المصادر:  


الواقفية (المعجم الوسيط) [0]


 فرقة من المتصوفة والمبطلة 

بهرج (لسان العرب) [0]


مكانٌ بَهْرَجٌ: غيرُ حِمًى؛ وقد بَهْرَجه فَتَبَهْرَج.
والبَهْرجُ: الشيء المباحُ؛ يقال: بهرجَ دَمَهُ.
ودِرْهَمٌ بَهْرَجٌ: رديء.
والدرهمُ البَهْرَجُ: الذي فضَّته رديئة.
وكلُّ رديء من الدراهم وغيرها: بَهْرَجٌ؛ قال: وهو إِعراب نبهره، فارسي. ابن الأَعرابي: البَهْرَجُ الدرهم المُبْطَلُ السِّكَّةِ، وكلُّ مردودٍ عند العرب بَهْرَجٌ ونَبَهْرَجٌ.
والبَهْرَجُ: الباطلُ والرديء من الشيء؛ قال العجاج: وكانَ ما اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجا أَي باطلاً.
وفي الحديث: أَنه بَهْرَجَ دَمَ ابن الحارث أَي أَبطله.
وفي حديث أَبي مِحْجَنٍ: أَمَّا إِذْ بَهْرَجْتَني فلا أَشْرَبُها أَبداً؛ يعني الخمرَ، أَي أَهْدَرْتَني بإِسقاط الحَدِّ عني.
وفي الحديث: أَنه أَتى بجراب لُؤْلؤٍ بَهْرَجٍ أَي رديءٍ. قال وقال القتيبي: أَحسبه بِجِراب لؤْلؤٍ بُهْرِجَ أَي عُدِلَ به عن الطريق المسلوك . . . أكمل المادة خوفاً من العَشَّار، واللفظة معرّبة؛ وقيل: هي كلمة هندية أَصلها نَبَهْلَهْ، وهو الرديء، فنقلت إِلى الفارسية فقيل نَبَهْرَهْ، ثم عُرّبت بَهْرَج.الأَزهري: وبُهْرِجَ بهم إِذا أُخِذَ بهم في غير المَحَجَّةِ.
والبَهْرَجُ: التعويجُ من الاستواء إِلى غير الاستواء.

خسر (لسان العرب) [0]


خِسِرَ خَسْراً (* قوله: «خسر خسراً إلخ» ترك مصدرين خسراً، بضم فسكون، وخسراً، بضمتين كما في القاموس).
وخَسَراً وخُسْراناً وخَسَارَةً وخَسَاراً، فهو خاسِر وخَسِرٌ، كله: ضَلَّ.
والخَسَار والخَسارة والخَيْسَرَى: الضلال والهلاك، والياء فيه زائدة.
وفي التنزيل العزيز: والعصرِ إِن الإِنسان لفي خُسْر؛ الفراء: لفي عقوبة بذنبه وأَن يَخْسَر أَهله ومنزله في الجنة.
وقال عز وجل: خَسِرَ الدنيا والآخرة ذلك هو الخُسْران المبين.
وفي الحديث: ليس من مؤمن ولا كافر إِلا وله منزل في الجنة وأَهل وأَزواج، فمن أَسلم سَعِدَ وصار إِلى منزله، ومن كفر صار منزله وأَزواجه إِلى من أَسلم وسعد، وذلك قوله: الذين يرثون الفردوس؛ يقول: يرثون منازل الكفار، وهو قوله: . . . أكمل المادة الذين خسروا أَنفسهم وأَهليهم يوم القيامة؛ يقول: أَهلكوهما؛ الفراء: يقول غَبِنُوهما. ابن الأَعرابي: الخاسر الذي ذهب ماله وعقله أَي خسرهما.
وخَسِرَ التاجر: وُضِعَ في تجارته أَو غَبِنَ، والأَوّل هو الأَصل.
وأَخْسَرَ الرجلُ إِاذ وافق خُسْراً في تجارته.
وقوله عز وجل: قل هل ننبئكم بالأَخْسَرِينَ أَعمالاً؛ قال الأَخفش: واحدهم الأَخْسَرُ مثل الأَكْبَرِ.
وقوله تعالى: فما زادوهم غير تَخْسِيرٍ؛ ابن الأَعرابي: أَي غير إِبعاد من الخير أَي غير تخسير لكم لا لي.
ورجل خَيْسَرَى: خاسِرٌ، وفي بعض الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، وحُمَّى خَيْبَرَى، وشَرُّ ما يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ وقيل: أَراد خَيْسَرٌ فزاد للإِتباع؛ وقيل: لا يقال خَيْسَرَى إِلا في هذا السجع؛ وفي حديث عمر ذكر الخَيْسَرَى، وهو الذي لا يجيب إِلى الطعام لئلا يحتاج إِلى المكافأَة، وهو من الخَسَارِ.
والخَسْرُ والخُسْرانُ: النَّقْصُ، وهو مثل الفَرْقِ والفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ (* قوله: «خسر يخسر» من باب فرح، وقوله وخسرت الشيء إلخ من باب ضرب، كما في القاموس). خُسْراناً وخَسَرْتُ الشيءَ، بالفتح، وأَخْسَرْتُه: نَقَصْتُه.
وخَسَرَ الوَزْنَ والكيلَ خَسْراً وأَخْسَرَهُ: نقصه.
ويقال: كِلْتُه ووَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نقصته. قال الله تعالى: وإِذا كالوهم أَو وزنوهم يُخْسِرُونَ؛ الزجاج: أَي يَنْقُصُون في الكيل والوزن. قال: ويجوز في اللغة يَخْسِرُون، تقول: أَخْسَرْتُ الميزانَ وخَسَرْتُه، قال: ولا أَعلم أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عمرو: الخاسر الذي ينقص المكيال والميزان إِذا أَعطى، ويستزيد إِذا أَخذ. ابن الأَعرابي: خَسَرَ إِذا نقص ميزاناً أَو غيره، وخَسِرَ إِذا هلك. أَبو عبيد: خَسَرْتُ الميزان وأَخْسَرْتُه أَي نقصته. الليث: الخاسِرُ الذي وُضِعَ في تجارته، ومصدره الخَسَارَةُ والخَسْرُ، ويقال: خَسِرَتْ تجارته أَي خَسِرَ فيها، ورَبِحَتْ أَي ربح فيها.
وصَفْقَةٌ خاسرة: غير رابحة، وكَرَّةٌ خاسرة: غير نافعة.
وفي التهذيب: وصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غير مُرْبِحَةٍ، وكَرَّ كَرَّةً خاسِرَةً أَي غير نافعة.
وفي التنزيل: تلك إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ.
وقوله عزل وجل: وخَسِرَ هنالك المُبْطِلُونَ. هنالك الكافرون؛ المعنى: تبين لهم خُسْرانُهم لما رأَوا العذاب وإِلاَّ فهم كانوا خاسرين في كل وقت.
والتَّخْسِيرُ: الإِهلاك.
والخَنَاسِيرُ: الهُلاَّكُ، ولا واحد له؛ قال كعب بن زهير: إِذا ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ، بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا وفي بغاها ضمير من الجَدِّ هو الفاعل، يقول: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إِذا نُتِجَتْ أَربعٌ من إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هلكت من إِبله الكِبار أَربع غير هذه، فيكون ما هلك أَكثر مما أَصاب.

الحَقُّ (القاموس المحيط) [0]


الحَقُّ: من أسماء اللهِ تعالى، أو من صِفاتِهِ، والقُرْآنُ، وضِدُّ الباطِلِ، والأمر المَقْضِيُّ، (والعَدْلُ، والإِسْلامُ، والمالُ، والمِلْكُ، والمَوجود الثابِتُ، والصِدْقُ)، والموتُ، والحَزْمُ، وواحدُ الحُقوقِ.
والحَقَّةُ: أخَصُّ منه،
و~ : حقيقَةُ الأمرِ.
وقولُهُم: عندَ حَقِّ لِقاحِها، ويُكْسَرُ، أي: حينَ ثَبَتَ ذلك فيها.
وسَقَطَ على حَقِّ رأسِهِ وحاقِّه: وسَطِه.
وحاقُّ الجُوعِ: صادِقُه.
ورجلٌ حاقُّ الرجُلِ،
وحاقُّ الشُّجاعِ،
وحاقَّتُهُما: كامِلٌ فيهما.
والحاقَّةُ: النازلةُ الثابتةُ،
كالحَقَّةِ، والقِيامَةُ تَحُقُّ، لأَنَّ فيها حَواقَّ الأمورِ، أو تَحُقُّ لكلِّ قومٍ عَمَلَهُم.
وحَقَّهُ، كَمَدَّهُ: غَلَبَهُ على الحَقِّ،
كأَحَقَّهُ،
و~ الشيءَ: أَوْجَبَهُ،
كأَحَقَّهُ وحَقَّقَهُ،
. . . أكمل المادة و~ الطَّريقَ: رَكِبَ حاقَّهُ،
و~ فُلاناً: ضَرَبَهُ في حاقِّ رأسِهِ،
أو في حُقِّ كَتِفِهِ: لِلنُّقْرَةِ التي على رأسِ الكَتِفِ،
و~ الأَمْرُ يَحُقُّ ويَحِقُّ حَقَّةً، بالفتح: وجَبَ ووَقَعَ بلا شَكٍ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ.
وحَقَقْتُ حَذَرَهُ حَقّاً: فَعَلْتُ ما كانَ يَحْذَرُهُ،
و~ الأمْرَ: تَحَقَّقْتُهُ وتَيَقَّنْتُهُ،
و~ فُلاناً: أتَيْتُهُ.
وحُقَّ لَكَ أنْ تَفْعَلَ ذا، بالضم،
وحَقِقْتَ أنْ تَفْعَلَهُ: بِمَعْنًى.
وهو حَقِيقٌ به وحَقٌّ: جَديرٌ.
والحَقيقَةُ: ضِدُّ المجازِ، وما يَحِقُّ عليك أنْ تَحْمِيَهُ، والرايةُ.
وبناتُ الحُقَيْقِ، كزُبيْرٍ: تَمْرٌ، وكذا سَلاَّمُ بنُ أبي الحُقَيْقِ اليهُودِيُّ قَتَلَهُ عبدُ اللهِ بنُ عَتيكٍ بأمْرِ رسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم.
وقَرَبٌ حَقْحاقٌ: جادٌّ.
والحُقَّةُ، بالضمِّ: وِعاءٌ من خَشَبٍ،
ج: حُقٌّ وحُقوقٌ وحُقَقٌ وأحْقاقٌ وحِقاقٌ، والداهِيَةُ، ويُفْتَحُ، والمَرْأَةُ، وبلا هاءٍ: بَيْتُ العَنْكَبُوتِ، ورأسُ الوَرِكِ الذي فيه عَظْمُ الفَخِذِ، ورأسُ العَضُدِ الذي فيه الوابِلَةُ، والأرْضُ المُسْتَدِيرَةُ أو المُطْمَئِنَّةُ، والجُحْرُ في الأرضِ.
والحُقِّيُّ: تَمْرٌ.
والحِقُّ، بِالكسرِ، من الإِبِلِ: الداخِلَةُ، في الرابِعَةِ، وقد حَقَّتْ تَحِقُّ حِقَّةً وحِقّاً، بكسرِهِما، وأحَقَّتْ،
وهي حِقٌّ وحِقَّةٌ، بيِّنَةُ الحِقَّةِ، بالكسر أيضاً، ولا نَظيرَ لها،
ج: حِقَقٌ، كعِنَبٍ، وحِقَاقٌ،
وجج: حُقُقٌ، بضَمَّتَيْنِ، سُمِّيَ لأنَّهُ اسْتَحَقَّ أن يُرْكَبَ، أو اسْتَحَقَّ الضِّرابَ.
والحِقُّ أيضاً: أن تَزيدَ الناقَةُ على الأَيَّامِ التي ضُرِبَتْ فيها، والناقَةُ التي سَقَطَتْ أسْنانُهَا هَرَماً.
والحِقَّةُ، بالكسر: الحقُّ الواجِبُ، هذه حِقَّتِي، وهذا حَقِّي، يُكْسَرُ مع التاء، ويُفْتَحُ دونَها.
وأُمُّ حِقَّة: اسمُ امرأةٍ.
والحِقَّةُ: لقَبُ أمِّ جَريرٍ الشاعِرِ.
وحِقاقُ العُرْفُطِ: صِغارُه.
و"إذا بَلَغْنَ، (أي) النساءُ نَصَّ الحِقاقِ أو الحَقائِقِ فالعَصَبَةُ أولى"، أي: إذا بَلَغْنَ الغايةَ التي عَقَلْنَ فيها، وعَرَفْنَ فيها حَقائِقَ الأُمورِ
، أو قَدَرْنَ فيها على الحِقاقِ، أي: الخِصامِ،
أو حُوقَّ فيهن، أي: خُوصِمَ، فقال كلٌّ من الأولياء: أنا أحقُّ بها، أو المعنَى: إذا بَلَغْنَ نِهَايَةَ الصِّغَارِ، أي: الوقْتَ الذي ينْتَهِي فيه صِغَرُهُنَّ.
وإنه لَنَزِقُ الحِقاقِ، أي: مُخاصِمٌ في صِغَارِ الأَشياءِ.
والأَحَقُّ: الفَرَسُ يَضَعُ حافِرَ رِجْلِهِ مَوْضِعَ يَدِهِ، عَيْبٌ، والذي لا يَعْرَقُ، ومَصْدَرُهُما: الحَقَقُ، مُحرَّكةً.
وأحْقَقْتُه: أوجَبْتُه،
و~ البَكْرَةُ: اسْتَوْفَتْ ثلاثَ سِنينَ، وصارَتْ حِقَّةً،
و~ الرَّمِيَّةَ: قَتَلَها.
والمُحِقُّ: ضِدُّ المُبْطِلِ.
والمَحاقُّ من المالِ: التي لم تُنْتَجْنَ في العامِ الماضي، ولم يُحْلَبْنَ.
وحَقَّقَهُ تَحْقِيقاً: صَدَّقَهُ.
والمُحَقَّقُ من الكلامِ: الرَّصينُ،
و~ من الثِيابِ: المُحْكَمُ النَّسْجِ.
والاحْتِقَاقُ: الاخْتِصامُ.
وطَعْنَةٌ مُحَقَّقَةٌ: لا زَيْغَ فيها، وقد نَفذَتْ.
واحْتقَّا: اخْتَصَمَا،
و~ المالُ: سَمِنَ،
و~ به الطَّعْنَةُ: قَتَلَتْهُ، أو أصابَتْ حُقَّ ورِكِهِ،
و~ الفَرَسُ: ضَمُرَ.
وانْحَقَّت العُقْدَةُ: انْشَدَّتْ.
واسْتَحَقَّهُ: اسْتَوْجَبَهُ.
وتَحَقَّقَ الخَبَرُ: صَحَّ.
والحقْحَقَةُ: أرْفَعُ السَّيْرِ وأتْعَبُهُ للظَّهْرِ، أو اللَّجاجُ في السَّيْرِ، أو السَّيْرُ أوَّلَ الليلِ، أو أن يَلِجَّ في السَّيْرِ حتى تَعْطَبَ راحِلَتُهُ أو تَنْقَطِعَ.
والتَّحاقُّ: التَّخاصُمُ.
وحاقَّهُ: خاصَمَهُ.

هتر (لسان العرب) [0]


الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً وهَتَّرَه.
ورجل مُسْتَهْتَرٌ: لا يبالي ما قيل فيه ولا ما قيل له ولا ما شُتِمَ به. قال الأَزهري: قول الليث الهَتْرُ مَزْقُ العرض غير محفوظ، والمعروف بهذا المعنى الهَرْت إِلا أَن يكون مقلوباً كما قالوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما الاسْتِهْتارُ فهو الوُلوعُ بالشيء والإِفراط فيه حتى كأَنه أُهْتِرَ أَي خَرِفَ.
وفي الحديث: سبق المُفْرِدُونَ؛ قالوا: وما المُفْرِدُونَ؟ قال: الذين أُهْتِرُوا في ذكر الله يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثْقالَهُمْ فيأْتون يوم القيامة خِفافاً؛ قال: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، معناه أَنهم كَبِرُوا في طاعة الله وماتت لذاتهم وذهب القَرْنُ الذين كانوا فيهم، قال: ومعنى أُهْتِرُوا في ذكر الله أَي . . . أكمل المادة خَرِفُوا وهم يذكرون الله. يقال: خرف في طاعة الله أَي خَرِفَ وهو يطيع الله؛ قال: والمُفْرِدُونَ يجوز أَن يكون عني بهم المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لذكر الله، والمُسْتَهْتَرُونَ المُولَعُونَ بالذكر والتسبيح.
وجاء في حديث آخر: هم الذين اسْتُهْتِرُوا بذكر الله أَي أُولِعُوا به. يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا أَي أُولِعَ به لا يتحدّثُ بغيره ولا يفعلُ غيرَه.
وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ.
والهِتْرُ، بالكسر: السَّقَطُ من الكلام والخطأُ فيه. الجوهري: يقال هِتْرٌ هاتِرٌ، وهو توكيد له؛ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ: أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِناً من تُماضِرٍ هُدُوّاً، ولم يَطْرُقْ من الليل باكرا وكان، إِذا ما الْتَمَّ منها بِحاجَةٍ، يُراجِعُ هِتْراً من تُماضِرَ هاتِرَا قوله هُدُوّاً أَي بعد هَدْءٍ من الليل.
ولم يطرق من الليل باكراً أَي لم يطرق من أَوله.
والْتَمَّ: افْتَعَلَ من الإِلمام، يريد أَنه إِذا أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ.
وقوله يُراجِعُ هِتْراً أَي يعود إِلى أَن يَهْذِيَ بذكرها.
ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ في كلامه.
والهُتْرُ، بضم الهاء: ذهاب العقل من كبر أَو مرض أَو حزن.
والمُهْتَرُ: الذي فَقَدَ عقلَه من أَحد هذه الأَشياء، وقد أَهْتَرَ، نادرٌ.
وقد قالوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فهو مُهْتَرٌ إِذا فقد عقله من الكِبَرِ وصار خَرِفاً.
وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد أَنه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من الكِبَرِ قيل أُهْتِرَ، فهو مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مثله. قال يعقوب: قيل لامرأَة من العرب قد أُهْتِرَتْ: إِن فلاناً قد أَرسل يَخْطُبُكِ، فقالت: هل يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ ما لَه؟ أُلَّ وغُلَّ معنى قولها: أَن أَحلَّ أَن أَنزل، وذلك لأَنها كانت على ظهر طريق راكبة بعيراً لها وابنها يقودها.
ورواه أَبو عبيد: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، من قوله تعالى: وتَلَّهُ للجبين.
وفلان مُسْتَهْتَرٌ بالشراب أَي مُولَعٌ به لا يبالي ما قيل فيه.
وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال من ذلك، وهذا البناء يجاء به لتكثير المصدر.
والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ.
وقال ابن الأَنباري في قوله: فلان يُهاتِرُ فلاناً معناه يُسابُّه بالباطل من القول، قال: هذا قول أَبي زيد، وقال غيره: المُهاتَرَةُ القول الذي يَنْقُضُ بعضُه بعضاً.
وأُهْتِرَ الرجلُ فهو مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بالقول في الشيء.
واسْتُهْتِرَ فهو مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذهب عقله فيه وانصرفت هِمَمُه إِليه حتى أَكثر القول فيه بالباطل.
وقال النبي، صلي الله عليه وسلم: المُسْتَبَّانِ شيطانان يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ في القول، من الهِتْرِ، بالكسر، وهو الباطل والسَّقَطُ من الكلام.
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكون من المُسْتَهْتَرين. يقال: اسْتُهْتِر فلان، فهو مُسْتَهْتَر إِذا كان كثير الأَباطيل، والهِتْرُ: الباطلُ. قال ابن الأَثير: أَي المُبْطِلينَ في القول والمُسْقِطِينَ في الكلام، وقيل: الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به، وقيل: أَراد المُسْتَهْتَرِينَ بالدنيا. ابن الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تصغير الهِتْرَةِ، وهي الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ من الحُمْقِ والجهل؛ وأَنشد: إِن الفَزارِيَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً، من النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قال: ولغة العرب في هذه الكلمة خاصة دَهْداراً بِدَهْدارِ، وذلك أَن منهم من يجعل بعض التاءات في الصدور دالاً، نحو الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لغة في التِّخْرِيص، وهما معرّبان.
والهِتْرُ: العَجَبُ والداهية.
وهِتْرٌ هاتِرٌ: على المبالغة؛ وأَنشد بيت أَوس بن حَجَرٍ: يراجع هتراً من تماضر هاترا وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي داهية دَواهٍ. الأزهري: ومن أَمثالهم في الداهي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ.
وتَهاتَرَ القومُ: ادّعى كل واحد منهم على صاحبه باطلاً.
ومضى هِتْرٌ من الليل إِذا مضى أَقَلُّ من نصفه؛ عن ابن الأَعرابي.

إلا (لسان العرب) [0]


الأزهري: إلا تكون استثناء، وتكون حرف جزاء أَصلها إن لا ، وهما معاً لا يُمالان لأَنهما من الأَدواتِ والأَدواتُ لا تُمالُ مثل حتى وأَما وأَلا وإذا ، لا يجوز في شيء منها الإمالة أَلف ليست بأَسماء، وكذلك إلى وعلى ولَدَى الإمالة فيها غير جائزة.
وقال سيبويه: أَلق إلى وعلى منقلبتان من واوين لأَن الأَلفات لا تكون فيها الإِمالة، قال: ولو سمي به رجل قيل في تثنيته أَلَوانِ وعَلَوانِ ، فإذا اتصل به المضمر قلبته فقلت إلَيْكَ وْعَلَيْكَ ، وبعض العرب يتركه على حاله فيقول إلاك وعَلاك ؛ قال ابن بري عند قول الجوهريّ لأَنَّ الأَلفات لا يكون فيها الإِمالة، . . . أكمل المادة قال : صوبه لأَن أَلِفَيْهِما والأَلِفُ في الحروف أَصل وليست بمنقلبة عن ياء ولا واو ولا زائدة، وإنما قال سيبويه أَلف إلى وعلى منقلبتان عن واو إذا سميت بهما وخرجا من الحرفية إلى الاسمية، قال: وقد وَهِمَ الجوهري فيما حكاه عنه، فإذا سميت بها لَحِقَت بالأَسماء فجُعِلَتْ الأَلف فيها منقلبة عن الياء وعن الواو نحو بَلَى وإلى وعلى، فما سُمِع فيه الإمالة يثنى بالياء نحو بَلَى، تقول فيها بَلَيانِ، وما لم يُسمع فيه الإمالة ثني بالواو نحو إلى وعلى، تقول في تثنيتهما اسمين إلَوانِ وعَلَوانِ . قال الأَزهري: وأَما مَتَى وأَنَّى فيجوز فيهما الإمالة لأَنهما مَحَلاَّنِ والمحالُّ أَسماء ، قال: وبَلَى يجوز فيها الإمالة لأَنها ياء زيدت في بل، قال: وهذا كله قول حذاق النحويين ، فأَما إلا التي أَصلها إنْ فإنها تلي الأَفعال المُسْتَقْبَلَة فتجزمها ، من ذلك قوله عز وجل: إلا تَفْعَلوه تَكُنْ فِتنة في الأرض وفساد كبير ؛ فَجَزْمُ تفعلوه وتكن بإلاَّ كما تفعل إن التي هي أُمّ الجزاء وهي في بابها . الجوهري: وأَما إلا فهي حرف استثناء يُستثنى بها على خمسة أَوجه: بعد الإيجاب وبعد النفي والمُفَرَّغِ والمُقَدَّمِ والمُنْقَطِع؛ قال ابن بري: هذه عبارة سيئة، قال: وصوابها أَن يقول الاستثناء بإلاَّ يكون بعد الإيجاب وبعد النفي متصلاً ومنقطعاً ومُقَدَّماً ومؤخراً، وإلا في جميع ذلك مُسَلِّطة للعامل ناصِبة أَو مُفَرَّغة غير مُسَلِّطة، وتكون هي وما بعدها نعتاً أَو بدلاً؛ قال الجوهري فتكون في الاستثناء المنقطع بمعنى لكن لأَن المُسْتَثْنَى من غير جنس المُسْتَثْنَى منه، وقد يُوصفُ بإلاَّ ، فإن وصَفْتَ بها جَعلْتها وما بعدها في موضع غير وأَتبعت الاسم بعدها ما قبله في الإعراب فقلت جاءني القومُ إلا زيدٌ ، كقوله تعالى: لو كان فيهما آلهةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ؛ وقال عمرو بن معديكرب : وكلُّ أخٍ مُفارِقُه أَخُوه، * لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاَّ الفَرْقدانِ كأَنه قال: غير الفَرْقَدَيْنِ. قال ابن بري: ذكر الآمِدي في المؤتَلِف والمُخْتَلِف أَنّ هذا البيت لحضرمي بن عامر ؛ وقبله : وكلُّ قَرينةٍ قُرِنَتْ بأُخْرَى ، وإن ضَنَّت، بها سَيفَرَّقانِ قال: وأَصل إلاَّ الاستثناء والصفةُ عارضةٌ ، وأصل غير صفةٌ والاستثناء عارضٌ ؛ وقد تكون إلاَّ بمنزلة الواو في العطف كقول المخبل : وأَرَى لها داراً بأَغْدِرةِ الـ سِّيدان لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ إلاَّ رَماداً هامداً دَفَعَتْ ، عنه الرِّياحَ ، خَوالِدٌ سُحَمُ يريد: أَرَى لها داراً ورَماداً ؛ وآخر بيت في هذه القصيدة : إنَّي وجَدْتُ الأَمْرَ أَرْشَدُه تَقْوَى الإلهِ ، وشَرُّه الإِثْمُ قال الأزهري: أَما إلاَّ التي هي للإستثناء فإنها تكون بمعنى غَيْر ، وتكون بمعنى سِوَى ، وتكون بمعنى لَكِن ، وتكون بمعنى لَمّا ، وتكون بمعنى الاستثناء المَحْضِ .
وقال أبو العباس ثعلب: إذا اسْتَثْنَيْتَ بإلاَّ من كلام ليس في أَوّله جَحْدٌ فانصب ما بعد إلا، وإذا استثنيت بها من كلام أَوّلُه جحد فارفع ما بعدها ، وهذا أَكثر كلام العرب وعليه العمل ؛ من ذلك قوله عز وجل: فشَرِبُوا منه إلاَّ قَلِيلاً منهم ؛ فنصب لأَنه لا جحد في أَوّله ؛ وقال جل ثناؤه: ما فعَلُوه إلاَّ قَليلٌ منهم؛ فرفع لأن في أَوّله الجحد ، وقس عليهما ما شاكلهما ؛ وأَما قول الشاعر : وكلُّ أَخ مفارقه أَخوه، * لعَمر أَبيك إلا الفرقدان فإن الفراء قال: الكلام في هذا البيت في معنى جحد ولذلك رفع بإلا كأَنه قال ما أَحَدٌ إلا مُفارِقُه أَخُوه إلا الفَرْقَدانِ فجعلها مُتَرْجِماً عن قوله ما أَحَدٌ ؛ قال لبيد : لو كانَ غَيْرِي ، سُلَيْمَى ، اليومَ غَّيْرَه وَقْعُ الحوادِثِ إلا الصَّارِمُ الذَّكَرُ جعله الخليل بدلاً من معنى الكلام كأَنه قال: ما أَحد إلا يتغير من وقع الحوادث إلاّ الصارمُ الذكَرُ، فإلاَّ ههنا بمعنى غير، كأَنه قال غيري وغيرُ الصارمِ الذَّكرِ.
وقال الفراء في قوله عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدنا ، قال: إلا في هذا الموضع بمنزلة سوى كأَنك قلت لو كان فيهما آلهةٌ سِوَى الله لفَسَدَنا ، قال أَبو منصور: وقال غيره من النحويين معناه ما فيهما آلهةٌ إلا اللهُ ، ولو كان فيهما سِوَي الله لفسدنا ، وقال الفراء: رَفْعُه على نِيَّةِ الوصل لا الانْقطاع من أوّل الكلام، وأما قوله تعالى: لئلاّ يكونَ للناس عليكم حُجَّةٌ إلاَّ الذين ظلموا منهم فلا تَخْشَوْهُم ؛ قال الفراء: قال معناه إلاّ الذين ظلموا فإنه لا حجة لهم فلا تَخْشَوْهُم، وهذا كقولك في الكلام الناس كلُّهم لك حامدُون إلاَّ الظالِمَ لك المعتدي، فإن ذلك لا يُعتدُّ بتركه الحمد لموضع العداوة، وكذلك الظالم لا حجة له وقد سمي ظالماً ؛ قال أَبو منصور: وهذا صحيح، والذي ذهب إليه الزجاج فقال بعدما ذكر قول أَبي عبيدة والأَخفش: القول عندي في هذ واضح، المعنى لئلاَّ يكونَ للناس عليكم حجةٌ إلاَّ من ظلم باحتجاجه فيما قد وضح له، كما تقول ما لَكَ عليَِّ حجةٌ إلاَّ الطلمُ وإلاَّ أن تَظْلِمَني، المعنى ما لك عليَّ حجةٌ البتة ولكنك تَظلِمُني، وما لك عليَّ حجةٌ إلاَّ ظُلمي، وإنما سَمَّى ظلمه هنا حجة لأن المحتج به سماه حجةً، وحُجَّتُه داحضة عند الله ، قال الله تعالى: حُجَّتهم داحضةٌ عند ربهم ؛ فقد سميت حجةً إلاَّ أَنها حجةُ مُبْطِل، فليست بحجة موجبة حقًّا، قال: وهذا بيان شافٍ إن شاء الله تعالى.
وأَما قوله تعالى: لا يَذُوقُون فيها الموتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولى، وكذلك قوله تعالى: ولا تَنْكِحوُا ما نَكَح آباؤكم من النساء إلاَّ ما قد سَلَفَ ؛ أَراد سوى ما قد سلف .
وأَما قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ؛ فمعناه فهَلاَّ كانت قريةٌ أَي أَهلُ قرية آمنُوا ، والمعنى معنى النفي أَي فما كانت قريةٌ آمنوا عند نزول العذاب بهم فنفعها إيمانها ، ثم قال: إلا قومَ يونسَ ، استثناء ليس من الأَوّل كأَنه قال: لكن قومُ يُونُسَ لمَّا آمنُوا انقطعوا من سائر الأُمم الذين لم يَنْفَعْهم إيمانُهم عند نزول العذاب بهم ؛ ومثله قول النابغة : عَيّتْ جَواباً ، وما بالرَّبْع من أَحدٍ إلاَّ أَواريَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها (* قوله «عَيَّت جواباً إلخ هو عجز بيت صدره: وقفتُ فيها أَصَيلاناً أُسائلها .
وقوله: إلا الأَواريّ إلخ هو صدر بيت عجزه: والنُؤيَ كالحَوضِ في المظلومةِ الجَلَدِ .) فنصَب أَواريَّ على الانقطاع من الأَوّل ، قال: وهذا قول الفراء وغيره من حذاق النحويين ، قال: وأَجازوا الرفع في مثل هذا ، وإن كان المستثنى ليس من الأوّل وكان أَوّله منفيًّا يجعلونه كالبدل ؛ ومن ذلك قول الشاعر: وبَلْدَةٍ ليس بها أَنِيسُ إلا اليَعافِيرُ وإلاَّ العِيسُ ليست اليَعافيرُ والعِيسُ من الأنِيس فرفَعَها ، ووجْهُ الكلام فيها النَّصبُ. قال ابن سلام: سأَلت سيبويه عن قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ قَومَ يُونُسَ ، على أَيّ شيء نصب؟ قال إذا كان معنى قوله إلاَّ لكنْ نُصب ، قال الفراء: نُصب إلا قومَ يونس لأَنهم منقطعون مما قبل إذ لم يكونوا من جِنْسه ولا من شَكْله ، كأَن قومَ يونس منقطعون من قَوْمِ غيره من الأَنبياء ، قال: وأَمَّا إلاَّ بمعنى لمَّا فمِثل قول الله عز وجل: إنْ كللٌّ إلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ؛ وهي في قراءة عبد الله إنْ كُلُّهم لمَّا كذَّبَ الرُّسُلَ، وتقول: أَسأَلُك باللهِ إلاَّ أَعْطَيْتَني ولَمَّا أَعطيتني بمعنى واحد.
وقال أَبو العباس ثعلب: وحرف من الاستثناء تَرفع به العربُ وتَنْصِبُ لغتان فصيحتان، وهو قولك أَتاني إخْوَتُك إلاَّ أن يكون زيداً وزيدٌ، فمن نَصب أَراد إلاَّ أَن يكون الأَمْرُ زيداً ، ومن رفع به جعل كان ههنا تامة مكتفية عن الخبر باسمها، كما تقول كان الأَمر، كانت القصة.
وسئل أَبو العباس عن حقيقة الاستثناء إذا وقع بإلا مكرّراً مرتين أَو ثلاثاً أَو أَربعاً فقال : الأَوّل حَطٌّ، والثاني زيادةٌ ، والثالث حَطٌّ، والرابع زيادة، إلا أَن تجعل بعض إلاَّ إذا جُزْت الأَوّل بمعنى الأوّل فيكون ذلك الاستثناء زيادة لا غير ، قال: وأَما قول أَبي عبيدة في إلاَّ الأُولى إنها تكون بمعنى الواو فهو خطاً عند الحذاق.
وفي حديث أنس، رضي الله عنه: أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال أَما إنَّ (*قوله «أما إن» في النهاية: ألا ان.) كلَّ بناءٍ وَبالٌ على صاحبه إلاَّ ما لا إلاَّ ما لا (* قوله «إلا ما لا إلخ» هي في النهاية بدون تكرار.) أَي إلاَّ ما لا بُدَّ منه للإنسان من الكِنّ الذي تقُوم به الحياة.

خلف (لسان العرب) [0]


الليث: الخَلْفُ ضدّ قُدّام. قال ابن سيده: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً، فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب، وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها.
وقوله تعالى: يعلم ما بينَ أَيديهم وما خَلْفَهم؛ قال الزجاج: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون.
وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اتَّقُوا ما بين أَيديكم وما خَلْفكم؛ ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم، وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم ما نزل بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم عذابُ الآخرة.
وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه.
واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه.
واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: . . . أكمل المادة جعله خَلْفَه؛ قال النابغة: حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً، ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا وجَلَسْتُ خَلْفَ فلان أَي بعدَه.
والخَلْفُ: الظَهْر.
وفي حديث عبد اللّه بن عتبة قال: جئتُ في الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب، رضي اللّه عنه، يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني، فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ، فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه؛ قال أَبو منصور: قوله فأَخلفني أَي رَدَّني إلى خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه بحِذاء يمينه. يقال: أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه. ابن السكيت: أَلْحَحْتُ على فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي؛ قال اللحياني: هو يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني.
وفي حديث سعد: أَتَخَلَّفُ عن هِجْرتي؛ يريد خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى، وهاجَرُوا إلى المدينة فلم يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها، وكان يومئذ مريضاً.
والتخلُّفُ: التأَخُّرُ.
وفي حديث سعد: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا، والحديث الآخر: حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم وراءه؛ ومنه الحديث: سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا تقدَّم بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ.
وفي الحديث: لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين وُجُوهِكم؛ يريد أَنَّ كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ الـمَوَدَّةٍ والأُلْفةِ، وقيل: أَراد بها تحويلَها إلى الأَدْبارِ، وقيل: تغيير صُوَرِها إلى صُوَرٍ أُخرى.
وفي حديث الصلاة: ثم أُخالِفَ إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم، أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من إقامةِ الصلاةِ وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ، ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن الصلاة بمُعاقبتهم.
وفي حديث السَّقِيفةِ: وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي تَخَلَّفا.
والخَلْفُ: المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت؛ يقال: وراء بيتك خَلْفُ جيّد، وهو المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل؛ قال الشاعر: وجِيئا مِنَ البابِ الـمُجافِ تَواتُراً، ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ (* قوله «وجيئا إلخ» تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف: وجئنا من الباب المجاف تواتراً * وان تقعدا بالخلف فالخلف واسع.) وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه.
وجاء خِلافَه أَي بعده.
وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً، وخِلافك.
والخِلْفةُ: ما عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وقال: كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ الـمَحْمِلِ وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كذلك.
والإخْلافُ: أَن يَضْرِبَ الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إذا رأَى عدوًّا. الجوهري: أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه.
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف: أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر (* قوله «اخلف السيف يوم إلخ» كذا بالأصل، والذي في النهاية مع اصلاح فيها: وفي حديث عبدالرحمن بن عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر. يقال إلخ.). يقال: أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ.
ويقال: خَلَفَ له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه .
وفي الحديث: فأَخْلَفَ بيده وأَخذ يدفع الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه.
وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً.
وفي التنزيل العزيز: وقال موسى لأَخِيه هرون اخْلُفْني في قَوْمي.
وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده.
ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي.
واسْتَخْلفه: جعله خليفة.
والخَلِيفةُ: الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، جاؤوا به على الأصل مثل كريمةٍ وكرائِمَ، وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء، وأَما سيبويه فقال خَلِيفةٌ وخُلَفاء، كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا للمذكر؛ هذا نقل ابن سيده.
وقال غيره: فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء، قال ابن سيده: وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً، وقد حكاه أَبو حاتم؛ وأَنشد لأَوْس بن حَجَر: إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ، وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ والخِلافةٌ: الإمارةُ وهي الخِلِّيفَى.
وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ الخِلافةِ والخِلِّيفى.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لولا الخِلِّيفَى لأَذَّنْتُ، وفي رواية: لو أَطَقْتُ الأَذَان مع الخِلّيفى، بالكسر والتشديد والقَصْر، الخِلافةِ، وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتِهاده في ضَبْطِ أُمورِ الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داودُ إنَّا جَعَلْناك خَلِيفةً في الأرض.
وقال غيره: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم.
وقد يؤنَّثُ؛ وأَنشد الفراء: أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى، وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ قال: ولدته أُخْرَى لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ، وقال الفراء في قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض، قال: جعل أُمة محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم، قال: وقيل خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم بعضاً؛ ابن السكيت: فإنه وقَعَ للرجال خاصّة، والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، أَلا تَرَى أَنهم قد جمعوه خُلفاء؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير، وقد جُمعَ خَلائفَ، فمن قال خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ، فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة يذهب به إلى اللفظ، قال: وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ على فُعلاء.
ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابن سيده: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ عليها الإنسان، وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ، وهي كُوَرُها، ولكلِّ مِخْلافٍ منها اسم يعرف به، وهي كالرُسْتاقِ؛ قال ابن بري: المَخالِيفُ لأَهل اليمن كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ، والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ.
والخَلَفُ: ما اسْتَخْلَفْتَه من شيء. تقول: أَعطاك اللّه خَلَفاً مما ذهب لك، ولا يقال خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك.
وخَلفَه يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه.
والخَلَفُ: الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان، والخَلْفُ والخالِفةُ: الطَّالِحُ؛ وقال الزجاج: وقد يسمى خلَفاً، بفتح اللام، في الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بْسكانها، في الصّلاحِ، والأوّلُ أَعْرَفُ. يقال: إنه لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى الكسْر.
وفي هؤلاء القَوْمِ خَلَفٌ مـمن مَضى أَي يقومون مَقامهم.
وفي فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو طالحاً فهو خَلَفٌ.
ويقال: بئسَ الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ.
والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بعد القَرْن، وقد خلَفوا بعدهم يخلُفون.
وفي التنزيل العزيز: فخَلَفَ من بعدهم خلْفٌ أَضاعوا الصلاةَ، بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء لا مَحالةَ، ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ، قَرْناً كان أَو ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ.
وقال الفراء: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ ورثُوا الكتاب، قال: قَرْنٌ. ابن شميل: الخَلَفُ يكون في الخَير والشرّ، وكذلك الخَلْفُ، وقيل: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء. يقال: هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس أَكثر منهم، وهذا خَلْف سَوْء؛ قال لبيد: ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ، وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ قال ابن سيده: وهذا يحتمل أَن يكون منهما جميعاً، والجمع فيهما أَخْلافٌ وخُلُوفٌ.
وقال اللحياني: بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي بقيّة سَوْء.
وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أَي بَقِيّة. أَبو الدُّقَيْشِ: يقال مضى خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ لا خيرَ فيه، وخلفٌ صالح، خفَّفهما جميعاً. ابن السكيت: قال هذا خَلْف، بإِسكان اللام، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء من القول؛ يقال: هذا خَلْفٌ من القولِ أَي رَديء.
ويقال في مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً، للرجل يُطيل الصَّمْتَ، فإذا تكلم تكلم بالخَطإ، أَي سكت عن أَلف كلمة ثم تكلم بخطإٍ.
وحكي عن يعقوب قال: إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عنى بالنُّطْق ههنا الضَّرْطَ.
والخَلَف، مَثَقَّل، إذا كان خَلفاً من شيء.
وفي حديث مرفوع: يَحْمِلُ هذا العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ؛ قال القعنبي: سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث فأَعجبه . قال ابن الأَثير:الخَلَفُ، بالتحريك والسكون، كل من يجيء بعد من مضى، إلا أَنه بالتحريك في الخير، وبالتسكين في الشر: يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء، ومعناهما جميعاً القَرْن من الناس، قال: والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ، ومن السكون الحديث: سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وفي حديث ابن مسعود: ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم (* قوله «تخلف من بعدهم» في النهاية: تختلف من بعده.) ؛ خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ.
وفي الحديث: فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ فصارت فيه بعده، وخِلافُ الشيء بعدَه.
وفي الحديث: فدخَل ابنُ الزبير خِلافَه.
وحديث الدَّجّال: قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم (* قوله «ذراريهم» في النهاية: ذريتهم.) .
وحديث أَبي اليَسَرِ: أَخْلَفْتَ غازِياً في سبيل اللّه في أَهلِه بمثل هذا؟ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ بعدَه فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام.
وفي حديث ماعزٍ: كلَّما نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ التَّيْسِ؛ وفي حديث الأَعشى الحِرْمازِي: فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ أَي بَقِيَتْ بعدي؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بالتشديد لكان بمعنى تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ:الغضب.
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً.
وأَعْطِه هذا خَلَفاً من هذا أَي بدلاً.
والخالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ لأَنها بدل مـمن قبلها؛ وأَنشد: كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ أَبيه يَخْلُف خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه.
وخَلَفَه رَبُّه في أَهلِه وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه خِلافةً حسَنةً: كان خَلِيفةً عليهم منه، يكون في الخير والشر، ولذلك قيل: أَوْصى له بالخِلافةِ.
وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً، وخَلَف بعده يَخْلُفُ خُلوفاً، وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه.
وهي الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ.
وأخْلَفَتِ الأَرضُ إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها.
والخِلْفة: زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير.
والخِلْفةُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم.
والخِلْفةُ: ما أَنبت الصَّيْفُ من العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وقد اسْتخلفت الأرض، وكذلك ما زُرع من الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ.
وفي حديث جرير: خيرُ الـمَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة، وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في الصيف.
وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي: حتى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر.
والخِلْفةُ: الرّيحةُ وهي ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد، وهو من الصَّفَرِيَّةِ.
والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دون ورق.
والخِلْفةُ: شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ بعدما يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك هو من سائر الثَّمر.
والخِلفةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ جديدٍ؛ حكاه أَبو حنيفة.
وخِلْفةُ الثَّمر: الشيء بعد الشيء.
والإخْلافُ: أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ.
ويقال: قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا أَخرج ورقاً بعد ورق قد تناثر.
وخِلْفة الشجر: ثمر يخرج بعد الثمر الكثير.
وأَخْلَفَ الشجرُ: خرجت له ثمرة بعد ثمرة.
وأَخْلَفَ الطائر: خرج له ريشٌ بعد ريش.
وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى.
ورجلان خِلْفةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر.
والخِلْفةُ: اختلاف الليلِ والنهار.
وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة؛ أَي هذا خَلَفٌ من هذا، يذهَب هذا ويجيء هذا؛ وأَنشد لزهير: بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً، وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ وقيل: معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في ألوانها وهيئتها، وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها، تذهب كذا وتجيء كذا.
وقال الفراء: يكون قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في النهار فجعل هذا خلَفاً من هذا.
ويقال: علينا خِلْفةٌ من نهار أَي بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من ماء؛ وكل شيء يجيء بعد شيء، فهو خِلْفة. ابن الأعرابي: الخِلْفة وَقْت بعد وقت.
والخَوالِفُ: الذين لا يَغْزُون، واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من غزا.
والخَوالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ الـمُتَخَلِّفُون.
وقَعَدَ خِلافَ أَصحابه: لم يخرج معهم، وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك.
والخِلافُ: الـمُخالَفةُ؛ وقال اللحياني: سُرِرْتُ بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم، وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وقيل: معناه سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ ذهابهم. ابن الأعرابي: الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء في الدار.
وقوله تعالى: وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً، ويقرأُ خَلْفَك ومعناهما بعدَك.
وفي التنزيل العزيز: فَرِحَ الـمُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ الله، ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله؛ قال ابن بري: خِلافَ في الآية بمعنى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي: عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنـَّما نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا قال: ومثله لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي: وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي، خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم قال: ومثله للبريق الهذلي: وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم، بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ وأَنشد لأَبي ذؤيب: فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ كأَنـَّها، خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ وأَنشد لآخر: فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ الذي مضَى: تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ (* قوله «يبقى» في شرح القاموس: يبغي.) وأَنشد لأَوْس: لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لـمُتَمِّم: وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ، خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا وتقول: خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر، والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ.
ويقال: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ، والخُلوفُ الحُضُورُ الـمُتَخَلِّفُون؛ قال أَبو زبيد لطائي: أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ أَي لم يَبْقَ منهم أَحد؛ قال ابن بري: صواب إنشاده: أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان منزله بالحيرة.
والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عن المِيعاد؛ قال أَبو ذؤيب: تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ، ولم تَشْعُرْ إذاً أَني خَلِيفُ والخَلْفُ والخِلْفةُ: الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ.
والإخْلافُ: الاسْتِقاء.
والخالِفُ: الـمُسْتَقِي.
والـمُسْتَخْلِفُ: الـمُسْتَسْقِي؛ قال ذو الرمة: ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ، لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ وقال الحطيئة: لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها على عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع الـمَصْدَرَ موضعه، وقوله حواصِلُه قال الكسائي: أَراد حواصل ما ذكرنا، وقال الفراء: الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع، لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ فيه تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر: مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ لأَن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب والحِجاب، ويقال: الهاء ترجع إلى النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره للقطا، وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال: الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛ قال أَبو منصور: والصواب عندي ما قال أَبو عمرو إنه الخَلْف، بفتح الخاء، قال: ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد.
واسْتَخْلَفَ الـمُسْتَسْقي، والخَلْفُ الاسم منه. يقال: أَخْلَفَ واسْتَخْلَف.
والخَلْفُ: الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم.
وفي التهذيب:الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم.
واستخلف الرجلُ: اسْتَعْذَب الماء.
واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ: سقاه؛ قال الحطيئة: سَقلها فَروّاها من الماء مُخْلِفُ ويقال: من أَين خِلْفَتُكم؟ أَي من أَين تستقون.
وأَخلف واستخلف: استقى.
وقال ابن الأعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب، وهم في ربيع، ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح، ولا يكون الإخْلافُ إلا في الربيع، وهو في غيره مستعار منه. قال أَبو عبيد: الخِلْفُ والخِلْفَةُ من ذلك الاسم، والخَلْفُ المصدر؛ لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد؛ قال ابن سيده: وأَراه منه غلطاً.
وقال اللحياني: ذهب الـمُسْتَخْلِفُونَ يسْتَقُون أَي المتقدمون.
والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مـما أُخذ أَو ذهَب.
وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر؛ قال ابن مقبل: فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إنما المالُ عارةٌ، وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه يقال: اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ.
ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ منه كالأَب والأَمّ والعمّ: خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً، وخَلف عليك خيراً وبخير وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً، ولمن هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو ذهَب من ولد أَو مال: أَخْلَفَ الله لك وخَلَف لك. الجوهري: يقال لمن ذهب له مال أَو ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ: أَخلف الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب، فإن كان قد هلك له والد أَو عمّ أَو أَخ قلت: خلف الله عليك، بغير أَلف، أَي كان الله خليفةَ والدِك أَو مَنْ فَقَدتَه عليك.
ويقال: خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عليك خيراً أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه؛ وقيل: يقال خلَف الله عليك إذا مات لك ميّت أَي كان الله خَليفَتَه عليك، وأَخلف الله عليك أَي أَبْدَلك.
ومنه الحديث: تَكَفَّل الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت: اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ لهم بعده.
وحديث أُم سلمة: اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه. اليزِيدِيُّ: خلَف الله عليك بخير خِلافة. الأَصمعي: خلف الله عليك بخير، إذا أَدخلت الباء أَلْقَيْتَ الأَلف.
وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب.
وخَلَفَ الله عليك أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك.
والإخْلافُ: أَن يُهْلِكَ الرجلُ شيئاً لنفسه أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه.
والخَلْفُ: النَّسْلُ.
والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ. يقال: هو خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام مَقامِه؛ وقال الأخفش: هما سواء، منهم مَن يُحرّك، ومنهم من يسكن فيهما جميعاً إذا أَضاف، ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق بينهما؛ قال الراجز: إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ قال ابن بري: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة، قال: والصحيح في هذا وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي يَخْلُفُه من بعده، يأْتي بمعنى البدل فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً؛ ومنه قولهم: هذا خَلَفٌ مـما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه، ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً، وهو العدم والتَّلَفُ؛ ومنه الحديث: اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي عِوَضاً، يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ وخِلافةً.
وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ؛ ومنه خَلَف الله عليك بخير خلَفاً وخِلافةً، والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، والجمع خُلفاء وخَلائفُ، فالخَلَفُ في قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف، وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ سَوء، وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ طالحٌ، هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون خليفةً، والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه. قال: وحكى أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ؛ قال: وشاهد الضم في مُسْتَقْبل فِعْلِه قولُ الشمَّاخ: تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا الـمَنايا، وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ قال: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فهو الذي يَجيء بعد. يقال: خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فهم خالِفون. تقول: أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده.
وفي حديث ابن عباس: أَن أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أَنت؟ قال: أَنا الخالِفةُ بعدَه. قال ابن الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه، والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ مثل ظَريفٍ وظُرَفاء، ويجمع على اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما الخالِفةُ، فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضُعاً وهَضماً من نفسه حِين قال له: أَنتَ خليفةُ رسولِ الله.
وسمع الأَزهري بعض العرب، وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال: هو خالِفتي أَي وارِدٌ بعدي. قال: وقد يكون الخالِفُ الـمُتَخَلِّف عن القوم في الغَزْوِ وغيره كقوله تعالى: رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ، قال: فعلى هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن، والخَلْفُ المتخلف عن الأَول، هالكاً كان أَو حيّاً.
والخَلْفُ: الباقي بعد الهالك والتابع له، هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سمي به المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل، وجمعه خُلُوفٌ كقَرْنٍ وقرون؛ قال: ويكون محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت الأَنصاري:لَنا القَدَمُ الأُولى إليك، وخَلْفُنا، لأَوَّلِنا في طاعةِ الله، تابِعُ فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو البدَلُ، قال: وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون؛ وعليه قوله عز وجل: فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب، قال: وهو الصحيح.
وحكى أَبو الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء التحريكَ والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل والخِلافةِ، والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم؛ قال: وشاهد المذموم قول لبيد: وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ قال: ويستعار الخَلْفُ لـما لا خير فيه، وكلاهما سمي بالمصدر أَعني المحمود والمذموم، فقد صار على هذا للفِعْل معنيان: خَلَفْتُه خَلَفاً كنت بعده خَلَفاً منه وبدلاً، وخَلَفْتُه خَلْفاً جئت بعده، واسم الفاعل من الأَول خَليفة وخَلِيفٌ، ومن الثاني خالِفةٌ وخالِفٌ؛ ومنه قوله تعالى: فاقعُدوا مع الخالفين. قال: وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما بَيَّنّاه.
وهو من أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه.
والخِلافُ: الـمُضادّةُ، وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً.
وفي المثل: إنما أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ منه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسّره بذلك.وقولهم: هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان أَي يأَْتيها إذا غاب عنها.
وخَلَفَ فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله.
ويقال: خلَف فلان بعَقبِي إذا فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر؛ قال أَبو منصور: وهذا أَصح من قولهم إنه يخالفه إلى أَهله.
ويقال: إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى غيره إذا غاب عنها؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فأَنشده هذا الرجز: إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ، خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ، فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ، أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ وأَخْلَفَ الغُلامُ، فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛ وقول أَبي ذؤيب: إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها، وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ (* قوله «في بيت نوب إلخ» تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل الصواب في الضبط ما هنا.) معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى، فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك، ومن رواه وحالَفَها فمعناه لزِمَها.
والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي: زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه من ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ قال السكري: الأَخْلَفُ الـمُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد شِقَّيْه، وقيل: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ.
وخالفه إلى الشي: عَصاه إليه أَو قصَده بعدما نهاه عنه، وهو من ذلك.
وفي التنزيل العزيز: وما أُريد أَن أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه. الأَصمعي: خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً آخر بعد فِراقِه، وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه.
والخِلافُ: الخُلْفُ؛ وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد: أَحَسْتَ فلاناً؟ فيُجِيبُه: خالِفَتي؛ يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ عنه. الليث: رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ.
ويقال: بعير أَخْلَفُ بيًّنُ الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ في البعير أَن يكون مائلاً في شق. ابن سيده: وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة وخِلَفْناةٌ أَي خِلافٌ.
ورجل خِلَفْناة: مُخالِفٌ.
وقال اللحياني: هذا رجل خِلَفْناة وامرأَة خِلَفْناة، قال: وكذلك الاثنان والجمع؛ وقال بعضهم: الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور والإناث.
ويقال: في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، والنون زائدة، وذلك إِذا كان مُخالِفاً.
وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لم يَتَّفِقا.
وكلُّ ما لم يَتَساوَ، فقد تَخالف واخْتَلَفَ.
وقوله عز وجل: والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُه؛ أَي في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل: كيف يكون أَنـْشأَه في حال اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه؟ فالجواب في ذلك أَنه قد ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء، فأَعلم جل ثناؤه أَن الـمُنْشئ له في حال اخْتِلافِ أُكُلِه هو، ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه مختلفاً أُكُله لأَن المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول: لتَدْخُلَنَّ منزل زيد آكلاً شارباً أَي مُقَدِّراً ذلك، كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل معه صَقْر صائداً به غداً أَي مُقَدِّراً به الصيدَ، والاسم الخِلْفةُ.
ويقال: القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وهما خِلْفان أَي مختلفان، وكذلك الأُنثى؛ قال: دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما أَي إحداهما مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو إِحداهما جديدة والأُخرى خَلَقٌ. قال الحياني: يقال لكل شيئين اختلفا هما خِلْفان، قال: وقال الكسائي هما خِلْفَتانِ، وحكي: لها ولَدانِ خِلْفانِ وخِلْفتانِ، وله عَبدان خِلْفان إذا كان أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً، أَو كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود، وله أَمتان خِلْفان، والجمع من كل ذلك أَخْلافٌ وخِلْفةٌ.
ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً وعاماً أُنثى.
وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى.
ويقال: بنو فلان خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث.
والتَّخاليف: الأَلوان المختلفةُ.
والخِلْفةُ: الهَيْضةُ. يقال: أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى الـمُتَوَضَّإِ.
ويقال: به خِلفة أَي بَطنٌ وهو الاختلاف، وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء.
والـمَخْلُوفُ: الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ.
وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا يشتهي الطعام.
وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً، ولا يكون إلا عن مرَض. الليث: يقال اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة.
والخَلْفُ والخالِف والخالِفةُ: الفاسِدُ من الناس، الهاء للمبالغة.
والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت. ابن الأَعرابي: الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء، والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء مجتمعين في الحيّ، وهو من الأَضداد.
وقوله عز وجل: رضوا بأن يكونوا مع الخَوالِف؛ قيل: مع النساء، وقيل: مع الفاسد من الناس، وجُمِع على فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هذا عن الزجاج.
وقال: عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان مُخالفاً.
ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في منزلها.
وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس.
ويقال: خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم.
وفي الحديث: أَن اليهود قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا راعِيَ لهنَّ ولا حامِيَ. يقال: حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام النساء ويطلق على المقيمين والظَّاعِنين؛ ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ: ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي رجالنا غُيَّبٌ.
وفي حديث الخُدْريِّ: فأَتينا القوم خُلوفاً.
والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابن سيده: الخَلْفُ الفَأْس العظيمة، وقيل: هي الفأْس برأْس واحد، وقيل: هو رأْس الفأْس والمُوسى، والجمع خُلوفٌ.
وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ (* قوله «ذات خلفين» قال في القاموس: ويفتح.) أَي لها رأْسان، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ.
والخَلْفُ: المِنْقارُ الذي يُنْقَرُ به الخشب.
والخَلِيفان: القُصْرَيانِ.
والخِلْفُ: القُصَيْرى من الأَضْلاعِ، بكسر الخاء (* قوله «بكسر الخاء» أَي وتفتح وعلى الفتح اقتصر المجد.).
وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها.
والخِلْفُ، بالكسر: واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه. الجوهري: الخِلْفُ أَقصر أَضلاع الجنب، والجمع خلوف؛ ومنه قول طرفةَ بن العبد: وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه، وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ والخلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وقيل: هو الضَّرْعُ نفْسُه، وخص بعضهم به ضرع الناقة وقال: الخِلف، بالكسر، حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان والآخِران.
وقال اللحياني: الخِلْفُ في الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ في الحافِر والظُّفُر، وجمع الخِلْف أَخْلافٌ وخُلوفٌ؛ قال: وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري خُلوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ وتقول: خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من أَخْلافِها؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لطرفة: وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه قال الليث: الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه؛ وقال الراجز: كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما دَرَّا يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها.
وفي الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قال: فتركت أَخْلافَها قائمة؛ الأَخْلافُ جمع خِلف، بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُفّ وظِلْفٍ، وقيل: هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع. أَبو عبيد: الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط، والخَلِيفانِ من الإبل كالإبْطين من الإنسان، وخَليفا الناقةِ إبْطاها، قال كثير: كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ المكا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه، والرَّحى الكِرْكِرةُ، وبُنَى جمع بُنْيةٍ، والصَّيْدن هنا الثعلب؛ وقيل: دُوَيْبَّةٌ تعمل لها بيتاً في الأَرض وتُخْفيه.
وحلَبَ الناقة خَلِيفَ لِبَئِها، يعني الحلْبة التي بعد ذَهاب اللِّبا.
وخلَفَ اللبنُ وغيره وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما: تغَيَّر طَعْمُه وريحه.
وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ.
وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد، وبعضهم يقول: أَخْلَفَ إذا حَمُضَ، وإنه لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. الليث: الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه.
وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلوفاً وخُلوفة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لغة في خَلَفَ؛ ومنه: ونَوْم الضُّحى مَخْلَفةٌ للفم أَي يُغَيِّرُه.
وقال اللحياني: خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر.
وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير فُوه، وهو الذي يَبْقى بين الأسنان.
وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي تغيرت رائحتُه.
وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فم الصائم، وفي رواية: خِلْفةُ فمِ الصائم أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ؛ الخِلْفةُ، بالكسر: تغَيُّرُ ريحِ الفم، قال: وأَصلها في النبات أَن ينبت الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى.
وخلَف فمُه يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً؛ قال أَبو عبيد: الخُلوف تغير طعم الفم لتأَخُّرِ الطعام ومنه حديث عليّ، عليه السلام، حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال: وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها.
ويقال: خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي تَخْلُفُ خُلوفاً إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض.
ويقال: خلَفَ الرجل عن خُلُق أَبيه يَخْلُف خُلوفاً إذا تغَيَّر عنه.
ويقال: أَبيعُكَ هذا العَبْدَ وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذو خُلْفةٍ، وقال ابن بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللحياني: هذا رجل خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه.
وعبد خالِفٌ: قد اعتزل أَهلَ بيته.
وفلان خالِفُ أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه، وقد خَلَفَ يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً.
والخالفةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ.
ورجل أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ مَخْرَجَ قُعْدُدٍ.
وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ، بغير هاء: وهي الحَمْقاء.
وخلَفَ فلان أَي فسَد.
وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم يُفْلِح، فهو خالِفٌ وهي خالِفة.
وقال اللحياني: الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون قُدَّامَ البيتِ.
وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جعل له خالِفةً، وقيل: الخالِفةُ عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء.
والخَوالِفُ: العُمُد التي في مُؤَخَّر البيت، واحدتها خالِفةٌ وخالِفٌ، وهي الخَلِيفُ. اللحياني: تكون الخالِفةُ آخِرَ البيت. يقال: بيت ذو خالِفَتَيْن.
والخَوالِفُ: زَوايا البيت، وهو من ذلك، واحدتها خالِفةٌ. أَبو زيد: خالِفةُ البيتِ تحتَ الأَطناب في الكِسْر، وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة، وجمع الخالفة خَوالِفُ وهي الزَّوايا؛ وأَنشد: فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في بِناء الكعبة: قال لها لَوْلا حِدْثان قَوْمِك بالكفر بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن، فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد أَن يجعل لها بابين، والجِهةُ التي تُقابِل البابَ من البيت ظهرُه، فإذا كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ، ويروى بكسر الخاء، أَي زِيادَتَيْن كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الوجه. أَبو مالك: الخالِفةُ الشُّقّةُ المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مـما يلي الأَرض من كِلا الشِّقَّين.
والإخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مـما يَلي خُصْيَيِ البعير لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه.
وقال اللحياني: إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به الحَقَبَ لأَنه يقال حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يعني أَن الحَقَب وقَع على مَبالِه، ولا يقال ذلك في الناقة لأَن بولها من حَيائها، ولا يبلغ الحقَبُ الحَياء.
وبعير مَخْلوفٌ: قد شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا حَقِبَ.
والإخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ لئلا يَقْطَعَه. يقال: أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل.
والأَخْلَفُ من الإبل: المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً. الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عن البعير إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ الحَقَبَ فتجعلُه مما يلي خُصْيَي البعير.
والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وقيل: أَصله التَّثْقِيلُ ثم يُخَفَّفُ.
والخُلْفُ، بالضم: الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل كالكذب في الماضي.
ويقال: أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا يفْعَله على الاستقبال.
والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قال شُبْرمةُ بن الطُّفَيْل:أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ لَمِيقاتُ يَومٍ، ما لَهُنَّ خُلُوفُ وقد أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلفَه: وجَده قد أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قال الأَعشى: أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا، فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا أَي مضت الليلة. قال ابن بري: ويروى فمضى، قال: وقوله فمضى الضمير يعود على العاشق، وقال اللحياني: الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ الرجلُ الرجلَ العِدةَ فلا يُنجزها.
ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ لوَعْدِه.
والإخْلافُ: أَن يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب. اللحياني: رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ.
والخُلْفُ: اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ.
ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد: إنه لمِخْلافٌ.
وفي الحديث: إذا وعَدَ أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ، والاسم منه الخُلْفُ، بالضم.
ورجل مُخالِفٌ: لا يكاد يُوفي.
والخِلافُ: المُضادَّة.
وفي الحديث: لمَّا أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله: إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم؛ وقال الزمخشري: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله لزَيْد بن عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه، ويجوز أَن يُرِيدَ به الذي لا خير عنده؛ ومنه الحديث: أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه.
وأَخْلَفَتِ النجومُ: أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن لِنَوْئِها مطر، وأَخْلَفَتْ عن أَنْوائها كذلك؛ قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ: بِيض مَساميح في الشّتاء، وإن أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه، وبَلُوا والخالِفةُ: اللَّجوجُ من الرجال.
والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة.
والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وجمعها خَلِفٌ، بكسر اللام، وقيل: جمعها مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة؛ قال ابن بري: شاهده قول الراجز: ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ وقيل: هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ؛ وقال ابن الأَعرابي: إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ.
وخَلَفَت العامَ الناقةُ إذا ردَّها إلى خَلِفة.
وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هذه عن اللحياني.
والإخْلافُ: أَن تُعِيد عليها فلا تَحْمِل، وهي المُخْلِفةُ من النوق، وهي الرَّاجع التي توهَّموا أَنَّ بها حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ، وفي الصحاح: التي ظهر لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم تكن كذلك.
والإخلافُ: أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ.
والإخْلافُ: أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله؛ يقال: بَعِير مُخْلِفٌ.
والمُخْلِف من الإبل: الذي جاز البازِلَ؛ وفي المحكم: بعد البازِل وليس بعده سِنّ، ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين، وكذلك ما زاد، والأَنثى بالهاء، وقيل: الذكر والأُنثى فيه سواء؛ قال الجعدي: أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ أَخْلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَلْ وكان أَبو زيد يقول: لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها حول بعد البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً، وقيل: الإخْلافُ آخِرُ الأَسنان من جميع الدوابّ.
وفي حديث الدِّيةِ: كذا وكذا خَلِفةً؛ الخَلِفةُ، بفتح الخاء وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفاتٍ وخلائِفَ، وقد خلِفَت إذا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ.
وفي الحديث: ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وفي حديث هدم الكعبة: لما هدموها ظهر فيها مِثْلُ خَلائفِ الإبل، أَراد بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل.
والخَلِيفُ من السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد لساعِدةَ بن جُؤيَّةَ (* قوله «جؤية» صوابه العجلان كما هو هكذا في الديوان، كتبه محمد مرتضى ا هـ. من هامش الأصل بتصرف.): ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الماء، وقيل: الوادي بين الجبَلين؛ قال: خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق والخَليفُ: فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول.
والخلِيفُ: تَدافُع (* قوله «والخليف تدافع إلخ» كذا بالأصل.
وعبارة القاموس وشرحه: أو الخليف مدفع الماء بين الجبلين.
وقيل: مدفعه بين الواديين وأنما ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.) الأَوْدية وإنما يَنتهي المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ.
والخلِيفُ: الطَّريقُ بين الجبلين؛ قال صخر الغي: فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي، تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جمع طَريق مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، ومنه قولهم ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً؛ قال كثِّير: وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا قال ابن بري: صواب إنشاده بِذِفْرَى، وقيل: هو الطريق في أَصل الجبل، وقيل: هو الطريق وراء الجبل، وقيل: وراء الوادي، وقيل: الخَلِيفُ الطريق في الجبل أَيّاً كان، وقيل: الطريق فقط، والجمع من كل ذلك خُلُفٌ؛ أَنشد ثعلب: في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قال أَبو ذؤيب: تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ بمَخْلَفَةٍ، إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ ويقال: عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق الوسطى.
وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ، بفتح الخاء وكسر اللام، قال ابن الأَثير: جبل بمكة يُشْرِفُ على أَجْيادٍ؛ وقول الهُذلي: وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً، إذا بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ مَخْلَفَةُ مِنًى: حيث يَنْزل الناس.
ومَخْلَفة بني فلان: مَنْزِلُهم .
والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حيث يَمُرُّون.
وفي حديث معاذ: من تخلّف (* قوله «تخلف» كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله «مخلاف عشيرته» كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل؛ أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها.
وقال أَبو عمرو: يقال اسْتُعْمِلَ فلان على مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف والنَّواحُ.
وقال خالد بن جَنْبَة: في كل بلد مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة والكوفة.
وقال: كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في مِخْلافِ المدينة وهم في مِخلاف اليمامة.
وقال أَبو معاذ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وهو أَن يكون لكل قوم صَدقةٌ على حِدة، فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي كان يُؤدِّي إليها.
وقال الليث: يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند اليمن كالرُّستاق، والجمع مخالِيفُ. اليزيدِيّ: يقال إنما أَنتم في خَوالفَ من الأرض أَي في أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً.
وفي حديث ذي المِشْعارِ: من مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ؛ هما قبيلتان من اليمن. ابن الأَعرابي: امرأة خَلِيفٌ إذا كان عَهْدُها بعد الولادة بيوم أَو يومين.
ويقال للناقة العائذ أَيضاً خَلِيفٌ. ابن الأعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يقال: اجعله في متنِ خِلافِك أَي في وَسطِ كُمّكَ.
والمَخْلُوفُ: الثوبُ الـمَلْفُوقُ.
وخلَفَ الثوبَ يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وهو خَلِيفٌ؛ المصدر عن كراع: وذلك أَن يَبْلى وسَطُه فيُخْرِجَ البالي منه ثم يَلْفِقَه؛ وقوله: يُرْوي النَّديمَ، إذا انْتَشى أَصحابُه أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ قال: يجوز أَن يكون المَخْلُوفُ هنا المُلَفَّق، وهو الصحيح، ويجوز أَن يكون المرْهُونَ، وقيل: يريد إذا تَناشى صحبُه أُمْ ولده من العُسْر فإنه يُرْوي نَديمَه وثوبه مخلُوف من سُوء حاله.
وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لغة في خَلَفْتُه إذا أَصْلَحْتَه؛ قال الكميت يصف صائداً: يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ، كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً.
وما أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هو أَي أَيّ الناسِ هو.
وحكى كراع في هذا المعنى: ما أَدري أَيُّ خالِفةَ، هو غير مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ الناس هو، وهو غير مصروف للتأْنيث والتعريف، أَلا ترى أَنك فسرته بالناس؟ وقال اللحياني: الخالفةُ الناس، فأَدخل عليه الأَلف واللام. غيره ويقال ما أَدري أَيُّ خالِفةَ وأَيُّ خافِيةَ هو، فلم يُجْرِهما، وقال: تُرِكَ صَرْفُه لأَنْ أُرِيدَ به المَعْرِفةُ لأَنه وإن كان واحداً فهو في موضع جماع، يريد أَيُّ الناس هو كما يقال أَيُّ تَمِيم هو وأَيُّ أَسَد هو.
وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إبلك بالعشيِّ بَعدما يذهَبُ الناسُ.
والخِلْفةُ: الدوابُّ التي تختلف.
ويقال: هن يمشين خِلْفة أَي تذهب هذه وتَجيء هذه؛ ومنه قول زهير: بها العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً، وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ وخلَفَ فلانٌ على فلانة خِلافةً تزوّجها بعد زوج؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: فإنْ تَسَلي عَنَّا، إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ مَخالِيفَ حُدْباً، لا يَدِرُّ لَبُونُها مَخالِيفُ: إبل رعت البقل ولم تَرْعَ اليَبِيسَ فلم يُغْن عنها رَعْيُها البقلَ شيئاً.
وفرس ذو شِكالٍ من خِلافٍ إذا كان في يده اليمنى ورجله اليسرى بياض. قال: وبعضهم يقول له خَدَمتانِ من خِلافٍ أَي إذا كان بيده اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره.
والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وهو بأَرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو شجر عِظام، وأَصنافُه كثيرة وكلها خَوّارٌ خَفيفٌ؛ ولذلك قال الأَسود: كأَنَّكَ صَقْبٌ من خِلافٍ يُرى له رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ الصَّقْبُ: عَمُودٌ من عمد البيت، والواحد خِلافةٌ، وزعموا أَنه سمّي خِلافاً لأَن الماء جاء بِبَزره سبيّاً فنبت مُخالِفاً لأَصْلِه فسمّي خِلافاً، وهذا ليس بقويّ. الصحاح: شجر الخِلافِ معروف وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛ وأَما قول الراجِز: يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفافِ تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ فإنما يريد أَنها من شجر مُخْتَلِفٍ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها الخِلافُ لأَن ذلك لا يكاد يكون بالبادية.
وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.

أمم (لسان العرب) [0]


الأمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَنمَّه وتَيَمَّمَهُ، الأَخيراتان على البَدل؛ قال: فلم أَنْكُلْ ولم أَجْبُنْ، ولكنْ يَمَمْتُ بها أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو ويَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قال رؤبة: أَزْهَر لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ، مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ (* قوله «أزهر إلخ» تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه).
وتَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته.
وفي حديث ابن عمر: مَن كانت فَتْرَتُهُ إِلى سُنَّةٍ فَلأَمٍّ ما هو أَي قَصْدِ الطريق المُسْتقيم. يقال: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه. قال: ويحتمل أَن يكون الأَمُّ أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد، وإِن كانت الرواية بضم الهمزة، فإِنه يرجع إِلى . . . أكمل المادة أَصله (* قوله «إلى أصله إلخ» هكذا في الأصل وبعض نسخ النهاية وفي بعضها إلى ما هو بمعناه باسقاط لفظ أصله). ما هو بمعناه؛ ومنه الحديث: كانوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم في الصدَقة أَي يَتَعَمَّدون ويَقْصِدون، ويروى يَتَيَمَّمون، وهو بمعناه؛ ومنه حديث كعب بن مالك: وانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي حديث كعب بن مالك: فتَيمَّمت بها التَّنُّور أَي قَصَدت.
وفي حديث كعب بن مالك: ثم يُؤمَرُ بأَمِّ الباب على أَهْلِ النار فلا يخرج منهم غَمٌّ أَبداً أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عليهم.
وتَيَمَّمْت الصَّعيد للصلاة، وأَصلُه التَّعَمُّد والتَّوَخِّي، من قولهم تَيَمَّمْتُك وتَأَمَّمْتُك. قال ابن السكيت: قوله: فَتَيَمَّمُوا صعِيداً طيِّباً، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثم كَثُر استعمالُهم لهذه الكلِمة حتى صار التَّيَمُّم اسماً علَماً لِمَسْح الوَجْه واليَدَيْن بالتُّراب. ابن سيده:والتَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب على البَدل، وأَصْله من الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ به. ابن السكيت: يقال أَمَمْتُه أَمًّا وتَيَمَّمته تَيَمُّماً وتَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قال: ولا يعرف الأَصمعي أَمَّمْتُه، بالتشديد، قال: ويقال أَمَمْتُه وأَمَّمْتُه وتَأَمَّمْتُه وتَيَمَّمْتُه بمعنى واحد أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته. قال: والتَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ من هذا، وصار التيمم عند عَوامّ الناس التَّمَسُّح بالتراب، والأَصلُ فيه القَصْد والتَّوَخِّي؛ قال الأَعشى: تَيَمَّمْتُ قَيْساً وكم دُونَه، من الأَرض، من مَهْمَهٍ ذي شزَنْ وقال اللحياني: يقال أَمُّو ويَمُّوا بمعنى واحد، ثم ذكَر سائر اللغات.
ويَمَّمْتُ المَرِيضَ فَتَيَمَّم للصلاة؛ وذكر الجوهري أَكثر ذلك في ترجمة يمم بالياء.
ويَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته دون مَن سواه؛ قال عامر بن مالك مُلاعِب الأَسِنَّة: يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثم قلت له: هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ وقال ابن بري في ترجمة يَمم: واليَمامة القَصْد؛ قال المرَّار: إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عنها، تَيَمَّمَتْ يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ وجَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، وناقة مِئَمَّةٌ كذلك، وكلُّه من القَصْد لأَن الدَّليلَ الهادي قاصدٌ.
والإِمَّةُ: الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين.
وفي التنزيل العزيز: إِنَّا وجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ؛ قاله اللحياني، وروي عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز: على إِمَّةٍ. قال الفراء: قرئ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ، وهي مثل السُّنَّة، وقرئ على إِمَّةٍ، وهي الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: والإِمَّةُ أيضاً النَّعِيمُ والمُلك؛ وأَنشد لعديّ بن زيد: ثم، بَعْدَ الفَلاح والمُلك والإِمْــــمَةِ، وارَتْهُمُ هناك القُبورُ قال: أَراد إِمامَة المُلك ونَعِيمه.
والأُمَّةُ والإِمَّةُ: الدَّينُ. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: كان الناسُ أُمَّةً واحدةً فبعَث اللهُ النَّبِيِّين مُبَشِّرين ومُنْذِرين، أي كانوا على دينٍ واحد. قال أَبو إِسحق: وقال بعضهم في معنى الآية: كان الناس فيما بين آدم ونوح كُفّاراً فبعَث الله النبيِّين يُبَشِّرون من أَطاع بالجنة ويُِنْذِرون من عَصى بالنار.
وقال آخرون: كان جميع مَن مع نوح في السفينة مؤمناً ثم تفرَّقوا من بعد عن كُفر فبعث الله النبيِّين.
وقال آخرون: الناسُ كانوا كُفّاراً فبعث الله إبراهيم والنَّبيِّين من بعدهِ. قال أَبو منصور (* قوله «قال أبو منصور إلخ» هكذا في الأصل، ولعله قال أبو منصور: الأمة فيما فسروا إلخ): فيما فسَّروا يقع على الكُفَّار وعلى المؤمنين.
والأُمَّةُ: الطريقة والدين. يقال: فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ له ولا نِحْلة له؛ قال الشاعر: وهَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ وكَفُورُ؟ وقوله تعالى: كُنْتُمْ خير أُمَّةٍ؛ قال الأَخفش: يريد أَهْل أُمّةٍ أَي خير أَهْلِ دينٍ؛ وأَنشد للنابغة: حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً، وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟ والإِمَّةُ: لغة في الأُمَّةِ، وهي الطريقة والدينُ.
والإِمَّة: النِّعْمة؛ قال الأَعشى: ولقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ، وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها والإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عن اللحياني.
والإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ والشأْن.
وقال ابن الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش والنعْمةُ؛ وبه فسر قول عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه: فهلْ لكُمُ فيكُمْ، وأَنْتُم بإِمَّةٍ عليكم عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ والإِمَّةُ، بالكسر: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يقال: هو في إِمَّةٍ من العَيْش وآمَةٍ أَي في خِصْبٍ. قال شمر: وآمَة، بتخفيف الميم: عَيْب؛ وأَنشد:مَهْلاً، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْـ ـلاً إِنَّ فيما قلتَ آمَهْ ويقال: ما أَمّي وأَمُّه وما شَكْلي وشَكله أَي ما أَمْري وأَمْره لبُعْده مني فلِمَ يَتعرَّض لي؟ ومنه قول الشاعر: فما إِمِّي وإمُّ الوَحْشِ لَمَّا تَفَرَّعَ في ذُؤابَتِيَ المُشيبُ يقول: ما أَنا وطَلَب الوَحْش بعدما كَبِرْت، وذكر الإِمِّ حَشْو في البيت؛ قال ابن بري: ورواه بعضهم وما أَمِّي وأَمُّ الوَحْش، بفتح الهمزة، والأَمُّ: القَصْد.
وقال ابن بُزُرْج: قالوا ما أَمُّك وأَمّ ذات عِرْق أَي أَيْهاتَ منك ذاتُ عِرْق.
والأَمُّ: العَلَم الذي يَتْبَعُه الجَيْش. ابن سيده: والإِمَّة والأُمَّة السُّنَّةُ.
وتَأَمَّم به وأْتَمَّ: جعله أَمَّةً.
وأَمَّ القومَ وأَمَّ بهم: تقدَّمهم، وهي الإِمامةُ.
والإِمامُ: كل من ائتَمَّ به قومٌ كانوا على الصراط المستقيم أَو كانوا ضالِّين. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: يَوْمَ نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهْم، قالت طائفة: بكتابهم، وقال آخرون: بنَبيّهم وشَرْعهم، وقيل: بكتابه الذي أَحصى فيه عَمَله.
وسيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، إِمامُ أُمَّتِه، وعليهم جميعاً الائتمامُِ بسُنَّته التي مَضى عليها.
ورئيس القوم: أَمِّهم. ابن سيده: والإِمامُ ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ وغيرِه، والجمع أَئِمَّة.
وفي التنزيل العزيز: فقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفْر، أَي قاتِلوا رؤساءَ الكُفْر وقادَتَهم الذين ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لهم. الأَزهري: أَكثر القُراء قَرَؤوا أَيِمَّة الكُفْرِ، بهمزة واحدة، وقرأَ بعضهم أَئمَّةَ، بهمزيتن، قال: وكل ذلك جائز. قال ابن سيده: وكذلك قوله تعالى: وجَعلْناهم أَيِمَّةً يَدْعون إِلى النارِ، أَي مَن تَبِعَهم فهو في النار يوم القيامة، قُلبت الهمزة ياء لثِقَلها لأَنها حرف سَفُل في الحَلْق وبَعُد عن الحروف وحَصَل طرَفاً فكان النُّطْق به تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الهمزة الواحدة، فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن ورَفْضِهما لاسِيَّما إِذا كانتا مُصْطَحِبتين غير مفرَّقتين فاءً وعيناً أَو عيناً ولاماً أَحرى، فلهذا لم يأْت في الكلام لفظةٌ توالتْ فيها هَمْزتان أَصلاً البتَّة؛ فأَما ما حكاه أَبو زيد من قولهم دَريئة ودَرائئٌ وخَطيئة وخَطائيٌ فشاذٌّ لا يُقاس عليه، وليست الهمزتان أَصْلَين بل الأُولى منهما زائدة، وكذلك قراءة أَهل الكوفة أَئمَّة، بهمزتين، شاذ لا يقاس عليه؛ الجوهري: الإِمامُ الذي يُقْتَدى به وجمعه أَيِمَّة، وأَصله أَأْمِمَة، على أَفْعِلة، مثل إِناء وآنِيةٍ وإِلَه وآلِهةٍ، فأُدغمت الميم فنُقِلَت حركتُها إلى ما قَبْلَها، فلما حَرَّْكوها بالكسر جعلوها ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء لأَنها في موضع كَسْر وما قبلها مفتوح فلم يَهمِزُوا لاجتماع الهمزتين، قال: ومن كان رَأْيه جمع الهمزتين همَز، قال: وتصغيرها أُوَيْمة، لما تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، وقال المازني أُيَيْمَة ولم يقلِب، وإِمامُ كلِّ شيء: قَيِّمُهُ والمُصْلِح له، والقرآنُ إِمامُ المُسلمين، وسَيدُنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِمام الأَئِمَّة، والخليفة إمام الرَّعِيَّةِ، وإِمامُ الجُنْد قائدهم.
وهذا أَيَمٌّ من هذا وأَوَمُّ من هذا أَي أَحسن إمامةً منه، قَلَبوها إِلى الياء مرَّة وإِلى الواو أُخرى كَراهِية التقاء الهمزتين.
وقال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلاً في الإِمامةِ قلنا: هذا أَوَمُّ من هذا، وبعضهم يقول: هذا أَيَمُّ من هذا، قال: والأَصل في أَئمَّة أَأْمِمَة لأَنه جمع إِمامٍ مثل مِثال وأَمْثِلة ولكنَّ المِيمَيْن لمَّا اجتمعتا أُدغمت الأُولى في الثانية وأُلقيت حركتها على الهمزة، فقيل أَئِمَّة، فأَبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء، قال: ومن قال هذا أَيَمُّ من هذا، جعل هذه الهمزة كلَّما تحركت أَبدل منها ياء، والذي قال فلان أَوَمُّ من هذا كان عنده أَصلُها أَأَمُّ، فلم يمكنه أَن يبدل منها أَلفاً لاجتماع الساكنين فجعلها واواً مفتوحة، كما قال في جمع آدَم أَوادم، قال: وهذا هو القياس، قال: والذي جَعَلها ياء قال قد صارت الياءُ في أَيِمَّة بدلاً لازماً، وهذا مذهب الأَخفش، والأَول مذهب المازني، قال:وأَظنه أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة باجتماع الهمزتين فإِنما يُحْكى عن أَبي إِسحق، فإِنه كان يُجيز اجتماعَهما، قال: ولا أَقول إِنها غير جائزة، قال: والذي بَدَأْنا به هو الاختيار.
ويقال: إِمامُنا هذا حَسَن الإِمَّة أَي حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بنا.
وأَمَمْتُ القومَ في الصَّلاة إِمامةً.
وأْتمّ به أَي اقْتَدَى به.
والإِمامُ: المِثالُ؛ قال النابغة: أَبوه قَبْلَه، وأَبو أَبِيه، بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة على إِمامِ وإِمامُ الغُلام في المَكْتَب: ما يَتعلَّم كلَّ يوم.
وإِمامُ المِثال: ما امْتُثِلَ عليه.
والإِمامُ: الخَيْطُ الذي يُمَدُّ على البناء فيُبْنَي عليه ويُسَوَّى عليه سافُ البناء، وهو من ذلك؛ قال: وخَلَّقْتُه، حتى إِذا تمَّ واسْتَوى كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ أَي كهذا الخَيْط المَمْدود على البِناء في الامِّلاسِ والاسْتِواء؛ يصف سَهْماً؛ يدل على ذلك قوله: قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فلم يَزِغُ، عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بِدِمامِ وفي الصحاح: الإِمامُ خشبة البنَّاء يُسَوِّي عليها البِناء.
وإِمامُ القِبلةِ: تِلْقاؤها.
والحادي: إمامُ الإِبل، وإِن كان وراءها لأَنه الهادي لها.
والإِمامُ: الطريقُ.
وقوله عز وجل: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ مُبينٍ، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يعني قومَ لوط وأَصحابَ الأَيكةِ.
والإِمامُ: الصُّقْعُ من الطريق والأَرض.
وقال الفراء: وإِنهما لَبِإِمامٍ مُبين، يقول: في طَريق لهم يَمُرُّون عليها في أَسْفارِهم فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم ويُتَّبَع.
والأَمامُ: بمعنى القُدّام.
وفلان يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم.
ويقال: صَدْرك أَمامُك، بالرفع، إِذا جَعَلْته اسماً، وتقول: أَخوك أَمامَك، بالنصب، لأَنه صفة؛ وقال لبيد فَجَعله اسماً: فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها وأَمامُها (* قوله «فعدت كلا الفرجين» هو في الأصل بالعين المهملة ووضع تحتها عيناً صغيرة، وفي الصحاح في مادة ولي بالغين المعمجة ومثله في التكلمة في مادة فرج، ومثله كذلك في معلقة لبيد). يصف بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ.
وكِلا فَرْجَيها: وهو خَلْفُها وأَمامُها. تَحْسِب أَنه: الهاء عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي وَلِيُّ مَخافَتِها.
وقال أَبو بكر: معنى قولهم يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ من الأَمامِ. يقال: فُلانٌ إِمامُ القوم؛ معناه هو المتقدّم لهم، ويكون الإِمامُ رئِسياً كقولك إمامُ المسلمين، ويكون الكتابَ، قال الله تعالى: يَوْمَ نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهم، ويكون الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قال الله تعالى: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ مُبينٍ، ويكون الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بيت النابغة: بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ على إِمامِ معناه على مِثال؛ وقال لبيد: ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها والدليل: إِمامُ السَّفْر.
وقوله عز وجل: وجَعَلْنا للمُتَّقِين إِماماً؛ قال أَبو عبيدة: هو واحد يَدُلُّ على الجمع كقوله: في حَلْقِكم عَظْماً وقد شُجِينا وإِنَّ المُتَّقِين في جَنَّات ونَهَرٍ.
وقل: الإِمامُ جمع آمٍّ كصاحِبٍ وصِحابٍ، وقيل: هو جمع إِمامٍ ليس على حَدِّ عَدْلٍ ورِضاً لأَنهم قد قالوا إِمامان، وإِنما هو جمع مُكَسَّر؛ قال ابن سيده: أَنْبأَني بذلك أَبو العَلاء عن أَبي علي الفارسي قال: وقد استعمل سيبويه هذا القياسَ كثيراً، قال: والأُمَّةُ الإِمامُ. الليث: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يقال: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ هذا المسجد من فُلان أَي بالإِمامة؛ قال أَبو منصور: الإِمَّة الهَيْئةُ في الإِمامةِ والحالةُ؛ يقال: فلان حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة إِذا أَمَّ الناسَ في الصَّلاة، وقد ائتَمَّ بالشيء وأْتَمَى به، على البدَل كراهية التضعيف؛ وأَنشد يعقوب: نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي، وأَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي والأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ.
وأُمَّةُ كل نبي: مَن أُرسِل إِليهم من كافر ومؤمنٍ. الليث: كلُّ قوم نُسِبُوا إِلى نبيّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، وقيل: أُمة محمد، صلى الله عليهم وسلم، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن به أَو كَفَر، قال: وكل جيل من الناس هم أُمَّةٌ على حِدَة.وقال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ من كل حَيّ.
وفي التنزيل العزيز: وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يَطِيرُ بِجناحَيْه إلاَّ أُمَمٌ أَمثالُكم؛ ومعنى قوله إلاَّ أُمَمٌ أمثالُكم في مَعْنىً دون مَعْنىً، يُريدُ، والله أعلم، أن الله خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بما شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها منهم ولم يُفَقِّهْنا ذلك.
وكل جنس من الحيوان أُمَّةٌ.
وفي الحديث: لولا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، ولكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم، وورد في رواية: لولا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها؛ يعني بها الكلاب.
والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وفي الحديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر وعمر، رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم، وقيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في الدُّعاء عليه، وكل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو أُمَّةٌ وحده.
وكان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا وعليه السلام، أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ ومنه قوله عز وجل: إن إبراهيم كان أُمَّةً قانِتاً لله؛ وقال أبو عبيدة: كان أُمَّةً أي إماماً. أَبو عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير والنِّعْمة لأن بَقاء قُوّتِه من أَعظم النِّعْمة، وأصل هذا الباب كله من القَصْد. يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته، فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد واحد، ومعنى الإمَّة في النِّعْمة إنما هو الشيء الذي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، ومعنى الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد سائر الناس؛ قال النابغة: وهل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ ويروي: ذو إمَّةٍ، فمن قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذو دينٍ ومن قال ذو إمَّةٍ فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: ومعنى الأُمَّةِ القامة (* وقوله «ومعنى الأمة القامة إلخ» هكذا في الأصل). سائر مقصد الجسد، وليس يخرج شيء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت.
وقال الفراء في قوله عز وجل: إن إبراهيم كان أُمَّةً؛ قال: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير.
وجاء رجل إلى عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير، والأُمَّةُ المُعَلِّم.
ويروى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ، وذلك أَنه كان تَبَرَّأَ من أَدْيان المشركين وآمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة أُمَّةً وحْدَه؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إنَّ إبراهيمَ كان أُمَّةً قانِتاً لله، وقيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير.
والأُمَّةُ: الحِينُ. قال الفراء في قوله عز وجل: وادَّكَرَ بعد أُمَّةٍ، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ.
وقال تعالى: ولَئِنْ أَخّرْنا عنهم العَذاب إلى أُمَّةٍ معْدودةٍ.
وقال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة أَتْباعُ الأنبياء، والأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، والأُمَّةُ الأُمَمُ، والأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، والأُمَّةُ القامةُ والوجهُ؛ قال الأَعشى: وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِيـ نَ بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ أي طِوالُ القاماتِ؛ ومثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي: طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ قال: ويروى البيت للأَخْيَلِيَّة.
ويقال: إنه لحسَنُ الأُمَّةِ أي الشَّطاطِ.
وأُمَّةُ الوجه: سُنَّته وهي مُعظَمه ومَعْلم الحُسْن منه. أبو زيد: إنه لَحَسن أُمَّة الوجه يَعْنُون سُنَّته وصُورَته.
وإنه لَقَبيحُ أُمَّةِ الوجه.
وأُمَّة الرجل: وَجْهُه وقامَتُه.
والأُمَّة: الطاعة.
والأُمَّة: العالِم.
وأُمَّةُ الرجل: قومُه.
والأُمَّةُ: الجماعة؛ قال الأخفش: هو في اللفظ واحد وفي المعنى جَمْع، وقوله في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين، يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم وبين المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم وأيديهم واحدة.
وأُمَّةُ الله: خلْقه: يقال: ما رأَيت من أُمَّةِ الله أَحسنَ منه.
وأُمَّةُ الطريق وأُمُّه: مُعْظَمُه.
والأُمَمُ: القَصْد الذي هو الوسَط.
والأَمَمُ: القُرب، يقال: أَخذت ذلك من أَمَمٍ أي من قُرْب.
وداري أَمَمُ دارِه أي مُقابِلَتُها.
والأَمَمُ: اليسير. يقال: داركم أَمَمٌ، وهو أَمَمٌ منك.
وكذلك الاثنان والجمع.
وأمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ ومُؤامٌّ أي بيّنٌ لم يجاوز القدر.
والمؤَامُّ، بتشديد الميم: المقارب، أُخِذ الأَمَم وهو القرب؛ يقال: هذا أَمْرٌ مؤَامٌّ مثل مُضارٍّ.
ويقال للشيء إذا كان مُقارِباً: هو مُؤامٌّ.
وفي حديث ابن عباس: لا يَزال أَمْرُ الناس مُؤَامّاً ما لم يَنْظروا في القَدَرِ والوِلْدان أي لا يَزال جارياً على القَصْد والاستقامة.
والمُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل من الأَمِّ، وهو القَصْد أَو من الأَمَمِ القرب، وأَصله مُؤامَم فأُدْغِم.
ومنه حديث كعب: لا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً بها ما لم تبْدأْ من الشام؛ مُؤَامٌّ هنا: مُفاعَل، بالفتح، على المفعول لأن معناه مُقارَباً بها، والباء للتعدية، ويروى مُؤَمّاً، بغير مدٍّ.
والمُؤَامٌّ: المُقارِب والمُوافِق من الأَمَم، وقد أَمَّهُ؛ وقول الطرِمّاح: مثل ما كافَحْتَ مَحْزُوبَةً نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ يجوز أَن يكون أَراد مُؤَامٌّ فحذف إحدى الميمين لالتقاء الساكنين، ويجوز أن يكون أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل من الميم الأخيرة ياء فقال: مُؤَامي ثم وقف للقافية فحذف الياء فقال: مُؤَامْ، وقوله: نَصَّها أي نَصَبَها؛ قال ثعلب: قال أَبو نصر أَحسنُ ما تكون الظَّبْية إذا مَدَّت عُنُقَها من رَوْعٍ يَسير، ولذلك قال مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير. قال: والأَمَمُ بين القريب والبعيد، وهو من المُقارَبة.
والأَمَمُ: الشيءُ اليسير؛ يقال: ما سأَلت إلا أَمَماً.
ويقال: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛ قال زهير: كأَنّ عَيْني، وقد سال السَّلِيلُ بهم، وَجِيرة ما هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ يقول: أيّ جيرةٍ كانوا لو أنهم بالقرب مِنِّي.
وهذا أمْر مُؤَامٌّ أي قَصْدٌ مُقارب؛ وأَنشد الليث: تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما، لو أنها تَطْلُب شيئاً أَمَما أراد: لو طَلَبَت شيئاً يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أن تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فإنه غير مُتَيَسِّر ولا أَمَمٍ.
وأُمُّ الشيء: أَصله.
والأُمُّ والأُمَّة: الوالدة؛ وأَنشد ابن بري: تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ، ولَطالما تُنُوزِعَ، في الأسْواق منها، خِمارُها وقال سيبويه . . . . (* هنا بياض بالأصل). لإمِّك؛ وقال أيضاً: إضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ قال فكسَرهما جميعاً كما ضم هنالك، يعني أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر، وجعلها بعضهم لغة، والجمع أُمَّات وأُمّهات، زادوا الهاء، وقال بعضهم: الأُمَّهات فيمن يعقل، والأُمّات بغير هاء فيمن لا يعقل، فالأُمَّهاتُ للناس والأُمَّات للبهائم، وسنذكر الأُمَّهات في حرف الهاء؛ قال ابن بري: الأَصل في الأُمَّهات أن تكون للآدميين، وأُمَّات أن تكون لغير الآدَمِيِّين، قال: وربما جاء بعكس ذلك كما قال السفَّاح اليَرْبوعي في الأُمَّهات لغير الآدَمِيِّين: قَوّالُ مَعْروفٍ وفَعّالُه، عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ قال: وقال ذو الرمة: سِوى ما أَصابَ الذئبُ منه وسُرْبَةٌ أطافَتْ به من أُمَّهات الجَوازِل فاستعمل الأُمَّهات للقَطا واستعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ وقال آخر في الأُمَّهات للقِرْدانِ: رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ من السَّفا، وأَحْصَدَ من قِرْانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ وقال آخر يصف الإبل: وهام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه صِلاب وأَلْحٍ، في المَثاني، تُقَعْقِعُ وقال هِمْيان في الإبل أيضاً: جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ من قِلاتِها، تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها وقال جرير في الأُمَّات للآدَمِييِّن: لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ، مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا التهذيب: يَجْمَع الأُمَّ من الآدَميّاتِ أُمَّهات، ومن البَهائم أُمَّات؛ وقال: لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ، وإن مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ قال الجوهري: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، ولذلك تُجْمَع على أُمَّهات.
ويقال: يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي ويا أَبَةُ افْعَلْ، يجعلون علامة التأْنيث عوضاً من ياء الإضافة، وتَقِفُ عليها بالهاء؛ وقوله: ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا، كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُّ قال ابن سيده: عَلَّق الفؤاد بعَلى لأنه في معنى حَزينٍ، فكأَنه قال: عليك حَزينٌ.
وأَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً.
وقال ابن الأَعرابي في امرأَة ذكرها: كانت لها عمة تَؤُمها أي تكون لها كالأُمِّ.
وتَأَمَّها واسْتَأَمَّها وتأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قال الكميت: ومِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ غَذَتْكِ، وغيرَها تَتأَمّمِينا قوله: ومن عَجَبٍ خبر مبتدإِ محذوف، تقديرهُ: ومن عَجَبٍ انْتِفاؤكم عن أُمِّكم التي أَرْضَعَتْكم واتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قال الليث: يقال تأَمَّم فلان أُمّاً إذا اتَّخذَها لنفسه أُمّاً، قال: وتفسير الأُمِّ في كل معانيها أُمَّة لأن تأْسيسَه من حَرْفين صحيحين والهاء فيها أصلية، ولكن العَرب حذَفت تلك الهاء إذ أَمِنُوا اللَّبْس.
ويقول بعضُهم في تَصْغير أُمٍّ أُمَيْمة، قال: والصواب أُمَيْهة، تُردُّ إلى أَصل تأْسيسِها، ومن قال أُمَيْمَة صغَّرها على لفظها، وهم الذين يقولون أُمّات؛ وأَنشد: إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه، فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا وقال ابن كيسان: يقال أُمٌّ وهي الأصل، ومنهم من يقول أُمَّةٌ، ومنهم من يقول أُمَّهة؛ وأنشد: تَقَبَّلْتَها عن أُمَّةٍ لك، طالَما تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عنها خِمارُها يريد: عن أُمٍّ لك فأَلحقها هاء التأْنيث؛ وقال قُصَيّ: عند تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي، أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبي فأَما الجمع فأَكثر العرب على أُمَّهات، ومنهم من يقول أُمَّات، وقال المبرّد: والهاء من حروف الزيادة، وهي مزيدة في الأُمَّهات، والأَصل الأَمُّ وهو القَصْد؛ قال أَبو منصور: وهذا هو الصواب لأن الهاء مزيدة في الأُمَّهات؛ وقال الليث: من العرب من يحذف أَلف أُمٍّ كقول عديّ بن زيد: أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ، أنت تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ وإنما أراد عنْدي أُمَّ زيدٍ، فلمّا حذَف الأَلف التَزقَتْ ياء عنْدي بصَدْر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأَنه قال: عندي أُمَّ زيد.
وما كنت أُمّاً ولقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قال ابن سيده: الأُمَّهة كالأُمِّ، الهاء زائدة لأَنه بمعنى الأُمِّ، وقولهم أمٌّ بَيِّنة الأُمومة يُصَحِّح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل والميم الأُولى عَيْن الفِعْل، والميم الأُخرى لام الفعْل، فَأُمٌّ بمنزلة دُرٍّ وجُلٍّ ونحوهما مما جاء على فُعْل وعينُه ولامُه من موضع، وجعل صاحبُ العَيْنِ الهاء أَصْلاً، وهو مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أُمَّ لك فإنه مَدْح عندهم؛ غيره: ويقال لا أُمَّ لك، وهو ذَمٌّ. قال أَبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم لا أُمَّ لك قد وُضعَ موضع المَدح؛ قال كعب بن سعد الغَنَويّ يَرْثي أَخاه: هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَث الصُّبْح غادِياً، وماذا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟ قال أبو الهيثم في هذا البيت: وأَيْنَ هذا مما ذهب إليه أَبو عبيد؟ وإنما معنى هذا كقولهم: وَيْحَ أُمِّه ووَيْلَ أُمِّه والوَيلُ لها، وليس للرجل في هذا من المَدْح ما ذهَب إليه، وليس يُشْبِه هذا قولهم لا أُمَّ لك لأَن قوله أُمَّ لك في مذهب ليس لك أُمٌّ حُرَّة، وهذا السَّبُّ الصَّريح، وذلك أَنّ بَني الإماء عند العرب مَذْمومون لا يلحقون بِبَني الحَرائر، ولا يقول الرجل لصاحبه لا أُمَّ لك إلاَّ في غضَبه عليه مُقَصِّراً به شاتِماً له، قال: وأَمّا إذا قال لا أَبا لَك، فلم يَترك له من الشَّتِيمَة شيئاً، وقيل: معنى قولهم لا أُمَّ لك، يقول أنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك أُمٌّ. قال ابن بري في تفسير يت كعب بن سعد قال: قوله هَوَتْ أُمُّه، يُسْتَعْمَل على جهة التعَجُّب كقولهم: قاتَله الله ما أَسْمَعه ما يَبْعَث الصبحُ: ما استفهام فيها معنى التعَجُّب وموضعها نَصْب بيَبْعَث، أيْ أَيُّ شيءٍ يَبعَثُ الصُّبْح من هذا الرجل؟ أَي إذا أَيْقَظه الصُّبح تصرَّف في فِعْل ما يُريده.
وغادِياً منصوب على الحال والعامل فيه يَبْعَث، ويَؤُوب: يَرجع، يريد أَن إقْبال اللَّيل سَبَب رجوعه إلى بيته كما أن إقْبال النهار سَبَب لتصرُّفه، وسنذكره أَيضاً في المعتل. الجوهري: وقولهم وَيْلِمِّهِ، ويريدون وَيْلٌ لأُمّه فحذف لكثرته في الكلام. قال ابن بري: وَيْلِمِّه، مكسورة اللام، شاهده قول المنتخل الهذلي يَرْثي ولدهَ أُثَيلة:وَيْلِمِّه رجلاَ يأْتي به غَبَناً، إذا تَجَرَّد لا خالٌ ولا بَخِلُ الغَبَنُ: الخَديعةُ في الرأْي، ومعنى التَّجَرُّد ههنا التَّشْميرُ للأَمرِ، وأَصْله أن الإنسان يَتجرَّد من ثيابه إذا حاوَل أَمْراً.
وقوله: لا خالٌ ولا بَخِل، الخالُ: الاختيال والتَّكَبُّر من قولهم رجل فيه خالٌ أي فيه خُيَلاء وكِبْرٌ، وأما قوله: وَيْلِمِّه، فهو مَدْح خرج بلفظ الذمِّ، كما يقولون: أَخْزاه الله ما أَشْعَرَه ولعَنه الله ما أَسْمَعه قال: وكأَنهم قَصَدوا بذلك غَرَضاً مَّا، وذلك أَن الشيء إذا رآه الإنسان فأَثْنى عليه خَشِيَ أَن تُصِيبه العين فيَعْدِل عن مَدْحه إلى ذمّه خوفاً عليه من الأَذيَّةِ، قال: ويحتمل أيضاً غَرَضاً آخر، وهو أن هذا الممدوح قد بلَغ غاية الفَضْل وحصل في حَدّ من يُذَمُّ ويُسَب، لأَن الفاضِل تَكْثُر حُسَّاده وعُيّابه والناقِص لا يُذَمُّ ولا يُسَب، بل يَرْفعون أنفسَهم عن سَبِّه ومُهاجاتِه، وأَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثم حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال وكَسَروا لامَ وَيْل إتْباعاً لكسرة الميم، ومنهم من يقول: أصله وَيلٌ لأُمِّه، فحذفت لام وَيْل وهمزة أُمّ فصار وَيْلِمِّه، ومنهم من قال: أَصله وَيْ لأُمِّه، فحذفت همزة أُمٍّ لا غير.
وفي حديث ابن عباس أنه قال لرجل: لا أُمَّ لك؛ قال: هو ذَمٌّ وسَبٌّ أي أنت لَقِيطٌ لا تُعْرف لك أُمٌّ، وقيل: قد يقَع مَدْحاً بمعنى التعَجُّب منه، قال: وفيه بُعدٌ.
والأُمُّ تكون للحيَوان الناطِق وللموات النامِي كأُمِّ النَّخْلة والشجَرة والمَوْزَة وما أَشبه ذلك؛ ومنه قول ابن الأصمعي له: أنا كالمَوْزَة التي إنما صَلاحُها بمَوْت أُمِّها.
وأُمُّ كل شيء: أَصْلُه وعِمادُه؛ قال ابن دُريَد: كل شيء انْضَمَّت إليه أَشياء، فهو أُمٌّ لها.
وأُم القوم: رئيسُهم، من ذلك؛ قال الشنْفَرى: وأُمَِّ عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ يعني تأَبط شرّاً.
وروى الرَّبيعُ عن الشافعي قال: العرب تقول للرجل يَلِي طَعام القَوْم وخِدْمَتَهم هو أُمُّهم؛ وأَنشد للشنفرى: وأُمِّ عِيال قد شَهدت تَقُوتُهُمْ، إذا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ (* قوله «وأم عيال قد شهدت» تقدم هذا البيت في مادة حتر على غير هذا الوجه وشرح هناك).
وأُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة، وقال الزجاج: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب، وقيل: اللَّوْحُ المحفوظ. التهذيب: أُمُّ الكتاب كلُّ آية مُحْكَمة من آيات الشَّرائع والأَحْكام والفرائض، وجاء في الحديث: أنَّ أُم الكِتاب هي فاتحة الكتاب لأنها هي المُقَدَّمة أَمامَ كلِّ سُورةٍ في جميع الصلوات وابْتُدِئ بها في المُصْحف فقدِّمت وهي (* هنا بياض في الأصل) . القرآن العظيم.
وأَما قول الله عز وجل: وإنه في أُمِّ الكتاب لَدَيْنا، فقال: هو اللَّوْح المَحْفوظ، وقال قَتادة: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب.
وعن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله إلى آخره. الجوهري: وقوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الكِتاب، ولم يقل أُمَّهات لأَنه على الحِكاية كما يقول الرجل ليس لي مُعين، فتقول: نحن مُعِينك فتَحْكِيه، وكذلك قوله تعالى: واجْعَلْنا للمُتَّقين إماماً.
وأُمُّ النُّجوم: المَجَرَّة لأنها مُجْتَمَع النُّجوم.
وأُمُّ التَّنائف: المفازةُ البعيدة.
وأُمُّ الطريق: مُعْظَمها إذا كان طريقاً عظيماً وحَوْله طَرُق صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطريق؛ الجوهري: وأُمُّ الطريق مُعظمه في قول كثير عَزّة: يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ وناصِحٍ، تَخصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَها قال: ويقال هي الضَّبُع، والعَسْب: ماء الفَحْل، والوالِقِيّ وناصِح: فَرَسان، وعِيالُ الطريق: سِباعُها؛ يريد أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لغير تَمامٍ من شِدّة التَّعَب.
وأُمُّ مَثْوَى الرجل: صاحِبةُ مَنْزِله الذي يَنْزله؛ قال: وأُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي الأَزهري: يقال للمرأَة التي يَأْوي إليها الرجل هي أُمُّ مَثْواهُ.
وفي حديث ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه أَي امرأَته ومن يُدَبِّر أَمْر بَيْته من النساء. التهذيب: ابن الأَعرابي الأُم امرأَة الرجل المُسِنَّة، قال: والأُمّ الوالدة من الحيوان.
وأُمُّ الحَرْب: الراية.
وأُم الرُّمْح: اللِّواء وما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ؛ ومنه قول الشاعر: وسَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه من يَدِ العاصِي، وما طَالَ الطِّوَلْ وأُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ التي في أَصْل فِرْسِن البعير.
وأُم القُرَى: مكة، شرَّفها الله تعالى، لأَنها توسطَت الأرض فيما زَعَموا، وقي لأنها قِبْلةُ جميع الناس يؤُمُّونها، وقيل: سُمِّيَت بذلك لأَنها كانت أَعظم القُرَى شأْناً، وفي التنزيل العزيز: وما كان رَبُّك مُهْلِكَ القُرَى حتى يبعثَ في أُمِّها رسولاً.
وكلُّ مدينة هي أُمُّ ما حَوْلها من القُرَى.
وأُمُّ الرأْسِ: هي الخَريطةُ التي فيها الدِّماغ، وأُمُّ الدِّماغِ الجِلدة التي تجْمع الدِّماغَ.
ويقال أَيضاً: أُم الرأْس، وأُمُّ الرأْس الدِّماغ؛ قال ابن دُرَيد: هي الجِلْدة الرقيقة التي عليها، وهي مُجْتَمعه.
وقالوا: ما أَنت وأُمُّ الباطِل أي ما أنت والباطِل؟ ولأُمٍّ أَشياءُ كثيرة تضاف إليها؛ وفي الحديث: أنه قال لزيد الخيل نِعْم فَتىً إن نَجا من أُمّ كلْبةَ، هي الحُمَّى، وفي حديث آخر: لم تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان، يعني الريح التي تَعْرِض لهم فَربما غُشِي عليهم منها.
وأُمُّ اللُّهَيْم: المَنِيّة، وأُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، وأُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، وأُمُّ صَبّار الحرَّةُ، وأُم عُبيدٍ الصحراءُ، وأُم عطية الرَّحى، وأُمُّ شملة الشمس (* قوله «وأم شملة الشمس» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شمل: أن أم شملة كنية الدنيا والخمر)، وأُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، وأُمُّ رُبَيقٍ الحَرْبُ، وأُم لَيْلى الخَمْر، ولَيْلى النَّشْوة، وأُمُّ دَرْزٍ الدنيْا، وأُم جرذان النخلة، وأُم رَجيه النحلة، وأُمُّ رياح الجرادة، وأُمُّ عامِرٍ المقبرة، وأُمُّ جابر السُّنْبُلة، وأُمُّ طِلْبة العُقابُ، وكذلك شَعْواء، وأُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، وهي أُمُّ وافِرَةَ، وأُمُّ وافرة البيره (* قوله «وأم خبيص إلخ» قال شارح القاموس قبلها: ويقال للنخلة أيضاً أم خبيص ألى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد وأم عزم بالكسر وأم طبيخة كسكينة في باب الجيم الاست)، وأُم سمحة العنز، ويقال للقِدْر: أُمُّ غياث، وأُمُّ عُقْبَة، وأُمُّ بَيْضاء، وأُمُّ رسمة، وأُمُّ العِيَالِ، وأُمُّ جِرْذان النَّخْلة، وإذا سميت رجُلاً بأُمِّ جِرْذان لم تَصْرِفه، وأُمُّ خبيص (* قوله: البيرة هكذا في الأصل.
وفي القاموس: أم وافرة الدنيا)، وأُمُّ سويد، وأُمُّ عِزْم، وأُم عقاق، وأُم طبيخة وهي أُم تسعين، وأُمُّ حِلْس كُنْية الأتان، ويقال للضَّبُع أُمُّ عامِر وأُمُّ عَمْرو. الجوهري: وأُم البَيْضِ في شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة وهو قوله: وأَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ الـ بيضِ شََدّاً، وقد تَعالى النَّهارُ قال ابن بري: يصف رَبيئَة، قال: وصوابه تَفَرُّش، بالشين معجَمةً، والتَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطائر أَو النَّعامة إذا عَدَتْ. التهذيب: واعلم أنَّ كل شيء يُضَمُّ إليه سائرُ ما يليه فإنَّ العربَ تسمي ذلك الشيء أُمّاً، من ذلك أُمُّ الرأْس وهو الدِّماغُ، والشجَّةُ الآمَّةُ التي تَهْجُمُ على الدِّماغ.
وأَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فهو مَأْمُومٌ وأَمِيم: أصاب أُمَّ رأْسِه. الجوهري: أَمَّهُ أي شجُّهُ آمَّةً، بالمدِّ، وهي التي تَبْلُغ أُمَّ الدِّماغِ حتى يبقَى بينها وبين الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ.
وفي حديث الشِّجاج: في الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة، وفي حديث آخر: المَأْمُومَة، وهي الشَّجَّة التي بلغت أُمَّ الرأْس، وهي الجلدة التي تجمَع الدماغ. المحكم: وشَجَّةٌ آمَّةٌ ومَأْمُومةٌ بلغت أُمَّ الرأْس، وقد يُستعار ذلك في غير الرأْس؛ قال: قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى، وَحَشايَ من حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ وقوله أَنشده ثعلب: فلولا سِلاحي، عندَ ذاكَ، وغِلْمَتي لَرُحْت، وفي رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ فسره فقال: جَمَع آمَّةً على مآيِمَ وليس له واحد من لفظه، وهذا كقولهم الخيل تَجْرِي على مَسَاوِيها؛ قال ابن سيده: وعندي زيادة وهو أَنه أراد مآمَّ، ثم كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الميم الأَخيرة ياءً، فقال مآمِي، ثم قلب اللامَ وهي الياء المُبْدَلة إلى موضع العين فقال مآيِم، قال ابن بري في قوله في الشَّجَّة مَأْمُومَة، قال: وكذا قال أَبو العباس المبرّد بعضُ العرب يقول في الآمَّة مَأْمُومَة؛ قال: قال عليّ بن حمزة وهذا غلَطٌ إنما الآمَّةُ الشَّجَّة، والمَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛ وأَنشد: يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ، وأُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه ويقال: رجل أَمِيمٌ ومَأْمُومٌ للذي يَهْذِي من أُمِّ رأْسه.
والأُمَيْمَةُ: الحجارة التي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، وفي الصحاح: الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ به الرأْس؛ وأَنشد الأزهري: ويَوْمَ جلَّيْنا عن الأَهاتِم بالمَنْجَنِيقاتِ وبالأَمائِم قال: ومثله قول الآخر: مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم وأُم التَّنائف:: أَشدُّها.
وقوله تعالى: فَأُمُّه هاوِيَةٌ، وهي النارُ (* قوله «وهي النار إلخ» كذا بالأصل ولعله هي النار يهوي فيها من إلخ) . يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أي يَهْلِك، وقيل: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فيها أي ساقِطة.
وفي الحديث: اتَّقوا الخَمْر فإنها أُمُّ الخَبائث؛ وقال شمر: أُمُّ الخبائث التي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قال: وقال الفصيح في أَعراب قيس إذا قيل أُمُّ الشَّرِّ فهي تَجْمَع كل شرٍّ على وَجْه الأرض، وإذا قيل أُمُّ الخير فهي تجمع كلَّ خَيْر. ابن شميل: الأُمُّ لكل شيء هو المَجْمَع والمَضَمُّ.
والمَأْمُومُ من الإبِل: الذي ذهَب وَبَرهُ عن ظَهْره من ضَرْب أو دَبَرٍ؛ قال الراجز: ليس بذِي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ، ولا بِخَوّارٍ ولا أَزَبِّ، ولا بمأْمُومٍ ولا أَجَبِّ ويقال للبعير العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ.
والأُمِّيّ: الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي على خِلْقَة الأُمَّةِ لم يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّتِه، وفي التنزيل العزيز: ومنهم أُمِّيُّون لا يَعلَمون الكتابَ إلاّ أَمَانِيَّ؛ قال أَبو إسحق: معنى الأُمِّيّ المَنْسُوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أُمُّه أي لا يَكتُبُ، فهو في أَنه لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأن الكِتابة هي مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إلى ما يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه، وكانت الكُتَّاب في العرب من أَهل الطائف تَعَلَّموها من رجل من أهل الحِيرة، وأَخذها أَهل الحيرة عن أَهل الأَنْبار.
وفي الحديث: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب ولا نَحْسُب؛ أَراد أَنهم على أَصل ولادة أُمِّهم لم يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأُولى.
وفي الحديث: بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ أُمِّيَّة؛ قيل للعرب الأُمِّيُّون لأن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو عَديمة؛ ومنه قوله: بَعَثَ في الأُمِّيِّين رسولاً منهم.
والأُمِّيُّ: العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام؛ قال: ولا أعُودِ بعدَها كَرِيّا أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا، والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا قيل له أُمِّيٌّ لأنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام وعُجْمَة اللِّسان، وقيل لسيدنا محمدٍ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه الله رسولاً وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب، وكانت هذه الخَلَّة إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه وسلم، تَلا عليهم كِتابَ الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم يُغَيِّره ولم يُبَدِّل أَلفاظَه، وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص، فحَفِظه الله عز وجل على نَبيِّه كما أَنْزلَه، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه وبينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وما كنتَ تَتْلُو من قَبْلِه من كِتاب ولا تَخُطُّه بِيَمِينِك إذاً لارْتابَ المُبْطِلون الذين كفروا، ولَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب.
والأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء وهو في معنى قُدَّام، يكون اسماً وظرفاً. قال اللحياني: وقال الكِسائي أمام مؤنثة، وإن ذُكِّرتْ جاز، قال سيبويه: وقالوا أَمامَك إذا كنت تُحَذِّره أو تُبَصِّره شيئاً، وتقول أنت أَمامَه أي قُدَّمه. ابن سيده: والأَئمَّةُ كِنانة (* قوله: والائمة كِنانة؛ هكذا في الأصل، ولعله اراد ان بني كنانة يقال لهم الأئمة)؛ عن ابن الأعرابي.
وأُمَيْمَة وأُمامةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو ذؤيب: قالتْ أُمَيْمةُ: ما لجِسْمك شاحِباً مثلي ابْتُذِلْتَ، ومِثلُ ما لك يَنْفَعُ (* قوله «مثلي ابتذلت» تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت وشرحه هناك).
وروى الأَصمعي أُمامةُ بالأَلف، فَمَن روى أُمامة على الترخيم (* قوله «فمن روى امامة على الترخيم» هكذا في الأصل، ولعله فمن روى أمامة فعلى الأصل ومن روى أميمة فعل تصغير الترخيم).
وأُمامةُ: ثَلَثُمائة من الإبِلِ؛ قال: أَأَبْثُرهُ مالي ويَحْتُِرُ رِفْدَه؟ تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامةُ من هِنْدِ أَراد بأُمامة ما تقدَّم، وأَراد بِهِنْد هُنَيْدَة وهي المائة من الإبل؛ قال ابن سيده: هكذا فسره أَبو العَلاء؛ ورواية الحَماسة: أَيُوعِدُني، والرَّمْلُ بيني وبينه؟ تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامة من هِنْدِ وأَما: من حروف الابتداء ومعناها الإخْبار.
وإمَّا في الجَزاء: مُرَكَّبة من إنْ ومَا.
وإمَّا في الشَّكِّ: عَكْسُ أو في الوضع، قال: ومن خَفِيفِه أَمْ.
وأَمْ حرف عَطف، معناه الاستفهام، ويكون بمعنى بَلْ. التهذيب: الفراء أَمْ في المعنى تكون ردّاً على الاستفهام على جِهَتَيْن: إحداهما أن تُفارِق معنى أَمْ، والأُخرى أن تَسْتَفْهِم بها على جهة النّسَق، والتي يُنْوى به الابتداء إلاَّ أَنه ابتداء متصِل بكلام، فلو ابْتَدَأْت كلاماً ليس قبله كلامٌ ثم استَفْهَمْت لم يكن إلا بالأَلف أو بهَلْ؛ من ذلك قوله عز وجل: ألم تَنْزيلُ الكِتاب لا رَيْبَ فيه مِن رَبِّ العالَمين أمْ يَقولونَ افْتَراه، فجاءت بأَمْ وليس قَبْلَها استفهام فهذه دليل على أَنها استفهام مبتدأٌ على كلام قد سبقه، قال: وأَما قوله أَمْ تُريدُون أن تَسْأَلوا رَسولَكم، فإن شئت جعَلْته استفهاماً مبتدأً قد سبقه كلامٌ، وإن شئت جعَلْته مردوداً على قوله ما لنا لا نرى (* قوله «وان شئت جعلته مردوداً على قوله ما لنا لا نرى» هكذا في الأصل)، ومثله قوله: أَلَيْسَ لي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأَنهارُ تَجْري من تحتي، ثم قال: أَم أَنا خَيْرٌ، فالتفسير فيهما واحدٌ.
وقال الفراء: وربما جَعَلتِ العرب أَمْ إذا سبقها استفهام ولا يَصْلُح فيه أَمْ على جهة بَلْ فيقولون: هل لك قِبَلَنا حَقٌّ أَم أَنتَ رجل معروف بالظُّلْم، يُريدون بل أنت رجُل معروف بالظُّلْم؛ وأَنشد: فوَالله ما أَدري أَسَلْمى تَغَوَّلَتْ، أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ يُريد: بَلْ كلٌّ، قال: ويفعلون مثل ذلك بأَوْ، وهو مذكور في موضعه؛ وقال الزجاج: أَمْ إذا كانت معطوفة على لفظ الاستفهام فهي معروفة لا إشكال فيها كقولك زيد أَحسن أَمْ عَمرو، أَكذا خيرٌ أَمْ كذا، وإذا كانت لا تقَعُ عطفاً على أَلِف الاستفهام، إلا أَنها تكون غير مبتدأَة، فإنها تُؤذِن بمعنى بَلْ ومعنى أَلف الاستفهام، ثم ذكر قول الله تعالى: أَمْ تُريدُون أَن تَسأَلوا رَسُولكم، قال: المعنى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم، قال: وكذلك قوله: ألم تَنْزيلُ الكتاب لا رَيب فيه من ربِّ العالمين أمْ يَقولون افْتَراه؛ قال: المعنى بَلْ يقولون افْتَراه، قال الليث: أَمْ حَرْف أَحسَن ما يكون في الاستفهام على أَوَّله، فيصير المعنى كأَنه استفهام بعد استفهام، قال: ويكون أمْ بمعنى بَلْ، ويكون أم بمعنى ألِف الاستفهام كقولك: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ وأنت تريد: أَعِندَك غداء حاضِرٌ وهي لغة حسنة من لغات العرب؛ قال أَبو منصور: وهذا يَجُوز إذا سبقه كلام، قال الليث: وتكون أَمْ مبتدَأَ الكلام في الخبر، وهي لغة يَمانية، يقول قائلُهم: أم نَحْن خَرَجْنا خِيارَ الناس، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ نَضْرِب الهامَ، وهو يُخْبِر.
وروي عن أبي حاتم قال: قال أَبو زيد أَم تكون زائدة لغةُ أَهل اليمن؛ قال وأَنشد: يا دَهْن أَمْ ما كان مَشْيي رَقَصا، بل قد تكون مِشْيَتي تَوَقُّصا أَراد يا دَهْناء فَرَخَّم، وأَمْ زائدة، أراد ما كان مَشْيي رَقَصاً أي كنت أَتَوقَّصُ وأَنا في شَبِيبتي واليومَ قد أَسْنَنْت حتى صار مَشيي رَقَصاً، والتَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قال ومثلُه: يا ليت شعري ولا مَنْجى من الهَرَمِ، أَمْ هلْ على العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟ قال: وهذا مذهب أَبي زيد وغيره، يذهَب إلى أَن قوله أَمْ كان مَشْيي رَقَصاً معطوف على محذوف تقدّم، المعنى كأَنه قال: يا دَهْن أَكان مَشْيي رَقَصاً أَمْ ما كان كذلك، وقال غيره: تكون أَمْ بلغة بعض أَهل اليَمن بمعنى الأَلِف واللامِ، وفي الحديث: ليس من امْبرِّ امْصِيامُ في امْسَفَر أي ليس من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قال أَبو منصور: والأَلفُ فيها أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب ولا تُظْهر إذا وُصِلت، ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلِف أَم التي قدَّمنا ذكْرَها؛ وأَنشد أَبو عبيد: ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني، يَرْمي ورائي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَه ألا تراه كيف وَصَل الميمَ بالواو؟ فافهمه. قال أَبو منصور: الوجه أن لا تثبت الألف في الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ واللام للتَّعْريف. قال محمد ابن المكرَّم: قال في أَوَّل كلامه: أَمْ بلغة اليمن بمعنى الأَلف واللام، وأَوردَ الحديث ثم قال: والأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ ولا تُظْهر ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلف أَمْ، ثم يقول: الوَجُه أَن لا تثبت الألِف في الكتابة لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف واللام للتَّعْريف، والظاهر من هذا الكلام أَن الميمَ عِوَض لام التَّعْريف لا غَيْر، والأَلفُ على حالِها، فكيف تكون الميم عِوَضاً من الألف واللام؟ ولا حُجَّة بالبيت الذي أَنشده فإن أَلفَ التَّعْريف واللام في قوله والسَّلِمَة لا تظهر في ذلك، ولا في قوله وامْسَلِمَة، ولولا تشديدُ السين لَما قدر على الإتْيان بالميم في الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لا يَظْهر منها شيء في قوله والسَّلِمة، فلمّا قال وامْسَلِمة احتاج أَن تظهر الميم بخلاف اللام والألف على حالتها في عَدَم الظُّهور في اللفظ خاصَّة، وبإظهاره الميم زالت إحْدى السِّينَيْن وخَفَّت الثانية وارْتَفَع التشديدُ، فإن كانت الميم عِوَضاً عن الأَلف واللام فلا تثبت الألف ولا اللام، وإن كانت عِوَضَ اللام خاصَّة فَثُبوت الألف واجبٌ. الجوهري: وأَمّا أَمْ مُخَفَّفة فهي حرَف عَطف في الاستفهام ولها مَوْضِعان: أحدهُما أنْ تَقَع مُعادِلةً لألِفِ الاستفهام بمعنى أيّ تقول أَزَيْدٌ في الدار أَمْ عَمرو والمعنى أَيُّهما فيها، والثاني أَن تكون مُنْقَطِعة مما قبلها خَبراً كان أو استفهاماً، تقول في الخَبَر: إنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يا فتى، وذلك إذا نَظَرْت إلى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلاً فقلت ما سبق إليك، ثم أَدْرَكك الظنُّ أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عن الأَوَّل فقلت أَمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إضْرابٌ عمَّا كان قبله، إلاَّ أَنَّ ما يَقَع بعد بَلْ يَقِين وما بَعْد أَمْ مَظْنون، قال ابن بري عند قوله فقلت أمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إِضْراب عما كان قبله: صَوابُه أَنْ يَقول بمعنى بل أَهِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف الاستفهام التي وَقَع بها الشكُّ، قال: وتَقول في الاستفهام هل زيد مُنْطَلِق أمْ عَمرو يا فَتى؟ إنما أَضْرَبْت عن سُؤالك عن انْطِلاق زيدٍ وجعَلْته عن عَمرو، فأَمْ معها ظنٌّ واستفهام وإضْراب؛ وأَنشد الأخفش للأخطل:كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ، خَيالا؟ وقال في قوله تعالى: أَمْ يَقولون افْتراه؛ وهذا لم يكن أَصلهُ استفهاماً، وليس قوله أَمْ يَقولون افْتَراهُ شكّاً، ولكنَّه قال هذا لِتَقبيح صَنيعِهم، ثم قال: بل هو الحَقُّ من رَبِّك، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه على ما قالوه نحو قولك للرجل: الخَيرُ أَحَبُّ إليك أمِ الشرُّ؟ وأَنتَ تَعْلَم أنه يقول الخير ولكن أَردت أن تُقَبِّح عنده ما صنَع، قاله ابن بري.
ومثله قوله عز وجل: أمِ اتَّخَذ ممَّا يَخْلق بَناتٍ، وقد عَلِم النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، والمسلمون، رضي الله عنهم، أنه تعالى وتقدّس لم يَتَّخِذ وَلَداً سبحانه وإنما قال ذلك لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قال: وتَدْخُل أَمْ على هلْ تقول أَمْ هلْ عندك عمرو؛ وقال عَلْقمة ابن عَبَدة:أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَه، إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟ قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، واستَأْنَف السُّؤال بها فأَدْخَلها على هلْ لتَقَدُّم هلْ في البيت قبله؛ وهو: هلْ ما عَلِمْت وما اسْتودِعْت مَكْتوم ثم استأْنف السؤال بِأَمْ فقال: أَمْ هلْ كَبير؛ ومثله قول الجَحَّاف بن حكيم: أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَصَضَتَنِي على القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟ قال: إلاّ أَنه متى دَخَلَتْ أَمْ على هلْ بَطَل منها معنى الاستفهام، وإنما دَخَلتْ أَم على هلْ لأَنها لِخُروجٍ من كلام إلى كلام، فلهذا السَّبَب دخلتْ على هلْ فقلْت أَمْ هلْ ولم تَقُل أَهَلْ، قال: ولا تَدْخُل أَم على الأَلِف، لا تَقول أَعِنْدك زيد أَمْ أَعِنْدك عَمْرو، لأن أصل ما وُضِع للاستفهام حَرْفان: أَحدُهما الألفُ ولا تَقع إلى في أَوَّل الكلام، والثاني أمْ ولا تقع إلا في وَسَط الكلام، وهلْ إنما أُقيمُ مُقام الألف في الاستفهام فقط، ولذلك لم يَقَع في كل مَواقِع الأَصْل.