المصادر:  


غرر (الصّحّاح في اللغة) [50]


الغُرورُ: مكاسر الجلد. الواحد غَرٌّ.
ومنه قولهم: طويت الثوب على غَرِّهِ، أي كسره الأوَّل.
والغُرَّةُ بالضم: بياضٌ في جبهة الفرس فوق الدِرهم. يقال: فرسٌ أغَرُّ.
والأغَرُّ: الأبيضُ.
وقومٌ غُرَّانٌ. قال امرؤ القيس:
وأوجُهُهُمْ بيضُ المسافرِ غُرَّانُ      ثيابُ بني عوفٍ طهارى نقـيَّةٌ

وفلان غُرَّةُ قومه، أي سيدهم، وهم غُرَرُ قومهم.
وغُرَّةُ كل شيء: أوَّله وأكرمه.
والغُرَرُ: ثلاث ليالٍ من أوَّل الشهر.
والغُرَّةُ: العبد أو الأمَةُ.
ورجلٌ غِرٌّ بالكسر وغَريرٌ، أي غير مجرِّب.
وجاريةٌ غِرَّةٌ وغَريرَةٍ، وغِرٌّ أيضاً، بيِّنة الغَرارَة بالفتح.
وجمع الغِرِّ أغْرارٌ، وجمع الغَريرِ أغِرَّاءُ.
وقد غرَّ يغرُّ بالكسر غرارةً.
والاسم الغِرَّةُ. يقال: كان ذلك في غَرارتي وحداثتي، أي في غِرَّتي.
وعيشٌ غريرٌ، إذا كان لا يفزَّعُ أهله.
والغِرَّة: الغفلة.
والغارُّ: الغافل. تقول . . . أكمل المادة منه: اغْتَرَرْتَ يا رجل.
واغْترَّهُ، أي أتاه على غِرَّةٍ منه.
واغْتَرَّ بالشي، خُدع به.
وقولهم: أنا غَريرك من فلان، أي لن يأتيك منه ما تَغْتَرُّ به.
والغَريرُ: الخلق الحسن. يقال للرجل إذا شاخَ: أدبر غَريرهُ، وأقبل هَريرهُ، أي قد ساء خُلُقُهُ.
والغَررُ: الخطر.
ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم عن بيع الغَرَرِ، وهو بيع السمك في الماء، والطير في الهواء. ابن السكيت: الغَرورُ: الشيطان.
ومنه قوله تعالى: "ولا يَغُرَنَّكم باللهِ الغَرورُ. أيضاً: ما يُتَغرغر به من الأدوية. قال: والغُرورُ بالضم: ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا.
والغِرارُ بالكسر: النوم القليل.
ولبث فلان غِرارَ شهرٍ، أي مكث مقدار شهر.
والغِرارُ: نقصان لبن الناقة.
وفي الحديث: "لا غِرارَ في الصلاة"، وهو أن لا يتمَّ ركوعها وسجودها.
والغِرارانِ: شفرتا السيف.
وكل شيءٍ له حدٌّ فحدُّه غِراره.
والجمع أغِرَّةٌ.
وأتانا على غِرارٍ، أي على عجلة. قال الأصمعيّ: الغِرارُ: الطريقة. يقال: رميت ثلاثة أسهمٍ على غِرارٍ واحد، أي على مجرًى واحد.
وولدت فلانة ثلاثة بنين على غِرارٍ، أي بعضهم خلف بعض.
وبنى القوم بيوتهم على غِرارٍ واحد.
والغِرارُ: المثال الذي تُطبَع عليه نِصال السهام. يقال: ضرب نصاله على غِرارٍ واحدٍ.
ويقال: ليتَ اليوم غِرارُ شهرٍ، أي أمثال شهر، أي طول شهر.
والغِرارةُ: واحد الغرائر التي للتِبن، وأظنُّه معرباً.
وغَرَّهُ يَغُرُّهُ غُروراً: خدعه. يقال: ما غَرَّكَ بفلان? أي كيف اجترأت عليه? ومن غَرَّكَ من فلان? أي من أوطأك عشوةً فيه.
وغَرَّ الطائر أيضاً بفرخه يَغُرُّهُ غِراراً، أي زَقَّهُ.
والتغريرُ: حمل النفس على الغَرَر، وقد غَرَّرَ بنفسه تَغْريراً وتَغِرَّةً.
ويقال أيضاً: غَرَّرَتْ ثنيَّتا الغلام، أي طلعتْ أوَّل ما تطلع. الأصمعيّ: يقال: غارَّتِ الناقةُ، أي نفرت فرفعت الدِرَّةَ.
وفي المثل: سبق دِرَّتُهُ غِرارهُ. يقال: ناقة مُغارَّةٌ بالضم، ونوقٌ مَغارٌّ يا هذا، بفتح الميم، غير مصروف. أبو زيد: غارَّتِ السوقُ تُغارُّ غراراً: كسدت.
ودَرَّتْ درَّةً: نفَقَتْ.

غر (المعجم الوسيط) [50]


 الرجل غرارة وغرة جهل الْأُمُور وغفل عَنْهَا فَهُوَ غر وَالْمَاء نضب وَفُلَانًا غرا وغرورا خدعه وأطمعه بِالْبَاطِلِ يُقَال غره الشَّيْطَان وَنَحْوه وغرته الدُّنْيَا فَهُوَ غرور وَهُوَ مغرور وغرير وَيُقَال مَا غَرَّك بِكَذَا مَا جرأك عَلَيْهِ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} وَفُلَانًا أصَاب غرته ونال مِنْهُ مَا أَرَادَ والطائر فرخه غرا وغرارا أطْعمهُ بمنقاره غر:  غررا وغرارة كَانَ ذَا غرَّة وابيض يُقَال غر وَجهه وغر الْفرس وَالرجل سَاد وَشرف وكرمت فعاله واتضحت فَهُوَ أغر وَهِي غراء (ج) غر وَالرجل كَانَ ذَا غَفلَة وَقلت فطنته فَهُوَ غر 

غرر (لسان العرب) [50]


غرّه يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو مَغرور وغرير: خدعه وأَطعمه بالباطل؛ قال: إِن امْرَأً غَرّه منكن واحدةٌ، بَعْدِي وبعدَكِ في الدنيا، لمغرور أَراد لمغرور جدًّا أَو لمغرور جِدَّ مغرورٍ وحَقَّ مغرورٍ، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة لأَنه قد علم أَن كل من غُرّ فهو مَغْرور، فأَيُّ فائدة في قوله لمغرور، إِنما هو على ما فسر.
واغْتَرَّ هو: قَبِلَ الغُرورَ. غَرَرٌ منك، أَي مغرور وأَنا غَرِيرُك من هذا أَي أَنا الذي غَرَّك منه أَي لم يكن الأَمر على ما تُحِبّ.
وفي الحديث: المؤمِنُ غِرٌّ كريم . . . أكمل المادة أَي ليس بذي نُكْر، فهو ينْخَدِع لانقياده ولِينِه، وهو ضد الخَبّ. يقال: فتى غِرٌّ، وفتاة غِرٌّ، وقد غَرِرْتَ تَغَرُّ غَرارةً؛ يريد أَن المؤمن المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الفطنة للشرّ وتركُ البحث عنه، وليس ذلك منه جهلاً، ولكنه كَرَمٌ وحسن خُلُق؛ ومنه حديث الجنة: يَدْخُلُني غِرّةُ الناس أَي البُلْه الذين لم يُجَرِّبوا الأُمور فهم قليلو الشرِّ منقادون، فإِنَ منْ آثرَ الخمولَ وإِصلاحَ نفسه والتزوُّدَ لمعاده ونَبَذَ أُمور الدنيا فليس غِرًّا فيما قَصَد له ولا مذموماً بنوع من الذم؛ وقول طرفة: أَبا مُنْذِرٍ، كانت غُروراً صَحِيفتي، ولم أُعْطِكم، في الطَّوْعِ، مالي ولا عِرْضِي إِنما أَراد: ذات غُرورٍ لا تكون إِلا على ذلك. قاله ابن سيده قال: لأَن الغُرور عرض والصحيفة جوهر والجوهر لا يكون عرضاً. ما غَرّك من إِنسان وشيطان وغيرهما؛ وخص يعقوب به الشيطان.
وقوله تعالى: ولا يغُرَّنَّكم بالله الغَرور؛ قيل: الغَرور الشيطان، قال الزجاج: ويجوز الغُرور، بضم الغين، وقال في تفسيره: الغُرور الأَباطيل، ويجوز أَن يكون الغُرور جمع غارٍّ مثل شاهد وشُهود وقاعد وقُعود، والغُرور، بالضم: ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا.
وفي التنزيل العزيز: لا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا؛ يقول: لا تَغُرَّنَّكم الدنيا فإِن كان لكم حظ فيها يَنْقُص من دينكم فلا تُؤْثِروا ذلك الحظّ ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور. الشيطان يَغُرُّ الناس بالوعد الكاذب والتَّمْنِية.
وقال الأَصمعي: الغُرور الذي يَغُرُّك. بالضم: الأَباطيل، كأَنها جمع غَرٍّ مصدر غَرَرْتُه غَرًّا، قال: وهو أَحسن من أَن يجعل غَرَرْت غُروراً لأَن المتعدي من الأَفعال لا تكاد تقع مصادرها على فُعول إِلا شاذّاً، وقد قال الفراء: غَرَرْتُه غُروراً، قال: وقوله: ولا يَغُرّنّكم بالله الغَرور، يريد به زينة الأَشياء في الدنيا. الدنيا، صفة غالبة. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يا أَيها الإِنسان ما غَرَّكَ بربِّك الكريم؛ أَي ما خدَعَك وسوَّل لك حتى أَضَعْتَ ما وجب عليك؛ وقال غيره: ما غرّك أَي ما خدعك بربِّك وحملك على معصِيته والأَمْنِ من عقابه فزيَّن لك المعاصي والأَمانيَّ الكاذبة فارتكبت الكبائر، ولم تَخَفْه وأَمِنْت عذابه، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد الذي يأْمَنُ مكرَ ولا يخافه؛ وقال الأَصمعي: ما غَرَّك بفلان أَي كيف اجترأْت عليه.
ومَنْ غَرَّك مِنْ فلان ومَنْ غَرَّك بفلان أَي من أَوْطأَك منه عَشْوةً في أَمر فلان؛ وأَنشد أَبو الهيثم: أَغَرَّ هشاماً، من أَخيه ابن أُمِّه، قَوادِمُ ضَأْنٍ يَسَّرَت ورَبيعُ قال: يريد أَجْسَرَه على فراق أَخيه لأُمِّه كثرةُ غنمِه وأَلبانِها، قال: والقوادم والأَواخر في الأَخْلاف لا تكون في ضروع الضأْن لأَن للضأْن والمعز خِلْفَيْنِ مُتحاذِيَينِ وما له أَربعة أَخلاف غيرهما، والقادِمان: الخِلْفان اللذان يَليان البطن والآخِران اللذان يليان الذَّنَب فصيّره مثلاً للضأْن، ثم قال: أَغرّ هشاماً لضأْن (*قوله« لضأْن» هكذا بالأصل ولعله قوادم لضأن) .له يَسَّرت وظن أَنه قد استغنى عن أَخيه وقال أَبو عبيد: الغَرير المَغْرور. حديث سارِق أَبي بكر، رضي اللَّه عنه: عَجِبْتُ مِن غِرّتِه بالله عز وجل أَي اغترارِه.
والغَرارة من الغِرِّ، والغِرّة من الغارّ، والتَّغرّة من التَّغْرير، والغارّ: الغافل. التهذيب: وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَيّما رجل بايعَ آخَرَ على مشورة (* قوله « على مشورة» هو هكذا في الأصل، ولعله على غير مشورة.
وفي النهاية بايع آخر فانه لا يؤمر إلخ) . فإِنه لا يُؤَمَّرُ واحدٌ منهما تَغرَّةَ أَن يُقْتَلا؛ التَّغرَّة مصدر غَرَرْته إِذا أَلقيته في الغَرَر وهو من التَّغْرير كالتَّعِلّة من التعليل؛ قال ابن الأَثير: وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تَغرَّةٍ في أَن يُقْتَلا أَي خوف وقوعهما في القتل فحَذَف المضافَ الذي هو الخوف وأَقام المضاف إِليه الذي هو ثَغِرّة مقامه، وانتصب على أَنه مفعول له، ويجوز أَن يكون قوله أَن يُقْتَلا بدلاً من تَغِرّة، ويكون المضاف محذوفاً كالأَول، ومن أَضاف ثَغِرّة إِلى أَن يُقْتَلا فمعناه خوف تَغِرَّةِ قَتْلِهما؛ ومعنى الحديث: أَن البيعة حقها أَن تقع صادرة عن المَشُورة والاتفاقِ، فإِذا اسْتبدَّ رجلان دون الجماعة فبايَع أَحدُهما الآخرَ، فذلك تَظاهُرٌ منهما بشَقّ العصا واطِّراح الجماعة، فإِن عُقدَ لأَحد بيعةٌ فلا يكون المعقودُ له واحداً منهما، وليْكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإِمام منها، لأَنه لو عُقِد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفَعْلة الشنيعة التي أَحْفَظَت الجماعة من التهاوُن بهم والاستغناء عن رأْيهم، لم يُؤْمَن أَن يُقْتلا؛ هذا قول ابن الأَثير، وهو مختصر قول الأَزهري، فإِنه يقول: لا يُبايع الرجل إِلا بعد مشاورة الملإِ من أَشراف الناس واتفاقهم، ثم قال: ومن بايع رجلاً عن غير اتفاق من الملإِ لم يؤمَّرْ واحدٌ منهما تَغرّةً بمكر المؤمَّر منهما، لئلا يُقْتَلا أَو أَحدهما، ونَصب تَغِرّة لأَنه مفعول له وإِن شئت مفعول من أَجله؛ وقوله: أَن يقتلا أَي حِذارَ أَن يقتلا وكراهةَ أَن يقتلا؛ قال الأَزهري: وما علمت أَحداً فسر من حديث عمر، رضي الله عنه، ما فسرته، فافهمه.
والغَرِير: الكفيل.
وأَنا غَرِير فلان أَي كفيله.
وأَنا غَرِيرُك من فلان أَي أُحذِّرُكَه، وقال أَبو نصر في كتاب الأَجناس: أَي لن يأْتيك منه ما تَغْتَرُّ به، كأَنه قال: أَنا القيم لك بذلك. قال أَبو منصور: كأَنه قال أَنا الكفيل لك بذلك؛ وأَنشد الأَصمعي في الغَرِير الكفيل رواه ثعلب عن أَبي نصر عنه قال: أَنت لخيرِ أُمّةٍ مُجيرُها، وأَنت مما ساءها غَرِيرُها أَبو زيد في كتاب الأَمثال قال: ومن أَمثالهم في الخِبْرة ولعلم: أَنا غَرِيرُك من هذا الأَمر أَي اغْترَّني فسلني منه على غِرّةٍ أَي أَني عالم به، فمتى سأَلتني عنه أَخبرتك به من غير استعداد لذلك ولا روِيّة فيه.
وقال الأَصمعي في هذا المثل: معناه أَنك لستَ بمغرور مني لكنِّي أَنا المَغْرور، وذلك أَنه بلغني خبرٌ كان باطلاً فأَخْبَرْتُك به، ولم يكن على ما قلتُ لك وإِنما أَدَّيت ما سمعتُ.
وقال أَبو زيد: سمعت أَعرابيا يقول لآخر: أَنا غريرك مِن تقولَ ذلك، يقول من أَن تقول ذلك، قال: ومعناه اغْترَّني فسَلْني عن خبره فإِني عالم به أُخبرك عن أمره على الحق والصدق. قال: الغُرور الباطل؛ وما اغْتَرَرْتَ به من شيء، فهو غَرُور. بنفسه ومالِه تَغْريراً وتَغِرّةً: عرَّضهما للهَلَكةِ من غير أَن يَعْرِف، والاسم الغَرَرُ، والغَرَرُ الخَطَرُ.
ونهى رسول اللَّه ،صلى الله عليه وسلم، عن بيع الغَرَرِ وهو مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء.
والتَّغْرير: حمل النفس على الغَرَرِ، وقد غرَّرَ بنفسه تَغْرِيراً وتَغِرّة كما يقال حَلَّل تَحْلِيلاً وتَحِلَّة وعَلّل تَعِْليلاً وتَعِلّة، وقيل: بَيْعُ الغَررِ المنهيُّ عنه ما كان له ظاهرٌ يَغُرُّ المشتري وباطنٌ مجهول، يقال: إِياك وبيعَ الغَرَرِ؛ قال: بيع الغَرَر أَن يكون على غير عُهْدة ولا ثِقَة. قال الأَزهري: ويدخل في بيع الغَرَرِ البُيوعُ المجهولة التي لا يُحيط بكُنْهِها المتبايِعان حتى تكون معلومة.
وفي حديث مطرف: إِن لي نفساً واحدة وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بها أَي أَحملها على غير ثقة، قال: وبه سمي الشيطان غَرُوراً لأَنه يحمل الإِنسان على مَحابِّه ووراءَ ذلك ما يَسوءه، كفانا الله فتنته.
وفي حديث الدعاء: وتَعاطِي ما نهيت عنه تَغْريراً أَي مُخاطرةً وغفلة عن عاقِبة أَمره.
وفي الحديث: لأَنْ أَغْتَرَّ بهذه الآية ولا أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بهذه الأية؛ يريد قوله تعالى: فقاتِلُوا التي تبغي حتى تَفيءَ إلى أَمر الله، وقوله: ومَنْ يَقْتَلْ مؤمناً مُتَعَمِّداً؛ المعنى أَن أُخاطِرَ بتركي مقتضى الأَمر بالأُولى أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بالدخول تحت الآية الأُخرى.
والغُرَّة، بالضم: بياض في الجبهة، وفي الصحاح: في جبهة الفرس؛ فرس أَغَرُّ وغَرّاء، وقيل: الأَغَرُّ من الخيل الذي غُرّتُه أَكبر من الدرهم، وقد وَسَطَت جبهَته ولم تُصِب واحدة من العينين ولم تَمِلْ على واحد من الخدّينِ ولم تَسِلْ سُفْلاً، وهي أَفشى من القُرْحة، والقُرْحة قدر الدرهم فما دونه؛ وقال بعضهم: بل يقال للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قلت أَغَرُّ فلا بد من أَن تَصِف الغُرَّة بالطول والعِرَض والصِّغَر والعِظَم والدّقّة، وكلهن غُرَر، فالغرّة جامعة لهن لأَنه يقال أَغرُّ أَقْرَح، وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ ليس بضرب واحد بل هو جنس جامع لأَنواع من قُرْحة وشِمْراخ ونحوهما.
وغُرّةُ الفرسِ: البياضُ الذي يكون في وجهه، فإن كانت مُدَوَّرة فهي وَتِيرة، وإن كانت طويلة فهي شادِخةٌ. قال ابن سيده: وعندي أَن الغُرّة نفس القَدْر الذي يَشْغَله البياض من الوجه لا أَنه البياض.
والغُرْغُرة، بالضم: غُرَّة الفرس.
ورجل غُرغُرة أَيضاً: شريف.
ويقال بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فيقول صاحبه: بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ. ابن الأَعرابي: فرس أَغَرُّ، وبه غَرَرٌ، وقد غَرّ يَغَرُّ غَرَراً، وجمل أَغَرُّ وفيه غَرَرٌ وغُرور. الأَبيض من كل شيء.
وقد غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بالفتح، غَرَراً وغُرّةً وغَرارةً: صار ذا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عن ابن الأَعرابي، وفكَّ مرةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فقال غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ. قال ابن سيده: وعندي أَن غُرّة ليس بمصدر كما ذهب إِليه ابن الأَعرابي ههنا، وإِنما هو اسم وإِنما كان حكمه أَن يقول غَرِرْت غَرَراً، قال: على أَني لا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي في مثل هذا.
وفي حديث عليّ، كرم الله تعالى وجهه: اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذا الغُرّتين؛ الغُرّتان: النُّكْتتان البَيْضاوانِ فوق عينيه.
ورجل أَغَرُّ: كريم الأَفعال واضحها، وهو على المثل.
ورجل أَغَرُّ الوجه إذا كان أَبيض الوجه من قوم غُرٍّ وغُرّان؛ قال امرؤ القيس يمدح قوماً: ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ، وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ وقال أَيضاً: أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ قال ابن بري: المشهور في بيت امرئ القيس: وأَوجُههم عند المَشاهِد غُرّانُ أَي إذا اجتمعوا لِغُرْم حَمالةٍ أَو لإِدارة حَرْب وجدتَ وجوههم مستبشرة غير منكرة، لأَن اللئيم يَحْمَرُّ وجهه عندها يسائله السائل، والكريم لا يتغيّر وجهُه عن لونه قال: وهذا المعنى هو الذي أَراده من روى بيض المسافر.
وقوله: ثياب بني عوف طهارَى، يريد بثيابهم قلوبهم؛ ومنه قوله تعالى: وثِيابَك فطَهِّرْ.
وفي الحديث: غُرٌّ محجلون من آثارِ الوُضوء؛ الغُرُّ: جمع الأَغَرّ من الغُرّة بياضِ الوجه، يريد بياضَ وجوههم الوُضوء يوم القيامة؛ وقول أُمّ خالد الخَثْعَمِيّة: ليَشْرَبَ جَحْوَشٌ ، ويَشِيمهُ بِعَيْني قُطامِيٍّ أَغَرّ شآمي يجوز أَن تعني قطاميًّا أَبيض، وإِن كان القطامي قلما يوصف بالأَغَرّ، وقد يجوز أَن تعني عنُقَه فيكون كالأَغَرّ بين الرجال، والأَغَرُّ من الرجال: الذي أَخَذت اللحيَةُ جميعَ وجهه إِلا قليلاً كأَنه غُرّة؛ قال عبيد بن الأَبرص: ولقد تُزانُ بك المَجا لِسُ، لا أَغَرّ ولا عُلاكزْ (* قوله «ولا علاكز» هكذا هو في الأصل فلعله علاكد، بالدال بلد الزاي) .
وغُرّة الشيء: أَوله وأَكرمُه.
وفي الحديث: ما أَجدُ لما فَعَل هذا في غُرَّةِ الإِسلام مَثَلاً إِلا غنماً وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوّلُها فنَفَر آخِرُها؛ وغُرّة الإِسلام: أَوَّلُه.
وغُرَّة كل شيء: أَوله.
والغُرَرُ: ثلاث ليال من أَول كل شهر.
وغُرّةُ الشهر: ليلةُ استهلال القمر لبياض أَولها، وقيل: غُرّةُ الهلال طَلْعَتُه، وكل ذلك من البياض. يقال: كتبت غُرّةَ شهر كذا.
ويقال لثلاث ليال من الشهر: الغُرَر والغُرُّ، وكل ذلك لبياضها وطلوع القمر في أَولها، وقد يقال ذلك للأَيام. قال أَبو عبيد: قال غير واحد ولا اثنين: يقال لثلاث ليال من أَول الشهر: ثلاث غُرَر، والواحدة غُرّة، وقال أَبو الهيثم: سُمِّين غُرَراً واحدتها غُرّة تشبيهاً بغُرّة الفرس في جبهته لأَن البياض فيه أَول شيء فيه، وكذلك بياض الهلال في هذه الليالي أَول شيء فيها.
وفي الحديث: في صوم الأَيام الغُرِّ؛ أَي البيض الليالي بالقمر. قال الأَزهري: وأَما اللَّيالي الغُرّ التي أَمر النبي،صلى الله عليه وسلم ، بصومها فهي ليلة ثلاثَ عَشْرةَ وأَربعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرةَ، ويقال لها البيض، وأَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بصومها لأَنه خصها بالفضل؛ وفي قول الأَزهري: الليالي الغُرّ التي أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بصومها نَقْدٌ وكان حقُّه أَن يقول بصوم أَيامها فإِن الصيام إِنما هو للأَيام لا لليالي، ويوم أَغَرُّ: شديد الحرّ؛ ومنه قولهم: هاجرة غَرّاء ووَدِيقة غَرّاء؛ ومنه قول الشاعر: أَغَرّ كلون المِلْحِ ضاحِي تُرابه، إذا اسْتَوْدَقَت حِزانُه وضياهِبُه (* قوله «وضياهبه» هو جمع ضيهب كصيقل، وهو كل قف أو حزن أو موضع من الجبل تحمى عليه الشمس حتى يشوى عليه اللحم. لكن الذي في الاساس: سباسبه، وهي جمع سبسب بمعنى المفازة) . قال وأنشد أَبو بكر: مِنْ سَمُومٍ كأَنّها لَفحُ نارٍ، شَعْشَعَتْها ظَهيرةٌ غَرّاء ويقال: وَدِيقة غَرّاء شديدة الحرّ؛ قال: وهاجرة غَرّاء قاسَيْتُ حَرّها إليك، وجَفْنُ العينِ بالماء سابحُ (* قوله «بالماء» رواية الاساس: في الماء) . الأَصمعي: ظَهِيرة غَرّاء أَي هي بيضاء من شدّة حر الشمس، كما يقال هاجرة شَهْباء.
وغُرّة الأَسنان: بياضُها.
وغَرَّرَ الغلامُ: طلع أَوّلُ أَسنانه كأَنه أَظهر غُرّةَ أَسنانِه أَي بياضها.
وقيل: هو إذا طلعت أُولى أَسنانه ورأَيت غُرّتَها، وهي أُولى أَسنانه.
ويقال: غَرَّرَت ثَنِيَّنا الغلام إذا طلعتا أَول ما يطلعُ لظهور بياضهما، والأَغَرُّ: الأَبيض، وقوم غُرّان.
وتقول: هذا غُرّة من غُرَرِ المتاع، وغُرّةُ المتاع خيارُه ورأْسه، وفلان غُرّةٌ من غُرَرِ قومه أَي شريف من أَشرافهم.
ورجل أَغَرُّ: شريف، والجمع غُرُّ وغُرَّان؛ وأَنشد بيت امرئ القيس: وأَوْجُهُهم عند المشاهد غُرّان وهو غرة قومِه أَي سّيدهُم، وهم غُرَرُ قومهم.
وغُرّةُ النبات: رأْسه.
وتَسَرُّعُ الكَرْمِ إلى بُسُوقِه: غُرّتُه؛ وغُرّةُ الكرم: سُرْعةُ بُسوقه.
وغُرّةُ الرجل: وجهُه، وقيل: طلعته ووجهه.
وكل شيء بدا لك من ضوء أَو صُبْح، فقد بدت لك غُرّته.
ووَجْهٌ غريرٌ: حسن، وجمعه غُرّان؛ والغِرُّ والغرِيرُ: الشابُّ الذي لا تجربة له، والجمع أَغِرّاء وأَغِرّة والأُنثى غِرٌّ وغِرّة وغَريرة؛ وقد غَرِرْتَ غَرارَةٌ، ورجل غِرٌّ، بالكسر، وٌغرير أَي غير مجرّب؛ وقد غَرّ يَغِرُّ، بالكسر، غرارة، والاسم الغِرّة. الليث: الغِرُّ كالغِمْر والمصدر الغَرارة،وجارية غِرّة.
وفي الحديث: المؤمنُ غِرٌّ كَريم الكافرُ خَبٌّ لَئِيم؛ معناه أَنه ليس بذي نَكراء، فالغِرُّ الذي لا يَفْطَن للشرّ ويغفلُ عنه، والخَبُّ ضد الغِرّ، وهو الخَدّاع المُفْسِد، ويَجْمَع الغِرَّ أَغْرارٌ، وجمع الغَرِير أَغرّاء.
وفي الحديث ظبيان: إنّ ملوك حِمْير مَلَكُوا مَعاقِلَ الأَرض وقرَارَها ورؤوسَ المُلوكِ وغِرارَها. الغِرار والأَغْرارُ جمع الغِرّ.
وفي حديث ابن عمر: إنّك ما أَخَذْتَها بَيْضاءَ غَرِيرة؛ هي الشابة الحديثة التي لم تجرِّب الأُمور. أَبو عبيد: الغِرّة الجارية الحديثة السِّنِّ التي لم تجرِّب الأُمور ولم تكن تعلم ما يعلم النساء من الحُبِّ، وهي أَيضاً غِرٌّ، بغير هاء؛ قال الشاعر: إن الفَتَاةَ صَغِيرةٌ غِرٌّ، فلا يُسْرَى بها الكسائي: رجل غِرٌّ وامرأَة غِرٌّ بيِّنة الغَرارة، بالفتح، من قوم أَغِرّاء؛ قال: ويقال من الإنسان الغِرّ: غَرَرْت يا رجل تَغِرُّ غَرارة، ومن الغارّ وهو الغافل اغْتَرَرْت. ابن الأَعرابي: يقال غَرَرْت بَعْدي تَغُِ غَرارَة فأَت غِرُّ والجارية غِرٌّ إذا تَصابَى. أَبو عبيد: الغَريرُ المَغْرور والغَرارة من الغِرّة والغِرَّة من الغارّ والغَرارةُ والغِرّة واحدٌ؛ الغارّ: الغافل والغِرَّة الغفلة، وقد اغْتَرّ، والاسم منهما الغِرة.
وفي المثل: الغِرَّة تَجْلُب الدِّرَّة أَي الغفلة تجلب الرزق، حكاه ابن الأَعرابي.
ويقال: كان ذلك في غَرارتي وحَداثتي أَي في غِرّتي.
واغْتَرّه أَي أَتاه على غِرّة منه.
واغْترَّ بالشيء: خُدِع به.
وعيش غَرِيرٌ: أَبْله يُفَزِّع أَهله.
والغَريِر الخُلُق: الحسن. يقال للرجل إِذا شاخَ: أَدْبَرَ غَريرهُ وأَقْبَل هَريرُه أَي قد ساء خلُقه.
والغِرارُ: حدُّ الرمح والسيف والسهم.
وقال أَبو حنيفة: الغِراران ناحيتا المِعْبلة خاصة. غيره: والغِراران شَفْرتا السيف وكل شيء له حدٌّ، فحدُّه غِرارُه، والجمع أَغِرّة، وغَرُّ السيف حدّه؛ ،منه قول هِجْرِس بن كليب حين رأَى قاتِلَ أَبيه: أَما وسَيْفِي وغَرَّيْه أَي وحَدّيه.
ولَبِثَ فلان غِرارَ شهر أَي مكث مقدارَ شهر.
ويقال: لَبِث اليومُ غِرارَ شهر أَي مِثالَ شهر أَي طُول شهر، والغِرارُ: النوم القليل، وقيل: هوالقليل من النوم وغيره.
وروى الأَوزاعي عن الزهري أَنه قال: كانوا لا يَرَون بغرار النَّوْم بأْساً حتى لا يَنْقض الوضوءَ أَي لا ينقض قليلُ النوم الوضوء. قال الأَصمعي: غِرارُ النوم قلّتُه؛ قال الفرزدق في مرثية الحجاج: إن الرَّزِيّة من ثَقيفٍ هالكٌ تَرَك العُيونَ ، فنَوْمُهُن غِرارُ أَي قليل.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا غِرار في صلاة ولا تسليم؛ أَي لا نقصان. قال أَبو عبيد: الغرارُ في الصلاة النقصان في ركوعها وسجودها وطُهورها وهو أَن لا يُتِمَّ ركوعها وسجودها. قال أَبو عبيد: فمعنى الحديث لا غِرار في صلاة أَي لا يُنْقَص من ركوعها ولا من سجودها ولا أَركانها، كقول سَلْمان: الصلاة مكيال فمن وَفَّى وُفِّيَ له، ومن طَفّفَ فقد علمتم ما قال الله في المُطَفِّفِين؛ قال: وأَما الغِرَارُ في التسليم فنراه أَن يقول له: السَّلام عليكم، فَيَرُدُّ عليه الآخر: وعليكم، ولا يقول وعليكم السلام؛ هذا من التهذيب. قال ابن سيده: وأَما الغِرارُ في التّسليم فنراه أَن يقول سَلامٌ عليكَ أَو يَرُدَّ فيقول وعليك ولا يقول وعليكم، وقيل: لا غِرَارَ في الصلاة ولا تَسليم فيها أَي لا قليل من النوم في الصلاة ولا تسليم أَي لا يُسَلِّم المصلّي ولا يَسَلَّم عليه؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالنصب والجر، فمن جرّه كان معطوفاً على الصلاة، ومن نصبه كان معطوفاً على الغِرار، ويكون المعنى: لا نَقْصَ ولا تسليمَ في صلاة لأَن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز ؛ وفي حديث آخر: تُغارُّ التحيّةُ أَي يُنْقَص السلامُ.
وأَتانا على غِرارٍ أَي على عجلة.
ولقيته غِراراً أَي على عجلة، وأَصله القلَّةُ في الرَّوِية للعجلة.
وما أَقمت عنده إلا غِراراً أَي قليلاً. التهذيب: ويقال اغْتَرَرْتُه واسْتَغْرَرْتُه أَي أَتيته على غِرّة أَي على غفلة، والغِرار: نُقصانُ لبن الناقة، وفي لبنها غِرارٌ؛ ومنه غِرارُ النومِ: قِلّتُه. قال أَبو بكر في قولهم: غَرَّ فلانٌ فلاناً: قال بعضهم عرَّضه للهلَكة والبَوارِ، من قولهم: ناقة مُغارٌّ إذا ذهب لبنها لحَدث أَو لعلَّة.
ويقال: غَرَّ فلان فلاناً معناه نَقَصه، من الغِرار وهو النقصان.
ويقال:: معنى قولهم غَرَّ فلان فلاناً فعل به ما يشبه القتلَ والذبح بِغرار الشّفْرة، وغارَّت الناقةُ بلبنها تُغارُّ غِراراً، وهي مُغارٌّ: قلّ لبنها؛ ومنهم من قال ذلك عند كراهيتها للولد وإنكارها الحالِبَ. الأَزهري: غِرارُ الناقةِ أَنْ تُمْرَى فَتَدِرّ فإن لم يُبادَرْ دَرُّها رفَعَت دَرَّها ثم لم تَدِرّ حتى تُفِيق. الأَصمعي: من أَمثالهم في تعَجُّلِ الشيء قبل أوانِه قولهم: سَبَقَ درَّتُه غِرارَه، ومثله سَبَقَ سَيْلُه مَطرَه. ابن السكيت: غارَّت الناقةُ غراراً إِذا دَرَّت، ثم نفرت فرجعت الدِّرَة؛ يقال: ناقة مُغارٌّ، بالضم، ونُوق مَغارُّ يا هذا، بفتح الميم، غير مصروف.
ويقال في التحية: لا تُغارَّ أَي لا تَنْقُصْ، ولكن قُلْ كما يُقال لك أَو رُدَّ، وهو أَن تمرَّ بجماعة فتخصَّ واحداً.
ولِسُوقنا غِرارٌ إذا لم يكن لمتاعها نَفاقٌ؛ كله على المثل.
وغارَّت السوقُ تُغارُّ غِراراً: كسَدَت، ودَرَّت دَرَّةً: نفَقَت؛ وقول أَبي خراش (*: قوله «وقول أبي خراش إلخ» في شرح القاموس ما نصه: هكذا ذكره صاحب اللسان هنا، والصواب ذكره في العين المهملة) : فغارَرت شيئاً والدَّرِيسُ ، كأَنّما يُزَعْزِعُه وَعْكٌ من المُومِ مُرْدِمُ قيل: معنى غارَرْت تَلَبَّثت، وقيل: تنبهت ووَلَدَت ثلاثةً على غِرارٍ واحدٍ أَي بعضُهم في إثْر بعض ليس بينهم جارية. الأَصمعي: الغِرارُ الطريقة. يقال: رميت ثلاثة أَسْهُم على غِرار واحد أَي على مَجْرًى واحد.
وبنى القومُ بيوتهم على غِرارِ واحدٍ.
والغِرارُ: المثالُ الذي يَضْرَب عليه النصالُ لتصلح. يقال: ضرَبَ نِصالَه على غِرارٍ واحد؛ قال الهُذَلي يصف نصلاً: سَديد العَيْر لم يَدْحَضْ عليه الـ ـغِرارُ، فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ قوله سديد ، بالسين، أَي مستقيم. قال ابن بري: البيت لعمرو بن الداخل، وقوله سَدِيد العَيْر أَي قاصِد.
والعَير: الناتئ في وسط النصل.
ولم يَدْحَضْ أَي لم يَزْلَقْ عليه الغِرارُ، وهو المثال الذي يضرب عليه النصل فجاء مثل المثال.
وزَعِلٌ: نَشِيط.
ودَرُوجٌ: ذاهِبٌ في الأرض.
والغِرارةُ: الجُوالِق، واحدة الغَرائِر؛ قال الشاعر: كأَنّه غرارةٌ مَلأَى حَثَى الجوهري: الغِرارةُ واحدة الغَرائِر التي للتّبْن، قال: وأَظنّه معرباً. الأَصمعي: الغِرارُ أَيضاً غرارُ الحَمامِ فرْخَه إذا زَقّه، وقد غرَّتْه تَغُرُّه غَرًّا وغِراراً. قال: وغارَّ القُمْرِيُّ أَُنْثاه غِراراً إذا زقَّها.
وغَرَّ الطائرُ فَرْخَه يَغُرُّه غِراراً أَي زقَّه.
وفي حديث معاوية قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يَغُرُّ عليًّا بالعلم أَي يُلْقِمُه إِيّاه. يقال: غَرَّ الطائرُ فَرْخَه أَي زقَّه.
وفي حديث علي، عليه السلام: مَنْ يَطِع اللّه يَغُرّه كما يغُرُّهُ الغُرابُ بُجَّه أَي فَرْخَه.
وفي حديث ابن عمر وذكر الحسن والحسين، رضوان اللّه عليهم أَجمعين، فقال: إِنما كانا يُغَرّان العِلْمَ غَرًّا، والغَرُّ: اسمُ ما زقَّتْه به، وجمعه غُرورٌ؛ قال عوف بن ذروة فاستعمله في سير الإِبل: إِذا احْتَسَى، يومَ هَجِير هائِفِ، غُرورَ عِيدِيّاتها الخَوانِفِ يعني أَنه أَجهدها فكأَنه احتَسَى تلك الغُرورَ. غُرَّ فلانٌ من العِلْمِ ما لم يُغَرَّ غيرهُ أَي زُقَّ وعُلِّم.
وغُرَّ عليه الماءُ وقُرَّ عليه الماء أَي صُبَّ عليه.
وغُرَّ في حوضك أَي صُبَّ فيه.
وغَرَّرَ السقاء إِذا ملأَه؛ قال حميد: وغَرَّرَه حتى اسْتَدارَ كأَنَّه، على الفَرْو ، عُلْفوفٌ من التُّرْكِ راقِدُ يريد مَسْك شاةٍ بُسِطَ تحت الوَطْب. التهذيب: وغَرَرْتُ الأَساقِيَ ملأْتها؛ قال الراجز: فَظِلْتَ تَسْقي الماءَ في قِلاتِ، في قُصُبٍ يُغَرُّ في وأْباتِ، غَرَّكَ في المِرارِ مُعْصَماتِ القُصْبُ: الأَمْعاءُ .
والوَأْباتُ: الواسعات. قال الأَزهري: سمعت أَعرابيًّا يقول لآخر غُرَّ في سِقائك وذلك إِذا وضعه في الماء وملأَه بيده يدفع الماء في فيه دفعاً بكفه ولا يستفيق حتى يملأَه. الأَزهري: الغُرّ طَيْرٌ سُود بيضُ الرؤوس من طير الماء، الواحدة غَرَّاء، ذكراً كان أَو أُنثى. قال ابن سيده: الغُرُّ ضرب من طير الماء، ووصفه كما وصفناه.
والغُرَّةُ: العبد أَو الأَمة كأَنه عُبِّر عن الجسم كله بالغُرَّة؛ وقال الراجز: كلُّ قَتىلٍ في كُلَيْبٍ غُرَّه، حتى ينال القَتْلَ آلُ مُرَّه يقول: كلُّهم ليسوا يكفء لكليب إِنما هم بمنزلة العبيد والإِماء إن قَتَلْتُهُمْ حتى أَقتل آل مُرَّة فإِنهم الأَكفاء حينئذ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه قَضَى في ولد المَغْرور بغُرَّة؛ هو الرجل يتزوج امرأَة على أَنها حرة فتظهر مملوكة فيَغْرَم الزوجُ لمولى الأَمة غُرَّةً، عبداً أو أَمة، ويرجع بها على من غَرَّه ويكون ولدُه حرًّا.
وقال أَبو سعيد: الغُرَّة عند العرب أَنْفَسُ شيء يُمْلك وأَفْضلُه، والفرس غُرَّةُ مال الرجل، والعبد غرَّةُ ماله، والبعير النجيب غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة الفارِهَةُ من غُرَّة المال.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن حَمَلَ بن مالك قال له: إِني كنت بين جاريتين لي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِيناً ميتاً وماتت، فقَضَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم بديَةِ المقتولة على عاقلة القاتلة، وجَعَلَ في الجَنِين غُرَّةً، عبداً أَو أَمة.
وأَصل الغُرَّة البياض الذي يكون في وجه الفرس وكأَنه عُبّر عن الجسم كله بالغُرَّة. قال أَبو منصور: ولم يقصد النبي،صلى الله عليه وسلم ، في جعله في الجنين غُرَّةً إِلا جنساً واحداً من أَجناس الحيوان بِعينه فقال: عبداً أَو أَمة.
وغُرَّةُ المال: أَفضله.
وغُرَّةُ القوم: سيدهم.
وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال في تفسير الغُرّة الجنين، قال: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بيضاء.
وفي التهذيب: لا تكون إِلا بيضَ الرقيق. قال ابن الأَثير: ولا يُقْبَل في الدية عبدٌ أَسود ولا جاريةٌ سوداء. قال: وليس ذلك شرطاً عند الفقهاء، وإنما الغُرَّة عندهم ما بلغ ثمنُها عُشْر الدية من العبيد والإِماء. التهذيب وتفسير الفقهاء: إن الغرة من العبيد الذي يكون ثمنُه عُشْرَ الدية. قال: وإنما تجب الغُرّة في الجنين إِذا سقط ميّتاً، فإِن سقط حيًّا ثم مات ففيه الدية كاملة.
وقد جاء في بعض روايات الحديث: بغُرّة عبد أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ، وقيل: إِن الفرس والبَغْل غلط من الراوي.
وفي حديث ذي الجَوْشَن: ما كُنْتُ لأَقْضِيَه اليوم بغٌرّة؛ سمّي الفرس في هذا الحديث غُرّة؛ وأَكثرُ ما يطلق على العبد والأَمة، ويجوز أَن يكون أَراد بالغُرّة النِّفِسَ من كل شيء، فيكون التقدير ما كنت لأَقْضِيَه بالشيء النفيس المرغوب فيه.
وفي الحديث :إِيّاكم ومُشارّةَ الناس فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ العُرّةَ؛ الغُرّة ههنا: الحَسَنُ والعملُ الصالح، شبهه بغُرّة الفرس.
وكلُّ شيء تُرْفَع قيمتُه، فهو غُرّة.
وقوله في الحديث: عَليْكُم بالأَبْكارِ فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً، يحتمل أَن يكون من غُرَّة البياض وصفاء اللون، ويحتمل أَن يكون من حسن الخلُق والعِشْرةِ؛ ويؤيده الحديث الآخر: عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقاً، أَي إِنهن أَبْعَدُ من فطْنةِ الشرّ ومعرفتِه من الغِرّة الغفْلة.
وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ في ثوب أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قال: قد رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد غَرّه وجمعه غُرور؛ قال أَبو النجم: حتى إذا ما طَار منْ خَبِيرِها، عن جُدَدٍ صُفْرٍ، وعن غُرورِها الواحد غَرُّ، بالفتح؛ ومنه قولهم: طَوَيْت الثوبَ على غَرِّه أَي على كَسْرِه الأَول. قال الأَصمعي: حدثني رجل عن رؤبة أَنه عُرِضَ عليه ثوبٌ فنظر إليه وقَلَّبَه ثم قال: اطْوِه على« غَرَّه. في الفخذين: كالأخادِيد بين الخصائل. القدم: خطوط ما تَثَنَّى منها.
وغَرُّ الظهر: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قال: كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه ، إِذ تَجْنُبُهْ، سَيْرُ صَناعٍ في خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ قال الليث: الغَرُّ الكَسْرُ في الجلد من السِّمَن، والغَرُّ تكسُّر الجلد، وجمعه غُرور، وكذلك غُضونُ الجلْد غُرور. الأَصمعي: الغُرورُ مَكاسِرُ الجلد.
وفي حديث عائشة تصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: رَدَّ نَشْرَ الإِسلام على غَرِّه أَي طَيِّه وكَسْرِه. يقال: اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه الأَول كما كان مَطْوياًّ؛ أَرادت تَدْبيرَه أَمرَ الردة ومُقابَلة دَائِها. الذراعين: الأَثْناءُ التي بين حِبالِهما.
والغَرُّ: الشَّقُّ في الأَرض.
والغَرُّ: نَهْرٌ دقيق في الأَرض، وقال ابن الأعرابي: هو النهر، ولم يُعَيِّن الدَّقِيقَ ولا غيره؛ وأَنشد: سَقِيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج هكذا في المحكم؛ وأَورده الأَزهري، قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي في صفة جارية: سقيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج وقال: يعني أَنها تُخْدَمُ ولا تَخْدُمُ. ابن الأَعرابي: الغَرُّ النهر الصغير، وجمعه غُرور، والغُرور: شَرَكُ الطريق، كلُّ طُرْقة منها غُرٌّ؛ ومن هذا قيل: اطْوِ الكتابَ والثوبَ على غَرّه وخِنْثِه أَي على كَسْره؛ وقال ابن السكيت في تفسير قوله: كأَنّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذ تَجْنُبُهْ غَرُّ المتن: طريقه. يقولُ دُكَيْن: طريقتُه تَبْرُق كأَنها سَيْرٌ في خَرِيز، والكَلبُ: أَن يُبَقَّى السَّيْرُ في القربة تُخْرَز فتُدْخِل الجاريةُ يدها وتجعل معها عقبة أو شعرة فتدخلها من تحت السير ثم تخرق خرقاً بالإِشْفَى فتخرج رأْس الشعرة منه، فإِذا خرج رأْسها جَذَبَتْها فاسْتَخْرَجَت السَّيْرَ.
وقال أَبو حنيفة: الغَرّانِ خَطّانِ يكونان في أَصل العَيْر من جانبيه؛ قال ابن مقروم وذكر صائداً: فأَرْسَلَ نافِذَ الغَرَّيْن حَشْراً، فخيَّبه من الوَتَرِ انْقِطاعُ والغرّاء: نبت لا ينبت إِلاّ في الأَجارِع وسُهولةِ الأَرض ووَرَقُها تافِةٌ وعودها كذلك يُشْبِه عودَ القَضْب إلاّ أَنه أُطَيْلِس، وهي شجرة صدق وزهرتها شديدة البياض طيبة الريح؛ قال أَبو حنيفة: يُحبّها المال كله وتَطِيب عليها أَلْبانُها. قال: والغُرَيْراء كالغَرّاء، قال ابي سيده: وإِنما ذكرنا الغُرَيْراء لأَن العرب تستعمله مصغراً كثيراً.
والغِرْغِرُ: من عشب الربيع، وهو محمود، ولا ينبت إِلا في الجبل له ورق نحو ورق الخُزامى وزهرته خضراء؛ قال الراعي: كأَن القَتُودَ على قارِحٍ، أَطاع الرَّبِيعَ له الغِرْغِرُ أراد: أَطاع زمن الربيع، واحدته غِرْغِرة.
والغِرْغِر، بالكسر: دَجاج الحبشة وتكون مُصِلّةً لاغتذائها بالعَذِرة والأَقْذار، أَو الدجاجُ البرّي، الواحدة غِرْغرة؛ وأَنشد أَبو عمرو: أَلُفُّهُمُ بالسَّيفِ من كلِّ جانبٍ، كما لَفَّت العِقْبانُ حِجْلى وغِرغِرا حِجْلى: جمع الحَجَلِ، وذكر الأَزهري قوماً أَبادهم الله فجعل عِنَبَهم الأَراك ورُمَّانَهم المَظَّ ودَجاجَهم الغِرْغِرَ.
والغَرْغَرَةُ والتَّغَرْغُر بالماء في الحَلْقِ: أَن يتردد فيه ولا يُسيغه. ما يُتَغَرْغَرُ به من الأَدْوية، مثل قولهم لَعُوق ولَدُود وسَعُوط.
وغَرْغَر فلانٌ بالدواء وتَغَرْغَرَ غَرْغَرةً وتَغَرْغُراً.
وتَغَرْغَرَت عيناه: تردَّد فيهما الدمع.
وغَرَّ وغَرْغَرَ: جادَ بنفسه عند الموت.
والغَرْغَرَةُ: تردُّد الروح في الحلق.
والغَرْغَرَةُ: صوتٌ معه بَجَحٌ.
وغَرْغَرَ اللحمُ على النار إِذا صَلَيْتَه فسمعت له نشِيشاً؛ قال الكميت: ومَرْضُوفة لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً، عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرا والغَرْغَرة: صوت القدر إذا غَلَتْ، وقد غَرْغَرت؛ قال عنترة: إِذ لا تَزالُ لكم مُغَرْغِرة تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ أَي حارٌّ فوضع المصدر موضع الاسم، وكأَنه قال: أَعْلى لونِها لونُ صَهْر.
والغَرْغَرةُ: كَسْرُ قصبة الأَنف وكَسْرُ رأْس القارورة؛ وأَنشد:وخَضْراء في وكرَيْنِ غَرْغَرْت رأْسها لأُبْلِيَ إن فارَقْتُ في صاحِبي عُذْرا والغُرْغُرةُ: الحَوْصلة؛ وحكاها كراع بالفتح؛ أَبو زيد: هي الحوصلة والغُرْغُرة والغُراوي (* قوله «والغراوي» هو هكذا في الأصل) .والزاورة.
وملأْت غَراغِرَك أَي جَوْفَك.
وغَرْغَرَه بالسكين: ذبحه.
وغَرْغَرَه بالسّنان: طعنه في حلقه.
والغَرْغَرةُ: حكاية صوت الراعي ونحوه. يقال: الراعي يُغَرْغِرُ بصوته أَي يردِّده في حلقه؛ ويَتَغَرْ غَرُصوته في حلقه أَي يتردد.
وغَرٌّ: موضع؛ قال هميان بن قحافة: أَقْبَلْتُ أَمْشِي، وبِغَرٍّ كُورِي، وكان غَرٌّ مَنْزِلَ الغرور والغَرُّ: موضع بالبادية؛ قال: فالغَرّ تَرْعاه فَجَنْبَي جَفَرَهْ والغَرّاء: فرس طريف بن تميم، صفة غالبة.
والأَغَرُّ: فرس ضُبَيْعة بن الحرث.
والغَرّاء: فرسٌ بعينها.
والغَرّاء: موضع؛ قال معن بن أَوس: سَرَتْ من قُرَى الغَرّاء حتى اهْتَدَتْ لنا، ودُوني خَراتيّ الطَّوِيّ فيَثْقُب (* قوله« خراتي» هكذا في الأصل ولعله حزابي.) وفي حبال الرمل المعترض في طريق مكة حبلان يقال لهما: الأَغَرَّان؛ قال الراجز: وقد قَطَعْنا الرَّمْلَ غير حَبْلَيْن: حَبْلَي زَرُودٍ ونَقا الأَغَرَّيْن والغُرَيْرُ: فحل من الإِبل، وهو ترخيم تصغير أَغَرّ. كقولك في أَحْمَد حُمَيد، والإِبل الغُرَيْريّة منسوبة إِليه؛ قال ذو الرمة: حَراجيج مما ذَمَّرَتْ في نتاجِها، بناحية الشّحْرِ الغُرَيْر وشَدْقَم يعني أَنها من نتاج هذين الفحلين، وجعل الغرير وشدقماً اسمين للقبيلتين؛ وقول الفرزدق يصف نساء: عَفَتْ بعد أَتْرابِ الخَلِيط، وقد نَرَى بها بُدَّناً حُوراً حِسانَ المَدامِع إِذا ما أَتاهُنَّ الحَبِيبُ رَشَفْنَه، رشِيفَ الغُرَيْريّاتِ ماءَ الوَقائِع والوَقائعُ: المَناقعُ، وهي الأَماكن التي يستنقع فيها الماء، وقيل في رَشْفِ الغُرَيْرِيّات إِنها نوق منسوبات إِلى فحل؛ قال الكميت: غُرَيْريّة الأَنْساب أَو شَدْقَمِيَّة، يَصِلْن إِلى البِيد الفَدافِد فَدْفدا وفي الحديث: أَنه قاتَلَ مُحَارِبَ خَصَفَة فرأَوْا من المسلمين غِرَّةً فصلَّى صلاةَ الخوف؛ الغِرَّةُ: الغَفْلة، أَي كانوا غافلين عن حِفْظِ مقامِهم وما هم فيه من مُقابلة العَدُوِّ؛ ومنه الحديث: أَنه أَغارَ على بنِي المُصْطَلِق وهم غارُّون؛ أَي غافلون.
وفي حديث عمر: كتب إِلى أَبي عُبَيدة، رضي الله عنهما، أَن لا يُمْضِيَ أَمْرَ الله تعالى إِلا بَعِيدَ الغِرّة حَصِيف العُقْدة أَي من بعد حفظه لغفلة المسلمين.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تطْرُقُوا النساء ولا تَغْتَرّوهُنّ أَي لا تدخلوا إِليهن على غِرّة. يقال: اغْتَرَرْت الرجل إِذا طلبت غِرّتَه أَي غفلته. ابن الأَثير: وفي حديث حاطب: كُنْتُ غَرِيراً فيهم أَي مُلْصَقاً مُلازماً لهم؛ قال: قال بعض المتأَخرين هكذا الرواية والصواب: كنت غَرِيًّا أَي مُلْصَقاً. يقال: غَرِيَ فلانٌ بالشيء إِذا لزمه؛ ومنه الغِراء الذي يُلْصَقُ به. قال: وذكره الهروي في العين المهملة: كنت عَرِيراً، قال: وهذا تصحيف منه؛ قال ابن الأَثير: أَما الهروي فلم يصحف ولا شرح إِلا الصحيح، فإِن الأَزهري والجوهري والخطابي والزمخشري ذكروا هذه اللفظة بالعين المهملة في تصانيفهم وشرحوها بالغريب وكفاك بواحد منهم حجة للهروي فيما روى وشرح، والله تعالى أَعلم.
وغَرْغَرْتُ رأْسَ القارورة إِذا استخرجْتَ صِمامَها، وقد تقدم في العين المهملة.

غ ر ر (المصباح المنير) [50]


 الغِرَّةُ: بالكسر: الغفلة، و"  الغُرَّةُ "بالضم من الشهر وغيره أوله والجمع" غُرَرٌ "مثل غُرْفَةٍ وغُرَف، و" الغُرَرُ "ثلاث ليالٍ من أول الشهر، و" الغُرَّةُ "عبد أو أمة، والمراد بتطويل" الغُرَّةِ "في الوضوء غسل مقدم الرأس مع الوجه وغسل صفحة العنق وقيل غسل شيء من العضد والساق مع اليد والرجل، و" الغُرَّةُ "في الجبهة: بياض فوق الدرهم وفرس" أَغَرُّ "ومهرة" غَرَّاءُ "مثل أحمر وحمراء، ورجل" أَغَرُّ "صَبِيحٌ أو سيد في قومه، و" الغَرَرُ "الخطر ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغَرَرِ، و" غَرَّتْهُ "الدنيا" غُرُورًا "من باب قعد: خدعته بزينتها فهي" غَرُورٌ "مثل رسول اسم فاعل مبالغة، و" غَرَّ "الشخص" يَغِرُّ "من باب ضرب" غَرَارَةً "بالفتح فهو" غَارٌّ "، و" غِرٌّ "بالكسر أي جاهل بالأمور غافل عنها، وما" غَرَّكَ "بفلان من باب قتل أي كيف اجترأت عليه، و" اغْتَرَرْتُ "به: ظننت الأمن فلم أتحفظ.و"  الغَرْغَرَةُ "الصوت، و" الغِرَارَةُ "بالكسر شبه العِدْل والجمع" غَرَائِرُ ".

الْغرُور (المعجم الوسيط) [0]


 كل مَا غر الْإِنْسَان من مَال أَو جاه أَو شَهْوَة أَو إِنْسَان أَو شَيْطَان وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وغركم بِاللَّه الْغرُور} وَمَا يتغرغر بِهِ من الْأَدْوِيَة 

كخر (لسان العرب) [0]


قال الأَزهري: أَهمله الليث وغيره؛ وقال أَبو زيد الأَنصاري: في الفخذ الغُرُورُ، وهي غُضون في ظاهر الفخذين، واحدها غَرٌّ، وفيه الكاخِرَةُ،وهي أَسفل من الجاعرة في أَعالي الغُرور.

إِن (المعجم الوسيط) [0]


 تكون شَرْطِيَّة مثل {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقد تقرن بِلَا النافية مثل {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله} وَتَكون نَافِيَة مثل {إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور} ومخففة من إِن مثل {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض} وزائدة نَحْو (مَا إِن أتيت بِشَيْء أَنْت تكرههُ ... ) 

الغر (المعجم الوسيط) [0]


 حد السَّيْف والشق فِي الأَرْض وكل كسر متثن فِي ثوب أَو جلد يُقَال طوى الثَّوْب على غره وطويت فلَانا على غره تركته على حَاله كَمَا كَانَ من غير أَن أكشف أمره وَمَا زق الطَّائِر بِهِ فرخه (ج) غرور الغر:  من ينخدع إِذا خدع (للذّكر وَالْأُنْثَى) وَهِي غرَّة أَيْضا (ج) أغرار وغرار الغر:  طَائِر طَوِيل العساق من طيور المَاء أسود الْجِسْم أَبيض الرَّأْس يعِيش على مياه المستنقعات والأحواض واحده غراء (للمذكر والمؤنث) 

زبرج (لسان العرب) [0]


الزِّبْرِجُ: الوَشْيُ.
والزِّبْرِجُ: الذهب؛ وأَنشد: يَغْلي الدِّماغُ به كَغَلْيِ الزِّبْرِجِ والزِّبْرِج: زينة السلاح.
والزِّبرِج: السحاب الرقيق فيه حمرة.
والزِّبرِج: السحاب النَّمِرُ بسواد وحمرة في وجهه؛ قال العجاج: سَفْرَ الشَّمالِ الزِّبْرِجِ المُزَبْرَجا وقيل: هو الخفيف الذي تَسْفِرُه الريح؛ وقيل: هو الأَحمر منه؛ وسحاب مُزَبْرَجٌ. الفراء: الزِّبْرِجُ السحاب الرقيق؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب.
والسحاب النَّمِرُ: مُخَيِّلٌ للمطر، والرقيق لا ماء فيه.
وزِبْرِجُ الدنيا: غُرورها وزينتها.
والزِّبرِجُ: النَّقْشُ.
وزَبْرَجَ الشيءَ: حَسَّنَه.
وكلُّ شيء حَسَنٍ: زِبْرِجٌ؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: ونَجا ابنُ حَمْراء العِجانِ حُوَيْرِثٌ، غَلَيَانُ أُمِّ دِماغِهِ كالزِّبْرِجِ الجوهري: الزِّبْرِجُ، بالكسر: الزينة من وَشْيٍ أَو جوهر ونحو ذلك: يقال: زِبْرِجٌ مُزَبْرَجٌ أَي مزيَّن؛ وفي حديث علي، عليه السلام: . . . أكمل المادة حَلِيَتِ الدنيا في أَعينهم وَراقَهُمْ زِبْرِجُها.

شطب (مقاييس اللغة) [0]



الشين والطاء والباء أصلٌ مطَّرد واحد، يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ رَخص، ثم يقال في غير ذلك. فالشَّطْبة: سَعَفَة النَّخل الخضراء، والجمع شَطْبٌ.
وفي حديث أمِّ زرع: "كَمَسَلّ شَطْبة".
ويقال للجارية الغَضَّةشَطْبة.
وفرسٌ أيضاً شَطْبة.
وعلى ذلك الذي ذكرناه من سَعَف النّخْل يُحمَل الشّطبة من شُطب السّيف؛ والشّطبة: طريقة في متنه، والجمع شُطُب.
ويقال سيف مُشَطَّب.
ويقال إنَّ الشُّطبة أو الشِّطبة القطعة من السَّنام تُقطَع طولاً، يقال شَطبت السَّنام.
والشَّواطب من النساء: اللواتي يَقْدُدن الأديمَ طويلاً.
والشواطب: اللاتي يشقّقن السَّعَف للحُصْر، في قوله:وقال آخر:
تَرَى قِصَدَ المُرَّان تُلقَى كأنَّها      تَذَْرُّع خرصانٍ بأيدي الشَّواطِب

والواحدة شاطبة.
ويقال للفرس السَّمين الذي انبتر مَتْناه وتباينَتْ غُرورُه: هو مشطوب المَتْن والكَفَل، . . . أكمل المادة وذلك أنَّه يكون على ظهوره كالطَّرائق، فكلُّ طريقةٍ منها كأنَّها شَطْبة.
ويقال أرضٌ مشطّبة، إِذا خَطّ فيها السّيلُ خَطّاً.

إنْ (القاموس المحيط) [0]


إنْ المَكْسورَةُ الخَفِيفَةُ: تكونُ شَرْطيَّةً: {إن يَنْتَهوا، يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ}، {وإنْ تَعودُوا، نَعُدْ}، وقد تَقْتَرِنُ بِلا، فَيَظُنَّ الغِرُّ أَنها إلاَّ الاسْتِثْنائِيَّةُ، نحوُ: {إلاَّ تَنْصُروه، فقد نَصَرَه الله}، {إِلاَّ تَنْفِروا يُعَذِّبْكُم}.
وتكونُ نافِيَةً، وتَدْخُلُ على الجُمْلةِ الاسْمِيَّة: {إنِ الكافرونَ إلاَّ في غُرورٍ}، والفِعْليَّةِ: {إن أرَدْنا إلاَّ الحُسْنَى}.
وقولُ من قال: لا تأتي نافِيةً إلا وبعدَها إلا أو لَمَّا، ك {إن كلُّ نَفْسٍ لَمَّا عليها حافِظٌ} مَرْدودٌ بقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ {إن عِنْدَكُم من سُلْطانٍ بهذا}، {قُلْ إن أدْري أقَريبٌ ما توعَدونَ}.
وتَكُونُ مُخَفَّفَةً عن الثَّقيلَةِ، فتَدْخُلُ على الجُمْلَتَيْنِ، ففي الاسْمِيَّةِ تَعْمَلُ وتُهْمَلُ، وفي الفِعْليَّةِ يَجِبُ إهْمالُها.
وحَيْثُ وَجَدْتَ إنْ وبَعْدَها لامٌ . . . أكمل المادة مَفْتُوحَةٌ، فاحْكُم بِأَنَّ أصْلَها التَّشْديدُ.
وتكونُ زائدَةً، كقَوْله:
ما إنْ أَتَيْتُ بِشَيْءٍ أنْتَ تَكْرَهُهُ
وتَكونُ بمَعْنَى: قد، قيلَ: ومنه:
{إن نَفَعَتِ الذِّكْرَى}، {واتَقوا الله إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنين}، {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ الله آمِنينَ}، وقوله:
اتَغْضَبُ إنْ أُذْنا قُتَيْبَةَ حُزَّتا
وغيرُ ذلِكَ مِمَّا الفِعْلُ فيه مُحَقّقٌ، أو كُلُّ ذلك مُؤَوَّلٌ.

حص (مقاييس اللغة) [0]



الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النَّصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكنُّه، والثالث ذهاب الشيء وقلّته.فالأول الحِصّة، وهي النَّصيب، يقال أحصَصْتُ الرّجلَ إذا أعطيتَه حِصَّته.والثاني قولهم حَصْحَصَ الشيءُ: وضَحَ. قال الله تعالى: الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ [يوسف 51].ومن هذه الحصحصةُ: تحريكُ الشيءِ حتى يستمكن ويستقرّ.والثالث الحَصُّ والحُصاص، وهو العَدْوُ.
وانحَصَّ الشعْر عن الرأس: ذهَب.
ورجلٌ أحَصُّ قليلُ الشعر.
وحَصَّتِ البيْضةُ شعرَ رأسه. قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حَصّتِ البَيضَةُ رأسي فما      أطعَمُ نوماً غيرَ تَهجاعِ

والحصحصة: الذَّهاب في الأرض.
ورجل أحَصُّ وامرأةٌ حَصّاءُ، أي مشْؤُومة.
وهو من الباب، كأنَّ الخير قد ذهب عَنْها.
ومن هذا الباب فلانٌ يَحُصّ، إذا كان لا يُجِير أحداً. قال:
أَحُصُّ . . . أكمل المادة ولا أُجِيرُ ومَن أُجِرْهُ      فليس كمن يُدَلَّى بالغُرُورِ

والأَحَصَّانِ: العَبد والعَير؛ لأنهما يُماشِيان أثمانَها حتى يَهرَما فيُنْتَقصَ أثمانُها ويمُوتا.ويقال سَنَةٌ حَصّاءُ: جرداءُ لا خَير فيها.ومن الذي شذَّ عن الباب قولهم للوَرْس حُصّ. قال:
مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها      إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا

الغَرَضُ (القاموس المحيط) [0]


الغَرَضُ، محرَّكةً: هَدَفٌ يُرْمَى فيه
ج: أغْراضٌ، والضَّجَرُ، والمَلالُ، والشَّوْقُ، غَرِضَ كفرِحَ فيهما، والمَخافَةُ.
وغَرُضَ الشيء غِرَضاً، كصَغُرَ صِغَراً،
فهو غَريضٌ، أي: طَرِيٌّ.
والغَريضُ: المُغَنِّي المُجِيدُ، وماء المَطَرِ،
كالمَغْرُوضِ، وكلُّ أبْيَضَ طَرِيٍّ، والطَّلْعُ،
كالإِغْرِيضِ فيهما.
وغَرَضَ الإِناءَ يَغْرِضُهُ: مَلأَهُ،
كأَغْرَضَهُ، ونَقَصَهُ عن المِلْء، ضِدٌّ،
و~ السِّقَاءَ: مَخَضَهُ فإذا ثَمَّرَ، صَبَّهُ فَسَقَاهُ القومَ،
و~ السَّخْلَ: فَطَمَهُ قبلَ إناهُ،
و~ الشيءَ: اجْتَنَاهُ طَرِياً، أو أخَذَهُ كذلك،
كغَرَّضَهُ فيهما.
والغَرْضُ للرَّحْلِ: كالحِزَامِ للسَّرْجِ
ج: غُروضٌ وأغْرَاضٌ،
كالغُرْضَةِ، بالضم
ج: ككُتُبٍ وكُتْبٍ، وشُعْبَةٌ في الوادِي غير . . . أكمل المادة كامِلَةٍ، أو أكْبَرُ من الهَجيجِ
ج: غُرْضانٌ، بالضم والكسر، ومَوْضِعُ ماء ترَكْتَه فلم تَجْعَلْ فيه شيئاً، والتَّثَنِّي، وأن يكونَ سَميناً فَيُهْزَلَ، فَيَبْقَى في جَسَدِهِ غُروضٌ، والكَفُّ، وإعْجَالُ الشيء عن وقْتِهِ.
والمغْرِضُ، كمَنْزِلٍ، من البَعيرِ: كالمَحْزِمِ للفَرَسِ.
وطَوَى الثَّوْبَ على غُروضِهِ، أي: غُرورِهِ. وفي الأنْفِ غُرْضَانِ، بالضم: وهو ما انْحَدَرَ من قَصَبَةِ الأنْفِ من جانبَيْهِ جَميعاً.
والغارِضُ من الأُنوفِ: الطويلُ، ومَنْ وَرَدَ الماء باكِراً.
وأغْرَضَ لهم غَرِيضاً: عَجَنَ عجيناً ابْتَكَرَهُ، ولم يُطْعِمْهُمْ بائتاً.
و~ الناقَةَ: شدَّهَا بالغُرْضَةِ،
كغَرَضَها غَرْضاً.
وغَرَّضَ تَغْريضاً: أكَلَ اللَّحْمَ الغَرِيضَ، وتَفَكَّهَ.
وتَغَرَّضَ الغُصْنُ: انْكَسَرَ ولم يَتحَطَّمْ.
وغارَضَ إبِلَهُ: أوْرَدَها بُكْرَةً.

نضج (لسان العرب) [0]


نَضِجَ اللحمُ قَدِيداً وشِواءً، والعِنبُ والتَّمْرُ والثَمَرُ يَنْضَجُ نُضْجاً ونَضْجاً أَي أَدرَكَ.
والنُّضْجُ: الاسم. يقال: جادَ نُضْجُ هذا اللحمِ، وقد أَنْضَجَه الطاهِي وأَنْضَجَه إِبّانُه، فهو مُنْضَجٌ ونَضِيجٌ وناضِجٌ، وأَنْضَجْتُه أَنا، والجمع نِضاجٌ؛ قال النَّمِر يصف الدَّجاج: ولا يَنْفَعْنَني إِلاّ نِضاجا وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فترك صِبْيَةً صِغاراً ما يُنْضِجُون كُراعاً أَي ما يَطْبُخون كُراعاً لعَجْزهم وصِغَرِهم؛ يعني لا يَكْفُون أَنفُسَهم خدمةَ ما يأْكُلونه فكيف غيره؟ وفي رواية: ما تَسْتَنْضِجُ كُراعاً؛ والكُراع: يَدُ الشاةِ.
ومنه حديث لقمان: قريبٌ من نَضِيج، بَعيدٌ من نِيءٍ؛ النضِيجُ: المَطْبُوخ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول، أَراد أَنه يأْخُذُ ما طُبخ لأِلْفِه المنزلَ وطُول مُكْثِه في الحيّ، . . . أكمل المادة وأَنه لا يأْكل النِّيء كما يأْكلُ مَن أَعْجَلَه الأَمرُ عن إِنضاج ما اتَّخذَ، وكما يأْكل مَن غزا واصطاد. قال ابن سيده: واستعمل أَبو حنيفة الإِنْضاج في البَرْد في كتابه المَوْسوم بالنبات: المَهْروء الذي قد أَنضَجه البَرْدُ، قال: وهذا غريب إِذ الإِنضاج إِنما يكون في الحرّ، فاستعمله هو في البردِ.
ورجل نَضِيجُ الرأْي: مُحْكَمُه، على المَثَلِ.
وفلان لا يُنْضِجُ الكُراعَ أَي أَنه ضَعيفٌ لا غَناءَ عنده.
ونَضِجَت الناقةُ بولدها ونَضَّجَتْه، وهي مُنَضِّجٌّ: جاوَزَت الحَقَّ بشهر ونحوه ولم تُنْتَج أَي زادَتْ على وقتِ الولادة؛ قال حُميد بن ثور: وصَهْباء منها كالسَّفينة، نَضَّجَتْ به الحَمْلَ، حتى زادَ شَهْراً عَديدُها ونوقٌ مُنَضِّجات؛ قال عُوَيف القَوافي يَصِف بعيراً له تأَخَّرتْ ولادتُه عن حِينِه بشهر أَو قِراب شهر: هو ابنُ مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً يَزِدْن على العَدِيدِ، قِرابَ شهر ولم يَكُ بابنِ كاشِفة الضَّواحِي، كأَنَّ غُرُورَها أَعْشارُ قِدْر والمُنَضِّجة: التي تأَخَّرَتْ وِلادتُها عن حِينِ الولادة شهراً، وهو أَقْوَى للوَلدِ.
والضَّواحي: النَّواحي من الجسد. الجِلْدِ وغيره: مَكاسِرُه، واحده غَرٌّ. الأَصمعي: إِذا حَمَلَت الناقةُ فجازَت السَّنَةَ من يومَ لَقِحَتْ، قيل: أَدْرَجَتْ ونَضَّجَتْ، وقد جازت الحَقَّ، وحَقُّها الوقتُ الذي ضُرِبَتْ فيه، ويقال لها: مِدْراج ومُنْضِجٌ؛ وأَنشد المبرد للطرماح: أَنْضَجَتْه عشرينَ يَوماً ونِيلَتْ، حينَ نِيلَتْ، يَعارَةً في العِراض (* قوله «أَنضجته إلخ» هكذا في الأصل بتقديم هذا البيت على ما بعده، والذي في الصحاح في مادة كرض وفي شرح القاموس في مادة يعر وكرض تقديم الثاني على الأول.) سوفَ تُدْنِيكَ من لَمِيسَ سَبَنْدا ةٌ، أَمارَتْ بالبَولِ ماءَ الكِراض قال: أَنْضَجَتْه عشرين يوماً، إِنما يُريد بعدَ الحَولِ من يومَ حَمَلتْ، فلا يَخرُجُ الوَلدُ إِلا مُحْكَماً؛ كما قال الحطيئة: لأَدْماء منها كالسَّفينةِ، نَضَّجَتْ به الحَولَ، حتى زادَ شهراً عَدِيدُها (* قوله «لأدماء» الذي في الصحاح وصهباء.) قال الأَزهري: ما ذُكِرَ في بيت الحُطَيئة من التنضيج هو كما فسره المبرّد، وأَما بيت الطرماح فمعناه غيرُ ما ذهب إِليه، لأَنَّ معناه في بيته صِفةُ الناقةِ نفسِها بالقُوَّة، لا قُوَّة وَلدِها؛ أَراد أَنَّ الفَحْلَ ضَرَبَها يَعارةً لأَنها كانت نجِيبةً، فضَنَّ بها صاحبُها لنجابَتِها عن ضِرابِ الفحلِ إِياها، فعارضها فحلٌ فضَرَبَها فأَرْتَجَتْ على مائِهِ عشرين يوماً، ثم أَلْقَتْ ذلك الماءَ قبلَ أَن يُثقِلَها الحَمْلُ فَتذهب مُنَّتُها، وروَى الرُّواةُ البيتَ: «أَضْمَرَتْه عشرين يوماً» لا أَنْضَجَتْه، فإِن رُوِيَ أَنضَجته، فمعناه أَنَّ ماءَ الفَحلِ نَضِجَ في رحِمِها في عشرين يوماً، ثم رَمَتْ به كما تَرْمِي بوَلَدِها التَّمامِ الخَلْقِ وبَقِيَ لها مُنَّتُها؛ وقال الشماخ: وأَشْعَث قد قدَّ السِّفارُ قَمِيصَه، وحرّ السواء بالعصا غيرُ مُنْضِج وقد استعمل ثعلب نَضَّجته في المرأَة؛ وقال في قوله: تَمَطَّتْ به أُمُّه في النِّفاسِ، فليس بِيَتْنٍ ولا تَوْأَم يريد أَنها زادت على تسعة أَشهر حتى نَضَّجَتْه.
ونَضَّجَت الناقةُ بِلَبَنِها إِذا بلغت الغاية؛ قال ابن سيده: وأُراه وَهَماً، إِنما هو نَضَّجَت بوَلَدِها.

سول (لسان العرب) [0]


سَوَّلَتْ له نفسه كذا: زَيَّنَتْه له.
وسَوَّل له الشيطانُ: أَغْواه.
وأَنا سَوِيلُكَ في هذا الأَمر: عَدِيلُك.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اللَّهُمَّ إِلا أَن تُسَوِّلَ لي نفسي عند الموت شيئاً لا أَجِدُه الآن؛ التسويل: تحسين الشيء وتزيينُه وتَحْبِيبُه إِلى الإِنسان ليفعله أَو يقوله.
وفي التنزيل العزيز: بل سَوَّلَتْ لكم أَنْفُسُكم أَمْراً فصَبْرٌ جَمِيل؛ هذا قول يعقوب، عليه السلام، لولده حين أَخبروه بأَكل الذئب يوسفَ فقال لهم: ما أَكَلَهُ الذئْب بل سَوَّلَتْ لكم أَنفسكم في شأْنه أَمراً أَي زَيَّنَتْ لكم أَنفسكم أَمراً غير ما تَصِفُون، وكأَنَّ التسويل تَفْعِيلٌ من سُولِ الإِنسان، وهو أُمْنِيَّته أَن يَتَمَنَّاها فتُزَيِّن لطالبها الباطلَ وغيرَه من غُرور . . . أكمل المادة الدنيا، وأَصل السُّول مهموز عند العرب، استثقلوا ضَغْطة الهمزة فيه فتكلموا به على تخفيف الهمز؛ قال الراعي فيه فلم يَهْمِزه: اخْتَرْنَك الناسُ، إِذ رَثَّتْ خَلائِقُهُم، واعْتَلَّ مَنْ كان يُرْجى عِنْدَه السُّولُ (* قوله «اخترنك» هكذا في الأصل، والصواب اختارك).
والدليل على أَن أَصل السُّول همز قراءةُ القُرَّاء قوله عز وجل: قد أُوتيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى؛ أَي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك التي سَأَلْتَها.
والتَّسَوُّلُ: استرخاءُ البطن، والتَّسَوُّنُ مثله.
والسَّوَلُ: استرخاءُ ما تحت السُّرَّة من البطن، ورجُل أَسْوَلُ وامرأَة سَوْلاء قوم سُولٌ. ابن سيده: الأَسْوَلُ الذي في أَسفله استرخاء؛ قال المُتَنَخِّل الهُذلي: كالسُّحُل البيضِ، جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل أَراد بالحَمَل السَّحابَ الأَسود.
وسَحابٌ أَسْوَلُ أَي مُسْتَرْخٍ بَيِّنُ السَّوَل، وقد سَوِلَ يَسْوَلُ سَوَلاً، وامرأَة سَوْلاء.
والأَسْوَل من السحاب: الذي في أَسفله استرخاء ولهُدْبهِ إِسْبالٌ.
ودَلْوٌ سَوْلاء: ضَخْمة؛ قال: سَوْلاء مَسْك فارضٍ نَهِيٍّ وسَلْتُ أَسالُ سُولاً: لغة في سأَلْت؛ حكاها سيبويه، وقال ثعلب: سُوالاً وسِوالاً كجُوَارٍ وجِوار، وحكى أَبو زيد: هما يَتَساوَلانِ، فهذا يدل على أَنها واو في الأَصل على هذه اللغة، وليس على بدل الهمز.
ورَجُل سَوَلةٌ على هذه اللغة: سَؤول، وحكى ابن جني سُوَال وأَسْوِلة.

حمق (لسان العرب) [0]


الحُمْقُ: ضدّ العَقْل. الجوهري: الحُمْقُ والحُمُقُ قلة العقل، حَمُقَ يَحْمُق حُمْقاً وحُمُقاً وحَماقةٌ وحمِقَ وانْحَمَقَ واسْتَحَمَقَالرجل إِذا فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى.
ورجل أَحمقُ وحَمِقٌ بمعنى واحد؛ قال رؤبة: أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ الجوهري: حَمِقَ، بالكسر، يَحْمَقُ حُمْقاً مثل غَنِمَ يَغُنَمُ غُنْماً، فهو حَميقٌ؛ قال يزيد بن الحكَم الثَّقَفي: قد يُقْتِرُ الحُوَلُ التَّقِيُّ، ويُكْثِرُ الحَمِقُ الأَثِيمُ (* قوله «الحول» في القاموس: رجل حول كصرد: كثير الاحتيال).
وعَمرو بن الحَمِق الخُزاعِيّ، وقومٌ ونِسوة حُمق وحَمْقى وحَماقى. ابن سيده: حَمْقَى بَنَوْه على فَعْلى لأَنه شيء أُصِيبوا به كما قالوا هَلْكَى، وإِن كان هالِك لفظَ فاعل، وقالوا: ما أَحْمقَه، وقع التعجب فيها بما أَفْعلَه . . . أكمل المادة وإِن كانت كالخُلُقِ، وحكى سيبويه حُمْقان، قال: فلا أَدري أَهي صيغة بناها كخَبَط فرَقَدَ أَم لفظة عربية.
وأَتاه فأَحْمَقَه: وجده أَحمقَ.
وأَحمقَ به: ذكره بحُمق.
وحَمَّقْتُ الرجل تَحْمِيقاً: نسبتُه إلى الحُمْقِ، وحامَقْتُه إِذا ساعدْته على حُمْقِه، واستحمقْته أَي عددته أَحمَقَ؛ ومنه حديث ابن عمر في طلاق امرأَته: أَرأَيتَ إِن عَجَز واستحمق؛ يقال: استحمق الرجل إِذا فعَلِ فِعل الحَمْقَى.
واستحمقْتُه: وجدته أَحمق، فهو لازم ومُتعدّ مثل اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ ويروى: اسْتُحْمِقَ، على ما لم يسمّ فاعله، والأَوّل أَولى ليُزاوِجَ عَجَز: وتَحامقَ فلان إِذا تكلَّف الحَماقة؛ الأَزهري: وسئل أَبو العباس عن قول الشاعر: إِنَّ للحُمْقِ نِعْمةً في رِقابِ النَّـ ـاس تَخْفَى على ذَوي الأَلبْابِ قال: وسئل بعض البُلغاء عن الحُمق فقال: أَجْوَدُه حَيْرةٌ؛ قال: ومعناه أَنَّ الأَحْمق الذي فيه بُلْغةٌ يُطاوِلُك بحُمْقه فلا تَعْثُر على حُمْقه إِلا بعد مِراسٍ طويل.
والأَحمقُ: الذي لا مَلاوِمَ فيه ينكشِف حُمْقُه سريعاً فتستريحُ منه ومن صُحْبته، قال: ومعنى البيت مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قال إِن للحُمْقِ نعمة في رقاب العُقلاء تَغِيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأَنهم أَفْطَن وأَذْكَى من غيرهم.
وفي حديث ابن عباس: يَنطَلِقُ أَحدكم فيركب الحَمُوقةَ؛ هي فَعولةٌ من الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذات حُمْقٍ.
وحقيقة الحُمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقُبْحه.
وفي الحديث الآخَر مع نَجْدة الحَرُوريّ: لوْلا أَن يقعَ في أُحْموقةٍ ما كتبت إِليه، هو منه.
وأَحمقَ الرجل والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة على الفعْل؛ قال بعض نساء العرب: لست أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَهْ، إِذا رأَيتُ خُصْيةً مُعَلَّقهْ تقول: لا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ بعد أَن يكون الوَلد ذكراً له خُصية مُعلَّقة، وقد قيل في هذا المعنى حَمِقةٌ على النسب كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر ما تقدَّم، وإِن كان من عادة المرأَة أَن تلد الحَمْقَى فهي مِحْماقٌ.
والأُحْموقةُ: مأْخوذ من الحُمق.
والمُحْمِقاتُ من الليالي: التي يَطلعُ القمر فيها ليلة كلَّه فيكون في السماء ومن دونه سَحاب، فترى ضَوءاً ولا ترى قمراً،فتظُنُّ أَنك قد أَصبحت وعليك ليل، مشتقّ من الحُمْق.
وفي المثل: غَرُّوني غُرُورَ المُحْمِقات.
ويقال: سِرْنا في ليال مُحمِقات إِذا استتر القمر فيها بغيم أَبيض فيسير الراكب ويظن أَنه قد أَصبح حتى يَملَّ، قال: ومنه أُخذ اسم الأَحْمق لأَنه يغُرك في أَول مجلسه بتَعاقُلِه، فإِذا انتهى إِلى آخر كلامه تبيَّن حمقه فقد غرك بأَول كلامه.
والبَقْلة الحَمْقاء: هي الفَرْفَخةُ؛ ابن سيده؛ البَقْلةُ الحمقاء التي تسميها العامة الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت بالأَحمق الذي يَسيل لُعابُه، وقيل: لأَنها تَنْبُت في مَجْرَى السيُّول.
والحُمَيْقاء: الخمر لأَنها تُعْقب شاربها الحُمْق. قال ابن بري: حكى ابن الأَنباري أَنه يقال: حَمَّقَ الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وهي الخمر؛ وأَنشد للنَّمِر بن تَوْلَب: لُقَيْمُ بن لُقْمانَ مِن أُخْتِه، وكان ابنَ أُخْتٍ له وابْنَما عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ إِليه، فَجامَعها مُظْلِما قال: وأَنكر أَبو القاسم الزجّاجي ذلك، قال: ولم يذكر أَحد أَن الحُمقِ من أَسماء الخَمر، قال: والوراية في البيت حُمِّقَ على ما لم يسم فاعله.
وقال ابن خالويه: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد: كُفِيتُ زَمِيلاً حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ، على عَجَلٍ، أَضْحَى بها، وهو ساجِدُ والباء في بِهَجْعة زائدة وموضعها رفع.
وفرس مُحْمِقٌ: نِتاجُها لا يُسْبَق؛ قال الأَزهري: لا أَعرف المُحمِق بهذا المعنى، والأَحْمقُ مأْخوذ من انْحِماق السُّوق إِذا كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حتى كَسَدَ. ابن الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله الكَسادُ.
ويقال: الأَحمقُ الكاسِدُ العقْلِ، قال: والحُمق أَيضاً الغرور. الثوبُ: أَخْلَق.
ونامَ الثوبُ في الحُمْق: أَخْلَقَ.
ونامَ الثوبُ في الحُمْق وانْحَمق الرجل: ضعُف عن الأَمر؛ قال: والشيْخُ يُضْرَبُ أَحيْاناً فيَنْحَمِقُ قال ابن بري: وقال الكِناني: يا كَعْبُ، إِنَّ أَخاكَ مُنْحمِقٌ، فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يا كَعْبُ والحَمِقُ: الخَفيفُ اللِّحيةِ، وبه سمي عَمرو بن الحَمِق، قتله أَصحاب مُعاوِيةَ ورأْسُه أَوَّلُ رأْس حُمِل في الإِسلام.
والحُماقُ والحَماق والحُمَيْقاء: مثل الجُدَرِيِّ الذي يُصِيب الإنسان يَتَفَرَّقُ في الجسد، وقال اللحياني: هو شيء يخرج بالصبيان وقد حُمِقَ. الجوهري: الحُماقُ مثل السُّعال كالجُدَرِيّ يُصيب الإِنسان، ويقال منه رجل مَحْمُوقٌ.
والحُماقُ والحَمِيقُ والحَمَقِيقُ: نبت. الأَزهري: الحُماق نبت ذكرتْه أُمّ الهيثم، قال: وذكر بعضهم أَن الحَمَقِيقَ نبت، وقال الخليل: هو الهَمَقِيقُ. الأَزهري: انْحَمَقَ الطَّعام انْحِماقاً ومأَقَ مُؤُوقاً إِذا رَخُص.
والحُمَيْمِيقُ: طائر يصيد العَظاء والجَنادِب ونحوهما.

كلف (لسان العرب) [0]


الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً، وهو أَكلف: تغيَّر.
والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تعلو الوجه، وقيل: لون بين السواد والحمرة، وقيل: هو سواد يكون في الوجه، وقد كَلِفَ.
وبعير أَكلَف وناقة كلْفاء وبه كُلْفة، كلُّ هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو الجلد فيغير بشرته.
وثور أَكلف وخدّ أَكلَفُ: أَسفَع؛ قال العجاج يصف الثور: عن حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا ويقال للبَهَق الكَلَف.
والبعير الأَكلف: يكون في خديه سواد خَفيّ. الأَصمعي: إذا كان البعير شديد الحمرة يخلِط حُمرته سواد ليس بخالص فتلك الكلفة.
ويقال: كُمَيْت أَكلف للذي كلِفَت حُمرته فلم تَصْفُ ويرى في أَطراف شعره سواد إلى الاحتراق ما هو.
والكَلْفاء: الخمر . . . أكمل المادة التي تشتد حُمرتها حتى تضرب إلى السواد. شمر وغيره: من أَسماء الخمر الكَلْفاء والعَذْراء.
وكَلِف بالشيء كلَفاً وكُلْفة، فهو كلِفٌ ومُكلَّف: لهِج به. أَبو زيد: كَلِفْت منك أَمْراً كلَفاً.
وكلِفَ بها أَشْد الكَلَفِ أَي أَحَبَّها.
ورجل مِكْلاف: مُحِبّ للنساء.
والمُكلَّف والمُتكلِّف: الوقّاعُ فيما لا يَعْنيه.
والمُتكلِّف: العِرِّيض لما لا يعنيه. الليث: يقال كلِفْت هذا الأَمْر وتكلَّفْتُه.
والكُلْفةُ: ما تكلَّفْت من أَمر في نائبة أَو حق.
ويقال: كلِفْتُ بهذا الأَمر أَي أُولِعْتُ به.
وفي الحديث: اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون، هو من كَلِفْت بالأَمر إذا أُولِعْت به وأَحْبَبْته.
وفي الحديث: عثمان كَلِفٌ بأَقاربه أَي شديدُ الحبّ لهم.
والكلَف: الوُلوع بالشيء مع شغل قلب ومَشقة.
وكلَّفه تكليفاً أَي أَمره بما يشق عليه.
وتكلَّفت الشيء: تجشَّمْته على مشقَّة وعلى خلاف عادتك.
وفي الحديث أَراك كلِفْت بعلم القرآن، وكلِفْته إذا تحمَّلته.
ويقال: فلان يتكلف لإخوانه الكُلَف والتكاليف.
ويقال: حَمَلْت الشيء تَكْلِفة إذا لم تُطقه إلا تكلُّفاً، وهو تَفْعِلةٌ.
وفي الحديث: أَنا وأُمتي بُراءٌ من التكلُّف.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نُهِينا عن التكلُّف؛ أَراد كثرة السؤال والبحثَ عن الأَشياء الغامضة التي لا يجب البحث عنها والأَخذَ بظاهر الشريعة وقبولَ ما أَتت به. ابن سيده: كَلِفَ الأَمرَ وكلفَه تجشَّمه (* قوله «وكلفه تجشمه» كذا بالأصل مخففاً، ولعله كلف الأمر وتكلفه تجشمه كما يرشد إليه الشاهد بعد.) على مشقَّة وعُسْرة؛ قال أَبو كبير: أَزُهَيْرُ، هل عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ، أَم لا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟ وهي الكُلَف والتكالِف، واحدتها تَكلِفة؛ وقوله: وهُنَّ يَطْوِينَ على التكالِف بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له، ويجوز أَن يكون جمع تَكْلفة؛ ورواه ابن جني: وهن يطوين على التكالُف جاء به في السناد لأَن قبل هذا: إذا احتسى، يومَ هَجِيرٍ هائف، غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف قال ابن سيده: ولم أَرَ أَحداً رواه التكالُف، بضم اللام، إلا ابن جني.
والكُلافيّ: ضرب من العنب أَبيض فيه خُضرة وإذا زُبِّب جاء زبيبه أَكلف ولذلك سمي الكُلافي، وقيل: هو منسوب إلى كُلاف، بلد في شق اليمن معروف.
وذو كُلافٍ وكُلْفى: موضعان. التهذيب: وذو كُلاف اسم واد في شعر ابن مقبل.

ح - ط - م (جمهرة اللغة) [0]


حَطَمْتُ الشيءَ أحطِمه حَطْماً، إذا كسرته. وقد قُرىء: " لا يَحْطِمَنَّكم سليمانُ وجُنودُه " . قال: وكان أبو عمرو ابن العلاء يعجب ممن قرأ: " لا يُحَطِّمَنَّكم " ويقول: إنما التحطيم للشيء اليابس نحو الزُّجاج وما أشبهه. وكل شيء حَطَمْتَه فكُسارته حُطام، وكذلك اليبيس من النبت. قال الله جلّ ذكره: " ثمّ يَهِيجُ فتراه مُصْفرُّا ثم يكونُ حُطاماً " . والحَطيم: موضع بمكَّة كانوا يحلفون فيه في الجاهلية فيُحْطَمُ الكاذب. قال الشاعر: بموقفِ بينَ زَمْزَم والحَطيمِ وسُمِّيت جَهَنَّمُ حُطَمَة، وهي فُعَلَة من الحَطْم والحُطَم: رجل مِن ولَدِ النّعمان كان أهل البحرين ملّكوه في الرِّدّة فقتله أصحاب أبي بكر الصّدِّيق رضي الله عنه. . . . أكمل المادة وقال قوم: والحُطَم: رجل من عبد القيس تُنسب إليه الدروع الحُطَميّة عرفه ابن الكلبي، وقال الأصمعي: لا أدري إلى ما نُسِبَتْ. فأما الملك الذي سُمِّي الحُطَم فهو المنذر بن النعمان ابن المنذر، وكان يلقَّب الغَرور، فلما هُزم قال: أنا المغرور فقُتل يومئذ، ولا يعَدّ في ملوك الحيرة. وبنو حطَمَة: بطن من العرب. وبنو حُطامة: بطن من العرب أيضاً وقال أبو بكر: هذا غلط إنما هم بنو خُطامة، معجمة من فوق، وهم قوم من طيّىء. والحَطْمَة: السنة المُجدبة. والحَمْط من قولهم: حمطتُ الشيءَ أحمِطه حَمْطاً، إذا قشرته وهذا فعل قد أُميت. والحَماط: ضرب من الشجر، الواحدة حَماطة، تقول العرب إن الحَيّات تألفه. قال الشاعر: فلما أتَتْة أَنْشَبَتْ في خِشاشه ... زِماماً كثُعبان الحَماطة أَزْتَما وحَماطة القلب: دم القلب، وهو خالصه وصميمه. قال الشاعر: ليت الغُرابَ رمى حَماطة قلبه ... عمروٌ بأسُهمه التي لم تُلْغَبِ يقال: سهم لَغْب، إذا كان ضعيفاً. وحَماطان: موضع. وأنشد: يا دارَ سَلْمى بحَماطانَ آسْلَمي والحُمْطُوط والحِمْطاط: دُويْبَّة تكون في العشب منقوشة بألوان شتى. قال الشاعر: إني كَساني أبو قابوسَ مُرْفَلَةً ... كأنها ظَرف أطلاءِ الحَماطيطِ مُرفلة: حُلّة سابغة. ويقال: هذه طَحمَة الليل لأوَله ومعظمه، وكذلك طحْمَة الجيش، وطحْمَة السيل للدُّفعة العظيمة منه. والطَّحْمَة: ضرب من النبت، وقد قالوا الطَّحْماء أيضاً. قال أبو بكر: أحسبه مقصوراً وقّد مدّه قوم. ورجل طُحَمَة: شديد العراك. وطَمَحَ الرجل بعينه يطمَح طَمْحاً، إذا شخصَ بها متكبِّراً. وطَمَحَ الفرسُ طِماحاً وطُموحاً، إذا شخص بعينه وركب رأسه في عَدْوِه، فهو طامح وطَموح، وهو عيب. وقد سمّت العرب طَمّاحاً وطَمَحان. وبنو الطُّمَح وبنو الطمّاح: بُطين من بني أسد. وكلّ مُفرِط في تكبّر فهو طامح بَين الطَّماح. والمَحْط: شبيه بالمَخْط. يقال: امتحط سيفَه وامتخطه، إذا سلَّه من جفنه، وكذلك أقبل فلان إلى الرمح مركوزاً فامتحطه، إذا انتزعه. والمَطْح: الضرب باليد. وربما كني به عن النِّكاح فقالوا: مَطَحَ الرجل المرأةَ.

غَرَّهُ (القاموس المحيط) [0]


غَرَّهُ غَرّاً وغُرُوراً وغِرَّةً، بالكسر، فهو مَغْرُورٌ وغَريرٌ، كأميرٍ: خَدَعَهُ، وأطْمَعَهُ بالباطلِ،
فاغْتَرَّ هو.
والغَرُورُ: الدُنْيا، وما يُتَغَرْغَرُ به من الأَدْوِيَةِ، وما غَرَّكَ، أو يُخَصُّ بِالشَّيْطانِ، وبالضم: الأَباطِيلُ، جمعُ غارٍّ.
وأنا غَريرُكَ منه، أيْ: أُحَذِّرُكَهُ.
وغَرَّرَ بنفْسه تَغْريراً وتَغِرَّةً، كتَحِلَّةٍ: عَرَّضَها لِلهَلَكَةِ، والاسمُ: الغَرَرُ، محرَّكةً،
و~ القِرْبَةَ: مَلأَها،
و~ الطَيْرُ: هَمَّتْ بالطَيرَانِ، ورَفَعَتْ أجْنِحَتَها.
والغُرَّةُ والغُرْغُرَةُ، بضمهما: بَياضٌ في الجَبْهَةِ.
وفرسٌ أغَرُّ وغَرَّاءُ.
والأَغَرُّ: الأبيضُ من كلِّ شيءٍ،
و~ من الأَيامِ: الشديدُ الحَرِّ، وهاجِرَةٌ، وظَهِيرَةٌ، وودِيقَةٌ غَرَّاءُ، والغِفارِيُّ، والجُهَنِيُّ، والمُزَنِيُّ: صحابيُّونَ، أو هم واحدٌ، أوِ الأَخِيرانِ واحدٌ، وتابِعيَّانِ، ومحدِّثونَ، والكريمُ الأَفعالِ الواضِحُها، والذي أخَذَتِ اللِّحيَةُ جميعَ . . . أكمل المادة وجْهِهِ إلاَّ قليلاً، والشريفُ،
كالغُرْغُرَةِ، بالضم
ج: غُرَرٌ، كصُرَدٍ
وغُرَّانٌ، بالضم، وفرسُ ضُبَيْعَةَ بنِ الحَارِثِ، وعُمَرَ بنِ أبي ربيعةَ، وشَدَّادِ بنِ مُعَاوِيَةَ العَبْسِيِّ، ومُعَاوِيَةَ بنِ ثَوْرٍ البَكَّائِيِّ، وعَمْرو بنِ الناسِي الكنانِيِّ، وطَريفِ بنِ تَميمٍ العَنْبَرِيِّ، ومالِك بن حَمَّادٍ، والبَلْعا بنِ قَيْسٍ الكِنانِيِّ، ويزيدَ بنِ سِنانٍ المُرِّيِّ، والأَسْعَرِ الجُعْفِيِّ، واليومُ الحارُّ.
وغَرَّ وجْهُهُ يَغَرُّ، بالفتح، غَرَرَاً، محرَّكةً، وغُرَّةً، بالضم، وغَرَارَةً، بالفتح: صارَ ذَا غُرَّةٍ، وابْيَضَّ.
والغُرَّةُ، بالضم: العَبْدُ، والأَمَةُ،
و~ من الشهرِ: لَيلَةُ اسْتِهْلالِ القَمَرِ،
و~ من الهِلالِ: طَلْعَتُهُ،
و~ من الأَسْنانِ: بَياضُها، وأوَّلُها،
و~ من المَتاعِ: خِيارُهُ،
و~ من القَوْمِ: شَريفُهُم،
و~ من الكرْمِ: سُرْعَةُ بُسُوقِهِ،
و~ من الرَّجُلِ: وجْهُهُ.
وكلُّ ما بَدَا لكَ من ضَوْءٍ أو صُبْحٍ فَقَدْ بَدَتْ غُرَّتُهُ.
وغُرَّةُ: أُطُمٌ بالمدينة لِبَني عَمْرِو ابنِ عَوْفٍ، مَكانُه مَنارَةُ مَسجِدِ قُباءَ.
والغَريرُ، كأميرٍ: الخُلُقُ الحَسَنُ، والكفيلُ،
و~ من العَيشِ: ما لا يُفَزِّعُ أهلَه
ج: غُرَّانٌ، بالضم، والشابُّ لا تَجْرِبَةَ له،
كالغِرِّ، بالكسر
ج: أغِرَّاءُ وأغِرَّةٌ، والأُنْثَى غِرٌّ وغِرَّةٌ، بكسرهما، وغَريرةٌ.
وغَرِرْتَ، كفرِحَ، غَرَارَةً.
والغارُّ: الغافِلُ.
واغْتَرَّ: غَفَلَ، والاسمُ: الغِرَّةُ، بالكسر، وحافِرُ البئْرِ.
والغِرَارُ، بالكسر: حَدُّ الرُّمْحِ والسَّهْمِ والسَّيْفِ، والقَلِيلُ من النَّومِ وغَيرِهِ،
و~ في الصَلاةِ: النُّقْصانُ في رُكوعِها وسُجودها وطُهورِها،
و~ في التَّسليمِ: أن يقولَ سلامٌ عليكم، أو أنْ يَرُدَّ بِعَليكَ لا عليكمْ، وكَسادُ السُّوقِ، وقِلَّةُ لَبَنِ الناقةِ، غارَّتْ، وهي مُغارٌّ
ج: مَغارُّ، بالفتح، والمِثالُ الذي يُضْرَبُ عليه النِصالُ لتَصْلُحَ، وبِهاءٍ ولا تُفْتَحُ: الجُوالِقُ.
وغَرَّ: رَعَى إِبلَهُ،
و~ الماءُ: نَضَبَ، وأكَلَ الغِرْغِرَ،
و~ فَرْخَهُ غَرّاً وغِرَاراً: زَقَّهُ.
والغَرُّ: اسمُ ما زَقَّهُ به، والشَّقُّ في الأرضِ، والنَّهْرُ الدقيقُ في الأرضِ، وكلُّ كسْرٍ مُتَثَنٍّ في ثَوْبٍ أوْ جِلْدٍ،
وع بالباديةِ، وحَدُّ السَّيْفِ، وبالضم: طَيْرٌ في الماءِ.
والغَرَّاءُ: المدينَةُ النَّبوِيَّةُ، ونَبتٌ طَيِّبٌ، أو هو الغُرَيْرَاءُ، كحُمَيْراءَ،
وع بِدِيارِ بني أسَدٍ، وفَرَسُ ابْنَة هشام بن عبد المَلِكِ، وطائرٌ أبْيَضُ الرأسِ، لِلذَكرِ والأُنثى
ج: غُرٌّ، بالضم.
ذُو الغرَّاءِ: ع عندَ عَقيقِ المدينةِ.
والغِرْغِرُ، بالكسر: عُشْبٌ، ودَجَاجُ الحَبَشَةِ، أو الدَّجاجُ البَرِّيُّ.
والغَرْغَرَةُ: تَرديدُ الماءِ في الحَلْقِ،
كالتَّغَرْغُرِ، وصوتٌ معه بَحَحٌ، وصَوْتُ القِدْرِ إذا غَلَتْ، وكسْرُ قَصَبَةِ الأَنف، ورأسُ القارورَةِ، والحَوْصَلَةُ، وتُضمُّ، وحكايَةُ صَوْتِ الرَّاعِي.
وغَرْغَرَ: جَادَ بنفسِه عندَ الموتِ،
و~ الرَّجُلَ: ذَبَحَهُ،
و~ بالسِّنانِ: طَعَنَه في حَلْقِهِ،
و~ اللحْمُ: سُمِعَ له نَشيشٌ عندَ الصَّلْيِ.
والغارَّةُ: سَمَكَةٌ طويلةٌ.
والغُرَّانُ، بالضم: النُفَّاخاتُ فَوْقَ الماءِ، وبالفتح: ع.
وغُرَارٌ، كغُرابٍ: جَبَلٌ بِتِهامَةَ.
والمُغارُّ، بالضم: الكفُّ البَخيلُ.
وذُو الغُرَّةِ، بالضم: البَرَاءُ بنُ عازِبٍ، ويَعيشُ الهِلالِيُّ: صحابيانِ.
والأَغَرَّانِ: جبلانِ بطَريقِ مكةَ.
واسْتَغَرَّ: اغْتَرَّ،
و~ فُلاناً: أتاهُ على غَفْلَةٍ.
وغارَّ القُمرِيُّ أُنْثاهُ: زَقَّها، وسَمَّوْا: أغَرَّ وغَرُّونَ وغُرَيْراً.
والغُرَيْرَاءُ، كحُمَيْرَاءَ: ع بِمصْرَ.
وبَطْنُ الأَغَرِّ: مَنْزِلٌ بطَريقِ مكةَ.
وغَرَّ يَغَرُّ، بالفتح: تَصابَى بعد حُنْكَةٍ.
والغُرَّى، كحُبْلَى: السَّيِّدَةُ في قَبيلَتِها.
وغُرْغُرَّى، بالضم والشَّدِّ والقَصْرِ: دُعاءُ العَنْزِ للحَلْبِ.

شطب (لسان العرب) [0]


الشَّطْبُ، من الرجال والخَيْلِ: الطويلُ، الـحَسَنُ الخَلْقِ.
وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ: طَويلةٌ، حَسَنَـةٌ، تارَّةٌ، غَضَّةٌ، الكسر عن ابن جني، قال: والفتح أَعلى.
ويقال: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْق، ليس بطويل، ولا قصير.
ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كان طويلاً.
وفَرَسٌ شِطْبةٌ: سَبِطَةُ اللحم، وقيل: طويلة، والكسر لغة، ولا يوصف به الذكر.
والشَّطْب، مجزوم: السَّعَف الأَخضر، الرَّطْبُ من جريد النخل، واحدته شَطْبةٌ.
وفي حديث أُم زرع: كَـمَسَلِّ شَطْبةٍ؛ قال أَبو عبيد: الشَّطْبةُ ما شُطِبَ من جَريد النخل، وهو سَعَفُه، شَبَّهته بتلك الشَّطْبة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدالِ شَبابِه؛ وقيل: أَرادت أَنه مَهْزول، كأَنه سَعَفَةٌ في دِقَّتِها؛ أَرادت أَنه قليل اللحم، دَقِـيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِـيقٌ لنَحافَتِه؛ وقيل: أَرادت . . . أكمل المادة سَيْفاً سُلَّ من غِمْدِه؛ والـمَسَلُّ: مصدر، بمعنى السَّلّ، أُقِـيمَ مُقامَ المفعول، أَي كَـمَسْـلُول الشَّطْبة، يعني ما سُلَّ من قِشره أَو غِمْده؛ وقال أَبو سعيد: الشَّطْبةُ: السيفُ، أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ من غِمْده؛ كما قال العُجَيْرُ السَّلُولي يرثي أَبا الـحَجناء: فتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لا مُتآزِفٌ، * ولا رَهِلٌ لَـبَّاتُه وأَباجلُه ابن الأَعرابي: الشَّطائِبُ دون الكَرانِـيفِ، الواحدة شَطِـيبةٌ؛ والشَّطْبُ دون الشَّطائِب، الواحدة شَطْبةٌ. ابن السكيت: الشَّاطِـبةُ التي تَعْمَلُ الـحُصْر من الشَّطْب، الواحدة شَطْبة، وهي السَّعَفُ.
والشُّطُوبُ: أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى. قال: وتَشْطُب وتَلْحَى واحد.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَشْقُقْنَ الخُوصَ، ويَقْشُرْنَ العُسُبَ، لِـيَتَّخِذْن منه الـحُصْر، ثم يُلْقِـينها إِلى الـمُنَقِّيات؛ قال قيس بن الخطيم: تَرى قِصَدَ الـمُرَّانِ تُلْقَى، كأَنها * تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ تقول منه: شَطَبَتِ الـمَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّته، فهي شاطِـبةٌ، لتعمل منه الحصر. الأَصمعي: الشَّاطِـبةُ التي تَقْشُر العَسِـيبَ، ثم تُلْقِـيه إِلى المنَقِّيةِ، فتأْخُذ كل شيء عليه بِسِكِّينها، حتى تتركه رقِـيقاً، ثم تُلْقِـيه الـمُنَقِّيةُ إِلى الشاطبة ثانية، وهو قوله: تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ وشُطُوبُ السيف وشُطُبُه، بِضم الشين والطاء، وشُطَبُه: طَرائقُه التي في متنه، واحدته شُطْبةٌ، وشُطَبةٌ، وشِطْبةٌ.
وسيف مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ: فيه شُطَبٌ.
وثوبٌ مُشَطَّبٌ: فيه طَرائقُ.
والشَّطائبُ من الناسِ وغيرهم: الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ؛ قال الراعي: فهاجَ به، لـمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، * شَطائِبُ شَتَّى، من كِلابٍ ونابلِ وسَيْفٌ مُشَطَّب: فيه طَرائِقُ، وربما كانت مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً. ابن شميل: شُطْبةُ السيف: عَموده الناشِزُ في متْنِه. الشَّطبةُ والشِّطْبةُ: قِطْعةٌ من سَنام البعير، تُقْطَع طُولاً.
وكلُّ قِطْعة من ذلك أَيضاً تسمى: شَطِـيبةً؛ وقيل: شَطِـيبةُ اللحم الشَّرِيحةُ منه.
وشَطَّبه: شَرَّحه.
ويقال: شَطَبْتُ السنام والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً. أَبو زيد: شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً، ولا تُفَصِّلَها، واحدتها شُطْبةٌ، وقالوا أَيضاً شَطِـيبة، وجمعها شَطائِبُ.
وكلُّ قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طولاً شَطِـيبةٌ.
وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام، يَشْطُبهما شَطْباً: قَطَعَهما.
وشَطِـيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ منها القَوْسُ.
والشَّواطِبُ من النساءِ: اللواتي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ، بعدما يَخْلُقْنَه.
وناقة شَطِـيبةٌ: يابِسةٌ.
وفَرَسٌ مَشْطُوبُ الـمَتْن والكَفَل: انْتَبَر مَتْناه سِمَناً، وتَبايَنَتْ غُرورُه؛ وقال الجعدي: مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى، بَطْنُه * أَبْلَقُ الحقْوَينِ، مَشْطوبُ الكَفَلْ ورجل شاطِب الـمَحَلِّ: بعيدُه، مثل شاطِنٍ.
والانْشِطابُ: السَّـيَلانُ.
والـمُنْشَطِبُ: السائِلُ (1) (1 قوله «والمنشطب السائل» هذه العبارة الثانية للأزهري والأولى لابن سيده، جمع المؤلف بين عبارتيهما.) من الماءِ وغيره.
والـمُنْشَطِبُ : السائل.
وطريقٌ شاطِبٌ: مائِلٌ.
وشَطَبَ عن الشيءِ: عَدَلَ عنه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد.
وفي النوادر: رَمْيةٌ شاطِفةٌ، وشاطِـبةٌ، وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عن الـمَقْتَلِ.
وفي الحديث: فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِـيعةَ على عامر بن الطُّفَيْلِ، فطَعَنَه، فشَطَبَ الرُّمْحُ عن مَقْتَله؛ هو من شَطَبَ، بمعنى بَعُدَ. قال ابراهيم الـحَرْبيُّ: شَطَبَ الرُّمح عن مَقْتَله أَي لم يَبْلُغْه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ. أَبو الفرج: الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ.
وشَطِبٌ: جبلٌ معروف؛ قال: كأَنَّ أَقْرابَه، لـمَّا عَلا شَطِـباً، * أَقْرابُ أَبْلَقَ، يَنْفِـي الخيْلَ، رَمّاحِ وفي الصحاح: شَطِـيبٌ: اسم جَبَل.
ورأَيت في حواشي نسخة موثوق بها: هكذا وقع في النسخ، والذي أَورده الفارابي في ديوان الأَدب، والذي رواه ابن دريد، وابن فارس: شَطِبٌ، على فَعِلٍ: اسم جَبل، واللّه أَعلم.

دلا (لسان العرب) [0]


الدَّلْوُ: معروفة واحدة الدَّلاءِ التي يُسْتَقَى بها، تذكَّر وتؤنَّث؛ قال رؤبة: تَمْشي بِدَلْوٍ مُكْرَبِ العَراقي والتأْنيث أَعلى وأَكثر، والجمع أَدْلٍ في أَقل العدد، وهو أَفْعُلٌ، قلبت الواو ياء لوقوعها طرفاً بعد ضمة، والكثير دِلاءٌ ودُليٌّ، على فُعولٍ، وهي الدَّلاةُ والدَّلا بالفتح والقصر، الواحدة دَلاةٌ؛ قال الجُمَيح: طامي الجِمامِ لَمْ تُمَخِّجْه الدَّلا وأَنشد ابن بري هذا البيت ونسبه للشماخ؛ وأَنشد لآخر: إنَّ لَنا قَلَيْذَماً هَمُوما، يَزِيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما (* قوله «مخج الدلا» ضبط الدلا هنا بالفتح، وضبط في غير موضع من اللسان وغيره بكسر الدال).
وأَنشد لآخر في المفرد: دَلْوَكَ إني رافعٌ دَلاتي وأَنشد لآخر: أَيُّ دَلاةِ نَهَلٍ دَلاتي . . . أكمل المادة وقوله في حديث عثمان، رضي الله عنه: تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ الدُّلاة؛ قال ابن الأَثير: هو جَمْع دالٍ كقاضٍ وقُضاةٍ، وهو النازِعُ في الدَّلْوِ المُسْتَقِي بها الماءَ من البئر. يقال: أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ ودَليْتُها إذا أَرسلتها في البئر، ودَلَوْتها أَدْلُوها فأَنا دالٍ إذا أَخرجْتها، ومعنى الحديث تواضعت لكم وتَطامَنْتُ كما يَفْعَل المُستقي بالدَّلْوِ.
ومنه حديث ابن الزبير: أَن حبَشِيّاً وقع في بئرِ زمزم فأَمرَهُم أَن يَدْلُوا ماءَها أَي يَسْتَقُوه، وقيل: الدَّلا جمعُ دَلاةٍ كفَلاً جمع فَلاةٍ.
والدَّلاة أَيضاً: الدَّلْوُ الصغيرة؛ وقول الشاعر: آلَيْتُ لا أُعْطِي غُلاماً أَبَدَا دَلاتَهُ، إني أُحِبُّ الأَسْوَدا يريد بِدَلاتِه سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدِّ، والأَسْوَدُ اسمُ ابنِه.
ودَلَوْتُها وأَدْلَيْتُها إذا أَرْسَلْتها في البئر لِتَسْتَقِيَ بها أُدْليها إدلاءً، وقيل: أَدْلاها أَلْقاها لِيَسْتَقِيَ بها، ودَلاها جَبَذها ليُخْرِجَها، تقول دَلَوْتها أَدْلُوها دَلْواً إذا أَخرجَتها وجَذَبْتَها من البئر مَلأى؛ قال الراجز العجاج: يَنْزِعُ من جَمَّاتِها دَلْوُ الدَّال أََي نَزْعُ النازعِ.
ودَلَوْتُ الدَّلْوَ: نَزَعْتُها. قال الجوهري: وقد جاء في الشعر الدَّالي بمعنى المُدْلي؛ وهو قول العجاج: يَكْشِفُ، عن جَمَّاتِه، دَلْوُ الدَّالْ عَباءةً غَبْراءَ من أَجْنٍ طالْ يعني المُدْليَ؛ قال ابن بري: ومثله لرؤبة: يَخْرُجْنَ من أَجْوازِ لَيْلٍ غاضي أي مُغْضٍ، قال: وقال عليّ بن حمزة قد غلط جماعة من الرُّواة في تفسير بيت العجاج آخرهم ثعلب، قال: يعني كونهم قَدَّرُوا الدَّاليَ بمعنى المُدْلي؛ قال ابن حمزة: وإنما المعنى فيه أَنه لما كان المُدْلي إذا أَدْلى دَلْوَه عادَ فَدَلاها أَي أَخرجها مَلأَى قال دَلْوُ الدَّالْ كما قال النابغة: مِثْل الإماء الغَوادِي تَحْمِلُ الحُزُما وإنما تحملها عند الرَّواح، فلما كُنَّ إذا غَدَوْنَ رُحْنَ قال: مثل الإماء الغَوادِي.
ويقال: دَلَوْتُها وأَنا أَدْلُوها وأَدْلَوْتُها.
وفي قصة يوسف: فأَدْلَى دَلْوَهُ قال يا بُشْرَى.
ودَلَوْتُ بفلان إليك أَي اسْتَشْفَعْتُ به إليك. قال عمر لما اسْتَسْقَى بالعباس، رضي الله عنهما: اللهم إنا نَتَقَرَّبُ إليك بعَمِّ النبي، صلى الله عليه وسلم، وقَفِيَّةِ آبائِه وكُبْرِ رِجالهِ دَلَوْنا به إليكَ مُسْتَشْفِعين؛ قال الهروي: معناه مَتَتْنا وتَوَسَّلْنا؛ قال ابن سيده: وأُرَى معناه أَنهم تَوَسَّلُوا بالعباس إلى رَحْمةِ الله وغِياثِه كما يُتَوَسَّل بالدَّلْوِ إلى الماء؛ قال ابن الأَثير: هو من الدَّلْوِ لأَنه يُتَوَصَّلُ به إلى الماء، وقيل: أَراد به أَقْبَلْنا وسُقْنَا، من الدَّلْوِ وهو السَّيْرُ الرَّفِيقُ.
وهو يُدْلي برَحِمِه أَي يَمُتُّ بها.
والدَّلْوُ: سِمَةٌ للإبل.
وقولهم: جاء فلانٌ بالدَّلْوِ أَي بالدَّاهِيةِ؛ قال الراجز: يَحْمِلْنَ عَنْقَاءَ وعَنْقَفِيرَا، والدَّلْوَ والدَّيْلَم والزَّفِيرَ (* قوله «يحملن عنقاء إلخ» كذا أنشده الجوهري وقال في التكملة: الإنشاد فاسد والرواية: أنعت أعياراً رعين كيرا * يحملن عنقاء وعنقفيرا وأم خشاف وخشفيرا * والدلو والديلم والزفيرا ثم قال: والكيراسم موضع بعينه).
والدَّلْوُ: بُرْجٌ من بُرُوج السماء معروف، سمي به تشبيهاً بالدَّلْو.
والدَّاليةُ: شيءٌ يُتَّخذُ من خُوصٍ وخَشَبٍ يُسْتَقَى به بحِبالٍ تشد في رأْس جِذْعٍ طويل؛ قال مِسْكِين الدارمي: بأَيْدِيهِمْ مَغارِفُ من حَديدٍ يُشَبِّهُها مُقَيَّرَةَ الدَّوَالِي والدَّالِيَةُ: المَنْجَنُون، وقيل: المَنْجَنُون تُدِيرُها البَقَرَةُ، والناعُورَة يُديرُها الماء. ابن سيده: والدَّالِيَةُ الأَرض تُسْقَى بالدَّلْو والمَنْجَنُون.
والدَّوَالِي: عِنَبٌ أَسْوَدُ غيرُ حالِكٍ وعَناقِيدُه أَعْظَم العناقِيدِ كُلِّها تَرَاها كأَنَّها تُيُوس معلَّقة، وعِنَبه جافٌّيتَكَسَّر في الفم مُدَحْرَج ويُزَبَّبُ؛ حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة:وأَدْلَى الفَرَسُ وغيرُه: أَخرج جُرْدانَه ليَبُولَ أَو يَضْرِبَ، وكذلك أَدْلَى العَيْرُ ودَلَّى؛ قيل لابْنَةِ الخُسِّ: مَا مائَةٌ منَ الحُمُر؟ قالت: عازِبَةُ اللَّيْل وخِزْيُ المَجْلِس، لا لَبَنَ فَتُحْلَبَ ولا صُوفَ فَتُجَزِّ، إنْ رُبِطَ عَيْرُها دَلَّى وإن أَرْسَلْتَه وَلَّى.
والإنسانُ يُدْلِي شيئاً في مَهْوَاةٍ ويَتَدَلَّى هو نَفْسُه.
ودَلَّى الشيءَ في المَهْواةِ: أَرْسَلَهُ فيها؛ قال: مَنْ شَاءَ دَلَّى النَّفْسَ في هُوَّةٍ ضَنْكٍ، ولَكِنْ مَنْ لَهُ بِالمَضِيقْ أَي بالخروج من المَضِيق، وتَدَلَّيْتُ فيها وعليها؛ قال لبيد يصف فرساً:فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلاً، وعلى الأَرضِ غَياياتُ الطَّفَلْ أَراد أَنه نَزَل من مِرْبائه وهو عَلَى فَرَسِه راكبٌ.
ولا يكون التَّدَلِّي إلا من عُلْوٍ إلى اسْتِفَال، تَدَلَّى من الشجرة.
ويقال: تَدَلَّى فلانٌ علينا من أَرض كذا وكذا أي أَتانا. يقال: من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ علينا؛ قال أُسامة الهذلي: تَدَلَّي عَلَيه وهُوَ زَرْقُ حَمامَةٍ، لَهُ طِحْلِبٌ، في مُنْتَهَى القيضِ، هامِدُ وقوله تعالى: فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ. قال أَبو إسحق: دلاَّهُما في المَعْصِيَة بأَن غَرَّهُما، وقال غيره: فَدلاَّهُما فأطْمَعَهُما؛ ومنه قول أَبي جُنْدُب الهذلي: أَحُصُِّ فلا أُجِيرُ، ومَنْ أُجِرْهُ، فَلَيْسَ كَمَنْ يُدَلَّى بالغُرُورِ أَحُصُّ: أَمْنَع، وقيل: أَحُصُّ أَقْطَع ذلك، وقوله: كَمَنْ يُدَلَّى أَي يُطْمَع؛ قال أَبو منصور: وأَصله الرجل العَطْشانُ يُدَلَّى في البئر ليَرْوَى من مَائِها فلا يجدُ فيها ماءً فيكون مُدَليِّاً فيها بالغُرورِ، فوُضِعَت التَّدْلِيَة موضع الإطْمَاع فيما لا يُجْدِي نَفْعاً؛ وفيه قول ثالث: فَدَلاَّهُما بغرور، أَي جَرَّأهما إبليس على أَكْلِ الشجرة بغُرره، والأَصلُ فيه دَلَّلهما، والدَّالُ والدَّالَّةُ: الجُرْأَة. الجوهري: ودلاَّه بغُرُورٍ أَي أَوْقَعَه فيما أَراد من تَغْرِيره وهو من إدْلاءِ الدَّلْو.
وأَما قوله عز وجل: ثم دَنَا فَتَدَلَّى؛ قال الفراء: ثم دَنَا جبريل من محمد فتَدَلَّى كأَنَّ المعنى ثم تَدَلَّى فَدَنا، قال: وهذا جائز إذا كان المَعْنى في الفعلين واحداً.
وقال الزجاج: معنى دَنَا فَتَدَلَّى واحد لأَن المعنى أَنه قرب فَتَدَلَّى أَي زاد في القُرْب، كما تقول قدْ دَنَا فلان مني وقرُبَ. قال الجوهري: ثم دَنَا فَتَدَلَّى، أَي تَدَلَّل كقوله: ثم ذهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى؛ أَي يَتَمَطَّطُ.
وفي حديث الإسْراء: فَتَدَلَّى فكان قَابَ قَوْسَيْنِ؛ التَّدَلِّي: النزولُ من العُلْو؛ قال ابن الأَثير: والضميرُ لجبريل، عيه الصلاة والسلام.
وأَدْلَى بحُجَّتِه: أَحْضَرَها واحْتجَّ بها.
وأَدْلَى إليه بِمالِه: دَفَعه. التهذيب: وأَدْلَى بمالِ فلان إلى الحاكِمِ إذا دَفَعَه إليه؛ ومنه قوله تعالى: وتُدْلُوا بها إلى الحكام؛ يعني الرِّشْوَةَ. قال أَبو إسحق: معنى تُدْلُوا في الأَصل من أَدْلَيْت الدَّلْوَ إذا أَرْسَلْتها لتملأَها، قال: ومعنى أَدْلَى فلان بحُجَّته أَي أَرْسَلَها وأَتَى بها على صحة، قال: فمعنى قوله وتُدْلُوا بها إلى الحُكَّام أَي تَعْمَلون على ما يوجِبُه الإدْلاءُ بالحُجة وتَخُونُون في الأَمانة لِتَأْكِلِوا فَريقاً من أَمْوالِ الناسِ بالإثْمِ، كأَنه قال تَعْمَلون على ما يوجِبُه ظاهِرُ الحُكْمِ وتَتْرُكُونَ ما قَدْ عَلِمْتُم أَنه الحَقّ؛ وقال الفراء: معناه لا تأْكُلوا أَمْوالكم بينكم بالباطل ولا تُدْلُوا بها إلى الحُكَّام، وإن شئتَ جَعلْتَ نصبَ وتُدْلُوا بها إذا أَلْقَيْتَ منها لا على الظَّرْفِ، والمعنى لا تُصانِعُوا بأَمْوالِكُم الحُكَّام ليَقْتَطِعُوا لكم حقّاً لغيركم وأَنتم تعلمون أَنه لا يحل لكم؛ قال أَبو منصور: وهذا عندي أَصح القولين لأَن الهاء في قوله وتُدْلوا بها للأَموال وهي، على قول الزجاج، للحُجّة ولا ذكر لها في أَول الكلام ولا في آخره.
وأَدْلَيْت فيه: قلت قولاً قبيحاً؛ قال:ولو شئتُ أَدْلَى فِيكُمَا غَيْرُ واحِدٍ عَلانِيَةً، أَو قالَ عِنْدِيَ في السِّرِّ ودَلَوْتُ الناقَةَ والإبِلَ دَلْواً: سُقْتُها سَوْقاً رَفيقاً رُوَيْداً؛ قال: لا تَقْلُواهَا وادْلُوَاهَا دَلْوَا، إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا وقال الشاعر: لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وادْلُواها، لَبِئْسما بُطْءٌ ولا نَرْعاها وادْلَوْلى أَي أَسْرَع، وهي افْعَوْعَلَ.
ودَلَوْت الرجلَ ودالَيْته إذا رَفَقْتَ به ودارَيْته. قال ابن بري: المُدالاةُ المُصانَعة مثلُ المُداجاةِ؛ قال كثير: أَلا يا لَقَوْمي، للنِّوى وانْفِتَالِها وللصَّرْمِ مِنْ أَسْماءَ ما لَمْ نُدالِها وقول الشاعر: كأَنَّ راكِبَها غُصْنٌ بَمَرْوَحَة، إذا تَدَلَّت بِهِ، أَو شارِبٌ ثَمِلُ يجوز أَن يكون تَفَعَّلَتْ من الدَّلْوِ الذي هو السَّوْق الرَّفِيقُ كأَنَّه دَلاَّها فَتَدَلَّت، قال: ويجوز أَن يكون أَراد تَدَلَّلَت من الإدْلالِ، فكره التضعيف فحوّل إحدى اللامين ياء كما قالو تظنيت في تظننت. ابن الأَعرابي: دَلِيَ إذا ساقَ ودَلِيَ إذا تَحَيَّر، وقال: تَدَلَّى إذا قَرُب بَعْدَ عُلْوٍ، وتَدَلَّى تواضَعَ.
ودالَيْتُه أَي دارَيْتُه.

نبع (لسان العرب) [0]


نَبَعَ الماءُ ونبِعَ ونَبْعَ؛ عن اللحياني، يَنْبِعُ وينْبَعُ ويَنْبُع؛ الأَخيرة عن اللحياني، نَبْعاً ونُبُوعاً: تَفعَّر، وقيل: خرج من العين، ولذلك سميت العين يَنْبُوعاً؛ قال الأَزهري: هو يفعول من نَبَعَ الماء إِذا جرى من العين وجمعه يَنابِيعُ، وبناحية الحجاز عين ماء يقال لها يَنْبُعُ تَسْقِي نخيلاً لآلِ عليّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه؛ فأَمّا قول عنترة: يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ زَيّافةٍ، مِثْلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ فإِنما أَراد ينْبَع فأَشْبع فتحة الباء للضرورة فنشأَت بعدها أَلف، فإِن سأَل سائل فقال: إِذا كان يَنْباعُ إِنما هو إِشباع فتحة باء يَنْبَعُ فما تقول في ينباع هذه اللفظة إِذا سميت بها رجلاً . . . أكمل المادة أَتصرفه معرفة أَم لا؟ فالجواب أَن سبيله أَن لا يُصرف معرفة، وذلك أَنه وإِن كان أَصله يَنْبَعُ فنقل إِلى يَنْباعُ فإِنه بعد النقل قد أَشبه مثالاً آخر من الفعل، وهو يَنْفَعِلُ مثل يَنْقادُ ويَنْحازُ، فكما أَنك لو سميت رجلاً يَنْقادُ أَو يَنْحازُ لما صرفته فكذلك ينباع، وإِن كان قد فُقِدُ لفظ يَنْبَعُ وهو يَفْعَلُ فقد صار إِلى ينباع الذي هو بوزن ينحاز، فإِن قلت: إِنْ ينباع يَفْعالُ ويَنْحازُ يَنْفَعِلُ، وأَصله يَنْحَوِزُ، فكيف يجوز أَن يشبه أَلف يَفْعالُ بعين يَنْفَعِلُ؟ فالجواب أَنه إِنما شبهناه بها تشبيهاً لفظيّاً فساغ لنا ذلك ولم نشبهه تشبيهاً معنوياً فبفسد علينا ذلك، على أَن الأصمعي قد ذهب في ينباع إِلى أَنه ينفعل، قال: ويقال انْباعَ الشجاعُ يَنباعُ انبياعاً إِذا تحرك من الصف ماضياً، فهذا ينفعل لا محالة لأَجل ماضيه ومصدره لأَن انْباعَ لا يكون إِلا انْفَعَلَ، والانْبِياعُ لا يكون إِلاَّ انْفِعالاً؛ أَنشد الأَصمعي: يُطْرِقُ حِلْماً وأَناةً مَعاً، ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشُّجاع ويَنْبُوعُه: مُفَجَّرُه.
والينْبُوعُ: الجَدْوَلُ الكثير الماء، وكذلك العين؛ ومنه قوله تعالى: حتى تَفْجُرَ لنا من الأَرض يَنْبوعاً، والجمع اليَنابِيعُ؛ وقول أَبي ذؤيب: ذَكَرَ الوُرُود بها، وساقى أَمرُه سَوْماً، وأَقْبَل حَيْنُه يَتَنَبَّعُ والنَّبْعُ: شجر، زاد الأَزهريّ: من أَشجار الجبالِ تتخذ منه القِسِيُّ.
وفي الحديث ذكر النَّبْعِ، قيل: كان شجراً يطول ويَعْلُو فدَعا النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: لا أَطالَك أَللهُ من عُودٍ فلم يَطُلْ بَعْدُ؛ قال الشماخ: كأَنَّها، وقد بَراها الإِخْماسْ ودَلَجُ الليْلِ وهادٍ قَيّاسْ، شَرائِجُ النَّبْعِ بَراها القَوّاسْ قال: وربما اقْتُدِحَ به، الواحدة نَبْعة؛ قال الأَعشى: ولو رُمْت في ظُلْمةٍ قادِحاً حَصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَيْت نارا يعني أَنه مُؤَتًّى له حتى لو قَدَحَ حصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَى له، وذلك ما لا يتأَتّى لأَحد، وجعل النبْعَ مثلاً في قِلّة النار؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وقال مرة: النبْعُ شجر أَصفرُ العُود رَزِينُه ثقيلُه في اليد وإِذا تقادم احْمَرَّ، قال: وكل القِسِيِّ إِذا ضُمَّت إِلى قوس النْبعِ كَرَمَتْها قوْسُ النبعِ لأَنها أَجمع القِسِيِّ للأَرْزِ واللِّين، يعين بالأَرْزِ الشدّةَ، قال: ولا يكون العود كريماً حتى يكون كذلك، ومن أَغصانه تتخذ السِّهامُ؛ قال دريد بن الصمّة: وأَصْفَر من قِداحِ النبْعِ فرْع، به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ يقول: إِنه بُرِيَ من فرْعِ الغُصْنِ ليس بِفِلْقٍ. المبرد: النبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرْيانُ شجرة واحدة ولكنها تختلف أَسماؤها لاختلاف منابِتها وتكرم على ذلك، فما كان منها في قُلّةِ الجبَلِ فهو النبْعُ، وما كان في سَفْحه فهو الشَّرْيان،وما كان في الحَضِيضِ فهو الشَّوْحَطُ، والنبع لا نار فيه ولذلك يضرب به المثل فيقال: لو اقْتَدَحَ فلان بالنبْعِ لأَوْرَى ناراً إِذا وصف بجَوْدةِ الرأْي والحِذْق بالأُمور؛ وقال الشاعر يفضل قوس النبع على قوس الشوحط والشريان: وكيفَ تَخافُ القومَ، أُمُّكَ هابِلٌ، وعِنْدَكَ قوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ من النبْعِ لا شَرْيانةٌ مُسْتَحِيلةٌ، ولا شَوْحَطٌ عند اللِّقاءِ غَرُورُ والنَّبَّاعةُ: الرّمّاعةُ من رأْسِ الصبيِّ قبل أَن تَشْتَدَّ، فإِذا اشْتَدَّت فهي اليافُوخُ.
ويَنْبُع: موضع بين مكةَ والمدينةِ؛ قال كثيِّر: ومَرَّ فأَرْوَى يَنْبُعاً فجُنُوبَه، وقد جِيدَ منه جَيْدَةٌ فَعَباثِرُ ونُبايِعُ: اسم مكانٍ أَو جَبل أَوْ وادٍ في بلاد هذيل؛ ذكره أَبو ذؤيب فقال: وكأَنَّها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبايِعٍ، وأُولاتِ ذِي العَرْجاءِ، نَهْبٌ مُجْمَعُ ويجمع على نُبايِعاتٍ. قال ابن بري: حكى المفضل فيه الياء قبل النون، وروى غيره نُبايِع كما ذهب إِليه ابن القطاع.
ويُنابِعا مضموم الأَوّل مقصور: مكانٌ، فإِذا فتح أَوّله مُدّ، هذا قول كراع، وحكى غيره فيه المدّ مع الضم.
ونَبايِعات: اسم مكان.
ويُنابِعات أَيضاً، بضم أَوَّله، قال أَبو بكر: وهو مثال لم يذكره سيبويه، وأَما ابن جني فجعله رباعيّاً، وقال: ما أَظرَفَ بأَبي بكر أَنْ أَوْرَدَه على أَنه أَحد الفوائت، أَلا يَعْلَمُ أَن سيبويه قال: ويكون على يَفاعِلَ نحو اليَحامِدِ واليَرامِعِ؟ فأَما إِلْحاق عَلَمِ التأْنيث والجمع به فزائِدٌ على المثال غير مُحْتَسَبٍ به، وإِن رواه راوٍ نُبايِعات فنُبايِعُ نُفاعِلُ كنُضارِبُ ونُقاتِلُ، نُقِلَ وجُمِعَ وكذلك يُنابِعاوات.
ونَوابِعُ البعير: المواضعُ التي يَسِيلُ منها عَرَقُه. قال ابن بري: والنَّبِيعُ أَيضاً العَرَقُ؛ قال المرار: تَرى بِلِحَى جَماجِمها نَبِيعا وذكر الجوهري في هذه الترجمة عن الأَصمعي قال: يقال قد انْباعَ فلان علينا بالكلام أَي انْبَعَثَ.
وفي المثل: مُخْرَنْبِقٌ ليَنباعَ أَي ساكِتٌ ليَنْبَعِثَ ومُطْرِقٌ ليَنْثالَ. قال الشيخ ابن بري: انْباعَ حقه أَن يذكره في فصل بوعَ لأَنه انفعل من باعَ الفرسُ يَبُوعُ إِذا انْبَسَطَ في جَرْيِه، وقد ذكرناه نحن في موضعه من ترجمة بوع.
والنَّبَّاعةُ: الاسْتُ، يقال: كَذَبَتْ نَبّاعَتُك إِذا رَدَمَ، ويقال بالغين المعجمة أَيضاً.

شكل (لسان العرب) [0]


الشَّكْلُ، بالفتح: الشِّبْه والمِثْل، والجمع أَشكالٌ وشُكُول؛ وأَنشد أَبو عبيد: فلا تَطلُبَا لي أَيِّماً، إِن طَلَبْتُما، فإِن الأَيَامَى لَسْنَ لي بشُكُولٍ وقد تَشَاكَلَ الشَّيْئَانِ وشَاكَلَ كُلُّ واحد منهما صاحبَه. أَبو عمرو: في فلان شَبَهٌ من أَبيه وشَكْلٌ وأَشْكَلَةٌ وشُكْلَةٌ وشَاكِلٌ ومُشَاكَلَة.
وقال الفراء في قوله تعالى: وآخَرُ من شَكْلِه أَزواجٌ ؛ قرأَ الناس وآخَرُ إِلاَّ مجاهداً فإِنه قرأَ: وأُخَرُ؛ وقال الزجاج: من قرأَ وآخَرُ من شَكْلِه؛ فآخَرُ عطف على قوله حَمِيمٌ وغَسَّاقٌ أَي وعَذاب آخَرُ من شَكْلِه أَي من مِثْل ذلك الأَول، ومن قرأَ وأُخَرُ فالمعنى وأَنواع أُخَرُ من شَكْلِه لأَن معنى قوله أَزواج أَنواع.
والشَّكْل: المِثْل، تقول: هذا على . . . أكمل المادة شَكْل هذا أَي على مِثَاله.
وفلان شَكْلُ فلان أَي مِثْلُه في حالاته.
ويقال: هذا من شَكْل هذا أَي من ضَرْبه ونحوه، وهذا أَشْكَلُ بهذا أَي أَشْبَه.
والمُشَاكَلَة: المُوافَقة، والتَّشاكُلُ مثله.
والشاكِلةُ: الناحية والطَّريقة والجَدِيلة.
وشاكِلَةُ الإِنسانِ: شَكْلُه وناحيته وطريقته.
وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُلُّ يَعْمَل على شاكِلَته؛ أَي على طريقته وجَدِيلَته ومَذْهَبه؛ وقال الأَخفش: على شَاكِلته أَي على ناحيته وجهته وخَلِيقته.
وفي الحديث: فسأَلت أَبي عن شَكْل النبي، صلى الله عليه وسلم، أَي عن مَذْهَبه وقَصْده، وقيل: عما يُشَاكلُ أَفعالَه.
والشِّكْل، بالكسر: الدَّلُّ، وبالفتح: المِثْل والمَذْهب.
وهذا طَرِيقٌ ذو شَواكِل أَي تَتَشَعَّب منه طُرُقٌ جماعةٌ.
وشَكْلُ الشيء: صورتُه المحسوسة والمُتَوَهَّمة، والجمع كالجمع.
وتَشَكَّل الشيءُ: تَصَوَّر، وشَكَّلَه: صَوَّرَه.
وأَشْكَل الأَمْرُ: الْتَبَس.
وأُمورٌ أَشْكالٌ: ملتبسة، وبَيْنَهم أَشْكَلَة أَي لَبْسٌ.
وفي حديث عليٍّ، عليه السلام: وأَن لا يَبِيعَ من أَولاد نَخْل هذه القُرَى وَدِيَّةً حتى تُشْكِل أَرْضُها غِرَاساً أَي حتى يكثُرَ غِراسُ النَّخْل فيها فيراها الناظر على غير الصفة التي عَرَفها بها فيُشْكِل عليه أَمْرُها.
والأَشْكَلَة والشَّكْلاءُ: الحاجةُ. الليث: الأَشْكال الأُمورُ والحوائجُ المُخْتَلِفة فيما يُتكَلَّف منها ويُهْتَمُّ لها؛ وأَنشد للعَجَّاج:وتَخْلُجُ الأَشْكالُ دُونَ الأَشْكال الأَصمعي: يقال لنا عند فلان رَوْبَةٌ وأَشْكَلَةٌ وهما الحاجة، ويقال للحاجة أَشْكَلَة وشَاكِلةٌ وشَوْكَلاءُ بمعنى واحد.
والأَشكل من الإِبل والغنم: الذي يَخْلِط سوادَه حُمْرةٌ أَو غُبْرةٌ كأَنه قد أَشْكَل عليك لونُه، وتقول في غير ذلك من الأَلوان: إِنَّ فيه لَشُكْلَةً من لون كذا وكذا، كقولك أَسْمر فيه شُكْلَة من سواد؛ والأَشْكَل في سائر الأَشياء: بياضٌ وحُمْرة قد اخْتَلَطَا؛ قال ذو الرمة: يَنْفَحْنَ أَشْكَلَ مخلوطاً تَقَمَّصَه مَناخِرُ العَجْرَفِيَّاتِ المَلاجِيج وقول الشاعر: فما زالَتِ القَتْلى تَمُور دِماؤها بِدِجْلَة، حَتَّى ماءُ دِجْلَة أَشْكَلُ قال أَبو عبيدة: الأَشكل فيه بياضٌ وحُمْرة. ابن الأَعرابي: الضَّبُع فيها غُثْرة وشُكْلة لَوْنا فيه سَوادٌ وصُفْرة سَمِجَة.
وقال شَمِر: الشُّكْلة الحُمْرة تختلط بالبياض.
وهذا شيءٌ أَشْكَلُ، ومنه قيل للأَمر المشتَبه مُشْكِلٌ.
وأَشْكَل عَلَيَّ الأَمُر (* قوله «وأَشكل عليّ الأمر» في القاموس: وأشكل الأمر التبس كشكل وشكل) إِذا اخْتَلَط، وأَشْكَلَتْ عليَّ الأَخبار وأَحْكَلَتْ بمعنىً واحد.
والأَشْكَل عند العرب: اللونان المختلطان.
ودَمٌ أَشْكَلُ إِذا كان فيه بياض وحُمْرَة؛ قال ابن دريد: إِنما سُمِّي الدم أَشْكَلَ للحمرة والبياض المُخْتَلَطَيْن فيه. قال ابن سيده: والأَشْكَلُ من سائر الأَشياء الذي فيه حمرة وبياض قد اختلط، وقيل: هو الذي فيه بياضٌ يَضْرِب إِلى حُمْرة وكُدْرة؛ قال: كَشَائطِ الرُّبِّ عليه الأَشْكَلِ وَصَفَ الرُّبَّ بالأَشْكَل لأَنه من أَلْوانِه، واسم اللون الشُّكْلة، والشُّكْلة في العين منه، وقد أَشْكَلَتْ.
ويقال: فيه شُكْلة من سُمْرة وشُكْلة من سواد، وعَيْنٌ شَكْلاءُ بَيِّنة الشَّكَلِ، ورَجُل أَشْكَلُ العين.
وفي حديث علي (* قوله «وفي حديث علي إلخ» في التهذيب: وفي حديث علي في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم، إلخ) رضي الله عنه: في عَيْنيه شُكْلةٌ؛ قال أَبو عبيد: الشُّكْلة كهيئة الحُمْرة تكون في بياض العين، فإِذا كانت في سواد العين فهي شُهْلة؛ وأَنشد: ولا عَيْبَ فيها غَير شُكْلة عَيْنِها، كذاك عِتَاقُ الطَّيْر شُكْلٌ عُيُونُها (* قوله «شكل عيونها» في التهذيب شكلاً بالنصب). عِتَاقُ الطَّيرِ: هي الصُّقُور والبُزَاة ولا توصف بالحُمْرة، ولكن توصف بزُرقة العين وشُهْلتها. قال: ويروى هذا البيت: غَيْرَ شُهْلةِ عَيْنها؛ وقيل: الشُّكْلة في العين الصُّفْرة التي تُخَالِط بياض العين الذي حَوْلَ الحَدَقة على صِفَة عين الصَّقْر، ثم قال: ولَكِنَّا لم نسمع الشُّكْلَة إِلا في الحُمْرة ولم نسمعها في الصُّفْرة؛ وأَنشد: ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزَان بطَعْنَةٍ، سَقَتْه نَجِيعاً، من دَمِ الجَوْف، أَشْكلا قال: فهو هَهُنَا حُمْرة لا شَكَّ فيه.
وقوله في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كان ضَلِيعَ الفَم أَشْكَلَ العين مَنْهُوسَ العَقِبين؛ فسره سِمَاك ابن حَرْب بأَنه طويل شَقِّ العَيْن؛ قال ابن سيده: وهذا نادر، قال: ويمكن أَن يكون من الشُّكْلة المتقدمة، وقال ابن الأَثير في صفة أَشْكَلَ العين قال: أَي في بياضها شيء من حُمْرة وهو مَحْمود مَحْبوب؛ يقال: ماء أَشْكَلُ إِذا خالطه الدَّمُ.
وفي حديث مَقْتَل عُمَر، رضي الله عنه: فَخَرج النَّبِيذُ مُشْكِلاً أَي مختلطاً بالدم غير صريح، وكل مُخْتَلِطٍ مُشْكِلٌ.
وتَشَكَّلَ العِنَبُ: أَيْنَعَ بعضُه. المحكم: شَكَّلَ (* قوله «المحكم شكل إلخ» في القاموس: شكل العنب مخففاً ومشدداً وتشكل) العِنَبُ وتَشَكَّلَ اسْوَدَّ وأَخَذَ في النُّضْج؛ فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:ذَرَعَتْ بهم دَهْسَ الهِدَمْلَةِ أَيْنُقٌ شُكْلُ الغُرورِ، وفي العُيون قُدُوحُ فإنه عَنَى بالشُّكْلة هنا لون عَرَقها، والغُرور هنا: جمع غَرٍّ وهو تَثَنِّي جُلودها (* قوله «وهو تثني جلودها» زاد في المحكم: هكذا قال والصحيح ثني جلودها) وفيه شُكْلَةٌ من دَمٍ أَي شيء يسير.
وشَكَل الكِتابَ يَشْكُله شَكْلاً وأَشْكَله: أَعجمه. أَبو حاتم: شَكَلْت الكتاب أَشكله فهو مَشْكُول إِذا قَيَّدْتَه بالإِعْراب، وأَعْجَمْت الكِتابَ إِذا نَقَطَتْه.
ويقال أَيضاً: أَشْكَلْت الكتابَ بالأَلف كأَنك أَزَلْت به عنه الإِشْكال والالتباس؛ قال الجوهري: وهذا نقلته من كتاب من غير سماع.
وحَرْف مُشْكِلٌ: مُشْتَبِهٌ ملتَبِس.
والشِّكَال: العِقَال، والجمع شُكْلٌ؛ وشَكَلْت الطائرَ وشَكَلْت الفرسَ بالشَّكَال.
وشَكَل الدَّابَّة يَشْكُلها شَكْلاً وشَكَّلَها: شَدَّ قوائمها بحَبْل، واسم ذلك الحَبْلِ الشِّكَالُ، والجمع شُكُلٌ.
والشِّكَال في الرَّحْل: خَيط يوضع بين الحَقَبِ والتَّصْدِيرِ لئلاّ يُلِحَّ الحَقَبُ على ثِيلِ البَعِيرِ فيَحْقَب أَي يَحْتبس بولُه، وهو الزِّوار أَيضاً.
والشِّكال أَيضاً: وِثَاقٌ بين الحَقَب والبِطَان، وكذلك الوثاق بين اليد والرجل.
وشَكَلْت عن البعير إِذا شَدَدت شِكَاله بين التصدير والحَقَب، أَشْكُلُ شَكْلاً.
والمَشْكُولُ من العَرُوض: ما حُذف ثانيه وسابعُه نحو حذفك أَلفَ فاعلاتن والنونَ منها، سُمِّي بذلك لأَنك حذفت من طرفه الآخِر ومن أَوّله فصار بمنزلة الدابَّة الذي شُكِلَت يَدُه ورجلُه.
والمُشاكِلُ من الأُمور: ما وافق فاعِلَه ونظيرَه.
ويقال: شَكَلْت الطيرَ وشَكَلْت الدَّابَّة.
والأَشْكَالُ: حَلْيٌ يُشاكِلُ بعضُه بعضاً يُقَرَّط به النساءُ؛ قال ذو الرمة: سَمِعْت من صَلاصِل الأَشْكَالِ أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوَالي، هَزَّ السَّنَى في ليلة الشَّمَالِ وشَكَّلَتِ المرأَةُ (* قوله «وشكلت المرأة» ضبط مشدداً في المحكم والتكملة وتبعهما القاموس، قال شارحه: والصواب أنه من حد نصر كما قيده ابن القطاع) شَعَرَها: ضَفَرَت خُصْلَتين من مُقَدَّم رأْسها عن يمين وعن شمال ثم شَدَّت بها سائر ذوائبها.
والشِّكَال في الخيل: أَن تكون ثلاثُ قَوائم منه مُحَجَّلةً والواحدة مُطْلَقة؛ شُبِّه بالشِّكال وهو العِقال، وإِنما أُخِذ هذا من الشِّكَال الذي تُشْكَل به الخيل، شُبِّه به لأَن الشِّكَال إِنما يكون في ثلاث قوائم، وقيل: هو أَن تكون الثلاثُ مُطْلَقة والواحدة مُحَجَّلة، ولا يكون الشِّكَال إِلا في الرِّجْل ولا يكون في اليد، والفرسُ مَشْكُولٌ، وهو يَكْرَه.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كَرِه الشِّكال في الخيل؛ وهو أَن تكون ثلاثُ قوائم مُحَجَّلة وواحدة مُطْلَقة تشبيهاً بالشَّكَال الذي تُشْكَل به الخيلُ لأَنه يكون في ثلاث قوائم غالباً، وقيل: هو أَن تكون الواحدة محجَّلة والثلاث مُطْلَقة، وقيل: هو أَن تكون إِحدى يديه وإِحدى رجليه من خلاف مُحَجَّلتين، وإِنما كَرِهه لأَنه كالمشكول صورةً تفاؤلاً، قال: ويمكن أَن يكون جَرَّب ذلك الجنس فلم يكن فيه نَجَابة، وقيل: إِذا كان مع ذلك أَغَرَّ زالت الكراهة لزوال شبه الشِّكَال. ابن الأَعرابي: الشِّكَال أَن يكون البياض في رجليه وفي إِحدى يديه.
وفَرَسٌ مَشْكُول: ذو شِكَال. قال أَبو منصور: وقد روى أَبو قتادة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَيْرُ الخَيْلِ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ المُحَجَّل الثلاث طَلْقُ اليُمْنى أَو كُمَيْتٌ مثله؛ قال الأَزهري: والأَقْرَحُ الذي غُرَّتُه صغيرة بين عينيه، وقوله طَلْق اليمنى ليس فيها من البياض شيء، والمُحَجَّل الثلاث التي فيها بياض.
وقال أَبو عبيدة: الشِّكَال أَن يكون بياض التحجيل في رِجْل واحدة ويَدٍ من خِلافٍ قَلَّ البياضُ أَو كَثُر، وهو فرس مَشْكُول. ابن الأَعرابي: الشَّاكِل البياض الذي بين الصُّدْغِ والأُذُنِ.
وحُكي عن بعض التابعين: أَنه أَوْصَى رَجُلاً في طَهارته فقال تَفَقَّدِ المَنْشَلَة والمَغْفَلة والرَّوْمَ والفَنِيكَيْن والشَّاكِلَ والشَّجْر.
وورد في الحديث أَيضاً: تَفَقَّدوا في الطُّهور الشاكِلَة والمَغْفَلة والمَنْشَلة؛ المَغْفَلة: العَنْفَقة نفسُها، والمَنْشَلةُ: ما تحت حَلْقة الخاتَم من الإِصْبَع، والرَّوْمُ: شَحْمَة الأُذُن، والشَّاكِل: ما بين العِذَار والأُذُن من البياض.
وشاكِلَة الشيء: جانبُه؛ قال ابن مقبل: وعَمْداً تَصدَّت، يوم شَاكِلة الحِمى، لِتَنْكأَ قَلْباً قد صَحَا وتَنَكَّرا وشاكِلةُ الفَرس: الذي بين عَرْض الخاصرة والثَّفِنة، وهو مَوْصِلُ الفَخِذ في الساق.
والشَّاكِلَتان: ظاهرُ الطَّفْطَفَتين من لَدُنْ مَبْلَغ القُصَيْرَى إِلى حَرْف الحَرْقَفة من جانبي البطن.
والشَّاكِلةُ: الخاصِرةُ، وهو الطَّفْطَفة.
وفي الحديث: أَن ناضِحاً تَرَدَّى في بِئر فُذكِّي من قِبَل شاكِلته أَي خاصِرِته.
والشَّكْلاء من النِّعاج: البيضاءُ الشَّاكِلة.
ونَعْجة شَكْلاء إِذا ابْيَضَّتْ شاكِلَتاها وسائرُها أَسودُ وهي بَيِّنَة الشَّكَل.
والأَشْكَل من الشاء: الأَبيضُ الشاكِلة.
والشَّواكِلُ من الطُّرُق: ما انْشَعَب عن الطريق الأَعظم.
والشِّكْل: غُنْجُ المرأَة وغَزَلُها وحُسْن دَلِّها؛ شَكِلَتْ شَكَلاً، فهي شَكِلةٌ؛ يقال: إِنها شَكِلة مُشْكِلةٌ حَسَنة الشِّكْل؛ وفي تفسير المرأَة العَرِبَة أَنها الشَّكِلَة، بفتح الشين وكسر الكاف، وهي ذاتُ الدَّلّ.
والشَّكْل: المِثْل.
والشِّكْل، بالكسر: الدَّلُّ، ويجوز هذا في هذا وهذا في هذا.
والشِّكْلُ للمرأَة: ما تَتَحسَّن به من الغُنْج. يقال: امرأَة ذات شِكْل.
وأَشْكَلَ النَّخلُ: طاب رُطَبُه وأَدْرَك.
والأَشْكَل: السِّدْر الجَبَليُّ، واحدته أَشْكَلَة. قال أَبو حنيفة: أَخبرني بعض العرب أَن الأَشْكَلَ شجر مثل شجر العُنَّاب في شَوْكه وعَقَف أَغْصانه، غير أَنه أَصغر وَرَقاً وأَكثر أَفْناناً، وهو صُلْبٌ جِدّاً وله نُبَيْقَةٌ حامضة شديدة الحُمُوضة، مَنابِته شواهقُ الجبال تُتَّخَذ منه القِسِيُّ، وإِذا لم تكن شجرته عَتِيقة مُتقادِمة كان عُودُها أَصفر شديد الصُّفْرة، وإِذا تقادَمَتْ شجرتُه واسْتَتمَّت جاء عودُها نصفين: نصفاً شديد الصفرة، ونصفاً شديد السواد؛ قال العَجَّاج ووَصَفَ المَطايا وسُرْعَتَها: مَعْجَ المَرامي عن قِياس الأَشْكَلِ قال: ونَبات الأَشْكَل مثل شجر الشَّرْيان؛ وقد أَوردوا هذا الشعر الذي للعجاج: يَغْلُو بها رُكْبانُها وتَغْتَلي عُوجاً، كما اعْوَجَّتْ قِياسُ الأَشْكَل قال ابن بري: الذي في شعره: مَعْجَ المَرامي عن قِياس الأَشْكَل والمَعْجُ: المَرُّ، والمَرامي السِّهامُ، الواحدة مِرْماةٌ؛ وقال آخر: أَو وَجْبَة من جَناةِ أَشْكَلَةٍ يعني سِدْرة جَبَلِيَّة. ابن الأَعرابي: الشَّكْلُ ضَرْب من النبات أَصفر وأَحمر.
وشَكْلةُ: اسم امرأَة.
وبَنُو شَكَل: بطن من العرب.
والشَّوْكَل: الرَّجَّالَةُ، وقيل المَيْمنة والمَيْسَرة؛ كلُّ ذلك عن الزَّجَّاجي. الفراء: الشَّوْكَلَةُ الرَّجَّالَةُ، والشَّوْكَلَةُ النَّاحِية، والشَّوْكَلَةُ العَوْسَجَة.

حسا (لسان العرب) [0]


حَسَا الطائرُ الماءَ يَحْسُو حَسْواً: وهو كالشُّرْب للإِنسان، والحَسْوُ الفِعْل، ولا يقال للطائر شَرِبَ، وحَسا الشيءَ حَسْواً وتحَسَّاهُ. قال سيبويه: التَّحَسِّي عمل في مُهْلةٍ.
واحْتَساه: كتَحَسَّاه.
وقد يكون الاحْتِساءُ في النوم وتَقَصِّي سَيْرِ الإِبلِ، يقال: احْتَسى سيرَ الفرس والجمل والناقةِ؛ قال: إِذا احْتَسى يَوْمَ هَجِيرٍ هائِف غُرُورَ عِيدِيّاتها الخَوانِف وهُنَّ يَطْوِينَ على التَّكالِف بالسَّيْفِ أَحْياناً وبالتَّقاذُف جمع بين الكسر والضم، وهذا الذي يسميه أَصحاب القوافي السناد في قول الأَخفش، واسم ما يُتَحَسَّى الحَسِيَّةُ والحَساءُ، ممدود، والحَسْوُ؛ قال ابن سيده: وأُرَى ابن الأَعرابي حكى في الاسم أَيضاً الحَسْوَ على لفظ المصدر، والحَسا، مقصور، على مثال القَفا، قال: ولست منهما على . . . أكمل المادة ثقة، والحُسْوةُ، كله: الشيء القليل منه.
والحُسْوةُ: مِلْءُ الفَمِ.
ويقال: اتخذوا لنا حَسِيَّةً؛ فأَما قوله أَنشده ابن جني لبعض الرُّجَّاز: وحُسَّد أَوْشَلْتُ مِن حِظاظِها على أَحاسي الغَيْظِ واكْتِظاظِها قال ابن سيده: عندي أَنه جمع حَساءٍ على غير قياس، وقد يكون جمع أُحْسِيَّةٍ وأُحْسُوَّةٍ كأُهْجِيَّةٍ وأُهْجُوَّة، قال: غير أَني لم أَسمعه ولا رأَيته إِلا في هذا الشعر.
والحَسْوة: المرة الواحدة، وقيل:: الحَسْوة والحُسوة لغتان، وهذان المثالان يعتقبان على هذا الضرب كثيراً كالنَّغْبة والنُّغْبة والجَرْعة والجُرْعة، وفرق يونس بين هذين المثالين فقال: الفَعْلة للفِعْل والفُعْلة للاسم، وجمع الحُسْوة حُسىً، وحَسَوْت المَرَق حَسْواً.
ورجل حَسُوٌّ: كثير التَّحَسِّي.
ويوم كحَسْوِ الطير أَي قصير.
والعرب تقول: نِمتُ نَوْمةً كحَسْوِ الطير إِذا نام نوماً قليلاً.
والحَسُوُّ على فَعُول: طعام معروف، وكذلك الحَساءُ، بالفتح والمد، تقول: شربت حَساءً وحَسُوّاً. ابن السكيت: حَسَوْتُ شربت حَسُوّاً وحَساءً، وشربت مَشُوّاً ومَشَاءً، وأَحْسَيْته المَرَق فحَساه واحْتَساه بمعنى، وتحَسَّاه في مُهْلة.
وفي الحديث ذكْرُ الحَساءِ، بالفتح والمد، هو طبيخٌ يُتَّخذ من دقيقٍ وماءٍ ودُهْنٍ، وقد يُحَلَّى ويكون رقيقاً يُحْسَى.
وقال شمر: يقال جعلت له حَسْواً وحَساءً وحَسِيَّةً إِذا طَبَخَ له الشيءَ الرقيقَ يتَحَسَّاه إِذا اشْتَكَى صَدْرَه، ويجمع الحَسا حِساءً وأَحْساءً. قال أَبو ذُبْيان بن الرَّعْبل: إِنَّ أَبْغَضَ الشُّيوخ إِليَّ الحَسُوُّ الفَسُوُّ الأَقْلَحُ الأَمْلَحُ؛ الحَسُوُّ: الشَّروبُ.
وقد حَسَوْتُ حَسْوَةً واحدة.
وفي الإِناء حُسْوَةٌ، بالضم، أَي قَدْرُ ما يُحْسَى مَرَّةً. ابن السكيت: حَسَوْتُ حَسْوةً واحدة، والحُسْوَةُ مِلْءُ الفم.
وقال اللحياني: حَسْوَة وحُسْوة وغَرْفة وغُرْفة بمعنى واحد.
وكان يقال لأَبي جُدْعانَ حاسي الذَّهَب لأَنه كان له إِناءٌ من ذهب يَحْسُو منه.
وفي الحديث: ما أَسْكَرَ منه الفَرَقُ فالحُسْوَةُ حرام؛ الحُسْوةُ، بالضم: الجُرْعة بقدر ما يُحْسى مرَّة واحدة، وبالفتح المرة. ابن سيده: الحِسْيُ سَهْلٌ من الأَرض يَسْتنقع فيه الماء، وقيل: هو غَلْظٌ فوقه رَمْلٌ يجتمع فيه ماء السماء، فكلما نزَحْتَ دَلْواً جَمَّتْ أُخرى.
وحكى الفارسي عن أَحمد بن يحيى حِسْيٌ وحِسىً، ولا نظير لهما إِلاَّ مِعْي ومِعىً، وإِنْيٌ من الليل وإِنىً.
وحكى ابن الأَعرابي في حِسْيٍ حَساً، بفتح الحاء على مثال قَفاً، والجمع من كل ذلك أَحْساءٌ وحِساءٌ.
واحْتَسى حِسْياً: احْتَفره، وقيل: الاحْتساءُ نَبْثُ الترابِ لخروج الماء. قال الأَزهري: وسمعت غير واحد من بني تميم يقول احْتَسَيْنا حِسْياً أَي أَنْبَطْنا ماءَ حِسْيٍ.
والحِسْيُ: الماء القليل.
واحْتَسى ما في نفسه: اخْتَبرَه؛ قال: يقُولُ نِساءٌ يَحْتَسِينَ مَوَدَّتي لِيَعْلَمْنَ ما أُخْفي، ويَعلَمْن ما أُبْدي الأَزهري: ويقال للرجل هل احْتَسَيْتَ من فلان شيئاً؟ على معنى هل وجَدْتَ.
والحَسَى وذو الحُسَى، مقصوران: موضعان؛ وأَنشد ابن بري: عَفَا ذُو حُسىً من فَرْتَنَا فالفَوارِع وحِسْيٌ: موضع. قال ثعلب: إِذا ذَكَر كثيرٌ غَيْقةَ فمعها حِسَاءٌ، وقال ابن الأَعرابي: فمعها حَسْنَى.
والحِسْي: الرمل المتراكم أَسفله جبل صَلْدٌ، فإِذا مُطِرَ الرمل نَشِفَ ماءُ المطر، فإِذا انْتَهى إِلى الجبل الذي أَسْفلَه أَمْسَكَ الماءَ ومنع الرملُ حَرَّ الشمسِ أَن يُنَشِّفَ الماء، فإِذا اشتد الحرُّ نُبِثَ وجْهُ الرملِ عن ذلك الماء فنَبَع بارداً عذباً؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت بالبادية أَحْساءً كثيرة على هذه الصفة، منها أَحْساءُ بني سَعْدٍ بحذاء هَجَرَ وقُرَاها، قال: وهي اليومَ دارُ القَرامطة وبها منازلهم، ومنها أَحْساءُ خِرْشافٍ، وأَحْساءُ القَطِيف، وبحذَاء الحاجر في طريق مكة أَحْساءٌ في وادٍ مُتَطامِن ذي رمل، إِذا رَوِيَتْ في الشتاء من السُّيول الكثيرة الأَمطار لم ينقطع ماءُ أَحْسائها في القَيْظ. الجوهري: الحِسْيُ، بالكسر، ما تُنَشِّفه الأَرض من الرمل، فإِذا صار إِلى صَلابةٍ أَمْسكَتْه فتَحْفِرُ عنه الرملَ فتَسْتَخْرجه، وهو الاحْتِساءُ، وجمع الحِسْيِ الأَحساء، وهي الكِرَارُ.
وفي حديث أَبي التَّيِّهان: ذَهَبَ يَسْتَعْذِب لنا الماءَ من حِسْيِ بني حارثةَ؛ الحِسْيُ بالكسر وسكون السين وجمعه أَحْساء: حَفِيرة قريبة القَعْر، قيل إِنه لا يكون إِلا في أَرض أَسفلها حجارة وفوقها رمل، فإِذا أُمْطِرَتْ نَشَّفه الرمل، فإِذا انتهى إِلى الحجارة أَمْسكَتْه؛ ومنه الحديث: أَنهم شَرِبوا من ماء الحِسْيِ.
وحَسِيتُ الخَبَر، بالكسر: مثل حَسِسْتُ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائي: سِوَى أَنَّ العِتَاقَ من المَطايا حَسِينَ به، فهُنّ إِليه شُوسُ وأَحْسَيْتُ الخَبر مثله؛ قال أَبو نُخَيْلةَ: لما احْتَسَى مُنْحَدِرٌ من مُصْعِدِ أَنَّ الحَيا مُغْلَوْلِبٌ، لم يَجْحَدِ احْتَسَى أَي اسْتَخْبَر فأُخْبِر أَن الخِصْبَ فاشٍ، والمُنْحدِر: الذي يأْتي القُرَى، والمُصْعِدُ: الذي يأْتي إِلى مكة.
وفي حديث عوف بن مالك: فهَجَمْتُ على رجلين فقلتُ هل حَسْتُما من شيء؟ قال ابن الأَثير: قال الخطابي كذا ورد وإِنما هو هل حَسِيتُما؟ يقال: حَسِيتُ الخَبر، بالكسر، أَي علمته، وأَحَسْتُ الخبر، وحَسِسْتُ بالخبر، وأَحْسَسْتُ به، كأَنَّ الأَصلَ فيه حَسِسْتُ فأَبْدلوا من إِحدى السينين ياء، وقيل: هو من قولهم ظَلْتُ ومَسْتُ في ظَلِلْتُ ومَسِسْتُ في حذف أَحد المثلين، وروي بيت أَبي زُبَيْدٍ أَحَسْنَ به.
والحِسَاء: موضع؛ قال عبد الله بن رَواحَةَ الأَنصاريُّ يُخاطب ناقَته حين توجه إِلى مُوتَةَ من أَرض الشأْم: إِذا بَلَّغْتِني وحَمَلْتِِ رَحْلِي مَسِيرةَ أَرْبَعٍ، بعدَ الحِسَاء

غيب (لسان العرب) [0]


الغَيْبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِـيابٌ وغُيُوبٌ؛ قال: أَنْتَ نَبـيٌّ تَعْلَمُ الغِـيابا، * لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا والغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يؤمنون بالغَيْبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار.
وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به، فهو غَيْبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: يؤمنون باللّه. قال: والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب.
ويُقال: سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه.
وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، . . . أكمل المادة أَو غير محصل.
وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِـياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِـيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ.
وغَيَّبه هو، وغَيَّبه عنه.
وفي الحديث: لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت: إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا: أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً عَلاَّمة.
وقولهم: غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه. قال شمر: كلُّ مكان لا يُدْرَى ما فيه، فهو غَيْبٌ؛ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما وراءه، وجمعه: غُيُوبٌ؛ قال أَبو ذؤيب: يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه مُغْضٍ، كما كَشَفَ الـمُسْـتَأْخِذُ الرَّمِدُ وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: ولا أَجْعَلُ الـمَعْرُوفَ حِلَّ أَلِـيَّةٍ، ولا عِدَةً، في الناظِرِ الـمُتَغَيَّبِ إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ الـمُتَغَيَّبَ موضعَ الـمُتَغَيِّبِ؛ قال ابن سيده: وهكذا وجدته بخط الحامض، والصحيح الـمُتَغَيِّب، بالكسر.
والـمُغَايَبةُ: خلافُ الـمُخاطَبة.
وتَغَيَّبَ عني فلانٌ.
وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي؛ قال امرؤُ القيس: فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ، * فَقِلْ في مَقِـيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ وقال الفراءُ: الـمُتَغَيِّبُ مرفوع، والشعر مُكْـفَـأٌ.
ولا يجوز أَن يَرِدَ على الـمَقيلِ، كما لا يجوز: مررت برجل أَبوه قائم.
وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ: لا داءَ، ولا خُبْنَة، ولا تَغْييبَ. التَّغْيِـيب: أَن لا يَبيعه ضالَّـةً، ولا لُقَطَة.
وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ: غائِـبُون؛ الأَخيرةُ اسم للجمع، وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ.
وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كان جمعاً، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر.
وفي حديث أَبي سعيد: إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِـيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون.
والغَيَبُ، بالتحريك: جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ.
وامرأَةٌ مُغِـيبٌ، ومُغْيِـبٌ، ومُغِـيبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ ويقال: هي مُغِـيبةٌ، بالهاء، ومُشْهِدٌ، بلا هاء.
وأَغابَتِ المرأَةُ، فهي مُغِـيبٌ: غابُوا عنها.
وفي الحديث: أَمْهِلُوا حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ الـمُغِـيبةُ، هي التي غاب عنها زوجُها.
وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُغِـيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً، فَتَعَرَّضَ لها، فقالتْ له: وَيْحَكَ!إِني مُغِـيبٌ! فتَرَكها.
وهم يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِـيبُون أَحْياناً.
ولا يقال: يَتَغَيَّبُونَ.
وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم، مَغِـيباً، وغِـياباً، وغُيوباً، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عن الـهَجَري: غَرَبَتْ.
وأَغابَ القومُ: دخلوا في الـمَغِـيبِ.
وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه؛ وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من الـمَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه، وما تَغَيَّبَ منه.
وقال أَبو حنيفة: العرب تسمي ما لم تُصِـبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بتخفيف الياء؛ والغَيَابة: كالغَيْبانِ. أَبو زياد الكِلابيُّ: الغَيَّبانُ، بالتشديد والتخفيف، من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِـبْه؛ وكذلك غَيَّبانُ العُروق.
وقال بعضهم: بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض، فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ.
والغَيْبُ من الأَرض: ما غَيَّبك، وجمعه غُيُوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إِذَا كَرِهُوا الجَمِـيعَ، وحَلَّ منهم * أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ والغَيْبُ: ما اطْمَـأَنَّ من الأَرض، وجمعه غُيوب. قال لبيد يصف بقرة، أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه: وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها * عن ظهرِ غَيْبٍ، والأَنِـيسُ سَقامُها تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين، فراعها أَي أَفزعها.
وقوله: والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِـيدُونها، فهم سَقامُها.ووقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ، عن اللحياني.
ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها.
وغَيابةُ كلِّ شيء: قَعْرُه، منه، كالجُبِّ والوادي وغيرهما؛ تقول: وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيَابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض؛ وفي التنزيل العزيز: في غَياباتِ الـجُبِّ.
وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِـيابةً، وغُيُوباً، وغَياباً، وغِـياباً، وغَيْبةً، وفي حرفِ أُبَيٍّ، في غَيْبةِ الجُبِّ. والغَيْبَةُ: من الغَيْبُوبةِ.
والغِـيبةُ: من الاغْتِـيابِ.
واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِـياباً إِذا وَقَع فيه، وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء، أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه، فإِن كان صدقاً، فهو غِـيبةٌ؛ وإِن كان كذباً، فهو البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كذلك جاء عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا يكون ذلك إِلا من ورائه، والاسم: الغِـيبةُ.
وفي التنزيل العزيز: ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً؛ أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه.
وإِذا تناوله بما ليس فيه، فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ.
وجاء الـمَغْيَبانُ، عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم.
ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع: غابه يَغِـيبُهُ إِذا عابه، وذكَر منه ما يَسُوءُه. ابن الأَعرابي: غابَ إِذا اغْتَابَ.
وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ؛ والغِـيبَةُ: فِعْلَةٌ منه، تكون حَسَنةً وقَبِـيحةً.
وغائِبُ الرجلِ: ما غابَ منه، اسْمٌ، كالكاهِل والجامل؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ويُخْبِرُني، عن غَائبِ الـمَرْءِ، هَدْيُه، * كفَى الـهَدْيُ، عَـمَّا غَيَّبَ الـمَرْءُ، مُخبرا والغَيْبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ.
وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين؛ وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً: وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً، * قَلِقَ الخَصِـيلَةِ، مِن فُوَيْقِ المفصل قوله: غَيْباً، يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه، فجرى النَّسا بينهما واسْتَبان.
والخَصِـيلَةُ: كُلُّ لَـحْمة فيها عَصَبة.
والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه.
وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس، قال: إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ غُرورُه، وبدا حَصِـيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه.
والشاكلة: الطِّفْطِفَةُ.
والفرير: موضعُ الـمَجَسَّة من مَعْرَفَتِه.
والـحَصِـيرُ: العَقَبة التي تَبْدُو في الجَنْبِ، بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع. الـهَوَازنيُّ: الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ، وهي الوَهْدَة.
وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ من الناسِ؛ قال وأَنشدني الـهَوَازِنيُّ: إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ، * حَسِـبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي والغابة: الأَجَمَةُ التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة؛ يقال: ليثُ غابةٍ.
والغابُ: الآجام، وهو من الياء.
والغابةُ: الأَجَمة؛ وقال أَبو حنيفة: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قال: وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر، لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ.
وفي الحديث: ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان من أَثْلِ الغابةِ؛ وفي رواية: من طَرْفاءِ الغابة. قال ابن الأَثير: الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلاَّ أَنه أَعظم منه؛ والغابةُ: غَيْضَةٌ ذات شجر كثير، وهي على تسعةِ أَميال من المدينة؛ وقال في موضع آخر: هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة، مِن عَواليها، وبها أَموال لأَهلها. قال: وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق، وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك.
والغابة: الأَجمة ذاتُ الشجر الـمُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها.
والغابةُ من الرِّماحِ: ما طال منها، وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وقيل: هي الـمُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح؛ وقيل: هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قال ابن سيده: وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة؛ والجمعُ من كل ذلك: غاباتٌ وغابٌ.
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهَه: كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ. أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى.
وغابةُ: اسم موضع بالحجاز.

با (لسان العرب) [0]


الباء حرف هجاء من حروف المعجم، وأَكثر ما تَرِد بمعنى الإِلْصاق لما ذُكِر قَبْلها من اسم أَو فعل بما انضمت إليه، وقد تَرِدُ بمعنى المُلابسة والمُخالَطة، وبمعنى من أَجل ، وبمعنى في ومن وعن ومع، وبمعنى الحال والعوض، وزائدةً، وكلُّ هذه الأَقسامِ قد جاءت في الحديث، وتعرف بسياق اللفظ الواردة فيه، والباء التي تأْتي للإلصاق كقولك: أَمْسَكْت بزيد، وتكون للاستعانة كقولك: ضَرَبْتُ بالسيَّف، وتكون للإِضافة كقولك: مررت بزيد. قال ابن جني: أَما ما يحكيه أَصحاب الشافعي من أَن الباءَ للتبعيض فشيء لا يعرفه أَصحابنا ولا ورد به بيت، وتكون للقسم كقولك: بالله لأَفْعَلَنَّ.
وقوله تعالى: أَوَلم يَرَوا أَن الله . . . أكمل المادة الذي خَلَقَ السمواتِ والأَرضَ ولم يَعْيَ بخلقهن بقادرٍ؛ إنما جاءَت الباء في حَيِّز لم لأَنها في معنى ما وليس، ودخلت الباءُ في قوله: وأَشْرَكُوا بالله، لأَن معنى أَشرَكَ بالله قَرَنَ بالله عز وجل غيره، وفيه إضمار.
والباء للإِلْصاق والقِرانِ، ومعنى قولهم: وَكَّلْت بفلان، معناه قَرَنْتُ به وَكيلاً.
وقال النحويون: الجالِبُ للباء في بسم الله معنى الابتداء، كأَنه قال أَبتدئ باسم الله.
وروي عن مجاهد عن ابن عمر أَنه قال: رأَيته يَشْتَدُّ بين الهَدَفَيْن في قميص فإذا أَصاب خَصْلةً يقول أَنا بها أَنا بها، يعني إِذا أَصاب الهَدَفَ قال أَنا صاحِبُها ثم يرجع مُسكِّناً قومه حتى يمُرَّ في السوق؛ قال شمر: قوله أَنا بها يقول أَنا صاحِبُها.
وفي حديث سلمة بن صَخْر: أَنه أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكر أَن رجلاً ظاهَرَ امرأَتَه ثم وقَع عليها، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: لَعَلَّكَ بذَلِك يا سلَمةُ؟ فقال: نَعَم أَنا بذَلِكَ؛ يقول: لعلك صاحِبُ الأَمْر، والباء متعلقة بمحذوف تقديره لعلك المُبْتَلى بذلك.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه أُتِيَ بامرأَةٍ قد زَنَتْ فقال: مَنْ بِكِ؟ أَي من الفاعِلُ بكِ؛ يقول: مَن صاحِبُك.
وفي حديث الجُمعة: مَن تَوَضَّأَ للجُمعة فبِها ونِعْمَتْ أَي فبالرُّخصة أَخَذَ، لأَن السُّنة في الجمعة الغُسلُ ، فأَضمر تقديره ونِعْمَت الخَصْلَةُ هي فحذَف المخصوص بالمدح، وقيل: معناه فبالسُّنْة أَخذَ، والأَوَّل أَوْلى.
وفي التنزيل العزيز: فسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّك؛ الباء هَهُنا للالتباس والمخالطة، كقوله عز وجل: تَنْبُتُ بالدُّهن أَي مُخْتَلِطَة ومُلْتَبِسة به، ومعناه اجْعَلْ تَسْبِيحَ اللهِ مُخْتَلِطاً ومُلْتَبِساً بحمده، وقيل: الباء للتعدية كما يقال اذْهَب به أَي خُذْه معك في الذَّهاب كأَنه قال سَبِّحْ رَبَّكَ مع حمدك إياه.
وفي الحديث الآخر: سُبْحَانَ الله وبحَمْده أَي وبحَمْده سَبَّحت، وقد تكرر ذكر الباء المفردة على تقدير عامل محذوف، قال شمر: ويقال لمَّا رآني بالسِّلاح هَرَبَ؛ معناه لما رآني أَقْبَلْتُ بالسلاح ولما رآني صاحِبَ سِلاح؛ وقال حُميد: رَأَتْني بحَبْلَيْها فرَدَّتْ مَخافةً أَراد: لما رأَتْني أَقْبَلْتُ بحبليها.
وقوله عز وجل: ومَن يُردْ فيه بإِلحاد بظُلْم؛ أَدخل الباء في قوله بإِلْحاد لأَنها حَسُنَت في قوله ومَن يُرِدْ بأَن يُلْحِد فيه.
وقوله تعالى: يَشْرَبُ بها عبادُ الله؛ قيل: ذهَب بالباء إلى المعنى لأن المعنى يَرْوى بها عِبادُ الله.
وقال ابن الأَعرابي في قوله تعالى: سأَلَ سائلٌ بعَذاب واقِعٍ؛ أَراد ، والله أَعلم، سأَل عن عذاب واقع، وقيل في قوله تعالى: فَسَيُبْصِرُ (* قوله «وقيل في قوله تعالى فسيبصر إلخ» كتب بهامش الأصل كذا أي ان المؤلف من عادته إذا وجد خللاً أو نقصاً كتب كذا أو كذا وجدت.) ويُبْصِرونَ بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ؛ وقال الفراء في قوله عز وجل: وكَفى باللهِ شَهِيداً؛ دخلت الباء في قوله وكفى بالله للمُبالَغة في المدح والدلالة على قصد سبيله، كما قالوا: أَظْرِفْ بعَبْدِ اللهِ وأَنْبِلْ بعَبْدِ الرحمن، فأَدخلوا الباء على صاحبِ الظَّرْف والنُّبْلِ للمُبالغة في المدح؛ وكذلك قولهم: ناهِيكَ بأَخِينا وحَسْبُكَ بصدِيقنا، أَدخلوا الباء لهذا المعنى، قال: ولو أَسقطت الباء لقلت كفى اللهُ شَهيداً، قال: وموضع الباء رَفْعٌ في قوله كَفى بالله؛ وقال أَبو بكر: انْتصابُ قوله شهيداً على الحال من الله أَو على القطع، ويجوز أَن يكون منصوباً على التفسير، معناه كفى بالله من الشاهدين فيَجْري في باب المنصوبات مَجْرى الدِّرْهَمِ في قوله عندي عشرون دِرْهَماً، وقيل في قوله: فاسْأَل به خَبيراً؛ أَي سَلْ عنه خَبِيراً يُخْبِرْكَ؛ وقال علقمة: فإنْ تَسْأَلوني بالنِّساء ، فإِنَّني بَصِيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ أَي تَسْأَلُوني عن النِّساء؛ قاله أَبو عبيد.
وقوله تعالى: ما غَرَّكَ برَبِّك الكريم؛ أَي ما خَدَعكَ عن رَبِّكَ الكريم والإِيمانِ به؛ وكذلك قوله عز وجل: وغَرَّكُم باللهِ الغَرُورُ؛ أَي خَدَعَكُم عن الله والإِيمان به والطاعة له الشَّيْطانُ. قال الفراء: سمعت رجلاً من العرب يقول أَرْجُو بذلِك، فسأَلتُه فقال: أَرْجُو ذاك، وهو كما تقول يُعْجِبُني بأَنَّك قائم، وأُريدُ لأَذْهَب، معناه أَريد أَذْهَبُ. الجوهري: الباء حرف من حروف المعجم (* قوله «الجوهري الباء حرف من حروف المعجم» كذا بالأصل، وليست هذه العبارة له كما في عدة نسخ من صحاح الجوهري ولعلها عبارة الأزهري.) ، قال: وأَما المكسورة فحرف جر وهي لإلصاق الفعل بالمفعول به، تقول: مررت بزَيْدٍ، وجائز أَن يكون مع استعانة، تقول: كَتبتُ بالقلم، وقد تجيء زائدة كقوله تعالى: وكفى بالله شَهيداً؛ وحَسْبُكَ تزيد، وليس زيدٌ بقائم.
والباء هي الأَصل في حُروف القَسَم تشتمل على المُظْهَر والمُضْمَر، تقول: بالله لقد كان كذا، وتقول في المُضْمَر: لأَفْعَلَنَّ؛ قال غوية بن سلمى: أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتمالي لتَحْزُنَني، فَلا يَكُ ما أُبالي الجوهري: الباء حرف من حروف الشفة، بُنِيَت على الكسرِ لاسْتِحالةِ الابْتِداء بالمَوْقُوفِ؛ قال ابن بري: صوابه بُنِيت على حركة لاستِحالة الابتداء بالساكن، وخصّت بالكسر دون الفتح تشبيهاً بعملها وفرقاً بينها وبين ما يكون اسماً وحرفاً. قال الجوهري: والباء من عوامل الجر وتختص بالدخول على الأَسماء، وهي لإلصاق الفعل بالمفعول به، تقول مررت بزيد كأَنك أَلْصَقْتَ المُرور به.
وكلُّ فِعْلٍ لا يَتَعَدَّى فلك أَن تُعَدِّيه بالباءِ والأَلف والتشديد، تقول: طارَ به، وأَطارَه، وطَيّره؛ قال ابن بري: لا يصح هذا الإطلاق على العُموم، لأَنَّ من الأَفْعال ما يُعَدَّى بالهَمْزة ولا يُعَدَّى بالتضعيف نحو عادَ الشيءُ وأَعَدْتُه، ولا تقل عَوَّدْته، ومنها ما يُعدَّى بالتضعيف ولا يعدَّى بالهمزة نحو عَرَف وعَرَّفْتُه، ولا يقال أَعْرَفْتُه، ومنها ما يُعَدَّى بالباء ولا يُعَدَّى بالهمزة ولا بالتضعيف نحو دفَعَ زيد عَمْراً ودَفَعْتُه بعَمرو، ولا يقال أَدْفَعْتُه ولا دَفَّعْتَه. قال الجوهري: وقد تزاد الباء في الكلام كقولهم بحَسْبِكِ قَوْلُ السَّوْءِ؛ قال الأَشعر الزَّفَيانُ واسمه عَمرو ابن حارِثَةَ يَهْجُو ابنَ عمه رضْوانَ: بحَسْبِكَ في القَوْمِ أَنْ يَعْلَمُوا بأَنَّكَ فيهم غَنِيٌّ مُضِرّ وفي التنزيل العزيز: وكَفَى برَبِّك هادِياً ونَصِيراً؛ وقال الراجز: نحنُ بَنُو جَعْدَةَ أَصحابُ الفَلَجْ، نَضْرِبُ بالسيفِ ونرْجُو بالفَرَجْ أَي الفَرَجَ؛ وربما وُضِعَ موضِعَ قولك مِنْ أَجل كقول لبيد: غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُْحُولِ كأَنهمْ جِنُّ البَدِيِّ ، رَواسِياً أَقْدامُها أَي من أَجل الذُّحُول، وقد تُوضَعُ مَوْضِعَ على كقوله تعالى: ومِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْه بدِينارٍ؛ أَي على دِينار، كما تُوضَعُ على مَوْضِعَ الباء كقول الشاعر: إِذا رَضِيَتْ عليَّ بَنُو قُشَيْرٍ، لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَني رِضاها أَي رَضِيَتْ بي. قال الفراء: يوقف على الممدود بالقصر والمدّ شَرِبْت مَا، قال: وكان يجب أَن يكون فيه ثلاث أَلفات، قال: وسمعت هؤلاء يقولون شربت مِي يا هذا (* قوله« شربت مي يا هذا إلخ» كذا ضبط مي بالأصل هنا وتقدم ضبطه في موه بفتح فسكون وتقدم ضبط الباء من ب حسنة بفتحة واحدة ولم نجد هذه العبارة في النسخة التي بأيدينا من التهذيب.) ، قال: وهذه بي يا هذا، وهذه ب حَسَنَةٌ، فشَبَّهوا الممدود بالمقصور والمقصور بالممدود، والنسب إِلى الباء بَيَوِيٌّ.
وقصيدة بَيَوِيَّةٌ: رَوِيُّها الباء؛ قال سيبويه: البا وأَخواتها من الثنائي كالتا والحا والطا واليا، إِذا تهجيت مقصورة لأَنها ليست بأَسماء، وإِنما جاءت في التهجي على الوقف، ويدلك على ذلك أَن القاف والدال والصادَ موقوفةُ الأَواخِرِ، فلولا أَنها على الوقف لَحُرِّكَتْ أَواخِرهن، ونظير الوقف هنا الحذف في الباء وأَخواتها، وإِذا أَردت أَن تَلْفِظ بحروف المعجم قَصَرْتَ وأَسْكَنْت، لأَنك لست تريد أَن تجعلها أَسماء، ولكنك أَردت أَن تُقَطِّع حروف الاسم فجاءَت كأَنها أَصوات تُصَوِّتُ بها، إِلا أَنك تقف عندها لأَنها بمنزلة عِهْ، وسنذكر من ذلك أَشياء في مواضعها، والله أَعلم.

حمد (لسان العرب) [0]


الحمد: نقيض الذم؛ ويقال: حَمدْتُه على فعله، ومنه المَحْمَدة خلاف المذمّة.
وفي التنزيل العزيز: الحمد لله رب العالمين.
وأَما قول العرب: بدأْت بالحمدُ لله، فإِنما هو على الحكاية أَي بدأْت بقول: الحمدُ لله رب العالمين؛ وقد قرئ الحمدَ لله على المصدر، والحمدِ لله على الإِتباع، والحمدُ لله على الإِتباع؛ قال الفراء: اجتمع القراء على رفع الحمدُ لله، فأَما أَهل البدو فمنهم من يقول الحمدَ لله، بنصب الدال، ومنهم من يقول الحمدِ لله، بخفض الدال، ومنهم من يقول الحمدُ لُلَّه، فيرفع الدال واللام؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال: الرفع هو القراءَة لأَنه المأْثور، وهو الاختيار في العربية؛ وقال النحويون: من . . . أكمل المادة نصب من الأَعراب الحمد لله فعلى المصدر أَحْمَدُ الحمدَ لله، وأَما من قرأَ الحمدِ لله فإِن الفراء قال: هذه كلمة كثرت على الأَلسن حتى صارت كالاسم الواحد، فثقل عليهم ضمة بعدها كسرة فأَتبعوا الكسرةَ للكسرة؛ قال وقال الزجاج: لا يلتفت إِلى هذه اللغة ولا يعبأُ بها، وكذلك من قرأَ الحمدُ لُلَّه في غير القرآن، فهي لغة رديئة؛ قال ثعلب: الحمد يكون عن يد وعن غير يد، والشكر لا يكون إِلا عن يد وسيأْتي ذكره؛ وقال اللحياني: الحمد الشكر فلم يفرق بينهما. الأَخفش: الحمد لله الشكر لله، قال: والحمد لله الثناء. قال الأَزهري: الشكر لا يكون إِلا ثناء ليد أَوليتها، والحمد قد يكون شكراً للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل، فحمدُ الله الثناءُ عليه ويكون شكراً لنعمه التي شملت الكل، والحمد أَعم من الشكر.
وقد حَمِدَه حَمْداً ومَحْمَداً ومَحْمَدة ومَحْمِداً ومَحْمِدَةً، نادرٌ، فهو محمود وحميد والأُنثى حميدة، أَدخلوا فيها الهاء وإِن كان في المعنى مفعولاً تشبيهاً لها برشيدة، شبهوا ما هو في معنى مفعول بما هو بمعنى فاعل لتقارب المعنيين.
والحميد: من صفات الله تعالى وتقدس بمعنى المحمود على كل حال، وهو من الأَسماء الحسنى فعيل بمعنى محمود؛ قال محمد بن المكرم: هذه اللفظة في الأُصول فعيل بمعنى مفعول ولفظة مفعول في هذا المكان ينبو عنها طبع الإِيمان، فعدلت عنها وقلت حميد بمعنى محمود، وإِن كان المعنى واحداً، لكن التفاصح في التفعيل هنا لا يطابق محض التنزيه والتقديس لله عز وجل؛ والحمد والشكر متقاربان والحمد أَعمهما لأَنك تحمد الإِنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته؛ ومنه الحديث: الحمد رأْس الشكر؛ ما شكر الله عبد لا يحمده، كما أَن كلمة الإِخلاص رأْس الإِيمان، وإِنما كان رأْس الشكر لأَن فيه إِظهار النعمة والإِشادة بها، ولأَنه أَعم منه، فهو شكر وزيادة.
وفي حديث الدعاء: سبحانك اللهم وبحمدك أَي وبحمدك أَبتدئ، وقيل: وبحمدك سبحت، وقد تحذف الواو وتكون الواو للتسبب أَو للملابسة أَي التسبيح مسبب بالحمد أَو ملابس له.
ورجل حُمَدَةٌ كثير الحمد، ورجل حَمَّادٌ مثله.
ويقال: فلان يتحمد الناس بجوده أَي يريهم أَنه محمود.
ومن أَمثالهم: من أَنفق ماله على نفسه فلا يَتَحَمَّد به إِلى الناس؛ المعنى أَنه لا يُحْمَدُ على إِحسانه إِلى نفسه، إِنما يحمد على إِحسانه إِلى الناس؛ وحَمَدَه وحَمِدَهُ وأَحمده: وجده محموداً؛ يقال: أَتينا فلاناً فأَحمدناه وأَذممناه أَي وجدناه محموداً أَو مذموماً.
ويقال: أَتيت موضع كذا فأَحمدته أَي صادفته محموداً موافقاً، وذلك إِذا رضيت سكناه أَو مرعاه.
وأَحْمَدَ الأَرضَ: صادفها حميدة، فهذه اللغة الفصيحة، وقد يقال حمدها.
وقال بعضهم: أَحْمَدَ الرجلَ إِذا رضي فعله ومذهبه ولم ينشره. سيبويه: حَمِدَه جزاه وقضى حقه، وأَحْمَدَه استبان أَنه مستحق للحمد. ابن الأَعرابي: رجل حَمْد وامرأَة حَمْدْ وحَمْدة محمودان ومنزل حَمْد؛ وأَنشد: وكانت من الزوجات يُؤْمَنُ غَيْبُها، وتَرْتادُ فيها العين مُنْتَجَعاً حَمْدا ومنزلة حَمْد؛ عن اللحياني.
وأَحْمَد الرجلُ: صار أَمره إِلى الحمد.
وأَحمدته: وجدته محموداً؛ قال الأَعشى: وأَحْمَدْتَ إِذ نَجَّيْتَ بالأَمس صِرْمَة، لها غُدَاداتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَق وأَحْمَد أَمرَه: صار عنده محموداً.
وطعام لَيْسَت مَحْمِدة (* قوله «وطعام ليست محمدة إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس وطعام ليست عنده محمدة أي لا يحمده آكله، وهو بكسر الميم الثانية). أَي لا يحمد.
والتحميد: حمدك الله عز وجل، مرة بعد مرة. الأَزهري: التحميد كثرة حمد الله سبحانه بالمحامد الحسنة، والتحميد أَبلغ من الحمد.
وإِنه لَحَمَّاد لله، ومحمد هذا الاسم منه كأَنه حُمدَ مرة بعد أُخرى.
وأَحْمَد إِليك الله: أَشكره عندك؛ وقوله: طافت به فَتَحامَدَتْ رُكْبانه أَي حُمد بعضهم عند بعض. الأَزهري: وقول العرب أَحْمَد إِليك اللَّهَ أَي أَحمد معك اللَّهَ؛ وقال غيره: أَشكر إِليك أَياديَه ونعمه؛ وقال بعضهم: أَشكر إِليك نعمه وأُحدثك بها. هل تَحْمد لهذا الأَمر أَي ترضاه؟ قال الخليل: معنى قولهم في الكتب احمد إِليك الله أَي احمد معك الله؛ كقول الشاعر: ولَوْحَيْ ذراعين في بِرْكَة، إِلى جُؤجُؤٍ رَهِل المنكب يريد مع بركة إِلى جؤجؤ أَي مع جؤجؤ.
وفي كتابه، عليه السلام: أَما بعد فإِني أَحمد إِليك الله أَي أَحمده معك فأَقام إِلى مُقام مع؛ وقيل: معناه أَحمد إِليك نعمة الله عز وجل، بتحديثك إِياها.
وفي الحديث: لواء الحمد بيدي يوم القيامة؛ يريد انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رؤوس الخلق، والعرب تضع اللواء في موضع الشهرة؛ ومنه الحديث: وابعثه المقام المحمود: الذي يحمده فيه جميع الخلق لتعجيل الحساب والإِراحة من طول الوقوف؛ وقيل: هو الشفاعة.
وفلان يَتَحَمَّد عليّ أَي يمتن، ورجل حُمَدة مثل هُمَزة: يكثر حمد الأَشياء ويقول فيها أَكثر مما فيها. ابن شميل في حديث ابن عباس: أَحْمد إِليكم غَسْل الإِحْليل أَي أَرضاه لكم وأتقدم فيه إِليكم، أَقام إِلى مقام اللام الزائدة كقوله تعالى: بأَن ربك أَوحى لها؛ أَي إِليها.
وفي النوادر: حَمِدت على فلان حَمْداً وضَمِدت له ضَمَداً إِذا غضبت؛ وكذلك أَرِمْت أَرَماً.
وقول المصلي: سبحانك اللهم وبحمدك؛ المعنى وبحمدك أَبتدئ، وكذلك الجالب للباء في بسم الله الابتداء كأَنك قلت: بدأْت بسم الله، ولم تحتج إِلى ذكر بدأْت لأَن الحال أَنبأَت أَنك مبتدئ.وقولهم: حَمادِ لفلان أَي حمداً له وشكراً وإِنما بني على الكسر لأَنه معدول عن المصدر.
وحُماداك أَن تفعل كذا وكذا أَي غايتك وقصاراك؛ وقال اللحياني: حُماداكَ أَن تفعل ذلك وحَمْدُك أَي مبلغ جهدك؛ وقيل: معناه قُصاراك وحُماداك أَن تَنْجُو منه رأْساً برأْس أَي قَصْرُك وغايتك.
وحُمادي أَن أَفعل ذاك أَي غايتي وقُصارايَ؛ عن ابن الأَعرابي. الأَصمعي: حنانك أَن تفعل ذلك، ومثله حُماداك.
وقالت أُم سلمة: حُمادَياتُ النساء غَضُّ الطرف وقَصْر الوهادة؛ معناه غاية ما يحمد منهن هذا؛ وقيل: غُناماك بمعنى حُماداك، وعُناناك مثله.
ومحمد وأَحمد: من أَسماء سيدنا المصطفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ وقد سمت محمداً وأَحمد وحامداً وحَمَّاداً وحَمِيداً وحَمْداً وحُمَيْداً.
والمحمَّد: الذي كثرت خصاله المحمودة؛ قال الأَعشى: إِليك، أَبَيتَ اللعنَ، كان كَلالُها، إِلى الماجِد القَرْم الجَواد المُحَمَّد قال ابن بري: ومن سمي في الجاهلية بمحمد سبعة: الأَول محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي، وهو الجد الذي يرجع إِليه الفرزدق همام بن غالب والأَقرع بن حابس وبنو عقال، والثاني محمد بن عتوارة الليثي الكناني، والثالث محمد بن أُحَيْحة بن الجُلاح الأَوسي أَحد بني جَحْجَبَى، والرابع محمد بن حُمران بن مالك الجعفي المعروف بالشُّوَيْعِر؛ لقب بذلك لقول امرئ القيس فيه وقد كان طلب منه أَن يبيعه فرساً فأَبى فقال: بَلِّغَا عَنِّي الشُّوَيْعِرَ أَني، عَمْدَ عَيْن، بَكَّيْتُهنّ حَريما وحريم هذا: اسم رجل؛ وقال الشويعر مخاطباً لامرئ القيس: أَتتني أُمور فكذبْتها، وقد نُمِيَتْ ليَ عاماً فعاما بأَنّ امرأَ القيسِ أَمسى كئيبا على أَلَهٍ، ما يذوقُ الطَّعاما لعمرُ أَبيكَ الذي لا يُهانُ، لقد كان عِرْضُك مني حراما وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُه، وهِلْ يَجِدَنْ فيكَ هاجٍ مراما؟ وليس هذا هو الشويعر الحنفي وأَما الشويعر الحنفي فاسمه هانئ بن توبة الشيباني وسمي الشويعر لقوله هذا البيت: وإِنّ الذي يُمْسِي، ودنياهُ هَمُّه، لَمُسْتَمسِكٌ منها بِحَبْلِ غُرور وأَنشد له أَبو العباس ثعلب: يُحيّي الناسُ كلَّ غنيّ قوم، ويُبْخَلُ بالسلام على الفقير ويوسَع للغنّي إِذا رأَوه، ويُحْبَى بالتحية كالأَمير والخامس محمد بن مسلمة الأَنصاري أَخو بني حارثة، والسادس محمد بن خزاعي بن علقمة، والسابع محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري.
وقولهم في المثل: العَود أَحمد أَي أَكثر حمداً؛ قال الشاعر: فلم تَجْرِ إِلا جئت في الخير سابقاً، ولا عدت إِلا أَنت في العود أَحمد وحَمَدَة النار، بالتحريك: صوت التهابها كَحَدمتها؛ الفراء: للنار حَمَدة.
ويوم مُحْتَمِد ومُحْتَدِم: شديد الحرّ.
واحْتَمَد الحرُّ: قَلْب احتَدَم.
ومحمود: اسم الفيل المذكور في القرآن.
ويَحْمَد: أَبو بطن من الأَزد.
واليَحامِدُ جَمْعٌ: قبيلة يقال لها يَحْمد، وقبيلة يقال لها اليُحْمِد؛ هذه عبارة عن السيرافي؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَن اليحامد في معنى اليَحْمَديين واليُحْمِديين، فكان يجب أَن تلحقه الهاء عوضاً من ياءَي النسب كالمهالبة، ولكنه شذ أَو جعل كل واحد منهم يَحمد أَو يُحمد، وركبوا هذا الاسم فقالوا حَمْدَوَيْه، وتعليل ذلك مذكور في عمرويه.

حصر (لسان العرب) [0]


الحَصَرُ: ضربٌ من العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مثل تَعِبَ تَعَباً، فهو حَصِرٌ: عَيِيَ في منطقه؛ وقيل: حَصِرَ لم يقدر على الكلام.
وحَصِرَ صدرُه: ضاق.
والحَصَرُ: ضيق الصدر.
وإِذا ضاق المرء عن أَمر قيل: حَصِرَ صدر المرء عن أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قال الله عز وجل: إِلاَّ الذين يَصِلُون إِلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صُدورُهُم أَن يقاتلوكم؛ معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم؛ قال ابن سيده: وقيل تقديره وقد حَصِرَتْ صدورهم؛ وقيل: تقديره أَو جاؤوكم رجالاً أَو قوماً فَحَصِرَتْ صدورهم الآن، في موضع نصب لأَنه صفة حلت محل موصوف منصوب على الحال، وفيه بعض صَنْعَةٍ لإِقامتك الصفة مقام الموصوف . . . أكمل المادة وها مما (* كذا بياض بالأَصل).
وموضع الإِضطرار أَولى به من النثر (* قوله النثر: هكذا في الأَصل).
وحال الاختيار.
وكل من بَعِلَ بشيءٍ أَو ضاق صدره بأَمر، فقد حَصِرَ؛ ومنه قول لبيد يصف نخلة طالت، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثمرها حين نظر إِلى أَعاليها، وضاق صدره أَن رَقِيَ إِليها لطولها: أَعْرَضْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها أَي تضيق صدورهم بطول هذه النخلة؛ وقال الفراء في قوله تعالى: أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صدورهم؛ العرب تقول: أَتاني فلان ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يريدون قد ذهب عقله؛ قال: وسمع الكسائي رجلاً يقول فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذات التنانير؛ وقال الزجاج: جعل الفراء قوله حَصِرَتْ حالاً ولا يكون حالاً إِلاَّ بقد؛ قال: وقال بعضهم حَصِرَتْ صدورهم خبر بعد خبر كأَنه قال أَو جاؤوكم ثم أَخبر بعدُ، قال: حَصِرَتْ صدورهم أَن يقاتلوكم؛ وقال أَحمد بن يحيى: إِذا أَضمرت قد قرّبت من الحال وصارت كالاسم، وبها قرأَ من قرأَ حَصِرَةً صُدورُهُمْ؛ قال أَبو زيد: ولا يكون جاءني القوم ضاقت صدورهم إِلاَّ أَن تصله بواو أَو بقد، كأَنك قلت: جاءني القوم وضاقت صدورهم أَو قد ضاقت صدورهم؛ قال الجوهري: وأَما قوله أَو جاؤوكم حصرت صدورهم، فأَجاز الأَخفش والكوفيون أَن يكون الماضي حالاً، ولم يجزه سيبويه إِلاَّ مع قد، وجعل حَصِرَتْ صدورهم على جهة الدعاء عليهم.
وفي حديث زواج فاطمة، رضوان الله عليه: فلما رأَت عليّاً جالساً إِلى جنب النبي، صلى الله عليه وسلم، حَصِرَتْ وبكت؛ أَي استحت وانقطعت كأَن الأَمر ضاق بها كما يضيق الحبس على المحبوس.
والحَصُورُ من الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، وقد حَصَرَتْ، بالفتح، وأَحْصَرَتْ؛ ويقال للناقة: إِنها لِحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛ والحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ في العروق من خبث النفس وكراهة الدَّرَّةِ، وحَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فهو مَحْصُورٌ وحَصِيرٌ، وأَحْصَرَهُ. كلاهما: حبسه عن السفر.
وأَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أَو من حاجة يريدها؛ قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتُمْ.
وأَحْصَرَني بَوْلي وأَحْصَرني مرضي أَي جعلني أَحْصُرُ نفسي؛ وقيل: حَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني أَي حبسني.
وحَصَرَهُ يَحصُِرهُ حَصْراً: ضيق عليه وأَحاط به.
والحَصِيرُ: الملِكُ، سمي بذلك لأَنه مَحصُورٌ أَي محجوب؛ قال لبيد: وقَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُمْ جِنُّ، على باب الحَصِير، قِيامُ الجوهري: ويروى ومَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ على أَن يكون غُلْبُ الرقاب بدلاً من مَقامَةٍ كأَنه قال ورُبَّ غُلْبِ الرقاب، وروي لَدى طَرَفِ الحصير قيام.
والحَصِيرُ: المَحْبِسُ.
وفي التنزيل: وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ وقال القتيبي: هو من حَصَرْته أَي حبسته، فهو محصور.
وهذا حَصِيرُه أَي مَحْبِسُه، وحَصَرَهُ المرض: حبسه، على المثل.
وحَصِيرَةُ التمر: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه وهو الجَرِينُ، وذكره الأَزهري بالضاد المعجمة، وسيأْتي ذكره.
والحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ.
والحُصْرُ والحُصُرُ: احتباس البطن.
وقد حُصِرَ غائطه، على ما لم يسمَّ فاعله، وأُحْصِرَ. الأَصمعي واليزيدي: الحُصْرُ من الغائط، والأُسْرُ من البول. الكسائي: حُصِرَ بغائطه وأُحْصِرَ، بضم الأَلف. ابن بُزُرج: يقال للذي به الحُصْرُ: محصور: وقد حُصِرَ عليه بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ وقد أَخذه الحُصْرُ وأَخذه الأُسْرُ شيء واحد، وهو أَن يمسك ببوله يَحْصُرُ حَصْراً فلا يبول؛ قال: ويقولون حُصِرَ عليه بولُه وخلاؤُه.
ورجل حَصِرٌ: كَتُومٌ للسر حابس له لا يبوح به؛ قال جرير: ولقد تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا حَصِراً بِسرِّكِ، يا أُمَيْم، ضَنِينا وهم ممن يفضلون الحَصُورَ الذي يكتم السر في نفسه، وهو الحَصِرُ.
والحَصِيرُ والحَصورُ: المُمْسِكُ البخيل الضيق؛ ورجل حَصِرٌ بالعطاء؛ وروي بيت الأَخطل باللغتين جميعاً: وشارب مُرْبِحٍ بالكاس نادَمَنيِ، لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسَوَّارِ وحَصِرَ: بمعنى بخل.
والحَصُور: الذي لا ينفق على النَّدامَى.
وفي حديث ابن عباس: ما رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ من معاوية، كان الناس يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، ليس مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ؛ يعني ابن الزبير. الحَصِرُ: البخيل، والعَقِصُ: الملتوي الصَّعْبُ الأَخلاق.
ويقال: شرب القوم فَحَصِرَ عليهم فلان أَي بخل.
وكل من امتنع من شيء لم يقدر عليه، فقد حَصِرَ عنه؛ ولهذا قيل: حَصِرَ في القراءة وحَصِر عن أَهله.
والحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عن الشيء، وعلى هذا فسر بعضهم بيت الأَخطل: وشارب مربح.
والحَصُور أَيضاً: الذي لا إِرْبَةَ له في النساء، وكلاهما من ذلك أَي من الإِمساك والمنع.
وفي التنزيل: وسَيِّداً وحَصُوراً؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي لا يشتهي النساء ولا يقربهنّ. الأَزهري: رجل حَصُورٌ إِذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهنّ والحَصُورُ: الذي لا يأْتي النساء.
وامرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء.
وفي حديث القِبْطِيِّ الذي أَمر النبي ، صلى الله عليه وسلم، عليّاً بقتله، قال: فرفعت الريحُ ثوبَهُ فإِذا هو حَصُورٌ؛ هو الذي لا يأْتي النساء لأَنه حبس عن النكاح ومنع، وهو فَعُول بمعنى مَفْعُول، وهو في هذا الحديث المحبوب الذكر والانثيين، وذلك أَبلغ في الحَصَرِ لعدم آلة النكاح، وأَما العاقر فهو الذي يأْتيهنّ ولا يولد له، وكله من الحَبْسِ والاحتباس.
ويقال: قوم مُحَصْرُون إِذا حُوصِرُوا في حِصْنٍ، وكذلك هم مُحْصَرُون في الحج. قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتم.
والحِصارُ: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه الإِنسان؛ تقول: حَصَرُوه حَصْراً وحاصَرُوه؛ وكذلك قول رؤبة: مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا قال يعني بالمحصور المحبوس.
والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الحاج عن بلوغ المناسك بمرض أَو نحوه.
وفي حديث الحج: المُحْصَرُ بمرض لا يُحِلُّ حتى يطوف بالبيت؛ هو ذلك الإِحْصارُ المنع والحبس. قال الفرّاء: العرب تقول للذي يمنعه خوف أَو مرض من الوصول إِلى تمام حجه أَو عمرته، وكل ما لم يكن مقهوراً كالحبس والسحر وأَشباه ذلك، يقال في المرض: قد أُحْصِرَ، وفي الحبس إِذا حبسه سلطان أَو قاهر مانع: حُصِرَ، فهذا فرق بينهما؛ ولو نويت بقهر السلطان أَنها علة مانعة ولم تذهب إِلى فعل الفاعل جاز لك أَن تقول قد أُحْصِرَ الرجل، ولو قلت في أُحْصِرَ من الوجع والمرض إِن المرض خَصَره أَو الخوف جاز أَن تقول حُصِرَ. قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً: يقال: إِنه المُحْصَرُ عن النساء لأَنها علة قيس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ، وقيل: سمي حصوراً لأَنه حبس عما يكون من الرجال.
وحَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني: حبسني؛ وأَنشد لابن ميادة: وما هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ عليكَ، ولا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ في باب فَعَلَ وأَفْعَلَ.
وروى الأَزهري عن يونس أَنه قال: إِذا رُدَّ الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِرَ، وإِذا حبس فقد حُصِرَ. أَبو عبيدة: حُصِرَ الرجل في الحبس وأُحْصِرَ في السفر من مرض أَو انقطاع به. قال ابن السكيت: يقال أَحصره المرض إِذا منعه من السفر أَو من حاجة يريدها وأَحصره العدوّ إِذا ضيق عليه فَحصِرَ أَي ضاق صدره. الجوهري: وحَصَرَهُ العدوّ يَحْصُرُونه إِذا ضيقوا عليه وأَحاطوا به وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً.
وقال أَبو إِسحق: النحوي: الروية عن أَهل اللغة أَن يقال للذي يمنعه الخوف والمرض أُحْصِرَ، قال: ويقال للمحبوس حُصِرَ؛ وإِنما كان ذلك كذلك لأَن الرجل إِذا امتنع من التصرف فقد حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ المرض أَحبسه أَي جعله يحبس نفسه، وقولك حَصَرْتُه حبسته لا أَنه أَحبس نفسه فلا يجوز فيه أَحصر؛ قال الأَزهري: وقد صحت الرواية عن ابن عباس أَنه قال: لا حَصْرَ إِلاَّ حَصْرُ العدوّ، فجعله بغير أَلف جائزاً بمعنى قول الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتُمْ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ؛ قال: وقال الله عز وجل: وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصَِراً.
ويقا: حَصَرْتُ القومَ في مدينة، بغير أَلف، وقد أَحْصَرَه المرض أَي منعه من السفر.
وأَصلُ الخَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ.
وحُصِرَ في الحبس: أَقوى من أُحْصِرَ لأَن القرآن جاء بها.
والحَصِيرُ: الطريق، والجمع حُصُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد: لما رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قد وضَحَتْ، ولاحَ من نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ نُجْدٌ: جمع نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ.
وعادية: قديمة.
وحَصَرَ الشيءَ يَحْصُرُه حَصْراً: استوعبه.
والحَصِيرُ: وجه الأَرض، والجمع أَحْصِرَةٌ وحُصُر.
والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع من بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثم تفرش، سمي بذلك لأَنه يلي وجه الأَرض، وقيل: الحَصِيرُ المنسوجُ، سمي حَصِيراً لأَنه حُصِرَتْ طاقته بعضها مع بعض.
والحَصِيرُ أَفضلُ الجهاد وأَكملُه حجُّ مَبْرُورٌ ثم لزومُ الحَصِيرِ؛ وفي رواية أَنه قال لأَزواجه هذه ثم قال لزومُ الحُصُرِ أَي أَنكنَّ لا تَعُدْنَ تخرجن من بيوتكنّ وتلزمن الحُصُرَ؛ وهو جمع حَصِير الذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً؛ وقول أَبي ذؤيب يصف ماء مزج به خمر: تَحَدَّرَ عن شاهِقِ كالحَصِيـ ـرِ ، مُسْتَقْبِلَ الريحِ، والفَيْءُ قَرّ يقول: تَنَزَّلَ الماءُ من جبل شاهق له طرائق كشُطَب الحصير.
والحَصِيرُ: البِساطُ الصغير من النبات.
والحَصِيرُ: الجَنْبُ، والحَصِيرانِ: الجَنْبانِ . الأَزهري: الجَنْبُّ يقال له الحَصِيرُ لأَن بعض الأَضلاع مَحْصُورٌ مع بعض؛ وقيل: الحَصِيرُ ما بين العِرْقِ الذي يظهر في جنب البعير والفرس معترضاً فما فوقه إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ.
والحَصِيرُ: لحمُ ما بين الكتف إِلى الخاصرة؛ وأَما قول الهذلي: وقالوا: تركنا القومَ قد حَصَرُوا به، ولا غَرْوَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحيمُ قالوا: معنى حصروا به أَي أَحاطوا به.
وحَصِيرا السيف: جانباه.
وحَصِيرُه: فِرِنْدُه الذي تراه كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قال زهير: بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّـ ياقِلُ منه عن حَصِيرٍ ورَوْنَقِ وأَرض مَحْصُورة ومنصورة ومضبوطة أَي ممطورة.
والحَِصارُ والمِحْصَرَةُ: حَقيبَةٌ؛ وقال الجوهري: وسادَةٌ تلقى على البعير ويرفع مؤخرها فتجعل كآخِرَةِ الرجل ويحشى مقدّمها، فيكون كقادِمَةِ الرحل، وقيل: هو مَرْكَبٌ به الرَّاضَةُ؛ وقيل: هو كساء يطرح على ظهره يُكْتَفَلُ به.
وأَحْصَرْتُ الجملَ وحَصَرْتُه: جعلت له حِصاراً، وهو كساء يجعل حول سَنامِهِ.
وحَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه ويحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَهُ: شَدَّه بالحِصار.
والمِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صغير يُحْصَرَ به البعير ويلقى غليه أَداة الراكب.
وفي حديث أَبي بكر: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قال: رأَيته بالخَذَواتِ وقد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً في مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ؛ هو من ذلك.
وفي حديث حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحصير أَي تحيط بالقلوب؛ يقال: حَصَرَ به القومُ أَي أَطافوا؛ وقيل: هو عِرْقٌ يمتدّ معترِضاً على جنب الدابة إِلى ناحية بطنها فشبه الفتن بذلك؛ وقيل: هو ثوب مزخرف منقوش إِذا نشر أَخذ القلوب بحسن صنعته، وكذلك الفتنة تزين وتزخرف للناس، وعاقبة ذلك إِلى غرور.

فتن (لسان العرب) [0]


الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.
والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.
ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.
ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في . . . أكمل المادة التأْويل الظُّلْم. يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة الخِبْرَةُ.
وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا: الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.
وقوله عز وجل: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب الكفار بكفرهم.
ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون: فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛ قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين: لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي: هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ وقوله أَيضاً: إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ، ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال: حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ معها وتقول: لئن فتنتني لهي بالأَمس أَفتنت سعيداً، فأَمسى قد قلا كل مسلم وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ فقال سعيد: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ.
والفِتْنةُ: إِعجابُك بالشيء، فتَنَه يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فهو فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي بالأَلف فأَنشد بيت رؤبة: يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ فلم يعرف البيت في الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً: لئن فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ فلم يَعْبأْ به، ولكن أَهل اللغة أَجازوا اللغتين.
وقال سيبويه: فتَنَه جعل فيه فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ الفِتْنة إليه. قال سيبويه: إِذا قال أَفْتَنْتُه فقد تعرض لفُتِنَ، وإِذا قال فتَنْتُه فلم يتعرَّض لفُتِنَ.
وحكى أَبو زيد: أُفْتِنَ الرجلُ، بصيغة ما لم يسم فاعله، أَي فُتِنَ.
وحكى الأَزهري عن ابن شميل: افْتَتَنَ الرجلُ وافْتُتِنَ لغتان، قال: وهذا صحيح، قال: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ فهي لغة ضعيفة. قال أَبو زيد: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا أَراد الفجور، وقد فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وقال أَبو السَّفَر: أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فهو مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتُون إِذا أَصابته فِتْنة فذهب ماله أَو عقله، وكذلك إِذا اخْتُبِرَ. قال تعالى: وفتَنَّاك فُتُوناً.
وقد فتَنَ وافْتَتَنَ، جعله لازماً ومتعدياً، وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فهو مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جدّاً.
والفُتُون أَيضاً: الافْتِتانُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى؛ ومنه قولهم: قلب فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛ قال الشاعر: رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيا مِ، أَمْسى فُؤادي بها فاتِنا والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صيغ المصدر على لفظ المفعول كالمَعْقُول والمَجْلُودِ.
وقوله تعالى: فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بأَيَّكُمُ المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: معنى المَفْتُونِ الذي فُتِنَ بالجنون؛ قال أَبو عبيدة: معنى الباء الطرح كأَنه قال أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: ولا يجوز أَن تكون الباء لَغْواً، ولا ذلك جائز في العربِية، وفيه قولان للنحويين: أَحدهما أَن المفْتُونَ ههنا بمعنى الفُتُونِ، مصدر على المفعول، كما قالوا ما له مَعْقُولٌ ولا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وليس لفلان مَجْلُودٌ أَي ليس له جَلَدٌ ومثله المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قال بأَيِّكم الفُتون، وهو الجُنون، والقول الثاني فسَتُبْصِر ويُبْصِرُونَ في أَيِّ الفَريقينِ المَجْنونُ أَي في فرقة الإِسلام أَو في فرقة الكفر، أَقامَ الباء مقام في؛ وفي الصحاح: إِن الباء في قوله بأَيِّكم المفتون زائدة كما زيدت في قوله تعالى: قل كفى بالله شهيداً؛ قال: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وهو مصدر كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، ويكون أَيُّكم الابتداء والمفتون خبره؛ قال: وقل وقال المازني المَفتون هو رفع بالابتداء وما قبله خبره كقولهم بمن مُروُرُك وعلى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول في معنى الظرف، قال ابن بري: إِذا كانت الباء زائدة فالمفتون الإِنسان، وليس بمصدر، فإِن جعلت الباء غير زائدة فالمفتون مصدر بمعنى الفُتُونِ.
وافْتَتَنَ في الشيء: فُتِن فيه.
وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ.
والفِتْنة: الضلال والإِثم.
والفاتِنُ: المُضِلُّ عن الحق.
والفاتِنُ: الشيطان لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صفة غالبة.
وفي حديث قَيْلَة: المُسْلم أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ ويتعاونان على الفَتَّانِ؛ الفَتَّانُ: الشيطانُ الذي يَفْتِنُ الناس بِخداعِه وغروره وتَزْيينه المعاصي، فإِذا نهى الرجلُ أَخاه عن ذلك فقد أَعانه على الشيطان. قال: والفَتَّانُ أَيضاً اللص الذي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ في طريقهم فينبغي لهم أَن يتعاونوا على اللِّصِّ، وجمع الفَتَّان فُتَّان، والحديث يروى بفتح الفاء وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عن الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ على الذين يُضِلُّون الناسَ عن الحق ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ من أَبنية المبالغة في الفِتْنة، ومن الأَول قوله في الحديث: أَفَتَّانٌ أَنت يا معاذ؟ وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتَنْتُمْ أَنفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُم؛ استعملتموها في الفِتْنة، وقيل: أَنَمْتُموها.
وقوله تعالى: وفتَنَّاكَ فُتُوناً؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً.
وقوله عز وجل: ومنهم من يقول ائْذَنْ لي ولا تَفْتِنِّي؛ أَي لا تُؤْثِمْني بأَمرك إِيايَ بالخروج، وذلك غير مُتَيَسِّرٍ لي فآثَمُ؛ قال الزجاج: وقيل إِن المنافقين هَزَؤُوا بالمسلمين في غزوة تَبُوكَ فقالوا يريدون بنات الأَصفر فقال: لا تَفْتِنِّي أَي لا تَفْتِنِّي ببنات الأَصفر، فأَعلم الله سبحانه وتعالى أَنهم قد سقَطوا في الفِتْنةِ أَي في الإِثم.
وفتَنَ الرجلَ أَي أَزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإِن كادوا ليَفتِنونك عن الذي أَوْحَيْنا إِليك؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابن الأَنباري: وقولهم فتَنَتْ فلانة فُلاناً، قال بعضهم: معناه أَمالته عن القصد، والفِتْنة في كلامهم معناه المُمِيلَةُ عن الحق.
وقوله عز وجل: ما أَنتم عليه بفاتِنينَ إِلا من هو صالِ الجحِيمِ: فسره ثعلب فقال: لا تَقْدِرون أَن تَفْتِنُوا إِلا من قُضِيَ عليه أَن يدخل النار، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فيه معنى قادرين فعدَّاه بما كان يُعَدَّى به قادرين لو لفِظَ به، وقيل: الفِتْنةُ الإِضلال في قوله: ما أَنتم عليه بفاتنين؛ يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ النار الذين سبق علم الله في ضلالهم؛ قال الفراء: أَهل الحجاز يقولون ما أَنتم عليه بفاتِنينَ، وأَهل نجد يقولون بمُفْتِنينَ من أَفْتَنْتُ والفِتْنةُ: الجُنون، وكذلك الفُتُون.
وقوله تعالى: والفِتْنةُ أَشدُّ من القَتْلِ؛ معنى الفِتْنة ههنا الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سيده: والفِتْنةُ الكُفْر.
وفي التنزيل العزيز: وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ فِتْنة.
والفِتْنةُ: الفَضِيحة.
وقوله عز وجل: ومن يرد الله فِتْنَتَه؛ قيل: معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أَبو إِسحق: ويجوز أَن يكون اختِبارَه بما يَظْهَرُ به أَمرُه.
والفِتْنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضَعْفَى المؤمنين في أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عن الإِيمان، كما مُطِّيَ بلالٌ على الرَّمْضاء يعذب حتى افْتَكَّه أَبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، فأَعتقه.
والفِتْنةُ: ما يقع بين الناس من القتال.
والفِتْنةُ: القتل؛ ومنه قوله تعالى: إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا؛ قال: وكذلك قوله في سورة يونس: على خَوْفٍ من فرعونَ ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم؛ أَي يقتلهم؛ وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم، فإِنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فِرَقِ المسلمين إِذا تَحَزَّبوا، ويكون ما يُبْلَوْنَ به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفْتَنُونَ بذلك عن الآخرة والعمل لها.
وقوله، عليه السلام: ما تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ على الرجال من النساء؛ يقول: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفِتْنةً: الاختِبارُ.
وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره.
وقوله عز وجل: أَوَلا يَرَوْنَ أَنهم يُفْتَنُونَ في كل عام مرة أَو مرتين: قيل: معناه يُخْتَبَرُونَ بالدعاء إِلى الجهاد، وقيل: يُفْتَنُونَ بإِنزال العذاب والمكروه.والفَتْنُ: الإِحرَاق بالنار. الشيءَ في الناريَفْتِنُه: أَحرقه.
والفَتِينُ من الأَرض: الحَرَّةُ التي قد أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ كأَنها مُحْرَقة، والجمع فُتُنٌ.
وقال شمر: كل ما غيرته النارُ عن حاله فهو مَفْتُون، ويقال للأَمة السوداء مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ في السواد كأَنها مُحْترقَة؛ وقال أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَتِ: غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ، على آبارِها، أَبداً عُطُونُ وكأَنَّ واحدة الفَتائن فَتينة، وقال بعضهم: الواحدة فَتِينة، وجمعها فَتِين؛ قال الكميتُ: ظَعَائِنُ من بني الحُلاَّفِ، تَأْوي إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا (* قوله «من الحلاف» كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح الحاء المهملة). فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفِتِىنَا.
ويقال: واحدة الفِتِينَ فِتْنَةٌ مثل عِزَةٍ وعِزِينَ.
وحكى ابن بري: يقال فِتُونَ في الرفع، وفِتِين في النصب والجر، وأَنشد بيت الكميت.
والفِتْنَةُ: الإِحْراقُ.
وفَتَنْتُ الرغيفَ في النار إِذا أَحْرَقْته.
وفِتْنَةُ الصَّدْرِ: الوَسْواسُ.
وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعَْدِلَ عن الطريق.
وفِتْنَةُ المَمات: أَنْ يُسْأَلَ في القبر.
وقوله عزَّ وجل: إِنَّ الذين فَتَنُوا المؤْمنين والمؤْمناتِ ثم لم يتوبوا؛ أَي أَحرقوهم بالنار المُوقَدَةِ في الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فيها ليَصُدُّوهم عن الإِيمان.
وفي حديث الحسن: إِنَّ الذين فتنوا المؤْمنين والمؤْمِنات؛ قال: فَتَنُوهم بالنار أَي امْتَحَنُوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امْتِحانَ عبيده المؤمنين بالَّلأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم على ما ابْتلاهم به فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قال الله تعالى: أَلم، أَحَسِبَ الناسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفْتَنُونَ؛ جاءَ في التفسير: وهم لا يُبْتَلَوْنَ في أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بالصبر على البلاء الصادقُ الإِيمان من غيره، وقيل: وهم لا يُفْتَنون وهم لا يُمْتَحَنُون بما يَبِينُ به حقيقة إِيمانهم؛ وكذلك قوله تعالى: ولقد فَتَنَّا الذين من قبلهم؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا.
وقوله تعالى مُخْبِراً عن المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنما نحن فِتْنَةٌ فلا تَكْفُر؛ معناه إِنما نحن ابتلاءٌ واختبارٌ لكم.
وفي الحديث: المؤمن خُلِقَ مُفَتَّناً أَي مُمْتَحَناً يمتَحِنُه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فَتَنْتُه إِذا امْتَحنْتَه.
ويقال فيهما أَفْتَنْتُه أَيضاً، وهو قليل: قال ابن الأَثير: وقد كثر استعمالها فيما أَخرجه الاخْتِبَار للمكروه، ثمَّ كَثُر حتى استعمل بمعنى الإِثم والكفر والقتال والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ عن الشيء.
وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ.
وفي حديث الكسوف: وإِنكم تُفْتَنُونَ في القبور؛ يريد مُساءَلة منكر ونكير، من الفتنةِ الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات وغير ذلك.
وفي الحديث: فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ أَي تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه سمع رجلاً يتعوَّذ من الفِتَنِ فقال: أَتَسْأَلُ رَبَّك أَن لا يَرْزُقَك أَهْلاً ولا مالاً؟ تَأَوَّلَ قوله عزَّ وجل: إِنما أَموالكم وأَولادُكم فِتْنَة، ولم يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ.
وهما فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قال نابغة بني جَعْدة: هما فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عليه لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ الواحد: فَتْنٌ؛ وروى أَبو عمرو الشَّيْبانيّ قول عمر بن أَحمر الباهليّ:إِمّا على نَفْسِي وإِما لها، والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ قال أَبو عمرو: الفِتْنُ الناحية، ورواه غيره: فَتْنانِ، بفتح الفاء، أَي حالان وفَنَّانِ، قال ذلك أَبو سعيد قال: ورواه بعضهم فَنَّانِ أَي ضَرْبانِ.
والفِتانُ، بكسر الفاء: غِشاء يكون للرَّحْل من أَدَمٍ؛ قال لبيد:فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي، ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ والجمع فُتُنٌ.

لقا (لسان العرب) [0]


اللَّقْوة: داء يكون في الوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدق، وقد لُقِيَ فهو مَلْقُوٌّ.
ولَقَوْتُه أَنا: أَجْرَيْت عليه ذلك. قال ابن بري: قال المهلبي واللُّقاء، بالضم والمد، من قولك رجل مَلْقُوٌّ إِذا أَصابته اللَّقْوة.
وفي حديث ابن عمر: أَنه اكْتَوَى من اللَّقْوَة، هو مرض يَعْرِضُ لوجه فيُميلُه إِلى أَحد جانبيه. ابن الأَعرابي: اللُّقَى الطيُّور، واللُّقَى الأَوْجاع، واللُّقَى السَّريعاتُ اللَّقَح من جميع الحيوان.
واللَّقْوةُ واللِّقْوة: المرأَة السَّريعةُ اللَّقاحِ والناقة السريعة اللقاح؛ وأَنشد أَبو عبيد في فتح اللام: حَمَلْتِ ثَلاثةً فَوَلَدتِ تِمّاً، فأُمٌّ لَقْوةٌ وأَبٌ قَبِيسُ وكذلك الفرسُ.
وناقة لِقْوةٌ ولَقْوةٌ: تَلْقَح لأَول قَرْعةٍ. قال الأَزهري: واللَّقْوة في المرأَة والناقة، بفتح الام، أَفصح من اللِّقوة، وكان . . . أكمل المادة شمر وأَبو الهيثم يقولان لِقْوة فيهما. أَبو عبيد في باب سرعة اتفاق الأَخوين في التحابّ والمودَّة: قال أَبو زيد من أَمثالهم في هذا كانت لَقْوةٌ صادَفَتْ قَبِيساً؛ قال: اللَّقْوةُ هي السريعة اللَّقَح والحَمْل، والقَبِيسُ هو الفَحْل السريع الإِلقاح أَي لا إبْطاء عندهما في النِّتاج، يضرب للرجلين يكونان متفقين على رأْي ومذهب، فلا يَلْبَثان أَن يتصاحبا ويتَصافَيا على ذلك؛ قال ابن بري في هذا المثل: لَقْوةٌ بالفتح مذهب أَبي عمرو الشيباني، وذكر أَبو عبيد في الأَمثال لِقْوة، بكسر اللام، وكذا قال الليث لِقْوة، بالكسر.
واللَّقْوة واللِّقْوة: العُقاب الخَفِيفة السَّريعةُ الاخْتِطاف. قال أَبو عبيدة: سميت العقاب لَقْوة لسَعة أَشْداقها، وجمعها لِقاءٌ وألقاءٌ، كأَنَّ أَلقاءً على حذف الزائد وليس بقياس.
ودَلْو لَقْوةٌ: لَيِّنة لا تَنْبَسِطُ سريعاً لِلِينها؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:شَرُّ الدِّلاءِ اللَّقْوةُ المُلازِمه، والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائِمهْ والصحيح: الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ.
ولقِيَ فلان فلاناً لِقاء ولِقاءةً، بالمدّ، ولُقِيّاً ولِقِيّاً، بالتشديد، ولُقْياناً ولِقْياناً ولِقْيانة واحدة ولُقْيةً واحدة ولُقًى، بالضم والقصر، ولَقاةً؛ الأَخيرة عن ابن جني، واستضعفها ودَفَعها يعقوب فقال: هي مولَّدة ليست من كلام العرب؛ قال ابن بري: المصادر في ذلك ثلاثة عشر مصدراً، تقول لَقِيته لِقاءً ولِقاءَةً وتِلقاءً ولُقِيّاً ولِقِيّاً ولِقْياناً ولُقْياناً ولِقْيانَةً ولَقْيةً ولَقْياً ولُقًى ولَقًى، فيما حكاه ابن الأَعرابي، ولَقاةً؛ قال: وشاهد لُقًى قول قيس بن المُلَوّح: فإِن كان مَقْدُوراً لُقاها لَقِيتُها، ولم أَخْشَ فيها الكاشِحِينَ الأَعادِيا وقال آخر: فإِنَّ لُقاها في المَنامِ وغيره، وإِنْ لم تَجُدْ بالبَذْل عندي، لرابِحُ وقال آخر: فلوْلا اتِّقاءُ الله، ما قلتُ مَرْحَباً لأَوَّلِ شيباتٍ طَلَعْنَ، ولا سَهْلا وقد زَعَمُوا حُلْماً لُقاك، فلم يَزِدْ، بِحَمْدِ الذي أَعْطاك، حِلْماً ولا عَقْلا وقال ابن سيده: ولَقاه طائية؛ أَنشد اللحياني: لمْ تَلْقَ خَيْلٌ قبْلَها ما قد لَقَتْ مِنْ غِبِّ هاجِرةٍ، وسَيْرٍ مُسْأَدِ الليث: ولَقِيه لَقْيةً واحدة ولَقاةً واحدة، وهي أَقبحها على جوازها ، قال ابن السكيت: ولِقيانةً واحدة ولَقْيةً واحدة، قال ابن السكيت: ولا يقال لَقاة فإِنها مولدة ليست بفصيحة عربية، قال ابن بري: إِنما يقال لَقاة لأَن الفَعْلة للمرة الواحدة إِنما تكون ساكنة العين ولَقاةٌ محركة العين.
وحكى ابن درستويه: لَقًى ولَقاة مثل قَذًى وقَذاةٍ، مصدر قَذِيت تَقْذَى.
واللِّقاء: نقيض الحِجاب؛ ابن سيده: والاسم التِّلقاء؛ قال سيبويه: وليس على الفعل، إِذ لو كان على الفعل لفتحت التاء؛ وقال كراع: هو مصدر نادر ولا نظير له إِلا التِّبْيان. قال الجوهري: والتِّلقاء أَيضاً مصدر مثل اللقاء؛ وقال الراعي: أَمَّلْتُ خَيْرَكَ هل تَأْتي مَواعِدُه، فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقائِه الأَمَلُ قال ابن بري: صوابه أَمَّلت خيركِ، بكسر الكاف، لأَنه يخاطب محبوبته، قال: وكذا في شعره وفيه عن تِلْقائِك بكاف الخطاب؛ وقبله: وما صَرَمْتُك حتى قُلْتِ مُعْلِنةً: لا ناقةٌ لي في هذا، ولا جَملُ وفي الحديث: مَنْ أَحبَّ لِقاء اللهِ أَحبَّ اللهُ لقاءه ومَن كَرِه لقاء اللهِ كرهَ الله لقاءه والموتُ دون لقاء الله؛ قال ابن الأَثير: المراد بلقاء الله المصيرُ إِلى الدار الآخرة وطلبُ ما عند الله، وليس الغرض به الموت لأَن كلاًّ يكرهه، فمن تَرك الدنيا وأَبغضها أَحبَّ لِقاء اللهِ، ومَن آثَرَها ورَكِنَ إِليها كَرِهَ لِقاء الله لأَنه إِنما يصل إِليه بالموت.
وقوله: والموتُ دون لقاء الله، يُبَيِّنُ أَن الموتَ غيرُ اللقاء، ولكنه مُعْتَرِضٌ دون الغَرَض المطلوب، فيجب أَن يَصْبر عليه ويحتمل مشاقَّة حتى يصل إِلى الفَوْز باللِّقاء. ابن سيده: وتَلَقَّاه والتَقاه والتَقَيْنا وتَلاقَيْنا.
وقوله تعالى: ليُنذِر يوم التَّلاقِ؛ وإِنما سمي يومَ التلاقي لتَلاقي أَهل الأَرضِ وأَهل السماء فيه.
والتَقَوْا وتَلاقَوْا بمعنى.
وجلس تِلْقاءه أَي حِذاءه؛ وقوله أَنشده ثعلب: أَلا حَبَّذا مِنْ حُبِّ عَفْراء مُلْتَقَى، نَعَمْ، وأَلا لا حيثُ يَلْتَقِيانِ فسره فقال: أَراد مُلْتَقَى شفتيها لأَن التِقاء نَعمْ ولا إِنما يكون هنالك، وقيل: أَراد حَبَّذا هي مُتكلِّمةً وساكتة، يريد بملتقى نعم شفتيها، وبأَلا لا تَكلُّمَها، والمعنيان متجاوران.
واللَّقِيانِ (* قوله« اللقيان» كذا في الأصل والمحكم بتخفيف الياء، والذي في القاموس وتكملة الصاغاني بشدها وهو الاشبه): المُلتَقِيانِ.ورجل لَقِيٌّ ومَلْقِيٌّ ومُلَقًّى ولَقَّاء يكون ذلك في الخير والشر، وهو في الشر أَكثر. الليث: رجل شَقِيٌّ لَقِيٌّ لا يزال يَلْقى شَرّاً، وهو إِتباع له.
وتقول: لاقَيْتُ بين فلان وفلان.
ولاقَيْتُ بين طَرَفَيْ قضيب أَي حَنَيْته حتى تلاقيا والتَقَيَا.
وكلُّ شيءٍ استقبل شيئاً أَو صادفه فقد لقِيَه من الأَشياء كلها.
واللَّقِيَّان: كل شيئين يَلْقى أَحدهما صاحبه فهما لَقِيَّانِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنها قالت إِذا التقى الخِتانان فقد وجَب الغُسْلُ؛ قال ابن الأَثير: أَي حاذى أَحدهما الآخر وسَواء تَلامَسا أَو لم يتَلامَسا، يقال: التَقى الفارسان إِذا تَحاذَيا وتَقابلا، وتظهر فائدته فيما إِذا لَفَّ على عُضوه خرقة ثم جامَع فإِن الغسل يجب عليه وإن لم يَلْمَسِ الخِتانُ الخِتانَ.
وفي حديث النخعي: إِذا التقى الماءَانِ فقد تَمَّ الطُّهورُ؛ قال ابن الأَثير: يريد إِذا طَهَّرْتَ العُضْوَين من أَعْضائك في الوضُوءِ فاجتمع الماءَانِ في الطُّهور لهما فقد تم طُهُورهُما للصلاة ولا يُبالي أَيُّهما قدَّم، قل: وهذا على مذهب من لا يوجب الترتيب في الوضوء أَو يريد بالعضوين اليدين والرجلين في تقديم اليمنى على اليسرى أَو اليسرى على اليمنى، وهذا لم يشترطه أَحد.
والأُلْقِيَّةُ: واحد من قولك لَقِيَ فلان الأَلاقيَّ من شَرٍّ وعُسْر.
ورجل مُلَقًّى: لا يزالُ يلقاه مكروه.
ولَقِيتُ منه الأَلاقَي؛ عن اللحياني، أَي الشَّدائد، كذلك حكاه بالتخفيف.
والمَلاقي: أَشْراف نَواحي أَعْلى الجبل لا يزال يَمْثُل عليها الوعل يعتصم بها من الصياد؛ وأَنشد: إِذا سامَتْ على المَلْقاةِ ساما قال أَبو منصور: الرواة رووا: إِذا سامت على المَلَقاتِ ساما واحدتها مَلَقةٌ، وهي الصَّفاة المَلْساء، والميم فيها أَصلية، كذا روي عن ابن السكيت، والذي رواه الليث، إِن صح، فهو مُلْتَقى ما بين الجبلين.
والمَلاقي أَيضاً: شُعَبُ رأْس الرَّحِم وشُعَبٌ دونَ ذلك، واحدها مَلْقًى ومَلْقاةٌ، وقيل: هي أَدنى الرحم من موضع الولد، وقيل: هي الإِسَكُ؛ قال الأَعشى يذكر أُم عَلْقمةَ: وكُنَّ قد أَبْقَيْنَ منه أُذًى، عند المَلاقي، وافيَ الشَّافِرِ الأَصمعي: المُتَلاحِمةُ الضيِّقة المَلاقي، وهو مَأْزِمُ الفَرْجِ ومَضايِقُه.
وتلقَّت المرأَة، وهي مُتَلَقٍّ: عَلِقَتْ، وقلّ ما أَتى هذا البناء للمؤنث بغير هاء. الأَصمعي: تَلقَّتِ الرحمُ ماء الفحل إِذا قَبِلَتْه وأَرتَجَتْ عليه.
والمَلاقي من الناقة: لحم باطن حيَائها، ومن الفرس لحم باطن ظَبْيَتها.
وأَلقى الشيء: طَرَحَه.
وفي الحديث: إِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة ما يُلْقي لها بالاً يَهْوي بها في النار أَي ما يُحْضِرُ قلبَه لما يَقولُه منها، والبالُ: القَلبُ.
وفي حديث الأَحنف: أَنه نُعِيَ إِليه رَجلٌ فما أَلقى لذلك بالاً أَي ما اسْتَمع له ولا اكْتَرَثَ به؛ وقوله: يَمْتَسِكُونَ، مِن حِذاِ الإِلْقاءِ، بتَلِعاتٍ كَجُذُوعِ الصِّيصاء إِنما أَراد أَنهم يَمْتسكون بخَيْزُران السَّفينة خشية أَن تُلقِيَهم في البحر، ولَقَّاه الشيءَ وأَلقاه إِليه وبه. فسر الزجاج قوله تعالى: وإِنَّك لَتُلَقَّى القرآن؛ أَي يُلْقى إِليك وحْياً من عند الله.
واللَّقى: الشيء المُلْقى، والجمع أَلقاء؛ قال الحرث بن حلزة: فتَأَوَّتْ لهم قَراضِبةٌ مِن كلِّ حَيٍّ، كأَنهم أَلْقاءُ وفي حديث أَبي ذر: ما لي أَراك لَقًى بَقًى؟ هكذا جاءَا مخففين في رواية بوزن عَصاً.
واللَّقى: المُلْقى على الأَرض، والبَقى إِتباع له.
وفي حديث حكيم بن حزام: وأُخِذَتْ ثِيابُها فجُعِلتْ لَقًى أَي مُرْماةً مُلْقاةً. قال ابن الأَثير: قيل أَصل اللَّقى أَنهم كانوا إِذا طافُوا خَلَعُوا ثيابَهم وقالوا لا نَطُوف في ثياب عَصَيْنا اللهَ فيها، فيُلقُونها عنهم ويُسمّون ذلك الثوب لَقًى، فإِذا قَضَوْا نُسُكَهم لم يأْخُذوها وتركوها بحالها مُلْقاةً. أَبو الهيثم: اللَّقى ثوبُ المُحْرِمِ يُلْقِيه إذا طاف بالبيت في الجاهلية ، وجمعه أَلقاء .
واللَّقى: كل شيء مطروح متروك كاللُّقَطة.
والأُلْقِيَّةُ: ما أُلقِيَ.
وقد تَلاقَوْا بها: كتَحاجَوْا؛ عن اللحياني . أَبو زيد: أَلْقَيت عليه أُلْقِيَّةً كقولك أَلقَيت عليه أُحْجِيَّةً، كل ذلك يقال؛ قال الأَزهري: معناه كلمة مُعاياةٍ يُلقِيها عليه ليستخرجها .
ويقال: هم يَتَلاقَوْن بأُلْقِيَّةٍ لهم.
ولَقاةُ الطريق: وسَطُه؛ عن كراع.
ونهى النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، عن تَلَقِّي الرُّكْبان ؛ وروى أَبو هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ،صلى الله عليه وسلم، لا تَتلقَّوُا الرُّكْبانَ أَو الأَجْلابَ فَمَن تَلقَّاه فاشتَرى منه شيئاً فصاحِبُه بالخِيارإذا أَتى السُّوقَ؛ قال الشافعي: وبهذا آخذ إن كان ثابتاً، قال: وفي هذا دليل أَن البيع جائِز غيرَ أَن لصاحبها الخيار بعد قُدوم السوق، لأَنَّ شراءَها من البَدوِيّ قبل أَن يصير إلى موضع المُتساومَيْنِ من الغرور بوجه النقص من الثمن فله الخيار ؛ وتَلَقِّي الرُّكبان: هو أَن يستقبل الحضَريُّ البدويَّ قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكَسادِ ما معه كَذِباً ليشتري منه سِلْعَته بالوَكْس وأَقلَّ من ثمن المثل ، وذلك تَغْرير مُحرَّم ولكن الشراء منعقد، ثم إن كذب وظهر الغَبْنُ ثبت الخِيار للبائع، وإن صدَق ففيه على مذهب الشافعي خلاف .
وفي الحديث: دخَل أَبو قارظٍ مكةَ فقالت قُريش حَلِيفُنا وعَضُدُنا ومُلْتَقى أَكُفِّنا أَي أَيدينا تَلتَقي مع يده وتجتمع، وأَراد به الحِلْفَ الذي كان بيْنه وبينهم . قال الأَزهري: والتَّلَقِّي هو الاستقبال ؛ ومنه قوله تعالى: وما يُلَقَّاها إلا الذين صَبَروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظٍ عظيمٍ؛ قال الفراء: يريده ما يُلَقَّى دفعَ السيئة بالحَسَنة إلا من هو صابر أَو ذو حظٍّ عظيم، فأَنثها لتأْنيث إرادة الكلمة، وقيل في قوله وما يُلقَّاها أي ما يُعَلَّمها ويُوَفَّقُ لها إلا الصابر .
وتَلَقَّاه أَي استقبله.
وفلان يَتَلَقَّى فلاناً أَي يَسْتَقْبِله.
والرجل يُلَقَّى الكلام أَي يُلَقَّنه.
وقوله تعالى: إذ تَلَقَّوْنَه بأَلسنتكم؛ أَي يأْخذ بعض عن بعض.
وأَما قوله تعالى: فَتَلقَّى آدمُ من ربّه كلِماتٍ؛ فمعناه أَنه أَخذها عنه، ومثله لَقِنَها وتَلَقَّنَها ، وقيل: فتَلقَّى آدمُ من ربه كلماتٍ، أَي تَعلَّمها ودعا بها.
وفي حديث أَشراط الساعة: ويُلْقى الشُّحُّ؛ قال ابن الأَثير: قال الحميدي لم يَضْبِط الرواةُ هذا الحرف، قال: ويحتمل أَن يكون يُلَقَّى بمعنى يُتَلَقَّى ويُتَعَلَّم ويُتَواصى به ويُدعى إليه من قوله تعالى: وما يُلَقَّاها إلا الصابرون؛ أَي ما يُعَلَّمُها ويُنَبَّه عليها ، ولو قيل يُلْقَى، مخففة القاف، لكان أَبعد، لأَنه لو أُلقِيَ لترك ولم يكن موجوداً وكان يكون مدحاً، والحديث مبني على الذم، ولو قيل يُلْفى، بالفاء، بمعنى يوجد لم يَستَقِم لأَن الشحّ ما زال موجوداً. الليث: الاسْتِلْقاءُ على القفا، وكلُّ شيء كان فيه كالانْبِطاح ففيه اسْتِلقاء، واسْتَلْقى على قفاه؛ وقال في قول جرير: لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه وهي ضَيْفةٌ جعله البعيث لَقًى لا يُدْرى لمن هو وابْنُ مَن هو، قال الأَزهري: كأَنه أَراد أَنه منبوذ لا يُدرى ابن مَن هو. الجوهري: واللَّقى، بالفتح، الشيء المُلْقى لهَوانه، وجمعه أَلقاء؛ قال: فلَيْتَكَ حالَ البحرُ دُونَكَ كلُّه، وكنت لَقًى تَجْري عليْكَ السَّوائِلُ قال ابن بري: قال ابن جني قد يجمع المصدر جمع اسم الفاعل لمشابهته له، وأَنشد هذا البيت ، وقال: السَّوائلُ جمع سَيْل فجَمَعه جَمع سائل؛ قال: ومثله: فإِنَّكَ ، يا عامِ ابنَ فارِسِ قُرْزُلٍ، مُعِيدٌ على قِيلِ الخَنا والهَواجِرِ فالهَواجِرُ جمع هُجْر ؛ قال: ومثله : مَن يفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ فيمن جعله جمع جزاء ؛ قال: قال ابن أَحمر في اللقى أَيضاً: تَرْوي لَقًى أَلْقِيَ في صَفْصَفٍ، تَصْهَرُه الشمس فما يَنْصَهِر وأَلْقَيْتُه أَي طَرحته . تقول: أُلقِه مِن يدِك وأَلقِ به من يدك، وأَلقَيْتُ إليه المودّة وبالمودّةِ.

متع (لسان العرب) [0]


مَتَعَ النبيذُ يَمْتَعُ مُتوعاً: اشتدَّت حمرته.
ونبي ماتِعٌ أَي شديدُ الحمْرةِ.
ومَتَعَ الحبْلُ: اشتد.
وحَبْل ماتِعٌ: جيِّدُ الفَتْلِ.
ويقال للجبل الطويل: ماتِعٌ؛ ومنه حديث كعب والدَّجّال: يُسَخَّرُ معه جَبَلٌ ماتعٌ خِلاطُه ثَريدٌ أَي طويل شاهِقٌ.
ومَتَعَ الرجُلُ ومَتُعَ: جادَ وظَرُفَ، وقيل: كا ما جادَ فقد مَتُعَ، وهو ماتِعٌ.
والماتِعُ من كل شيء: البالغُ في الجَوْدةِ الغاية في بابه؛ وأَنشد: خُذْه فقد أُعْطِيتَه جَيِّداً، قد أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه، ماتِعا وقد ذكر الله تعالى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ في مواضعَ من كتابه، ومعانيها وإِن اختلفت راجعة إِلى أَصل واحد. قال الأَزهري: فأَما المَتاعُ في الأَصل فكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا.
والمُتْعةُ . . . أكمل المادة والمِتْعَةُ: العُمْرةُ إِلى الحج، وقد تَمَتَّعَ واسْتَمْتَعَ.
وقوله تعالى: فمن تمتَّع بالعُمرة إِلى الحج؛ صورة المُسْتَمْتِعِ بالعمرة إِلى الحجِّ أَنْ يُحْرِمَ بالعمرة في أَشهر الحج فإِذا أَحرم بالعمرة بعد إِهْلالِه شَوّالاً فقد صار متمتعاً بالعمرة إِلى الحج، وسمي متمتعاً بالعمرة إِلى الحج لأَنه إِذا قدم مكة وطاف بالبيت وسعَى بين الصفا والمَرْوَةِ حلّ من عمرته وحلق رأْسه وذبح نُسُكَه الواجب عليه لتمتعه، وحلّ له كل شيء كان حَرُمَ عليه في إِحْرامه من النساء والطِّيبِ، ثم يُنْشِئ بعد ذلك إِحراماً جديداً للحج وقت نهوضه إِلى مِنًى أَو قبل ذلك من غير أَن يجب عليه الرجوع إِلى الميقات الذي أَنشأَ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إِلى الحج أَي انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حِلاق وطيب وتَنَظُّفٍ وقَضاء تَفَثٍ وإِلمام بأَهله، إِن كانت معه، وكل هذه الأَشياء كانت محرَّمة عليه فأُبيح له أَن يحل وينتفع بإِحلال هذه الأَشياء كلها مع ما سقط عنه من الرجوع إِلى الميقات والإِحرام منه بالحج، فيكون قد تمتع بالعمرة في أَيام الحج أَي انتفع لأَنهم كانوا لا يرون العمرة في أَشهر الحج فأَجازها الإِسلام، ومن ههنا قال الشافعي: إِنّ المتمتع أَخَفُّ حالاً من القارنِ فافهمه؛ وروي عن ابن عمر قال: من اعتمر في أَشهر الحج في شوّال أَو ذي القعدة أَو ذي الحِجّةِ قبل الحج فقد استمتع.
والمُتْعةُ: التمتُّع بالمرأَة لا تريد إِدامَتها لنفسك، ومتعة التزويج بمكة منه، وأَما قول الله عز وجل في سورة النساء بعقب ما حرم من النساء فقال: وأَحلّ لكم ما وراء ذلكم أَن تبتغوا بأَموالكم مُحْصِنين غير مُسافِحينَ! أَي عاقدي النكاح الحلال غير زناة! فما استمتعتم به منهن فآتوهن أُجورهن فريضة؛ فإِن الزجاج ذكر أَنّ هذه آية غلط فيها قوم غلطاً عظيماً لجهلهم باللغة، وذلك أَنهم ذهبوا إِلى قوله فما استمتعتم به منهن من المتعة التي قد أَجمع أَهل العلم أَنها حرام، وإِنما معنى فما استمتعتم به منهن، فما نكحتم منهن على الشريطة التي جرى في الآية أَنه الإِحصان أَن تبتغوا بأَموالكم محصنينَ أَي عاقِدينَ التزويجَ أَي فما استمتعتم به منهن على عقد التزويج الذي جرى ذكره فآتوهنّ أُجورهن فريضة أَي مهورهن، فإِن استمتع بالدخول بها آتى المهر تامّاً، وإِن استمتع بعقد النكاح اتى نصف المهر؛ قال الأَزهري: المتاع في اللغة كل ما انتفع به فهو متاع، وقوله: ومَتِّعُوهُنّ على المُوسِع قَدَرُه، ليس بمعنى زوّدوهن المُتَعَ، إِنما معناه أَعطوهن ما يَسْتَمْتِعْنَ؛ وكذلك قوله: وللمطلَّقات متاع بالمعروف، قال: ومن زعم أَن قوله فما استمتعتم به منهن التي هي الشرط في التمتع الذي يفعله الرافضة، فقد أَخطأَ خطأً عظيماً لأَن الآية واضحة بينة؛ قال: فإِن احتج محتج من الروافض بما يروى عن ابن عباس أَنه كان يرها حلالاً وأَنه كان يقرؤها فما استمتعتم به منهن إِلى أَجل مسمى، فالثابت عندنا أَن ابن عباس كان يراها حلالاً، ثم لما وقف على نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، رجع عن إِحلالها؛ قال عطاء: سمعت ابن عباس يقول ما كانت المتعة إِلا رحمة رحم الله بها أُمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فلولا نهيه عنها ما احتاج إِلى الزنا أَحد إِلا شَفًى والله، ولكأَني أَسمع قوله: إِلا شفًى، عطاء القائل، قال عطاء: فهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إِلى كذا وكذا من الأَجل على كذا وكذا شيئاً مسمى، فإِن بدا لهما أَن يتراضيا بعد الأَجل وإِن تفرقا فهم وليس بنكاح هكذا الأصل، قال الأَزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أَن ابن عباس صح له نهي النبي، صلى الله عليه وسلم ، عن المتعة الشرطية وأَنه رجع عن إِحلالها إِلى تحريمها، وقوله إِلا شفًى أَي إِلا أَن يُشْفِيَ أَي يُشْرِفَ على الزنا ولا يوافقه، أَقام الاسم وهو الشَّفَى مُقام المصدر الحقيقي، وهو الإِشْفاءُ على الشيء، وحرف كل شيء شفاه؛ ومنه قوله تعالى: على شَفَى جُرُفٍ هارٍ، وأَشْفَى على الهَلاكِ إِذا أَشْرَفَ عليه، وإِنما بينت هذا البيان لئلا يَغُرَّ بعضُ الرافِضةِ غِرًّا من المسلمين فيحل له ما حرّمه الله عز وجل على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإِن النهي عن المتعة الشرطية صح من جهات لو لم يكن فيه غير ما روي عن أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافياً، وهي المتعة كانت ينتفع بها إِلى أَمد معلوم، وقد كان مباحاً في أَوّل الإِسلام ثم حرم، وهو الآن جائز عند الشيعة.
وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قبل الزوال؛ ومنه قول الشاعر: وأَدْرَكْنا بها حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو، وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا وقيل: ارتفع وطال؛ وأَنشد ابن بري قول سويد ابن أَبي كاهل: يَسْبَحُ الآلُ على أَعْلامِها وعلى البِيدِ، إِذا اليَوْمُ مَتَعْ ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وبلغت الغاية وذلك إِلى أَوّل الضّحى.
وفي حديث ابن عباس: أَنه كان يُفْتي الناس حتى إِذا مَتَعَ الضحى وسَئِمَ؛ مَتَعَ النهارُ: طالَ وامتدَّ وتعالى؛ ومنه حديث مالك بن أَوس: بينا أَناجالس في أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رسول عمَرَ، رضي الله عنه، فانطلقت إِليه.
ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً: ارتفع في أَوّل النهار؛ وقول جرير: ومِنّا، غَداةَ الرَّوْعِ، فِتْيانُ نَجْدةٍ، إِذا مَتَعَتْ بعد الأَكُفِّ الأَشاجِعُ أَي ارتفعت من وقولك مَتَعَ النهارُ والآلُ، ورواه ابن الأَعرابي مُتِعَتْ ولم يفسره، وقيل قوله إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احمرّت الأَكُفُّ والأَشاجِعُ من الدم.
ومُتْعةُ المرأَة: ما وُصِلَتْ به بعدَ الطلاقِ، وقد مَتَّعَها. قال الأَزهريّ: وأَما قوله تعالى وللمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بالمَعْروفِ حَقّاً على المتقين، وقال في موضع آخر: لا جُناح عليكم إِن طلقتم الناساء ما لم تمسوهن أَو تفرضوا لهن فريضة ومَتّعُوهُنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنين؛ قال الأَزهريّ: وهذا التمتيع الذي ذكره الله عز وجل للمطلقات على وجهين: أَحدهما واجب لا يسعه تركه، والآخر غير واجب يستحب له فعله، فالواجب للمطلقة التي لم يكن زوجها حين تزوّجها سمَّى لها صداقاً ولم يكن دخل بها حتى طلقها، فعليه أَن يمتعها بما عز وهان من متاع ينفعها به من ثوب يُلبسها إِياه، أَو خادم يَخْدُمُها أَو دراهم أَو طعام، وهو غير مؤقت لأَن الله عز وجل لم يحصره بوقت، وإِنما أَمر بتمتيعها فقط، وقد قال: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف؛ وأَما المُتْعةُ التي ليست بواجبة وهي مستحبة من جهة الإِحسان والمحافظة على العهد، فأَن يتزوّج الرجل امرأَة ويسمي لها صداقاً ثم يطلقها قبل دخوله بها أَو بعده، فيستحب له أَن يمتعها بمتعة سوى نصف المهر الذي وجب عليه لها، إِن لم يكن دخل بها، أَو المهر الواجب عليه كله، إِن كان دخل بها، فيمتعها بمتعة ينفعها بها وهي غير واجبة عليه، ولكنه استحباب ليدخل في جملة المحسنين أَو المتقين، والعرب تسمي ذلك كله مُتْعةً ومَتاعاً وتَحْميماً وحَمّاً.
وفي الحديث: أَنّ عبد الرحمن طلق امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة أَي أَعطاها أَمةً، هو من هذا الذي يستحب للمطلق أَن يُعْطِيَ امرأَته عند طلاقها شيئاً يَهَبُها إِيّاه.
ورجلٌ ماتِعٌ: طويل.
وأَمْتَعَ بالشيء وتَمَتَّعَ به واسْتَمْتَع: دام له ما يسْتَمِدُّه منه.
وفي التنزيل: واسْتَمْتَعْتُمْ بها؛ قال أَبو ذؤَيب: مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ هْلِها جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ يريد أَن الناس كلهم مُتْعةٌ للمَنايا، والأَنسُ كالإِنْسِ والجبْلُ الكثير.
ومَتَّعه الله وأَمْتَعه بكذا: أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع به. يقال: أَمْتَعَ الله فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع به فيما يُحِبُّ من الانْتفاعِ به والسُّرور بمكانه، وأَمْتَعه الله بكذا ومَتَّعَه بمعنًى.
وفي التنزيل: وأَن استغفِروا ربكم ثم توبوا إِليه يُمَتّعكم مَتاعاً حسَناً إِلى أَجلٍ مُسمًّى، فمعناه أَي يُبْقِكم بَقاء في عافِيةٍ إِلى وقت وفاتكم ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعذاب كما استأْصل القُرى الذين كفروا.
ومَتَّعَ الله فلاناً وأمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن يَنْتَهِيَ شَبابُه؛ ومنه قول لبيد يصف نخلاً نابتاً على الماء حتى طالَ طِوالُه إِلى السماء فقال: سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصّفا وسَرِيُّه، عُمٌّ نواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرُومُ والصَّفا والسَّرِيُّ: نهرانِ مُتَخَلِّجانِ من نهر مُحَلِّمٍ الذي بالبحرين لسقي نخيل هَجَرَ كلّها.
وقوله تعالى: مَتاعاً إِلى الحوْلِ غيرَ إِخْراجٍ؛ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تمتيعاً فوضع متاعاً موضع تمتيع، ولذلك عدَّاه بإِلى؛ قال الأَزهري: هذه الآية منسوخة بقوله: والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويَذَرُونَ أَزواجاً يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفسهن أَربعة أَشهر وعشراً؛ فَمُقامُ الحولِ منسوج باعتداد أَربعة أَشهر وعشر، والوصية لهن منسوخة بما بين الله من ميراثها في آية المواريث، وقرئ: وصيَّةٌ لأَزواجهم، ووصيةً، بالرفع والنصب، فمن نصب فعلى المصدر الذي أُريد به الفعل كأَنه قال لِيُوصُوا لهن وصية، ومن رفع فعلى إِضمار فعليهم وصية لأَزواجهم، ونصب قوله متاعاً على المصدر أَيضاً أَراد متِّعوهن متاعاً، والمَتاعُ والمُتْعةُ اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ المصدر الحقيقي وهو التمتيع أَي انفعوهن بما تُوصُونَ به لهن من صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الحول.
وقوله تعالى: أَفرأَيت إِنْ مَتَّعْناهُم سِنينَ ثم جاءهم ما كانوا يُوعَدُونَ؛ قال ثعلب: معناه أَطلنا أَعمارهم ثم جاءهم الموت.والماتِعُ: الطويل من كل شيء ومَتَّعَ الشيءَ: طَوَّله؛ ومنه قول لبيد البيت المقدّم وقول النابغة الذبياني: إِلى خَيْرِ دِينٍ سُنَّةٍ قد عَلِمْته، ومِيزانُه في سُورةِ المَجْدِ ماتِعُ أَي راجِحٌ زائِدٌ.
وأَمْتَعَه بالشيء ومَتَّعَه: مَلأَه إِياه.
وأَمْتَعْتُ بالشيء أَي تَمَتَّعْتُ به، وكذلك تَمَتَّعْتُ بأَهلي ومالي؛ ومنه قول الراعي: خَلِيلَيْنِ من شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجاوَرا قليلاً، وكانا بالتَّفَرُّقِ أَمْتَعا (* قوله «خليلين» الذي في الصحاح وشرح القاموس خليطين.) أَمتَعا ههنا: تَمتَّعا، والاسم من كل ذلك المَتاعُ، وهو في تفسير الأَصمعي مُتَعَدّ بمعن مَتَّعَ؛ وأَنشد أَبو عمرو للراعي: ولكِنَّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه بِفِرْقٍ يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه أَي تَمَتَّعَ جَدُّه بِفِرْقٍ من الغنم، وخالف الأَصمعي أَبا زيد وأَبا عمرو في البيت الأَوّل ورواه: وكانا للتفَرُّقِ أَمْتَعا، باللام؛ يقول: ليس من أَحد يفارق صاحبه إِلا أَمْتَعَه بشيء يذكره به، فكان ما أَمتَعَ كل واحد من هذين صاحبه أَن فارَقه أَي كانا مُتجاوِرَيْن في المُرْتَبَعِ فلما انقضى الرَّبِيعُ تفرقا، وروي البيت الثاني: وأَمْتَعَ جَدَّه، بالنصب، أَي أَمتعَ الله جَدَّه.
وقال الكسائي: طالما أُمْتِعَ بالعافية في معنى مُتِّعَ وتَمَتَّعَ.
وقول الله تعالى: فاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاقِكم؛ قال الفراء: اسْتَمْتَعُوا يقول رَضُوا بنصيبهم في الدنيا من أَنصبائهم في الآخرة وفعلتم أَنتم كما فعلوا.
ويقال: أَمْتَعْتُ عن فلان أَي اسْتَغْنَيْتُ عنه.
والمُتْعةُ والمِتْعةُ والمَتْعةُ أَيضاً: البُلْغةُ؛ ويقول الرجل لصاحبه: ابْغِني مُتْعةً أَعِيشُ بها أَي ابْغِ لي شيئاً آكُلُه أَو زاداً أَتَزَوَّدُه أَو قوتاً أَقتاته؛ ومنه قول الأَعشى يصف صائداً: مِنْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه مُتَعا أَي يَبْغِي لأَصحابه صيداً يعيشون به، والمُتَعُ جمع مُتْعةٍ. قال الليث: ومنهم من يقول مِتْعةٌ، وجمعها مِتَعٌ، وقيل: المُتْعةُ الزاد القليل، وجمعها مُتَعٌ. قال الأَزهري: وكذلك قوله تعالى: يا قوم إِنما هذه الحياة الدنيا مَتاعٌ؛ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به لا بقاء له.
ويقال: لا يُمْتِعُني هذا الثوبُ أَي لا يَبْقى لي، ومنه يقال: أَمْتَعَ الله بك. أَبو عبيدة في قوله فأُمَتِّعُه أي أُؤخره، ومنه يقال: أَمْتَعَك الله بطول العمر؛ وأَما قول بعض العرب يهجو امرأَته: لو جُمِعَ الثلاث والرُّباعُ وحِنْطةُ الأَرضِ التي تُباعُ، لم تَرَهُ إِلاّ هُوَ المَتاعُ فإِنه هجا امرأَته.
والثلاث والرباع: أَحدهما كيل معلوم، والآخر وزن معلوم؛ يقول: لو جُمِعَ لها ما يكالُ أَو بوزن لم تره المرأَة إِلا مُتْعةً قليلة. قال الله عز وجل: ما هذه الحياة الدنيا إِلاّ متاع، وقول الله عز وجلّ: ليس عليكم جُناح أَن تدخلا بيوتاً غير مسكونة فيها متاعٌ لكم؛ جاء في التفسير: أَنه عنى ببيوت غير مسكونة الخانات والفنادِقَ التي تنزلها السابِلةُ ولا يُقيمون فيها إِلا مُقامَ ظاعن، وقيل: إِنه عنى بها الخَراباتِ التي يدخلها أَبناء السبيل للانتِفاصِ من بول أَو خَلاء، ومعنى قوله عز وجل: فيها متاعٌ لكم، أَي مَنْفَعةٌ لكم تَقْضُون فيها حوائجكم مسترين عن الأَبْصارِ ورُؤية الناس، فذلك المَتاعُ، والله أَعلم بما أَراد.
وقال ابن المظفر: المَتاعُ من أَمْتِعةِ البيت ما يَسْتَمْتِعُ به الإِنسان في حَوائِجه،وكذلك كل شيء، قال: والدنيا متاع الغرور، يقول: إنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام.
والمَتاعُ: السَّلْعةُ.
والمَتاعُ أَيضاً: المنفعة وما تَمَتَّعْتَ به.
وفي حديث ابن الأَكْوَعِ: قالوا يا رسول الله لولا مَتَّعْتنا به أَي تركتنا ننتفع به.
وفي الحديث: أَنه حرّم المدينة ورخّص في متاعِ الناصح، أَراد أَداة البعير التي تؤخذ من الشجر فسماها متاعاً.
والمتاعُ: كل ما يُنْتَفعُ به من عُروضِ الدنيا قليلِها وكثيرِها.
ومَتَعَ بالشيء: ذهب به يَمْتَعُ مَتْعاً. يقال: لئن اشتريت هذا الغلام لتَمْتَعَنّ منه بغلام صالح أَي لتَذْهَبَنَّ به؛ قال المُشَعَّثُ: تَمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ، إِنَّ شيئاً، سَبَقْتَ به المَماتَ، هو المَتاعُ وبهذا البيت سمي مُشَعَّثاً.
والمَتاعُ: المالُ والأَثاث، والجمع أَمْتعةٌ، وأَماتِعُ جمع الجمع، وحكى ابن الأَعرابي أَماتِيعَ، فهو من باب أَقاطِيعَ.
ومتاعُ المرأَةِ: هَنُها.
والمَتْعُ والمُتْعُ: الكيْدُ؛ الأَخيرة عن كراع، والأُولى أَعلى؛ قال رؤبة: من مَتْعِ أَعْداءٍ وحوْضٍ تَهْدِمُه وماتِعٌ: اسم.

شعر (لسان العرب) [0]


شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عن اللحياني، كله: عَلِمَ.
وحكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، وحكي عن الكسائي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام العرب.
ولَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك أَي ليتني شَعَرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذَرَتِها وهو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء مع الأَب خاصة.
وحكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْرِي لفلان ما صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان ما صنع، . . . أكمل المادة وليتَ شِعْرِي فلاناً ما صنع؛ وأَنشد:يا ليتَ شِعْرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ، وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ وأَنشد: يا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا، وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا وأَنشد: ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْـ ـرٍو، ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ وفي الحديث: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ أَي ليت علمي حاضر أَو محيط بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير في كلامهم.
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه.
وفي التنزيل: وما يُشْعِرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم.
وأَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى.
وشَعَرَ به: عَقَلَه.
وحكى اللحياني: أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَرَ لكذا إِذا فَطِنَ له، وشَعِرَ إِذا ملك (* قوله: «وشعر إِذا ملك إِلخ» بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس). عبيداً.
وتقول للرجل: اسْتَشْعِرْ خشية الله أَي اجعله شِعارَ قلبك.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره.
وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به.
ويقال: أَشْعَرَه الحُبُّ مرضاً.
والشِّعْرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ، والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض.
وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم.
وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً وشَعُرَ، وقيل: شَعَرَ قال الشعر، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ ورجل شاعر، والجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه.
ويقال: شَعَرْتُ لفلان أَي قلت له شِعْراً؛ وأَنشد: شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ ويقال: شَعَرَ فلان وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وهو الاسم، وسمي شاعِراً لفِطْنَتِه.
وما كان شاعراً، ولقد شَعُر، بالضم، وهو يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر.
وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بالفتح، أَي كان أَشْعر منه وغلبه.
وشِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه: أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب شِعْر، وقال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا، اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَشْعَرُ منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه.
وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف ولا وَبَرٍ للإِنسان وغيره، وجمعه أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الواحدة من الشَّعْرِ، وقد يكنى بالشَّعْرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛ يقال رأَى (* قوله: «يقال رأى إلخ» هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والاساس). فلان الشَّعْرَة إِذا رأَى الشيب في رأْسه.
ورجل أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كثير شعر الرأْس والجسد طويلُه، وقوم شُعْرٌ.
ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار، وأَعْنَقُ: طويل العُنق.
وسأَلت أَبا زيد عن تصغير الشُّعُور فقال: أُشَيْعار، رجع إِلى أَشْعارٍ، وهكذا جاء في الحديث: على أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.
ويقال للرجل الشديد: فلان أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد وإِن لم يكن ثمّ شَعَرٌ؛ وكان زياد ابن أَبيه يقال له أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير شعر الصدر؛ وفي الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَشْعَرُ بَرْكاً.
وفي حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر أَي الذي لم يحلق شعره ولم يُرَجّلْهُ.
وفي الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَشْعَرُ: أَي كثير الشعر طويله.
وشَعِرَ التيس وغيره من ذي الشعر شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وتيس شَعِرٌ وأَشْعَرُ وعنز شَعْراءُ، وقد شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كلما كثر شعره.
والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بالكسر: الشَّعَرُ النابت على عانة الرجل ورَكَبِ المرأَة وعلى ما وراءها؛ وفي الصحاح: والشِّعْرَةُ، بالكسر، شَعَرُ الرَّكَبِ للنساء خاصة.
والشِّعْرَةُ: منبت الشِّعرِ تحت السُّرَّة، وقيل: الشِّعْرَةُ العانة نفسها.
وفي حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من هذه إِلى هذه، أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قال: الشِّعْرَةُ، بالكسر، العانة؛ وأَما قول الشاعر: فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلاً كَرِيتاً، على شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ فإِنه أَراد بالشعراء خُصْيَةً كثيرة الشعر النابت عليها؛ وقوله تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها.
وأَشْعَرَ الجنينُ في بطن أُمه وشَعَّرَ واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عليه الشعر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ وأَنشد ابن السكيت في ذلك: كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ في الغِرْسِ وكذلك تَشَعَّرَ.
وفي الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ، وهذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته.
وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت جنينها وعليه شَعَرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ وقال ابن هانئ في قوله: وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيـ ـطَ في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا أَراد: كأَن السليط، وهو الزيت، في شهر هذا الفرس لصفائه.
والشِّعارُ: جمع شَعَرٍ، كما يقال جَبَل وجبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعر الفرس وهو كأَنه مدهون بالسليط.
والمُوَارِي في الحقيقة: الشِّعارُ.
والمُوارَى: هو الأَديم لأَن الشعر يواريه فقلب، وفيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم الشعر لأَن الشعر ينبت من اللحم، وهو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛ يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم وينبت منه الشعر، وإِذا كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله.
وداهية شَعْراءُ وداهية وَبْراءُ؛ ويقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ.
وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أَشبههما وشَعَّرَه وشَعَرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌّ مُشْعَرٌ ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ.
وأَشْعَرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالشَّعر، وكذلك إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والشَّعِرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الشعر فَيَدْمَيانِ، وقيل: هي التي تجد أُكالاً في رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها.
والشَّعْرَاءُ: الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الشعر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب.
والشَّعارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً: وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها ولزم مَدْرَجَ السيل؛ وقيل: الشَّعار ما كان من شجر في لين ووَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ وما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء ويستظلون به في القيظ. يقال: أَرض ذات شَعارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعار، بكسر الشين، قال: وكذا روي عن الأَصمعي مثل شِعار المرأَة؛ وأَما ابن السكيت فرواه شَعار، بفتح الشين، في الشجر.
وقال الرِّياشِيُّ: الشعار كله مكسور إِلا شَعار الشجر.
والشَّعارُ: مكان ذو شجر.
والشَّعارُ: كثرة الشجر؛ وقال الأَزهري: فيه لغتان شِعار وشَعار في كثرة الشجر.
ورَوْضَة شَعْراء: كثيرة الشجر.
ورملة شَعْراء: تنبت النَّصِيَّ.
والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ، وقيل: هو مثل المَشْجَرِ.
والمَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ وأَشْجار؛ قال ذو الرمة يصف ثور وحش: يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه، إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: وإِن جعلت المَشْعَر الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ.
والشَّعْراء: الشجر الكثير.
والشَّعْراءُ: الأَرض ذات الشجر، وقيل: هي الكثيرة الشجر. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء الروضة يغم رأْسها الشجر وجمعها شُعُرٌ، يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ.
والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ.
والشَّعَرُ: النبات والشجر، على التشبيه بالشَّعَر.
وشَعْرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح: شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء وأَدخل الأَلف واللام، كما قال زهير: حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ أَي حُجْنٌ مخالبُه.
وفي حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ: حتى أَضاء لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ؛ هو اسم جبل لهم.
وشَعْرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ: فَحَطَّ الشَّعْرَ من أَكْنافِ شَعْرٍ، ولم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا وقيل: هو شِعِرٌ.
والأَشْعَرُ: جبل بالحجاز.
والشِّعارُ: ما ولي شَعَرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، والجمع أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ.
وفي المثل: هم الشَّعارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم بالمودّة والقرب.
وفي حديث الأَنصار: أَنتم الشَّعارُ والناس الدِّثارُ أَي أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه وكَرِشَهُ.
والدثار: الثوب الذي فوق الشعار.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في شُعُرِنا؛ هي جمع الشِّعار مثل كتاب وكُتُب، وإِنما خصتها بالذكر لأَنها أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ ومنه الحديث الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُرِنا ولا في لُحُفِنا؛ إِنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شيء من دم الحيض، وطهارةُ الثوب شرطٌ في صحة الصلاة بخلاف النوم فيها.
وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لَغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَشْعِرْنَها إِياه؛ فإِن أَبا عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعرها، وجمع الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ.
والشِّعارُ: ما استشعرتْ به من الثياب تحتها.
والحِقْوَة: الإِزار.
والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من الإِنسان.
وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ.
واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لبسه؛ قال طفيل:وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَبِ وقال بعض الفصحاء: أَشْعَرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرَه وتَقَبُّلَ طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس: والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ، يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ والشِّعارُ: جُلُّ الفرس.
وأَشْعَرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق الشِّعارِ من الثياب بالجسد؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك.
وكل ما أَلزقه بشيء، فقد أَشْعَرَه به.
وأَشْعَرَه سِناناً: خالطه به، وهو منه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي: فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع يريد أَشعرت الذئب بالسهم؛ وسمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعاراً فقال: فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عنها، مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعارُ ويقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد وشِعارٍ واحد، فكنت لها شعاراً وكانت لك شعاراً.
ويقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي.
وشاعَرَتْه: ناوَمَتْهُ في شِعارٍ واحد.
والشِّعارُ: العلامة في الحرب وغيرها.
وشِعارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه.
وفي الحديث: إِن شِعارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ وهو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر بالإِماتة.
واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ وقال النابغة: مُسْتَشْعِرِينَ قَد آلْفَوْا، في دِيارهِمُ، دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بشعارهم.
وشِعارُ القوم: علامتهم في السفر.
وأَشْعَرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعاراً.
وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم؛ كلاهما عن اللحياني.
والإِشْعارُ: الإِعلام.
والشّعارُ: العلامة. قالالأَزهري: ولا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلاَّ من هذا لأَنها علامات له.
وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وهو أَن يشق جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه، وقيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم ويعرف أَنها هَدْيٌ، وهو الذي كان أَو حنيفة يكرهه وزعم أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النبي، صلى الله عليه وسلم، أَحق بالاتباع.
وفي حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً رمى الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُشْعِرَ أَميرُ المؤمنين، ونادى رجلٌ آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ: ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة.
ولهب: قبيلة من اليمن فيهم عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وتشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُشْعر أَمير المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة كما يشعر الهدي إِذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وتقول لِسُوقَةِ الناسِ: قُتِلُوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المُشْعَرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية الملوك؛ فلما قال الرجل: أُشْعِرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلاً فيما توجه له من علم العيافة، وإِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه، لما صَدَرَ من الحج قُتل.
وفي حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَشْعَرَ عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُشعر فلا سلب له، أَي طعنه حتى يدخل السِّنانُ جوفه؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بحديدة؛ وأَنشد لكثيِّر: عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها، وقد أَشْعَرَاها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ أَشعراها: أَدمياها وطعناها؛ وقال الآخر: يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ: لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ به؛ وأَنشد أَبو عبيدة: نُقَتِّلُهُمْ جِيلاً فَجِيلاً، تَراهُمُ شَعائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ وفي حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَشعره.
وفي حديث مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَشْعَرْتَ ابني في الناس أَي جعلته علامة فيهم وشَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ.
والشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر.
وشِعارُ الحج: مناسكه وعلاماته وآثاره وأَعماله، جمع شَعيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز وجل كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَن جبريل أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم بالتلبية فإِنها من شعائر الحج.
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ (* قوله: «والشعارة» كذا بالأصل مضبوطاً بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها).
والمَشْعَرُ: كالشِّعارِ.
وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة.
وقوله تعالى: فاذكروا الله عند المَشْعَرِ الحرام؛ هو مُزْدَلِفَةُ، وهي جمعٌ تسمى بهما جميعاً.
والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو المَشْعَرُ الحرام والمِشْعَرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام.
وفي التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا لا تُحِلُّوا شَعائرَ الله؛ قال الفرّاء: كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما فأَنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ وقيل: شعائر الله مناسك الحج.
وقال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر.
والمشاعر: مواضع المناسك.
والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قال: وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ الغادية: السحابة التي تجيء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد.
والأَشْعَرُ: ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الشُّعَيْرات حَوالَي الحافر.
وأَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعر أَرساغه، والجمع أَشاعِرُ لأَنه اسم.
وأَشْعَرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ الحافرِ مِثْلُه.
وأَشْعَرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الشعر.
وأَشاعِرُ الناقة: جوانب حيائها.
والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وقيل: هما ما يلي الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، ولطرفيهما: الشُّفْرانِ، وللذي بينهما: الأَشْعَرانِ.
والأَشْعَرُ: شيء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني.
والأَشْعَرُ: اللحم تحت الظفر.
والشَّعِيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِيرَةٌ، وبائعه شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مما بني على فاعِل ولا فَعَّال كما يغلب في هذا النحو.
وأَما قول بعضهم شِعِير وبِعِير ورِغيف وما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق.
والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الشَّعيرة تُدْخَلُ في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين والنصل، وقد أَشْعَرَ السكين: جعل لها شَعِيرة.
والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الشعير على هيئة الشعيرة.
وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَارِيرَ الذهب في رقبتها؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الشعير.
والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، وقيل: الشَّعْراء ذباب يلسع الحمار فيدور، وقيل: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراءُ نوعان: للكلب شعراء معروفة، وللإِبل شعراء؛ فأَما شعراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ ولا تمس شيئاً غير الكلب، وأَما شَعْراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، وهي أَضخم من شعراء الكلب، ولها أَجنحة، وهي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: وربما كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يجتلبوا بالنهار ولا أَن يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، وهي تلسع الإِبل في مَراقِّ الضلوع وما حولها وما تحت الذنب والبطن والإِبطين، وليس يتقونها بشيء إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، وهي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها دَوِيّاً، قال الشماخ: تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ والجمع من كل ذلك شَعارٍ.
وفي الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الشُّعْرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه؛ الشُّعْر، بضم الشين وسكن العين: جمع شَعْراءَ، وهي ذِبَّانٌ أَحمر، وقيل أَزرق، يقع على الإِبل ويؤذيها أَذى شديداً، وقيل: هو ذباب كثير الشعر.
وفي الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الشَّعارِيرِ؛ هي بمعنى الشُّعْرِ، وقياس واحدها شُعْرورٌ، وقيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ تطايرتْ عنها.
والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، وجمعه كواحده. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق ولها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً.
والشَّعْراءُ: فاكهة، جمعه وواحده سواء.
والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، وقيل: ضرب من الحَمْضِ أَخضر أَغبر.
والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، وقيل: هو نبت.
والشَّعارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْرُور.
وفي الحديث: أَنه أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعاريرُ؛ هي صغار القثاء.
وذهبوا شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْرُور، وكذلك ذهبوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقَِدْحَرَّةَ وقَِذْحَرَّةَ؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ والأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد.
والشَّعارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛ يقال: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وهذا لَعِبُ الشَّعاريرِ.
وقوله تعالى: وأنه هو رَبُّ الشِّعْرَى؛ الشعرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، وطلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب: إِذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى.
وهما الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ التي في الجوزاء، والغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا سُهَيْلٍ، وطلوع الشعرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ.
وعبد الشِّعْرَى العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ ويقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً ولم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وأَنه هو رب الشعرى؛ أَي رب الشعرى التي تعبدونها، وسميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ.
والذي ورد في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً وما لي غير شَعْرَةٍ واحدة ثم أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ.
وأَشْعَرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَشْعَرِيُّ، ويجمعون الأَشعري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري: والأَشْعَرُ أَبو قبيلة من اليمن، وهو أَشْعَرُ بن سَبَأ ابن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ.
وتقول العرب: جاء بك الأَشْعَرُونَ، بحذف ياءي النسب.وبنو الشُّعَيْراءِ: قبيلة معروفة.
والشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ، وهو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، والمُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك امرؤ القيس، وكان قد طلب منه أَن يبيعه فرساً فأَبى فقال فيه: أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن معاوية بن الحرب بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ وقال الشويعر مخاطباً لامرئ القيس: أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها، وقد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما بأَنَّ امْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَثيباً، على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُهُ، وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟ والشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو العباس ثعلب له: وإِنَّ الذي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ، لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ فسمي الشويعر بهذا البيت.

رجل (لسان العرب) [0]


الرَّجُل: معروف الذكرُ من نوع الإِنسان خلاف المرأَة، وقيل: إِنما يكون رَجلاً فوق الغلام، وذلك إِذا احتلم وشَبَّ، وقيل: هو رَجُل ساعة تَلِدُه أُمُّه إِلى ما بعد ذلك، وتصغيره رُجَيْل ورُوَيْجِل، على غير قياس؛ حكاه سيبويه. التهذيب: تصغير الرجل رُجَيْل، وعامَّتهم يقولون رُوَيْجِل صِدْق ورُوَيْجِل سُوء على غير قياس، يرجعون إِلى الراجل لأَن اشتقاقه منه، كما أَن العَجِل من العاجل والحَذِر من الحاذِر، والجمع رِجال.
وفي التنزيل العزيز: واسْتَشْهِدوا شَهِيدَين من رِجالكم؛ أَراد من أَهل مِلَّتكم، ورِجالاتٌ جمع الجمع؛ قال سيبويه: ولم يكسر على بناء من أَبنية أَدْنى العدد يعني أَنهم لم يقولوا أَرْجال؛ قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ رَجْلةٍ . . . أكمل المادة جعلوه بدلاً من أَرْجال، ونظيره ثلاثة أَشياء جعلوا لَفْعاء بدلاً من أَفعال، قال: وحكى أَبو زيد في جمعه رَجِلة، وهو أَيضاً اسم الجمع لأَن فَعِلة ليست من أَبنية الجموع، وذهب أَبو العباس إِلى أَن رَجْلة مخفف عنه. ابن جني: ويقال لهم المَرْجَل والأُنثى رَجُلة؛ قال: كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً، غيرَ جيران بني جَبَله خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم، لم يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله عَنى بجَيْبِها هَنَها وحكى ابن الأَعرابي: أَن أَبا زياد الكلابي قال في حديث له مع امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يعني نفسه وامرأَته، كأَنه أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة فغَلَّب المذكر.
وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صارت كالرَّجُل.
وفي الحديث: كانت عائشة، رضي الله عنها، رَجُلة الرأْي؛ قال الجوهري في جمع الرَّجُل أَراجل؛ قال أَبو ذؤيب: أَهَمَّ بَنِيهِ صَيْفُهُم وشِتاؤهم، وقالوا: تَعَدَّ واغْزُ وَسْطَ الأَراجِل يقول: أَهَمَّهم نفقةُ صيفهم وشتائهم وقالوا لأَبيهم: تعدَّ أَي انصرف عنا؛ قال ابن بري: الأَراجل هنا جمع أَرجال، وأَرجال جمع راجل، مثل صاحب وأَصحاب وأَصاحيب إِلا أَنه حذف الياء من الأَراجيل لضرورة الشعر؛ قال أَبو المُثَلَّم الهذلي: يا صَخْرُ ورّاد ماء قد تتابَعَه سَوْمُ الأَراجِيل، حَتَّى ماؤه طَحِل وقال آخر: كأَن رَحْلي على حَقْباء قارِبة أَحْمى عليها أَبانَيْنِ الأَراجيل أَبانانِ: جَبَلانِ؛ وقال أَبو الأَسود الدؤلي: كأَنَّ مَصاماتِ الأُسود ببَطْنه مَراغٌ، وآثارُ الأَراجِيلِ مَلْعَب وفي قَصِيد كعب بن زهير: تَظَلُّ منه سِباعُ الجَوِّ ضامزةً، ولا تَمَشَّى بِواديه الأَراجِيلُ وقال كثير في الأَراجل: له، بجَبُوبِ القادِسِيَّة فالشَّبا، مواطنُ، لا تَمْشي بهنَّ الأَراجلُ قال: ويَدُلُّك على أَن الأَراجل في بيت أَبي ذؤيب جمع أَرجال أَن أَهل اللغة قالوا في بيت أَبي المثلم الأَراجيل هم الرَّجَّالة وسَوْمُهم مَرُّهُم، قال: وقد يجمع رَجُل أَيضاً على رَجْلة. ابن سيده: وقد يكون الرَّجُل صفة يعني بذلك الشدّة والكمال؛ قال: وعلى ذلك أَجاز سيبويه الجر في قولهم مررت برَجُلٍ رَجُلٍ أَبوه، والأَكثر الرفع؛ وقال في موضع آخر: إِذا قلت هذا الرَّجُل فقد يجوز أَن تعْني كماله وأَن تريد كل رَجُل تكلَّم ومشى على رِجْلَيْن، فهو رَجُل، لا تريد غير ذلك المعنى، وذهب سيبويه إِلى أَن معنى قولك هذا زيد هذا الرَّجُل الذي من شأْنه كذا، ولذلك قال في موضع آخر حين ذكر ابن الصَّعِق وابن كُرَاع: وليس هذا بمنزلة زيد وعمرو من قِبَل أَن هذه أَعلام جَمَعَت ما ذكرنا من التطويل فحذفوا، ولذلك قال الفارسي: إِن التسمية اختصار جُمْلة أَو جُمَل. غيره: وفي معنى تقول هذا رجل كامل وهذا رجل أَي فوق الغلام، وتقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلة؛ وأَنشد: فإِن يك قولُهمُ صادقاً، فَسِيقَتْ نسائي إِليكم رِجَالا أَي رواجلَ.
والرُّجْلة، بالضم: مصدر الرَّجُل والرَّاجِل والأَرْجَل. يقال: رَجُل جَيِّد الرُّجلة، ورَجُلٌ بيِّن الرُّجولة والرُّجْلة والرُّجْليَّة والرُّجوليَّة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وهي من المصادر التي لا أَفعال لها.
وهذا أَرْجَل الرَّجُلين أَي أَشدُّهُما، أَو فيه رُجْلِيَّة ليست في الآخر؛ قال ابن سيده: وأُراه من باب أَحْنَك الشاتين أَي أَنه لا فعل له وإِنما جاء فعل التعجب من غير فعل.
وحكى الفارسي: امرأَة مُرْجِلٌ تلد الرِّجال، وإِنما المشهور مُذْكِر، وقالوا: ما أَدري أَيُّ ولد الرجل هو، يعني آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ: فيه صُوَر كَصُوَر الرجال.
وفي الحديث: أَنه لعن المُتَرَجِّلات من النساء، يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زِيِّهِم وهيآتهم، فأَما في العلم والرأْي فمحمود، وفي رواية: لَعَنَ الله الرَّجُلة من النساء، بمعنى المترجِّلة.
ويقال: امرأَة رَجُلة إِذا تشبهت بالرجال في الرأْي والمعرفة.والرِّجْل: قَدَم الإِنسان وغيره؛ قال أَبو إِسحق: والرَّجْل من أَصل الفخذ إِلى القدم، أُنْثى.
وقولهم في المثل: لا تَمْشِ برِجْلِ من أَبى، كقولهم لا يُرَحِّل رَحْلَك من ليس معك؛ وقوله: ولا يُدْرِك الحاجاتِ، من حيث تُبْتَغَى من الناس، إِلا المُصْبِحون على رِجْل يقول: إِنما يَقْضِيها المُشَمِّرون القِيام، لا المُتَزَمِّلون النِّيام؛ فأَما قوله: أَرَتْنيَ حِجْلاً على ساقها، فَهَشَّ الفؤادُ لذاك الحِجِلْ فقلت، ولم أُخْفِ عن صاحبي: أَلابي أَنا أَصلُ تلك الرِّجِلْ (* قوله «ألابي أنا» هكذا في الأصل، وفي المحكم: ألائي، وعلى الهمزة فتحة). فإِنه أَراد الرِّجْل والحِجْل، فأَلقى حركة اللام على الجيم؛ قال: وليس هذا وضعاً لأَن فِعِلاً لم يأْت إِلا في قولهم إِبِل وإِطِل، وقد تقدم، والجمع أَرْجُل، قال سيبويه: لا نعلمه كُسِّر على غير ذلك؛ قال ابن جني: استغنوا فيه بجمع القلة عن جمع الكثرة.
وقوله تعالى: ولا يَضْرِبْن بأَرْجُلِهن ليُعْلَم ما يُخْفِين من زينتهن؛ قال الزجاج: كانت المرأَة ربما اجتازت وفي رجلها الخَلْخال، وربما كان فيه الجَلاجِل، فإِذا ضَرَبت برِجْلها عُلِم أَنها ذات خَلْخال وزينة، فنُهِي عنه لما فيه من تحريك الشهوة، كما أُمِرْن أَن لا يُبْدِين ذلك لأَن إِسماع صوته بمنزلة إِبدائه.
ورجل أَرْجَل: عظيم الرِّجْل، وقد رَجِل، وأَرْكبُ عظيم الرُّكْبة، وأَرْأَس عظيم الرأْس.
ورَجَله يَرْجله رَجْلاً: أَصاب رِجْله، وحكى الفارسي رَجِل في هذا المعنى. أَبو عمرو: ارْتَجَلْت الرَّجُلَ إِذا أَخذته برِجْله.
والرُّجْلة: أَن يشكو رِجْله.
وفي حديث الجلوس في الصلاة: إِنه لجَفاء بالرَّجُل أَي بالمصلي نفسه، ويروى بكسر الراء وسكون الجيم، يريد جلوسه على رِجْله في الصلاة.
والرَّجَل، بالتحريك: مصدر قولك رَجِلَ، بالكسر، أَي بقي راجلاً؛ وأَرْجَله غيره وأَرْجَله أَيضاً: بمعنى أَمهله، وقد يأْتي رَجُلٌ بمعنى راجل؛ قال الزِّبْرِقان بن بدر: آليت لله حَجًّا حافياً رَجُلاً، إِن جاوز النَّخْل يمشي، وهو مندفع ومثله ليحيى بن وائل وأَدرك قَطَريّ بن الفُجاءة الخارجي أَحد بني مازن حارثي: أَمَا أُقاتِل عن دِيني على فرس، ولا كذا رَجُلاً إِلا بأَصحاب لقد لَقِيت إِذاً شرّاً، وأَدركني ما كنت أَرْغَم في جسمي من العاب قال أَبو حاتم: أَما مخفف الميم مفتوح الأَلف، وقوله رجلاً أَي راجلاً كما تقول العرب جاءنا فلان حافياً رَجُلاً أَي راجلاً، كأَنه قال أَما أُقاتل فارساً ولا راجلاً إِلا ومعي أَصحابي، لقد لقيت إِذاً شَرًّا إِن لم أُقاتل وحدي؛ وأَبو زيد مثله وزاد: ولا كذا أُقاتل راجلاً، فقال: إِنه خرج يقاتل السلطان فقيل له أَتخرج راجلاً تقاتل؟ فقال البيت؛ وقال ابن الأَعرابي: قوله ولا كذا أَي ما ترى رجلاً كذا؛ وقال المفضل: أَما خفيفة بمنزلة أَلا، وأَلا تنبيه يكون بعدها أَمر أَو نهي أَو إِخبار، فالذي بعد أَما هنا إِخبار كأَنه قال: أَما أُقاتل فارساً وراجلاً.
وقال أَبو علي في الحجة بعد أَن حكى عن أَبي زيد ما تقدم: فَرجُلٌ على ما حكاه أَبو زيد صفة، ومثله نَدُسٌ وفَطُنٌ وحَذْرٌ وأَحرف نحوها، ومعنى البيت كأَنه يقول: اعلموا أَني أُقاتل عن ديني وعن حَسَبي وليس تحتي فرس ولا معي أَصحاب.
ورَجِلَ الرَّجُلُ رَجَلاً، فهو راجل ورَجُل ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ ورَجْلان؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ إِذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: عَلَيّ، إِذا لاقيت لَيْلى بخلوة، أَنَ آزدار بَيْتَ الله رَجْلانَ حافيا والجمع رِجَالٌ ورَجَّالة ورُجَّال ورُجَالى ورُجَّالى ورَجَالى ورُجْلان ورَجْلة ورِجْلة ورِجَلة وأَرْجِلة وأَراجل وأَراجيل؛ وأَنشد لأَبي ذؤيب: واغُزُ وَسْط الأَراجل قال ابن جني: فيجوز أَن يكون أَراجل جمع أَرْجِلة، وأَرْجِلة جمع رِجال، ورجال جمع راجل كما تقدم؛ وقد أَجاز أَبو إِسحق في قوله: في ليلة من جُمادى ذات أَنديةٍ أَن يكون كَسَّر نَدًى على نِداء كجَمَل وجِمال، ثم كَسَّر نِداء على أَندِية كرِداء وأَرْدِية، قال: فكذلك يكون هذا؛ والرَّجْل اسم للجمع عند سيبويه وجمع عند أَبي الحسن، ورجح الفارسي قول سيبويه وقال: لو كان جمعاً ثم صُغِّر لرُدَّ إِلى واحده ثم جُمِع ونحن نجده مصغراً على لفظه؛ وأَنشد:بَنَيْتُه بعُصْبةٍ من ماليا، أَخشى رُكَيْباً ورُجَيْلاً عاديا وأَنشد: وأَيْنَ رُكَيْبٌ واضعون رِحالهم إِلى أَهل بيتٍ من مقامة أَهْوَدا؟ ويروى: من بُيُوت بأَسودا؛ وأَنشد الأَزهري: وظَهْر تَنُوفةٍ حَدْباء تمشي، بها، الرُّجَّالُ خائفةً سِراعا قال: وقد جاء في الشعر الرَّجْلة، وقال تميم بن أَبي (* قوله «تميم بن أبي» هكذا في الأصل وفي شرح القاموس.
واأنشده الأزهري لأبي مقبل، وفي التكملة: قال ابن مقبل) : ورَجْلة يضربون البَيْضَ عن عُرُض قال أَبو عمرو: الرَّجْلة الرَّجَّالة في هذا البيت، وليس في الكلام فَعْلة جاء جمعاً غير رَجْلة جمع راجل وكَمْأَة جمع كَمْءٍ؛ وفي التهذيب: ويجمع رَجاجِيلَ.
والرَّجْلان أَيْضاً: الراجل، والجمع رَجْلى ورِجال مثل عَجْلان وعَجْلى وعِجال، قال: ويقال رَجِلٌ ورَجالى مثل عَجِل وعَجالى.
وامرأَة رَجْلى: مثل عَجْلى، ونسوة رِجالٌ: مثل عِجال، ورَجالى مثل عجالى. قال ابن بري: قال ابن جني راجل ورُجْلان، بضم الراء؛ قال الراجز: ومَرْكَبٍ يَخْلِطني بالرُّكْبان، يَقي به اللهُ أَذاةَ الرُّجْلان ورُجَّال أَيضاً، وقد حكي أَنها قراءة عبد الله في سورة الحج وبالتخفيف أَيضاً، وقوله تعالى: فإِن خِفْتم فرِجالاً أَو رُكْباناً، أَي فَصَلُّوا رُكْباناً ورِجالاً، جمع راجل مثل صاحب وصِحاب، أَي إِن لم يمكنكم أَن تقوموا قانتين أَي عابدين مُوَفِّين الصَّلاةَ حَقَّها لخوف ينالكم فَصَلُّوا رُكْباناً؛ التهذيب: رِجالٌ أَي رَجَّالة.
وقوم رَجْلة أَي رَجَّالة.
وفي حديث صلاة الخوف: فإِن كان خوف هو أَشدّ من ذلك صَلوا رِجالاً ورُكْباناً؛ الرِّجال: جمع راجل أَي ماش، والراجل خلاف الفارس. أَبو زيد: يقال رَجِلْت، بالكسر، رَجَلاً أَي بقيت راجِلاً، والكسائي مثله، والعرب تقول في الدعاء على الإِنسان: ما له رَجِلَ أَي عَدِمَ المركوبَ فبقي راجلاً. قال ابن سيده: وحكى اللحياني لا تفعل كذا وكذا أُمُّك راجل، ولم يفسره، إِلا أَنه قال قبل هذا: أُمُّك هابل وثاكل، وقال بعد هذا: أُمُّك عَقْري وخَمْشى وحَيْرى، فَدَلَّنا ذلك بمجموعة أَنه يريد الحزن والثُّكْل.
والرُّجْلة: المشي راجلاً.
والرَّجْلة والرِّجْلة: شِدَّة المشي؛ خكاهما أَبو زيد.
وفي الحديث: العَجْماء جَرْحها جُبَار، ويَرْوي بعضم: الرِّجْلُ جُبارٌ؛ فسَّره من ذهب إِليه أَن راكب الدابة إِذا أَصابت وهو راكبها إِنساناً أَو وطئت شيئاً بيدها فضمانه على راكبها، وإِن أَصابته برِجْلها فهو جُبار وهذا إِذا أَصابته وهي تسير، فأَمَّا أَن تصيبه وهي واقفة في الطريق فالراكب ضامن، أَصابت ما أَصابت بيد أَو رجل.
وكان الشافعي، رضي الله عنه، يرى الضمان واجباً على راكبها على كل حال، نَفَحَتْ برِجلها أَو خبطت بيدها، سائرة كانت أَو واقفة. قال الأَزهري: الحدث الذي رواه الكوفيون أَن الرِّجل جُبار غير صحيح عند الحفاظ؛ قال ابن الأَثير في قوله في الحديث: الرِّجل جُبار أَي ما أَصابت الدابة برِجْلها فلا قَوَد على صاحبها، قال: والفقهاء فيه مختلفون في حالة الركوب عليها وقَوْدها وسَوْقها وما أَصابت برِجْلها أَو يدها، قال: وهذا الحديث ذكره الطبراني مرفوعاً وجعله الخطابي من كلام الشعبي.
وحَرَّةٌ رَجْلاءُ: وهي المستوية بالأَرض الكثيرة الحجارة يَصْعُب المشي فيها، وقال أَبو الهيثم: حَرَّة رَجْلاء، الحَرَّة أَرض حجارتها سُودٌ، والرَّجْلاء الصُّلْبة الخَشِنة لا تعمل فيها خيل ولا إِبل ولا يسلكها إِلا راجل. ابن سيده: وحَرَّة رَجْلاء لا يستطاع المشي فيها لخشونتها وصعوبتها حتى يُتَرَجَّل فيها.
وفي حديث رِفاعة الجُذامي ذِكْر رِجْلى، هي بوزن دِفْلى، حَرَّةُ رِجْلى: في ديار جُذام.
وتَرَجَّل الرجلُ: ركب رِجْليه.والرَّجِيل من الخيل: الذي لا يَحْفى.
ورَجُلٌ رَجِيل أي قَوِيٌّ على المشي؛ قال ابن بري: كذلك امرأَة رَجِيلة للقوية على المشي؛ قال الحرب بن حِلِّزة: أَنَّى اهتديتِ، وكُنْتِ غير رَجِيلةٍ، والقومُ قد قَطَعوا مِتان السِّجْسَج التهذيب: ارْتَجَل الرجلُ ارتجالاً إِذا ركب رجليه في حاجته ومَضى.
ويقال: ارْتَجِلْ ما ارْتَجَلْتَ أَي اركب ما ركبت من الأُمور.
وتَرَجَّل الزَّنْدَ وارتجله: وضعه تحت رجليه.
وتَرَجَّل القومُ إِذا نزلوا عن دوابهم في الحرب للقتال.
ويقال: حَمَلك الله على الرُّجْلة، والرُّجْلة ههنا: فعل الرَّجُل الذي لا دابة له.
ورَجَلَ الشاةَ وارتجلها: عَقَلها برجليها.
ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً وارتجلها: علَّقها برجلها.
والمُرَجَّل من الزِّقاق: الذي يُسْلَخ من رِجْل واحدة، وقيل: الذي يُسْلَخ من قِبَل رِجْله. الفراء: الجِلْد المُرَجَّل الذي يسلخ من رِجْل واحدة، والمَنْجُول الذي يُشَقُّ عُرْقوباه جميعاً كما يسلخ الناسُ اليومَ، والمُزَقَّق الذي يسلخ من قِبَل رأْسه؛ الأَصمعي وقوله: أَيام أَلْحَفُ مِئْزَري عَفَرَ الثَّرى، وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيَّان (* قوله «أَيام ألحف إلخ» تقدم في ترجمة غضض: أيام أسحب لمتي عفر الملا ولعلهما روايتان). أَراد بالمُرَجَّل الزِّقَّ الملآن من الخَمْر، وغَضُّه شُرْبُه. ابن الأَعرابي: قال المفضل يَصِف شَعْره وحُسْنه، وقوله أَغُضّ أَي أَنْقُص منه بالمِقْراض ليستوي شَعَثُه.
والمُرَجَّل: الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط مِرْجَل ومِسْرَح.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن الترَجُّل إِلا غِبًّا؛ الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، ومعناه أَنه كره كثرة الادِّهان ومَشْطَ الشعر وتسويته كل يوم كأَنه كره كثرة التَّرفُّه والتنعم.
والرُّجْلة والترجيل: بياض في إِحدى رجلي الدابة لا بياضَ به في موضع غير ذلك. أَبو زيد: نَعْجة رَجْلاء وهي البيضاء إِحدى الرجلين إِلى الخاصرة وسائرها أَسود، وقد رَجِلَ رَجَلاً، وهو أَرْجَل.
ونعجة رَجْلاء: ابْيَضَّتْ رَِجْلاها مع الخاصرتين وسائرها أَسود. الجوهري: الأَرجل من الخيل الذي في إِحدى رجليه بياض، ويُكْرَه إِلا أَن يكون به وَضَحٌ؛ غيره: قال المُرَقِّش الأَصغر: أَسِيلٌ نَبِيلٌ ليس فيه مَعابةٌ، كُمَيْتٌ كَلَوْن الصِّرف أَرْجَل أَقرَح فمُدِح بالرَّجَل لَمَّا كان أَقرح. قال: وشاة رَجْلاء كذلك.
وفرس أَرْجَل: بَيِّن الرَّجَل والرُّجْلة.
ورَجَّلَت المرأَةُ ولدَها (* قوله «ورجلت المرأة ولدها» ضبط في القاموس مخففاً، وضبط في نسخ المحكم بالتشديد) : وضَعَتْه بحيث خَرَجَتْ رِجْلاه قبْل رأْسه عند الولادة، وهذا يقال له اليَتْن. الأُموي: إِذا وَلَدت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل وَلَّدتُها الرُّجَيْلاء مثال الغُمَيْصاء، ووَلَّدتها طَبَقة بعد طَبَقة.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْب من صَرِّ الإِبل لا يقدر الفصيل على أَن يَرْضَع معه ولا يَنْحَلُّ؛ قال الكميت: صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ في النا س، على من أَراد فيه الفجورا رِجْلَ الغراب مصدر لأَنه ضرب من الصَّرِّ فهو من باب رَجَع القَهْقَرى واشتمل الصَّمَّاء، وتقديره صَرًّا مثل صَرِّ رِجْل الغُراب، ومعناه اسْتَحْكَم مُلكُك فلا يمكن حَلُّه كما لا يمكن الفَصِيلَ حَلُّ رِجْل الغراب.
وقوله في الحديث: الرُّؤيا لأَوَّلِ عابر وهي على رِجْل طائر أَي أَنها على رِجْلِ قَدَرٍ جارٍ وقضاء ماضٍ من خير أَو شَرٍّ، وأَن ذلك هو الذي قَسَمه الله لصاحبها، من قولهم اقتسموا داراً فطار سهمُ فلان في ناحيتها أَي وَقَعَ سهمُه وخَرج، وكلُّ حَركة من كلمة أَو شيء يَجْري لك فهو طائر، والمراد أَن الرؤيا هي التي يُعَبِّرها المُعَبِّر الأَول، فكأَنها كانت على رِجْل طائر فسقطت فوقعتْ حيث عُبِّرت، كما يسقط الذي يكون على رِجْل الطائر بأَدنى حركة.
ورِجْل الطائر: مِيسَمٌ.
والرُّجْلة: القُوَّةُ على المشي. رَجِلَ الرَّجُلُ يَرْجَل رَجَلاً ورُجْلة إِذا كان يمشي في السفر وحده ولا دابة له يركبها.
ورَجُلٌ رُجْليٌّ: للذي يغزو على رِجليه، منسوب إِلى الرُّجْلة.
والرَّجيل: القَوِيُّ على المشي الصبور عله؛ وأَنشد:حَتى أُشِبَّ لها، وطال إِيابُها، ذو رُجْلة، شَثْنُ البَراثِن جَحْنَبُ وامرأَة رَجِيلة: صَبُورٌ على المشي، وناقة رَجِيلة.
ورَجُل راجل ورَجِيل: قويٌّ على المشي، وكذلك البعير والحمار، والجمع رَجْلى ورَجالى.
والرَّجِيل أَيضاً من الرجال: الصُّلْبُ. الليث: الرُّجْلة نجابة الرَّجِيل من الدواب والإِبل وهو الصبور على طول السير، قال: ولم أَسمع منه فِعْلاً إِلا في النعوت ناقة رَجِيلة وحمار رَجِيل.
ورَجُل رَجِيل: مَشَّاء. التهذيب: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة؛ وأَنشد أَبو بكر: وإِذا خَلِيلُك لم يَدُمْ لك وَصْلُه، فاقطع لُبانَته بحَرْفٍ ضامِر، وَجْناءَ مُجْفَرةِ الضُّلوع رَجِيلةٍ، وَلْقى الهواجر ذاتِ خَلْقٍ حادر أَي سريعة الهواجر؛ الرَّجِيلة: القَوية على المشي، وحَرْفٌ: شبهها بحَرْف السيف في مَضائها. الكسائي: رَجُلٌ بَيِّن الرُّجولة وراجل بيِّن الرُّجْلة؛ والرَّجِيلُ من الناس: المَشّاء الجيِّد المشي.
والرَّجِيل من الخيل: الذي لا يَعْرَق.
وفلان قائم على رِجْلٍ إِذا حَزْبَه أَمْرٌ فقام له.
والرِّجْل: خلاف اليد.
ورِجل القوس: سِيَتُها السفْلى، ويدها: سِيَتُها العليا؛ وقيل: رِجْل القوس ما سَفَل عن كبدها؛ قال أَبو حنيفة: رِجْل القوس أَتمُّ من يدها. قال: وقال أَبو زياد الكلابي القوّاسون يُسَخِّفون الشِّقَّ الأَسفل من القوس، وهو الذي تُسميه يَداً، لتَعْنَت القِياسُ فَيَنْفُق ما عندهم. ابن الأَعرابي: أَرْجُلُ القِسِيِّ إِذا أُوتِرَت أَعاليها، وأَيديها أَسافلها، قال: وأَرجلها أَشد من أَيديها؛ وأَنشد: لَيْتَ القِسِيَّ كلَّها من أَرْجُل قال: وطَرفا القوس ظُفْراها، وحَزَّاها فُرْضتاها، وعِطْفاها سِيَتاها، وبَعْدَ السِّيَتين الطائفان، وبعد الطائفين الأَبهران، وما بين الأَبهَرَين كبدُها، وهو ما بين عَقْدَي الحِمالة، وعَقْداها يسميان الكُليتين، وأَوتارُها التي تُشَدُّ في يدها ورجلها تُسَمَّى الوُقوف وهو المضائغ.
ورِجْلا السَّهم: حَرْفاه.
ورِجْلُ البحر: خليجه، عن كراع.
وارْتَجل الفرسُ ارتجالاً: راوح بين العَنَق والهَمْلَجة، وفي التهذيب: إِذا خَلَط العَنق بالهَمْلجة.
وتَرَجَّل أَي مشى راجلاً.
وتَرَجَّل البئرَ تَرَجُّلاً وتَرَجَّل فيها، كلاهما: نزلها من غير أَن يُدَلَّى.
وارتجالُ الخُطْبة والشِّعْر: ابتداؤه من غير تهيئة.
وارْتَجَل الكلامَ ارْتجالاً إِذا اقتضبه اقتضاباً وتكلم به من غير أَن يهيئه قبل ذلك.
وارْتَجَل برأْيه: انفرد به ولم يشاور أَحداً فيه، والعرب تقول: أَمْرُك ما ارْتَجَلْتَ، معناه ما استبددت برأْيك فيه؛ قال الجعدي: وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم عندي، ولكنَّ أَمْرَ المرء ما ارْتَجلا وتَرَجَّل النهارُ، وارتجل أَي ارتفع؛ قال الشاعر: وهاج به، لما تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، عصائبُ شَتى من كلابٍ ونابِل وفي حديث العُرَنِيّين: فما تَرَجَّل النهارُ حتى أُتيَ بهم أَي ما ارتفع النهار تشبيهاً بارتفاع الرَّجُل عن الصِّبا.
وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِل ورَجْلٌ: بَيْنَ السُّبوطة والجعودة.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كان شعره رَجِلاً أَي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينهما؛ وقد رَجِل رَجَلاً ورَجَّله هو ترجيلاً، ورَجُلٌ رَجِلُ الشَّعر ورَجَلُه، وجَمْعهما أَرجال ورَجالى. ابن سيده: قال سيبويه: أَما رَجْلٌ، بالفتح، فلا يُكَسَّرُ استغنوا عنه بالواو والنون وذلك في الصفة، وأَما رَجِل، وبالكسر، فإِنه لم ينص عليه وقياسه قياس فَعُل في الصفة، ولا يحمل على باب أَنجاد وأَنكاد جمع نَجِد ونَكِد لقلة تكسير هذه الصفة من أَجل قلة بنائها، إِنما الأَعرف في جميع ذلك الجمع بالواو والنون، لكنه ربما جاء منه الشيء مُكَسَّراً لمطابقة الاسم في البناء، فيكون ما حكاه اللغويون من رَجالى وأَرجال جمع رَجَل ورَجِل على هذا.
ومكان رَجِيلٌ: صُلْبٌ.
ومكان رَجِيل: بعيد الطَّرفين موطوء رَكوب؛ قال الراعي: قَعَدوا على أَكوارها فَتَردَّفَتْ صَخِبَ الصَّدَى، جَذَع الرِّعان رَجِيلاً وطريق رَجِيلٌ إِذا كان غليظاً وَعْراً في الجَبَل.
والرَّجَل: أَن يُترك الفصيلُ والمُهْرُ والبَهْمة مع أُمِّه يَرْضَعها متى شاء؛ قال القطاميّ: فصاف غلامُنا رَجَلاً عليها، إِرادَة أَن يُفَوِّقها رَضاعا ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً وأَرجلها: أَرسله معها، وأَرجلها الراعي مع أُمِّها؛ وأَنشد: مُسَرْهَدٌ أُرْجِل حتى فُطِما ورَجَلَ البَهْمُ أُمَّه يَرْجُلها رَجْلاً: رَضَعها.
وبَهْمة رَجَلٌ ورَجِلٌ وبَهِمٌ أَرجال ورَجَل.
وارْتَجِلْ رَجَلك أَي عليك شأْنَك فالْزَمْه؛ عن ابن الأَعرابي.
ويقال: لي في مالك رِجْل أَي سَهْم.
والرِّجْل: القَدَم.
والرِّجْل: الطائفة من الشيء، أُنثى، وخص بعضهم به القطعة العظيمة من الجراد، والجمع أَرجال، وهو جمع على غير لفظ الواحد، ومثله كثير في كلامهم كقولهم لجماعة البقر صِوَار، ولجماعة النعام خِيط، ولجماعة الحَمِير عانة؛ قال أَبو النجم يصف الحُمُر في عَدْوها وتَطايُر الحصى عن حوافرها: كأَنما المَعْزاء من نِضالها رِجْلُ جَرادٍ، طار عن خُذَّالها وجمع الرِّجْل أَرجال.
وفي حديث أَيوب، عليه السلام: أَنه كان يغتسل عُرياناً فَخَرَّ عليه رِجْلٌ من جَراد ذَهَب؛ الرِّجل، بالكسر: الجراد الكثير؛ ومنه الحديث: كأَنَّ نَبْلهم رِجْلُ جَراد؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه دَخَل مكَّة رِجْلٌ من جَراد فَجَعل غِلْمانُ مكة يأْخذون منه، فقال: أَمَا إِنَّهم لو علموا لم يأْخذوه؛ كَرِه ذلك في الحرم لأَنه صيد.
والمُرْتَجِل: الذي يقع بِرِجْلٍ من جَرَاد فيَشْتَوي منها أَو يطبخُ؛ قال الراعي: كدُخَان مُرْتَجِلٍ، بأَعلى تَلْعة، غَرْثانَ ضَرَّم عَرْفَجاً مبْلُولا وقيل: المُرْتَجِل الذي اقتدح النار بزَنْدة جعلها بين رِجْليه وفَتل الزَّنْدَ في فَرْضِها بيده حتى يُورِي، وقيل: المُرْتَجِل الذي نَصَب مِرْجَلاً يطبخ فيه طعاماً.
وارْتَجَل فلان أَي جَمَع قِطْعَة من الجَرَاد ليَشْوِيها؛ قال لبيد: فتنازعا سَبَطاً يطير ظِلالُه، كدخان مُرتَجِلٍ يُشَبُّ ضِرَامُها قال ابن بري: يقال للقِطْعة من الجراد رِجْل ورِجْلة.
والرِّجْلة أَيضاً: القطعة من الوحش؛ قال الشاعر: والعَيْن عَيْن لِياحٍ لَجَلْجَلَتْ وَسَناً، لرِجْلة من بَنات الوحش أَطفال وارْتَجَل الرجلُ: جاء من أَرض بعيدة فاقتدح ناراً وأَمسك الزَّنْد بيديه ورجليه لأَنه وحده؛ وبه فَسَّر بعضهم: كدُخَان مُرْتَجِلٍ بأَعلى تَلْعةٍ والمُرَجَّل من الجَراد: الذي ترى آثار أَجنحته في الأَرض.
وجاءت رِجْلُ دِفاعٍ أَي جيشٌ كثير، شُبّه برِجْل الجَراد.
وفي النوادر: الرَّجْل النَّزْوُ؛ يقال: بات الحِصَان يَرْجُل الخيلَ.
وأَرْجَلْت الحِصانَ في الخيل إِذا أَرسلت فيها فحلاً.
والرِّجْل: السراويلُ الطاقُ؛ ومنه الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه اشترى رِجْلَ سَراوِيل ثم قال للوَزَّان زِنْ وأَرْجِحْ؛ قال ابن الأَثير: هذا كما يقال اشترى زَوْجَ خُفٍّ وزوْجَ نَعْل، وإِنما هما زَوْجان يريد رِجْلَيْ سراويل لأَن السراويل من لباس الرِّجْلين، وبعضهم يُسَمِّي السراويل رِجْلاً.
والرِّجْل: الخوف والفزع من فوت الشيء، يقال: أَنا من أَمري على رِجْلٍ أَي على خوف من فوته.
والرِّجْل، قال أَبو المكارم: تجتمع القُطُر فيقول الجَمَّال: لي الرِّجْل أَي أَنا أَتقدم.
والرِّجْل: الزمان؛ يقال: كان ذلك على رِجْل فلان أَي في حياته وزمانه وعلى عهده.
وفي حديث ابن المسيب: لا أَعلم نَبِيًّا هَلَكَ على رِجْله من الجبابرة ما هَلَك على رِجْل موسى، عليه الصلاة والسلام، أَي في زمانه.
والرِّجْل: القِرْطاس الخالي.
والرِّجْل: البُؤْس والفقر.
والرِّجْل: القاذورة من الرجال.
والرِّجْل: الرَّجُل النَّؤوم.
والرِّجْلة: المرأَة النؤوم؛ كل هذا بكسر الراء.
والرَّجُل في كلام أَهل اليمن: الكثيرُ المجامعة، كان الفرزدق يقول ذلك ويزعم أَن من العرب من يسميه العُصْفُورِيَّ؛ وأَنشد: رَجُلاً كنتُ في زمان غُروري، وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهودُ والرِّجْلة: مَنْبِت العَرْفج الكثير في روضة واحدة.
والرِّجْلة: مَسِيل الماء من الحَرَّة إِلى السَّهلة. شمر: الرِّجَل مَسايِلُ الماء، واحدتها رِجْلة؛ قال لبيد: يَلْمُج البارضَ لَمْجاً في النَّدَى، من مَرابيع رِياضٍ ورِجَل اللَّمْج: الأَكل بأَطراف الفم؛ قال أَبو حنيفة: الرِّجَل تكون في الغِلَظ واللِّين وهي أَماكن سهلة تَنْصَبُّ إِليها المياه فتُمْسكها.
وقال مرة: الرِّجْلة كالقَرِيِّ وهي واسعة تُحَلُّ، قال: وهي مَسِيل سَهْلة مِنْبات. أَبو عمرو: الراجلة كَبْش الراعي الذي يَحْمِل عليه متاعَه؛ وأَنشد: فظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجِلةٍ، يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِد أَي يَطْبُخ.
والرِّجْلة: ضرب من الحَمْض، وقوم يسمون البَقْلة الحَمْقاء الرِّجْلة، وإِنما هي الفَرْفَخُ.
وقال أَبو حنيفة: ومن كلامهم هو أَحمق من رِجْلة، يَعْنون هذه البَقْلة، وذلك لأَنها تنبت على طُرُق الناس فتُدَاس، وفي المَسايل فيَقْلَعها ماء السيل، والجمع رِجَل.
والرِّجْل: نصف الراوية من الخَمْر والزيت؛ عن أَبي حنيفة.
وفي حديث عائشة: أُهدي لنا رِجْل شاة فقسمتها إِلاّ كَتِفَها؛ تريد نصف شاة طُولاً فسَمَّتْها باسم بعضها.
وفي حديث الصعب بن جَثَّامة: أَنه أَهدى إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، رِجْل حمار وهو مُحْرِمٌ أَي أَحد شقيه، وقيل: أَراد فَخِذه.
والتَّراجِيل: الكَرَفْس، سواديّة، وفي التهذيب بِلُغَة العجم، وهو اسم سَواديٌّ من بُقول البساتين.
والمِرْجَل: القِدْر من الحجارة والنحاسِ، مُذَكَّر؛ قال: حتى إِذا ما مِرْجَلُ القومِ أَفَر وقيل: هو قِدْر النحاس خاصة، وقيل: هي كل ما طبخ فيها من قِدْر وغيرها.
وارْتَجَل الرجلُ: طبخ في المِرْجَل.
والمَراجِل: ضرب من برود اليمن. المحكم: والمُمَرْجَل ضرب من ثياب الوشي فيه صور المَراجل، فمُمَرْجَل على هذا مُمَفْعَل، وأَما سيبويه فجعله رباعيّاً لقوله: بشِيَةٍ كشِيَةِ المُمَرْجَل وجعل دليله على ذلك ثبات الميم في المُمَرْجَل، قال: وقد يجوز أَن يكون من باب تَمَدْرَع وتَمَسْكَن فلا يكون له في ذلك دليل.
وثوب مِرْجَلِيٌّ: من المُمَرْجَل؛ وفي المثل: حَدِيثاً كان بُرْدُك مِرْجَلِيّا أَي إِنما كُسيت المَراجِلَ حديثاً وكنت تلبس العَبَاء؛ كل ذلك عن ابن الأَعرابي. الأَزهري في ترجمة رحل: وفي الحديث حتى يَبْنَي الناسُ بيوتاً يُوَشُّونها وَشْيَ المراحِل، ويعني تلك الثياب، قال: ويقال لها المراجل بالجيم أَيضاً، ويقال لها الراحُولات، والله أعلم.

أنن (لسان العرب) [0]


أَنَّ الرجلُ من الوجع يَئِنُّ أَنيناً، قال ذو الرمة: يَشْكو الخِشاشَ ومَجْرى النَّسْعَتَين، كما أَنَّ المرِيضُ، إلى عُوَّادِه، الوَصِبُ والأُنانُ، بالضم: مثل الأَنينِ؛ وقال المغيرة بن حَبْناء يخاطب أَخاه صخراً: أَراكَ جَمَعْتَ مسْأَلةً وحِرْصاً، وعند الفَقْرِ زَحّاراً أُنانا وذكر السيرافي أَن أُُناناً هنا مثل خُفافٍ وليس بمصدر فيكون مثل زَحّار في كونه صفة، قال: والصِّفتان هنا واقِعتان موقع المصدر، قال: وكذلك التأْنانُ؛ وقال: إنَّا وجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ خيراً من التَّأْنانِ والمَسائِلِ (* قوله «إنا وجدنا إلخ» صوّب الصاغاني زيادة مشطور بين المشطورين وهو: بين الرسيسين وبين عاقل).
وعِدَةِ العامِ وعامٍ قابِلِ مَلْقوحةً في بَطْنِ نابٍ حائلِ. ملقوحة: منصوبةٌ بالعِدَة، . . . أكمل المادة وهي بمعنى مُلْقَحَةً، والمعنى أَنها عِدةٌ لا تصح لأَن بطنَ الحائل لا يكون فيه سَقْبٌ مُلْقَحة. ابن سيده: أَنَّ الرجلُ يَئِنُّ أَنّاً وأَنيناً وأُناناً وأَنَّةً تأَوَّه. التهذيب: أَنَّ الرجلُ يَئِنُّ أَنيناً وأَنَتَ يأْنِتُ أَنيتاً ونأَتَ يَنْئِتُ نَئِيتاً بمعنى واحد.
ورجل أَنّانٌ وأُنانٌ وأُنَنةٌ: كثيرُ الأَنين، وقيل: الأُنَنةُ الكثيرُ الكلام والبَثِّ والشَّكْوَى، ولا يشتقّ منه فعل، وإذا أَمرت قلت: إينِنْ لأَن الهمزتين إذا التَقَتا فسكنت الأَخيرة اجتمعوا على تَلْيينِها، فأَما في الأَمر الثاني فإنه إذا سكنت الهمزة بقي النونُ مع الهمزة وذهبت الهمزة الأُولى.
ويقال للمرأَة: إنِّي، كما يقال للرجل اقْررْ، وللمرأَة قِرِّي، وامرأَة أنّانةٌ كذلك.
وفي بعض وصايا العرب: لا تَتّخِذْها حَنَّانةً ولا مَنّانةً ولا أَنّانةً.
وما له حانَّةٌ ولا آنّةٌ أَي ما لَه ناقةٌ ولا شاةٌ، وقيل: الحانّةُ الناقةُ والآنّةُ الأَمَةُ تَئِنّ من التعب.
وأَنَّتِ القوسُ تَئِنُّ أَنيناً: أَلانت صوتَها ومَدّته؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد قول رؤبة: تِئِنُّ حينَ تجْذِبُ المَخْطوما، أَنين عَبْرَى أَسْلَمت حَميما.
والأُنَنُ: طائرٌ يَضْرِبُ إلى السَّواد، له طَوْقٌ كهيئة طَوْق الدُّبْسِيّ، أَحْمَرُ الرِّجْلين والمِنْقار، وقيل: هو الوَرَشان، وقيل: هو مثل الحمام إلا أَنه أَسود، وصوتُه أَنِينٌ: أُوهْ أُوهْ.
وإنِّه لَمِئنّةٌ أَن يفعل ذلك أَي خَليقٌ، وقيل: مَخْلَقة من ذلك، وكذلك الإثنان والجمع والمؤنث، وقد يجوز أَن يكون مَئِنّةٌ فَعِلَّةً، فعلى هذا ثلاثيٌّ.
وأَتاه على مَئِنّةِ ذلك أَي حينهِ ورُبّانِه.
وفي حديث ابن مسعود: إنّ طُولَ الصلاةِ وقِصَرَ الخُطْبةِ مَئِنّةٌ من فِقْهِ الرجل أَي بيانٌ منه. أَبو زيد: إنِّه لَمَئِنّةٌ أَن يفعل ذلك، وأَنتما وإنّهنّ لَمَئِنّةٌ أَن تفعلوا ذلك بمعنى إنّه لخَليق أَن يفعل ذلك؛ قال الشاعر: ومَنْزِل منْ هَوَى جُمْلٍ نَزَلْتُ به، مَئِنّة مِنْ مَراصيدِ المَئِنّاتِ به تجاوزت عن أُولى وكائِده، إنّي كذلك رَكّابُ الحَشِيّات. أَول حكاية (* قوله «أول حكاية» هكذا في الأصل). أَبو عمرو: الأَنّةُ والمَئِنّة والعَدْقةُ والشَّوْزَب واحد؛ وقال دُكَيْن: يَسْقِي على درّاجةٍ خَرُوسِ، مَعْصُوبةٍ بينَ رَكايا شُوسِ، مَئِنّةٍ مِنْ قَلَتِ النُّفوسِ يقال: مكان من هلاكِ النفوس، وقولُه مكان من هلاك النفوس تفسيرٌ لِمَئِنّةٍ، قال: وكلُّ ذلك على أَنه بمنزلة مَظِنَّة، والخَروسُ: البَكْرةُ التي ليست بصافية الصوتِ، والجَروسُ، بالجيم: التي لها صوت. قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي سأَلني شعبة عن مَئِنَّة فقلت: هو كقولك عَلامة وخَليق، قال أََبو زيد: هو كقولك مَخْلَقة ومَجْدَرة؛ قال أبو عبيد: يعني أَن هذا مما يُعْرَف به فِقْهُ الرجل ويُسْتَدَلُّ به عليه، قال: وكلُّ شيءٍ دلَّكَ على شيءٍ فهو مَئِنّةٌ له؛ وأَنشد للمرّار: فَتَهامَسوا سِرّاً فقالوا: عَرِّسوا من غَيْر تَمْئِنَةٍ لغير مُعَرِّسِ قال أَبو منصور: والذي رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي وأَبي زيد في تفسير المَئِنّة صحيحٌ، وأمّا احْتِجاجُه برأْيه ببَيْت المرار في التَّمْئِنَة للمَئِنَّة فهو غلط وسهوٌ، لأَن الميمَ في التَّمْئِنة أَصليةٌ، وهي في مَئِنّةٍ مَفْعِلةٌ ليست بأَصلية، وسيأْتي تفسير ذلك في ترجمة مأَن. اللحياني: هو مَئِنَّةٌ أَن يفعل ذلك ومَظِنَّة أَن يفعل ذلك؛ وأَنشد: إنَّ اكتِحالاً بالنَّقِيّ الأمْلَجِ، ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ مَئِنَّةٌ منَ الفعال الأعْوجِ فكأَن مَئِنّةً، عند اللحياني، مبدلٌ الهمزةُ فيها من الظاء في المَظِنَّة، لأَنه ذكر حروفاً تُعاقِب فيها الظاءُ الهمزةَ، منها قولُهم: بيتٌ حسَنُ الأَهَرَةِ والظَّهَرةِ.
وقد أَفَرَ وظَفَر أَي وثَب.
وأَنَّ الماءَ يؤُنُّه أنّاً إذا صبَّه.
وفي كلام الأَوائل: أُنَّ ماءً ثم أَغْلِه أَي صُبَّه وأَغْلِه؛ حكاه ابن دريد، قال: وكان ابن الكلبي يرويه أُزّ ماءً ويزعُمُ أَنَّ أُنَّ تصحيفٌ. قال الخليل فيما روى عنه الليث: إنَّ الثقيلةُ تكون منصوبةَ الأَلفِ، وتكونُ مكسورةَ الأَلف، وهي التي تَنْصِبُ الأَسماء، قال: وإذا كانت مُبتَدأَةً ليس قبلها شيءٌ يُعْتمد عليه، أَو كانت مستأْنَفَةً بعد كلام قديم ومَضَى، أَو جاءت بعدها لامٌ مؤكِّدَةٌ يُعْتمد عليها كُسِرَتْ الأَلفُ، وفيما سوى ذلك تُنْصَب الأَلف.
وقال الفراء في إنَّ: إذا جاءت بعد القول وما تصرَّف من القول وكانت حكايةً لم يَقَعْ عليها القولُ وما تصرَّف منه فهي مكسورة، وإن كانت تفسيراً للقول نَصَبَتْها وذلك مثل قول الله عز وجل: ولا يَحْزُنْك قولُهم إن العِزَّة لله جميعاً؛ وكذلك المعنى استئنافٌ كأَنه قال: يا محمد إن العزَّة لله جميعاً، وكذلك: وقوْلِهم إنَّا قَتَلْنا المسيحَ عيسى بن مَريَمَ، كسَرْتَها لأَنها بعد القول على الحكاية، قال: وأَما قوله تعالى: ما قلتُ لهم إلا ما أَمَرْتَني به أَنِ اعْبُدوا الله فإنك فتحْتَ الأَلفَ لأَنها مفسِّرة لِمَا وما قد وقع عليها القولُ فنصبَها وموضعُها نصبٌ، ومثله في الكلام: قد قلت لك كلاماً حسَناً أَنَّ أَباكَ شريفٌ وأَنك عاقلٌ، فتحتَ أَنَّ لأَنها فسَّرت الكلام والكلامُ منصوبٌ، ولو أَردْتَ تكريرَ القول عليها كسَرْتَها، قال: وقد تكون إنَّ بعد القول مفتوحةً إذا كان القول يُرافِعُها، منْ ذلك أَن تقول: قولُ عبد الله مُذُ اليومِ أَن الناس خارجون، كما تقول: قولُكَ مُذ اليومِ كلامٌ لا يُفْهم.
وقال الليث: إذا وقعت إنَّ على الأَسماء والصفات فهي مشدّدة، وإذا وقعت على فعلٍ أَو حرفٍ لا يتمكن في صِفةٍ أَو تصريفٍ فخفِّفْها، تقول: بلغني أَن قد كان كذا وكذا، تخفِّف من أَجل كان لأَنها فعل، ولولا قَدْ لم تحسن على حال من الفعل حتى تعتمد على ما أَو على الهاء كقولك إنما كان زيد غائباً، وبلَغني أَنه كان أَخو بكر غَنِيّاً، قال: وكذلك بلغني أَنه كان كذا وكذا، تُشَدِّدُها إذا اعتمدَتْ، ومن ذلك قولك: إنْ رُبَّ رجل، فتخفف، فإذا اعتمدَتْ قلت: إنه رُبَّ رجل، شدَّدْت وهي مع الصفات مشدّدة إنَّ لك وإنَّ فيها وإنَّ بك وأَشباهها، قال: وللعرب لغتان في إنَّ المشدَّدة: إحداهما التثقيل، والأُخرى التخفيف، فأَما مَن خفَّف فإنه يرفع بها إلا أَنَّ ناساً من أَهل الحجاز يخفِّفون وينصبون على توهُّم الثقيلة، وقرئَ: وإنْ كلاً لما ليُوفّينّهم؛ خففوا ونصبوا؛ وأَنشد الفراء في تخفيفها مع المضمر: فلوْ أَنْكِ في يَوْمِ الرَّخاءِ سأَلْتِني فِراقَك، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صديقُ وأَنشد القول الآخر: لقد عَلِمَ الضَّيفُ والمُرْمِلون، إذا اغْبَرَّ أُفْقٌ وهَبَّتْ شمالا، بأَنَّكَ ربيعٌ وغَيْثٌ مريع، وقِدْماً هناكَ تكونُ الثِّمالا قال أَبو عبيد: قال الكسائي في قوله عز وجل: وإنَّ الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد؛ كسرت إنّ لِمكان اللام التي استقبلتها في قوله لَفي، وكذلك كلُّ ما جاءَك من أَنَّ فكان قبله شيءٌ يقع عليه فإنه منصوب، إلا ما استقبَله لامٌ فإن اللام تُكْسِره، فإن كان قبل أَنَّ إلا فهي مكسورة على كل حال، اسْتَقبَلَتْها اللام أَو لم تستقبلها كقوله عز وجل: وما أَرسلْنا قبْلَك من المُرْسَلين إلا إنهم ليَأْكلون الطعامَ؛ فهذه تُكْسر وإن لم تستقبلها لامٌ، وكذلك إذا كانت جواباً ليَمين كقولك: والله إنه لقائمٌ، فإذا لم تأْتِ باللام فهي نصبٌ: واللهِ أَنَّكَ قائم، قال: هكذا سمعته من العرب، قال: والنحويون يكسرون وإن لم تستقبلها اللامُ.
وقال أَبو طالب النحوي فيما روى عنه المنذري: أَهل البصرة غير سيبويه وذَوِيه يقولون العرب تُخَفِّف أَنَّ الشديدة وتُعْمِلها؛ وأَنشدوا: ووَجْهٍ مُشْرِقِ النَّحْر، كأَنْ ثَدْيَيْه حُقَّانِ أَراد كأَنَّ فخفَّف وأََعْمَلَ، قال: وقال الفراء لم نسمع العربَ تخفِّف أَنَّ وتُعْمِلها إلا مع المَكْنيّ لأَنه لا يتبيَّن فيه إعراب، فأَما في الظاهر فلا، ولكن إذا خَفَّفوها رفَعُوا، وأَما من خفَّف وإنْ كلاً لمَا ليُوَفِّيَنَّهم، فإنهم نصبوا كُلاًّ بِلَيُوَفِّيَنَّهم كأَنه قال: وإنْ ليُوفِّينَّهم كُلاًّ، قال: ولو رُفِعت كلٌّ لصلَح ذلك، تقول: إنْ زيدٌ لقائمٌ. ابن سيده: إنَّ حرف تأْكيد.
وقوله عز وجل: إنَّ هذانِ لساحِران، أَخبر أَبو علي أَن أَبا إسحق ذهب فيه إلى أَنَّ إنَّ هنا بمعنى نَعَمْ، وهذان مرفوعٌ بالابتداء، وأَنَّ اللامَ في لَساحران داخلةٌ على غير ضرورة، وأَن تقديره نَعَمْ هذان هما ساحِران، وحكي عن أَبي إسحق أَنه قال: هذا هو الذي عندي فيه، والله أَعلم. قال ابن سيده: وقد بيَّن أَبو عليٍّ فسادَ ذلك فغَنِينا نحن عن إيضاحه هنا.
وفي التهذيب: وأَما قول الله عز وجل: إنَّ هذان لَساحِران، فإنَّ أبا إسحق النحوي اسْتَقْصى ما قال فيه النحويون فحَكَيْت كلامه. قال: قرأَ المدنيُّون والكوفيون إلا عاصماً: إنَّ هذان لَساحِران، وروي عن عاصم أَنه قرأَ: إنْ هذان، بتخفيف إنْ، وروي عن الخليل: إنْ هذان لساحِران، قال: وقرأَ أَبو عمرو إنّ هذين لساحران، بتشديد إنّ ونصْبِ هذين، قال أَبو إسحق: والحجةُ في إنّ هذان لساحِران، بالتشديد والرفع، أَن أَبا عبيدة روى عن أَبي الخطاب أَنه لغةٌ لكنانةَ، يجعلون أَلفَ الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، يقولون: رأَيت الزيدان، وروى أَهلُ الكوفة والكسائي والفراء: أَنها لغة لبني الحرث بن كعب، قال: وقال النحويون القُدَماء: ههنا هاءٌ مضمرة، المعنى: إنه هذانِ لساحِران، قال: وقال بعضهم إنّ في معنى نعَمْ كما تقدم؛ وأَنشدوا لابن قيس الرُّقَيَّات: بَكَرَتْ عليَّ عواذِلي يَلْحَيْنَنِي وأَلومُهُنَّهْ ويَقُلْنَ: شَيْبٌ قدْ علاّ كَ، وقد كَبِرْتَ، فقلتُ: إنَّهْ. أَي إنه قد كان كما تَقُلْن؛ قال أَبو عبيد: وهذا اختصارٌ من كلام العرب يُكتفى منه بالضمير لأَنه قد عُلِم معناه؛ وقال الفراء في هذا: إنهم زادوا فيها النونَ في التثنية وتركوها على حالها في الرفع والنصب والجر، كما فعَلوا في الذين فقالوا الَّذِي، في الرفع والنصب والجر، قال: فهذا جميع ما قال النحويون في الآية؛ قال أَبو إسحق: وأَجودُها عندي أَن إنّ وقعت موقع نَعَمْ، وأَن اللام وَقَعتْ موقِعَها، وأَنّ المعنى نعَمْ هذان لهما ساحران، قال: والذي يلي هذا في الجَوْدَة مذهبُ بني كنانة وبَلْحَرِث بن كعب، فأَما قراءةُ أَبي عمرو فلا أُجيزُها لأَنها خلافُ المصحف، قال: وأَستحسن قراءةَ عاصم والخليل إنْ هذان لَساحِران.
وقال غيرُه: العرب تجعل الكلام مختصراً ما بعْدَه على إنَّه، والمراد إنه لكذلك، وإنه على ما تقول، قال: وأَما قول الأَخفش إنَّه بمعنى نَعَمْ فإنما يُراد تأْويله ليس أَنه موضوع في اللغة لذلك، قال: وهذه الهاء أُدْخِلت للسكوت.
وفي حديث فَضالة بن شَريك: أَنه لقِيَ ابنَ الزبير فقال: إنّ ناقتي قد نَقِبَ خفُّها فاحْمِلْني، فقال: ارْقَعْها بجِلدٍ واخْصِفْها بهُلْبٍ وسِرْ بها البَرْدَين، فقال فَضالةُ: إنما أَتَيْتُك مُسْتَحْمِلاً لا مُسْتَوْصِفاً، لا حَمَلَ الله ناقةً حمَلتْني إليك فقال ابن الزبير: إنّ وراكِبَها أَي نعَمْ مع راكبها.
وفي حديث لَقيط ابن عامر: ويقول رَبُّكَ عز وجل وإنه أَي وإنه كذلك، أَو إنه على ما تقول، وقيل: إنَّ بمعنى نعم والهاء للوقف، فأَما قوله عز وجل: إنا كلَّ شيء خلْقناه بقَدَر، وإنَّا نحنُ نحْيي ونميت، ونحو ذلك فأَصله إنَّنا ولكن حُذِفَت إحدى النُّونَين من إنَّ تخفيفاً، وينبغي أَن تكونَ الثانيةَ منهما لأَنها طرَفٌ، وهي أَضعف، ومن العرب من يُبْدِلُ هَمْزَتَها هاء مع اللام كما أَبدلوها في هَرَقْت، فتقول: لَهِنَّك لَرَجُلُ صِدْقٍ، قال سيبويه: وليس كلُّ العرب تتكلم بها؛ قال الشاعر:أَلا يا سَنا بَرْقٍ على قُنَنِ الحِمَى، لَهِنّكَ من بَرْقٍ عليَّ كريم وحِكى ابن الأَعرابي: هِنّك وواهِنّك، وذلك على البدل أَيضاً. التهذيب في إنّما: قال النحويون أَصلها ما مَنَعت إنَّ من العمل، ومعنى إنما إثباتٌ لما يذكر بعدها ونفيٌ لما سواه كقوله: وإنما يُدافعُ عن أَحسابهم أَنا ومِثْلي المعنى: ما يُدافع عن أَحسابِهم إلا أَنا أَو مَنْ هو مِثْلي، وأَنَّ: كإن في التأْكيد، إلا أَنها تقع مَوْقِعَ الأَسماء ولا تُبْدَل همزتُها هاءً، ولذلك قال سيبويه: وليس أَنَّ كإنَّ، إنَّ كالفِعْلِ، وأَنَّ كالاسْمِ، ولا تدخل اللامُ مع المفتوحة؛ فأَما قراءة سعيد بن جُبيَر: إلاَّ أَنهم ليأْكلون الطعام، بالفتح، فإن اللام زائدة كزيادتها في قوله: لَهِنَّك في الدنيا لبَاقيةُ العُمْرِ الجوهري: إنَّ وأَنَّ حرفان ينصبان الأَسماءَ ويرفعان الأَخبارَ، فالمكسورةُ منهما يُؤكَّدُ بها الخبرُ، والمفتوحة وما بعدها في تأْويل المصدر، وقد يُخَفِّفان، فإذا خُفِّفتا فإن شئتَ أَعْمَلْتَ وإن شئت لم تُعْمِلْ، وقد تُزادُ على أَنَّ كافُ التشبيه، تقول: كأَنه شمسٌ، وقد تخفف أَيضاً فلا تعْمَل شيئاً؛ قال: كأَنْ ورِيداهُ رِشاءَا خُلُب ويروى: كأَنْ ورِيدَيْهِ؛ وقال آخر: ووَجْهٍ مُشْرِقِ النحرِ، كأَنْ ثَدْياه حُقَّانِ ويروى ثَدْيَيْه، على الإعمال، وكذلك إذا حذفْتَها، فإن شئت نصبت، وإن شئت رفعت، قال طرفة: أَلا أَيُّهَذا الزاجِرِي أَحْضُرَ الوغَى، وأَن أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ، هل أَنتَ مُخْلدي؟ يروى بالنصب على الإعمال، والرفْعُ أَجود. قال الله تعالى: قل أَفغَيْرَ الله تأْمرونِّي أَعبُدُ أَيُّها الجاهلون، قال النحويون: كأَنَّ أَصلُها أَنَّ أُدخِلَ عليها كافُ التشبيه، وهي حرفُ تشبيه، والعربُ تنصب به الاسمَ وترفع خبرَه، وقال الكسائي: قد تكون كأَنَّ بمعنى الجحد كقولك كأَنك أميرُنا فتأْمُرُنا، معناه لستَ أََميرَنا، قال: وكأَنَّ أُخرى بمعنى التَّمَنِّي كقولك كأَنك بي قد قلتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معناه لَيْتَني قد قلتُ الشِّعْرَ فأُجيدَه، ولذلك نُصِب فأُجيدَه، وقيل: تجيء كأَنَّ بمعنى العلم والظنِّ كقولك كأَنَّ الله يفعل ما يشاء، وكأَنك خارجٌ؛ وقال أَبو سعيد: سمعت العرب تُنشِد هذا البيت: ويومٍ تُوافينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ، كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إلى ناضِرِ السَّلَمْ وكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ، فمن نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فخفف وأَعْمَل، ومَنْ خفَض أَراد كظَبْيَةٍ، ومَن رفع أَراد كأَنها ظبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مع إضمارِ الكِناية؛ الجرار عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشد: كأمَّا يحْتَطِبْنَ على قَتادٍ، ويَسْتَضْكِكْنَ عن حَبِّ الغَمامِ. قال: يريد كأَنما فقال كأَمَّا، والله أَعلم.
وإنِّي وإنَّني بمعنى، وكذلك كأَنِّي وكأَنَّني ولكنِّي ولكنَّني لأَنه كثُر استعمالهم لهذه الحروف، وهم قد يَسْتَثْقِلون التضعيف فحذفوا النون التي تَلي الياء، وكذلك لَعَلِّي ولَعَلَّني لأَن اللام قريبة من النون، وإن زِدْتَ على إنَّ ما صارَ للتَّعيين كقوله تعالى: إنما الصَّدَقاتُ للفُقراء، لأَنه يُوجِبُ إثْباتَ الحكم للمذكور ونَفْيَه عما عداه.
وأَنْ قد تكون مع الفعل المستقبل في معنى مصدرٍ فتَنْصِبُه، تقول: أُريد أن تقومَ، والمعنى أُريد قيامَك، فإن دخلت على فعل ماضٍ كانت معه بمعنى مصدرٍ قد وقَع، إلا أَنها لا تَعْمَل، تقول: أَعْجَبَني أَن قُمْتَ والمعنى أَعجبني قيامُك الذي مضى، وأَن قد تكون مخفَّفة عن المشدَّدة فلا تعمل، تقول: بَلَغَني أَنْ زيدٌ خارجٌ؛ وفي التنزيل العزيز: ونُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجنَّةُ أُورِثْتُموها؛ قال ابن بري: قوله فلا تعمل يريدُ في اللفظ، وأَما في التقدير فهي عاملةٌ، واسمها مقدَّرٌ في النيَّة تقديره: أَنه تِلْكُمْ الجنة. ابن سيده: ولا أَفعل كذا ما أَنَّ في السماء نجْماً؛ حكاه يعقوب ولا أَعرف ما وجهُ فتْح أَنَّ، إلا أَن يكون على توهُّم الفعل كأَنه قال: ما ثبت أَنَّ في السماء نجْماً، أَو ما وُجد أَنَّ في السماء نجْماً.
وحكى اللحياني: ما أَنَّ ذلك الجَبَل مكانَه، وما أَن حِراءً مكانَه، ولم يفسّره وقال في موضع آخر: وقالوا لا أَفْعَله ما أَنَّ في السماء نجْمٌ، وما عَنَّ في السماء نجْمٌ أَي ما عَرَضَ، وما أَنَّ في الفُرات قَطْرةٌ أَي ما كان في الفُراتِ قطرةٌ، قال: وقد يُنْصَب، ولا أَفْعَله ما أَنَّ في السماء سماءً، قال اللحياني: ما كانَ وإنما فسره على المعنى.
وكأَنَّ: حرفُ تشْبيهٍ إنما هو أَنَّ دخلت عليها الكاف؛ قال ابن جني: إن سأَل سائلٌ فقال: ما وَجْهُ دخول الكاف ههنا وكيف أَصلُ وضْعِها وترتيبها؟ فالجوابُ أَن أَصلَ قولنا كأَنَّ زيداً عمرٌو إنما هو إنَّ زيداً كعمْرو، فالكاف هنا تشبيهٌ صريحٌ، وهي متعلقة بمحذوف فكأَنك قلت: إنَّ زيداً كائنٌ كعمْرو، وإنهم أَرادُوا الاهتمامَ بالتشبيه الذي عليه عقَدُوا الجملةَ، فأَزالُوا الكاف من وسَط الجملة وقدّموها إلى أَوَّلها لإفراطِ عنايَتهم بالتشبيه، فلما أَدخلوها على إنَّ من قَبْلِها وجب فتحُ إنَّ، لأَنَّ المكسورة لا يتقدَّمُها حرفُ الجر ولا تقع إلاَّ أَولاً أَبداً، وبقِي معنى التشبيه الذي كانَ فيها، وهي مُتوسِّطة بحالِه فيها، وهي متقدّمة، وذلك قولهم: كأَنَّ زيداً عمروٌ، إلا أَنَّ الكافَ الآنَ لمَّا تقدَّمت بطَل أَن تكون معلَّقةً بفعلٍ ولا بشيءٍ في معنى الفعل، لأَنها فارَقَت الموضعَ الذي يمكن أَن تتعلَّق فيه بمحذوف، وتقدمت إلى أَوَّل الجملة، وزالت عن الموضع الذي كانت فيه متعلّقة بخبرِ إنَّ المحذوف، فزال ما كان لها من التعلُّق بمعاني الأَفعال، وليست هنا زائدةً لأَن معنى التشبيه موجودٌ فيها، وإن كانت قد تقدَّمت وأُزِيلت عن مكانها، وإذا كانت غير زائدة فقد بَقي النظرُ في أنَّ التي دخلت عليها هل هي مجرورة بها أَو غير مجرورة؛ قال ابن سيده: فأَقوى الأَمرين عليها عندي أََن تكون أنَّ في قولك كأَنك زيدٌ مجرورة بالكاف، وإن قلت إنَّ الكافَ في كأَنَّ الآن ليست متعلقة بفعل فليس ذلك بمانعٍ من الجرِّ فيها، أَلا ترى أَن الكاف في قوله تعالى: ليس كمِثْله شيءٌ، ليست متعلقة بفعل وهي مع ذلك جارّة؟ ويُؤَكِّد عندك أَيضاً هنا أَنها جارّة فتْحُهم الهمزة بعدها كما يفْتحونها بعد العَوامِل الجارّة وغيرها، وذلك قولهم: عجِبتُ مِن أَنك قائم، وأَظنُّ أَنك منطلق، وبلغَني أَنك كريمٌ، فكما فتحت أَنَّ لوقوعِها بعد العوامل قبلها موقعَ الأَسماء كذلك فتحت أَيضاً في كأَنك قائم، لأَن قبلها عاملاً قد جرَّها؛ وأَما قول الراجز: فبادَ حتى لَكأَنْ لمْ يَسْكُنِ، فاليومَ أَبْكي ومَتى لمْ يُبْكنِي (* قوله «لكأن لم يسكن» هكذا في الأصل بسين قبل الكاف). فإنه أَكَّد الحرف باللام؛ وقوله: كأَنَّ دَريئةً، لمّا التَقَيْنا لنَصْل السيفِ، مُجْتَمَعُ الصُّداعِ أَعْمَلَ معنى التشبيه في كأَنَّ في الظرف الزَّمانيّ الذي هو لما التَقَيْنا، وجاز ذلك في كأَنَّ لما فيها من معنى التشبيه، وقد تُخَفَّف أَنْ ويُرْفع ما بعدها؛ قال الشاعر: أَنْ تقْرآنِ على أَسْماءَ، وَيحَكُما منِّي السلامَ، وأَنْ لا تُعْلِما أَحَدا قال ابن جني: سأَلت أَبا عليّ، رحمه الله تعالى، لِمَ رَفَع تَقْرآنِ؟ فقال: أَراد النون الثقيلة أَي أَنكما تقْرآن؛ قال أَبو علي: وأَوْلى أَنْ المخففة من الثقيلة الفعل بلا عِوَض ضرورة، قال: وهذا على كل حال وإن كان فيه بعضُ الصَّنعة فهو أَسهلُ مما ارتكبه الكوفيون، قال: وقرأْت على محمد بن الحسن عن أَحمد بن يحيى في تفسير أَنْ تقْرآنِ، قال: شبَّه أَنْ بما فلم يُعْمِلها في صِلَتها، وهذا مذهب البَغْداديّين، قال: وفي هذا بُعْدٌ، وذلك أَنَّ أَنْ لا تقع إذا وُصلت حالاً أَبداً، إنما هي للمُضيّ أَو الاستقبال نحو سَرَّني أَن قام، ويُسرُّني أَن تقوم، ولا تقول سَرَّني أَن يقوم، وهو في حال قيام، وما إذا وُصِلت بالفعل وكانت مصدراً فهي للحال أَبداً نحو قولك: ما تقومُ حسَنٌ أَي قيامُك الذي أَنت عليه حسن، فيَبْعُد تشبيهُ واحدةٍ منهما بالأُخرى، ووُقوعُ كلّ واحدة منهما مَوْقِعَ صاحبتها، ومن العرب من يَنصب بها مخففة، وتكون أَنْ في موضع أَجْل. غيره: وأَنَّ المفتوحةُ قد تكون بمعنى لعلّ، وحكى سيبويه: إئتِ السوقَ أَنك تشتري لنا سَويقاً أَي لعلك، وعليه وُجِّه قوله تعالى: وما يُشْعِركم أَنها إذا جاءت لا يؤْمنون؛ إذ لو كانت مفتوحةً عنها لكان ذلك عذراً لهم، قال الفارسي: فسأَلتُ عنها أَبا بكر أَوانَ القراءة فقال: هو كقول الإنسان إنَّ فلاناً يَقْرأُ فلا يَفْهم، فتقول أَنتَ: وما يُدْريك أَنه لا يَفْهَمُ (* قوله «إن فلاناً يقرأ فلا يفهم فتقول أنت وما يدريك إنه لا يفهم» هكذا في الأصل المعوَّل عليه بيدنا بثبوت لا في الكلمتين).
وفي قراءة أُبَيٍّ: لعلها إذا جاءَت لا يؤْمنون؛ قال ابن بري: وقال حُطائِط بن يعْفُر، ويقال هو لدُريد: أَريني جَواداً مات هَزْلاً، لأَنَّني أَرى ما تَرَيْنَ، أَو بَخيلاً مُخَلَّدا وقال الجوهري: أَنشده أَبو زيد لحاتم قال: وهو الصحيح، قال: وقد وجدته في شعر مَعْن بن أَوس المُزَني؛ وقال عدي بن زيد: أَعاذِلَ، ما يُدريكِ أَنَّ مَنِيَّتي إلى ساعةٍ في اليوم، أَو في ضُحى الغَدِ؟ أَي لعل منيتي؛ ويروى بيت جرير: هَلَ انْتُمْ عائجون بِنا لأَنَّا نرى العَرَصاتِ، أَو أَثَرَ الخِيامِ قال: ويدُلك على صحة ما ذكرت في أَنَّ في بيت عديّ قوله سبحانه: وما يُدْريك لعله يَزَّكَّى، وما يُدْريك لعل الساعةَ تكون قريباً.
وقال ابن سيده: وتُبْدِل من همزة أَنَّ مفتوحةً عيناً فتقول: علمتُ عَنَّكَ منطلق.
وقوله في الحديث: قال المهاجرون يا رسول الله، إنَّ الأَنصارَ قد فَضَلونا، إنهم آوَوْنا وفَعَلوا بنا وفَعَلوا، فقال: تَعْرفون ذلك لهم؟ قالوا: نعم، قال: فإنَّ ذلك؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء مقطوع الخبر ومعناه إنَّ اعترافكم بصنيعهم مُكافأَةٌ منكم لهم؛ ومنه حديثه الآخر: من أُزِلَّتْ إليه نِعمةٌ فليُكافِئْ بها، فإن لم يجِدْ فَليُظهِر ثناءً حسَناً، فإنَّ ذلك؛ ومنه الحديث: أَنه قال لابن عمر في سياق كلامٍ وَصَفه به: إنَّ عبدَ الله، إنَّ عبدالله، قال: وهذا وأَمثاله من اختصاراتهم البليغة وكلامهم الفصيح.
وأَنَّى: كلمة معناها كيف وأَين. التهذيب: وأَما إنْ الخفيفةُ فإنّ المنذري روى عن ابن الزَّيْدي عن أَبي زيد أَنه قال: إنْ تقع في موضع من القرآن مَوْضعَ ما، ضَرْبُ قوله: وإنْ من أَهل الكتاب إلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ به قبْل موتِه؛ معناه: ما مِن أَهل الكتاب، ومثله: لاتَّخَذْناه من لَدُنَّا إنْ كنَّا فاعلين؛ أَي ما كنا فاعلين، قال: وتجيء إنْ في موضع لَقَدْ، ضَرْبُ قوله تعالى: إنْ كانَ وعْدُ رَبِّنا لَمَفْعولاً؛ المعنى: لقَدْ كان من غير شكٍّ من القوم، ومثله: وإنْ كادوا لَيَفْتِنونك، وإنْ كادوا ليَسْتَفِزُّونك؛ وتجيء إنْ بمعنى إذْ، ضَرْبُ قوله: اتَّقُوا اللهَ وذَروا ما بَقِيَ من الرِّبا إن كنتم مُؤْمنين؛ المعنى إذْ كنتم مْمنين، وكذلك قوله تعالى: فرُدُّوه إلى الله والرسول إن كُنتمْ تُؤْمنون بالله؛ معناه إذْ كنتم، قال: وأَنْ بفتح الأَلف وتخفيف النون قد تكون في موضع إذْ أَيضاً، وإنْ بخَفْض الأَلف تكون موضعَ إذا، من ذلك قوله عز وجل: لا تَتَّخِذوا آباءَكُم وإخْوانَكم أَوْلياءَ إن اسْتَحَبُّوا؛ مَنْ خَفضَها جعلَها في موضع إذا، ومَنْ فتحها جعلها في موضع إذْ على الواجب؛ ومنه قوله تعالى: وامْرأَةً مُؤمِنةً إن وَهَبَتْ نَفْسَها للنبيّ؛ من خفضها جعلها في موضع إذا، ومن نصبها ففي إذ. ابن الأَعرابي في قوله تعالى: فذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى؛ قال: إنْ في معنى قَدْ، وقال أَبو العباس: العرب تقول إنْ قام زيد بمعنى قد قام زيد، قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولونه فظَنَنْتُه شَرْطاً، فسأَلتهم فقالوا: نُرِيدُ قد قام زيد ولا نُرِيدُ ما قام زيد.
وقال الفراء: إن الخفيفةُ أُمُّ الجزاء، والعرب تُجازِي بحروف الاستفهام كلها وتَجْزمُ بها الفعلين الشرطَ والجزاءَ إلاَّ الأَلِفَ وهَلْ فإنهما يَرْفعَانِ ما يليهما.
وسئل ثعلبٌ: إذا قال الرجل لامرأَته إن دَخلتِ الدارَ إن كَلَّمْتِ أَخاكِ فأَنتِ طالقٌ، متى تَطْلُق؟ فقال: إذا فَعَلَتْهما جميعاً، قيل له: لِمَ؟ قال: لأَنه قد جاء بشرطين، قيل له: فإن قال لها أَنتِ طالقٌ إن احْمَرّ البُسْرُ؟ فقال: هذه مسأَلةُ محال لأَن البُسْرَ لا بُدّ من أَن يَحْمَرّ، قيل له: فإن قال أَنت طالِقٌ إذا احْمَرَّ البُسْرُ؟ قال: هذا شرط صحيح تطلُقُ إذا احْمرَّ البُسْرُ، قال الأَزهري: وقال الشافعي فيما أُثْبِت لنا عنه: إن قال الرجل لامرأَته أَنتِ طالقٌ إن لم أُطَلِّقْكِ لم يَحْنَِثْ حتى يُعْلَم أَنه لا يُطَلِّقُها بموته أَو بموتِها، قال: وهو قول الكوفيين، ولو قال إذا لم أُطَلِّقْك ومتى ما لم أُطَلِّقْك فأَنت طالق، فسكتَ مدَّةً يمكنه فيها الطّلاق، طَلُقَت؛ قال ابن سيده: إنْ بمعنى ما في النفي ويُوصل بها ما زائدة؛ قال زهير: ما إنْ يَكادُ يُخلِّيهمْ لِوِجْهَتِهمْ تَخالُجُ الأَمْرِ، إنَّ الأَمْرَ مُشْتَرَكُ قال ابن بري: وقد تزاد إنْ بعد ما الظرفية كقول المَعْلوط بن بَذْلٍ القُرَيْعيّ أَنشده سيبويه: ورجَّ الفتى للْخَيْر، ما إنْ رأَيْتَه على السِّنِّ خيراً لا يَزالُ يَزِيدُ وقال ابن سيده: إنما دخَلت إنْ على ما، وإن كانت ما ههنا مصدريةً، لِشَبَهَها لفظاً بما النافية التي تُؤكِّد بأَنْ، وشَبَهُ اللفظ بينهما يُصَيِّر ما المصدريةَ إلى أَنها كأَنها ما التي معناها النفيُ، أَلا ترى أَنك لو لم تَجْذِب إحداهما إلى أَنها كأَنها بمعنى الأُخرى لم يجز لك إلحاقُ إنْ بها؟ قال سيبويه: وقولُهم افْعَل كذا وكذا إمّا لا، أَلْزَموها ما عوضاً، وهذا أَحْرى إذ كانوا يقولون آثِراً ما، فيُلْزمون ما، شبَّهوها بما يَلْزَم من النوتات في لأَفعلنّ، واللامِ في إِنْ كان لَيَفْعل، وإن كان ليْس مِثْلَه، وإنَّما هو شاذ، ويكونُ الشرطَ نحو إنْ فعلتَ فعلتُ.
وفي حديث بيع الثمر: إمّا لا فلا تبَايَعُوا حتى يَبْدُوَ صلاَحُه؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ في المُحاورَات كثيراً، وقد جاءَت في غير موضع من الحديث، وأَصلها إنْ وما ولا، فأُدْغِمت النونُ في الميم، وما زائدةٌ في اللفظ لا حُكمَ لها، وقد أَمالت العربُ لا إمالةً خفيفةً، والعوامُّ يُشْبِعون إمالَتها فتَصيرُ أَلفُها ياءً، وهي خطأٌ، ومعناها إنْ لم تَفعلْ هذا فلْيَكن هذا، وأَما إنْ المكسورة فهو حرفُ الجزاء، يُوقِع الثانيَ من أَجْل وُقوع الأَوَّل كقولك: إنْ تأْتني آتِك، وإن جِئْتني أَكْرَمْتُك، وتكون بمعنى ما في النفي كقوله تعالى: إنِ الكافرون إلاّ في غُرور؛ ورُبَّما جُمِع بينهما للتأْكيد كما قال الأَغْلَبُ العِجْليُّ: ما إنْ رَأَينا مَلِكاً أَغارا أَكْثَرَ منه قِرَةً وقَارا قال ابن بري: إنْ هنا زائدةٌ وليست نفياً كما ذكر، قال: وقد تكون في جواب القسم، تقول: والله إنْ فعلتُ أَي ما فعلت، قال: وأَنْ قد تكون بمعنى أَي كقوله تعالى: وانطَلَق الملأُ منهم أَنِ امْشُوا؛ قال: وأَن قد تكون صِلةً لِلَمَّا كقوله تعالى: فلما أَنْ جاء البشيرُ؛ وقد تكون زائدةً كقوله تعالى: وما لهم أَن لا يُعَذِّبَهم الله؛ يريد وما لهُم لا يعذِّبُهُم الله؛ قال ابن بري: قول الجوهري إنَّها تكونُ صلةً لِلَمّا وقد تكون زائدةً، قال: هذا كلامٌ مكرَّر لأَنَّ الصلةَ هي الزائدةُ، ولو كانت زائدةً في الآية لم تَنْصِب الفعلَ، قال: وقد تكونُ زائدةً مع ما كقولك: ما إنْ يقُومُ زيد، وقد تكون مخففةً من المشددة فهذه لا بد من أَنْ يدخُلَ اللامُ في خبرها عوضاً مما حُذِفَ من التشديد كقوله تعالى: إنْ كُلُّ نفسٍ لمَّا عليها حافظٌ؛ وإنْ زيدٌ لأَخوك، لئلا يلتبس بإنْ التي بمعنى ما للنفي. قال ابن بري: اللامُ هنا دخلت فرقاً بين النفي والإيجاب، وإنْ هذه لا يكون لها اسمٌ ولا خبر، فقولُه دخلت اللامُ في خبرها لا معنى له، وقد تدخُلُ هذه اللامُ مع المَفعول في نحو إنْ ضربت لزَيداً، ومع الفاعل في قولك إن قام لزيدٌ، وحكى ابن جني عن قطرب أَن طَيِّئاً تقول: هِنْ فَعَلْتَ فعلتُ، يريدون إنْ، فيُبْدِلون، وتكون زائدةً مع النافية.
وحكى ثعلب: أَعْطِه إنْ شاء أَي إذا شاء، ولا تُعْطِه إنْ شاءَ، معناه إذا شاء فلا تُعْطِه.
وأَنْ تَنْصب الأَفعال المضارِعة ما لم تكن في معنى أَنَّ، قال سيبويه: وقولُهم أَمَّا أَنت مُنْطلِقاً انْطلقْتُ مَعَك إنما هي أَنْ ضُمّت إليها ما، وهي ما للتوكيد، ولَرِمَت كراهية أَن يُجْحِفوا بها لتكون عوضاً من ذَهاب الفعل، كما كانت الهاءُ والأَلفُ عوضاً في الزّنادقةِ واليَماني من الياء؛ فأَما قول الشاعر: تعَرَّضَتْ لي بمكانٍ حِلِّ، تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ، تَعَرُّضاً لم تأْلُ عن قَتْلاً لي فإنه أَراد لم تأْلُ أَن قَتْلاً أَي أَنْ قَتَلَتْني، فأَبدل العينَ مكان الهمزة، وهذه عَنْعنةُ تميمٍ، وهي مذكورة في موضعها، ويجوز أَنْ يكون أَراد الحكاية كأَنه حكى النصبَ الذي كان معتاداً في قولها في بابه أَي كانت قول قَتْلاً قَتْلاً أَي أَنا أَقْتُلُه قَتْلاً، ثم حكى ما كانت تَلَفَّظُ به؛ وقوله: إني زَعيمٌ يا نُوَيْـ ـقَةُ، إنْ نجَوْتِ من الرَّزاح، أَنْ تَهْبِطينَ بلادَ قَوْ مٍ يَرْتَعُون من الطِّلاح. قال ثعلب: قال الفراء هذه أَن الدائرةُ يليها الماضي والدائم فتَبْطُل عنهما، فلما وَلِيها المستقبل بطلت عنه كما بطلت عن الماضي والدائم، وتكون زائدة مع لما التي بمعنى حين، وتكون بمعنى أَي نحو قوله: وانْطَلَق الملأُ منهم أَنِ امْشُوا؛ قال بعضهم: لا يجوز الوقوف عليها لأَنها تأْتي ليُعبَّر بها وبما بعدها عن معنى الفعل الذي قبل، فالكلامُ شديدُ الحاجةِ إلى ما بعدها ليُفَسَّر به ما قبلها، فبحسب ذلك امتنع الوقوفُ عليها، ورأَيت في بعض نسخ المحكم وأَنْ نِصْفُ اسمٍ تمامُه تَفْعَل، وحكى ثعلب أيضاً: أَعْطِه إلا أَن يشاءَ أَي لا تُعْطِه إذا شاء، ولا تُعْطِه إلا أَن يشاءَ، معناه إذا شاء فأَعْطِه.
وفي حديث رُكوبِ الهَدْيِ: قال له ارْكَبْها، قال: إنها بَدنةٌ، فكرر عليه القولَ فقال: ارْكَبْها وإنْ أَي وإن كانت بَدنةً. التهذيب: للعرب في أَنا لغاتٌ، وأَجودها أَنَّك إذا وقفْتَ عليها قلت أَنا بوزن عَنَا، وإذا مضَيْتَ عليها قلت أَنَ فعلتُ ذلك، بوزن عَنَ فَعَلْتُ، تحرّك النون في الوصل، وهي ساكنة منْ مثلِه في الأَسماء غير المتمكنة مثل مَنْ وكَمْ إذا تحرَّك ما قبلها، ومن العرب من يقول أَنا فعلت ذلك فيُثْبِتُ الأَلفَ في الوصل ولا يُنوِّن، ومنهم مَن يُسَكِّنُ النونَ، وهي قليلة، فيقول: أَنْ قلتُ ذلك، وقُضاعةُ تمُدُّ الأَلفَ الأُولى آنَ قلتُه؛ قال عديّ: يا لَيْتَ شِعْري آنَ ذُو عَجَّةٍ، مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصيصْ؟ وقال العُدَيْل فيمن يُثْبِت الأَلفَ: أَنا عَدْلُ الطِّعانِ لِمَنْ بَغاني، أَنا العَدْلُ المُبَيّنُ، فاعْرِفوني وأَنا لا تَثنيهَ له من لفظه إلا بنَحْن، ويصلح نحنُ في التثنية والجمع، فإن قيل: لم ثَنَّوا أَنْ فقالوا أَنْتُما ولم يُثَنُّوا أَنا؟ فقيل: لمَّا لم تُجِزْ أَنا وأَنا لرجلٍ آخرَ لم يُثَنُّوا، وأَما أَنْتَ فَثَنَّوْه بأَنْتُما لأَنَّك تجيز أَن تقول لرجل أَنتَ وأَنتَ لآخرَ معه، فلذلك ثُنِّيَ، وأَما إنِّي فتَثْنيتُه إنَّا، وكان في الأَصل إنَّنا فكثُرت النوناتُ فحُذِفت إحداها، وقيل إنَّا، وقوله عز وجل: إنَّآ أَو إِيَّاكم (الآية) المعنى إنَّنا أَو إنَّكم، فعطف إياكم على الاسم في قوله إنَّا على النون والأَلف كما تقول إني وإيَّاك، معناه إني وإنك، فافْهمه؛ وقال: إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَعْدَكم، فحَمَلْت بَرَّةَ واحْتَمَلت فَجارِ إنَّا تثنيةُ إني في البيت. قال الجوهري: وأَما قولهم أَنا فهو اسمٌ مكنيٌّ، وهو للمتكَلِّم وحْدَه، وإنما يُبْنى على الفتح فرقاً بينه وبين أَن التي هي حرفٌ ناصب للفعل، والأَلفُ الأَخيرةُ إنما هي لبيان الحركة في الوقف، فإن وُسِّطت سَقَطت إلا في لغة رديئةٍ كما قال: أَنا سَيْفُ العَشيرةِ، فاعْرفوني جميعاً، قد تَذَرَّيْتُ السَّنامَا واعلم أَنه قد يُوصل بها تاءُ الخطاب فيَصيرانِ كالشيء الواحد من غير أَن تكون مضافة إليه، تقول: أَنت، وتكسر للمؤَنث، وأَنْتُم وأَنْتُنَّ، وقد تدخلُ عليه كافُ التشبيه فتقول: أَنتَ كأَنا وأَنا كأَنتَ؛ حكي ذلك عن العرب، وكافُ التشبيه لا تتَّصِلُ بالمضمر، وإنما تتصل بالمُظهر، تقول: أَنتَ كزيدٍ، ولا تقول: أَنت كِي، إلا أَن الضمير المُنْفَصل عندهم كان بمنزلة المُظْهَر، فلذلك حَسُنَ وفارقَ المُتَّصِل. قال ابن سيده: وأَنَ اسم المتكلم، فإذا وَقفْت أَلْحَقْتَ أَلَفاً للسكوت، مَرْويّ عن قطرب أَنه قال: في أَنَ خمسُ لغات: أَنَ فعلتُ، وأَنا فعلْتُ، وآنَ فَعلتُ، وأَنْ فعلت، وأَنَهْ فعلت؛ حكى ذلك عنه ابن جني، قال: وفيه ضعف كما ترى، قال ابن جني: يجوز الهاء في أَنَهْ بدلاً من الأَلف في أَنا لأَن أَكثر الاستعمال إنما هو أَنا بالأَلف والهاء قِبَلَه، فهي بدل من الأَلف، ويجوز أَن تكون الهاءُ أُلْحِقَتْ لبيان الحركة كما أُلحقت الأَلف، ولا تكون بدلاً منها بل قائمة بنفسها كالتي في كتابِيَة وحسابِيَة، ورأَيت في نسخة من المحكم عن الأَلف التي تلحق في أَنا للسكوت: وقد تحذفُ وإثباتُها أَحْسَنُ.
وأَنْتَ: ضميرُ المخاطَب، الاسمُ أَنْ والتاء علامةُ المخاطَب، والأُنثى أَنْتِ، وتقول في التثنية أَنْتُما، قال ابن سيده: وليس بتثنيةِ أَنْتَ إذ لو كان تثنيتَه لوجب أَن تقول في أَنْتَ أَنْتانِ، إنما هو اسمٌ مصوغٌ يَدُلُّ على التثنية كما صيغَ هذان وهاتان وكُما مِنْ ضرَبْتُكما وهُما، يدلُّ على التثنية وهو غيرُ مُثَنّىً، على حدّ زيد وزيدان.
ويقال: رجل أُنَنَةٌ قُنَنَةٌ أَي بليغ.