضنين، والقياس هو الأَول ضَنَّ يَضِنُّ، واللغة العالية ضَنَّ يَضَنُّ.
والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الممسك البخيل؛ قال سلمة ابن عبد الله العَدَوِيّ: فَرَدَّدَ الهَدْرَ وما أَن شَحْشَحا أَي ما بخل بهديره؛ وبعده: يميلُ عَلْخَدَّيْنِ ميْلاً مُصْفَحا أَي يميل على الخَدَّين، فحذف.
والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: المواظب على الشيء الجادّ فيه الماضي فيه.
والشَّحْشَحُ يكون للذكر والأُنثى؛ قال الطِّرِمَّاحُ: كأَنَّ المَطايا ليلةَ الخِمْسِ عُلِّقَتْ بوَثَّابةٍ، تَنْضُو الرَّواسِمَ، شَحْشَحِ والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الغَيُورُ والشجاع أَيضاً.
وفلاةٌ شَحْشَحٌ: واسعة بعيدة مَحْلٌ لا نبت فيها؛ قال مُلَيْح الهُذَليُّ: تَخْدِي إِذا ما ظَلامُ الليلِ أَمْكَنها من السُّرَى، وفلاةٌ شَحْشَحٌ جَرَدُ والشَّحْشَحُ والشَّحْشاح أَيضاً: القويُّ.
وخطيب شَحْشح وشَحْشاحٌ: ماضٍ، وقيل: هما كل ماضٍ في كلام أَو سَيْر؛ قال ذو الرمة: لَدُنْ غَدْوةً، حتى إِذا امْتَدَّتِ الضُّحَى، وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ يعني الحادي.
وفي حديث عليّ: أَنه رأَى رجلاً يَخطُبُ، فقال: هذا الخطيب الشَّحْشَحُ، هو الماهر بالخطبة الماضي فيها.
ورجل شَحْشَحٌ: سَيِّءُ الخُلُق؛ وقال نُصَيْبٌ: نُسَيَّةُ شَحْشاحٍ غَيُورٍ يَهَبْنَه، أَخِي حَذَرٍ يَلْهُونَ، وهو مُشِيحُ (* قوله «وقال نصيب نسية إلخ» الذي تقدم في مادة أنح، وقال أبو حية النميري: ونسوة إلخ.
وقوله أخي حذر: الذي تقدم على حذر.) وحمار شَحْشَحٌ: خفيف، ومنه من يقول سَحْسَح؛ قال حُميد: تَقَدَّمَها شَحْشَحٌ جائزٌ لماءٍ قَعِيرٍ، يُريدُ القِرَى جائز: يجوز إِلى الماء.
وشَحْشَحَ البعير في الهَدْر: لم يُخَلِّصْه؛ وأَنشد بيت سلمة بن عبد الله العدوي.
وشَحْشَحَ الطائرُ: صَوَّت؛ قال مليح الهذلي: مُهْتَشَّةٌ لدَلِيجِ الليلِ، صادقةٌ وَقْعَ الهَجِيرِ، إِذا ما شَحْشَحَ الصُّرَدُ وغراب شَحْشَحٌ: كثير الصوت.
وشَحْشَحَ الصُّرَدُ إِذا صات.
والشَّحْشحة: الطيرانُ السريع؛ يقال: قَطاة شَحْشَحٌ أَي سريعة.

صغر (لسان العرب) [0]


الصِّغَرُ: ضد الكبر. ابن سيده: الصِّغَر والصَّغارةُ خِلاف العِظَم، وقيل: الصِّغَر في الجِرْم، والصَّفارة في القَدْر؛ صَغُرَ صَغارةً وصِغَراً وصَغِرَ يَصْغَرُ صَغَراً؛ بفتح الصاد والغين، وصُغْراناً؛ كلاهما عن ابن الأَعرابي: فهو صَغِير وصُغار، بالضم، والجمع صِغَار. قال سيبويه: وافق الذِين يقولون فَعِيلاً الذين يقولون فُعالاً لاعتِقابِهما كثيراً، ولم يقولوا صُغَراء، اسْتَغْنوا عنه بِفِعال، وقد جُمع الصَّغِير في الشعر على صُغَراء؛ أَنشد أَبو عمرو: وللكُبَراءِ أَكْلٌ حيث شاؤوا، وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ والمَصْغُوراءُ: اسم للجمع.
والأَصاغِرَة: جمع الأَصْغَر. قال ابن سيده: إِنما ذكرت هذا لأَنه مِمَّا تلحقه الهاء في حدِّ الجمع إذ ليس منسوباً ولا أَعجميّاً ولا أَهل أَرض ونحوَ ذلك . . . أكمل المادة من الأَسباب التي تدخلها الهاء في حدّ الجمع، لكن الأَصْغَر لما خرج على بناء القَشْعَم وكانوا يقولون القَشاعِمَة أَلحقُوه الهاء، وقد قالوا الأَصاغِر، بغير هاء، إِذ قد يفعلون ذلك في الأَعجمي نحو الجَوارِب والكَرابِج، وإِنما حملهم على تكسيره أَنه لم يتمكَّن في باب الصفة.
والصُّغْرَى: تأْنيث الأَصْغَر، والجمع الصُّغَرُ؛ قال سيبويه: يقال نِسْوَة صُغَرُ ولا يقال قوم أَصاغِر إِلا بالأَلف واللام: قال: وسمعنا العرب تقول الأَصاغِر، وإِن شئت قلت الأَصْغَرُون. ابن السكيت: ومن أَمثال العرب: المرْء بِأَصْغَرَيْهِ؛ وأَصْغَراه قلْبُه ولسانه، ومعناه أَن المَرْءَ يعلو الأُمور ويَضْبِطها بِجَنانه ولسانه.
وأَصْغَرَه غيره وصَغَّره تَصْغِيراً، وتَصْغِيرُ الصَّغِير صُغَيِّر وصُغَيِّير؛ الأُولى على القياس والأُخرى على غير قياس؛ حكاها سيبويه.
واسْتَصْغَره: عَدَّه صَغِيراً.
وصَغَّرَه وأَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً.
وأَصْغَرْت القِرْبَة: خَرزَتُها صَغِيرة؛ قال بعض الأَغفال: شُلَّتْ يَدا فارِيَةٍ فَرَتْها، لَوْ خافَتِ النَّزْع لأَصْغَرَتْها ويروى: لو خافَتِ السَّاقي لأَصْغَرَتْها والتصغير للاسم والنعت يكون تحقيراً ويكون شفقة ويكون تخصيصاً، كقول الحُباب بن المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وهو مفسر في موضعه.
والتصغير يجيء بمعانٍ شتًى: منها ما يجيء على التعظيم لها، وهو معنى قوله: فأَصابتها سُنَيَّة حمراء، وكذلك قول الأَنصاري: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، ومنه الحديث: أَتتكم الدُّهَيْماءُ؛ يعني الفتنة المظلمة فصغَّرها تهويلاً لها، ومنها أَن يصغُر الشيء في ذاته كقولهم: دُوَيْرَة وجُحَيْرَة، ومنها ما يجيء للتحقير في غير المخاطب، وليس له نقص في ذاته، كقولهم: هلك القوم إِلا أَهلَ بُيَيْتٍ، وذهبت الدراهم إِلا دُرَيْهِماً، ومنها ما يجيء للذم كقولهم: يا فُوَيْسِقُ، ومنها ما يجيء للعَطْف والشفقة نحو: يا بُنَيَّ ويا أُخَيَّ؛ ومنه قول عمر: أَخاف على هذا السبب (* قوله: «هذا السبب» هكذا في الأَصل من غير نقط).
وهو صُدَيِّقِي أَي أَخصُّ أَصدقائي، ومنها ما يجيء بمعنى التقريب كقولهم: دُوَيْنَ الحائط وقُبَيْلَ الصبح، ومنها ما يجيء للمدح، من ذلك قول عمر لعبدالله: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
وفي حديث عمرو بن دينار قال: قلت لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمكة؟ قال: عشراً، قلت: فابن عباس يقول بِضْعَ عشرةَ سنةً، قال عروة: فصغَّره أَي استصغر سنَّه عن ضبط ذلك، وفي رواية: فَغَفَّرَهُ أَي قال غفر الله له، وسنذكره في غفر أَيضاً.
والإِصغار من الحنين: خلاف الإِكبار؛ قالت الخنساء: فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ، لها حَنينانِ: إِصْغارٌ وإِكْبارُ فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، وإِكْبارُها: جَنِينها إِذا رَفَعته، والمعنى لها حَنِينٌ ذو صغار وحَنِينٌ ذُو كبار.
وأَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صغير لم يَطُل.
وفلان صِغْرَة أَبَوَيْهِ وصِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، وهو كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي أَكبرهم؛ وكذلك فلان صِغْرَةُ القوم وكِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم وأَكبرهم.
ويقول صبيٌّ من صبيان العرَب إِذ نُهِيَ عن اللَّعِب: أَنا من الصِّغْرَة أَي من الصِّغار.
وحكى ابن الأَعرابي: ما صَغَرَني إِلا بسنة أَي ما صَغُرَ عَنِّي إِلا بسنة.
والصَّغار، بالفتح: الذل والضَّيْمُ، وكذلك الصُّغْرُ، بالضم، والمصدر الصَّغَرُ، بالتحريك. يقال: قُمْ على صُغْرِك وصَغَرِك. الليث: يقال صَغِرَ فلان يَصْغَرُ صَغَراً وصَغاراً، فهو صاغِر إِذا رَضِيَ بالضَّيْم وأَقَرَّ بِهِ. قال الله تعالى: حتى يُعْطُوا الجزْية عن يَدٍ وهُمْ صاغِرون؛ أَي أَذِلاَّءُ.
والمَصْغُوراء: الصَّغار.
وقوله عز وجل: سَيُصِيب الذين أَجْرَمُوا صَغار عند الله؛ أَي هُمْ، وإِن كانوا أَكابر في الدنيا، فسيصيبهم صَغار عند الله أَي مَذَلَّة.
وقال الشافعي، رحمه الله، في قوله عز وجل: عن يَدٍ وهُمْ صاغِرُون؛ أَي يجري عليهم حُكْمُ المسلمين.
والصَّغار: مصدر الصَّغِير في القَدْر.
والصَّاغِرُ: الراضي بالذُّلِّ والضيْمِ، والجمع صَغَرة.
وقد صَغُرَ (* قوله: «وقد صغر إلخ» من باب كرم كما في القاموس ومن باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما بمعنى ضد العظم). صَغَراً وصُغْراً وصَغاراً وصَغارَة وأَصْغَرَه: جعله صاغِراً.
وتَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت وتَحاقَرَتْ ذُلاًّ ومَهانَة.
وفي الحديث: إِذا قلتَ ذلك تَصاغَرَ حتى يكون مثلَ الذُّباب؛ يعني الشيطان، أَي ذَلَّ وَامَّحَقَ؛ قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون من الصِّغَر والصَّغارِ، وهو الذل والهوان.
وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر، رضي الله عنهما: بِرَغْمِ المُنافِقين وصَغَر الحاسِدين أَي ذُلِّهِم وهَوانِهم.
وفي حديثِ المُحْرِم: يقتل الحيَّة بصَغَرٍ لَها.
وصَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ للغروب؛ عن ثعلب.
وصَغْران: موضع.

حزب (لسان العرب) [0]


الحِزْبُ: جَماعةُ الناسِ، والجمع أَحْزابٌ؛ والأَحْزابُ: جُنودُ الكُفَّار، تأَلَّبوا وتظاهروا على حِزبْ النبيّ، صلى اللّه عليه وسلم، وهم: قريش وغطفان وبنو قريظة.
وقوله تعالى: يا قوم إِني أَخاف عليكم مثلَ يومِ الأَحزابِ؛ الأَحْزابُ ههنا: قوم نوح وعاد وثمود، ومن أُهلك بعدهم.
وحِزْبُ الرجل: أَصْحابُه وجُنْدُه الذين على رأْيِه، والجَمْعُ كالجمع. والكافِرُونَ حِزْبُ الشَّيطانِ، وكل قوم تَشاكَلَتْ قُلُوبهُم وأَعْمالُهم فهم أَحْزابٌ، وإِن لم يَلْقَ بعضُهم بَعْضاً بمنزلة عادٍ وَثُمودَ وفِرعَوْنَ أُولئك الأَحزابُ.
وكل حِزْبٍ بما لَدَيْهم فَرِحُون: كلُّ طائفةٍ هَواهُم واحدٌ.
والحِزْبُ: الوِرْدُ.
ووِرْدُ الرَّجلِ من القرآن والصلاة: حِزبُه.
والحِزْبُ: ما يَجْعَلُه الرَّجل على نَفْسِهِ من قِراءةٍ وصَلاةٍ كالوِرْد.
وفي الحديث: طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن . . . أكمل المادة القُرْآنِ، فأَحْبَبْتُ أَن لا أَخْرُج حتى أَقْضِيَه. طرأَ عليَّ: يريد أَنه بَدأَ في حِزْبه، كأَنـَّه طَلَعَ عليهِ، من قولك: طَرَأَ فلان إِلى بلَد كذا وكذا، فهو طارئٌ إِليه، أَي إِنه طَلَعَ إِليه حديثاً، وهو غير تانِئٍ به؛ وقد حَزَّبْتُ القُرْآنَ.
وفي حديث أَوس بن حذيفة: سأَلتُ أَصحابَ رَسُولِ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، كيف تُحزِّبونَ القُرآن؟ والحِزْبُ: النَّصيبُ. يقال: أَعْطِني حِزْبِي مِن المال أَي حَظِّي ونَصيبي.
والحِزْبُ: النَّوْبةُ في وُرُودِ الماء.
والحِزْبُ: الصِّنْفُ من الناس. قال ابن الأَعرابي: الحِزْب: الجَماعةُ.
والجِزْبُ، بالجيم: النَّصيبُ.
والحازِبُ مِن الشُّغُلِ: ما نابَكَ.
والحِزْبُ: الطَّائفةُ.
والأَحْزابُ: الطَّوائفُ التي تَجتمع على مُحارَبة الأَنبِياء، عليهم السلام، وفي الحديث ذِكْرُ يوم الأَحزاب، وهو غَزْوةُ الخَنْدَقِ.
وحازَبَ القومُ وتَحَزَّبُوا: تَجَمَّعوا، وصاروا أَحْزاباً.
وحَزَّبَهم: جعلَهم كذلك.
وحَزَّبَ فُلان أَحْزاباً أَي جَمَعَهُم وقال رُؤْبة: لَقَدْ وَجَدْتُ مُصْعَباً مُسْتَصْعَبا، * حِينَ رَمَى الأَحْزابَ والـمُحَزِّبا وفي حديث الإِفْكِ: وطَفِقَتْ حَمْنةُ تَحازَبُ لها أَي تَتَعَصَّبُ وتَسْعَى سَعْيَ جَماعَتِها الذين يَتَحَزَّبُونَ لها، والمشهور بالراءِ من الحَرْب.
وفي الحديث: اللَّهم اهْزِمِ الأَحْزابَ وزَلزِلْهم؛ الأَحْزابُ: الطَّوائفُ من الناسِ، جمع حِزْب، بالكسر.
وفي حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: يريد أَن يُحَزِّبَهم أَي يُقَوِّيَهُم ويَشُدَّ منهم، ويَجْعَلَهم من حِزْبه، أَو يَجْعَلَهم أَحْزاباً؛ قال ابن الأَثير: والرواية بالجيم والراء.
وتَحازَبُوا: مالأَ بعضُهم بعضاً فصاروا أَحزاباً.
ومَسْجِدُ الأَحْزاب: معروف، من ذلك؛ أَنشد ثعلب لعبداللّه بن مسلم الهذلي: إِذ لا يَزالُ غَزالٌ فيه يَفْتِنُني، * يأْوِي إِلى مَسْجِدِ الأحْزابِ، مُنْتَقِبا وحَزَبه أَمرٌ أَي أَصابَه.
وفي الحديث: كان إِذا حَزَبه أَمرٌ صَلَّى، أَي إِذا نزل به مُهِمّ أَو أَصابَه غمٌّ.
وفي حديث الدُّعاء: اللهم أَنـْتَ عُدَّتِي، إِن حُزِبْتُ، ويروى بالراءِ، بمعنى سُلِبْتُ مِن الحَرَبِ.وحَزَبَه الأَمرُ يَحْزُبه حَزْباً: نابَه، واشتد عليه، وقيل ضَغَطَه، والاسم: الحُزابةُ.
وأَمرٌ حازِبٌ وحَزيبٌ: شديدٌ.
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: نَزَلَتْ كرائهُ الأُمُورِ، وحَوازِبُ الخُطُوبِ؛ وهو جمع حازِبٍ، وهو الأَمر الشديدُ.
والحَزابِي والحَزابِيَةُ، من الرجال والحَمير: الغَلِيظُ إِلى القِصَرِ ما هو. رجل حَزابٍ وحَزابِيةٌ وزَوازٍ وزَوازِيةٌ(1) (1 في المحيط: زُوازية، بضم الزاي.) إِذا كان غليظاً إِلى القِصَر ما هو.
ورجل هَواهِيةٌ إِذا كان مَنْخُوبَ الفُؤَادِ.
وبعير حَزابِيةٌ إِذا كان غليظاً.
وحِمارٌ حَزابيةٌ: جَلْدٌ.
ورَكَبٌ حَزابِيةٌ: غَليظٌ؛ قالت امرأَة تصف رَكَبَها: إِنَّ هَنِي حَزَنْبَلٌ حَزَابِيَهْ، * إِذا قَعَدْتُ فَوْقَه نَبا بِيَهْ ويقال: رجل حَزابٍ وحَزابِيَةٌ أَيضاً إِذا كان غَليظاً إِلى القِصَر، والياء للالحاق، كالفَهامِيةِ والعَلانيةِ، من الفَهْمِ والعَلَنِ. قال أُميَّةُ بن أَبي عائذ الهذلي: أَوِ اصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه، * َزابِيةٍ، حَيَدَى بالدِّحال أَي حامٍ نَفْسه من الرُّماة.
وجَرامِيزُه: نفسهُ وجسدُه. حَيَدَى أَي ذُو حَيَدَى، وأَنَّث حَيَدَى، لأَنه أَراد الفَعْلة.
وقوله بالدِّحال أَي وهو يكون بالدِّحال، جمع دَحْلٍ، وهو هُوَّةٌ ضَيِّقةُ الأَعلى، واسِعةُ الأَسْفل؛ وهذا البيت أَورده الجوهري: وأَصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه قال ابن بري: والصواب أَو اصحم، كما أَوردناه. قال: لأَنه معطوف على جَمَزَى في بيت قبله، وهو: كأَنِّي ورحْلي، إِذا زُعْتُها، * على جَمَزَى جازِئٍ بالرِّمال قاله يشبه ناقته بحمار وحشٍ، ووَصَفَه بجَمَزى، وهو السَّريع، وتقديره على حمارٍ جَمَزَى؛ وقال الأَصمعي: لم أَسمع بفَعَلَى في صفة المذكرِ إِلاّ في هذا البيت. يعني أَن جَمَزَى، وزَلجَى، ومَرَطى، وبَشَكَى، وما جاءَ على هذا الباب، لا يكون إِلا من صفة الناقة دون الجمل.
والجازئ: الذي يَجْزَأُ بالرُّطْب عن الماء.
والأَصْحَمُ: حمارٌ يَضْرب إِلى السَّواد والصُّفرة.
وحَيَدَى: يَحِيدُ عن ظلِّه لنشاطه.
والحِزْباءة: مكان غَليظٌ مرتفعٌ.
والحَزابِيُّ: أَماكنُ مُنْقادةٌ غِلاظ مُسْتَدِقَّةٌ. ابن شميل: الحِزْباءة مِن أَغْلَظِ القُفِّ، مُرْتَفِعٌ ارْتِفاعاً هَيِّناً في قُفٍّ أَيَرَّ(1) (1 الأَيَرّ من اليرر أَي الشدة؛ يقال صخر أَيرّ وصخرةٌ يرّاء، والفعل منه: يَرَّ يَيَرُّ.) شَدِيدٍ؛ وأَنشد: إِذا الشَّرَكُ العادِيُّ صَدَّ، رأَيْتَها، * لرُوسِ الحَزابِيِّ الغِلاظِ، تَسُومُ والحِزْبُ والحِزْباءةُ: الأَرضُ الغَلِيظةُ الشَّدِيدةُ الحَزْنةُ، والجمع حِزْباءٌ وحَزابي، وأَصله مُشَدّد، كما قيل في الصَّحارِي.
وأَبو حُزابةَ، فيما ذكر ابن الأَعرابي: الوَلِيدُ بن نَهِيكٍ، أَحدُ بَني رَبِيعَة بن حَنْظَلةَ.
وحَزُّوبٌ: اسم.
والحَيْزَبونُ: العَجُوز، والنون زائدة، كما زيدت في الزَّيتون.

حمل (لسان العرب) [0]


حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل، واحْتَمَله؛ وقول النابغة: فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول أَبي ذؤيب: ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره، عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا تراه قال بعد هذا: بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، . . . أكمل المادة فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها إِنما تُصْبح فيرزقها الله.
والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله على الدابة يَحْمِله حَمْلاً.
والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل.
وحَمَلْت الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً.
وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل.
وفي حديث عبد الملك في هَدْم الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها.
وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها، والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى: ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر: إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة، وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا تُؤَدِّيها.
وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع.
وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها شيئاً.
وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه (* قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل.
وحَمَلَ فلاناً وتَحَمَّل به وعليه (* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ.
وتَحامل عليه: كَلَّفَه ما لا يُطِيق.
واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال زهير: ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه، ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به.
وتَحامَلْت الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة.
وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت الشيءَ على مشقة.
وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل.
وفي حديث الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور الشَّنِّي: مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً.
وشهر مُسْتَحْمِل: يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال: والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً (* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً.
وما عليه مَحْمِل أَي موضع لتحميل الحوائج.
وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم.
ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم.
والحَمْل، بالفتح: ما يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال.
وفي التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن.
وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت.
وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي: حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل وحامِلة إِذا كانت حُبْلى.
وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو بن حسان ويروى لخالد بن حقّ: تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده.
والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس شجرة، وجمعه أَحمال.
والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال: وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال.
وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال، بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان.
وشجرة حامِلَة: ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله.
وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله، فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب.
والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته الحِمالة.
وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل، يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن.
وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من الغُثاء والطين.
وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار: فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد: مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة، كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل مَحْمول فهو حَمِيل.
والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح: الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده: والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة.
والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين بنسبهم: عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر، ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟ والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل المِرْجَل، قال: على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه (* قوله: سمَّاه؛ هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر فقال: تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل والجمع الحَمائِل.
وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل مَحامل؛ قال الشاعر: دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج (* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج» ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان مقود.
وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها، وتمام البيت: أخزاه ربي عاجلاً وآجلا). قال الراجز: أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ.
والمِحْمَل والحاملة: الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا.
والحَمُولة، بالفتح: الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به.
وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية، قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة.
وفي حديث قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة.
وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما فوقه.
والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال (* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح) بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال.
والحَمُولة: ما أَطاق العَمل والحَمْل.
والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء: الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة.
والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة والحُمُول واحد؛ وأَنشد: أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي تُحْمَل عليها الأَثقال.
والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة: أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ، حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ وقال أَيضاً: تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن: الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب: يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً، كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة في الأَحمال وجعلها كالحُمُول: ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال، مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال وقال المتنخل: ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ، جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً: وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم، كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر: أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ، مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟ وقال آخر: أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم، ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء وقول أَوس: وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك.
وأَحْمَله الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به.
ويجيء الرجلُ إِلى الرجل إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي على حَمْل ما أَحْمِله.
وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد تطرح منها الهاء.
وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي: الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛ قال الأَعشَى: فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس. الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل.
وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل أَي الكَفِيل ضامن.
وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛ هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها.
وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل.
وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر، ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره.
وحَمَل به حمالة: كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه واضْطَغَنَه.
ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل.
ويقال للذي يَحْلُم عمن يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي: كلبابى حس ما مسه، وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل (* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط). أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون بمعنى حَلُم.
وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر: أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ، لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك، والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم.
والحَمَل: السحاب الكثير الماء.
والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه. المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً، تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه.
والحَمَل: النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي: كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء: السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه، واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر لأَن الحَشَف نوع منه.
وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ بينهم.
وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه.
وحَمَّلْته الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها.
واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني.
وفي حديث تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم: ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير: أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا، أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟ قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق (* قوله «وقفيرة جدّة الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن عِقَال.
وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول الراجز: أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال: كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان، ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان، صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهذلي: من الطَّاويات، خِلال الغَضَا، بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي وقول امريء القيس: بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ إِنما صَرَفه ضرورة.
وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل، يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة.
وقد سَمَّتْ حَمَلاً وحُمَيلاً.
وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم: ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر.
والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها: عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً، ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن مِرْدَاس: أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل

صفح (لسان العرب) [0]


الصَّفْحُ: الجَنْبُ.
وصَفْحُ الإِنسان: جَنْبُه.
وصَفْحُ كل شيءٍ: جانبه.
وصَفْحاه: جانباه.
وفي حديث الاستنجاء: حَجَرَين للصَّفْحَتين وحَجَراً للمَسْرُبةِ أَي جانبي المَخْرَج.
وصَفْحُه: ناحيته.
وصَفْحُ الجبلِ: مُضْطَجَعُه، والجمع صِفاحٌ.
وصَفْحَةُ الرجل: عُرْضُ وجهه.
ونظر إِليه بصَفْحِ وجهه وصُفْحِه أَي بعُرْضِه.
وفي الحديث: غيرَ مُقْنِعٍ رأْسَه ولا صافحٍ بِخَدّه أَي غيرَ مُبْرِزٍ صَفْحةَ خَدِّه ولا مائلٍ في أَحد الشِّقَّيْن؛ وفي شعر عاصم بن ثابت: تَزِلُّ عن صَفْحتِيَ المَعابِلُ أَي أَحد جانِبَي وجهه.
ولقيه صِفاحاً أَي استقبله بصَفْحِ وجهه، هذه عن اللحياني.
وصَفْحُ السيف وصُفْحُه: عُرْضُه، والجمع أَصفاح.
وصَفْحَتا السيف: وجهاه.
وضَرَبه بالسيف مُصْفَحاً ومَصْفوحاً، عن ابن الأَعرابي أَي مُعَرَّضاً؛ وضربه بصُفْح السيف، والعامة تقول بصَفْحِ السيف، مفتوحة، أَي بعُرْضه؛ وقال الطِّرِمّاح: فلما تنَاهتْ، . . . أكمل المادة وهي عَجْلى كأَنها على حَرْفِ سيفٍ، حَدُّه غيرُ مُصْفَحِ وفي حديث سعد بن عُبادة: لو وجدتُ معها رجلاً لضربته بالسيف غيرَ مُصْفَِحٍ؛ يقال: أصْفَحه بالسيف إِذا ضربه بعُرْضه دونَ حَدِّه، فهو مُصْفِحٌ، والسيف مُصْفَحٌ، يُرْوَيان معاً.
وقال رجل من الخوارج: لنضرِبَنَّكم بالسيوف غيرَ مُصْفَحات؛ يقول: نضربكم بحدّها لا بعُرْضها؛ وقال الشاعر: بحيثُ مَناط القُرْطِ من غيرِ مُصْفَحٍ، أُجاذِبُه حَدَّ المُقَلَّدِ ضارِبُهْ (* قوله «بحيث مناك القرط إلخ» هكذا هو في الأصل بهذا الضبط.) وصَفَحْتُ فلاناً وأَصْفَحْته جميعاً، إِذا ضربته بالسيف مُصْفَِحاً أَي بعُرْضه.
وسيف مُصْفَح ومُصَفَّح: عريض؛ وتقول: وَجْهُ هذا السيف مُصْفَح أَي عريض، مِن أَصْفَحْتُه؛ قال الأَعشى: أَلَسْنا نحنُ أَكْرَمَ، إِن نُسِبْنا، وأَضْرَبَ بالمُهَنَّدَةِ الصِّفاحِ؟ يعني العِراض؛ وأَنشد: وصَدْري مُصْفَحٌ للموتِ نَهْدٌ، إِذا ضاقتْ، عن الموتِ، الصُّدورُ وقال بعضهم: المُصْفَحُ العريض الذي له صَفَحاتٌ لم تستقم على وجه واحد كالمُصْفَحِ من الرؤوس، له جوانب.
ورجل مُصْفَح الوجه: سَهْلُه حَسَنُه؛ عن اللحياني: وصَفِيحةُ الوجه: بَشَرَةُ جلده.
والصَّفْحانِ والصَّفْحتانِ: الخَدَّان، وهما اللَّحْيانِ.
والصَّفْحانِ من الكَتِف: ما انْحَدَر عن العين (* قوله «ما انحدر عن العين» هكذا في الأصل وشرح القاموس، ولعله العنق.) من جانبيهما، والجمع صِفاحٌ.
وصَفْحَتا العُنُق: جانباه.
وصَفْحَتا الوَرَقِ: وَجْهاه اللذان يُكتبان.
والصَّفِيحة: السيف العريض؛ وقال ابن سيده: الصَّفيحة من السيوف العريضُ.
وصَفائِحُ الرأْس: قبائِلُه، واحِدتُها صَفيحة.
والصفائح: حجارة رِقاقٌ عِراض، والواحد كالواحد.
والصُّفَّاحُ، بالضم والتشديد: العَرِيضُ؛ قال: والصُّفَّاح من الحجارة كالصَّفائح، الواحدة صُفَّاحة؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وصُفَّاحةٍ مثلِ الفَنِيقِ، مَنَحْتُها عِيالَ ابنِ حَوْبٍ جَنَّبَتْه أَقارِبُه شبه الناقة بالصُّفَّاحةِ لصلابتها.
وابن حَوْبٍ: رجلٌ مجهود محتاج لأَن الحَوْبَ الجَهْدُ والشِّدَّة.
ووَجْهُ كل شيء عريض: صَفِيحةٌ.
وكل عريض من حجارة أَو لوح ونحوهما: صُفَّاحة، والجمع صُفَّاحٌ، وصَفِيحةٌ والجمع صفائح؛ ومنه قول النابغة: ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ قال الأَزهري: ويقال للحجارة العريضة صَفائح، واحدتها صَفِيحة وصَفِيحٌ؛ قال لبيد: وصَفائِحاً صُمّاً، رَوا سيها يُسَدِّدْنَ الغُضُونا وصَفائح الباب: أَلواحه.
والصُّفَّاحُ من الإِبل: التي عظمت أَسْنِمَتُها فكادَ سنامُ الناقة يأْخذ قَراها، جمعها صُفَّاحاتٌ وصَفافيح.
وصَفْحَة الرجل: عُرْضُ صدرِه.
والمُصَفَّحُ من الرؤوس الذي ضُغِطَ من قِبَلِ صُدْغَيْه، فطال ما بين جبهته وقفاه؛ وقيل: المُصَفَّح الذي اطمأَنَّ جنبا رأْسه ونَتَأَ جبينه فخرجت وظهرت قَمَحْدُوَتُه؛ قال أَبو زيد: من الرؤوس المُصْفَحُ إِصْفاحاً، وهو الذي مُسِحَ جنبا رأْسه ونَتَأَ جبينه فخرج وظهرت قَمَحْدُوَتُه، والأَرْأَسُ مثلُ المُصْفَحِ، ولا يقال: رُؤَاسِيّ؛ وقال ابن الأَعرابي: في جبهته صَفَحٌ أَي عِرَضٌ فاحش؛ وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة: أَنه ذكر رجلاً مُصْفَحَ الرأْس أَي عريضه.
وتَصْفِيحُ الشيء: جَعْلُه عريضاً؛ ومنه قولهم: رجل مُصَفَّحُ الرأْس أَي عريضها.
والمُصَفَّحاتُ: السيوف العريضة، وهي الصَّفائح، واحدتها صَفِيحةٌ وصَفيحٌ؛ وأَما قول لبيد يصف سحاباً: كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراهُ، وأَنْواحاً عليهنَّ المَآلي قال الأَزهري: شبَّه البرق في ظلمة السحاب بسيوفٍ عِراضٍ؛ وقال ابن سيده: المُصَفَّحاتُ السيوف لأَنها صُفِّحَتْ حين طُبِعَتْ، وتَصْفِيحها تعريضها ومَطُّها؛ ويروى بكسر الفاء، كأَنه شبَّه تَكَشُّفَ الغيث إِذا لمَعَ منه البَرْق فانفرج، ثم التقى بعد خُبُوِّه بتصفيح النساء إِذا صَفَّقْنَ بأَيديهن.
والتَّصفيح مثل التصفيق.
وصَفَّحَ الرجلُ بيديه: صَفَّق.
والتَّصْفيح للنساء: كالتصفيق للرجال؛ وفي حديث الصلاة: التسبيح للرجال والتصفيح للنساء، ويروى أَيضاً بالقاف؛ التصفيح والتصفيق واحد؛ يقال: صَفَّحَ وصَفَّقَ بيديه؛ قال ابن الأَثير: هو من ضَرْب صَفْحةِ الكفِّ على صفحة الكف الأُخرى، يعني إِذا سها الإِمام نبهه المأْموم إِن كان رجلاً قال: سبحان الله وإِن كانت امرأَة ضربت كفها على كفها الأُخرى عِوَضَ الكلام؛ وروى بيت لبيد: كأَنَّ مُصَفِّحاتٍ في ذُراهُ جعل المُصَفِّحات نساءً يُصَفِّقْن بأَيديهن في مأْتَمٍ؛ شَبَّه صوتَ الرعد بتصفيقهن، ومَن رواه مُصَفَّحاتٍ، أَراد بها السيوف العريضة؛ شبه بَرِيقَ البَرْقِ ببريقها.
والمُصافَحةُ: الأَخذ باليد، والتصافُحُ مثله.
والرجل يُصافِحُ الرجلَ إِذا وضع صُفْحَ كفه في صُفْح كفه؛ وصُفْحا كفيهما: وَجْهاهُما؛ ومنه حديث المُصافَحَة عند اللِّقاء، وهي مُفاعَلة من إِلصاق صُفْح الكف بالكف وإِقبال الوجه على الوجه.
وأَنْفٌ مُصَفَّحٌ: معتدل القَصَبة مُسْتَوِيها بالجَبْهة.
وصَفَحَ الكلبُ ذراعيه للعظم صَفْحاً يَصْفَحهما: نصبهما؛ قال: يَصْفَحُ للقِنَّةِ وَجْهاً جَأْبا، صَفْحَ ذِراعَيْهِ لعَظْمٍ كَلْبا أَراد: صَفْحَ كَلْبٍ ذراعيه، فَقَلَبَ؛ وقيل: هو أَن يبسطهما ويُصَيِّرَ العظم بينهما ليأْكله؛ وهذا البيت أَورده الأَزهري، قال: وأَنشد أَبو الهيثم وذكره، ثم قال: وصف حَبْلاً عَرَّضه فاتله حتى فتله فصار له وجهان، فهو مَصْفُوح أَي عريض، قال: وقوله صَفْحَ ذراعيه أَي كما يَبْسُط الكلبُ ذراعيه على عَرَقٍ يُوَتِّدُه على الأَرض بذراعيه يَتَعَرَّقه، ونصب كلباً على التفسير؛ وقوله أَنشده ثعلب: صَفُوحٌ بخَدَّيْها إِذا طالَ جَرْيُها، كما قَلَّبَ الكَفَّ الأَلَدُّ المُماحِكُ عنى أَنها تنصبهما وتُقَلِّبهما.
وصَفَحَ القَومَ صَفْحاً: عَرَضَهم واحداً واحداً، وكذلك صَفَحَ وَرَقَ المصحف.
وتَصَفَّحَ الأَمرَ وصَفَحَه: نظر فيه؛ قال الليث: صَفَحْت وَرَقَ المصحف صَفْحاً.
وصَفَحَ القومَ وتَصَفَّحَهم: نظر إِليهم طالباً لإِنسان.
وصَفَحَ وُجُوهَهم وتَصَفَّحَها: نظرها مُتَعَرِّفاً لها.
وتَصَفَّحْتُ وُجوهَ القوم إِذا تأَمَّلْتَ وجوههم تنظر إِلى حِلاهم وصُوَرهم وتَتَعَرَّفُ أَمرهم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: صَفَحْنا الحُمُولَ، للسَّلامِ، بنَظْرَةٍ، فلم يَكُ إِلاَّ وَمْؤُها بالحَواجِبِ أَي تَصَفَّحْنا وجوه الرِّكاب.
وتَصَفَّحْت الشيء إِذا نظرت في صَفَحاته.
وصَفَحْتُ الإِبلَ على الحوضِ إِذا أَمررتها عليه؛ وفي التهذيب: ناقة مُصَفَّحة ومُصَرّاة ومُصَوّاة ومُصَرَّبَةٌ، بمعنى واحد.
وصَفَحَتِ الشاةُ والناقة تَصْفَحُ صُفُوحاً: وَلَّى لَبَنُها، ابن الأَعرابي: الصافح الناقة التي فَقَدَتْ وَلدَها فَغَرَزَتْ وذهب لبنها؛ وقد صَفَحَتْ صُفُوحاً.
وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُهُ صَفْحاً وأَصْفَحَه: سأَله فمنعه؛ قال:ومن يُكْثِرِ التَّسْآلَ يا حُرّ، لا يَزَلْ يُمَقَّتُ في عَينِ الصديقِ، ويُصْفَحُ ويقال: أَتاني فلان في حاجة فأَصْفَحْتُه عنها إِصْفاحاً إِذا طلبها فمَنَعْتَه.
وفي حديث أُم سلمة: أُهْدِيَتْ لي فِدْرَةٌ من لحم، فقلت للخادم: ارفعيها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإِذا هي قد صارت فِدْرَةَ حَجَر، فقصصتُ القِصَّةَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: لعله وقف على بابكم سائل فأَصْفَحْتموه أَي خَيَّبْتُموه. قال ابن الأَثير: يقال صَفَحْتُه إَذا أَعطيته، وأَصْفَحْتُه إَذا حَرَمْتَه.
وصَفَحه عن حاجته يَصْفَحُه صَفْحاً وأَصْفَحَه، كلاهما: رَدَّه.
وصَفَحَ عنه يَصْفَح صَفْحاً: أَعرض عن ذنبه.
وهو صَفُوحٌ وصَفَّاحٌ: عَفُوٌّ.
والصَّفُوحُ: الكريم، لأَنه يَصْفَح عمن جَنى عليه.
واستْصَْفَحَه ذنبه: استغفره إِياه وطلب أَن يَصْفَحَ له عنه.
وأَما الصَّفُوحُ من صفات الله عز وجل، فمعناه العَفُوُّ؛ يقال: صَفَحْتُ عن ذنب فلان وأَعرضت عنه فلم أُؤَاخذْه به؛ وضربت عن فلان صَفْحاً إِذا أَعرضت عنه وتركته؛ فالصَّفُوحُ في صفة الله: العَفُوُّ عن ذنوب العباد مُعْرِضاً عن مجازاتهم بالعقوبة تَكرُّماً.
والصَّفُوحُ في نعت المرأَة: المُعْرِضَةُ صادَّةً هاجِرَةً، فأَحدهما ضدُّ الآخر.
ونصب قوله صَفْحاً في قوله:أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً؟ على المصدر لأَن معنى قوله أَنُعْرِضُ (* قوله «لأن معنى قوله أنعرض إلخ» كذا بالأصل.) عنكم الصَّفْحَ؛ وضَرْبُ الذَّكْرِ رَدُّه كَفُّه؛ وقد أَضْرَبَ عن كذا أَي كف عنه وتركه؛ وفي حديث عائشة تصف أَباها: صَفُوحُ عن الجاهلين أَي الصَّفْح والعفوِ والتَّجاوُزِ عنهم؛ وأَصله من الإِعراض بصَفْحَه وجهه كأَنه أَعرض بوجهه عن ذنبه.
والصَّفُوحُ من أَبنية المبالغة.
وقال الأَزهري في قوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً؟ المعنى أَفَنُعْرِضُ عن أَن نُذَكِّرَكم إِعراضاً من أَجل إِسرافكم على أَنفسكم في كفركم؟ يقال صَفَح عني فلانٌ أَي أَعرض عنه مُوَلِّياً؛ ومنه قول كثير يصف امرأَة أَعرضت عنه:صَفُوحاً فما تَلْقاكَ إِلا بَخِيلةً، فمن مَلَّ منها ذلك الوصلَ مَلَّتِ وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُه صَفْحاً: سقاه أَيَّ شَراب كان ومتى كان.
والمُصْفَحُ: المُمالُ عن الحق؛ وفي الحديث: قلبُ المؤمن مُصْفَحٌ على الحق أَي مُمالٌ عليه، كأَنه قد جعل صَفْحَه أَي جانبه عليه؛ وفي حديث حذيفة أَنه قال: القلوب أَربعة: فقلبٌ أَغٌلَفُ فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس فذلك قلب رجع إِلى الكفر بعد الإِيمان، وقلب أَجْرُدُ مثل السِّراج يَزْهَرُ فذلك قلب المؤمن، وقلب مُصْفَحٌ اجتمع فيه النفاق والإِيمان، فمَثَلُ الإِيمان فيه كمَثَل بقلة يُمِدُّها الماءُ العذبُ، ومَثَل النفاق كمثل قَرْحة يُمِدُّها القَيْحُ والدمُ، وهو لأَيهما غَلَبَ؛ المُصْفَحُ الذي له وجهان: يلقى أَهلَ الكفر بوجه وأَهل الإِيمان بوجه.
وصَفْحُ كل شيء: وجهه وناحيته، وهو معنى الحديث الآخر: من شَرِّ الرجال ذو الوجهين، الذي يأْتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه وهو المنافق.
وجعل حذيفةُ قلب المنافق الذي يأَتي الكفار بوجه وأَهل الإَيمان بوجه آخر ذا وجهين؛ قال الأَزهري: وقال شمر فيما قرأْت بخطه: القلبُ المُصْفَحُ زعم خالد أَنه المُضْجَعُ الذي فيه غِلٌّ الذي ليس بخالص الدين؛ وقال ابن بُزُرْجٍ: المُصْفَحُ المقلوب؛ يقال: قلبت السيف وأَصْفَحْتُه وصابَيْتُه؛ والمُصْفَحُ: المُصابَى الذي يُحَرَّف على حدّه إِذا ضُرب به ويُمالُ إِذا أَرادوا أَن يَغْمِدُوه.
ويقال: صَفَح فلان عني أَي أَعرض بوجه ووَلاَّني وَجْهَ قَفاه؛ وقوله أَنشده ثعلب: ونادَيْتُ شِبْلاً فاسْتَجابَ، وربما ضَمِنَّا القِرَى عَشْراً لمن لا نُصافِحُ ويروى: ضَمِنَّا قِرَى عَشْرٍ لمن لا نُصافِحُ؛ فسره فقال: لمن لا نصافح أَي لمن لا نعرف،وقيل: للأَعداء الذين لا يحتمل أَن نُصافحهم.
والمُصْفَحُ من سهام المَيْسر: السادسُ، ويقال له: المُسْبِلُ أَيضاً؛ أَبو عبيد: من أَسماء قداح المَيْسِر المُصْفَحُ والمُعَلَّى.
وصَفْحٌ: اسم رجل من كَلْب بن وَبْرَة، وله حديث عند العرب معروف؛ وأَما قول بشر: رَضِيعَةُ صَفْحٍ بالجِباهِ مُلِمَّةٌ، لها بَلَقٌ فوقَ الرُّؤوسِ مُشَهَّرُ (* قوله «بالجباه» كذا بالأصل بهذا الضبط.
وفي ياقوت الجباة، بفتح الجيم ونقط الهاء، والخراسانيون يروونه الجباه بكسر الجيم وآخره هاء محضة: وهو ماء بالشام بين حلب وتدمر.) فهو اسم رجل من كلب جاور قوماً من بني عامر فقتلوه غَدْراً ؛ يقول: غَدْرَتكم بصَفْحٍ الكَلْبيِّ.
وصِفاحُ نَعْمانَ: جبال تُتاخِمُ هذا الجبل وتصادفه؛ ونَعْمانُ: جبل بين مكة والطائف؛ وفي الحديث ذكر الصِّفاحِ، بكسر الصاد وتخفيف الفاء، موضع بين حُنَين وأَنصابِ الحَرَم يَسْرَةَ الداخل إِلى مكة.
وملائكةُ الصَّفيح الأَعْلى: هو من أَسماء السماء، وفي حديث عليّ وعمار: الصَّفِيحُ الأَعْلى من مَلَكُوته.

عوق (لسان العرب) [0]


رجل عَوْق: لا خير عنده، والجمع أَعْواق.
ورجل عُوَق: جبان، هذَليَّة وعاقَهُ عن الشيء يَعُوقه عَوْقاً: صرفه وحبسه، ومنه التَّعْويقُ والاعْتِياق، وذلك إِذا أَراد أَمراً فصرفه عنه صارفٌ، وأَصل عاقَ عَوَق ثم نُقل من فَعَل إِلى فَعُلٍ، ثم قلبت الواو في فَعُلْتُ أَلِفاً فصارَ عاقْتُ، فالتقى ساكنان: العين المعتلة المقلوبة أَلِفاً ولام الفعل، فحذفت العين لالتقائهما، فصار التقدير عَقْتُ، ثم نقلت الضمة إِلى الفاء لأَن أَصله قبل القلب فَعُلت فصار عُقْت، فهذه مراجعة أَصل إِلاَّ أَن ذلك الأَصل الأَقرب لا الأَبعد، أَلا ترى أَن أَول أَحوال هذه العين في صِيَغِه إِنما هو فتحة العين التي أُبدلت منها الضمة؟ وهذا . . . أكمل المادة كله تعليل ابن جني.
وتقول: عاقَني عن الوجه الذي أَردتُ عائِقٌ وعاقَتْني العَوائِقُ، الواحدة عائقةٌ، قال: ويجوز عاقَني وعَقانِي بمعنى واحد.
والتَّعْويقُ: تَرْبيث الناس عن الخير.
وعَوَّقَه وتَعَوَّقه؛ الأَخيرة عن ابن جني، واعْتاقَه، كله: صرفه وحبسه.
ورجل عُوَقَة وعُوَق وعَوِق (* قوله «وعوق» هكذا بالأصل مضبوطاً ككتف، وفي شرح القاموس: عوق كعنب عن ابن الأعرابي، وضبطه بعض ككتف). أَي ذو تَعْوِيقٍ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، قال أَي ذو تَعْويقٍ للناس عن الخير وتربيث لأَصحابه لأَن علل الأُمور تحبسه عن حاجته؛ أَنشد ابن بري للأَخطل:مُوطَّأُ البيتِ مَحْمودٌ شَمائلُه، عند الحَمَالةِ، لا كَزُّ ولا عُوَقُ كذلك عَيّق، وقيل: عيِّق إتباع لضَيّق. يقال: عَوِقٌ لَوِقٌ وضَيّق لَيّق عَيّق.
ورجل عُوَّق: تَعْتاقُه الأُمور عن حاجته؛ قال الهذلي: فِدىً لِبَني لِحْيان أُمي فإِنهم أَطاعوا رئيساً منهمُ غير عُوَّقِ والعَوْق: الرجل الذي لا خير عنده؛ قال رؤبة: فَداك منهم كلُّ عَوْقٍ أَصْلَدِ والعَوْق: الأَمر الشاغل.
وعَوائِقُ الدهر: الشواغل من أَحداثه.
والتَّعَوُّق: التَّثَبُّط.
والتَّعْوِيقُ: التَّثْبيط.
وفي التنزيل: قد يعلم الله المُعَوِّقين منكم؛ المُعَوِّقون: قوم من المنافقين كانوا يُثَبِّطون أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، وذلك أَنهم قالوا لهم: ما محمدٌ وأَصحابه إِلاَّ أُكْلَةُ رأْسٍ، ولو كانوا لَحْماً لالتقمهم أَبو سفيان وحِزْبُه، فخلُّوهم وتعالوا إِلينا فهذا تَعْويقُهم إِياهم عن نُصْرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو تَفْعِيل من عَاقَ يَعُوق؛ وأَما قول الشاعر: فلو أَنِّي رَمَيْتُكَ من قريبٍ، لَعاقَك، عن دُعاء الذِّئبِ، عَاقِ إِنما أَراد عائق فقلب، وقيل: هو على توهُّم عَقَوْته، وهو مذكور في موضعه.
والعَيُّوقُ: كوكب أَحمر مضيء بِحِيالِ الثُّرَيّا في ناحية الشَّمال ويطلع قبل الجوزاء، سمي بذلك لأَنه يَعُوق الدَّبَران عن لقاء الثُّرَيّا، قال أَبو ذؤَيب: فَوَرَدْنَ، والعَيوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضْـ ـضُرَباءِ، خَلْفَ النجمِ، لا يَتَتَلَّعُ قال سيبويه: لزمته اللام لأَنه عندهم الشيء بعينه، وكأَنه جعل من أُمَّةٍ كل واحد منها عَيُّوقٌ، قال: فإِن قلت هل هذا البناء لكل ما عَاقَ شيئاً؟ قيل: هذا بناءٌ خُصَّ به هذا النجمُ كالدَّبَران والسِّمَاكِ.
وقال ابن الأَعرابي: هذا عَيُّوق طالعاً، فحذف الأَلف واللام وهو ينويهما فلذلك يبقى على تعريفه الذي كان عليه، وكذلك كل ما فيه الأَلف واللام من أَسماء النجوم والدَّراري، فلك أَن تحذفهما منه وأَنت تنويهما، فيبقى فيه تعريفه الذي كان مع الأَلف واللام، وقيل: الدَّبَرانُ نجم يلي الثرَيّا إِذا طلع علم أَن الثُّرَيّا قد طلعت. قال الأَزهري: عَيُّوق فَيْعُول يحتمل أَن يكون بناؤه من عَوْق ومن عَيْق لأَنَّ الواو والياء في ذلك سواء؛ وأَنشد: وعاندَت الثُّرَيّا، بعد هَدْءٍ، مُعاندةً لها العَيُّوقُ جَارَا قال الجوهري: العَيُّوق نجم أَحمر مضيء في طرف المَجَرَّة الأَيمن يتلو الثُّرَيّا لا يتقدمه، وأَصله فَيْعُول، فلما التقى الياء والواو والأُولى ساكنة صارتا ياءً مشددة.
وتقول: ما عَاقتِ المرأَةُ عند زوجها ولا لاقَتْ أَي ما حَظِيَتْ عنده. قال الأَزهري: يقال ما لاقَتْ ولا عاقَتْ أَي لم تَلْصَق بقلبه، ومنه يقال: لاقَتِ الدَّواةُ أَي لَصِقَتْ، وأَنا أَلَقْتُها، كأَن عَاقَتْ إِتباع للاقَتْ؛ قال ابن سيده: وإِنما حملناه على الواو وإِن لم نعرف أَصله لأَن انقلاب الأَلف عن الواو عيناً أَكثر من انقلابها عن الياء، وروى شمر عن الأُموي: ما في سقائه عَيْقةٌ من الرُّبِّ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى قوله ما لاقَتْ ولا عاقَتْ، قال: وغيره يقول ما في نِحْيه عَيقةٌ ولا عَمَقَة.
والعُوَاق والعَوِيقُ: صوت قُنْبِ الفرس، وقيل: هو الصوت من كل شيء، قال: هو العَوِيقُ والوَعيقُ؛ وأَنشد: إِذا ما الرَّكْبُ حلَّ بدارِ قومٍ، سمعتَ لها، إِذا هَدَرَتْ، عُوَاقَا قال الأَزهري: قال اللحياني سمعت عَاقْ عَاقْ وعاقِ عاقِ وغَاقْ غَاقْ وغاقِ غاقِ لصوت الغراب، قال: وهو نُعَاقُه ونُغاقُه بمعنى واحد.
وعُوق: اسم. قال الأَزهري: العُوقُ أَبو عُوج بنِ عُوق.
وعُوق: موضع بالحجاز؛ قال الشاعر: فَعُوقٌ فَرُمَاحٌ فالـ ـلِوَى من أَهله قَفْرُ قال ابن سيده: وعُوق موضع لم يُعَيَّن.
والعَوَقَةُ: حي من اليمن؛ وأَنشد: إِنِّي امْرُؤٌ حَنْظَلِيٌّ في أَرُومَتِها، لا من عَتِيكٍ، ولا أَخواليَ العَوَقَهْ ويَعُوقُ: اسم ضم كان لِكنانَةَ عن الزجاج، وقيل: كان لقوم نوح، عليه السلام، وقيل: كان يُعْبد على زمن نوح، عليه السلام؛ قال الأَزهري: يقال إِنه كان رجلاً من صالحي زمانه قبل نوح، فلما مات جَزِعَ عليه قومُه فأَتاهم الشيطان في صورة إِنسان فقال: أُمَثِّله لكم في مِحْرابكم حتى تروه كلما صليتم، ففعلوا ذلك فتَمادَى ذلك بهم إِلى أَن اتخذوا على مثاله صنماً فعبدوه من دون الله تعالى، وقد ذكره الله في كتابه العزيز، وكذلك يُغُوث؛ بالغين المعجمة والثاء المثلثة، اسم صنم أَيضاً كان لقوم نوح، والياء فيهما زائدة، والله أَعلم.

غشا (لسان العرب) [0]


الغِشاءُ: الغِطاءُ. غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِية إِذا غَطَّيْته.
وعلى بَصَره وقَلْبِه غَشْوٌ وغَشْوةٌ وغُشْوة وغِشْوة وغِشاوةٌ وغَشَاوَة وغُشاوةٌ وغاشِيةٌ وغُشْية وغُشاية وغِشايةٌ؛ هذه الثلاث عن اللحياني، أَي غِطاءٌ.
وغاشِية القَلْب وغِشاوتُه: قَمِيصُه؛ قال أَبو عبيد: في القَلْبِ غِشاوةٌ وهي الجِلْدة المُلْبَسة، وربما خرج فؤادُ الإِنسانِ والدابَّة من غِشائه، وذلك من فَزَعٍ يَفْزَعه فيموتُ مكانه، وكذلك تقول العرب: أَنْخَلَعَ فؤادُه، والفؤادُ في الجَوْفِ هو القَلْبُ، وفيه سُوَيداؤه وهي عَلَقةٌ سَوْداءُ، إِذا شُقَّ القَلْبُ بَدَتْ كقِطْعة كَبِدٍ.
والغِشاوةُ: ما غَشِيَ القَلْبَ من الطَّبَع.
وقال بعضهم: الغِشاوةُ جِلْدةٌ غُشِّيَتِ القَلْبَ فإِذا انْخَلَعَ منها القَلْب ماتَ صاحبُه؛ وأَنشد ابن بري للحرث بن خالد المخزومي: صَحِبْتُكَ، إِذْ عَيْني . . . أكمل المادة عليها غِشاوةٌ، فلمّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسي أَلُومُها تقول: غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِيةً إِذا غَطَّيْته، وقد غَشَّى اللهُ على بَصَرِه وأَغْشى؛ ومنه قوله تعالى: فأَغْشَيْناهم فهم لا يُبْصِرُون.
وقال تعالى: وعلى أَبْصارِهِمْ غِشاوةٌ، وقرئ: غَشْوة، كأَنه رُدَّ إِلى الأَصل لأَن المصادر كلها تردّ إِلى فَعْلة، والقراءة المختارة الغِشاوة، وكل ما كان مشتملاً على الشيء فهو مبنيٌّ على فِعالَةٍ نحو الغِشاوةِ والعِمامة والعِصابة، وكذلك أَسماءُ الصِّناعاتِ لاشْتِمالِ الصِّناعةِ على كلِّ ما فيها نحو الخِياطة والقِصارةِ.
وغَشِيَه الأَمْرُ وتغَشَّاه وأَغْشَيْته إِيَّاه وغَشَّيْته.
وفي التنزيل العزيز: يُغْشِي الليلَ النهارَ.
وقال اللحياني: وقرئ يُغَشِّي الليلَ النهارَ، قال: وقرئ في الأَنْفال: يُغْشِيكُم النُّعاسَ، ويُغَشِّكم النعاسَ، ويَغْشاكُم النُّعاسُ.
وقوله تعالى: هل أَتاكَ حديث الغاشِيَة؛ قيل: الغاشِيَة القيامة لأَنها تَغْشى الخَلْق بأَفْزاعِها، وقيل: الغاشِية النارُ لأَنَّها تَغْشى وجُوه الكُفَّار.
وغِشاءُ كلِّ شيءٍ: ما تَغَشَّاه كغِشاءِ القَلْب والسَّرْجِ والرَّحْلِ والسَّيْفِ ونحوِها.
والغَشْواءُ من المَعَزِ: التي يَغْشى وجْهَها كلَّه بياضٌ وهي بَيِّنةُ الغَشا.
والأَغْشى من الخَيْلِ: الذي غَشِيَتْ غُرَّتُه وجْهَه واتَّسَعَتْ، وقيل: الأَغْشى من الخَيْلِ وغيرها ما ابْيَضَّ رأْسُه كلُّه من بَيْنِ جَسدِه مثل الأَرْخَمِ.
والغَشْواءُ: فَرَس حَسَّانَ ابنِ سَلَمة، صِفةٌ غالِبة.
والغاشِيةُ: السُّؤَّالُ الذين يَغْشَوْنَكَ يَرْجُون فَضْلَكَ ومَعْرُوفَكَ.
وغاشِية الرجُلِ: مَنْ يَنْتابُه من زُوَّارِه وأَصْدقائه.
وغاشِيةُ الرَّحْلِ: الحَديدة التي فوقَ المؤخرَةِ. قال أَبو زيد: يقال للحديدة التي فوق مؤخِرَةِ الرَّحْلِ الغاشِية، وهي الدامِغة.
والغاشية: غاشية السَّرْج، وهي غِطاؤه.
والغاشِية: ما أُلْبِسَ جَفْنُ السَّيْفِ من الجُلودِ من أَسْفلِ شاربِ السَّيفِ إِلى أَن يَبْلُغَ نَعْلَ السَّيْفِ، وقيل: هي ما يَتَغَشَّى قوائِمَ السُّيوفِ من الأَسْفانِ (* قوله «من الاسفان» هكذا في الأصل تبعاً للمحكم، وفي القاموس: من الاسفار.) وقال جعفر بن عُلْبة الحارثي: نُقاسِمُهُم أَسْيافَنا شَرَّ قِسْمَةٍ، ففِينا غَواشِيها، وفيهم صُدُورُها والغاشِية: داءٌ يأْخُذُ في الجَوْفِ وكلُّه من التَّغْطِية. يقال: رماه الله بغاشِيَة؛ قال الشاعر: في بطنِه غاشِيةٌ تُتَمِّمُهْ قال: تُتَمِّمه تُهْلِكُه. قال أَبو عمرو: وهُو داءٌ أَو وَرَم يكونُ في البطنِ يعني الغاشِيَة.
وقوله تعالى: أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهم غاشِيةٌ من عذابِ اللهِ؛ أَي عُقوبة مُجَلِّلة تَعُمُّهم.
واسْتَغْشى ثِيابَه وتَغَشَّى بها: تَغَطَّى بها كَيْ لا يُرَى ولا يُسْمَع.
وفي التنزيل العزيز: واسْتَغْشَوْا ثِيابَهُم.
وقال تعالى: أَلا حينَ يَسْتَغْشُون ثيابَهُم ( الآية ) وقيل: إَنَّ طائفة من المنافقين قالوا إِذا أَغْلَقْنا أَبوابَنا وأَرْخَيْنا سُتُورَنا واسْتَغْشَيْنا ثِيابَنا وثَنيْنا صُدُورَنا على عداوة محمد، صلى الله عليه وسلم كيف يَعْلمُ بنا؟ فأَنزل اللهُ تعالى: أَلا حين يَسْتَغْشُون ثِيابَهُم يَعْلم ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُون؛ اسْتَغْشى بثَوْبِه وتَغَشَّى أَي تَغَطَّى.
والغَشْوَة: السِّدْرَة؛ قال: غَدَوْتُ لغَشْوَةٍ في رَأْسِ نِيقٍ، ومُورَة نَعْجَةٍ ماتَتْ هُزالا وغُشِي عليه غَشْيَةً وغَشْياً وغَشَياناً: أُغْمِيَ، فهو مَغْشِيٌّ عليه، وهي الغَشْيَة، وكذلك غشْيَةُ المَوْت. قال الله تعالى: نَظَرَ المَغْشِيِّ عليه من المَوْتِ، وقال تعالى: لهم من جهنمَ مِهادٌ ومن فَوقِهم غَواشٍ؛ أَي إِغْماءٌ؛ قال أَبو إِسحق: زعم الخليل وسيبويه جميعاً أَن النونَ ههنا عوضٌ من الياء، لأَنَّ غواشٍ لا يَنْصَرِفُ والأَصل فيها غَواشيُ، إِلاَّ أَن الضمة تَحذَفُ لِثِقَلِها في الياء، فإِذا ذَهَبَت الضمة أَدخَلْتَ التنوينَ عوضاً منها، قال: وكان سيبويه يذهب إِلى أَنَّ التنوينَ عِوضٌ من ذهابِ حركةِ الياء، والياءُ سَقَطت لسُكونِها وسكون التنوين.
وغَشِيَهُ غِشْياناً: أَتاه وأَغْشاهُ إِيَّاهُ غيرُه؛ فأَما قوله: أَتُوعِدُ نِضْوَ المَضْرَحِيِّ، وقد تَرَى بعَيْنَيْك ربَّ النَّضْوِ يَغْشى لكم فَرْدا؟ فقد يكون يَغْشى من الأَفْعالِ المُتَعَدِّية بحَرْفٍ وغيرِحرفٍ، وقد تكونُ اللامُ زائدةً أَي يَغْشاكم كقوله تعالى: قلْ عَسَى أَن يكونَ رَدِفَ لكم، أَي رَدِفَكُم.
وغَشِيَ الأَمرَ غَشياناً: باشرَه.
وغَشِيتُ الرجُلَ بالسَّوْط: ضَرَبْته.
والغِشْيانُ: إِتْيانُ الرجُلِ المرأَةَ، والفِعْلُ غَشِيَ يَغْشى.
وغَشِيَ المرأَةَ غِشْياناً: جامَعَها.
وقوله تعالى: فلما تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمرَّتْ به؛ كناية عن الجِماع. يقال: تغَشَّى المرأَة إِذا عَلاها، وتجَلَّلها مثله، وقيل للقِيامةِ غاشِية لأَنها تُجَلِّلُ الخُلْق فتَعُمُّهم. ابن الأَثير: وفي حديث المَسْعى فإِن الناسَ غَشُوه أَي ازْدَحَمُوا عليه وكَثُروا. يقال: غَشِيَةُ يَغْشاهُ غِشْياناً إِذا جاءَهُ، وغَشَّاهُ تَغْشِيةً إِذا غَطَّاه.
وغَشِيَ الشيء إِذا لابَسَه.
وغَشِيَ المرأَة إِذا جامَعها.
وغُشِيَ عليه: أُغْمِيَ عليه.
واسْتغْشى بثَوْبه وتَغَشَّى إِذا تغَطّى، والجميع قد جاء في الحديث على اختلاف لفظه، فمنها قوله: وهو مُتغَشٍّ بثوْبه، وقوله: وتَغْشى أَنامِلَه أَي تسْتُرها، وقولُه: غَشِيَتْهُم الرَّحْمَة وغَشِيَها أَلْوانٌ أَي تعْلوُها.
وقوله: فلا يَغْشَنا في مساجدنا، وقوله: وإِن غشِينَا من ذلك شيءٌ من القَصد إِلى الشيءِ والمُباشَرَة، وقوله: ما لم يَغْشَ الكبَائِرَ؛ ومنه حديث سَعْد: فَلَمّا دَخَلَ عليه وجدَه في غاشِيةٍ؛ الغاشِيةُ: الدَّاهِية من خَيْر أَو شرٍّ أَو مكْروهٍ، ومنه قيلَ للْقِيامة الغاشِيةُ، وأَراد في غَشْيةٍ منْ غَشَياتِ المَوْتِ، قال: ويجوز أَن يُرِيدَ بالغاشِيَة القوْمَ الحُضُورَ عندَه الذين يَغْشَوْنه للخِدْمَة والزيارَةِ أَي جماعة غاشِيةٍ أَو ما يَتغَشَّاه من كَرْب الوَجع الذي به أَي يُغَطِّيه فظُنَّ أَنْ قد مات.
وغُشَيٌّ: موضعٌ.

درج (لسان العرب) [0]


دَرَجُ البناءِ ودُرَّجُه، بالتثقيل: مَراتِبُ بعضها فوق بعض، واحدتُه دَرَجَة ودُرَجَةٌ مثال همزة، الأَخيرة عن ثعلب.
والدَّرَجَةُ: الرفعة في المنزلة.
والدَّرَجَةُ: المِرْقاةُ (* قوله «والدرجة المرقاة» في القاموس: والدرجة، بالضم وبالتحريك، كهمزة، وتشدد جيم هذه، والأَدرجة كأَسكفة أَي بضم الهمزة فسكون الدال فضم الراء فجيم مشددة مفتوحة: المرقاة.).
والدَّرَجَةُ واحدةُ الدَّرَجات، وهي الطبقات من المراتب.
والدَّرَجَةُ: المنزلة، والجمع دَرَجٌ.
ودَرَجاتُ الجنة: منازلُ أَرفعُ من مَنازِلَ.
والدَّرَجانُ: مِشْيَةُ الشيخ والصبي.
ويقال للصبي إِذا دَبَّ وأَخذ في الحركة: دَرَجَ.
ودَرَج الشيخ والصبي يَدْرُجُ دَرْجاً ودَرَجاناً ودَرِيجاً، فهو دارج: مَشَيا مَشْياً ضعيفاً ودَبَّا؛ وقوله: يا ليتني قد زُرْتُ غَيْرَ خارِجِ، أُمَّ صَبِيٍّ، قد حَبَا، ودارِجِ إِنما أَراد أُمَّ صَبِيٍّ . . . أكمل المادة حابٍ ودارِج، وجاز له ذلك لأَن قد تُقرِّبُ الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أَو تكاد، أَلا تراهم يقولون: قد قامت الصلاة، قبل حال قيامها؟ وجعَلَ مُلَيْحٌ الدَّريجَ للقطا فقال: يَطُفْنَ بِأَحْمالِ الجِمالِ عُذَيَّةً، دَريجَ القَطا، في القَزِّ غَيْرِ المُشَقَّقِ قوله: في القَزِّ، من صلة يَطُفْنَ؛ وقال: تَحْسَبُ بالدَّوِّ الغَزالَ الدَّارِجا، حمارَ وحشٍ يَنْعَبُ المَناعِبا، والثَّعْلَبَ المَطْرودَ قَرْماً هابِجَا فأَكفأَ بالباء والجيم على تباعد ما بينهما في المخرج. قال ابن سيده: وهذا من الإِكفاء الشاذ النادر، وإِنما يَمْثُلُ الإِكفاءُ قليلاً إِذا كان بالحروف المتقاربة كالنون والميم، والنون واللام، ونحو ذلك من الحروف المتدانية المخارج.
والدَّرَّاجةُ: العَجَلَةُ التي يَدِبُّ الشيخ والصبي عليها، وهي أَيضاً الدَّبَّابة التي تُتَّخذ في الحرب يدخل فيها الرجال. الجوهري: الدَّرَّاجَةُ، بالفتح، الحالُ وهي التي يَدْرُجُ عليها الصبي إِذا مشى. التهذيب: ويقال للدَّبَّابات التي تُسَوَّى لحرب الحِصارِ يدخل تحتها الرجال: الدَّبَّابات والدَّرَّاجات.
والدَّرَّاجَةُ: التي يُدَرَّجُ عليها الصبي أَوَّلَ ما يمشي.
وفي الصحاح: دَرَجَ الرجلُ والضب يَدْرُجُ دُرُوجاً أَي مشى.
ودَرَجَ ودَرِجَ أَي مضى لسبيله.
ودَرَِجَ القومُ إِذا انقرضوا؛ والانْدِراجُ مثله.
وكلُّ بُرْج من بُرُوج السماء ثلاثون دَرَجةً.
والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ بين الجبال، واحدته مدْرَجةٌ، وهي المواضع التي يدرج فيها أَي يمشى؛ ومنه قول المزني، وهو عبد الله ذو البِجادَينِ: تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومِي، تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ، هذا أَبو القاسمِ فاسْتَقِيمي ويقال: دَرَّجْتُ العليل تَدْريجاً إِذا أَطعمته شيئاً قليلاً، وذلك إِذا نَقِهَ، حتى يَتَدَرَّجَ إِلى غاية أَكله، كما كان قبل العلة، دَرَجَةً درجةً.
والدَّرَاجُ: القُنْفُذُ لأَنه يَدْرُج ليلته جمعاء، صفة غالبة.
والدَّوارِجُ: الأَرجُلُ؛ قال الفرزدق: بَكَى المِنْبَرُ الشَّرْقِيُّ، أَنْ قام فَوْقَهُ خَطِيبٌ فُقَيْمِيٌّ، قصيرُ الدَّوارِجِ قال ابن سيده: ولا أَعرف له واحداً. التهذيب: ودَوارِجُ الدابة قوائمه، الواحدة دارجةٌ.
وروى الأَزهري بسنده عن الثوري، قال: كنت عند أَبي عبيدة فجاءه رجل من أَصحاب الأَخفش فقال لنا: أَليس هذا فلاناً؟ قلنا: بلى، فلما انتهى إِليه الرجل قال: ليس هذا بِعُشِّكِ فادْرُجِي، قلنا: يا أَبا عبيدة لمن يُضرب هذا المثل؛ فقال: لمن يرفع له بحبال. قال المبرد: أَي يطرد.
وفي خطبة الحجاج: ليس هذا بِعُشِّكِ فادرُجي أَي اذهبي؛ وهو مثل يضرب لمن يتعرّض إِلى شيء ليس منه، وللمطمئن في غير وقته فيؤْمر بالجِدِّ والحركة.
ويقال: خلّي دَرَجَ الضَّبِّ؛ ودَرَجُه طريقه، أَي لا تَعَرَّضي له أَي تَحَوَّلي وامضي واذهبي.
ورجع فلان دَرَجَه أَي رجع في طريقه الذي جاء فيه؛ وقال سلامة بن جندل: وكَرِّنا خَيْلَنا أَدْراجَنا رَجَعاً، كُسَّ السَّنابِكِ مِنْ بَدْءٍ وتَعْقِيبِ ورجع فلانٌ دَرَجَه إِذا رجع في الأَمر الذي كان تَرَكَ.
وفي حديث أَبي أَيوب: قال لبعض المنافقين، وقد دخل المسجد: أَدْراجَكَ يا منافق الأَدْراجُ: جمع دَرَجٍ وهو الطريق، أَي اخْرُجْ من المسجد وخُذْ طريقَك الذي جئت منه.
ورَجَعَ أَدْراجَه: عاد من حيث جاء.
ويقال: استمرَّ فلان دَرَجَه وأَدْراجَه.
والدَّرَجُ: المَحاجُّ.
والدَّرَجُ: الطريق.
والأَدْراجُ: الطُّرُقُ: أَنشد ابن الأَعرابي: يَلُفُّ غُفْلَ البِيدِ بالأَدْراجِ غُفْل البِيد: ما لا عَلَم فيه. معناه أَنه جيش عظيم يَخْلِطُ هذا بهذا ويعفي الطريقَ. قال ابن سيده: قال سيبويه وقالوا: رجعَ أَدْراجَه أَي رجع في طريقه الذي جاء فيه.
وقال ابن الأَعرابي: رجع على أَدْراجه كذلك، الواحد دَرَجٌ. ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا طلب شيئاً فلم يقدر عليه: رجع على غُبَيْراءِ الظَّهْرِ، ورجع على إِدراجِه، ورجع دَرْجَه الأَول؛ ومثله عَوْدَهُ على بَدْئِهِ، ونَكَصَ على عَقِبَيْهِ، وذلك إِذا رجع ولم يصب شيئاً.
ويقال: رجع فلان على حافِرَتِه وإِدْراجه، بكسر الأَلف، إِذا رجع في طريقه الأَول.
وفلان على دَرَجِ كذا أَي على سبيله.
ودَرَجُ السَّيْلِ ومَدْرَجُه: مُنْحَدَرُه وطريقُه في مَعاطف الأَوْدِيةِ.
وقالوا: هو دَرَجَ السَّيْلِ، وإِن شئت رفعت؛ وأَنشد سيبويه: أَنُصْبٌ، للمَنِيَّةِ تَعْتَريهِمْ، رِجالي، أَمْ هُمُوا دَرَجُ السُّيولِ؟ ومَدارِجُ الأَكَمَةِ: طُرُقٌ مُعْتَرِضَة فيها.
والمَدْرَجةُ: مَمَرُّ الأَشياء على الطريق وغيره.
ومَدْرَجَةُ الطريق: مُعْظَمُه وسَنَنُه.
وهذا الأَمر مَدْرَجةٌ لهذا أَي مُتَوَصَّلٌ به إِليه.
ويقال للطريق الذي يَدْرُجُ فيه الغلام والريح وغيرهما: مَدْرَجٌ ومَدْرَجَةٌ ودَرَجٌ، وجمعه أَدْراجٌ أَي مَمَرٌّ ومَذْهَبٌ.
والمَدْرَجةُ: المَذْهَب والمسلَكُ؛ وقال ساعدة بن جؤَية: تَرَى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْهِ، كأَنَّهُ مَدارِجُ شِبْثانٍ، لَهُنَّ هَمِيمُ يريد بأَثْرِهِ فِرِنْدَهُ الذي تراه العين، كأَنه أَرجل النمل.
وشِبْثانٌ: جمع شَبَثٍ لدابة كثيرة الأَرجل من أَحناش الأَرض.
وأَما هذا الذي يسمى الشِّبِثَّ، وهو ما تُطيَّب به القدور من النبات المعروف، فقال الشيخ أَبو منصور موهوب بن أَحمد بن محمد بن الخضر المعروف بابن الجُواليقي: والشِّبِثُّ على مثال الطِّمِرِّ، وهو بالتاء المثناة لا غير.
والهَمِيم: الدَّبِيبُ.
وقولهم: خَلِّ دَرَجَ الضَّبِّ أَي طريقه لئلا يَسْلُك بين قدميك فتنتفخ.ودَرَّجَه إِلى كذا واسْتَدْرَجه، بمعنًى، أَي أَدناه منه على التدريج، فتَدَرَّجَ هو.
وفي التنزيل العزيز: سنستَدْرِجُهُم من حيثُ لا يعلمون؛ قال بعضهم: معناه سنأْخُذُهم قليلاً قليلاً ولا نُباغِتُهم؛ وقيل: معناه سنأْخذهم من حيث لا يحتسبون؛ وذلك أَن الله تعالى يفتح عليهم من النعيم ما يغتبطون به فيركنون إِليه ويأْنسون به فلا يذكرون الموت، فيأْخذهم على غِرَّتِهم أَغْفَلَ ما كانوا.
ولهذا قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما حُمِلَ إِليه كُنُوزُ كِسْرَى: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكونَ مُسْتَدْرَجاً، فإِني أَسمعك تقول: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون.
وروي عن أَبي الهيثم: امتنع فلان من كذا وكذا حتى أَتاه فلان فاسْتَدْرجه أَي خدعه حتى حمله على أَن دَرَجَ في ذلك. أَبو سعيد: اسْتَدْرجَه كلامي أَي أَقلقه حتى تركه يَدْرُجُ على الأَرض؛ قال الأَعشى: لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حتى تَهُزَّه، وتَعْلَمَ أَني مِنكُمُ غَيرُ مُلْجَمِ والدَّرُوجُ من الرياح: السريعة المَرِّ، وقيل: هي التي تَدْرُجُ أَي تَمُرُّ مَرّاً ليس بالقَويّ ولا الشديد. يقال: ريح دَروجٌ، وقِدْحٌ دَرُوجٌ.
والريح إِذا عصفت اسْتَدْرَجَتِ الحَصى أَي صَيَّرَتْهُ إِلى أَن يَدْرُجَ على وجه الأَرض مِن غير أَن ترفعه إِلى الهواء، فيقال: دَرَجَتْ بالحصى واسْتَدْرَجَتِ الحَصى. أَمَّا دَرَجَتْ به فجرت عليه جرياً شديداً دَرَجَتْ في سيرها، وأَمَّا اسْتَدْرَجَتْهُ فصيرته بجريه عليها (* قوله «بجريه عليها» كذا بالأصل ولعل الأولى بجريها عليه.) إِلى أَنْ دَرَجَ الحَصى هو بنفسه.
ويقال: ذهب دمه أَدْراجَ الرِّياحِ أَي هَدَراً.
ودَرَجَتِ الريح: تركت نَمانِمَ في الرَّمْلِ.
وريح دَرُوجٌ: يَدْرُجُ مؤَخرها حتى يُرى لها مثل ذَيْلِ الرَّسَنِ في الرَّمْلِ، واسم ذلك الموضع الدَّرَجُ.
ويقال: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحالَ؛ كما قال ذو الرمة: صَرِيفُ المَحالِ اسْتَدْرَجَتْها المَحاوِرُ أَي صيرتها إِلى أَن تَدْرُجَ.
ويقال: اسْتَدْرَجَتِ الناقةُ ولدها إِذا استتبعته بعدما تلقيه من بطنها.
ويقال: دَرِجَ إِذا صَعِدَ في المراتب، ودَرِجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدين والكلام، كله بكسر العين من فَعِلَ.
ودَرَجَ ودَرِج الرجل: مات.
ويقال للقوم إِذا ماتوا ولم يُخَلِّفوا عَقِباً: قد دَرِجوا ودَرَجُوا.
وقبيلة دارِجَةٌ إِذا انقرضت ولم يبق لها عقب؛ وأَنشد ابن السكيت للأَخطل: قَبِيلَةٌ بِشِراكِ النَّعْلِ دارِجَةٌ، إِنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهُم أَثَرُ وكأَن أَصل هذا من دَرَجْتُ الثوب إِذا طويته، كأَنَّ هؤلاء لما ماتوا ولم يخلفوا عَقِباً طَوَوْا طريق النسل والبقاء.
ويقال للقوم إِذا انقرضوا: دَرِجُوا.
وفي المثل: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحياء والأَموات.
وقيل: دَرَِجَ مات ولم يخلف نسلاً، وليس كل من مات دَرَِجَ؛ وقيل: دَرَجَ مثل دَبَّ. أَبو طالب في قولهم: أَحسَنُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ؛ فَدَبَّ مشى ودَرَجَ مات.
وفي حديث كعب قال له عمر: لأَيّ ابني آدم كان النسل؟ فقال: ليس لواحد منهما نسل، أَما المقتول فدَرَجَ، وأَما القاتل فَهَلَكَ نَسْلُه في الطوفان. دَرَجَ أَي مات، وأَدْرَجَهُم الله أَفناهم.
ويقال: دَرَجَ قَرْنٌ بعد قرن أَي فَنَوْا.
والإِدْراجُ: لف الشيء في الشيء؛ وأَدْرَجَتِ المرأَة صبيها في مَعاوزها.والدَّرْجُ: لَفُّ الشيء. يقال: دَرَجْتُه وأَدْرَجْتُه ودَرَّجْتُه، والرباعي أَفصحها.
ودَرَجَ الشيءَ في الشيء يَدْرُجُه دَرْجاً، وأَدْرَجَه: طواه وأَدخله.
ويقال لما طويته: أَدْرَجْتُه لأَنه يطوى على وجهه.
وأَدْرَجْتُ الكتابَ: طويته.
ورجل مِدْراجٌ: كثير الإِدْراجِ للثياب.
والدَّرْجُ: الذي يُكتب فيه، وكذلك الدَّرَجُ، بالتحريك. يقال: أَنقذته في دَرْجِ الكتاب أَي في طَيِّه.
وأَدْرَجَ الكتابَ في الكتاب: أَدخله وجعله في دَرْجِه أَي في طيِّه.
ودَرْجُ الكتابِ: طَيُّه وداخِلُه؛ وفي دَرْجِ الكتاب كذا وكذا.
وأَدْرَجَ الميتَ في الكفن والقبر: أَدخله. التهذيب: ويقال للخِرَقِ التي تُدْرَجُ إِدراجاً، وتلف وتجمع ثم تدسُّ في حياء الناقة التي يريدون ظَأْرَها على ولد ناقة أُخرى، فإِذا نزعت من حيائها حسبت أَنها ولدت ولداً، فيدنى منها ولد الناقة الأُخرى فَتَرْأَمُه، ويقال لتلك اللفيفة: الدُّرْجَةُ والجَزْمُ والوثيقة. ابن سيده: والدُّرْجَةُ مُشاقَةٌ وخِرَقٌ وغير ذلك، تدرج وتدخل في رحم الناقة ودبرها، وتشدّ وتترك أَياماً مشدودة العينين والأَنف، فيأْخذها لذلك غَمٌّ مِثْلُ غَمِّ المخاض، ثم يحلُّون الرباط عنها فيخرج ذلك عنها، وهي ترى أَنه ولدها؛ وذلك إِذا أَرادوا أَنْ يَرْأَمُوها على ولد غيرها؛ زاد الجوهري: فإِذا أَلقته حَلُّوا عينيها وقد هَيَّأُوا لها حُواراً فيُدْنونَه إِليها فتحسبه ولدها فتَرْأَمُه. قال: ويقال لذلك الشيء الذي يشدّ به عيناها: الغِمامَةُ، والذي يشدَّ به أَنفها: الصِّقاعُ، والذي يحشى به: الدُّرْجَةُ، والجمع الدُّرَجُ؛ قال عمران بن حطان: جَمادٌ لا يُرادُ الرِّسْلُ مِنْها، ولم يُجْعَلْ لهَا دُرَجُ الظِّئارِ والجَماد: الناقة التي لا لبن فيها، وهو أَصلب لجسمها.
والظِّئار: أَن تعالج الناقة بالغِمامَةِ في أَنفها لكي تَظْأَرَ؛ وقيل: الظِّئار خرقة تدخل في حياء الناقة ثم يعصب أَنفها حتى يمسكوا نفَسها، ثم يحل من أَنفها ويخرجون الدرجة فيلطخون الولد بما يخرج على الخرقة، ثم يدنونه منها فتظنه ولدها فترأَمه.
وفي الصحاح: فتشمه فتظنه ولدها فترأَمه.
والدُّرْجَةُ أَيضاً: خرقة يوضع فيها دواء ثم يدخل في حياء الناقة، وذلك إِذا اشتكت منه.والدُّرْجُ، بالضم: سُفَيْطٌ صغير تَدَّخِرُ فيه المرأَةُ طيبها وأَداتَها، وهو الحِفْشُ أَيضاً، والجمع أَدْراجٌ ودِرَجَةٌ.
وفي حديث عائشة: كُنَّ يَبْعَثْن بالدِّرَجَةِ فيها الكُرْسُفُ. قال ابن الأَثير: هكذا يروى بكسر الدال وفتح الراء، جمع دُرْجٍ، وهو كالسَّقَطِ الصغير تضع فيه المرأَةُ خِفَّ متاعها وطيبها، وقال: إِنما هو الدُّرْجَةُ تأْنيث دُرْجٍ؛ وقيل: إِنما هي الدُّرجة، بالضم، وجمعها الدُّرَجُ، وأَصله ما يُلف ويدخل في حياء الناقة وقد ذكرناه آنفاً. التهذيب: المِدْراجُ الناقة التي تَجُرُّ الحَمْلَ إِذا أَتت على مَضْرَبِها.
ودَرَجَتِ الناقةُ وأَدْرَجَتْ إِذا جازت السنة ولم تُنْتَجْ.
وأَدْرَجَتِ الناقة، وهي مُدْرِجٌ: جاوزت الوقت الذي ضربت فيه، فإِن كان ذلك لها عادة، فهي مِدْراجٌ؛ وقيل: المِدْراجُ التي تزيد على السنة أَياماً ثلاثة أَو أَربعة أَو عشرة ليس غير.
والمُدْرِجُ والمِدْراجُ: التي تؤخر جهازها وتُدْرِجُ عَرَضَها وتُلْحِقُه بِحَقَبِها، وهي ضِدُّ المِسْنافِ؛ قال ذو الرمة: إِذا مَطَوْنا حِبال المَيْسِ مُصْعِدَةً، يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج عنى بالمَداريج هنا اللواتي يُدْرِجْنَ عروضهن ويلحقنها بأَحقابهن؛ قال ابن سيده: ولم يعن المداريج اللواتي تجاوز الحَوْلَ بأَيام. أَبو طالب: الإِدْرَاجُ أَنْ يَضْمُرَ البعيرُ فَيَضْطَرِبَ بطانُه حتى يستأْخر إِلى الحَقَب فَيَسْتَأْخِرَ الحِملُ، وإِنما يُسَنَّفُ بالسِّنَافِ مخافةَ الإِدْراجِ. أَبو عمرو: أَدْرَجْتُ الدَّلْوَ إِذا مَتَحْتَ به في رفق؛ وأَنشد: يا صاحِبَيَّ أَدْرِجا إِدْراجَا، بالدَّلْوِ لا تَنْضَرِجُ انْضِراجَا ولا أُحِبُّ السَّاقِيَ المِدْراجَا، كأَنَّهُ مُحْتَضِنٌ أَوْلادا قال: وتسمى الدال والجيم الإِجازة. قال الرياشي: الإِدْرَاجُ النَّزْعُ قليلاً قليلاً.
ويقال: هم دَرْجُ يدك أَي طَوْعُ يدك. التهذيب: يقال فلانٌ دَرْجُ يديك، وبنو فلان لا يعصونك، لا يثنى ولا يجمع.
والدَّرَّاجُ: النَّمَّامُ؛ عن اللحياني.
وأَبو دَرَّاجٍ: طائر صغير.
والدُّرَّاجُ: طائر شبه الحَيْقُطانِ، وهو من طير العراق، أَرقط، وفي التهذيب: أَنقط، قال ابن دريد: أَحسبه مولَّداً.
وهي الدُّرَجَةُ مثال رُطَبَةٍ، والدُّرَّجَةُ، الأَخيرة عن سيبويه؛ التهذيب: وأَما الدُّرَجَةُ فإِن ابن السكيت قال: هو طائر أَسود باطنِ الجناحين، وظاهرهما أَغبر، وهو على خلقة القطا إِلاَّ أَنها أَلطف. الجوهري: والدُّرَّاجُ والدُّرَّاجَةُ ضرب من الطير للذكر والأُنثى حتى تقول الحَيْقُطانُ فيختص بالذكر.
وأَرض مَدْرَجَةٌ أَي ذاتُ دُرَّاجٍ.
والدِّرِّيجُ: شيءٌ يضرب به، ذو أَوتار كالطُّنْبُورِ. ابن سيده: الدِّرِّيجُ طنبور ذو أَوتار تضرب.
والدَّرَّاج: موضع؛ قال زهير: بِحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ ورواه أَهل المدينة: بالدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم.
ودُرَّاجٌ: اسم.
ومَدْرَجُ الريح: من شعرائهم، سمي به لبيت ذكر فيه مَدْرَج الريح.

قرأ (لسان العرب) [0]


القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه لشَرفه. قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ، الأَخيرة عن الزجاج، قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً، الأُولى عن اللحياني، فهو مَقْرُوءٌ. أَبو إِسحق النحوي: يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه، صلى اللّه عليه وسلم، كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً، ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها.
وقوله تعالى: إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه، أَي جَمْعَه وقِراءَته، فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَي قِراءَتَهُ. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: فإِذا بيَّنَّاه لك بالقراءة، فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك، فأَما قوله: هُنَّ الحَرائِرُ، لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ، * سُودُ المَحاجِرِ، لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ فإِنه أَراد لا . . . أكمل المادة يَقْرَأْنَ السُّوَر، فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ: تُنْبِتُ بالدُّهْن، وقِراءة منْ قرأَ: يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ.
وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً: جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض.
ومنه قولهم: ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ، أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد، وأَنشد: هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وقال: قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين. قال، وفيه قول آخر: لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه.
ومعنى قَرَأْتُ القُرآن: لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته.
وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين، وكان يقول: القُران اسم، وليس بمهموز، ولم يُؤْخذ من قَرَأْت، ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل، ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ، كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ. قال وقال إِسمعيل: قَرأْتُ على شِبْل، وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير، وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد، وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما، وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ، وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم.وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ: كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن، وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير.
وفي الحديث: أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ. قال ابن الأَثير: قيل أَراد من جماعة مخصوصين، أَو في وقت من الأَوقات، فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه. قال: ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة، ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ.
ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين.
وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً.
ومنه قيل: فلان المُقْرِئُ. قال سيبويه: قَرَأَ واقْتَرأَ، بمعنى، بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
وصحيفةٌ مقْرُوءة، لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك، وهو القياس.
وحكى أَبو زيد: صحيفة مَقْرِيَّةٌ، وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ.
وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً، ومنه سمي القرآن.
وأَقْرَأَه القُرآنَ، فهو مُقْرِئٌ.
وقال ابن الأَثير: تكرّر في الحديث ذكر القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن، والأَصل في هذه اللفظة الجمع، وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه.
وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ، وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ. قال: وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها قِراءة، تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه، وعلى القِراءة نَفْسِها، يقال: قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً.
والاقْتِراءُ: افتِعالٌ من القِراءة. قال: وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً، فيقال: قُرانٌ، وقَرَيْتُ، وقارٍ، ونحو ذلك من التصريف.
وفي الحديث: أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها، أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم، وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه.
وكان المنافقون في عَصْر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بهذه الصفة.
وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً، بغير هاء: دارَسه.
واسْتَقْرَأَه: طلب إليه أَن يَقْرَأَ.
ورُوِيَ عن ابن مسعود: تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون؛ حكاهُ اللحياني ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة.وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ: إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ، أَو هي أَطْولُ، أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة، أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها؛ وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة. قال الخطابيُّ: هكذا رواه ابن هاشم، وأَكثر الروايات: إِن كانت لَتُوازي.
ورجل قَرَّاءٌ: حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين، ولا يُكَسَّرُ.
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر، ثم قال في آخره: وما كان ربُّكَ نَسِيّاً، معناه: أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما، أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم.
ومعنى قوله: وما كان ربُّك نَسِيّاً، يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها، أَو تُسْمِعُها نفْسَك، يكتبها الملكان، وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها، واللّه يَحْفَظُها لك ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها.
والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه: الناسِكُ، مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ.
وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ، وفي الصحاح قال الفرّاءُ: أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ: بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ، وتَسْتَبِي، * بالحُسْنِ، قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء القُرَّاءُ: يكون من القِراءة جمع قارئٍ، ولا يكون من التَّنَسُّك(1) (1 قوله «ولا يكون من التنسك» عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك، بدون لا.)، وهو أَحسن. قال ابن بري: صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله: ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ، مَوْدُونةٍ، * أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ ومَوْدُونةٌ: مُلَيَّنةٌ؛ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه.
وجمع القُرّاء: قُرَّاؤُون وقَرائِئُ(2) (2 قوله «وقرائئ» كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل.)، جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ. الفرَّاء، يقال: رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ.
وتَقَرَّأَ: تَفَقَّه.وتَقَرَّأَ: تَنَسَّكَ.
ويقال: قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً.
وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً، في هذا المعنى.
وقال بعضهم: قَرَأْتُ : تَفَقَّهْتُ.
ويقال: أَقْرَأْتُ في الشِّعر، وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله. ابن بُزُرْجَ: هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا.وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه: أَبلَغه.
وفي الحديث: إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ. يقال: أَقْرِئْ فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ، كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه.
وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول: أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه.
والقَرْءُ: الوَقْتُ. قال الشاعر: إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ، ثم أَخْلَفَتْ * قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ.
ويقال للحُمَّى: قَرْءٌ، وللغائب: قَرْءٌ، وللبعِيد: قَرْءٌ.
والقَرْءُ والقُرْءُ: الحَيْضُ، والطُّهرُ ضِدّ.
وذلك أَنَّ القَرْء الوقت، فقد يكون للحَيْض والطُّهر. قال أَبو عبيد: القَرْءُ يصلح للحيض والطهر. قال: وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ.
والجمع: أَقْراء.
وفي الحديث: دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ.
وقُروءٌ، على فُعُول، وأَقْرُؤٌ، الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد، ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً. قال: اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول.
وفي التنزيل: ثلاثة قُرُوء، أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء، كما قالوا خمسة كِلاب، يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب.
وكقوله: خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ.
وقال الأَعشى: مُوَرَّثةً مالاً، وفي الحَيِّ رِفعْةً، * لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا وقال الأَصمعي في قوله تعالى: ثلاثةَ قُرُوء، قال: جاء هذا على غير قياس، والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ.
ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس، إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ، فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس، ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ، وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ، ولا يقال ثلاثةُ كِلاب، انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ. قال أَبو حاتم: والنحويون قالوا في قوله تعالى: ثلاثةَ قُروء. أَراد ثلاثةً من القُروء. أَبو عبيد: الأَقْراءُ: الحِيَضُ، والأَقْراء: الأَطْهار، وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ، في الأَمرين جميعاً، وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء. قال الشافعي رضي اللّه عنه: القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ، والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً. قال: ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَنَّ اللّه، عز وجل، أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء: الأَطْهار.
وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه، وهي حائضٌ، فاسْتَفْتَى عُمرُ، رضي اللّه عنه، النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فيما فَعَلَ، فقال: مُرْه فَلْيُراجِعْها، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها، فتِلك العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ.
وقال أَبو إِسحق: الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ، في اللغة، الجَمْعُ، وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ، وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ، فهو جَمَعـْتُ، وقَرَأْتُ القُرآنَ: لَفَظْتُ به مَجْموعاً، والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ، فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ، وذلك إِنما يكون في الطُّهر.
وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا: الأَقْراء والقُرُوء: الأَطْهار.
وحَقَّقَ هذا اللفظَ، من كلام العرب، قولُ الأَعشى: لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ، لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ، فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ.
ويقال: قَرَأَتِ المرأَةُ: طَهُرت، وقَرأَتْ: حاضَتْ. قال حُمَيْدٌ: أَراها غُلامانا الخَلا، فتَشَذَّرَتْ * مِراحاً، ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما يقال: لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً. قال الأَزهريُّ: وأَهلُ العِراق يقولون: القَرْءُ: الحَيْضُ، وحجتهم قوله صلى اللّه عليه وسلم: دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ، أَي أَيامَ حِيَضِكِ.
وقال الكسائي والفَرّاء معاً: أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، فهي مُقْرِئٌ .
وقال الفرّاء: أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ.
وقال الأخفش: أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت رَحِمُها على حَيْضةٍ. قال ابن الأَثير: قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً، فالمُفْردة، بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ، وهو من الأَضْداد، يقع على الطهر، وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز، ويقع على الحيض، وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق، والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم، ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن، لأَن لكل منهما وقتاً.
وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت.
وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ، لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ.
وأَقْرَأَتِ المرأَةُ، وهي مُقْرِئٌ: حاضَتْ وطَهُرَتْ.
وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ.
والمُقَرَّأَةُ: التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها. قال أَبو عمرو بن العَلاءِ: دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ.
وقُرئَتِ المرأَةُ: حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ عِدَّتُها.
وقال الأَخفش: أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ، فإِذا حاضت قلت: قَرَأَتْ، بلا أَلف. يقال: قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو حَيْضَتَيْن.
والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ.
وقال بعضهم: ما بين الحَيْضَتَيْن.
وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ: لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر، فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره، واحدها قَرْءٌ، بالفتح.
وقال الزمخشري، أَو غيره: أَقْراءُ الشِّعْر: قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها، كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها. الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ، لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها.
وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ: حَمَلَتْ. قال: هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وناقة قارئٌ، بغير هاء، وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ: ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً، وقال اللحياني: معناه ما طَرَحَتْ.
وقَرَأَتِ الناقةُ: وَلَدت.
وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ: اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها؛ وهي في قِرْوتها، على غير قياس، والقِياسُ قِرْأَتها.
وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال: ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً قَطُّ. قال بعضهم: لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ.
وقال بعضهم: ما أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل. ابن شميل: ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ(1) قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه. . (1 قوله «غير قرء» هي في التهذيب بهذا الضبط.) ، وقُرْءُ الناقةِ: ضَبَعَتُها.
وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا؛ وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ، إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف.
وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيامُ وداقِها، أَو أَيام سِفادِها، والجمع أَقْراءٌ.واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا. أبو عبيدة: ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها، فهي في قُرُوئها، وأَقْرائِها.وأَقْرأَتِ النُّجوم: حانَ مغِيبها.
وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً: تأَخَّر مَطَرُها.
وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ: هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في أَوانِها.
والقارئُ: الوَقْتُ.
وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ: كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ، * إِذا هَبْتْ، لقارئِها، الرِّياحُ أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها.
والعَقْرُ: مَوضِعٌ بعَيْنِه.
وشَلِيلٌ: جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ.
ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح: لوَقْتِ هُبُوبِها، وهو من باب الكاهِل والغارِب، وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد.
وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك، قيل: دنا، وقيل: اسْتَأْخَر.
وفي الصحاح: وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ: دَنَتْ.
وقال بعضهم: أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته؟ وأَقْرَأَ من أَهْله: دَنا.
وأَقرأَ من سَفَرِه: رَجَعَ.
وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ.
والقِرْأَةُ، بالكسر، مثل القِرْعةِ: الوَباءُ.
وقِرْأَةُ البِلاد: وَباؤُها. قال الأَصمعي: إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة، فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد، وقِرْءُ البلاد. فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد، فإِنما هو على حذف الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها، وهو نوع من القياس، فأَما إِغرابُ أبي عبيد، وظَنُّه إِياه لغة، فَخَطأٌ.
وفي الصحاح: أَن قولهم قِرةٌ، بغير همز، معناه: أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد.

خفف (العباب الزاخر) [0]


الخف: واحد أخفاف البعير.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا سبق غلا في خف أو حافر أو نصل، أراد: في ذي خف.
وفي حديثه الأخر: تستن عليه بقوائمها وأخفافها، وقد كتب الحديث بتمامه في تركيب ق ر ر. قال الراعي:
لها أمْرُها حتّى إذا ما تَبَوَّأتْ      بأخْفَافِها مَأوىً تَبَوَّأ مَضْجَعا

والخف -أيضاً-: واحد الخفاف التي تلبس. والخف من الأرض: أغلظ من النعل. وإما قوله:
يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفَافِ      تَوَادِياً سُوِّيْنَ من خِـلافِ

فأنه يريد به كنفاً اتخذ من ساق خف. وقولهم: رجع بخفي حنين. قال أبو عبيد: اصله أن حنيناً كان إسكافاً من أهل الحيرة؛ فساومه أعرابي بخفين حتى أغضبه؛ فأراد غيظ . . . أكمل المادة العرابي، فلما ارتحل الأعرابي أخذ حنين أحد خفيه فطرحه في الطريق؛ ثم ألقى الأخر في موضع آخر، فلما مر الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا بخف حنين ولو كان معه الأخر لأخذته؛ ومضى فلما انتهى إلى الأخر ندم على تركه الول، وقد كمن له حنين، فلما مضى الأعرابي في طلب الأول عمد حنين إلى راحلته وما عليها فذهب بها، وأقبل الأعرابي وليس معه إلا خفان، فقال له قومه: ماذا جئت به من سفرك؟ قال: جئتكم بخفي حنين، فذهبت مثلاً. يضرب عند الياس من الحاجة والرجوع بالخيبة. وقال ابن السكيت: حنين كان رجلاً شديداً أدعى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف، فأتى عبد المطلب وعليه خفان أحمر أن فقال: يا عم أنا أبن أسد بن هاشم، فقال عبد المطلب: لا وثياب أبي هاشم ما أعرف شمائل هاشم فيك فارجع، فرجع فقيل: رجع حنين بخفيه. والخف -بالكسر-: الخفيف، قال امرؤ القيس:
يَزلُّ الغُلامُ الخِفُّ عن صَهَواتِهِ      ويُلْوي بأثْوابِ العَنِيْفِ المُثَقَّلِ

ويقال -أيضاً-: خرج فلان في خف من أصحابه: أي في جماعة قليلة. وخفاف بن ندبة -وهي أمه-؛ وهو خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد، وخفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري -رضي الله عنهم-: لهما صحبة، وأبن ندبة له شعر، وهو أحد غربان العرب. ورجل خفاف وخفيف: بمعنى، كطوال وطويل، قال أبو النجم:
وقد جَعَلْنا في وَضِيْنِ الأحبُلِ      جَوْزَ خُفَافٍ قَلْبُهُ مُثَـقَّـلِ

أي: قلبه خفيف وبدنه ثقيل. وخف الشيء يخف خفة: صار خفيفاً، ومنه قول عطاء بن أبى رباح: خفوا على الأرض. قال أبو عبيد: وجهه عندي أنه يريد ذلك في السجود، يقول: لا ترسل نفسك على الأرض إرسالاً فيؤثر في جبهتك أثر السجود. وخفان: مأسدة قرب الكوفة، وأنشدوا:
شَرَنْبَثُ أطْرَافِ البَنَانِ ضُبَـارِمٌ      هَصْرٌ له في غِيْلِ خَفّانَ أشْبُلُ

وأنشد الليث:
تَحِنُّ إلى الدَّهْنى بخَفّانَ نـاقَـتـي      وأيْنَ الهَوَى من صَضوْتِها المُتَرَنِّمِ

والخفان: الكبريت.  وقال الليث: الخفانة: النعامة السريعة.
وكذلك أبن عباد. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: هذا تصحيف، والصواب بالحاء المهملة.
وخفت الأتن لعيرها: إذا أطاعته، قال الراعي:
نَفَى بالعِرَاكِ حَوَالِيَّهـا      فَخَفَّتْ له خُذُفٌ ضُمَّرُ

وقال أبن دريد: خفت الضبع تخف خفاً -بالفتح-: إذا صاحت.
وقال أبن عباد: خفوف -مثال سفود-: الضبع. وخف القوم: أي ارتحلوا مسرعين، قال الخطل:
خَفَّ القطين فراحوا منك أو بكروا      وأزعَجَتْهُمْ نَوىً في صَرْفِها غِيَرُ

والخفيف: جنس من العروض مبني على "فاعلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُنْ" ست مرات. وامرأة خفخافة: أي كأنَّ صوتها يخرج من منخريها. وقال المفضل: الخفوف: الطائر الذي يقال له الميساق؛ وهو الذي يصفق بجناحيه إذا طار. وضبعان خفاخف: كثير الصوت. وأخف الرجل: خفت حاله. وقال أبو زيد: أخف القوم: إذا كانت دوابهم خفافاً. وقول أبي الدرداء -رضي الله عنه-: إن بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يقطعها إلا المخفف. هو من قولهم: أخف الرجل إذا خفت حاله ورقت، وكان قليل الثقل في سفره أو حضره. وعن مالك بن دينار: أنه وقع الحريق في دار كان فيها فاشتغل الناس بنقل المتعة، وأخذ مالك عصاه وجرابه ووثب؛ فجاوز الحريق وقال: فاز المخفون ورب الكعبة. ويقال: أقبل فلان مخفاً. وأخفه -أيضاً-: أزال حلمه وحمله على الخفة، ومنه قول عبد الملك بن مروان لبعض جلسائه: لا تغتابن عندي الرعية فانه لا يخفني. والتخفيف: ضد التثقيل، قال الله تعالى: (ذلكَ تَخْفيفٌ من رَبِّكُم ورَحْمَةٌ). وتخفف: لبس الخف. وقول علي -رضي الله عنه-: يا رسول الله يزعم المنافقون انك استثقلني وتخففت مني. قالها حين استخلفه في أهله ولم يمض به إلى غزوة تبوك، فقال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى: أي طلبت الخفة بتخليفك إياي وتركك استصحابي. وقال أبن دريد: الخفخفة: صوت الضبع.
وقال غيره: خفخفة الكلاب: أصواتها عند الكل. وقال أبن الأعرابي: خفخف: إذا حرك قميصه الجديد فسمعت له خفخفة أي صوت. والاستخفاف: ضد الاستثقال. وقوله تعالى: (ولا يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين لا يُوْقِنون) أي لا يستفزنك ولا يستجهلنك، ومثله قوله: (فاسْتَخَفَّ قَوْمَه فأطاعُوه) أي حَمَلَهم على الخفة والجهل، يقال: استخفه عن رأيه: إذا حمله على الجهل وأزاله عما كان عليه من الصواب. واستخفه الطرب: إذا أزال حلمه وحمله على الخفة، ومنه قول أبن مسعود -رضي الله عنه-: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: إني قتلت أبا جهل، فاستخفه الفرح وقال: أرنيه. وقوله تعالى: (تَسْتَخِفُّوْنَها يَوْمَ ظَعْنِكم) أي يخف عليكم حملها. والتخاف: ضد التثاقل، ومنه حديث مجاهد -وسأله حبيب بن أبي ثابت فقال: أني أخاف أن يؤثر السجود في جبهتي- فقال: إذا سجدت فتخاف: أي ضع جبهتك على الأرض وضعاً خفيفاً من غير اعتماد. قال أبو عبيد: وبعض الناس يقول: فتجاف، والمحفوظ عندي بالخاء. والتركيب يدل على شيء يخالف الثقل والرزانة.

عقم (لسان العرب) [0]


العَقْمُ والعُقْمُ، بالفتح والضم: هَزْمةٌ تقعُ في الرَّحِم فلا تَقْبَلُ الولدَ. عَقِمَتِ الرَّحِمُ عَقْماً وعُقِمَتْ عُقْماً وعَقْماً وعَقَماً وعَقَمَها اللهُ يَعْقِمُها عَقْماً ورَحِمٌ عَقِيمٌ وعَقِيمةٌ مَعْقومةٌ، والجمعُ عَقائمُ وعُقُمٌ، وما كانت عَقِيماً ولقد عُقِمَت، فهي مَعْقومةٌ، وعَقُمَت إذا لم تَحْمِلْ فهي عَقِيمٌ وعَقُرَتْ، بفتح العين وضَمِّ القاف.
وحكى ابن الأعرابي: امرأَةٌ عقيمٌ، بغير هاءٍ، لا تَلِدُ من نِسْوةٍ عَقائم، وزاد اللحياني: من نسوةٍ عُقْمٍ؛ قال أبو دَهْبلٍ يمدح عبدَ الله بنَ الأَزْرق المخزوميّ، وقيل هو للحزين الليثي: نَزْر الكلامِ منَ الحَياءِ، تَخالُه ضَمِناً، وليس بِجِسْمِه سُقْمُ مُتَهَلِّل بِنَعَمْ، بلا مُتباعِد، سِيّانِ منه الوَفْرُ والعُدْمُ عُقِمَ النِّساءُ فلن يَلِدْنَ شَبيهَه، . . . أكمل المادة إن النِّساءَ بمثْلِه عُقْمُ قال ابن بري: الفصيح عَقَمَ اللهُ رحِمَها وعُقِمَت المرأَة، ومن قال عَقُمَتْ أو عَقِمَتْ قال أَعْقَمَها اللهُ وعَقَمَها مثل أَحْزَنْتُه وحَزَنْتُه؛ وأنشد في العُقْمِ المَصْدر للمُخَبَّل السَّعْديّ: عُقِمَتْ فَناعَمَ نَبْتَه العُقْمُ وفي الحديث: سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ من حَسناءَ عَقيم. قال ابن الأثير: والمرأَةُ عَقيمٌ ومَعْقومةٌ، والرجلُ عَقِيمٌ ومَعْقومٌ.
وفي كلام الحاضرة: الرجالُ عندَهُ بُكْم، والنِّساءُ بمثلِه عُقْم.
ويقال للمرأة مَعْقومةُ الرَّحِم كأَنها مَسْدودتُها.
ويقال: عُقِمَت المرأَة تُعْقَم عَقْماً وعَقِمَتْ تَعْقَمُ عَقَماً وعَقُمتْ تَعْقُم عُقْماً، وأَعقمَ اللهُ رَحِمَها فعُقِمتْ، على ما لم يسمّ فاعله.
ورَحِمٌ معقومةٌ أي مسدودة لا تلد ومصدره العَقْم؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى: تَلوِي بعِذْقِ خِصابٍ كلما خَطَرَتْ عن فَرْج مَعْقومةٍ لم تَتَّبِعْ رُبَعا ورجلٌ عَقيمٌ وعَقامٌ: لا يُولَد له، والجمع عُقَماء وعِقامٌ وعَقْمى.
وامرأة عَقامٌ ورجل عَقامٌ إذا كانا سيِّئَي الخُلُق، وما كان عَقاماً ولقد عَقُم: تَخَلَّقه؛ وأنشد أبو عمرو: وأنتَ عَقامٌ لا يُصابُ له هَوىً، وذو هِمَّةٍ في المال، وهو مُضَيّعُ ويقال للمرأة العَقِيم من سُوءِ الخُلُق: عَقُمَتْ.
والدنيا عَقيمٌ أي لا ترُدُّ على صاحبها خيراً، وبومُ القيامة يومٌ عقِيم لأنه لا يومَ بعدهَ؛ فأما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: العقلُ عَقْلان، فأَما عقل صاحب الدنيا فعَقيمٌ، وأما عقلُ صاحب الآخرة فمُثْمِرٌ، فالعقيمُ ههنا الذي لا يَنفعُ ولا يرُدُّ خيراً على المثَل.
والريحُ العقيمُ في كتاب الله: هي الدَّبورُ؛ قال الله تعالى: وفي عادٍ إذ أَرسلنا عليهم الريحَ العقيم؛ قال أبو إسحق: الريحُ العقيمُ التي لا يكون معها لَقَحٌ أي لا تأْتي بمطر إنما هي ريحُ الإهلاك، وقيل: هي لا تُلقِحُ الشجر ولا تُنشِئُ سَحاباً ولا تَحْمِل مَطراً، عادَلوا بها ضدَّها، وهو قولهم: رِيحٌ لاقِحٌ أي أنها تُلْقِح الشجرَ وتُنشِئُ السَّحاب، وجاؤوا بها على حذف الزائد وله نظائر كثيرة.
ويقال: المُلْكُ عَقيمٌ لا ينفع فيه نسَبٌ لأَن الأَبَ يقتُلُ ابنَه على المُلْك.
وقال ثعلب: معناه أنه يقتل أباه وأَخاه وعَمَّه في ذلك.
والعَقْمُ: القَطْعُ، ومنه قيل: المُلك عَقيمٌ لأنه تُقطعُ فيه الأَرحام بالقتل والعُقوق.
وفي الحديث: اليمينُ الفاجرة التي يُقْتَطعُ بها مالُ المُسلمِ تَعْقِمُ الرَّحِم؛ يريد أنها تَقْطع الصِّلة والمعروفَ بين الناس. قال ابن الأثير: ويجوز أن يحمل على ظاهره.
وحرب عَقامٌ وعُقام وعَقيم: شديدة لا يَلوِي فيها أَحدٌ على أحد يَكْثُر فيها القتلُ وتَبقى النساء أَيامى، ويومٌ عَقيمٌ وعُقام وعَقام كذلك.
وداءٌ عَقام وعُقام: لا يَبرأُ، والضمُّ أَفْصحُ؛ قالت ليلى: شَفاها منَ الداءِ العُقامِ الذي بها غُلامٌ، إذا هَزَّ القَناةَ سَقاها قال الجوهري: العَقامُ الداءُ الذي لا يُبرَأُ منه، وقياسه الضم إلا أن المسموع هو الفتح. ابن الأَعرابي: يقال فلان ذو عُقْمِيَّاتٍ إذا كان يُلَوِّي بخَصْمِه.
والعَقامُ: اسمُ حيةٍ تسكن البحْر، ويقال: إن الأسودَ من الحيّات يأْتي شطَّ البحر فيَصْفِر فتخرج إليه العقامُ فيتَلاوَيان ثم يَفْترِقان، فيذهبُ هذا في البرِّ وترجع العَقامُ إلى البحر.
وناقةٌ عَقامٌ: بازلٌ شديدة؛ وأنشد ابن الأَعرابي: وإن أَجْدَى أَظَلاَّها ومَرَّتْ لِمَنْهَلِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ (* قوله «لمنهلها» كذا في الأصل تبعاً للمحكم، والذي في مادة جدي منه: لمنهبها، بالباء). أجدَى: منْ جَدِيّة الدَّمِ.
والمَعاقِمُ: فِقَرٌ بين الفَريدة والعَجْب في مُؤخَّر الصُّلب؛ قال خُفافٌ: وخَيْلٍ تَنادَى لا هَوادَةَ بَيْنها، شَهِدْتُ بمَدْلوك المَعاقِمِ مُحْنِقِ أي ليس برَهِلٍ.
والاعْتقامُ: الدُّخول في الأمر.
وفي حديث ابن مسعود حين ذكر القيامة وأَنّ اللهَ يَظهر للخَلْق قال: فيَخِرُّ المسلمون سُجوداً لربِّ العالمين وتُعْقَمُ أصلابُ المنافقين، وقيل: المشركين، فلا يَسجدون أي تَيْبَس مَفاصِلُهم وتصير مَشدودةً، فتبقى أصلابُهم طَبَقاً واحداً أي تُعْقَد ويدخلُ بعضها في بعض فلا يستطيعون السجود.
ويقال: عُقِمَتْ مَفاصِلُ يَدَيه ورجليْه إذا يَبِستْ.
والمَعاقِمُ: المفاصل.
والمَعاقِمُ من الخيل: المفاصل، واحدُها مَعْقِمٌ، فالرُّسْغ عند الحافر مَعْقِمٌ، والرُّكْبة مَعْقِم، والعُرْقوب مَعْقِم، وسُمِّيت المفاصل مَعاقِمَ لأن بعضها مُنْطبقٌ على بعض.
والاعتِقام: أن يَحْفِروا البئر حتى إذا دَنَوْا من الماء حَفَروا بئراً صغيرة في وَسَطها حتي يَصِلوا إلى الماء فيَذُوقوه، فإن كان عَذْباً وَسَّعوها وحفَروا بقيَّتَها، وإن لم يكن عَذْباً تركوها؛ قال العجاج يصف ثوراً: بسَلْهَبَيْنِ فوْقَ أنْفٍ أذلَفا، إذا انتَحى مُعْتَقِماً أو لجَّفا أي بقَرْنَين طويلين أي عَوَّجَ جِرابَ البئر يَمْنةً ويَسْرة.
والاعتِقامُ: المُضِيُّ في الحفر سُفْلاً. قال ابن بري: ويأْتي يَعْتَقِمُ بمعنى يَقهَر؛ قال رؤبة بن العجاج: يَعْتَقِمُ الأجدالَ والخُصوما وقول الشاعر ربيعة بن مقروم الضَّبِّيِّ: وماءٍ آجِنِ الجَمَّاتِ قَفْرٍ تَعَقَّمُ في جَوانِبه السِّباعُ أي تحْتَفِر، ويقال: ترَدَّدُ.
وعاقَمْت فلاناً إذا خاصمْته.
والعَقْمُ: المِرْطُ الأحمر، وقيل: هو كلُّ ثوب أحمر.
والعَقْمُ: ضرْب من الوَشْي، الواحدة عَقْمةٌ ويقال عِقْمة؛ وأنشد ابن بري لعلقمة بن عبَدة:عَقْماً ورَقْماً يَكادُ الطيرُ يَتْبَعُه، كأَنه من دَمِ الأَجوافِ مَدمُومُ وقال اللحياني: العقْمةُ ضرْبٌ من ثياب الهوادج مُوَشّىً، قال: وبعضهم يقول هي ضُروب من اللبن بيضٌ وحُمْر، وقيل: العِقْمة جمع عَقْمٍ كشَيخٍ وشِيخةٍ، وإنما قيل للوَشْي عِقْمة لأن الصانع كان يعمَلُ، فإذا أَراد أن يَشِيَ بغير ذلك اللون لَواه فأَغمَضه وأَظهر ما يُريد عمله.
وكلام عُقْمِيٌّ: قديمٌ قد دَرَسَ؛ عن ثعلب.
والعُقِمِيُّ من الكلام: غريبُ الغريب والعُقْمِيُّ: كلام عَقيم لا يُشتقُّ منه فِعْل.
ويقال: إنه لَعالِمٌ بعُقْمِيِّ الكلام وعُقْبيّ الكلام وهو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس، وهو مثل النوادر.
وقال أَبو عمرو: سأَلت رجلاً من هُذَيل عن حرف غريب فقال: هذا كلام عُقْمِيٌّ، يعني أنه من كلام الجاهليّة لا يُعرَفُ اليومَ، وقيل: عُقْمِيُّ الكلام أي قديمُ الكلام.
وكلامٌ عُقْمِيٌّ وعِقْمِيٌّ أَي غامضٌ.
والعُقْميُّ: الرجلُ القديمُ (* قوله «والعقميّ الرجل القديم إلخ» ضبط في الأصل بالضم وبه صرح في القاموس، وضبط في التهذيب والتكملة بالفتح) الكرمِ والشرفِ.
والتَّعاقُمُ: الوِرْدُ مرةً بعدَ مرةٍ، وقيل: الميم فيه بدل من باء التعاقُبِ.
والمَعْقِمُ أَيضاً: عُقْدَةٌ في التِّبْن.

نقض (لسان العرب) [0]


النَّقْضُ: إِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ أَو بِناء، وفي الصحاح: النَّقْضُ نَقْضُ البِناء والحَبْلِ والعَهْدِ. غيره: النقْضُ ضِدُّ الإِبْرام، نقَضَه يَنْقُضُه نَقْضاً وانْتَقَضَ وتَناقَضَ.
والنَّقْضُ: اسمُ البِناء المَنْقُوضِ إِذا هُدم.
وفي حديث صوم التَّطَوُّع: فناقَضَني وناقَضْتُه، هي مُفاعَلةٌ من نَقْض البناء وهو هَدْمُه، أَي يَنْقُضُ قولي وأَنْقُضُ قوله، وأَراد به المُراجَعةَ والمُرادَّةَ.
وناقضَه في الشيء مُناقَضةً ونِقاضاً: خالَفَه؛ قال: وكان أَبُو العَيُوفِ أَخاً وجاراً وذا رَحِمٍ، فقُلْتُ له نِقاضا أَي ناقَضْتُه في قوله وهَجْوِه إِيّاي.
والمُناقَضةُ في القول: أَن يُتَكَلَّم بما يتناقَضُ معناه.
والنَّقِيضةُ في الشِّعْرِ: ما يُنْقَضُ به؛ وقال الشاعر: إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذا نَقْضٍ وإِمرارِ أَي ما أَمَرَّ عادَ عليه فنقَضَه، . . . أكمل المادة وكذلك المُناقَضةُ في الشِّعْر يَنْقُضُ الشاعرُ الآخرُ ما قاله الأَوّل، والنَّقِيضةُ الاسم يجمع على النَّقائض، ولذلك قالوا: نَقائضُ جرير والفرزدق.
ونَقِيضُك: الذي يُخالِفُك، والأُنثى بالهاء.
والنَّقْضُ: ما نَقَضْتَ، والجمع أَنْقاض.
ويقال: انْتَقَضَ الجُرْحُ بعد البُرْء، وانتَقض الأَمْرُ بعد التِئامه، وانتقَض أَمرُ الثغْرِ بعد سَدِّه.
والنِّقْضُ والنِّقْضةُ: هما الجملُ والناقةُ اللذان قد هَزَلْتَهما وأَدْبَرْتَهما، والجمع الأَنْقاضُ؛ قال رؤبة: إِذا مَطَوْنا نِقْضةً أَي، نِقْضا والنِّقْضُ، بالكسر: البعير الذي أَنْضاه السفر، وكذلك الناقة.
والنِّقْضُ: المَهْزُول من الإِبل والخيل، قال السيرافي: كأَنَّ السفَرَ نقَض بِنْيتَه، والجمع أَنْقاضٌ؛ قال سيبويه: ولا يُكَسَّر على غير ذلك، والأُنثى نِقْضةٌ والجمع أَنْقاضٌ كالمذكر على توَهُّمِ حذْفِ الزائد.
والانْتِقاضُ: الانْتِكاثُ.
والنَّقْضُ: ما نُكث من الأَخبية والأَكْسِيةِ فغُزل ثانية، والنُّقاضةُ: ما نُقض من ذلك.
والنِّقْضُ: المَنْقُوضُ مثل النِّكْث.
والنِّقْضُ: مُنْتَقِضُ الأَرض من الكَمْأَةِ، وهو الموضع الذي يَنتَقِضُ عن الكمأَة إذا أَرادت أَن تخرج نقَضت وجه الأَرض نَقْضاً فانْتَقَضت الأَرض؛ وأَنشد: كأَنَّ الفُلانِيَّاتِ أَنْقاضُ كَمْأَةٍ لأَوَّلِ جانٍ، بالعَصا يَسْتَثِيرُها والنَّقّاضُ: الذي يَنْقُضُ الدِّمَقْسَ، وحِرْفَتُه النِّقاضةُ؛ قال الأَزهري: وهو النَّكّاثُ، وجمعه أَنْقاض وأَنْكاث. ابن سيده: والنِّقْضُ قِشْرُ الأَرض المُنْتَقِضُ عن الكَمْأَة، والجمع أَنْقاض ونُقوضٌ، وقد أَنْقَضْتُها وأَنقَضْت عنها، وتَنقَّضَت الأَرض عن الكمأَة أَي تقطَّرَت.
وأَنْقَضَ الكَمْءُ ونقَّض: تَقَلْفَعَتْ عنه أَنقاضه؛ قال: ونَفَّضَ الكَمْءُ فأَبْدَى بَصَرَهْ (* قوله «ونقض الكمء» تقدم انشاده في مادة بصر: ونقض الكمء بالفاء ونصب الكمء تبعاً للأَصل والصواب ما هنا.) والنِّقْضُ: العسَلُ يُسَوِّسُ فيؤخذ فيُدَقّ فيُلْطَخ به موضع النحل مع الآس فتأْتيه النحل فتُعَسِّلُ فيه؛ عن الهَجَرِيّ.
والنَّقِيضُ من اَلأَصْواتِ: يكون لِمفاصل الإِنسانِ والفَرارِيجِ والعَقْرَبِ والضِّفْدَعِ والعُقابِ والنَّعامِ والسُّمانى والبازِي والوبْرِ والوزَغ، وقد أَنْقَض؛ قال: فلمَّا تَجاذَبْنا تَفَرْقَعَ ظَهْرُه، كما يُنْقِضُ الوُزْغانُ، زُرْقاً عُيونُها وأَنْقَضت العُقابُ أَي صوَّتَت؛ وأَنشد الأَصمعي: تُنْقِضُ أَيْدِيها نَقِيضَ العِقْبانْ وكذلك الدجاجةُ؛ قال الراجز: تُنْقِضُ إِنْقاضَ الدَّجاجِ المُخَّضِ والإِنْقاضُ والكَتِيتُ: أَصوات صغار الإِبل، والقَرْقَرةُ والهَديرُ: أَصوات مَسانِّ الإِبل؛ قال شِظاظٌ وهو لِصٌّ من بني ضَبّة: رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ، عَلَّمْتُها الإِنْقاضَ بَعْدَ القَرْقَرهْ أَي أَسْمَعْتُها، وذلك أَنه اجْتازَ على امرأَة من بني نُمير تَعْقِلُ بعيراً لها وتَتَعَوَّذُ من شِظاظٍ، وكان شِظاظ على بكر، فنزل وسرَق بعيرها وترك هناك بَكْرَه.
وتنَقَّضت عِظامُه إِذا صوَّتت. أَبو زيد: أَنْقَضْتُ بالعنز إِنْقاضاً دَعَوْتُ بها.
وأَنْقَضَ الحِمْلُ ظهرَه: أَثقله وجعله يُنْقِضُ من ثِقَله أَي يُصَوِّتُ.
وفي التنزيل العزيز: ووضَعْنا عنك وِزْرَك الذي أَنْقَض ظهرَك؛ أَي جعلَه يُسْمَعُ له نَقِيضٌ من ثِقَلِه.
وجاء في التفسير: أَثْقل ظهرك، قال ذلك مجاهد وقتادةُ، والأَصل فيه أَن الظهر إِذا أَثقله الحِمل سُمع له نَقِيض أَي صوت خفي كما يُنْقِض الرَّجل لحماره إِذا ساقَه، قال: فأَخبر اللّه عزّ وجلّ أَنه غفر لنبيه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوزارَه التي كانت تراكمت على ظهره حتى أَثقلته، وأَنها لو كانت أَثقالاً حملت على ظهره لسمع لها نقيض أَي صوت؛ قال محمد بن المكرّم، عفا اللّه عنه: هذا القول فيه تسَمُّح في اللفظ وإغلاظ في النطق، ومن أَين لسيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوزار تتراكم على ظهره الشريف حتى تثقله أَو يسمع لها نقيض وهو السيد المعصوم المنزه عن ذلك، صلّى اللّه عليه وسلّم؟ ولو كان، وحاش للّه، يأْتي بذنوب لم يكن يجد لها ثِقَلاً فإِن اللّه تعالى قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأَخر، وإِذا كان غفر له ما تأَخر قبل وقوعه فأَين ثقله كالشرِّ إِذا كفاه اللّه قبل وُقوعه فلا صُورة له ولا إِحْساسَ به، ومن أَين للمفسِّر لفظ المغفرة هنا؟ وإِنما نص التلاوة ووَضَعْنا، وتفسير الوِزْر هنا بالحِمل الثقيل، وهو الأَصل في اللغة، أَولى من تفسيره بما يُخْبَر عنه بالمغفرة ولا ذكر لها في السورة، ويحمل هذا على أَنه عزّ وجلّ وضع عنه وزره الذي أَنقض ظهره من حَمْلِه هَمَّ قريش إِذ لم يسلموا، أَو هَمَّ المنافقين إِذ لم يُخْلِصوا، أَو همّ الإِيمانِ إِذ لم يُعمّ عشيرته الأَقربين، أَو همّ العالَمِ إذ لم يكونوا كلهم مؤمنين، أَو همّ الفتح إِذ لم يعجَّل للمسلمين، أَو هموم أُمته المذنبين، فهذه أَوزاره التي أَثقلت ظهره، صلّى اللّه عليه وسلّم، رغبة في انتشار دعوته وخَشْيةً على أُمته ومحافظة على ظهور ملته وحِرْصاً على صفاء شِرْعته، ولعل بين قوله عزّ وجلّ: ووضعنا عنك وزرك، وبين قوله: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إِن لم يؤمنوا بهذا الحديث أَسفاً، مناسبةً من هذا المعنى الذي نحن فيه، وإِلا فمن أَين لمن غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأَخَّر ذنوب؟ وهل ما تقدَّم وما تأَخَّر من ذنبه المغفور إِلا حسنات سواه من الأَبْرار يراها حسنة وهو سيّد المقربين يراها سيئة، فالبَرُّ بها يتقرَّب والمُقَرَّبُ منها يتوب؛ وما أَوْلى هذا المكان أَن يُنْشَد فيه: ومِنْ أَيْنَ للوجْهِ الجَمِيل ذُنوب وكل صوت لمَفْصِل وإِصْبَع، فهو نَقِيضٌ.
وقد أَنْقَضَ ظهرُ فلان إِذا سُمع له نَقِيض؛ قال: وحُزْن تُنْقِضُ الأَضْلاعُ منه، مُقِيم في الجَوانِحِ لنْ يَزُولا ونَقِيضُ المِحْجَمةِ: صوتها إِذا شدَّها الحَجّامُ بمَصِّه، يقال: أَنْقَضَتِ المِحْجَمةُ؛ قال الأَعشى: زَوَى بينَ عَيْنَيْه نَقِيضُ المَحاجِم وأَنْقَضَ الرَّحْلُ إِذا أَطَّ؛ قال ذو الرمة وشبَّه أَطِيطَ الرِّحالِ بأَصوات الفراريج: كأَنَّ أَصْواتَ، من إِيغالِهِنَّ بِنا، أَواخِرِ المَيْسِ، إِنْقاضُ الفَرارِيجِ قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنِيه المُنْذِري رواية عن أَبي الهيثم، وفيه تقديم أُريد التأْخير، أَراد كأَنَّ أَصواتَ أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقاضُ الفراريج إِذا أَوْغَلَت الرِّكابُ بنا أَي أَسْرَعَت، ونَقِيضُ الرّحال والمَحامِل والأَدِيمِ والوَتَرِ: صوتُها من ذلك؛ قال الراجز: شَيَّبَ أَصْداغي، فَهُنَّ بِيضُ، مَحامِلٌ لقِدِّها نَقِيضُ وفي الحديث: أَنه سمع نَقيضاً من فوقه؛ النَّقِيضُ الصوت.
ونَقِيضُ السقْفِ: تحريك خشبه.
وفي حديث هِرَقْلَ: ولقد تنقَّضَتِ الغُرفةُ أَي تشقَّقت وجاء صوتها.
وفي حديث هوازِنَ: فأَنْقَضَ به دُرَيْد أَي نَقَرَ بلسانه في فيه كما يُزْجَرُ الحِمار، فَعَله اسْتجهالاً؛ وقال الخطابي: أَنْقَضَ به أَي صَفَّق بإحدى يديه على الأُخرى حتى سُمع لها نَقِيضٌ أَي صوتٌ، وقيل: الإِنْقاضُ في الحَيوان والنَّقْضُ في المَوَتان، وقد نقَض يَنْقُضُ ويَنْقِضُ نَقْضاً.
والإِنْقاضُ: صُوَيْت مثل النَّقْرِ.
وإِنْقاضُ العِلْك: تَصويته، وهو مكروه.
وأَنْقَضَ أَصابعه: صوَّت بها.
وأَنْقض بالدابة: أَلصقَ لسانه بالغار الأَعلى ثم صوَّت في حافتيه من غير أَن يرفع طَرفه عن موضعه، وكذلك ما أَشبهه من أَصوات الفراريج والرِّحال.
وقال الكسائي: أَنْقَضْتُ بالعنزِ إِنْقاضاً إِذا دعوتها. أَبو عبيد: أَنْقَضَ الفرْخُ إِنْقاضاً إِذا صأَى صَئِيّاً.
وقال الأَصمعي: يقال أَنْقَضْتُ بالعَيْر والفرس، قال: وكلُّ ما نقَرْت به، فقد أَنْقَضْتَ به.
وأَنْقَضَت الأَرضُ: بدَا نباتُها.
ونَقْضا الأُذنين (* قوله «وتقضا الأذنين» كذا ضبط في الأَصل.): مُسْتدارُهما.
والنُّقَّاضُ: نَبات.
والإِنْقِيضُ: رائحة الطِّيب، خُزاعية.
وفي النوادر: نقَّضَ الفرسُ ورَفَّضَ إِذا أَدْلَى ولم يَسْتَحْكِم إِنْعاظُه، ومثله سيَا وأَسابَ وشَوَّلَ وسبَّح وسمَّل وانْساحَ وماسَ.

خفف (لسان العرب) [0]


الخَفَّةُ والخِفّةُ: ضِدُّ الثِّقَلِ والرُّجُوحِ، يكون في الجسم والعقلِ والعملِ. خفَّ يَخِفُّ خَفّاً وخِفَّةً: صار خَفِيفاً، فهو خَفِيفٌ وخُفافٌ، بالضم وقيل: الخَفِيفُ في الجسم، والخُفاف في التَّوَقُّد والذكاء، وجمعها خِفافٌ.
وقوله عز وجل: انفروا خِفافاً وثقالاً؛ قال الزجاج أَي مُوسرين أَو مُعْسِرين، وقيل: خَفَّتْ عليكم الحركة أَو ثَقُلَت، وقيل: رُكباناً ومُشاة، وقيل: شُبَّاناً وشيوخاً.
والخِفُّ: كل شيء خَفَّ مَحْمَلُه.
والخِفُّ، بالكسر: الخفِيف.
وشيءٌ خِفٌّ: خَفِيفٌ؛ قال امرؤ القيس: يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عن صَهَواتِه، ويُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ الـمُثَقَّلِ (* وفي رواية: يطير الغلامُ الخفُّ.
وفي رواية أُخرى: يُزل الغلامَ الخِفَّ.) ويقال: خرج فلان في خِفٍّ من أَصحابه أَي في جماعة قليلة.
وخِفُّ الـمَتاعِ: خَفِيفُه.
وخَفَّ المطر: . . . أكمل المادة نَقَص؛ قال الجعدي: فَتَمَطَّى زَمْخَريٌّ وارِمٌ مِنْ رَبيعٍ، كلَّما خَفَّ هَطَلْ (* قوله «فتمطى إلخ» في مادة زمخر، قال الجعدي: فتعالى زمخري وارم مالت الاعراق منه واكتهل) واسْتَخَفَّ فلان بحقي إذا اسْتَهانَ به، واسْتَخَفَّه الفرحُ إذا ارتاح لأَمر. ابن سيده: استخفه الجَزَعُ والطَربُ خَفَّ لهما فاسْتَطار ولم يثبُت. التهذيب: اسْتَخَفَّه الطَّرَب وأَخَفَّه إذا حمله على الخِفّة وأَزال حِلْمَه؛ ومنه قول عبد الملك لبعض جُلسائه: لا تَغْتابَنَّ عندي الرَّعِيّة فإنه لا يُخِفُّني؛ يقال: أَخَفَّني الشيءُ إذا أَغْضَبَك حتى حملك على الطَّيْش، واسْتَخَفَّه: طَلَب خِفَّتَه. التهذيب: اسْتَخَفَّه فلان إذا اسْتَجْهَله فحمله على اتِّباعه في غَيِّه، ومنه قوله تعالى: ولا يَسْتَخفَّنَّكَ الذين لا يوقِنون؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: ولا يَسْتَخِفَّنَّك، قال الزجاج: معناه لا يَسْتَفِزَّنَّك عن دينك أَي لا يُخْرِجَنَّك الذين لا يُوقِنون لأَنهم ضُلاَّل شاكّون. التهذيب: ولا يستخفنك لا يستفزنَّك ولا يَسْتَجْهِلَنَّك؛ ومنه: فاستخَفَّ قومَه فأَطاعوه أَي حملهم على الخِفّة والجهل. يقال: استخفه عن رأْيه واستفزَّه عن رأْيه إذا حمله على الجهل وأَزاله عما كان عليه من الصواب.
واستخف به أَهانه.
وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه، لـمَّا استخلفه رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في غزوة تَبُوكَ قال: يا رسول اللّه يَزْعم المنافقون أَنك اسْتَثْقَلْتَني وتخَفَّفْتَ مني، قالها لما استخلفه في أَهله ولم يمضِ به إلى تلك الغَزاةِ؛ معنى تخففت مني أَي طلبت الخفة بتخليفِك إياي وترك اسْتصْحابي معك.
وخَفَّ فلان لفلان إذا أَطاعه وانقاد له.
وخَفَّتِ الأُتُنُ لعَيرها إذا أَطاعَتْه؛ وقال الراعي يصف العَير وأُتُنه: نَفَى بالعِراكِ حَوالِيَّها، فَخَفَّتْ له خُذُفٌ ضُمَّرُ والخَذُوفُ: ولد الأتان إذا سَمِنَ.
واسْتَخَفَّه: رآه خَفيفاً؛ ومنه قول بعض النحويين: استخف الهمزة الأُولى فخففها أَي لم تثقل عليه فخفَّفها لذلك.
وقوله تعالى: تَسْتَخِفُّونها يوم ظَعْنِكم؛ أَي يَخِفُّ عليكم حملها.
والنون الخفِيفة: خلاف الثقيلة ويكنى بذلك عن التنوين أَيضاً ويقال الخَفِيّة.
وأَخَفَّ الرجلُ إذا كانت دوابُّه خفافاً.
والـمُخِفُّ: القليلُ المالِ الخفيف الحال.
وفي حديث ابن مسعود: أَنه كان خَفِيفَ ذات اليد أَي فقيراً قليل المال والحظِّ من الدنيا، ويجمع الخَفِيفُ على أَخفافٍ؛ ومنه الحديث: خرج شُبّانُ أَصحابه وأَخْفافُهم حُسَّراً؛ وهم الذين لا مَتاع لهم ولا سِلاح، ويروى: خِفافُهم وأَخِفّاؤهم، وهما جمع خَفِيف أَيضاً. الليث: الخِفّةُ خِفَّةُ الوَزْنِ وخِفّةُ الحالِ.
وخفة الرَّجل: طَيْشُه وخِفَّتُه في عمله، والفعل من ذلك كلِّه خَفَّ يَخِفُّ خِفَّة، فهو خفيف، فإذا كان خَفيفَ القلب مُتَوَقِّداً، فهو خُفافٌ؛ وأَنشد: جَوْزٌ خُفافٌ قَلْبُه مُثَقَّلُ وخَفَّ القومُ خُفُوفاً أَي قَلُّوا؛ وقد خَفَّت زَحْمَتُهم.
وخَفَّ له في الخِدمةِ يَخِفُّ: خَدَمه.
وأَخفَّ الرَّجل، فهو مُخِفٌ وخَفيف وخِفٌّ أَي خَفَّت حالُه ورَقَّت وإذا كان قليل الثَّقَلِ.
وفي الحديث: إنَّ بين أَيدِينا عَقَبَةً كَؤُوداً لا يجوزها إلا الـمُخِفّ؛ يريد المخفَّ من الذنوب وأَسبابِ الدنيا وعُلَقِها؛ ومنه الحديث أَيضاً: نَجا المُخِفُّون.
وأَخفَّ الرجلُ إذا كان قليل الثَّقَلِ في سفَره أَو حَضَره.والتخفيفُ: ضدُّ التثقيل، واستخفَّه: خلاف اسْتَثْقَلَه.
وفي الحديث: كان إذا بعث الخُرَّاصَ قال: خَفِّفُوا الخَرْصَ فإنَّ في المال العرِيّة والوصيّة أَي لا تَسْتَقْصُوا عليهم فيه فإنهم يُطعِمون منها ويُوصون.
وفي حديث عَطاء: خَفِّفُوا على الأَرض؛ وفي رواية: خِفُّوا أَي لا تُرْسِلوا أَنفسكم في السجود إرْسالاً ثقيلاً فتؤثِّرُوا في جِباهِكم؛ أَراد خِفُّوا في السجود؛ ومنه حديث مجاهد: إذا سجدتَ فتَخافَّ أَي ضَعْ جبهتك على الأَرض وَضْعاً خفِيفاً، ويروى بالجيم، وهو مذكور في موضعه.
والخَفِيفُ: ضَرْبٌ من العروض، سمي بذلك لخِفَّته.
وخَفَّ القوم عن منزلهم خُفُوفاً: ارْتحَلُوا مسرعين، وقيل: ارتحلُوا عنه فلم يَخُصُّوا السرعة؛ قال الأَخطل: خَفَّ القَطِينُ فَراحُوا مِنْكَ أَو بَكَرُوا والخُفُوفُ: سُرعةُ السير من المنزل، يقال: حان الخُفُوفُ.
وفي حديث خطبته في مرضه: أَيها الناس إنه قد دَنا مني خُفوفٌ من بين أَظْهُرِكُمْ أَي حركةٌ وقُرْبُ ارْتِحالٍ، يريد الإنذار بموته، صلى اللّه عليه وسلم.
وفي حديث ابن عمر: قد كان مني خفوفٌ أَي عَجَلَةٌ وسُرعة سير.
وفي الحديث: لما ذكر له قتلُ أَبي جهل استخفَّه الفَرَحُ أَي تحرك لذلك وخَفَّ، وأَصله السرعةُ.
ونَعامة خَفّانةٌ: سريعة.
والخُفُّ: خُفُّ البعير، وهو مَجْمَعُ فِرْسِن البعير والناقة، تقول العرب: هذا خُفّ البعير وهذه فِرْسِنُه.
وفي الحديث: لا سَبَق إلا في خُفٍّ أَو نَصْلٍ أَو حافر، فالخُفُّ الإبل ههنا، والحافِرُ الخيلُ، والنصلُ السهمُ الذي يُرمى به، ولا بدّ من حذف مضاف، أَي لا سَبَقَ إلا في ذي خفّ أَو ذي حافِرٍ أَو ذي نَصْلٍ. الجوهري: الخُف واحد أَخْفافِ البعير وهو للبعير كالحافر للفرس. ابن سيده: وقد يكون الخف للنعام، سَوَّوْا بينهما للتَّشابُهِ، وخُفُّ الإنسانِ: ما أَصابَ الأَرضَ من باطن قَدَمِه، وقيل: لا يكون الخف من الحيوان إلا للبعير والنعامة.
وفي حديث المغيرة: غَلِيظة الخفّ؛ استعار خف البعير لقدم الإنسان مجازاً، والخُفّ في الأَرض أَغلظ من النَّعْل؛ وأَما قول الراجز: يَحْمِلُ، في سَحْقٍ من الخِفافِ، تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ فإنما يريد به كِنْفاً اتُّخِذَ من ساقِ خُفٍّ.
والخُفُّ: الذي يُلْبَس، والجمع من كل ذلك أَخْفافٌ وخِفافٌ.
وتخَفَّفَ خُفّاً: لَبِسه.
وجاءت الإبلُ على خُفّ واحد إذا تبع بعضها بعضاً كأَنها قِطارٌ، كلُّ بعير رأْسُه على ذنب صاحبه، مقطورةً كانت أَو غير مقطورة.
وأَخَفَّ الرجلَ: ذكر قبيحه وعابَه.
وخَفّانُ: موضع أَشِبُ الغِياضِ كثير الأُسد؛ قال الأَعشى: وما مُخْدِرٌ وَرْدٌ عليه مَهابةٌ، أَبو أَشْبُلٍ أَضْحى بخَفّانَ حارِدا وقال الجوهري: هو مأْسَدة؛ ومنه قول الشاعر: شَرَنْبَث أَطْرافِ البَناننِ ضُبارِمٌ، هَصُورٌ له في غِيلِ خَفّانَ أَشْبُلُ والخُفّ: الجمَل الـمُسِنّ، وقيل: الضخْم؛ قال الراجز: سأَلْتُ عَمْراً بَعْدَ بَكْرٍ خُفّا، والدَّلْوُ قد تُسْمَعُ كيْ تَخِفّا وفي الحديث: نهى عن حَمْيِ الأَراك إلا ما لم تَنَلْه أَخْفافُ الإبل أََي ما لم تَبْلُغْه أَفواهُها بمشيها إليه.
وقال الأَصمعي: الخُف الجمل الـمُسِنُّ، وجمعه أَخفاف، أَي ما قَرُب من الـمَرْعى لا يُحْمى بل يترك لـمَسانِّ الإبل وما في معناها من الضّعافِ التي لا تَقْوى على الإمعان في طلَبِ الـمَرْعَى.
وخُفافٌ: اسم رجل، وهو خُفافُ بن نُدْبةَ السُّلمي أَحد غِرْبانِ العرب.
والخَفْخَفةُ: صوتُ الحُبارى والضَّبُعِ والخِنْزيرِ، وقد خَفْخَفَ؛ قال جرير: لَعَنَ الإلهُ سِبالَ تَغْلِبَ إنَّهم ضُرِبوا بكلِّ مُخَفْخِفٍ حَنّان وهو الخُفاخِفُ.
والخَفْخَفةُ أَيضاً: صوتُ الثوب الجديد أَو الفَرْو الجديد إذا لُبِس وحرَّكْتَه. ابن الأَعرابي: خَفْخَفَ إذا حرَّك قميصَه الجديد فسمعت له خَفْخَفةً أَي صوتاً؛ قال الجوهري: ولا تكون الخَفْخَفةُ إلا بعد الجَفْجَفةِ، والخَفْخَفة أَيضاً: صوت القرطاس إذا حرَّكْتَه وقلَبته.
وإنها لخَفْخافةُ الصوت أَي كأَن صوتها يخرج من أَنفها.
والخُفْخُوفُ: طائر؛ قال ابن دريد: ذكر ذلك عن أَبي الخَطاب الأَخفش، قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته، قال: ولا ذكره أَحد من أَصحابنا. المفضل: الخُفْخُوفُ الطائر الذي يقال له المِيساقُ، وهو الذي يصفق بجناحيه إذا طار.

كور (لسان العرب) [0]


الكُورُ، بالضم: الرحل، وقيل: الرحل بأَداته، والجمع أَكْوار وأَكْوُرٌ؛ قال: أَناخَ بِرَمْلِ الكَوْمَحَيْن إِناخَةَ الْـ ـيَماني قِلاصاً، حَطَّ عنهنّ أَكْوُرا والكثير كُورانٌ وكُؤُور؛ قال كُثَيِّر عَزَّة: على جِلَّةٍ كالهَضْبِ تَخْتالُ في البُرى، فأَحْمالُها مَقْصورَةٌ وكُؤُورُها قال ابن سيده: وهذا نادر في المعتل من هذا البناء وإِنما بابه الصحيح منه كبُنُودٍ وجُنُودٍ.
وفي حديث طَهْفَة: بأَكْوارِ المَيسِ تَرْتَمِي بنا العِيسُ؛ الأَكْوارُ جمع كُورٍ، بالضم،وهو رَحْل الناقة بأَداته، وهو كالسَّرْج وآلتِه للفرس، وقد تكرّر في الحديث مفرداً ومجموعاً؛ قال ابن الأَثير: وكثير من الناس يفتح الكاف، وهو خطأ؛ وقول خالد بن زهير الهذلي:نَشَأْتُ عَسِيراً لم تُدَيَّثْ عَرِيكَتي، ولم يَسْتَقِرَّ فوقَ ظَهْرِيَ . . . أكمل المادة كُورُها استعار الكُورَ لتذليل نفسه إِذ كان الكُورُ مما يذلل به البعير ويُوَطَّأُ ولا كُورَ هنالك.
ويقال للكُورِ، وهو الرحل: المَكْوَرُ، وهو المُكْوَرُّ، إِذا فتحت الميم خففت الراء، وإِذا ثقلت الراء ضممت الميم؛ وأَنشد قول الشاعر: قِلاص يَمانٍ حَطَّ عنهن مَكْوَرا فخفف، وأَنشد الأَصمعي: كأَنّ في الحََبْلَيْنِ من مُكْوَرِّه مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ لضَرِّهِ وكُورُ الحَدَّاد: الذي فيه الجَمْر وتُوقَدُ فيه النار وهو مبنيّ من طين، ويقال: هو الزِّقُّ أَيضاً.
والكَوْرُ: الإِبل الكثيرة العظيمة.
ويقال: على فلان كَوْرٌ من الإِبل، والكَوْرُ من الإِبل: العَطيِعُ الضَّخْم، وقيل: هي مائة وخمسون، وقيل: مائتان وأَكثر.
والكَوْرُ: القطيع من البقر؛ قال ذؤيب: ولا شَبُوبَ من الثِّيرانِ أَفْرَدَه، من كَوْرِه، كَثْرَةُ الإِغْراءِ والطَّرَدُ والجمع منهما أَكْوار؛ قال ابن بري هذا البيت أَورده الجوهري: ولا مُشِبَّ من الثِّيرانِ أَفْرَده، عن كَوْرِه، كَثْرَةُ الإِغراءِ والطَّرَدِ بكسر الدال، قال: وصوابه: والطردُ، برفع الدال؛ وأَول القصيدة: تالله يَبْقى على الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ، جَوْنُ السَّراةِ رَباعٌ، سِنُّه غَرِدُ يقول: تالله لا يبقى على الأَيَّام مُبْتَقِلٌ أَي الذي يَرْعى البقل.
والجَوْنُ: الأَسْوَدُ.
والسَّراةُ: الظَّهْر.
وغَرِدٌ: مُصَوِّتٌ.
ولا مُشِبَّ من الثيران: وهو المُسِنّ أَفرده عن جماعته إِغراءُ الكلب به وطَرَدُه.
والكَوْرُ: الزيادة. الليث: الكَوْرُ لَوْثُ العمامة يعني إِدارتها على الرأْس، وقد كَوَّرْتُها تَكْوِيراً .
وقال النضر: كل دارة من العمامة كَوْرٌ، وكل دَوْرٍ كَوْرٌ.
وتكْوِيرُ العمامة: كَوْرُها.
وكارَ العِمامَةَ على الرأْس يَكُورُها كَوْراً: لاثَها عليه وأَدارها؛ قال أَبو ذؤيب:وصُرَّادِ غَيْمٍ لا يزالُ، كأَنه مُلاءٌ بأَشْرافِ الجِبالِ مَكُورُ وكذلك كَوَّرَها.
والمِكْوَرُ والمِكْوَرَةُ والكِوارَةُ: العمامةُ.
وقولهم: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، قيل: الحَوْرُ النقصان والرجوع، والكَوْرُ: الزيادة، أُخذ من كَوْرِ العمامة؛ يقول: قد تغيرت حاله وانتقضت كما ينتقض كَوْرُ العمامة بعد الشدّ، وكل هذا قريب بعضه من بعض، وقيل: الكَوْرُ تَكْوِيرُ العمامة والحَوْرُ نَقْضُها، وقيل: معناه نعوذ بالله من الرجوع بعد الاستقامة والنقصان بعد الزيادة.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يتعوّذ من الحَوْر بعد الكَوْرِ أَي من النقصان بعد الزيادة، وهو من تَكْوِير العمامة، وهو لفها وجمعها، قال: ويروى بالنون.
وفي صفة زرع الجنة: فيبادِرُ الطَّرْفَ نَباتُه واستحصادُه وتَكْوِيرُه أَي جَمْعُه وإِلقاؤه.
والكِوارَة: خرقة تجعلها المرأَة على رأْسها. ابن سيده: والكِوارَةُ لوث تَلْتاثه المرأَة على رأْسها بخمارها، وهو ضَرْبٌ من الخِمْرَةِ؛ وأَنشد:عَسْراءُ حينَ تَرَدَّى من تَفَحُّشِها، وفي كِوارَتِها من بَغْيِها مَيَلُ وقوله أَنشده الأَصْمَعِيُّ لبعض الأَغْفال: جافِيَة مَعْوى ملاث الكَوْر قال ابن سيده: يجوز أَن يعني موضع كَوْرِ العمامة: والكِوارُ والكِوارَة: شيء يتخذ للنحل من القُضْبان، وهو ضيق الرأْس.
وتَكْوِيرُ الليل والنهار: أَن يُلْحَقَ أَحدُهما بالآخر، وقيل: تَكْوِيرُ الليل والنهار تَغْشِيَةُ كل واحد منهما صاحبه، وقيل: إِدخال كل واحد منهما في صاحبه، والمعاني متقاربة؛ وفي الصحاح: وتَكْوِيرُ الليل على النهار تَغْشيته إِياه، ويقال زيادته في هذا من ذلك.
وفي التنزيل العزيز: يُكَوِّرُ الليلَ على النهار ويُكَوِّرُ النهارَ على الليل؛ أَي يُدْخِلُ هذا على هذا، وأَصله من تَكْوِيرِ العمامة، وهو لفها وجمعها.
وكُوِّرَتِ الشمسُ: جُمِعَ ضوءُها ولُفَّ كما تُلَفُّ العمامة، وقيل: معنى كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ، وهو بالفارسية« كُورْبِكِرْ» وقال مجاهد: كُوِّرَت اضمحلت وذهبت.
ويقال: كُرْتُ العمامةَ على رأْسي أَكُورُها وكَوَّرْتُها أُكَوِّرُها إِذا لففتها؛ وقال الأَخفش: تُلَفُّ فَتُمْحَى؛ وقال أَبو عبيدة: كُوِّرَتْ مثل تَكْوِير العمامة تُلَفُّ فَتُمْحَى، وقال قتادة: كُوِّرَتْ ذهب ضوءُها، وهو قول الفراء، وقال عكرمة: نُزِعَ ضوءُها، وقال مجاهد: كُوِّرَتْ دُهْوِرَتْ، وقال الرَّبيعُ بن خَيثَمٍ: كُوِّرَتْ رُميَ بها، ويقال: دَهْوَرْتُ الحائطَ إِذا طرحته حتى يَسْقُطَ، وحكى الجوهري عن ابن عباس: كُوِّرَتْ غُوِّرَتْ، وفي الحديث: يُجاءُ بالشمس والقمر ثَوْرَيْنِ يُكَوَّرانِ في النار يوم القيامة أَي يُلَفَّانِ ويُجْمَعانِ ويُلْقَيانِ فيها، والرواية ثورين، بالثاء، كأَنهما يُمْسَخانِ؛ قال ابن الأَثير: وقد روي بالنون، وهو تصحيف. الجوهري: الكُورَةُ المدينة والصُّقْعُ، والجمع كُوَرٌ. ابن سيده: والكُورَةُ من البلاد المِخْلافُ، وهي القرية من قُرَى اليمن؛ قال ابن دريد: لا أَحْسِبُه عربيّاً.
والكارَةُ: الحالُ الذي يحمله الرجل على ظهره، وقد كارها كَوْراً واسْتَكارَها.
والكارَةُ: عِكْمُ الثِّياب، وهو منه، وكارةُ القَصَّار من ذلك، سميت به لأَنه يُكَوِّر ثيابه في ثوب واحد ويحمِلها فيكون بعضُها على بعض.
وكوّر المتاعَ: أَلقى بعضه على بعض. الجوهري: الكارةُ ما يُحمل على الظهر من الثِّياب، وتَكْوِيرُ المتاع: جمعُه وشدّه.
والكارُ: سُفُن مُنحدِرة فيها طعام في موضع واحد.
وضربه فكَوَّره أَي صرَعه، وكذلك طعنه فكَوّرَه أَي أَلقاه مجتمعاً؛ وأَنشد أَبو عبيدة: ضَرَبْناه أُمَّ الرَّأْسِ، والنَّقْعُ ساطِعٌ، فَخَرَّ صَرِيعاً لليَدَيْنِ مُكَوَّرَا وكَوَّرْته فتكَوَّر أَي سقَط، وقد تكَوَّر هو؛ قال أَبو كبير الهذلي: مُتَكَوِّرِينَ على المَعارِي، بينهم ضرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ وقيل: التَّكْوِير الصَّرْع، ضرَبه أَو لم يضربْه.
والاكتيارُ: صرعُ الشيءِ بعضُه على بعضٍ.
والاكْتِيار في الصِّراع: أَن يُصرَع بعضه على بعض.
والتَّكَوُّر: التَّقَطُّر والتَّشَمُّر.
وكارَ الرجلُ في مشْيته كَوْراً، واسْتَكار: أَسْرع.
والكِيار: رَفْع الفَرس ذنبه في حُضْره؛ والكَيِّر: الفرس إِذا فعل ذلك. ابن بزرج: أَكارَ عليه يضربه، وهما يَتَكايرانِ، بالياء.
وفي حديث المُنافق: يَكِير في هذه مرّة وفي هذه مرّة أَي يجري. يقال: كارَ الفرسُ يَكِيرُ إِذا جرى رافعاً ذنبه، ويروى يَكْبِنُ.
واكْتار الفرسُ: رفع ذنَبه في عَدْوِه.
واكْتارَتِ الناقة: شالت بذنَبها عند اللِّقاح. قال ابن سيده: وإِنما حملنا ما جُهل من تصرّفه من باب الواو لأَن الأَلف فيه عين، وانقلاب الأَلف عن العين واواً أَكثر من انقلابها عن الياء.
ويقال: جاء الفرس مُكْتاراً إِذا جاء مادّاً ذنبه تحت عَجُزِه؛ قال الكميت يصف ثوراً: كأَنه، من يَدَيْ قِبْطِيَّة، لَهِقاً بالأَتْحَمِيّة مُكْتارٌ ومُنْتَقِبُ قالوا: هو من اكْتار الرجلُ اكْتِياراً إِذا تعمَّم.
وقال الأَصمعي: اكْتارَتِ الناقة اكْتِياراً إِذا شالت بذنَبها بعد اللِّقاح.
واكْتار الرجل للرجل اكْتِياراً إِذا تهيأَ لِسبابه.
وقال أَبو زيد: أَكَرْت على الرجل أُكِيرُ كيارةً إِذا استذللته واستضعفته وأَحَلْت عليه إِحالة نحو مائةٍ.والكُورُ: بناء الزَّنابير؛ وفي الصحاح: موضِع الزَّنابير.
والكُوَّارات: الخَلايا الأَهْلِيَّة؛ عن أَبي حنيفة، قال: وهي الكَوائر أَيضاً على مثال الكَواعِر؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الكَوائر ليس جمع كُوَّارة إِنما هو جمع كُوَارة، فافهم، والكِوَار والكِوارة: بيت يُتَّخذ من قُضبانٍ ضيِّقُ الرأْس للنحل تُعَسِّلُ فيه. الجوهري: وكُوَّارة النحل عسلها في الشمَع.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: ليس فيما تُخْرِج أَكْوارُ النَّحْل صدَقة، واحدها كُور، بالضم، وهو بيت النحل والزَّنابير؛ أَراد أَنه ليس في العسل صدقة.
وكُرْت الأَرض كَوْراً: حفرتُها.
وكُور وكُوَيْرٌ والكَوْر: جبال معروفة؛ قال الراعي: وفي يَدُومَ، إِذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُه، وذِرْوَةِ الكَوْرِ عن مَرْوانَ مُعْتَزَلُ ودارَةُ الكَوْر، بفتح الكاف: موضع؛ عن كُراع.
والمِكْوَرَّى: القصير العريض.
ورجل مِكْوَرَّى أَي لئيم.
والمَكْوَرَّى: الرَّوْثة العظيمة، وجعلها سيبويه صفة، فسرها السيرافي بأَنه العظيم رَوثَةِ الأَنف، وكسر الميم فيه لغة، مأْخوذ من كَوَّره إِذا جَمعه، قال: وهو مَفْعَلَّى، بتشديد اللام، لأَن فَعْلَلَّى لم يَجِئ، وقد يحذف الأَلف فيقال مَِكْوَرٌّ، والأُنثى في كل ذلك بالهاء؛ قال كراع: ولا نظير له.
ورجل مَكْوَرٌّ: فاحش مكثار؛ عنه، قال: ولا نظير له أَيضاً. ابن حبيب: كَوْرٌ أَرض باليمامة.

لجج (لسان العرب) [0]


الليث: لَجَّ فلان يَلِجُّ ويَلَجُّ، لغتان؛ وقوله: وقد لَجَِجْنا في هواك لَجَجا قال: أَراد لَجَاجاً فَقَصَره؛ وأَنشد: وما العَفْوُ إِلاَّ لامْرِئٍ ذي حَفِيظةٍ، متى يُعْفَ عن ذَنْبِ امرئِ السَّوْءِ يَلْجَجِ ابن سيده: لَجِجْتُ في الأَمرِ أَلَجُّ ولَجَجْتُ أَلِجُّ لَجَجاً ولجَاجاً ولَجاجَةً، واسْتَلْجَجْتُ: ضَحِكْتُ؛ قال: فإِنْ أَنا لم آمُرْ، ولم أَنْهَ عَنْكُما، تَضاحَكْتُ حتى يَسْتَلِجَّ ويَسْتَشري ولَجَّ في الأَمر: تمَادى عليه وأَبَى أَن يَنْصَرِفَ عنه، والآتي كالآتي، والمصدر كالمصدر.
وفي الحديث: إِذا اسْتَلَجَّ أَحدُكم بيمينِهِ فإِنه آثَمُ له عند الله من الكَفَّارةِ، وهو اسْتَفْعَلَ من اللَّجاجِ.
ومعناه أَن يحلف على شيءٍ ويرى أَن غيره خير منه، فَيُقِيمُ على يمينه ولا يَحْنَثُ . . . أكمل المادة فذاك آثَمُ؛ وقيل: هو أَن يَرَى أَنه صادقٌ فيها مُصيبٌ، فَيَلِجُّ فيها ولا يُكَفِّرها؛ وقد جاء في بعض الطرق: إِذا اسْتَلْجَجَ أَحدكم، بإِظهار الإِدغام، وهي لغة قريش، يظهرونه مع الجزم؛ وقال شمر: معناه أَن يَلِجَّ فيها ولا يكفرها ويزعم أَنه صادق؛ وقيل: هو أَن يَحْلِفَ ويرى أَنَّ غيرها خير منها، فيقيم للبِرِّ فيها ويترك الكفَّارة، فإِن ذلك آثَمُ له من التكفير والحِنْثِ، وإِتْيانِ ما هو خَيْرٌ.
وقال اللحياني في قوله تعالى: ويَمُدُّهم في طُغْيانِهم يَعْمَهون أَي يُلِجُّهُمْ. قال ابن سيده: فلا أَدري أَمِنَ العرب سمع يُلِجُّهُمْ أَم هو إِدْلال من اللحياني وتجاسُر؟ قال: وإِنما قلت هذا لأَني لم أَسمع أَلْجَجْتُه.
ورجلٌ يلَجوجٌ ولَجُوحةٌ، الهاء للمبالغة، ولُجَجةٌ مثل هُمزة أَي لَجُوجٌ، والأُنثى لَجُوجٌ؛ وقول أَبي ذؤيب: فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بعدَ ابنِ عَنْبَسٍ، فقد لَجَّ من ماءِ الشُّؤُون لَجُوجُ أَراد: دَمْعٌ لَجُوجٌ، وقد يُستعمل في الخيل؛ قال: من المُسْبَطِرّاتِ الجِيادِ طِمِرَّةٌ لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ والمُلاجَّةُ: التمادي في الخُصومةِ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنِينُها فسره فقال: لَجَّ بي أَي ابْتُلِيَ بي، ويجوز عندي أَن يريد: ابْتُلِيتُ أَنا به، فَقَلَب.
ومِلْجاجٌ كَلَجُوجٍ؛ قال مليح: من الصُّلْبِ مِلْجاجٌ يُقَطِّعُ رَبْوَها بُغامٌ، ومَبْنِيُّ الحَصيرين أَجْوَفُ (* قوله «الحصيرين» كذا بالأصل.) ولُجَّةُ البَحْر: حيث لا يُدْرَكُ قَعْرُه.
ولُجُّ الوادي: جانبُه.
ولُجُّ البحرِ: عُرْضُه؛ قال: ولُجُّ البحرِ الماءُ الكثير الذي لا يُرَى طرَفاه، وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة: وفي الحديث: من ركب البحر إِذا التَجَّ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ أَي تَلاطَمَتْ أَمْواجُه؛ والتَّجَ الأَمرُ إِذا عَظُمَ واخْتَلَطَ.
ولُجَّةُ الأَمرِ: مُعْظَمُه.
ولُجَّةُ الماءِ، بالضم: مُعْظَمُه، وخص بعضهم به معظم البحر، وكذلك لُجَّةُ الظَّلامِ، وجمعه لُجٌّ ولُجَجٌ ولِجاجٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وكيفَ بِكم يا عَلْوُ أَهلاً، ودُونَكمْ لِجاجٌ، يُقَمِّسْنَ السَّفِينَ، وَبِيدُ؟ واسْتَعارَ حِماسُ بن ثامِلٍ اللُّجَّ لليل، فقال: ومُسْتَنْبِحٍ في لُجِّ لَيْلٍ، دَعَوْتُه بِمَشْبُوبَةٍ في رأْسِ صَمْدٍ مُقابِلِ يعني مُعْظَمَه وظُلَمَه.
ولُجُّ اللَّيْلِ: شِدَّةُ ظُلْمَتِهِ وسواده: قال العجاج يصف الليل: ومُخْدِرُ الأَبْصارِ أَخْدَرِيُّ لُجٌّ، كأَنَّ ثِنْيَه مَثْنِيُّ أَي كأَنَّ عِطْفَ الليلِ معطوفٌ مَرَّة أُخرى، فاشتدّ سوادُ ظُلْمَتِه.
وبحرٌ لُجاجٌ ولُجِّيٌّ: واسعُ اللُّجِّ واللُّجُّ: السَّيْفُ، تشبيهاً بِلُجِّ البحر.
وفي حديث طلحة بن عبيد: إِنهم أَدْخلوني الحَشَّ وقَرَّبُوا فَوَضَعوا اللُّجَّ على قَفَيَّ؛ قال ابن سيده: وأَظنُّ أَنَّ السيف إِنما سمِّيَ لُجّاً في هذا الحديث وحده. قال الأَصمعي: نُرى أَن اللُّجَّ اسم يسمى به السيفُ، كما قالوا الصَّمْصامةُ وذو الفَقار ونحوه؛ قال: وفيه شَبَهٌ بلُجَّةِ البحر في هَوْلِهِ؛ ويقال: اللُّجُّ السيف بلغة طيِّئ؛ وقال شمر: قال بعضهم: اللُّجُّ السيف بلغة هُذَيْل وطَوائِفَ من اليمن؛ وقال ابن الكلبي: كان للأَشْتَر سيف يسميه اللُّجَّ واليَمَّ؛ وأَنشد له: ما خانَنِي اليَمُّ في مَأْقِطٍ ولا مَشْهَدٍ، مُذْ شَدَدْتُ الإِزارا ويروى: ما خانني اللُّجُّ.
وفلان لُجَّةٌ واسِعةٌ، على التشبيه بالبحر في سَعته.
وأَلَجَّ القومُ ولَجَّجُوا: ركبوا اللُّجَّة.
والتَجَّ المَوْجُ: عَظُمَ.
ولَجَّجَ القومُ إِذا وقَعُوا في اللُّجَّة. قال الله تعالى: في بَحْرٍ لُجِّيٍّ؛ قال الفراء: يقال بحر لُجِّيّ ولِجِّيّ، كما يقال سُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، ويقال: هذا لُجُّ البحر ولُجَّةُ البحر.
وقال بعضهم اللُّجّةُ الجماعة الكثيرة كلجة البحر، وهي اللُّجُّ.
ولَجَّجَتِ السَّفينةُ أَي خاضَتِ اللُّجَّةَ، والتجَّ البحر التِجاجاً، والتَجَّتِ الأَرضُ بالسَّرابِ: صار فيها منه كاللُّجِّ.
والتجَّ الظلامُ: التَبَسَ واختلط.
واللَّجّةُ: الصوت؛ وأَنشد لذي الرمّة: كأَنَّنا، والقِنانُ القُودُ تَحْمِلُنا، مَوْجُ الفُراتِ إِذا التَجَّ الدَّيامِيمُ أَبو حاتم: الْتَجَّ صار له كاللُّجَج من السَّرابِ.
وسمعت لَجَّةَ الناس، بالفتح، أَي أَصواتهم وصخَبهم؛ قال أَبو النجم: في لَجّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ ولَجَّةُ القوم: أَصواتهم.
واللَّجّةُ واللَّجْلَجَةُ: اختِلاطُ الأَصواتِ.
والتجَّت الأَصوات: ارتفعت فاختلطت.
وفي حديث عِكَْرِمة: سمعت لهم لَجّة بآمِينَ، يعني أَصوات المصلِّين.
واللَّجّةُ: الجلَبَةُ.
وأَلَجَّ القومُ إِذا صاحوا؛ وقد تكون اللَّجّة في الإِبل؛ وقال أَبو محمد الحَذْلَمِيُّ: وجَعَلَتْ لَجَّتُها تُغَنِّيهْ يعنيى أَصواتها كأَنها تُطْرِبُه وتَسْتَرْحِمُه ليوردها الماء، ورواه بعضهم لَخَّتُها.
ولَجَّ القومُ وأَلَجُّوا: اختلطت أَصواتهم.
وأَلَجَّتِ الإِبلُ والغنم إِذا سمعتَ صوتَ رَواعِيها وضَواغِيها.
وفي حديث الحُدَيْبيةِ: قال سُهَيْلُ بن عمرو: قد لَجَّتِ القَضيَّةُ بيني وبينك أَي وَجَبَتْ؛ قال هكذا جاء مشروحاً، قال: ولا أَعرف أَصله.
والْتَجَّتِ الأَرضُ: اجتمع نبتها وطالَ وكثُرَ، وقيل: الأَرض المُلْتَجّةُ الشديدةُ الخُضْرةِ، التفَّتْ أَو لم تَلْتَفَّ.
وأَرض بقْلُها مُلْتَجٌّ، وعين مُلْتَجَّةٌ، وكأَنَّ عَيْنَه لُجَّةٌ أَي شديدةُ السوادِ؛ وعين مُلتَجَّةٌ، وإِنه لشديدُ التجاجِ العين إِذا اشتَدَّ سوادُها.
والأَلَنْجَجُ واليَلَنْجَجُ: عودُ الطيبِ، وقيل: هو شجر غيرُهُ يُتَبَخَّرُ به؛ قال ابن جني: إِن قيل لك إِذا كان الزائد إِذا وقع أَوّلاً لم يكن للإِلحاق، فكيف أَلحقوا بالهمزة في أَلَنْجَجٍ، وبالياء في يَلَنْجَجٍ؟ والدليل على صحة الإِلحاق ظهور التضعيف؛ قيل: قد عُلم أَنهم لا يُلحقون بالزائد في أَوَّل الكلمة إِلاَّ أَن يكون معه زائد اخر، فلذلك جاز الإِلحاق بالهمزة والياء في أَلَنْجَجٍ ويَلَنْجَجٍ، لمَّا انضمّ إِلى الهمزة والياءِ النونُ.
والأَلَنْجُوجُ واليَلَنْجُوجُ: كالأَلنجج.
واليلنجج: عود يُتبخر به، وهو يَفَنْعَلٌ وأَفَنْعَلٌ؛ قال حُمَيْدُ ابن ثَوْر: لا تَصْطَلي النارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجاً، قد كَسَّرَتْ من يَلَنْجُوجٍ له رقَصا وقال اللحياني: عُود يَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجيجٌ فَوُصِفَ بجميع ذلك، وهو عُودٌ طيّب الريح.
واللَّجْلجةُ: ثِقَلُ اللِّسانِ، ونَقْصُ الكلامِ، وأَن لا يخرج بعضه في أَثر بعض.
ورجل لَجْلاجٌ وقد لَجْلَجَ وتَلَجْلَجَ.
وقيل الأَعرابي: ما أَشدُّ البردِ؟ قال: إِذا دَمَعَتِ العَيْنان وقطر المَنْخران ولَجْلَجَ اللِّسان؛ وقيل: اللَّجْلاجُ الذي يجولُ لسانه في شِدْقه. التهذيب: اللَّجلاجُ الذي سَجِيَّةُ لسانه ثِقَلُ الكلامِ ونَقْصُه. الليث: اللَّجْلَجةُ أَن يتكلم الرجل بلسان غير بَيِّنٍ؛ وأَنشد: ومَنْطِقٍ بِلِسانٍ غيرِ لجْلاجِ واللَّجْلَجةُ والتَّلَجْلُج: التَّرَدُّدُ في الكلام.
ولَجْلَجَ اللُّقْمةَ في فِيهِ: أَدارَها من غير مَضْغٍ ولا إِساغةٍ.
ولَجْلَجَ الشيءَ في فِيهِ: أَدارَه.
وتَلَجْلَجَ هو، وربما لَجْلَجَ الرجلُ اللُّقْمةَ في الفم في غير مَوْضِع؛ قال زهير: يُلَجْلِجُ مُضْغةً فيها أَنِيضٌ أَصَلَّتْ، فهْيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ الأَصمعي: أَخذتَ هذا المال فأَنت لا تردُّه ولا تأْخذه كما يُلَجلِجُ الرجل اللقمةَ فلا يَبْتَلِعُها ولا يلقيها. الجوهري: يُلَجْلِجُ اللقمةً في فيه أَي يردِّدها فِيهِ لِلمَضْغِ. ابن شميل: اسْتَلَجّ فلان مَتاعَ فلان وتَلَجَّجَه إِذا ادَّعاه. أَبو زيد، يقال: الحَقُّ أَبْلَجُ والباطلُ لَجْلَج أَي يُرَدَّدُ من غير أَن يَنْفُذ، واللَّجْلَجُ: المخْتَلِطُ الذي ليس بمستقيم، والأَبْلَجُ: المُضِيءُ المُستقيمُ.
وفي كتاب عمر إِلى أَبي موسى: الفَهْمَ الفَهْمَ فيما تَلَجْلَجَ في صَدْرِكَ مما ليس في كتاب ولا سُنَّة أَي تَرَدَّدَ في صَدْرِك وقَلِقَ ولم يَسْتَقِرَّ؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: الكَلِمةُ من الحِكْمَةِ تكون في صدر المُنافِقِ، فَتَلَجْلَجُ حتى تخرج (* قوله «حتى تخرج» هذا ما بالأصل والذي في نسخة يوثق بها من النهاية على اصلاح بها تسكن بدل تخرج.) إِلى صاحبها أَي تتحرك في صدره وتَقْلَقُ حتى يَسْمَعَها المؤْمن فيأْخذَها ويَعِيَها؛ وأَراد تتلجلج فحذف تاء المضارعة تخفيفاً.
وتَلَجْلَجَ بالشيءِ: بادَرَ.
ولَجْلَجَه عن الشيء: أَداره ليأْخذه منه.
وبَطْنُ لُجَّان: اسم موضع؛ قال الراعي: فقلت والحَرَّةُ السَّوْداءُ دونَهُم، وبَطْنُ لُجَّانَ لما اعْتادَني ذِكَري

حوذ (لسان العرب) [0]


حاذَ يَحُوذَ حَوْذاً كحاط حَوْطاً، والحَوْذُ: الطَّلْقُ.
والحَوْذُ والإِحْواذُ: السيرُ الشديد.
وحاذ إِبله يحوذها حَوْذاً: ساقها سوقاً شديداً كحازها حوزاً؛ وروي هذا البيت: يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذيُّ فسره ثعلب بأَن معنى قوله حوذي امتناع في نفسه؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا إِلا ههنا، والمعروف: يحوزهنّ وله حوزي وفي حديث الصلاة: فمن فرّغ لها قلبه وحاذ عليها، فهو مؤمن أَي حافظ عليها، من حاذ الإِبل يحوذها إِذا حازها وجمعها ليسوقها.
وطَرَدٌ أَحْوَذُ: سريع؛ قال بَخْدَجٌ: لاقى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا مني، وشلاًّ للأَعادي مِشْقَذا، وطَرَداً طَرْدَ النعام أَحْوَذا وأَحْوَذَ السيرَ: سار سيراً شديداً.
والأَحْوَذِيُّ: السريع في كل ما أَخَذَ فيه، وأَصله في السفر.
والحَوْذُ: السوق . . . أكمل المادة السريع، يقال: حُذْت الإِبل أَحُوذُها حَوْذاً وأَحْوَذْتها مثله.
والأَحْوَذِيّ: الخفيف في الشيء بحذفه؛ عن أَبي عمرو، وقال يصف جناحي قطاة: على أَحْوَذِيَّينِ اسْتَقَلّتْ عليهما، فما هي إِلا لَمْحَة فَتَغيب وقال آخر: أَتَتْكَ عَبْسٌ تَحْمِل المَشِيَّا، ماءٍ مِنَ الطّثرة أَحْوَذيَّا يعني سريع الإِسهال.
والأَحْوَذيّ: الذي يسير مسيرة عشر في ثلاث ليال؛ وأَنشد: لَقَدْ أَكونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثِ، وأَحْوَذِيّاً إِذا انضمَّ الذّعالِيبُ قال: انضمامها انطواء بدنها، وهي إِذا انضمت فهي أَسرع لها. قال: والذعاليب أَيضاً ذيول الثياب.
ويقال: أَحْوَذَ ذاك إِذا جمعه وضمه؛ ومنه يقال: استحوذ على كذا إِذا حواه.
وأَحْوَذ ثوبه: ضمه إِليه؛ قال لبيد يصف حماراً وأُتناً: إِذا اجْتَمَعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها وأَوردَهَا على عُوجٍ طِوال قال: يعني ضمها ولم يفته منها شيء، وعنى بالعُوج القوائم.
وأَمر مَحُوذ: مضموم محكم كَمَحُوز، وجادَ ما أَحْوَذ قصيدتَه أَي أَحكمها.
ويقال: أَحوذ الصانع القِدْح إِذا أَخفه؛ ومن هذا أُخِذَ الأَحْوذيّ المنكمش الحادّ الخفيف في أُموره؛ قال لبيد: فهو كَقِدْحِ المَنِيح أَحْوَذَه الصَّا نعُ، يَنْفِي عن مَتْنِه القُوَبَا والأَحْوَذِيُّ: المشمر في الأُمور القاهر لها الذي لا يشذ عليه منها شيء.
والحَويذُ من الرجال: المشمر؛ قال عمران بن حَطَّان: ثَقْفٌ حَويذٌ مُبِينُ الكَفِّ ناصِعُه، لا طَائِشُ الكفّ وَقّاف ولا كَفِلُ يريد بالكَفِلِ الكِفْلَ.
والأَحْوَذِيّ: الذي يَغْلِب.
واستَحْوَذ: غلب.
وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما: كان والله أَحْوَذيّاً نَسِيجَ وحْدِه. الأَحْوذِيّ: الحادّ المنكمش في أُموره الحسن لسياق الأُمور.
وحاذه يَحُوذه حوذاً: غلبه.
واستَحْوذ عليه الشيطان واستحاذ أَي غلب، جاء بالواو على أَصله، كما جاء اسْتَرْوحَ واستوصب، وهذا الباب كله يجوز أَن يُتَكَلَّم به على الأَصل. تقول العرب: اسْتَصاب واسْتَصْوَب واستَجاب واسْتَجْوب، وهو قياس مطرد عندهم.
وقوله تعالى: أَلم نستحوذ عليكم؛ أَي أَلم نغلب على أُموركم ونستول على مودّتكم.
وفي الحديث: ما من ثلاثة في قرية ولا بَدْوٍ لا تقام فيهم الصلاة إِلا وقد اسْتَحْوَذ عليهم الشيطان أَي استولى عليهم وحواهم إِليه؛ قال: وهذه اللفظة أَحد ما جاء على الأَصل من غير إِعلال خارِجَةً عن أَخواتها نحو استقال واستقام. قال ابن جني: امتنعوا من استعمال استحوذ معتلاًّ وإِن كان القياس داعياً إِلى ذلك مؤذناً به، لكن عارض فيه إِجماعهم على إِخراجه مصححاً ليكون ذلك على أُصول ما غُيّر من نحوه كاستقام واستعان.
وقد فسر ثعلب قوله تعالى: استحوذ عليهم الشيطان، فقال: غلب على قلوبهم.
وقال الله عز وجل، حكاية عن المنافقين يخاطبون به الكفار: أَلم نستَحْوذ عليكم ونَمْنَعْكم من المؤمنين؛ وقال أَبو إِسحق: معنى أَلم نستحوذ عليكم: أَلم نستول عليكم بالموالاة لكم.
وحاذَ الحمارُ أُتُنَه إِذا استولى عليها وجمعها وكذلك حازها؛ وأَنشد: يَحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ قال وقال النحويون: استحوذ خرج على أَصله، فمن قال حاذ يَحُوذ لم يقل إِلا استحاذ، ومن قال أَحْوذَ فأَخرجه على الأَصل قال استحوذ.
والحاذُ: الحال؛ ومنه قوله في الحديث: أَغبط الناس المؤمنُ الخفيفُ الحاذِ أَي خفيف الظهر.
والحاذانِ: ما وقع عليه الذنَب من أَدبار الفخذين، وقيل: خفيف الحال من المال؛ وأَصل الحاذِ طريقة المتن من الإِنسان؛ وفي الحديث: ليأْتين على الناس زمان يُغْبَط الرجل فيه لخفة الحاذِ كما يُغْبَطُ اليومَ أَبو العَشَرة؛ ضربه مثلاً لقلة المال والعيال. شمر: يقال كيف حالُك وحاذُك؟ ابن سيده: والحاذُ طريقة المتن، واللام أَعلى من الذال، يقال: حالَ مَتْنُه وحاذَ مَتْنُه، وهو موضع اللبد من ظهر الفرس. قال: والحاذان ما استقبلك من فخذي الدابة إِذا استدبرتها؛ قال: وتَلُفُّ حاذَيْها بذي خُصَل رَيّانَ، مِثْلَ قَوادِمِ النَّسْر قال: والحاذانِ لحمتانِ في ظاهر الفخذين تكونان في الإِنسان وغيره؛ قال: خَفِيفُ الحاذِ نَسّالُ الفَيافي، وعَبْدٌ لِلصّحابَةِ غَيْرُ عَبْد الرياشي قال: الحاذُ الذي يقع عليه الذنَب من الفخذين من ذا الجانب وذا الجانب؛ وأَنشد: وتَلُفّ حاذَيْها بذي خُصَل عَقِمَتْ، فَنِعْمَ بُنَيّةُ العُقْم أَبو زيد: الحاذ ما وقع عليه الذنب من أَدبار الفخذين، وجمع الحاذ أَحْواذ.
والحاذُ والحالُ معاً: ما وقع عليه اللبد من ظهر الفرس؛ وضرب النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله مؤمنٌ خَفِيفُ الحاذِ قلةَ اللحم، مثلاً لقلة ماله وقلة عياله كما يقال خفيف الظهر.
ورجل خفيف الحاذ أَي قليل المال، ويكون أَيضاً القليل العيال. أَبو زيد: العرب تقول: أَنفع اللبن ما وَليَ حاذَيِ الناقة أَي ساعة تحلب من غير أَن يكون رضعها حُِوار قبل ذلك.
والحاذُ: نبت، وقيل: شجر عظام يَنْبُت نِبْتَة الرِّمْثِ لها غِصَنَةٌ كثيرة الشوك.
وقال أَبو حنيفة: الحاذ من شجر الحَمْض يعظم ومنابته السهل والرمل، وهو ناجع في الإِبل تُخصِب عليه رطباً ويابساً؛ قال الراعي ووصف إِبله: إِذا أَخْلَفَتْ صَوْبَ الربيعِ وَصَالها عَرادٌ وحاذٌ مُلْبِسٌ كُلَّ أَجْرَعا (* قوله «وصالها» كذا بالأصل هنا وفي عرد.
وقد وردت «أجرعا» في كلمة «عرد» بالحاء المهملة خطأ). قال ابن سيده: وأَلف الحاذ واو، لأَن العين واواً أَكثر منها ياء. قال أَبو عبيد: الحاذ شجر، الواحدة حاذة من شجر الجنَبَة؛ وأَنشد: ذواتِ أَمْطِيٍّ وذاتِ الحاذِ والأَمطيّ: شجرة لها صمغ يمضغه صبيان الأَعراب، وقيل: الحاذة شجرة يأْلفها بقَرُ الوحش؛ قال ابن مقبل: وهُنَّ جُنُوحٌ لِذِي حاذَة، ضَوارِبُ غِزْلانِها بالجُرن وقال مزاحم: دَعاهُنّ ذِكْرُ الحاذِ من رَمْل خَطْمةٍ فَمارِدُ في جَرْدائِهِنَّ الأَبارِقُ والحَوْذانُ: نبت يرتفع قدر الذراع له زهرة حمراء في أَصلها صفرة وورقته مدوّرة والحافر يسمن عليه، وهو من نبات السهل حلو طيب الطعم؛ ولذلك قال الشاعر: آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسَلْ والحوْذانُ: نبات مثل الهِنْدِبا ينبت مسطحاً في جَلَد الأَرض وليانها لازقاً بها، وقلما ينبت في السهل، ولها زهرة صفراء.
وفي حديث قس عمير حَوْذان: الحوذان نبت له ورق وقصب ونَور أَصفر.
وقال في ترجمة هوذ: والهاذة شجرة لها أَغصان سَبْطَةٌ لا ورق لها، وجمعها الهاذ؛ قال الأَزهري: روى هذا النضر والمحفوظ في باب الأَشجار الحاذ.
وحَوْذان وأَبو حَوْذان: أَسماء رجال؛ ومنه قول عبد الرحمن بن عبد الله بن الجراح: أَتتك قَوافٍ من كريم هَجَوْتَهُ، أَبا الحَوْذِ، فانظر كيف عنك تَذودُ إِنما أَراد أَبا حوذان فحذف وغير بدخول الأَلف واللام؛ ومثل هذا التغيير كثير في أَشعار العرب كقول الحطيئة: جَدْلاء مُحْكَمَة من صُنْع سَلاَّم يريد سليمان فغير مع أَنه غلط فنسب الدروع إِلى سليمان وإِنما هي لداود؛ وكقول النابغة: ونَسْج سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذائل يعني سليمان أَيضاً، وقد غلط كما غلط الحطيئة؛ ومثله في أَشعار العرب الجفاة كثير، واحدتها حَوْذانة وبها سمي الرجل؛ أَنشد يعقوب لرجل من بني الهمّاز: لو كان حَوْذانةُ بالبلادِ، قام بها بالدّلْو والمِقَاطِ، أَيّامَ أَدْعُو يا بني زياد أَزْرَقَ بَوّالاً على البساط مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدَّادِ الصُّدَّادُ: الوزَغُ؛ ورواه غيره: بأَبي زياد؛ وروي: أَوْرَقَ بوّالاً على البساط وهذا هو الأَكفأُ.

تلا (لسان العرب) [0]


تَلَوْتُه أَتلُوه وتَلَوْتُ عنه تُلُوّاً، كلاهما: خَذَلته وتركته.
وتَلا عَنِّي يَتْلُو تُلُوّاً إذا تركك وتخلَّف عنك، وكذلك خَذَل يَخْذُل خُذُولاً.
وتَلَوْته تُلُوّاً: تبعته. يقال: ما زلت أَتْلُوه حتى أَتْلَيْته أَي تَقَدَّمْته وصار خلفي.
وأَتْلَيْته أَي سبقته. فأَما قراءة الكسائي تَلَيها فأَمالَ، وإن كان من ذوات الواو، فإنما قرأَ به لأَنها جاءَت مع ما يجوز أَن يمال، وهو يَغْشَيها وبَنَيها، وقيل: معنى تلاها حين استدار فتلا الشمسَ الضياءُ والنورُ.
وتَتَالَت الأُمورُ: تلا بعضُها بعضاً.
وأَتْلَيْتُه إيّاه: أَتبَعْتُه.
واسْتَتْلاك الشيءَ: دعاك إلى تُلُوِّه؛ وقال: قَدْ جَعَلَتْ دَلْوِيَ تَسْتَتْلِيني، ولا أُريدُ تَبَعَ القَرِينِ ابن الأَعرابي: استَتْلَيْت فلاناً أَي انتظرته، واسْتَتْلَيْته جعلته يَتْلوني.
والعرب تسمي المُراسِلَ في الغناء والعمل . . . أكمل المادة المُتالي، والمُتالي الذي يراسل المُغَني بصَوْتٍ رَفيعٍ؛ قال الأَخطل: صَلْت الجَبينِ،كأَنَّ رَجْعَ صَهِيلِه زجْرُ المُحاوِلِ، أَو غِناءُ مُتالِ قال: والتَّلِيُّ الكثير الأَيْمان.
والتَّلِيُّ: الكثيرُ المالِ.
وجاءت الخيلُ تَتالِياً أَي مُتَتابِعَة.
ورجلٌ تَلُوٌّ، على مثال عَدُوّ: لا يزال مُتَّبِعاً؛ حكاه ابن الأَعرابي، ولم يذكر يعقوب ذلك في الأَشياء التي حصرها كَحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.
وتَلا إذا اتَّبع، فهو تالٍ أَي تابعٌ. ابن الأَعرابي: تَلا اتَّبَع، وتَلا إذا تخلَّف، وتَلا إذا اشْتَرى تِلْواً، وهو وَلد البَغْل.
ويقال لولد البغل تِلْو؛ وقال الأَصمعي في قول ذي الرمة: لَحِقْنا فَراجَعْنا الحُمول، وإنَّما تَتَلَّى دباب الوادِعات المَراجع (* قوله «تتلى دباب إلخ» هو هكذا في الأصل). قال: تَتَلّى تَتَبَّع.
وتِلْوُ الشيء: الذي يَتلُوه.
وهذا تِلْوُ هذا أَي تَبَعُه.
ووَقَع كذا تَلِيَّةَ كذا أَي عَقِبَه.
وناقة مُتْلٍ ومُتْلِية: يَتْلوها وَلدُها أَي يتبعها.
والمُتْلية والمُتْلي: التي تُنْتَج في آخر النتاج لأَنها تبع للمُبَكِّرة، وقيل: المُتْلِية المؤخَّرة للإنتاج، وهو من ذلك.
والمُتْلي: التي يَتْلوها ولدُها، وقد يستعار الإتلاء في الوحش؛ قال الراعي أَنشده سيبويه: لها بحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ، تَرَى الوَحْشَ عُوذَاتٍ به ومَتالِيَا والمَتالي: الأُمَّهات إِذا تلاها الأَولاد، الواحدة مُتْلٍ ومُتْلِية.
وقال البَاهلي: المَتالي الإِبل التي قد نُتج بعضها وبعضها لم ينتج؛ وأَنشد: وكلُّ شَماليٍّ، كأَنَّ رَبابَه مَتالي مهيب، مِنْ بَني السيِّدِ، أَوْرَدا قال: نَعَمُ بَني السيِّدِ سُودٌ، فشبه السحاب بها وشبه صوت الرعد بحَنِين هذه المَتالي؛ ومثله قول أَبي ذؤيب: فَبِتُّ إِخالُه دُهْماً خِلاجَا أَي اخْتُلِجَتْ عنها أَولادُها فهي تَحِنُّ إِليها. ابن جني: وقيل المُتْلِية التي أَثْقَلَتْ فانقلَب رأْسُ جنينها إِلى ناحية الذنب والحَياء، وهذا لا يوافق الاشتقاق.
والتِّلْوُ: ولد الشاة حين يُفطم من أُمّه ويتلوها، والجمع أَتْلاءٌ.
والأُنثى تِلْوَةٌ، وقيل: إِذا خرجت العَناق من حدِّ الإِجْفار فهي تِلوة حتى تتم لها سنة فتُجْذِع، وذلك لأَنها تتبع أُمّها.
والتِّلْوُ: ولدُ الحمار لاتباعه أُمّه. النضر: التِّلْوة من أَولاد المِعْزَى والضأْن التي قد استكرشت وشَدَنَت، الذكرُ تِلْوٌ.
وتِلْو الناقة: ولدها الذي يتلوها.
والتِّلو من الغنم: التي تُنتَج قبل الصَّفَرِيَّة.
وأَتْلاه الله أَطفالاً أَي أَتْبَعَه أَولاداً.
وأَتْلت الناقةُ إِذا تلاها ولدها؛ ومنه قولهم: لا دَرَيْتَ ولا أَتْلَيْتَ، يدعو عليه بأَن لا تُتْلِيَ إِبله أَي لا يكون لها أَولاد؛ عن يونس.
وتَلَّى الرجلُ صلاتَه: أَتْبَعَ المكتوبةَ التطوُّعَ.
ويقال: تَلَّى فلان صلاته المكتوبةَ بالتطوُّع أَي أَتبَعها؛ وقال البَعِيثُ على ظَهْرِ عادِيٍّ، كأَنَّ أُرُومَهُ رجالٌ، يُتَلُّون الصلاةَ، قيامُ وهذا البيت استشهد به على رجل مُتَلٍّ منتصب في الصلاة، وخطَّأَ أَبو منصور من استشهد به هناك وقال: إِنما هو من تَلَّى يُتَلِّي إِذا أَتْبَع الصلاةَ الصلاةَ، قال: ويكون تلا وتلَّى بمعنى تبع. يقال: تَلَّى الفَريضة إِذا أَتبعها النفلَ.
وفي حديث ابن عباس: أَفْتِنا في دابَّة تَرْعى الشجَر وتشربُ الماءَ في كَرِشٍ لم تُثْغَر، قال تلك عندنا الفَطِيمُ والتَّوْلَة والجَذَعَةُ؛ قال الخطابي: هكذا روي، قال: وإِنما هو التِّلْوَةُ. يقال للجَدْي إِذا فُطِم وتَبِع أُمَّه تِلْوٌ، والأُنثى تِلْوةٌ، والأُمّهات حينئذ المَتالي، فتكون هذه الكلمات من هذا الباب لا من باب تول.والتَّوالي: الأَعْجاز لاتّباعها الصدورَ.
وتوالي الخيلِ: مآخيرُها من ذلك، وقيل: تَوالي الفرسِ ذَنَبُهُ ورجْلاه. يقال: إِنه لَخَبيثُ التَّوالي وسريعُ التَّوالي وكله من ذلك.
والعرب تقول: ليسَ هَوادِي الخَيْل كالتَّوالي؛ فهَوادِيها أَعناقها، وتواليها مآخرها.
وتَوالي كلِّ شيء: آخره.
وتالياتُ النجوم: أُخراها.
ويقال: ليس تَوالي الخيلِ كالهَوادِي ولا عُفْرُ الليالي كالدَّآدِي؛ وعفرها: بيضها.
وتَوالي الظُّعُنِ: أَواخرها، وتوالي الإِبل كذلك.
وتوالي النجومِ: أَواخرها.
وتَلَوَّى: ضَرْبٌ من السفن، فَعَوَّلٌ من التُّلُوِّ لأَنه يتبع السفينة العظمى؛ حكاه أَبو علي في التذكرة.
وتَتَلَّى الشيءَ: تَتبَّعَه.
والتُّلاوَةُ والتَّلِيَّة: بقِيَّة الشيء عامّةً، كأَنه يُتَتَبَّع حتى لم يبقَ إِلا أَقلُّه، وخص بعضهم به بقيةَ الدَّيْن والحاجةِ، قال: تَتَلّى بَقَّى بقيةً من دَيْنه.
وتَلِيَتْ عليه تُلاوَةٌ وتَلىً، مقصور: بَقِيت.
وأَتْلَيْتُها عنده: أَبْقَيْتُها.
وأَتْلَيْت عليك من حقي تُلاوةً أَي بَقِيَّةً.
وقد تَتَلَّيْت حقي عنده أَي تركت منه بقية.
وتَتَلَّيت حقي إِذا تتبعتَه حتى استوفيته؛ وقال الأَصمعي: هي التَّلِيَّة.
وقد تَلِيَت لي من حقي تَلِيَّةٌ وتُلاوَةٌ تَتْلى أَي بَقِيَت بَقِيَّة.
وأَتْلَيْت حقّي عنده إِذا أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً.
وفي حديث أَبي حَدْرَد: ما أَصبحتُ أُتلِيها ولا أَقْدِرُ عليها. يقال: أَتْلَيْت حقي عنده أَي أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً.
وأَتْلَيْتُه: أَحَلْته.
وتَلِيَتْ له تَلِيَّة من حقه وتُلاوة أَي بقِيَت له بَقِيَّة.
وتَلِيَ فلان بعد قومه أَي بَقِيَ.
وتَلا إِذا تأَخر.
والتوالي: ما تأَخر.
ويقال: ما زلت أَتلوه حتى أَتْلَيْتُه أَي حتى أَخَّرته؛ وأَنشد: رَكْضَ المَذاكِي، وتَلا الحَوْليُّ أَي تأَخَّر.
وتَليَ من الشهر كذا تَلَّى: بَقِي.
وتلَّى الرجلُ، بالتشديد، إِذا كان بآخر رَمَقٍ.
وتَلَّى أَيضاً: قَضى نَخْبه أَي نَذْرَه؛ عن ابن الأَعرابي.
وتَتَلَّى إِذا جَمَع مالاً كثيراً.
وتَلَوْت القرآن تِلاوةً: قرأْته، وعم به بعضهم كل كلام؛ أَنشد ثعلب: واسْتَمَعُوا قولاً به يُكْوَى النَّطِفْ، يَكادُ من يُتْلى عليه يُجْتأَفْ وقوله عز وجل: فالتَّالِياتِ ذِكْراً؛ قيل: هم الملائكة، وجائز أَن يكونوا الملائكة وغيرهم ممن يتلو ذكر الله تعالى. الليث: تَلا يَتْلو تِلاوَة يعني قرأَ قراءة.
وقوله تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه حقّ تِلاوَتِه؛ معناه يَتّبعونه حقّ اتّباعه ويعملون به حق عمله.
وقوله عز وجل: واتَّبَعوا ما تَتْلو الشياطينُ على مُلْك سُلَيمان؛ قال عطاء: على ما تُحَدِّثُ وتَقُصُّ، وقيل: ما تتكلم به كقولك فلان يتلو كتاب الله أَي يقرؤه ويتكلم به. قال: وقرأَ بعضهم ما تُتَلِّي الشياطين (* قوله «ما تتلي الشياطين» هو هكذا بهذا الضبط في الأصل).
وفلان يَتْلو فلاناً أَي يحكيه ويَتْبَع فعله.
وهو يُتْلي بَقِيَّة حاجته أَي يَقْتَضِيها وَيَتَعهَّدها.
وفي الحديث في عذاب القبر: إِن المنافق إِذا وضع في قبره سئل عن محمد، صلى الله عليه وسلم، وما جاء به فيقول لا أدْرِي، فيقال لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ولا اهْتَدَىْتَ؛ قيل في معنى قوله ولا تَلَيْتَ: ولا تَلَوْتَ أَي لا قرأْتَ ولا دَرَسْت، من تَلا يَتْلو، فقالوا تَلَىتَ بالياء ليُعاقَبَ بها الياءُ في دَرَيْتَ، كما قالوا: إِني لآتِيهِ بالغَدَايا والعَشايا، وتجمع الغداة غَدَوات، فقيل: الغَدايا من أَجل العَشايا ليزدوج الكلام؛ قال: وكان يونس يقول إِنما هو ولا أَتْلَيْتَ في كلام العرب، معناه أَن لا تُتْليَ إِبلُه أي لا يكون لها أَولاد تتلوها؛ وقال غيره: إِنما هو لا دَرَيْتَ ولا اتَّلَيْتَ على افْتَعلت من أَلَوْتَ أَي أَطقت واستطعت، فكأَنه قال لا دَرَيْت ولا استطعت؛ قال ابن الأَثير: والمحدِّثون يروون هذا الحديث ولا تَلَيْتَ، والصواب ولا ائْتَلَيْتَ، وقيل: معناه لا قرأْت أَي لا تَلَوْتَ فقلبوا الواو ياء ليزدوج الكلام مع دَرَيْتَ.
والتَّلاءُ: الذِّمَّة.
وأَتْلَيْتُه: أَعطيته التَّلاءَ أَي أَعطيته الذِّمَّةَ.
وأَتْلَيْتُه ذمّة أَي أَعطيته إِياها.
والتَّلاءُ: الجِوارُ.
والتَّلاءُ: السهم يَكْتُبُ عليه المُتْلي اسمَه ويعطيه للرجل، فإِذا صار إِلى قبيلة أََراهم ذلك السهم وجاز فلم يُؤْذَ.
وأَتْلَيْتُه سهماً: أَعطيتُه إِياه ليَسْتَجِيزَ به؛ وكل ذلك فسر به ثعلب قول زهير: جِوارٌ شاهدٌ عدلٌ عَليكم، وسِيَّانِ الكَفَالةُ والتَّلاءُ وقال ابن الأَنباري: التَّلاءُ الضَّمان. يقال: أَتْلَيْتُ فلاناً إِذا أَعطيتَه شيئاً يأْمَنُ به مثل سَهْمٍ أَو نَعْلٍ.
ويقال: تَلَوْا وأَتْلَوْا إِذا أَعطَوْا ذمَّتهم؛ قال الفرزدق: يَعُدّون للجار التَّلاءَ، إِذا تَلَوْا، على أَيِّ أَفْتار البَرية يَمَّما وإِنه لَتَلُوُّ المِقْدار أَي رَفِيعه.
والتَّلاءُ: الحَوالة.
وقد أَتْلَيْت فلاناً على فلان أَي أَحْلْته عليه؛ وأَنشد الباهلي هذا البيت:إِذا خُضْر الأَصمِّ رميت فيها بمُسْتَتْلٍ على الأَدْنَيْن باغِ أَراد بخُضْر الأَصم دَآدِيَ لَيالي شهر رجب، والمُسْتَتْلي: من التُّلاوة وهو الحَوالة أَي أَن يَجْنِيَ عليك ويُحيل عليك فتُؤخذ بجنايته، والباغي: هو الخادم الجاني على الأَدْنَينَ من قرابته.
وأَتْلَيْته أَي أَحلته من الحوالة.

حبط (لسان العرب) [0]


الحَبَط مثل العَرَبِ: من آثارِ الجُرْحِ.
وقد حَبِطَ حَبَطاً وأَحْبَطَه الضرْبُ. الجوهري: يقال حَبِط الجرحُ حَبَطاً، بالتحريك، أَي عَرِب ونُكس. ابن سيده: والحَبَطُ وجع يأْخذ البعير في بطْنه من كَلإٍ يَسْتَوْبِلُه، وقد حَبِطَ حَبَطاً، فهو حَبِطٌ، وإِبِل حَباطَى وحَبَطةٌ، وحَبِطَت الإِبلُ تَحْبَطُ. قال الجوهري: الحَبَطُ أَن تأْكل الماشية فتُكْثِرَ حتى تَنْتَفِخَ لذلك بطونُها ولا يخرج عنها ما فيها.
وحَبِطتِ الشاة، بالكسر، حَبَطاً: انتفخ بطنها عن أَكل الذُّرَقِ، وهو الحَنْدَقُوقُ. الأَزهري: حَبِطَ بطنُه إِذا انتفخ يحبَطُ حَبَطاً، فهو حَبِطٌ.
وفي الحديث: وإِنَّ ممّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ، وذلك الدَّاء الحُباطُ، قال: ورواه بعضهم بالخاء المعجمة من التَّخَبُّطِ، وهو الاضْطِرابُ. . . . أكمل المادة قال الأَزهريّ: وأَما قول النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: وإِنَّ مما يُنبِت الربيعُ ما يقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلمّ، فإِن أَبا عبيد فسر الحَبَطَ وترك من تفسير هذا الحديث أَشياء لا يَستغْني أَهلُ العلمِ عن مَعْرِفتها، فذكرت الحديث على وجهه لأُفَسِّر منه كلَّ ما يحتاجُ من تفسيره، فقال وذَكره سنده إِلى أَبي سعيد الخدري انه قال: جلس رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، على المِنْبر وجَلسنا حولَه فقال: إِني أَخاف عليكم بَعْدِي ما يُفْتَحُ عليكم من زَهرةِ الدنيا وزِينتِها، قال: فقال رجل أَوَيَأْتي الخيرُ بالشرّ يا رسول اللّه؟ قال: فسكت عنه رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، ورأَيْنا أَنه يُنْزَلُ عليه فأَفاقَ يَمْسَحُ عنه الرُّحضاء وقال: أَين هذا السائلُ؟ وكأَنه حَمِدَه؛ فقال: إِنه لا يأْتي الخيرُ بالشرّ، وإِنَّ مما يُنبِت الربيعُ ما يَقتل حبَطاً أَو يُلمّ إِلاّ آكِلةَ الخَضِر، فإِنها أَكلت حتى إِذا امتلأَت خاصرتاها استَقْبَلَتْ عينَ الشمسِ فثَلَطَتْ وبالَتْ ثم رتَعَتْ، وإِن هذا المال خَضِرةٌ حُلوةٌ، ونِعْم صاحبُ المُسْلمِ هو لمن أَعْطى المِسْكينَ واليتيمَ وابنَ السبيلِ؛ أَو كما قال رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم: وإِنه مَن يأْخذه بغير حقه فهو كالآكل الذي لا يشبع ويكون عليه شهيداً يوم القيامة. قال الأَزهري: وإِنما تَقَصَّيْتُ رواية هذا الخبر لأَنه إِذا بُتِرَ اسْتَغْلَقَ معناه، وفيه مثلان: ضرَب أَحدَهما للمُفْرِط في جمع الدنيا مع مَنْعِ ما جمَع من حقّه، والمثل الآخر ضربه للمُقْتَصِد في جمْعِ المال وبذْلِه في حقِّه، فأَما قوله: صلّى اللّه عليه وسلّم: وإِنَّ مما يُنبت الربيعُ ما يقتل حبَطاً، فهو مثل الحَرِيصِ والمُفْرِط في الجمْع والمنْع، وذلك أَن الربيع يُنبت أَحْرار العشب التي تَحْلَوْلِيها الماشيةُ فتستكثر منها حتى تَنْتَفِخَ بطونها وتَهْلِكَ، كذلك الذي يجمع الدنيا ويَحْرِصُ عليها ويَشِحُّ على ما جمَع حتى يمنَعَ ذا الحقِّ حقَّه منها يَهْلِكُ في الآخرة بدخول النار واسْتِيجابِ العذابِ، وأَما مثل المُقْتَصِد المحمود فقوله، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِلاَّ آكِلةَ الخَضِر فإِنها أَكلت حتى إِذا امتلأَتْ خَواصِرُها استقبلت عينَ الشمسِ فثَلَطَتْ وبالَتْ ثم رتعت، وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحْرارِ البقول التي تستكثر منها الماشية فتُهْلِكه أَكلاً، ولكنه من الجَنْبةِ التي تَرْعاها بعد هَيْجِ العُشْبِ ويُبْسِه، قال: وأَكثر ما رأَيت العرب يجعلون الخَضِرَ ما كان أَخْضَرَ من الحَلِيِّ الذي لم يصفَرّ والماشيةُ تَرْتَعُ منه شيئاً شيئاً ولا تستكثر منه فلا تحبَطُ بطونُها عنه؛ قال: وقد ذكره طرَفةُ فبين أَنه من نبات الصيف في قوله: كَبَناتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا أَنْبَتَ الصيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ فالخَضِرُ من كَلإِ الصيفِ في القَيْظِ وليس من أَحرارِ بُقولِ الرَّبيع، والنَّعَمُ لا تَسْتَوْبِلُه ولا تَحْبَطُ بطونُها عنه، قال: وبناتُ مَخْرٍ أَيضاً وهي سحائبُ يأْتِينَ قُبُلَ الصيف، قال: وأَما الخُضارةُ فهي من البُقول الشَّتْوِيّة وليست من الجَنْبة، فضرب النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، آكِلةَ الخَضِرِ مثلاً لمن يَقْتَصِد في أَخذ الدنيا وجمْعِها ولا يُسْرِفُ في قَمِّها (* قوله «قمها» أي جمعها كما بهامش الأصل.) والحِرص عليها، وأَنه ينجو من وَبالِها كما نَجَتْ آكلةُ الخَضِر، أَلا تراه قال: فإِنها إِذا أَصابت من الخَضِر استقبلت عين الشمس فثَلطت وبالت؟ وإِذا ثلطت فقد ذهب حبَطُها، وإِنما تَحْبَطُ الماشيةُ إِذا لم تَثْلِطْ ولم تَبُلْ وأْتُطِمَت عليها بطونها، وقوله إِلا آكلة الخضر معناه لكنَّ آكلة الخضر.
وأَما قول النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: إِن هذا المال خَضِرةٌ حُلْوة، ههنا الناعمة الغَضّةُ، وحَثَّ على إِعطاء المِسكين واليتيم منه مع حَلاوتِه ورَغْبةِ الناس فيه، ليَقِيَه اللّهُ تبارك وتعالى وبالَ نَعْمَتِها في دنياه وآخرته.
والحَبطُ: أَن تأْكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها ولا يخرج عنها ما فيها. ابن سيده: والحَبطُ في الضَّرْعِ أَهْونُ الورَمِ، وقيل: الحَبطُ الانْتِفاخُ أَين كان من داء أَو غيره.
وحَبِطَ جِلدُه: وَرِمَ.
ويقال: فرس حَبِطُ القُصَيْرَى إِذا كان مُنْتَفِخَ الخاصرتين؛ ومنه قول الجعدي: فَلِيق النَّسا حَبِيط المَوْقِفَيْـ ـنِ، يَسْتَنُّ كالصَّدَعِ الأَشْعَبِ قال: ولا يقولون حَبِط الفرسُ حتى يُضِيفُوه إِلى القُصَيْرَى أَو إِلى الخاصِرةِ أَو إِلى المَوْقِفِ لأَن حبَطَه انتفاخُ بطنِه.
واحْبَنْطَأَ الرجلُ: انتفخ بطنه.
والحَبَنْطَأُ، يهمز ولا يهمز: الغَلِيظ القَصِير البطِينُ. قال أَبو زيد: المُحْبَنْطِئ، مهموز وغير مهموز، الممْتَلئ غضَباً، والنون والهمزة والأَلف والباء زَوائدُ للإلحاق، وقيل: الأَلف للإلحاق بسفرجل.
ورجل حَبَنْطىً، بالتنوين، وحَبَنْطاةٌ ومُحْبَنْطٍ، وقد احْبَنْطَيْتَ، فإِن حَقَّرْتَ فأَنت بالخيار إِن شئت حذفت النون وأَبدلت من الأَلف ياء وقلت حُبَيْطٍ، بكسر الطاء منوناً لأَن الأَلف ليست للتأْنيث فيفتح ما قبلها كما نفتح في تصغير حُبْلى وبُشْرى، وإِن بقَّيت النون وحذفت الأَلف قلت حُبَيْنِطٌ، وكذلك كل اسم فيه زيادتان للإلحاق فاحذف أَيَّتَهما شئت، وإِن شئتَ أَيضاً عوَّضْتَ من المحذوف في الموضعين، وإِن شئتَ لم تُعَوِّضْ، فإِن عوَّضت في الأَوّل قلت حُبَيِّطٍ، بتشديد الياء والطاء مكسورة، وقلت في الثاني حُبَيْنِيطٌ، وكذلك القول في عَفَرْنى.
وامرأَة حَبَنْطاةٌ: قصيرة دَمِيمةٌ عَظيمةُ البطْنِ.
والحَبَنْطى: المُمْتلئ غضَباً أَو بطنة.
وحكى اللحياني عن الكسائي: رجل حَبَنْطىً، مقصور، وحِبَنْطىً، مكسور مقصور، وحَبَنْطأٌ وحَبَنْطَأَةٌ أَي مُمْتلئ غيظاً أَو بِطنة؛ وأَنشد ابن بري للراجز: إِني إِذا أَنْشَدْتُ لا أَحْبَنْطِي، ولا أُحِبُّ كَثْرةَ التَّمَطِّي قال وقال في المهموز: ما لك تَرْمِي بالخَنى إِلينا، مُحْبَنْطِئاً مُنْتَقِماً علينا؟ وقد ترجم الجوهري على حَبْطَأَ. قال ابن بري: وصوابه أَن يذكر في ترجمة حبط لأَن الهمزة زائدة ليست بأَصلية، وقد احْبَنْطَأْت واحْبَنْطَيْت، وكل ذلك من الحبَطِ الذي هو الورَمُ، ولذلك حكم على نونه وهمزته أَو يائه أَنهما مُلْحِقتان له ببناء سَفَرْجل.
والمُحْبَنْطِئُ: اللاَّزِقُ بالأَرض.
وفي الحديث: إِن السِّقط ليَظَلُّ مُحْبَنْطِياً على باب الجنة، فسروه مُتَغَضِّباً، وقيل: المُحْبَنْطِي المُتغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشيء، وبالهمز العظيم البطن، قال ابن الأَثير: المُحْبَنْطِئُ، بالهمز وتركه، المُتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشيء، وقيل: هو الممتنِعُ امتِناعَ طلَبٍ لا امتناع إِباء. يقال: احبنطأْت واحْبَنْطَيْت، والنون والهمزة والأَلف والياء زوائد للإلحاق.
وحكى ابن بري المُحْبَنطِي، بغير همز، المتغضِّبُ، وبالهمز المنتفخ.
وحَبِطَ حبْطاً وحُبوطاً: عَمِلَ عَملاً ثم أَفْسَدَه، واللّه أَحْبَطه.
وفي التنزيل: فأَحْبَطَ أَعمالَهم. الأَزهري: إِذا عمل الرجل عملاً ثم أَفْسَدَه قيل حَبِطَ عَمَلُه، وأَحْبَطَه صاحبُه، وأَحْبَطَ اللّه أَعمالَ من يُشْرِكُ به.
وقال ابن السكيت: يقال حَبِطَ عملُه يَحْبَطُ حبْطاً وحُبُوطاً، فهو حَبْطٌ، بسكون الباء، وقال الجوهري: بطل ثوابه وأَحبطه اللّه.
وروى الأَزهري عن أَبي زيد أَنه حكى عن أَعرابي قرأَ: فقد حبَط عملُه، بفتح الباء، وقال: يَحْبِطُ حُبوطاً، قال الأَزهري، ولم أَسمع هذا لغيره، والقراءة: فقد حَبِط عملُه.
وفي الحديث: أَحْبَط اللّه عمله أَي أَبْطَلَه، قال ابن الأَثير: وأَحْبَطه غيرُه، قال: وهو من قولهم حَبِطَت الدابةُ حَبطاً، بالتحريك، إِذا أَصابت مَرْعىً طيِّباً فأَفرطت في الأَكل حتى تنتفخ فتموت.
والحَبَطُ والحَبِطُ: الحرث بن مازِنِ بن مالك بن عمرو بن تَميم، سمي بذلك لأَنه كان في سفر فأَصابه مثل الحَبَط الذي يصيبُ الماشية فنَسَبُوا إليه، وقيل: إِنما سمي بذلك لأَن بطنه وَرِمَ من شيء أَكله، والحَبِطاتُ والحَبَطاتُ: أَبناؤه على جهة النسَب، والنِّسْبة إِليهم حُبَطِيٌّ، وهم من تميم، والقياس الكسر؛ وقيل: الحَبِطاتُ الحرثُ بن عمرو بن تَميم والعَنْبَرُ بن عمرو والقُلَيْبُ بن عمرو ومازِنُ بن مالك بن عمرو.
وقال ابن الأَعرابي: ولقي دَغْفَلٌ رجلاً فقال له: ممن أَنت؟ قال: من بني عمرو بن تميم، قال: إِنما عمرو عُقابٌ جاثِمةٌ، فالحبطات عُنُقُها، والقُلَيْبُ رأْسها، وأُسَيِّدٌ والهُجَيْمُ جَناحاها، والعَنْبَرُ جِثْوتُها وجَثوتُها، ومازنٌ مِخْلَبُها، وكَعْب ذنبها، يعني بالجثوة بدنها ورأَْسها. الأَزهري: الليث الحَبِطاتُ حيّ من بني تميم منهم المِسْوَرُ بن عباد الحَبَطِيُّ، يقال: فلان الحبطي، قال: وإِذا نسبوا إِلى الحَبِطِ قالوا حَبَطِيٌّ، وإِلى سَلِمةَ سَلَمِيّ، وإِلى شَقِرةَ شَقَرِيٌّ، وذلك أَنهم كرهوا كثرة الكسرات ففتحوا؛ قال الأَزهري: ولا أَرى حَبْط العَمل وبُطْلانه مأْخوذاً إِلا من حبَط البطن لأَن صاحب البطن يَهْلِكُ، وكذلك عملُ المنافق يَحْبَطُ، غير أَنهم سكنوا الباء من قولهم حَبِطَ عمله يَحْبَطُ حبْطاً، وحركوها من حَبِطَ بطنه يَحْبَطُ حَبَطاً، كذلك أُثبت لنا؛ عن ابن السكيت وغيره.
ويقال: حَبِطَ دم القتيل يَحْبَطُ حَبْطاً إِذا هُدِرَ.
وحَبِطَتِ البئر حبْطاً إِذا ذهب ماؤُها.
وقال أَبو عمرو: الإِحْباطُ أَن تُذْهِب ماء الرّكيّة فلا يعود كما كان.

خلع (لسان العرب) [0]


خَلَعَ الشيءَ يَخْلَعُه خَلْعاً واختَلَعه: كنَزَعه إِلا أَنَّ في الخَلْعِ مُهْلة، وسَوَّى بعضهم بين الخَلْع والنَّزْعِ.
وخلَعَ النعلَ والثوبَ والرِّداءَ يَخْلَعُه خَلْعاً: جَرَّده.
والخِلْعةُ من الثياب: ما خَلَعْتَه فَطَرَحْتَه على آخر أَو لم تَطْرَحْه.
وكلُّ ثوب تَخْلَعُه عنك خِلْعةٌ؛ وخَلَع عليه خِلْعةً.
وفي حديث كعب: إِنَّ من تَوْبَتي أَن أَنْخَلِعَ من مالي صَدَقةً أَي أَخرُجَ منه جميعه وأَتَصَدَّقَ به وأُعَرَّى منه كما يُعَرَّى الإِنسانُ إِذا خلعَ ثوبه.
وخلَع قائدَه خَلْعاً: أَذالَه.
وخلَع الرِّبقةَ عن عُنُقه: نقَض عَهْدَه.
وتَخالَع القومُ: نقَضُوا الحِلْفَ والعَهْدَ بينهم.
وفي الحديث: من خَلَعَ يداً من طاعة لَقِيَ اللهَ لا حُجّة له أَي من خرج من طاعةِ سُلْطانِه وعَدا عليه بالشرّ؛ قال ابن . . . أكمل المادة الأَثير: هو من خَلَعْتُ الثوب إِذا أَلْقَيْتَه عنك، شبَّه الطاعة واشتمالَها على الإِنسان به وخصّ اليد لأَن المُعاهَدة والمُعاقَدةَ بها.
وخلَع دابته يَخْلَعُها خَلْعاً وخَلَّعها: أَطْلَقها من قَيْدها، وكذلك خَلَع قَيْدَه؛ قال: وكلُّ أُناسٍ قارَبوا قيْدَ فَحْلِهم، ونحنُ خَلَعْنا قيْدَه، فهو سارِبُ وخلَع عِذاره: أَلْقاه عن نفسه فعَدا بشَرّ، وهو على المَثل بذلك.
وخلع امرأَته خُلْعاً، بالضم، وخِلاعاً فاختلَعَت وخالَعَتْه: أَزالَها عن نفسه وطلقها على بَذْل منها له، فهي خالعٌ، والاسم الخُلْعةُ، وقد تَخالعا، واخْتَلَعَت منه اخْتِلاعاً فهي مخْتلِعةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: مُولَعاتٌ بِهاتِ هاتِ، فإِن شفْـ ـفَر مالٌ أَرَدْنَ مِنْكَ الخِلاعا شَفَّر مالٌ: قلَّ. قال أَبو منصور: خَلَع امرأَتَه وخالَعها إِذا افْتَدَت منه بمالها فطلَّقها وأَبانها من نفسه، وسمي ذلك الفِراق خُلْعاً لأَن الله تعالى جعل النساء لباساً للرجال، والرجالَ لباساً لهنَّ، فقال: هنَّ لِباسٌ لكم وأَنتم لباس لهن؛ وهي ضجِيعهُ وضَجيعتهُ فإِذا افتدت المرأَة بمال تعطيه لزوجها ليُبِينَها منه فأَجابها إِلى ذلك، فقد بانت منه وخلَع كل واحد منهما لباسَ صاحبه، والاسم من كل ذلك الخُلْعُ، والمصدر الخَلْع، فهذا معنى الخُلع عند الفقهاء.
وفي الحديث: المُخْتَلِعاتُ هن المُنافِقاتُ يعني اللاَّتي يَطْلُبْنَ الخُلْع والطلاق من أَزْواجِهن بغير عُذْر؛ قال ابن الأَثير: وفائدة الخُلْع إِبْطال الرَّجْعة إِلا بعقد جديد، وفيه عند الشافعي خلاف هل هو فَسْخٌ أَو طَلاق، وقد يسمى الخُلع طلاقاً.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ امرأَة نَشَزَت على زوجها فقال له عمر: اخْلَعْها أَي طَلِّقْها واتْرُكْها.
والخَوْلَعُ: المُقامِرُ المَجْدُودُ الذي يُقْمِرُأَبداً.
والمُخالِعُ: المُقامِرُ؛ قال الخراز بن عمرو يخاطِبُ امرأَته: إِنَّ الرَّزِيّةَ ما أُلاكِ، إِذا هَرَّ المُخالِعُ أَقْدُحَ اليَسَرِ (* قوله: ما أُلاك، هكذا في الأصل.) فهو المُقامِرُ لأَنه يُقْمَرُ خُلْعَته.
وقوله هَرَّ أَي كَره.
والمَخْلُوع: المَقْمُورُ مالَه؛ قال الشاعر يصف جملاً: يعُزُّ على الطَّرِيق بِمَنْكِبَيْه، كما ابْتَرَكَ الخَلِيعُ على القِداحِ يقول: يَغْلِب هذا الجَملُ الإِبلَ على لُزُوم الطريق، فشبَّه حِرْصَه على لزُوم الطريق وإِلحاحَه على السيْر بحِرْص هذا الخَلِيع على الضَّرْب بالقِداح لعله يَسْتَرْجِع بعض ما ذهب من ماله.
والخَلِيعُ: المَخْلُوعُ المَقْمُورُ مالَه.
وخلَعَه: أَزالَه.
ورجل خَلِيعٌ: مَخْلُوع عن نفسه، وقيل: هو المَخْلوع من كل شيء، والجمع خُلْعاء كما قالوا قَبيل وقُبَلاء.
وغُلام خَلِيعٌ بيِّنُ الخَلاعةِ، بالفتح: وهو الذي قد خلَعه أَهلُه، فإِن جنى لم يُطالَبُوا بجِنايته.
والخَوْلَعُ: الغلام الكثيرُ الجِناياتِ مثل الخَليع.
والخَليعُ: الرجل يَجْني الجِناياتِ يُؤْخذ بها أَولياؤُه فيتبرَّؤُون منه ومن جنايته ويقولون: إِنّا خلَعْنا فلاناً فلا نأْخذ أَحداً بجناية تُجْنى عليه، ولا نؤَاخَذ بجناياته التي يَجْنيها، وكان يسمى في الجاهلية الخَلِيعَ.
وفي حديث عثمان: أَنه كان إِذا أُتِيَ بالرجل قد تخلَّع في الشراب المُسْكِر جلده ثمانين؛ هو الذي انهمك في الشراب ولازَمه ليلاً ونهاراً كأَنه خلَع رَسَنَه وأَعطى نفْسه هَواها.
وفي حديث ابن الصَّبْغاء: وكان رجل منهم خَلِيعٌ أَي مُسْتَهْتَرٌ بالشرب واللهو، هو من الخَلِيع الشاطِر الخَبيث الذي خَلَعَتْه عشيرته وتَبرَّؤُوا منه.
ويقال: خُلِعَ من الدِّين والحياء، وقومٌ خُلَعاءُ بَيِّنُو الخَلاعةِ.
وفي الحديث: وقد كانت هذيل خلَعوا خَلِيعاً لهم في الجاهلية؛ قال ابن الأَثير: كانوا يتعاهَدون ويتعاقَدون على النُّصْرة والإِعانة وأَن يُؤْخذ كل واحد منهم بالآخر، فإِذا أَرادوا أَن يَتَبرَّؤُوا من إِنسان قد حالَفوه أَظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفِعْل خُلْعاً، والمُتَبَرَّأَ منه خَليعاً أَي مَخْلوعاً فلا يُؤْخَذون بجنايته ولا يُؤْخَذُ بجنايتهم، فكأَنهم خَلَعوا اليمين التي كانوا لَبِسوها معه، وسمَّوْه خُلْعاً وخَلِيعاً مَجازاً واتِّساعاً، وبه يسمى الإِمام والأَميرُ إِذا عُزِلَ خَليعاً، لأَنه قد لَبِسَ الخِلافة والإِمارة ثم خُلِعَها؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله عنه، قال له: إِن اللهَ سَيُقَمِّصُكَ قَمِيصاً وإِنك تُلاصُ على خَلْعِه؛ أَراد الخلافةَ وتَرْكَها والخُروجَ منها.
وخَلُع خَلاعةً فهو خَليعٌ: تَبَاعَدَ.
والخَلِيعُ: الشاطِرُ وهو منه، والأُنثى بالهاء.
ويقال للشاطِر: خَلِيعٌ لأَنه خلَع رَسَنَه.
والخَلِيعُ: الصَّيادُ لانفراده.
والخَليعُ: الذِّئب.
والخَلِيعُ: الغُول.
والخَلِيعُ: المُلازِمُ للقِمار.
والخَلِيعُ: القِدْح الفائزُ أَوّلاً، وقيل: هو الذي لا يَفُوزُ أَوَّلاً؛ عن كراع، وجمعه خِلْعة.
والخُلاعُ والخَيْلَعُ والخَوْلَعُ: كالخَبَلِ والجنون يُصِيب الإِنسان، وقيل: هو فَزَع يَبْقى في الفُؤَاد يكاد يَعْتَرِي منه الوَسْواسُ، وقيل: الضعْفُ والفزَعُ؛ قال جرير: لا يُعْجِبَنَّكَ أَن تَرَى بمُجاشِع جَلَدَ الرِّجالِ، وفي الفُؤَادِ الخَوْلَعُ والخَوْلَعُ: الأَحْمَقُ.
ورجل مَخْلوعُ الفُؤَاد إِذا كان فَزِعاً.
وفي الحديث: من شَرِّ ما أُعْطِيَ الرجلُ شُحٌّ هالِعٌ وجُبْنٌ خالعٌ أَي شديد كأَنه يَخْلَعُ فؤادَه من شدَّة خَوْفه؛ قال ابن الأَثير: وهو مجاز في الخَلْعِ والمراد به ما يَعْرِضُ من نَوازِع الأَفكار وضَعْفِ القلب عند الخَوْف.
والخَوْلَعُ: داءٌ يأْخذ الفِصال.
والمُخَلَّع: الذي كأَنَّ به هَبْتةً أَو مَسًّا.
وفي التهذيب: المُخَلَّع من الناس، فَخصَّص.
ورجل مُخَلَّعٌ وخَيْلَعٌ: ضَعِيف، وفيه خُلْعةٌ أَي ضَعْفٌ.
والمُخَلَّعُ من الشِّعر: مَفْعولن في الضرب السادس من البَسيط مُشتَقٌّ منه، سمي بذلك لأَنه خُلِعَتْ أَوْتاده في ضَرْبه وعَرُوضه، لأَن أَصله مستفعلن مستفعلن في العروض والضرب، فقد حُذف منه جُزْآن لأَنَّ أَصله ثمانية، وفي الجُزْأَين وتِدانِ وقد حذفت من مستفعلن نونه فَقُطِعَ هذان الوتدانِ فذهب من البيت وتدان، فكأَنَّ البيتَ خُلِّعَ إِلا أَن اسم التخليع لَحِقَه بقطع نون مستفعلن، لأَنهما من البيت كاليدين، فكأَنهما يدان خُلِعتا منه، ولما نقل مستفعلن بالقطع إِلى مفعولن بقي وزنه مثل قوله: ما هَيَّجَ الشَّوْقَ من أَطْلالٍ أَضْحَتْ قِفاراً، كَوَحْيِ الواحِي فسمي هذا الوزن مخلعاً؛ والبيت الذي أَورده الأَزهري في هذا الموضع هو بيت الأَسود: ماذا وُقوفي على رَسْمٍ عَفا، مُخْلَوْلِقٍ دارِسٍ مُسْتَعْجِم وقال: المُخَلَّع من العَرُوض ضرب من البسيط وأَورده.
ويقال: أَصابه في بعض أَعْضائه بَيْنُونة، وهو زوالُ المَفاصل من غير بَيْنُونة.
والتخلُّع: التفكُّك في المِشْيةِ، وتخلَّع في مَشْيه: هَزَّ مَنْكِبَيْه ويديه وأَشار بهما.
ورجل مُخَلَّع الأَلْيَتَيْنِ إِذا كان مُنْفكَّهما.
والخَلْعُ والخَلَع: زوال المَفْصِل من اليَد أَو الرِّجل من غير بَيْنونة.
وخَلَعَ أَوصالَه: أَزالها.
وثوب خَلِيعٌ: خلَقٌ.
والخالع: داء يأْخُذ في عُرْقوب الناقةِ.
وبعير خالِعٌ: لا يَقدِر أَن يَثُورَ إِذا جلَس الرجل على غُرابِ وَرِكه، وقيل: إِنما ذلك لانْخِلاع عَصَبةِ عُرْقوبه.
ويقال: خُلِعَ الشيخ إِذا أَصابه الخالعُ، وهو التواءُ العُرْقوب؛ قال الراجز: وجُرَّةٍ تَنْشُصُها فَتَنْتَشِصْ من خالِعٍ يُدْرِكُه فَتَهْتَبِصْ الجُرَّة: خَشبة يُثَقَّل بها حِبالة الصائد فإِذا نَشِب فيها الصَّيْد أَثْقَلَتْه.
وخَلَعَ الزرْعُ خَلاعةً: أَسْفَى. يقال: خَلَعَ الزرْعُ يَخْلَعُ خَلاعةً إِذا أَسْفَى السُّنْبُل، فهو خالِعٌ.
وأَخْلَعَ: صار فيه الحَبّ.
وبُسْرة خالِعٌ وخالِعةٌ: نَضِيجةٌ، وقيل: الخالع بغير هاء البُسْرة إِذا نَضِجَتْ كلُّها.
والخالِعُ من الرُّطب؛ المُنْسَبِتُ.
وخلَعَ الشِّيحُ خَلْعاً: أَوْرَقَ، وكذلك العِضاه.
وخَلَع: سقَط ورَقُه، وقيل: الخالِعُ من العِضاه الذي لا يسقُط ورقه أَبداً.
والخالِعُ من الشجر: الهَشِيم السَّاقِطُ.
وخلَع الشجرُ إِذا أَنبَت ورقاً طريّاً.
والخَلْعُ: القَدِيدُ المَشْوِيُّ، وقيل: القَديدُ يُشْوَى واللحم يُطْبَخُ ويجعل في وِعاءٍ بإِهالَتِه.
والخَلْعُ: لحم يُطْبَخُ بالتَّوابل، وقيل: يُؤخذ من العِظام ويُطبخ ويُبَزَّر ثم يجعل في القَرْف،وهو وِعاءٌ من جِلْد، ويُتَزَوَّدُ به في الأَسفار.
والخَوْلَعُ: الهَبِيدُ حين يُهْبَد حتى يخرج سَمْنه ثم يُصَفَّى فيُنَحَّى ويجعل عليه رَضِيضُ التمْرِ المَنْزُوع النَّوَى والدَّقِيقُ، ويُساط حتى يَخْتَلِط ثم يُنْزل فيُوضع فإِذا بَرَد أُعِيد عليه سَمنه.
والخَوْلَعُ: الحَنظل المَدْقُوق والمَلْتُوت بما يُطَيِّبه ثم يُؤْكل وهو المُبَسَّل.
والخَوْلَعُ: اللحم يُغْلَى بالخلّ ثم يُحْمَلُ في الأَسْفار.
والخَوْلَعُ: الذِّئب.
وتَخَلَّع القوم: تَسَلَّلوا وذهبوا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: ودَعا بني خلَفٍ، فباتُوا حوْلَهُ، يَتَخَلَّعُونَ تَخَلُّعَ الأَجْمالِ والخالِع: الجَدْي.
والخَلِيعُ والخَلْيَعُ: الغُول.
والخَلِيعُ: اسم رجل من العرب.
والخُلَعاءُ: بطن من بني عامر.
والخَيْلَعُ من الثياب والذِّئاب: لغة في الخَيْعَل.
والخَيْلَعُ: الزَّيت؛ عن كراع.
والخَيْلَعُ: القُبَّةُ من الأَدم، وقيل: الخَيْلَعُ الأَدم عامّة؛ قال رؤبة: نفْضاً كنفْضِ الريحِ تُلْقِي الخَيْلَعا وقال رجل من كلب: ما زِلْتُ أَضْرِبُه وأَدْعو مالِكاً، حتى تَرَكْتُ ثِيابَه كالخَيْلَعِ والخَلَعْلَعُ: من أَسماء الضِّباع؛ عنه أَيضاً.
والخُلْعةُ: خِيار المال؛ وينشد بيت جرير: مَنْ شاءَ بايَعْتُه مالي وخُلْعَتَهُ، ما تَكْمُل التَّيْمُ في ديوانِهِم سَطَرا وخُلْعة المالِ وخِلْعَتُه: خِيارُه. قال أَبو سعيد: وسمي خِيارُ المال خُلْعة وخِلْعة لأَنه يَخْلَع قلب الناظر إِليه؛ أَنشد الزجاج: وكانت خُِلْعةً دُهْساً صَفايا، يَصُورُ عُنوقَها أَحْوَى زَنِيمُ يعني المِعْزى أَنها كانت خِياراً.
وخُلْعةُ ماله: مُخْرَتُه.
وخُلِعَ الوالي أَي عُزِلَ.
وخَلَع الغُلامُ: كَبُرَ زُبُّه. أَبو عمرو: الخَيْعَلُ قَمِيصٌ لا كُمَّيْ له (* قال الهُوريني في تعليقه على القاموس: قوله لا كُمَّي له، قال الصاغاني: وإِنما أُسقطت النون من كُمَّين للاضافة لأن اللام كالمُقحمة لا يُعتدّ بها في مثل هذا الموضع.). قال الأَزهري: وقد يُقلب فيقال خَيْلَع.
وفي نوادر الأَعراب: اختلَعوا فلاناً: أَخذوا ماله.

روق (لسان العرب) [0]


الرَّوْق: القَرْن من كلّ ذي قَرن، والجمع أَرْواق؛ ومنه شعر عامر بن فُهيرة: كالثَّور يَحْمِي أَنْفَه برَوْقِه وفي حديث علي، عليه السلام، قال: تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمنَّاني لتَقْتُلَنِي، فلا وربِّك، ما بَرُّوا ولا ظَفِروا فإِن هَلَكْتُ، فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لهمُ بذات رَوْقَيْنِ، لا يَعْفُو لها أَثرُ الرَّوْقانِ: تثنية الرَّوْقِ وهو القَرْنُ، وأَراد بها ههنا الحَربَ الشديدةَ، وقيل الدّاهية، ويروى بذات وَدْقَينِ وهي الحرب الشديدة أَيضاً.
ورَوْقُ الإِنسان: هَمُّه ونَفْسه، إِذا أَلقاه على الشيء حِرْصاً قيل: أَلقَى عليه أَرْواقَه؛ كقول رؤبة: والأَرْكُبُ الرامُون بالأَرواقِ ويقال: أَكل فلانٌ رَوْقَه وعلى روْقهِ إِذا طال عُمُره حتى تَتَحاتّ أَسنانُه.
وأَلقى عليه أَرواقَه وشَراشِره: وهو أَن يُحبه . . . أكمل المادة حُبّاً شديداً حتى يَسْتَهْلِك في حُبه.
وأَلقى أَرْواقَه إِذا عَدا واشتدَّ عَدْوُه؛ قال تأَبط شرّاً: نَجوتُ منها نجائي من بَجِيلةَ، إِذْ أَلْقَيْتُ، لَيلةَ جَنْبِ الجَوِّ، أَرْواقي أَي لم أَدَعْ شيئاً من العدْوِ إِلاّ عدَوْته، وربما قالوا: أَلقى أَرْواقَه إِذا أَقام بالمكان واطمأَن به كما يقال أَلقى عَصاه.
ورماه بأَرْواقه إِذا رَماه بثِقْلِه.
وأَلْقَت السحابةُ على الأَرض أَرواقها: أَلَحَّتْ بالمطر والوَبْل، وإِذا أَلحت السحابة بالمطر وثبتت بأَرض قيل: أَلْقت عليها أَرواقَها؛ وأَنشد: وباتت بأَرواقٍ عَلَينا سَوارِيا وأَلقت أَرواقها إِذا جدّت في المطر.
ويقال: أَسْبَلَت أَرواقُ العَيْن إِذا سالت دموعُها؛ قال الطرمّاح: عَيْناك غَرْبا شَنَّةٍ أَسبَلَتْ أَرواقُها من كَيْن أَخْصامِها ويقال: أَرْخَت السماءُ أَرواقَها وعَزاليَها.
ورَوْقُ السحابِ: سَيْلُه؛ وأَنشد: مِثْل السحابِ إِذا تَحدَّر رَوْقُه ودَنا أُمِرَّ، وكان ممَّا يُمْنَع أَي أُمِرَّ عليه فمرَّ ولم يُصبه منه شيء بعدما رجاه.
وفي الحديث: إِذا أَلْقَتِ السماء بأَرواقِها أَي بجميع ما فيها من الماء؛ والأَرْواقُ: الأَثْقالُ؛ أَراد مِياهَها المُثْقِلة للسحاب.
والأَرْواقُ: جماعة الجِسم، وقيل: الرَّوْق الجسم نفسه.
وإِنه ليركَبُ الناسَ بأَرواقه، وأَرواقُ الرجل: أَطرافه وجسَدُه.
وأَلقى علينا أَرواقَه أَي غَطّانا بنفسه.
ورمَوْنا بأَرْواقِهم أَي رمونا بأَنفسهم؛ قال شمر: ولا أَعرف قوله أَلقى أَرواقَه إِذا اشتدّ عدْوُه، قال: ولكني أَعرفه بمعنى الجِدّ في الشيء؛ وأَنشد بيت تأَبط شرّاً: نجوت منها نجائي من بجيلةَ، إِذا أَرْسَلْتُ، لَيْلةَ جَنْب الرَّعْنِ، أَرواقي ويقال: أَرسل أَرواقَه إِذا عدا، ورمى أَرواقه إِذا أَقام وضرب بنفسه الأَرضَ.
ويقال: رمى فلان بأَرواقِه على الدابة إِذا ركبها، ورمى بأَرواقه عن الدابة إِذا نزل عنها.
وفي نوادر الأَعراب: رَوْقُ المطر وروْق الجَيش وروْقُ البيتِ وروْقُ الخيل مُقدَّمُه، وروْق الرجل شبابه، وهو أَوّل كل شيء مما ذكرته.
ويقال: جاءنا رَوْقُ بني فلان أَي جماعة منهم، كما يقال: جاءنا رأْسٌ لجماعة القوم. ابن سيده: رَوْقُ الشباب وغيره ورَيْقُه ورَيِّقُه كل ذلك أَوله؛ قال البَعِيث: مَدَحْنا لَها رَيْقَ الشَّباب، فعارَضتْ جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرّ أَعْجَما ويقال: فعَله في رَوْق شبابه وريِّق شبابه أَي في أَوّله.
وريِّقُ كل شيء: أَفضله، وهو فَيْعِل، فأُدغم.
ورَوْقُ البيت: مقدِّمه، ورِواقه ورُواقه: ما بين يديه، وقيل سَماوَتُه، وهي الشُّقّة التي دون العُلْيا، والجمع أَرْوِقة، ورُوقٌ في الكثير؛ قال سيبويه: لم يجز ضمّ الواو كراهية الضمّة قبلها والضمة فيها، وقد رَوَّقَه. الجوهري: الرَّوْقُ والرِّواقُ سَقْفٌ في مقدَّم البيت، والرِّواق سِتْر يُمدّ دون السقف. يقال: بيت مُرَوَّقٌ؛ ومنه قول الأَعشى: فظَلَّتْ لَدَيْهِم في خِباءِ مُرَوَّقِ قال ابن بري: بيت الأَعشى هو قوله: وقد أَقْطَعُ الليلَ الطويلَ بفتْيةٍ مَسامِيحَ تُسْقَى، والخِباءُ مُرَوَّقُ وقال بعضهم: رِواق البيت مُقدَّمه. ابن سيده: رِواقا الليل مقدمه وجَوانِبُه؛ قال: يَرِدْنَ، والليلُ مُرِمٌّ طائرُهْ، مُرْخىً رِواقاه، هُجودٌ سامِرُهْ ويروى: مُلْقىً رِواقاه، ورواه ابن الأَعرابي: وليلُ مُرَوَّقٌ مُرْخَى الرِّواق؛ قال ذو الرُّمّة يصف الليل، وقيل يصف الفجر: وقد هَتَكَ الصُّبْحُ الجَلِيُّ كِفاءهُ، ولكنه جَوْنُ السَّراةِ مُرَوَّقُ ومضَى رَوْقٌ من الليل أَي طائفة. ابن بري: ويجمع رَوْق على أَرْوُق؛ قال: خُوصاً إِذا ما الليلُ أَلْقى الأَرْوُقا، خَرَجْنَ من تحتِ دُجاه مُرَّقا قال: وقد يحتمل أَن يكون جمعَ رِواقٍ على حدّ قولهم مَكان وأَمْكُنٌ، قال: وكذا فسره أَبو عمرو الشَّيباني فقال: هو جمع رِواق، وربما قالوا: رَوَّقَ الليلُ إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته وأَلقى أَرْوِقَته. ابن الأَعرابي: الرَّوْقُ السَّيِّد، والرَّوْقُ الصافي من الماء وغيره، والرَّوْقُ العُمُر. يقال: أَكل رَوْقَه.
والرَّوْقُ نفْس النَّزْع، والرَّوْق المُعجِب. يقال: رَوْقٌ ورَيْقٌ؛ وأَنشد المفضل: على كلّ رَيْقٍ تَرَى مُعْلَماً، يُهَدِّرُ كالجَمَلِ الأَجْرَبِ قال: الرَّيْقُ ههنا الفرَس الشريف.
والرَّوْقُ: الحُبُّ الخالِص.
والأَرْواقُ: الفَساطِيطُ؛ الليث: بيت كالفُسطاط يُحمل على سِطاعٍ واحد في وسَطه، والجمع أَرْوِقةٌ.
ويقال: ضرب فلان رَوْقَه بموضع كذا إِذا نزل به وضرب خيمته.
وفي حديث الدَّجّال: فيضرب رواقَه فيخرج إِليه كل مُنافِق، أَي يضرب فُسطاطه وقُبَّته وموضعَ جلوسه.
وروي عن عائشة، رضي الله عنها، في حديث لها: ضرَب الشيطانُ رَوْقَه ومَدّ أَطْنابَه؛ قيل: الرَّوْقُ الرِّواق وهو ما بين يدي البيت. قال الأَزهري: رَوْقُ البيت ورواقُه واحد، وهي الشُّقة التي دون الشقّة العُليا؛ ومنه قول ذي الرمة: ومَيِّتة في الأَرضِ إِلاَّ حُشاشةً، ثَنَيْتُ بها حَيّاً بمَيْسورِ أَرْبعِ بثِنْتَيْنِ، إِن تَضرِبْ ذِهِي تَنْصَرِفْ ذِهِي، لكِلَتَيْهِما رَوْق إِلى جَنْبِ مِخْدَعِ قال الباهلي: أَراد بالمَيتة الأُثْرة، ثَنَيتُ بها حَيّاً أَي بَعِيراً؛ يقول: اتَّبَعْت أَثَره حتى رَدَدْته.
والأُثْرة: مِيسَم في خُفّ البعير ميّتة خَفِيّة، وذلك أَنها تكون بيِّنة ثم تَثبُت مع الخف فتكاد تستوي حتى تُعادَ، إِلاّ حُشاشة: إِلاَّ بَقِيّة منها، بمَيْسُور أَي بِشقٍّ ميسور، يعني أَنه رأَى الناحية اليُسرى فعرفه بِثنتين يعني عَينين، رَوْق يعني رِواقاً، وهو حجابها المشرف عليها، وأَراد بالمِخْدع داخل البعير. ابن الأَعرابي: من الأَخْبِية ما يُرَوَّقُ، ومنها ما لا يروَّق؛ فإِذا كان بيتاً ضَخْماً جعل له رِواق وكفاء، وقد يكون الرِّواقُ من شُقّة وشُقَّتين وثلاث شُقق. الأَصمعي: رِواقُ البيت ورُواقه سَماوتُه وهي الشُّقَّ التي دون العُليا. أَبو زيد: رِواق البيت سُتْرةُ مُقدَّمِه من أَعلاه إِلى الأَرض، وكِفاؤه سُترة أَعلاه إِلى أَسفله من مؤخره، وسِتْر البيت أَصغر من الرِّواق، وفي البيت في جَوفه سِتر آخَر يدعى الحَجَلةَ؛ وقال بعضهم: رواق البيت مُقدَّمه، وكِفاؤه مؤخَّره، سمي كِفاء لأَنه يُكافئ الرِّواق، وخالِفتاه جانباه؛ قال ذو الرمة: ولكنه جون السَّراة مروّق وقد تقدّم هذا البيت؛ شبّه ما بدا من الصبح ولمّا ينْسَفِر وهو يَسوق نفسه.
والرّوْقُ: موضع الصائد مُشبّه بالرّواق.
والرَّوْقُ: الإِعْجاب.
وراقَني الشيءُ يَرُوقُني رَوْقاً ورَوَقاناً: أَعجبني، فهو رائق وأَنا مَرُوق، واشْتُقّت منه الرُّوقة وهو ما حَسُن من الوَصائفِ والوُصَفاء. يقال: وَصِيفٌ رُوقةٌ وَوُصَفاء رُوقة.
وقال بعضهم: وصفاء رُوق؛ وقول ابن مقبل في راق: راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُوذانِقٍ خَرِصٍ، طاوٍ تَنَفَّضَ من طَلٍّ وأَمْطارٍ وصف عين نفسه أَنها زادت علي عيني سُوذانِق.
ويقال: راقَ فلان على فلان إِذا زاد عليه فضلاً، يَرُوق عليه، فهو رائق عليه؛ وقال الشاعر يصف جارية:راقَتْ على البِيضِ الحِسا نِ بحُسْنِها وَبهائها وقال غيره: أَرْواقُ الليلِ أَثناء ظُلَمه؛ وأَنشد: ولَيْلةٍ ذاتِ قَتامٍ أَطْباقْ، وذاتِ أَرْواقٍ كأَثْناء الطّاقْ والرُّوقةُ: الجَميل جدّاً من الناس، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد يجمع على رُوَقٍ، ورُبّما وُصفت به الخيل والإِبل في الشعر؛ أَنشد ابن الأَعرابي: تَرْمِيهِمُ بِبَكَراتٍ رُوقَه إِلا أَنه قال رُوقة ههنا جمع رائق؛ قال ابن سيده: فأَمّا الهاء عندي فلتأْنيث الجمع، ولم يقل ابن الأَعرابي إِن هذا إِنما يوصف به الخيل والإِبل في الشعر بل أَطلقه فلم يخص شعراً من غيره.
والرُّوق: الغِلمان الملاح، الواحد رائق.
ويقال: غِلمان رُوقة أَي حِسان، وهو جمع رائق مثل فارِه وفُرْهة وصاحب وصُحْبة، ورُوقٌ أَيضاً مثل بازِل وبُزْلٍ؛ ومنه قول الراجز:يا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعوقْ، مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ من لبَن الدُّهْم الرُّوقْ، حتّى شَتا كالذُّعْلُوقْ، أَسْرَع من طَرْف المُوقْ وفي حديث ذكر الروم: فيَخرج إِليهم رُوقة المؤمنين أَي خِيارُهم وسَراتُهم، وهي جمع رائق. راقَ الشيءُ إِذا صَفا، ويكون للواحد. يقال: غُلامٌ رُوقةٌ وغِلمان رُوقة.
والرُّوقة: الشيء اليسير، يَمانية.
والرَّاوُوقُ: المِصْفاةُ، وربما سموا الباطِيةَ راوُوقاً. الليث: الراووق ناجُود الشَّراب الذي يُرَوَّق به فيُصَفَّى، والشراب يَتروَّقُ منه من غير عصر.
وراقَ الشرابُ والماءُ يَرُوقان رَوْقاً وتَروُّقاً: صَفَوَا؛ ورَوَّقه هو تَرْوِيقاً، واستعار دُكَينٌ الراوُوقَ للشَّباب فقال: أُسْقَى بِراووق الشَّباب الخاضِلِ وإِراقةُ الماء ونحوه: صَبُّه.
وأَراقَ الماء يُرِيقه وهَراقَه يُهَرِيقُه بدَل، وأَهْراقَه يُهْرِيقُه عِوَضٌ: صبَّه. قال ابن سيده: وإِنما قُضِيَ على أَن أَصل أَراق أَرْوَقَ لأَمرين: أَحدهما أَنّ كون عين الفعل واواً أكثر من كونها ياء فيما اعْتلَّت عينه، والآخر أَنّ الماء إِذا هُرِيقَ ظهر جَوْهرُه وصَفا فَراقَ رائيَه يَرُوقُه، فهذا يقوِّي كون العين منه واواً، على أَنّ الكسائي قد حكى راقَ الماءُ يَرِيقُ إِذا انْصبّ، وهذا قاطع بكون العين ياء. قال ابن بري: أَرَقْت الماء منقول من راقَ الماء يَرِيقُ رَيْقاً إِذا تردد على وجه الأَرض، فعلى هذا كان حقه أَن يذكر في فصل ريق لا في فصل روق.
وأَراقَ الرجل ماء ظَهرِه وهَراقه، على البدل، وأَهْراقه على العوض كما ذهب إِليه سيبويه في قولهم أَسْطاعَ، وقالوا في مصدره إِهراقة كما قالوا إِسْطاعة؛ قال ذو الرُّمّة: فلَمّا دَنَتْ إِهْراقةُ الماء أَنْصَبَتْ لأَعْزِلَه عنها، وفي النَّفْس أَن أَثْني ورجل مُرِيقٌ وماء مُراقٌ على أَرَقْت، ورجل مُهَرِيقٌ وماء مُهَراقٌ على هَرَقْت، ورجل مُهْريقٌ وماء مُهْراقٌ على أَهْرَقْت؛ والإِراقةُ: ماء الرجل وهي الهِراقة، على البدل، والإهْراقة، على العِوَض.
وهما يتَراوقانِ الماء: يتَداوَلانِ إِراقَته.
ورَوَّق السَّكْران: بالَ في ثيابه؛ هذه وحدها عن أَبي حنيفة، وذلك جميعه مذكور في الياء لأَن الكلمة واوية ويائية.
والرَّوَقُ، بالتحريك: طول وانْثِناء في الأَسنان، وقيل: الرَّوَقُ طول الأَسنان وإِشْرافُ العُلْيا على السُّفْلى، رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فهو أَرْوَقُ إِذا طالت أَسنانه؛ قال لبيد يصف أَسْهُماً: فرَمَيْت القوْمَ رِشْقاً صائباً، ليْسَ بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعِلْ رَقَمِيَّاتٌ عليها ناهِضٌ، تُكْلِحُ الأَرْوَقَ منهم والأَيَلْ والرُّوق: الطِّوالُ الأَسنان، وهو جمع الأَرْوَق، والنعت أَرْوَقُ ورَوْقاء، والجمع رُوقٌ؛ وأَنشد: إِذا ما حالَ كُسُّ القَومِ رُوقا والتَّرْويقُ: أَن تَبيع شيئاً لك لتشتري أَطْول منه وأَفضل، وقيل: الترويق أَن تبيع بالياً وتشتري جديداً؛ عن ثعلب، وقيل: الترويق أَن يبيع الرجل سِلْعته ويَشتري أَجْودَ منها.
وقال ابن الأَعرابي: باعَ سلعته فروَّق أَي اشترى أَحسن منها.

ذبب (لسان العرب) [0]


الذَّبُّ: الدَّفْعُ والـمَنْعُ.
والذَّبُّ: الطَّرْدُ.
وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ ومنع، وذَبَبْت عنه.
وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم؛ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ، إِلا ما ذُبَّ عنه؛ قال: مَنْ ذَبَّ منكم، ذَبَّ عَنْ حَمِـيمِهِ، * أَو فَرَّ منكم، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ.
ويقال: طِعانٌ غيرُ تَذْبِـيبٍ إِذا بُولِغَ فيه.
ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ.
وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم.
والذَّبِّـيُّ: الجِلْوازُ.
وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ.
وبعيرٌ ذَبٌّ: لا يَتَقارُّ في مَوْضِع؛ قال: فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ، * أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار فقوله ذَبَّةٌ، . . . أكمل المادة بالهاءِ، يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالـمَصْدر إِذ لو كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ، كقولك رِجالٌ عَدْلٌ.
والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِـيُّ، ويقال له أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غير مهموزٍ، وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ؛ وقيل: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِـيءُ؛ قال ابن مقبل: يُـمشّي بها ذَبُّ الرِّياد، كأَنه * فَـتىً فارِسِـيٌّ، في سَراويلَ، رامِحُ وقال النابغة: كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ، * ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ.
وقال غيره: قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِـه في مكانٍ واحدٍ، ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً.
وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِـيَّ الأَذبَّ؛ قال: بِلاداً، بها تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، * بها، سابِريٌّ لاحَ، منه، البَنائِقُ أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فقال الأَذَبَّ لحاجته.
وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هذه عن كُراع. أَبو عمرو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه: ما للْكَواعبِ، يا عَيْسَاءُ، قد جَعَلَتْ * تَزْوَرُّ عنّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الـحُجَرُ؟ قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، * ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش، أَو لغيرِه.
وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كذلك؛ قال: هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ، * مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً: وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ به * لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: اليابِسَ.
وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ.
وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوَى.
وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، في آخرِ الجَزْءِ، عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد: مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، * إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها يروى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى.
وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ لَوْنُه.
وذَبَّ: جَفَّ.
وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِـية عَطَشٍ.
وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِـيتُه.
وقيل: ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِـيتُه.
والذُّبابةُ: البقِـية من الدَّيْن ونحوِه؛ قال الراجز: أَو يَقْضِـيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ أَبو زيد: الذُّبابة بقِـيَّةُ الشيء؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة: لَـحِقْنا، فراجَعْنا الـحُمولَ، وإِنما * يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، الـمُراجِعُ يقول: إِنما يُدْرِكُ بقايا الـحَوائج من راجَع فيها.
والذُّبابة أَيضاً: البقِـية من مِـياه الأَنهارِ.
وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِـية، وقال: وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّـبا والذُّبابُ: الطَّاعون.
والذُّبابُ: الجُنونُ.
وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شمر: وفي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، * وفي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ أَي جُنونٌ.
والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ، يَسْقُط في الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، ولا تَقُلْ ذِبَّانة.
والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة؛ هكذا وقع في كتاب الـمُصَنَّف، رواية أَبي عليّ؛ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة، فَحَكى عن الكسائي: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِـيَ عن الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط على الدَّوابِّ، وأَثْـبت الهاءَ فيهما، والصَّواب ذُبابٌ، هو واحدٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايـتِها، إِنْ أَدَّى ما كان يُـؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ له، فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ. قال ابن الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ، وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ الـمَطَر حيثُ كان، ولأَنه يَعِـيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ ومعنى حِماية الوادي له: أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ، فإِذا حُمِـيَتْ مَراعِـيها، أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَـثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لم تُحْمَ مَراعِـيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ الـمَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وقيل: معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل الـمُباحِ سبيلُ الـمِـياهِ والـمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه، وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه، عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة.التهذيب: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بغير هاءٍ. قال: ولا يُقال ذُبَابة.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً؛ فسَّروه للواحد، والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قال النابغة: ضَرَّابة بالـمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سيبويه، ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ، ولو كان مـمَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف، لم يُكسَّر على ذلك البناءِ، كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه، لـمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِـي به إِلى التَّضْعِـيف، كسروه على أَفعلة؛ وقد حكى سيبويه، مع ذلك، عن العرب: ذُبٌّ، في جمع ذُبابٍ، فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِـيمِـيَّة، كما يَرْجِعون إِليها، فيما كان ثانِـيه واواً، نحو خُونٍ ونُورٍ.
وفي الحديث: عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً، والذُّبابُ في النار؛ قيل: كَوْنُه في النار ليس لعذاب له، وإِنما لِـيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم، والعرب تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وبعضهم يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه؛ قال الشاعر: لَعَلِّـيَ، إِنْ مالَتْ بِـيَ الرِّيحُ مَيلةً * على ابنِ أَبي الذِّبّانِ، أَن يَتَنَدّما يعني هشامَ بنَ عبدالملك.
وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّـبه: نَحَّاه.
ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ.
وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ.
وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ.
وقال الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبة، كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ.
وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ: أَصابه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كذلك، قاله أَبو عبيد في كتاب أَمراضِ الإِبل؛ وقيل: الأَذَبُّ والـمَذْبوبُ جميعاً: الذي إِذا وَقَع في الرِّيفِ، والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ، اسْتَوْبَـأَهُ، فمات مكانَه؛ قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء: كأَنـَّكَ، مِن جِمالِ بني تَـمِـيمٍ، * أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا يقول: كأَنـَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْـتَوَتْ عُنُقُه، فمات.
والـمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بها الذُّبابُ؛ وفي الحديث: أَنّ النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر، فقال: ذُبابٌ؛ الذُّبابُ الشُّـؤْم أَي هذا شُؤْمٌ.
ورجل ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ من الذُّبابِ، وهو الشُّؤْمُ.
وقيل: الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم، يقال: أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ.
وفي حديث المغيرة: شَرُّها ذُبابٌ.
وذُبابُ العَينِ: إِنْسانُها، على التَّشبِـيهِ بالذُّباب.
والذُّبابُ: نُكْـتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، والجمع كالجمع.
وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قال المثَقّب العبدي: وتَسْـمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، * كَتَغْريدِ الـحَمَامِ على الغُصُونِ وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ؛ وما حَوْلَه من حَدَّيْهِ: ظُبَتَاه؛ والعَيْرُ: النَّاتـئُ في وَسَطِه، من باطنٍ وظاهرٍ؛ وله غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ منهما، ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ، وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره؛ وقيل: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه الـمُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به، وقيل حَدُّه.
وفي الحديث: رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْـتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِل حَمْزَةُ.
والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس: ما حَدَّ من طَرَفِها. أَبو عبيد: في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن.
وذُبابُ الـحِنَّاء: بادِرةُ نَوْرِه.
وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قال عنترة: يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ، * وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب، وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِـيباً، فحذف للضرورة.
وذَبَّـبْنا لَيْـلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير.
ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قال ذو الرُّمة: مُذَبِّـبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي * وتَهْجِـيري، إِذا اليَعْفُورُ قالا اليَعْفُورُ: الظَّبيُ.
وقال: من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الـحَرِّ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ، فيُعَجَّل بالسَّيرِ.
وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لا فُتُورَ فيه.
وذَبَّبَ: أَسْرَع في السَّيرِ؛ وقوله: مَسِـيرَة شَهْرٍ للبَعِـيرِ الـمُذَبْذِبِ أَرادَ الـمُذَبِّبَ.
وأَذَبُّ البعيرِ: نابُهُ؛ قال الراجز: كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِّ والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ .
والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، والواحد ذُبْذُبٌ.
والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر.
وفي الحديث: مَنْ وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فقد وُقـيَ. فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه.
وفي رواية: مَن وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ؛ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه.
والذَّباذِبُ: المذاكِيرُ.
والذَّباذِبُ: ذكر الرجلِ، لأَنـَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وقيل الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ.
ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين، ولا تَـثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما.
وفي التنزيل العزيز في صفة المنافقين: مُذَبْذَبِـين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء. المعنى: مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء.
وفي الحديث: تَزَوَّجْ، وإِلاَّ فأَنتَ من الـمُذَبذِبِـينَ أَي الـمَطْرُودين عن المؤْمنين لأَنـَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم، وعن الرُّهْبانِ لأَنـَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه من الذَّبِّ، وهو الطَّرْدُ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ.
والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ.
والذَّبْذَبةُ: نَوْسُ الشيءِ الـمُعَلَّقِ في الهواءِ.
وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ ، وذَبْذَبَهُ هو؛ أَنشد ثعلب: وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِـيفُ، * ظَلَّ ،لأَعْلَى رأْسِهِ، رَجِـيفُ وفي الحديث: فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يريد كُـمَّيْهِ.
وفي حديث جابر: كان عليَّ بُرْدَة لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّـيَتْ بذلك لأَنـَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى؛ وقول أَبي ذؤَيب: ومِثْل السَّدُوسِـيَّـيْن، سادَا وذَبْذَبا * رِجال الـحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ قيل: ذَبْذَبا عَلَّقَا . يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ .
وفي الطَّعام ذُبَيْباءُ ، ممدودٌ ،حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ، ولم يفسِّره ؛ وقد قيل : إِنها الذُّنَيْناءُ، وستُذْكر في موضِعِها .
وفي الحديث : أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ ، هو جبلٌ بالمدينة.

خطر (لسان العرب) [0]


الخاطِرُ: ما يَخْطُرُ في القلب من تدبير أَو أَمْرٍ. ابن سيده: الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُوراً إِذا ذكره بعد نسيان.
وأَخْطَرَ الله بباله أَمْرَ كذا، وما وَجَدَ له ذِكْراً إِلاَّ خَطْرَةً؛ ويقال: خَطَر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يِخْطُر خُطُوراً إِذا وقع ذلك في بالك ووَهْمِك.
وأَخْطَرَهُ اللهُ ببالي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بين الإِنسان وقلبه: أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قلبه.
وما أَلقاه إِلاَّ خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ أَي في الأَحيان بعد الأَحيان، وما ذكرته إِلاَّ خَطْرَةً واحدةً.
ولَعِبَ الخَطْرَةَ بالمِخْراق.
والخَطْرُ: مصدر خَطَرَ الفحلُ بذنبه يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً وخَطِيراً: رَفَعَهُ مرة بعد مرة، وضرب به . . . أكمل المادة حاذيْهِ، وهما ما ظهر من فَخِذيْه حيث يقع شَعَرُ الذَّنَبِ، وقيل: ضرب به يميناً وشمالاً.
وناقةٌ خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بذنبها.
والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذنب الجمل بين وَرَكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد: رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعدما تَحَوَّبَ، عن أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يقال: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ.
والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عند الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وهو التَّصَاوُل والوعيد؛ قال الطرماح: بالُوا مَخافَتَهُمْ على نِيرانِهِمْ، واسْتَسْلَمُوا، بعد الخَطِيرِ، فَأَُخْمِدُوا التهذيب: والفحل يَخْطِرُ بذنبه عند الوعيد من الخُيَلاءِ.
وفي حديث مَرْحَبٍ: فخرج يَخْطِرُ بسيفه أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بنفسه مُتَعَرِّضاً للمبارزة، أَو أَنه كان يَخْطِرُ في مشيه أَي يتمايل ويمشي مِشْيَةَ المُعْجبِ وسيفه في يده، يعني كان يَخْطِرُ وسيفه معه، والباء للملابسة.
والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بذنبها في السير نشاطاً.
وفي حديث الاستسقاء: والله ما يَخْطِرُ لنا جمل؛ أَي ما يحرك ذنبه هُزَالاً لشدة القَحْطِ والجَدْبِ؛ يقال: خَطَرَ البعيرُ بذنبه يَخْطِرُ إِذا رفعه وحَطَّهُ، وإِنما يفعل ذلك عند الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ ومنه حديث عبد الملك لما قَتَلَ عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: والله: لقد قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عليّ من جِلْدَةِ ما بَيْنَ عَيْنَيَّ، ولكن لا يَخْطِرُ فحلانِ في شَوْلٍ؛ وفي قول الحجاج لما نَصَبَ المِنْجَنيقَ على مكة: خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ شبه رميها بِخَطَرَانِ الفحل.
وفي حديث سجود السهو: حتى يَخْطِرَ الشيطانُ بين المرء وقلبه؛ يريد الوسوسة.
وفي حديث ابن عباس: قام نبيّ الله يوماً يصلي فَخَطَر خَطْرَةً، فقال المنافقون: إِن له قلبين.
والخَطِيرُ: الوعيد والنشاط؛ وقوله: هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا ما تَنَاكَرَتْ مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ يجوز أَن يكون من الخطير الذي هو الوعيد، ويجوز أَن يكون من قولهم خَطَرَ البعير بذنبه إِذا ضرب به.
وخَطَرَانُ الفحل من نشاطه، وأَما خطران الناقة فهو إِعلام للفحل أَنها لاقح.
وخَطَرَ البعير بذنبه يَخْطِرُ، بالكسر، خَطْراً، ساكن، وخَطَرَاناً إِذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه في المشي وتَبَخْتُرُه.
وخَطَر بسيفه ورمحه وقضيبه وسوطه يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رفعه مرة ووضعه أُخْرَى.
وخَطَرَ في مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رفع يديه ووضعهما.
وقيل: إِنه مشتق من خَطَرانِ البعير بذنبه، وليس بقويّ، وقد أَبدلوا من خائه غيناً فقالوا: غَطَرَ بذنبه يَغْطِرُ، فالغين بدل من الخاء لكثرة الخاء وقلة الغين، قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكونا أَصلين إِلاَّ أَنهم لأَحدهما أَقلُّ استعمالاً منهم للآخر.
وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً: رفعها وهزها عند الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الذي يرفعه الناس يَخْتَبِرُونَ بذلك قُواهُمْ. الفراء: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل.
والخَطَّارِ: العطَّار؛ يقال: اشتريت بَنَفْسَجاً من الخَطَّارِ.
والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد: جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ ورجل خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ به؛ وقال: مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ في الوَغَى ورمح خَطَّارٌ: ذو اهتزاز شديد يَخْطِرُ خَطَراناً، وكذلك الإِنسان إِذا مشى يَخْطِرُ بيديه كثيراً.
وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وقد خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً.
والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ والمنزلة.
ورجلٌ خَطِيرٌ أَي له قَدْرٌ وخَطَرٌ، وقد خَطُرَ، بالضم، خُطُورَةً.
ويقال: خَطَرانُ الرمح ارتفاعه وانخفاضه للطعن.
ويقال: إِنه لرفيع الخَطَرِ ولئيمه.
ويقال: إِنه لعظيم الخَطَرِ وصغير الخَطَرِ في حسن فعاله وشرفه وسوء فعاله ولؤمه.
وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه ومنزلته، وخص بعضهم به الرفعة، وجمعه أَخْطارٌ.
وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ.
وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا جَلَّ بعد دِقَّةٍ.
والخَطِيرُ من كل شيء: النَّبِيلُ.
وهذا خَطِيرٌ لهذا وخَطَرٌ له أَي مِثْلٌ له في القَدْرِ، ولا يكون إِلاَّ في الشيء المَزِيزِ؛ قال: ولا يقال للدون إِلاَّ للشيء السَّرِيِّ.
ويقال للرجل الشريف: هو عظيم الخَطَرِ.
والخَطِيرُ: النَّظِيرُ.
وأَخْطَرَ به: سَوَّى.
وأَخْطَرَهُ: صار مثله في الخَطَرِ. الليث: أُخْطِرْتُ لفلان أَي صُيِّرْتُ نظيره في الخَطَرِ.
وأَخْطَرَني فلانٌ، فهو مُخْطِرٌ إِذا صار مثلك في الخَطَرِ.
وفلانٌ ليس له خَطِيرٌ أَي ليس له نظير ولا مثل.
وفي الحديث: أَلا هل مُشَمِّرٌ للجنة فإِن الجنة لا خَطَرَ لها؛ أَي لا عِوَضَ عنها ولا مِثْلَ لها؛ ومنه: أَلاَّ رَجُلٌ يُخاطِرُ بنفسه وماله؛ أَي يلقيها في الهَلَكَةِ بالجهاد.
والخَطَرُ، بالتحريك: في الأَصل الرهن، وما يُخاطَرُ عليه ومِثْلُ الشيء وَعَدِلْهُ، ولا يقال إِلاَّ في الشيء الذي له قدر ومزية؛ ومنه حديث عمر في قسمة وادِي القُرَى: وكان لعثمان فيه خَطَرٌ ولعبد الرحمن خَطَرٌ أَي حظ ونصيب؛ وقول الشاعر: في ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ ماله خَطَرُ أَي ليس له عَِدْلٌ.
والخَطَرُ: العَِدْلُ؛ يقال: لا تجعل نفسك خَطَراً لفلان وأَنت أَوْزَنُ منه.
والخَطَرُ: السَّبَقُ الذي يترامى عليه في التراهن، والجمع أَخْطارٌ.
وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لهم: بذل لهم من الخَطَرِ ما أَرضاهم.
وأَخْطَرَ المالَ أَي جعله خَطَراً بين المتراهنين.
وتَخاطَرُوا على الأَمر: تراهنوا؛ وخاطَرَهم عليه: راهنهم.
والخَطَرُ؛ الرَّهْنُ بعينه.
والخَطَرُ: ما يُخاطَرُ عليه؛ تقول: وَضَعُوا لي خَطَراً ثوباً ونحو ذلك؛ والسابق إِذا تناول القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قد أَحْرَزَ الخَطَرَ.
والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وهو كله الذي يوضع في النِّضالِ والرِّهانِ، فمن سَبَقَ أَخذه، ويقال فيه كله: فَعَّلَ، مشدّداً، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابن السكيت: أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، ولم أَقُمْ على نَدَبٍ يوماً، ولي نَفْسُ مُخْطِرِ؟ والمُخْطِرُ: لذي يجعل نفسه خَطَراً لِقِرْنِه فيبارزه ويقاتله؛ وقال: وقلتُ لمن قد أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه: أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قد بَدَا لِيَا؟ وقال أَيضاً: أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْـ ـفُسَ، إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟ وفي حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ أَنه قال يوم نَهاوَنْدَ، حين التقى المسلمون مع المشركين: إِن هؤلاء قد أَخْطَرُوا لكم رِثَةً ومَتاعاً، وأَخْطَرتم لهم الدِّينَ، فَنافِحُوا عن الدين؛ الرِّثَةُ: رَدِيء المتاع، يقول: شَرَطُوها لكم وجعلوها خَطَراً أَي عِدْلاً عن دينكم، أَراد أَنهم لم يُعَرِّضُوا للهلاك إِلاَّ متاعاً يَهُونُ عليهم وأَنتم قد عَرَّضْتُمْ لهم أَعظم الأَشياء قَدْراً، وهو الإِسلام.
والأَخطارُ من الجَوْزِ في لَعِب الصبيان هي الأَحْرازُ، واحدها خَطَرٌ.
والأَخْطارُ: الأَحْرازُ في لعب الجَوْز.
والخَطَرُ: الإِشْرافُ على هَلَكَة.
وخاطَرَ بنفسه يُخاطِرُ: أَشْفَى بها على خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ.
والمَخاطِرُ: المراقي.
وخَطَرَ الدهرُ خَطَرانَهُ، كما يقال: ضرب الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وفي التهذيب: يقال خَطَرَ الدهرُ من خَطَرانِهِ كما يقال ضَرَبَ من ضَرَبانِه.
والجُنْدُ يَخْطِرُونَ حَوْلَ قائدهم يُرُونَهُ منهم الجِدَّ، وكذلك إِذا احتشدوا في الحرب.
والخَطْرَةُ: من سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ في باطن الساق؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي كذلك. قال ابن سيده: والخَطْرُ ما لَصِقَ (* قوله: «والخطر ما لصق إلخ» بفتح الحاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس). بالوَرِكَيْنِ من البول؛ قال ذو الرمة: وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بعدما تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ قوله: تقوّب يحتمل أَن يكون بمعنى قوّب، كقوله تعالى: فتقطَّعوا أَمرهم بينهم؛ أَي قطعوا، وتقسمت الشيء أَي قسمته.
وقال بعضهم: أَراد تقوّبت غربانها عن الخطر فقلبه.
والخِطْرُ: الإِبل الكثيرة؛ والجمع أَخطار، وقيل الخِطْرُ مائتان من الغنم والإِبل، وقيل: هي من الإِبل أَربعون، وقيل: أَلف وزيادة؛ قال: رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً، يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَِطِرْا، وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا وقال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبل مائتين، فهي خَِطْرٌ، فإِذا جاوزت ذلك وقاربت الأَلف، فهي عَِرْجٌ.
وخَطِيرُ الناقة: زمامُها؛ عن كراع.
وفي حديث علي، عليه السلام، أَنه أَشار لعَمَّارٍ وقال: جُرُّوا له الخَطِيرَ ما انْجَرَّ لكم، وفي رواية: كا جَرَّهُ لكم؛ معناه اتَّبِعُوه ما كان فيه مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ، وتَوَقَّوْا ما لم يكن فيه موضع؛ قال: الخطير زمام البعير، وقال شمر في الخطير: قال بعضهم الخَطِير الحَبْلُ، قال: وبعضهم يذهب به إِلى إِخْطارِ النفس وإِشْرَاطِهَا في الحرب؛ المعنى اصبروا لعمَّار ما صبر لكم.
وتقول العرب: بيني وبينه خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عن ابن الأَعرابي، ولمن يفسره، وأُراه يعني شُبْكَةَ رَحِمٍ، ويقال: لا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه ولا جعلها آخر مَخْطَرٍ منه أَي آخِرَ عَهْدٍ منه، ولا جعلها الله آخر دَشْنَةٍ (* قوله: «آخر دشنة إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس).
وآخر دَسْمَةٍ وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذلك: آخِرَ عَهْدٍ؛ وروي بيت عدي بن زيد: وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطَرْا كَ، ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ في النِّضَالِ قالوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بمعنى واحد، وكان أَبو سعيد يرويه تخطاك ولا يعرف تخطراك، وقال غيره: تَخَطْرَاني شَرُّ فلان وتخطاني أَي جازني.
والخِطْرَةُ: نبت في السهل والرمل يشبه المَكْرَ، وقيل: هي بقلة، وقال أَبو حنيفة: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مع طلوع سهيل، وهي غَبْراءُ حُلْوَةٌ طيبة يراها من لا يعرفها فيظن أَنها بقلة، وإِنما تنبت في أَصل قد كان لها قبل ذلك، وليست بأَكثر مما يَنْتَهِسُ الدابةُ بفمه، وليس لها ورق، وإِنما هي قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وقد تُحْتَبَلُ بها الظِّباءُ، وجمعها خِطَرٌ مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غيره: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ معروفة لها قَضْبَةٌ يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عليها، والعرب تقول: رَعَيْنا خَطَرات الوَسْمِيّ، وهي اللُّمَعُ من المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وقال ذو الرمة: لها خَطَراتُ العَهْدِ من كُلِّ بَلْدَةٍ لِقَوْمٍ، ولو هاجَتْ لهم حَرْبُ مَنْشِمِ والخِطَرَةُ: أَغصان الشجرة، واحدتها خِطْرٌ، نادر أَو على توهم طرح الهاء.
والخِطْرُ، بالكسر: نبات يجعل ورقه في الخضاب الأَسود يختضب به؛ قال أَبو حنيفة: هو شبيه بالْكَتَمِ، قال: وكثيراً ما ينبت معه يختضب به الشيوخ؛ ولحية مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ به؛ ومنه قيل اللبن الكثير الماء: خِطْرٌ.
والخَطَّارُ: دهن من الزيت ذو أَفاويه، وهو أَحد ما جاء من الأَسماء على فَعَّال.
والخَطْرُ: مكيال ضخم لأَهل الشام.
والخَطَّارُ: اسم فرس حذيفة بن بدر الفَزارِيِّ.

صوب (لسان العرب) [0]


الصَّوْبُ: نُزولُ الـمَطَر. صَابَ الـمَطَرُ صَوْباً، وانْصابَ: كلاهما انْصَبَّ.
ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ، وقوله تعالى: أَو كَصَيِّبٍ من السماءِ؛ قال أَبو إِسحق: الصَّيِّبُ هنا المطر، وهذا مَثَلٌ ضَرَبه اللّه تعالى للمنافقين، كـأَنّ المعنى: أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ؛ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لهم مثلاً فيما ينالُهم فيه من الخَوْفِ والشدائد، وجَعَلَ ما يَسْتَضِـيئُون به من البرق مثلاً لما يستضيئُون به من الإِسلام، وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل. قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عليهم.
وكُلُّ نازِلٍ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فقد صابَ يَصُوبُ؛ وأَنشد: كأَنـَّهمُ صابتْ عليهم سَحابَةٌ، * صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ(1) . . . أكمل المادة (1 عجز هذا البيت غامض.) وقال الليث: الصَّوْبُ المطر.
وصابَ الغيثُ بمكان كذا وكذا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها.
وصابَ الماءَ وصوَّبه: صبَّه وأَراقَه؛ أَنشد ثعلب في صفة ساقيتين: وحَبَشِـيَّـينِ، إِذا تَحَلَّبا، * قالا نَعَمْ، قالا نَعَمْ، وصَوَّبا والتَّصَوُّبُ: حَدَبٌ في حُدُورٍ، والتَّصَوُّبُ: الانحدار.
والتَّصْويبُ: خلاف التَّصْعِـيدِ.
وصَوَّبَ رأْسَه: خَفَضَه. التهذيب: صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الخشبة تَصْويباً إِذا خَفَضْتُه؛ وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ في الصلاة.
وفي الحديث: من قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللّه رأْسَه في النار؛ سُئِلَ أَبو داود السِّجسْتانيّ عن هذا الحديث، فقال: هو مُخْتَصَر، ومعناه: مَنْ قَطَعَ سِدْرةً في فلاة، يَسْتَظِلُّ بها ابنُ السبيل، بغير حق يكون له فيها، صَوَّبَ اللّه رأْسَه أَي نكَّسَه؛ ومنه الحديث: وصَوَّبَ يَده أَي خَفَضَها.
والإِصابةُ: خلافُ الإِصْعادِ، وقد أَصابَ الرجلُ؛ قال كُثَيِّر عَزَّةَ: ويَصْدُرُ شتَّى من مُصِـيبٍ ومُصْعِدٍ، * إِذا ما خَلَتْ، مِـمَّنْ يَحِلُّ، المنازِلُ والصَّـيِّبُ: السحابُ ذو الصَّوْبِ.
وصابَ أَي نَزَلَ؛ قال الشاعر: فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكن لـمَـْلأَكٍ، * تَنَزَّلَ، من جَوِّ السماءِ، يَصوبُ قال ابن بري: البيتُ لرجلٍ من عبدِالقيس يمدَحُ النُّعْمانَ؛ وقيل: هو لأَبي وجزَة يمدح عبدَاللّه بن الزُّبير؛ وقيل: هو لعَلْقَمَة بن عَبْدَة. قال ابن بري: وفي هذا البيتِ شاهدٌ على أَن قولَهم مَلَك حُذِفت منه وخُفِّفَت بنقل حركتِها على ما قبلَها، بدليل قولهم مَلائكة، فأُعيدت الهمزة في الجمع، وبقول الشاعر: ولكن لـمَـْلأَك، فأَعاد الهمزة، والأَصل في الهمزة أَن تكون قبل اللام لأَنه من الأَلُوكَة، وهي الرسالة، فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يكون مأْلَكاً، وإِنما أَخروها بعد اللام ليكون طريقاً إِلى حذفها، لأَن الهمزة متى ما سكن ما قبلها، جاز حذفها وإِلقاء حركتها على ما قبلها.
والصَّوْبُ مثل الصَّيِّبِ، وتقول: صابَهُ الـمَطَرُ أَي مُطِرَ.
وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسقِنا غيثاً صَيِّباً؛ أَي مُنْهَمِراً متدفقاً.
وصَوَّبْتُ الفرسَ إِذا أَرسلته في الجَرْيِ؛ قال امرؤُ القيس: فَصَوَّبْتُه، كأَنه صَوْبُ غَبْيَةٍ، * على الأَمْعَزِ الضاحي، إِذا سِـيطَ أَحْضَرا والصَّوابُ: ضدُّ الخطإِ.
وصَوَّبه: قال له أَصَبْتَ.
وأَصابَ: جاءَ بالصواب.
وأَصابَ: أَراد الصوابَ؛ وأَصابَ في قوله، وأَصابَ القِرْطاسَ، وأَصابَ في القِرْطاس.
وفي حديث أَبي وائل: كان يُسْـأَلُ عن التفسير، فيقول: أَصابَ اللّهُ الذي أَرادَ، يعني أَرادَ اللّهُ الذي أَرادَ؛ وأَصله من الصواب، وهو ضدُّ الخطإِ. يقال أَصاب فلانٌ في قوله وفِعْلِه؛ وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إِذا لم يُخْطِـئْ؛ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ. قال الأَصمعي: يقال أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الجواب؛ معناه أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده، فأَخْطَـأَ مُرادَه، ولم يَعْمِدِ الخطأَ ولم يُصِبْ.
وقولهم: دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي؛ قال أَوسُ بن غَلْفاء: أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُولٍ، * تَقَطَّع، بابنِ غَلْفاءَ، الحِـبالُ: دَعِـيني إِنما خَطَئي وصَوْبي * عليَّ، وإِنَّ ما أَهْلَكْتُ مالُ وإِنَّ ما: كذا منفصلة. قوله: مالُ، بالرفع، أَي وإِنَّ الذي أَهلكتُ إِنما هو مالٌ.
واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه: رآه صَواباً.
وقال ثعلب: اسْتَصَبْتُه قياسٌ.
والعرب تقول: اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك.
وأَصابه بكذا: فَجَعَه به.
وأَصابهم الدهرُ بنفوسهم وأَموالهم. جاحَهُم فيها فَفَجَعَهم. ابن الأَعرابي: ما كنتُ مُصاباً ولقد أُصِبْتُ.
وإِذا قال الرجلُ لآخر: أَنتَ مُصابٌ، قال: أَنتَ أَصْوَبُ مِني؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَصابَتْهُ مُصِـيبةٌ فهو مُصابٌ.
والصَّابةُ والـمُصِـيبةُ: ما أَصابَك من الدهر، وكذلك الـمُصابةُ والـمَصُوبة، بضم الصاد، والتاء للداهية أَو للمبالغة، والجمع مَصاوِبُ ومَصائِبُ، الأَخيرة على غير قياس، تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِـيلة التي ليس لها في الياءِ ولا الواو أَصل. التهذيب: قال الزجَّاج أَجمع النحويون على أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ في جمع مُصِـيبة، بالهمز، وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ، وإِنما مَصائبُ عندهم بالهمز من الشاذ. قال: وهذا عندي إِنما هو بدل من الواو المكسورة، كما قالوا وسادة وإِسادة؛ قال: وزعم الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وقعت الهمزة فيها بدلاً من الواو، لأَنها أُعِلَّتْ في مُصِـيبة. قال الزجّاج: وهذا رديء لأَنه يلزم أَن يقال في مَقَام مَقَائِم، وفي مَعُونة مَعائِن.
وقال أَحمدُ بن يحيـى: مُصِـيبَة كانت في الأَصل مُصْوِبة.
ومثله: أَقيموا الصلاة، أَصله أَقْوِمُوا، فأَلْقَوْا حركةَ الواو على القاف فانكسرت، وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف.
وقال الفراء: يُجْمَعُ الفُواق أَفْيِـقَةً، والأَصل أَفْوِقةٌ.
وقال ابن بُزُرْجَ: تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم أَي على طَبقاتِهم ومَنازِلهم.
وفي الحديث: من يُرِدِ اللّهُ به خيراً يُصِبْ منه، أَي ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها، وهو الأَمر المكروه ينزل بالإِنسان. يقال أَصابَ الإِنسانُ من المال وغيره أَي أَخَذَ وتَنَاول؛ وفي الحديث: يُصِـيبونَ ما أَصابَ الناسُ أَي يَنالون ما نالوا.
وفي الحديث: أَنه كان يُصِـيبُ من رأْس بعض نسائه وهو صائم؛ أَراد التقبيلَ .
والـمُصابُ: الإِصابةُ؛ قال الحرثُ بن خالد المخزومي: أَسُلَيْمَ ! إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُلاً * أَهْدَى السَّلامَ، تحيَّـةً، ظُلْمُ أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَكُمُ، * إِذْ جاءَكُمْ، فَلْـيَنْفَعِ السِّلْمُ قال ابن بري: هذا البيت ليس للعَرْجِـيِّ، كما ظنه الحريري، فقال في دُرَّة الغواص: هو للعَرْجِـيِّ.
وصوابه: أَظُلَيْم؛ وظُلَيم: ترخيم ظُلَيْمة، وظُلَيْمة: تصغير ظَلُوم تصغير الترخيم.
ويروى: أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم.
وظُلَيْمُ: هي أُمُّ عمْران، زوجةُ عبدِاللّه بنُ مُطِـيعٍ، وكان الحرثُ يَنْسِبُ بها، ولما مات زوجها تزوجها.
ورجلاً: منصوبٌ بمُصابٍ، يعني: إِنَّ إِصابَتَكم رجلاً؛ وظُلْم: خبر إِنَّ.
وأَجمعت العرب على همز الـمَصائِب، وأَصله الواو، كأَنهم شبهوا الأَصليّ بالزائد.
وقولُهم للشِّدة إِذا نزلتْ: صَابَتْ بقُرٍّ أَي صارت الشِّدَّة في قَرارِها.
وأَصابَ الشيءَ: وَجَدَه.
وأَصابه أَيضاً: أَراده.
وبه فُسِّر قولُه تعالى: تَجْري بأَمْره رُخاءً حيثُ أَصابَ؛ قال: أَراد حيث أَراد؛ قال الشاعر: وغَيَّرها ما غَيَّر الناسَ قَبْلَها، * فناءَتْ، وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِـيبُها أَراد: تُريدها؛ ولا يجوز أَن يكون أَصَابَ، من الصَّواب الذي هو ضدّ الخطإِ، لأَنه لا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً في حال واحد.
وصَابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِـيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إِذا قَصَد ولم يَجُزْ؛ وقيل: صَابَ جاءَ من عَلُ، وأَصابَ: من الإِصابةِ، وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً، لغة في أَصابه.
وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ.
والعرب تقول للسائر في فَلاة يَقْطَعُ بالـحَدْسِ، إِذا زاغَ عن القَصْدِ: أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك.
وفلان مُستقيم الصَّوْبِ إِذا لم يَزِغْ عن قَصْدِه يميناً وشمالاً في مَسِـيره.
وفي المثل: مع الخَوَاطِـئِ سهمٌ صائبٌ؛ وقول أَبي ذؤَيب: إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها، * كعَنْزِ الفَلاةِ، مُسْتَدِرٌّ صِـيابُها أَرادَ جمعَ صَائِبٍ، كصاحِب وصِحابٍ، وأَعَلَّ العينَ في الجمع كما أَعَلَّها في الواحد، كصائم وصِـيامٍ وقائم وقِـيامٍ، هذا إِن كان صِـيابٌ من الواو ومن الصَّوابِ في الرمي، وإِن كان من صَابَ السَّهمُ الـهَدَفَ يَصِـيبُه، فالياء فيه أَصل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: فكيفَ تُرَجِّي العَاذِلاتُ تَجَلُّدي، * وصَبْرِي إِذا ما النَّفْسُ صِـيبَ حَمِـيمُها فسره فقال: صِـيبَ كقولكَ قُصِدَ؛ قال: ويكون على لغة من قال: صَاب السَّهْمُ. قال: ولا أَدْري كيف هذا، لأَن صاب السهمُ غير متعدٍّ. قال: وعندي أَن صِـيبَ ههنا من قولهم: صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ، فكأَنَّ المنيةَ كانت صابَتِ الـحَمِيمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها.
وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ: صائبٌ؛ قال ابن جني: لم نعلم في اللغة صفة على فعيل مما صحت فاؤُه ولامه، وعينه واو، إِلاَّ قولهم طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب؛ قال: فأَما العَوِيصُ فصفة غالبة تَجْرِي مَجْرى الاسم.
وهو في صُوَّابةِ قومه أَي في لُبابهم.
وصُوَّابةُ القوم: جَماعتُهم، وهو مذكور في الياءِ لأَنها يائية وواوية.
ورجلٌ مُصابٌ، وفي عَقْل فلان صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ من الجُنون؛ وفي التهذيب: كأَنه مجنون.
ويقال للمجنون: مُصابٌ.
والـمُصابُ: قَصَب السُّكَّر. التهذيب، الأَصمعي: الصَّابُ والسُّلَعُ ضربان، من الشجر، مُرَّان.
والصَّابُ عُصارة شجر مُرٍّ؛ وقيل: هو شجر إِذا اعْتُصِرَ خَرَج منه كهيئة اللَّبَن، وربما نَزَت منه نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فتقع في العين كأَنها شِهابُ نارٍ، وربما أَضْعَفَ البصر؛ قال أَبو ذُؤَيب الـهُذَلي: إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً، * كأَنَّ عَيْنِـيَ فيها الصّابُ مَذْبُوحُ(1) (1 قوله «مشتجراً» مثله في التكملة والذي في المحكم مرتفقاً ولعلهما روايتان.) ويروى: نام الخَلِـيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً والـمُشْتَجِرُ: الذي يضع يده تحت حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه.
وقيل: الصَّابُ شجر مُرٌّ، واحدته صابَةٌ.
وقيل: هو عُصارة الصَّبِرِ. قال ابن جني: عَيْنُ الصَّابِ واوٌ، قياساً واشتقاقاً، أَما القياس فلأَنها عين والأَكثر أَن تكون واواً، وأَما الاشتقاق فلأَنَّ الصَّابَ شجر إِذا أَصاب العين حَلَبها، وهو أَيضاً شجر إِذا شُقَّ سالَ منه الماءُ.
وكلاهما في معنى صابَ يَصُوبُ إِذا انْحَدر. ابن الأَعرابي: الـمِصْوَبُ الـمِغْرَفَةُ؛ وقول الهذلي: صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ، * حتَّى كأَن عليهم جابِـياً لُبَدَا صابُوا بهم: وَقَعوا بهم.
والجابي: الجَراد.
واللُّبَدُ: الكثير.
والصُّوبةُ: الجماعة من الطعام.
والصُّوبةُ: الكُدْسةُ من الـحِنْطة والتمر وغيرهما.
وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ، عن كراع. قال ابن السكيت: أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ، وهو موضع التمر.
والصُّوبةُ: الكُثْبة من تُراب أَو غيره.
وحكى اللحياني عن أَبي الدينار الأَعرابي: دخلت على فلان فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بين يديه أَي كُدْسٌ مجتمع مَهِـيلةٌ؛ ومَن رواه: فإِذا الدينار، ذهب بالدينار إِلى معنى الجنس، لأَن الدينار الواحد لا يكون صُوبةً.
والصَّوْبُ: لَقَبُ رجل من العرب، وهو أَبو قبيلة منهم.
وبَنُو الصَّوْبِ: قوم من بَكْر بن وائل.
وصَوْبةُ: فرس العباسِ بن مِرْداس.
وصَوْبة أَيضاً: فرس لبني سَدُوسٍ.

جور (لسان العرب) [0]


الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً.
وقوم جَوَرَةٌ وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ.
والجَوْرْ: ضِدُّ القصدِ.
والجَوْرُ: تركُ القصدِ في السير، والفعل جارَ يَجُورُ، وكل ما مال، فقد جارَ.
وجارَ عن الطريق: عَدَلَ.
والجَوْرُ: المَيْلُ عن القصدِ.
وجار عليه في الحكم وجَوَّرَهُ تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ قول أَبي ذؤيب: (* قوله: «وقول أَبي ذؤيب» نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب). فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ ومِثْلَها لَفِيكَ، ولكِنِّي أَراكَ تَجُورُها إِنما أَراد: تَجُورُ عنها فحذف وعدَّى، وأَجارَ غيرَهُ؛ قال عمرو بن عَجْلان: وقُولا لها: ليس الطَّريقُ أَجارَنا، ولكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا وطَريقٌ جَوْرٌ: جائر، وصف بالمصدر.
وفي حديث . . . أكمل المادة ميقات الحج: وهو جَوْرٌ عن طريقنا؛ أَي مائل عنه ليس على جادَّته، من جارَ يَجُورُ إِذا مال وضل؛ ومنه الحديث: حتى يسير الراكبُ بينَ النّطْفَتَيْنِ لا يخشى إِلاّ جَوْراً؛ أَي ضلالاً عن الطريق؛ قال ابن الأَثير: هكذا روى الأَزهري، وشرح: وفي رواية لا يَخْشَى جَوْراً، بحذف إِلاَّ، فإِن صح فيكون الجور بمعنى الظلم.
وقوله تعالى: ومنها جائر؛ فسره ثعلب فقال: يعني اليهود والنصارى.
والجِوارُ: المُجاوَرَةُ والجارُ الذي يُجاوِرُك وجاوَرَ الرجلَ مُجاوَرَةً وجِواراً وجُواراً، والكسر أَفصح: ساكَنَهُ.
وإِنه لحسَنُ الجِيرَةِ: لحالٍ من الجِوار وضَرْب منه.
وجاوَرَ بني فلان وفيهم مُجاوَرَةً وجِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، وهو من ذلك، والاسم الجِوارُ والجُوارُ.
وفي حديث أُم زَرْع: مِلْءُ كِسائها وغَيظُ جارَتها؛ الجارة: الضَّرَّةُ من المُجاورة بينهما أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بذلك.
ومنه الحديث: كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لي؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ.
وحديث عمر قال لحفصة: لا يَغُركِ أَن كانت جارَتُك هي أَوْسَم وأَحَبّ إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منك؛ يعني عائشة؛ واذهب في جُوارِ الله.
وجارُكَ: الذي يُجاوِرُك، والجَمع أَجْوارٌ وجِيرَةٌ وجِيرانٌ، ولا نظير له إِلاَّ قاعٌ وأَقْواعٌ وقِيعانٌ وقِيعَةٌ؛ وأَنشد: ورَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ وتَجاوَرُوا واجْتَوَرُوا بمعنى واحد: جاوَرَ بعضهم بعضاً؛ أَصَحُّوا اجْتَوَرُوا إِذا كانت في معنى تَجاوَرُوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً على أَنه في معنى ما لا بد من صحته وهو تَجاوَرُوا. قال سيبويه: اجْتَوَرُوا تَجاوُراً وتَجاوَرُوا اجْتِواراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع صاحبه، لتساوي الفعلين في المعنى وكثرة دخول كل واحد من البناءين على صاحبه؛ قال الجوهري: إِنما صحت الواو في اجْتَوَرُوا لأَنه في معنى ما لا بدّ له أَن يخرّج على الأَصل لسكون ما قبله، وهو تَجَاوَرُوا، فبني عليه، ولو لم يكن معناهما واحداً لاعتلت؛ وقد جاء: اجْتَارُوا مُعَلاًّ؛ قال مُليح الهُذلي: كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ (* قوله: «كدلخ إلخ» كذا في الأَصل). التهذيب: عن ابن الأَعرابي: الجارُ الذي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ.
والجارُ النِّقِّيح: هو الغريب.
والجار: الشَّرِيكُ في العَقار.
والجارُ: المُقاسِمُ.
والجار: الحليف.
والجار: الناصر.
والجار: الشريك في التجارة، فَوْضَى كانت الشركة أَو عِناناً.
والجارة: امرأَة الرجل، وهو جارُها.
والجَارُ: فَرْجُ المرأَة.
والجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، وهي الاست.
والجارُ: ما قَرُبَ من المنازل من الساحل.
والجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِّءُ الجِوارِ.
والجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ.
والجارُ: اليَرْبُوعِيُّ.
والجار: المنافق.
والجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفعاله.
والجارُ: الحَسْدَلِيُّ الذي عينه تراك وقلبه يرعاك. قال الأَزهري: لما كان الجار في كلام العرب محتملاً لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأَعرابي لم يجز أَن يفسر قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِه، أَنه الجار الملاصق إِلاَّ بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أُريد به، فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مفسرة أَن المراد بالجار الشريك الذي لم يقاسم، ولا يجوز أَن يجعل المقاسم مثل الشريك.
وقوله عز وجل: والجارِ ذي القُرْبَى والجارِ الجُنُبِ؛ فالجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في الحِواءِ ويكون نازلاً في بلدة وأَنت في أُخْرَى فله حُرَمَةُ جِوارِ القرابة، والجار الجنب أَن لا يكون له مناسباً فيجيء إِليه ويسأَله أَن يجيره أَي يمنعه فينزل معه، فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره ومَنَعَتِه ورُكونه إِلى أَمانه وعهده.
والمرأَةُ جارَةُ زوجها لأَنه مُؤْتَمَرٌ عليها، وأُمرنا أَن نحسن إِليها وأَن لا نعتدي عليها لأَنها تمسكت بعَقْدِ حُرْمَةِ الصِّهْرِ، وصار زوجها جارها لأَنه يجيرها ويمنعها ولا يعتدي عليها؛ وقد سمي الأَعشى في الجاهلية امرأَته جارة فقال: أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ ومَوْمُوقَةٌ، ما دُمْتِ فينا، ووَامِقَهْ وهذا البيت ذكره الجوهري، وصدره: أَجارَتَنَا بيني فإِنك طالقه قال ابن بري: المشهور في الرواية: أَيا جارتا بيني فإِنك طالقه، كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ وطارِقَهْ ابن سيده: وجارة الرجل امرأَته، وقيل: هواه؛ وقال الأَعشى: يا جَارَتَا ما أَنْتِ جَارَهْ، بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ وجَاوَرْتُ في بَني هِلالٍ إِذا جاورتهم.
وأَجارَ الرجلَ إِجَارَةً وجَارَةً؛ الأَخيرة عن كراع: خَفَرَهُ.
واسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ.
وفي التنزيل العزيز: وإِنْ أَحَدٌ من المشركين استجارك فأَجِرُهُ حتى يعسْمَعَ كلامَ الله؛ قال الزجاج: المعنى إِن طلب منك أَحد من أَهل الحرب أَن تجيره من القتل إِلى أَن يسمع كلام الله فأَجره أَي أَمّنه، وعرّفه ما يجب عليه أَن يعرفه من أَمر الله تعالى الذي يتبين به الإِسلام، ثم أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لئلا يصاب بسوء قبل انتهاه إِلى مأْمنه.
ويقال للذي يستجير بك: جارٌ، وللذي يُجِيرُ: جَارٌ.
والجار: الذي أَجرته من أَن يظلمه ظالم؛ قال الهذلي: وكُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ، أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي وجارُك: المستجيرُ بك.
وهم جارَةٌ من ذلك الأَمر؛ حكاه ثعلب، أَي مُجِيرُونَ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك، إِلاَّ أَن يكون على توهم طرح الزائد حتى يكون الواحد كأَنه جائر ثم يكسر على فَعَلةٍ، وإِلاَّ فَلا وجه له. أَبو الهيثم: الجارُ والمُجِيرُ والمُعِيذُ واحدٌ.
ومن عاذ بالله أَي استجار به أَجاره الله، ومن أَجاره الله لم يُوصَلْ إِليه، وهو سبحانه وتعالى يُجِيرُ ولا يُجَارُ عليه أَي يعيذ.
وقال الله تعالى لنبيه: قل لَنْ يُجِيرَني من الله أَحدٌ؛ أَي لن يمنعنى من الله أَحد.
والجارُ والمُجِيرُ: هو الذي يمنعك ويُجْيرُك.
واستْجَارَهُ من فلان فَأَجَارَهُ منه.
وأَجارَهُ الله من العذاب: أَنقذه.
وفي الحديث: ويُجِيرُ عليهم أَدناهم؛ أَي إِذا أَجار واحدٌ من المسلمين حرّ أَو عبد أَو امرأَة واحداً أَو جماعة من الكفار وخَفَرَهُمْ وأَمنَّهم، جاز ذلك على جميع المسلمين لا يُنْقَضُ عليه جِوارُه وأَمانُه؛ ومنه حديث الدعاء: كما تُجِيرُ بين البحور؛ أَي تفصل بينها وتمنع أَحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه.
وفي حديث القسامة: أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هذا برجل من الخمسين أَي تؤمنه منها ولا تستحلفه وتحول بينه وبينها، وبعضهم يرويه بالزاي، أَي تأْذن له في ترك اليمين وتجيزه. التهذيب: وأَما قوله عز وجل: وإِذْ زَيَّنَ لهم الشيطانُ أَعْمَالَهُمْ وقال لا غالَب لَكُم اليومَ من الناسِ وإِني جَارٌ لكم؛ قال الفرّاء: هذا إِبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة؛ قال وقوله: إِني جار لكم؛ يريد أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم ومُعيذُكم من قومي بني كنانة فلا يَعْرِضُون لكم، وأَن يكونوا معكم على محمد، صلى الله عليه وسلم، فلما عاين إِبليس الملائكة عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هارباً، فقال له الحرثُ بن هشام: أَفراراً من غير قتال؟ فقال: إِني بريء منكم إِني أَرَى ما لا تَرَوْنَ إِني أَخافُ الله واللهُ شديدُ العقاب. قال: وكان سيد العشيرة إِذا أَجار عليها إِنساناً لم يخْفِرُوه.
وجِوارُ الدارِ: طَوَارُها.
وجَوَّرَ البناءَ والخِبَاءَ وغيرهما: صَرَعَهُ وقَلَبهَ؛ قال عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ: قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ، إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ وتَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ.
وضَرَبَهُ ضربةً تَجَوَّرَ منها أَي سَقَطَ.
وتَجَوَّرَ على فِرَاشه: اضطجع.
وضربه فجوّره أَي صَرَعَهُ مثل كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ وقال رجل من رَبِيعةِ الجُوعِ: فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا، وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا وقول الأَعلم الهذلي يصف رَحِمَ امرأَةٍ هجاها: مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ قال السُّكَّريُّ: عنى بالجائر العظيم من الدلاء.
والجَوَارُ: الماءُ الكثير؛ قال القطامي يصف سفينة نوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وَلَوْلاَ اللهُ جَارَ بها الجَوَارُ أَي الماء الكثير.
وغَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كثير المطر، مأْخوذ من هذا، ورواه الأَصمعي: جُؤَرٌّ له صَوْتٌ؛ قال: لا تَسْقِهِ صَيَّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ ويروى غَرَّافٍ. الجوهري: وغَيْثٌ جِوَرٌّ مثال هِجَفٍّ أَي شديد صوت الرعد، وبازِلٌ جِوَرٌّ؛ قال الراجز: زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ، أَعْيَا قَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَرِّ دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ، ثم شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ والجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشديد.
وبعير جِوَرٌّ أَي ضخم؛ وأَنشد: بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ والجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التهذيب: الجَوَّارُ الذي يعمل لك في كرم أَو بستان أَكَّاراً.
والمُجَاوَرَةُ: الاعتكاف في المسجد.
وفي الحديث: أَنه كان يُجَاوِرُ بِحِراءٍ، وكان يجاور في العشر الأَواخر من رمضان أَي يعتكف.
وفي حديث عطاء: وسئل عن المُجَاوِرِ يذهب للخلاء يعني المعتكف. فأَما المُجاوَرَةُ بمكة والمدينة فيراد بها المُقَامُ مطلقاً غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرع.والإِجارَةُ، في قول الخليل: أَن تكون القافية طاء والأُخرى دالاً ونحو ذلك، وغيره يسميه الإِكْفاءَ.
وفي المصنف: الإِجازة، بالزاي، وقد ذكر في أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ.
والجارُ: موضع بساحل عُمانَ.
وفي الحديث ذِكْرُ الجارِ، هو بتخفيف الراء، مدينة على ساحل البحر بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يوم وليلة.
وجيرانُ: موضع (قوله: «وجيران موضع» في ياقوب جيران، بفتح الجيم وسكون الياء: قرية بينها وبين أَصبهان فرسخان؛ وجيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر بين البصرة وسيراف، وقيل صقع من أَعمال سيراف بينها وبين عمان. اهـ. باختصار)؛ قال الراعي: كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ والضَّفْرِ وجُورُ: مدينة، لم تصرف الماكن العجمة. الصحاح: جُورُ اسم بلد يذكر ويؤنث.

درك (لسان العرب) [0]


الدَّرَكُ: اللحَاق، وقد أَدركه.
ورجل دَرَّاك: مُدْرِك كثير الإدْراك، وقلما يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ يُفْعِل إلا أَنهم قد قالوا حَسَّاس دَرّاك، لغة أَوازدواج، ولم يجئ فَعَّال من أَفْعَلَ إلاَّ دَرَّاك من أَدْرَك، وجَبّار من أَجبره على الحكم أَكرهه، وسَأْآر من قوله أَسأَر في الكأْس إِذا أَبقى فيها سؤْراً من الشراب وهي البقية، وحكى اللحياني: رجل مُدْرِكةٌ، بالهاء، سريع الإدْراكِ، ومُدْرِكةُ: إسم رجل مشتق من ذلك.
وتَدَاركَ القومُ: تلاحقوا أَي لَحِق آخرُهم أَولَهم.
وفي التنزيل: حتى إذا ادّارَكُوا فيها جميعاً؛ وأَصله تَدَاركوا فأدغمت التاء في الدال واجتلبت الألف ليسلم السكون.
وتَدَارك الثَّرَيان أَي أَدرك ثرى المطر ثرى الأرض. الليث: الدَّرَك إدراك الحاجة ومَطْلبِه. . . . أكمل المادة يقال: بَكِّرْ ففيه دَرَك.
والدَّرَك: اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ، ومنه ضمان الدَّرَكِ في عهدة البيع.
والدَّرَك: اسم من الإدْراك مثل اللَّحَق.
وفي الحديث: أَعوذ بك من دَرْك الشَّقاء؛ الدَّرْك: اللَّحاق والوصول إلى الشيء، أدركته إدْراكاً ودركاً وفي الحديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دَرَكاً له في حاجته.
والدَّرَك: التَّبِعةُ، يسكن ويحرك. يقال: ما لَحِقك من دَرَكٍ فعليَّ خلاصُه.
والإدْراكُ: اللحوق. يقال: مشيت حتى أَدْرَكته وعِشْتُ حتى أَدْرَكْتُ زمانه.
وأَدْرَكْتُه ببصري أَي رأَيته وأَدْرَكَ الغلامُ وأَدْرَكَ الثمرُ أَي بلغ، وربما قالوا أَدْرَكَ الدقيق بمعنى فَنِيَ.
واستَدْرَكْت ما فات وتداركته بمعنى.
وقولهم: دَرَاكِ أَي أَدْرِكْ، وهو اسم لفعل الأَمر، وكسرت الكاف لاجتماع الساكنين لأَن حقها السكون للأَمر؛ قال ابن بري: جاء دَرَاك ودَرَّاك وفَعَال وفَعَّال إِنما هو من فعل ثلاثي ولم يستعمل منه فعل ثلاثي، ون كان قد استعمل منه الدَّرْكُ؛ قال جَحْدَر بن مالك الحنظلي يخاطب الأَسد: لَيْثٌ ولَيْثٌ في مَجالٍ ضنكِ، كلاهما ذو أنَف ومَحْكِ وبَطْشةٍ وصِوْلةٍ وفَتْك، إن يَكْشِف الله قِناع الشك بظَفَرٍ من حاجتي ودَرْك، فذا أَحَقُّ مَنْزِل بتَرْكِ قال أَبو سعيد: وزادني هفّان في هذا الشعر: الذئب يَعْوي والغُراب يَبْكي قال الأصمعي: هذا كقول ابن مُفَرِّغ الريحُ تَبْكي شَجْوَها، والبرقُ يَضحك في الغَمَامة قال: ثم قال جحدر أَيضاً في ذلك: يا جُمْلُ إِنكِ لو شهِدْتِ كَرِيهتي، في يوم هَيْجٍ مُسْدِفٍ وعَجاجِ، وتَقَدُّمِي لليث أَرْسُف نحوه، كَيْما أكابِرَه على الأَحْرَاجِ قال: وقال قيس بن رفاعة في دَرَّاك: وصاحب الوَتْرِ ليس الدهر مُدْرِكَهُ عندي، وإني لدَرَّاكٌ بأَوْتارِ والدَّرك: لحاق الفرسِ الوحْشَ وغيرها.
وفرس دَرَك الطَّريدة يُدْرِكها كما قالوا فرس قَيْدُ الأَوَابِدِ أَي أَنه يُقَيِّدها.
والدَّرِيكة: الطَّريدةُ.
والدَّراك: اتباع الشيء بعضه على بعضٍ في الأَشياء كلها، وقد تَدَارك، والدِّراك: المُداركة. يقال: دَارَك الرجل صوته أَي تابعه.
وقال اللحياني: المُتَدَارِكة غير المُتَوَاتِرة. المُتَواتِرُ: الشيءُ الذي يكون هُنَيَّةً ثم يجيءُ الآخر، فإذا تتابعت فليست مُتَوَاتِرة، هي مُتَداركة متواترة. الليث: المُتَدَارِك من القَوَافي والحروف المتحركة ما اتفق متحركان بعدهما ساكن مثل فَعُو وأَشباه ذلك؛ قال ابن سيده: والمُتَدَارِكُ من الشِّعْر كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين، وهي متفاعِلُنْ ومستفعلن ومفاعِلُنْ، وفَعَلْ إذا اعتمد على حرف ساكن نحو فَعُولُنْ فَعَلْ، فاللام من فعل ساكنة، وفُلْ إذا اعتمد على حرف متحرك نحو فَعُولُ فُلْ، اللام من فُلْ ساكنة والواو من فَعُولُ ساكنة، سمي بذلك لتوالي حركتين فيها، وذلك أَن الحركات كما قدمنا من آلات الوصل وأَماراته، فكأنَّ بعض الحركات أدرك بعضاً ولم يَعُقْده عنه اعتراض الساكن بين المتحركين.
وطَعَنَهُ طعناً دِراكاً وشرِب شرباً دِراكاً، وضرب دِراكٌ: متتابع.
والتَّدْرِيكُ: من المطر: أَن يُدَارِكَ القَطْرُ كأنه يُدْرِك بعضُه بعضاً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد أَعرابي يخاطب ابنه: وَابِأَبي أَرْواحُ نَشْرِ فِيكا، كأَنه وهْنٌ لمن يَدْرِيكا إذا الكَرى سنَاتِهِ يُغْشِيكا، رِيحَ خُزامَى وُلِّيَ الرَّكِيكا، أَقْلَعَ لمَّا بَلَغَ التَّدْرِيكا واسْتَدْرَك الشيءَ بالشيءِ: حاول إِدْراكه به، واستعمل هذا الأَخفش في أَجزاء العروض فقال: لأَنه لم ينقص من الجزء شيء فيستدركه.
وأَدْرَكَ الشيءُ: بلغ وقته وانتهى.
وأَدْرَك أَيضاً: فَنِيَ.
وقوله تعالى: بل ادَّارَكِ علمهم في الآخرة؛ روي عن الحسن أَنه قال: جهلوا علم الآخرة أَي لا علم عندهم في أَمر الآخرة. التهذيب: وقوله تعالى: قل لا يعلم مَنْ في السموات والأَرض الغيب إلا الله وما يشعرون أَيَّان يُبْعثون بل ادَّارَكَ علمهم في الآخرة؛ قرأَ شيبة ونافع بل ادَّرَاك وقرأَ أَبو عمرو بل أَدْرَكَ، وهي في قراءة مجاهد وأَبي جعفر المدني، وروي عن ابن عباس أَنه قرأَ: بَلى آأَدْرَك علمهم، يستفهم ولا يشدد، فأَما من قرأَ بل ادَّارَكَ فإن الفراء قال: معناه لغةً تَدَارَك أَي تتابع علمهم في الآخرة، يريد بعلم الآخرة تكون أو لا تكون، ولذلك قال: بل هم في شك منها بل هم منها عَمُون، قال: وهي في قراءة أَُبيّ تَدارَكَ، والعرب تجعَل بل مكان أَم وأَم مكان بل إذا كان في أَول الكلمة استفهام مثل قول الشاعر: فوالله ما أَدْرِي، أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ، أَم البُومُ، أَم كلٌّ إِليَّ حَبِيبُ معنى أَم بل؛ وقال أَبو معاذ النحوي: ومن قرأَ بل أَدْرَك ومن قرأَ بل ادّارك فمعناهما واحد، يقول: هم علماء في الآخرة كقول الله تعالى: أَسْمعْ بهم وأَبْصِرْ يوم يأْتوننا، ونحو ذلك. قال السدي في تفسيره، قال: اجتمع علمهم في الآخرة ومعناها عنده أَي عَلِمُوا في الآخرة أَن الذي كانوا يوعَدُون به حق؛ وأَنشد للأَخطل: وأَدْرَكَ عِلْمي في سوَاءَة أَنها تقيم على الأَوْتار والمَشْرَب الكدر أَي أَحاط علمي بها أَنها كذلك. قال الأَزهري: والقول في تفسير أَدْرَكَ وادَّارَكَ ومعنى الآية ما قال السدي وذهب إليه أَبو معاذ وأَبو سعيد، والذي قاله الفراء في معنى تَدَارَكَ أَي تتَابع علمهم في الآخرة أَنها تكون أَو لا تكون ليس بالبَيِّنِ، إِنما المعنى أَنه تتَابع علمهم في الآخرة وتواطأَ حين حَقَّت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وُعِدُوا، حين لا ينفعهم ذلك العلم، ثم قال سبحانه: بل هم اليوم في شك من علم الآخرة بل هم منها عَمُون، أَي جاهلون، والشَّك في أَمر الآخرة كفر.
وقال شمر في قوله تعالى: بل أَدْرَكَ علمهم في الآخرة؛ هذه الكلمة فيها أَشياء، وذلك أَنا وجدنا الفعل اللازم والمتعدي فيها في أَفْعَلَ وتَفَاعَلَ وافْتَعَلَ واحداً، وذلك أَنك تقول أَدْرَكَ الشيءَ وأَدْرَكْتُه وتَدَارك القومُ وادَّارَكوا وادَّرَكُوا إذا أَدرَكَ بعضهم بعضاً.
ويقال: تَدَاركتهُ وادَّارَكْتُه وادَّرَكْتُه؛ وأَنشد: تَدَاركتُما عَبْساً وذُبْيان بعدما تفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْر مَنْشِمِ وقال ذو الرمة: مَجَّ النَّدَى المُتَدارِكِ فهذا لازم؛ وقال الطرماح: فلما ادَّرَكْناهُنَّ أَبدَيْنَ للهَوَى وهذا متعد.
وقال الله تعالى في اللازم: بل ادَّارَكَ علمهم. قال شمر: وسمعت عبد الصمد يحدث عن الثوري في قوله: بل ادَّارَكَ علمُهم في الآخرة قال مجاهد: أَم تواطأَ علمهم في الآخرة؛ قال الأَزهري: وهذا يوافق قول السدي لأَن معنى تواطأَ تحقق واتفق حين لا ينفعهم، لا على أنه تواطأَ بالحَدْس كما ظنه الفراء؛ قال شمر: وروي لنا حرف عن ابن المظفر قال ولم أَسمعه لغيره ذكر أَنه قال أَدْرَكَ الشيءُ إذا فَنِيَ، فإن صح فهو في التأويل فَنِيَ علمُهم في معرفة الآخرة، قال أَبو منصور: وهذا غير صحيح في لغة العرب، قال: وما علمت أَحداً قال أَدْرك الشيءُ إذا فني فلا يعرّج على هذا القول، ولكن يقال أَدْرَكتِ الثِّمار إذا بلغت إناهَا وانتهى نُضْجها؛ وأَما ما روي عن ابن عباس أَنه قرأَ بلى آأَدْرَكَ عِلْمهم في الآخرة، فإنه إن صح استفهام فيه ردّ وتهكّم، ومعناه لم يُدْرِكْ علمهم في الآخرة، ونحو ذلك روى شعبة عن أَبي حمزة عن ابن عباس في تفسيره؛ ومثله قول الله عز وجل: أَم له البَناتُ ولكم البنُون؛ معنى أَم أَلف الإستفهام كأَنه قال أَله البنات ولكم البنون، اللفظ لفظ الإستفهام ومعناه الردّ والتكذيب لهم، وقول الله سبحانه وتعالى: لا تخاف دَرَكا ولا تخشى؛ أَي لا تخاف أَن يُدْرِ كَكَ فرعونُ ولا تخشاه، ومن قرأَ لا تَخَفْ فمعناه لا تَخَفْ أَن يُدْرِ كَكَ ولا تخشَ الغرق.
والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشيء، زاد التهذيب: كالبحر ونحوه. شمر: الدَّرَكُ أَسفل كل شيء ذي عُمْق كالرَّكِيَّة ونحوها.
وقال أَبو عدنان: يقال أَدْرَكوا ماء الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قعرها الذي أُدرِكَ فيه الماء، والدَّرَكُ الأَسفل في جهنم، نعوذ بالله منها: أَقصى قعرها، والجمع أَدْرَاك.
ودَرَكاتُ النارِ: منازل أَهلها، والنار دَرَكات والجنة درجات، والقعر الآخر دَرْك ودَرَك، والدَّرَك إلى أَسفل والدَّرَجُ إلى فوق، وفي الحديث ذكر الدَّرَك الأسفل من النار، بالتحريك والتسكين، وهو واحد الأَدْراك وهي منازل في النار، نعوذ بالله منها. التهذيب: والدَّرَكُ واحد من أَدْرَاك جهنم من السبع، والدَّرْكُ لغة في الدَّرَك. الفراء في قوله تعالى: إن المنافقين في الدَّرْك الأَسفل من النار، يقال: أَسفل دَرَجِ النار. ابن الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ من أَطباق جهنم، وروي عن ابن مسعود أَنه قال: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ من حديد تصَفَّدُ علهيم في أَسفل النار؛ قال أَبو عبيدة: جهنم دَرَكاتٌ أَي منازل وأَطباق، وقال غيره: الدَّرَجات منازل ومَرَاقٍ بعضها فوق بعض، فالدَّرَكات ضد الدَّرَجات.
وفي حديث العباس: أَنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أَما كان ينفع عَمَّك ما كان يصنع بك؟ كان يحفظك ويَحْدَب عليك، فقال: لقد أُخْرِجَ بسببي من أَسفل دَرَك من النار فهو في ضَحْضَاحٍ من نار، ما يَظُنُّ أَن أَحداً أَشدُّ عذاباً منه، وما في النار أَهون عذاباً منه؛ العذاب لجعله، صلى الله عليه وسلم، إياه ضدّاً للضَّحضاح أو كالضد له، والضَّحضاح أُريد به القليل من العذاب مثل الماء الضحضاح الذي هو ضد الغَمْر؛ وقيل لأَعرابي: إن فلاناً يدعي الفضل عليك، فقال: لو كان أَطول من مسيرة شهر ما بلغ فضلي ولو وقع في ضَحْضاح لغَرِقَ أَي لو وقع في القليل من مياه شَرَفي وفضلي لغرق فيه. قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول للحبل الذي يعلق في حَلْقةِ التَّصْديرِ فيشد به القَتَبُ الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ، ويقال للحبل الذي يشد به العَرَاقي ثم يُشَدّ الرِّشاءُ فيه وهو مثني الدَّرَكُ. الجوهري: والدَّرَك، بالتحريك، قطعة حبل يشد في طرف الرِّشاءِ إِلى عَرْقُوَةِ الدلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفَن الرِّشاءُ. ابن سيده: والدَّرَك حبل يُوَثَّقُ في طرف الحبل الكبير ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفَن بعض الرشاء عند الإستقاء.
والدِّرْكةُ: حَلْقة الوَتَرِ التي تقع في الفُرْضة وهي أَيضاً سير يوصَلُ بوَتَر القَوْس العربية؛ قال اللحياني: الدَّرْكة القطعة التي توصل الحبل إذا قَصُر أَو الحِزام.
ويقال: لا بارَك الله فيه ولا دارَك ولا تارَك، إتباع كله بمعنى.
ويوم الدَّرَكِ: يوم معروف من أَيامهم.
ومُدْرِك ومُدْرِكَةُ: اسمان.
ومُدْرِكةُ: لقب عمرو بن إِلياس بن مُضَر، لقبه بها أَبوه لما أَدرك الإبل.
ومُدْرك بن الجازي: فرس لكُلْثوم بن الحرث.
ودِراكٌ: اسم كلب؛ قال الكميت يصف الثور والكلاب: فاخْتلَّ حِضْنَيْ دِراكٍ وانْثَنى حرِجاً، لزارعٍ طَعْنَةٌ في شِدْقها نَجَلُ أي في جانب الطعنة سعة.
وزارع أَيضاً: اسم كلب.

ربض (لسان العرب) [0]


رَبَضَتِ الدابَّةُ والشاة والخَرُوفُ تَرْبِضُ رَبْضاً ورُبُوضاً وربْضةً حَسَنَة، وهو كالبُروك للإِبل، وأَرْبَضَها هو وربَّضَها.
ويقال للدابة: هي ضَخْمَةُ الرِّبْضةِ أَي ضَخْمَةُ آثارِ المرْبض؛ ورَبَضَ الأَسَد على فَرِيسته والقِرْنُ على قِرْنِه، وأَسَدٌ رابِضٌ ورَبّاضٌ؛ قال:لَيْثٍ على أَقْرانِه رَبّاضِ ورجلٌ رابِضٌ: مَرِيضٌ، وهو من ذلك.
والرَّبِيضُ: الغنم في مرابِضِها كأَنه اسم للجمع؛ قال امرؤ القيس: ذَعَرْتُ به سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه، كما ذَعَرَ السِّرْحانُ جَنْبَ الرَّبِيضِ والرَّبِيضُ: الغنم برُعاتها المجتمعة في مَرْبِضها. يقال: هذا رَبِيضُ بني فلان.
وفي حديث معاوية: لا تبعثوا الرابِضَينِ التُّركَ والحبَشةَ أَي المِقيمَيْن الساكِنَينِ، يريد لا تُهَيِّجوهم عليكم ما داموا لا يَقْصِدُونكم.
والرَّبِيضُ والرِّبْضةُ: شاء بِرُعاتِها اجتمعت في مَرْبِضٍ واحد.
والرِّبْضةُ: . . . أكمل المادة الجماعة من الغنم والناس وفيها رِبْضَةٌ من الناس، والأَصل للغنم.
والرَّبَضُ: مَرابِض البقر.
ورَبَضُ الغنم: مأْواها؛ قال العجاج يصف الثور الوحشيّ: واعْتادَ أَرْباضاً لها آرِيُّ، مِنْ مَعْدِنِ الصِّيرانِ، عُدْمُلِيُّ العُدْمُلِيُّ: القديم.
وأَراد بالأَرْباض جمع رَبَض، شبَّه كِناسَ الثور بمأْوَى الغنم.
والرُّبوضُ: مصدر الشيء الرابِضِ.
وقوله، صلّى اللّه عليه وسلّم، للضحاك بن سفيان حين بعثه إِلى قومه: إِذا أَتيتَهُم فارْبِضْ في دارِهم ظَبْياً؛ قال ابن سيده: قيل في تفسيره قولان: أَحدهما، وهو قول ابن قتيبة عن ابن الأَعرابي، أَنه أَراد أَقِمْ في دارهم آمِناً لا تَبْرَحْ كما يُقِيم الظَّبْي الآمِنُ في كِناسِه قد أَمِنَ حيث لا يرى أَنيساً، والآخر، وهو قول الأَزهري: أَنه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَمره أَن يأْتيهم مُسْتَوْفِزاً مُسْتَوْحِشاً لأَنهم كفَرةٌ لا يَأْمَنُهم، فإِذا رابَه منهم رَيْبٌ نَفَرَ عنهم شارِداً كما يَنْفِرُ الظبي، وظَبْياً في القولين منتصب على الحال، وأَوقع الاسم موقع اسم الفاعل كأَنه قدّره متظبياً؛ قال: حكاه الهرويّ في الغريبين.
وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: مثَلُ المنافِقِ مثلُ الشاة بين الرَّبَضَينِ إِذا أَتتْ هذه نَطَحَتْها، ورواه بعضهم: بين الرَّبِيضَينِ، فمن قال بين الرَّبَضَينِ أَراد مَرْبِضَيْ غَنَمَين، إِذا أَتتْ مَرْبِضَ هذه الغنم نطحها غنمه، ومن رواه بين الرَّبِيضَينِ فالربِيضُ الغنم نفسها، والرَّبَضُ موضِعها الذي تَرْبِضُ فيه، أَراد أَنه مُذَبْذَبٌ كالشاة الواحدة بين قطيعين من الغنم أَو بين مَرْبِضَيْهِما؛ ومنه قوله: عَنَتاً باطِلاً وظُلْماً، كما يُعْـ ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ وأَراد النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بهذا المثل قول اللّه عزّ وجلّ: مذبذبين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء. قالوا: رَبَضُ الغنم مأْواها، سُمِّيَ رَبَضاً لأَنها تَرْبِضُ فيه، وكذلك رَبَضُ الوَحْش مأْواهُ وكِناسُه.
ورجل رُبْضَة ومُتَرَبِّضٌ: مُقِيمٌ عاجز.
ورَبَضَ الكبشُ: عَجز عن الضِّرابِ، وهو من ذلك؛ غيره: رَبَضَ الكبشُ رُبُوضاً أَي حَسَرَ وتَرَكَ الضِّرابَ وعَدَلَ عنه ولا يقال فيه جَفَرَ.
وأَرْنَبةٌ رابِضةٌ: ملتزقة بالوجه.
وربض الليل: أَلقى بنفسه، وهذا على المثل؛ قال: كأَنَّها، وقد بَدَا عُوارِضُ، والليلُ بَينَ قَنَوَيْنِ رابِضُ، بِجَلْهَةِ الوادِي، قَطاً رَوابِضُ وقيل: هو الدُّوّارةُ من بطن الشاء.
ورَبَضُ الناقة: بطنها، أُراه إِنما سمي بذلك لأَن حِشْوَتَها في بطنها، والجمع أَرْباض. قال أَبو حاتم: الذي يكون في بطون البهائم مُتَثَنِّياً المَرْبِضُ، والذي أَكبر منها الأَمْغالُ، واحدها مُغْل (* قوله «الامغال واحدها مغل» كذا بالأصل مضبوطاً.) ، والذي مثل الأَثْناء حَفِثٌ وفَحِثٌ، والجمع أَحفاثٌ وأَفحاثٌ.
وربَّضْتُه بالمكان: ثَبَّتُّه. اللحياني: يقال إِنه لرُبُضٌ عن الحاجات وعن الأَسفار على فُعُل أَي لا يخرج فيها.
والرَّبَضُ والرُّبُضُ والرُّبَضُ: امرأَة الرجل لأَنها تُرَبِّضُه أَي تُثَبِّتُه فلا يبرح.
ورَبَضُ الرجل ورُبْضُه: امرأَته.
وفي حديث نَجَبةَ: زوَّج ابنتَه من رجل وجَهَّزَها وقال لا يَبِيتُ عَزَباً وله عندنا رَبَضٌ؛ رَبَضُ الرجل: امرأَتُه التي تقوم بشأْنه، وقيل: هو كل من اسْتَرَحْتَ إِليه كالأُمّ والبنت والأُخت وكالغنم والمَعيشةِ والقُوت. ابن الأَعرابي: الرَّبْضُ والرُّبْضُ والرَّبَضُ الزوجة أَو الأُم أَو الأُخت تُعَزّبُ ذا قَرابَتِها.
ويقال: ما رَبَضَ امْرأً مِثْلُ أُخْت.
والرُّبُضُ: جماعة الشجر المُلْتَفّ.
ودَوْحَةٌ رَبُوضٌ: عظيمة واحدة.
والرَّبُوضُ: الشجرة العظيمة. الجوهري: شجرة رَبُوضٌ أَي عظيمة غليظة؛ قال ذو الرمة: تَجَوَّفَ كلَّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ، من الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا رَبُوضٌ: ضَخْمة، والحِبالُ: جمع حبل وهو رمل مستطيل، وفي تَفَرَّعت ضمير يعود على الأَرْطاة، وتَجَوَّفَ: دخل جَوْفها، والجمع من رَبُوض رُبُضٌ؛ ومنه قول الشاعر: وقالوا: رَبُوضٌ ضَخْمةٌ في جِرانِه، وأَسْمَرُ مِنْ جِلْدِ الذِّراعَينِ مُقْفَلُ أَراد بالرَّبُوضِ سِلْسلةً رَبُوضاً أُوثِقَ بها، جعلها ضخمة ثقيلة، وأَراد بالأَسْمَرِ قِدّاً غُلَّ به فَيَبِسَ عليه.
وفي حديث أَبي لُبابة: أَنه ارْتَبَط بسلسلة رَبُوض إِلى أَن تاب اللّه عليه، وهي الضخمة الثقيلة اللاَّزِقة بصاحبها.
وفَعُولٌ من أَبنية المبالغة يستوي فيه المذكر والمؤنث.
وقَرْيَةٌ رَبُوضٌ: عظيمة مجتمعة.
وفي الحديث: أَن قوماً من بني إِسرائيل باتوا بقَرْيةٍ رَبوضٍ.
ودِرْعٌ رَبُوضٌ: واسِعَة.
وقِرْبةٌ رَبُوضٌ: واسعة.
وحَلَبَ من اللبنِ ما يُرْبِضُ القوم أَي يسَعُهم.
وفي حديث أُمّ مَعْبد: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما قال عندها دعا بإِناءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ؛ قال أَبو عبيد: معناه أَنه يُرْوِيهم حتى يُثْقِلَهم فَيَرْبِضُوا فينانُوا لكثرة اللبن الذي شربوه ويمتدُّوا على الأَرض، من رَبَضَ بالمكان يَرْبِضُ إِذا لَصِقَ به وأَقامَ مُلازماً له، ومن قال يُريضُ الرهط فهو من أَراض الوادي.
والرَّبَضُ: ما وَلِيَ الأَرض من بطن البعير وغيره.
والرَّبَضُ: ما تحَوَّى من مَصارِين البطن. الليث: الرَّبَضُ ما وَلِيَ الأَرض من البعير إِذا بَرَك، والجمع الأَرْباضُ؛ وأَنشد: أَسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباضِ قال أَبو منصور: غلط الليث في الرَّبَضِ وفيما احتج به له، فأَما الرَّبَضُ فهو ما تحَوَّى من مَصارِين البطن، كذلك قال أَبو عبيد، قال: وأَما مَعاقِدُ الأَرْباض فالأَرْباضُ الحبال؛ ومنه قول ذي الرمة: إِذا مَطَوْنا نُسُوعَ الرَّحْلِ مُصْعِدةً، يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج فالأَخْراتُ: خَلَقُ الحِبال، وقد فسر أَبو عبيدة الأَرْباضَ بأَنها جِبال الرحْل. ابن الأَعرابي: الرَّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِضُ والرَّبِيضُ مجتَمَعُ الحَوايا.
والرَّبَضُ: أَسفلُ من السرّة.
والمَرْبض: تحت السرة وفوق العانة.
والرَّبَضُ: كل امرأَة قيِّمةِ بيت.
ورَبَضُ الرجل: كل شيءٍ أَوَى إِليه من امرأَة أَو غيرها؛ قال: جاءَ الشِّتاءُ، ولَمّا أَتَّخِذْ رَبَضاً، يا وَيْحَ كَفِّي من خَفْرِ القَرامِيصِ ورُبْضُه كَرَبَضِه.
ورَبَضَتْه تَرْبِضُه: قامت بأُموره وآوَتْه.
وقال ابن الأَعرابي: تُرْبِضُه، ثم رجع عن ذلك؛ ومنه قيل لقُوت الإِنسان الذي يُقِيمُه ويَكْفِيه من اللبن: رَبَضٌ.
والرَّبَضُ: قَيِّمُ البيت. الرِّياشي: أَرْبَضَتِ الشمس إِذا اشتدَّ حَرُّها حتى تَرْبِضَ الشاةُ والظبْيُ من شدَّة الرمضاء.
وفي المثل: رَبَضُك منك وإِن كان سَماراً؛ السَّمار: الكثير الماء، يقول: قيِّمُكَ منك لأَنه مُهْتَمٌّ بك وإِن لم يكن حسَنَ القِيام عليك، وذلك أَن السَّمارَ هو اللبن المخلوط بالماء، والصَّرِيحُ لا مَحالة أَفضلُ منه، والجمع أَرباضٌ؛ وفي الصحاح: معنى المثل أَي منك أَهلك وخَدَمُك ومن تأْوِي إِليه وإِن كانوا مُقَصِّرِين؛ قال: وهذا كقولهم أَنْفُك منك وإِن كان أَجْدَعَ.
والرَّبَضُ: ما حول المدينة، وقيل: هو الفَضاءُ حَوْلَ المدينة؛ قال بعضهم: الرّبضُ والرُّبْضُ، بالضم (* قوله «والربض بالضم إلخ» لم يعلم ضبط ما قبله فيحتمل أَن يكون بضمتين أو بضم ففتح أو بغير ذلك.)، وسَط الشيء، والرَّبَضُ، بالتحريك، نواحيه، وجمعها أَرْباضٌ، والرَّبَضُ حَرِيم المسجد. قال ابن خالويه: رُبُض المدينة، بضم الراء والباء، أَساسها، وبفتحهما: ما حولها.
وفي الحديث: أَنا زَعِيمٌ يبيت في رَبَضِ الجنة؛ هو بفتح الباء، ما حولها خارجاً عنها تشبيهاً بالأَبنية التي تكون حول المدن وتحت القِلاع؛ ومنه حديث ابن الزبير وبناء الكعبة: فأَخذ ابن مُطِيعٍ العَتَلةَ من شقِّ الرُّبْضِ الذي يلي دارَ بني حُمَيد؛ الرُّبْض، بضم الراء وسكون الباء: أَساسُ البناء، وقيل وسطه، وقيل هو والرَّبَضُ سواءٌ كسُقْم وسَقَم.
والأَرْباضُ: أَمعاء البطن وحِبال الرَّحْل؛ قال ذو الرمة: إِذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْيَ بَكْرةٍ بِتَيْماءَ، لم تُصْبحْ رَؤُوماً سَلُوبُها وعمّ ابن حنيفة بالأَرْباض الحِبال، وفسر ابن الأَعرابي قول ذي الرمة: يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَداريجِ بأَنها بطون الإِبل، والواحد من كل ذلك رَبَضٌ. أَبو زيد: الرَّبَضُ سَفِيفٌ يُجْعَلُ مِثْلَ النِّطاقِ فيجعل في حَقْوَي الناقةِ حتى يُجاوِزَ الوَرِكَينِ من الناحيتين جميعاً، وفي طرفيه حلقتان يعقد فيهما الأَنْساع ثم يشد به الرحل، وجمعه أَرْباض. التهذيب: أَنكر شمر أَن يكون الرُّبْضُ وسَط الشيء، قال: والرُّبْضُ ما مَسَّ الأَرض، وقال ابن شميل: رُبْض الأَرض، بتسكين الباء، ما مَسَّ الأَرض منه.
والرُّبْضُ، فيما قال بعضهم: أَساسُ المدينة والبناء، والرَّبَضُ: ما حَوْله من خارج، وقال بعضهم: هما لغتان.
وفلان ما تقوم رابِضَتُه وما تقوم له رابضة أَي أَنه إِذا رمى فأَصابَ أَو نظر فعانَ قَتَلَ مكانَه (* قتل مكانه: هكذا في الأصل، ولعله أراد أنه قتل المصاب أو المعين في مكانه.).
ومن أَمثالهم في الرجل الذي يتعين الأَشياء فيصيبها بعينه قولهم: لا تقومُ لفلان رابضةٌ، وذلك إِذا قتل كل شيءٍ يصيبه بعينه، قال: وأَكثر ما يقال في العين.
وفي الحديث: أَنه رأَى قُبَّةً حولها غنم رُيُوضٌ، جمع رابض.
ومنه حديث عائشة: رأَيت كأَني على ضَرْبٍ وحَوْلي بقر رُبُوضٌ.
وكل شيءٍ يبرك على أَربعة، فقد رَبَضَ رُبُوضاً.
ويقال: رَبَضَتِ الغنم، وبركت الإِبل، وجَثَمَتِ الطير، والثور الوحشي يَرْبِضُ في كِناسِه. الجوهري: ورُبُوضُ البَقَرِ والغَنمِ والفَرسِ والكلب مثلُ بُروكِ الإِبل وجُثُومِ الطير، تقول منه: رَبَضَتِ الغنمُ تَرْبِضُ، بالكسر، رُبُوضاً.
والمَرابِضُ للغنم: كالمَعاطِنِ للإِبل، واحدها مَرْبِض مثال مَجْلِس.
والرِّبْضةُ: مَقْتَلُ قوم قُتِلُوا في بُقْعَةٍ واحدة.
والرُّبْضُ: جماعة الطَّلْحِ والسَّمُرِ.
وفي الحديث: الرَّابِضةُ ملائكة أُهْبِطُوا مع آدم، عليه السلام، يَهْدُونَ الضُّلاَّلَ؛ قال: ولعله من الإِقامة. قال الجوهري: الرابِضةُ بَقِيَّةُ حَمَلَةِ الحجة لا تخلو منهم الأَرضُ، وهو في الحديث.
وفي حديث في الفتن: روي عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه ذكرَ من أَشراط الساعة أَنْ تَنْطقَ الرُّوَيْبِضَةُ في أَمْرِ العامّةِ، قيل: وما الرويبضة يا رسول اللّه؟ قال: الرجل التافه الحقير ينطق في أَمْرِ العامّةِ؛ قال أَبو عبيد: ومما يثبت حديث الرُّوَيْبِضَة الحديثُ الآخرُ: من أَشراطِ الساعة أَن تُرَى رعاءُ الشاءِ رُؤوسَ الناسِ. قال أَبو منصور: الرُّبَيْضةُ تصغير رابضةٍ وهو الذي يرعى الغنم، وقيل: هو العاجز الذي رَبَضَ عن معَالي الأُمور وقَعَد عن طَلبها، وزيادة الهاء للمبالغة في وصفه، جعل الرابِضَة راعِيَ الرَّبِيض كما يقال داهية، قال: والغالب أَنه قيل للتافه من الناس رابضة ورويبضة لربوضه في بيته وقلة انبعاثه في الأُمور الجسيمة، قال: ومنه يقال رجل رُبُضٌ عن الحاجات والأَسْفار إِذا كان لا يَنْهَضُ فيها.
والرُّبْضةُ: القِطْعةُ العظيمة من الثَّريدِ.
وجاء بثريد كأَنه رُبْضةُ أَرْنب أَي جُثَّتُها؛ قال ابن سيده: ولم أَسمع به إِلا في هذا الموضع.
ويقال: أَتانا بتمر مثل رُبْضةِ الخَرُوفِ أَي قدر الخروف الرابض.
وفي حديث عمر: ففتح الباب فإِذا شبه الفَصِيل الرابض أَي الجالس المقيم؛ ومنه الحديث: كَرُبْضةِ العَنْزِ، ويروى بكسر الراء، أَي جثتها إِذا بركت.
وفي حديث علي، رضي اللّه عنه: والناسُ حَوْلي كَرَبِيضةِ الغنم أَي كالغنم الرُّبَّضِ.
وفي حديث القُرّاءِ الذين قُتِلُوا يومَ الجماجِم: كانوا رِبْضة؛ الرِّبْضةُ: مَقْتَلُ قوم قتلوا في بقعة واحدة.
وصبّ اللّه عليه حُمَّى رَبِيضاً أَي من يَهْزَأُ به.
ورِباضٌ ومُرَبِّضٌ ورَبَّاضٌ: أَسماءٌ.

فتن (لسان العرب) [0]


الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.
والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.
ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.
ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في . . . أكمل المادة التأْويل الظُّلْم. يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة الخِبْرَةُ.
وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا: الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.
وقوله عز وجل: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب الكفار بكفرهم.
ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون: فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛ قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين: لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي: هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ وقوله أَيضاً: إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ، ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال: حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ معها وتقول: لئن فتنتني لهي بالأَمس أَفتنت سعيداً، فأَمسى قد قلا كل مسلم وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ فقال سعيد: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ.
والفِتْنةُ: إِعجابُك بالشيء، فتَنَه يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فهو فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي بالأَلف فأَنشد بيت رؤبة: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ فلم يعرف البيت في الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً: لئن فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ فلم يَعْبأْ به، ولكن أَهل اللغة أَجازوا اللغتين.
وقال سيبويه: فتَنَه جعل فيه فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ الفِتْنة إليه. قال سيبويه: إِذا قال أَفْتَنْتُه فقد تعرض لفُتِنَ، وإِذا قال فتَنْتُه فلم يتعرَّض لفُتِنَ.
وحكى أَبو زيد: أُفْتِنَ الرجلُ، بصيغة ما لم يسم فاعله، أَي فُتِنَ.
وحكى الأَزهري عن ابن شميل: افْتَتَنَ الرجلُ وافْتُتِنَ لغتان، قال: وهذا صحيح، قال: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ فهي لغة ضعيفة. قال أَبو زيد: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا أَراد الفجور، وقد فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وقال أَبو السَّفَر: أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فهو مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتُون إِذا أَصابته فِتْنة فذهب ماله أَو عقله، وكذلك إِذا اخْتُبِرَ. قال تعالى: وفتَنَّاك فُتُوناً.
وقد فتَنَ وافْتَتَنَ، جعله لازماً ومتعدياً، وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فهو مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جدّاً.
والفُتُون أَيضاً: الافْتِتانُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى؛ ومنه قولهم: قلب فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛ قال الشاعر: رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيا مِ، أَمْسى فُؤادي بها فاتِنا والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صيغ المصدر على لفظ المفعول كالمَعْقُول والمَجْلُودِ.
وقوله تعالى: فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بأَيَّكُمُ المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: معنى المَفْتُونِ الذي فُتِنَ بالجنون؛ قال أَبو عبيدة: معنى الباء الطرح كأَنه قال أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: ولا يجوز أَن تكون الباء لَغْواً، ولا ذلك جائز في العربِية، وفيه قولان للنحويين: أَحدهما أَن المفْتُونَ ههنا بمعنى الفُتُونِ، مصدر على المفعول، كما قالوا ما له مَعْقُولٌ ولا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وليس لفلان مَجْلُودٌ أَي ليس له جَلَدٌ ومثله المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قال بأَيِّكم الفُتون، وهو الجُنون، والقول الثاني فسَتُبْصِر ويُبْصِرُونَ في أَيِّ الفَريقينِ المَجْنونُ أَي في فرقة الإِسلام أَو في فرقة الكفر، أَقامَ الباء مقام في؛ وفي الصحاح: إِن الباء في قوله بأَيِّكم المفتون زائدة كما زيدت في قوله تعالى: قل كفى بالله شهيداً؛ قال: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وهو مصدر كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، ويكون أَيُّكم الابتداء والمفتون خبره؛ قال: وقل وقال المازني المَفتون هو رفع بالابتداء وما قبله خبره كقولهم بمن مُروُرُك وعلى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول في معنى الظرف، قال ابن بري: إِذا كانت الباء زائدة فالمفتون الإِنسان، وليس بمصدر، فإِن جعلت الباء غير زائدة فالمفتون مصدر بمعنى الفُتُونِ.
وافْتَتَنَ في الشيء: فُتِن فيه.
وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ.
والفِتْنة: الضلال والإِثم.
والفاتِنُ: المُضِلُّ عن الحق.
والفاتِنُ: الشيطان لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صفة غالبة.
وفي حديث قَيْلَة: المُسْلم أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ ويتعاونان على الفَتَّانِ؛ الفَتَّانُ: الشيطانُ الذي يَفْتِنُ الناس بِخداعِه وغروره وتَزْيينه المعاصي، فإِذا نهى الرجلُ أَخاه عن ذلك فقد أَعانه على الشيطان. قال: والفَتَّانُ أَيضاً اللص الذي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ في طريقهم فينبغي لهم أَن يتعاونوا على اللِّصِّ، وجمع الفَتَّان فُتَّان، والحديث يروى بفتح الفاء وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عن الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ على الذين يُضِلُّون الناسَ عن الحق ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ من أَبنية المبالغة في الفِتْنة، ومن الأَول قوله في الحديث: أَفَتَّانٌ أَنت يا معاذ؟ وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتَنْتُمْ أَنفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُم؛ استعملتموها في الفِتْنة، وقيل: أَنَمْتُموها.
وقوله تعالى: وفتَنَّاكَ فُتُوناً؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً.
وقوله عز وجل: ومنهم من يقول ائْذَنْ لي ولا تَفْتِنِّي؛ أَي لا تُؤْثِمْني بأَمرك إِيايَ بالخروج، وذلك غير مُتَيَسِّرٍ لي فآثَمُ؛ قال الزجاج: وقيل إِن المنافقين هَزَؤُوا بالمسلمين في غزوة تَبُوكَ فقالوا يريدون بنات الأَصفر فقال: لا تَفْتِنِّي أَي لا تَفْتِنِّي ببنات الأَصفر، فأَعلم الله سبحانه وتعالى أَنهم قد سقَطوا في الفِتْنةِ أَي في الإِثم.
وفتَنَ الرجلَ أَي أَزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإِن كادوا ليَفتِنونك عن الذي أَوْحَيْنا إِليك؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابن الأَنباري: وقولهم فتَنَتْ فلانة فُلاناً، قال بعضهم: معناه أَمالته عن القصد، والفِتْنة في كلامهم معناه المُمِيلَةُ عن الحق.
وقوله عز وجل: ما أَنتم عليه بفاتِنينَ إِلا من هو صالِ الجحِيمِ: فسره ثعلب فقال: لا تَقْدِرون أَن تَفْتِنُوا إِلا من قُضِيَ عليه أَن يدخل النار، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فيه معنى قادرين فعدَّاه بما كان يُعَدَّى به قادرين لو لفِظَ به، وقيل: الفِتْنةُ الإِضلال في قوله: ما أَنتم عليه بفاتنين؛ يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ النار الذين سبق علم الله في ضلالهم؛ قال الفراء: أَهل الحجاز يقولون ما أَنتم عليه بفاتِنينَ، وأَهل نجد يقولون بمُفْتِنينَ من أَفْتَنْتُ والفِتْنةُ: الجُنون، وكذلك الفُتُون.
وقوله تعالى: والفِتْنةُ أَشدُّ من القَتْلِ؛ معنى الفِتْنة ههنا الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سيده: والفِتْنةُ الكُفْر.
وفي التنزيل العزيز: وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ فِتْنة.
والفِتْنةُ: الفَضِيحة.
وقوله عز وجل: ومن يرد الله فِتْنَتَه؛ قيل: معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أَبو إِسحق: ويجوز أَن يكون اختِبارَه بما يَظْهَرُ به أَمرُه.
والفِتْنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضَعْفَى المؤمنين في أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عن الإِيمان، كما مُطِّيَ بلالٌ على الرَّمْضاء يعذب حتى افْتَكَّه أَبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، فأَعتقه.
والفِتْنةُ: ما يقع بين الناس من القتال.
والفِتْنةُ: القتل؛ ومنه قوله تعالى: إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا؛ قال: وكذلك قوله في سورة يونس: على خَوْفٍ من فرعونَ ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم؛ أَي يقتلهم؛ وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم، فإِنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فِرَقِ المسلمين إِذا تَحَزَّبوا، ويكون ما يُبْلَوْنَ به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفْتَنُونَ بذلك عن الآخرة والعمل لها.
وقوله، عليه السلام: ما تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ على الرجال من النساء؛ يقول: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفِتْنةً: الاختِبارُ.
وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره.
وقوله عز وجل: أَوَلا يَرَوْنَ أَنهم يُفْتَنُونَ في كل عام مرة أَو مرتين: قيل: معناه يُخْتَبَرُونَ بالدعاء إِلى الجهاد، وقيل: يُفْتَنُونَ بإِنزال العذاب والمكروه.والفَتْنُ: الإِحرَاق بالنار. الشيءَ في الناريَفْتِنُه: أَحرقه.
والفَتِينُ من الأَرض: الحَرَّةُ التي قد أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ كأَنها مُحْرَقة، والجمع فُتُنٌ.
وقال شمر: كل ما غيرته النارُ عن حاله فهو مَفْتُون، ويقال للأَمة السوداء مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ في السواد كأَنها مُحْترقَة؛ وقال أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَتِ: غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ، على آبارِها، أَبداً عُطُونُ وكأَنَّ واحدة الفَتائن فَتينة، وقال بعضهم: الواحدة فَتِينة، وجمعها فَتِين؛ قال الكميتُ: ظَعَائِنُ من بني الحُلاَّفِ، تَأْوي إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا (* قوله «من الحلاف» كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح الحاء المهملة). فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفِتِىنَا.
ويقال: واحدة الفِتِينَ فِتْنَةٌ مثل عِزَةٍ وعِزِينَ.
وحكى ابن بري: يقال فِتُونَ في الرفع، وفِتِين في النصب والجر، وأَنشد بيت الكميت.
والفِتْنَةُ: الإِحْراقُ.
وفَتَنْتُ الرغيفَ في النار إِذا أَحْرَقْته.
وفِتْنَةُ الصَّدْرِ: الوَسْواسُ.
وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعَْدِلَ عن الطريق.
وفِتْنَةُ المَمات: أَنْ يُسْأَلَ في القبر.
وقوله عزَّ وجل: إِنَّ الذين فَتَنُوا المؤْمنين والمؤْمناتِ ثم لم يتوبوا؛ أَي أَحرقوهم بالنار المُوقَدَةِ في الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فيها ليَصُدُّوهم عن الإِيمان.
وفي حديث الحسن: إِنَّ الذين فتنوا المؤْمنين والمؤْمِنات؛ قال: فَتَنُوهم بالنار أَي امْتَحَنُوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امْتِحانَ عبيده المؤمنين بالَّلأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم على ما ابْتلاهم به فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قال الله تعالى: أَلم، أَحَسِبَ الناسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفْتَنُونَ؛ جاءَ في التفسير: وهم لا يُبْتَلَوْنَ في أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بالصبر على البلاء الصادقُ الإِيمان من غيره، وقيل: وهم لا يُفْتَنون وهم لا يُمْتَحَنُون بما يَبِينُ به حقيقة إِيمانهم؛ وكذلك قوله تعالى: ولقد فَتَنَّا الذين من قبلهم؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا.
وقوله تعالى مُخْبِراً عن المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنما نحن فِتْنَةٌ فلا تَكْفُر؛ معناه إِنما نحن ابتلاءٌ واختبارٌ لكم.
وفي الحديث: المؤمن خُلِقَ مُفَتَّناً أَي مُمْتَحَناً يمتَحِنُه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فَتَنْتُه إِذا امْتَحنْتَه.
ويقال فيهما أَفْتَنْتُه أَيضاً، وهو قليل: قال ابن الأَثير: وقد كثر استعمالها فيما أَخرجه الاخْتِبَار للمكروه، ثمَّ كَثُر حتى استعمل بمعنى الإِثم والكفر والقتال والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ عن الشيء.
وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ.
وفي حديث الكسوف: وإِنكم تُفْتَنُونَ في القبور؛ يريد مُساءَلة منكر ونكير، من الفتنةِ الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات وغير ذلك.
وفي الحديث: فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ أَي تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه سمع رجلاً يتعوَّذ من الفِتَنِ فقال: أَتَسْأَلُ رَبَّك أَن لا يَرْزُقَك أَهْلاً ولا مالاً؟ تَأَوَّلَ قوله عزَّ وجل: إِنما أَموالكم وأَولادُكم فِتْنَة، ولم يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ.
وهما فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قال نابغة بني جَعْدة: هما فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عليه لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ الواحد: فَتْنٌ؛ وروى أَبو عمرو الشَّيْبانيّ قول عمر بن أَحمر الباهليّ:إِمّا على نَفْسِي وإِما لها، والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ قال أَبو عمرو: الفِتْنُ الناحية، ورواه غيره: فَتْنانِ، بفتح الفاء، أَي حالان وفَنَّانِ، قال ذلك أَبو سعيد قال: ورواه بعضهم فَنَّانِ أَي ضَرْبانِ.
والفِتانُ، بكسر الفاء: غِشاء يكون للرَّحْل من أَدَمٍ؛ قال لبيد:فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي، ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ والجمع فُتُنٌ.

سوق (لسان العرب) [0]


السَّوق: معروف. ساقَ الإبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً، وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد للمبالغة؛ قال الخطم القيسي، ويقال لأبي زغْبة الخارجي: قد لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ وقوله تعالى: وجاءت كلُّ نَفْسٍ معها سائقٌ وشَهِيد؛ قيل في التفسير: سائقٌ يَسُوقها إلى محشرها، وشَهِيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثعلب: لولا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ، واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ وسَوَّقَها: كساقَها؛ قال امرؤ القيس: لنا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ، كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُّ وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قَحْطان يَسُوق الناس بعَصاه؛ هو كناية عن استقامةِ الناس وانقيادِهم إليه واتِّفاقِهم عليه، ولم . . . أكمل المادة يُرِدْ نفس العصا وإنما ضربها مثلاً لاستيلائه عليهم وطاعتهم له، إلاّ أن في ذكرها دلالةً على عَسْفِه بهم وخشونتِه عليهم.
وفي الحديث: وسَوَّاق يَسُوق بهن أي حادٍ يَحْدُو الإبلَ فهو يسُوقهن بحُدائِه، وسَوَّاق الإبل يَقْدُمُها؛ ومنه: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير.
وقد انْساقَت وتَساوَقَت الإبلُ تَساوُقاً إذا تتابعت، وكذلك تقاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة.
وفي حديث أُم معبد: فجاء زوجها يَسُوق أعْنُزاً ما تَساوَقُ أي ما تتابَعُ.
والمُساوَقة: المُتابعة كأنّ بعضَها يسوق بعضاً، والأصل في تَساوَقُ تتَساوَق كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بعضها عن بعض.
وساقَ إليها الصَّداق والمَهرَ سِياقاً وأَساقَه، وإن كان دراهمَ أَو دنانير، لأن أَصل الصَّداق عند العرب الإبلُ، وهي التي تُساق، فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما.
وساقَ فلانٌ من امرأته أي أعطاها مهرها.
والسِّياق: المهر.
وفي الحديث: أنه رأى بعبد الرحمن وَضَراً مِنْ صُفْرة فقال: مَهْيَمْ، قال: تزوَّجْتُ امرأة من الأَنصار، فقال: ما سُقْتَ إليها؟ أَي ما أَمْهَرْتَها، قيل للمهر سَوْق لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مهراً لأَنها كانت الغالبَ على أموالهم، وضع السَّوق موضع المهر وإن لم يكن إبلاً وغنماً؛ وقوله في رواية: ما سُقْتُ منها، بمعنى البدل كقوله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم ملائكة في الأرض يََخْلفقون؛ أي بدلكم.
وأَساقه إبلاً: أَعطاه إياها يسُوقها.
والسَّيِّقةُ: ما اختَلَس من الشيء فساقَه؛ ومنه قولهم: إنما ابنُ آدم سَيِّقةٌ يسُوقُه الله حيث شاء وقيل: السَّيِّقةُ التي تُساقُ سوْقاً؛ قال: وهل أنا إلا مثْل سَيِّقةِ العِدا، إن اسْتَقْدَمَتْ نَجْرٌ، وإن جبّأتْ عَقْرُ؟ ويقال لما سِيقَ من النهب فطُرِدَ سَيِّقة، وأَنشد البيت أيضاً: وهل أنا إلا مثل سيِّقة العدا الأَزهري: السِّيَّقة ما اسْتاقه العدوُّ من الدواب مثل الوَسِيقة. الأَصمعي: السَّيقُ من السحاب ما طردته الريح، كان فيه ماء أَو لم يكن، وفي الصحاح: الذي تَسوقه الريح وليس فيه ماء.
وساقةُ الجيشُ: مؤخَّرُه.
وفي صفة مشيه، عليه السلام: كان يَسُوق أَصحابَه أَي يُقَدِّمُهم ويمشي خلفم تواضُعاً ولا يَدع أحداً يمشي خلفه.
وفي الحديث في صفة الأَولياء: إن كانت الساقةُ كان فيها وإن كان في الجيش (* قوله «في الجيش» الذي في النهاية: في الحرس، وفي ثابتة في الروايتين). كان فيه الساقةُ؛ جمع سائق وهم الذين يَسُوقون جيش الغُزاة ويكونون مِنْ ورائه يحفظونه؛ ومنه ساقةُ الحاجّ.
والسَّيِّقة: الناقة التي يُسْتَتَرُ بها عن الصيد ثم يُرْمَى؛ عن ثعلب.
والمِسْوَق: بَعِير تستتر به من الصيد لتَخْتِلَه.
والأساقةُ: سيرُ الرِّكابِ للسروج.
وساقَ بنفسه سياقاً: نَزَع بها عند الموت. تقول: رأيت فلاناً يَسُوق سُوُقاً أي يَنْزِع نَزْعاً عند الموت، يعني الموت؛ الكسائي: تقول هو يَسُوق نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وقد فاظت نفسُه وأَفاظَه الله نفسَه.
ويقال: فلان في السِّياق أي في النَّزْع. ابن شميل: رأيت فلاناً بالسَّوْق أي بالموت يُساق سوقاً، وإنه نَفْسه لتُساق.
والسِّياق: نزع الروح.
وفي الحديث: دخل سعيد على عثمان وهو في السَّوْق أي النزع كأَنّ روحه تُساق لتخرج من بدَنه، ويقال له السِّياق أيضاً، وأَصله سِواق، فقلبت الواو ياء لكسرة السين، وهما مصدران من ساقَ يَسُوق.
وفي الحديث: حَضَرْنا عمرو بن العاصِ وهو في سِياق الموت.
والسُّوق: موضع البياعات. ابن سيده: السُّوق التي يُتعامل فيها، تذكر وتؤنث؛ قال الشاعر في التذكير: أَلم يَعِظِ الفِتْيانَ ما صارَ لِمَّتي بِسُوقٍ كثيرٍ ريحُه وأَعاصِرُهْ عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه سَحيفُ قُطامِيٍّ حَماماً يُطايِرُهْ المَعْصوب: السوط، وسَحِيفُه صوته؛ وأَنشد أَبو زيد: إنِّي إذالم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه، ورَكَدَ السَّبُّ فقامت سُوقُه، طَبٌّ بِإهْداء الخنا لبِيقُه والجمع أسواق.
وفي التنزيل: إلا إِنَّهم ليأكلون الطعام ويَمْشُون في الأَسْواق؛ والسُّوقة لغة فيه.
وتَسَوَّق القومُ إذا باعوا واشتَروا.
وفي حديث الجُمعة: إذا جاءت سُوَيْقة أي تجارة، وهي تصغير السُّوق، سميت بها لأن التجارة تجلب إليها وتُساق المَبيعات نحوَها.
وسُوقُ القتالِ والحربِ وسوقَتُه: حَوْمتُه، وقد قيل: إن ذلك مِنْ سَوْقِ الناس إليها. الليث: الساقُ لكل شجرة ودابة وطائر وإنسان.
والساقُ: ساقُ القدم.
والساقُ من الإنسان: ما بين الركبة والقدم، ومن الخيل والبغال والحمير والإبل: ما فوق الوَظِيف، ومن البقر والغنم والظباء: ما فوق الكُراع؛ قال: فَعَيْناكِ عَيْناها، وجِيدُك جِيدُها، ولكنّ عَظْمَ السَّاقِ منكِ رَقيقُ وامرأة سوْقاء: تارّةُ الساقين ذات شعر.
والأَسْوَق: الطويل عَظْمِ الساقِ، والمصدر السَّوَق؛ وأَنشد: قُبُّ من التَّعْداءِ حُقْبٌ في السَّوَقْ الجوهري: امرأة سَوْقاء حسنَة الساقِ.
والأَسْوَقُ: الطويل الساقين؛ وقوله: للْفَتى عَقْلٌ يَعِيشُ به، حيث تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه إن اهتدَى لرُشْدٍ عُلِمَ أنه عاقل، وإن اهتدى لغير رشدٍ علم أَنه على غير رُشْد.
والساقُ مؤنث؛ قال الله تعالى: والتفَّت الساقُ بالساق؛ وقال كعب بن جُعَيْل: فإذا قامَتْ إلى جاراتِها، لاحَت الساقُ بُخَلْخالٍ زَجِلْ وفي حديث القيامة: يَكْشِفُ عن ساقِه؛ الساقُ في اللغة الأمر الشديد، وكَشْفُه مَثَلٌ في شدة الأمر كما يقال للشحيح يدُه مغلولة ولا يدَ ثَمَّ ولا غُلَّ، وإنما هو مَثَلٌ في شدّة البخل، وكذلك هذا. لا ساقَ هناك ولا كَشْف؛ وأَصله أَن الإنسان إذا وقع في أمر شديد يقال: شمَّر ساعِدَه وكشفَ عن ساقِه للإهتمام بذلك الأمر العظيم. ابن سيده في قوله تعالى: يوم يُكشَف عن ساقٍ، إنما يريد به شدة الأمر كقولهم: قامت الحربُ على ساق، ولسنا ندفع مع ذلك أَنَ الساق إذا أُريدت بها الشدة فإنما هي مشبَّهة بالساق هي التي تعلو القدم، وأَنه إنما قيل ذلك لأن الساقَ هذه الحاملة للجُمْلة والمُنْهِضَةُ لها فذُكِرت هنا لذلك تشبيهاً وتشنيعاً؛ وعلى هذا بيت الحماسة لجدّ طرفة: كَشَفَتْ لهم عن ساقِها، وبدا من الشرَّ الصُّراحْ وقد يكون يُكْشَفُ عن ساقٍ لأن الناس يَكِشفون عن ساقِهم ويُشَمِّرون للهرب عند شدَّة الأَمر؛ ويقال للأَمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا دَهَمَتْه شِدّة شَمّر لها عن ساقَيْه، ثم قيل للأَمر الشديد ساقٌ؛ ومنه قول دريد: كَمِيش الإزار خارِجِ نصْفُ ساقِه أَراد أَنه مشمر جادٌّ، ولم ييرد خروج الساق بعينها؛ ومنه قولهم: ساوَقَه أي فاخَرة أَيُّهم أَشدّ.
وقال ابن مسعود: يَكْشِفُ الرحمنُ جلّ ثناؤه عن ساقِه فَيَخِرّ المؤمنون سُجَّداً، وتكون ظهورُ المنافقين طَبَقاً طبقاً كان فيها السَّفافيد.
وأَما قوله تعالى: فَطِفقَ مَسْحاً بالسُّوق والأَعْناق، فالسُّوق جمع ساقٍ مثل دارٍ ودُورٍ؛ الجوهري: الجمع سُوق، مثل أَسَدٍ وأُسْد، وسِيقانٌ وأَسْوقٌ؛ وأَنشد ابن بري لسلامة بن جندل: كأنّ مُناخاً، من قُنونٍ ومَنْزلاً، بحيث الْتَقَيْنا من أَكُفٍّ وأَسْوُقِ وقال الشماخ: أَبَعْدَ قَتِيلٍ بالمدينة أَظْلَمَتْ له الأَرضُ، تَهْتَزُّ العِضاهُ بأَسْوُقِ؟ فأَقْسَمْتُ لا أَنْساك ما لاحَ كَوكَبٌ، وما اهتزَّ أَغصانُ العِضاهِ بأَسْوُقِ وفي الحديث: لا يسْتَخرجُ كنْزَ الكعبة إلا ذو السُّوَيْقَتَيْنِ؛ هما تصغير الساق وهي مؤنثة فذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنما صَغَّر الساقين لأن الغالب على سُوق الحبشة الدقَّة والحُموشة.
وفي حديث الزِّبْرِقان: الأَسْوَقُ الأَعْنَقُ؛ هو الطويل الساق والعُنُقِ.
وساقُ الشجرةِ: جِذْعُها، وقيل ما بين أَصلها إلى مُشَعّب أَفنانها، وجمع ذلك كله أَسْوُقٌ وأَسْؤُقٌ وسُوُوق وسؤوق وسُوْق وسُوُق؛ الأَخيرة نادرة، توهموا ضمة السين على الواو وقد غلب ذلك على لغة أبي حيَّة النميري؛ وهَمَزَها جرير في قوله:أَحَبُّ المُؤقدانِ إليك مُؤسي وروي أَحَبُّ المؤقدين وعليه وجّه أَبو علي قراءةَ من قرأَ: عاداً الأؤْلى.
وفي حديث معاوية: قال رجل خاصمت إليه ابنَ أخي فجعلت أَحُجُّه، فقال: أَنتَ كما قال: إني أُتيحُ له حِرْباء تَنْضُبَةٍ، لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكاً ساقا (* قوله «إِني أُتيح له إلخ» هو هكذا بهذا الضبط في نسخة صحيحة من النهاية). أَراد بالساق ههنا الغصن من أَغصان الشجرة؛ المعنى لا تَنْقضِي له حُجّة إلا تَعَلَّق بأُخرى، تشبيهاً بالحِرْباء وانتقاله من غُصنٍ إلى غصن يدور مع الشمس.
وسَوَّقَ النَّبتُ: صار له ساقٌ؛ قال ذو الرمة: لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ، كأنه مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍغَمْرِ وساقَه: أَصابَ ساقَه.
وسُقْتُه: أصبت ساقَه.
والسَّوَقُ: حُسْن الساقِ وغلظها، وسَوِق سَوَقاً وهو أَسْوَقُ؛ وقول العجاج: بِمُخْدِرٍ من المَخادِير ذَكَرْ، يَهْتَذُّ رَدْمِيَّ الحديدِ المُسْتَمرْ، هذَّك سَوَّاقَ الحَصادِ المُخْتَضَرْ الحَصاد: بقلة يقال لها الحَصادة.
والسَّوَّاقُ: الطويل الساق، وقيل: هو ما سَوَّقَ وصارعلى ساقٍ من النبت؛ والمُخْدِرُ: القاطع خِدْرَه، وخَضَرَه: قَطَعه؛ قال ذلك كله أَبو زيد، سيف مُخْدِر. ابن السكيت: يقال ولدت فلانةُ ثلاثةَ بنين على ساقٍ واحدة أي بعضهم على إثر بعض ليس بينهم جارية؛ ووُلِدَ لفلان ثلاثةُ أولاد ساقاً على ساقٍ أي واحد في إثر واحد، وولَدَتْ ثلاثةً على ساقٍ واحدة أي بعضُهم في إثر بعض ليست بينهم جارية، وبنى القوم بيوتَهم على ساقٍ واحدة، وقام فلانٌ على ساقٍ إذا عُنِيَ بالأَمر وتحزَّم به، وقامت الحربُ على ساقٍ، وهو على المَثَل.
وقام القوم على ساقٍ: يراد بذلك الكد والمشقة.
وليس هناك ساقٌ، كما قالوا: جاؤوا على بَكْرة أَبيهم إذا جاؤوا عن آخرِهم، وكما قالوا: شرٌّ لا يُنادى وَليدُه.
وأَوهت بساق أي كِدْت أَفعل؛ قال قرط يصف الذئب: ولكِنّي رَمَيْتُك منْ بعيد، فلم أَفْعَلْ، وقد أَوْهَتْ بِساقِ وقيل: معناه هنا قربت العدّة.
والساق: النَّنْفسُ؛ ومنه قول عليّ، رضوان الله عليه، في حرب الشُّراة: لا بُدَّ لي من قتالهم ولو تَلِفَت ساقي؛ التفسير لأَبي عمر الزاهد عن أَبي العباس حكاه الهروي.
والساقُ: الحمام الذكر؛ وقال الكميت: تغْريد ساقٍ على ساقٍ يُجاوِبُها، من الهَواتف، ذاتُ الطَّوْقِ والعُطُل عنى بالأَول الوَرَشان وبالثاني ساقَ الشجرة، وساقُ حُرٍّ: الذكر من القَمارِيّ، سمي بصوته؛ قال حميد بن ثور: وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إلا حمامةٌ دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحةً وتَرنُّما ويقال له أيضاً السَّاق؛ قال الشماخ: كادت تُساقِطُني والرَّحْلَ، إذ نَطَقَتْ حمامةٌ، فَدَعَتْ ساقاً على ساقِ وقال شمر: قال بعضهم الساقُ الحمام وحُرٌّ فَرْخُها.
ويقال: ساقُ حُرٍّ صوت القُمْريّ. قال أَبو منصور: السُّوقة بمنزلة الرعية التي تَسُوسُها الملوك، سُمُّوا سُوقة لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم، يقال للواحد سُوقة وللجماعة سُوقة. الجوهري: والسُّوقة خلاف المَلِك، قال نهشل بن حَرِّيٍّ: ولَمْ تَرَعَيْني سُوقةً مِثْلَ مالِكٍ، ولا مَلِكاً تَجْبي إليه مَرازِبُهْ يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر؛ قالت بنت النعمان بن المنذر: فَبينا نَسُوس الناسَ والأمْرُ أَمْرُنا، إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ أَي نخْدُم الناس، قال: وربما جمع على سُوَق.
وفي حديث المرأة الجَوْنيَّة التي أَراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يدخل بها: فقال لها هَبي لي نَفْسَك، فقالت: هل تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها للسُّوقة؟ السُّوقةُ من الناس: الرعية ومَنْ دون الملِك، وكثير من الناس يظنون أَن السُّوقة أَهل الأَسْواق.
والسُّوقة من الناس: من لم يكن ذا سُلْطان، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، والجمع السُّوَق، وقيل أَوساطهم؛ قال زهير: يَطْلُب شَأو امْرأَين قَدَّما حَسَناً، نالا المُلوكَ وبَذَّا هذه السُّوَقا والسَّوِيق: معروف، والصاد فيه لغة لمكان المضارعة، والجمع أَسْوِقة. غيره: السَّوِيق ما يُتَّخذ من الحنطة والشعير.
ويقال: السَّويقُ المُقْل الحَتِيّ، والسَّوِيق السّبِق الفَتِيّ، والسَّوِيق الخمر، وسَوِيقُ الكَرْم الخمر؛ وأَنشد سيبويه لزياد الأَعْجَم: تُكَلِّفُني سَوِيقَ الكَرْم جَرْمٌ، وما جَرْمٌ، وما ذاكَ السَّويقُ؟ وما عرفت سَوِيق الكَرْمِ جَرْمٌ، ولا أَغْلَتْ به، مُذْ قام، سُوقُ فلما نُزِّلَ التحريمُ فيها، إذا الجَرْميّ منها لا يُفِيقُ وقال أَبو حنيفة: السُّوقةُ من الطُّرْثوث ما تحت النُّكَعة وهو كأَيْرِ الحمار، وليس فيه شيء أَطيب من سُوقتِه ولا أَحلى، وربما طال وربما قصر.
وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حائل: موضعان؛ أَنشد ثعلب: تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ، بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ وسُوَيْقة: موضع؛ قال: هِيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ، كانت مُباركةً من الأَيّام وساقان: اسم موضع.
والسُّوَق: أَرض معروفة؛ قال رؤبة: تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ وسُوقة: اسم رجل.

بهم (لسان العرب) [0]


البَهِيمةُ كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ والماء، والجمع بَهائم.
والبَهْمةُ: الصغيرُ من أَولاد الغَنَم الضأْن والمَعَز والبَقَر من الوحش وغيرها، الذكَرُ والأُنْثى في ذلك سواء، وقل: هو بَهْمةٌ إذا شبَّ، والجمع بَهْمٌ وبَهَمٌ وبِهامٌ، وبِهاماتٌ جمع الجمعِ.
وقال ثعلب في نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ وبه فسِّر قول الشاعر: عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي عَجايا كلُّها إلا قليلا أَبو عبيد: يقال لأَوْلاد الغنَم ساعة تَضَعها من الضأْن والمَعَز جميعاً، ذكراً كان أَو أُنثى، سَخْلة، وجمعها سِخال، ثم هي البَهْمَة الذكَرُ والأُنْثى. ابن السكيت: يقال هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إذا حَرَمُوه عن أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، وإذا اجتَمَعَت البِهامُ والسِّخالُ قلت لها . . . أكمل المادة جميعاً بِهامٌ، قال: وبَهِيمٌ هي الإبْهامُ للإصْبَع. قال: ولا يقال البِهامُ، والأبْهم كالأَعْجم.
واسْتُبْهِم عليه: اسْتُعْجِم فلم يَقْدِرْ على الكلام.
وقال نفطويه: البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام أَي مُنْغَلِق ذلك عنها.
وقال الزجاج في قوله عز وجل: أُحِلَّتْ لكم بَهِيمة الأَنْعامِ؛ وإنما قيل لها بَهِيمةُ الأَنْعامِ لأَنَّ كلَّ حَيٍّ لا يَميِّز، فهو بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عن أَن يميِّز.
ويقال: أُبْهِم عن الكلام.
وطريقٌ مُبْهَمٌ إذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين.
ويقال: ضرَبه فوقع مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عليه لا يَنْطِق ولا يميِّز.
ووقع في بُهْمةٍ لا يتَّجه لها أَي خُطَّة شديدة.
واستَبْهَم عليهم الأَمرُ: لم يدْرُوا كيف يأْتون له.
واسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق، وتَبَهَّم أَيضاً إذا أُرْتِجَ عليه؛ وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده: أَعْيَيْتَني كلَّ العَيا ءِ، فلا أَغَرَّ ولا بَهِيم قال: يُضْرَب مثلاً للأَمر إذا أَشكل لم تَتَّضِحْ جِهتَه واستقامَتُه ومعرِفته؛ وأَنشد في مثله: تَفَرَّقَتِ المَخاضُ على يسارٍ، فما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ وأَمرٌ مُبْهَمِ: لا مَأْتَى له.
واسْتَبْهَم الأَمْرُ إذا اسْتَغْلَق، فهو مُسْتَبْهِم.
وفي حديث عليّ: كان إذا نَزَل به إحْدى المُبْهَمات كَشَفَها؛ يُريدُ مسألةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها أُبْهِمت عن البيان فلم يُجْعل عليها دليل، ومنه قيل لِما لا يَنْطِق بَهِيمة.
وفي حديث قُسٍّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ (* قوله «تجلو دجنات» هكذا في الأصل والنهاية بالتاء، وفي مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء). الدَّياجي والبُهَم؛ البُهَم: جمع بُهْمَة، بالضم، وهي مُشكلات الأُمور.
وكلام مُبْهَم: لا يعرَف له وَجْه يؤتى منه، مأخوذ من قولهم حائط مُبْهَم إذا لم يكن فيه بابٌ. ابن السكيت: أَبْهَمَ عليّ الأَمْرَ إذا لم يَجعل له وجهاً أَعرِفُه.
وإبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فلا يعرَف وجهُه، وقد أَبْهَمه.
وحائط مُبْهَم: لا باب فيه.
وبابٌ مُبْهَم: مُغلَق لا يُهْتَدى لفتحِه إذا أُغْلِق.
وأبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته وسَدَدْته.
وليلٌ بَهيم: لا ضَوء فيه إلى الصَّباح.
وروي عن عبد الله بن مسعود في قوله عز وجل: إن المُنافِقين في الدَّرْك الأسْفَل من النار، قال: في تَوابيت من حديدٍ مُبْهَمةٍ عليهم؛ قال ابن الأَنباري: المُبْهَة التي لا أَقْفالَ عليها. يقال: أَمرٌ مُبْهَم إذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه ولا بابه. غيره: البَهْمُ جمع بَهْمَةٍ وهي أَولادُ الضأْن.
والبَهْمة: اسم للمذكّر والمؤنث، والسِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فإذا اجتمع البهامُ والسِّخالُ قلت لهما جميعاً بهامٌ وبَهْمٌ أَيضاً؛ وأَنشد الأَصمعي: لو أَنَّني كنتُ، من عادٍ ومِن إرَمٍ، غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وذا جَدَنِ لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قال ابن بري: قول الجوهري لأَن الغَذِيَّ السَّخْلة وَهَم، قال: وإِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كان يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قال وعليه قول سلمى بن ربيعة الضبّيّ: أَهلَك طَسْماً، وبَعْدَهم غَذِيَّ بَهْمٍ وذا جَدَنِ قال: ويدل على ذلك أَنه عطف لُقْماناً على غَذِيَّ بَهْمٍ، وكذلك في بيت سلمى الضبيّ، قال: والبيت الذي أَنشده الأَصمعي لأفْنون التغلبي؛ وبعده: لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم من مُهَوّلةٍ أَخا السُّكون، ولا جاروا عن السَّنَنِ وقد جَعل لَبيد أَولادَ البقر بِهاماً بقوله: والعينُ ساكنةٌ على أَطلائِها عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها ويقال: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إذا أَفرَدُوه عن أُمَّهاته فَرَعَوْه وحْدَه. الأَخفش: البُهْمَى لا تُصْرَف.
وكلُّ ذي أَربع من دوابِّ البحر والبرّ يسمَّى بَهِيمة.
وفي حديث الإيمان والقَدَر: وترى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل والبَهْم يَتطاوَلون في البُنْيان؛ قال الخطابي: أَراد بِرِعاءِ الإبِل والبَهْم الأَعْرابَ وأَصحابَ البَوادي الذين يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث ولا تَسْتَقِرُّ بهم الدار، يعني أن البلاد تفتَح فيسكنونها ويَتطاوَلون في البُنْيان، وجاء في رواية: رُعاة الإبل البُهُم، بضم الباء والهاء، على نعت الرُّعاة وهم السُّودُ؛ قال الخطابي: البُهُم، بالضم، جمع البَهِيم وهو المجهول الذي لا يُعْرَف.
وفي حديث الصلاة: أَنَّ بَهْمَةً مرّت بين يديه وهو يصلِّي، والحديث الآخر: أَنه قال للراعي ما ولَّدت؟ قال: بَهْمة، قال: اذْبَحْ مكانَها شاةً؛ قا ابن الأَثير: فهذا يدل على أَن البَهْمة اسم للأُنثى لأَنه إنما سأله ليعلَم أذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، وإلاَّ فقد كان يَعْلم أَنه إنما ولَّد أَحدَهما.
والمُبْهَم والأبْهَمُ: المُصْمَت؛ قال: فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم أَي الذي لا صَدْع فيه؛ وأَما قوله: لكافرٍ تاهَ ضَلالاً أَبْهَمُه فقيل في تفسيره: أَبْهَمُه قلبُه، قال: وأَراه أَراد أَنَّ قلب الكافر مُصْمَت لا يَتَخَلَّله وعْظ ولا إنْذار.
والبُهْمةُ، بالضم الشجاع، وقيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شدَّة بأْسِه، والجمع بُهَم؛ وفي التهذيب: لا يَدْرِي مُقاتِله من أَين يَدخل عليه، وقيل: هم جماعة الفُرْسان، ويقال للجيش بُهْمةٌ، ومنه قولهم فلان فارِس بُهْمةٍ وليثُ غابةٍ؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرة: وللِشرْب فابْكِي مالِكاً، ولِبُهْةٍ شديدٍ نَواحِيها على مَن تَشَجَّعا وهُم الكُماة، قيل لهم بُهْمةٌ لأَنه لا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ وقال غيره: البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، وفي نوادر الأَعراب: رجل بُهْمَةٌ إذا كان لا يُثْنَى عن شيء أَراده؛ قال ابن جني: البُهْمةُ في الأَصل مصدر وُصف به، يدل على ذلك قولهم: هو فارسُ بُهْمةٍ كما قال تعالى: وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم، فجاء على الأَصل ثم وصف به فقيل رجل عَدْل، ولا فِعْل له، ولا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ.
والبَهِيمُ: ما كان لَوناً واحداً لا يُخالِطه غيره سَواداً كان أَو بياضاً، ويقال للَّيالي الثلاث التي لا يَطْلُع فيها القمر بُهَمٌ، وهي جمع بُهْمةٍ.
والمُبْهَم من المُحرَّمات: ما لا يحلُّ بوجْهٍ ولا سبب كتحريم الأُمِّ والأُخْت وما أَشبَهه.
وسئل ابن عباس عن قوله عز وجل: وحَلائلُ أَبنائِكم الذين من أَصلابِكم، ولم يُبَيّن أَدَخَل بها الإبنُ أَمْ لا، فقال ابن عباس: أَبْهِموا ما أَبْهَمَ الله؛ قال الأَزهري: رأَيت كثيراً من أَهل العلم يذهَبون بهذا إلى إبهام الأَمر واستِبهامِه، وهو إشْكالُه وهو غلَطٌ. قال: وكثير من ذَوي المعرفة لا يميِّزون بين المُبْهَم وغير المُبْهَم تمييزاً مُقْنِعاً، قال: وأَنا أُبيّنه بعَوْن الله عز وجل، فقوله عز وجل: حُرِّمت عليكم أُمَّهاتُكم وبنَاتُكم وأَخواتُكم وعَمّاتُم وخالاتُكم وبَناتُ الأخِ وبناتُ الأُخْتِ، هذا كله يُسمَّى التحريمَ المُبْهَم لأَنه لا يحلُّ بوجه من الوجوه ولا سبب من الأَسباب، كالبَهِيم من أَلوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالِف مُعْظم لونِه، قال: ولمَّا سئل ابن عباس عن قوله وأُمهاتُ نِسائِكم ولم يُبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ أَجاب فقال: هذا من مُبْهَم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دَخَلْتم بالنساء أَو لم تَدْخُلوا بهن، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عليكم من جميع الجهات، وأَما قوله: ورَبائبُكم اللاتي في حُجوركم من نِسائكم اللاتي دََخَلْتم بهنّ، فالرَّبائبُ ههنا لسْنَ من المُبْهمات لأَنَّ وجهين مُبيَّنَين أُحْلِلْن في أَحدِهما وحُرِّمْن في الآخر، فإذا دُخِل بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، وإن لم يُدخل بأُمَّهات الربائب لم يَحْرُمن، فهذا تفسيرُ المُبْهَم الذي أَراد ابنُ عباس، فافهمه؛ قال ابن الأَثير: وهذا التفسير من الأَزهري إنما هو للرَّبائب والأُمَّهات لا للحَلائل، وهو في أَول الحديث إنما جَعل سؤال ابنِ عباس عن الحَلائل لا عن الرّبائب.
ولَونٌ بهيم: لا يُخالطه غيرُه.
وفي الحديث: في خيل دهْمٍ بُهْمٍ؛ وقيل: البَهِيمُ الأَسودُ.
والبَهِيمُ من الخيل: الذي لا شِيةَ فيه، الذكَر والأُنثى في ذلك سواء، والجمع بُهُم مثل رغِيفٍ ورُغُف.
ويقال: هذا فرس جواد وبَهِيمٌ وهذه فرس جواد وبَهِيمٌ، بغير هاء، وهو الذي لا يُخالط لونَه شيء سِوى مُعْظَم لونِه. الجوهري: وهذا فرس بَهِيمٌ أَي مُصْمَتٌ.
وفي حديث عياش ابن أَبي ربيعة: والأسود البَهيمُ كأَنه من ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ (* قوله «كأنه المصمت» الذي في النهاية: أي المصمت). الذي لا يُخالِطُ لونَه لون غيرُه.
والبَهيمُ من النِّعاج: السَّوداءُ التي لا بياض فيها، والجمع من ذلك بُهْمٌ وبُهُمٌ فأما قوله في الحديث: يُحْشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلاً بُهْماً أَي ليس معهم شيء، ويقال: أَصِحَّاءَ؛ قال أَبو عمرو البُهْمُ واحدها بَهيم وهو الذي لا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه من سَوادٍ كان أَو غيره؛ قال أَبو عبيد: فمعناه عندي أَنه أَراد بقوله بُهْماً يقولُ: ليس فيهم شيءٌ من الأَعراض والعاهات التي تكون في الدنيا من العَمى والعَوَر والعَرَج والجُذام والبَرَص وغير ذلك من صُنوف الأَمراض والبَلاءِ، ولكنها أَجسادٌ مُبْهَمَة مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، وقال غيره: لِخُلود الأَبَدِ في الجنة أَو النار، ذكره ابن الأثير في النهاية؛ قال محمد بن المكرم: الذي ذكره الأَزهري وغيره أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، وقول ابن الأَثير في الجنة أَو في النار فيه نَظَر، وذلك أَن الخلود في الجنة إنما هو للنَّعيم المحْضِ، فصحَّة أَجْْسادِهم من أَجل التَّنَعُّم، وأَما الخلود في النار فإنما هو للعذاب والتأسُّف والحَسرة، وزيادةُ عذابِهم بعاهات الأَجسام أَتمُّ في عُقوبتهم، نسأَل الله العافية من ذلك بكرمه.
وقال بعضهم: رُوي في تمام الحديث: قيل وما البُهْم؟ قال: ليس معهم شيء من أَعراض الدنيا ولا من متاعِها، قال: وهذا يخالف الأَول من حيث المعنى.
وصَوْتٌ بَهِيم: لا تَرْجيع فيه.
والإبْهامُ من الأَصابع: العُظْمى، معروفة مؤنثة؛ قال ابن سيده: وقد تكون في اليَدِ والقدَم، وحكى اللحياني أنها تذكَّر وتؤنَّثُ؛ قال: إذا رأَوْني، أَطال الله غَيْظَهُمُ، عَضُّوا من الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ وأَما قول الفرزدق: فقد شَهدَت قَيْسٌ فما كان نَصْرُها قُتَيبةَ، إلاَّ عَضَّها بالأَباهِمِ فإنما أَراد الأَباهِيم غير أَنه حذف لأَنَّ القصِيدةَ ليست مُرْدَفَة، وهي قصيدة معروفة. قال الأَزهري: وقيل للإصْبَع إِبْهامٌ لأَنها تُبْهِم الكفّ أَي تُطْبِقُ عليها. قال: وبَهِيم هي الإبْهام للإصبع، قال: ولا يقال البِهامُ.
وقال في موضع آخر: الإبْهام الإصْبَع الكُبْرى التي تلي المُسَبِّحةَ، والجمع الأَباهِيم، ولها مَفْصِلان. الجوهري: وبُهْمى نَبْت، وفي المحكم: والبُهْمى نَبْت؛ قال أَبو حنيفة: هي خير أَحْرار البُقُولِ رَطْباً ويابساً وهي تَنْبُت أَوَّل شيء بارِضاً، وحين تخرج من الأَرض تَنْبت كما يَنْبُت الحَبُّ، ثم يبلُغ بها النَّبْت إلى أَن تصير مثل الحَبّ، ويخرج لها إذا يَبِسَتْ شَوْك مثل شوك السُّنْبُل، وإذا وَقَع في أُنوف الغَنَم والإِبل أَنِفَت عنه حتى يَنْزِعه الناسُ من أَفواهها وأُنوفِها، فإذا عَظُمَت البُهْمى ويَبِسَتْ كانت كَلأً يَرْعاه الناس حتى يُصِيبه المطَر من عامٍ مُقْبِل، ويَنْبت من تحتِه حبُّه الذي سقَط من سُنْبُله؛ وقال الليث: البُهْى نَبْت تَجِد به الغنَم وَجْداً شديداً ما دام أَخضر، فإذا يَبِس هَرّ شَوْكُه وامتَنَع، ويقولون للواحد بُهْمى، والجمع بُهْمى؛ قال سيبويه: البُهْمى تكون واحدة وجمعاً وأَلفها للتأنيث؛ وقال قومٌ: أَلفها للإلْحاق، والواحدة بُهْماةٌ؛ وقال المبرد: هذا لا يعرف ولا تكون أَلف فُعْلى، بالضم، لغير التأنيث؛ وأَنشد ابن السكيت: رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرةً، وصَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها والعرب تقول: البُهْمى عُقْر الدارِ وعُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه من خِيار المَرْتَع في جَناب الدَّار؛ وقال بعض الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نحو الشِّبْر ونَباتُها أَلْطَف من نَبات البُرِّ، وهي أَنْجَعُ المَرْعَى في الحافرِ ما لم تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قال ابن سيده: هذا قولُ أَهل اللغة، وعندي أَنّ مَن قالُ بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة له بِجُخْدَب، فإذا نزع الهاء أَحال إعْتِقاده الأَول عما كان عليه، وجعل الأَلف للتأنيث فيما بعد فيجعلها للإلْحاق مع تاء التأنيث ويجعلها للتأنيث إذا فقد الهاء.وأَبْهَمَتِ الأَرض، فهي مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى وكثُر بُهْماها، قال: كذلك حكاه أَبو حنيفة وهذا على النسب.
وبَهَّم فلان بموضع كذا إذا أَقام به ولم يَبْرَحْهُ.
والبهائم: إسم أَرض، وفي التهذيب: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى على لَون واحد؛ قال الراعي: بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذا مَعارِكٍ أَتى دونه، والهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم والأَسماءُ المُبْهَمة عند النحويين: أَسماء الإشارات نحو قولك هذا وهؤلاء وذاك وأُولئك، قال الأَزهري: الحُروف المُبْهَمة التي لا اشتقاقَ لها ولا يُعْرف لها أُصول مثل الذي والذين وما ومَن وعن (* قوله «ومن وعن» كذا في الأصل والتهذيب ونسخة من شرح القاموس غير المطبوع، وفي شرح القاموس المطبوع: ومن نحن).
وما أَشبهها، والله أَعلم.

سود (لسان العرب) [0]


السَّواد: نقيضُ البياض؛ سَوِدَ وَسادَ واسودَّ اسْوِداداً واسْوادّ اسْوِيداداً، ويجوز في الشعر اسْوَأَدَّ، تحرك الأَلف لئلاَّ يجمع بين ساكنين؛ وهو أَسودُ، والجمع سُودٌ وسُودانٌ.
وسَوَّده: جعله أَسودَ، والأَمر منه اسْوادَدْ، وإِن شئت أَدغمْتَ، وتصغيرُ الأَسود أُسَيِّدٌ، وإِن شئت أُسَيْوِدٌ أَي قد قارب السَّوادَ، والنسْبَةُ إِليه أُسَيْدِيٌّ، بحذف الياء المتحركة، وتَصغير الترخيم سُوَيْدٌ.
وساوَدْتُ فلاناً فَسُدْتُه أَي غَلَبْتُه بالسواد من سواد اللونِ والسُّودَدِ جميعاً.
وسَوِدَ الرجلُ: كما تقول عَوِرَت عَيْنُه وَسَوِدْتُ أَنا؛ قال نُصَيْبٌ: سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سَوادي، وتحتَه قميص من القُوهِيِّ، بيضٌ بَنائقُهْ ويُرْوَى: سَوِدْتُ فلم أَملك وتحتَ سَوادِه وبعضهم يقول: سُدْتُ؛ قال أَبو منصور: وأَنشد أَعرابي لِعنترةَ يَصِفُ نفسَه بأَنه . . . أكمل المادة أَبيضُ الخُلُق وإِن كان أَسودَ الجلدِ: عليّ قميصٌ من سَوادٍ وتحتَه قميصُ بَياضٍ، . . . بنَائقُه (* لم نجد هذا البيت في ما لدينا من شعر عنترة المطبوع.) وكان عنترةُ أَسْوَدَ اللون، وأَراد بقميصِ البياضِ قَلْبَه.
وسَوَّدْتُ الشيءَ إِذا غَيَّرْتَ بَياضَه سَوَاداً.
وأَسوَدَ الرجُلُ وأَسأَدَ: وُلِدَ له ولد أَسود.
وساوَدَه سِواداً: لَقِيَه في سَوادِ الليلِ.
وسَوادُ القومِ: مُعْظَمُهم.
وسوادُ الناسِ: عَوامُّهُم وكلُّ عددٍ كثير.ويقال: أَتاني القومُ أَسوَدُهم وأَحمرُهم أَي عَرَبُهم وعَجَمُهم.
ويقال: كَلَّمُتُه فما رَدَّ عليَّ سوداءَ ولا بيضاءَ أَي كلمةً قبيحةً ولا حَسَنَةً أَي ما رَدَّ عليّ شيئاً.
والسواد: جماعةُ النخلِ والشجرِ لِخُضْرَته واسْوِدادِه؛ وقيل: إِنما ذلك لأَنَّ الخُضْرَةَ تُقارِبُ السوادَ.
وسوادُ كلِّ شيءٍ: كُورَةُ ما حولَ القُرَى والرَّساتيق.
والسَّوادُ: ما حَوالَي الكوفةِ من القُرَى والرَّساتيقِ وقد يقال كُورةُ كذا وكذا وسوادُها إِلى ما حَوالَيْ قَصَبَتِها وفُسْطاطِها من قُراها ورَساتيقِها.
وسوادُ الكوفةِ والبَصْرَة: قُراهُما.
والسَّوادُ والأَسْوِداتُ والأَساوِدُ: جَماعةٌ من الناس، وقيل: هُم الضُّروبُ المتفرِّقُون.
وفي الحديث: أَنه قال لعمر، رضي الله عنه: انظر إِلى هؤلاء الأَساوِدِ حولك أَي الجماعاتِ المتفرقة.
ويقال: مرّت بنا أَساودُ من الناسِ وأَسْوِداتٌ كأَنها جمع أَسْوِدَةٍ، وهي جمعُ قِلَّةٍ لسَوادٍ، وهو الشخص لأَنه يُرَى من بعيدٍ أَسْوَدَ.
والسوادُ: الشخص؛ وصرح أَبو عبيد بأَنه شخص كلِّ شيء من متاع وغيره، والجمع أَسْودةٌ، وأَساوِدُ جمعُ الجمعِ.
ويقال: رأَيتُ سَوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم.
وسوادُ العسكرِ: ما يَشتملُ عليه من المضاربِ والآلات والدوابِّ وغيرِها.
ويقال: مرت بنا أَسْوِداتٌ من الناس وأَساوِدُ أَي جماعاتٌ.
والسَّوادُ الأَعظمُ من الناس: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ والعدد الكثير من المسلمين الذين تَجمعوا على طاعة الإِمام وهو السلطان.
وسَوادُ الأَمر: ثَقَلُه.
ولفلانٍ سَوادٌ أَي مال كثيرٌ.
والسَّوادُ: السِّرارُ، وسادَ الرجلُ سَوْداً وساوَدَه سِواداً، كلاهما: سارَّه فأَدْنى سوادَه من سَوادِه، والاسم السِّوادُ والسُّوادُ؛ قال ابن سيده: كذلك أَطلقه أَبو عبيد، قال: والذي عندي أَن السِّوادَ مصدر ساوَد وأَن السُّوادَ الاسم كما تقدّم القول في مِزاحٍ ومُزاحٍ.
وفي حديث ابن مسعود: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أُذُنَكَ على أَن تَرْفَعَ الحجاب وتَسْمَعَ سِوادِي حتى أَنهاك؛ قال الأَصمَعي: السِّوادُ، بكسر السين، السِّرارُ، يقال منه: ساوَدْتُه مُساودَة وسِواداً إِذا سارَرْتَه، قال: ولم نَعْرِفْها بِرَفْع السين سُواداً؛ قال أَبو عبيدة: ويجوز الرفع وهو بمنزلة جِوارٍ وجُوارٍ، فالجُوارُ الاسمُ والجِوارُ المصدرُ. قال: وقال الأَحمر: هو من إِدْناء سَوادِكَ من سَوادِه وهو الشخْص أَي شخْصِكَ من شخصه؛ قال أَبو عبيد: فهذا من السِّرارِ لأَنَّ السِّرارَ لا يكون إِلا من إِدْناءِ السَّوادِ؛ وأَنشد الأَحمر: مَن يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ والإِعْـ ـرامِ زيراً، فإِنني غيرُ زِيرِ وقال ابن الأَعرابي في قولهم لا يُزايِلُ سَوادي بَياضَكَ: قال الأَصمعي معناه لا يُزايِلُ شخصي شخصَكَ. السَّوادُ عند العرب: الشخصُ، وكذلك البياضُ.
وقيل لابنَةِ الخُسِّ: ما أَزناكِ؟ أَو قيل لها: لِمَ حَمَلْتِ؟ أَو قيل لها: لِمَ زَنَيْتِ وأَنتِ سيَّدَةُ قَوْمِكِ؟ فقالت: قُرْبُ الوِساد، وطُولُ السِّواد؛ قال اللحياني: السِّوادُ هنا المُسارَّةُ، وقيل: المُراوَدَةُ، وقيل: الجِماعُ بعينه، وكله من السَّوادِ الذي هو ضدّ البياض.
وفي حديث سلمان الفارسي حين دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي ويقول: لا أَبكي خوفاً من الموت أَو حزناً على الدنيا، فقال: ما يُبْكِيك؟ فقال: عَهِد إِلينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليَكْف أَحدَكم مثلُ زاد الراكب وهذه الأَساوِدُ حَوْلي؛ قال: وما حَوْلَه إِلاَّ مِطْهَرَةٌ وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ؛ قال أَبو عبيد: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ من المتاع الذي كان عنده، وكلُّ شخص من متاع أَو إِنسان أَو غيرِه: سوادٌ، قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بها لاسْتضرارِه بمكانها.
وفي الحديث: إِذا رأَى أَحدكم سواداً بليل فلا يكن أَجْبنَ السَّوادَينِ فإِنه يخافُك كما تخافُه أَي شخصاً. قال: وجمع السَّوادِ أَسوِدةٌ ثم الأَساودُ جمع الجمع؛ وأَنشد الأَعشى: تناهَيْتُمُ عنا، وقد كان فيكُمُ أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها يعني بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى.
وفي الحديث: فجاء بعُودٍ وجاءَ بِبَعرةٍ حتى زعموا فصار سواداً أَي شخصاً؛ ومنه الحديث: وجعلوا سَواداً حَيْساً أَي شيئاً مجتمعاً يعني الأَزْوِدَة.
وفي الحديث: إِذا رأَيتم الاختلاف فعليكم بالسَّواد الأَعظم؛ قيل: السواد الأَعظمُ جُمْلَة الناس ومُعْظَمُهم التي اجْتَمَعَتْ على طاعة السلطان وسلوك المنهج القويم؛ وقيل: التي اجتمعت على طاعة السلطان وبَخِعَت لها، بَرّاً كان أَو فاجراً، ما أَقام الصلاةَ؛ وقيل لأَنَس: أَين الجماعة؟ فقال: مع أُمرائكم.
والأَسْوَدُ: العظيمُ من الحيَّات وفيه سوادٌ، والجمع أَسْوَدات وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قال الجوهري في جمع الأَسود أَساوِد قال: لأَنه اسم ولو كان صفة لَجُمِِع على فُعْلٍ. يقال: أَسْوَدُ سالِخٌ غير مضاف، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف بسالخةٍ.
وقوله، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بعضكم رقاب بعض؛ قال الزهري: الأَساودُ الحياتُ؛ يقول: يَنْصَبُّ بالسيف على رأْس صاحِبِه كما تفعلُ الحيةُ إِذا ارتفعت فَلَسعت من فَوْقُ، وإِنما قيل للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ جِلْدَه في كلِّ عام؛ وأَما الأَرقم فهو الذي فيه سواد وبياض، وذو الطُّفُيَتَيْنِ الذي له خَطَّان أَسودان. قال شَمِير: الأَسودُ أَخْبثُ الحيات وأَعظمها وأَنكاها وهي من الصفة الغالبة حتى استُعْمِل استِعْمال الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وليس شيءٌ من الحيات أَجْرَأَ منه، وربما عارض الرُّفْقَةَ وتَبَِعَ الصَّوْتَ، وهو الذي يطلُبُ بالذَّحْلِ ولا يَنْجُو سَلِيمُه، ويقال: هذا أَسود غير مُجْرًى؛ وقال ابن الأَعرابي: أَراد بقوله لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبّاً يعني جماعاتٍ، وهي جمع سوادٍ من الناس أَي جماعة ثم أَسْوِدَة، ثم أَساوِدُ جمع الجمع.
وفي الحديث: أَنه أَمر بقتل الأَسوَدَين في الصلاة؛ قال شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ والعقربَ.
والأَسْوَدان: التمر والماء، وقيل: الماء واللبن وجعلهما بعض الرُّجَّاز الماءَ والفَثَّ، وهو ضرب من البقل يُختَبَزُ فيؤكل؛ قال: الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي، الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي والأَسْودانِ: الحَرَّةُ والليل لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً المَدَنيَّ قومٌ فقال لهم: ما لكم عندنا إِلا الأَسْوَدانِ فقالوا: إِن في ذلك لمَقْنَعا التمر والماءِ، فقال: ما ذاك عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ والليل. فأَما قول عائشة، رضي الله عنها: لقد رأَيْتُنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما لنا طعام إِلا الأَسْودان؛ ففسره أَهل اللغة بأَنه التمر والماءُ؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها إِنما أَرادت الحرة والليلَ، وذلك أَن وجود التمر والماء عندهم شِبَعٌ ورِيٌّ وخِصْبٌ لا شِصْبٌ، وإِنما أَرادت عائشة، رضي الله عنها، أَن تبالغ في شدة الحال وتَنْتَهيَ في ذلك بأَن لا يكون معها إِلا الحرة والليل أَذْهَبَ في سوء الحال من وجود التمر والماء؛ قال طرفة: أَلا إِنني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً، أَلا بَجَلي من الشرابِ، أَلا بَجَلْ قال: أَراد الماء؛ قال شَمِرٌ: وقيل أَراد سُقِيتُ سُمَّ أَسوَدَ. قال الأَصمعي والأَحمر: الأَسودان الماء والتمر، وإِنما الأَسود التمر دون الماءِ وهو الغالب على تمر المدينة، فأُضيف الماءُ إِليه ونعتا جميعاً بنعت واحد إِتباعاً، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان يُسَمَّيان معاً بالاسم الأَشهر منهما كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، والقمران للشمس والقمر.
والوَطْأَة السَّوْداءُ: الدارسة، والحمراء: الجديدة.
وما ذقت عنده من سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وما سقاهم من سُوَيْدٍ قَطْرةً، وهو الماءُ نفسه لا يستعمل كذا إِلا في النفي.
ويقال للأَعداءِ: سُودُ الأَكباد؛ قال: فما أَجْشَمْتُ من إِتْيان قوم، هم الأَعداءُ فالأَكبادُ سُودُ ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبال وسود الأَكباد، وإِن لم يكونوا كذلك فكذلك يقال لهم.
وسَواد القلب وسَوادِيُّه وأَسْوَده وسَوْداؤُه: حَبَّتُه، وقيل: دمه. يقال: رميته فأَصبت سواد قلبه؛ وإِذا صَغَّروه ردّوه إِلى سُوَيْداء، ولا يقولون سَوْداء قَلْبه، كما يقولون حَلَّق الطائر في كبد السماء وفي كُبَيْد السماء.
وفي الحديث: فأَمر بسواد البَطن فشُوِيَ له الكبد.
والسُّوَيْداءُ: الاسْت.
والسَّوَيْداء: حبة الشُّونيز؛ قال ابن الأَعرابي: الصواب الشِّينِيز. قال: كذلك تقول العرب.
وقال بعضهم: عنى به الحبة الخضراء لأَن العرب تسمي الأَسود أَخضر والأَخضر أَسود.
وفي الحديث: ما من داءٍ إِلا في الحبة السوداءِ له شفاء إِلا السام؛ أَراد به الشونيز.
والسَّوْدُ: سَفْحٌ من الجبل مُسْتَدِقٌّ في الأَرض خَشِنٌ أَسود، والجمع أَسوادٌ، والقِطْعَةُ منه سَوْدةٌ وبها سميت المرأَة سَوْدَةَ. الليث: السَّوْدُ سَفْحٌ مستو بالأَرض كثير الحجارة خشنها، والغالب عليها أَلوان السواد وقلما يكون إِلا عند جبل فيه مَعْدِن؛ والسَّود، بفتح السين وسكون الواو، في شعر خداش بن زهير: لهم حَبَقٌ، والسَّوْدُ بيني وبينهم، يدي لكُمُ، والزائراتِ المُحَصَّبا هو جبال قيس؛ قال ابن بري: رواه الجرميُّ يدي لكم، بإِسكان الياءِ على الإِفراد وقال: معناه يدي لكم رهن بالوفاءِ، ورواه غيرهُ يُديَّ لكم جمع يد، كما قال الشاعر: فلن أَذكُرَ النُّعمانَ إِلا بصالح، فإِن له عندي يُدِيّاً وأَنعُما ورواه أَبو شريك وغيره: يَديّ بكم مثنى بالياءِ بدل اللام، قال: وهو الأَكثر في الرواية أَي أَوقع الله يديّ بكم.
وفي حديث أَبي مجلز: وخرج إِلى الجمعة وفي الطريق عَذِرات يابسة فجعل يتخطاها ويقول: ما هذه الأَسْوَدات؟ هي جمع سَوْداتٍ، وسَوْداتٌ جمع سودةٍ، وهي القِطعة من الأَرض فيها حجارة سُودٌ خَشِنَةٌ، شَبَّهَ العَذِرةَ اليابسة بالحجارة السود.
والسَّوادِيُّ: السُّهْريزُ.
والسُّوادُ: وجَع يأْخُذُ الكبد من أَكل التمر وربما قَتل، وقد سُئِدَ.
وماءٌ مَسْوَدَةٌ يأْخذ عليه السُّوادُ، وقد سادَ يسودُ: شرب المَسْوَدَةَ.
وسَوَّدَ الإِبل تسويداً إِذا دَقَّ المِسْحَ الباليَ من شَعَر فداوى به أَدْبارَها، يعني جمع دَبَر؛ عن أَبي عبيد.
والسُّودَدُ: الشرف، معروف، وقد يُهْمَز وتُضم الدال، طائية. الأَزهري: السُّؤدُدُ، بضم الدال الأُولى، لغة طيء؛ وقد سادهم سُوداً وسُودُداً وسِيادةً وسَيْدُودة، واستادهم كسادهم وسوَّدهم هو.
والمسُودُ: الذي ساده غيره.
والمُسَوَّدُ: السَّيّدُ.
وفي حديث قيس بن عاصم: اتقوا الله وسَوِّدوا أَكبَرَكم.
وفي حديث ابن عمر: ما رأَيت بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَسْوَدَ من معاوية؛ قيل: ولا عُمَر؟ قال: كان عمر خيراً منه، وكان هو أَسودَ من عمر؛ قيل: أَراد أَسخى وأَعطى للمال، وقيل: أَحلم منه. قال: والسَّيِّدُ يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومُحْتَمِل أَذى قومه والزوج والرئيس والمقدَّم، وأَصله من سادَ يَسُودُ فهو سَيْوِد، فقلبت الواو ياءً لأَجل الياءِ الساكنة قبلها ثم أُدغمت.
وفي الحديث: لا تقولوا للمنافق سَيِّداً، فهو إِن كان سَيِّدَكم وهو منافق، فحالكم دون حاله والله لا يرضى لكم ذلك. أَبو زيد: اسْتادَ القومُ اسْتِياداً إِذا قتلوا سيدهم أَو خطبوا إِليه. ابن الأَعرابي: استاد فلان في بني فلان إِذا تزوّج سيدة من عقائلهم.
واستاد القوم بني فلان: قتلوا سيدهم أَو أَسروه أَو خطبوا إِليه.
واستادَ القومَ واستاد فيهم: خطب فيهم سيدة؛ قال: تَمنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهةُ كاسْمِها، لِيَسْتادَ مِنا أَن شَتَوْنا لَيالِيا أَي أَراد يتزوجُ منا سيدة لأَن أَصابتنا سنة.
وفي حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: تَفَقَّهوا قبل أَن تُسَوَّدوا؛ قال شَمِر: معناه تعلَّموا الفقه قبل أَن تُزَوَّجوا فتصيروا أَرباب بيوت فَتُشْغَلوا بالزواج عن العلم، من قولهم استاد الرجلُ، يقول: إِذا تَزوّج في سادة؛ وقال أَبو عبيد: يقول تعلموا العلم ما دمتم صِغاراً قبل أَن تصيروا سادَةً رُؤَساءَ منظوراً إِليهم، فإِن لم تَعَلَّموا قبل ذلك استحيتم أَن تَعَلَّموا بعد الكبر، فبقِيتم جُهَّالاً تأْخذونه من الأَصاغر، فيزري ذلك بكم؛ وهذا شبيه بحديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما: لا يزال الناس بخير ما أَخذوا العلم عن أَكابرهم، فإِذا أَتاهم من أَصاغرهم فقد هلكوا، والأَكابر أَوْفَرُ الأَسنان والأَصاغرُ الأَحْداث؛ وقيل: الأَكابر أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والأَصاغر مَنْ بَعْدَهم من التابعين؛ وقيل: الأَكابر أَهل السنة والأَصاغر أَهل البدع؛ قال أَبو عبيد: ولا أُرى عبدالله أَراد إِلا هذا.
والسَّيِّدُ: الرئيس؛ وقال كُراع: وجمعه سادةٌ، ونظَّره بقَيِّم وقامة وعَيِّل وعالةٍ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن سادةً جمع سائد على ما يكثر في هذا النحو، وأَما قامةٌ وعالةٌ فجمْع قائم وعائل لا جمعُ قَيِّمٍ وعيِّلٍ كما زعم هو، وذلك لأَنَّ فَعِلاً لا يُجْمَع على فَعَلةٍ إِنما بابه الواو والنون، وربما كُسِّر منه شيء على غير فَعَلة كأَموات وأَهْوِناء؛ واستعمل بعض الشعراء السيد للجن فقال: جِنٌّ هَتَفْنَ بليلٍ، يَنْدُبْنَ سَيِّدَهُنَّهْ قال الأَخفش: هذا البيت معروف من شعر العرب وزعم بعضهم أَنه من شعر الوليد والذي زعم ذلك أَيضاً. . . . . (* بياض بالأصل المعول عليه قبل ابن شميل بقدر ثلاث كلمات) ابن شميل: السيد الذي فاق غيره بالعقل والمال والدفع والنفع، المعطي ماله في حقوقه المعين بنفسه، فذلك السيد.
وقال عكرمة: السيد الذي لا يغلبه غَضَبه.
وقال قتادة: هو العابد الوَرِع الحليم.
وقال أَبو خيرة: سمي سيداً لأَنه يسود سواد الناس أَي عُظْمهم. الأَصمعي: العرب تقول: السيد كل مَقْهور مَغْمُور بحلمه، وقيل: السيد الكريم.
وروى مطرّف عن أَبيه قال: جاءَ رجل إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أَنت سيد قريش؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: السيدُ الله، فقال: أَنت أَفضلُها قولاً وأَعْظَمُها فيها طَوْلاً، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لِيَقُلْ أَحدكم بقوله ولا يَسْتَجْرِئَنَّكُم؛ معناهُ هو الله الذي يَحِقُّ له السيادة، قال أَبو منصور: كره النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمْدَحَ في وجهه وأَحَبَّ التَّواضع لله تعالى، وجَعَلَ السيادة للذي ساد الخلق أَجمعين، وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأَنصار: قوموا إِلى سيدكم، أَراد أَنه أَفضلكم رجلاً وأَكرمكم، وأَما صفة الله، جل ذكره، بالسيد فمعناه أَنه مالك الخلق والخلق كلهم عبيده، وكذلك قوله: أَنا سيّدُ ولد آدم يوم القيامة ولا فَخْرَ، أَراد أَنه أَوَّل شفيع وأَول من يُفتح له باب الجنة، قال ذلك إِخباراً عما أَكرمه الله به من الفضل والسودد، وتحدُّثاً بنعمة الله عنده، وإِعلاماً منه ليكون إِيمانهم به على حَسَبهِ ومُوجَبهِ، ولهذا أَتبعه بقوله ولا فخر أَي أَن هذه الفضيلة التي نلتها كرامة من الله، لم أَنلها من قبل نفسي ولا بلغتها بقوَّتي، فليس لي أَن أَفْتَخِرَ بها؛ وقيل في معنى قوله لهم لما قالوا له أَنت سَيِّدُنا: قولوا بِقَوْلِكُم أَي ادْعوني نبياً ورسولاً كما سماني الله، ولا تُسَمُّوني سَيِّداً كما تُسَمُّونَ رؤُساءكم، فإِني لست كأَحدهم ممن يسودكم في أَسباب الدنيا.
وفي الحديث: يا رسولَ الله مَنِ السيِّد؟ قال: يوسفُ بن إِسحقَ بن يعقوبَ بن إِبراهيم، عليه السلام، قالوا: فما في أُمَّتِك من سَيِّدٍ؟ قال: بلى من آتاه الله مالاً ورُزِقَ سَماحَةً، فأَدّى شكره وقلَّتْ شِكايَتهُ في النَّاس.
وفي الحديث: كل بني آدم سَيِّدٌ، فالرجل سيد أَهل بيته، والمرأَة سيدة أَهل بيتها.
وفي حديثه للأَنصار قال: من سيدكم؟ قالوا: الجَدُّ بنُ قَيس على أَنا نُبَخِّلُه، قال: وأَي داءٍ أَدْوى من البخل؟ وفي الحديث أَنه قال للحسن بن علي، رضي الله عنهما: إِن ابْني هذا سيدٌ؛ قيل: أَراد به الحَليم لأَنه قال في تمامه: وإِن الله يُصْلِحُ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
وفي حديث: قال لسعد بن عبادة: انظروا إِلى سيدنا هذا ما يقول؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه الخطابي.
وقيل: انظروا إِلى من سَوَّدْناه على قومه ورأْسْناه عليهم كما يقول السلطانُ الأَعظم: فلان أَميرُنا قائدُنا أَي من أَمَّرناه على الناس ورتبناه لقَوْد الجيوش.
وفي رواية: انظروا إِلى سيدكم أَي مُقَدَّمِكُم.
وسمى الله تعالى يحيى سيداً وحصوراً؛ أَراد أَنه فاق غيره عِفَّة ونزاهة عن الذنوب. الفراء: السَّيِّدُ الملك والسيد الرئيس والسيد السخيُّ وسيد العبد مولاه، والأُنثى من كل ذلك بالهاء.
وسيد المرأَة: زوجها.
وفي التنزيل: وأَلْفَيَا سيدها لدى الباب؛ قال اللحياني: ونظنّ ذلك مما أَحدثه الناس، قال ابن سيده: وهذا عندي فاحش، كيف يكون في القرآن ثم يقول اللحياني: ونظنه مما أَحدثه الناس؛ إِلا أَن تكون مُراوِدَةُ يوسف مَمْلُوكَةً؛ فإِن قلت: كيف يكون ذلك وهو يقول: وقال نسوة في المدينة امرأَة العزيز؟ فهي إِذاً حرّة، فإِنه (* قوله «فإنه إلخ» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف قلت لا ورود فانه إلخ أو نحو ذلك والخطب سهل). قد يجوز أَن تكون مملوكة ثم يُعْتِقُها ويتزوّجها بعد كما نفعل نحن ذلك كثيراً بأُمهات الأَولاد؛ قال الأَعشى: فكنتَ الخليفةَ من بَعْلِها، وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها أَي من بعلها، فكيف يقول الأَعشى هذا ويقول اللحياني بعد: إِنَّا نظنه مما أَحدثه الناس؟ التهذيب: وأَلفيا سيدها معناه أَلفيا زوجها، يقال: هو سيدها وبعلها أَي زوجها.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَن امرأَة سأَلتها عن الخضاب فقالت: كان سيدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكره ريحه؛ أَرادت معنى السيادة تعظيماً له أَو ملك الزوجية، وهو من قوله: وأَلفيا سيدها لدى الباب؛ ومنه حديث أُم الدرداء: حدثني سيدي أَبو الدرداء. أَبو مالك: السَّوادُ المال والسَّوادُ الحديث والسواد صفرة في اللون وخضرة في الظفر تصيب القوم من الماء الملح؛ وأَنشد: فإِنْ أَنتُمُ لم تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا، فكونوا نَعَايَا في الأَكُفِّ عِيابُها (* قوله «فكونوا نعايا» هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس بغايا) يعني عيبة الثياب؛ قال: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا.
وسيِّد كلِّ شيء: أَشرفُه وأَرفَعُه؛ واستعمل أَبو إِسحق الزجاج ذلك في القرآن فقال: لأَنه سيد الكلام نتلوه، وقيل في قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً، السيد: الذي يفوق في الخير. قال ابن الأَنباري: إِن قال قائل: كيف سمى الله، عز وجل، يحيى سيداً وحصوراً، والسيد هو الله إِذ كان مالك الخلق أَجمعين ولا مالك لهم سواه؟ قيل له: لم يُرِد بالسيد ههنا المالك وإِنما أَراد الرئيسَ والإِمامَ في الخير، كما تقول العرب فلان سيدنا أَي رئيسنا والذي نعظمه؛ وأَنشد أَبو زيد: سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا، صَدْقُ الحديث فليس فيه تَماري وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فهو سيِّدٌ، وهم سادَةٌ، تقديره فَعَلَةٌ، بالتحريك، لأَن تقدير سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وهو مثل سَرِيٍّ وسَراةٍ ولا نظير لهما، يدل على ذلك أَنه يُجمعُ على سيائدَ، بالهمز، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وقال أَهل البصرة: تقدير سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ على فَعَلَةٍ كأَنهم جمعوا سائداً، مِثلَ قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وقالوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد والسَّيِّدَ على جَيائِدَ وسَيائدَ، بالهمز على غير قياس، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ فياعلُ بلا همز، والدال في سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق ببناء فُعْلَلٍ، مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ.
وتقول: سَوَّدَه قومه وهو أَسودُ من فلان أَي أَجلُّ منه: قال الفراء: يقال هذا سَيِّدُ قومِه اليوم، فإِذا أَخبرت أَنه عن قليل يكون سيدَهم قلت: هو سائدُ قومِه عن قليل.
وسيد (* هنا بياض بالأصل المعوّل عليه.). . .
وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بمعنى أَي وَلدَ غلاماً سيداً؛ وكذلك إِذا ولد غلاماً أَسود اللون.
والسَّيِّد من المعز: المُسِنُّ؛ عن الكسائي. قال: ومنه الحديث: ثَنِيٌّ من الضأْن خير من السيد من المعز؛ قال الشاعر: سواء عليه: شاةُ عامٍ دَنَتْ له لِيَذْبَحَها للضيف، أَم شاةُ سَيِّدِ كذا رواه أَبو علي عنه؛ المُسِنُّ من المعز، وقيل: هو المسنّ، وقيل: هو الجليل وإِن لم يكن مسنّاً.
والحديث الذي جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن جبريل قال لي: اعلم يا محمد أَن ثنية من الضأْن خير من السيِّد من الإِبل والبقر، يدل على أَنه معموم به. قال: وعند أَبي علي فَعْيِل من «س و د» قال: ولا يمتَنع أَن يكون فَعِّلاً من السَّيِّد إِلا أَن السيدَ لا معنى له ههنا.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بكبش يطَأُ في سواد وينْظرُ في سواد ويَبْرُكُ في سواد لِيُضَحِّيَ به؛ قوله: ينظر في سواد، أَراد أَنَّ حدقته سوداء لأَن إِنسان العين فيها؛ قال كثير: وعن نَجْلاءَ تَدْمَعُ في بياضٍ، إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ في سوادِ قوله: تدمع في بياض وتنظر في سواد، يريد أَن دموعها تسيل على خدٍّ أَبيض ونظرها من حدقة سوداء، يريد أَنه أَسوَدُ القوائم (* قوله «يريد أنه أسود القوائم» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في سواد كما هو واضح)، ويَبْرُك في سواد يريد أَن ما يلي الأَرض منه إِذا برك أَسْودُ؛ والمعنى أَنه أَسود القوائم والمَرابض والمحاجر. الأَصمعيُّ: يقال جاءَ فلان بغنمه سُودَ البطون، وجاءَ بها حُمرَ الكُلَى؛ معناهما مهازِيل.
والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، والعرب تقول: إِذا كثر البياض قلَّ السواد؛ يعنون بالبياض اللبن وبالسواد التمر؛ وكل عام يكثر فيه الرَّسْلُ يقلّ فيه التمر.
وفي المثل: قال لي الشَّرُّ أَقِمْ سوادَك أَي اصبر.
وأُمُّ سُويْدٍ: هي الطِّبِّيجَةُ.
والمِسْأَدُ: نِحْيُ السمن أَو العسل، يُهْمَز ولا يُهمز، فيقال مِسادٌ، فإِذا همز، فهو مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ ويقال: رمى فلان بسهمه الأَسودِ وبسهمه المُدْمَى وهو السهم الذي رُمِيَ به فأَصاب الرمِيَّةَ حتى اسودّ من الدم وهم يتبركون به؛ قال الشاعر: قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها: هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟ قال بعضهم: أَراد بالأَسهم السود ههنا النُّشَّابَ، وقيل: هي سهام القَنَا؛ قال أَبو سعيد: الذي صح عندي في هذا أَن الجَمُوحَ أَخا بني ظَفَر بَيَّتَ بني لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وفي كنانته نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بسواد، فقالت له امرأَته: أَين النبل الذي كنتَ ترمي به؟ فقال هذا البيت: قالت خُلَيْدَةُ.
والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طائر من الطير الذي يأْكل العنب والجراد، قال: وبعضهم يسميها السُّوادِيَّةَ. ابن الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تؤخذ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فيها الناقةُ وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وتؤكل.
وأَسْوَدُ: اسم جبل.
وأَسْوَدَةُ: اسم جبل آخر.
والأَسودُ: عَلَمٌ في رأْس جبل؛ وقول الأَعشى: كَلاَّ، يَمِينُ اللَّهِ حتى تُنزِلوا، من رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا وأَسْودُ العَيْنِ: جبل؛ قال: إِذا ما فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ كِراماً، وأَنتم ما أَقامَ أَلائِمُ قال الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ في الجَنُوب من شُعَبَى.
وأَسْوَدَةُ: بِئر.
وأَسوَدُ والسَّودُ: موضعان.
والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز.
وأَسْوَدُ الدَّم: موضع؛ قال النابغةُ الجعدي: تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هل تَرَى من ظعائنٍ خَرَجْنَ بنصف الليلِ، من أَسْوَدِ الدَّمِ؟ والسُّوَيْداءُ: طائرٌ.
وأَسْودانُ: أَبو قبيلة وهو نَبْهانُ.
وسُوَيْدٌ وسَوادةُ: اسمان.
والأَسْوَدُ: رجل. سيد الكلام نتلوه، وقيل في قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً، السيد: الذي يفوق في الخير. قال ابن الأَنباري: إِن قال قائل: كيف سمى الله، عز وجل، يحيى سيداً وحصوراً، والسيد هو الله إِذ كان مالك الخلق أَجمعين ولا مالك لهم سواه؟ قيل له: لم يُرِد بالسيد ههنا المالك وإِنما أَراد الرئيسَ والإِمامَ في الخير، كما تقول العرب فلان سيدنا أَي رئيسنا والذي نعظمه؛ وأَنشد أَبو زيد: سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا، صَدْقُ الحديث فليس فيه تَماري وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فهو سيِّدٌ، وهم سادَةٌ، تقديره فَعَلَةٌ، بالتحريك، لأَن تقدير سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وهو مثل سَرِيٍّ وسَراةٍ ولا نظير لهما، يدل على ذلك أَنه يُجمعُ على سيائدَ، بالهمز، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وقال أَهل البصرة: تقدير سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ على فَعَلَةٍ كأَنهم جمعوا سائداً، مِثلَ قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وقالوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد والسَّيِّدَ على جَيائِدَ وسَيائدَ، بالهمز على غير قياس، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ فياعلُ بلا همز، والدال في سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق ببناء فُعْلَلٍ، مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ.
وتقول: سَوَّدَه قومه وهو أَسودُ من فلان أَي أَجلُّ منه: قال الفراء: يقال هذا سَيِّدُ قومِه اليوم، فإِذا أَخبرت أَنه عن قليل يكون سيدَهم قلت: هو سائدُ قومِه عن قليل.
وسيد (* هنا بياض بالأصل المعوّل عليه.). . .
وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بمعنى أَي وَلدَ غلاماً سيداً؛ وكذلك إِذا ولد غلاماً أَسود اللون.
والسَّيِّد من المعز: المُسِنُّ؛ عن الكسائي. قال: ومنه الحديث: ثَنِيٌّ من الضأْن خير من السيد من المعز؛ قال الشاعر: سواء عليه: شاةُ عامٍ دَنَتْ له لِيَذْبَحَها للضيف، أَم شاةُ سَيِّدِ كذا رواه أَبو علي عنه؛ المُسِنُّ من المعز، وقيل: هو المسنّ، وقيل: هو الجليل وإِن لم يكن مسنّاً.
والحديث الذي جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن جبريل قال لي: اعلم يا محمد أَن ثنية من الضأْن خير من السيِّد من الإِبل والبقر، يدل على أَنه معموم به. قال: وعند أَبي علي فَعْيِل من «س و د» قال: ولا يمتَنع أَن يكون فَعِّلاً من السَّيِّد إِلا أَن السيدَ لا معنى له ههنا.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بكبش يطَأُ في سواد وينْظرُ في سواد ويَبْرُكُ في سواد لِيُضَحِّيَ به؛ قوله: ينظر في سواد، أَراد أَنَّ حدقته سوداء لأَن إِنسان العين فيها؛ قال كثير: وعن نَجْلاءَ تَدْمَعُ في بياضٍ، إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ في سوادِ قوله: تدمع في بياض وتنظر في سواد، يريد أَن دموعها تسيل على خدٍّ أَبيض ونظرها من حدقة سوداء، يريد أَنه أَسوَدُ القوائم (* قوله «يريد أنه أسود القوائم» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في سواد كما هو واضح)، ويَبْرُك في سواد يريد أَن ما يلي الأَرض منه إِذا برك أَسْودُ؛ والمعنى أَنه أَسود القوائم والمَرابض والمحاجر. الأَصمعيُّ: يقال جاءَ فلان بغنمه سُودَ البطون، وجاءَ بها حُمرَ الكُلَى؛ معناهما مهازِيل.
والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، والعرب تقول: إِذا كثر البياض قلَّ السواد؛ يعنون بالبياض اللبن وبالسواد التمر؛ وكل عام يكثر فيه الرَّسْلُ يقلّ فيه التمر.
وفي المثل: قال لي الشَّرُّ أَقِمْ سوادَك أَي اصبر.
وأُمُّ سُويْدٍ: هي الطِّبِّيجَةُ.
والمِسْأَدُ: نِحْيُ السمن أَو العسل، يُهْمَز ولا يُهمز، فيقال مِسادٌ، فإِذا همز، فهو مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ ويقال: رمى فلان بسهمه الأَسودِ وبسهمه المُدْمَى وهو السهم الذي رُمِيَ به فأَصاب الرمِيَّةَ حتى اسودّ من الدم وهم يتبركون به؛ قال الشاعر: قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها: هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟ قال بعضهم: أَراد بالأَسهم السود ههنا النُّشَّابَ، وقيل: هي سهام القَنَا؛ قال أَبو سعيد: الذي صح عندي في هذا أَن الجَمُوحَ أَخا بني ظَفَر بَيَّتَ بني لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وفي كنانته نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بسواد، فقالت له امرأَته: أَين النبل الذي كنتَ ترمي به؟ فقال هذا البيت: قالت خُلَيْدَةُ.
والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طائر من الطير الذي يأْكل العنب والجراد، قال: وبعضهم يسميها السُّوادِيَّةَ. ابن الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تؤخذ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فيها الناقةُ وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وتؤكل.
وأَسْوَدُ: اسم جبل.
وأَسْوَدَةُ: اسم جبل آخر.
والأَسودُ: عَلَمٌ في رأْس جبل؛ وقول الأَعشى: كَلاَّ، يَمِينُ اللَّهِ حتى تُنزِلوا، من رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا وأَسْودُ العَيْنِ: جبل؛ قال: إِذا ما فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ كِراماً، وأَنتم ما أَقامَ أَلائِمُ قال الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ في الجَنُوب من شُعَبَى.
وأَسْوَدَةُ: بِئر.
وأَسوَدُ والسَّودُ: موضعان.
والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز.
وأَسْوَدُ الدَّم: موضع؛ قال النابغةُ الجعدي: تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هل تَرَى من ظعائنٍ خَرَجْنَ بنصف الليلِ، من أَسْوَدِ الدَّمِ؟ والسُّوَيْداءُ: طائرٌ.
وأَسْودانُ: أَبو قبيلة وهو نَبْهانُ.
وسُوَيْدٌ وسَوادةُ: اسمان.
والأَسْوَدُ: رجل.

أذن (لسان العرب) [0]


أَذِنَ بالشيء إذْناً وأَذَناً وأَذانةً: عَلِم.
وفي التنزيل العزيز: فأْذَنوا بحَرْبٍ من الله ورسوله؛ أَي كونوا على عِلْمٍ.
وآذَنَه الأَمرَ وآذَنه به: أَعْلَمَه، وقد قُرئ: فآذِنوا بحربٍ من الله؛ معناه أَي أَعْلِمُوا كلَّ مَن لم يترك الرِّبا بأَنه حربٌ من الله ورسوله.
ويقال: قد آذَنْتُه بكذا وكذا، أُوذِنُه إيذاناً وإذْناً إذا أَعْلَمْته، ومن قرأَ فأْذَنُوا أَي فانْصِتُوا.
ويقال: أَذِنْتُ لفلانٍ في أَمر كذا وكذا آذَنُ له إِذْناً، بكسر الهمزة وجزمِ الذال، واسْتَأْذَنْتُ فلاناً اسْتِئْذاناً.
وأَذَّنْتُ: أَكْثرْتُ الإعْلامَ بالشيء.
والأَذانُ: الإعْلامُ.
وآذَنْتُكَ بالشيء: أَعْلمتُكه.
وآذَنْتُه: أَعْلَمتُه. قال الله عز وجل: فقل آذَنْتُكم على سواءٍ؛ قال الشاعر: آذَنَتْنا ببَيْنِها أَسْماءُ وأَذِنَ به إِذْناً: عَلِمَ به.
وحكى أَبو عبيد عن . . . أكمل المادة الأَصمعي: كونوا على إِذْنِهِ أَي على عِلْمٍ به.
ويقال: أَذِنَ فلانٌ يأْذَنُ به إِذْناً إذا عَلِمَ.
وقوله عز وجل: وأَذانٌ من الله ورسولِهِ إلى الناسِ؛ أَي إعْلامٌ.
والأَذانُ: اسمٌ يقوم مقامَ الإيذانِ، وهو المصدر الحقيقي.
وقوله عز وجل: وإِذ تأَذَّنَ ربُّكم لئن شَكرتُم لأَزيدنَّكم؛ معناه وإِذ عَلِمَ ربُّكم، وقوله عز وجل: وما هُمْ بِضارِّينَ به من أَحدٍ إلاَّ بإِذْنِ الله؛ معناه بِعلْمِ الله، والإذْنُ ههنا لا يكون إلاَّ من الله، لأَن الله تعالى وتقدَّس لا يأْمر بالفحشاء من السحْرِ وما شاكَلَه.
ويقال: فَعلْتُ كذا وكذا بإِذْنِه أَي فعلْتُ بعِلْمِه، ويكون بإِذْنِه بأَمره.
وقال قومٌ: الأَذينُ المكانُ يأْتيه الأَذانُ من كلِّ ناحيةٍ؛ وأَنشدوا: طَهُورُ الحَصَى كانت أَذيناً، ولم تكُنْ بها رِيبةٌ، مما يُخافُ، تَريبُ قال ابن بري: الأَذِينُ في البيت بمعنى المُؤْذَنِ، مثل عَقِيدٍ بمعنى مُعْقَدٍ، قال: وأَنشده أَبو الجَرّاح شاهداً على الأَذِينِ بمعنى الأَذانِ؛ قال ابن سيده: وبيت امرئ القيس: وإني أَذِينٌ، إنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكاً، بسَيْرٍ ترَى فيه الفُرانِقَ أَزْوَارَا (* في رواية أخرى: وإني زعيمٌ). أَذينٌ فيه: بمعنى مُؤْذِنٍ، كما قالوا أَليم ووَجيع بمعنى مُؤْلِم ومُوجِع.
والأَذِين: الكفيل.
وروى أَبو عبيدة بيت امرئ القيس هذا وقال: أَذِينٌ أَي زَعيم.
وفَعَلَه بإِذْني وأَذَني أَي بِعلْمي.
وأَذِنَ له في الشيءِ إِذْناً: أَباحَهُ له.
واسْتَأْذَنَه: طَلَب منه الإذْنَ.
وأَذِنَ له عليه: أَخَذَ له منه الإذْنَ. يقال: ائْذَنْ لي على الأمير؛ وقال الأَغَرّ بن عبد الله بن الحرث: وإني إذا ضَنَّ الأَمِيرُ بإِذْنِه على الإذْنِ من نفْسي، إذا شئتُ، قادِرُ وقول الشاعر: قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها تِيذَنْ، فإني حَمْؤُها وجارُها. قال أَبو جعفر: أَراد لِتأْذَنْ، وجائز في الشِّعر حذفُ اللام وكسرُ التاء على لغة مَن يقولُ أَنتَ تِعْلَم، وقرئ: فبذلك فَلْتِفْرَحوا.
والآذِنُ: الحاجِبُ؛ وقال: تَبَدَّلْ بآذِنِكَ المُرْتَضَى وأَذِنَ له أَذَناً: اسْتَمَعَ؛ قال قَعْنَبُ بنُ أُمّ صاحِبٍ: إن يَسْمَعُوا رِيبةً طارُوا بها فَرَحاً منّي، وما سَمعوا من صالِحٍ دَفَنُوا صُمٌّ إذا سمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به، وإنْ ذُكِرْتُ بشَرٍّ عنْدَهم أَذِنوا قال ابن سيده: وأَذِنَ إليه أَذَناً استمع.
وفي الحديث: ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ كأَذَنِهِ لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآن؛ قال أَبو عبيد: يعني ما استمَعَ اللهُ لشيء كاستِماعِهِ لِنَبيٍّ يتغنَّى بالقرآن أَي يتْلوه يَجْهَرُ به. يقال: أَذِنْتُ للشيء آذَنُ له أَذَناً إذا استمَعْتَ له؛ قال عديّ: أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ، إنَّ همِّي في سماعٍ وأَذَنْ وقوله عز وجل: وأَذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ؛ أَي اسْتَمعَتْ.
وأَذِنَ إليهِ أَذَناً: استمع إليه مُعْجباً؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن الأَهْيَم: فلَمَّا أَنْ تسَايَرْنا قَليلاً، أَذِنَّ إلى الحديثِ، فهُنَّ صُورُ وقال عديّ: في سَماعٍ يَأْذَنُ الشَّيخُ له، وحديثٍ مثْل ماذِيٍّ مُشار وآذَنَني الشيءُ: أَعْجَبَنِي فاستَمعْتُ له؛ أَنشد ابن الأَعرابي: فلا وأَبيك خَيْر منْك، إني لَيُؤْذِنُني التَّحَمْحُمُ والصَّهِيلُ وأَذِنَ للَّهوْ: اسْتَمع ومالَ.
والأُذْنُ والأُذُنُ، يخفَّف ويُثَقَّل: من الحواسّ أُنثى، والذي حكاه سيبويه أُذْن، بالضم، والجمع آذانٌ لا يُكسَّر على غير ذلك، وتصغيرها أُذَيْنة، ولو سَمَّيْت بها رجلاً ثم صغَّرْته قلت أُذَيْن، فلم تؤَنِّث لزوالِ التأْنيث عنه بالنقل إلى المذكر، فأَما قولهم أُذَيْنة في الاسم العلم فإنما سمي به مصغَّراً.
ورجل أُذْنٌ وأُذُنٌ: مُسْتَمِع لما يُقال له قابلٌ له؛ وصَفُو به كما قال: مِئْبَرة العُرْقُوبِ أَشْفَى المِرْفَق فوصف به لأَن في مِئْبَرةٍ وأَشْفى معنى الحِدَّة. قال أَبو علي: قال أَبو زيد رجل أُذُنٌ ورجال أُذُنٌ، فأُذُنٌ للواحد والجمع في ذلك سواء إذا كان يسمع مقالَ كلّ أَحد. قال ابن بري: ويقال رجل أُذُنٌ وامرأَة أُذُنٌ، ولا يثنى ولا يجمع، قال: وإنما سمَّوه باسم العُضْو تَهْويلاً وتشنيعاً كما قالوا للمرأَة: ما أَنتِ إلا بُطَين.
وفي التنزيل العزيز: ويقولون هو أُذُنٌ قل أُذُنٌ خيرٍ لكم؛ أَكثرُ القرّاء يقرؤون قل أُذُنٌ خير لكم، ومعناه وتفْسيرُه أَن في المُنافِقينَ من كان يَعيب النبي، صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن بَلَغَه عني شيء حَلَفْت له وقَبِلَ مني لأَنه أُذُنٌ، فأَعْلَمه الله تعالى أَنه أُذُنُ خيرٍ لا أُذُنُ شرٍّ.
وقوله تعالى: أُذُنُ خيرٍ لكم، أي مُسْتَمِعُ خيرٍ لكم، ثم بيّن ممن يَقْبَل فقال تعالى: يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين؛ أََي يسمع ما أَنزَلَ الله عليه فيصدِّق به ويصدِّق المؤمنين فيما يخبرونه به.
وقوله في حديث زيد بن أَرْقَم: هذا الذي أَوْفَى الله بأُذُنِه أَي أَظهرَ صِدْقَه في إِخْبارِه عما سمعَتْ أُذُنه.
ورجل أُذانِيّ وآذَنُ: عظيمُ الأُذُنَيْنِ طويلُهما، وكذلك هو من الإبلِ والغنم، ونَعْجةٌ أَذْناءُ وكَبْشٌ آذَنُ.
وفي حديث أَنس: أَنه قال له يا ذا الأُذُنَيْنِ؛ قالَ ابن الأَثير: قيل معناه الحضُّ على حُسْنِ الاستِماعِ والوَعْي لأَن السَّمْعَ بحاسَّة الأُذُنِ، ومَنْ خلَق الله له أُذُنَيْنِ فأََغْفَلَ الاستِماع ولم يُحْسِن الوَعْيَ لم يُعْذَرْ، وقيل: إن هذا القول من جملة مَزْحه، صلى الله عليه وسلم، ولَطيف أَخلاقه كما قال للمرأَة عن زوجها: أَذاك الذي في عينِه بياضٌ؟ وأَذَنَه أَذْناً، فهو مأْذونٌ: أَصاب أُذُنَه، على ما يَطَّرِد في الأَعضاء.
وأَذَّنَه: كأَذَنَه أَي ضرَب أُذُنَه، ومن كلامهم: لكل جابهٍ جَوْزةٌ ثم يُؤَذَّنُ؛ الجابهُ: الواردُ، وقيل: هو الذي يَرِدُ الماء وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ، والجَوْزةُ: السَّقْية من الماء، يَعْنُون أَن الواردَ إذا ورَدَهم فسأَلهم أَن يَسْقوه ماءً لأَهله وماشيتِه سَقَوْه سقْيةً واحدة، ثم ضربوا أُذُنَه إعْلاماً أَنه ليس عندهم أَكثرُ من ذلك.
وأُذِنَ: شكا أُذُنَه؛ وأُذُنُ القلبِ والسهمِ والنَّصْلِ كلُّه على التشبيه، ولذلك قال بعض المُحاجِين: ما ذُو ثلاث آذان يَسْبِقُ الخَيْل بالرَّدَيان؟ يعني السَّهمَ.
وقال أَبو حنيفة: إذا رُكِّبت القُذَذُ على السهم فهي آذانُه.
وأُذُنُ كلّ شيء مَقْبِضُه، كأُذُنِ الكوز والدَّلْو على التشبيه، وكلُّه مؤنث.
وأُذُنُ العَرفج والثُّمام: ما يُخَدُّ منه فيَنْدُرُ إذا أَخْوَصَ، وذلك لكونه على شكل الأُذُنِ.
وآذانُ الكيزانِ: عُراها، واحدَتها أُذُنٌ.
وأُذَيْنةُ: اسم رَجُلٍ، ليست مُحَقَّرة على أُذُن في التسمية، إذ لو كان كذلك لم تلحق الهاء وإنما سُمّيَ بها مُحَقَّرة من العُضْو، وقيل: أُذَيْنة اسمُ ملِك من ملوك اليمن.
وبنو أُذُنٍ: بطنٌ من هوازن.
وأُذُن النَّعْل: ما أَطافَ منها بالقِبال.
وأَذَّنْتُها: جعلتُ لها أُذُناً.
وأَذَّنْتُ الصبيَّ: عرَكْتُ أُذُنَه.
وأُذُنُ الحمارِ: نبتٌ له ورق عَرْضُه مثل الشِّبْر، وله أَصل يؤكل أَعظم من الجَزرة مثل الساعد، وفيه حلاوة؛ عن أَبي حنيفة.
والأَذانُ والأَذِينُ والتَّأْذِينُ: النّداءُ إلى الصلاة، وهو الإعْلام بها وبوقتها. قال سيبويه: وقالوا أَذَّنْت وآذَنْتُ، فمن العرب من يجعلهما بمعنىً، ومنهم من يقول أَذَّنْت للتصويت بإعْلانٍ، وآذَنْتُ أََعلمْت.
وقوله عز وجل: وأَذِّنْ في الناس بالحجّ؛ روي أَنَّ أَذان إبراهيم، عليه السلام، بالحج أَن وقَف بالمَقام فنادى: أَيّها الناس، أَجيبُوا الله، يا عباد الله، أَطيعوا الله، يا عباد الله، اتقوا الله، فوَقَرَتْ في قلب كل مؤمن ومؤمنة وأَسْمَعَ ما بين السماء والأَرض، فأَجابه مَن في الأَصْلاب ممّن كُتِب له الحج، فكلّ من حجّ فهو ممن أَجاب إبراهيم، عليه السلام.
وروي أَن أَذانه بالحجّ كان: يا أَيها الناس كتب عليكم الحجّ.
والأَذِينُ: المُؤذِّنُ؛ قال الحُصَينُ بن بُكَيْر الرَّبْعيّ يصف حمارَ وحش: شَدَّ على أَمر الورُودِ مِئْزَرَهْ سَحْقاً، وما نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ السَّحْقُ: الطَّرْدُ.
والمِئْذنةُ: موضعُ الأَذانِ للصلاة.
وقال اللحياني: هي المنارةُ، يعني الصَّومعةَ. أَبو زيد: يقال للمنارة المِئْذَنة والمُؤْذَنة؛ قال الشاعر: سَمِعْتُ للأَذانِ في المِئْذَنَهْ وأَذانُ الصلاة: معروف، والأَذِينُ مثله؛ قال الراجز: حتى إذا نُودِيَ بالأَذِين وقد أذَّنَ أَذاناً وأَذَّنَ المُؤذِّن تأْذيناً؛ وقال جرير يهجو الأَخطل: إنّ الذي حَرَمَ الخِلافَةَ تَغْلِباً، جعلَ الخِلافةَ والنُّبوَّةَ فينا مُضَرٌ أَبي وأَبو الملوكِ، فهل لكم، يا خُزْرَ تَغْلِبَ، من أَبٍ كأَبِينا؟ هذا ابنُ عمِّي في دِمَشْقَ خليفةٌ، لو شِئْتُ ساقَكمُ إليّ قَطينا إنّ الفَرَزْدَقَ، إذ تَحَنَّفَ كارِهاً، أَضْحَى لِتَغْلِبَ والصَّلِيبِ خَدِينا ولقد جَزِعْتُ على النَّصارى، بعدما لَقِيَ الصَّليبُ من العذاب معِينا هل تَشْهدون من المَشاعر مَشْعراً، أَو تسْمَعون من الأَذانِ أََذِينا؟ ويروى هذا البيت: هل تَمْلِكون من المشاعِرِ مشعراً، أَو تَشْهدون مع الأَذان أذينا؟ ابن بري: والأَذِينُ ههنا بمعنى الأَذانِ أَيضاً. قال: وقيل الأَذينُ هنا المُؤَذِّن، قال: والأَذينُ أيضاً المُؤذّن للصلاة؛ وأَنشد رجز الحُصَين بن بُكَير الرَّبعي: سَحْقاً، وما نادَى أَذينُ المَدَرَهْ والأَذانُ: اسمُ التأْذين، كالعذاب اسم التّعذيب. قال ابن الأَثير: وقد ورد في الحديث ذكر الأَذان، وهو الإعلام بالشيء؛ يقال منه: آذَنَ يُؤْذِن إيذاناً، وأَذّنَ يُؤذّن تأْذِيناً، والمشدّدُ مخصوصٌ في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة.
والأَذانُ: الإقامةُ.
ويقال: أَذَّنْتُ فلاناً تأْذيناً أَي رَدَدْتُه، قال: وهذا حرفٌ غريب؛ قال ابن بري: شاهدُ الأَذانِ قولُ الفرزدق: وحتى علا في سُور كلِّ مدينةٍ مُنادٍ يُنادِي، فَوْقَها، بأَذان وفي الحديث: أَنّ قوماً أَكلوا من شجرةٍ فحمَدوا فقال، عليه السلام: قرِّسُوا الماء في الشِّنانِ وصُبُّوه عليهم فيما بين الأَذانَيْن؛ أَراد بهما أَذانَ الفجر والإقامَة؛ التَّقْريسُ: التَّبْريدُ، والشِّنان: القِرَبْ الخُلْقانُ.
وفي الحديث: بين كلّ أَذانَيْن صلاةٌ؛ يريد بها السُّنَن الرواتبَ التي تُصلَّى بين الأَذانِ والإقامةِ قبل الفرض.
وأَذَّنَ الرجلَ: ردَّه ولم يَسْقِه؛ أَنشد ابن الأَعرابي: أَذَّنَنا شُرابِثٌ رأْس الدَّبَرْ أَي رَدَّنا فلم يَسْقِنا؛ قال ابن سيده: وهذا هو المعروف، وقيل: أَذَّنه نَقَر أُذُنَه، وهو مذكور في موضعه.
وتَأَذَّنَ لَيَفعَلنَّ أَي أَقسَم.
وتَأَذَّنْ أَي أعْلم كما تقول تَعَلَّم أَي اعْلَم؛ قال: فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّ للصَّيْد غرّةً، وإلاّ تُضَيِّعْها فإنك قاتِلُهْ وقوله عز وجل: وإذ تأَذَّنَ ربُّك؛ قيل: تَأَذَّن تأَلَّى، وقيل: تأَذَّنَ أَعْلَم؛ هذا قول الزجاج. الليث: تأَذَّنْتُ لأَفعلنَّ كذا وكذا يراد به إيجابُ الفعل، وقد آذَنَ وتأَذَّنَ بمعنًى، كما يقال: أَيْقَن وتَيَقَّنَ.
ويقال: تأَذَّنَ الأَميرُ في الناس إذا نادى فيهم، يكون في التهديد والنَّهيْ، أَي تقدَّم وأَعْلمَ.
والمُؤْذِنُ: مثل الذاوي، وهو العودُ الذي جَفَّ وفيه رطوبةٌ.
وآذَنَ العُشْبُ إذا بَدَأَ يجِفّ، فتَرى بعضَه رطْباً وبعضه قد جَفّ؛ قال الراعي: وحارَبَتِ الهَيْفُ الشَّمالَ وآذَنَتْ مَذانِبُ، منها اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ التهذيب: والأذَنُ التِّبْنُ، واحدته أَذَنةٌ.
وقال ابن شُميل: يقال هذه بقلةٌ تجِدُ بها الإبلُ أَذَنةً شديدة أَي شَهْوةً شديدة.
والأََذَنَةُ: خوصةُ الثُّمامِ، يقال: أَذَن الثُّمامُ إذا خرجت أَذَنَتُه. ابن شميل: أَذِنْتُ لحديث فلان أَي اشتهيته، وأَذِنْتُ لرائحة الطعام أَي اشتهيته، وهذا طعامٌ لا أَذَنة له أَي لا شهوة لريحه، وأَذَّن بإرسالِ إبلِه أَي تكلمّ به، وأَذَّنُوا عنِّي أَوَّلها أَي أَرسلوا أَوَّلها، وجاء فلانٌ ناشراً أُذُنَيْه أَي طامعاً، ووجدت فلاناً لابساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلاً. ابن سيده: وإِذَنْ جوابٌ وجزاءٌ، وتأْويلها إن كان الأَمر كما ذكرت أَو كما جرى، وقالوا: ذَنْ لا أَفعلَ، فحذفوا همزة إذَنْ، وإذا وقفت على إذَنْ أَبْدَلْتَ من نونه أَلفاً، وإنما أُبْدِلَتْ الأَلفُ من نون إِذَنْ هذه في الوقف ومن نون التوكيد لأن حالَهما في ذلك حالُ النون التي هي علَمُ الصرف، وإن كانت نونُ إذنْ أصلاً وتانِك النونانِ زائدتين، فإنْ قلت: فإذا كانت النون في إذَنْ أَصلاً وقد أُبدلت منها الأَلف فهل تُجيز في نحو حَسَن ورَسَن ونحو ذلك مما نونه أَصل فيقال فيه حسا ورسَا؟ فالجواب: إن ذلك لا يجوز في غير إذَنْ مما نونه أَصلٌ، وإن كان ذلك قد جاء في إِذَنْ من قِبَل أَنّ إذنْ حرفٌ، فالنون فيها بعضُ حرفٍ، فجاز ذلك في نون إذَنْ لمضارَعةِ إذَنْ كلِّها نونَ التأْكيد ونون الصرف، وأَما النونُ في حَسَن ورَسَن ونحوهما فهي أَصلٌ من اسم متمكن يجري عليه الإعرابُ، فالنون في ذلك كالدال من زيدٍ والراء من نكيرٍ، ونونُ إذَنْ ساكنةٌ كما أَن نُونَ التأْكيد ونونَ الصرف ساكنتان، فهي لهذا ولِما قدمناه من أَن كل واحدةٍ منهما حرفٌ كما أَن النون من إذَنْ بعضُ حرف أَشْبَهُ بنون الإسم المتمكن. الجوهري: إذنْ حرفُ مُكافأَة وجوابٍ، إن قدَّمْتَها على الفعل المستقبل نَصَبْتَ بها لا غير؛ وأَنشد ابن بري هنا لسَلْمى بن عونة الضبِّيّ، قال: وقيل هو لعبد الله ابن غَنَمة الضبِّيّ: ارْدُدْ حِمارَكَ لا يَنْزِعْ سوِيَّتَه، إذَنْ يُرَدَّ وقيدُ العَيْرِ مَكْروبُ قال الجوهري: إذا قال لك قائلٌ الليلةَ أَزورُكَ، قلتَ: إذَنْ أُكْرمَك، وإن أَخَّرْتها أَلْغَيْتَ قلتَ: أُكْرِمُكَ إذنْ، فإن كان الفعلُ الذي بعدها فعلَ الحال لم تعمل، لأَن الحال لا تعمل فيه العواملُ الناصبة، وإذا وقفتَ على إذَنْ قلت إذا، كما تقول زيدَا، وإن وسَّطتها وجعلتَ الفعل بعدها معتمداً على ما قبلها أَلْغَيْتَ أَيضاً، كقولك: أَنا إذَنْ أُكْرِمُكَ لأَنها في عوامل الأَفعال مُشبَّهةٌ بالظنّ في عوامل الأَسماء، وإن أَدخلت عليها حرفَ عطفٍ كالواو والفاء فأَنتَ بالخيارِ، إن شئت أَلغَيْتَ وإن شئت أَعملْتَ.

نصب (لسان العرب) [0]


النَّصَبُ: الإِعْياءُ من العَناءِ.
والفعلُ نَصِبَ الرجلُ، بالكسر،نَصَباً: أَعْيا وتَعِبَ؛ وأَنْصَبه هو، وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ.وهَمٌّ ناصِبٌ مُنْصِبٌ: ذو نَصَبٍ، مثل تامِرٍ ولابِنٍ، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ.
وفي الحديث: فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُنْصِـبُني ما أَنْصَبَها أَي يُتْعِـبُني ما أَتْعَبَها.
والنَّصَبُ: التَّعَبُ؛ قال النابغة: كِليني لـهَمٍّ، يا أُمَيْمَةَ، ناصِبِ قال: ناصِب، بمعنى مَنْصُوب؛ وقال الأَصمعي: ناصِب ذي نَصَبٍ، مثلُ لَيْلٌ نائمٌ ذو نومٍ يُنامُ فيه، ورجل دارِعٌ ذو دِرْعٍ؛ ويقال: نَصَبٌ ناصِبٌ، مثل مَوْتٌ مائِت، وشعرٌ شاعر؛ وقال سيبويه: هَمٌّ ناصبٌ، هو على النَّسَب.
وحكى أَبو علي في التَّذْكرة: نَصَبه الـهَمُّ؛ فناصِبٌ إِذاً على الفِعْل. قال الجوهري: ناصِبٌ فاعل بمعنى . . . أكمل المادة مفعول فيه، لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ، كقولهم: لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه، ويوم عاصِفٌ أَي تَعْصِفُ فيه الريح. قال ابن بري: وقد قيل غير هذا القول، وهو الصحيح، وهو أَن يكون ناصِبٌ بمعنى مُنْصِبٍ، مثل مكان باقلٌ بمعنى مُبْقِل، وعليه قول النابغة؛ وقال أَبو طالب: أَلا مَنْ لِـهَمٍّ، آخِرَ اللَّيْلِ، مُنْصِبِ قال: فناصِبٌ، على هذا، ومُنْصِب بمعنًى. قال: وأَما قوله ناصِبٌ بمعنى مَنْصوب أَي مفعول فيه، فليس بشيءٍ.
وفي التنزيل العزيز: فإِذا فَرَغْتَ فانْصَبْ؛ قال قتادة: فإِذا فرغتَ من صَلاتِكَ، فانْصَبْ في الدُّعاءِ؛ قال الأَزهري: هو من نَصِبَ يَنْصَبُ نَصَباً إِذا تَعِبَ؛ وقيل: إِذا فرغت من الفريضة، فانْصَبْ في النافلة.
ويقال: نَصِبَ الرجلُ، فهو ناصِبٌ ونَصِبٌ؛ ونَصَبَ لـهُمُ الـهَمُّ، وأَنْصَبَه الـهَمُّ؛ وعَيْشٌ ناصِبٌ: فيه كَدٌّ وجَهْدٌ؛ وبه فسر الأَصمعي قول أَبي ذؤيب: وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بعيشٍ ناصِبٍ، * وإِخالُ أَني لاحِقٌ مُسْتَتْبِـعُ قال ابن سيده: فأَما قول الأُمَوِيِّ إِن معنى ناصِبٍ تَرَكَني مُتَنَصِّباً، فليس بشيءٍ؛ وعَيْشٌ ذو مَنْصَبةٍ كذلك.
ونَصِبَ الرجلُ: جَدَّ؛ وروي بيتُ ذي الرمة: إِذا ما رَكْبُها نَصِـبُوا ونَصَبُوا.
وقال أَبو عمرو في قوله ناصِب: نَصَبَ نَحْوي أَي جَدَّ. قال الليث: النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ؛ يقال: أَصابه نَصْبٌ من الدَّاءِ.والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ: الداءُ والبَلاءُ والشرُّ.
وفي التنزيل العزيز: مَسَّني الشيطانُ بنُصْبٍ وعَذابٍ.
والنَّصِبُ: المريضُ الوَجِـعُ؛ وقد نَصَبه المرض وأَنْصَبه.
والنَّصْبُ: وَضْعُ الشيءِ ورَفْعُه، نَصَبه يَنْصِـبُه نَصْباً، ونَصَّبَه فانْتَصَبَ؛ قال: فباتَ مُنْتَصْـباً وما تَكَرْدَسا أَراد: مُنْتَصِـباً، فلما رأَى نَصِـباً من مُنْتَصِبٍ، كفَخِذٍ، خففه تخفيف فَخِذٍ، فقال: مُنْتَصْباً.
وتَنَصَّبَ كانْتَصَبَ.
والنَّصِـيبةُ والنُّصُبُ: كلُّ ما نُصِبَ، فجُعِلَ عَلَماً.
وقيل: النُّصُب جمع نَصِـيبةٍ، كسفينة وسُفُن، وصحيفة وصُحُفٍ. الليث: النُّصُبُ جماعة النَّصِـيبة، وهي علامة تُنْصَبُ للقوم. والنَّصْبُ والنُّصُبُ: العَلَم الـمَنْصُوب.
وفي التنزيل العزيز: كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ؛ قرئ بهما جميعاً، وقيل: النَّصْبُ الغاية، والأَول أَصحّ. قال أَبو إِسحق: مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ، فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون إِليه؛ ومن قرأَ إِلى نُصُبٍ، فمعناه إِلى أَصنام كقوله: وما ذُبِحَ على النُّصُب، ونحو ذلك قال الفراء؛ قال: والنَّصْبُ واحدٌ، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ.
واليَنْصُوبُ: عَلم يُنْصَبُ في الفلاةِ.
والنَّصْبُ والنُّصُبُ: كلُّ ما عُبِدَ من دون اللّه تعالى، والجمع أَنْصابٌ.
وقال الزجاج: النُّصُبُ جمع، واحدها نِصابٌ. قال: وجائز أَن يكون واحداً، وجمعه أَنْصاب. الجوهري: النَّصْبُ ما نُصِبَ فعُبِدَ من دون اللّه تعالى، وكذلك النُّصْب، بالضم، وقد يُحَرّكُ مثل عُسْر؛ قال الأَعشى يمدح سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وذا النُّصُبَ الـمَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ * لعافيةٍ، واللّهَ رَبَّكَ فاعْبُدا(1) (1 قوله «لعافية» كذا بنسخة من الصحاح الخط وفي نسخ الطبع كنسخ شارح القاموس لعاقبة.) أَراد: فاعبدنْ، فوقف بالأَلف، كما تقول: رأَيت زيداً؛ وقوله: وذا النُّصُبَ، بمعنى إِياك وذا النُّصُبَ؛ وهو للتقريب، كما قال لبيد: ولقد سَئِمْتُ من الـحَياةِ وطولِها، * وسُؤَالِ هذا الناسِ كيف لَبيدُ! ويروى عجز بيت الأَعشى: ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللّهَ فاعْبُدا التهذيب، قال الفراء: كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعْبَدُ من أَحجار. قال الأَزهري: وقد جَعَلَ الأَعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول: وذا النُّصُبَ الـمَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه والنَّصْبُ واحد، وهو مصدر، وجمعه الأَنْصابُ؛ قال ذو الرمة: طَوَتْها بنا الصُّهْبُ الـمَهاري، فأَصْبَحَتْ * تَناصِـيبَ، أَمثالَ الرِّماحِ بها، غُبْرا والتَّناصِـيبُ: الأَعْلام، وهي الأَناصِـيبُ، حجارةٌ تُنْصَبُ على رؤوس القُورِ، يُسْتَدَلُّ بها؛ وقول الشاعر: وَجَبَتْ له أُذُنٌ، يُراقِبُ سَمْعَها * بَصَرٌ، كناصِـبةِ الشُّجاعِ الـمُرْصَدِ يريد: كعينه التي يَنْصِـبُها للنظر. ابن سيده: والأَنْصابُ حجارة كانت حول الكعبة، تُنْصَبُ فيُهَلُّ عليها، ويُذْبَحُ لغير اللّه تعالى.
وأَنْصابُ الحرم: حُدوده.
والنُّصْبةُ: السَّارِية.
والنَّصائِبُ: حجارة تُنْصَبُ حَولَ الـحَوض، ويُسَدُّ ما بينها من الخَصاص بالـمَدَرة المعجونة، واحدتها نَصِـيبةٌ؛ وكلُّه من ذلك.
وقوله تعالى: والأَنْصابُ والأَزْلامُ، وقوله: وما ذُبِحَ على النُّصُبِ؛ الأَنْصابُ: الأَوثان.
وفي حديث زيد بن حارثة قال: خرج رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ من الأَنْصاب، فذَبحنا له شاةً، وجعلناها في سُفْرتِنا، فلَقِـيَنا زيدُ بن عَمْرو، فقَدَّمْنا له السُّفرةَ، فقال: لا آكل مما ذُبحَ لغير اللّه.
وفي رواية: أَن زيد بن عمرو مَرَّ برسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فدعاه إِلى الطعام، فقال زيدٌ:إِنَّا لا نأْكل مما ذُبحَ على النُّصُب. قال ابن الأَثير، قال الحربيُّ: قوله ذَبحنا له شاةً له وجهان: أَحدهما أَن يكون زيد فعله من غير أَمر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا رِضاه، إِلاَّ أَنه كان معه، فنُسِب إِليه، ولأَنَّ زيداً لم يكن معه من العِصْمة، ما كان مع سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم.
والثاني أَن يكون ذبحها لزاده في خروجه، فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده، لا أَنه ذبحها للصنم، هذا إِذا جُعِلَ النُّصُب الصَّنم، فأَما إِذا جُعِلَ الحجر الذي يذبح عنده، فلا كلام فيه، فظن زيد بن عمرو أَن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأَنصابها، فامتنع لذلك، وكان زيد يخالف قريشاً في كثير من أُمورها، ولم يكن الأَمْرُ كما ظَنَّ زيد. القُتَيْبـيُّ: النُّصُب صَنَم أَو حَجَرٌ، وكانت الجاهلية تَنْصِـبُه، تَذْبَحُ عنده فيَحْمَرُّ للدمِ؛ ومنه حديث أَبي ذرّ في إِسلامه، قال: فخَررْتُ مَغْشِـيّاً عليّ ثم ارْتَفَعْتُ كأَني نُصُبٌ أَحمر؛ يريد أَنهم ضَرَبُوه حتى أَدْمَوْه، فصار كالنُّصُب الـمُحْمَرِّ بدم الذبائح. أَبو عبيد: النَّصائِبُ ما نُصِبَ حَوْلَ الـحَوْضِ من الأَحْجار؛ قال ذو الرمة: هَرَقْناهُ في بادي النَّشِـيئةِ داثرٍ، * قَديمٍ بعَهْدِ الماءِ، بُقْعٍ نَصائِـبُهْ والهاءُ في هَرَقْناه تَعُودُ على سَجْلٍ تقدم ذكره. الجوهري: والنَّصِـيبُ الـحَوْضُ.
وقال الليث: النَّصْبُ رَفْعُك شيئاً تَنْصِـبُه قائماً مُنْتَصِـباً، والكلمةُ الـمَنْصوبةُ يُرْفَعُ صَوْتُها إِلى الغار الأَعْلى، وكلُّ شيءٍ انْتَصَبَ بشيءٍ فقد نَصَبَهُ. الجوهري: النَّصْبُ مصدر نَصَبْتُ الشيءَ إِذا أَقَمته.
وصَفِـيحٌ مُنَصَّبٌ أَي نُصِبَ بعضُه على بعض.
ونَصَّبَتِ الخيلُ آذانَها: شُدِّد للكثرة أَو للمبالغة.
والـمُنَصَّبُ من الخَيلِ: الذي يَغْلِبُ على خَلْقه كُلِّه نَصْبُ عِظامه، حتى يَنْتَصِبَ منه ما يحتاج إِلى عَطْفه.
ونَصَبَ السَّيْرَ يَنْصِـبه نَصْباً: رَفَعه.
وقيل: النَّصْبُ أَن يسيرَ القومُ يَوْمَهُم، وهو سَيْرٌ لَيِّنٌ؛ وقد نَصَبوا نَصْباً. الأَصمعي: النَّصْبُ أَن يسير القومُ يومَهم؛ ومنه قول الشاعر: كأَنَّ راكِـبَها، يَهْوي بمُنْخَرَقٍ * من الجَنُوبِ، إِذا ما رَكْبُها نَصَبوا قال بعضهم: معناه جَدُّوا السَّيْرَ.
وقال النَّضْرُ: النَّصْبُ أَوَّلُ السَّيْر، ثم الدَّبيبُ، ثم العَنَقُ، ثم التَّزَيُّدُ، ثم العَسْجُ، ثم الرَّتَكُ، ثم الوَخْدُ، ثم الـهَمْلَجَة. ابن سيده: وكلُّ شيءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ به شيءٌ، فقد نُصِبَ.
ونَصَبَ هو، وتَنَصَّبَ فلانٌ، وانْتَصَبَ إِذا قام رافعاً رأْسه.
وفي حديث الصلاة: لا يَنْصِبُ رأْسه ولا يُقْنِعُه أَي لا يرفعه؛ قال ابن الأَثير: كذا في سنن أَبي داود، والمشهور: لا يُصَبِّـي ويُصَوِّبُ، وهما مذكوران في مواضعهما.
وفي حديث ابن عمر: مِنْ أَقْذَرِ الذُّنوبِ رجلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً صَداقَها؛ قيل للَّيْثِ: أَنَصَبَ ابنُ عمر الحديثَ إِلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: وما عِلْمُه، لولا أَنه سمعه منه أَي أَسنَدَه إِليه ورَفَعَه.
والنَّصْبُ: إِقامةُ الشيءِ ورَفْعُه؛ وقوله: أَزَلُّ إِنْ قِـيدَ، وإِنْ قامَ نَصَبْ هو من ذلك، أَي إِن قام رأَيتَه مُشْرِفَ الرأْس والعُنُق. قال ثعلب: لا يكون النَّصْبُ إِلا بالقيام.
وقال مرة: هو نُصْبُ عَيْني، هذا في الشيءِ القائم الذي لا يَخْفى عليَّ، وإِن كان مُلْـقًى؛ يعني بالقائم، في هذه الأَخيرة: الشيءَ الظاهرَ.القتيبي: جَعَلْتُه نُصْبَ عيني، بالضم، ولا تقل نَصْبَ عيني.
ونَصَبَ له الحربَ نَصْباً: وَضَعَها.
وناصَبَه الشَّرَّ والحربَ والعَداوةَ مُناصبةً: أَظهَرَهُ له ونَصَبه، وكلُّه من الانتصابِ.
والنَّصِـيبُ: الشَّرَكُ الـمَنْصوب.
ونَصَبْتُ للقَطا شَرَكاً.
ويقال: نَصَبَ فلانٌ لفلان نَصْباً إِذا قَصَدَ له، وعاداه، وتَجَرَّدَ له.
وتَيْسٌ أَنْصَبُ: مُنْتَصِبُ القَرْنَيْنِ؛ وعَنْزٌ نَصْباءُ: بَيِّنةُ النَّصَب إِذا انْتَصَبَ قَرْناها؛ وتَنَصَّبَتِ الأُتُنُ حَوْلَ الـحِمار.
وناقة نَصْباءُ: مُرْتَفِعةُ الصَّدْر.
وأُذُنٌ نَصْباءُ: وهي التي تَنْتَصِبُ، وتَدْنُو من الأُخرى.
وتَنَصَّبَ الغُبار: ارْتَفَعَ.
وثَـرًى مُنَصَّبٌ: جَعْدٌ.
ونَصَبْتُ القِدْرَ نَصْباً.
والـمِنْصَبُ: شيءٌ من حديد، يُنْصَبُ عليه القِدْرُ؛ ابن الأَعرابي: الـمِنْصَبُ ما يُنْصَبُ عليه القِدْرُ إِذا كان من حديد. قال أَبو الحسن الأَخفش: النَّصْبُ، في القَوافي، أَن تَسْلَمَ القافيةُ من الفَساد، وتكونَ تامَّـةَ البناءِ، فإِذا جاءَ ذلك في الشعر المجزوءِ، لم يُسَمَّ نَصْباً، وإِن كانت قافيته قد تَمَّتْ؛ قال: سمعنا ذلك من العربِ، قال: وليس هذا مما سَمَّى الخليلُ، إِنما تؤْخَذ الأَسماءُ عن العرب؛ انتهى كلام الأَخفش كما حكاه ابن سيده. قال ابن سيده، قال ابن جني: لما كان معنى النَّصْبِ من الانْتِصابِ، وهو الـمُثُولُ والإِشْرافُ والتَّطاوُل، لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً، لأَن جَزْأَه عِلَّةٌ وعَيْبٌ لَحِقَه، وذلك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُل.
والنَّصِـيبُ: الـحَظُّ من كلِّ شيءٍ.
وقوله، عز وجل: أُولئك يَنالُهم نَصيبُهم من الكتاب؛ النَّصِـيب هنا: ما أَخْبَرَ اللّهُ من جَزائهم، نحو قوله تعالى: فأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى؛ ونحوُ قوله تعالى: يَسْلُكْه عذاباً صَعَداً؛ ونحو قوله تعالى: إِن المنافقين في الدَّرْكِ الأَسْفل من النار؛ ونحو قوله تعالى: إِذا الأَغْلالُ في أَعْناقِهِم والسَّلاسِلُ، فهذه أَنْصِـبَتُهم من الكتاب، على قَدْرِ ذُنُوبِهم في كفرهم؛ والجمع أَنْصِـباءُ وأَنْصِـبةٌ.
والنِّصْبُ: لغة في النَّصِـيبِ.
وأَنْصَبَه: جَعَلَ له نَصِـيباً.
وهم يَتَناصَبُونَه أَي يَقْتَسمونه.
والـمَنْصِبُ والنِّصابُ: الأَصل والـمَرْجِـع.
والنِّصابُ: جُزْأَةُ السِّكِّين، والجمع نُصُبٌ.
وأَنْصَبَها: جَعَلَ لها نِصاباً، وهو عَجْزُ السكين.
ونِصابُ السكين: مَقْبِضُه.
وأَنْصَبْتُ السكين: جَعَلْتُ له مَقْبِضاً.
ونِصابُ كلِّ شيءٍ: أَصْلُه.
والـمَنْصِبُ: الأَصلُ، وكذلك النِّصابُ؛ يقال: فلانٌ يَرْجِـعُ إِلى نِصاب صِدْقٍ، ومَنْصِبِ صِدْقٍ، وأَصْلُه مَنْبِتُه ومَحْتِدُه.وهَلَكَ نِصابُ مالِ فلانٍ أَي ما اسْتَطْرفه.
والنِّصابُ من المال: القَدْرُ الذي تجب فيه الزكاة إِذا بَلَغَه، نحو مائَتَيْ درهم، وخَمْسٍ من الإِبل.
ونِصابُ الشَّمْسِ: مَغِـيبُها ومَرْجِعُها الذي تَرْجِـعُ إِليه.
وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ: مُسْتَوي النِّبْتةِ كأَنه نُصبَ فسُوِّيَ.
والنَّصْبُ: ضَرْبٌ من أَغانيّ الأَعراب.
وقد نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إِذا غَنَّى النَّصْبَ. ابن سيده: ونَصْبُ العربِ ضَرْبٌ من أَغانِـيّها. وفي حديث نائل (1) (1 قوله «وفي حديث نائل» كذا بالأصل كنسخة من النهاية بالهمز وفي أخرى منها نابل بالموحدة بدل الهمز.) ، مولى عثمان: فقلنا لرباحِ بن الـمُغْتَرِفِ: لو نَصَبْتَ لنا نَصْبَ العَرب أَي لو تَغَنَّيْتَ؛ وفي الصحاح: لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ العَرَب، وهو غِناءٌ لهم يُشْبِه الـحُداءَ، إِلا أَنه أَرَقُّ منه.
وقال أَبو عمرو: النَّصْبُ حُداءٌ يُشْبِهُ الغِناءَ. قال شمر: غِناءُ النَّصْبِ هو غِناءُ الرُّكْبانِ، وهو العَقِـيرةُ؛ يقال: رَفَعَ عَقيرته إِذا غَنَّى النَّصْبَ؛ وفي الصحاح: غِناءُ النَّصْبِ ضَرْب من الأَلْحان؛ وفي حديث السائبِ بن يزيد: كان رَباحُ بنُ الـمُغْتَرِفِ يُحْسِنُ غِناءَ النَّصَبُ: الإِعْياءُ من العَناءِ.
والفعلُ نَصِبَ الرجلُ،. . النَّصْبِ، وهو ضَرْبٌ من أَغانيّ العَرب، شَبيهُ الـحُداءِ؛ وقيل: هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِـيد، وأُقِـيمَ لَحْنُه ووزنُه.
وفي الحديث: كُلُّهم كان يَنْصِبُ أَي يُغَنِّي النَّصْبَ.
ونَصَبَ الحادي: حَدا ضَرْباً من الـحُداءِ.
والنَّواصِبُ: قومٌ يَتَدَيَّنُونَ ببِغْضَةِ عليّ، عليه السلام.
ويَنْصُوبُ: موضع.
ونُصَيْبٌ: الشاعر، مصغَّر.
ونَصيبٌ ونُصَيْبٌ: اسمان.
ونِصابٌ: اسم فرس.
والنَّصْبُ، في الإِعْراب: كالفتح، في البناءِ، وهو من مُواضَعات النحويين؛ تقول منه: نَصَبْتُ الحرفَ، فانْتَصَبَ.
وغُبار مُنْتَصِبٌ أَي مُرْتَفِـع.
ونَصِـيبينَ: اسمُ بلد، وفيه للعرب مذهبان: منهم مَن يجعله اسماً واحداً، ويُلْزِمُه الإِعرابَ، كما يُلْزم الأَسماءَ المفردةَ التي لا تنصرف، فيقول: هذه نَصِـيبينُ، ومررت بنَصِـيبينَ، ورأَيتُ نَصِـيبينَ، والنسبة نَصِـيبـيٌّ، ومنهم مَن يُجْريه مُجْرى الجمع، فيقول هذه نَصِـيبُونَ، ومررت بنَصِـيبينَ، ورأَيت نَصِـيبينَ. قال: وكذلك القول في يَبْرِينَ، وفِلَسْطِـينَ، وسَيْلَحِـينَ، وياسمِـينَ، وقِنَّسْرينَ، والنسبة إِليه، على هذا: نَصِـيبينيٌّ، ويَبْرينيٌّ، وكذلك أَخواتها. قال ابن بري، رحمه اللّه: ذكر الجوهري أَنه يقال: هذه نَصِـيبينُ ونَصِـيبون، والنسبة إِلى قولك نَصِـيبين، نصيبـيٌّ، وإِلى قولك نصيبون، نصيبينيّ؛ قال: والصواب عكس هذا، لأَن نَصِـيبينَ اسم مفرد معرب بالحركات، فإِذا نسبتَ إِليه أَبقيته على حاله، فقلت: هذا رجلٌ نَصِـيبينيٌّ؛ ومن قال نصيبون، فهو معرب إِعراب جموع السلامة، فيكون في الرفع بالواو، وفي النصب والجر بالياءِ، فإِذا نسبت إِليه، قلت: هذا رجل نَصِـيبـيّ، فتحذف الواو والنون؛ قال: وكذلك كلُّ ما جمعته جمع السلامة، تَرُدُّه في النسب إِلى الواحد، فتقول في زيدون، اسم رجل أَو بلد: زيديّ، ولا تقل زيدونيّ، فتجمع في الاسم الإِعرابَين، وهما الواو والضمة.

سبع (لسان العرب) [0]


السَّبْعُ والسبْعةُ من العدد: معروف، سَبْع نِسوة وسبْعة رجال، والسبعون معروف، وهو العِقْد الذي بين الستين والثمانين.
وفي الحديث: أُوتِيتُ السبع المَثاني، وفي رواية: سبعاً من المثاني، قيل: هي الفاتحة لأَنها سبع آيات، وقيل: السُّوَرُ الطِّوالُ من البقرة إِلى التوبة على أَن تُحْسَبَ التوبةُ والأَنفالُ سورةً واحدة، ولهذا لم يفصل بينهما في المصحف بالبسملة، ومن في قوله «من المثاني» لتبيين الجنس، ويجوز أَن تكون للتبعيض أَي سبع آيات أَو سبع سور من جملة ما يثنى به على الله من الآيات.
وفي الحديث: إِنه لَيُغانُ على قلبي حتى أَستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وقد تكرر ذكر السبعة والسبع والسبعين والسبعمائة . . . أكمل المادة في القرآن وفي الحديث والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير كقوله تعالى: كمثل حبة أَنبتت سبع سنابل، وكقوله تعالى: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، وكقوله: الحسنة بعشر أَمثالها إِلى سبعمائة.
والسُّبُوعُ والأُسْبُوعُ من الأَيام: تمام سبعة أَيام. قال الليث: الأَيام التي يدور عليها الزمان في كل سبعة منها جمعة تسمى الأُسْبُوع ويجمع أَسابِيعَ، ومن العرب من يقول سُبُوعٌ في الأَيام والطواف، بلا أَلف، مأْخوذة من عدد السَّبْع، والكلام الفصيح الأُسْبُوعُ.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: للبِكر سَبْع وللثَّيِّب ثلاث يجب على الزوج أَن يَعْدِلَ بين نسائِه في القَسْمِ فيقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند الأُخرى، فإِن تزوج عليهن بكراً أَقام عندها سبعة أَيام ولا يحسبها عليه نساؤه في القسم، وإِن تزوج ثيِّباً أَقام عندها ثلاثاً غير محسوبة في القسم.وقد سَبَّعَ الرجل عند امرأَته إِذا أَقام عندها سبع ليال.
ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأُم سلمة حين تزوجها، وكانت ثيِّباً: إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ ثم سَبَّعْتُ عند سائر نسائي، وإِن شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثم درت لا أَحتسب بالثلاث عليك؛ اشتقوا فَعَّلَ من الواحد إِلى العشرة، فمعنى سَبَّعَ أَقام عندها سبعاً، وثَلَّثَ أَقام عندها ثلاثاً، وكذلك من الواحد إِلى العشرة في كل قول وفعل.
وفي حديث سلمة بن جُنادة: إِذا كان يوم سُبُوعه، يريد يوم أُسْبوعه من العُرْس أَي بعد سبعة أَيام.
وطُفْتُ بالبيت أُسْبُوعاً أَي سبع مرات وثلاثة أَسابيعَ.
وفي الحديث: أَنه طاف بالبيت أُسبوعاً أَي سبع مرات؛ قال الليث: الأُسْبوعُ من الطواف ونحوه سبعة أَطواف، ويجمع على أُسْبوعاتٍ، ويقال: أَقمت عنده سُبْعَيْنِ أَي جُمْعَتَينِ وأُسْبوعَين.
وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم، بالفتح، سَبْعاً: صار سابعهم.
واسْتَبَعُوا: صاروا سَبْعةً.
وهذا سَبِيعُ هذا أَي سابِعُه.
وأَسْبَعَ الشيءَ وسَبَّعَه: صَيَّره سبعة.
وقوله في الحديث: سَبَّعَتْ سُلَيم يوم الفتح أَي كمَلَت سبعمائة رجل؛ وقول أَبي ذؤيب: لَنَعْتُ التي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَها، وقالَتْ: حَرامٌ أَنْ يُرَحَّلَ جارها يقول: إِنَّكَ واعتذارَك بأَنك لا تحبها بمنزلة امرأَة قَتَلَتْ قتيلاً وضَمَّتْ سِلاحَه وتحَرَّجَت من ترحيل جارها، وظلت تَغْسِلُ إِناءَها من سُؤر كلبها سَبْعَ مرّات.
وقولهم: أَخذت منه مائة درهم وزناً وزن سبعة؛ المعنى فيه أَن كل عشرة منها تَزِنُ سبعة مَثاقِيلَ لأَنهم جعلوها عشرة دراهم، ولذلك نصب وزناً.
وسُبعَ المولود: حُلِقَ رأْسُه وذُبِحَ عنه لسبعة أَيام.
وأَسْبَعَتِ المرأَةُ، وهي مُسْبِعٌ، وسَبَّعَتْ: ولَدَتْ لسبعة أَشهر، والوَلدُ مُسْبَعٌ.
وسَبَّعَ الله لك رزَقَك سبعة أَولاد، وهو على الدعاء.
وسَبَّعَ الله لك أَيضاً: ضَعَّفَ لك ما صنعت سبعة أَضعاف؛ ومنه قول الأَعرابي لرجل أَعطاه درهماً: سَبَّعَ الله لك الأَجر؛ أَراد التضعيف.
وفي نوادر الأَعراب: سَبَّعَ الله لفلان تَسْبِيعاً وتَبَّع له تَتْبيعاً أَي تابع له الشيء بعد الشيء، وهو دعوة تكون في الخير والشر، والعرب تضع التسبيع موضع التضعيف وإِن جاوز السبع، والأَصل قول الله عز وجل: كمثل حبة أَنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة. ثم قال النبي، صلى الله عليه وسلم: الحسنة بعشر إِلى سبعمائة. قال الأَزهري: وأَرى قول الله عز وجل لنبيه، صلى الله عليه وسلم: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، من باب التكثير والتضعيف لا من باب حصر العدد، ولم يرد الله عز وجل أَنه، عليه السلام، إِن زاد على السبعين غفر لهم، ولكن المعنى إِن استكثرت من الدعاء والاستغفار للمنافقين لم يغفر الله لهم.
وسَبَّعَ فلان القرآن إِذا وَظَّفَ عليه قراءته في سبع ليال.
وسَبَّعَ الإِناءَ: غسله سبع مرات.
وسَبَّعَ الشيءَ تسْبيعاً: جعله سبعة، فإِذا أَردت أَن صيرته سبعين قلت: كملته سبعين. قال: ولا يجوز ما قاله بعض المولدين سَبَّعْتُه، ولا قولهم سَبْعَنْتُ دَراهِمي أَي كَمَّلْتُها سَبْعِين.
وقولهم: هو سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ البدن.
والسُّباعيُّ من الجمال: العظيم الطويل، قال: والرباعي مثله على طوله، وناقة سُباعِيَّةٌ ورُباعِيَّةٌ.
وثوب سُباعيّ إِذا كان طوله سبعَ أَذْرُع أَو سَبْعةَ أَشبار لأَن الشبر مذكر والذراع مؤنثة.
والمُسْبَعُ: الذي له سبعة آباءٍ في العُبُودة أَو في اللؤم، وقيل: المسبع الذي ينسب إِلى أَربع أُمهات كلهن أَمَة، وقال بعضهم: إِلى سبع أُمهات.
وسَبَع الحبلَ يَسْبَعُه سَبْعاً: جعله على سبع قُوًى.
وبَعِيرٌ مُسْبَعٌ إِذا زادت في مُلَيْحائِه سَبْع مَحالات.
والمُسَبَّعُ من العَرُوض: ما بنى على سبعة أَجزاء.
والسِّبْعُ: الوِرْدُ لسِتِّ ليال وسبعة أَيام، وهو ظِمْءٌ من أَظْماء الإِبل، والإِبل سَوابِعُ والقوم مُسْبِعُون، وكذلك في سائر الأَظْماءِ؛ قال الأَزهري: وفي أَظْماء الإِبل السِّبْعُ، وذلك إِذا أَقامت في مَراعِيها خمسة أَيام كَوامِلَ ووردت اليوم السادس ولا يحسَب يوم الصّدَر.
وأَسْبَعَ الرجل: وَرَدَت إِبله سبْعاً.
والسَّبِيعُ: بمعنى السُّبُع كالثَّمين بمعنى الثُّمُن؛ وقال شمر: لم أَسمع سَبِيعاً لغير أَبي زيد.
والسبع، بالضم: جزء من سبعة، والجمع أَسْباع.
وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم سَبْعاً: أَخذ سُبُعَ أَموالِهم؛ وأَما قول الفرزدق: وكيفَ أَخافُ الناسَ، واللهُ قابِضٌ على الناسِ والسَّبْعَيْنِ في راحةِ اليَدِ؟ فإِنه أَراد بالسَّبْعَينِ سبْعَ سمواتٍ وسبعَ أَرَضِين.
والسَّبُعُ: يقع على ما له ناب من السِّباعِ ويَعْدُو على الناس والدوابّ فيفترسها مثل الأَسد والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وما أَشبهها؛ والثعلبُ، وإِن كان له ناب، فإِنه ليس بسبع لأَنه لا يعدو على صِغار المواشي ولا يُنَيِّبُ في شيء من الحيوان، وكذلك الضَّبُع لا تُعَدُّ من السباع العادِيةِ، ولذلك وردت السُّنة بإِباحة لحمها، وبأَنها تُجْزَى إِذا أُصِيبت في الحرم أَو أَصابها المحرم، وأَما الوَعْوَعُ وهو ابن آوى فهو سبع خبيث ولحمه حرام لأَنه من جنس الذِّئابِ إِلاَّ أَنه أَصغر جِرْماً وأَضْعَفُ بدَناً؛ هذا قول الأَزهري، وقال غيره: السبع من البهائم العادية ما كان ذا مِخلب، والجمع أَسْبُعٌ وسِباعٌ. قال سيبويه: لم يكسَّر على غير سِباعٍ؛ وأَما قولهم في جمعه سُبُوعٌ فمشعر أَن السَّبْعَ لغة في السَّبُع، ليس بتخفيف كما ذهب إِليه أَهل اللغة لأَن التخفيف لا يوجب حكماً عند النحويين، على أَن تخفيفه لا يمتنع؛ وقد جاء كثيراً في أَشعارهم مثل قوله: أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكم؟ فهذا ورَبِّ الرّاقِصاتِ المُزَعْفَرُ وأَنشد ثعلب: لِسانُ الفَتى سَبْعٌ، عليه شَذاتُه، فإِنْ لم يَزَعْ مِن غَرْبِه، فهو آكِلُهْ وفي الحديث: أَنه نهى عن أَكل كل ذي ناب من السباع؛ قال: هو ما يفترس الحيوان ويأْكله قهراً وقَسْراً كالأَسد والنَّمِر والذِّئب ونحوها.
وفي ترجمة عقب: وسِباعُ الطير التي تَصِيدُ.
والسَّبْعةُ: اللَّبُوءَةُ.
ومن أَمثال العرب السائرة: أَخَذه أَخْذ سَبْعةٍ، إِنما أَصله سَبُعةٌ فخفف.
واللَّبُوءَةُ أَنْزَقُ من الأَسد، فلذلك لم يقولوا أَخْذَ سَبُعٍ، وقيل: هو رجل اسمه سبْعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامانَ بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث بن طيء بن أُدَد، وكان رجلاً شديداً، فعلى هذا لا يُجْرَى للمعرفة والتأْنيث، فأَخذه بعض ملوك العرب فَنَكَّلَ به وجاء المثل بالتخفيف لما يؤثرونه من الخفة.
وأَسْبَعَ الرجلَ: أَطْعَمه السَّبُعَ، والمُسْبِعُ: الذي أَغارت السِّباعُ على غنمه فهو يَصِيحُ بالسِّباعِ والكِلابِ؛ قال: قد أَسْبَعَ الرّاعي وضَوْضَا أَكْلُبُه وأَسْبَعَ القومُ: وقَع السَّبُع في غنمهم.
وسَبَعت الذّئابُ الغنَم: فَرَسَتْها فأَكلتها.
وأَرض مَسْبَعةٌ: ذات سِباع؛ قال لبيد: إِليك جاوَزْنا بلاداً مَسْبَعَهْ ومَسْبَعةٌ: كثيرة السباع؛ قال سيبويه: باب مَسْبَعةٍ ومَذْأَبةٍ ونظيرِهما مما جاء على مَفْعَلةٍ لازماً له الهاء وليس في كل شيء يقال إِلا أَن تقيس شيئاً وتعلم مع ذلك أَن العرب لم تَكَلَّمْ به، وليس له نظير من بنات الأَربعة عندهم، وإِنما خصوا به بناتِ الثلاثة لخفتها مع أَنهم يستغنون بقولهم كثيرة الذئاب ونحوها.
وقال ابن المظفر في قولهم لأَعْمَلَنّ بفلان عملَ سَبْعَةٍ: أَرادوا المبالغة وبلوغَ الغاية، وقال بعضهم: أَرادوا عمل سبعة رجال.
وسُبِعَتِ الوَحْشِيَّةُ، فهي مَسْبُوعةٌ إِذا أَكَل السبُعُ ولدها، والمَسْبُوعةُ: البقرة التي أَكَل السبعُ ولدَها.
وفي الحديث: أَن ذئباً اختطف شاة من الغنم أَيام مَبْعَثِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السبْع؟ قال ابن الأَعرابي: السبع، بسكون الباء، الموضعُ الذي يكونُ إِليه المَحْشَرُ يومَ القيامة، أَراد من لها يوم القيامة؛ وقيل: السبْعُ الذَّعْرُ، سَبَعْتُ فلاناً إِذا ذَعَرْتَه، وسَبَعَ الذِّئْبُ الغنم إِذا فرسها، أَي من لها يومَ الفَزَع؛ وقيل: هذا التأْويل يَفْسُد بقول الذئب في تمام الحديث: يومَ لا راعِيَ لها غيري، والذئب لا يكون لها راعياً يوم القيامة، وقيل: إِنه أَراد من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملاً لا راعي لها نُهْبَة للذِّئاب والسِّباع، فجعل السبُع لها راعياً إِذ هو منفرد بها، ويكون حينئذ بضم الباء، وهذا إِنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يُهْمِلُ الناس فيها مواشيهم فتستمكن منها السباع بلا مانع.
وروي عن أَبي عبيدة: يومُ السبْعِ عِيدٌ كان لهم في الجاهلية يشتغلون بعيدهم ولَهْوِهِم، وليس بالسبُع الذي يفترس الناس، وهذا الحرف أَملاه أَبو عامر العبدري الحافظ بضم الباء، وكان من العلم والإِتقان بمكان، وفي الحديث نهَى عن جُلودِ السِّباعِ؛ السباعُ: تَقَعُ على الأَسد والذئاب والنُّمُور، وكان مالك يكره الصلاة في جُلودِ السِّباعِ، وإِن دُبِغَتْ، ويمنع من بيعها، واحتج بالحديث جماعة وقالوا: إِن الدِّباغَ لا يؤثِّر فيما لا يؤكل لحمه، وذهب جماعة إِلى أَن النهي تناولها قبل الدباغ، فأَما إِذا دُبِغَتْ فقد طهُرت؛ وأَما مذهب الشافعي فإِن الذَّبْحَ يطهر جُلود (* قوله «فان الذبح يطهر إلخ» هكذا في الأصل والنهاية، والصحيح المشهور من مذهب الشافعي: ان الذبح لا يطهر جلد غير المأكول.) الحيوان المأْكول وغير المأْكول إِلا الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ منهما، والدِّباغُ يُطَهِّرُ كل جلد ميتة غيرهما؛ وفي الشعور والأَوبار خلاف هل تَطْهُر بالدباغ أَم لا، إِنما نهى عن جلود السباع مطلقاً أَو عن جلد النَّمِر خاصّاً لأَنه ورد في أَحاديث أَنه من شِعار أَهل السَّرَفِ والخُيَلاءِ.
وأَسبع عبده أَي أَهمله.
والمُسْبَعُ: المُهْمَلُ الذي لم يُكَفَّ عن جُرْأَتِه فبقي عليها.
وعبدٌ مُسْبَعٌ: مُهْمَلٌ جَريءٌ ترك حتى صار كالسبُع؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار الوحش: صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزالُ كأَنَّه عَبدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ الشَّوارِبُ: مجارِي الحَلْق، والأَصل فيه مَجاري الماء، وأَراد أَنه كثير النُّهاقِ، هذه رواية الأَصمعي، وقال أَبو سعيد الضرير: مُسْبِع، بكسر الباء، وزعم أَن معناه أَنه وقع السباع في ماشيته، قال: فشبه الحمار وهو يَنْهَقُ بعبد قد صادفَ في غنمه سَبُعاً فهو يُهَجْهِجُ به ليزجره عنها، قال: وأَبو ربيعة في بني سعد بن بكر وفي غيرهم ولكن جيران أَبي ذؤيب بنو سعد بن بكر وهم أَصحاب غنم، وخص آل ربيعة لأَنهم أَسوأُ الناسِ مَلَكةً.
وفي حديث ابن عباس وسئل عن مسأَلة فقال: إِحْدى من سَبْع أَي اشتدّت فيها الفتيا وعَظُم أَمرها، يجوز أَن يكون شِبهها بإِحدى الليالي السبع التي أَرسل الله فيها العذاب على عاد فَضَرَبَها لها مثلاً في الشدة لإِشكالها، وقيل: أَراد سبع سِنِي يوسف الصدِّيق، عليه السلام، في الشدة. قال شمر: وخلق الله سبحانه وتعالى السموات سبعاً والأَرضين سبعاً والأَيام سبعاً.
وأَسْبَعَ ابنه أَي دفعه إِلى الظُّؤُورةِ. المُسْبَع: الدَّعِيُّ.
والمُسْبَعُ: المَدْفُوعُ إِلى الظُّؤُورةِ؛ قال العجاج: إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا، ولم تَلِدْه أُمُّهُ مُقَنَّعا وقال الأَزهري: ويقال أَيضاً المُسْبَعُ التابِعةُ (* قوله «المسبع التابعة» كذا بالأصل ولعله ذو التابعة اي الجنية.)، ويقال: الذي يُولَدُ لسبعة أَشهر فلم يُنْضِجْه الرَّحِمُ ولم تَتِمّ شُهورُه، وأَنشد بيت العجاج. قال النضر: ويقال رُبَّ غلام رأَيتُه يُراضَعُ، قال: والمُراضَعةُ أَنْ يَرْضَعَ أُمَّه وفي بطنها ولد.
وسَبَعَه يَِْبَعُه سَبْعاً: طعن عليه وعابه وشتَمه ووقع فيه بالقول القبيح.
وسَبَعَه أَيضاً: عَضَّه بسنه.
والسِّباعُ: الفَخْرُ بكثرة الجِماع.
وفي الحديث: أَنه نهَى عن السِّباعِ؛ قال ابن الأَعرابي: السِّباعُ الفَخار كأَنه نهى عن المُفاخَرة بالرَّفَثِ وكثرة الجماع والإِعْرابِ بما يُكَنّى به عنه من أَمر النساء، وقيل: هو أَن يَتَسابَّ الرجلان فيرمي كل واحد صاحبه بما يسوؤه من سَبَعَه أَي انتقصه وعابه، وقيل: السِّباعُ الجماع نفسُه.
وفي الحديث: أَنه صَبَّ على رأْسه الماء من سِباعٍ كان منه في رمضان؛ هذه عن ثعلب عن ابن الأَعرابي.وبنو سَبِيعٍ: قبيلة.
والسِّباعُ ووادي السِّباعِ: موضعان؛ أَنشد الأَخفش: أَطْلال دارٍ بالسِّباعِ فَحَمَّةِ سأَلْتُ، فلمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ وقال سُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِي: مَرَرْتُ على وادِي السِّباعِ، ولا أَرَى، كَوادِي السِّباعِ حينَ يُظْلِمُ، وادِيا والسَّبُعانُ: موضع معروف في ديار قيس؛ قال ابن مقبل: أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ، أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ ولا يعرف في كلامهم اسم على فَعُلان غيره، والسُّبَيْعان: جبلان؛ قال الراعي: كأَني بِصَحْراءِ السُّبَيْعَينِ لم أَكُنْ، بأَمْثالِ هِنْدٍ، قَبْلَ هِنْدٍ، مُفَجَّعا وسُبَيْعٌ وسِباعٌ: اسمان؛ وقول الراجز: يا لَيْتَ أَنِّي وسُبَيْعاً في الغَنَمْ، والجرْحُ مِني فَوْقَ حَرّار أَحَمّْ هو اسم رجل مصغر.
والسَّبِيعُ: بطن من هَمْدانَ رَهْطُ أَبي إِسحق السَّبِيعي.
وفي الحديث ذكر السَّبِيعِ، هو بفتح السين وكسر الباء مَحِلّة من مَحالِّ الكوفة منسوبة إِلى القبيلة، وهم بني سَبِيعٍ من هَمْدانَ.
وأُمُّ الأَسْبُعِ: امرأَة.
وسُبَيْعةُ بن غَزالٍ: رجل من العرب له حديث.
ووزْن سَبْعةٍ: لقب.

لبب (لسان العرب) [0]


لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ اللُّبُّ على ما يؤكل داخلُه، ويُرْمى خارجُه من الثَّمر.
ولُبُّ الجَوْز واللَّوز، ونحوهما: ما في جَوْفه، والجمعُ اللُّـبُوبُ؛ تقول منه: أَلَبَّ الزَّرْعُ، مثل أَحَبَّ، إِذا دَخَلَ فيه الأُكلُ.
ولَـبَّبَ الـحَبَّ تَلْبِـيباً: صار له لُبٌّ.
ولُبُّ النَّخلةِ: قَلْبُها.
وخالِصُ كلِّ شيءٍ: لُبُّه. الليث: لُبُّ كلِّ شيءٍ من الثمار داخلُه الذي يُطْرَحُ خارجُه، نحو لُبِّ الجَوْز واللَّوز. قال: ولُبُّ الرَّجُل: ما جُعِل في قَلْبه من العَقْل.
وشيءٌ لُبابٌ: خالِصٌ. ابن جني: هو لُبابُ قَومِه، وهم لُبابُ قومهم، وهي لُبابُ قَوْمها؛ قال جرير: تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُروناً * على بَشَرٍ، وآنِسَـةٌ لُبابُ والـحَسَبُ: اللُّبابُ الخالصُ، ومنه سميت . . . أكمل المادة المرأَة لُبابَة.
وفي الحديث: إِنـَّا حَيٌّ من مَذْحجٍ، عُبابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها. اللُّبابُ: الخالِصُ من كل شيءٍ، كاللُّبِّ.
واللُّبابُ: طَحِـينٌ مُرَقَّقٌ.
ولَبَّبَ الـحَبُّ: جَرَى فيه الدَّقيقُ.
ولُبابُ القَمْح، ولُبابُ الفُسْتُقِ، ولُبابُ الإِبلِ: خِيارُها.
ولُبابُ الـحَسَبِ: مَحْضُه.
واللُّبابُ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ؛ قال ذو الرمة يصف فحلاً مِئناثاً: سِـبَحْلاً أَبا شِرْخَينِ أَحْيا بَناتِه * مَقالِـيتُها، فهي اللُّبابُ الـحَبائسُ وقال أَبو الحسن في الفالوذَج: لُبابُ القَمْحِ بِلُعابِ النَّحْل.
ولُبُّ كلِّ شيءٍ: نفسُه وحَقِـيقَتُه.
وربما سمي سمُّ الحيةِ: لُبّاً.
واللُّبُّ: العَقْلُ، والجمع أَلبابٌ وأَلْـبُبٌ؛ قال الكُمَيْتُ: إِليكُمْ، بني آلِ النبـيِّ، تَطَلَّعَتْ * نَوازِعُ من قَلْبي، ظِماءٌ، وأَلْـبُبُ وقد جُمعَ على أَلُبٍّ، كما جُمِعَ بُؤْسٌ على أَبْؤُس، ونُعْم على أَنْعُم؛ قال أَبو طالب: قلْبي إِليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ واللَّبابةُ: مصدرُ اللَّبِـيب.
وقد لَبُبْتُ أَلَبُّ، ولَبِـبْتَ تَلَبُّ، بالكسر، لُبّاً ولَبّاً ولَبابةً: صِرْتَ ذا لُبٍّ.
وفي التهذيب: حكى لَبُبْتُ، بالضم، وهو نادر، لا نظير له في المضاعف.
وقيل لِصَفِـيَّة بنت عبدالمطَّلب، وضَرَبَت الزُّبَير: لم تَضْرِبينَهُ؟ فقالتْ: لِـيَلَبَّ، ويقودَ الجَيشَ ذا الجَلَب أَي يصير ذا لُبٍّ.
ورواه بعضهم: أَضْرِبُه لكيْ يَلَبَّ، ويَقودَ الجَيشَ ذا اللَّجَب. قال ابن الأَثير: هذه لغةُ أَهلِ الـحِجاز؛ وأَهْلُ نَجْدٍ يقولون: لَبَّ يَلِبُّ بوزن فَرَّ يَفِرُّ.
ورجل ملبوبٌ: موصوف باللَّبابة.
ولَبيبٌ: عاقِلٌ ذو لُبٍّ، مِن قوم أَلِبَّاء؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّرُ على غير ذلك، والأُنثى لبيبةٌ. الجوهري: رجلٌ لَبيبٌ، مثلُ لَبٍّ؛ قال الـمُضَرِّبُ ابن كَعْب: فقلتُ لها: فِـيئي إِلَيكِ، فإِنَّني * حَرامٌ، وإِني بعد ذاكَ لَبِـيبُ التهذيب: وقال حسان: وجارِيَةٍ مَلْبُوبةٍ ومُنَجَّسٍ * وطارِقةٍ، في طَرْقِها، لم تُشَدِّدِ واسْتَلَبَّهُ: امْتَحَنَ لُبَّهُ.
ويقال: بناتُ أَلْبُبٍ عُروق في القَلْبِ، يكون منها الرِّقَّةُ.
وقيل لأَعْرابيةٍ تُعاتِبُ ابْنَها: ما لَكِ لا تَدْعِـينَ عليه؟ قالت: تَـأْبى له ذلك بناتُ أَلْبُـبـي. الأَصمعي قال: كان أَعرابيٌّ عنده امرأَة فَبَرِمَ بها، فأَلقاها في بِئرٍ غَرَضاً بها، فمَرَّ بها نَفَرٌ فسَمِعوا هَمْهَمَتَها من البئر، فاسْتَخْرجوها، وقالوا: من فَعَلَ هذا بك؟ فقالت: زوجي، فقالوا ادعِـي اللّهَ عليه، فقالَتْ: لا تُطاوعُني بناتُ أَلبُـبـي. قالوا: وبَناتُ أَلبُبٍ عُروقٌ متصلة بالقلب. ابن سيده: قد عَلِمَتْ بذلك بَناتُ أَلبُبِه؛ يَعْنونَ لُبَّه، وهو أَحدُ ما شَذَّ من الـمُضاعَف، فجاءَ على الأَصل؛ هذا مذهب سيبويه، قال يَعْنُونَ لُبَّه؛ وقال المبرد في قول الشاعر: قد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ أَلبَـبِهْ يريدُ بَناتِ أَعْقَلِ هذا الـحَيِّ، فإِن جمعت أَلبُـباً، قلتَ: أَلابِبُ، والتصغير أُلَيبِـيبٌ، وهو أَولى من قول من أَعَلَّها.
واللَّبُّ: اللَّطِـيفُ القَريبُ من الناس، والأُنْثى: لَبَّةٌ، وجمعها لِـبابٌ.
واللَّبُّ: الحادِي اللاَّزم لسَوقِ الإِبل، لا يَفْتُر عنها ولا يُفارِقُها.
ورجلٌ لَبٌّ: لازمٌ لِصَنْعَتِهِ لا يفارقها.
ويقال: رجلٌ لَبٌّ طَبٌّ أَي لازِمٌ للأَمرِ؛ وأَنشد أَبو عمرو: لَبّاً، بأَعْجازِ الـمَطِـيِّ، لاحقا ولَبَّ بالمكان لَبّاً، وأَلَبَّ: أَقام به ولزمَه.
وأَلَبَّ على الأَمرِ: لَزِمَه فلم يفارقْه. وقولُهم: لَبَّيكَ ولَبَّيهِ، مِنه، أَي لُزوماً لطاعَتِكَ؛ وفي الصحاح: أَي أَنا مُقيمٌ على طاعَتك؛ قال: إِنَّكَ لو دَعَوتَني، ودوني زَوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ، لَقُلْتُ: لَبَّيْهِ، لـمَنْ يَدعُوني أَصله لَبَّـبْت فعَّلْت، من أَلَبَّ بالمكان، فأُبدلت الباء ياءً لأَجلِ التضعيف. قال الخليل، هو من قولهم: دار فلان تُلِبُّ داري أَي تُحاذيها أَي أَنا مُواجِهُكَ بما تُحِبُّ إِجابةً لك، والياء للتثنية، وفيها دليل على النصب للـمَصدر.
وقال سيبويه: انْتَصَب لَبَّيْكَ، على الفِعْل، كما انْتَصَبَ سبحانَ اللّه.
وفي الصحاح: نُصِبَ على المصدر، كقولك: حَمْداً للّه وشكراً، وكان حقه أَن يقال: لَبّاً لكَ، وثُنِّي على معنى التوكيد أَي إِلْباباً بك بعد إِلبابٍ، وإِقامةً بعد إِقامةٍ. قال الأَزهري: سمعت أَبا الفضل الـمُنْذِرِيَّ يقول: عُرضَ على أَبي العباس ما سمعتُ من أَبي طالب النحويّ في قولهم لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قال: قال الفراء: معنى لَبَّيْكَ، إِجابةً لك بعد إِجابة؛ قال: ونصبه على المصدر. قال: وقال الأَحْمَرُ: هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان، وأَلَبَّ به إِذا أَقام؛ وأَنشد: لَبَّ بأَرضٍ ما تَخَطَّاها الغَنَمْ قال ومنه قول طُفَيْل: رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ ورَهْطِهِ، * وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروجِ، وتَحْلُبُ أَي تُلازمُها وتُقيمُ فيها؛ وقال أَبوالهيثم قوله: وتيم تلبي في العروج، وتحلب أَي تَحْلُبُ اللِّبَـأَ وتَشْرَبهُ؛ جعله من اللِّبـإِ، فترك همزه، ولم يجعله من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ. قال أَبو منصور: والذي قاله أَبو الهيثم أَصوبُ. لقوله بعده وتَحْلُبُ. قال وقال الأَحمر: كأَنَّ أَصْلَ لَبَّ بك، لَبَّبَ بك، فاستثقلوا ثلاث باءَات، فقلبوا إِحداهن ياءً، كما قالوا: تَظَنَّيْتُ، من الظَّنِّ.
وحكى أَبو عبيد عن الخليل أَنه قال: أَصله من أَلبَبْتُ بالمكان، فإِذا دعا الرجلُ صاحبَه، أَجابه: لَبَّيْكَ أَي أَنا مقيم عندك، ثم وكد ذلك بلَبَّيكَ أَي إِقامةً بعد إِقامة.
وحكي عن الخليل أَنه قال: هو مأْخوذ من قولهم: أُمٌّ لَبَّةٌ أَي مُحِـبَّة عاطفة؛ قال: فإِن كان كذلك، فمعناه إِقْبالاً إِليك ومَحَبَّـةً لك؛ وأَنشد: وكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ، طَعَنَ ابْنُها * إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ قال، ويقال: هو مأْخوذ من قولهم: داري تَلُبُّ دارَك، ويكون معناه: اتِّجاهي إِليك وإِقبالي على أَمرك.
وقال ابن الأَعرابي: اللَّبُّ الطاعةُ، وأَصله من الإِقامة.
وقولهم: لَبَّيْكَ، اللَّبُّ واحدٌ، فإِذا ثنيت، قلت في الرفع: لَبَّانِ، وفي النصب والخفض: لَبَّينِ؛ وكان في الأَصل لَبَّيْنِكَ أَي أَطَعْتُكَ مرتين، ثم حُذِفَت النون للإِضافة أَي أَطَعْتُكَ طاعةً، مقيماً عندك إِقامةً بعد إِقامة. ابن سيده: قال سيبويه وزعم يونس أَن لَبَّيْكَ اسم مفرد، بمنزلة عَلَيكَ، ولكنه جاءَ على هذا اللفظ في حَدِّ الإِضافة، وزعم الخليل أَنها تثنية، كأَنه قال: كلما أَجَبْتُكَ في شيءٍ، فأَنا في الآخر لك مُجِـيبٌ. قال سيبويه: ويَدُلُّك على صحة قول الخليل قولُ بعض العرب: لَبِّ، يُجْريه مُجْرَى أَمْسِ وغاقِ؛ قال: ويَدُلُّك على أَن لبَّيكَ ليست بمنزلة عليك، أَنك إِذا أَظهرت الاسم، قلت: لَبَّيْ زَيْدٍ؛ وأَنشد: دَعَوْتُ لِـمَانا بَني مِسْوَراً، * فَلَبَّـى، فَلَبَّـيْ يَدَيْ مِسْوَرِ فلو كان بمنزلة على لقلتَ: فَلَبَّى يَدَيْ، لأَنك لا تقول: عَلَيْ زَيدٍ إِذا أَظهرتَ الاسم. قال ابن جني: الأَلف في لَبَّـى عند بعضهم هي ياء التثنية في لَبَّيْكَ، لأَنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلاً، فجمعوه من حروفه، كما قالوا مِن لا إِله إِلا اللّه: هَلَّلْتُ، ونحو ذلك، فاشتقوا لبَّيتُ من لفظ لبَّيكَ، فجاؤُوا في لفظ لبَّيْت بالياءِ التي للتثنية في لبَّيْكَ، وهذا قول سيبويه. قال: وأَما يونس فزعم أَن لبَّيْكَ اسم مفرد، وأَصله عنده لَبَّبٌ، وزنه فَعْلَل، قال: ولا يجوز أَن تَحْمِلَه على فَعَّلَ، لقلة فَعَّلَ في الكلام، وكثرة فَعْلَلَ، فقُلِـبَت الباء، التي هي اللام الثانية من لَبَّبٍ، ياءً، هَرباً من التضعيف، فصار لَبَّـيٌ، ثم أَبدل الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لَبَّـى، ثم إِنه لما وُصِلَتْ بالكاف في لبَّيْك، وبالهاءِ في لَبَّيْه، قُلِـبَت الأَلفُ ياء كما قُلِـبَتْ في إِلى وعَلى ولدَى إِذا وصلتها بالضمير، فقلت إِليك وعليك ولديك؛ واحتج سيبويه على يونس فقال: لو كانت ياءُ لَبَّيْكَ، بمنزلة ياء عليك ولديك، لوجب، مَتى أَضَفْتَها إِلى الـمُظْهَر، أَن تُقِرَّها أَلِفاً، كما أَنك إِذا أَضَفْتَ عليك وأُختيها إِلى الـمُظْهَرِ، أَقْرَرْتَ أَلفَها بحالها، ولكُنْتَ تقول على هذا: لَـبَّى زيدٍ، ولَـبَّى جَعْفَرٍ، كما تقول: إِلى زيدٍ، وعلى عمرو، ولدَى خالدٍ؛ وأَنشد قوله: فلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ؛ قال: فقوله لَبَّيْ، بالياءِ مع إِضافته إِلى الـمُظْهَر، يدل على أَنه اسم مثنى، بمنزلة غلامَيْ زيدٍ، ولَبَّاهُ قالَ: لَبَّيْكَ، ولَبَّـى بالـحَجِّ كذلك؛ وقولُ الـمُضَرِّبِ بن كعبٍ: وإِني بعد ذاكَ لَبيبُ إِنما أَراد مُلَبٍّ بالـحَج.
وقوله بعد ذاك أَي مع ذاك.
وحكى ثعلب: لَبَّـأْتُ بالحج. قال: وكان ينبغي أَن يقول: لَبَّيْتُ بالحج.
ولكن العرب قد قالته بالهمز، وهو على غير القياس.
وفي حديث الإِهْلالِ بالحج: لَبَّيْكَ اللهمَّ لبَّيْكَ، هو من التَّلْبية، وهي إِجابةُ الـمُنادِي أَي إِجابَتي لك يا ربِّ، وهو مأْخوذٌ مما تقدم.
وقيل: معناه إِخلاصِـي لك؛ مِن قولهم: حَسَبٌ لُبابٌ إِذا كان خالصاً مَحْضاً، ومنه لُبُّ الطَّعام ولُبابُه.
وفي حديث عَلْقمة أَنه قال للأَسْوَدِ: يا أَبا عَمْرو. قال: لبَّيْكَ!قال: لبَّى يَدَيكَ. قال الخَطّابي: معناه سَلِمَتْ يداك وصَحَّتا، وإِنما ترك الإِعراب في قوله يديك، وكان حقه أَن يقول: يداك، لِـيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّـيْكَ.
وقال الزمخشري: معنى لَبَّى يَدَيْك أَي أُطيعُكَ، وأَتَصَرَّفُ بإِرادتك، وأَكونُ كالشيءِ الذي تُصَرِّفُه بيديك كيف شئت.
ولَبابِ لَبَابِ يُريدُ به: لا بأْس، بلغة حمير. قال ابن سيده: وهو عندي مما تقدم، كأَنه إِذا نَفَى البأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازمَته.
واللَّبَبُ: معروف، وهو ما يُشدُّ على صَدْر الدابة أَو الناقة؛ قال ابن سيده وغيرُه: يكونُ للرَّحْل والسَّرْج يمنعهما من الاستئخار، والجمعُ أَلبابٌ؛ قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناءَ.
وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ: عَمِلْتُ له لَبَـباً.
وأَلْبَـبْتُ الفرسَ، فهو مُلْبَبٌ، جاءَ على الأَصل، وهو نادر: جَعَلْتُ له لَبَـباً. قال: وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت، بإِظهار التضعيف.
وقال ابن كَيْسان: هو غلط، وقياسُه مُلَبٌّ، كما يقال مُحَبٌّ، مِن أَحْبَبْتُه، ومنه قولهم: فلان في لَبَبٍ رخِـيٍّ إِذا كان في حال واسعة؛ ولَبَبْتُهُ، مخفف، كذلك عن ابن الأَعرابي: واللَّبَبُ: البالُ، يقال: إِنه لَرَخِـيُّ اللَّبَبِ. التهذيب، يقال: فلانٌ في بالٍ رَخِـيٍّ ولَبَبٍ رَخِـيٍّ أَي في سَعَة وخِصْب وأَمْنٍ.
واللَّبَبُ من الرَّمْل: ما اسْتَرَقَّ وانحَدَرَ من مُعْظَمه، فصار بين الجَلَد وغَلْظِ الأَرضِ؛ وقيل: لَبَبُ الكَثِـيبِ: مُقَدَّمُه؛ قال ذو الرمة: بَرَّاقةُ الجِـيدِ واللَّبَّاتِ واضحةٌ، * كأَنها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بها لَبَبُ قال الأَحمر: مُعْظَمُ الرمل العَقَنْقَلُ، فإِذا نَقَصَ قيل: كَثِيبٌ؛ فإِذا نقَص قيل: عَوْكَلٌ؛ فإِذا نقص قيل: سِقْطٌ؛ فإِذا نقص قيل: عَدابٌ؛ فإِذا نقَص قيل: لَبَبٌ. التهذيب: واللَّبَبُ من الرمل ما كان قريباً من حَبْل الرَّمْل.
واللَّبَّةُ: وَسَطُ الصَّدْر والـمَنْحَر، والجمع لَبَّاتٌ ولِـبابٌ، عن ثعلب.
وحكى اللحياني: إِنها لَـحَسنةُ اللَّبَّاتِ؛ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منها لَبَّةً، ثم جَمَعُوا على هذا.
واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ: وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيءٍ، والجمع الأَلْبابُ؛ وأَما ما جاءَ في الحديث: إِن اللّه منع مِنِّي بَني مُدْلِـجٍ لصلَتِهِم الرَّحِم، وطَعْنِهم في أَلْبابِ الإِبل، ورواه بعضهم: في لَبَّاتِ الإِبل. قال أَبو عبيد: من رواه في أَلباب الإِبلِ، فله معنيان: أَحدهما أَن يكون أَراد جمعَ اللُّبِّ، ولُبُّ كلِّ شيءٍ خالصُه، كأَنه أَراد خالصَ إِبلهم وكرائمها، والمعنى الثاني أَنه أَراد جمعَ اللَّـبَب، وهو موضع الـمَنْحَر من كل شيءٍ. قال: ونُرَى أَن لَبَبَ الفرس إِنما سمي به، ولهذا قيل: لَبَّـبْتُ فلاناً إِذا جَمَعْتَ ثيابَه عند صَدْره ونحْره، ثم جَرَرْتَه؛ وإِن كان المحفوظُ اللَّبَّات، فهي جمعُ اللَّبَّةِ، وهي اللِّهْزِمةُ التي فوق الصدر، وفيها تُنْحَرُ الإِبل. قال ابن سيده: وهو الصحيح عندي.
ولَبَـبْتُه لَبّاً: ضَرَبْتُ لَبَّـتَه.
وفي الحديث: أَما تكونُ الذكاةُ إِلاَّ في الـحَلْقِ واللَّبَّة.
ولَبَّه يَلُبُّه لَبّاً: ضَرَبَ لَبَّتَه.
ولَبَّةُ القلادة: واسطتُها. لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ. .
وتَلَبَّبَ الرجلُ: تَحَزَّم وتَشَمَّر.
والـمُتَلَبِّبُ: الـمُتَحَزِّمُ بالسلاح وغيره.
وكل مُجَمِّعٍ لثيابِه: مُتَلَبِّبٌ؛ قال عنترة: إِني أُحاذِرُ أَن تَقولَ حَلِـيلَتي: * هذا غُبارٌ ساطِـعٌ، فَتَلَبَّبِ واسم ما يُتَلَبَّبُ: اللَّبابَةُ؛ قال: ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَومَ طِرادِها، * فطَعَنْتُ تَحْتَ لَبابةِ الـمُتَمَطِّر وتَلَبُّب المرأَة بمِنْطَقَتِها: أَن تضع أَحد طرفيها على مَنكِـبها الأَيسر، وتُخْرِجَ وسطَها من تحت يدها اليمنى، فتُغَطِّـيَ به صَدرَها، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخر على مَنكِـبِها الأَيسر.
والتَّلْبيبُ من الإِنسان: ما في موضع اللَّبَبِ من ثيابه.
ولَبَّبَ الرجلَ: جعل ثيابه في عُنقِه وصدره في الخصومة، ثم قَبَضَه وجَرَّه.
وأَخَذَ بتَلْبـيبِه كذلك، وهو اسم كالتَّمْتِـينِ. التهذيب، يقال: أَخَذ فلانٌ بتَلْبِـيبِ فلان إِذا جمَع عليه ثوبه الذي هو لابسه عند صدره، وقَبَض عليه يَجُرُّه.
وفي الحديث: فأَخَذْتُ بتَلْبيبِه وجَرَرْتُه؛ يقال لَبَّبَه: أَخذَ بتَلْبيبِه وتَلابيبِه إِذا جمعتَ ثيابَه عند نَحْره وصَدْره، ثم جَرَرْته، وكذلك إِذا جعلتَ في عُنقه حَبْلاً أَو ثوباً، وأَمْسَكْتَه به.
والـمُتَلَبَّبُ: موضعُ القِلادة.
واللَّبَّة: موضعُ الذَّبْح، والتاء زائدة.
وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ: أَخَذَ كلٌّ منهما بلَبَّةِ صاحِـبه.
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّـباً به. الـمُتَلَبِّبُ: الذي تَحَزَّم بثوبه عند صدره.
وكلُّ من جَمَعَ ثوبه مُتَحَزِّماً، فقد تَلَبَّبَ به؛ قال أَبو ذؤيب: وتَمِـيمَةٍ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، * في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ ومن هذا قيل للذي لبس السلاحَ وتَشَمَّر للقتال: مُتَلَبِّبٌ؛ ومنه قول الـمُتَنَخِّل: واسْتَلأَموا وتَلَـبَّبوا، * إِنَّ التَّلَبُّبَ للـمُغِـير وفي الحديث: أَن رجلاً خاصم أَباه عنده، فأَمَرَ به فلُبَّ له. يقال: لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُه إِذا جعلتَ في عُنقه ثوباً أَو غيره، وجَرَرْتَه به.
والتَّلْبيبُ: مَجْمَعُ ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل.
وفي الحديث: أَنه أَمر بإِخراج المنافقين من المسجد، فقام أَبو أَيُّوبَ إِلى رافع بن وَدِيعةَ، فلَبَّبَه بردائه، ثم نَتَره نَتْراً شديداً.
واللَّبيبةُ: ثوبٌ كالبَقِـيرة.
والتَّلْبيبُ: التَّرَدُّد. قال ابن سيده: هكذا حُكِيَ، ولا أَدرِي ما هو. الليث: والصَّريخ إِذا أَنذر القومَ واسْتَصْرَخَ: لَبَّبَ، وذلك أَن يَجْعل كِنانَته وقَوْسَه في عُنقه، ثم يَقْبِضَ على تَلْبيبِ نَفْسِه؛ وأَنشد: إِنا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا ويقال: تَلْبيبُه تَرَدُّدُه.
ودارُه تُلِبُّ داري أَي تَمتَدُّ معها.
وأَلَبَّ لك الشيءُ: عَرَضَ؛ قال رؤبة: وإِن قَراً أَو مَنْكِبٌ أَلَبَّا واللَّبْلَبةُ: لَحْسُ الشاة ولدَها، وقيل: هو أَن تُخْرِجَ الشاةُ لسانَها كأَنها تَلْحَسُ ولدَها، ويكون منها صوتٌ، كأَنها تَقول: لَبْ لَبْ.
واللَّبْلَبة: الرِّقَّة على الولد، ومنه: لَبْلَبَتِ الشاةُ على ولدها إِذا لَحِسَتْه، وأَشْبَلَتْ عليه حين تضَعُه.
واللَّبْلَبة: فِعْلُ الشاةِ بولدها إِذا لَحِسَتْه بشفتها. التهذيب، أَبو عمرو: اللَّبْلَبَةُ التَّفَرُّق؛ وقال مُخَارِقُ بنُ شهاب في صفة تَيْسِ غَنَمِه: وراحَتْ أُصَيْلاناً، كأَنَّ ضُروعَها * دِلاءٌ، وفيها واتِدُ القَرْن لَبْلَبُ أَراد باللَّبْلَب: شَفَقَتَه على الـمِعْزى التي أُرْسِلَ فيها، فهو ذو لَبْلَبةٍ عليها أَي ذو شَفَقةٍ.
ولَبالِبُ الغَنم: جَلَبَتُها وصَوتها.
واللَّبْلَبَة: عَطْفُك على الإِنسان ومَعُونتُه.
واللَّبْلَبة: الشَّفَقة على الإِنسان، وقد لَبْلَبْتُ عليه؛ قال الكميت: ومِنَّا، إِذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ، * علَيْكَ الـمُلَبْلِبُ والـمُشْبِلُ وحُكيَ عن يونس أَنه قال: تقول العرب للرجل تَعْطِفُ عليه: لَبابِ، لَبابِ، بالكسر، مثل حَذامِ وقَطامِ.
واللَّبْلَبُ: النَّحْرُ.
ولَبْلَبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ: نَبَّ، وقد يقال ذلك للظبي.
وفي حديث ابن عمرو: أَنه أَتى الطائفَ، فإِذا هو يَرى التُّيوسَ تَلِبُّ، أَو تَنِبُّ على الغَنم؛ قال: هو حكاية صوتِ التُّيوس عند السِّفادِ؛ لَبَّ يَلِبُّ، كَفَرَّ يَفِرُّ.
واللَّبابُ من النَّبات: الشيءُ القليل غير الواسع، حكاه أَبو حنيفة.
واللَّبْلابُ: حَشيشة.
واللَّبْلابُ: نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر.
واللَّبْلابُ: بقلة معروفة يُتَداوَى بها.
ولُبابةُ: اسم امرأَة.
ولَبَّى ولُبَّى ولِـبَّى: موضعٌ؛ قال: أَسيرُ وما أَدْرِي، لَعَلَّ مَنِـيَّتي * بلَبَّـى، إِلى أَعْراقِها، قد تَدَلَّتِ %%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%

سلل (لسان العرب) [0]


السَّلُّ: انتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفْق، سَلَّه يَسُلُّه سَلاًّ واسْتَلَّه فانْسَلَّ وسَلَلْتُه أَسُلُّه سَلاًّ.
والسَّلُّ: سَلُّك الشعرَ من العجين ونحوه.
والانْسِلالُ: المُضِيُّ والخروج من مَضِيق أَو زِحامٍ. سيبويه: انْسَلَلْت ليست للمطاوعة إِنما هي كفَعَلْت كما أَن افْتَقَرَ كضَعُف؛ وقول الفرزدق: غَدَاةَ تَوَلَّيْتُم، كأَنَّ سُيُوُفَكُم ذَآنِينُ في أَعناقِكُمْ، لم تُسَلْسَل فَكَّ التضعيفَ كما قالوا هو يَتَمَلْمَلُ وإِنما هو يَتَمَلَّل، وهكذا رواه ابن الأَعرابي، فأَما ثعلب فرواه لم تُسَلَّل، تُفَعَّل من السَّلِّ.
وسَيْف سَلِيلٌ: مَسْلُول.
وسَللْت السيف وأَسْلَلْته بمعنىً.
وأَتيناهم عِنْدَ السَّلَّة أَي عند اسْتِلال السيوف؛ قال حِمَاس بن قيس بن خالد الكناني: هذا سِلاحٌ كامِلٌ وأَلَّهْ، وذو غِرَارَيْنِ سَرِيعُ السَّلَّهْ وانْسَلَّ وتَسَلَّل: انْطَلَق في . . . أكمل المادة استخفاء. الجوهري: وانْسَلَّ من بينهم أَي خرج.
وفي المثل: رَمَتْني بِدائها وانْسَلَّتْ، وتَسَلَّل مثلُه.
وفي حديث عائشة: فانْسَلَلْتُ من بين يديه أَي مَضَيْتُ وخرجت بتَأَنٍّ وتدريج.
وفي حديث حَسَّان: لأَسُلَّنَّك منهم كما تُسَلُّ الشَّعَرة من العجين.
وفي حديث الدعاء: اللهم اسْلُل سَخِيمةَ قلبي.
وفي الحديث الآخر: مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَه في طريق الناس.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: مَضْجَعُه كمَسَلِّ شَطْبَةٍ؛ المَسَلُّ: مصدر بمعنى المَسْلُول أَي ما سُلَّ من قشره، والشَّطْبة: السَّعَفة الخضراء، وقيل السَّيْف.
والسُّلالةُ: ما انْسَلَّ من الشيء.
ويقال: سَلَلْت السيفَ من الغِمْد فانْسَلَّ.
وانْسَلَّ فلان من بين القوم يَعْدو إِذا خرج في خُفْية يَعْدُو.
وفي التنزيل العزيز: يَتَسَلَّلون منكم لِوَاذاً؛ قال الفراء: يَلُوذُ هذا بهذا يَسْتَتِر ذا بذا؛ وقال الليث: يَتَسَلَّلون ويَنْسَلُّون واحدٌ.
والسَّلِيلةُ: الشَّعَر يُنْفَش ثم يُطْوَى ويشد ثم تَسُلُّ منه المرأَة الشيءَ بعد الشيء تَغْزِله.
ويقال: سَلِيلةٌ من شَعَر لما اسْتُلَّ من ضَريبته، وهي شيء يُنْفَش منه ثم يُطْوى ويُدْمَج طِوالاً، طول كل واحدة نحو من ذراع في غِلَظ أَسَلة الذراع ويُشَدُّ ثم تَسُلُّ منه المرأَةُ الشيءَ بعد الشيء فتَغْزِله.
وسُلالةُ الشيء: ما اسْتُلَّ منه، والنُّطْفة سُلالة الإِنسان؛ ومنه قول الشماخ: طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لوَقْتٍ، على مَشَجٍ، سُلالتُه مَهِينُ وقال حسان بن ثابت: فجاءت به عَضْبَ الأَدِيم غَضَنْفَراً، سُلالةَ فَرْجٍ كان غَيْر حَصِين وفي التنزيل العزيز: ولقد خلقنا الإِنسان من سُلالةٍ من طين؛ قال الفراء: السُّلالة الذي سُلَّ من كل تُرْبة؛ وقال أَبو الهيثم: السُّلالة ما سُلَّ من صُلْب الرجل وتَرائب المرأَة كما يُسَلُّ الشيءُ سَلاًّ.
والسَّليل: الولد سُمِّي سَليلاً لأَنه خُلق من السُّلالة.
والسَّلِيلُ: الولد حين يخرج من بطن أُمه، وروي عن عكرمة أَنه قال في السُّلالة: إِنه الماء يُسَلُّ من الظَّهر سَلاًّ؛ وقال الأَخفش: السُّلالة الوَلَد، والنُّطفة السُّلالة؛ وقد جعل الشماخ السُّلالة الماء في قوله: على مَشَجٍ سُلالَتُه مَهِينُ قال: والدليل على أَنه الماء قوله تعالى: وبَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ من طين، يعني آدم ثم جَعَل نَسْله من سُلالة، ثم تَرْجَمَ عنه فقال: من ماء مَهِين؛ فقوله عز وجل: ولقد خلقنا الإِنسان من سُلالة؛ أَراد بالإِنسان وَلد آدم، جُعِل الإِنسان اسماً للجنس، وقوله من طين أَراد أَن تلك السُّلالة تَوَلَّدت من طين خُلق منه آدمُ في الأَصل، وقال قتادة: اسْتُلَّ آدم من طين فسُمّي سُلالة، قال: وإِلى هذا ذهب الفراء؛ وقال الزجَّاج: من سُلالة من طين، سُلالة فُعالة، فخَلق الله آدم عليه السلام . . . . (* كذا بياض بالأصل) والسُّلالة والسَّليل: الولد، والأُنثى سَليلة. أَبو عمرو: السَّلِيلة بنت الرجل من صُلْبه؛ وقالت هند بنت النُّعمان: وما هِنْدُ إِلاّ مُهْرةٌ عَرَبِيَّةٌ، سَلِيلةُ أَفراس تَجَلَّلها بَغْل قال ابن بري: وذكر بعضهم أَنها تصحيف وأَن صوابه نَغْل، بالنون، وهو الخَسِيس من الناس والدواب لأَن البَغْل لا يُنْسِل. ابن شميل: يقال للإِنسان أَيضاً أَوّلَ ما تَضَعُه أُمُّه سَلِيلٌ.
والسَّلِيل والسليلة: المُهْر والمُهْرة، وقيل: السَّلِيل المُهْر يُولَد في غير ماسِكَة ولا سَلىً، فإِن كان في واحدة منهما فهو بَقِيرٌ، وقد تقدم؛ وقوله أَنشده ثعلب: أَشَقَّ قَسامِيًّا رَباعِيَّ جانِبٍ، وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقرَحَ أَشقَرا معنى سُلَّ أُخْرِج سَلِيلاً.
والسَّلِيل: دِماغ الفرس؛ وأَنشد الليث: كقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَو في شأْنُ قَمْحَدة، فيه السَّلِيلُ حَوَاليْه له إِرَمُ (* قوله «قمحدة» هكذا ضبط في الأصل ومثله في التكملة، ولم نقف على البيت في غير هذا الموضع، غير أن في التكملة القمحدة بكسر ففتح فسكون في القمحدوة).
والسَّلِيلُ: السَّنام. الأَصمعي: إِذا وَضَعَت الناقةُ فولدها ساعةَ تَضَعه سَلِيلٌ قبل أَن يُعلم أَذكر هو أَم أُنثى.
وسَلائِلُ السَّنام: طَرائق طِوالٌ تُقْطَع منه.
وسَلِيلُ السَّنام: طَرائق طِوالٌ تُقَطَع منه.
وسَلِيل اللحم: خَصِيله، وهي السَّلائل.
وقال الأَصمعي: السَّلِيل طرائق اللحم الطِّوال تكون ممتدَّة مع الصُّلْب.
وسَلْسَلَ إِذا أَكل السِّلْسِلَة، وهي القِطْعة الطويلة من السَّنام، وقال أَبو عمرو هي اللَّسْلَسة، وقال الأَصمعي هي اللِّسْلِسَة، ويقال سَلْسَلة.
ويقال انْسَلَّ وانْشَلَّ بمعنى واحد، يقال ذلك في السَّيل والناس: قاله شمر.
والسَّلِيلُ: لحم المَتْنِ؛ وقول تَأَبَّطَ شَرًّا: وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِب المُتَسَلْسِل هو الذي قد تَخَدَّد لحمُه وقَلَّ، وقال أَبو منصور: أَراد به نفسه، أَراد أَقْطَعُ المَلا وهو ما اتَّسَعَ من الفَلاة وأَنا شاحبٌ مُتَسَلْسِلٌ؛ ورواه غيره: وأَنْضُو الملا بالشاحب المُتَشَلْشِل بالشين المعجمة، وسيأْتي ذكره، وفَسَّره أَنْضو أَجُوزُ، والمَلا الصَّحْراء، والشاحب الرجل الغَزَّاء، قال: وقال الأَصمعي الشاحبُ سيف قد أَخْلَق جَفْنُه، والمُتشَلْشِلُ الذي يَقْطُر الدمُ منه لكثرة ما ضُرِب به.والسَّلِيلة: عَقَبة أَو عَصَبة أَو لحمة ذات طرائق ينفصل بعضها من بعض.
وسَلِيلة المَتْن: ما استطال من لحمه.
والسَّلِيل: النُّخاع؛ قال الأَعشى: ودَأْياً لَواحِكَ مِثْل الفُؤو سِ، لاءم منها السَّلِيلُ الفَقَارا وقيل: السَّليل لحمة المَتْنَين، والسَّلائل: نَغَفات مستطيلة في الأَنف.
والسَّلِيل: مَجْرَى الماء في الوادي، وقيل السَّلِيل وَسَطُ الوادي حيث يَسِيل مُعْظَمُ الماء.
وفي الحديث: اللَّهم اسْقِنا من سَلِيل الجَنَّة، وهو صافي شرابها، قيل له سَلِيلٌ لأَنه سُلَّ حتى خَلَص، وفي رواية: اللهم اسْقِ عبدَ الرَّحْمن من سَلِيل الجنَّة؛ قال: هو الشراب البارد، وقيل: السَّهْل في الحَلْق، ويروى: سَلْسَبيل الجنَّة وهو عين فيها؛ وقيل الخالص الصافي من القَذَى والكدَر، فهو فَعِيلٌ بمعنى مفعول، ويروى سَلْسال وسَلْسَبيل.
والسَّلِيل: وادٍ واسع غامض يُنْبِت السَّلَم والضَّعَة واليَنَمة والحَلَمة والسَّمُر، وجمعه سُلاَّنٌ؛ عن كراع، وهو السَّالُّ والجمع سُلاَّنٌ أَيضاً. التهذيب في هذه الترجمة: السَّالُّ مكانٌ وَطِيءٌ وما حَوْلَه مُشْرِف، وجمعه سَوالُّ، يجتمع إِليه الماء. الجوهري: والسَّالُّ المَسِيل الضَّيِّق في الوادي. الأَصمعي: السُّلاّن واحدها سالٌّ وهو المَسِيل الضيّق في الوادي، وقال غيره: السِّلْسِلة الوَحَرةُ، وهي رُقَيْطاءُ لها ذَنَبٌ دقيق تَمْصَع به إِذا عَدَتْ، يقال إِنها ما تَطَأُ طعاماً ولا شَراباً إِلاَّ سَمَّتْه فلا يأْكله أَحَدٌ إِلاَّ وَحِرَ وأَصابه داءٌ رُبَّما مات منه. ابن الأَعرابي: يقال سَلِيلٌ من سَمُرٍ، وغالٌّ من سَلَم، وفَرْشٌ من عُرْفُطٍ؛ قال زهير: كأَنَّ عَيْني وقد سال السَّليلُ بِهِم وجِيرَةٌ مَّا هُمُ، لو أَنَّهم أمَمُ ويروى: وعِبْرةٌ مَّا هُمُ لو أَنَّهُم أمَمُ قال ابن بري: قوله سَالَ السَّلِيلُ بهم أَي ساروا سيراً سريعاً، يقول انْحَدَروا به فقد سَالَ بهم، وقوله ما هم، ما زائدة، وهُمْ مبتدأ، وعِبْرةٌ خبره أَي هُمْ لي عِبْرةٌ؛ ومن رواه وجِيرَة مَّا هُم، فتكون ما استفهامية أَي أَيُّ جِيرَةٍ هُم، والجملة صفة لجِيرة، وجِيرة خبر مبتدإِ محذوف.
والسَّالُّ: موضع فيه شجر.
والسَّلِيل والسُّلاّن: الأَودية.
وفي حديث زياد: بسُلالةٍ من ماءِ ثَغْبٍ أَي ما اسْتُخْرج من ماء الثَّغْب وسُلَّ منه.
والسُّلُّ والسِّلُّ والسُّلال: الداء، وفي التهذيب: داء يَهْزِل ويُضْني ويَقْتُل؛ قال ابن أَحمر: أَرَانا لا يَزال لنا حَمِيمٌ، كَدَاء البَطْن سُلاًّ أَو صُفَارا وأَنشد ابن قتيبة لِعُرْوة بن حزام فيه أَيضاً: بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصَابني، فإِيَّاكَ عَنِّي، لا يَكُن بِكَ ما بِيا ومثله قول ابن أَحمر: بِمَنْزِلةٍ لا يَشْتَكِي السُّلَّ أَهْلُها، وعَيْش كمَلْسِ السَّابِرِيِّ رقيق وفي الحديث: غُبَارُ ذَيْل المرأَة الفاجرة يُورِث السِّلَّ؛ يريد أَن من اتبع الفواجر وفجر ذَهَب مالُه وافتقر، فشَبَّه خِفَّة المال وذهابَه بخِفَّة الجسم وذهابِه إِذا سُلَّ، وقد سُلَّ وأَسَلَّه اللهُ، فهو مَسْلول، شاذ على غير قياس؛ قال سيبويه: كأَنه وُضع فيه السُّلُّ؛ قال محمد بن المكرم: رأَيت حاشية في بعض الأُصول على ترجمة أمم على ذكر قُصَيٍّ: قال قُصَيٌّ واسمه زيد كان يُدْعَى مُجَمِّعاً: إِنِّي، لَدى الحَرْب، رَخِيٌّ لَبَبي عند تَنَاديهم بهَالٍ وهَبِ مُعْتزِمُ الصَّوْلَةِ عالٍ نَسَبي، أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ بي قال: هذا الرجز حُجَّة لمن قال إِن الياس بن مُضَر الأَلف واللام فيه للتعريف، فأَلفه أَلف وصل؛ قال المفضَّل بن سلمة وقد ذكَرَ الياسَ النبيَّ، عليه السلام: فأَما الياسُ بن مُضَر فأَلفه أَلف وصل واشتقاقه من اليأْسِ وهو السُّلُّ؛ وأَنشد بيت عُرْوة بن حِزام: بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصابني وقال الزبير بن بكار: الياسُ بن مُضَر هو أَول من مات من السُّلِّ فسمي السُّلُّ يأْساً، ومن قال إِنه إِلْياسُ بن مُضَر بقطع الأَلف على لفظ النبي، عليه الصلاة والسلام، أَنشد بيت قصي: أُمَّهَتي خِنْدِف والياسُ أَبي (* قوله «والياس» هكذا بالأصل بالواو.
ولا بد على قطع الهمزة من إسقاط الواو أو تسكين فاء خندف ليستقيم الوزن). قال واشتقاقه من قولهم رجل أَليْسَ أَي شُجَاع، والأَلْيَسُ: الذي لا يَفِرُّ ولا يَبْرَحُ؛ وقد تَلَيَّس أَشدَّ التلَيُّس، وأُسودٌ لِيسٌ ولَبُوءَةٌ لَيْساءُ.
والسَّلَّةُ: السَّرِقة، وقيل السَّرِقة الخَفِيَّةُ.
وقد أَسَلَّ يُسِلُّ إِسْلالاً أَي سَرَق، ويقال: في بَني فلان سَلَّةٌ، ويقال للسارق السَّلاَّل.
ويقال: الخَلَّة تدعو إِلى السَّلَّة.
وسَلَّ الرجلُ وأَسَلَّ إِذا سَرَق؛ وسَلَّ الشيءَ يَسُلُّه سَلاًّ.
وفي الكتاب الذي كَتَبه سَيِّدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحُدَيبية حين وادع أَهل مكة: وأَن لا إِغلالَ ولا إِسْلال؛ قال أَبو عمرو: الإِسْلال السَّرِقة الخَفِيَّة؛ قال الجوهري: وهذا يحتمل الرَّشْوة والسرقة جميعاً.
وسَلَّ البعيرَ وغيرَه في جوف الليل إِذا انتزعه من بين الإِبل، وهي السَّلَّة.
وأَسَلَّ إِذا صار ذا سَلَّة وإِذا أَعان غيره عليه.
ويقال: الإِسْلال الغارَةُ الظاهرة، وقيل: سَلُّ السيوف.
ويقال: في بني فلان سَلَّة إِذا كانوا يَسْرِقون.
والأَسَلُّ: اللِّصُّ. ابن السكيت: أَسَلَّ الرجلُ إِذا سَرَق، والمُسَلِّل اللطيف الحيلة في السَّرَق. ابن سيده: الإِسلال الرَّشوة والسرقة.والسَّلُّ والسَّلَّة كالجُؤْنَة المُطْبَقَة، والجمع سَلٌّ وسِلالٌ. التهذيب: والسَّلَّة السَّبَذَة كالجُؤْنة المُطْبقة. قال أَبو منصور: رأَيت أَعرابياً من أَهل فَيْد يقول لِسَبَذة الطِّين السَّلَّة، قال: وسَلَّةُ الخُبْز معروفة؛ قال ابن دريد: لا أَحْسَب السَّلَّة عربية، وقال أَبو الحسن: سَلٌّ عندي من الجمع العزيز لأَنه مصنوع غير مخلوق، وأَن يكون من باب كَوْكَبٍ وكَوْكَبةٍ أَولى، لأَن ذلك أَكثر من باب سَفِينةٍ وسَفِين.
ورجل سَلٌّ وامرأَة سَلَّة: ساقطا الأَسنان، وكذلك الشاة.
وسَلَّتْ تَسِلُّ: ذهب أَسنانُها؛ كل هذا عن اللحياني. ابن الأَعرابي: السَّلَّة السُّلُّ وهو المرض؛ وفي ترجمة ظبظب قال رؤبة: كأَنَّ بي سُلاًّ وما بي ظَبْظاب قال ابن بري: في هذا البيت شاهد على صحة السُّلِّ لأَن الحريري قال في كتابه دُرَّة الغَوَّاص: إِنه من غَلَط العامَّة، وصوابه عنده السُّلال، ولم يُصِبْ في إِنكاره السُّلَّ لكثرة ما جاء في أَشعار الفصحاء، وذكره سيبويه أَيضاً في كتابه.
والسَّلَّة: استلالُ السيوف عند القتال.
والسَّلَّة: الناقة التي سَقَطَت أَسنانُها من الهَرَم، وقيل: هي الهَرِمة التي لم يَبْقَ لها سِنٌّ.
والسَّلَّة: ارتداد الرَّبْو في جوف الفرس من كَبْوة يَكْبُوها، فإِذا انتفخ منه قيل أَخْرَجَ سَلَّته، فيُرْكَض رَكْضاً شديداً ويُعَرَّق ويُلْقَى عليه الجِلال فيخرج ذلك الرَّبْو؛ قال المَرَّار:أَلِزاً إِذ خَرَجَتْ سَلَّتُه، وَهِلاً تَمْسَحُه ما يَسْتَقِر الأَلِزُ: الوَثَّاب، وسَلَّة الفَرَس: دَفْعتُه من بين الخيل مُحْضِراً، وقيل: سَلَّته دَفْعته في سِباقه.
وفرس شديد السَّلَّة: وهي دَفْعته في سِباقه.
ويقال: خَرَجَتْ سَلَّةُ هذا الفرس على سائر الخيل.
والمِسَلَّة، بالكسر: واحدة المَسالِّ وهي الإِبَرُ العظام، وفي المحكم: مِخْيَطٌ ضَخْم.
والسُّلاَّءة: شَوْكة النخلة، والجمع سُلاَّءٌ؛ قال علقمة يصف ناقة أَو فرساً: سُلاَّءةٌ كعَصا النَّهْديِّ غُلَّ لها ذو فَيْئة، من نَوى قُرَّان، مَعْجومُ والسَّلَّة: أَن يَخْرِزَ خَرْزَتَيْن في سَلَّةٍ واحدة.
والسَّلَّة: العَيْب في الحَوْض أَو الخابية، وقيل: هي الفُرْجة بين نَصائب الحوض؛ وأَنشد: أَسَلَّةٌ في حَوْضِها أَم انْفَجَر والسَّلَّة: شُقوق في الأَرض تَسْرِق الماء.
وسَلُولُ: فَخِذٌ من قَيْس بن هَوازِن؛ الجوهري: وسَلُولُ قبيلة من هَوازِن وهم بنو مُرَّة بن صَعْصَعة ابن معاوية بن بكر بن هَوازن، وسَلُول: اسم أُمهم نُسِبوا إِليها، منهم عبد الله بن هَمَّام السَّلُوليُّ الشاعر.
وسُلاَّن: موضع؛ قال الشاعر: لِمَنِ الدِّيارُ برَوْضَةِ السُّلاَّنِ فالرَّقْمَتَيْنِ، فجانِبِ الصَّمَّانِ؟ وسِلَّى: اسم موضع بالأَهواز كثير التمر؛ قال: كأَن عَذِيرَهُم بجَنُوب سِلَّى نَعامٌ، فاق في بَلَدٍ قِفارِ قال ابن بري: وقال أَبو المِقْدام بَيْهَس بن صُهَيْب: بسِلَّى وسِلِّبْرى مَصارِعُ فِتْيةٍ كِرامٍ، وعَقْرى من كُمَيْت ومن وَرْد وسِلَّى وسِلِّبْرى يقال لهما العاقُولُ، وهي مَناذِر الصُّغْرى كانت بها وقْعة بين المُهَلَّب والأَزارقة، قُتِل بها إِمامهم عُبَيد الله بن بَشِير بن الماحُوز (* قوله «الماحوز» هكذا في الأصل بمهملة ثم معجمة، وفي عدة مواضع من ياقوت بالعكس) المازني؛ قال ابن بري: وسِلَّى أَيضاً اسم الحرث بن رِفاعة بن عُذْرة بن عَدِيِّ بن عبد شمس، وقيل شُمَيس بن طَرود بن قُدامة بن جَرْم بن زَبان بن حُلْوان بن عمرو بن الحافِ بن قُضاعة؛ قال الشاعر: وما تَرَكَتْ سِلَّى بِهِزَّانَ ذِلَّةً، ولكِنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ وجُدُودُ قال ابن بري: حكى السيرافي عن ابن حبيب قال في قيس سَلُول بن مُرَّة بن صَعْصَعة بن معاوية بن بكر بن هَوازِن اسم رجل فيهم، وفيهم يقول الشاعر: وإِنَّا أُناسٌ لا نَرى القَتْل سُبَّةً، إِذا ما رَأَتْه عامِرٌ وسَلُول (* هذا البيت للسَّموأل بن عادياء، وهو في حماسة أبي تمَّام: وإِنَّا لَقَومٌ ما نرى القتل سُبَّةَ) يريد عامرَ بن صَعْصَعة، وسَلُول بن مُرَّة بن صعصعة؛ قال: وفي قُضاعة سَلُول بنت زَبان بن امرئ القيس ابن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن القَيْن بن الجَرْم بن قُضاعة، قال: وفي خُزاعة سَلُولُ بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة، قال: وقال ابن قتيبة عبد الله بن هَمَّام هو من بني مُرَّة بن صعصعة أَخي عامر بن صعصعة من قيس عَيْلانَ، وبَنُو مُرَّة يُعْرفون ببني سَلُولَ لأَنها أُمُّهم، وهي بنت ذُهْل بن شَيْبان بن ثعلبة رَهْط أَبي مريم السَّلُولي، وكانت له صحبة مع سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ ورأَيت في حاشية: وسَلُولُ جَدّة عبد الله بن أُبَيٍّ المُنافق.

حسس (لسان العرب) [0]


الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها.
والحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به؛ وأَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال سيبويه: وكذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون ولا تصل إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: ويقال هل أَحَسْتَ بمعنى أَحْسَسْتَ، ويقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته وعرفته، قال: ويقال أَحْسَسْتُ الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً.
وتقول: ما أَحْسَسْتُ بالخبر وما أَحَسْت وما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه شيئا ً (* عبارة المصباح: وأحس الرجل . . . أكمل المادة الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به.
وحسست به من باب قتل لغة فيه، والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به، ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحست بالخبر من باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حست الخبر، من باب قتل. اهـ. باختصار.). قال ابن سيده: وقالوا حَسِسْتُ به وحَسَيْتُه وحَسِيت به وأَحْسَيْتُ، وهذا كله من محوَّل التضعيف، والاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَرْته.
وحَسِسْتُ بالخبر وأَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: وربما قالوا حَسِيتُ بالخبر وأَحْسَيْتُ به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ: خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ قال الجوهري: وأَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد: أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ وأَصله أَحْسَسْنَ، وقيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت ووجدت.
وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عندما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، وقال الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه وتظهر، فذلك الرَّسُّ، قال: ويقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى.
وفي الحديث: أَنه قال لرجل متى أَحْسَسْتَ أُمَّْ مِلْدَمٍ؟ أَي متى وجدت مَسَّ الحمى.
وقال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، وهي مَشاعِرُ الإِنسان كالعين والأُذن والأَنف واللسان واليد، وحَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس.
وحَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ والبَرَدُ والريح والجراد والمواشي.
والحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، وقيل: وجع الولادة عندما تُحِسُّها، وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا لها بشربة من سَوِيقٍ وقال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ.
وتَحَسَّسَ الخبر: تطلَّبه وتبحَّثه.
وفي التنزيل: يا بَنيَّ اذهبوا فَتحَسَّسوا من يوسف وأَخيه.
وقال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً ومن فلان أَي تَبَحَّثْ، والجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر وتَحَسَّيته، وقال شمر: تَنَدَّسْتُه مثله.
وقال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع والتبصر؛ قال: والتَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: ولا تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْتُه بمعنى واحد.
وتَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره.
وحَسَّ منه خبراً وأَحَسَّ، كلاهما: رأَى.
وعلى هذا فسر قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكُفْرَ.
وحكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى.
وفي التنزيل العزيز: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، معناه هل تُبْصِرُ هل تَرى؟ قال الأَزهري: وسمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا وقف على (* كذا بياض بالأَصل.) . أَحوالاً وأَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا وكذا؛ ومعناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا على لفظ الأَمر؛ وقال الفراء في قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكفر، وفي قوله: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: والإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام: هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ وقال الزجاج: معنى أَحَسَّ علم ووجد في اللغة.
ويقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ وهل أَحْسَسْت الخبر أَي هل عرفته وعلمته.
وقال الليث في قوله تعالى: فلما أَحس عيسى منهم الكفر؛ أَي رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: وتقول العرب ما أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، وكذلك في قوله تعالى: وانظر إِلى إِلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً، وقال: فَظَلْتُم تَفَكَّهون، وقرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة وكانت فَظَلِلْتُم.
وقال ابن الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ وهَمَمْتُ.
وفي حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من شيء؟ قالا: لا.
وفي خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ شيئاً أَي نظرت فلم أَجده.
وقال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم وقد ذهبا، فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، وقيل: لا حَسَاسَ من ابني موقد النار، لا وجود، وهو أَحسن.
وقالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه.
والحِسُّ والحَسِيسُ: الذي نسمعه مما يمرّ قريباً منك ولا تراه، وهو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ وأَنشد في صفة بازٍ: تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا وقوله تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها أَي لا يسمعون حِسَّها وحركة تَلَهُّبِها.
والحَسيسُ والحِسُّ: الحركة.
وفي الحديث: أَنه كان في مسجد الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها؛ ومنه الحديث: إِن الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ؛ أَي شديد الحسَّ والإَدراك.
وما سمع له حِسّاً ولا جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة والجِرْس من الصوت، وهو يصلح للإِنسان وغيره؛ قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ: وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ، حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا والحِسُّ: الرَّنَّةُ.
وجاءَ بالمال من حِسَّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه، وفي التهذيب: من حَسِّه وعَسِّه أَي من حيث شاءَ.
وجئني من حَسِّك وبَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان ولم يكن.
وقال الزجاج: تأْويله جئ به من حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرٍّفِك.
وفي الحديث أَن رجلاً قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني مائة دينار؟ فطلبتها من حَِسِّي وبَِسِّي؛ أَي من كل جهة.
وحَسَّ، بفتح الحاء وكسر السين وترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم.
ويقال: إِني لأَجد حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ: فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ، عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِّ وحَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ، أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ يسمهرّوا: يشتدوا.
والضِّراس: المُعاضَّة.
والضَّرْسُ: العَضُّ.
ويقال: لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، ومثله: لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً.
والعرب تقول عند لَذْعة النار والوجع الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال حَسٍّ ولا بَسٍّ، بالجر والتنوين، ومنهم من يجر ولا ينوَّن، ومنهم من يكسر الحاء والباء فيقول: حِسٍّ ولا بِسٍّ، ومنهم من يقول حَسّاً ولا بَسّاً، يعني التوجع.
ويقال: اقْتُصَّ من فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك وما تَضَوَّر. الأَزهري: وبلغنا أَن بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال: حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم وأَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، وحَسِّ مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: وهذا صحيح.
وفي الحديث: أَنه وضع يده في البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ؛ هي بكسر السين والتشديد، كلمة يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه وأَحرقه غفلةً كالجَمْرة والضَّرْبة ونحوها.
وفي حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ قال: حَسَّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم: لو قلت بسم اللَّه لرفعتك الملائكة والناس ينظرون.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: حَسِّ؛ ومنه قول العجاج، وقد تقدم.
وبات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ وشدّة، والكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ والتَّلَّةِ والبِيْئَةِ. قال الأَزهري: والذي حفظناه من العرب وأَهل اللغة: بات فلان بجيئة سوء وتلة سوء وبيئة سوء، قال: ولم أَسمع بحسة سوء لغير الليث.
وقال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ.
والحَسُّ: القتل الذريع.
وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلاً.
وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم قتلاً ذريعاً مستأْصلاً.
وفي التنزيل العزيز: إِذ تَحُسُّونهم بإِذنه؛ أَي تقتلونهم قتلاً شديداً، والاسم الحُساسُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو إِسحق: معناه تستأْصلونهم قتلاً. يقال: حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم.
وقال الفراء: الحَسُّ القتل والإِفناء ههنا.
والحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ: إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ، للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ، بالمالِ والأَنْفُس من كل بُوسْ نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا، وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ الجَحْرَة: السنة الشديدة.
وقوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف الخبر.
وفي الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً؛ أَي استأْصلوهم قتلاً.
وفي حديث علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال.
والحديث الآخر: كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال، ويروى بالشين المعجمة.
وجراد محسوسٌ: قتلته النار.
وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس.
وحَسَّهم يَحُسُّهم: وَطِئَهم وأَهانهم.
وحَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، وإِن جعلته فَعَّالاً من الحُسْنِ أَجريته لأَن النون حينئذ أَصلية.
والحَسُّ: الجَلَبَةُ.
والحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء.
ويقال: أَصابتهم حاسَّة من البرد.
والحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، وهو اسم، وحَسَّ البَرْدُ.
والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وقد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة.
ويقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات والكلإِ، بفتح الجيم، أَي يَحُسُّه ويحرقه.
وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى المبالغة أَو الجائحة.
وأَصابتهم حاسَّةٌ: وذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو غيره بالكلإِ؛ وقال أَوْسٌ: فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ، ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي وقال: تَحُسُّ أَي تُحْرِقُ وتُفْني، من الحاسَّة، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأَ فتحرقه.
وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد والبرد.
وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله.
وجراد مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته.
وفي الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه البرد فقتله.
وفي حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس أَي قتله البرد، وقيل: هو الذي مسته النار.
والحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي يأْكل نباتها.
وقال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْتِي التراب في الغُدُرِ فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى.
وسَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة الخير.
وسنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال: إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا، تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة واليُبْسُ لا يؤكلان لأَنهما عَرَضانِ.
وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ.
وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وتفرّقت.
وانْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت وتَحاتَّتْ وتكسرت؛ وأَنشد للعجاج: في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ، ليس بمَقْلوع ولا مُنْحَسِّ قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا الرجز بمعدن الملك؛ وقبله: إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ وأَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة وأَولى نفس بها، وقوله: ليس بمقلوع ولا منحس أَي ليس بمحوّل عنه ولا مُنْقَطِع. الأَزهري: والحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، وكُسارَةُ الحجارة الصغار حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق: شَظِيَّة من رَفْضَّةِ الحُساسِ، تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ والحَسُّ والاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء.
والحُساس: سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة. قال الجوهري: والحُساس، بالضم، الهِفُّ، وهو سمك صغار يجفف.
والحُساسُ: الشُّؤْمُ والنَّكَدُ.
والمَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي: الحاسُوس المشؤوم من الرجال.
ورجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال: رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ، شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ ويكون رَداءة الخُلُق.
وقال ابن الأَعرابي وحده: الحُساسُ هنا القتل، والشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول: انتظارك إِياه قتل لك ولإِبلك.
والحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ وقال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من ناحية فافعل مثله.
والحِسُّ: الجَلْدُ.
وحَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، وذلك إِذا فَرْجَنها بالمِحَسَّة أَي حَسَّها.
والمِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ ومنه قول زيد بن صُوحانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي ولا تَحُسُّوا عني تراباً أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، وهو نَفْضُكَ التراب عنها.
وفي حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا وفيها مَلَكٌ يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ أَي يُذْهب عنها التَّعَب بَحسِّها وإِسقاط التراب عنها. قال ابن سيده: والمِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به لأَنه مما يعتمل به.
وحَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، وحَسِسْتُ حَِسّاً فيهما: رَقَقْتُ له. تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ له، وذلك لما بينهما من الرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر: لغة فيه؛ حكاها يعقوب، والاسم الحَِسُّ؛ قال القُطامِيُّ: أَخُوكَ الذي تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه، وتَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ ويروى: عند المخطفات. قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء، ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول: إِذا رأَيتُ قريبي يُضام وأَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من السَّخِيمة له ولم أَدَعْ نُضْرَته ومعونته، قال: والكتائف الأَحقاد، واحدتها كَتِيفَة.
وقال أَبو زيد: حَسَسْتُ له وذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ فَيَرِقَّ له، وقال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له ويتوجع، وقال: أَطَّتْ له مني حاسَّةُ رَحِم.
وحَسَِسْتُ له حَِسّاً: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيده: هكذا وجدته في كتاب كراع، والصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ العَطْفُ والرِّقَّة، بالفتح؛ وأَنشد للكُمَيْت: هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له، أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟ وفي حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق أَي يأْوي له ويتوجع.
وحَسِسْتُ له، بالفتح والكسر، أُحِسُّ أَي رَقَقْتُ له.
ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وقيل: هي لغة في المَحَشَّة.
والحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، وقيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه ويَتْرُكَ داخِله، وقيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من الجمر.
وقد حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، وحَسْحَسَتُه صوتُ نَشِيشِه، وقد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ وحَشْحَشَتْه بمعنى.
وحَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ ومن كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لولا الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ. ابن سيده: ورجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، وبه سمي الرجل. قال الجوهري: وربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز: مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ وبنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.

طبق (لسان العرب) [0]


الطَّبَقُ غطاء كل شيء، والجمع أَطْباق، وقد أَطْبَقَه وطَبَّقَه انْطَبَقَ وتَطَبَّقَ: غَطَّاه وجعله مُطَبَّقاً؛ ومنه قولهم: لو تَطَبَّقَت السماء على الأَرض ما فعلت كذا.
وفي الحديث حِجابُه النُّورُ لو كُشِفَ طَبَقُه لأَحْرَقت سُبحاتُ وَجهِه كلَّ شيء أَدّرَكه بصرُه؛ الطَّبَقُ: كلُّ غطاء لازم على الشيء.
وطَبَقُ كلِّ شيء: ما ساواه، والجمع أَطْباقٌ؛ وقوله: ولَيْلة ذات جَهامٍ أَطْباق معناه أَن بعضَه طَبَقٌ لبعض أَي مُساوٍ له، وجَمَع لأَنه عنى الجنس، وقد يجوز أَن يكون من نعت الليلة أَي بعضُ ظُلَمِها مُساوٍ لبعض فيكون كجُبَّةٍ أَخْلاق ونحوها.
وقد طابَقَهُ مطابَقةً وطِباقاً.
وتَطابَقَ الشيئَان: تساوَيا.
والمُطابَقةُ: المُوافَقة.
والتَّطابُق: الاتفاق.
وطابَقْتُ بين الشيئين إِذا جعلتهما على حَذْو واحد وأَلزقتهما.
وهذا الشيء . . . أكمل المادة وَفْقُ هذا ووِفاقُه وطِباقُه وطابَقُهُ وطِبْقُه وطَبِيقُه ومُطْبِقُه وقالَبُه وقالِبُه بمعنى واحد.
ومنه قولهم: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه.
وطابَقَ بين قميصين. لَبِسَ أَحدهما على الآخر.
والسمواتُ الطِّباقُ: سميت بذلك لمُطابَقة بعضها بعضاً أَي بعضها فوق بعض، وقيل: لأَن بعضها مُطْبَق على بعض، وقيل: الطِّباقُ مصدر طوبقَتْ طِباقاً.
وفي التنزيل. أَلم تَرَوْا كيف خلق الله سَبْعَ سَمَواتٍ طِباقاً؛ قال الزجاج: معنى طِباقاً مُطْبَقٌ بعضها على بعض، قال: ونصب طِباقاً على وجهين: أَحدهما مطابَقة طِباقاً، والآخر من نعت سبع أَي خلق سبعاً ذات طِباقٍ. الليث: السمواتُ طِباقٌ بعضها على بعض، وكل واحد من الطباق طَبَقة، ويذكَّر فيقال طَبَقٌ؛ ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ الأُمّة بعد الأُمّة. الأَصمعي: الطِّبْقُ، بالكسر، الجماعةْ من الناس. ابن سيده: والطَّبَق الجماعة من الناس يَعْدِلون جماعةً مثلهم، وقيل: هو الجماعة من الجراد والناس.
وجاءنا طَبَقٌ من الناس وطِبْقٌ أَي كثير.
وأَتى طَبَقٌ من الجراد أَي جماعة.
وفي الحديث: أَن مريم جاعَتْ فجاءَها طَبَقٌ من جَرادٍ فصادَتْ منه، أَي قَطيعٌ من الجراد.
والطَّبَقُ: الذي يؤكل عليه أَو فيه، والجمع أَطْباقٌ.
وطَبَّقَ السَّحابُ الجَوَّ: غَشّاه، وسَحابةُ مُطَبِّقةٌ.
وطَبَّقَ الماءُ وَجْهَ الأَرض: غطّاه.
وأَصبحت الأَرض طَبَقاً واحداً إِذا تغشّى وجهُها بالماء.
والماء طَبَقٌ للأَرض أَي غِشاء؛ قال امرؤ القيس: دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ، طَبَقُ الأَرْضِ تَحَرَّى وتَدُرّ وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً طَبَقاً أَي مالِئاً للأَرض مغطّياً لها. يقال: غيث طَبَقٌ أَي عامٌّ واسع،. يقال: هذا مطر طَبَقُ الأَرض إِذا طَبَّقها؛ وأَنشد بيت امرئ القيس: طبق الأَرض تحرّى وتدر ومن رواه طَبَقَ الأَرضِ نصبَه بقوله تحَرَّى. الأَصمعي في قوله غيثاً طَبَقاً: الغيث الطَبق العامّ، وقال الأَصمعي في الحديث: قُرَيش الكَتَبَة الحَسَبة مِلْحُ هذه الأُمّة، عِلْمُ عالِمهم طِباقُ الأَرض؛ كأَنه يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها، وفي رواية: عِلْمُ عالمِ قُرَيْش طَبَقُ الأَرض.
وطَبَّقَ الغيثُ الأَرضَ: ملأَها وعمّها.
وغيثٌ طَبَقٌ: عامٌّ يُطَبِّقُالأَرض.
وطَبَّقَ الغيمُ تَطْبيقاً: أَصاب مطرُه جميعَ الأَرض.
وطِباقُ الأَرض وطِلاعُها سواء: بمعنى مِلْئها.
وقولهم: رحمة طِباقُ الأَرضِ أَي تُغَشِّي الأَرض كلها.
وفي الحديث: لله مائةُ رَحْمةٍ كلُّ رَحْمةٍ منها كطِباقِ الأَرض أَي تُغَشِّي الأَرضَ كلها.
ومنه حديث عمر: لو أَنَّ لي طِباقَ الأَرض ذهَباً أَي ذهباً يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها.
وطَبَّقَ الشيءُ: عَمَّ.
وطَبَقُ الأَرض: وجهُها.
وطِباقُ الأَرض: ما عَلاها.
وطَبَقاتُ الناس في مراتبهم.
وفي حديث ابن مسعود في أَشراط الساعة: تُوصَلُ الأَطْباقُ وتُقْطَعُ الأَرْحامُ؛ يعني بالأَطْباقِ البُعَداءَ والأَجانِبَ لأَن طَبَقاتِ الناس أَصناف مختلفة.
وطابَقَه على الأَمر: جامَعَه وأَطْبَقوا على الشيء: أَجمعوا عليه.
والحروف المُطْبَقة أَربعة: الصاد والضاد والطاء والظاء، وما سوى ذلك فمفتوح غير مُطْبَق.
والإِطْباقُ: أَن ترفع ظهرَ لسانك إِلى الحنك الأَعلى مُطْبِقاً له، ولولا الإِطْباقُ لصارت الطاء دالاً والصاد سيناً والظاء ذالاً ولخرجت الضاد من الكلام لأَنه ليس من موضعها شيء غيرها، تزول الضاد إِذا عدم الإِطْباق البتة.
وطابَقَ لي بحقِّي وطابَقَ بحقِّي: أَذْعَنَ وأَقرَّ وبَخَعَ؛ قال الجعدي: وخَيْل تُطابقُ بالدارعين، طِباقَ الكِلاب يَطَأْنَ الهَراسا ويقال: طابَقَ فلانٌ فلاناً إذا وافَقه وعاوَنَه.
وطابَقَت المرأَةُ زوْجهَا إذا واتتْه.
وطابَقَ فلانٌ: بمعنى مَرَنَ.
وطابَقَت الناقةُ والمرأَةُ: انْقادت لمريدها.
وطابَقَ على العمل: مارَنَ. التهذيب: والمُطَبَّقُ شِبْه اللُّؤْلُؤ، إذا قُشر اللؤلؤ أخِذ قشرهُ ذلك فأُلزِق بالغراء بعضه على بعض فيصير لؤلؤاً أَو شبْهَه.
والانْطِباقُ: مُطاوعة ما أطبقت.
والطِّبْقُ والمُطَبَّقُ: شيء يُلْصَقُ به قشرُ اللؤلؤ فيصير مثله، وقيل: كل ما أُلْزِقَ به شيء فهو طِبْقٌ.
وطَبِقَت يدُه، بالكسر، طَبَقاً، فهي طَبِقةٌ: لزِقت بالجنب ولا تنبسط.
والتَّطْبِيقُ في الصلاة: جعْلُ اليدين بين الفخذين في الركوع، وقيل: التَّطْبِيق في الركوع كان من فعل المسلمين في أوَّل ما أمِروا بالصلاة، وهو إطْباقُ الكفين مبسوطتين بين الركبتين إذا ركع، ثم أُمِروا بإلْقام الكفَّين رأُس الركبتين، وكان ابن مسعود استمرّ على التَّطْبِيق لأنه لم يكن عَلِم الأَمْرَ الآخر؛ وروى المنذري عن الحَرّبيّ قال: التَّطْبِيقُ في حديث ابن مسعود أن يَضَع كفَّه اليمنى على اليسرى. يقال: طابَقْتُ وطَبَّقْت.
وفي حديث ابن مسعود: أنه كان يُطَبِّقُ في صلاته وهو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد.
وجاءت الإِبل طَبَقاً واحداً أي على خُفٍّ.
ومرّ طَبَقٌ من الليل والنهار أي بعضهما، وقيل معظمهما؛ قال ابن أحمر: وتواهَقَتْ أخْفافُها طَبَقاً، والظِّلُّ لم يَفْضُل ولم يُكْرِ وقيل: الطَّبَقة عشرون سنة؛ عن ابن عباس من كتاب الهجري.
ويقال: مَضى طَبَقٌ من النهار وطَبَق من الليل أي ساعة، وقيل أي مُعْظَم منه؛ ومثله: مضى طائفة من الليل.
وطَبِقَت النجومُ إذا ظهرت كلها، وفلانَ يَرْعى طَبَقَ النُّجوم؛ وقال الراعي: أَرى إِبِلاَ تكالأَ راعِياها، مَخافَة جارِها طَبَقَ النُّجوم والطَّبَق: سدّ الجَراد عينَ الشمس.
والطَّبَق: انطباق الغَيْم في الهواء.
وقول العباس في النبي، صلى الله عليه وسلم: إذا مَضى عالَمٌ بَدا طَبَقٌ؛ فإِنه أَراد إِذا مضى قَرْن ظَهَر قَرْن آخر، وإِنما قيل للقَرْن طَبَقٌ لأَنهم طَبَق للأَرض ثم يَنْقرضِون ويأْتي طَبَق للأَرض آخر، وكذلك طَبَقات الناس كل طَبَقة طَبَقت زمانها.
والطَّبَقة: الحال، يقال: كان فلان من الدنيا على طَبَقات شَتَّى أي حالات. ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ الحال على اختلافها.
والطَّبَقُ والطَّبَقة: الحال.
وفي التنزيل: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عن طَبَق؛ أي حالاً عن حال يوم القيامة. التهذيب: إن ابن عباس قال لَتَرْكَبُنَّ، وفسَّررلتَصِيرنَّ الأُمور حالاً بعد حال في الشدّة، قال: والعرب تقول وقع فلان في بنات طَبَق إذا وقع في الأَمر الشديد؛ وقال ابن مسعود: لتركَبُنَّ السماء حالاً بعد حال.
وقال مَسروق: لتركَبَنَّ يا محمد حالاً بعد حال، وقرأَ أَهل المدينة لتَرْكَبُنَّ طَبَقاً، يعني الناس عامَّة، والتفسير الشِّدَّة؛ وقال الزجاج: لتركَبْنَّ حالاً بعد حال حتى تصيروا إلى الله من إِحيّاء وإِماتَةٍ وبَعْثٍ، قال: ومن قرأَ لتركَبَنَّ أراد لتركَبَنَّ يا محمد طَبَقاً عن طَبَق من أطبْاق السماء؛ قاله أبو علي، وفسَّروا طَبَقاً عن طَبَقِ بمعنى حالاً بعد ؛ حال؛ ونظيرُ وقوع عن مَوْقع بعد قول الأَعشى: وكابِر تَلَدوُك عن كابر أي بعد كابر؛ وقال النابغة: بَقيّة قِدْر من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ لآلِ الجُلاحِ، كابراً بعد كابِرِ وفي حديث عمرو بن العاص: إني كنت على أطبْاقٍ ثلاثٍ أي أحْوالٍ، واحدها طَبَق.
وأَخبر الحسن بأَمْرٍ فقال: إحْدى المُطْبِقات، قال أبو عمرو: يُريد إحْدى الدواهي والشدايد التي تُطْبِقُ عليهم.
ويقال للسنة الشديدة: المُطْبِقة؛ قال الكميت: وأَهْلُ السَّماحَة في المُطْبِقات، وأَهل السَّكينةِ في المَحْفَلِ قال: ويكون المُطْبَق بمعنى المُطْبِق.
وولدتِ الغنم طَبَقاً وطِبْقاً إِذا نُتِجَ بعضُها بعد بعض، وقال الأُموي: إِذا ولدتِ الغنمُ بعضها بعد بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، وولَّدتها طَبَقاً وطَبَقَةً.
والطَّبَق والطَّبَقة: الفَقْرة حيث كانت، وقيل: هي ما بين الفقرتين، وجمعها طِباق.
والطَّبَقة: المفصل، والجمع طَبَق، وقيل: الطَّبَق عُظَيْم رَقيق يفصل بين الفَقارَيْن؛ قال الشاعر: أَلا ذهبَ الخُداعُ فلا خِداعا، وأَبْدى السَّيفُ عن طَبَقٍ نُخاعا وقيل: الطَّبَق فَقال الصلب أَجمع، وكل فَقار طَبَقة.
وفي الحديث: وتَبْقى أصْلابُ المنافقين طَبَقاً واحداً. قال أبو عبيد: قال الأَصمعي الطَّبَقُ فَقار الظهر، واحدته طَبَقَة واحدة؛ يقول: فصار فَقارُهم كلُّه فَقارةً واحداة فلا يدرون على السجود.
وفي حديث ابن الزبير: قال لمعاوية وايْمُ الله لئن ملك مَرْوانُ عِنان خيل تنقاد له في عثمان ليَرْكَبَنَّ منك طَبَقاً تخافه، يريد فَقار الظهر، أي ليَرْكبن منك مَرْكباً صعباً وحالاً لا يمكنك تَلافِيها، وقيل: أَراد بالطَّبَق المنازل والمراتب أي ليركبن منك منزلة فوق منزلة في العداوة.
ويقال: يدُ فلانٍ طَبَقَةٌ واحدة إذا لم تكن منبسطة ذات مفاصل.
وفي حديث الحجاج: فقال لرجل قُمْ فاضرب عُنُقَ هذا الأَسير فقال: إِن يدي طَبِقَةٌ؛ هي التي لصق عَضُدُها بجنب صاحبه فلا يستطيع أَن يحرّكها.
وفي حديث عمْران بن حُصَيْن: أَن غلاماً له أَبَقَ فقال لئن قدرت عليه لأَقطعن منه طابَِقَاً، قال: يريد عضواً. الأَصمعي: كل مفصِل طَبَقٌ، وجمع أَطبْاق، ولذلك قيل للذي يصيب المفصل مُطَبِّقٌ؛ وقال: ويَحْمِيكَ بالليِّن الحُسام المُطَبِّق وقيل في جمعه طَوابِق. قال ثعلب: الطَّابِقُ والطَّابَقُ العضو من أعضاء الإِنسان كاليد والرجل ونحوهما.
وفي حديث عليّ: إِنما أَمر في السارق بقطع طابِقِه أي يده.
وفي الحديث: فَخَبَزْتُ خبزاً وشويت طابَقاً من شاة أَي مقدار ما يأْكل منه اثنان أَو ثلاثة.
والطَّبَقَةُ من الأَرض: شبه المَشارَة، والجمع الطَّبَقات تخرج بين السُّلحَفْاة والهِرْهِرِ (* قوله «تخرج بين السلحفاة والهرهر» هكذا هو بالأصل، ولعل قبله سقطاً تقديره ودويبة تخرج بين السلحفاة إلخ أَو نحو ذلك).
والمطَبَّقُ من السيوف: الذي يصيب المَفْصِل فيُبينُه يقال طَبَّق السيفُ إِذا أَصاب المَفْصل فأَبان العضو؛ قال الشاعر يصف سيفاً: يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ ومنه قولهم للرجل إذا أَصاب الحجة: إِنه يُطَبَّقُ المفصل. أََبو زيد: يقال للبليغ من الرجال: قد طَبَّقَ المفصل وردَّ قالَبَ الكلام ووضع الهِناء مواضع النُّقَب.
وفي حديث ابن عباس: أَنه سأَل أَبا هريرة عن امرأَة غير مدخول بها طلقت ثلاثاً، فقال: لا تحلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فقال ابن عباس: طَبَّقْتَ؛ قال أَبو عبيد: قوله طبقت أَراد أَصبتَ وجه الفُتْيا، وأَصله إِصابة المفصل وهو طَبَقُ العظمينِ أَي ملتقاهما فيفصل بينهما، ولهذا قيل لأَعضاء الشاة طَوابِقُ، واحدها طابَقٌ، فإِذا فَصَّلها الرجل فلم يخطئ المفاصل قيل قد طَبَّقَ؛ وأَنشد أَيضاً: يُصمِّم أَحياناً وحِيناً يُطَبِّقُ والتصميم: أن يمضي في العظم، والتَّطْبِيقُ: إِصابة المفصل؛ قال الراعي يصف إبلاً: وطَبَّقْنَ عُرْضَ القُفِّ لما عَلَوْنَهُ، كما طَبَّقَتْ في العظم مُدْيَةُ جازِرِ وقال ذو الرمة: لقد خَطَّ رُوميّ ولا زَعَماتِهِ لعُتْبَةَ خطّاً، لم تُطَبَّقْ مفاصلُه وطَبَّقَ فلان إذا أَصاب فَصَّ الحديث.
وطَبَّقَ السيفُ إِذا وقع بين عظمين.
والمُطَبَّقُ من الرجال: الذي يصيب الأُمور برأْيه، وأَصله من ذلك. المُطابِقُ من الخيل والإِبل: الذي يضع رجله موضع يده.
وتَطْبِيقُ الفرس: تَقْرِيبُهُ في العَدْو. الأَصمعي: التَّطْبِيقُ أَن يَثِبَ البعيرُ فتقع قوائمه بالأرض معاً؛ ومنه قول الراعي يصف ناقة نجيبة: حتى إِذا ما اسْتَوى طَبِّقَتْ، كما طَبَّقَ المِسْحَلُ الأَغْبَرُ يقول: لما استوى الراكب عليها طَبَّقَتْ؛ قال الأَصمعي: وأَحسن الراعي في قوله: وهْيَ إِذا قام في غَرْزها، كمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَر لأَن هذا من صفة النجائب، ثم أَساء في قوله طَبَّقَتْ لأَن النجيبة يستحب لها أَن تقدم يداً ثم تقدم الأُخرى، فإِذا طَبَّقَتْ لم تُحمْدَ؛ قال: وهو مثل قوله: حتى إذا ما استْوى في غَرْزها تَثِبُ والمُطابَقَة: المشي في القيد وهو الرَّسْفُ.
والمُطابَقَةُ: أَن يضع الفرسُ رجلَه في موضع يده، وهو الأحَقُّ من الخيل.
ومُطابَقَةُ الفرسِ في جريه: وضع رجليه مواضع يديه.
والمُطابَقَةُ: مشي المقيَّد.
وبنَاتُ الطَّبَقِ: الدواهي، يقال للداهية احدى بنات طَبَقٍ، ويقال للدواهي بنات طَبَقٍ، ويروى أَن أَصلها الحية أَي أَنها استدارت حتى صارت مثل الطَّبَقِ، ويقال إحدى بناتِ طَبَق شَرُّك على رأْسك، تقول ذلك للرجل إِذا رأَى ما يكرهه؛ وقيل: بنتُ طَبَقٍ سُلحَفْاةٌ، وتَزْعُمُ العرب أَنها تبيض تسعاً وتسعين بيضة كلها سَلاحِفُ، وتبيض بيضة تَنْقُفُ عن أَسود، يقال: لقيت منه بناتِ طَبَقٍ وهي الداهية. الأَصمعي: يقال جاء بإِحدى بناتِ طَبَقٍ وأَصلها من الحيَّات، وذكر الثعالبي أَن طَبَقاً حيَّة صفراء؛ ولمَّا نُعي المنصورُ إِلى خَلَف الأَحمر أَنشأَ يقول: قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ، فَذَمَّرُوهَا وَهْمَةً ضَخْم العُنُقْ، موتُ الإِمامِ فِلْقَةٌ مِن الفِلَقْ وقال غيره: قيل للحية أمُّ طَبَقٍ وبنتُ طَبَقٍ لتَرَحِّيها وتحَوّيها، وأَكثر التَّرحِّي للأَفْعى، وقيل: قيل للحيات بناتُ طَبَقٍ لإِطْبَاقها على من تلسعه، وقيل: إِنما قيل لها بناتُ طَبَقٍ لأَن الحَوَّاء يمسكها تحت أَطْبَاق الأَسْفاط المُجَلّدة.
ورجل طَبَاقَاءُ: أَحمق، وقيل هو الذي ينكح، وكذلك البعير. جمل طَبَاقَاءُ: للذي لا يَضْرب.
والطَّبَاقاء: العَيِيُّ الثقيل الذي يُطْبِقُ على الطَّرُوقة أَو المرأَة بصدره لصغره؛ قال جميل بن معمر: طَبَاقَاءُ لم يَشْهد خصوماً، ولم يُنِخْ قِلاصاً إلى أَكْوارها، حين تُعْكَفُ ويروى عَيَاياءُ، وهما بمعنى؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر: طَبَاقَاءُ لم يَشْهَد خصوماً، ولم يَعِشْ حَميداً، ولم يَشْهَدْ حلالاً ولا عطرا وفي حديث أُم زرع: أَن إحدى النساء وصفت زوجها فقالت: زوجي عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ وكل دَاءٍ دواء؛ قال الأَصمعي: الطَّبَاقاء الأحمق الفَدْم؛ وقال ابن الأعرابي: هو المُطْبَقُ عليه حُمْقاً، وقيل: هو الذي أُموره مُطْبَقةُ عليه أَي مُغَشَّاة، وقيل: هو الذي يعجز عن الكلام فَتَنْطَبق شفتاه.
والطَّابَقُ والطَّابِقُ: ظَرْف يطبخ فيه، فارسي معرب، والجمع طَوَابِق وطَوابِيق. قال سيبويه: أَما الذين قالوا طَوابيق فإِنما جعلوه تكسير فَاعَال، وإِن لم يكن في كلامهم، كما قالوا مَلامِحُ.
والطَّابَقُ: نصف الشاة، وحكى اللحياني عن الكسائي طابِق وطابَق، قال ابن سيده: ولا أدري أيّ ذلك عنى.
وقولهم: صادف شَنٌّ طَبَقَه؛ هما قبيلتان شنٌّ بن أَفْصَى بن عبد القيس وطَبَقٌ حيّ من إِياد، وكانت شَنّ لا يقام لها فواقعتها طَبَقٌ فانتصفت منها، فقيل: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وافقه فاعتنقه؛ قال الشاعر: لَقِيَتْ شَناًّ إِيادٌ بالقَنَا طَبَقاً، وافق شَنٌّ طَبَقَه قال ابن سيده: وليس الشَّنُّ هنا القِربَة لأَن القربة لا طَبَقَ لها.
وقال أَبو عبيد عن الأَصمعي في هذا المثل: الشَّنُّ الوعاء المعمول من أَدَمٍ، فإِذا يبس فهو شَنّ، وكان قوم لهم مثله فَتَشَنَّنَ فجعلوا له غطاء فوافقه.
وفي كتاب علي، رضوان الله عليه، إلى عمرو بن العاص: كما وافق شَنٌّ طَبَقَه؛ قال: هذا مثل للعرب يضرب لكل اثنين أَو أمرين جَمَعَتْهُما حالةٌ واحدة اتَّصف بها كلٌّ منهما، وأَصله أَن شَناًّ وطَبَقَة حيَّان اتفقا على أَمر فقيل لهما ذلك، لأَن كل واحد منهما قيل ذلك له لما وافق شكله ونظيره، وقيل: شَنٌّ رجل من دُهَاة العرب وطبقة امرأة من جنسه زُوجَتْ منه ولهما قصة. التهذيب: والطَّبَقُ الدَّرَكُ من أَدراك جهنم. ابن الأَعرابي: الطِّبْقُ الدِّبْقُ.
والطَّبْق، بفتح الطاء: الظلم بالباطل.
والطِّبْقُ: الخلق الكثير: وقوله أَنشده ابن الأعرابي: كَأِنَّ أَيدِيَهُنَّ بالرَّغَامِ أَيْدي نَبِيط، طَبَقَى اللِّطَامِ فسره فقال: معناه مداركوه حاذقون به، ورواه ثعلب طَبِقي اللطام ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَن معناه لازقي اللطام بالملطوم.
وأَتانا بعد طَبَقٍ من الليل وطَبيقٍ: أَراه يعني بعد حين، وكذلك من النهار؛ وقول ابن أَحمر: وتَوَاهَقَتْ أَخفافها طَبَقاً، والظلُّ لم يُفْضُلْ ولم يُكْرِ قال ابن سيده: أَراه من هذا.
والطِّبْق: حمل شجر بعينه.
والطُّبَّاقُ: نبت أو شجر. قال أَبو حنيفة: الطُّبَّاقُ شجر نحو القامة ينبت متجاوراً لا يكاد يُرَى منه واحدة منفردة، وله ورق طوال دقاق خضر تَتَلَزَّجُ إِذا غُمِزَ، وله نَوْرٌ أَصفر مجتمع؛ قال تأَبط شرّاً: كأَنما حَثْحَثُوا حُصّاًّ قَوَادِمُهُ، أَو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبَّاقِ وروي عن محمد بن الحنفية أَنه وَصَفَ مَنْ يَلي الأَمر بعد السفياني فقال: يكون بين شَثّ وطُبَّاقٍ؛ والشَثُّ والطُّبَّاق: شجرتان معروفتان بناحية الحجار.
والحُمَّى المُطْبِقةُ: هي الدائمة لا تفارق ليلاً ولا نهاراً.
والطَّابَق والطَّابِق: الآجرّ الكبير، وهو فارسي معرب. ابن شميل: يقال تحلَّبوا على ذلك الإِنسان طبَاقَاءَ، بالمد، أَي تجمعوا كلهم عليه.
وفي حديث أَبي عمرو النخعي: يَشْتَجِرُون اشْتِجَار أَطْباق الرأْس أَي عظامه فإِنها مُتَطابقة مُشْتبكة كما تشتبك الأَصابع؛ أَراد التِحَام الحرب والاختلاط في الفتنة.
وجاء فلان مُقْتَعِطاًّ إِذا متعمماً طَابِقِياًّ، وقد نهي عنها.

بطن (لسان العرب) [0]


البَطْنُ من الإنسان وسائِر الحيوان: معروفٌ خلاف الظَّهْر، مذكَّر، وحكى أَبو عبيدة أَن تأْنيثه لغةٌ؛ قال ابن بري: شاهدُ التذكير فيه قولُ ميّةَ بنتِ ضِرار: يَطْوي، إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه، بَطْناً، من الزادِ الخبيثِ، خَميصا وقد ذَكرْنا في ترجمة ظهر في حرف الراء وجهَ الرفع والنصب فيما حكاه سيبويه من قولِ العرب: ضُرِبَ عبدُ الله بَطْنُه وظهرُه، وضُرِبَ زيدٌ البطنُ والظهرُ.
وجمعُ البَطْنِ أَبطُنٌ وبُطُونٌ وبُطْنانٌ؛ التهذيب: وهي ثلاثةُ أَبْطُنٍ إلى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرة لِما فوْقَ العَشْرِ، وتصغيرُ البَطْنِ بُطَيْنٌ.
والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْنِ من الطعام، وهي الأَشَرُ من كَثْرةِ المال أَيضاً. بَطِنَ يَبْطَنُ بَطَناً وبِطْنةً وبَطُنَ وهو بَطينٌ، وذلك . . . أكمل المادة إذا عَظُمَ بطْنُه.
ويقال: ثَقُلَتْ عليه البِطْنةُ، وهي الكِظَّة، وهي أَن يَمْتلِئَ من الطعام امتلاءً شديداً.
ويقال: ليس للبِطْنةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تَتْبَعُها؛ أَراد بالخَمْصَة الجوعَ.
ومن أَمثالهم: البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنةَ؛ ومنه قول الشاعر: يا بَني المُنْذرِ بن عَبْدانَ، والبِطـ ـنةُ ممّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما ويقال: مات فلانٌ بالبَطَنِ. الجوهري: وبُطِنَ الرجلُ، على ما لم يسمَّ فاعله، اشْتَكَى بَطْنَه.
وبَطِن، بالكسر، يَبْطَن بَطَناً: عَظُم بَطْنُه من الشِّبَعِ؛ قال القُلاخ: ولم تَضَعْ أَولادَها من البَطَنْ، ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ والغَدَنُ: الإسْتِرخاءُ والفَتْرة.
وفي الحديث: المَبْطونُ شهيدٌ أَي الذي يموتُ بمَرَض بَطْنه كالاسْتِسْقاء ونحوه؛ ومنه الحديث: أَنَّ امرأَةً ماتت في بَطَن، وقيل: أَراد به ههنا النِّفاسَ، قال: وهو أَظهر لأَن البخاريّ ترْجَم عليه باب الصلاة على النُّفَساء.
وقوله في الحديث: تَغْدُو خِماصاً وتَرُوحُ بِطاناً أَي ممتَلِئةَ البُطونِ.
وفي حديث موسى وشعيبٍ، على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام، وعَوْد غَنَمِه: حُفَّلاً بِطاناً؛ ومنه حديث عليّ، عليه السلام: أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى؛ المِبْطان: الكثيرُ الأَكل والعظيمُ البطنِ.
وفي صفة علي، عليه السلام: البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيمُ البطْنِ.
ورجلٌ بَطِنٌ: لا هَمَّ له إلاَّ بَطْنُه، وقيل: هو الرَّغيب الذي لا تَنْتَهِي نفسُه من الأَكل، وقيل: هو الذي لا يَزَالُ عظيمَ البَطْنِ من كثرةِ الأَكل، وقالوا: كِيسٌ بَطينٌ أَي مَلآنُ، على المَثَل؛ أَنشد ثعلبٌ لبعض اللُّصوص: فأَصْدَرْتُ منها عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ، وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطينِ ورجل مِبْطانٌ: كثيرُ الأَكل لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه، وبَطينٌ: عظيمُ البَطْنِ، ومُبَطَّنٌ: ضامِر البَطْنِ خَميصُه، قال: وهذا على السَّلْب كأَنه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه، والأُنثى مُبَطَّنةٌ، ومَبْطونٌ: يَشْتَكي بَطْنَه؛ قال ذو الرمة: رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّنات، جَواعِل في البُرَى قَصَباً خِدالا ومن أَمثالهم: الذئب يُغْبَط بِذي بَطْنه؛ قال أَبو عبيد: وذلك أَنه لا يُظَنُّ به أَبداً الجوع إنما يُظَنّ به البِطْنةُ لِعَدْوِه على الناس والماشِيَةِ، ولعلَّه يكونُ مَجْهوداً من الجوع؛ وأَنشد: ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُه، ويُغْبَطُ ما في بَطْنه وهْو جائعُ وفي صفة عيسى، على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام: فإذا رجُل مُبَطَّنٌ مثلُ السَّيف؛ المُبَطَّنُ: الضامِرُ البَطْن، ويقال للذي لا يَزالُ ضَخْمَ البطنِ من كثرة الأَكل مِبْطانٌ، فإذا قالوا رَجُلٌ مُبَطَّنٌ فمعناه أَنه خَميص البَطْن؛ قال مُتمّم بن نُوَيرة: فَتىً غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أَرْوعا ومن أَمثال العرب التي تُضْرَب للأَمر إذا اشتدّ: التَقَتْ حَلْقَتا البِطانِ، وأَما قول الراعي يصف إبلاً وحالبها: إذا سُرِّحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلفَها، بمَيْثاءَ، مِبْطان الضُّحى غير أَرْوعا مِبْطانُ الضُّحى: يعني راعياً يُبادِر الصَّبوح فيشرَبُ حتى يَميلَ من اللَّبَن.
والبَطينُ: الذي لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه.
والمَبْطُونُ: العَليل البَطْنِ.
والمِبْطانُ: الذي لا يزالُ ضخْمَ البطنِ.
والبَطَنُ: داءُ البَطْن.
ويقال: بَطَنَه الداءُ وهو يَبْطُنُه، إذا دَخَله، بُطوناً.
ورجل مَبْطونٌ: يَشْتَكي بَطْنَه.
وفي حديث عطاء: بَطَنتْ بك الحُمَّى أَي أَثَّرَت في باطنك. يقال: بَطَنَه الداءُ يبطُنه.
وفي الحديث: رجل ارْتَبَطَ فرَساً لِيَسْتبْطِنَها أَي يَطْلُبَ ما في بطنها من النِّتاج.
وبَطَنَه يبْطُنُه بَطْناً وبَطَنَ له، كِلاهما: ضرَب بَطْنَه.
وضرَب فلانٌ البعيرَ فبَطَنَ له إذا ضرَب له تحت البَطْن؛ قال الشاعر: إذا ضرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْ، تحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ، فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ أَراد فابطُنْه فزاد لاماً، وقيل: بَطَنَه وبَطَن له مثل شَكَره وشَكَرَ له ونصَحَه ونصحَ له، قال ابن بري: وإنما أَسكن النون للإدغام في اللام؛ يقول: إذا ضربت بعيراً مُوقَراً بحِمْله فاضْرِبْه في موضع لا يَضُرُّ به الضربُ، فإنّ ضرْبَه في ذلك الموضع من بطْنه خير له من غيره.
وأَلقَى الرجلُ ذا بَطْنه: كناية عن الرَّجيع.
وأَلْقَت الدَّجاجةُ ذا بَطْنِها: يعني مَزْقَها إذا باضت.
ونثرَت المرأَةُ بَطْنَها ولداً: كَثُر ولدُها.
وأَلقت المرأَةُ ذا بطنِها أَي وَلَدَت.
وفي حديث القاسم بن أَبي بَرَّةَ: أَمَرَ بعشَرَةٍ من الطَّهارة: الخِتانِ والاستِحدادِ وغَسْلِ البَطِنةِ ونَتْفِ الإبْطِ وتقليم الأَظفار وقصِّ الشارب والاستِنْثار؛ قال بعضهم: البَطِنة هي الدبُر، هكذا رواها بَطِنة، بفتح الباء وكسر الطاء؛ قال شمر: والانتِضاحُ (* قوله «والانتضاح» هكذا بدون ذكره في الحديث). الاسْتِنجاءُ بالماء.
والبَطْنُ: دون القبيلة، وقيل: هو دون الفَخِذِ وفوق العِمارة، مُذَكَّر، والجمع أَبْطُنٌ وبُطُونٌ.
وفي حديث علي، عليه السلام: كَتَب على كلِّ بطْنٍ عُقولَه؛ قال: البَطْنُ ما دون القبيلة وفوق الفخِذ، أَي كَتَب عليهم ما تَغْرَمُه العاقلة من الدِّيات فبَيَّن ما على كل قوم منها؛ فأَما قوله: وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ، وأَنتَ بريءٌ من قبَائِلِها العَشْر فإنه أَنّث على معنى القبيلة وأَبانَ ذلك بقوله من قبائلها العشر.
وفرسٌ مُبَطَّنٌ: أَبيضُ البَطْنِ والظهر كالثوب المُبطَّن ولَوْنُ سائرِه ما كان.
والبَطْنُ من كل شيء: جَوْفُه، والجمع كالجمع.
وفي صفة القرآن العزيز: لكل آية منها ظَهْرٌ وبطْن؛ أَراد بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ بيانُه، وبالبَطْن ما احتيج إلى تفسيره كالباطِن خلاف الظاهر، والجمع بَواطِنُ؛ وقوله:وسُفْعاً ضِياهُنَّ الوَقودُ فأَصْبَحَت ظواهِرُها سُوداً، وباطِنُها حُمْرا أَراد: وبواطِنُها حُمْراً فوَضع الواحدَ موضعَ الجمع، ولذلك استَجاز أَن يقول حُمْراً، وقد بَطُنَ يَبْطُنُ.
والباطِنُ: من أَسماء الله عز وجل.
وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّلُ والآخِرُ والظاهر والباطن؛ وتأْويلُه ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في تَمْجيد الربّ: اللهمّ أَنتَ الظاهِر فليس فوقَك شيءٌ، وأَنت الباطِنُ فليس دونَك شيء، وقيل: معناه أَنه علِمَ السرائرَ والخفيَّاتِ كما علم كلَّ ما هو ظاهرُ الخَلْقِ، وقيل: الباطِن هو المُحْتَجِب عن أَبصار الخلائِق وأَوْهامِهم فلا يُدرِكُه بَصَر ولا يُحيطُ به وَهْم، وقيل: هو العالمُ بكلِّ ما بَطَن. يقال: بَطَنْتُ الأَمرَ إذا عَرَفتَ باطنَه.
وقوله تعالى: وذَرُوا ظاهرَ الإثْمِ وباطِنَه؛ فسره ثعلب فقال: ظاهرُه المُخالَّة وباطنُه الزِّنا، وهو مذكور في موضعه.
والباطِنةُ: خلافُ الظاهرة.
والبِطانةُ: خلافُ الظِّهارة.
وبِطانةُ الرجل: خاصَّتُه، وفي الصحاح: بِطانةُ الرجل وَليجتُه.
وأَبْطَنَه: اتَّخَذَه بِطانةً.
وأَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك.
وفي الحديث: ما بَعَثَ الله من نبيّ ولا استَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بِطانتانِ؛ بِطانةُ الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخِلةُ أَمره الذي يُشاوِرُه في أَحواله.
وقوله في حديث الاستسقاء: وجاء أَهلُ البِطانةِ يَضِجُّون؛ البِطانةُ: الخارجُ من المدينة.
والنَّعْمة الباطنةُ: الخاصَّةُ، والظاهرةُ: العامَّةُ.
ويقال: بَطْنُ الراحهِ وظَهْرُ الكَفّ.
ويقال: باطنُ الإبْط، ولا يقال بطْن الإبْط.
وباطِنُ الخُفّ: الذي تَليه الرجْلُ.
وفي حديث النَّخَعي: أَنه كان يُبَطِّنُ لِحْيتَه ويأْخُذُ من جَوانِبها؛ قال شمر: معنى يُبَطِّن لحيتَه أَي يأْخذ الشَّعَر من تحت الحَنَك والذَّقَنِ، والله أَعلم.
وأَفْرَشَني ظَهْر أَمرِه وبَطْنَه أَي سِرَّه وعلانِيَتَه، وبَطَنَ خبرَه يَبْطُنُه، وأَفرَشَني بَطْنَ أَمره وظَهْرَه، ووَقَف على دَخْلَته.
وبَطَن فلانٌ بفلان يَبْطُنُ به بُطوناً وبطانة إذا كان خاصّاً به داخلاًفي أَمره، وقيل: بَطَنَ به دخل في أَمره.
وبَطَنتُ بفلان: صِرْتُ من خواصِّه.
وإنَّ فلاناً لذو بِطانة بفلان أَي ذو علمٍ بداخلةِ أَمره.
ويقال: أَنتَ أَبْطنْتَ فلاناً دوني أَي جَعلْتَه أَخَصَّ بك مني، وهو مُبَطَّنٌ إذا أَدخَله في أَمره وخُصَّ به دون غيره وصار من أَهل دَخْلَتِه.
وفي التنزيل العزيز: يا أَيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا بِطانةً من دونكم؛ قال الزجاج: البِطانة الدُّخَلاء الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ؛ يقال: فلان بِطانةٌ لفلان أَي مُداخِلٌ له مُؤانِس، والمعنى أَن المؤمنين نُهوا أَن يَتَّخِذوا المنافقين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إليهم أَسرارَهم.
ويقال: أَنت أَبْطَنُ بهذا الأَمر أَي أَخبَرُ بباطِنِه.
وتبَطَّنْت الأَمرَ: عَلِمت باطنَه.
وبَطَنْت الوادي: دَخَلْته.
وبَطَنْت هذا الأَمرَ: عَرَفْت باطنَه، ومنه الباطِن في صفة الله عز وجل.
والبطانةُ: السريرةُ.
وباطِنةُ الكُورة: وَسَطُها، وظاهرتُها: ما تنَحَّى منها.
والباطنةُ من البَصْرةِ والكوفة: مُجْتَمَعُ الدُّور والأَسواقِ في قَصَبتها، والضاحيةُ: ما تنَحَّى عن المساكن وكان بارزاً.
وبَطْنُ الأَرض وباطنُها: ما غَمَض منها واطمأَنّ.
والبَطْنُ من الأَرض: الغامضُ الداخلُ، والجمعُ القليل أَبْطِنةٌ، نادرٌ، والكثير بُطْنان؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من الأَرض واحدٌ كالبَطْن.
وأَتى فلانٌ الوادي فتَبَطَّنه أَي دخل بطنَه. ابن شميل: بُطْنانُ الأَرض ما تَوَطَّأَ في بطون الأَرض سَهْلِها وحَزْنها ورياضها، وهي قَرار الماء ومستَنْقَعُه، وهي البواطنُ والبُطون.
ويقال: أَخذ فلانٌ باطناً من الأَرض وهي أَبطأُ جفوفاً من غيرها.
وتبطَّنْتُ الوادي: دخلْت بطْنه وجَوَّلْت فيه.
وبُطْنانُ الجنة: وسَطُها.
وفي الحديث: ينادي مُنادٍ من بُطْنانُ العرش أَي من وسَطه، وقيل: من أَصله، وقيل: البُطْنان جمع بطن، وهو الغامض من الأَرض، يريد من دواخل العرش؛ ومنه كلام علي، عليه السلام، في الاستسقاء: تَرْوَى به القِيعانُ وتسيل به البُطْنان.
والبُطْنُ: مسايلُ الماء في الغَلْظ، واحدها باطنٌ؛ وقول مُلَيْح: مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ من بَطِناتِه نَوىً، مثل أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّق قال: بَطِناتُه مَحاجُّه.
والبَطْنُ: الجانب الطويلُ من الريش، والجمع بُطْنانٌ مثل ظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ.
والبَطْنُ: الشِّقُّ الأَطولُ من الريشة، وجمعها بُطْنان.
والبُطْنانُ أَيضاً من الريش: ما كان بطنُ القُذَّة منه يَلي بطنَ الأُخرى، وقيل: البُطْنانُ ما كان من تحت العَسيب، وظُهْرانُه ما كان فوق العسيب؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من الريش الذي يَلي الأَرضَ إذا وقَع الطائرُ أَو سَفَعَ شيئاً أَو جَثَمَ على بَيْضه أَو فِراخه، والظُّهارُ والظُّهْرانُ ما جُعِلَ من ظَهر عَسيب الريشة.
ويقال: راشَ سهمَه بظُهْرانٍ ولم يَرِشْه ببُطْنانٍ، لأَنَّ ظُهْرانَ الريش أَوفَى وأَتَمُّ، وبُطْنانُ الريش قِصار، وواحدُ البُطْنانِ بَطْنٌ، وواحدُ الظُّهْرانِ ظَهْرٌ، والعَسِيبُ قَضيبُ الريش في وسَطِه.
وأَبْطَن الرجل كَشْحَه سَيفَه ولسيفه: جعله بطانتَه.
وأَبطنَ السيفَ كشْحَه إذا جعله تحت خَصْره.
وبطَّنَ ثوبَه بثوبٍ آخر: جعله تحته.
وبِطانةُ الثوب: خلافُ ظِهارته.
وبطَّنَ فلان ثوبه تبطيناً: جعل له بطانةً، ولِحافٌ مَبْطُونٌ ومُبَطَّن، وهي البِطانة والظِّهارة. قال الله عز وجل: بَطائنُها من إسْتَبْرقٍ.
وقال الفراء في قوله تعالى: مُتَّكِئِين على فُرُشٍ بَطائنُها من إستبرقٍ؛ قال: قد تكونُ البِطانةُ ظِهارةً والظهارةُ بطانةً، وذلك أَن كلَّ واحدٍ منها قد يكونُ وجهاً، قال: وقد تقول العربُ هذا ظهرُ السماء وهذا بطنُ السماء لظاهرها الذي تراه.
وقال غير الفراء: البِطانةُ ما بطَنَ من الثوب وكان من شأْن الناس إخْفاؤه، والظهارة ما ظَهَرَ وكان من شأْن الناس إبداؤه. قال: وإنما يجوز ما قال الفراء في ذي الوجهين المتساويين إذا وَلِيَ كلُّ واحد منهما قوْماً، كحائطٍ يلي أَحد صَفْحَيْه قوماً، والصَّفْحُ الآخرُ قوماً آخرين، فكلُّ وجهٍ من الحائط ظَهْرٌ لمن يليه، وكلُّ واحدٍ من الوجهين ظَهْر وبَطْن، وكذلك وجْها الجبل وما شاكلَه، فأَما الثوبُ فلا يجوز أَن تكونَ بطانتُه ظهارةً ولا ظِهارتُه بِطانةً، ويجوز أَن يُجْعَل ما يَلينا من وجه السماء والكواكِب ظهْراً وبطْناً، وكذلك ما يَلينا من سُقوف البيت. أَبو عبيدة: في باطِن وظِيفَيِ الفرس أَبْطَنانِ، وهما عِرْقان اسْتَبْطَنا الذِّراعَ حتى انغَمَسا في عَصَب الوَظيف. الجوهري: الأَبْطَنُ في ذِراع الفرسِ عِرْق في باطنها، وهما أَبْطَنانِ.
والأبْطَنانِ: عِرْقان مُسْتَبْطِنا بَواطِن وظِيفَي الذراعَينِ حتى يَنْغَمِسا في الكَفَّين.
والبِطانُ: الحزامُ الذي يَلي البَطْنَ.
والبِطانُ: حِزامُ الرَّحْل والقَتَب، وقيل: هو للبعير كالحِزام للدابة، والجمع أَبطِنةٌ وبُطُن.
وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه: شَدَّ بِطانه. قال ابن الأَعرابي وحده: أَبْطَنْتُ البعير ولا يقال بَطَنْتُه، بغير أَلف؛ قال ذو الرمة يصف الظليم: أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإبْطانَ حادجُه، بالأَمسِ، فاستَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ شَبَّه الظَّليمَ بجَمَل أَضْعَفَ حادِجُهُ شَدَّ بِطانِه فاسترْخَى؛ فشبَّه استِرْخاء (* قوله «فشبه استرخاء إلخ» كذا بالأصل والتهذيب أيضاً، ولعلها مقلوبة، والأصل: فشبه استرخاء جناحي الظليم باسترخاء عكميه). عِكْمَيْه باسترخاء جَناحَيِ الظَّليم، وقد أَنكر أَبو الهيثم بَطَنْت، وقال: لا يجوز إلا أَبْطَنت، واحتجَّ ببيت ذي الرمة. قال الأَزهري: وبَطَنْتُ لغةٌ أَيضاً.
والبِطانُ للقَتَب خاصة، وجمعه أَبْطِنة، والحزامُ للسَّرْج. ابن شميل: يقال أَبْطَنَ حِمْلَ البعيرِ وواضَعَه حتى يتَّضِع أَي حتى يَسْترْخي على بَطْنه ويتمكن الحِمْل منه. الجوهري: البِطانُ للقَتَب الحزامُ الذي يجعل تحت بطن البعير. يقال: التَقَتْ حَلْقَتا البطان للأَمر إذا اشتدَّ، وهو بمنزلة التَّصدير للرحْل، يقال منه: أَبْطَنْتُ البعيرَ إِبْطاناً إذا شَدَدْتَ بِطانَه.
وإنه لعريضُ البِطانِ أَي رَخِيُّ البالِ.
وقال أَبو عبيد في باب البخيل، يموتُ ومالُه وافِرٌ لم يُنْفق منه شيئاً: مات فلانٌ بِبِطْنَتِه لم يتَغَضْغَضْ منها شيء، ومثله: مات فلانٌ وهو عريضُ البِطانِ أَي مالُه جَمٌّ لم يَذهَبْ منه شيءٌ؛ قال أَبو عبيد: ويُضْرَب هذا المثلُ في أَمر الدِّين أَي خرَجَ من الدنيا سليماً لم يَثْلِمْ دينَه شيءٌ، قال ذلك عمرو ابنُ العاص في عبد الرحمن بن عَوف لما مات: هنيئاً لك خرَجْتَ من الدنيا بِبِطْنَتِكَ لم يتَغَضْغَضْ منها شيء؛ ضرَبَ البطْنةَ مثلاً في أَمر الدين، وتغضْغَضَ الماءُ: نَقَصَ، قال: وقد يكون ذمَّاً ولم يُرِدْ به هنا إلاْ المَدْحَ.
ورجل بَطِنٌ: كثيرُ المال.
والبَطِنُ: الأَشِرُ.
والبِطْنةُ: الأَشَرُ.
وفي المَثَل: البِطْنةُ تُذْهِبُ الفِطْنةَ، وقد بَطِنَ.
وشأْوٌ بَطِينٌ: واسعٌ.
والبَطين: البعيد، يقال: شأْوٌ بطين أَي بعيد؛ وأَنشد: وبَصْبَصْنَ، بين أَداني الغَضَا وبين عُنَيْزةَ، شأْواً بَطِيناً قال: وفي حديث سليمان بن صُرَد: الشَّوْطُ بَطِينٌ أَي بعيد.
وتبطَّن الرجلُ جاريتَه إذا باشَرها ولمَسَها، وقيل: تبطَّنها إذا أَوْلَج ذكرَه فيها؛ قال امرؤُ القيس: كأَنِّي لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ، ولم أَتَبطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِ وقال شمر: تبطَّنها إذا باشَرَ بطنُه بطنَها في قوله: إذا أَخُو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها ويقال: اسْتَبْطَن الفحلُ الشَّوْلَ إذا ضربَها فلُقحَت كلُّها كأَنه أَوْدع نطفتَه بطونها؛ ومنه قول الكميت: فلما رأَى الجَوْزاءَ أَولُ صابِحٍ، وصَرَّتَها في الفجر كالكاعِب الفُضُلْ، وخَبَّ السَّفا، واسْتبطن الفحلُ، والتقتْ بأَمْعَزِها بُقْعُ الجَنادِبِ تَرْتَكِلْ صرَّتُها: جماعة كواكبها، والجَنادِب ترتَكِل من شدة الرَّمْضاء.
وقال عمرو بن بَحْر: ليس من حَيَوانٍ يتبطَّنُ طَروقتَه غيرُ الإنسان والتمساح، قال: والبهائم تأْتي إناثها من ورائها، والطيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ بالدبر، قال أَبو منصور: وقول ذي الرمة تبطَّنَها أَي علا بطْنَها ليُجامِعَها.
واسْتبطنْتُ الشيءَ وتبَطَّنْتُ الكلأَ: جَوَّلتُ فيه.
وابْتَطنْتُ الناقةَ عشرةَ أَبطن أَي نَتجْتُها عشرَ مرات.
ورجل بَطِين الكُرْز إذا كان يَخبَأُ زادَه في السفر ويأْكل زادَ صاحبه؛ وقال رؤبة يذم رجلاً: أَو كُرَّزٌ يمشي بَطينَ الكُرْزِ والبُطَيْن: نجم من نجوم السماء من منازل القمر بين الشرَطَيْن والثُّرَيَّا، جاء مصغَّراً عن العرب، وهو ثلاثةُ كواكبَ صغار مستوية التثليث كأَنها أَثافي، وهو بطن الحمَل، وصُغِّر لأَن الحمَل نجومٌ كثيرة على صورة الحَمَل، والشرَطان قَرْناه، والبُطَيْن بَطنُه، والثريا أَليتُه، والعرب تزعُم أَن البُطَين لا نَوْء له إلا الريحُ.
والبَطينُ: فرس معروف من خيل العرب، وكذلك البِطان، وهو ابن البَطين (* قوله «وهو ابن البطين» عبارة القاموس: وهو أبو البطين).
والبَطين: رجل من الخَوارج.
والبُطَين الحِمْضيّ: من شُعَرائهم.

عمي (لسان العرب) [0]


العَمَى: ذهابُ البَصَر كُلِّه، وفي الأزهري: من العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما، عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى، واعمايَ يَعْمايُ (*وقد تشدد الياء كما في القاموس.) اعْمِياءَ، وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه على لفْظٍ صحيح وكان في الأصل ادْهامَمَ فأَدْغَمُوا لاجْتماع المِيمَين، فَلما بَنَوا اعْمايَا على أَصل ادهامَمَ اعتمدت الياءُ الأَخيرة على فَتْحَةِ الياء الأُولى فصارت أَلِفاً، فلما اختلفا لم يكن للإدْغامِ فيها مَساغٌ كمساغِه في المِيمين، ولذلك لم يَقولوا: اعمايَّ فلان غير مستعمل.
وتَعَمَّى: في مَعْنى عَمِيَ؛ وأَنشد الأخْفَش: صَرَفْتَ، ولم نَصْرِف أَواناً، وبادَرَتْ نُهاكَ دُموعُ العَيْنِ حَتَّى تَعَمَّت وهو أَعْمَى وعَمٍ، والأُنثى عَمْياء وعَمِية، وأَما عَمْية فَعَلى حدِّ فَخْذٍ في . . . أكمل المادة فَخِذٍ، خَفَّفُوا مِيم عَمِيَة؛ قال ابن سيده: حكاه سيبويه. قال الليث: رجلٌ أَعْمَى وامْرَأَةٌ عَمْياء، ولا يقع هذا النَّعْتُ على العينِ الواحِدَة لأن المعنى يَقَعُ عليهما جميعاً، يقال: عَمِيتْ عَيْناهُ، وامرأتانِ عَمْياوانِ، ونساءٌ عَمْياواتٌ، وقومٌ عُمْيٌ.
وتَعامى الرجلُ أَي أَرَى من نفسه ذلك.
وامْرَأَةٌ عَمِيةٌ عن الصواب، وعَمِيَةُ القَلْبِ، على فَعِلة، وقومٌ عَمُون.
وفيهم عَمِيَّتُهم أَي جَهْلُهُم، والنِّسْبَة إلى أَعْمَى أَعْمَويٌّ وإلى عَمٍ عَمَوِيٌّ.
وقال الله عز وجل: ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً؛ قال الفراء: عَدَّدَ الله نِعَم الدُّنْيا على المُخاطَبين ثم قال من كان في هذه أَعْمَى، يَعْني في نِعَم الدُّنْيا التي اقْتَصَصْناها علَيكم فهو في نِعَمِ الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً، قال: والعرب إذا قالوا هو أَفْعَلُ مِنْك قالوه في كلِّ فاعل وفعِيلٍ، وما لا يُزادُ في فِعْلِه شيءٌ على ثَلاثة أَحْرُفٍ، فإذا كان على فَعْلَلْت مثل زَخْرَفْت أَو على افْعَلَلت مثل احْمَرَرْت، لم يقولوا هو أَفْعَلُ منكَ حتى يقولوا هو أَشدُّ حُمْرَةً منك وأَحسن زَخْرفةً منك، قال: وإنما جازَ في العَمَى لأنه لم يُرَدْ به عَمَى العَيْنَينِ إنما أُرِيد، والله أَعلم، عَمَى القَلْب، فيقال فلانٌ أَعْمَى من فلان في القَلْبِ، ولا يقال هو أَعْمَى منه في العَيْن، وذلك أَنه لمَّا جاء على مذهب أَحَمَر وحَمْراءَ تُرِك فيه أَفْعَلُ منه كما تُرِكَ في كَثيرٍ، قال: وقد تَلْقى بعض النحويين يقولُ أُجِيزُه في الأَعْمَى والأَعْشَى والأَعْرَج والأَزْرَق، لأَنَّا قد نَقُول عَمِيَ وزَرِقَ وعَشِيَ وعَرِجَ ولا نقول حَمِرَ ولا بَيضَ ولا صَفِرَ، قال الفراء: ليس بشيء، إنما يُنْظر في هذا إلى ما كان لصاحبِهِ فِعْلٌ يقلُّ أَو يكثُر، فيكون أَفْعَلُ دليلاً على قِلَّةِ الشيء وكَثْرَتِه، أَلا تَرَى أَنك تقولُ فلان أَقْوَمُ من فلانٍ وأََجْمَل، لأَنَّ قيام ذا يزيدُ على قيام ذا، وجَمالَهُ يزيدُ على جَمالِه، ولا تقول للأَعْمَيَيْن هذا أَعْمَى من ذا، ولا لِمَيِّتَيْن هذا أَمْوتُ من ذا، فإن جاء شيءٌ منه في شعر فهو شاذٌّ كقوله: أَمَّا المُلوك، فأَنت اليومَ أَلأَمُهُمْ لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ وقولهم: ما أَعْماهُ إنما يُراد به ما أَعْمَى قَلْبَه لأَنَّ ذلك ينسبُ إليه الكثيرُ الضلالِ، ولا يقال في عَمَى العيونِ ما أَعْماه لأَنَّ ما لا يَتزَيَّد لا يُتَعَجَّب منه.
وقال الفراء في قوله تعالى: وهُوَ عَلَيْهِم عَمًى أُولئك يُنادَوْنَ من مكانٍ بَعيدٍ؛ قرأَها ابنُ عباس، رضي الله عنه: عَمٍ.
وقال أَبو معاذ النحويّ: من قرأَ وهُو علَيهم عَمًى فهو مصدرٌ. يقا: هذا الأمرُ عَمًى، وهذه الأُمورُ عَمًى لأَنه مصدر، كقولك: هذه الأُمور شُبْهَةٌ ورِيبةٌ، قال: ومن قرأَ عَمٍ فهو نَعْتٌ، تقول أَمرٌ عَمٍ وأُمورٌ عَمِيَةٌ.
ورجل عَمٍ في أَمرِه: لا يُبْصِره، ورجل أَعْمَى في البصر؛ وقال الكُمَيت: أَلا هَلْ عَمٍ في رَأْيِه مُتَأَمِّلُ ومثله قول زهير: ولكِنَّني عَنْ عِلْمِ ما في غَدٍ عَمٍ والعامِي: الذي لا يُبْصرُ طَريقَه ؛ وأَنشد: لا تَأْتِيَنِّي تَبْتَغِي لِينَ جانِبي بِرَأْسِك نَحْوي عامِيًا مُتَعاشِيَا قال ابن سيده: وأَعْماه وعَمَّاهُ صَيَّره أَعْمَى؛ قال ساعدة بنُ جُؤيَّة: وعَمَّى علَيهِ المَوْتُ يأْتي طَريقَهُ سِنانٌ، كعَسْراء العُقابِ ومِنْهَب (* قوله « وعمى الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً كما في الاصول هنا، وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا، وقوله ويروى: وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا، وتقدم لنا في مادة عسر أيضاً: ويروى يأبى طريقه يعني عيينة، والصواب ما هنا.) يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت، ويروى، وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه يعني عَيْنَيْه.
ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ.
ورجل عَمِي القَلْب أَي جاهلٌ.
والعَمَى: ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ، والفِعْلُ كالفِعْلِ، والصِّفةُ كالصّفةِ، إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ، وإنما هو على المَثَل، وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ.
وقوله تعالى: وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال الزجاج: هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين، والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق، وهو الكافِر، والبَصِير، وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ، ولا الظُّلماتُ ولا النورُ، الظُّلماتُ الضلالات، والنورُ الهُدَى، ولا الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ؛ وقول الشاعر: وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ ، وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ، وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي.
وتَعامَى: أَظْهَر العَمَى، يكون في العَين والقَلب.
وقوله تعالى: ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى؛ قيلٍ: هو مثْلُ قوله: ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا؛ وقيل: أَعْمَى عن حُجَّته، وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل، وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد.
وروي عن مجاهد في قوله تعالى: قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً، قال: أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها.
وقال نَفْطَوَيْه: يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه.
ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ، قال: وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ. قال تعالى: فإنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ.
وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، هو على المَثَل، جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى، لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته.
والأعْمِيانِ: السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ، وقيل: السَّيْلُ والحَرِيقُ؛ كِلاهُما عن يَعقوب. قال الأَزهري: والأَعْمَى الليلُ، والأَعْمَى السَّيْلُ، وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ.
وفي الحديث: نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن؛ هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه، أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك، فهو يَمشِي حيث أَدَّته رجْلُه؛ وأَنشد ابن بري: ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ، ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ، وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن، وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ أُخِلَّ: من الخَلَّة، وهي الحاجة.
والأَعْمَيانِ: السَّيْل والنارُ.
والأَثْرَمان: الدهْرُ والموتُ.
والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة، كلُّه: الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل.
والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ: الكِبرُ من ذلك.
وفي حديث أُم مَعْبَدٍ: تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ؛ العَمايةُ: الضَّلالُ، وهي فَعالَة من العَمَى.
وحكى اللحياني: تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة ، وهو من العَمَى.
وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه.
وفي الحديث: مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ، قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً؛ هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ، وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن.
وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال: الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ ما وجْهُه. قال أَبو إسحق: إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل بعضهم بعضاً، يقول: مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً. قال أَبو زيد : العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار.
وقال أَبو العلاء: العَصَبة بنُو العَمِّ، والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة، وقيل: العِمِّيَّة الفِتْنة، وقيل: الضَّلالة؛ وقال الراعي: كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ؛ ومنه حديث الزُّبَير: لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ.
وفي الحديث: من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ، وفي رواية: في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ؛ العِمِّيَّا، بالكسر والتشديد والقصر، فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من التَّخَصُّصِ، وهي مصادر، والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا يَبِينُ قاتِلُه، فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية.
وفي الحديث الآخر: يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة، والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى، يُريدُ بها الضلالة والجَهالة.
والعماية: الجهالة بالشيء؛ ومنه قوله: تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ: جَهالَتها.
والأعماءُ: المَجاهِلُ، يجوز أن يكون واحدُها عَمىٌ.
وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة؛ قال رؤبة: وبَلَدٍ عَامِيةٍ أَعْماؤهُ، كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ يريد: ورُبَّ بَلَد.
وقوله: عامية أَعْماؤُه، أَراد مُتَناهِية في العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ، فكأَنه قال أَعْماؤُه عامِيَةٌ، فقدَّم وأَخَّر، وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا تابعاً لِما قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ، لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم وأَخَّر. قال الأَزهري: عامِيَة دارِسة، وأَعْماؤُه مَجاهِلُه. بَلَدٌ مَجْهَلٌ وعَمًى: لا يُهْتدى فيه.
والمَعامِي: الأَرَضُون المجهولة، والواحدة مَعْمِيَةٌ، قال: ولم أَسْمَعْ لها بواحدةٍ.
والمعامِي من الأَرَضين: الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ عِمارَةٍ، وهي الأَعْماءُ أَيضاً.
وفي الحديث: إنَّ لنا المَعامِيَ؛ يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ، واحدُها مَعْمًى، وهو موضِع العَمَى كالمَجْهَلِ.
وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ ومكانٌ أَعْمَى: لا يُهْتَدَى فيه؛ قال: وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي: وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه، من الأَجْنِ، أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه، مَرَارِيُّ مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِب قال ابن الأَعرابي: عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً وعَمٍ مَسْلَكاً، يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر، وأَما الذي في حديث سلمان: سُئِلَ ما يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا؟ فقال: من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ طريقاً أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق، وإنما رَخّص سَلْمانُ في ذلك لأَنَّ أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم، فأَما إذا لم يُشْرَط فلا يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة، وقوله: من ذِمَّتِنا أَي من أَهلِ ذِمَّتِنا.
ويقال: لقيته في عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه.
وفي حديث أَبي ذرّ: أَنه كان يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ.
ولقِيتُه صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً، وذلك أَن الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ الشمسِ ولَمعانِها، فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه، وقيل: هو أَشدُّ الهاجرة حرّاً، وقيل: حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه، ولا يقال في البرْد، وقيل: حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة، وقيل: نصف النهار في شدَّة الحرّ، وقيل: عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه، وقيل: عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ كان يُفتي في الحجِّ، فأَقبل مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال عُمَيٌّ: من جاءتْ عليه هذه الساعةُ من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه، فهو حرامٌ إلى قابِلٍ، فوثَبَ الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ، وبَينهم وبَينَه من ذلك الموضِع ليلتانِ جوادان، فضُرِبَ مَثلاً.
وقال الأزهري: هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ أَعْمى؛ قال: وأَنشد ابن الأعرابي: صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً عُمَيٌّ، ولم يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها وفي الحديث: نَهى رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم،عن الصلاة نصفَ النهار إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ؛ قال: وعُمَيٍّ تصغير أَعْمى على التَّرْخيم، ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ، والإنسان إذا خَرَج نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين الشمس، فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى، ويقال: هو اسم رجلٍ من العَمالِقةِ أَغارَ على قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه؛ وقولُ الشاعر: يَحْسَبُه الجاهِلُ، ما كان عَمَى، شَيْخاً، على كُرْسِيِّهِ، مُعَمَّمَا أَي إِذا نظَرَ إِليه من بعيد، فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد، يصف وَطْبَ اللَّبن، يقول إِذا رآه الجاهلُ من بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً لبياضه.
والعَماءُ، ممدودٌ: السحابُ المُرْتَفِعُ، وقيل: الكثِيفُ؛ قال أَبو زيد: هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال؛ قال ابن بري: شاهِدُه قولُ حميدِ بن ثورٍ: فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ، رأَيتَه كالطَّوْدِ أَفْرَدَه العَماءُ المُمْطِرُ وقال الفرزدق: ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ، وكِيعَة، غَدَوْتُ بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه، كنَجْمِ الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها ويروى: إِذْ بَدَتْ من عَمائها وقال ابن سيده: العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ، وقيل: هو الرقِيقُ، وقيل: هو الأَسودُ، وقال أَبو عبيد: هو الأَبيض، وقيل: هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ الجِفَالِ، واحدتُه عماءةٌ.
وفي حديث أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه قال للنبي،صلى الله عليه وسلم: أَين كان ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ؟ قال: في عَماءٍ تَحْتَه هَواءٌ وفَوْقَه هَواءٌ؛ قال أَبو عبيد: العَماء في كلام العرب السحاب؛ قاله الأَصمعي وغيرُه، وهو ممدودٌ؛ وقال الحرث بن حِلِّزَة: وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا أَعْـ ـصم صمٍّ، يَنْجابُ عنه العَماءُ يقول: هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ يَنْجابُ عنه أَي ينكشف؛ قال أَبو عبيد: وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام العرب المَعْقُول عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ، قال: وأَما العَمَى في البَصَر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء. قال الأَزهري: وقد بلَغَني عن أَبي الهيثم، ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ، أَنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه كان في عمًى، مقصورٌ، قال: وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو عَمًى، قال: والمعنى أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ؛ قال الأَزهري: والقولُ عندي ما قاله أَبو عبيد أَنه العَماءُ، ممدودٌ، وهو السحابُ، ولا يُدْرى كيف ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه ولا نَعْتٍ يحدُّه، ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى: هل يَنْظُرون إِلا أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة، والغَمام: معروفٌ في كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه، فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه، وكذلك سائرُ صِفاتِ الله عز وجل؛ وقال ابن الأَثير: معنى قوله في عَمًى مقصورٌ ليسَ مَعَه شيءٌ، قال: ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف في قوله تعالى: هل ينظرون إِلا أَن يأْتيهم الله، ونحوه، فيكون التقدير أَين كان عرش ربّنا، ويدلّ عليه قوله تعالى: وكانَ عرْشُه على الماء.
والعَمايَةُ والعَماءَة: السحابَةُ الكثِيفة المُطْبِقَةُ، قال: وقال بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجَفْل (* قوله: «هو الذي . إلخ.» اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة.) والعربُ تقولُ: أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء تحتَ ظِلِّ عَماء. قال: ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ، قال: وبعضٌ ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ اسْماً جامعاً.
وفي حديث الصَّوْم: فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ؛ هكذا جاء في رواية، قيل: هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ عن رُؤيَتِه.
وعَمَى الشيءُ عَمْياً: سالَ.
وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ، وهَمى يَهْمِي مثله؛ قال الأَزهري: وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن ابن الأَعرابي: وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ، بها مِنْ ثَنَايا المَنْهَلَيْنِ، طَريقُ قال: عَمَى يَعْمي إِذا سالَ، يقول: سالَ عليها الآلُ.
ويقال: عمَيْتُ إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه لا تُريدُ غيره، غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة، عَمَى يَعْمِي.
وعَمَى الموجُ، بالفتح، يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى والزَّبَدِ ودَفَعَه.
وقال الليث: العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها؛ وأَنشد: رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً: هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان، وقيل: رَمى به على هامَته.
وقال المؤرج: رجلٌ عامٍ رامٍ.
وعَماني بكذا وكذا: رماني من التُّهَمَة، قال: وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ واعْتَمى، ثلاثُ لغاتٍ، واعْتَمى الشيءَ: اخْتاره، والاسم العِمْيَة. قال أَبو سعيد: اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته، وقال غيره: اعْتَمَيته اختَرْته، وهو قَلب الاعْتِيامِ، وكذلك اعتَمْته، والعرب تقول: عَمَا واللهِ، وأَمَا واللهِ، وهَمَا والله، يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى، ومنهم من يقول: غَمَا والله، بالغين المعجمة.
والعَمْو: الضلالُ، والجمع أَعْماءٌ.
وعَمِيَ عليه الأَمْرُ: الْتَبَس؛ ومنه قوله تعالى: فعَمِيَتْ عليهمُ الأَنباء يومئذٍ.
والتَّعْمِيَةُ: أَنْ تُعَمِّيَ على الإِنْسانِ شيئاً فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً.
وفي حديث الهجرة: لأُعَمِّيَنَّ على مَنْ وَرائي، من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ، حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ.
وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية، ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر، وقُرئَ: فعُمِّيَتْ عليهم، بالتشديد. أَبو زيد: تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا أَشْرَفُوا على الموت. قال الأَزهري: وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول الفرزدق:غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ والمُعَمَّى، وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقاتِ قال: فَخَر الفرزدق في هذا البيت على جرير، لأَن العرب كانت إِذا كان لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها، فإِذا تمت أَلفان عَمَّاه وأَعْماه، فافتخر عليه بكثرة ماله، قال: والخافقات الرايات. ابن الأَعرابي: عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ.
ومنه حديث ابنِ عُمر: مَثَلُ المُنافق مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ، تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى هذه؛ يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه، قال: والأَعرف تَعْنُو، التفسير للهَرَويِّ في الغريبَين؛ قال: ومنه قوله تعالى: مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك.
والعَمَا: الطُّولُ. يقال: ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه.
وقال أَبو العباس: سأَلتُ ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه، وقال: الأَعْماءُ الطِّوال منَ الناسِ.
وعَمايَةُ: جَبَلٌ من جبال هُذَيْلٍ.
وعَمايَتانِ:جَبَلان معروفان.

كفأ (لسان العرب) [0]


كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه.
وقول حَسَّانَ بن ثابت: وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ أَي جبريلُ، عليه السلام، ليس له نَظِير ولا مَثيل.
وفي الحديث: فَنَظَر اليهم فقال: مَن يُكافِئُ هؤُلاء.
وفي حديث الأَحنف: لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له، يعني الشيطانَ.
ويروى: لا أُقاوِلُ.والكَفِيءُ: النَّظِيرُ، وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ، على فُعْلٍ وفُعُولٍ.
والمصدر الكَفَاءةُ، بالفتح والمدّ.
وتقول: لا كِفَاء له، بالكسر، وهو في الأَصل مصدر، أَي لا نظير له.
والكُفْءُ: النظير والمُساوِي.
ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح، وهو أَن يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك.
وتَكافَأَ الشَّيْئانِ: . . . أكمل المادة تَماثَلا.
وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً: ماثَلَه.
ومن كلامهم: الحمدُ للّه كِفاءَ الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له.
والاسم: الكَفاءة والكَفَاءُ. قال: فَأَنْكَحَها، لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً، * زِيادٌ، أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه، بالفتح عن كراع، أَي مثله، يكون هذا في كل شيء. قال أَبو زيد: سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن: لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً أَحَدٌ، فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء.
وقال الزجاج: في قوله تعالى: ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ؛ أَربعةُ أَوجه القراءة، منها ثلاثة: كُفُؤاً، بضم الكاف والفاء، وكُفْأً، بضم الكاف وإِسكان الفاء، وكِفْأً، بكسر الكاف وسكون الفاء، وقد قُرئ بها، وكِفاءً، بكسر الكاف والمدّ، ولم يُقْرَأْ بها.
ومعناه: لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه، تعالى ذِكْرُه.
ويقال: فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان.
وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً، مثقلاً مهموزاً.
وقرأَ حمزة كُفْأً، بسكون الفاء مهموزاً، وإِذا وقف قرأَ كُفَا، بغير همز.
واختلف عن نافع فروي عنه: كُفُؤاً، مثل أَبي عَمْرو، وروي: كُفْأً، مثل حمزة.
والتَّكافُؤُ: الاسْتِواء. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: الـمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم. قال أَبو عبيد: يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ، فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك.
وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً، والجمع من كل ذلك: أَكْفَاء. قال ابن سيده: ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ.
وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك، أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ، المفتوحِ الأَول أَيضاً.
وشاتان مُكافَأَتانِ: مُشْتَبِهتانِ، عن ابن الأَعرابي.
وفي حديث العَقِيقةِ عن الغلام: شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ، وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً، كما يُجْزِئُ في الضَّحايا.
وقيل: مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ.
واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ، قال: واللفظة مُكافِئَتانِ، بكسر الفاء، يقال: كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه. قال: والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ، بالفتح. قال: وأَرى الفتح أَولى لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما. قال: وأَما بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان، فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا، وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى.
وقال الزمخشري: لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ، لأَن كل واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ، فهي مُكافِئة ومُكافَأَة، أَو يكون معناه: مُعَادَلَتانِ، لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من الأَسنان. قال: ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان، من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق؛ كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد.
وقيل: تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى، وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً، حتى يكون مثله، فهو مُكافِئٌ له.
والمكافَأَةُ بين الناس من هذا. يقال: كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي.
ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة، تقول: إِنه مثلها في حَسَبها.
وأَما قوله، صلى اللّه عليه وسلم: لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها. فإِن معنى قوله لِتَكْتَفِئَ: تَفتَعِلُ، من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها؛ والصَّحْفةُ: القَصْعةُ.
وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها.
ويقال: كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا. قال الكميت: نَحْر الـمُكافِئِ، والـمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ والـمَكْثُورُ: الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم. يهْتَبلُ: يَحْتالُ للخلاص.
ويقال: بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها. قال أَبو ذرّ، رضي اللّه عنه، في حديثه: ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ، من الـمُكافَأَة: الـمُقاوَمة، وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب.
وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ، وهو مَكْفُوءٌ، واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه: قَلَبَه. قال بشر بن أَبي خازم: وكأَنَّ ظُعْنَهُم، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في مِشْيَتِها: تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ، كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ. الكسائي: كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه، وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمَاله، لُغَيّة، وأَباها الأَصمعي.
ومُكْفِئُ الظُّعْنِ: آخِرُ أَيام العَجُوزِ.
والكَفَأُ: أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه؛ جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ. ابن شميل: سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير، وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ، وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير، لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه.
وكَفَأْتُ الإِناءَ: كَبَبْته.
وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمالَه، ولهذا قيل: أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها. غيره: وأَكْفَأَ القَوْسَ : أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها(1) (1 قوله «حين يرمي عليها» هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها.). قال ذو الرمة: قَطَعْتُ بها أَرْضاً، تَرَى وَجْهَ رَكْبِها، * إِذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً، غيرَ ساجِعِ أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ.
والساجِعُ: القاصِدُ الـمُسْتَوِي الـمُسْتَقِيمُ.
والـمُكْفَأُ: الجائر، يعني جائراً غير قاصِدٍ؛ ومنه السَّجْعُ في القول.
وفي حديث الهِرّة: أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة.
وفي حديث الفَرَعَة: خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه، وتُكْفِئُ إِناءَك، وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه.
وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها.
وفي حديث الصراط: آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ، أَي يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ.
وفي حديث دُعاء الطّعام: غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه رَبَّنا، أَي غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع إِلى الطعام.
وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ، من الكفاية، فيكون من المعتلِّ. يعني: أنَّ اللّه تعالى هو الـمُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ، فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل.
وقوله: ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده.
وأَما قوله: رَبَّنا، فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء، وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ، ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال: حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد.
وفي حديث الضحية: ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما، أَي مالَ ورجع.
وفي الحديث: فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه.
وفي حديث القيامة: وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر.
وفي رواية: يَتَكَفَّؤُها، يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها الـمُسافِر ويَضَعُها في الـمَلَّة، فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة، وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ.
وفي حديث صفة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً. التَّكَفِّي: التَّمايُلُ إِلى قُدَّام كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها. قال ابن الأَثير: روي مهموزاً وغير مهموز. قال: والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً، وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً، والهمزة حرف صحيح، فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر.
وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه، وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ.
وكذلك قوله: إِذا مَشَى تَقَلَّع، وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره.
وقال ثعلب في تفسير قوله: كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ: أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن، فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة، وأَنشد: الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ، * يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه، ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً.
وأَكْفَأَ في سَيره: جارَ عن القَصْدِ.
وأَكْفَأَ في الشعر: خالَف بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه، وقيل: هي الـمُخالَفةُ بين هِجاءِ قَوافِيهِ، إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ.
وقال بعضهم: الإِكْفَاءُ في الشعر هو الـمُعاقَبَةُ بين الراء واللام، والنون والميم. قال الأَخفش: زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ، وسمعته من غيره من أَهل العلم. قال: وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ، فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً، إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف، فأَنشدته: كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ، منها، حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ، كأَنَّ صِيرانَ الـمَها الـمُنَقِّزِ فقال: هذا هو الإِكْفَاءُ. قال: وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة، فعابَه، ولا أَعلمه إِلاَّ قال له: قد أَكْفَأْتَ.
وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ: أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ، وهو مثل الإِقْواءِ. قال ابن جني: إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره، وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه، لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً، لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ. قال الأَخفش: إِلا أَنِّي رأَيتهم، إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف، أَو كانت من مَخْرَج واحد، ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها، لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم، يعني عامَّةَ العرب.
وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله: الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها طاءً، فقال: صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف الـمُتقارِبة في المخرج، وأَما الطاء فليست من مخرج الميم.
والـمُكْفَأُ في كلام العرب هو الـمَقْلُوب، وإِلى هذا يذهبون. قال الشاعر: ولَمَّا أَصابَتْنِي، مِنَ الدَّهْرِ، نَزْلةٌ، * شُغِلْتُ، وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها إِذا الفارِغَ الـمَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه، * أَبَرَّ، وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم. قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها، وقُتِلَ، وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام: وما لَيْثُ غَرِيفٍ، ذُو * أَظافِيرَ، وإِقْدامْ كَحِبِّي، إِذْ تَلاَقَوْا، و * وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا * ءَ، مِنْها مُزْبِدٌ آنْ وبالكَفِّ حُسامٌ صا * رِمٌ، أَبْيَضُ، خَدّامْ وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ، * فما تُخْنِي بِصُحْبانْ قال: جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما، وهو كثير. قال: وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي. قال الأَخفش: وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ الـمُخالَفةُ.
وقال في قوله: مُكْفَأً غير ساجِعِ: الـمُكْفَأُ ههنا: الذي ليس بِمُوافِقٍ.
وفي حديث النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه: هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً. قال: وهو كالإِقْواء، وقيل: هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فلا يلزم حرفاً واحداً.
وكَفَأَ القومُ: انْصَرَفُوا عن الشيءِ.
وكَفَأَهُم عنه كَفْأً: صَرَفَهم.
وقيل: كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره، فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا.
ويقال: كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا، إِذا انهزموا.
وانْكَفَأَ القومُ: انْهَزَمُوا. كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ. .
وكَفَأَ الإِبلَ: طَرَدَها.
واكْتَفَأَها: أَغارَ عليها، فذهب بها.
وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ: أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم، فاكْتَفَأَها.
والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل: حَمْل سَنَتِها، وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ. قال: غُلْبٌ، مَجالِيحُ، عنْدَ الـمَحْلِ كُفْأَتُها، * أَشْطانُها، في عِذابِ البَحْرِ، تَسْتَبِقُ (1) (1 قوله «عذاب» هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين.) أَراد به النخيلَ، وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها؛ والبحرُ ههنا: الماءُ الكَثِير، لأَن النخيل لا تشرب في البحر. أَبو زيد يقال: اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً، فجعل للنخل كَفْأَةً، وهو ثَمَرُ سَنَتِها، شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل.
واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً، فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه.
والاسم: الكَفْأَة والكُفْأَة، تضم وتفتح. تقول: أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك. غيره: كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها: نِتاجُ عامٍ.
ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ.
وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين، وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً، ويَدَعُ نصفاً، كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة، فإِذا كان العام الـمُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ، لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ، عند العرب في نِتاجِ الإِبل، أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل.
وفي الصحاح: لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً، وتُتْرَكَ عاماً، كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة، وأَنشد قول ذي الرمة: تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ، ولَم يَجِدْ * لَها ثِيلَ سَقْبٍ، في النِّتاجَيْنِ، لامِسُ وفي الصحاح: كِلا كَفْأَتَيْها، يعني: أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً، وهو محمود عندهم.
وقال كعب بن زهير: إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً، عامَ كُفْأَةٍ، * بَغاها خَناسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا الخَناسِيرُ: الهَلاكُ.
وقيل: الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ: نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ.
وقيل: بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ. يقال من ذلك: نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً، وأَكْفَأْتُ في الشاءِ: مِثلُه في الإِبل.
وأَكْفَأَتِ الإِبل: كَثُر نِتاجُها.
وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً: جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها.
وقال بعضهم: مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها: وَهَب له أَلبانَها وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ.
ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ ناقتِي وكُفْأَتها، تضم وتفتح، إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة.
واسْتَكْفَأَه، فأَكْفَأَه: سَأَلَه أَن يجعل له ذلك. أَبو زيد: اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً.
وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ: أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع، فأَتَى أُمَّه، فاسْتَأْمَرها، فقالت: إِنك اشتريته بثلثمائة شاة: أُمُّها مائةٌ، وأَولادُها مائة شاة، وكُفْأَتُها مائة شاة، فَنَدِمَ، فاسْتَقالَ صاحِبَه، فأَبَى أنْ يُقِيلَه، فَقَبَضَ الـمَعْدِنَ، فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ، فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ، كَرُّم اللّه وجهه، فقال: إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً؛ فسأَله عليّ، كرّم اللّه وجهه، فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع. فقال عليّ: ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ، فأَخذَ الخُمُس من الغنم؛ أَراد بالـمُتْبِع: التي يَتْبَعُها أَولادُها.
وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به، يَأْثُوا أَثْواً.
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل: وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ، وأَنشد شمر: قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن، * قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن، * أَنْتِجُ عاماً ذِي، وهذِي يُعْفَيْن وأَنْتِجُ الـمُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن، * مِنْ عامِنا الجَائي، وتِيكَ يَبْقَيْن قال أَبو منصور: لمْ يزد شمر على هذا التفسير.
والمعنى: أَنَّ أُمَّ الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً.
ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين، لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها وقت ضِرابِها أَجْمَعَ، وتَحْمِلُ أَجْمَع، وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سَنةً، وسنةً لا يُحْمَلُ عليها.
وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ ما اشْتَرى به ابنُها، وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ، فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى الـمَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ، فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه، فأَبَى، وبارَكَ اللّهُ له في الـمَعْدِن، فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح، وسَعَى به إِلى عَليٍّ، رضي اللّه عنه، ليأْخذ منه الخمس، فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ، وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في سِعايَته بصاحِبِه إليه.
والكِفاءُ، بالكسر والمَدّ: سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه.
وقيل: الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ.
وقيل: هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ.
وقيل: هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ.
وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً، وهو مُكْفَأٌ، إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً.
وكِفَاءُ البيتِ: مؤَخَّرُه.
وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت، هو من ذلك، والجمعُ أَكْفِئةٌ، كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ.
ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ: مُتَغَيِّرُه ساهِمُه.
ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً.
ويقال: رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ(1) (1 قوله «متكفّئ اللون ومنكفت اللون» الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب.) أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله.
ويقال: أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه، كأَنه كُفِئَ، فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ. قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة: وأَسْمَرَ، من قِداحِ النَّبْعِ، فَرْعٍ، * كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ.
وفي حديث الأَنصاريِّ: ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قال: من الجُوعِ.
وقوله في الحديث: كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ. قال القتيبي: معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه، وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها. قال ابن الأَثير، وقال ابن الأَنباري: هذا غلط، إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، لأَنَّ اللّه، عز وجل، بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً، فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ، والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به.
وإنما المعنى: أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه، ولا يدخل عنده في جُمْلة الـمُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم. قال: وقال الأَزهريّ: وفيه قول ثالث: إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه، ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه.

عير (لسان العرب) [0]


العَيْر: الحمار، أَيّاً كان أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً، وقد غلب على الوَحْشِيْ، والأُنثى عَيْرة. قال أَبو عبيد: ومن أَمثالهم في الرضا بالحاضر ونِسْيان الغائب قولهم: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ في الرِّباط؛ قال: ولأَهل الشام في هذا مثل: عَيْرٌ بِعَيْرٍ وزيادةُ عشرة.
وكان خلفاء بني أُميّة كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلُفه في عطائهم عشرة فكانوا يقولون هذا عند ذلك.
ومن أَمثالهم: فلان أَذَلُّ من العَيُرِ، فبعضهم يجعله الحمار الأَهلي، وبعضهم يجعله الوتد؛ وقول شمر: لو كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة، أَو كُنْتَ عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح أَراد بالعَيْر الحمارَ، وبِكْسرِ القبيح طرف عظم المِرْفق الذي لا لحم عليه؛ قال: ومنه . . . أكمل المادة قولهم فلان أَذلُّ من العَيْر.
وجمع العَيْر أَعْيارٌ وعِيارٌ وعُيورٌ وعُيُورة وعِيَارات، ومَعْيوراء اسم للجمع. قال الأَزهري: المَعْيُورا الحَمِير، مقصور، وقد يقال المَعْيوراء ممدودة، مثل المَعْلوجاء والمَشْيُوخاء والمَأْتوناء، يمد ذلك كله ويقصر.
وفي الحديث: إِذا أَرادَ اللهُ بَعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عليه بذُنوبِه حتى يُوافيه يوم القيامة كأَنه عَيْر؛ العَيْر: الحمار الوحشي، وقيل: أَراد الجبَل الذي بالمدينة اسمه عَيْر، شبَّه عِظَم ذنوبه به.
وفي حديث عليّ: لأَنْ أَمْسْح على ظَهْر عَيْر بالفلاة أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر: أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغلْظةً، وفي الحَرْب أَشباهَ النّساء العَوارك؟ فإِنه لم يجعلهم أَعْياراً على الحقيقة لأَنه إِنما يخاطب قوماً، والقوم لا يكونون أَعياراً وإِنما شبّههم بها في الجفاء والغلظة، ونصبه على معنى أَتَلَوّنون وتَنَقّلون مرة كذا ومرة كذا؟ وأَما قول سيبويه: لو مَثَّلْت الأَعْيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت معناه، فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يصوغُ فعلاً أَي بناءَ كَيْفِيَّة البدل من اللفظ بالفعل، وقوله لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى ما له فعل من لفظه، يُدلّك على أَن قوله تَعَيّرون ليس من كلام العرب.
والعَيرُ العظم الناتئ وسط الكف (* قوله: «وسط الكف» كذا في الأَصل، ولعله الكتف.
وقوله: معيرة ومعيرة على الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل وانظره مع قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر العين).
والجمع أَعْيارٌ.
وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة على الأَصل: ذات عَيْر.
وعَيْر النصل: الناتئ في وسطه؛ قال الراعي: فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ، كَسَرْن العَيْرَ منه والغِرارا وقيل: عَيْرُ النَّصل وسطه.
وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو: نصل مُعْيَر فيه عَيْر.
والعَيْر من أُذن الإِنسان والفرسِ ما تحت الفَرْع من باطنه كعَيْر السهم، وقيل: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَى الفرس.
وفي حديث أَبي هريرة: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ على عِيَار الأُذُنين الماء؛ العِيارُ جمع عَيْرٍ، وهو الناتئ المرتفع من الأَذن.
وكل عظم ناتئ من البدن: عَيْرٌ.
وعَير القدم: الناتئ في ظهرها.
وعَيرُ الوَرقة: الخط الناتئ في وسطها كأَنه جُدَيِّر.
وعَيرُ الصخرة: حرفٌ ناتئ فيها خلقة، وقيل: كل ناتئ في وسط مستو عَيرٌ.
وعَيْرُ الأُذن: الوتد الذي في باطنها.
والعَيْر: ماقيء العين؛ عن ثعلب، وقيل: العَيْر إِنسانُ العين، وقيل لَحْظُها؛ قال تأَبَّطَ شَرّاً: ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ، بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما سوى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ، أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما وفي المثل: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى أَي قبل لحظة العين. قال أَبو طالب: العَيْر المِثال الذي في الحدقة يسمى اللُّعْبة؛ قال: والذي جرى الطَّرْفُ، وجَرْيُه حركته؛ والمعنى: قبل أَن يَطْرِف الإِنسانُ، وقيل: عَيْرُ العين جَفْنُها. قال الجوهري: يقال فعلت قبل عِيْرٍ وما جرى. قال أَبو عبيدة: ولا يقال أَفعل؛ وقول الشماخ: أَعَدْوَ القِبِصَّى قبل عَيْرٍ وما جَرى، ولم تَدْرِ ما خُبْرِي، ولم أَدْرِ ما لَها؟ فسره ثعلب فقال: معناه قبل أَن أَنظر إِليك، ولا يُتَكلّم بشيء من ذلك في النفي.
والقِبِصَّى والقِمِصَّى: ضَرْبٌ من العَدْو فيه نَزْوٌ.
وقال اللحياني: العَيْرُ هنا الحمار الوحشي، ومن قال: قبل عائرٍ وما جرى، عنى السهم.
والعَير: الوَتد.
والعَيْر: الجَبلُ، وقد غلب على جبل بالمدينة.
والَعيْر: السيّد والمَلِك.
وعَيْرُ القوم: سيّدُهم؛ وقوله: زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْـ ـر مَوالٍ لنا، وأَنَّى الوَلاءُ؟ (* في معلقة الحرث بن حِلْزة: «مُوال لنا ـــــ وأَنّا الوَلاء» ولا يمكن إِصلاح هذا البيت على ما هو عليه في المعلقة لأَن له شرحاً يناسب روايته هنا لاحقاً). قيل: معناه كلُّ مَن ضرب بِجفنٍ على عَيْرٍ، وقيل: يعني الوتد، أَي من ضرب وتِداً من أَهل العَمَد، وقيل: يعني إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير، وقيل: يعني جبلاً، ومنهم من خص فقال: جبلاً بالحجاز، وأَدخل عليه اللام كأَنه جعله من أَجْبُلٍ كلُّ واحد منها عَيْر، وجعل اللام زائدة على قوله:ولقد نَهَيْتُك عن بناتِ الأَوْبَرِ إِنما أَراد بنات أَوبر فقال: كل من ضربه أَي ضرب فيه وتداً أَو نزله، وقيل: يعني المُنْذِر بن ماء السماء لِسيادتهِ، ويروي الوِلاء، بالكسر، حكى الأَزهري عن أَبي عمرو بن العلاء، قال: مات مَنْ كان يحسن تفسير بيت الحرث بن حلزة: زعموا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر (البيت). قال أَبو عمر: العَيْر هو الناتئ في بُؤْبُؤِ العين، ومعناه أَن كل من انْتَبَه من نَوْمِه حتى يدور عَيْرُه جَنى جناية فهو مَوْلًى لنا؛ يقولونه ظلماً وتجَنّياً؛ قال: ومنه قولهم: أَتيتك قبل عَيْرٍ وما جَرى أَي قبل أَن ينتبه نائم.
وقال أَحمد بن يحيى في قوله: وما جرى، أَرادوا وجَرُيه، أَرادوا المصدر.
ويقال: ما أَدري أَيّ مَن ضرب العَيْر هو، أَي أَيّ الناس هو؛ حكاه يعقوب.
والعَيْرانِ: المَتْنانِ يكتنفان جانبي الصُّلْب.
والعَيْرُ: الطَّبْل.
وعارَ الفرسُ والكلبُ يَعِير عِياراً: ذهب كأَنه مُنْفَلت من صاحبه يتردد ومن أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ المتردد، وبه سمي العَيْرُ لأَنه يَعِير فيتردّد في الفلاة.
وعارَ الفرسُ إِذا ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه.
وعارَ الرجلُ في القوم يضربُهم: مثل عاث. الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وهو الذي يكون نافراً ذاهباً في الأَرض.
وفرس عَيّار بأَوصالٍ أَي بَعِير ههنا وههنا من نشاطه.
وفرس عَيّار إِذا نَشِط فرَكِبَ جانباً ثم عدل إِلى جانب آخر من نشاطه؛ وأَنشد أَبو عبيد: ولقد رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا، غَنَظطُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ قال ابن الأَعرابي في مثل العرب: غَنَظُوه غَنْظَ جرادة العيّار؛ قال: العَيّار رجل، وجرادة فرس؛ قال: وغيره يخالفه ويزعم أَن جرادة العيّار جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وقيل: أَراد بجرادة العَيَّار جرادة وضعها في فيه فأَفْلَتت من فيه، قال: وغَنَظَه وركَظَعه يَكِظُه وَكْظاً، وهي المُواكَظَة والمُواظبة، كل ذلك إِذا لازمه وغمَّه بشدة تَقاضٍ وخُصومة؛ وقال: لو يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً، مالُوا بسَلْمَى، ولم يَعْدِلهْمُ أَحَدُ وقصيدة عاثرة: سائرة، والفعل كالفعل،د والاسم العِيَارة.
وفي الحديث: أَنه كان يمُرّ بالتمرة العاثِرةِ فما يَمْنعُه من أَخذها إِلاَّ مَخافةُ أَن تكون من الصدقة؛ العائرة: الساقطة لا يُعْرَف لها مالك، من عارَ الفرسُ إِذا انطلق من مرْبطه مارّاً على وجهه؛ ومنه الحديث: مَثقَلُ المُنافِق مَثَلُ الشاةِ العائرة بين غَنَمْينِ أَي المتردّدة بين قَطِيعين لا تَدْري أَيّهما تَتْبَع.
وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائِطَه: إِنما هو عائرٌ؛ وحديثه الآخر: أَنَّ فرساً له عارَ أَي أَفْلَت وذهب على وجهه.
ورجل عَيّار: كثير المجيء والذهاب في الأَرض، وربما سمي الأَسد بذلك لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد: قال أَوس بن حجر: لَيْثٌ عليه من البَرْدِيّ هِبْرِية، كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ (* قوله: «كالمزبراني إلخ» قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: ورواه المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذهب إِلى زبرة الأسد فقال له الأَصمعي: يا عجباه الشيء يشبه بنفسه وإِنما هو المرزباني ا هـ.
وفي القاموس والمرزبة كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي). أَي يذهب بها ويجيء؛ قال ابن بري: من رواه عيّار، بالراء، فمعناه أَنه يذهب بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته، ومنه قولهم ما أَدري أَي الجراد عارَِه، ويروى عَيَّال، وسنذكره في موضعه؛ وأَنشد الجوهري: لَمّا رأَيتُ أَبَا عمرو رَزَمْتُ له مِنِّي، كما رَزَمَ العَيَّارُ في الغُرُفِ جمع غَرِيف وهو الغابة. قال: وحكى الفراء رجل عَيَّار إِذا كان كثير التَّطْواف والحركة ذكِيّاً؛ وفرس عَيَّار وعيّال؛ والعَيْرانة من الإِبل: الناجية في نشاطه، من ذلك، وقيل: شبّهت بالعَيْرِ في سرعتها ونشاطها، وليس ذلك بقوي؛ وفي قصيد كعب: عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ هي الناقة الصلبة تَشْبيهاً بِعَيْر الوحش، والأَلف والنون زائدتان. ابن الأَعرابي: العَيِّرُ الفرس النشيط. قال: والعرب تمدح بالعَيَّار وتَذُمّ به، يقال: غلام عَيّار نَشِيط في المعاصي، وغلام عَيّار نشيط في طاعة الله تعالى. قال الأَزهري: والعَيْر جمع عائِر وهو النشيط، وهو مدح وذدمٌّ.عاورَ البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كان في شَوْل فتركها وانطلق نحوَ أُخْرَى يريد القَرْع،.
والعائِرةُ التي تخرج من الإِبل إِلى أُخْرَى ليضربها الفحل.
وعارَ الأَرض يَعِير أَي ذهب، وعارَ الرجلُ في القوم يضربهم بالسيف عَيَراناً: ذهب وجاء؛ ولم يقيده الأَزهري بضرب ولا بسيف بل قال: عارَ الرجلُ يَعِير عَيَراناً، وهو تردّدهُ في ذهابه ومجيئه؛ ومنه قيل: كلْبٌ عائِرٌ وعَيّار، وهو من ذوات الياء، وأَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي ما يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا، وقد تقدم في عور أَيضاً.
وعيرانُ الجراد وعَوائِرهُ: أَوائلُِ الذاهبة المفْترقة في قلة.
ويقال: ما أَدري أَيّ الجراد عارَه أَي ذهب به وأَتْلَفه، لا آتَي له في قول الأَكثر، (* هكذا في الأصل).
وقيل: يَعِيره ويَعُوره؛ وقول مالك بن زغبة: إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ عوائرُ نَبْلٍ، كالجرادِ نُطِيرُها عنى به الذاهبة المتفرقة؛ وأَصله في الجراد فاستعاره قال المؤرج: ومن أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كما يقال لا أَدري أَيّ الجراد عارَه.
وعِرْث ثوبه: ذهبت به.
وعَيَّر الدينارَ: وازَنَ به آخر.
وعَيَّر الميزان والمكيال وعاوَرَهما وعايَرَهُما وعايَرَ بينهما مُعايَرَة وعِياراً: قدَّرَهما ونظر ما بينهما؛ ذكر ذلك أَبو الجراح في باب ما خالفت العامة فيه لغة العرب.
ويقال: فلان يُعايرُ فلاناً ويُكايلُه أَي يُسامِيه ويُفاخِره.
وقال أَبو زيد: يقال هما يتعايبانِ ويَتَعايَران، فالتعايُرُ التسابّ، والتَعايُب دون التَّعايُرِ إِذا عاب بعضهم بعضاً.
والمِعْيار من المكاييل: ما عُيِّر. قال الليث: العِيَار ما عايَرْت به المكاييل، فالعِيَار صحيح تامٌّ وافٍ، تقول: عايَرْت به أَي سَوَّيْتُه، وهو العِيَار والمِعْيار. يقال: عايِرُوا ما بين مكاييلكم ومَوازِينكم، وهو فاعِلُوا من العِيَار، ولا تقل: عَيِّروا.
وعَيَّرْتُ الدنانير: وهو أَن تُلْقِي ديناراً ديناراً فتُوازِنَ به ديناراً ديناراً، وكذلك عَيَّرْت تْعْييراً إِذا وَزَنْت واحداً واحداً، يقال هذا في الكيل والوزن. قال الأَزهري: فرق الليث بين عايَرْت وعَيَّرْت، فجعل عايَرْت في المكيال وعَيَّرْت في الميزان؛ قال: والصواب ما ذكرناه في عايَرْت وعَيَّرت فلا يكون عَيَّرْت إِلاَّ من العار والتَّعْيِير؛ وأَنشد الباهلي قول الراجز: وإِن أَعارَت حافراً مُعارا وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ الأَوْقارا وقال: ومعنى أَعارَت رفعت وحوّلت، قال: ومنه إِعارةُ الثياب والأَدوات.
واستعار فلانٌ سَهْماً من كِنانته: رفعه وحوَّله منها إِلى يده؛ وأَنشد قوله: هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها، وفي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها، شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها شهباء: مُعْبَلة، والهاء في مُسْتَعِيرها لها.
والبَصِيرة: طريقة الدّم.
والعِيرُ، مؤنثة: القافلة، وقيل: العِيرُ الإِبل التي تحمل المِيرَة، لا واحد لها من لفظها.
وفي التنزيل: ولَمَّا فَصَلت العِيرُ؛ وروى سلمة عن الفراء أَنه أَنشده قول ابن حلِّزة: زعموا أَنَّ كلّ مَن ضَرَبَ العِير بكسر العين. قال: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ من رَكِب الإِبل مَوالِ لنا أَي العربُ كلهم موالٍ لنا من أَسفل لأَنا أَسَرْنا فيهم قلَنا نِعَمٌ عليهم؛ قال ابن سيده: وهذا قول ثعلب، والجمع عِيَرات، قال سيبويه: جمعوه بالأَلف والتاء لمكان التأْنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه اسماً فأَجمعوا على لغة هذيل لأَنهم يقولون جَوَزات وبَيّضات. قال: وقد قال بعضهم عِيرات، بالإِسكان، ولم يُكَسَّر على البناء الذي يُكَسَّر عليه مثله، جعلوا التاء عوضاً من ذلك، كما فعلوا ذلك في أَشياء كثيرة لأَنهم مما يستغنون بالأَلف والتاء عن التكسير، وبعكس ذلك، وقال أَبو الهيثم في قوله: ولما فَصَلَت العِيرُ كانت حُمُراً، قال: وقول من قال العِيرُ الإِبلُ خاصّة باطلٌ. العِيرُ: كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإِبل والحَمِير والبغال، فهو عِيرٌ؛ قال: وأَنشدني نُصَير لأَبي عمرو السعدي في صفة حَمِير سماها عِبراً: أَهكذا لا ثَلَّةٌ ولا لَبَنْ؟ ولا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنّْ، مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ، لا بدّ أَن يَخْترْن مِنِّي بين أَنْ يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ قال: وقال نصيرٌ الإِبل لا تكون عِيراً حتى يُمْتارَ عليها.
وحكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العيرُ من الإِبل ما كان عليه حملُه أَو لم يكن.
وفي حديث عثمان: أَنه كان يشتري العِيرَ حُكْرة، ثم يقول: من يُرْبِحُني عُقْلَها؟ العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ من عارَ يَعير إِذا سار، وقيل: هي قافلة الحَمِير، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة عِيرٌ كأَنها جمع عَيْر، وكان قياسها أَن يكون فُعْلاً، بالضم، كسُقْف في سَقْف إِلاَّ أَنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عِين.
وفي الحديث: أَنهم كانوا يترصّدون عِيَرات قُرَيْش؛ هو جمع عِير، يريد إِبلهم ودوابهم التي كانوا يتاجرون عليها.
وفي حديث ابن عباس: أَجاز لها العْيَرات؛ هي جمع عِيرٍ أَيضاً؛ قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل، يعني تحريك الياء، والقياس التسكين؛ وقول أَبي النجم: وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها، من حَسَكِ التَّلْع ومن خافورها إِنما استعاره للنمل، وأَصله فيما تقدم.
وفلان عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انفرد بأَمره، وهو في الذمِّ، كقولك: نَسِيج وحده، في المدح.
وقال ثعلب: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وحده. قال الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وحده وجُحَيْش وَحْدِه.
وهما اللذان لا يُشاوِران الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف.
وقال الجوهري: فلان عُيَيْرُ وَحْدِه وهو المعجب برأْيه، وإِن شئت كسرت أَوله مثل شُيَيْخٍ وشِيَيْخٍ، ولا تقل: عُوَير ولا شُوَيخ.
والعارُ: السُّبّة والعيب، وقيل: هو كل شيء يلزم به سُبّة أَو عيب، والجمع أَعْيارٌ.
ويقال: فلان ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظاهر العيوب؛ قال الراعي:ونَبَتَّ شَرَّ بَني تميم مَنْصِباً، دَنِسَ المُروءَةِ ظاهرَ الأَعْيارِ كأَنه مما يُعَيَّر به، والفعل منه التَّعْيير، ومن هذا قيل: هم يَتَعَيَّرون من جيرانِهم الماعونَ والأَمتعة؛ قال الأَزهري: وكلام العرب يَتَعَوَّرون، بالواو، وقد عيّره الأَمرَ؛ قال النابغة: وعَيَّرَتْني بنو ذُبْيانَ خَشيَتَه، وهل عليّ بأَنْ أَخْشاكَ مِن عار؟ وتعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بعضاً، والعامة تقول: عيّره بكذا.
والمَعايرُ: المعايب؛ يقال: عارَه إِذا عابَه؛ قالت ليلى الأَخيلية: لعَمْرُك ما بالموت عارٌ على امرئٍ، إِذا لم تُصِبْه في الحياة المَعايرُ وتعايرَ القومُ: تعايَبُوا.
والعارِيَّة: المَنيحة، ذهب بعضهم إِلى أَنها مِن العارِ، وهو قُوَيل ضعيف، وإِنما غرّهم منه قولهم يَتَعَيَّرون العَواريِّ، وليس على وضعه إِنما هي مُعاقبة من الواو إِلى الياء.
وقال الليث: سميت العاريّة عاريَّةً لأَنها عارٌ على من طلبها.
وفي الحديث: أَن امرأَة مخزومية كانت تَسْتَعِير المتاعَ وتَجْحَده فأَمر بها فقُطعَت يدُها؛ الاستعارةُ من العاريّة، وهي معروفة. قال ابن الأَثير: وذهب عامة أَهل العلم إِلى أَن المُسْتَعِير إِذا جحد العاريَّة لا يُقْطَع لأَنه جاحد خائن، وليس بسارق، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصّاً وإِجماعاً.
وذهب إِسحق إِلى القول بظاهر هذا الحديث، وقال أَحمد: لا أَعلم شيئاً يدفعه؛ قال الخطابي: وهو حديث مختصرُ اللفظ والسياقِ وإِنما قُطِعَت المخزومية لأَنها سَرَقت، وذلك بََيِّنٌ في رواية عائشة لهذا الحديث؛ ورواه مسعود بن الأَسود فذكر أَنها سرقت قَطِيفة من بيت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاصّ صفتها إِذ كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها، كما عُرِّفت بأَنها مخزوميَّة، إِلاَّ أَنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقَّت إِلى السرقة، واجترأَت عليها، فأَمر بها فقطعت.
والمُسْتَعِير: السَّمِين من الخيل.
والمُعارُ: المُسَمَّن. يقال: أَعَرْت الفرس أَسْمنْتُه؛ قال: أَعِيرُوا خَيْلَكم ثم ارْكُضوها، أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ ومنهم من قال: المُعار المنتوف الذنب، وقال قوم: المُعار المُضَمَّر المُقَدَّح، وقيل: المُضَمَّر المُعار لأَن طريقة متنه نتأَت فصار لها عيرٌ ناتئ، وقال ابن الأَعرابي وحده: هو من العاريَّة، وذكره ابن بري أَيضاً وقال: لأَن المُعارَ يُهان بالابتذال ولا يُشْفَق عليه شفقة صاحبه؛ وقيل في قوله : أَعيروا خيلكم ثم اركبوها إِن معنى أَعيروها أَي ضَمِّروها بترديدها، من عارَ يَعير، إِذا ذهب وجاء.
وقد روي المِعار، بكسر الميم، والناس رَوَوْه المُعار؛ قال: والمِعارُ الذي يَحِيد عن الطريق براكبه كما يقال حادَ عن الطريق؛ قال الأَزهري: مِفْعَل من عارَ يَعِير كأَنه في الأَصل مِعْيَر، فقيل مِعار. قال الجوهري: وعارَ الفَرَسُ أَي انفَلَت وذهب ههنا وههنا من المَرَح، وأَعارَه صاحبُه، فهو مُعَار؛ ومنه قول الطِّرمَّاح: وجَدْنا في كتاب بني تميمٍ: أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ قال: والناسُ يَرَوْنه المُعار من العارِيَّة، وهو خَطَأ؛ قال ابن بري: وهذا البيت يُروى لِبشْر بن أَبي خازِم.
وعَيْرُ السَّراة: طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مُسَرْوَلُهما أَصفر الرِّجلين والمِنقار أَكحل العينين صافي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ، ويُجمَع عُيُورَ السَّراةِ، والسَّراةُ موضع بناحية الطائف، ويزعمون أَن هذا الطائر يأْكل ثلثمائة تِينةٍ من حين تطلعُ من الوَرقِ صِغاراً وكذلك العِنَب.
والعَيْرُ: اسم رجُل كان له وادٍ مُخْصِب، وقيل: هو اسم موضع خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به المَثَل في البلَد الوَحْش، وقيل: هو اسم وادٍ؛ قال امرؤ القيس: ووادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ، قطعتُ بِسَامٍ ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ قال الأَزهري: قوله كجَوْف العَيرِ، أَي كوادي العَيرِ وكلُّ وادٍ عند العرب: جوفٌ.
ويقال للموضع الذي لا خيرَ فيه: هو كجوف عَيرٍ لأَنه لا شيء في جَوْفه يُنتفع به؛ ويقال: أَصله قولهم أَخلى من جَوْف حِمار.
وفي حديث أَبي سفيان: قال رجل: أُغْتال محمداً ثم آخُذُ في عَيْرٍ عَدْوي أَي أَمْضي فيه وأَجعلُه طريقي وأَهْرب؛ حكى ذلك ابن الأَثير عن أَبي موسى.
وعَيْرٌ: اسم جَبلَ؛ قال الراعي: بِأَعْلام موَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ، مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إِذْ هِيَ ما هِيَا وفي الحديث: أَنه حَرَّم ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ؛ هما جبلان، وقال ابن الأَثير: جبلان بالمدينة، وقيل: ثَوْرٌ بمكة؛ قال: ولعلّ الحديث ما بين عَيْرٍ إِلى أُحُد، وقيل: بمكة أَيضاً جبل يقال له عَيْرٌ.
وابْنَةُ مِعْيَرٍ الداهية.
وبنَاتُ مِعْيَرٍ: الدواهي؛ يقال: لقيت منه ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الداهية والشدّة.
وتِعَارٌ، بكسر التاء: اسم جبَل؛ قال بِشْر يصف ظُعْناً ارتحلن من منازلهن فشبّههنَّ في هَوَادِجِهِن بالظِّباء في أَكْنِسَتِها: وليل ما أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ وَشابَة، عن شمائِلها تِعارُ كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عليها كَوانِس، قالِصاً عنها المَغَارُ المَغارُ: أَماكن الظِّباء، وهي كُنُسها.
وشابَة وتِعار: جبَلان في بِلاد قيس.
وأَرُوم وشابة: موضعان.

دعا (لسان العرب) [0]


قال الله تعالى: وادْعوا شُهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين؛ قال أَبو إسحق: يقول ادْعوا من اسْتَدعَيتُم طاعتَه ورجَوْتم مَعونتَه في الإتيان بسورة مثله، وقال الفراء: وادعوا شهداءكم من دون الله، يقول: آلِهَتَكم، يقول اسْتَغِيثوا بهم، وهو كقولك للرجل إذا لَقِيتَ العدوّ خالياً فادْعُ المسلمين، ومعناه استغث بالمسلمين، فالدعاء ههنا بمعنى الاستغاثة، وقد يكون الدُّعاءُ عِبادةً: إم الذين تَدْعون من دون الله عِبادٌ أَمثالُكم، وقوله بعد ذلك: فادْعُوهم فلْيَسْتجيبوا لكم، يقول: ادعوهم في النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة كما تقولون يُجيبوا دعاءكم، فإن دَعَوْتُموهم فلم يُجيبوكم فأَنتم كاذبون أَنهم آلهةٌ.
وقال أَبو إسحق في قوله: أُجِيبُ . . . أكمل المادة دعوة الدَّاعِ إذا دَعانِ؛ معنى الدعاء لله على ثلاثة أَوجه: فضربٌ منها توحيدهُ والثناءُ عليه كقولك: يا اللهُ لا إله إلا أَنت، وكقولك: ربَّنا لكَ الحمدُ، إذا قُلْتَه فقدَ دعَوْته بقولك ربَّنا، ثم أَتيتَ بالثناء والتوحيد، ومثله قوله: وقال ربُّكم ادعوني أَسْتَجِبْ لكم إنَّ الذين يَسْتَكبرون عن عِبادتي؛ فهذا ضَرْبٌ من الدعاء، والضرب الثاني مسأَلة الله العفوَ والرحمة وما يُقَرِّب منه كقولك: اللهم اغفر لنا، والضرب الثالث مسأَلة الحَظِّ من الدنيا كقولك: اللهم ارزقني مالاً وولداً، وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأَن الإنسان يُصَدّر في هذه الأَشياء بقوله يا الله يا ربّ يا رحمنُ، فلذلك سُمِّي دعاءً.
وفي حديث عرَفة: أَكثر دُعائي ودعاء الأَنبياء قَبْلي بعَرفات لا إله إلا اللهُ وحدهَ لا شريك له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، وإنما سمي التهليلُ والتحميدُ والتمجيدُ دعاءً لأَنه بمنزلته في استِيجاب ثوابِ الله وجزائه كالحديث الآخر: إذا شَغَلَ عَبْدي ثناؤه عليَّ عن مسأَلتي أَعْطَيْتُه أَفْضَلَ ما أُعْطِي السائِلين، وأَما قوله عز وجل: فما كان دَعْواهُمْ إذ جاءَهم بأْسُنا إلا أَن قالوا إنا كنا ظالمين؛ المعنى أَنهم لم يَحْصُلوا مما كانوا ينْتَحِلونه من المذْهب والدِّينِ وما يَدَّعونه إلا على الاعْتِرافِ بأَنهم كانوا ظالمين؛ هذا قول أَبي إسحق. قال: والدَّعْوَى اسمٌ لما يَدَّعيه، والدَّعْوى تَصْلُح أَن تكون في معنى الدُّعاء، لو قلت اللهم أَشْرِكْنا في صالحِ دُعاءِ المُسْلمين أَو دَعْوَى المسلمين جاز؛ حكى ذلك سيبويه؛ وأَنشد: قالت ودَعْواها كثِيرٌ صَخَبُهْ وأَما قوله تعالى: وآخِرُ دَعْواهم أَنِ الحمدُ لله ربّ العالمين؛ يعني أَنَّ دُعاءَ أَهلِ الجَنَّة تَنْزيهُ اللهِ وتَعْظِيمُه، وهو قوله: دَعْواهم فيها سُبْحانكَ اللهمَّ، ثم قال: وآخرُ دَعْواهم أَن الحمدُ لله ربّ العالمين؛ أَخبرَ أَنهم يبْتَدِئُون دُعاءَهم بتَعْظيم الله وتَنزيهه ويَخْتِمُونه بشُكْره والثناء عليه، فجَعل تنزيهه دعاءً وتحميدَهُ دعاءً، والدَّعوى هنا معناها الدُّعاء.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الدُّعاءُ هو العِبادَة، ثم قرأَ: وقال ربُّكم ادْعوني أَسْتَجِبْ لكم إنَّ الذين يسْتَكْبرون عن عِبادتي؛ وقال مجاهد في قوله: واصْبِرْ نفْسَكَ مع الذين يَدْعُون رَبَّهم بالغَداةِ والعَشِيّ، قال: يُصَلُّونَ الصَّلَواتِ الخمسَ، ورُوِي مثل ذلك عن سعيد بن المسيب في قوله: لن نَدْعُوَ من دونه إلهاً؛ أَي لن نَعْبُد إلهاً دُونَه.
وقال الله عز وجل: أَتَدْعُون بَعْلاً؛ أَي أَتَعْبُدون رَبّاً سِوَى الله، وقال: ولا تَدْعُ معَ اللهِ إلهاً آخرَ؛ أَي لا تَعْبُدْ.
والدُّعاءُ: الرَّغْبَةُ إلى الله عز وجل، دَعاهُ دُعاءً ودَعْوَى؛ حكاه سيبويه في المصادر التي آخرها أَلف التأْنيث؛ وأَنشد لبُشَيْر بن النِّكْثِ: وَلَّت ودَعْواها شَديدٌ صَخَبُهْ ذكَّرَ على معنى الدعاء.
وفي الحديث: لولا دَعْوَةُ أَخِينا سُلْيمانَ لأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ به وِلْدانُ أَهلِ المدينة؛ يعني الشَّيْطان الذي عَرَضَ له في صلاته، وأَراد بدَعْوَةِ سُلْىمانَ، عليه السلام، قوله: وهَبْ لي مُلْكاً لا ينبغي لأَحَدٍ من بَعْدي، ومن جملة مُلكه تسخير الشياطين وانقِيادُهم له؛ ومنه الحديث: سأُخْبِرُكم بأَوَّل أَمري دَعْوةُ أَبي إبراهيم وبِشارةُ عِيسى؛ دَعْوةُ إبراهيم، عليه السلام، قولهُ تعالى: رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم يَتْلُو عليهم آياتِكَ؛ وبِشارَةُ عيسى، عليه السلام، قوله تعالى: ومُبَشِّراً برَسُولٍ يأْتي من بَعْدي اسْمهُ أَحْمَدُ.وفي حديث معاذ، رضي الله عنه، لما أَصابَهُ الطاعون قال: ليْسَ بِرِجْزٍ ولا طاعونٍ ولكنه رَحْمةُ رَبِّكم ودَْوَةُ نبِيِّكُم، صلى الله عليه وسلم؛ أَراد قوله: اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن والطاعونِ، وفي هذا الحديث نَظَر، وذلك أَنه قال لما أَصابَهُ الطاعون فأَثبَتَ أَنه طاعونٌ، ثم قال: ليسَ برِجْزٍ ولا طاعونٍ فنَفَى أَنه طاعونٌ، ثم فسَّر قوله ولكنَّه رحمةٌ من ربِّكم ودَعوةُ نبِيِّكم فقال أَراد قوله: اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن والطاعون، وهذا فيه قَلَق.
ويقال: دَعَوْت الله له بخَيْرٍ وعَليْه بِشَرٍّ.
والدَّعوة: المَرَّة الواحدةَ من الدُّعاء؛ ومنه الحديث: فإن دَعْوتَهم تُحِيطُ من ورائهم أَي تحُوطُهم وتكْنُفُهم وتَحْفَظُهم؛ يريد أهلَ السُّنّة دون البِدْعة.
والدعاءُ: واحد الأَدْعية، وأَصله دُعاو لأنه من دَعَوْت، إلا أن الواو لمَّا جاءت بعد الأَلف هُمِزتْ.
وتقول للمرأَة: أَنتِ تَدْعِينَ، وفيه لغة ثانية: أَنت تَدْعُوِينَ، وفيه لغة ثالثة: أَنتِ تَدْعُينَ، بإشمام العين الضمة، والجماعة أَنْتُنِّ تَدْعُونَ مثل الرجال سواءً؛ قال ابن بري: قوله في اللغة الثانية أَنتِ تَدْعُوِينَ لغة غير معروفة.
والدَّعَّاءةُ: الأَنْمُلَةُ يُدْعى بها كقولهم السِّبَّابة كأنها هي التي تَدْعُو، كما أَن السبابة هي التي كأَنها تَسُبُّ.
وقوله تعالى: له دَعْوةُ الحقّ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها شهادة أَن لاإله إلا الله، وجائزٌ أَن تكون، والله أََعلم، دعوةُ الحقِّ أَنه مَن دَعا الله مُوَحِّداً اسْتُجيب له دعاؤه.
وفي كتابه، صلى الله عليه وسلم، إلى هِرَقْلَ: أَدْعُوكَ بِدِعايةِ الإسْلام أَي بِدَعْوَتِه، وهي كلمة الشهادة التي يُدْعى إليها أَهلُ المِلَلِ الكافرة، وفي رواية: بداعيةِ الإسْلامِ، وهو مصدر بمعنى الدَّعْوةِ كالعافية والعاقبة.
ومنه حديث عُمَيْر بن أَفْصى: ليس في الخْيلِ داعِيةٌ لِعاملٍ أَي لا دَعْوى لعاملِ الزكاة فيها ولا حَقَّ يَدْعُو إلى قضائه لأَنها لا تَجب فيها الزكاة.
ودَعا الرجلَ دَعْواً ودُعاءً: ناداه، والاسم الدعْوة.
ودَعَوْت فلاناً أَي صِحْت به واسْتَدْعَيْته. فأَما قوله تعالى: يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّه أَقْرَبُ من نَفْعِه؛ فإن أَبا إسحق ذهب إلى أَن يَدْعُو بمنزلة يقول، ولَمَنْ مرفوعٌ بالابتداء ومعناه يقولُ لَمَنْ ضَرُّه أَقربُ من نَفْعه إلهٌ وربٌّ؛ وكذلك قول عنترة: يَدْعُونَ عَنْتَرَ، والرِّماحُ كأَنها أَشْطانُ بئرٍ في لَبانِ الأَدْهَمِ معناه يقولون: يا عَنْتَر، فدلَّت يَدْعُون عليها.
وهو مِنِّي دَعْوَةَ الرجلِ ودَعْوةُ الرجُلِ، أَي قدرُ ما بيني وبينه، ذلك يُنْصَبُ على أَنه ظرف ويُرفع على أَنه اسمٌ.
ولبني فلانٍ الدَّعْوةُ على قومِهم أَي يُبْدأُ بهم في الدعاء إلى أَعْطِياتِهم، وقد انتهت الدَّعْوة إلى بني فلانٍ.
وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يُقدِّمُ الناسَ في أَعطِياتِهِم على سابِقتِهم، فإذا انتهت الدَّعْوة إليه كَبَّر أَي النداءُ والتسميةُ وأَن يقال دونكَ يا أَميرَ المؤمنين.
وتَداعى القومُ: دعا بعضُهم بعضاً حتى يَجتمعوا؛ عن اللحياني، وهو التَّداعي.
والتَّداعي والادِّعاءُ: الاعْتِزاء في الحرب، وهو أَن يقول أنا فلانُ بنُ فلان، لأنهم يَتداعَوْن بأَسمائهم.
وفي الحديث: ما بالُ دَعْوى الجاهلية؟ هو قولُهم: يا لَفُلانٍ، كانوا يَدْعُون بعضُهم بعضاً عند الأَمر الحادث الشديد.
ومنه حديث زيدِ بنِ أَرْقَمَ: فقال قومٌ يا للأَنْصارِ وقال قومٌ: يا للْمُهاجِرين فقال، عليه السلام: دَعُوها فإنها مُنْتِنةٌ.
وقولهم: ما بالدَّارِ دُعْوِيٌّ، بالضم، أَي أَحد. قال الكسائي: هو مِنْ دَعَوْت أَي ليس فيها من يَدعُو لا يُتكَلَّمُ به إلاَّ مع الجَحْد؛ وقول العجاج: إنِّي لا أَسْعى إلى داعِيَّهْ مشددة الياء، والهاءُ للعِمادِ مثل الذي في سُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ؛ وبعد هذا البيت: إلا ارْتِعاصاً كارْتِعاص الحَيَّهْ ودَعاه إلى الأَمِير: ساقَه.
وقوله تعالى: وداعِياً إلى الله بإذْنهِ وسِراجاً مُنيراً؛ معناه داعياً إلى توحيد الله وما يُقَرِّبُ منه، ودعاهُ الماءُ والكَلأُ كذلك على المَثَل.
والعربُ تقول: دعانا غَيْثٌ وقع ببَلدٍ فأَمْرَعَ أَي كان ذلك سبباً لانْتِجاعنا إيَّاه؛ ومنه قول ذي الرمة:تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّيَبُ والدُّعاةُ: قومٌ يَدْعُونَ إلى بيعة هُدىً أَو ضلالة، واحدُهم داعٍ.
ورجل داعِيةٌ إذا كان يَدْعُو الناس إلى بِدْعة أَو دينٍ، أُدْخِلَت الهاءُ فيه للمبالغة.
والنبي، صلى الله عليه وسلم، داعي الله تعالى، وكذلك المُؤَذِّنُ.
وفي التهذيب: المُؤَذِّنُ داعي الله والنبيّ، صلى الله عليه وسلم، داعي الأُمَّةِ إلى توحيدِ الله وطاعتهِ. قال الله عز وجل مخبراً عن الجنّ الذين اسْتَمعوا القرآن: وولَّوْا إلى قومهم مُنْذِرِين قالوا يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ.
ويقال لكلّ من مات دُعِيَ فأَجاب.
ويقال: دعاني إلى الإحسان إليك إحسانُك إليّ.
وفي الحديث: الخلافة في قُرَيْشٍ والحُكْمُ في الأَنْصارِ والدَّعْوة في الحَبَشة؛ أَرادَ بالدعوة الأَذانَ جَعله فيهم تفضيلاً لمؤذِّنِهِ بلالٍ.
والداعية: صرِيخُ الخيل في الحروب لدعائه مَنْ يَسْتَصْرِخُه. يقال: أَجِيبُوا داعيةَ الخيل.
وداعية اللِّبَنِ: ما يُترك في الضَّرْع ليَدْعُو ما بعده.
ودَعَّى في الضَّرْعِ: أَبْقى فيه داعيةَ اللَّبنِ.
وفي الحديث: أَنه أَمر ضِرارَ بنَ الأَزْوَر أَن يَحْلُبَ ناقةً وقال له دَعْ داعِيَ اللبنِ لا تُجهِده أي أَبْق في الضرع قليلاً من اللبن ولا تستوعبه كله، فإن الذي تبقيه فيه يَدْعُو ما وراءه من اللبن فيُنْزله، وإذا استُقْصِيَ كلُّ ما في الضرع أَبطأَ دَرُّه على حالبه؛ قال الأَزهري: ومعناه عندي دَعْ ما يكون سَبباً لنزول الدِّرَّة، وذلك أَن الحالبَ إذا ترك في الضرع لأَوْلادِ الحلائبِ لُبَيْنةً تَرضَعُها طابت أَنفُسُها فكان أَسرَع لإفاقتِها.
ودعا الميتَ: نَدَبه كأَنه ناداه.
والتَّدَعِّي: تَطْريبُ النائحة في نِياحتِها على مَيِّتِها إذا نَدَبَتْ؛ عن اللحياني.
والنادبةُ تَدْعُو الميّت إذا نَدَبَتْه، والحمامة تَدْعو إذا ناحَتْ؛ وقول بِشْرٍ: أَجَبْنا بَني سَعْد بن ضَبَّة إذْ دَعَوْا، وللهِ مَوْلى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها يريد: لله وليُّ دَعْوةٍ يُجيب إليها ثم يُدْعى فلا يُجيب؛ وقال النابغة فجعَل صوتَ القطا دعاءً: تَدْعُو قَطاً، وبه تُدْعى إذا نُسِبَتْ، يا صِدْقَها حين تَدْعُوها فتَنْتَسِب أَي صوْتُها قَطاً وهي قَطا، ومعنى تدعو تُصوْت قَطَا قَطَا.
ويقال: ما الذي دعاك إلى هذا الأَمْرِ أَي ما الذي جَرَّكَ إليه واضْطَرَّك.
وفي الحديث: لو دُعِيتُ إلى ما دُعُِيَ إليه يوسفُ، عليه السلام، لأَجَبْتُ؛ يريد حي دُعِيَ للخروج من الحَبْسِ فلم يَخْرُجْ وقال: ارْجِعْ إلى ربّك فاسْأَلْه؛ يصفه، صلى الله عليه وسلم، بالصبر والثبات أَي لو كنت مكانه لخرجت ولم أَلْبَث. قال ابن الأَثير: وهذا من جنس تواضعه في قوله لا تُفَضِّلوني على يونُسَ بنِ مَتَّى.
وفي الحديث: أَنه سَمِع رجُلاً يقول في المَسجِدِ من دَعا إلى الجَمَلِ الأَحمر فقال لا وجَدْتَ؛ يريد مَنْ وجَدَه فدَعا إليه صاحِبَه، وإنما دعا عليه لأَنه نهى أَن تُنْشَدَ الضالَّةُ في المسجد.
وقال الكلبي في قوله عز وجل: ادْعُ لنا ربَّك يُبَيِّن لنا ما لَوْنُها، قال: سَلْ لنا رَبّك.
والدَّعْوة والدِّعْوة والمَدْعاة والمدْعاةُ: ما دَعَوتَ إليه من طعام وشراب، الكسر في الدِّعْوة (* قوله «الكسر في الدعوة إلخ» قال في التكملة: وقال قطرب الدعوة بالضم في الطعام خاصة). لعَدِي بن الرِّباب وسائر العرب يفتحون، وخص اللحياني بالدَّعْوة الوليمة. قال الجوهري: كُنا في مَدْعاةِ فلان وهو مصدر يريدون الدُّعاءَ إلى الطعام.
وقول الله عز وجل: والله يَدْعُو إلى دار السلام ويَهْدي مَنْ يشاء إلى صراط مستقيم؛ دارُ السلامِ هي الجَنَّة، والسلام هو الله، ويجوز أَن تكون الجنة دار السلام أَي دار السلامة والبقاء، ودعاءُ اللهِ خَلْقَه إليها كما يَدْعُو الرجلُ الناسَ إلى مَدْعاةٍ أَي إلى مَأْدُبَةٍ يتَّخِذُها وطعامٍ يدعو الناسَ إليه.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال إذا دُعيَ أَحَدُكم إلى طعام فلْيُجِبْ فإن كان مُفْطِراً فلْيَأْكُلْ وإن كان صائماً فلْيُصَلِّ.
وفي العُرْسِ دَعْوة أَيضاً.
وهو في مَدْعاتِهِم: كما تقول في عُرْسِهِم.
وفلان يَدَّعي بكَرَم فِعالهِ أَي يُخْبِر عن نفسه بذلك.
والمَداعي: نحو المَساعي والمكارمِ، يقال: إنه لذُو مَداعٍ ومَساعٍ.
وفلان في خير ما ادَّعَى أَي ما تَمَنَّى.
وفي التنزيل: ولهم ما يَدَّعُون؛ معناه ما يتَمَنَّوْنَ وهو راجع إلى معنى الدُّعاء أَي ما يَدَّعِيه أَهلُ الجنة يأْتيهم.
وتقول العرب: ادَّعِ عليَّ ما شئتَ.
وقال اليزيدي: يقا لي في هذا الأَمر دَعْوى ودَعاوَى ودَعاوةٌ ودِعاوةٌ؛ وأَنشد: تأْبَى قُضاعَةُ أَنْ تَرْضى دِعاوَتَكم وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ قال: والنصب في دَعاوة أَجْوَدُ.
وقال الكسائي: يقال لي فيهم دِعْوة أَي قَرابة وإخاءٌ.
وادَّعَيْتُ على فلان كذا، والاسم الدَّعْوى.
ودعاهُ اللهُ بما يَكْرَه: أَنْزَلَه به؛ قال: دَعاكَ اللهُ من قَيْسٍ بأَفْعَى، إذا نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكا (* وفي الأساس: دعاك الله من رجلٍ إلخ). القَيْسُ هنا من أَسماء الذَّكَر.
ودَواعي الدَّهْرِ: صُرُوفُه.
وقوله تعالى في ذِكْرِ لَظَى، نعوذ بالله منها: تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وتَوَلَّى؛ من ذلك أَي تَفْعل بهم الأَفاعيل المَكْرُوهَة، وقيل: هو من الدعاء الذي هو النداء، وليس بقَوِيّ.
وروى الأَزهري عن المفسرين: تدعو الكافر باسمه والمنافق باسمه، وقيل: ليست كالدعاءِ تَعالَ، ولكن دَعْوَتها إياهم ما تَفْعَل بهم من الأَفاعيل المكروهة، وقال محمد بن يزيد: تَدْعُو من أَدبر وتوَلَّى أَي تُعَذِّبُ، وقال ثعلب: تُنادي من أَدْبر وتوَلَّى.
ودَعَوْته بزيدٍ ودَعَوْتُه إياهُ: سَمَّيته به، تَعَدَّى الفعلُ بعد إسقاط الحرف؛ قال ابن أَحمرَ الباهلي: أَهْوَى لها مِشْقَصاً جَشْراً فشَبْرَقَها، وكنتُ أَدْعُو قَذَاها الإثْمِدَ القَرِدا أَي أُسَمِّيه، وأَراد أَهْوَى لما بِمِشْقَصٍ فحذف الحرف وأَوصل.
وقوله عز وجل: أَنْ دَعَوْا للرحمن وَلَداً؛ أَي جعَلوا، وأَنشد بيت ابن أَحمر أَيضاً وقال أَي كنت أَجعل وأُسَمِّي؛ ومثله قول الشاعر: أَلا رُبَّ مَن تَدْعُو نَصِيحاً، وإنْ تَغِبْ تَجِدْهُ بغَيْبٍ غيرَ مُنْتَصِحِ الصَّدْرِ وادَّعيت الشيءَ: زَعَمْتُهِ لي حَقّاً كان أَو باطلاً.
وقول الله عز وجل في سورة المُلْك: وقيل هذا الذي كُنْتُم به تَدَّعُون؛ قرأَ أَبو عمرو تَدَّعُون، مثقلة، وفسره الحسن تَكْذبون من قولك تَدَّعي الباطل وتَدَّعي ما لا يكون، تأْويله في اللغة هذا الذي كنتم من أَجله تَدَّعُونَ الأَباطيلَ والأَكاذيبَ، وقال الفراء: يجوز أَن يكون تَدَّعُون بمعنى تَدْعُون، ومن قرأَ تَدْعُون، مخففة، فهو من دَعَوْت أَدْعُو، والمعنى هذا الذي كنتم به تستعجلون وتَدْعُون الله بتَعْجيله، يعني قولهم: اللهم إن كان هذا هوالحَقَّ من عندك فأَمْطِر علينا حجارةً من السماء، قال: ويجوز أَن يكون تَدَّعُون في الآية تَفْتَعِلُونَ من الدعاء وتَفْتَعِلون من الدَّعْوَى، والاسم الدَّعْوى والدِّعْوة، قال الليث: دَعا يَدْعُو دَعْوَةً ودُعاءً وادَّعَى يَدَّعي ادِّعاءً ودَعْوَى.
وفي نسبه دَعْوة أَي دَعْوَى.
والدِّعْوة، بكسر الدال: ادِّعاءُ الوَلدِ الدَّعِيِّ غير أَبيه. يقال: دَعِيٌّ بيِّنُ الدِّعْوة والدِّعاوَة.
وقال ابن شميل: الدَّعْوة في الطعام والدِّعْوة في النسب. ابن الأَعرابي: المدَّعَى المُتَّهَمُ في نسبَه، وهو الدَّعِيُّ.
والدَّعِيُّ أَيضاً: المُتَبَنَّى الذي تَبَنَّاه رجلٌ فدعاه ابنَه ونسبُه إلى غيره، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، تَبَنَّى زيدَ بنَ حارثةَ فأَمَرَ اللهُ عز وجل أَن يُنْسَب الناسُ إلى آبائهم وأَن لا يُنْسَبُوا إلى مَن تَبَنَّاهم فقال: ادْعُوهم لآبائهم هو أَقْسَطُ عند الله فإن لم تَعْلَموا آباءَهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَوالِيكمْ، وقال: وما جعلَ أَدْعِياءَكم أَبْناءَكم ذلِكم قَوْلُكمْ بأَفْواهِكم. أَبو عمرو عن أَبيه: والداعي المُعَذِّب، دَعاهُ الله أَي عَذَّبَه الله.
والدَّعِيُّ: المنسوب إلى غير أَبيه.
وإنه لَبَيِّنُ الدَّعْوَة والدِّعْوةِ، الفتح لعَدِيِّ بن الرِّباب، وسائرُ العرب تَكْسِرُها بخلاف ما تقدم في الطعام.
وحكى اللحياني: إنه لبيِّنُ الدَّعاوة والدِّعاوة.
وفي الحديث: لا دِعْوة في الإسلام؛ الدِّعْوة في النسب، بالكسر: وهو أَن ينْتَسب الإنسان إلى غير أََبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه فنهى عنه وجعَل الوَلَدَ للفراش.
وفي الحديث: ليس من رجل ادَّعَى إلى غير أَبيه وهو يَعْلمه إلا كَفَر، وفي حديث آخر: فالجَنَّة عليه حرام، وفي حديث آخر: فعليه لعنة الله، وقد تكرَّرَت الأَحاديث في ذلك، والادِّعاءُ إلى غيرِ الأَبِ مع العِلْم به حرام، فمن اعتقد إباحة ذلك فقد كفر لمخالفته الإجماع، ومن لم يعتقد إباحته ففي معنى كفره وجهان: أَحدهما أَنه قدأَشبه فعلُه فعلَ الكفار، والثاني أَنه كافر بنعمة الله والإسلام عليه؛ وكذلك الحديث الآخر: فليس منا أَي إن اعْتَقَد جوازَه خرج من الإسلام، وإن لم يعتقده فالمعنى لم يَتَخَلَّق بأَخلاقنا؛ ومنه حديث علي بن الحسين: المُسْتَلاطُ لا يَرِثُ ويُدْعَى له ويُدْعَى به؛ المُسْتَلاطُ المُسْتَلْحَق في النسب، ويُدَعى له أَي يُنْسَبُ إليه فيقال: فلان بن فلان، ويُدْعَى به أَي يُكَنَّى فيقال: هو أَبو فلان، وهو مع ذلك لا يرث لأَنه ليس بولد حقيقي.
والدَّعْوة: الحِلْفُ، وفي التهذيب: الدَّعوةُ الحِلْف. يقال: دَعْوة بني فلان في بني فلان.
وتَداعَى البناءُ والحائط للخَراب إذا تكسَّر وآذَنَ بانْهِدامٍ.
وداعَيْناها عليهم من جَوانِبِها: هَدَمْناها عليهم.
وتَداعَى الكثيب من الرمل إذا هِيلَ فانْهالَ.
وفي الحديث: كَمَثَلِ الجَسدَ إذا اشْتَكَى بعضهُ تَداعَى سائرهُ بالسَّهَر والحُمَّى كأَن بعضه دعا بعضاً من قولهم تَداعَت الحيطان أَي تساقطت أَو كادت، وتَداعَى عليه العدوّ من كل جانب: أَقْبَلَ، من ذلك.
وتَداعَت القبائلُ على بني فلان إذا تأَلَّبوا ودعا بعضهم بعضاً إلى التَّناصُر عليهم.
وفي الحديث: تَداعَتْ عليكم الأُمَم أَي اجتمعوا ودعا بعضهم بعضاً.
وفي حديث ثَوْبانَ: يُوشكُ أَن تَداعَى عليكم الأُمَمُ كما تَداعَى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها.
وتَداعَتْ إبلُ فلان فهي مُتدَاعِيةٌ إذا تَحَطَّمت هُزالاً؛ وقال ذو الرمة: تَباعَدْتَ مِنِّي أَن رأَيتَ حَمُولَتي تَداعَتْ، وأَن أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ والتَّداعِي في الثوب إذا أَخْلَقَ، وفي الدار إذا تصدَّع من نواحيها، والبرقُ يَتَداعَى في جوانب الغَيْم؛ قال ابن أَحمر: ولا بَيْضاءَ في نَضَدٍ تَداعَى ببَرْقٍ في عَوارِضَ قد شَرِينا ويقال: تَداعَت السحابةُ بالبرق والرَّعْد من كل جانب إذا أَرْعَدَت وبَرَقَت من كل جهة. قال أَبو عَدْنان: كلُّ شيء في الأَرض إذا احتاجَ إلى شيء فقد دَعا به.
ويقال للرجل إذا أَخْلَقَت ثيابُه: قد دعَتْ ثِيابُكَ أَي احْتَجْتَ إلى أَن تَلْبَسَ غيرها من الثياب.
وقال الأَخفش: يقال لو دُعينا إلى أَمر لانْدَعَينا مثل قولك بَعَثْتُه فانْبَعَثَ، وروى الجوهريّ هذا الحرف عن الأَخفش، قال: سمعت من العرب من يقول لو دَعَوْنا لانْدَعَيْنا أَي لأَجَبْنا كما تقول لو بَعَثُونا لانْبَعَثْنا؛ حكاها عنه أَبو بكر ابن السَّرَّاج.
والتَّداعي: التَّحاجِي.
وداعاهُ: حاجاهُ وفاطَنَه.
والأُدْعِيَّةُ والأُدْعُوّةُ: ما يَتَداعَوْنَ به. سيبويه: صَحَّت الواو في أُدْعُوّة لأَنه ليس هناك ما يَقْلِبُها، ومن قال أُدْعِيَّة فلخِفَّةِ الياء على حَدِّ مَسْنِيَّة، والأُدْعِيَّة مِثْل الأُحْجِيَّة.
والمُداعاة: المُحاجاة. يقال: بينهم أُدْعِيَّة يَتَداعَوْنَ بها وأُحْجِيَّة يَتَحاجَوْنَ بها، وهي الأُلْقِيَّة أَيضاً، وهي مِثْلُ الأُغْلُوطات حتى الأَلْغازُ من الشعر أُدْعِيَّة مثل قول الشاعر: أُداعِيكَ ما مُسْتَحْقَباتٌ مع السُّرَى حِسانٌ، وما آثارُها بحِسانِ أَي أُحاجِيكَ، وأَراد بالمُسْتَحْقَباتِ السُّيوفَ، وقد دَاعَيْتُه أُدَاعِيهِ؛ وقال آخر يصف القَلَم: حاجَيْتُك يا خَنْسا ءُ، في جِنْسٍ من الشِّعْرِ وفيما طُولُه شِبْرٌ، وقد يُوفِي على الشِّبْرِ له في رَأْسِهِ شَقٌّ نَطُوفٌ، ماؤُه يَجْرِي أَبِيِني، لَمْ أَقُلْ هُجْراً ورَبِّ البَيْتِ والحِجْرِ

حبل (لسان العرب) [0]


الحَبْل: الرِّباط، بفتح الحاء، والجمع أَحْبُل وأَحبال وحِبال وحُبُول؛ وأَنشد الجوهري لأَبي طالب: أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه بمِنْسَأَة؟ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا قال ابن بري: صوابه قد جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قال: وبعده: هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرة، إِنَّه سَيَحكُم فيما بَيْننا، ثم يَعْدِلُ والحبْل: الرَّسَن، وجمعه حُبُول وحِبال.
وحَبَل الشيءَ حَبْلاً: شَدَّه بالحَبْل؛ قال: في الرأْس منها حبُّه مَحْبُولُ ومن أَمثالهم: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ أَي يا من يَشُدُّ الحَبْلَ اذكر وقت حَلِّه. قال ابن سيده: ورواه اللحياني يا حامل، بالميم، وهو تصحيف؛ قال ابن جني: وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أَبا علي فرأَيته غير راض بها، قال: . . . أكمل المادة وكان يكاد يُصَلِّي بنوادر أَبي زيد إِعْظاماً لها، قال: وقال لي وقت قراءتي إِياها عليه ليس فيها حرف إِلاَّ ولأَبي زيد تحته غرض مّا، قال ابن جني: وهو كذلك لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ الليث: المُحَبَّل الحَبْل في قول رؤبة: كل جُلال يَمْلأ المُحَبَّلا وفي حديث قيس بن عاصم: يَغْدو الناس بِحبالهم فلا يُوزَع رجل عن جَمَل يَخْطِمُه؛ يريد الحِبال التي تُشَدُّ فيها الإِبل أَي يأْخذ كل إِنسان جَمَلاً يَخْطِمُه بحَبْله ويتملكه؛ قال الخطابي: رواه ابن الأَعرابي يغدو الناس بجمالهم، والصحيح بحِبالهم.
والحابُول: الكَرُّ الذي يُصْعد به على النخل.
والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وهو مثل الجِوار؛ وأَنشد الأَزهري: ما زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكُم، مَنْ حَلِّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا بعَهْدٍ وذِمَّةٍ.
والحَبْل: التَّواصُل. ابن السكيت: الحَبْل الوِصال.
وقال الله عز وجل: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً؛ قال أَبو عبيد: الاعتصام بحَبْل الله هو ترك الفُرْقة واتباعُ القرآن، وإِيَّاه أَراد عبد الله بن مسعود بقوله: عليكم بحَبْل الله فإِنه كتاب الله.
وفي حديث الدعاء: يا ذا الحَبْل الشديد؛ قال ابن الأَثير: هكذا يرويه المحدثون بالباء، قال: والمراد به القرآن أَو الدين أَو السبب؛ ومنه قوله تعالى: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا؛ ووصفه بالشدَّة لأَنها من صِفات الحِبال، والشدَّةُ في الدين الثَّباتُ والاستقامة؛ قال الأَزهري: والصواب الحَيْل، بالياء، وهو القُوَّة، يقال حَيْل وحَوْل بمعنى.
وفي حديث الأَقرع والأَبرص والأَعمى: أَنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحِبال في سَفَري أَي انقطعت بي الأَسباب، من الحَبْل السَّبَبِ. قال أَبو عبيد: وأَصل الحَبْل في كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأَمان.
وفي حديث الجنازة: اللهم إِن فلانَ بْنَ فلانٍ في ذمتك وحَبْل جِوارك؛ كان من عادة العرب أَن يُخِيف بعضها بعضاً في الجاهلية، فكان الرجل إِذا أَراد سفراً أَخذ عهداً من سيد كل قبيلة فيأْمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إِلى الأُخرى فيأْخذ مثل ذلك أَيضاً، يريد به الأَمان، فهذا حَبْل الجِوار أَي ما دام مجاوراً أَرضه أَو هو من الإِجارة الأَمان والنصرة؛ قال: فمعنى قول ابن مسعود عليكم بحبل الله أَي عليكم بكتاب الله وترك الفُرْقة، فإِنه أَمان لكم وعهد من عذاب الله وعقابه؛ وقال الأَعشى يذكر مسيراً له: وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة، أَخَذَتْ من الأُخرى إِليك حِبالَها وفي الحديث: بيننا وبين القوم حِبال أَي عهود ومواثيق.
وفي حديث ذي المِشْعار: أَتَوْك على قُلُصٍ نَواجٍ متصلة بحَبائل الإِسلام أَي عهوده وأَسبابه، على أَنها جمع الجمع. قال: والحَبْل في غير هذا المُواصَلة؛ قال امرؤ القيس: إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي، وبِرِيش نَبْلِك رائش نَبْلي والحَبْل: حَبْل العاتق. قال ابن سيده: حَبْل العاتق عَصَب، وقيل: عَصَبة بين العُنُق والمَنْكِب؛ قال ذو الرمة: والقُرْطُ في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ، تَباعَدَ الحَبْلُ منها، فهو يضطرب وقيل: حَبْل العاتق الطَّرِيقة التي بين العُنُق ورأْس الكتف. الأَزهري: حَبْلُ العاتق وُصْلة ما بين العاتق والمَنْكِب.
وفي حديث أَبي قتادة: فضربته على حَبْل عاتقه، قال: هو موضع الرداء من العنق، وقيل: هو عِرْق أَو عَصَب هناك.
وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ في الحَلْق، والوَرِيدُ عِرْق يَنْبِض من الحيوان لا دَم فيه. الفراء في قوله عز وجل: ونحن أَقرب إِليه من حَبْل الوريد؛ قال: الحَبْل هو الوَرِيد فأُضيف إِلى نفسه لاختلاف لفظ الاسمين، قال: والوَرِيد عِرْق بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛ الجوهري: حَبْل الوَرِيد عِرْق في العنق وحَبْلُ الذراع في اليد.
وفي المثل: هو على حَبْل ذراعك أَي في القُرب منك. ابن سيده: حَبْل الذراع عِرْق ينقاد من الرُّسْغ حتى ينغمس في المَنْكِب؛ قال: خِطَامُها حَبْلُ الذراع أَجْمَع وحَبْل الفَقار: عِرق ينقاد من أَول الظهر إِلى آخره؛ عن ثعلب؛ وأَنشد البيت أَيضاً: خِطامها حبل الفَقار أَجْمَع مكان قوله حَبْل الذراع، والجمع كالجمع.
وهذا على حَبْل ذراعك أَي مُمْكِن لك لا يُحال بينكما، وهو على المثل، وقيل: حِبال الذراعين العَصَب الظاهر عليهما، وكذلك هي من الفَرَس. الأَصمعي: من أَمثالهم في تسهيل الحاجة وتقريبها: هو على حَبْل ذراعك أَي لا يخالفك، قال: وحَبْل الذراع عِرْق في اليد، وحِبال الفَرَس عروق قوائمه؛ ومنه قول امرئ القيس: كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِه، بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل والأَمراس: الحِبال، الواحدة مَرَسة، شَبَّه عروق قوائمه بحِبال الكَتَّان، وشبه صلابة حوافره بصُمِّ الجَنْدَل، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم السماء.
وحِبال الساقين: عَصَبُهما.
وحَبائِل الذكر: عروقه.
والحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال لبيد: حَبائلُه مبثوثة بَسبِيلهِ، ويَفْنى إِذا ما أَخطأَتْه الحَبائل وفي الحديث: النِّساء حَبائل الشيطان أَي مَصايِدُه، واحدتها حِبالة، بالكسر، وهي ما يصاد بها من أَيّ شيء كان.
وفي حديث ابن ذي يَزَن: ويَنْصِبون له الحَبائل.
والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد.
والمَحْبُول: الوَحْشيُّ الذي نَشِب في الحِبالة.
والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت.
وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له.
وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل؛ واستعاره الراعي للعين وأَنها عَلِقَت القَذَى كما عَلِقَت الحِبالةُ الصيدَ فقال: وبات بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لا يُنيمُها وقيل: المَحْبُول الذي نصبت له الحِبالة وإِن لم يقع فيها.
والمُحْتَبَل: الذي أُخِذ فيها؛ ومنه قول الأَعشى: ومَحْبُول ومُحْتَبَل الأَزهري: الحَبْل مصدر حَبَلْت الصيد واحتبلته إِذا نصبت له حِبالة فنَشِب فيها وأَخذته.
والحِبالة: جمع الحَبَل. يقال: حَبَل وحِبال وحِبالة مثل جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة.
وفي حديث عبد الله السعدي: سأَلت ابن المسيَّب عن أَكل الضَّبُع فقال: أَوَيأْكلها أَحد؟ فقلت: إِن ناساً من قومي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها، أَي يصطادونها بالحِبالة.ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ ومنه قول لبيد: ولقد أَغدو، وما يَعْدِمُني صاحبٌ غير طَوِيل المُحْتَبَل أَي غير طويل الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كان أَشدّ.
والمُحْتَبَل من الدابة: رُسْغُها لأَنه موضع الحَبْل الذي يشدّ فيه.
والأُحْبُول: الحِبالة.
وحبائل الموت: أَسبابُه؛ وقد احْتَبَلهم الموتُ.
وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور.
وفي حديث قتادة في صفة الدجال، لعنه الله: إِنه مُحبَّل الشعر أَي كأَن كل قَرْن من قرون رأْسه حَبْل لأَنه جعله تَقاصيب لجُعُودة شعره وطوله، ويروى بالكاف مُحَبَّك الشَّعر.
والحُبال: الشَّعر الكثير.
والحَبْلانِ: الليلُ والنهار؛ قال معروف بن ظالم: أَلم تر أَنَّ الدهر يوم وليلة، وأَنَّ الفتى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟ وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذُلِّهم إِلى آخر الدنيا وانقضائها: ضُرِبَت عليهم الذِّلَّة أَينما ثُقِفُوا إِلاَّ بحَبْل من الله وحَبْل من الناس؛ قال الأَزهري: تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت مذاهبهم فيها لإِشكالها، فقال الفراء: معناه ضربت عليهم الذلة إِلا أَن يعتصموا بحَبْل من الله فأَضمر ذلك؛ قال: ومثله قوله: رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً، وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفؤاد فَرُوق أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كما أَضمر الاعتصام في الآية؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال: الذي قاله الفراء بعيد أَن تُحْذف أَن وتبقى صِلَتُها، ولكن المعنى إِن شاء الله ضُرِبَت عليهم الذلة أَينما ثُقِفوا بكل مكان إِلا بموضع حَبْل من الله، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأَمكنة إِلا في هذا المكان؛ قال: وقول الشاعر رأَتني بحَبْلَيْها فاكتفى بالرؤية من التمسك، قال: وقال الأَخفش إِلا بحَبْل من الله إِنه استثناء خارج من أَول الكلام في معنى لكن، قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو العباس.
وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أُوصيكم بكتاب الله وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم من الآخر وهو كتاب الله حَبْل ممدود من السماء إِلى الأَرض أَي نور ممدود؛ قال أَبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله (* قوله «اتصال كتاب الله» أي بالسماء) عز وجل وإِن كان يُتْلى في الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، ومعنى الحَبْل الممدود نور هُدَاه، والعرب تُشَبِّه النور الممتدّ بالحَبْل والخَيْط؛ قال الله تعالى: حتى يتبين لكم الخيط الأَبيض من الخيط الأَسود من الفجر؛ يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأَبيض هو نور الصبح إِذا تبين للأَبصار وانفلق، والخيط الأَسود دونه في الإِنارة لغلبة سواد الليل عليه، ولذلك نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الآخر بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل قريبان من السَّواء.
وفي حديث آخر: وهو حَبْل الله المَتِين أَي نور هداه، وقيل عَهْدُه وأَمانُه الذي يُؤمِن من العذاب.
والحَبْل: العهد والميثاق. الجوهري: ويقال للرَّمْل يستطيل حَبْل، والحَبْل الرَّمْل المستطيل شُبِّه بالحَبل.
والحَبْل من الرمل: المجتمِعُ الكثير العالي.
والحَبْل: رَمْل يستطيل ويمتدّ.
وفي حديث عروة بن مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِّء ما تركت من حبل إِلا وقفت عليه؛ الحَبْل: المستطيل من الرَّمْل، وقيل الضخم منه، وجمعه حِبال، وقيل: الحِبال في الرمل كالجِبال في غير الرمل؛ ومنه حديث بدر: صَعِدْنا على حَبْل أَي قطعة من الرمل ضَخْمة ممتدَّة.
وفي الحديث: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بين يديه أَي طريقَهم الذي يسلكونه في الرَّمْل، وقيل: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم في مشيهم تشبيهاً بحَبْل الرمل.
وفي صفة الجنة: فإِذا فيها حَبائل اللؤلؤ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في كتاب البخاري والمعروف جَنابِذُ اللؤلؤ، وقد تقدم، قال: فإِن صحت الرواية فيكون أَراد به مواضع مرتفعة كحِبال الرمل كأَنه جمع حِبالة، وحِبالة جمع حَبْل أَو هو جمع على غير قياس. ابن الأَعرابي: يقال للموت حَبِيلَ بَراح؛ ابن سيده: فلان حَبِيل بَراح أَي شُجاعٌ، ومنه قيل للأَسد حَبِيل بَراح، يقال ذلك للواقف مكانه كالأَسد لا يَفِرُّ.
والحبْل والحِبْل: الداهية، وجَمْعها حُبُول؛ قال كثيِّر:فلا تَعْجَلي، يا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول وقال الأَخطل: وكنتُ سَلِيمَ القلب حتى أَصابَني، من اللاَّمِعات المُبْرِقاتِ، حُبولُ قال ابن سيده: فأَما ما رواه الشيباني خُبُول، بالخاء المعجمة، فزعم الفارسي أَنه تصحيف.
ويقال للداهية من الرجال: إِنه لحِبْل من أَحْبالها، وكذلك يقال في القائم على المال. ابن الأَعرابي: الحِبْل الرجل العالم الفَطِن الداهي؛ قال وأَنشدني المفضل: فيا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها، تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل يقال: رَأْرَأَتْ بعينيها وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز الرَّجُل.
وثار حابِلُهم على نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بينهم.
ومن أَمثال العرب في الشدة تصيب الناس: قد ثار حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحابل: الذي يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرامي عن قوسه بالنَّبْل، وقد يُضرب هذا مثلاً للقوم تتقلب أَحوالهم ويَثُور بعضهم على بعض بعد السكون والرَّخاء. أَبو زيد: من أَمثالهم: إِنه لواسع الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كقولك هو ضَيِّق الخُلُق وواسع الخُلُق؛ أَبو العباس في مثله: إِنه لواسع العَطَن وضَيِّق العَطَن.
والْتَبَس الحابل بالنابِل؛ الحابِلُ سَدَى الثوب، والنابِلُ اللُّحْمة؛ يقال ذلك في الاختلاط.
وحَوَّل حابِلَه على نابِلِه أَي أَعلاه على أَسفله، واجْعَل حابِلَه نابِلَه، وحابله على نابله كذلك.
والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وقيل الأَصل من أُصول الكَرْم، والحَبَلة: طاق من قُضْبان الكَرْم.
والحَبَلُ: شجر العِنَب، واحدته حَبَلة.
وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب من العنب بالطائف، بيضاء مُحَدَّدة الأَطراف متداحضة (* قوله: متداحضة، هكذا في الأصل) العناقيد.
وفي الحديث: لا تقولوا للعِنَب الكَرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة، بفتح الحاء والباء وربما سكنت، هي القَضيب من شجر الأَعناب أَو الأَصل.
وفي الحديث: لما خرج نوح من السفينة غَرَس الحَبَلة.
وفي حديث ابن سِيرِين: لما خرج نوح من السفينة فَقَدَ حَبَلَتَيْن كانتا معه، فقال له المَلَك: ذَهَب بهما الشيطان، يريد ما كان فيهما من الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل من أُصول الكَرْم، وجمعها الجَفْن، وهي الحَبَلة، بفتح الباء، ويجوز الحَبْلة، بالجزم.
وروي عن أَنس بن مالك: أَنه كانت له حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وكان يسميها أُمَّ العِيال، وهي الأَصل من الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عن غِرَاسِها وامتدّت وكثرت قضبانها حتى بلغ حَمْلُها كُرًّا.
والحَبَل: الامتلاء.
وحَبِل من الشراب: امتلأَ.
ورجل حَبْلانُ وامرأَة حَبْلى: ممتلئان من الشراب.
والحُبال: انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ والماء وغيره؛ قال أَبو حنيفة: إِنما هو رجل حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، ومنه حَبَلُ المرأَة وهو امتلاء رَحِمها.
والحَبْلان أَيضاً: الممتلئ غضباً.
وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ من شرب اللبن، فهو حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى.
وفلان حَبْلان على فلان أَي غضبان.
وبه حَبَلٌ أَي غَضَب، قال: وأَصله من حَبَل المرأَة. قال ابن سيده: والحَبَل الحَمْل وهو من ذلك لأَنه امتلاء الرَّحِم.
وقد حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلاً، والحَبَل يكون مصدراً واسماً، والجمع أَحْبال؛ قال ساعدة فجعله اسماً: ذا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه، مَهْما يكن من مَسام مَكْرَهٍ يَسُم ولو جعله مصدراً وأَراد ذوات الأَحبال لكان حَسَناً.
وامرأَة حابلة من نسوة حَبَلة نادر، وحُبْلى من نسوة حُبْلَيات وحَبالى، وكان في الأَصل حَبالٍ كدَعاوٍ تكسير دَعْوَى؛ الجوهري في جمعه: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات، قال: لأَنها ليس لها أَفْعَل، ففارق جمع الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بكسر اللام، قال: لأَن كل جمع ثالثه أَلف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مَساجِد وجَعافِر، ثم أَبدلوا من الياء المنقلبة من أَلف التأْنيث أَلفاً، فقالوا حَبالى، بفتح اللام، ليفْرِقوا بين الأَلفين كما قلنا في الصَّحارِي، وليكون الحَبالى كحُبْلى في ترك صرفها، لأَنهم لو لم يُبْدِلوا لسقطت الياء لدخول التنوين كما تسقط في جَوَارٍ، وقد ردّ ابن بري على الجوهري قوله في جمع حُبْلى حَبَالَيَات، قال: وصوابه جُبْلَيَات. قال ابن سيده: وقد قيل امرأَة حَبْلانة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، واختلف في هذه الصفة أَعَامَّة للإِناث أَم خاصة لبعضها، فقيل: لا يقال لشيء من غير الحيوان حُبْلى إِلا في حديث واحد: نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة، وهو أَن يباع ما يكون في بطن الناقة، وقيل: معنى حَبَل الحَبَلة حَمْل الكَرْمة قبل أَن تبلغ، وجعل حَمْلها قبل أَن تبلغ حَبَلاً، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أَن يُزْهِي، وقيل: حَبَل الحَبَلة ولدُ الولد الذي في البطن، وكانت العرب في الجاهلية تتبايع على حَبَل الحَبَلة في أَولاد أَولادها في بطون الغنم الحوامل، وفي التهذيب: كانوا يتبايعون أَولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك.
وقال أَبو عبيد: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج وولد الجَنين الذي في بطن الناقة، وهو قول الشافعي، وقيل: كل ذات ظُفُر حُبْلى؛ قال: أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب الأَزهري: يزيد بن مُرَّة نهي عن حَبَل الحَبَلة، جعل في الحَبَلة هاء، قال: وهي الأُنثى التي هي حَبَل في بطن أُمها فينتظر أَن تُنْتَج من بطن أُمها، ثم ينتظر بها حتى تَشِبَّ، ثم يرسل عليها الفَحْل فتَلْقَح فله ما في بطنها؛ ويقال: حَبَل الحَبَلة للإِبل وغيرها، قال أَبو منصور: جعل الأَول حَبَلة بالهاء لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فولدها حَبَل، قال: وحَبَل الحَبَلة المنتظرة أَن تَلْقِحَ الحَبَلة المستشعرة هذي التي في الرحم لأَن المُضْمَرة من بعد ما تُنْتَج إِمَّرة.
وقال ابن خالويه: الحَبَل ولد المَجْر وهو وَلَد الولد. ابن الأَثير في قوله: نهي عن حَبَل الحَبَلة، قال: الحَبَل، بالتحريك، مصدر سمي به المحمول كما سمي به الحَمْل، وإِنما دخلت عليه التاء للإِشعار بمعنى الأُنوثة فيه، والحَبَل الأَول يراد به ما في بطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون النوق، وإِنما نهي عنه لمعنيين: أَحدهما أَنه غَرَر وبيع شيء لم يخلق بعد وهو أَن يبيع ما سوف يحمله الجَنِين الذي في بطن أُمه على تقدير أَن يكون أُنثى فهو بيع نِتَاج النِّتَاج، وقيل: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يبيعه إِلى أَجل يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بطن الناقة، فهو أَجل مجهول ولا يصح؛ ومنه حديث عمر لما فُتِحت مصر: أَرادوا قَسْمها فكتبوا إِليه فقال لا حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة؛ يريد حتى يَغْزُوَ منها أَولاد الأَولاد ويكون عامّاً في الناس والدواب أَي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإِذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأَولاد، أَو يكون أَراد المنع من القسمة حيث علقه على أَمر مجهول.
وسِنَّوْرَة حُبْلى وشاة حُبْلى.
والمَحْبَل: أَوان الحَبَل.
والمَحْبِل: موضع الحَبَل من الرَّحِم؛ وروي بيت المتنخل الهذلي: إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة منها بِرِيٍّ، وعلى مِرْجَل لا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل والأَعْرف: في المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سكران، بمَصْروفة أَي بخَمْر صِرْف، على مِرْجَل أَي على لحم في قِدْر، وإِن كان هذا دائماً فليس يَقِيه الموت، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل أَي كُتِب له الموت حين حَبِلَتْ به أُمُّه؛ قال أَبو منصور: أَراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن النطفة تكون في الرَّحمِ أَربعين يوماً نُطْفة ثم عَلَقة كذلك ثم مُضْغة كذلك، ثم يبعث الله المَلَك فيقول له اكتب رزقَه وَعَملَه وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سعيد فيُخْتَم له على ذلك، فما من أَحد إِلا وقد كُتِب له الموت عند انقضاء الأَجَل المؤَجَّل له.
ويقال: كان ذلك في مَحْبَل فلان أَي في وقت حَبَل أُمه به.
وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه على بعض.
والحَبَلة: بَقْلة لها ثمرة كأَنها فِقَر العقرب تسمى شجرة العقرب، يأْخذها النساء يتداوين بها تنبت بنَجْد في السُّهولة.
والحُبْلة: ثمر السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وهي هَنَة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صُغَار أَسود كأَنه العَدَس، وقيل: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وقيل: هو وِعَاءُ حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جميع العِضَاه بَعْدُ فإِن لها مكان الحُبْلة السِّنَفة، وقد أَحْبَل العِضَاهُ.
والحُبْلة: ضَرْب من الحُلِيِّ يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد؛ وفي التهذيب: كان يجعل في القلائد في الجاهلية؛ قال عبدالله بن سليم من بني ثعلبة بن الدُّول: ولقد لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ، بنَقَاة جَيْبِ الدَّرْع غَير عَبُوس ويَزِينُها في النَّحْر حَلْيٌ واضح، وقَلائدٌ من حُبْلة وسُلُوس والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فيه الخَرَز، وجمعه سُلوس.
والحُبْلة: شجرة يأْكلها الضِّبَاب.
وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة.
والحُبْلة: بَقْلة طَيِّبة من ذكور البقل.
والحَبَالَّة: الانطلاق (* قوله «والحبالة الانطلاق» وفي القاموس: من معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله)؛ وحكى اللحياني: أَتيته على حَبَالَّة انطلاق، وأَتيته على حَبَالَّة ذلك أَي على حين ذلك وإِبَّانه.
وهي على حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عليه.
وكل ما كان على فَعَالَّة، مشددة اللام، فالتخفيف فيها جائز كحَمَارَّة القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلاَّ حَبَالَّة ذلك فإِنه ليس في لامها إِلاَّ التشديد؛ رواه اللحياني.
والمَحْبَل: الكتاب الأَوَّل.
وبنو الحُبْلى: بطن، النسب إِليه حُبْلِيّ، على القياس، وحُبَليُّ على غيره.
والحُبَل: موضع. الليث: فلان الحُبَليّ منسوب إِلى حَيٍّ من اليمن. قال أَبو حاتم: ينسب من بني الحُبْلى، وهم رهط عبد اٍّلله ابن أُبيٍّ المنافق، حُبَليُّ، قال: وقال أَبو زيد ينسب إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ.
وبنو الحُبْلى: من الأَنصار؛ قال ابن بري: والنسبة إِليه حُبَليٌّ، يفتح الباء.
والحَبْل: موضع بالبصرة؛ وقول أَبي ذؤَيب: وَرَاحَ بها من ذي المَجَاز، عَشِيَّةً، يُبَادر أُولى السابقين إِلى الحَبْل قال السكري: يعني حَبْلَ عَرفة.
والحابل: أَرض؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تمنع ربَّها من أَن يَبِيت وأَهْله بالحابِل والحُبَليل: دُويَّبة يموت فإِذا أَصابه المطر عاش، وهو من الأَمثلة التي لم يحكها سيبويه. ابن الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل اللُّوبِيَاء، والحَبْل الثِّقَل. ابن سيده: الحُبْلة، بالضم، ثمر العِضاه.
وفي حديث سعد بن أَبي وَقَّاص: لقد رأَيتُنا مع رسول اٍّلله، صلى اٍّلله عليه وسلم، وما لَنا طعام إِلاَّ الحُبْلة وورق السَّمُر؛ أَبو عبيد: الحُبْلة والسَّمُر ضَرْبان من الشجر؛ شمر: السَّمُر شبه اللُّوبِيَاء وهو الغُلَّف من الطَّلْح والسِّنْف من المَرْخ، وقال غيره: الحُبْلة، بضم الحاء وسكون الباء، ثمر للسَّمُر يشبه اللُّوبِيَاء، وقيل: هو ثمر العِضَاه؛ ومنه حديث عثمان، رضي اٍّلله عنه: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها؟ الجوهري: ضَبُّ حابِل يَرْعَى الحُبْلة.
وقال ابن السكيت: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى الحُبْلة والسِّحَاء.
وأَحْبَله أَي أَلقحه.
وحِبَال: اسم رجل من أَصحاب طُلَيْحة بن خويلد الأَسدي أَصابه المسلمون في الرِّدَّة فقال فيه: فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة، فلن تَذْهَبوا فَرْغاً بقتل حِبَال وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقْطَع مُجَّاعة بن مَرَارة الحُبَل؛ بضم الحاء وفتح الباء، موضع باليمامة، والله أَعلم.

عفا (لسان العرب) [0]


في أَسماءِ الله تعالى: العَفُوُّ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ. يقال: عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ، قال الليث: العَفْوُ عَفْوُ اللهِ، عز وجل، عن خَلْقِه، والله تعالى العَفُوُّ الغَفُور.
وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ عنه. قال ابن الأَنباري في قوله تعالى: عَفَا الله عنكَ لمَ أَذِنْتَ لهُم؛ مَحا اللهُ عنكَ، مأْخوذ من قولهم عفَت الرياحُ الآثارَ إِذا دَرَسَتْها ومَحَتْها، وقد عَفَت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً، لفظُ اللازم والمُتَعدِّي سواءٌ. قال الأَزهري: قرأْت بخَطّ شمر لأَبي زيد عَفا الله تعالى عن العبد عَفْواً، وعَفَتِ الريحُ . . . أكمل المادة الأَثر عفاءً فعَفَا الأَثَرُ عُفُوّاً.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: سَلُوا اللهَ العَفْو والعافية والمُعافاة، فأَما العَفْوُ فهو ما وصفْناه من مَحْو الله تعالى ذُنوبَ عبده عنه، وأَما العافية فهو أَن يُعافيَهُ الله تعالى من سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وهي الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض. يقال: عافاهُ الله وأَعْفاه أَي وهَب له العافية من العِلَل والبَلايا.
وأَما المُعافاةُ فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ من الناس ويُعافِيَهم منكَ أَي يُغْنيك عنهم ويغنيهم عنك ويصرف أَذاهم عنك وأَذاك عنهم، وقيل: هي مُفاعَلَة من العفوِ، وهو أَن يَعْفُوَ عن الناس ويَعْفُوا هُمْ عنه.
وقال الليث: العافية دِفاعُ الله تعالى عن العبد. يقال: عافاه اللهُ عافيةً، وهو اسم يوضع موضِع المصدر الحقيقي، وهو المُعافاةُ، وقد جاءَت مصادرُ كثيرةٌ على فاعلة، تقول سَمعْت راغِيَة الإِبل وثاغِيَة الشاءِ أَي سمعتُ رُغاءَها وثُغاءَها. قال ابن سيده: وأَعْفاهُ الله وعافاهُ مُعافاةً وعافِيَةً مصدرٌ، كالعاقِبة والخاتِمة، أَصَحَّه وأَبْرأَه.
وعَفا عن ذَنْبِه عَفْواً: صَفَح، وعَفا الله عنه وأَعْفاه.
وقوله تعالى: فمَن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتِّباعٌ بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسانٍ؛ قال الأَزهري: وهذه آية مشكلة، وقد فسَّرها ابن عباس ثم مَنْ بعدَه تفسيراً قَرَّبوه على قَدْر أَفْهام أَهل عصرهم، فرأَيتُ أَن أَذكُر قولَ ابن عباس وأُؤَيِّدَه بما يَزيدهُ بياناً ووُضوحاً، روى مجاهد قال: سمعت ابنَ عباسٍ يقول كان القصاصُ في بني إِسرائيلَ ولم تكن فيهم الدِّيَة، فقال الله عز وجل لهذه الأُمَّة: كتِب عليكم القِصاصُ في القَتْلى الحرُّ بالحُرِّ والعبدُ بالعبدِ والأُنثْى بالأُنْثى فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباع بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسان؛ فالعَفْوُ: أَن تُقْبَلَ الديَةُ في العَمْدِ، ذلك تخفيفٌ من ربِّكم مما كُتِبَ على من كان قَبْلَكم، يطلُب هذا بإِحسانٍ ويُؤَدِّي هذا بإحسانٍ. قال الأَزهري: فقول ابن عباس العَفْوُ أَن تُقْبَل الديَة في العَمْد، الأَصلُ فيه أَنَّ العَفْو في موضوع اللغة الفضلُ، يقال: عَفا فلان لفلان بماله إِذا أَفضَلَ له، وعفَا له عَمَّا له عليه إِذا تَرَكه، وليس العَفْو في قوله فمن عُفِيَ له من أَخيه عَفْواً من وليِّ الدَّمِ، ولكنه عفوٌ من الله عز وجل، وذلك أَنَّ سائرَ الأُمَم قبلَ هذه الأُمَّة لم يكن لهم أَخذُ الدِّية إِذا قُتِلَ قتيل، فجعَله الله لهذه الأُمة عَفْواً منه وفَضْلاً مع اختيار وَليِّ الدمِ ذلك في العمْد، وهو قوله عز وجل: فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباعٌ بالمعروف؛ أَي مَن عَفا اللهُ جَلَّ اسمُه بالدّية حين أَباحَ له أَخْذَها، بعدما كانت مَحْظُورةً على سائر الأُمم مع اختياره إِيَّاها على الدَّمِ، فعليه اتِّباع بالمعروف أَي مطالبَة للدِّية بمعرُوف، وعلى القاتل أَداءُ الديَةِ إِليه بإحْسانٍ، ثم بَيَّنَ ذلك فقال: ذلك تخفيفٌ من ربكم لكم يا أُمَّة محمدٍ، وفَضْل جعله الله لأَوْلِياءِ الدم منكم، ورحمةٌ خصَّكم بها، فمن اعْتَدَى أَي فمن سَفَك دَمَ قاتل وليِّه بعدَ قبولِه الدِّيَة فله عذاب أَليم، والمعنى الواضح في قوله عز وجل: فمن عُفِيَ له من أَخيه شيء؛ أي من أُحِلَّ لَه أَخذُ الدِّية بدلَ أَخيه المَقتول عفْواً من الله وفَضْلاً مع اختياره، فلْيطالِبْ بالمَعْروف، ومِن في قوله مِنْ أَخيه معناها البدل، والعَرَبُ تقولُ عرَضْتُ له من حَقِّه ثَوْباً أَي أَعْطَيْته بدَل حقّه ثوباً؛ ومنه قول الله عز وجل: ولو نَشاءُ لَجَعَلْنا منكُم ملائكَة في الأَرض يَخْلُقُون؛ يقول: لو نشاء لجعلنا بدلكم ملائكة في الأَرض، والله أَعلم. قال الأَزهري: وما علمت أَحداً أَوضَح من مَعْنى هذه الآية ما أَوْضَحْتُه.
وقال ابن سيده: كان الناسُ من سائِر الأُمَمِ يَقْتُلون الواحدَ بالواحدِ، فجعل الله لنا نحنُ العَفْوَ عَمَّن قتل إِن شِئْناه، فعُفِيَ على هذا مُتَعَدٍّ، أَلا تراه مُتَعَدِّياً هنا إِلى شيء؟ وقوله تعالى: إِلاَّ أَنْ يَعْفُون أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النِّكاح؛ معناه إِلا أَن يَعْفُوَ النساء أَو يعفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاح، وهو الزَّوْجُ أَو الوَليُّ إِذا كان أَباً، ومعنى عَفْوِ المَرْأَة أَن تَعْفُوَ عن النِّصْفِ الواجبِ لها فتَتْرُكَه للزوج، أَو يَعْفُوَ الزوج بالنّصفِ فيُعْطِيَها الكُلَّ؛ قال الأَزهري: وأَما قولُ الله عزَّ وجلَّ في آية ما يجبُ للمرأَة من نصف الصَّداق إِذا طُلِّقَت قبل الدخول بها فقال: إِلاَّ أَن يعفُونَ أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاحِ، فإن العَفْوَ ههنا معناهُ الإِفْضالُ بإعْطاء ما لا يَجبُ عليه، أَو تركُ المرأَة ما يَجبُ لها؛ يقال: عَفَوْتُ لِفلان بمالي إِذا أَفْضَلْت له فأَعْطَيْته، وعَفَوْت له عمَّا لي عليه إِذا تركْتَه له؛ وقوله: إِلاَّ أَن يَعْفُونَ فِعْلٌ لجَماعَةِ النِّساءِ يطلِّقُهُنَّ أَزْواجُهُنَّ قبل أَن يَمَسُّوهُنَّ مع تسمية الأَزْواجِ لهنَّ مُهورَهُنَّ، فيَعْفُون لأَزْواجِهِنَّ بما وَجَب لهن من نِصفِ المْهرِ ويَتْرُكْنَه لَهُم، أَو يَعْفُوَ الذي بيدِه عُقْدةُ النكاحِ، وهو الزوج، بأَن يُتَمِّمَ لها المَهْر كله ، وإِنما وَجَبَ لها نصْفُه، وكلُّ واحد من الزَّوْجين عافٍ أَي مُفْضِلٌ، أَما إِفْضالُ المرأَةِ فأَن تتركَ للزوج المُطَلِّق ما وجَبَ لها عليه من نِصف المَهْر، وأَما إِفْضاله فأَنْ يُتِمَّ لها المَهْرَ كَمَلاً، لأَنَّ الواجِبَ عليه نصْفُه فيُفْضِلُ مُتَبَرِّعاً بالكلِّ، والنونُ من قوله يعفُون نونُ فِعلِ جماعةِ النساءِ في يَفْعُلْنَ، ولو كان للرجال لوجَبَ أَن يقال إِلاَّأَن يعفُوا، لأَنَّ أَن تنصب المستقبلَ وتحذف النونَ، وإِذا لم يكن مع فعلِ الرجال ما ينْصِب أَو يجزِم قيل هُم يَعْفُونَ، وكان في الأَصل يَعْفُوُون، فحُذِفت إِحْدى الواوينِ استثقالاً للجمع بينهما، فقيل يَعْفُونَ، وأَما فِعلُ النساء فقِيلَ لهُنَّ يَعْفُونَ لأَنه على تقدير يَفْعُلْنَ.
ورجل عَفُوٌّ عن الذَّنْبِ: عافٍ.
وأَعْفاهُ من الأَمرِ: بَرَّأَه.
واسْتَعْفاه: طَلَب ذلك منه.
والاسْتِعْفاءُ: أَن تَطْلُب إِلى مَنْ يُكَلِّفُكَ أَمراً أَن يُعْفِيَكَ مِنْه. يقال: أَعْفِني منَ الخرُوجِ مَعَك أَي دَعْني منه.
واسْتَعْفاهُ من الخُروجِ مَعَه أَي سأَله الإِعفاءَ منه.
وعَفَت الإِبلُ المَرعى: تَناولَتْه قَريباً.
وعَفاه يَعْفُوه: أَتاه، وقيل: أَتاه يَطْلُب معروفه، والعَفْوُ المَعْروف، والعَفْوُ الفضلُ.
وعَفَوْتُ الرجلَ إذا طَلَبْتَ فضلَه.
والعافية والعُفاةُ والعُفَّى: الأَضْيافُ وطُلاَّب المَعْرُوف، وقيل: هم الذين يَعْفُونك أي يأْتونك يَطْلبُون ما عندك.
وعافيةُ الماء: وارِدَتُه، واحدهم عافٍ.
وفلان تَعْفُوه الأَضْيافُ وتَعْتَفيه الأَضْيافُ وهو كثير العُفَاةِ وكثيرُ العافية وكثيرُ العُفَّى.
والعافي: الرائدُ والوارِدُ لأَن ذلك كلَّه طلبٌ؛ قال الجُذامي يصف ماءً : ذا عَرْمَضٍ تَخْضَرُّ كَفُّ عافِيهْ أَي وارِدِه أَو مُسْتَقِيه.
والعافيةُ: طُلاَّبُ الرزقِ من الإِنسِ والدوابِّ والطَّيْر؛ أَنشد ثعلب: لَعَزَّ عَلَيْنا، ونِعْمَ الفَتى مَصِيرُك يا عَمْرُو، والعافِيهْ يعني أَنْ قُتِلْتَ فصِرْتَ أُكْلةً للطَّيْر والضِّباعِ وهذا كلُّه طَلَب.
وفي الحديث: مَن أَحْيا أَرضاً مَيِّتَةً فهي له، وما أَكَلَتِ العافيةُ منها فهو له صَدقةٌ، وفي رواية: العَوافي.
وفي الحديث في ذكرِ المدينة: يتْرُكُها أَهلُها على أَحسنِ ما كانت مُذَلَّلة للعَوافِي؛ قال أَبو عبيد: الواحدُ من العافية عافٍ، وهو كلُّ من جاءَك يطلُب فضلاً أَو رزقاً فهو عافٍ ومُعْتَفٍ، وقد عَفَاك يَعْفُوكَ، وجمعه عُفاةٌ ؛ وأَنشد قول الأَعشى: تطوفُ العُفاةُ بأَبوابِه، كطَوْفِ النصارى ببَيْتِ الوَثنْ قال: وقد تكونُ العافيةُ في هذا الحديث من الناسِ وغيرهم، قال: وبيانُ ذلك في حديث أُمّ مُبَشِّرٍ الأَنصارية قالت: دخل عَليَّ رسُول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَنا في نَخْلٍ لي فقال: مَن غَرَسَه أَمُسْلِمٌ أَم كافرٌ؟قلت: لا بَلْ مُسْلِمٌ، فقال: ما من مُسْلِمٍ يَغْرِس غَرْساً أَو يزرَع زرعاً فيأْكلُ منه إِنسانٌ أَو دابَةٌ أَو طائرٌ أَو سَبُعٌ إِلا كانت له صدقةً .
وأَعطاه المالَ عَفْواً بغير مسألةٍ؛ قال الشاعر: خُذِي العَفْوَ مني تَسْتَديمي مَوَدّتي، ولا تَنْطِقِي في سَوْرَتي حين أَغضَبُ وأَنشدَ ابن بري: فتَمْلأُ الهَجْمَ عَفْواً، وهْي وادِعَة، حتى تكادَ شِفاهُ الهَجْمِ تَنْثَلِمُ وقال حسان بن ثابت: خُذْ ما أَتى منهمُ عَفْواً، فإن مَنَعُوا، فلا يَكُنْ هَمَّكَ الشيءُ الذي مَنَعُوا قال الأَزهري: والمُعْفِي الذي يَصْحَبُكَ ولا يَتَعَرَّضُ لمَعْروفِك، تقولُ: اصْطَحَبْنَا وكلُّنا مُعْفٍ؛ وقال ابن مقبل: فإنَّكَ لا تَبْلُو امْرَأً دونَ صُحْبةٍ، وحتى تَعيشا مُعْفِيَيْنِ وتَجْهَدا وعَفْوُ الملِ: ما يُفْضُلُ عن النَّفَقة.
وقوله تعالى: ويَسْأَلونك ماذا يُنُفِقون قُلِ العَغْوَ؛ قال أَبو إسحق: العَفْوُ الكثرة والفَضْلُ، فأُمِرُوا أَن يُنُفِقوا الفَضْل إلى أَن فُرِضَت الزكاةُ.
وقوله تعالى: خُذِ العَفْوَ؛ قيل: العَفْو الفَضْلُ الذي يجيءُ بغيرِ كُلْفَةٍ، والمعنى اقْبَلِ المَيْسُورَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ ولا تَسْتَقْصِ عليهم فيَسْتَقْصِيَ اللهُ عليك مع ما فيه من العَداوة والبَغْضاءِ.
وفي حديث ابن الزبير: أَمَرَ اللهُ نَبيَّه أَن يأَخُذ العَفْوَ من أَخْلاقِ الناسِ؛ قال: هو السَّهْل المُيَسَّر، أَي أَمرَه أَن يَحْتَمِل أَخْلاقَهُم ويَقْبَلَ منها ما سَهُل وتَيَسَّر ولا يستَقْصِيَ عليهم.
وقال الفراء في قوله تعالى: يسأَلونك ماذا يُنْفِقون قل العَفْو؛ قال: وجه الكلام فيه النصبُ، يريدُ قل يُنْفِقُون العَفْوَ، وهو فضلُ المال؛ وقال أَبو العباس: مَنْ رَفَع أَراد الذي يُنْفِقون العَفْوُ، قال: وإنما اختار الفراء النصبَ لأن ماذا عندنا حَرْفٌ واحد أَكثرُ في الكلام، فكأنه قال: ما يُنْفِقُون، فلذلك اخْتِيرَ النَّصبُ، قال: ومَنْ جَعلَ ذا بمَعْنى الذي رَفَعَ، وقد يجوز أن يكونَ ماذا حرفاً، ويُرْفَع بالائتناف ؛ وقال الزجاج: نَزَلَت هذه الآية قبلَ فرض الزكاة فأُمروا أَن يُنْفِقوا الفَضْلَ إلى أَن فُرضَت الزكاةُ، فكان أَهلُ المَكاسِب يأْخذُ الرجلُ ما يُحْسِبه في كل يوم أَي ما يَكْفِيه ويَتَصَدَّقُ بباقيِه، ويأخذُ أَهلُ الذَّهَب والفِضَّة ما يَكْفِيهم في عامِهِمْ وينفِقُون باقيَهُ، هذا قد روي في التفسير، والذي عليه الإجماع أَنَّ الزَّكاةَ في سائرِ الأشياء قد بُيِّنَ ما يَجْبُ فيها، وقيل: العَفْوُ ما أَتَى بغَيرِ مسألةٍ.
والعافي: ما أَتى على ذلك من غير مسأَلةٍ أَيضاً؛ قال: يُغْنِيكَ عافِيه وعِيدَ النَّحْزِ النَّحْزُ: الكَدُّ والنَّخْس، يقول: ما جاءَكَ منه عَفْواً أَغْناكَ عن غيره.
وأَدْرَكَ الأَمْرَ عَفْواً صَفْواً أَي في سُهُولة وسَراحٍ.
ويقال: خُذْ من مالِه ما عَفا وصَفا أَي ما فَضَل ولم يَشُقَّ عليه.
وابن الأعرابي: عَفا يَعْفُو إذا أَعطى، وعَفَا يَعْفُو إذا تَرَكَ حَقّاً، وأَعْفَى إذا أَنْفَقَ العَفْوَ من ماله، وهو الفاضِلُ عن نَفَقَتِه.
وعَفا القومُ: كَثُرُوا.
وفي التنزيل: حتى عَفَوْا؛ أَي كَثُرُوا.
وعَفا النَّبتُ والشَّعَرُ وغيرُه يَعْفُو فهو عافٍ: كثُرَ وطالَ.
وفي الحديث : أَنهصلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بإعْفاء اللِّحَى؛ هو أَن يُوفَّر شَعَرُها ويُكَثَّر ولا يُقَصَر كالشَّوارِبِ، من عَفا الشيءُ إذا كَثُرَ وزاد. يقال: أَعْفَيْتُه وعَفَّيْتُه لُغتان إذا فعَلتَ به كذلك.
وفي الصحاح: وعَفَّيْتُه أَنا وأَعْفَيْتُه لغتان إذا فعَلْتَ به ذلك؛ ومنه حديث القصاص: لا أَعْفَى مَنْ قَتَل بعدَ أَخْذِ الدِّيَةِ؛ هذا دُعاء عليه أَي لا كَثُر مالُه ولا اسْتَغنى؛ ومنه الحديث: إذا دخَل صَفَرُ وعَفا الوَبَرُ وبَرِئَ الدَّبَر حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، أَي كَثُرَ وبرُ الإبلِ، وفي رواية: وعَفا الأَثَرُ، بمعنى دَرَس وامَّحَى.
وفي حديث مُصْعَبِ بن عُمَير: إنه غلامٌ عافٍ أَي وافي اللَّحم كثيرُه.
والعافي: الطويلُ الشَّعَر.
وحديث عمر، رضي الله عنه: إنَّ عامِلَنا ليسَ بالشَّعِثِ ولا العافي، ويقال للشَّعَرِ إذا طال ووَفى عِفاءٌ؛ قال زهير: أَذلِكَ أَمْ أَجَبُّ البَطْنِ جَأْبٌ، عَلَيْهِ، مِنْ عَقِيقَتِهِ، عِفاءُ؟ وناقةٌ ذاتُ عِفاءٍ: كثيرةُ الوَبَر.
وعَفا شَعْرُ ظَهْرِ البعيرِ: كَثُرَ وطالَ فغَطَّى دَبَرَه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: هَلاَّ سَأَلْت إذا الكَواكِبُ أَخْلَفَت، وعَفَتْ مَطِيَّة طالِبِ الأَنْسابِ فسره فقال: عَفَت أَي لم يَجِد أَحدٌ كريماً يرحلُ إليه فعَطَّل مَطِيَّته فسَمِنت وكَثُر وَبَرُها.
وأَرضٌ عافيةٌ: لم يُرْعَ نَبْتُها فوَفَرَ وكثر.
وعَفْوَةُ المَرْعَى: ما لم يُرْعَ فكان كثيراً.
وعَفَتِ الأَرضُ إذا غَطَّاها النبات؛ قال حُمَيْد يصف داراً: عَفَتْ مثلَ ما يَعْفُو الطَّلِيحُ فأَصْبَحَتْ بها كِبرياءُ الصَّعْبِ، وهيَ رَكُوبُ يقول: غَطاها العشْبُ كما طَرَّ وَبَرُ البعيرِ وبَرَأَ دَبَرُه.
وعَفْوَةُ الماءِ: جُمَّتُه قبل أَن يُسْتَقَى منه، وهو من الكثرة. قال الليث: ناقةٌ عافيةُ اللَّحْمِ * كثيرةُ اللحم، ونوقٌ عافياتٌ؛ وقال لبيد: بأَسْوُقِ عافياتِ اللحمِ كُوم ويقالُ: عَفُّوا ظَهْرَ هذا البعيرِ أَي دَعُوه حتى يَسْمَن.
ويقال: عَفَا فلانٌ على فلان في العلمِ إذا زاد عليه؛ قال الراعي: إذا كان الجِراءُ عَفَتْ عليه أَي زادت عليه في الجَرْيِ؛ وروى ابن الأعرابي بيت البَعيث: بَعِيد النَّوَى جالَتْ بإنسانِ عَيْنه عِفاءَةُ دَمْعٍ جالَ حتى تَحَدَّرا يعني دَمْعاً كَثُرَ وعَفَا فسالَ.
ويقال: فلانٌ يعفُو على مُنْيةِ المتَمَنِّي وسؤالِ السائلِ أَي يزيد عطاؤُه عليهما؛ وقال لبيد: يَعْفُو على الجهْدِ والسؤالِ، كما يَعْفُو عِهادُ الأمْطارِ والرَّصَد أَي يزيدُ ويُفْضُلُ.
وقال الليث: العَفْوُ أَحلُّ المالِ وأَطْيَبُه.
وعَفْوُ كلِّ شيءٍ: خِيارُه وأَجْوَدُه وما لا تَعَب فيه، وكذلك عُفاوَتُه وعِفاوتُه.
وعَفا الماءُ إذا لم يَطأْهُ شيءٌ يُكَدِّرُه.
وعَفْوةُ المالِ والطعامِ والشَّرابِ وعِفْوَتُه؛ الكسر عن كراعٍ: خياره وما صفا منه وكَثُرَ، وقد عَفا عَفْواً وعُفُوّاً.
وفي حديث ابن الزبير أَنه قال للنابغة: أَمَّا صَفْوُ أَموالِنا فلآلِ الزُّبَيْرِ، وأما عَفْوُه فإن تَيْماً وأَسَداً تَشْغَلُه عنكَ. قال الحَرْبي: العَفْوُ أَحَلُّ المالِ وأَطيَبُه، وقيل: عَفْوُ المالِ ما يَفْضُلُ عن النَّفَقة؛ قال ابن الأثير: وكِلاهما جائزٌ في اللغة، قال : والثاني أشبَه بهذا الحديث.
وعَفْوُ الماءِ: ما فَضَل عن الشَّارِبَةِ وأُخذَ بغيرِ كُلْفةٍ ولا مزاحمة عليه.
ويقال: عفَّى على ما كان منه إذا أَصلَح بعد الفساد. أبو حنيفة: العُفْوَة، بضم العين، من كل النبات لَيِّنُه وما لا مَؤُونة على الراعية فيه.
وعَفْوة كلّ شيء وعِفَاوتُه؛ الضم عن اللحياني: صَفْوُه وكثرَتُه، يقال: ذَهَبَتْ عِفْوَة هذا النَّبْت أَي لِينُه وخَيرُه؛ قال ابن بري: ومنه قول الأخطل : المانعينَ الماءَ حتى يَشْرَبوا عِفْواتِه، ويُقَسِّمُوه سِِجالا والعِفاوةُ: ما يرفع للإنسان من مَرَقٍ.
والعافي: ما يُرَدُّ في القِدْرِ من المَرَقةِ إذا اسْتُعِيرَتْ. قال ابن سيده: وعافِي القِدْرِ ما يُبْقِي فيها المُسْتَعِير لمُعِيرِها؛ قال مُضَرِّس الأَسَدي: فلا تَسْأَليني، واسأَ ما خَلِيقَتي، إذا رَدَّ عافي القِدْرِ مَن يَسْتَعيرُها قال ابن السكيت: عافي في هذا البيت في موضع الرَّفْع لأَنه فاعل، ومَن في موضع النَّصْب لأنه مفعول به، ومعناه أَنَّ صاحبَ القِدرِ إذا نَزَلَ به الضَّيْفُ نَصَبَ لهم قِدْراً، فإذا جاءهُ مَنْ يستعير قِدْرهُ فرآها منصوبَةً لهُم رجَعَ ولم يَطْلُبْها، والعافي: هو الضَّيْفُ، كأَنه يرُدُّ المُسْتَعِير لارْتِدادِه دونَ قضاءِ حاجَته، وقال غيرُه: عافي القِدْرِ بقِيَّة المَرَقة يردُّها المستَعيرُ، وهو في موضع النَّصْبِ، وكانَ وجه الكلام عافِيَ القدر فترَك الفتح للضرورة. قال ابن بري: قال ابن السكيت العافي والعَفْوة والعِفاوة ما يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ من مَرَقٍ وما اخْتَلَط به، قال: وموضِعُ عافي رَفْعٌ لأَنه هو الذي رَدَّ المُسْتَعِير، وذلك لكلَب الزمان وكونه يمنَع إعارَة القِدْرِ لتِلك البَقِيَّة.
والعِفاوةُ: الشيءُ يُرْفَع من الطَّعام للجارية تُسَمَّنُ فَتُؤثَرُ به؛ وقال الكميت: وظَلَّ غُلامُ الحَيّ طَيّانَ ساغِباً، وكاعِبُهُم ذاتُ العِفاوَةِ أَسْغَبُ قال الجوهري: والعِفارة، بالكسر، ما يُرْفَعُ من المَرَقِ أَوَّلاً يُخَصُّ به مَنْ يُكْرَم، وأَنشد بيت الكميت أَيضاً، تقول منه: عَفَوْت له منَ المَرَق إذا غَرَفْتَ له أَوَّلاً وآثَرْتَهُ به، وقيل: العفاوة، بالكسر، أَوّل المَرَقِ وأَجودُه، والعُفاوة، بالضم، آخِرهُ يردُّها مُسْتَعِيرُ القِدْرِ مع القِدْرِ؛ يقال منه: عَفَوْت القِدْرَ إذا تركت ذلك في أَسفلها.
والعِفاء، بالمدِّ والكَسْر: ما كَثُر من الوَبَر والرِّيشِ،الواحِدَةُ عِفاءَةٌ؛ قال ابن بري: ومنه قول ساعدة بن جؤية يصف الضبع: كمَشْيِ الأَفْتَلِ السَّارِي عليه عِفاءٌ، كالعَباءَةِ، عَفْشَلِيلُ وعِفَاءُ النَّعام وغيره: الريشُ الذي على الزِّفِّ الصِّغار، وكذلك عِفاءُ الدِّيكِ ونحوه من الطير، الواحدة عِفاءَةٌ، ممدودة.
وناقةٌ ذاتِ عِفاءٍ، وليست همزة العِفاءِ والعِفاءَةِ أَصْلِيَّة، إنما هي واو قلبتْ أَلِفاً فمُدَّت مثل السماء، أَصلُ مَدَّتِها الواو، ويقال في الواحدة: سَماوَة وسَماءَة، قال: ولا يقال للرِّيشة الواحدة عِفاءَةٌ حتى تكون كثيرة كَثيفة؛ وقال بعضُهم في همزة العِفاء: إنَّها أَصلِيَّة؛ قال الأزهري: وليست همزتها أَصليَّة عند النحويين الحُذَّاقِ، ولكنها همزةٌ ممدودة، وتصغيرها عُفَيٌّ.
وعِفاءُ السَّحابِ: كالخَمْل في وجْهِه لا يَكادُ يُخْلِفُ.
وعِفْوَةُ الرجُل وعُفْوَتُه: شَعَر رَأْسِه.
وعَفا المَنزِلُ يَعْفُو وعَفَت الدارُ ونحوُها عَفاءً وعُفُوّاً وعَفَّت وتَعَفَّت تَعَفِّياً: دَرَسَت، يَتَعدَّى ولا يَتَعَدَّى، وعَفَتْها الرِّيحُ وعَفَّتْها، شدّد للمبالغة؛ وقال: أَهاجَكَ رَبْعٌ دارِسُ الرَّسْمِ، باللِّوَى، لأَسماءَ عَفَّى آيَةُ المُورُ والقَطْرُ؟ ويقال: عَفَّى اللهُ على أَثَرِ فلان وعَفا الله عليه وقَفَّى الله على أَثَرِ فلانٍ وقَفا عليه بمعنًى واحدٍ.
والعُفِيُّ: جمع عافٍ وهو الدارسُ.
وفي حديث الزكاة: قد عَفَوْتُ عن الخَيل والرَّقيقِ فأَدُّوا زَكَاةَ أَموالِكم أَي ترَكْتُ لكم أَخْذَ زكاتها وتجاوَزْت عنه، من قولهم عَفَت الريحُ الأَثَرَ إذا طَمَسَتْه ومَحَتْه؛ ومنه حديث أَُم سلمة: قالت لعثمان، رضي الله عنهما: لا تُعَفِّ سبيلاً كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم ، لَحَبَها أَي لا تَطْمِسْها؛ ومنه الحديث: تَعافَوُا الحُدُود فيما بينكم؛ أَي تجاوَزُوا عنها ولا تَرْفَعُوها إ فإني متى علمْتُها أَقَمْتُها.
وفي حديث ابن عباس: وسُئل عما في أَموال أَهلِ الذِّمَّةِ فقال العَفْو أَي عُفِيَ لهم عَمَّا فيها من الصَّدَقَة وعن العُشْرِ في غَلاَّتهم.
وعَفا أَثَرهُ عَفاءً: هَلَك، على المَثَل؛ قال زهير يذكر داراً: تَحَمَّلَ أَهلُها منها فبانُوا، على آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ والعَفاءُ، بالفتح: التُرابُ؛ روى أَبو هريرة، رضي الله عنه، عن النبيِّ،صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إذا كان عندك قوتُ يومِكَ فعَلى الدنيا العَفاءُ. قال أَبو عبيدة وغيرُه: العَفاءُ التراب، وأَنشد بيتَ زهير يذكر الدارَ، وهذا كقولهم: عليه الدَّبارُ إذا دَعا عليه أَنْ يُدْبِرَ فلا يَرْجِع.
وفي حديث صفوانَ ابنِ مُحْرِزٍ: إذا دَخَلْتُ بَيْتي فأَكَلْتُ رغيفاً وشَرِبْتُ عليه ماءً فعَلى الدُّنْيا العَفاءُ.
والعَفاءُ: الدُّرُوس والهَلاكُ وذهاب الأَثَر .
وقال الليث: يقال في السَّبِّ بِفيِهِ العَفاءُ،وعليه العَفاءُ، والذئبُ العَوّاءُ؛ وذلك أَنَّ الذئب يَعْوِي في إثْرِ الظاعِنِ إذا خَلَت الدار عليه، وأَما ما ورد في الحديث: إنَّ المُنافِقَ إذا مَرِضَ ثم أُعْفِيَ كان كالبعير عَقَلَه أَهلُه ثم أَرْسَلوه فلم يَدْرِ لِمَ عَقَلُوه ولا لِمَ أَرسَلوه؛ قال ابن الأثير: أَُعْفِيَ المريض بمعنى عُوفِيَ.
والعَفْوُ: الأَرضُ الغُفْل لم تُوطَأْ وليست بها آثارٌ. قال ابن السكيت: عَفْوُ البلاد ما لا أَثَرَ لأَحدٍ فيها بِمِلْكٍ.
وقال الشافعي في قول النبي،صلى الله عليه وسلم من أَحْيا أَرْضاً ميتَة فهي له: إنما ذلك في عَفْوِ البلادِ التي لم تُمْلَكْ؛ وأَنشد ابن السكيت: قَبيلةٌ كَشِراكِ النَّعْلِ دارِجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهم أَثَرُ قال ابن بري: الشِّعْر للأَخطَل؛ وقبله: إنَّ اللَّهازِمَ لا تَنْفَكُّ تابِعَةً، هُمُ الذُّنابَى وشِرْبُ التابِع الكَدَرُ قال: والذي في شعره: تَنْزُو النِّعاجُ عليها وهْي بارِكة، تَحْكي عَطاءَ سُويدٍ من بني غُبَرا قبيلةٌ كشِراكِ النَّعْل دارجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا عَفْوَ أَرضٍ لا ترى أَثرَا قال الأزهري: والعَفَا من البلاد، مقصورٌ، مثلُ العَفْو الذي لا ملْك لأَحد فيه.
وفي الحديث: أَنه أَقْطَعَ من أَرض المدينة ما كان عَفاً أَي ما ليس لأحد فيه أَثَرٌ، وهو من عَفا الشيءُ إذا دَرَس أو ما ليس لأحد فيه مِلْكٌ، من عفا الشيءُ يَعْفُو إذا صَفا وخلُص.
وفي الحديث: ويَرْعَوْن عَفاها أَي عَفْوَها.
والعَفْوُ والعِفْو والعَفا والعِفا، بقصرهما: الجَحشُ، وفي التهذيب: وَلَد الحِمار: وَلَد الحِمار؛ وأَنشد ابن السكيت والمُفَصَّل لأَبي الطَّمحان حَنْظَلة بن شَرْقيِّ: بضَرْبٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناتِه، وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ والجمع أَعْفاءٌ وعِفاءٌ وعِفْوةٌ.
والعِفاوة، بكسر العين: الأَتانُ بعَينِها؛ عن ابن الأعرابي. أَبو زيد: يقال عِفْوٌ وثلاثة عِفَوَةٍ مثلُ قِرَطَةٍ، قال: وهو الجَحْشُ والمُهْرُ أَيضاً، وكذلك العِجَلَة والظِّئَبة جمع الظَّأْبِ، وهو السلْفُ. أَبو زيد: العِفَوَةُ أَفْتاءُ الحُمُر، قال: ولا أَعلم في جميع كلام العرب واواً متحركة بعد حرف متحرك في آخر البناء غيرَ واوِ عِفَوَةٍ، قال: وهي لغة لقَيس، كَرهُوا أَن يقولوا عفاة في موضع فِعَلة، وهم يريدون الجماعة، فتَلْتَبس بوُحْدانِ الأَسماء، وقال : ولو متكَلِّف أَن يَبنيَ من العفو اسماً مفْرداً على بناء فِعَلة لقال عِفاة.
وفي حديث أبي ذرّ، رضي الله عنه: أَنه ترك أَتانَيْن وعِفْواً؛ العِفْو، بالكسر والضم والفتح: الجَحْش، قال ابن الأثير: والأُنثى عُفٌوة وعِفْوَة.
ومعافًى: اسم رجل؛ عن ثعلب.

كفر (لسان العرب) [0]


الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً.
ويقال لأَهل دار الحرب: قد كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر.
والكُفْرُ: جُحود النعمة، وهو ضِدُّ الشكر.
وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون.
وكَفَرَ نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه.
ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه.
ورجل كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ: وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى، وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ.
وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ . . . أكمل المادة قلوبهم كقُلوبِ نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف، والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة الله، وهو مذكور في موضعه.
وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ، لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت.
وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر، وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام، وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة الله، والآخر التكذيب بالله.
وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى، عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل: جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع.
وقوله سبحانه وتعالى: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له، ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر.
وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛ أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها.
وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر، وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛ يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛ والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه.
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان.
وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما، والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم، حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى: خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق.
وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه: تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل: هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ.
وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً. يقال: لا تُكْفِرْ أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً بقولك وزعمك.
وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر.
وكل من ستر شيئاً، فقد كَفَرَه وكَفَّره.
والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب.
والكُفَّارُ: الزُّرَّاعُ.
وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية.
وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي سترته.
والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل شيء.
وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه.
وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته.
وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد اللحياني: وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى بيضهما عند غروب الشمس: فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق هذا المعنى فقال: حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ، وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً.
وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛ ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً.
والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك أَيضاً.
وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته: وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛ كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد: وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما، وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد: تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ وفي رواية ابن شميل: فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت.
ورجل مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه.
والكافِرُ: السحاب المظلم.
والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ، في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته.
ورماد مَكْفُور: مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال: هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟ قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد: فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ، وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ أَي فيما يواريه من سواد الليل.
وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع. ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ، فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه.
وكلُّ شيء غطى شيئاً، فقد كفَرَه.
وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر.
وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛ وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره.
ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته كل شيء وغطاه.
ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ: المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ.
والمُتَكَفِّرُ: الداخل في سلاحه.
والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول الفرزدق: هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها، فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ، قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح.
وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم: كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة.
وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث فيها، والاسم الكَفَّارةُ.
والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده.
وأَما الحدود فقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ لأَهلها أَم لا.
وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها، وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك.
وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة، كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه تجب عليه الفدية.
وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر.
والكَفَرُ والكُفُرَّى والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى.
وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول (* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في الأصل.
والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد: جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به، من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها، سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج: كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً.
وفي الحديث: أَنه كان اسم كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد: لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور.
وقوله عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل: هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان، والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب.
وفي الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي: تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من النخل.
والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو الإِغْرِيضُ.
وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر.
وروي عن مُعَاوية أَنه قال: أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها.
والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم الكُفُورَ.
وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في القبور.
وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه.
والتَّكْفِير: إِيماءُ الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه.
والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له.
والتكفير: أَن يضع يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم: وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها، فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم، فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا.
وفي الحديث عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه.
والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير.
وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل.
وفي حديث أَبي معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً: مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال.
والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ: له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ، تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية: وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ، إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان عَنَّيْتَ وآذَيْتَ.
وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ الأَلْيَتانِ.

دبر (لسان العرب) [0]


الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نقيض القُبُل.
ودُبُرُ كل شيء: عَقِبُه ومُؤخَّرُه؛ وجمعهما أَدْبارٌ.
ودُبُرُ كلِّ شيء: خلاف قُبُلِه في كل شيء ما خلا قولهم (* قوله: «ما خلا قولهم جعل فلان إلخ» ظاهره أن دبر في قولهم ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون الموحدة). جعل فلان قولك دبر أُذنه أَي خلف أُذنه. الجوهري: الدُّبْرُ والدُّبُرُ خلاف القُبُل، ودُبُرُ الشهر: آخره، على المثل؛ يقال: جئتك دُبُرَ الشهر وفي دُبُرِه وعلى دُبُرِه، والجمع من كل ذلك أَدبار؛ يقال: جئتك أَدْبار الشهر وفي أَدْباره.
والأَدْبار لذوات الحوافر والظِّلْفِ والمِخْلَبِ: ما يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وخص بعضهم به ذوات الخُفِّ، والحياءُ . . . أكمل المادة من كل ذلك وحده دُبُرٌ.
ودُبُرُ البيت: مؤخره وزاويته.
وإِدبارُ النجوم: تواليها، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب آخر الليل؛ هذه حكاية أَهل اللغة؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأَن الأَدْبارَ لا يكون الأَخْذَ إِذ الأَخذ مصدر، والأَدْبارُ أَسماء.
وأَدبار السجود وإِدباره. أَواخر الصلوات، وقد قرئ: وأَدبار وإِدبار، فمن قرأَ وأَدبار فمن باب خلف ووراء، ومن قرأَ وإِدبار فمن باب خفوق النجم. قال ثعلب في قوله تعالى: وإِدبار النجوم وأَدبار السجود؛ قال الكسائي: إِدبار النجوم أَن لها دُبُراً واحداً في وقت السحَر، وأَدبار السجود لأَن مع كل سجدة إدباراً؛ التهذيب: من قرأَ وأَدبار السجود، بفتح الأَلف، جمع على دُبُرٍ وأَدبار، وهما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن علي بن أَبي طالب، كرّم الله وجهه، قال: وأَما قوله وإِدبار النجوم في سورة الطور فهما الركعتان قبل الفجر، قال: ويكسران جميعاً وينصبان؛ جائزان.
ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تبعه من ورائه.
ودابِرُ الشيء: آخره. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخر الرمل.
وقطع الله دابِرَهم أَي آخر من بقي منهم.
وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظلموا؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشيء: كَدَابِرِه.
وقال الله تعالى في موضع آخر: وقَضَيْنا إِليه ذلك الأَمْرَ أَن دَابِرَ هؤلاء مقطوع مُصْبِحِين. قولُهم: قطع الله دابره؛ قال الأَصمعي وغيره: الدابر الأَصل أَي أَذهب الله أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ: فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي، غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ أَي يقتل القوم فتذهب أُصولهم ولا يبقى لهم أَثر.
وقال ابن بُزُرْجٍ: دَابِرُ الأَمر آخره، وهو على هذا كأَنه يدعو عليه بانقطاع العَقِبِ حتى لا يبقى أَحد يخلفه. الجوهري: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخره؛ قال الكميت: أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ على دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ وفي حديث الدعاء: وابْعَثْ عليهم بأْساً تَقْطَعُ به دابِرَهُمْ؛ أَي جميعهم حتى لا يبقى منهم أَحد.
ودابِرُ القوم: آخِرُ من يبقى منهم ويجيء في آخرهم.
وفي الحديث: أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غازياً ي دابِرَتِه؛ أَي من يبقى بعده.
وفي حديث عمر: كنت أَرجو أَن يعيش رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، حتى يَدْبُرَنا أَي يَخْلُفَنا بعد موتنا. يقال: دَبَرْتُ الرجلَ إِذا بقيت بعده.
وعَقِبُ الرجل: دَابِرُه.
والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر.
وقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الجمع ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ؛ جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِليهم طَرْفُهُمْ؛ قال الفرّاء: كان هذا يومَ بدر وقال الدُّبُرَ فوَحَّدَ ولم يقل الأَدْبارَ، وكلٌّ جائز صوابٌ، تقول: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأْس، كما تقول: فلان كثير الدينار والدرهم؛ وقال ابن مقبل: الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ ودابِرَةُ الحافر: مُؤَخَّرُه، وقيل: هي التي تلي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ، وجمعها الدوابر. الجوهري: دَابِرَة الحافر ما حاذى موضع الرسغ، ودابرة الإِنسان عُرْقُوبه؛ قال وعلة: إِذ تحز الدوابر. ابن الأَعرابي: الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، والدابرة الهزيمة.
والدَّبْرَةُ، بالإِسكان والتحريك: الهزيمة في القتال، وهو اسم من الإِدْبار.
ويقال: جعل الله عليهم الدَّبْرَةَ، أَي الهزيمة، وجعل لهم الدَّبْرَةَ على فلان أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ.
وقال أَبو جهل لابن مسعود يوم بدر وهو مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فقال: لله ولرسوله يا عدوّ الله؛ قوله لمن الدبرة أَي لمن الدولة والظفر، وتفتح الباء وتسكن؛ ويقال: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الهزيمة.
والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاعِ.
والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابن سيده: دَابِرَةُ الطائر الأُصْبُعُ التي من وراء رجله وبها يَضْرِبُ البَازِي، وهي للديك أَسفل من الصِّيصِيَةِ يطأُ بها.
وجاء دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً.
وفلان لا يصلي الصلاة إِلاَّ دَبَرِيّاً، بالفتح، أَي في آخر وقتها؛ وفي المحكم: أَي أَخيراً؛ رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي، قال: والمُحَدِّثُون يقولون دُبُرِيّاً، بالضم، أَي في آخر وقتها؛ وقال أَبو الهيثم: دَبْرِيّاً، بفتح الدال وإِسكان الباء.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، رجل اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قوماً هم له كارهون؛ قال الإِفْرِيقيُّ راوي هذا الحديث: معنى قوله دباراً أَي بعدما يفوت الوقت.
وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إِن للمنافقين علامات يُعرفون بها: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وطعامهم نُهْبَةٌ، لا يَقْرَبُون المساجد إِلا هَجْراً، ولا يأْتون الصلاة إِلا دَبْراً، مستكبرين لا يأْلَفُون ولا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ قال ابن الأَعرابي: قوله دباراً في الحديث الأَوَّل جمع دَبْرٍ ودَبَرٍ، وهو آخر أَوقات الشيء الصلاة وغيرها؛ قال: ومنه الحديث الآخر لا يأْتي الصلاة إِلا دبْراً، يروى بالضم والفتح، وهو منصوب على الظرف؛ وفي حديث آخر: لا يأْتي الصلاة إِلا دَبَرِيّاً، بفتح الباء وسكونها، وهو منسوب إِلى الدَّبْرِ آخر الشيء، وفتح الباء من تغييرات النسب، ونصبه على الحال من فاعل يأْتي، قال: والعرب تقول العِلم قَبْلِيٌّ وليس بالدَّبَرِيِّ؛ قال أَبو العباس: معناه أَن العالم المتقن يجيبك سريعاً والمتخلف يقول لي فيها نظر. ابن سيده: تبعت صاحبي دَبَرِيّاً إِذا كنت معه فتخلفت عنه ثم تبعته وأَنت تحذر أَن يفوتك.
ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه.
والدَّابِرُ: التابع.
وجاء يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وهو من ذلك.
وأَدْبَرَ إِدْباراً ودُبْراً: ولَّى؛ عن كراع.
والصحيح أَن الإِدْبارَ المصدر والدُّبْر الاسم.
وأَدْبَرَ أَمْرُ القوم: ولَّى لِفَسادٍ.
وقول الله تعالى: ثم ولَّيتم مدبرين؛ هذا حال مؤكدة لأَنه قد علم أَن مع كل تولية إِدباراً فقال مدبرين مؤكداً؛ ومثله قول ابن دارة: أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لها نسَبي، وهَلْ بدارَةَ، با لَلنَّاسِ، من عارِ؟ قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن جني لها نسبي وقال لها يعني النسبة، قال: وروايتي له نسبي.
والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثعلب: هذا يُصادِيكَ إِقْبالاً بِمَدْبَرَةٍ؛ وذا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ ودَبَرَ بالشيء: ذهب به.
ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ ومنه قوله تعالى: والليل إِذا دَبَرَ؛ أَي تبع النهارَ قَبْلَه، وقرأَ ابن عباس ومجاهد: والليل إِذ أَدْبَرَ، وقرأَها كثير من الناس: والليل إِذا دَبَرَ، وقال الفراء: هما لغتان: دَبَرَ النهار وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ وأَدْبَرَ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قالوا أَقبل الراكب أَو أَدبر لم يقولوا إِلا بالأَلف، قال: وإِنهما عندي في المعنى لَواحدٌ لا أُبْعِدُ اين يأْتي في الرجال ما أَتى في الأَزمنة، وقيل: معنى قوله: والليل إِذا دَبَرَ، جاء بعد النهار، كما تقول خَلَفَ. يقال: دَبَرَنِي فلان وخَلَفَنِي أَي جاء بعدي، ومن قرأَ: والليل إِذا أَدْبَرَ؛ فمعناه ولَّى ليذهب.
ودَابِرُ العَيْشِ: آخره؛ قال مَعْقِلُ ابنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ: وما عَرَّيْتُ ذا الحَيَّاتِ، إِلاَّ لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ وذا الحيات: اسم سيفه.
ودابر العيش: آخره؛ يقول: ما عريته إِلا لأَقتلك.
ودَبَرَ النهار وأَدْبَرَ: ذهب.
وأَمْسِ الدَّابِرُ: الذاهب؛ وقالوا: مضى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وهذا من التطوّع المُشامِّ للتأْكيد لأَن اليوم إِذا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنه دَبَرَ، لكنه أَكده بقوله الدابر كما بينا؛ قال الشاعر: وأَبِي الذي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ وقال صَخْرُ بن عمرو الثَّرِيد السُّلَمِي: ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً، وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ ويروى المُدْبِرِ. قال ابن بري: والصحيح في إِنشاده مثل أَمس المدبر؛ قال: وكذلك أَنشده أَبو عبيدة في مقاتل الفرسان؛ وأَنشد قبله: ولقد دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً نَجْلاءَ تُزْغِلُ مثل عَطِّ المَنْحَرِ تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً.
والعَطُّ: الشَّقُّ.
والنجلاء: الواسعة.
ويقال: هيهات، ذهب فلان كما ذهب أَمْسِ الدابِرُ، وهو الماضي لا يرجع أَبداً.
ورجل خاسِرٌ دابِرٌ إتباع، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ، ويقال خاسِرٌ دامِرٌ، على البدل، وإِن لم يلزم أَن يكون بدلاً.
واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه من ورائه؛ وقول الأَعشى يصف الخمر أَنشده أَبو عبيدة: تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ، على الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ ما عُلِمْ قال: قوله غير مستدبر فُسِّرَ غير مستأْثر، وإِنما قيل للمستأْثر مستدبر لأَنه إِذا استأْثر بشربها استدبر عنهم ولم يستقبلهم لأَنه يشربها دونهم ويولي عنهم.
والدَّابِرُ من القداح: خلاف القَابِلِ، وصاحبه مُدَابِرٌ؛ قال صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يصف ماء ورده: فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ، خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا المُدابِرُ: المقمور في الميسر، وقيل: هو الذي قُمِرَ مرة بعد فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وقال الأَصمعي: المدابر المُوَلِّي المُعْرِض عن صاحبه؛ وقال أَبو عبيد: المدابر الذي يضرب بالقداح.
ودَابَرْتُ فلاناً: عاديته.
وقولهم: ما يَعْرِفُ قَبيلَهُ من دَبِيرِه، وفلان ما يَدْرِي قَبِيلاً من دَبِيرٍ؛ المعنى ما يدري شيئاً.
وقال الليث: القَبِيلُ فَتْلُ القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف.
ويقال: القَبِيلُ ما وَلِيَكَ والدَّبِيرُ ما خالفك. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبِيره من قَبيله. قال الأَصمعي: القَبيل ما أَقبل من الفاتل إِلى حِقْوِه، والدَّبِيرُ ما أَدبر به الفاتل إِلى ركبته.
وقال المفضل: القبيل فَوْزُ القِدح في القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ.
وقال الشيباني: القَبيل طاعة الرب والدَّبير معصيته. الصحاح: الدَّبير ما أَدبرتْ به المرأَة من غَزْلها حين تَفْتِلُه. قال يعقوب: القَبيلُ ما أَقْبلتَ به إِلى صدرك، والدَّبير ما أَدبرتَ به عن صدرك. يقال: فلان ما يعرف قَبيلاً من دَبير، وسنذكر من ذلك أَشياء في ترجمةِ قَبَلَ، إِن شاء الله تعالى.
والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يقال: فلان ما له قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا لم يهتد لجهة أَمره، وليس لهذا الأَمر قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا لم يعرف وجهه؛ ويقال: قبح الله ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ.
وأَدْبَرَ الرجلَ: جعله وراءه.
ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خرج من الهَدَفِ.
وفي المحكم: دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جاوزه وسقط وراءه.
والدَّابِرُ من السهام: الذي يخرج من الهَدَفِ. ابن الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ، ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن الناقة إِذا نُحِرَتْ إِلى ناحية القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صارت هذه الفَتْلَةُ إِلى ناحية الوجه.
والدَّبَرَانُ: نجم بين الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ والتُّوَيْبِعُ، وهو من منازل القمر، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ الثريا أَي يَتْبَعُها. ابن سيده: الدَّبَرانُ نجم يَدْبُرُ الثريا، لزمته الأَلف واللام لأَنهم جعلوه الشيء بعينه. قال سيبويه: فإِن قيل: أَيقال لكل شيء صار خلف شيء دَبَرانٌ؟ فإِنك قائل له: لا، ولكن هذا بمنزلة العدْل والعَدِيلِ، وهذا الضرب كثير أَو معتاد. الجوهري: الدَّبَرانُ خمسة كواكب من الثَّوْرِ يقال إِنه سَنَامُه، وهو من منازل القمر.
وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لم أَعْبَأْ به، وتَصَامَمْتُ عنه وأَغضيت عنه ولم أَلتفت إِليه، قال: يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ، ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ وقالوا: إِذا رأَيت الثريا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي إِذا بدأَت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر ووقت نَتاج الإِبل، وإِذا رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت الشعرى مع المغرب فذلك صَمِيمُ القُرِّ، فلا يصبر على القِرَى وفعل الخير في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحرّ، وقوله: ومجد حمل أَي لا يحمل فيه الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشديد لأَن الجمال تُهْزَلُ في ذلك الوقت وتقل المراعي.
والدَّبُورُ: ريح تأْتي من دُبُرِ الكعبة مما يذهب نحو المشرق، وقيل: هي التي تأْتي من خلفك إِذا وقفت في القبلة. التهذيب: والدَّبُور بالفتح، الريح التي تقابل الصَّبَا والقَبُولَ، وهي ريح تَهُبُّ من نحو المغرب، والصبا تقابلها من ناحية المشرق؛ قال ابن الأَثير: وقول من قال سميت به لأَنها تأْتي من دُبُرِ الكعبة ليس بشيء.
ودَبَرَتِ الريحُ أَي تحوّلت دَبُوراً؛ وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطائر إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ من التذكرة، يكون اسماً وصفة، فمن الصفة قول الأَعشى: لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصا د، صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا ومن الاسم قوله أَنشده سيبويه لرجل من باهلة: رِيحُ الدَّبُورِ مع الشَّمَالِ، وتارَةً رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ قال: وكونها صفة أَكثر، والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ، وقد دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً.
ودُبِرَ القومُ، على ما لم يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون: أَصابتهم ريح الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دخلوا في الدَّبور، وكذلك سائر الرياح.
وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
ورجل أُدابِرٌ: للذي يقطع رحمه مثل أُباتِرٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: إِذا زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عليكم، بالفتح، أَي الهلاك.
ورجل أُدابِرٌ: لا يقبل قول أَحد ولا يَلْوِي على شيء. قال السيرافي: وحكى سيبويه أُدابِراً في الأَسماء ولم يفسره أَحد على أَنه اسم، لكنه قد قرنه بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وهما موضعان، فعسى أَن يكون أُدابِرٌ موضعاً. قال الأَزهري: ورجل أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ فيقطعها، ورجل أُخايِلٌ وهو المُخْتالُ.
وأُذن مُدابَرَةٌ: قطعت من خلفها وشقت.
وناقة مُدابَرَة: شُقت من قِبَلِ قَفاها، وقيل: هو أَن يَقْرِضَ منها قَرْضَةً من جانبها مما يلي قفاها، وكذلك الشاة.
وناقة ذات إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وذكر الأَزهري ذلك في الشاة أَيضاً.
والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الاستقبال.
ورجل مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ من أَبويه كريم الطرفين.
وفلان مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كريم أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قال الأَصمعي: وذلك من الإِقْبالة والإِدْبارَة، وهو شق في الأُذن ثم يفتل ذلك، فإِذا أُقْبِلَ به فهو الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ به فهو الإِدْبارة، والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ من الأُذن هي الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ، والشاة مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وقد أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها.
وناقة ذات إِقبالة وإِدبارة وناقة مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كريمة الطرفين من قِبَل أَبيها وأُمها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ أَو مُدابَرَةٍ؛ قال الأَصمعي: المقابلة أَن يقطع من طرف أُذنها شيء ثم يترك معلقاً لا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ ويقال لمثل ذلك من الإِبل: المُزَنَّمُ، ويسمى ذلك المُعَلَّقُ الرَّعْلَ.
والمُدابَرَةُ: أَن يفعل ذلك بمؤخر الأُذن من الشاة؛ قال الأَصمعي: وكذلك إِن بان ذلك من الأُذن فهي مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بعد أَن كان قطع.
والمُدَابَرُ من المنازل: خلافُ المُقابَلِ.
وتَدابَرَ القوم: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وقيل: لا يكون ذلك إِلا في بني الأَب.
وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: لا تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا؛ قال أَبو عبيد: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ والهِجْرانُ، مأْخوذ من أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وقفاه ويُعْرِضَ عنه بوجهه ويَهْجُرَه؛ وأَنشد: أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا، وأَوْصَى أَبو كُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟ ودَبَرَ القومُ يَدْبُرُونَ دِباراً: هلكوا.
وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخره فلم يبق منهم باقية.
ويقال: عليه الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دعوا عليه بأَن يَدْبُرَ فلا يرجع؛ ومثله: عليه العفاء أَي الدُّرُوس والهلاك.
وقال الأَصمعي: الدَّبارُ الهلاك، بالفتح، مثل الدَّمار.
والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ في الخير والدَّبْرَةُ في الشر. يقال: جعل الله عليه الدَّبْرَة، قال ابن سيده: وهذا أَحسن ما رأَيته في شرح الدَّبْرَة؛ وقيل: الدَّبْرَةُ العاقبة.
ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نظر في عاقبته، واسْتَدْبَرَه: رأَى في عاقبته ما لم ير في صدره؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قال جرير: ولا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حتى يُصِيبَكُمْ، ولا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا والتَّدْبِيرُ في الأَمر: أَن تنظر إِلى ما تَؤُول إِليه عاقبته، والتَّدَبُّر: التفكر فيه.
وفلان ما يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ من دِباره أَي أَوَّله من آخره.
ويقال: إِن فلاناً لو استقبل من أَمره ما استدبره لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو علم في بَدْءِ أَمره ما علمه في آخره لاسْتَرْشَدَ لأَمره.
وقال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لبنيه: يا بَنِيَّ لا تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قد وَلَّتْ صُدُورُها.
والتَّدْبِيرُ: أَن يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي ينظر في عواقبه.
والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد موتي، وهو مُدَبَّرٌ؛ وفي الحديث: إِن فلاناً أَعتق غلاماً له عن دُبُرٍ؛ أَي بعد موته.
ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عتقه بموتك، وهو التدبير أَي أَنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت.
ودَبَّرَ العبد: أَعتقه بعد الموت.
ودَبَّرَ الحديثَ عنه: رواه.
ويقال: دَبَّرْتُ الحديث عن فلان حَدَّثْتُ به عنه بعد موته، وهو يُدَبِّرُ حديث فلان أَي يرويه.
ودَبَّرْتُ الحديث أَي حدّثت به عن غيري. قال شمر: دبَّرْتُ الحديث ليس بمعروف؛ قال الأَزهري: وقد جاء في الحديث: أَمَا سَمِعْتَهُ من معاذ يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ أَي يحدّث به عنه؛ وقال: إِنما هو يُذَبِّرُه، بالذال المعجمة والباء، أَي يُتْقِنُه؛ وقال الزجاج: الذِّبْر القراءةُ، وأَما أَبو عبيد فإِن أَصحابه رووا عنه يُدَبِّرُه كما ترى، وروى الأَزهري بسنده إِلى سَلاَّمِ بن مِسْكِينٍ قال: سمعت قتادة يحدّث عن فلان، يرويه عن أَبي الدرداء، يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ما شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها ملكان يُنادِيانِ أَنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى ربكم فإِنَّ ما قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مما كَثُرَ وأَلْهَى، اللهم عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً. ابن سيده: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كتبه؛ عن كراع، قال: والمعروف ذَبَرَه ولم يقل دَبَره إِلا هو.
والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه، وكذلك الجوابُ الدَّبَرِيُّ؛ يقال: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وهو الذي يَسْنَحُ أَخيراً عند فوت الحاجة، أَي شره إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وفات.
والدَّبَرَةُ، بالتحريك: قَرْحَةُ الدابة والبعير، والجمع دَبَرٌ وأَدْبارٌ مثل شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار.
ودَبِرَ البعيرُ، بالكسر، يَدْبَرُ دَبَراً، فهو دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل دَبْرَى وقد أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ البعير فَدَبِرَ؛ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بعيره، وأَنْقَبَ إِذا حَفِيَ خُفُّ بعيره.
وفي حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وعفا الأَثَرُ؛ الدبر، بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر الدابة، وقيل: هو أَن يَقْرَحَ خف البعير، وفي حديث عمر: قال لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ أَي دَبِرَ بعيرك وحَفِيَ.
وفي حديث قيس بن عاصم: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي التي أَدْبَرَ خَيْرُها.
والأَدْبَرُ: لقب حُجْرِ بن عَدِيٍّ نُبِزَ به لأَن السلاح أَدْبَرَ ظهره، وقيل: سمي به لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: منه كأَنه تصغير أَدْبَرَ مرخماً.
والدَّبْرَةُ: الساقية بين المزارع، وقيل: هي المَشَارَةُ في المَزْرَعَةِ، وهي بالفارسية كُرْدَه، وجمعها دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قال بشر بن أَبي خازم:تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ، على جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها وقيل: الدِّبارُ الكُرْدُ من المزرعة، واحدتها دِبارَةٌ.
والدَّبْرَةُ: الكُرْدَةُ من المزرعة، والجمع الدِّبارُ.
والدِّباراتُ: الأَنهار الصغار التي تتفجر في أَرض الزرع، واحدتها دَبْرَةٌ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف كيف هذا إِلا أَن يكون جمع دَبْرَة على دِبارٍ أُلحقت الهاء للجمع، كما قالوا الفِحَالَةُ ثم جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة.
وقال أَبو حنيفة: الدَّبْرَة البقعة من الأَرض تزرع، والجمع دِبارٌ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة، واحده وجمعه سواء؛ يقال: مالٌ دَبْرٌ ومالان دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قال ابن سيده: هذا الأَعرف، قال: وقد كُسِّرَ على دُبُورٍ، ومثله مال دَثْرٌ. الفرّاء: الدَّبْرُ والدِّبْرُ الكثير من الضَّيْعَة والمال، يقال: رجل كثير الدَّبْرِ إِذا كان فاشِيَ الضيعة، ورجل ذو دَبْرٍ كثير الضيعة والمال؛ حكاه أَبو عبيد عن أَبي زيد.
والمَدْبُور: المجروح.
والمَدْبُور: الكثير المال.
والدَّبْرُ، بالفتح: النحل والزنابير، وقيل: هو من النحل ما لا يَأْرِي، ولا واحد لها، وقيل: واحدته دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وهَبْتُهُ من وَثَبَى فَمِطْرَهْ مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل: بِأَبْيَضَ من أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ، وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد: شاره من النحل؛ وفي الصحاح قال لبيد: بأَشهب من أَبكار مزن سحابة، وأَري دبور شاره النحلَ عاسل قال ابن بري يصف خمراً مزجت بماء أَبيض، وهو الأَشهب.
وأَبكار: جمع بِكْرٍ.
والمزن: السحاب الأَبيض، الواحدة مُزْنَةٌ.
والأَرْيُ: العسل.
وشارَهُ: جناه، والنحل منصوب بإِسقاط من أَي جناه من النحل عاسل؛ وقبله: عَتِيق سُلافاتٍ سِبَتْها سَفِينَةٌ، يَكُرُّ عليها بالمِزاجِ النَّياطِلُ والنياطل: مكاييل الخمر. قال ابن سيده: ويجوز أَن يكون الدُّبُورُ جمع دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ.
والدَّبُورُ، بفتح الدال: النحل، لا واحد لها من لفظها، ويقال للزنابير أَيضاً دَبْرٌ.
وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عاصم بن ثابت بن أَبي الأَفلح الأَنصاري من أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُصيب يوم أُحد فمنعت النحل الكفار منه، وذلك أَن المشركين لما قتلوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلط الله عز وجل عليهم الزنابير الكبار تَأْبِرُ الدَّارِعَ فارتدعوا عنه حتى أَخذه المسلمون فدفنوه.
وقال أَبو حنيفة: الدِّبْرُ النحل، بالكسر، كالدَّبْرِ؛ وقول أَبي ذؤيب: بَأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها، وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ عنى شُعْبَةً فيها دَبِرٌ، ويروي: وقد وَلَهَتْ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ أَيضاً: أَولاد الجراد؛ عنه.
وروى الأَزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: الخَافِقَانِ ما بين مطلع الشمس إِلى مغربها.
والدَّبْرُ: الزنابير؛ قال: ومن قال النحل فقد أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قالت لزوجها: إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَخْشَ لَسْعَها، وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ شبه خروجها ودخولها بالنوائب. قال الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ، قال: وهو الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، ولا واحد لشيء من هذا؟ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب لا ما قال مصعب.
وفي الحديث: فأَرسل الله عليهم الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ؛ هو بسكون الباء النحل، وقيل: الزنابير.
والظلة: السحاب.
وفي حديث بعض النساء (* قوله: «وفي حديث بعض النساء» عبارة النهاية: وفي حديث سكينة ا هـ. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما صرح به الصفدي وغيره ا هـ.
وسكينة بالتصغير كما في القاموس). جاءت إِلى أُمها وهي صغيرة تبكي فقالت لها: ما لَكِ؟ فقالت: مرت بي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ؛ هو تصغير الدَّبْرَةِ النحلة.
والدَّبْرُ: رُقادُ كل ساعة، وهو نحو التَّسْبِيخ.
والدَّبْرُ: الموت.
ودَابَرَ الرجلُ: مات؛ عن اللحياني، وأَنشد لأُمية بن أَبي الصلت: زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْـ ـروٍ أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ، ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيـ ـداً، لا يَؤُوبُ له مُسافِرْ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مات، وأَدْبَرَ إِذا تغافل عن حاجة صديقه، وأَدْبَرَ: صار له دِبْرٌ، وهو المال الكثير.
ودُبارٌ، بالضم: ليلة الأَربعاء، وقيل: يوم الأَربعاء عادِيَّةٌ من أَسمائهم القديمة، وقال كراع: جاهلية؛ وأَنشد: أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي. بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ أَول: الأَحَدُ.
وشِيارٌ: السبتُ، وكل منها مذكور في موضعه. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سافر في دُبارٍ.
وسئل مجاهد عن يوم النَّحْسِ فقال: هو الأَربعاء لا يدور في شهره.
والدَّبْرُ: قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء ويَنْضُبُ عنها.
وفي حديث النجاشي أَنه قال: ما أُحِبُّ أَن تكون دَبْرَى لي ذَهبَاً وأَنِّي آذيت رجلاً من المسلمين؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بالجبل، قال ابن الأَثير: هو بالقصر اسم جبل، قال: وفي رواية ما أُحب أَن لي دَبْراً من ذَهَبٍ، والدَّبْرُ بلسانهم: الجبل؛ قال: هكذا فُسِّر، قال: فهو في الأُولى معرفة وفي الثانية نكرة، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم لا.
ودَبَرٌ: موضع باليمن، ومنه فلان الدَّبَرِيُّ.
وذاتُ الدَّبْرِ: اسم ثَنِيَّةٍ؛ قال ابن الأَعرابي: وقد صحفه الأَصمعي فقال: ذات الدَّيْرِ.
ودُبَيْرٌ: قبيلة من بني أَسد.
والأُدَيْبِرُ: دُوَيْبَّة.
وبَنُو الدُّبَيْرِ: بطن؛ قال: وفي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ على الطعَّامِ ما غَبا غُبَيْسُ

ربع (لسان العرب) [0]


الأَربعة والأَربعون من العدد: معروف.
والأَربعة في عدد المذكر والأَربع في عدد المؤنث، والأَربعون نعد الثلاثين، ولا يجوز في أَربعينَ أَربعينُ كما جاز في فِلَسْطِينَ وبابه لأَن مذهب الجمع في أَربعين وعشرين وبابه أَقْوَى وأَغلب منه في فِلَسْطين وبابها؛ فأَما قول سُحَيْم بن وَثِيل الرِّياحيّ: وماذا يَدَّري الشُّعراء مِنِّي، وقد جاوَزْتُ حَدَّ الأَرْبَعِينِ ؟ (* وفي رواية أخرى: وماذا تبتغي الشعراء مني إلخ.) فليست النون فيه حرف إِعراب ولا الكسرة فيها علامة جرِّ الاسم، وإِنما هي حركة لالتقاء الساكنين إِذا التقيا ولم تفتح كما تفتح نون الجمع لأَن الشاعر اضطُرَّ إِلى ذلك لئلا تختلف حركة حرف الرويّ في سائر . . . أكمل المادة الأَبيات؛ أَلا ترى أَن فيها: أَخُو خَمْسِينَ مُجتمِعٌ أَشُدِّي، ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُونِ ورُباعُ: معدول من أَربعة.
وقوله تعالى: مَثْنَى وثُلاثَ ورُباعَ؛ أَراد أَربعاً فعدَله ولذلك ترك صرْفه. ابن جني: قرأَ الأَعمش مَثْنَى وثُلَثَ ورُبَعَ، على مثال عُمر، أَراد ورُباع فحذف الأَلف.
ورَبَعَ القومَ يَرْبَعُهم رَبْعاً: صار رابِعَهم وجعلهم أَربعة أَو أَربعين.
وأَربَعُوا: صاروا أَربعة أَو أَربعين.
وفي حديث عمرو بن عَبْسةَ: لقد رأَيْتُني وإِنِّي لرُبُعُ الإِسلام أَي رابِعُ أَهل الإِسلام تقدَّمني ثلاثةٌ وكنت رابعهم.
وورد في الحديث: كنت رابِعَ أَربعة أَي واحداً من أَربعة.
وفي حديث الشعبي في السَّقْط: إِذا نُكِس في الخلق الرابع أَي إِذا صار مُضْغة في الرَّحِم لأَن الله عز وجل قال: فإِنا خلقناكم من تُراب ثم من نطفة ثم من علَقة ثم من مُضْغة.
وفي بعض الحديث: فجاءت عيناه بأَربعة أَي بدُموع جرَتْ من نواحي عينيه الأَربع.
والرِّبْعُ في الحُمَّى: إِتيانُها في اليوم الرابع، وذلك أَن يُحَمَّ يوماً ويُتْرَك يومين لا يُحَمّ ويُحَمّ في اليوم الرابع، وهي حُمَّى رِبْعٍ، وقد رُبِع الرجل فهو مَرْبوع ومُرْبَع، وأُرْبِعَ؛ قال أُسامةُ بن حبيب الهذلي: مِن المُرْبَعِينَ ومن آزِلٍ، إِذا جَنَّه الليلُ كالناحِطِ وأَرْبَعَت عليه الحُمَّى: لغة في رُبِعَ، فهو مُرْبَع.
وأَربَعَت الحُمّى زيداً وأَرْبَعَت عليه: أَخذَته رِبعاً، وأَغَبَّتْه: أَخذته غِبًّا، ورجل مُرْبِعٌ ومُغِبٌّ، بكسر الباء. قال الأَزهري: فقيل له لم قلت أَرْبَعَتِ الحُمَّى زيداً ثم قلت من المُرْبِعين فجعلته مرة مفعولاً ومرة فاعلاً؟ فقال: يقال أَرْبَعَ الرجل أَيضاً. قال الأَزهري: كلام العرب أَربعت عليه الحمى والرجل مُرْبَع، بفتح الباء، وقال ابن الأَعرابي: أَرْبَعَتْه الحمى ولا يقال رَبَعَتْه.
وفي الصحاح: تقول رَبَعَتْ عليه الحُمّى.
وفي الحديث: أَغِبُّوا في عيادة المريض وأَرْبِعُوا إِلا أَن يكون مغلوباً؛ قوله أَرْبِعُوا أَي دَعُوه يومين بعد العيادة وأْتوه اليوم الرابع، وأَصله من الرِّبْع في أَورادِ الإِبل.
والرِّبْعُ: الظِّمْء من أَظْماء الإِبل، وهو أَن تُحْبَس الإِبلُ عن الماء أَربعاً ثم تَرِدَ الخامس، وقيل: هو أَن ترد الماءَ يوماً وتَدَعَه يومين ثم تَرِدَ اليوم الرابع، وقيل: هو لثلاث ليال وأَربعة أَيام.
ورَبَعَت الإِبلُ: وَرَدتْ رِبعاً، وإِبلٌ رَوابِعُ؛ واستعاره العَجَّاج لوِرْد القطا فقال: وبَلْدةٍ تُمْسِي قَطاها نُسَّسا رَوابِعاً، وقَدْرَ رِبْعٍ خُمَّسا وأَرْبَعَ الإِبلَ: أَوردها رِبْعاً.
وأَرْبعَ الرجلُ: جاءت إِبلُه رَوابعَ وخَوامِس، وكذلك إِلى العَشْر.
والرَّبْعُ: مصدر رَبَعَ الوَترَ ونحوه يَرْبَعه رَبْعاً، جعله مفتولاً من أَربع قُوًى، والقوة الطاقةُ، ويقال: وَتَرٌ مَرْبوعٌ؛ ومنه قول لبيد: رابِطُ الجأْشِ على فَرْجِهِمُ، أَعْطِفُ الجَوْنَ بمرْبوعٍ مِتَلِّ أَي بعنان شديد من أَربع قُوًى.
ويقال: أَراد رُمْحاً مَرْبوعاً لا قصيراً ولا طويلاً، والباء بمعنى مع أَي ومعيَ رُمْح.
ورمح مربوع: طوله أَرْبَعُ أَذْرُعٍ.
وربَّع الشيءَ: صيره أَربعةَ أَجزاء وصيره على شكل ذي أَربع وهو التربيع. أَبو عمرو: الرُّومِيُّ شِراعُ السفينة الفارغة، والمُرْبِعُ شِراعُ المَلأَى، والمُتَلَمِّظةُ مَقْعدُ الاشْتِيام وهو رَئيسُ الرُّكابِ.
والتربيعُ في الزرع: السَّقْية التي بعد التثليث.
وناقة رَبوعٌ: تَحْلُبُ أَربعة أَقداح؛ عن ابن الأَعرابي.
ورجل مُرَبَّعُ الحاجبين: كثير شعرهما كأَنَّ له أَربعة حَواجبَ؛ قال الراعي: مُرَبَّع أَعلى حاجبِ العينِ، أُمُّه شَقيقةُ عَبْدٍ، من قَطينٍ، مُوَلَّدِ والرُّبْع والرُّبْع والرَّبيعُ: جزء من أَربعة يَطَّرد ذلك في هذه الكسور عند بعضهم، والجمع أَرباعٌ ورُبوعٌ.
وفي حديث طلحة: أَنه لما رُبِعَ يوم أُحُد وشَلَّت يدُه قال له: باءَ طلحةُ بالجنةِ؛ رُبِعَ أَي أُصِيبَت أَرباعُ رأْسه وهي نواحيه، وقيل: أَصابه حُمّى الرِّبْع، وقيل: أُصِيبَ جَبينُه؛ وأَما قول الفَرزدق: أَظُنُّك مَفْجوعاً بِرُبْعِ مُنافِقٍ، تَلَبَّس أَثوابَ الخِيانةِ والغَدْرِ فإِنه أَراد أَنَّ يمينه تُقْطَع فيَذْهَب رُبْع أَطرافِه الأَربعة.
ورَبَعَهم يَرْبَعُهم رَبْعاً: أَخذ رُبْع أَموالهم مثل عَشَرْتُهم أَعْشُرُهم.
ورَبَعهم: أَخذ رُبع الغنيمة.
والمِرْباع: ما يأْخذه الرئيس وهو ربع الغنيمة؛ قال: لكَ المِرْباعُ منها والصَّفايا، وحُكْمُكَ والنَّشِيطةُ والفُضول الصَّفايا: ما يَصْطَفِيه الرئيس، والنَّشِيطةُ: ما أَصاب من الغنيمة قبل أَن يصير إِلى مُجتَمع الحيّ، والفُضول: ما عُجِزَ أَن يُقْسَم لقلته وخُصَّ به.
وفي حديث القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ أَي تأْخذ رُبع الغنيمة أَو تأْخذ المِرْباع؛ معناه أَلم أَجْعَلْك رئيساً مُطاعاً؟ قال قطرب: المِرْباع الرُّبع والمِعْشار العُشر ولم يسمع في غيرهما؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لعديّ بن حاتم قبل إِسلامه: إِنك لتأْكلُ المِرْباع وهو لا يَحِلُّ لك في دينك؛ كانوا في الجاهلية إِذا غَزا بعضهم بعضاً وغَنِموا أَخذ الرئيس ربع الغنيمة خالصاً دون أَصحابه، وذلك الربع يسمى المِرْباع؛ ومنه شعر وفد تَمِيم: نحن الرُّؤُوس وفينا يُقْسم الرُّبُعُ وقال ابن سكيت في قول لبيد يصف الغيث: كأَنَّ فيه، لمَّا ارْتَفَقْتُ له، رَيْطاً ومِرْباعَ غانمٍ لَجَبا قال: ذكر السَّحاب، والارْتِفاقُ: الاتِّكاءُ على المِرْفَقِ؛ يقول: اتَّكأْت على مِرْفَقي أَشِيمُه ولا أَنام، شبَّه تبَوُّجَ البرق فيه بالرَّيْط الأَبيض، والرَّيْطةُ: مُلاءة ليست بمُلَفَّقة، وأَراد بمرباع غانمٍ صوْتَ رعده، شبهه بمرباع صاحب الجيش إِذا عُزل له ربع النَّهْب من الإِبل فتحانَّت عند المُوالاة، فشبه صوت الرعد فيه بِحَنِينها؛ ورَبعَ الجَيْشَ يَرْبَعُهم رَبْعاً ورَباعةً: أَخذ ذلك منهم.
ورَبَع الحَجرَ يَرْبَعُه رَبْعاً وارتبعه: شالَه ورفعه، وقيل: حمله، وقيل: الرَّبْعُ أَن يُشال الحجر باليد يُفْعَلُ ذلك لتُعْرَفَ به شدَّة الرجل. قال الأَزهري: يقال ذلك في الحجر خاصّة.
والمَرْبُوعُ والرَّبيعة: الحجر المَرْفُوع، وقيل: الذي يُشال.
وفي الحديث: مرَّ بقوم يَرْبَعُون حَجراً أَو يَرْتَبِعُون، فقال: عُمّالُ الله أَقْوَى من هؤُلاء؛ الرَّبْعُ: إِشالةُ الحجر ورَفْعُه لإِظْهار القوَّةِ.
والمِرْبَعةُ: خُشَيْبة قصيرة يُرْفَع بها العِدْل يأْخذ رجلان بطَرَفَيْها فيَحْمِلان الحِمْل ويَضَعانه على ظهر البعير؛ وقال الأَزهري: هي عصا تحمل بها الأَثقال حتى توضَع على ظهر الدوابّ، وقيل: كل شيء رُفع به شيء مِرْبَعة، وقد رابَعَه. تقول منه: رَبَعْت الحِمْل إِذا أَدخَلتها تحته وأَخذت أَنت بطَرَفِها وصاحِبُك بطرَفِها الآخر ثم رَفَعْتَه على البعير؛ ومنه قول الشاعر: أَينَ الشِّظاظانِ وأَينَ المِرْبَعهْ؟ وأَينَ وَسْقُ الناقةِ الجَلَنْفَعَهْ؟ فإِن لم تكن المِرْبَعةُ فالمُرابَعةُ، وهي أَن تأْخذ بيد الرجل ويأْخذ بيدك تحت الحِمْل حتى تَرفعاه على البعير؛ تقول: رابَعْت الرَّجل إِذا رَفَعْتَ معه العِدْلَ بالعصا على ظهر البعير؛ قال الراجز: يا لَيْتَ أُمَّ العَمْر كانتْ صاحِبي، مَكانَ مَنْ أَنْشا على الرَّكائبِ ورابَعَتْني تحتَ لَيْلٍ ضارِبِ، بساعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِبِ ورَبَع بالمكان يَرْبَعُ رَبْعاً: اطمأَنَّ.
والرَّبْع: المنزل والدار بعينها، والوَطَنُ متى كان وبأَيِّ مكان كان، وهو مشتق من ذلك، وجمعه أَرْبُعٌ ورِباعٌ ورُبُوعٌ وأَرْباعٌ.
وفي حديث أُسامة: قال له، عليه السلام: وهل تَرَك لنا عَقِيلٌ من رَبْعٍ؟ وفي رواية: من رِباعٍ؛ الرَّبْعُ: المَنْزِلُ ودارُ الإِقامة.
ورَبْعُ القوم: مَحَلَّتُهم.
وفي حديث عائشة: أرادت بيع رِباعِها أَي مَنازِلها.
وفي الحديث: الشُّفْعَةُ في كل رَبْعةٍ أَو حائط أَو أَرض؛ الرَّبْعةُ: أَخصُّ من الرَّبع، والرَّبْعُ المَحَلَّة. يقال: ما أَوسع رَبْعَ بني فلان والرَّبّاعُ: الرجل الكثير شراءِ الرِّباع، وهي المنازِل.
ورَبَعَ بالمكان رَبْعاً: أَقام.
والرَّبْعُ: جَماعةُ الناسِ. قال شمر: والرُّبُوع أَهل المَنازل أَيضاً؛ قال الشَّمّاخ:تُصِيبُهُمُ وتُخْطِئُني المَنايا، وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ أَي في قَوْم بعد قوم؛ وقال الأَصمعي: يريد في رَبْعٍ من أَهلي أَي في مَسْكَنهم، بعد رَبْع.
وقال أَبو مالك: الرَّبْعُ مثل السَّكن وهما أَهل البيتِ؛ وأَنشد: فإِنْ يَكُ ربْعٌ من رِجالٍ، أَصابَهمْ، من الله والحَتْمِ المُطِلِّ، شَعُوبُ وقال شمر: الرَّبْعُ يكون المنزلَ وأَهل المنزل، قال ابن بري: والرَّبْعُ أَيضاً العَدَدُ الكثير؛ قال الأَحوص: وفِعْلُكَ مرضِيٌّ، وفِعْلُكَ جَحْفَلّ، ولا عَيْبَ في فِعْلٍ ولا في مُرَكَّبِ (* قوله «وفعلك إلخ» كذا بالأصل ولا شاهد فيه ولعله وربعك جحفل.) قال: وأَما قول الراعي: فَعُجْنا على رَبْعٍ برَبْعٍ، تَعُودُه، من الصَّيْفِ، جَشّاء الحَنِينِ تُؤَرِّجُ قال: الرَّبْع الثاني طَرَف الجَبل.
والمَرْبُوع من الشعر: الذي ذهَب جزآن من ثمانية أَجزاء من المَديد والبَسِيط؛ والمَثْلُوث: الذي ذهب جزآن من ستة أَجزاء.
والرَّبِيعُ: جزء من أَجزاء السنة فمن العرب من يجعله الفصل الذي يدرك فيه الثمار وهو الخريق ثم فصل الشتاء بعده ثم فصل الصيف، وهو الوقت الذي يَدْعُوه العامة الرّبيعَ، ثم فصل القَيْظ بعده، وهو الذي يدعوه العامةُ الصيف، ومنهم من يسمي الفصل الذي تدرك فيه الثمار، وهو الخريف، الربيعَ الأَول ويسمي الفصل الذي يتلو الشتاء وتأْتي فبه الكَمْأَة والنَّوْرُ الربيعَ الثاني، وكلهم مُجْمِعون على أَنّ الخريف هو الربيع؛ قال أَبو حنيفة: يسمى قِسما الشتاء ربيعين: الأَوَّل منهما ربيع الماء والأَمطار، والثاني ربيع النبات لأَن فيه ينتهي النبات مُنْتهاه، قال: والشتاء كله ربيع عند العرب من أَجل النَّدى، قال: والمطر عندهم ربيع متى جاء، والجمع أَرْبِعةٌ ورِباعٌ.
وشَهْرا رَبِيعٍ سميا بذلك لأَنهما حُدّا في هذا الزمن فلَزِمَهما في غيره وهما شهرانِ بعد صفَر، ولا يقال فيهما إِلا شهرُ ربيع الأَوّل وشهرُ ربيع الآخر.
والربيعُ عند العرب رَبيعانِ: رَبيعُ الشهور وربيع الأَزمنة، فربيع الشهور شهران بعد صفر، وأَما ربيع الأَزمنة فربيعان: الربيعُ الأَول وهو الفصل الذي تأْتي فيه الكمأَة والنَّوْر وهو ربيع الكَلإ، والثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثمار، ومنهم من يسميه الرّبيع الأَوّل؛ وكان أَبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة ستة أَزمنة: شهران منها الربيع الأَوّل، وشهران صَيْف، وشهران قَيظ، وشهران الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء؛ وأَنشد لسعد بن مالك بن ضُبَيْعةَ: إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ، أَفْلَحَ مَن كانتْ له رِبْعِيُّونْ فجعل الصيف بعد الربيع الأَول.
وحكى الأَزهري عن أَبي يحيى بن كناسة في صفة أَزمنة السنة وفُصولها وكان علاَّمة بها: أَن السنة أَربعةُ أَزمنة: الربيع الأَول وهو عند العامّة الخريف، ثم الشتاء ثم الصيف، وهو الربيع الآخر، ثم القيظ؛ وهذا كله قول العرب في البادية، قال: والربيع الأَوّل الذي هو الخريف عند الفُرْس يدخل لثلاثة أَيام من أَيْلُول، قال: ويدخل الشتاء لثلاثة أَيام من كانُون الأَوّل، ويدخل الصيف الذي هو الربيع عند الفرس لخمسة أَيام تخلو من أَذار، ويدخل القيظ الذي هو صيف عند الفرس لأَربعة أَيام تخلو من حَزِيران، قال أَبو يحيى: وربيع أَهل العِراق موافق لربيع الفرس، وهو الذي يكون بعد الشتاء، وهو زمان الوَرْد وهو أَعدل الأَزمنة، وفيه تُقْطع العروق ويُشرب الدّواء؛ قال: وأَهل العراق يُمطَرون في الشتاء كله ويُخْصِبون في الربيع الذي يتلو الشتاء، فأَما أَهل اليمن فإِنهم يُمْطَرون في القيظ ويُخْصِبون في الخريف الذي تسميه العرب الربيع الأَول. قال الأَزهري: وسمعت العرب يقولون لأَوّل مطر يقع بالأَرض أَيام الخريف ربيع، ويقولون إِذا وقع ربيع بالأَرض: بَعَثْنا الرُّوّاد وانْتَجَعْنا مساقِط الغَيْثِ؛ وسمعتهم يقولون للنخيل إِذا خُرِفت وصُرِمَت: قد تَربَّعَت النَّخِيلُ، قال: وإِنما سمي فصل الخريف خريفاً لأَن الثمار تُخْتَرَف فيه، وسمته العرب ربيعاً لوقوع أَوّل المطر فيه. قال الأَزهري: العرب تَذْكُر الشهور كلها مجردة إِلا شَهْرَيْ رَبِيع وشهر رمضان. قال ابن بري: ويقال يومٌ قائظٌ وصافٍ وشاتٍ، ولا يقال يومٌ رابِعٌ لأَنهم لم يَبْنُوا منه فِعْلاً على حدّ قاظَ يومُنا وشتا فيقولوا رَبَعَ يومُنا لأَنه لا معنى فيه لحَرّ ولا بَرْد كما في قاظَ وشتا.
وفي حديث الدعاء: اللهم اجْعلِ القرآنَ رَبِيعَ قَلْبي؛ جعله ربيعاً له لأَن الإِنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأَزمان ويَمِيل إِليه، وجمعُ الربيع أَرْبِعاء وأَرْبِعة مثل نَصِيب وأَنْصِباء وأَنْصِبة، قال يعقوب: ويجمع رَبِيع الكلإِ على أَربعة، ورَبِيعُ الجَداولِ أَرْبِعاء.
والرَّبِيع: الجَدْوَلُ.
وفي حديث المُزارَعةِ: ويَشْتَرِط ما سقَى الرَّبيعُ والأَرْبِعاء؛ قال: الربيعُ النَّهرُ الصغير، قال: وهو السَّعِيدُ أَيضاً.
وفي الحديث: فعدَلَ إِلى الرَّبِيعِ فَتَطَهَّر.
وفي الحديث: بما يَنْبُت على ربِيعِ السَّاقي، هذا من إِضافة المَوْصُوف إِلى الصفة أَي النهر الذي يَسْقِي الزَّرْع؛ وأَنشد الأَصمعي قول الشاعر: فُوهُ رَبيعٌ وكَفُّه قَدَحٌ، وبَطْنُه، حين يَتَّكِي، شَرَبَهْ يَسَّاقَطُ الناسُ حَوْلَهُ مَرَضاً، وهْو صَحِيحٌ، ما إِنْ به قَلَبَهْ أَراد بقوله فوه ربيع أَي نهر لكثرة شُرْبه، والجمع أَرْبِعاء؛ ومنه الحديث: أَنهم كانوا يُكْرُون الأَرض بما يَنْبُت على الأَرْبِعاء أَي كانوا يُكرون الأَرض بشيء معلوم، ويشترطون بعد ذلك على مُكْتريها ما يَنْبُت على الأَنهار والسواقي.
وفي حديث سَهْل بن سعد، رضي الله عنه: كانت لنا عجوز تأْخذ من أُصُول سِلْقٍ كنا نَغْرِسُه على أَرْبِعائنا.
ورَبِيعٌ رابِعٌ: مُخْصِبٌ على المبالغة، وربما سمي الكَلأُ والغَيْثُ رَبِيعاً.
والرّبيعُ أَيضاً: المطر الذي يكون في الربيع، وقيل: يكون بعد الوَسْمِيِّ وبعده الصيف ثم الحَمِيمُ.
والرَّبيعُ: ما تَعْتَلِفُه الدوابُّ من الخُضَر، والجمع من كل ذلك أَرْبعةٌ.
والرِّبعة، بالكسر: اجْتِماعُ الماشية في الرَّبِيع، يقال: بلد مَيِّتٌ أَنيثٌ طَيِّبُ الرِّبْعةِ مَريء العُود.
ورَبَع الرَّبُِعُ يَرْبَع رُبُوعاً: دخَل.
وأَرْبَع القومُ: دخلوا في الرَّبِيع، وقيل: أَرْبعوا صاروا إِلى الرِّيف والماء.
وتَرَبَّع القومُ الموضِع وبه وارْتَبَعوه: أَقاموا فيه زمَن الربيع.
وفي حديث ابن عبد العزيز: أَنه جَمَّع في مُتَرَبَّعٍ له؛ المَرْبَع والمُرْتَبَعُ والمُتَرَبَّعُ: الموضع الذي يُنْزَلُ فيه أَيّام الربيع، وهذا على مذهب من يَرى إِقامة الجمعة في غير الأَمصار، وقيل: تَرَبَّعوا وارْتَبَعوا أَصابوا ربيعاً، وقيل: أَصابوه فأَقاموا فيه.
وتربَّعت الإِبل بمكان كذا وكذا أَي أَقامت به؛ قال الأَزهري: وأَنشدني أَعرابي: تَرَبَّعَتْ تَحْتَ السُّمِيِّ الغُيَّمِ، في بَلَدٍ عافي الرِّياضِ مُبْهِمِ عافي الرِّياضِ أَي رِياضُهُ عافِيةٌ وافِيةٌ لم تُرْعَ. مُبْهِم: كثير البُهْمى.
والمَرْبَع: المَوضع الذي يقام فيه زمن الرَّبِيع خاصّة، وتقول: هذه مَرابعُنا ومَصايِفُنا أَي حيث نَرْتَبِع ونَصِيفُ، والنسبة إِلى الرّبيع رِبعيٌّ، بكسر الراء، وكذلك رِبْعِيُّ ابن خِراش.
وقيل: أَرْبَعُوا أَي أَقاموا في المَرْبَع عن الارْتِياد والنُّجْعة؛ ومنه قولهم: غَيْثٌ مُرْبِعٌ مُرْتِع؛ المُرْتِعُ الذي يُنْبِت ما تَرْتَعُ فيه الإِبل.
وفي حديث الاسْتِسْقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مَرِيعاً مُرْبِعاً، فالمَرِيع: المُخْصِب الناجِعُ في المال، والمُرْبِع: العامُّ المُغْني عن الارْتِياد والنُّجعة لِعمومه، فالناس يَرْبَعُون حيث كانوا أَي يُقِيمون للخِصْب العامّ ولا يَحتاجُون إِلى الانتقال في طَلَب الكلإِ، وقيل: يكون من أَرْبَعَ الغَيْثُ إِذا أَنبت الرّبِيعَ؛ وقول الشاعر: يَداكَ يَدٌ رَبيعُ النَّاسِ فيها وفي الأُخْرَى الشُّهورُ من الحَرام أَراد أَنَّ خِصْب الناسِ في إِحدى يديه لأَنه يُنْعِش الناسَ بسَيْبِه، وفي يده الأُخرى الأَمْنُ والحَيْطة ورَعْيُ الذِّمام.
وارْتَبَعَ الفرَسُ والبعيرُ وترَبَّع: أَكل الربيع.
والمُرْتَبِعُ من الدّوابّ: الذي رَعى الربيع فسَمِن ونَشِط.
ورُبِعَ القومُ رَبْعاً: أَصابهم مطر الرَّبيع؛ ومنه قول أَبي وجزة: حتى إِذا ما إِيالاتٌ جَرَتْ بُرُحاً، وقد رَبَعْن الشَّوَى من ماطِرٍ ماجِ فإِنّ معنى رَبَعْن أَمْطَرْن من قولك رُبِعْنا أَي أَصابَنا مطر الربيع، وأَراد بقوله من ماطر أَي عَرَق مأْجٍ ملْحٍ؛ يقول: أَمْطَرْن قَوائمَهن من عَرَقِهن.
ورُبِعَت الأَرضُ، فهي مَرْبُوعة إِذا أَصابها مطر الربيع.
ومُرْبِعةٌ ومِرْباعٌ: كثيرة الرَّبِيع؛ قال ذو الرمة: بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ بِأَجْرَعَ مِرْباعٍ مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ وأَرْبَع لإِبله بمكان كذا وكذا: رعاها في الربيع؛ وقول الشاعر: أَرْبَعُ عند الوُرُودِ في سُدُمٍ، أَنْقَعُ من غُلَّتي وأُجْزِئُها قيل: معناه أَلَغُ في ماءٍ سُدُمٍ وأَلهَجُ فيه.
ويقال: ترَبَّعْنا الحَزْن والصَّمّانَ أَي رَعَينا بُقولها في الشِّتاء.وعامَله مُرابَعة ورِباعاً: من الرَّبيع؛ الأَخيرة عن اللحياني.
واستأْجره مُرابعةً ورِباعاً؛ عنه أَيضاً، كما يقال مُصايَفة ومشاهَرة.
وقولهم: ما له هُبَعٌ ولا رُبَعٌ، فالرُبَع: الفَصيل الذي يُنْتَج في الربيع وهو أَوّل النِّتاج، سمي رُبَعاً لأَنه إِذا مشى ارتَبَع ورَبَع أَي وسَّع خطْوه وعَدا، والجمع رِباع وأَرْباع مثل رُطَب ورِطاب وأَرْطاب؛ قال الراجز: وعُلْبة نازَعْتها رِباعي، وعُلْبة عند مَقِيل الرّاعِي والأُنثى رُبَعةٌ، والجمع رُبَعات، فإِذا نُتِج في آخر النِّتاج فهو هُبَع، والأُنثى هُبَعة، وإِذا نسب إِليه فهو رُبَعِيٌّ.
وفي الحديث: مري بَنِيك أَن يُحْسِنوا غذاء رِباعهم؛ الرِّباع، بكسر الراء: جمع رُبَع وهو ما وُلد من الإِبل في الربيع، وقيل: ما ولد في أَوّل النِّتاج؛ وإِحْسان غِذائها أَن لا يُستَقْصى حلَب أُمهاتها إِبقاء عليها؛ ومنه حديث عبد الملك بن عمير: كأَنه أَخْفاف الرِّباع.
وفي حديث عمر: سأَله رجل من الصَّدقة فأَعْطاه رُبَعة يَتْبَعُها ظِئراها؛ هو تأْنيث الرُّبَع؛ وفي حديث سليْمَان بن عبد الملك: إِنَّ بَنِيَّ صِبْيةٌ صَيْفِيُّونْ، أَفْلَحَ مَن كان له رِبْعِيُّونْ الرِّبْعي: الذي ولد في الربيع على غير قياس، وهو مثل للعرب قديم.
وقيل للقمَر: ما أَنت ابنُ أَربع، فقال: عَتَمة رُبَعْ لا جائع ولا مُرْضَع؛ وقال الشاعر في جمع رِباع: سَوْفَ تَكْفِي من حُبِّهِنَّ فتاةٌ تَرْبُقُ البَهْمَ، أَو تَخُلُّ الرِّباعا يعني جمع رُبَع أَي تَخُلّ أَلسِنةَ الفِصال تَشُقُّها وتجعل فيها عوداً لئلا تَرْضَع، ورواه ابن الأَعرابي: أَو تحُلّ الرِّباعا أَي تحل الرَّبيع معنا حيث حَلَلْنا، يعني أَنها مُتَبَدِّية، والرواية الأُولى أَولى لأَنه أَشبه بقوله تربق البَهْم أَي تَشُدُّ البَهم عن أُمّهاتها لئلا تَرْضَع ولئلا تُفَرَّقَ، فكأَنّ هذه الفَتاة تَخْدم البَهْم والفِصال، وأَرْباعٌ ورِباع شاذّ لأَن سيبويه قال: إِنّ حُكْم فُعَل أَن يُكَسَّر على فِعْلان في غالب الأَمر، والأُنثى رُبَعة.
وناقة مُرْبِعٌ: ذات رُبَع، ومِرْباعٌ: عادتُها أَن تُنْتَج الرِّباع، وفرَّق الجوهري فقال: ناقة مُرْبِع تُنْتَج في الربيع، فإِن كان ذلك عادتها فهي مِرْباع.
وقال الأَصمعي: المِرْباع من النوق التي تلد في أَوّل النِّتاج.
والمِرْباعُ: التي ولدها معها وهو رُبَع.
وفي حديث هشام في وصف ناقة: إِنها لمِرْباعٌ مِسْياعٌ؛ قال: هي من النوق التي تلد في أَول النتاج، وقيل: هي التي تُبَكِّر في الحَمْل، ويروى بالياء، وسيأْتي ذكره.
ورِبْعِيّة القوم: ميرَتُهم في أَول الشتاء، وقيل: الرِّبْعِية ميرة الرَّبيع وهي أَوَّل المِيَر ثم الصَّيْفِيَّةُ ثم الدَّفَئية ثم الرَّمَضِيَّة، وكل ذلك مذكور في مواضعه.
والرِّبْعية أَيضاً: العير الممْتارة في الربيع، وقيل: أَوّلَ السنة، وإِنما يذهبون بأَوّل السنة إِلى الربيع، والجمع رَباعيّ.
والرِّبْعِيَّة: الغَزوة في الرَّبيع؛ قال النابغة: وكانَتْ لهم رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونَها، إِذا خَضْخَضَتْ ماءَ السّماء القَنابِل (* في ديوان النابغة: القبائل بدل القنابل.) يعني أَنه كانت لهم غزوة يَغْزُونها في الربيع.
وأَرْبَعَ الرجلُ، فهو مُرْبِعٌ: ولد له في شبابه، على المثل بالربيع، وولده رِبْعِيّون؛ وأَورد:إِنَّ بَنِيَّ غِلْمةٌ صَيْفِيُّونْ، أَفْلَحَ مَن كانت له رِبْعِيُّونْ (* سابقاً كانت: صبية بدل غلمة.) وفصيل رِبْعِيٌّ: نُتِجَ في الربيع نسب على غير قياس.
ورِبْعِيّة النِّتاج والقَيْظ: أَوَّله.
ورِبْعيّ كل شيء: أَوَّله. رِبْعيّ النتاج ورِبْعيّ الشباب: أَوَّله؛ أَنشد ثعلب: جَزِعْت فلم تَجْزَعْ من الشَّيْبِ مَجْزَعا، وقد فاتَ رِبْعيُّ الشبابِ فَوَدَّعا وكذلك رِبْعِيّ المَجْد والطعْنِ؛ وأَنشد ثعلب أَيضاً: عليكم بِرِبْعِيِّ الطِّعان، فإِنه أَشَقُّ على ذي الرَّثْيةِ المُتَصَعِّبِ (* قوله «المتصعب» أَورده المؤلف في مادة ضعف المتضعف.) رِبْعِيُّ الطِّعان: أَوَّله وأَحَدُّهُ.
وسَقْب رِبْعي وسِقاب رِبْعية: وُلِدت في أَوَّل النِّتاج؛ قال الأَعشى: ولكِنَّها كانت نَوًى أَجْنَبيَّةً، تَواليَ رِبْعيِّ السِّقابِ فأَصْحَبا قال الأَزهري: هكذا سمعت العرب تُنْشِده وفسروا لي تَوالي رِبْعِي السقاب أَنه من المُوالاة، وهو تمييز شيء من شيء. يقال: والَيْنا الفُصْلان عن أُمهاتها فتَوالَتْ أَي فَصَلْناها عنها عند تَمام الحَوْل، ويَشْتَدّ عليها المُوالاة ويَكْثُر حَنِينها في إِثْر أُمهاتها ويُتَّخَذ لها خَنْدق تُحْبَس فيه، وتُسَرَّح الأُمهات في وَجْه من مراتِعها فإِذا تَباعَدت عن أَولادها سُرِّحت الأَولاد في جِهة غير جهة الأُمهات فترعى وحدها فتستمرّ على ذلك، وتُصْحب بعد أَيام؛ أَخبر الأَعشى أَنّ نَوَى صاحِبته اشْتدَّت عليه فَحنّ إِليها حَنِين رِبْعيِّ السِّقاب إِذا وُوليَ عن أُمه، وأَخبر أَنَّ هذا الفصيل (* قوله «ان هذا الفصيل إلخ» كذا بالأصل ولعله أنه كالفصيل.) يستمر على المُوالاة ولم يُصْحِب إِصْحاب السَّقْب. قال الأَزهري: وإِنما فسرت هذا البيت لأَن الرواة لما أَشكل عليهم معناه تخَبَّطُوا في اسْتِخْراجه وخَلَّطوا، ولم يَعْرِفوا منه ما يَعْرِفه مَن شاهَد القوم في باديتهم، والعرب تقول: لو ذهبْت تريد ولاء ضَبَّةَ من تَميم لتعَذَّر عليك مُوالاتُهم منهم لاختلاط أَنسابهم؛ قال الشاعر: وكُنَّا خُلَيْطَى في الجِمالِ، فَأَصْبَحَتْ جِمالي تُوالى وُلَّهاً من جِمالِك تُوالى أَي تُمَيَّز منها.
والسِّبْطُ الرِّبْعِي: نَخْلة تُدْرك آخر القيظ؛ قال أَبو حنيفة: سمي رِبعِيّاً لأَن آخر القيظ وقت الوَسْمِيّ.
وناقة رِبْعِية: مُتَقَدِّمة النِّتاج، والعرب تقول: صَرَفانةٌ رِبْعِيّة تُصْرَم بالصيف وتؤكل بالشَّتِيّة؛ رِبعِية: مُتقدِّمة.
وارْتَبَعتِ الناقةُ وأَرْبَعَتْ وهي مُرْبِعٌ: اسْتَغْلَقَت رَحِمُها فلم تَقبل الماء.
ورجل مَرْبوع ومُرْتَبَع ومُرْتَبِع ورَبْعٌ ورَبْعة ورَبَعة أَي مَرْبُوعُ الخَلْق لا بالطويل ولا بالقصير، وُصِف المذَكَّر بهذا الاسم المؤَنّث كما وصف المذكر بخَمْسة ونحوها حين قالوا: رجال خمسة، والمؤنث رَبْعة وربَعة كالمذكر، وأَصله له، وجَمْعُهما جميعاً رَبَعات، حركوا الثاني وإِن كان صفة لأَن أَصل رَبْعة اسمٌ مؤنث وقع على المذكر والمؤنثِ فوصف به، وقد يقال رَبْعات، بسكون الباء، فيجمع على ما يجمع هذا الضرب من الصفة؛ حكاه ثعلب عن ابن الأَعرابي. قال الفراء: إِنما حُرِّكَ رَبَعات لأَنه جاء نعتاً للمذكر والمؤَنث فكأَنه اسم نُعت به. قال الأَزهري: خُولِفَ به طريق ضَخْمة وضَخْمات لاستواء نُعِت الرجل والمرأَة في قوله رجل رَبْعة وامرأَة ربعة فصار كالاسم، والأَصل في باب فَعْلة من الأَسماء مثل تَمْرة وجَفْنة أَن يجمع على فَعَلات مثل تَمَرات وجَفَنات، وما كان من النعوت على فَعْلة مثل شاة لَجْبة وامرأَة عَبْلة أَن يجمع على فَعْلات بسكون العين وإِنما جمع رَبْعة على رَبَعات وهو نعت لأَنه أَشبه الأَسماء لاستواء لفظ المذكر والمؤنث في واحده؛ قال: وقال الفراء من العرب من يقول امرأَة رَبْعة ونسوة رَبْعات، وكذلك رجل رَبْعة ورجال رَبْعون فيجعله كسائر النعوت.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَطول من المَرْبوع وأَقْصَر من المُشَذَّب؛ فالمشذَّب: الطويل البائن، والمَرْبوعُ: الذي ليس بطويل ولا قصير، فالمعنى أَنه لم يكن مُفرط الطول ولكن كان بين الرَّبْعة والمُشَذَّب.
والمَرابيعُ من الخيل: المُجْتَمِعةُ الخَلْق.
والرَّبْعة، بالتسكين: الجُونة جُونة العَطَّار.
وفي حديث هِرَقْل: ثم دعا بشيء كالرَّبْعة العظيمة؛ الرَّبْعة: إِناء مُربَّع كالجُونة.
والربَعَة: المسافة بين قوائم الأَثافي والخِوان.
وحملْت رَبْعَه أَي نَعْشَه.والربيعُ: الجَدْوَلُ.
والرَّبيعُ: الحَظُّ من الماء ما كان، وقيل: هو الحَظّ منه رُبْع يوم أَو ليلة؛ وليس بالقَوِيّ.
والربيع: الساقية الصغيرة تجري إِلى النخل، حجازية، والجمع أَرْبِعاء ورُبْعان.
وتركناهم على رَباعاتِهم (* قوله «رباعاتهم إلخ» ليست هذه اللغة في القاموس وعبارته: هم على رباعتهم ويكسر ورباعهم وربعاتهم محركة وربعاتهم ككتف وربعتهم كعنبة.) ورِباعَتِهم، بكسر الراء، ورَبَعاتهم ورَبِعاتِهم، بفتح الباء وكسرها، أَي حالةٍ حسَنةٍ من اسْتقامتهم وأَمْرِهم الأَوَّل، لا يكون في غير حسن الحال، وقيل: رِباعَتُهم شَأْنُهم، وقال ثعلب: رَبَعاتُهم ورَبِعاتُهم مَنازِلُهم.
وفي كتابه للمهاجرين والأَنصار: إِنهم أُمَّة واحدة على رِباعتهم أَي على استقامتهم؛ يريد أَنهم على أَمرهم الذي كانوا عليه.
ورِباعةُ الرجل: شأْنه وحالهُ التي هو رابِعٌ عليها أَي ثابت مُقيمٌ. الفراء: الناس على سَكَناتهم ونَزلاتهم ورَباعتهم ورَبَعاتهم يعني على استقامتهم.
ووقع في كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليهود على رِبْعَتهم؛ هكذا وجد في سِيَر ابن إِسحقَ وعلى ذلك فسره ابن هشام.
وفي حديث المُغيرة: أَن فلاناً قد ارْتَبَعَ أَمْرَ القوم أَي ينتظر أَن يُؤَمَّر عليهم؛ ومنه المُسْتَرْبِعُ المُطيقُ للشيء.
وهو على رباعة قومه أَي هو سَيِّدهم.
ويقال: ما في بني فلان من يَضْبِطُ رِباعَته غير فلان أَي أَمْرَه وشأْنه الذي هو عليه.
وفي التهذيب: ما في بني فلان أَحد تُغْني رِباعَتُه؛ قال الأَخطل: ما في مَعَدٍّ فَتًى تُغْنِي رِباعَتُه، إِذا يَهُمُّ بأَمْرٍ صالِحٍ فَعَلا والرِّباعةُ أَيضاً: نحو من الحَمالة.
والرَّباعةُ والرِّباعة: القبيلة.
والرَّباعِيةُ مثل الثمانية: إِحدى الأَسنان الأَربع التي تلي الثَّنايا بين الثَّنِيّة والنّاب تكون للإِنسان وغيره، والجمع رَباعِياتٌ؛ قال الأَصمعي: للإِنسان من فوق ثَنِيّتان ورَباعِيتان بعدهما، ونابانِ وضاحِكان وستةُ أَرْحاء من كل جانب وناجِذان، وكذلك من أَسفل. قال أَبو زيد: يقال لكل خُفّ وظِلْف ثَنِيّتان من أَسفل فقط، وأَما الحافرُ والسِّباع كلُّها فلها أَربع ثَنايا، وللحافر بعد الثنايا أَربعُ رَباعِيات وأَربعة قَوارِحَ وأَربعة أَنْياب وثمانية أَضراس.
وأَرْبَعَ الفرسُ والبعير: أَلقى رَباعِيته، وقيل: طلعت رَباعِيتُه.
وفي الحديث: لم أَجد إِلا جملاً خِياراً رَباعِياً، يقال للذكر من الإِبل إِذا طلَعت رَباعِيتُه: رَباعٌ ورَباعٍ، وللأُنثى رَباعِيةٌ، بالتخفيف، وذلك إِذا دخلا في السنة السابعة.وفرس رَباعٍ مثل ثَمان وكذلك الحمار والبعير، والجمع رُبَع، بفتح الباء؛ عن ابن الأَعرابي، ورُبْع، بسكون الباء؛ عن ثعلب، وأَرباع ورِباع، والأُنثى رَباعية؛ كل ذلك للذي يُلقِي رَباعيته، فإِذا نصبت أَتممت فقلت: ركبت بِرْذَوْناً رَباعياً؛ قال العجاج يصف حماراً وحْشيّاً: رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبَا والجمع رُبُعٌ مثل قَذال وقُذُل، ورِبْعان مثل غَزال وغِزْلان؛ يقال ذلك للغنم في السنة الرابعة، وللبقر والحافر في السنة الخامسة، وللخُفّ في السنة السابعة، أَرْبَعَ يُرْبِع إِرْباعاً، وهو فرس رَباع وهي فرس رَباعِية.
وحكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: الخيل تُثْنِي وتُرْبِع وتُقْرِح، والإِبل تُثْنِي وتُرْبِع وتُسْدِسُ وتَبْزُلُ، والغنم تُثْنِي وتُرْبِع وتُسدس وتَصْلَغُ، قال: ويقال للفرس إِذا استتم سنتين جَذَع، فإِذا استتم الثالثة فهو ثَنيّ، وذلك عند إِلقائه رَواضِعَه، فإِذا استتم الرابعة فهو رَباع، قال: وإِذا سقطت رَواضِعه ونبت مكانها سِنّ فنبات تلك السنّ هو الإِثْناء، ثم تَسْقُط التي تليها عند إِرباعه فهي رَباعِيته، فيَنْبُت مكانه سن فهو رَباع، وجمعه رُبُعٌ وأَكثر الكلام رُبُعٌ وأَرْباع. فإِذا حان قُرُوحه سقط الذي يلي رَباعيته، فينبت مكانه قارِحُه وهو نابُه، وليس بعد القروح سقُوط سِنّ ولا نبات سنّ؛ قال: وقال غيره إِذا طعَن البعيرُ في السنة الخامسة فهو جذَع، فإِذا طعن في السنة السادسة فهو ثَنِيّ، فإِذا طعن في السنة السابعة فهو رَباع، والأُنثى رَباعِية، فإِذا طعن في الثامنة فهو سَدَسٌ وسَدِيس، فإِذا طعن في التاسعة فهو بازِل، وقال ابن الأَعرابي: تُجْذِع العَناق لسنة، وتُثْنِي لتمام سنتين، وهي رَباعِية لتمام ثلاث سنين، وسَدَسٌ لتمام أَربع سنين، وصالِغٌ لتمام خمس سنين.
وقال أَبو فقعس الأَسدي: ولد البقرة أَوّل سنة تبيع ثم جذَع ثم ثَنِيّ ثم رَباع ثم سَدَس ثم صالغٌ، وهو أَقصى أَسنانه.
والرَّبيعة: الرَّوْضة.
والرَّبيعة: المَزادَة.
والرَّبيعة: العَتِيدة.
وحَرْب رَباعِية: شديدة فَتِيَّة، وذلك لأَن الإِرْباع أَول شدّة البعير والفرس، فهي كالفرس الرَّباعي والجمل الرَّباعي وليست كالبازل الذي هو في إِدبار ولا كالثَنيِّ فتكون ضعيفة؛ وأَنشد: لأُصْبِحَنْ ظالماً حَرْباً رَباعِيةً. فاقْعُدْ لها، ودَعَنْ عنكَ الأَظانِينا قوله فاقْعُد لها أَي هيِّء لها أَقْرانَها. يقال: قعد بنو فلان لبني فلان إِذا أَطاقوهم وجاؤوهم بأَعْدادهم، وكذلك قَعد فلان بفلان، ولم يفسر الأَظانين، وجملٌ رباعٍ: كرباعٌ (* في القاموس: جملٌ رباعٍ ورباعٌ.) وكذلك الفرس؛ حكاه كراع قال: ولا نظير له إِلاَّ ثمانٍ وشَناحٍ في ثمانٌ وشناحٌ؛ والشناحُ: الطويل.
والرَّبِيعةُ: بيضة السّلاح الحديد.
وأَرْبَعَت الإِبل بالوِرْد: أَسْرَعت الكرّ إِليه فوردت بلا وقت، وحكاه أَبو عبيد بالغين المعجمة، وهو تصحيف.
والمُرْبِعُ: الذي يُورِد كلَّ وقت من ذلك.
وأَرْبَع بالمرأَة: كرّ إِلى مُجامَعتها من غير فَتْرة، وذكر الأَزهري في ترجمة عذَم قال: والمرأَة تَعْذَم الرجلَ إِذا أَرْبَع لها بالكلام أَي تَشْتُمه إِذا سأَلها المَكْروه، وهو الإِرْباعُ.
والأَرْبِعاء والأَرْبَعاء والأَرْبُعاء: اليوم الرابع من الأُسْبوع لأَن أَوّل الأَيام عندهم الأَحد بدليل هذه التسمية ثم الاثنان ثم الثلاثاء ثم الأَربعاء، ولكنهم اختصوه بهذا البناء كما اختصوا الدَّبَرانَ والسِّماك لِما ذهبوا إِليه من الفَرْق. قال الأَزهري: من قال أَربعاء حمله على أَسْعِداء. قال الجوهري: وحكي عن بعض بني أَسَد فتح الباء في الأَربعاء، والتثنية أَرْبعاوان والجمع أَربعاوات، حُمِل على قياس قَصْباء وما أَشبهها. قال اللحياني: كان أَبو زياد يقول مضى الأَربعاء بما فيه فيُفْرده ويذكّره، وكان أَبو الجرّاح يقول مضت الأَربعاء بما فيهن فيؤنث ويجمع يخرجه مخرج العدد، وحكي عن ثعلب في جمعه أَرابيع؛ قال ابن سيده: ولست من هذا على ثقة.
وحكي أَيضاً عنه عن ابن الأَعرابي: لا تَك أَرْبعاوِيّاً أَي ممن يصوم الأَربعاء وحده.
وحكى ثعلب: بنى بَيْته على الأَرْبُعاء وعلى الأَرْبُعاوَى، ولم يأعت على هذا المثال غيره، إِذا بناه على أَربعة أَعْمِدة.
والأَرْبُعاء والأَرْبُعاوَى: عمود من أَعْمِدة الخِباء.
وبيت أَرْبُعاوَى: على طريقة واحدة وعلى طريقتين وثلاث وأَربع. أَبو زيد: يقال بيت أُرْبُعاواء على أُفْعُلاواء، وهو البيت على طريقتين، قال: والبيوت على طريقتين وثلاث وأَربع وطريقة واحدة، فما كان على طريقة واحدة فهو خباء، وما زاد على طريقة فهو بيت، والطريقةُ: العَمَدُ الواحد، وكلُّ عمود طريقةٌ، وما كان بين عمودين فهو مَتْنٌ.
ومَشت الأَرْنَبُ الأُرْبَعا، بضم الهمزة وفتح الباء والقصر: وهي ضرب من المَشْي.
وتَرَبَّع في جلوسه وجلس الأُرْبَعا على لفظ ما تقدم (* قوله «على لفظ ما تقدم» الذي حكاه المجد ضم الهمزة والباء مع المد.): وهي ضرب من الجِلَس، يعني جمع جِلْسة.
وحكى كراع: جلَس الأُربُعَاوى أَي متربعاً، قال: ولا نظير له. أَبو زيد: اسْتَرْبَع الرَّملُ إِذا تراكم فارتفع؛ وأَنشد: مُسْتَرْبِع من عَجاجِ الصَّيْف مَنْخُول واستربَعَ البعيرُ للسير إِذا قَوِي عليه.
وارْتَبَعَ البَعيرُ يَرْتَبِعُ ارْتباعاً: أَسرع ومَرَّ يضرب بقوائمه كلها؛ قال العجاج: كأَنَّ تَحْتي أَخْدرِيًّا أَحْقَبا، رَباعِياً مُرْتَبِعاً أَو شَوْقَبا، عَرْدَ التّراقي حَشْوَراً مُعَرْقَبا (* قوله «معرقبا» نقله المؤلف في مادة عرد معقربا.) والاسم الرَّبَعةُ وهي أَشدّ عَدْو الإِبل؛ وأَنشد الأَصمعي، قال ابن بري: هو لأَبي دواد الرُّؤَاسي: واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه أُمُّ الفَوارِس بالدِّئْداء والرَّبَعهْ وهذا البيت يضرب مثلاً في شدَّة الأَمر؛ يقول: ركِبَت هذه المرأَة التي لها بنون فوارِسُ بعيراً من عُرْض الإِبل لا من خيارها وهي أَرْبَعُهن لَقاحاً أَي أَسْرَعُهنّ؛ عن ثعلب.
ورَبَع عليه وعنه يَرْبَعُ رَبْعاً: كَفَّ.
وربَعَ يَرْبَعُ إِذا وقَفَ وتَحَبَّس.
وفي حديث شُرَيْح: حَدِّثِ امرأَةً حَدِيثين، فإِن أَبت فارْبَعْ؛ قيل فيه: بمعنى قِفْ واقْتَصِر، يقول: حَدّثها حديثين فإِن أَبت فأَمْسِك ولا تُتْعِب نفسك، ومن قطع الهمزة قال: فأَرْبَعْ، قال ابن الأَثير: هذا مثل يضرب للبليد الذي لا يفهم ما يقال له أَي كرِّر القول عليها أَرْبَع مرات وارْبَعْ على نفسك رَبْعاً أَي كُفَّ وارْفُق، وارْبَع عليك وارْبَع على ظَلْعك كذلك معناه: انتظر؛ قال الأَحوص: ما ضَرَّ جِيرانَنا إِذ انْتَجَعوا، لو أَنهم قَبْلَ بَيْنِهم رَبَعُوا؟ وفي حديث سُبَيْعةَ الأَسْلَمِية: لما تَعَلَّت من نِفاسها تَشَوَّفَت للخُطَّاب، فقيل لها: لا يَحِلّ لكِ، فسأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال لها: ارْبَعي على نَفْسك؛ قيل له تأْويلان: أَحدهما أَن يكون بمعنى التَّوقُّف والانتظار فيكون قد أَمرها أَن تَكُفّ عن التزوج وأَن تَنْتَظِر تَمام عدَّة الوَفاة على مذهب من يقول إِن عدتها أَبْعدُ الأَجَلَيْن، وهو من رَبَعَ يَرْبَع إِذا وقف وانتظر، والثاني أَن يكون من رَبَع الرجل إِذا أَخْصَب، وأَرْبَعَ إِذا دخل في الرَّبيع، أَي نَفِّسي عن نفسك وأَخْرِجيها من بُؤْس العِدَّة وسُوء الحال، وهذا على مذهب من يرى أَنَّ عدتها أَدْنى الأَجلين، ولهذا قال عمر، رضي الله عنه: إِذا ولدت وزوجها على سَرِيره يعني لم يُدْفَن جاز لها أَن تَتزوَّج.
ومنه الحديث: فإِنه لا يَرْبَع على ظَلْعِك من لا يَحْزُنُه أَمْرُك أَي لا يَحْتَبِس عليك ويَصْبِر إِلا من يَهُمُّه أَمرُك.
وفي حديث حَلِيمة السَّعْدية: اربَعِي علينا أَي ارْفُقِي واقتصري.
وفي حديث صِلةَ بن أَشْيَم قلت لها: أَي نَفْسِ جُعِل رزْقُكِ كَفافاً فارْبَعي، فَرَبعت ولم تَكَد، أَي اقْتصِري على هذا وارْضَيْ به.
ورَبَعَ عليه رَبْعاً: عطَفَ، وقيل: رَفَق.
واسْتَرْبَع الشيءَ: أَطاقه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: لَعَمْري، لقد ناطَتْ هَوازِنُ أَمْرَها بمُسْتَرْبِعِينَ الحَرْبَ شُمِّ المَناخِرِ أَي بمُطِيقين الحرب.
ورجل مُسْتَرْبِع بعمله أَي مُسْتَتِلٌّ به قَوِيٌّ عليه؛ قال أَبو وجزةَ: لاعٍ يَكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه، مُسْتَرْبِعٌ بسُرى المَوْماةِ هَيّاج اللاعي: الذي يُفْزِعه أَدنى شيء.
ويُفْرِطُه: يَمْلَؤُه رَوعاً حتى يذهب به؛ وأَما قول صخر: كريم الثَّنا مُسْتَرْبِع كُلَّ حاسِد فمعناه أَنه يحتمل حسَده ويَقْدِر؛ قال الأَزهري: هذا كله من رَبْع الحجر وإِشالَته.
وتَرَبَّعَت الناقةُ سَناماً طويلاً أَي حملته؛ قال: وأَما قول الجعدي: وحائل بازِل ترَبَّعت، الصْـ ـصَيفَ، طَويلَ العِفاء، كالأُطُم فإِنه نصب الصيف لأَنه جعله ظرفاً أَي تربعت في الصيف سَناماً طويل العِفاء أَي حملته، فكأَنه قال: تربَّعت سَناماً طويلاً كثير الشحم.
والرُّبُوعُ: الأَحْياء.
والرَّوْبَع والرَّوْبعةُ: داء يأْخذ الفصال. يقال: أَخَذه رَوْبَعٌ ورَوْبَعةٌ أَي سُقوط من مرض أَو غيره؛ قال جرير: كانت قُفَيْرةُ باللِّقاحِ مُرِبَّةً تَبْكي إِذا أَخَذَ الفَصيلَ الرَّوْبَعُ قال ابن بري: وقول رؤبة: ومَنْ هَمَزْنا عِزَّه تبَرْكَعا، على اسْتِه، رَوْبعةً أَو رَوْبَعا قال: ذكره ابن دريد والجوهري بالزاي، وصوابه بالراء روبعة أَو روبعا؛ قال: وكذلك هو شعر رؤْبة وفسر بأَنه القصِير الحقير، وقيل: القصير العُرْقوبِ، وقيل: الناقص الخَلْقِ، وأَصله في ولد الناقة إِذا خرج ناقص الخلق؛ قاله ابن السكيت وأَنشد الرجز بالراء، وقيل: الرَّوْبع والرَّوبعة الضعيف.واليَرْبُوع: دابة، والأُنثى بالهاء.
وأَرض مَرْبَعةٌ: ذاتُ يَرابِيعَ. الأَزهري: واليَرْبُوعُ دُوَيْبَّة فوق الجُرَذِ، الذكر والأُنثى فيه سواء.
ويَرابيعُ المَتْن: لحمه على التشبيه باليَرابيع؛ قاله كراع، واحدها يَرْبوع في التقدير، والياء زائدة لأَنهم ليس في كلامهم فَعْلول، وقال الأَزهري: لم أَسمع لها بواحد. أَحمد بن يحيى: إِن جعلت واو يربوع أَصلية أَجْريت الاسم المسمى به، وإِن جعلتها غير أَصلية لم تُجْرِه وأَلحقته بأَحمد، وكذلك واو يَكْسُوم.
واليرابيع: دوابٌّ كالأَوْزاغ تكون في الرأْس؛ قال رؤبة: فقَأْن بالصَّقْع يَرابيعَ الصادْ أَراد الصَّيدَ فأَعلَّ على القياس المتروك.
وفي حديث صَيْد المحرم: وفي اليَرْبوع جَفْرة؛ قيل: اليَرْبوع نوع من الفأْر؛ قال ابن الأَثير: والياء والواو زائدتان.
ويَرْبُوع: أَبو حَيّ من تَميم، وهو يربوع بن حنظلة ابن مالك بن عمرو بن تميم.
ويربوع أَيضاً: أَبو بَطن من مُرَّةَ، وهو يربوع بن غَيْظ بن مرَّة بن عَوْف بن سعد بن ذُبيان، منهم الحرث بن ظالم اليربوعي المُرِّي.
والرَّبْعةُ: حَيّ من الأَزْد؛ وأَما قولُ ذِي الرُّمَّة: إِذا ذابَتِ الشمْسُ، اتَّقَى صَقَراتِها بأَفْنانِ مَرْبُوع الصَّرِيمةِ مُعْبِل فإِنما عنى به شجراً أَصابه مطر الربيع أَي جعله شجراً مَرْبُوعاً فجعله خَلَفاً منه.
والمَرابِيعُ: الأَمطار التي تجيءُ في أَوَّل الربيع؛ قال لبيد يصف الديار: رُزِقَتْ مَرايَِيعَ النُّجومِ، وصابها وَدْقُ الرَّواعِد: جَوْدُها فرِهامُها وعنى بالنجوم الأَنْواء. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي مَرابِيعُ النجوم التي يكون بها المطر في أَوَّل الأَنْواء.
والأَرْبَعاء: موضع (* قوله « والأربعاء موضع» حكي فيه أيضاً ضم أوله وثالثه، انظر معجم ياقوت.) ورَبِيعةُ: اسم.
والرَّبائع: بُطون من تميم؛ قال الجوهري: وفي تَميم رَبِيعتانِ: الكبرى وهو رَبِيعة بن مالك بن زَيْد مَناةَ بن تميم وهو ربيعة الجُوع، والوسطى وهو رَبيعة بن حنظلة بن مالك.
ورَبِيعةُ: أَبو حَيّ من هَوازِن، وهو ربيعة بن عامر بن صَعْصَعةَ وهم بنو مَجْدٍ، ومجدٌ اسم أُمهم نُسِبوا إِليها.
وفي عُقَيْل رَبيعتان: رَبِيعة بن عُقَيل وهو أَبو الخُلَعاء، وربيعة بن عامر بن عُقيل وهو أَبو الأَبْرص وقُحافةَ وعَرْعرةَ وقُرّةَ وهما ينسبان للرَّبيعتين.
ورَبِيعةُ الفرَس: أَبو قَبِيلة رجل من طيّء وأَضافوه كما تضاف الأَجناس، وهو رَبِيعة بن نِزار بن مَعدّ بن عَدْنان، وإِنما سمي ربيعة الفَرَس لأَنه أُعطي من مال أَبيه الخيل وأُعطي أَخوه الذهَب فسمي مُضَر الحَمْراء، والنسبة إِليهم ربَعي، بالتحريك.
ومِرْبَع: اسم رجل؛ قال جرير: زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَن سَيَقْتُل مِرْبعاً، أَبْشِرْ بِطُول سَلامةٍ يا مِرْبَع وسمت العرب رَبِيعاً ورُبَيْعاً ومِرْبَعاً ومِرْباعاً؛ وقول أَبي ذؤيب: صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزالُ، كأَنه عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبِيعةَ مُسْبَعُ أَراد آل ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم لأَنهم كثيرو الأَموال والعبيد وأَكثر مكة لهم.
وفي الحديث ذكر مِرْبع، بكسر الميم: هو مالُ مِرْبَعٍ بالمدينة في بني حارِثةَ، فأَمّا بالفتح فهو جبل قرب مكة.
والهُدْهُد يُكنَّى أَبا الرَّبِيع.
والرَّبائعُ: مَواضِعُ؛ قال: جَبَلٌ يَزِيدُ على الجِبال إِذا بَدا، بَيْنَ الرَّبائعِ والجُثومِ مُقِيمُ والتِّرْباعُ أَيضاً: اسم موضع؛ قال: لِمَنِ الدِّيارُ عَفَوْنَ بالرَّضمِ، فَمَدافِعِ التِّرْباعِ فالرَّجمِ (* قوله «الرضم والرجم» ضبطا في الأصل بفتح فسكون، وبمراجعة ياقوت تعلم أن الرجم بالتحريك وهما موضعان.) ورِبْع: اسم رجل من هُذَيْل.

رأي (لسان العرب) [0]


الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى مفعول واحد، وبمعنى العِلْم تتعدَّى إلى مفعولين؛ يقال: رأَى زيداً عالماً ورَأَى رَأْياً ورُؤْيَةً ورَاءَةً مثل راعَة.
وقال ابن سيده: الرُّؤيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب.
وحكى ابن الأَعرابي: على رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ، وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ واواً إبدالاً صحيحاً فقال رُويَتِك، ثم أَدغَمَ لأَنَّ هذه الواوَ قد صارت حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عليها من البَدَل فقال رُيَّتِك، ثم كَسَرَ الراءَ لمجاورة الياء فقال رِيَّتِكَ.
وقد رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وليست الهاءُ في رَأْية هنا للمَرَّة الواحدة إنما هو مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلاَّ أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الواحدة فيكون رَأَيْته رَأْية كقولك ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذا لم تُردْ . . . أكمل المادة هذا فرأْية كرؤْية ليست الهاءُ فيها للوَحْدَة.
ورَأَيْته رِئْيَاناً: كرُؤْية؛ هذه عن اللحياني، وَرَيْته على الحَذْف؛ أَنشد ثعلب: وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رأْيَةً جَمَلا حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ، فانْشَمَلا خَلْقُ أَربعةٍ: يعني ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ كانْشمرَ، يقول: من لم يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلاً لِعظَمها حتي يَدلَّ ضُمورُ أَخْلافِها فيَعْلَم حينئذ أَنها ناقة لأَن الجمل ليس له خِلْفٌ؛ وأَنشد ابن جني: حتى يقول من رآهُ إذْ رَاهْ: يا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ ما أَشْقاهْ أَراد كلَّ من رآهُ إذْ رآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الهمزة؛ وقوله: مَنْ رَا مِثْلَ مَعْمدانَ بنِ يَحْيَى، إذا ما النِّسْعُ طال على المَطِيَّهْ؟ ومَنْ رَامثلَ مَعْدانَ بن يَحْيَى، إذا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ؟ أَصل هذا: من رأَى فخفَّف الهمزة على حدّ: لا هَناك المَرْتَعُ، فاجتمعت أَلفان فحذف إحداهما لالتقاء الساكنين؛ وقال ابن سيده: أَصله رأَى فأَبدل الهمزة ياء كما يقال في سأَلْت سَيَلْت، وفي قرأْت قَرَيْت، وفي أَخْطأْت أَخْطَيْت، فلما أُبْدِلت الهمزة التي هي عين ياء أَبدلوا الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل لسكونها وسكون الأَلف التي هي عين الفعل؛ قال: وسأَلت أَبا علي فقلت له من قال: مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى فكيف ينبغي أَن يقول فعلت منه فقال رَيَيْت ويجعله من باب حييت وعييت؟ قال: لأَن الهمزة في هذا الموضع إذا أُبدلت عن الياء تُقلب، وذهب أَبو علي في بعض مسائله أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كما حذفها من أَرَيْت ونحوه، وكيف كان الأَمر فقد حذفت الهمزة وقلبت الياء أَلفاً، وهذان إعلالان تواليا في العين واللام؛ ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: جَا يَجِي، فهذا إبدال العين التي هي ياء أَلفاً وحذف الهمزة تخفيفاً، فأَعلّ اللام والعين جميعاً.
وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ، حذَفوا الهمزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتها على ما قبلَها. قال سيبويه: كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائدةٌ سوى أَلف الوصل من رأَيْت فقد اجتمعت العرب على تخفيف همزه، وذلك لكثرة استعمالهم إياه، جعلوا الهمزةَ تُعاقِب، يعني أَن كل شيءٍ كان أَوّلُه زائدةً من الزوائد الأَربع نحو أَرَى ويَرَى ونرَى وتَرَى فإن العرب لا تقول ذلك بالهمز أَي أَنَّها لا تقول أَرْأَى ولا يَرْأَى ولا نَرْأَى ولا تَرْأَى، وذلك لأَنهم جعلوا همزة المتكلم في أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ التي هي عين الفعل، وهي همزةُ أَرْأَى حيث كانتا همزتين، وإن كانت الأُولى زائدةً والثانية أَصليةً، وكأَنهم إنما فرُّوا من التقاء همزتين، وإن كان بينهما حرف ساكن، وهي الراء، ثم أَتْبعوها سائرَ حروفِ المضارعة فقالوا يَرَى ونَرَى وتَرَى كما قالوا أَرَى؛ قال سيبويه: وحكى أَبو الخطاب قدْ أَرْآهم، يَجيءُ به على الأَصل وذلك قليل؛ قال: أَحِنُّ إذا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ، ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا وقال بعضهم: ولا أَرَى على احتمال الزَّحافِ؛ قال سُراقة البارقي: أُرِي عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ، كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ وقد رواه الأَخفش: ما لم تَرَياهُ، على التخفيف الشائع عن العرب في هذا الحرف. التهذيب: وتقول الرجلُ يَرَى ذاكَ، على التخفيف، قال: وعامة كلام العرب في يَرَى ونَرَى وأرَى على التخفيف، قال: ويعضهم يحقِّقُه فيقول، وهو قليل، زيدٌ يَرْأَى رَأْياً حَسَناً كقولك يرعى رَعْياً حَسَناً، وأَنشد بيت سراقة البارقي.
وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت: كرَأَيْت أَعني من رُؤية العَين. قال اللحياني: قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأََيْت في رُؤْية العين، وبعضهم يَترُك الهمز وهو قليل، قال: وكل ما جاء في كتاب الله مَهمُوزٌ؛ وأَنشد فيمن خفف: صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ بِراعٍ رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الحِلابِ؟ قال الجوهري: وربما جاء ماضيه بلا هَمزٍ، وأَنشد هذا البيت أَيضاً: صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ ويروى: في العلاب؛ ومثله للأَحوص: أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَكْرُمَةٍ مَضَى، ولم يَثْنِه ما رَا وما سَمِعا وكذلك قالوا في أَرَأَيْتَ وأَرَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَرَيْتَك، بلا همز؛ قال أَبو الأَسود: أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لم أَبْلُهُ أَتاني فقال: اتَّخِذْني خَلِيلا فترَك الهمزةَ، وقال رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري: فقُولا صادِقَيْنِ لزَوْجِ حُبَّى جُعلْتُ لها، وإنْ بَخِلَتْ، فِداءَ أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ حُبَّى، أَتَمْنَعُني على لَيْلى البُكاءَ؟ والذي في شعره كلام حبَّى، والذي رُوِيَ كلام لَيْلى؛ ومثله قول الآخر: أَرَيْتَ، إذا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً، وأَنتَ على بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طائِلِ قال: وأَنشد ابن جني لبعض الرجاز: أَرَيْتَ، إنْ جِئْتِ به أُمْلُودا مُرَجَّلا ويَلْبَسُ البُرُودا، أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا قال ابن بري: وفي هذا البيت الأَخير شذوذ، وهو لحاق نون التأكيد لاسم الفاعل. قال ابن سيده: والكلامُ العالي في ذلك الهمزُ، فإذا جئتَ إلى الأَفعال المستقبلة التي في أَوائلها الياء والتاء والنون والأَلف إجتمعت العرب، الذين يهمزون والذين لا يهمزون، على ترك الهمز كقولك يَرَى وتَرَى ونَرَى وأَرَى، قال: وبها نزل القرآن نحو قوله عز وجل: فتَرَى الذين في قُلُوبِهِم مَرَض، وقوله عز وجل: فتَرَى القَوْمَ فيها صَرْعَى، وإنِّي أَرَى في المَنامِ، ويَرَى الذين أُوتوا العلم؛ إلا تَيمَ الرِّباب فإنهم يهمزون مع حروف المضارعة فتقول هو يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى، وهو الأَصل، فإذا قالوا متى نَراك قالوا متى نَرْآكَ مثل نَرْعاك، وبعضٌ يقلب الهمزة فيقول متى نَراؤكَ مثل نَراعُك؛ وأَنشد: أَلا تلك جاراتُنا بالغَضى تقولُ: أَتَرْأَيْنَه لنْ يضِيقا وأَنشد فيمن قلب: ماذا نَراؤُكَ تُغْني في أَخي رَصَدٍ من أُسْدِ خَفَّانَ، جأْبِ الوَجْه ذي لِبَدِ ويقال: رأَى في الفقه رأْياً، وقد تركت العرب الهمز في مستقبله لكثرته في كلامهم، وربما احتاجت إليه فهَمَزَته؛ قال ابن سيده: وأَنشد شاعِرُ تَيْمِ الرِّباب؛ قال ابن بري: هو للأَعْلم بن جَرادَة السَّعْدي: أَلَمْ تَرْأَ ما لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ، ومن يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمََعِ قال ابن بري: ويروى ويَسْمَعُ، بالرفع على الاستئناف، لأَن القصيدة مرفوعة؛ وبعده: بأَنَّ عَزِيزاً ظَلَّ يَرْمي بحوزه إليَّ، وراءَ الحاجِزَينِ، ويُفْرِعُ يقال: أَفْرَعَ إذا أَخذَ في بطن الوادي؛ قال وشاهد ترك الهمزة ما أَنشده أَبو زيد: لمَّا اسْتَمَرَّ بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ بالبَيْنِ عَنْك بما يَرْآكَ شَنآنا قال: وهو كثير في القرآن والشعر، فإذا جِئتَ إلى الأَمر فإن أَهل الحجاز يَتْركون الهمز فيقولون: رَ ذلك، وللإثنين: رَيا ذلك، وللجماعة: رَوْا ذلك، وللمرأَة رَيْ ذلك، وللإثنين كالرجلين، وللجمع: رَيْنَ ذاكُنَّ، وبنو تميم يهمزون جميع ذلك فيقولون: ارْأَ ذلك وارْأَيا ولجماعة النساء ارْأَيْنَ، قال: فإذا قالوا أَرَيْتَ فلاناً ما كان من أَمْرِه أَرَيْتَكُم فلاناً أَفَرَيْتَكُم فلاناً فإنّ أَهل الحجاز بهمزونها، وإن لم يكن من كلامهم الهمز، فإذا عَدَوْت أَهلَ الحجاز فإن عامَّة العَرب على ترك الهمز، نحو أَرأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ، وبه قرأَ الكسائي تَرَك الهمز فيه في جميع القرآن، وقالوا: ولو تَرَ ما أَهلُ مكة، قال أَبو علي: أَرادوا ولو تَرى ما فَحَذَفُوا لكثرة الاسْتِعْمال. اللحياني: يقال إنه لخَبِيثٌ ولو تَر ما فلانٌ ولو تَرى ما فلان، رفعاً وجزماً، وكذلك ولا تَرَ ما فلانٌ ولا تَرى ما فُلانٌ فيهما جميعاً وجهان: الجزم والرفع، فإذا قالوا إنه لَخَبِيثٌ ولم تَرَ ما فُلانٌ قالوه بالجزم، وفلان في كله رفع وتأْويلُها ولا سيَّما فلانٌ؛ حكى ذلك عن الكسائي كله.
وإذا أَمَرْتَ منه على الأَصل قلت: ارْءَ، وعلى الحذف: را. قال ابن بري: وصوابه على الحذف رَهْ، لأَن الأَمر منه رَ زيداً، والهمزة ساقطة منه في الاستعمال. الفراء في قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُم، قال: العرب لها في أَرأَيْتَ لغتان ومعنيان: أَحدهما أَنْ يسأَلَ الرجلُ الرجلَ: أَرأَيتَ زيداً بعَيْنِك؟ فهذه مهموزة، فإذا أَوْقَعْتَها على الرجلِ منه قلت أَرَأَيْتَكَ على غيرِ هذه الحال، يريد هل رأَيتَ نَفْسَك على غير هذه الحالة، ثم تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ للرجلين أَرَأَيْتُماكُما، وللقوم أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وللنسوة أَرأَيْتُنَّ كُنَّ، وللمرأَة أَرأََيْتِكِ، بخفض التاءِ لا يجوز إلا ذلك، والمعنى الآخر أَنْ تقول أَرأَيْتَكَ وأَنت تقول أَخْبِرْني، فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ منها وتَتركُ الهمزَ إن شئت، وهو أَكثر كلام العرب، وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً مفتوحة للواحد والواحدة والجمع في مؤَنثه ومذكره، فنقول للمرأَة: أَرَأَيْتَكِ زيداً هل خَرج، وللنسوة: أَرَأَيْتَكُنَّ زيداً ما فَعَل، وإنما تركت العرب التاءَ واحدةً لأَنهم لم يريدوا أَن يكون الفعل منها واقعاً على نفسها فاكتفوا بذكرها في الكاف ووجهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفعل واقعاً، قال: ونحو ذلك قال الزجاج في جميع ما قال، ثم قال: واختلف النحويون في هذه الكاف التي في أَرأَيتَكُمْ فقال الفراء والكسائي: لفظها لفظُ نصبٍ وتأْويلُها تأْويلُ رَفْعٍ، قال: ومثلها الكاف التي في دونك زيداً لأَنَّ المعنى خُذْ زيداً قال أَبو إسحق: وهذا القول لم يَقُلْه النحويون القُدَماء، وهو خطَأٌ لأَن قولك أَرأَيْتَكَ زيداً ما شأْنُه يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قد تَعَدَّتْ إلى الكاف وإلى زيدٍ، فتصيرُ (* قوله «فتصير إلخ» هكذا بالأصل ولعلها فتنصب إلخ). أَرأَيْتَ اسْمَيْن فيصير المعنى أَرأَيْتَ نفْسَكَ زيداً ما حالُه، قال:وهذا محال والذي إليه النحويون الموثوق بعلمهم أَن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى أَرأَيْتَ زيداً ما حالُه، وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب، وهي المعتمد عليها في الخطاب فتقول للواحد المذكر: أَرَأَيْتَكَ زيداً ما حاله، بفتح التاء والكاف، وتقول في المؤنث: أَرَأَيْتَك زيداً ما حالُه يا مَرْأَةُ؛ فتفتح التاء على أَصل خطاب المذكر وتكسر الكاف لأَنها قد صارت آخرَ ما في الكلمة والمُنْبِئَةَ عن الخطاب، فإن عدَّيْتَ الفاعل إلى المفعول في هذا الباب صارت الكافُ مفعولةً، تقول: رأَيْتُني عالماً بفلان، فإذا سألت عن هذا الشرط قلتَ للرجل: أَرَأَيْتَكَ عالماً بفلان، وللإثنين أَرأَيتُماكما عالَمْنِ بفلان، وللجمع أَرَأَيْتُمُوكُمْ، لأَن هذا في تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم، وتقول للمرأَة: أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ، بكسر التاء، وعلى هذا قياس هذين البابين.
وروى المنذري عن أَبي العباس قال: أَرأَيْتَكَ زيداً قائماً، إذا اسْتَخْبَر عن زيد ترك الهمز ويجوز الهمز، وإذا استخبر عن حال المخاطب كان الهمز الاختيار وجاز تَرْكُه كقولك: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي ما حالُك ما أَمْرُك، ويجوز أَرَيْتَكَ نَفْسَك. قال ابن بري: وإذا جاءت أَرأَيْتَكُما وأَرأَيْتَكُمْ بمعنى أَخْبِرْني كانت التاء موَحَّدة، فإن كانت بمعنى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت، قُلْتَ: أَرأَيْتُماكُما خارِجَيْنِ وأَرأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ، وقد تكرر في الحديث أَرأَيْتَكَ وأَرأيْتَكُمْ وأَرأَيْتَكما، وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني، وتاؤُها مفتوحة أَبداً.
ورجل رَءَّاءٌ: كَثيِرُ الرُّؤيَةِ؛ قال غيلان الرَّبَعي: كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءٌ ويقال: رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حيث يقع البصر عليه.
ويقال: من رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ؛ وأَنشد: ألا أَيُّها المُرْتَئِي في الأُمُور، سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُها وقال أَبو زيد: إذا أَمرْتَ من رأَيْتَ قلت ارْأَ زيداً كأنَّكَ قلت ارْعَ زيداً، فإذا أَردت التخفيف قلت رَ زيداً، فتسقط أَلف الوصل لتحريك ما بعدها، قال: ومن تحقيق الهمز قولك رأَيْت الرجل، فإذا أَردت التخفيف قلت رأَيت الرجل، فحرَّكتَ الأَلف بغير إشباع الهمز ولم تسقط الهمزة لأَن ما قبلها متحرك.
وفي الحديث: أَن أَبا البَخْترِي قال ترَاءَيْنا الهِلالَ بذاتِ عِرْق، فسأَلنا ابنَ عباسٍ فقال: إنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَدَّهُ إلى رُؤْيَتِه فإنْ أُغْمِيَ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّة، قال شمر: قوله تَراءَيْنا الهلالَ أَي تَكَلَّفْنا النَّظَر إليه هل نَراهُ أَم لا، قال: وقال ابن شميل انْطَلِقْ بنا حتى نُِهِلَّ الهلالَ أَي نَنْظُر أَي نراهُ.
وقد تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه.
وقال الفراء: العرب تقول راءَيْتُ ورأَيْتُ، وقرأَ ابن عباس: يُرَاوُون الناس.
وقد رأَيْتُ تَرْئِيَةً: مثل رَعَّيْت تَرْعِيَةً.
وقال ابن الأَعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً وإرايَةً وإرءَاءَةً. الجوهري: أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله أَرْأَيْتُه.
والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ: المَنْظَر، وقيل: الرِّئْيُ والرُّواءُ، بالضم، حُسْنُ المَنْظر في البَهاء والجَمال.
وقوله في الحديث: حتى يتَبيَّنَ له رئيْهُما، وهو بكسر الراء وسكون الهمزة، أَي مَنْظَرُهُما وما يُرَى منهما.
وفلان مِنِّي بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بحيث أَراهُ وأَسْمَعُ قولَه.
والمَرْآةُ عامَّةً: المَنْظَرُ، حَسَناً كان أَو قَبِيحاً.
وما لهُ رُواءٌ ولا شاهِدٌ؛ عن اللحياني لم يَزِدْ على ذلك شيئاً.
ويقال: امرأَةٌ لها رُواءٌ إذا كانت حَسَنةَ المَرْآةِ والمَرْأَى كقولك المَنْظَرَة والمَنْظر. الجوهري: المَرْآةُ، بالفتح على مَفْعَلةٍ، المَنْظر الحَسن. يقال: امرأَةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى، وفلان حسنٌ في مَرْآةِ العَين أَي في النَّظَرِ.
وفي المَثل: تُخْبِرُ عن مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه يدلُّ على باطِنِه.
وفي حديث الرُّؤْيا: فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ أَي قَبِيحُ المَنْظرِ. يقال: رجل حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حسن في مَرْآةِ العين، وهي مَفْعَلة من الرؤية.
والتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ المنظرِ، اسم لا مصدر؛ قال ابن مقبل: أَمَّا الرُّواءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ، مِثل الجِبالِ التي بالجِزْعِ منْ إضَمِ وقوله عز وجل: هم أَحسن أَثاثاً ورِئْياً؛ قرئت رِئْياً؛ بوزن رِعْياً، وقرئت رِيّاً؛ قال الفراء: الرِّئْيُ المَنْظَر، وقال الأَخفش: الرِّيُّ ما ظَهَر عليه مما رأَيْت، وقال الفراء: أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه جيد من رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ مهموزاتِ الأَواخِر.
وذكر بعضهم: أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يهمز ونحو ذلك. قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً، بغير همز، فله تفسيران أَحدهما أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ من النِّعْمة كأَن النَّعِيم بِّيِّنٌ فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت، وقال الجوهري: من همزه جعله من المنظر من رأَيت، وهو ما رأَتْهُ العين من حالٍ حسَنة وكسوة ظاهرة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمحمد بن نُمَير الثقفي: أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا بذي الرِّئْيِ الجمِيلِ منَ الأَثاثِ؟ ومن لم يهمزه إما أَن يكون على تخفيف الهمز أَو يكون من رَوِيَتْ أَلْوانهم وجلودهم رِيّاً أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ.
وتقول للمرأَة: أَنتِ تَرَيْنَ، وللجماعة: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ، لأَن الفعل للواحدة والجماعة سواء في المواجهة في خَبَرِ المرأَةِ من بنَاتِ الياء، إلا أَن النون التي في الواحدة علامة الرفع والتي في الجمع إنما هي نون الجماعة، قال ابن بري: وفرق ثان أَن الياءَ في تَرَيْن للجماعة حرف، وهي لام الكلمة، والياء في فعل الواحدة اسم، وهي ضمير الفاعلة المؤنثة.
وتقول: أَنْتِ تَرَيْنَني، وإن شئت أَدغمت وقلت تَرَيِنِّي، بتشديد النون، كما تقول تَضْرِبِنِّي.
واسْتَرْأَى الشيءَ: اسْتَدْعَى رُؤيَتَه.
وأَرَيْتُه إياه إراءَةً وإراءً؛ المصدر عن سيبويه، قال: الهاء للتعويض، وتركها على أَن لا تعوَّض وَهْمٌ مما يُعَوِّضُونَ بعد الحذف ولا يُعَوِّضون.
وراءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً: أَرَيْته أَنِّي على خلاف ما أَنا عليه.
وفي التنزيل: بَطَراً ورِئاءَ الناسِ، وفيه: الذين هُمْ يُراؤونَ؛ يعني المنافقين أَي إذا صَلَّى المؤمنون صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم أَنَّهم على ما هم عليه.
وفلان مُراءٍ وقومٌ مُراؤُونَ، والإسم الرِّياءُ. يقال: فَعَلَ ذلك رِياءً وسُمْعَةً.
وتقول من الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ، كما تقول يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ؛ عن أَبي عمرو.
ويقال: راءَى فلان الناسَ يُرائِيهِمْ مُراآةً، وراياهم مُراياةً، على القَلْب، بمعنىً، وراءَيْته مُراآةً ورياءً قابَلْته فرَأَيْته، وكذلك تَرَاءَيْته؛ قال أَبو ذؤيب: أَبَى اللهُ إلا أَن يُقِيدَكَ، بَعْدَما تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ يقول: أَقاد الله منك عَلانيَةً ولم يُقِدْ غِيلَة.
وتقول: فلان يتَراءَى أَي ينظر إلى وجهه في المِرْآةِ أَو في السيف.
والمِرْآة: ما تَراءَيْتَ فيه، وقد أَرَيْته إياها.
ورأَيْتُه تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها عليه أَو حبستها له ينظر نفسَه وتَراءَيْت فيها وترَأَيْتُ.
وجاء في الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكم في الماء لا يَنْظُر وَجْهَه فيه، وَزْنُه يتَمَفْعَل من الرُّؤْية كما حكاه سيبويه من قول العرب: تَمَسْكَنَ من المَسْكَنة، وتَمدْرَع من المَدْرَعة، وكما حكاه أَبو عبيد من قولهم: تَمَنْدَلْت بالمِندِيل.
وفي الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكُم في الدنيا أَي لا يَنْظُر فيها، وقال: وفي رواية لا يتَمَرْأَى أَحدُكم بالدُّنيا من الشيء المَرْئِيِّ.
والمِرآةُ، بكسر الميم: التي ينظر فيها، وجمعها المَرائي والكثير المَرايا، وقيل: من حوَّل الهمزة قال المَرايا. قال أَبو زيد: تَراءَيْتُ في المِرآةِ تَرائِياً ورَأيْتُ الرجل تَرْئِيَةً إذا أَمْسَكْتَ له المِرآةَ لِيَنْظُر فيها.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تراءَى في المِرآة؛ وأَنشد ابن بري لشاعر: إِذا الفَتى لم يَرْكَبِ الأَهْوالا، فأَعْطِه المِرآة والمِكْحالا، واسْعَ له وعُدَّهُ عِيالا والرُّؤْيا: ما رأَيْته في منامِك، وحكى الفارسي عن أَبي الحسن رُيَّا، قال: وهذا على الإِدغام بعد التخفيف البدلي، شبهوا واو رُويا التي هي في الأَصل همزة مخففة بالواو الأَصلية غير المقدَّر فيها الهمز، نحو لوَيْتُ لَيّاً وشَوَيْتُ شَيّاً، وكذلك حكى أَيضاً رِيَّا، أَتبع الياء الكسرة كما يفعل ذلك في الياء الوضعية.
وقال ابن جني: قال بعضهم في تخفيف رُؤْيا رِيَّا، بكسر الراء، وذلك أَنه لما كان التخفيف يصيِّرها إِلى رُويَا ثم شبهت الهمزة المخففة بالواو المخلصة نحو قولهم قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ لُيٌّ وأَصلها لُويٌ، فقلبت الواو إِلى الياء بعدها ولم يكن أَقيسُ القولين قَلْبَها، كذلك أَيضاً كسرت الراء فقيل رِيَّا كما قيل قُرون لِيٌّ، فنظير قلب واو رؤيا إِلحاقُ التنوين ما فيه اللامُ، ونظير كسر الراءِ إِبدالُ الأَلف في الوقف على المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العِتابا، وهي الرُّؤَى.
ورأَيتُ عنك رُؤىً حَسَنَةً: حَلَمتها.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا كثرت رُؤَاهُ، بوزن رُعاهُ، وهي أَحْلامه، جمعُ الرُّؤْيا.
ورأَى في منامه رُؤْيا، على فُعْلى بلا تنوين، وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً، بالتنوين، مثل رُعىً؛ قال ابن بري: وقد جاء الرُّؤْيا في اليَقَظَة؛ قال الراعي: فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُؤادُه، وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها وعليه فسر قوله تعالى: وما جعلنا الرُّؤْيا التي أَرَيْناكَ إِلا فِتْنةً للناس؛ قال وعليه قول أَبي الطَّيِّبِ: ورُؤْياكَ أَحْلى، في العُيون، من الغَمْضِ التهذيب: الفراء في قوله، عز وجل: إِن كنتم للرُّؤْيا تَعْْبُرُونَ؛ إِذا تَرَكَتِ العربُ الهمز من الرؤيا قالوا الرُّويا طلباً للخفة، فإِذا كان من شأْنهم تحويلُ الواو إِلى الياء قالوا: لا تقصص رُيَّاك، في الكلام، وأَما في القرآن فلا يجوز؛ وأَنشد أَبو الجراح: لَعِرْضٌ من الأَعْراض يُمْسِي حَمامُه، ويُضْحي على أَفنانهِ الغِينِ يَهْتِفُ أَحَبُّ إِلى قَلْبي من الدِّيكِ رُيَّةً (* قوله «رية» تقدم في مادة عرض: رنة، بالراء المفتوحة والنون، ومثله في ياقوت).
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ أَراد رُؤْيةً، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة، كما يقال لَوَيْتُه لَيّاً وكَوَيْتُه كَيّاً، والأَصل لَوْياً وكَوْياً؛ قال: وإِن أَشرتَ فيها إِلى الضمة فقلت رُيَّا فرفعت الراء فجائز، وتكون هذه الضمة مثل قوله وحُيِلَ وسُيِق بالإِشارة.
وزعم الكسائي أَنه سمع أَعربيّاً يقرأ: إِن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون.
وقال الليث: رأَيتُ رُيَّا حَسَنة، قال: ولا تُجْمَعُ الرُّؤْيا، وقال غيره: تجمع الرُّؤْيا رُؤىً كما يقال عُلْياً وعُلىً.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الجِنِّيُّ يراه الإِنسانُ.
وقال اللحياني: له رَئيٌّ من الجن ورِئِيٌّ إِذا كان يُحِبه ويُؤَالِفُه، وتميم تقول رِئِيٌّ، بكسر الهمزة والراء، مثل سِعيد وبِعِير. الليث: الرَّئِيُّ جَنِّيّ يتعرض للرجل يُريه كهانة وطِبّاً، يقال: مع فلان رَئِيُّ. قال ابن الأَنباري: به رَئِيٌّ من الجن بوزن رَعِيّ، وهو الذي يعتاد الإِنسان من الجنّ. ابن الأَعرابي: أَرْأَى الرجلُ إِذا صار له رَئِيٌّ من الجنّ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قال لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي أَتاكَ رَئِيُّكَ بِظُهور رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ. يقال للتابع من الجن: رَئِيٌّ بوزن كَمِيٍّ، وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي به لأَنه يَتَراءى لمَتْبوعه أَو هو من الرَّأْيِ، من قولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ إِذا كان صاحب رأْيِهِم، قال: وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها؛ ومنه حديث الخُدْري: فإِذا رَئِيٌّ مثل نحْيٍ، يعني حية عظِيمَةً كالزِّقِّ، سمّاها بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يزعمون أَن الحيَّاتِ من مَسْخِ الجِنِّ، ولهذا سموه شيطاناً وحُباباً وجانّاً.
ويقال: به رَئِيٌّ من الجنّ أَي مَسٌّ.
وتَراءى له شيء من الجن، وللاثنين تراءيا، وللجمع تَراءَوْا.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة في وجْهِه، وهي الحَماقة. اللحياني: يقال على وجهه رَأْوَةُ الحُمْقِ إِذا عَرَفْت الحُمْق فيه قبل أَن تَخْبُرَهُ.
ويقال: إِن في وجهه لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً؛ قال ابن بري: صوابه رَأْوَةَ الحُمْقِ. قال أَبو علي: حكى يعقوب على وجهه رَأْوَةٌ، قال: ولا أَعرف مثلَ هذه الكلمة في تصريف رَأْى.
ورَأْوَةُ الشيء: دلالَتُه.
وعلى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ أَي دَلالَته.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الثوب يُنْشَر للبَيْع؛ عن أَبي عليّ. التهذيب: الرِّئْيُ بوزن الرِّعْيِ، بهمزة مسَكَّنَةٍ، الثوبُ الفاخر الذي يُنشَر ليُرى حُسْنُه؛ وأَنشد: بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ من الأَثاثِ وقالوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذلك، وهو من نادِرِ المصادِرِ عند سيبويه، ونظيره سَمْعَ أُذُنِي، ولا نظير لهما في المُتَعَدِّيات. الجوهري: قال أَبو زيد بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ.
وفي حديث حنَظلة: تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ. تقول: جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك وبمَرْأَىً مِنْكَ أَي حِذاءَكَ ومُقابِلَك بحيث تراه، وهو منصوب على المصدر أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ العَيْنِ.
والتَّرْئِيَةُ، بوزن التَّرْعِيةِ: الرجلُ المُخْتال، وكذلك التَّرائِيَة بوزْنِ التَّراعِيَة.
والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة، الأَخيرة نادرة: ما تراه المرأَة من صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عند الحيض، وقد رَأَتْ، وقيل: التَّرِيَّة الخِرْقَة التي تَعَْرِفُ بها المرأَةُ حَيْضَها من طهرها، وهو من الرُّؤْيَةِ.
ويقال للمَرْأَةِ: ذاتُ التَّرِيَّةِ، وهي الدم القليل، وقد رَأَتْ تَرِيَّةً أَي دَماً قليلاً. الليث: التَّرِّيَّة مشدَّدة الراء، والتَّرِيَّة خفيفة الراء، والتَّرْية بجَزْمِ الراء، كُلُّها لغات وهو ما تراه المرأَةُ من بَقِيَّة مَحِيضِها من صُفْرة أَو بياض؛ قال أَبو منصور: كأَنّ الأَصل فيه تَرْئِيَةٌ، وهي تَفْعِلَةٌ من رأَيت، ثم خُفِّفَت الهَمْزة فقيل تَرْيِيَةٌ، ثم أُدْغِمَت الياءُ في الياء فقيل تَرِيَّة. أَبو عبيد: التَّرِيَّةُ في بقية حيض المرأَة أَقَلُّ من الصفرة والكُدْرَة وأَخْفَى، تَراها المرأَةُ عند طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ طَهُرَت من حَيْضِها، قال شمر: ولا تكون التَّرِيّة إِلا بعد الاغتسال، فأَما ما كان في أَيام الحيض فليس بتَرِيَّة وهو حيض، وذكر الأَزهري هذا في ترجمة التاء والراء من المعتل. قال الجوهري: التَّرِيَّة الشيءُ الخَفِيُّ اليَسيِرُ من الصُّفْرة والكْدْرة تَراها المرأَةُ بعد الاغْتِسال من الحَيْضِ.
وقد رَأَتِ المرأَة تَرِيئَةً إِذا رَأَت الدم القليلَ عند الحيض، وقيل: التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر الذي يكون عند انقطاع الحيض. قال ابن بري: الأَصل في تَرِيَّة تَرْئِيَة، فنقلت حركة الهمزة على الراء فبقي تَرِئْيَة، ثم قلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها كما فعلوا مثل ذلك في المَراة والكَماة، والأَصل المَرْأَة، فنقلت حركة الهمزة إِلى الراء ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً لانفتاح ما قبلها.
وفي حديث أُمّ عطية: كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شيئاً، وقد جمع ابن الأَثير تفسيره فقال: التَّرِيَّة، بالتشديد، ما تراه المرأَة بعد الحيض والاغتسال منه من كُدْرة أَو صُفْرة، وقيل: هي البياض الذي تراه عند الطُّهْر، وقيل: هي الخِرْقة التي تَعْرِف بها المرأَة حيضَها من طُهْرِها، والتاءُ فيها زائدة لأَنه من الرُّؤْية، والأَصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه وشدَّدوا الياءَ فصارت اللفظة كأَنها فعيلة، قال: وبعضهم يشدّد الراءَ والياء، ومعنى الحديث أَن الحائض إِذا طَهُرت واغْتَسَلت ثم عادت رَأَتْ صُفْرة أَو كُدْرة لم يُعْتَدَّ بها ولم يُؤَثِّر في طُهْرها.
وتَراءَى القومُ: رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وتَراءَى لي وتَرَأَّى؛ عن ثعلب: تَصَدَّى لأَرَاهُ.
ورَأَى المكانُ المكانَ: قابَلَه حتى كَأَنَّه يَراهُ؛ قال ساعدة: لَمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِرْفِئٍ عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ وقرأَ أَبو عمرو: وأَرْنا مَنَاسِكَنا، وهو نادِرٌ لما يلحق الفعلَ من الإِجْحاف.
وأَرْأَتِ الناقَةُ والشاةُ من المَعَز والضَّأْنِ، بتَقْدِير أَرْعَتْ، وهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ: رؤِيَ في ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ وعَظُمَ ضَرْعُها، وكذلك المَرْأَة وجميعُ الحَوامِل إِلا في الحَافِر والسَّبُع.
وأَرْأَت العَنْزُ: وَرِمَ حَياؤُها؛ عن ابن الأَعرابي، وتَبَيَّنَ ذلك فيها. التهذيب: أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة، ولا يقال لِلنَّعْجة أَرْأَتْ، ولكن يقال أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لا يَظْهَر.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ.
وتَرَاءَى النَّحْلُ: ظَهَرَت أَلوانُ بُسْرِهِ؛ عن أَبي حنيفة، وكلُّه من رُؤْيَةِ العين.
ودُورُ القوم مِنَّا رِثَاءٌ أَي مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم.
وهُمْ مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ، وإِن شئتَ نَصَبْتَ، وهو من الظروف المخصوصة التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غير المخصوصة عند سيبويه، قال: وهو مثل مَناطَ الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول، ومعناه هو مِنِّي بحيثُ أَرَاهُ وأَسْمَعُه.
وهُمْ رِئَاءُ أَي أَلْفٍ زُهَاءُ أَلْفٍ فيما تَرَى العَيْنُ.
ورأَيت زيداً حَلِيماً: عَلِمْتُه، وهو على المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن.
وقوله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب؛ قيل: معناه أَلَمْ تَعْلَم أَي أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء، ومَعْناه اعْرِفْهُم يعني علماء أَهل الكتاب، أَعطاهم الله عِلْم نُبُوّةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، بأَنه مكتوب عندهم في التوراة والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عن المُنْكر، وقال بعضهم: أَلَمْ ترَ أَلَمْ تُخْبِرْ، وتأْويلُهُ سُؤالٌ فيه إِعْلامٌ، وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ قِصَّتَهُم، وقد تكرر في الحديث: أَلَمْ تَرَ إِلى فلان، وأَلَمْ تَرَ إِلى كذا، وهي كلمة تقولها العربُ عند التَّعَجُّب من الشيء وعند تَنْبِيهِ المخاطب كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى الذينَ خَرجُوا من دِيارِهْم، أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتوا نَصِيباً من الكتاب؛ أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم، وأَلَمْ يَنْتَه شأْنُهُم إِليك.
وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً ورَأْيٌ رَأْياً أَي حينَ اختَلَطَ الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا.
وارْتَأَيْنا في الأَمْرِ وتَراءَيْنا: نَظَرْناه.
وقوله في حديث عمر، رضي الله عنه، وذَكَر المُتْعَة: ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذلك ما شاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ أَي فكَّر وتَأَنَّى، قال: وهو افْتَعَل من رُؤْيَة القَلْب أَو من الرَّأْيِ.
ورُوِي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: أَنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لا تَراءَى نَارَاهُما؛ قال ابنُ الأَثِير: أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ ويجب عليه أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عن مَنْزِل المُشْرِك ولا يَنْزِل بالموضع الذي إِذا أُوقِدَتْ فيه نارُه تَلُوح وتَظْهَرُ لِنَارِ المُشْرِكِ إِذا أَوْقَدَها في مَنْزِله، ولكنه يَنْزِل معَ المُسْلِمِين في دَارِهِم، وإِنما كره مُجاوَرَة المشركين لأَنهم لا عَهْدَ لهم ولا أَمانَ، وحَثَّ المسلمين على الهِجْرة؛ وقال أَبو عبيد: معنى الحديث أَنَّ المسلم لا يَحِلُّ له أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم بقْدر ما يَرَى كلُّ واحدٍ منهم نارَ صاحِبه.
والتَّرَائِي: تفاعُلٌ من الرؤية. يقال: تَراءَى القومُ إِذا رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وتَراءى لي الشيءُ أَي ظَهَر حتى رَأَيْته، وإِسناد التَّرائِي إِلى النَّارَيْن مجازٌ من قولهم دَارِي تَنْظُر إِلى دارِ فلان أَي تُقابِلُها، يقول ناراهما مُخْتَلِفتانِ، هذه تَدْعو إِلى الله وهذه تدعو إِلى الشيطان، فكيف تَتَّفِقانِ؟ والأَصل في تَراءَى تَتَراءَى فحذف إِحدى التاءين تخفيفاً.
ويقال: تَراءَينا فلاناً أَي تَلاقَيْنا فَرَأَيْتُه ورَآني.
وقال أَبو الهيثم في قوله لا تَراءَى نارَاهُما: أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيِه وشَكْلِهِ ولا يَتَخَلّق بأَخْلاقِه، من قولك ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي ما سِمةُ بعِيرِكَ.
وقولهم: دَارِي تَرَى دارَ فلانٍ أَي تُقابِلُها؛ وقال ابن مقبل: سَلِ الدَّار مِنْ جَنْبَيْ حَبِيرٍ، فَواحِفِ، إِلى ما رأَى هَضْبَ القَلِيبِ المصَبَّحِ أَراد: إِلى ما قابَلَه.
ويقال: مَنازِلُهم رِئَاءٌ على تقدير رِعَاء إِذا كانت مُتَحاذِيةً؛ وأَنشد: لَيالِيَ يَلْقَى سرْبُ دَهْماء سِرْبَنَا، ولَسْنا بِجِيرانٍ ونَحْنُ رِئَاءُ ويقال: قَوْمِ رِئَاءٌ يقابلُ بعضُهُم بعضاً، وكذلك بُيوتُهُم رِئَاءٌ.
وتَرَاءَى الجَمْعانِ: رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وفي حديث رَمَلِ الطَّوافِ: إِنما كُنَّا راءَيْنا به المشركين، هو فاعَلْنا من الرُّؤْية أَي أَرَيْناهم بذلك أَنَّا أَقْوِياء.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ ليَتَراءَوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكَوْكَب الدُّرِّيَّ في كَبِدِ السماء؛ قال شمر: يتَراءَوْنَ أَي يتَفاعَلون أَي يَرَوْنَ، يَدُلُّ على ذلك قولُه كما تَرَوْن.
والرَّأْيُ: معروفٌ، وجمعه أَرْآءٌ، وآراءٌ أَيضاً مقلوب، ورَئِيٌّ على فَعِيل مثل ضَأْنٍ وضَئِينٍ.
وفي حديث الأَزرق بن قيس: وفِينا رجُلٌ له رَأْيٌ. يقال: فلانٌ من أَهل الرَّأْي أَي أَنه يَرَى رَأْيَ الخوارج ويقول بمَذْهَبِهم، وهو المراد ههنا، والمُحَدِّثون يُسَمُّون أَصحابَ القياسِ أَصحابَ الرَّأْي يَعْنُون أَنهم يأْخذون بآرائِهِم فيما يُشْكِلُ من الحديث أَو ما لم يَأْتِ فيه حديث ولا أَثَرٌ.
والرَّأْيُ: الاعتِقادُ، اسمٌ لا مصدرٌ، والجمع آراءٌ؛ قال سيبويه: لم يكَسَّر على غير ذلك، وحكى اللحياني في جمعه أَرْءٍ مثل أَرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيُّ.
ويقال: فلان يتَراءَى بِرَأْيِ فلان إِذا كان يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إِليه ويَقْتَدي به؛ وأَما ما أَنشده خَلَفٌ الأَحمر من قول الشاعر: أَما تَراني رَجُلاً كما تَرَى أَحْمِلُ فَوْقي بِزَّنِي كما تَرَى على قَلُوص صعبة كما تَرَى أَخافُ أَن تَطْرَحَني كما تَرَى فما تَرى فيما تَرَى كما تَرَى قال ابن سيده: فالقول عندي في هذه الأَبيات أَنها لو كانت عدَّتُها ثلاثة لكان الخطب فيها أَيسر، وذلك لأَنك كنت تجعل واحداً منها من رُؤْية العَيْنِ كقولك كما تُبْصِر، والآخر من رُؤْية القَلْبِ في معنى العلم فيصير كقولك كما تَعْلم، والثالث من رأَيْت التي بمعنى الرَّأْي الاعتقاد كقولك فلان يرَى رَأْي الشُّراةِ أَي يعتَقِدُ اعْتِقادَهم؛ ومنه قوله عز وجل: لتَحْكُم بين الناسِ بما أَرَاكَ اللهُ؛ فحاسَّةُ البَصَر ههنا لا تتَوَجَّه ولا يجوز أَن يكون بمعنى أَعْلَمَك الله لأَنه لو كان كذلك لوَجَب تعدِّيه إِلى ثلاثة مَفْعولِين، وليس هناك إِلا مفعولان: أَحدهما الكاف في أَراك، والآخر الضمير المحذوف للغائب أَي أَراكَه، وإِذا تعدَّت أَرى هذه إلى مفعولين لم يكن من الثالث بُدُّ، أَوَلا تَراكَ تقول فلان يَرَى رأْيَ الخوارج ولا تَعْني أَنه يعلم ما يَدَّعون هُمْ عِلْمَه، وإِنما تقول إِنه يعتقد ما يعتقدون وإِن كان هو وهم عندك غير عالمين بأَنهم على الحق، فهذا قسم ثالث لرأَيت، قال ابن سيده: فلذلك قلنا لو كانت الأَبيات ثلاثة لجاز أَن لا يكون فيها إِيطاء لاختلاف المعاني وإِن اتفقت الأَلفاظ، وإِذْ هِي خمسة فظاهر أَمرها أَن تكون إِيطاء لاتفاق الأَلفاظ والمعاني جميعاً، وذلك أَن العرب قد أَجرت الموصول والصلة مُجْرى الشيء الواحد ونَزَّلَتْهما منزلة الخبر المنفرد، وذلك نحو قول الله عز وجل: الذي هو يُطْعِمُني ويَسْقِينِ وإِذا مَرِضْتُ فهُو يَشْفِينِ والذي يُميتُني ثم يُحْيِينِ والذي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خطيئَتي يومَ الدِّينِ؛ لأَنه سبحانه هو الفاعل لهذه الأَشياء كلها وحده، والشيء لا يُعْطَف على نفسِه، ولكن لما كانت الصلة والموصول كالخبر الواحد وأَراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأَنهما كأَنهما كلاهما شيء واحد مفرد؛ وعلى ذلك قول الشاعر: أَبا ابْنَةَ عبدِ الله وابْنَةَ مالِكٍ، ويا ابْنَةَ ذي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ إِذا ما صَنَعْتِ الزَّادَ، فالْتَمِسي لهُ أَكِيلاً، فإِني لسْتُ آكُلُه وَحْدي فإِنما أَراد: أَيا ابْنة عبدِ الله ومالِكٍ وذي الجَدّين لأَنها واحدةٌ، أَلا تَراهُ يقول صنعتِ ولم يَقُلْ صنعتُنَّ؟ فإِذا جازَ هذا في المضاف والمضاف إِليه كان في الصِّلَةِ والموصولِ أَسْوَغَ، لأَنَّ اتِّصالَ الصِّلَةِ بالموصول أَشدُّ من اتصال المضافِ إِليه بالمُضاف؛ وعلى هذا قول الأَعرابي وقد سأَله أَبو الحسن الأَخفشُ عن قول الشاعر: بَناتُ وَطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْل فقال له: أَين القافية؟ فقال: خدّ الليلْ؛ قال أَبو الحسن الأَخفش: كأَنه يريد الكلامَ الذي في آخر البيت قلَّ أَو كَثُر، فكذلك أَيضاً يجعل ما تَرَى وما تَرَى جميعاً القافية، ويجعل ما مَرَّةً مصدراً ومرة بمنزلة الذي فلا يكون في الأَبيات إِيطاء؛ قال ابن سيده: وتلخيص ذلك أَن يكون تقديرها أَما تراني رجلاً كُرؤْيَتِك أَحمل فوقي بزتي كمَرْئِيِّك على قلوص صعبة كعِلْمِكَ أَخاف أَن تطرحني كمَعْلُومك فما ترى فيما ترى كمُعْتَقَدِك، فتكون ما ترى مرة رؤية العين، ومرة مَرْئِيّاً، ومرة عِلْماً ومرة مَعلوماً، ومرة مُعْتَقَداً، فلما اختلفت المعاني التي وقعت عليها ما واتصلت بها فكانت جزءاً منها لاحقاً بها صارت القافية وما ترى جميعاً، كما صارت في قوله خدّ الليل هي خدّ الليل جميعاً لا الليل وحده؛ قال: فهذا قياس من القوّة بحيث تراه، فإِن قلت: فما رويّ هذه الأَبيات؟ قيل: يجوز أَن يكون رَوّيها الأَلفَ فتكون مقصورة يجوز معها سَعَى وأتى لأَن الأَلف لام الفعل كأَلف سَعَى وسَلا، قال: والوجه عندي أَن تكون رائِيَّة لأَمرين: أَحدهما أَنها قد التُزِمَت، ومن غالب عادة العرب أَن لا تلتزم أَمراً إِلا مع وجوبه، وإِن كانت في بعض المواضع قد تتَطوَّع بالتزام ما لا يجب عليها وذلك أَقل الأَمرين وأَدْوَنُهما، والآخر أَن الشعر المطلق أَضعاف الشعر المقيد، وإِذا جعلتها رائية فهي مُطْلقة، وإذا جعلتها أَلِفِيَّة فهي مقيدة، أَلا ترى أَن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا تجد العرب تلتزم فيه ما قبل الأَلف بل تخالف ليعلم بذلك أَنه ليس رَوِيّاً؟ وأَنها قد التزمت القصر كما تلتزم غيره من إِطلاق حرف الروي، ولو التزمت ما قبل الأَلف لكان ذلك داعياً إِلى إِلْباس الأَمر الذي قصدوا لإِيضاحِه، أَعني القصرَ الذي اعتمدوه، قال: وعلى هذا عندي قصيدة يزيدَ بنِ الحَكَم، التي فيها مُنْهَوي ومُدَّوي ومُرْعَوي ومُسْتَوي، هي واويَّة عندنا لالتزامه الواو في جميعها والياءاتُ بعدها وُصُول لما ذكرنا. التهذيب: اليث رَأْي ا لقَلْب والجمعُ الآراءُ.
ويقال: ما أَضلَّ آراءَهم وما أَضلَّ رأْيَهُمْ.
وارْتَآهُ هو: افْتَعَل من الرَّأْي والتَّدْبِير.
واسْتَرْأَيْتُ الرُّجلَ في الرَّأْيِ أَي اسْتَشَرْتُه وراءَيْته.
وهو يُرائِيهِ أَي يشاوِرُه؛ وقال عمران بن حطَّان: فإِن تَكُنْ حين شاوَرْناكَ قُلْتَ لَنا بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيما نُرائِيكا أَي نستشيرك. قال أَبو منصور: وأَما قول الله عزَّ وجل: يُراؤُونَ الناسَ، وقوله: يُراؤُونَ ويَمْنَعُون الماعونَ، فليس من المشاورة، ولكن معناه إِذا أَبْصَرَهُم الناس صَلَّوا وإِذا لم يَرَوْهم تركوا الصلاةَ؛ ومن هذا قول الله عزَّ وجل: بَطَراً ورِئَاءَ الناسِ؛ وهو المُرَائِي كأَنه يُرِي الناس أَنه يَفْعَل ولا يَفْعَل بالنية.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا أَظْهَر عملاً صالِحاً رِياءً وسُمْعَة؛ وأَما قول الفرزدق يهجو قوماً ويَرْمِي امرأَة منهم بغير الجَمِيلِ: وبات يُراآها حَصاناً، وقَدْ جَرَتْ لَنا بُرَتَاهَا بِالَّذِي أَنَا شَاكِرُه قوله: يُراآها يظن أَنها كذا، وقوله: لنا بُرَتاها معناه أَنها أَمكنته من رِجْلَيْها.
وقال شمر: العرب تقول أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى اللهُ الناسَ بفلان العَذَابَ والهلاكَ، ولا يقال ذلك إِلاَّ في الشَّرِّ؛ قال الأَعشى: وعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَمْـ ـداً خَسَّها، وأَرَى بِهَا يَعْنِي قبيلة ذكَرَها أَي أَرَى اللهُ بها عَدُوَّها ما شَمِتَ به.
وقال ابن الأَعرابي: أَي أَرَى الله بها أَعداءَها ما يَسُرُّهم؛ وأَنشد:أَرَانَا اللهُ بالنَّعَمِ المُنَدَّى وقال في موضع آخر: أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى به ما يَشْمَتُ به عَدُوُّه.
وأَرِنِي الشَّيءَ: عاطِنيهِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، وحكى اللحياني: هو مَرآةً أَنْ يَفْعَلَ كذا أَي مَخْلَقة، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، قال: هو أَرْآهُمْ لأَنْ يَفَعَلَ ذلك أَي أَخْلَقُهُم.
وحكى ابن الأَعرابي: لَوْ تَرَ ما وأَو تَرَ ما ولَمْ تَرَ ما، معناه كله عنده ولا سِيَّما.
والرِّئَة، تهمز ولا تهمز: مَوْضِع النَّفَس والرِّيحِ من الإِنْسانِ وغيره، والجمع رِئَاتٌ ورِئُون، على ما يَطّرِد في هذا النحو؛ قال: فَغِظْنَاهُمُ، حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُمُ قُلوباً، وأَكْباداً لهُم، ورِئِينَا قال ابن سيده: وإِنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأَنها أَسماء مَجْهودة مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرب في أَوَّلِيَّته ولا في حد التسمية، وتصغيرها رُؤيَّة، ويقال رُويَّة؛ قال الكميت: يُنازِعْنَ العَجاهِنَةَ الرِّئِينَا ورَأَيْته: أَصَبْت رِئَته.
ورُؤِيَ رَأْياً: اشْتكى رِئَته. غيره: وأَرْأَى الرجلُ إِذا اشْتَكى رِئَته. الجوهري: الرِّئَة السَّحْرُ، مهموزة، ويجمع على رِئِينَ، والهاءُ عوضٌ من الياء المَحْذوفة.
وفي حديث لُقْمانَ بنِ عادٍ: ولا تَمْلأُ رِئَتِي جَنْبِي؛ الرِّئَة التي في الجَوْف: مَعْروفة، يقول: لست بِجَنان تَنْتَفِخُ رِئَتي فَتَمْلأُ جَنْبي، قال: هكذا ذكرها الهَرَوي.
والتَّوْرُ يَرِي الكَلْبَ إِذا طَعَنَه في رِئَتِه. قال ابن بُزُرج: ورَيْته من الرِّئَةِ، فهو مَوْرِيّ، ووَتَنْته فهو مَوْتونٌ وشَويْته فهو مَشْوِيّ إِذا أَصَبْت رِئَتَه وشَوَاتَه ووَتِينِه.
وقال ابن السكيت: يقال من الرِّئة رَأَيْته فهو مَرْئيٌّ إِذا أَصَبْته في رِئَته. قال ابن بري: يقال للرجل الذي لا يَقْبَل الضَّيم حامِضُ الرِّئَتَين؛ قال دريد: إِذا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخاهُ، فَلَيْسَ بحامِضِ الرِّئَتَيْن مَحْضِ ابن شميل: وقد وَرَى البعيرَ الدَّاءُ أَي وقع في رِئَتِه وَرْياً.
ورَأَى الزندُ: وَقَدَ؛ عن كراع، ورَأَيْته أَنا؛ وقول ذي الرمة: وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ أَوَاخِيُّها بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ يعني أَواخِيَّ الأَمْراسِ، وهذا مثل، وقيل في تفسيره: رَأْسٌ مُرْأىً بوزن مُرْعًى طويلُ الخَطْمِ فيه شبِيةٌ بالتَّصْويب كهَيْئة الإِبْرِيقِ؛ وقال نصير: رُؤُوسٌ مُرْأَياتٌ كَأَنَّها قَراقِيرُ قال: وهذا لا أَعرف له فعلاً ولا مادَّة.
وقال النضر: الإِرْآءُ انْتِكابُ خَطْمِ البعيرِ على حَلْقِه، يقال: جَمَلٌ مُرأىً وجِمال مُرْآةٌ. الأَصمعي: يقال لكل ساكِنٍ لا يَتَحَرَّك ساجٍ ورَاهٍ ورَاءٍ؛ قال شمر: لا أَعرف راء بهذا المعنى إِلاَّ أَن يكون أَراد رَاه، فجعل بدل الهاء ياءً.
وأَرأَى الرجلُ إِذا حَرَّك بعَيْنَيْه عند النَّظَرِ تَحْرِيكاً كَثِيراً وهو يُرْئي بِعَيْنَيْه.
وسَامَرَّا: المدينة التي بناها المُعْتَصِم، وفيها لغات: سُرَّ مَنْ رَأَى، وسَرَّ مَنْ رَأَى، وسَاءَ مَنْ رأَى، وسَامَرَّا؛ عن أَحمد بن يحيى ثعلب وابن الأَنباري، وسُرَّ مَنْ رَاءَ، وسُرَّ سَرَّا، وحكي عن أَبي زكريا التبريزي أَنه قال: ثقل على الناس سُرَّ مَنْ رأَى فَغَيَّروه إِلى عكسه فقالوا سامَرَّى؛ قال ابن بري: يريد أَنَّهُمْ حذفوا الهمزة من سَاءَ ومن رَأَى فصار سَا مَنْ رَى، ثم أُدغمت النون في الراء فصار سَامَرَّى، ومن قال سَامَرَّاءُ فإِنه أَخَّر همزة رأَى فجعلها بعد الأَلف فصار سَا مَنْ رَاءَ، ثم أَدغم النون في الراء.
ورُؤَيَّة: اسم أَرْضٍ؛ ويروى بيت الفرزدق: هل تَعْلَمون غَدَاةً يُطْرَدُ سَبْيُكُم بالسَّفْحِ، بين رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ؟ وقال في المحكم هنا: رَاءَ لغة في رَأَى، والاسم الرِّيءُ.
ورَيَّأَهُ تَرْيِئَة: فَسَّحَ عنه من خِناقهِ.
وَرَايا فلاناً: اتَّقاه؛ عن أَبي زيد؛ ويقال رَاءَهُ في رَآه؛ قال كثير: وكلُّ خَلِيل رَاءَني، فهْوَ قَائِلٌ منَ اجْلِك: هذا هامَةُ اليَومِ أَو غَدِ وقال قيس بن الخطيم: فَلَيْت سُوَيْداً رَاءَ فَرَّ مَنْ مِنْهُمُ، ومَنْ جَرَّ، إِذْ يَحْدُونَهُم بالرَّكَائِبِ وقال آخر: وما ذاكِ من أَنْ لا تَكُوني حَبِيبَةً، وإِن رِيءَ بالإِخْلافِ مِنْكِ صُدُودُ وقال آخر: تَقَرَّبَ يَخْبُو ضُوْءُهُ وشُعاعُه، ومَصَّحَ حتى يُسْتَراءَ، فلا يُرى يُسْتَراءَ: يُسْتَفْعَل من رأَيت. التهذيب: قال الليث يقال من الظنِّ رِيْتُ فلاناً أَخاكَ، ومن همز قال رؤِِيتُ، فإِذا قلت أَرى وأَخَواتها لم تهمز، قال: ومن قلب الهمز من رأَى قال راءَ كقولك نأَى وناءَ.
وروي عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه بَدأَ بالصَّلاة قبل الخُطْبة يومَ العِيدِ ثم خَطَبَ فَرُؤِيَ أَنه لم يُسْمِعِ النساءَ فأَتاهُنَّ ووعَظَهُنَّ؛ قال ابن الأَثير: رُؤِيَ فِعْلٌ لم يسَمّ فاعله من رَأَيْت بمعنى ظَنَنْت، وهو يَتَعَدَّى إِلى مفعولين، تقول رأَيتُ زيداً عاقِلاً، فإِذا بَنَيْتَه لما لم يُسَمّ فاعلُه تعدَّى إِلى مفعول واحد فقلت رُؤِيَ زيدٌ عاقلاً، فقوله إِنه لم يُسَمِع جملة في موضع المفعول الثاني والمفعول الأَول ضميره.
وفي حديث عثمان: أَراهُمُني الباطِلُ شَيْطاناً؛ أَراد أَنَّ الباطِلَ جَعَلَني عندهم شيطاناً. قال ابن الأَثير: وفيه شذوذ من وجهين: أَحدهما أَن ضمير الغائب إِذا وقع مُتَقَدِّماً على ضمير المتكلم والمخاطب فالوجه أَن يُجاء بالثاني منفصلاً تقول أَعطاه إِياي فكان من حقه أَن يقول أَراهم إِياي، والثاني أَن واو الضمير حقها أَن تثبت مع الضمائر كقولك أَعطيتموني، فكان حقه أَن يقول أَراهُمُوني، وقال الفراء: قرأَ بعض القراء: وتُرَى الناسَ سُكارى، فنصب الراء من تُرى، قال: وهو وجه جيد، يريد مثلَ قولك رُؤِيتُ أَنَّك قائمٌ ورُؤِيتُك قائماً، فيجعل سُكارى في موضع نصب لأَن تُرى تحتاج إِلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن. قال أَبو نصور: رُؤِيتُ مقلوبٌ، الأَصلُ فيه أُريتُ، فأُخرت الهمزة، وقيل رُؤِيتُ، وهو بمعنى الظن.