المصادر:  


ح ج ج (المصباح المنير) [50]


 حَجَّ: "حَجًّا" من باب قتل: قصد فهو "حَاجٌّ" هذا أصله ثم قصر استعماله في الشرع على قصد الكعبة للحجّ أو العمرة، ومنه يقال: "ما حَجَّ وَلَكِنْ دَجَّ" "فَالحَجُّ" القصد للنسك، و "الدَّجُّ" القصد للتجارة، والاسم "الحِجُّ" بالكسر، و "الحِجَّةُ" المرة بالكسر على غير قياس، والجمع "حِجَجٌ" مثل سدرة وسدر، قال ثعلب: قياسه الفتح ولم يسمع من العرب وبها سمي الشهر "ذُو الحِجَّةِ" بالكسر وبعضهم يفتح في الشهر، وجمعه "ذَوَاتُ الحِجَّةِ" وجمع "الحَاجِّ" "حُجَّاجٌ" و "حَجِيجٌ" و "أَحْجَجْتُ" الرجل بالألف بعثته ليحج، و "الحِجَّةُ" أيضا السنة والجمع "حِجَجٌ" مثل سدرة وسدر، و "الحُجَّةُ" الدليل والبرهان والجمع "حُجَجٌ" مثل غرفة وغرف، و "حَاجَّهُ" "مُحَاجَّةٌ" "فَحَجَّهُ" "يَحُجُّهُ" من باب قتل إذا غلبه في الحُجَّةِ، و "حِجَاجُ العَيْنِ" بالكسر والفتح لغة: العظم المستدير حولها وهو مذكر وجمعه "أَحِجَّةٌ" وقال ابن الأنباري "الحِجَاجُ" العظم المشرف على غار العين و "المَحَجَّةُ" بفتح الميم جادة الطريق. 

حجج (لسان العرب) [50]


الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: قصده. فلاناً واعتَمَدْتُه أَي قصدته.
ورجلٌ محجوجٌ أَي مقصود.
وقد حَجَّ بنو فلان فلاناً إِذا أَطالوا الاختلاف إليه؛ قال المُخَبَّلُ السعدي: وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولاً كثِيرةً، يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا أَي يَقْصِدُونه ويزورونه. قال ابن السكيت: يقول يُكْثِرُونَ الاختلاف إِليه، هذا الأَصل، ثم تُعُورِفَ استعماله في القصد إِلى مكة للنُّسُكِ والحجِّ إِلى البيت خاصة؛ تقول حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا.
والحجُّ قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى البيت بالأَعمال المشروعة فرضاً وسنَّة؛ تقول: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قصدته، وأَصله من ذلك.
وجاء في التفسير: أَن النبي، صلى الله عليه ولم، خطب الناسَ فأَعلمهم أَن . . . أكمل المادة الله قد فرض عليهم الحجَّ، فقام رجل من بني أَسد فقال: يا رسول الله، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعاد الرجلُ ثانيةً، فأَعرض عنه، ثم عاد ثالثةً، فقال عليه الصلاة والصلام: ما يؤمنك أَن أَقولَ نعم، فَتَجِبَ، فلا تقومون بها فتكفرون؟ أَي تدفعون وجوبها لثقلها فتكفرون.
وأَراد عليه الصلاة والسلام: ما يؤمنك أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نعم فَأَقولَ؟ وحَجَّه يَحُجُّه، وهو الحجُّ. قال سيبويه: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كما قالوا: ذكره ذِكْراً؛ وقوله أَنشده ثعلب: يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا، وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا وكلَّ صاحٍ ثَمِلاً مَؤُوجا، ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا فسَّره فقال: يستخف الناسُ الذهابَ إِلى هذه المدينة لأَن الأَرض دُحِيَتْ من مكة، فيقول: يذهب الناس إِليها لأَن يحشروا منها.
ويقال: إِنما يذهبون إِلى بيت المقدس.
ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ. قال الأَزهري: ومثله غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ يَتَناجَوْنَ ويجتمعون في مجلس، وللعادِينَ على أَقدامهم عَدِبٌّ؛ وتقول: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ.
وربما أَظهروا التضعيف في ضرورة الشعر؛ قال الراجز: بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ ويجمع على حُجٍّ، مثل بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُودٍ؛ وأَنشد أَبو زيد لجرير يهجو الأَخطل ويذكر ما صنعه الجحافُ بن حكيم السُّلمي من قتل بني تَغْلِبَ قوم الأَخطل باليُسُرِ، وهو ماءٌ لبني تميم: قد كانَ في جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ، أَو في الذينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذي المَجَازِ نُزُولُ يقول: لما كثر قتلى بني تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ نَتْنُهُمْ.
والرَّحُوبُ: ماءٌ لبني تغلب.
والمشهور في رواية البيت: حِجٌّ، بالكسر، وهو اسم الحاجِّ.
وعافِيةُ النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم.
وذو المجاز: سُوقٌ من أَسواق العرب.
والحِجُّ، بالكسر، الاسم.
والحِجَّةُ: المرَّة الواحدة، وهو من الشَّواذِّ، لأَن القياس بالفتح.
وأَما قولهم: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فقد يكون أَن يُرادَ به الجِنسُ، وقد يكون اسماً للجمع كالجامل والباقر.
وروى الأَزهري عن أَبي طالب في قولهم: ما حَجَّ ولكنه دَجَّ؛ قال: الحج الزيارة والإِتيان، وإِنما سمي حاجًّا بزيارة بيت الله تعالى؛ قال دُكَين: ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ، وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ قال: والداجُّ الذي يخرج للتجارة.
وفي الحديث: لم يترك حاجَّةً ولا داجَّة. الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ: الأَتباعُ؛ يريد الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن معهم مِن أَتباعهم؛ ومنه الحديث: هؤلاء الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال للرجل الكثير الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بفتح الجيم، من غير إِمالة، وكل نعت على فَعَّال فهو غير مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسماً خاصّاً تَحَوَّلَ عن حالِ النعت، ودخلته الإِمالَةُ، كاسم الحَجَّاجِ والعَجَّاجِ.
والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قال: كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي، أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عادي هكذا أَنشده ابن دريد بكسر الحاء. قال سيبويه: وقالوا حَجَّةٌ واحدةٌ، يريدون عَمَلَ سَنَةٍ واحدة. قال الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الحاء، فيقول: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وقرئ: ولله على الناسِ حِجُّ البيتِ، والفتح أَكثر.
وقال الزجاج في قوله تعالى: ولله على الناس حَِجُّ البيت؛ يقرأُ بفتح الحاء وكسرها، والفتح الأَصل.
والحَجُّ: اسم العَمَل.
واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عن الهجري؛ وأَنشد: تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حتى تَظَاهَرَتْ عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ وقوله تعالى: الحجُّ أَشهُرٌ معلوماتٌ؛ هي شوَّال وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجة.
وقال الفراء: معناه وقتُ الحج هذه الأَشهرُ.
وروي عن الأَثرم وغيره: ما سمعناه من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً، ولا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما يقولون حَجَجْتُ حِجَّةً. قال: والحَجُّ والحِجُّ ليس عند الكسائي بينهما فُرْقانٌ.
وغيره يقول: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ السَّنَةِ.
وتقول: حَجَجْتُ فلاناً إِذا أَتَيْتَه مرَّة بعد مرة، فقيل: حُجَّ البَيْتُ لأَن الناسَ يأَتونه كلَّ سَنَةٍ. قال الكسائي: كلام العرب كله على فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلاّ قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ رُؤْيَةً.والحِجَّةُ: السَّنَةُ، والجمع حِجَجٌ. الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سمي بذلك لِلحَجِّ فيه، والجمع ذَواتُ الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، ولم يقولوا: ذَوُو على واحده.
وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ الله بالإِضافة إِذا كنّ قد حَجَجْنَ، وإِن لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ، قلت: حَواجُّ بَيْتَ الله، فتنصب البيت لأَنك تريد التنوين في حَواجَّ، إِلا أَنه لا ينصرف، كما يقال: هذا ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زيداً غداً، فتدل بحذف التنوين على أَنه قد ضربه، وبإِثبات التنوين على أَنه لم يضربه. فلاناً إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ.
وقولهم: وحَجَّةِ الله لا أَفْعَلُ بفتح أَوَّله وخَفْضِ آخره، يمينٌ للعرب. الأَزهريُّ: ومن أَمثال العرب: لَجَّ فَحَجَّ؛ معناه لَجَّ فَغَلَبَ مَنْ لاجَّه بحُجَجِه. يقال: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حتى حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ التي أَدْلَيْتُ بها؛ قيل: معنى قوله لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى به لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى أَن حَجَّ البيتَ الحرام، وما أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه حتى خرج حاجّاً.
والمَحَجَّةُ: الطريق؛ وقيل: جادَّةُ الطريق؛ وقيل: مَحَجَّة الطريق سَنَنُه.
والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تستقيم مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد: أَجَدُّ أَيامُك من حَجَوَّجِ، إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ والحُجَّة: البُرْهان؛ وقيل: الحُجَّة ما دُوفِعَ به الخصم؛ وقال الأَزهري: الحُجَّة الوجه الذي يكون به الظَّفَرُ عند الخصومة.
وهو رجل مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ.
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وجمع الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ.
وحاجَّه مُحاجَّةً وحِجاجاً: نازعه الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غلبه على حُجَّتِه.
وفي الحديث: فَحَجَّ آدمُ موسى أَي غَلَبَه بالحُجَّة.
واحْتَجَّ بالشيءِ: اتخذه حُجَّة؛ قال الأَزهري: إِنما سميت حُجَّة لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن القصد لها وإِليها؛ وكذلك مَحَجَّة الطريق هي المَقْصِدُ والمَسْلَكُ.
وفي حديث الدجال: إِن يَخْرُجْ وأَنا فيكم فأَنا حَجِيجُه أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عليه.
والحُجَّةُ: الدليل والبرهان. يقال: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بمعنى فاعل.
ومنه حديث معاوية: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي أَي أَغْلِبُه بالحُجَّة.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فهو مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ بالحَديد في العَظْمِ إِذا كان قد هَشَمَ حى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بالجم فيَقْلَعَ الجِلْدَة التي جَفَّت، ثم يُعالَج ذلك فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ ويكون آمَّةً؛ قال أَبو ذؤَيب يصف امرأَة: وصُبَّ عليها الطِّيبُ حتى كأَنَّها أُسِيٌّ، على أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ وكذلك حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ ليُعالِجَها؛ قال عذارُ بنُ دُرَّةَ الطائي: يَحُجُّ مَأْمُومَةً، في قَعْرِها لَجَفٌ، فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ المَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، هو صَمْغٌ معروف.
وقال: يَحُجُّ يُصْلِحُ مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وفسر ابن دريد هذا الشعر فقال: وصف هذا الشاعر طبيباً يداوي شجة بعيدَة القَعْر، فهو يَجْزَعُ من هَوْلِها، فالقذى يتساقط من استه كالمَغاريد؛ وقال غيره: استُ الطبيب يُرادُ بها مِيلُهُ، وشَبَّهَ ما يَخْرُجُ من القَذى على ميله بالمغاريد.
والمَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، وهو صمغ معروف.
وقيل: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فيختلط الدم بالدماغ، فيصب عليه السمن المُغْلَى حتى يظهر الدم، فيؤْخذَ بقطنة. الأَصمعي: الحَجِيجُ من الشِّجاجِ الذي قد عُولِجَ، وهو ضَرْبٌ من علاجها.
وقال ابن شميل: الحَجُّ أَن تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هل فيها عَظْم أَو دم. قال: والوَكْسُ أَن يقَعَ في أُمِّ الرأْس دم أَو عظام أَو يصيبها عَنَتٌ؛ وقيل: حَجَّ الجُرْحَ سَبَرَهُ ليعرف غَوْرَهُ؛ عن ابن الأَعرابي: والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ.
وقيل: حَجَجْتُها قِسْتُها، وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فهو حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل لِتُعالِجَه.والمِحْجاجُ: المِسْبارُ.
وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ من الجُرْح واستخرجه، وقد فسره بعضهم بما أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ.
ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ.
واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يصف الركاب في سفر كان سافره: ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عليه الحاجِبُ.
والحِجاجُ: العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ العين، ويقال: بل هو الأَعلى تحت الحاجب؛ وأَنشد قول العجاج: إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا وقال ابن السكيت: هو الحَجَّاجُ (* قوله «الحجاج» هو بالتشديد في الأَصل المعوّل عليه بأَيدينا، ولم نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي بأيدينا.).
والحِجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ على وَقْبَةِ العين وعليه مَنْبَتُ شعَر الحاجب.
والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بفتح الحاءِ وكسرها: العظم الذي ينبت عليه الحاجب، والجمع أَحِجَّة؛ قال رؤْبة: صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي وفي الحديث: كانت الضبُعُ وأَولادُها في حَِجاجِ عينِ رجل من العماليق. الحِجاج، بالكسر والفتح: العظم المستدير حول العين؛ ومنه حديث جَيْشِ الخَبَطِ: فجلس في حَِجَاج عينه كذا كذا نفراً؛ يعني السمكة التي وجدوها على البحر.
وقيل: الحِجاجان العظمان المُشرِفانِ على غارِبَي العينين؛ وقيل: هما مَنْبَتا شعَرِ الحاجبين من العظم؛ وقوله: تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها كَلالٌ، فَحالَتْ في حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ فإِن ابن جني قال: يريد في حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فحذف للضرورة؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد بالحجا ههنا الناحية؛ والجمع: أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ. قال أَبو الحسن: حُجُجٌ شاذ لأَن ما كان من هذا النحو لم يُكَسَّر على فُعُلٍ، كراهية التضعيف؛ فأَما قوله: يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ، للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ، كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ فإِنه جمع حِجاجاً على غير قياس، وأَظهر التضعيف اضطراراً. الوَقْرَةُ في العظم.
والحِجَّةُ، بكسر الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسم كالكاهل والغارب؛ قال لبيد يذكر نساء: يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ، وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ، وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ.
والوصائِلُ: بُرُودُ اليَمن، واحدتها وَصِيلة.
والعُونُ جمع عَوانٍ: للثيِّب.
وقال بعضهم: الحِجَّةُ ههنا المَوْسِمُ؛ وقيل: في كل حِجَّة أَي في كل سنة، وجمعها حِجَجٌ. أَبو عمرو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن.
والحَجَّة أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق في الأُذن؛ قال ابن دريد: وربما سميت حاجَّةً.
وحَِجاجُ الشمس: حاجِبُها، وهو قَرْنها؛ يقال: بدا حِجاجُ الشمس.
وحَِجاجا الجبل: جانباه. الطرُقُ المُحَفَّرَةُ.
والحَجَّاجُ: اسم رجل؛ أَماله بعض أَهل الإِمالة في جميع وجوه الإِعراب على غير قياس في الرفع والنصب، ومثل ذلك الناس في الجرِّ خاصة؛ قال ابن سيده: وإِنما مثلته به لأَن أَلف الحجاج زائدة غير منقلبة، ولا يجاورها مع ذلك ما يوجب الإِمالة، وكذلك الناس لأَن الأَصل إِنما هو الأُناس فحذفوا الهمزة، وجعلوا اللام خَلَفاً منها كالله إِلا أَنهم قد قالوا الأُناس، قال: وقالوا مررت بناس فأَمالوا في الجر خاصة، تشبيهاً للألف بأَلف فاعِلٍ، لأَنها ثانية مثلها، وهو نادر لأَن الأَلف ليست منقلبة؛ فأَما في الرفع والنصب فلا يميله أَحد، وقد يقولون: حَجَّاج، بغير أَلف ولام، كما يقولون: العباس وعباس، وتعليل ذلك مذكور في مواضعه. من زَجْرِ الغنم.
وفي حديث الدعاءِ: اللهم ثَبِّت حُجَّتي في الدنيا والآخرة أَي قَوْلي وإِيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.

حجج (الصّحّاح في اللغة) [50]


الحَجُّ: القصد.
ورجل مَحْجوجٌ، أي مقصود.
وقد حَجَّ بنو فُلانٍ فلاناً، إذا أطالوا الاختلاف إليه. هذا الأصلُ، ثم تُعورِفَ استعمالُه في القصد إلى مكَّى للنُسك. تقول: حججت البيتَ أحُجُّهُ حَجَّاً، فأنا حاجٌّ.
ويُجْمَعُ على حُجٍّ.
والحِجُّ بالكسر: الاسم.
والحِجَّةُ المَرَّةُ الواحدة، وهو من الشواذ، لأنَّ القياس بالفتح.
والحَجَّةُ: السنة، والجمع الحِجَجُ. الحِجَّة شهر الحجِّ، والجمع ذَواتُ الحِجَّةِ وذواتُ القِعْدَةِ.
ولم يقولوا ذَوُو على واحِدِهِ.
والحِجَّةُ أيضاً: شحمةُ الأذن. قال لبيد:
وإن لم تَكُنْ أعناقُهُنَّ عَـواطِـلا      يَرُضْنَ صِعابَ الدُرِّ في كل حِجَّةٍ

والحَجيجُ، الحُجَّاجُ، وهو جمع الحاجّ.
وامرأة ٌحاجَّةٌ ونسوةٌ حواجُّ. فلاناً، إذا بعثتَه ليَحُجَّ.
وقولهم: وحَجَّةِ اللهِ لا أفعل: يمينٌ للعرب.
والحُجَّةُ: البرهان. تقول حاجَّهُ فحجَّه أي . . . أكمل المادة غلبه بالحُجَّةِ.
وفي المثل: لَجَّ فَحَجَّ.
وهو رجلٌ مِحْجاجٌ، أي جَدِلٌ.
والتحاجُّ: التخاصُم. حَجَّاً. فهو حَجيجٌ، إذا سبرتَ شَحَّتَهُ بالميلِ لتعالجَه.
والمِحجاج: المسبار.
والحَجاجُ والحِجاجُ، يفتح الحاء وكسرها: العَظْمُ الذي ينْبتُ عليه الحاجب؛ والجمع أحِجَّةٌ.
والمحَجَّةُ: جادَّة الطريق.

ج - ح - ح (جمهرة اللغة) [50]


الحَجَج: الوَقْرَة في العظم. وحَجِجْ: ضرب من زجر الغنم. والحُجَج: جمع حُجّة. والجَحَح من قولهم: أحَجّت السّبُعَةُ أجحاحاً، وهذا مستقصًى في الثنائي.

الحَجُّ (القاموس المحيط) [50]


الحَجُّ: القَصْدُ، والكَفُّ، والقُدُومُ، وسَبْرُ الشَّجَّةِ
بالمِحْجَاجِ: لِلمِسْبارِ، والغَلَبَةُ بالحُجَّةِ وكَثْرَةُ الاخْتِلافِ والتَّرَدُّدِ، وقَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ، وهو حاجٌّ وحاجِج،
ج: حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ وحَجٌّ، وهي حاجَّةٌ من حَواجَّ، وبالكسر: الاسْمُ.
والحِجَّةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ، شاذٌّ لأِنَّ القِياسَ الفتحُ، والسَّنَةُ، وشَحْمَةُ الأُذُنِ، ويُفْتَحُ، وبالفتح: خَرَزَةٌ أو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّقُ في الأُذُنِ، وبالضم: البُرْهانُ.
والمِحْجاجُ: الجَدِلُ.
وأحْجَجْتُهُ: بَعَثْتُهُ لِيَحُجَّ.
وحَجَّةِ اللَّهِ لا أفعلُ، بفتح أوَّلِهِ وخَفْضِ آخِرِهِ: يَمِينٌ لهمْ.
وحَجْحَجَ: أقامَ، ونَكَصَ، وكَفَّ، وأمْسَكَ عَمَّا أرادَ قَوْلَهُ.
والحَجَوَّجُ، كَحَزَوَّرٍ: الطريقُ يَسْتَقِيمُ مَرَّةً ويَعْوَجُّ أُخْرى.
والحُجُجُ، بضمَّتينِ: الطُّرُقُ المُحَفَّرةُ، والجِراحُ المَسْبُورَةُ.
والحَجَاجُ، ويُكْسَرُ: الجانِبُ، وعَظْمٌ يَنْبُتُ عليه الحاجِبُ، وحاجِبُ الشَّمْسِ.
والحَجْحَجُ: الفَسْلُ.
. . . أكمل المادة ورأسٌ أحَجُّ: صُلْبٌ.
وفَرَسٌ أحَجُّ: أحَقُّ.
وحَجَّاجٌ: اسْمٌ،
وة ببَيْهَقَ.
ويَحُجُّ الفاسِيُّ، أبو عِمْرانَ مُوسى بنُ أبي حاجٍّ: فَقِيهٌ.
والتَّحاجُّ: التخاصُمُ.

حج (مقاييس اللغة) [50]



الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال:
وأشهَدَُ مِن عَوْفٍ حُلولا كثيرةً      يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا

ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُْك.
والحَجِيج: الحاجّ. قال:
ذكرتُكِ والحجيجُ لهم ضجيجٌ      بمكّةَ والقلوبُ لها وجيب

ويقال لهم الحُِجُّ أيضاً. قال:وفي أمثالهم: "لَجَّ فَحَجَّ".
ومن أمثالهم: "الحاجَّ أسْمَعْتَ"، وذلك إذا أفشَى السرّ. أي إنَّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق.ومن الباب المحَجَّة، وهي جَادَّة الطريق. قال:
ألا بَلِّغا عَنِّي حُرَيثاً رِسالةً      فإنك عن قَصد المَحَجَّة أنكَبُ

وممكن أن يكون الحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب. يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ . . . أكمل المادة يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. الحِجَاج.ومن الباب حَجَجْت الشَّجَّة، وذلك إذا سَبَرْتَها بالمِيل، لأنك قصدت معرفةَ قَدْرِها. قال:ويقال بل هو أن يصبّ على دَم الشَّجَّة السَّمن، فيظهرَ فيُؤخَذَ بقُطْنةٍ. قال أبو ذؤيب:
وصُبَّ عليها المِسْكُ حتى كأنَّها      أسِيٌّ على أمِّ الدِّماغ حَجيجُ

والأصل الآخر: الحِجَّة وهي السّنَة.
وقد يمكن أن يُجمع هذا إلى الأصل الأوّل؛ لأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، فكأنَّ العام سُمِّي بما فيه من الحَجّ حِجّة. قال:
يَرُضْن صِعابَ الدُّرِّ في كل حِجَّةٍ      ولو لم تكن أعناقُهن عَواطلا

قال قوم: أراد السّنَة؛ وقال قوم: الحِجَّة ها هنا: شَحْمة الأذن.
ويقال بل الحِجَّة الخَرزَة أو اللؤلؤة تعلَّق في الأذن.
وفي القولين نظرٌ.والأصل الثالث: الحِجَاجُ، وهو العظْم المستدير حَولَ العَين. يقال للعظيمِ الحِجَاجِ أحَجُّ، جمع الحِجَاج أحِجَّة.وزعم أبو عمرو أنّه يقال للمكان المتكاهف ومن الصَّخرة حجاج.والأصل الرابع: الحَجْحَجة النُّكوص. يقال: حَمَلوا علينا ثمَّ حَجْحَجُوا.
والمُحَجْحِج: العاجز. قال:ويقال أنا لا أُحَجْحِجُ في كذا، أي لا أشكّ. يقولون: لا تذهَبنَّ بك حَجْحجةٌ ولا لَجْلجة.
ورَجُلٌ حَجْحجٌ: فَسْلٌ.

الْحجَّة (المعجم الوسيط) [0]


 الْمرة من الْحَج وشحمة الْأذن وخرزة أَو لؤلؤة تعلق فِي الْأذن الْحجَّة:  الدَّلِيل والبرهان وصك البيع والعالم الثبت وَعند الْمُحدثين من أحَاط علمه بثلثمائة ألف حَدِيث متْنا وإسنادا وبأحوال رُوَاته جرحا وتعديلا وتأريخا (ج) حجج وحجاج الْحجَّة:  الِاسْم من حج والمرة من الْحَج (على غير قِيَاس) وَحجَّة الْوَدَاع آخر حجَّة للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للبيت الْحَرَام وَالسّنة (ج) حجج وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} و (ذُو الْحجَّة) آخر الشُّهُور القمرية وَهُوَ شهر الْحَج (ج) ذَوَات الْحجَّة 

البتراء (المعجم الوسيط) [0]


 مؤنث الأبتر وَمن الْحجَج القاطعة الفاصلة فِي الْخُصُومَة وَمن الْخطب مَا لم يحمد الله فِيهَا (ج) بتر 

عكظ (المعجم الوسيط) [0]


 الشَّيْء عكظا عركه يُقَال عكظ الْأَدِيم بالدباغ وخصمه بالحجج قهره وَيُقَال عكظه فِي الْمُفَاخَرَة قهره ورد عَلَيْهِ فخره وَالدَّابَّة حَبسهَا 

المعلاق (المعجم الوسيط) [0]


 اللِّسَان البليغ وكل مَا يعلق عَلَيْهِ الشَّيْء وَمَا علق من لحم وعنب وَغَيره وَمن الرِّجَال الشَّديد الْخُصُومَة الَّذِي يتَعَلَّق بالحجج و (فِي علم النَّبَات) عُضْو النَّبَات سَاق أَو ورق أَو جذر يتَحَوَّل إِلَى جسم لولبي حساس يتَعَلَّق بِهِ النَّبَات على دعامة أَو نَحْوهَا ليعرض أجزاءه للضوء والهواء 

ت ن أ (المصباح المنير) [0]


 تَنَأَ: بالبلد "يَتْنَأُ" مهموز بفتحهما "تُنُوءًا" أقام به واستوطنه و "تَنَأَ تُنُوءًا" أيضا استغنى وكثر ماله فهو "تَانِئٌ" والجمع "تُنَّاءٌ" مثل كافر وكُفَّار والاسم "التَّنَاءَةُ" بالكسر والمدّ وربما خفف فقيل "تَنَا" بالمكان فهو "تَانٍ" كقوله: شَيْخًا يَظَلُّ الحِجَجَ الثَّمَانِيَا ضَيْفًا وَلا تَلْقَاهُ إِلا تَانِيًا 

بطّ (مقاييس اللغة) [0]



الباء والطاء أصلٌ واحد، وهو البَطُّ والشّقّ. يقال بَطّ الجُرْحَ يبُطُّه بَطّاً، أي شقه. فأمّا البطيط الذي هو العَجَب فمِنْ هذا أيضاً؛ لأنّه أمرٌ بُطَّ عَنْهُ فأُظْهِرَ حتى أعْجَبَ.
وقال الكميت:
ألَمَّا تَعْجَبي وترَيْ بَطيطاً      من اللاّئِينَ في الحِجَجِ الخَوالي

وما سوى ذلك من الباء والطاء ففارسيٌّ كلُّه.

أجر (المعجم الوسيط) [0]


 الْعظم أجرا وأجورا وإجارا برأَ على غير اسْتِوَاء والعظم أجرا جبره على غير اسْتِوَاء وَالشَّيْء أكراه وَفُلَانًا على كَذَا أعطَاهُ أجرا وَالْعَامِل صَاحب الْعَمَل رَضِي أَن يكون أَجِيرا عِنْده وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} تكون أَجِيرا لي وَالله عَبده أثابه أجر:  فلَان فِي وَلَده مَاتَ فَكَانَ لَهُ أجرا عِنْد الله 

أجر (الصّحّاح في اللغة) [0]


الأجْرُ: الثوابُ. تقول أَجَرَهُ الله يَأْجِرُهُ ويَأْجُرُهُ أَجْراً.
وكذلك آجَرَهُ الله إيجَاراً.
وآُجرَ فلانٌ خمسةً من وَلَدِهِ، أي ماتوا فصاروا أَجْرَهُ.
والأُجرَةُ: الكِراءُ. تقول: استأجَرتُ الرجلَ فهو يَأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ، أي يصير أَجيري.
وائْتَجَرَ عليه بكذا، من الأُجْرَةِ. الأصمعي: أجَرَ العظمُ يَأْجُرُ أَجْراً وأُجوراً، أي بَرَأ على عَثْمٍ.
وقد أُجِرَتْ يَدُهُ، أي خُبِرَتْ.
وآجَرَها اللهُ، أي جَبَرَها على عَثْمٍ؛ وآجَرْتُهُ الدارَ: أكْرَيْتُها.
والإجَّارُ: السّطحُ بلغة أهل الشام والحجاز.

السَّبَب (المعجم الوسيط) [0]


 الْحَبل وكل شَيْء يتَوَصَّل بِهِ إِلَى غَيره وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا فأتبع سَببا} والقرابة والمودة وَيُقَال مَالِي إِلَيْك سَبَب طَرِيق و (عِنْد العروضيين) حرفان متحرك فساكن أَو متحركان فَالْأول يُسمى السَّبَب الْخَفِيف وَالثَّانِي يُسمى الثقيل و (فِي الشَّرْع) مَا يُوصل إِلَى الشَّيْء وَلَا يُؤثر فِيهِ كالوقت للصَّلَاة (ج) أَسبَاب وَأَسْبَاب السَّمَاء مراقيها أَو نَوَاحِيهَا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات} وَيُقَال تقطعت بهم الْأَسْبَاب أعيتهم الْحِيَل وَأَسْبَاب الحكم (فِي الْقَضَاء) مَا تسوقه المحكمة من أَدِلَّة واقعية وحجج قانونية لحكمها (مج) 

عَوِصَ (القاموس المحيط) [0]


عَوِصَ الكلامُ، كفرِحَ، وعاصَ يَعاصُ عياصاً وعَوَصاً: صَعُبَ،
و~ الشيءُ: اشْتَدَّ.
وشاةٌ عائِصٌ: لم تَحْمِلْ أعْواماً
ج: عُوْصٌ.
والعَوِيصُ من الشِعْرِ: ما يَصْعُبُ اسْتِخْرَاجُ مَعْنَاهُ،
كالأَعْوَصِ،
و~ من الكَلِمِ: الغَريبةُ،
كالعَوْصَاء،
و~ من الدَّواهي: الشديدةُ، والأمْرُ الصَّعْبُ، والشِّدَّةُ،
و~ من التُّرابِ: الصُّلْبُ،
و~ من الأماكنِ: الشَّئِزُ، والنَّفْسُ، والقُوَّةُ، والحَرَكَةُ، وطَرْقُ الثَّعْلَبِ،
كالعَواصِ.
وعاصٌ وعُوَيْصٌ، كزُبَيْرٍ: وادِيَانِ بينَ الحَرَمَيْنِ.
والعَوُوصُ: شاةٌ لا تَدِرُّ وإنْ جُهِدَتْ.
والأعْوَصُ: ع قُرْبَ المدينَةِ، ووادٍ بِدِيارِ باهِلَةَ،
ويقالُ فيه: الأَعْوَصَيْنِ.
وأعْوَصَ بالخَصْمِ عِياصاً وعَوَصاً، محركةً: لَوَى عليه أمْرَهُ،
. . . أكمل المادة و~ عليه: أدْخَلَ عليه من الحُجَجِ ما عَسُرَ مَخْرَجُهُ منه.
وعَوَّصَ تَعْوِيصاً: ألْقَى بَيْتاً عَويصاً.
وعاوَصَهُ: صارَعَهُ.
واعْتَاصَ الأمْرُ عليه: اشْتَدَّ، والتاثَ عليه فلمْ يَهْتَدِ للصَّوابِ،
و~ الناقَةُ: ضُرِبَتْ فلم تَلْقَحْ.
وعَوْصٌ: عَلَمٌ.

أجر (لسان العرب) [0]


الأَجْرُ: الجزاء على العمل، والجمع أُجور.
والإِجارَة: من أَجَر يَأْجِرُ، وهو ما أَعطيت من أَجْر في عمل.
والأَجْر: الثواب؛ وقد أَجَرَه الله يأْجُرُه ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه الله إِيجاراً.
وأْتَجَرَ الرجلُ: تصدّق وطلب الأَجر.
وفي الحديث في الأَضاحي: كُلُوا وادَّخِرُوا وأْتَجِروا أَي تصدّقوا طالبن لِلأَجْرِ بذلك. قال: ولا يجوز فيه اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الهمزة لا تدغم في التاء لأَنَّه من الأَجر لا من التجارة؛ قال ابن الأَثير: وقد أَجازه الهروي في كتابه واستشهد عليه بقوله في الحديث الآخر: إنّ رجلاً دخل المسجد وقد قضى النبي، صلى الله عليه وسلم، صلاتَه فقال: من يَتّجِر يقوم فيصلي معه، قال: والرواية إِنما هي يأْتَجِر، فإِن صح . . . أكمل المادة فيها يتجر فيكون من التجارة لا من الأَجر كأَنه بصلاته معه قد حصَّل لنفسه تِجارة أَي مَكْسَباً؛ ومنه حديث الزكاة: ومن أَعطاها مُؤْتَجِراً بها.
وفي حديث أُم سلمة: آجَرَني الله في مصيبتي وأَخْلف لي خَيْراً منها؛ آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر والجزاء، وكذلك أَجَرَه يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر منهما آجِرْني وأْجُرْني.
وقوله تعالى: وآتيناه أَجْرَه في الدنيا؛ قيل: هو الذِّكْر الحسن، وقيل: معناه أَنه ليس من أُمة من المسلمين والنصارى واليهود والمجوس إلا وهم يعظمون إِبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل: أَجْرُه في الدنيا كونُ الأَنبياء من ولده، وقيل: أَجْرُه الولدُ الصالح.
وقوله تعالى: فبشره بمغفرة وأَجْر كريم؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ.
وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فهو مأْجور، وآجره، يؤجره إِيجاراً ومؤاجَرَةً، وكلٌّ حسَنٌ من كلام العرب؛ وآجرت عبدي أُوجِرُه إِيجاراً، فهو مُؤْجَرٌ.
وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وفي التنزيل: يا أَيها النبي إِنا أَحللنا لك أَزواجك اللاتي آتيت أُجورهنّ.
وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ؛ وآجر الإِنسانَ واستأْجره.
والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وجمعه أُجَراءُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة: وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فيه، إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابا والاسم منه: الإِجارةُ.
والأُجْرَةُ: الكراء. تقول: استأْجرتُ الرجلَ، فهو يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يصير أَجيري.
وأُتْجَرَ عليه بكذا: من الأُجرة؛ وقال أَبو دَهْبَلٍ الجُمحِي، والصحيح أَنه لمحمد بن بشير الخارجي:يا أَحْسنَ الناسِ، إِلاّ أَنّ نائلَها، قِدْماً لمن يَرْتَجي معروفها، عَسِرُ وإِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ به، وإِنما قَلْبُها للمشتكي حَجَرُ هل تَذْكُريني؟ ولمَّا أَنْسَ عهدكُمُ، وقدْ يَدومَ لعهد الخُلَّةِ الذِّكَرُ قَوْلي، ورَكْبُكِ قد مالت عمائمهُمُ، وقد سقاهم بكَأْس النَّومَةِ السهرُ: يا لَيْت أَني بأَثوابي وراحلتي عبدٌ لأَهلِكِ، هذا الشهرَ، مُؤْتَجَرُ إن كان ذا قَدَراً يُعطِيكِ نافلةً منَّا ويَحْرِمُنا، ما أَنْصَفَ القَدَرُ جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها، ترمي القلوبَ بقوسٍ ما لها وَتَرُ قوله: يا ليت أَني بأَثوابي وراحلتي أَي مع أَثوابي.
وآجرته الدارَ: أَكريتُها، والعامة تقول وأَجرْتُه.
والأُجْرَةُ والإِجارَةُ والأُجارة: ما أَعْطيتَ من أَجرٍ. قال ابن سيده: وأُرى ثعلباً حكى فيه الأَجارة، بالفتح.
وفي التنزيل العزيز: على أَن تأْجُرني ثماني حِجَجٍ؛ قال الفرّاءُ: يقول أَن تَجْعَلَ ثوابي أَن ترعى عليَّ غَنمي ثماني حِجَج؛ وروى يونس: معناها على أَن تُثِبَني على الإِجارة؛ ومن ذلك قول العرب: آجركَ اللهُ أَي أَثابك الله.
وقال الزجاج في قوله: قالت إحداهما يا أَبَتِ استأْجِرْهُ؛ أَي اتخذه أَجيراً؛ إِن خيرَ مَن اسْتأْجرتَ القَويُّ الأَمينُ؛ أَي خيرَ من استعملت مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ وأَدَّى الأَمانة. قال وقوله: على أَن تأْجُرَني ثمانيَ حِجَج أَي تكون أَجيراً لي. ابن السكيت: يقال أُجِرَ فلانٌ خمسةً من وَلَدِه أَي ماتوا فصاروا أَجْرَهُ.
وأَجِرَتْ يدُه تأْجُر وتَأْجِرُ أَجْراً وإِجاراً وأُجوراً: جُبِرَتْ على غير استواء فبقي لها عَثْمٌ، وهو مَشَشٌ كهيئة الورم فيه أَوَدٌ؛ وآجَرَها هو وآجَرْتُها أَنا إِيجاراً. الجوهري: أَجَرَ العظمُ يأْجُر ويأْجِرُ أَجْراً وأُجوراً أَي برئَ على عَثْمٍ.
وقد أُجِرَتْ يدُه أَي جُبِرَتْ، وآجَرَها اللهُ أَي جبرها على عَثْمٍ.
وفي حديث ديَة التَّرْقُوَةِ: إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كان فيها أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة؛ الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً وأُجوراً إِذا جُبرت على عُقْدَة وغير استواء فبقي لها خروج عن هيئتها.
والمِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كما يَصْلُبُ العظم المجبور؛ قال الأَخطل: والوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ في شَرِيدِهِم، كأَنه لاعبٌ يسعى بِمِئْجارِ الكسائي: الإِجارةُ في قول الخليل: أَن تكون القافيةُ طاء والأُخرى دالاً.
وهذا من أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ على غير استواءٍ؛ وهو فِعَالَةٌ من أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ من أَمَرَ.
والأُجُورُ واليَأْجُورُ والآجُِرُون والأُجُرُّ والآجُرُّ والآجُِرُ: طبيخُ الطين، الواحدة، بالهاء، أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّة؛ أَبو عمرو: هو الآجُر، مخفف الراء، وهي الآجُرَة.
وقال غيره: آجِرٌ وآجُورٌ، على فاعُول، وهو الذي يبنى به، فارسي معرّب. قال الكسائي: العرب تقول آجُرَّة وآجُرَّ للجمع، وآجُرَةُ وجمعها آجُرٌ، وأَجُرَةٌ وجمعها أَجُرٌ، وآجُورةٌ وجمعها آجُورٌ.
والإِجَّارُ: السَّطح، بلغة الشام والحجاز، وجمع الإِجَّار أَجاجِيرُ وأَجاجِرَةٌ. ابن سيده: والإِجَّار والإِجَّارةُ سطح ليس عليه سُتْرَةٌ.
وفي الحديث: من بات على إِجَّارٍ ليس حوله ما يَرُدُ قدميه فقد بَرِئَتْ منه الذمَّة. الإِجَّارُ، بالكسر والتشديد: السَّطحُ الذي ليس حوله ما يَرُدُ الساقِطَ عنه.
وفي حديث محمد بن مسلمة: فإِذا جارية من الأَنصار على إِجَّارٍ لهم؛ والأَنْجارُ، بالنون: لغة فيه، والجمع الإِناجِيرُ.
وفي حديث الهجرة: فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، في السوق وعلى الأَجاجيرِ والأَناجِيرِ؛ يعني السطوحَ، والصوابُ في ذلك الإِجَّار.ابن السكيت: ما زال ذلك إِجِّيراهُ أَي عادته.
ويقال لأُم إِسمعيلَ: هاجَرُ وآجَرُ، عليهما السلام.

وعظ (لسان العرب) [0]


الوَعْظ والعِظةُ والعَظةُ والمَوْعِظةُ: النُّصْح والتذْكير بالعَواقِب؛ قال ابن سيده: هو تذكيرك للإِنسان بما يُلَيِّن قلبَه من ثواب وعِقاب.
وفي الحديث: لأَجْعلنك عِظة أَي مَوْعظة وعِبرة لغيرك، والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة.
وفي التنزيل: فمَن جاءه مَوْعِظة من ربه؛ لم يجئ بعلامة التأْنيث لأَنه غير حقيقي أَو لأَن الموعِظة في معنى الوَعْظ حتى كأَنه قال: فمن جاءه وعظ من ربه، وقد وَعَظه وَعْظاً وعِظة، واتَّعَظَ هو: قَبِل الموعظة، حين يُذكر الخبر ونحوه.
وفي الحديث: وعلى رأْس السّراط واعظُ اللّه في قلب كل مسلم، يعني حُجَجه التي تَنْهاه عن الدُّخول فيما منعه اللّه منه وحرَّمه عليه والبصائر التي جعلها فيه.
وفي . . . أكمل المادة الحديث أَيضاً: يأْتي على الناسِ زَمان يُسْتَحَلُّ فيه الرّبا بالبيع والقَتلُ بالموعظة؛ قال: هو أَن يُقتل البَريءُ ليتَّعِظَ به المُرِيب كما قال الحجاج في خطبته: وأَقْتلُ البريء بالسَّقِيم.
ويقال: السَّعِيدُ من وُعِظ بغيره والشقيُّ من اتَّعَظ به غيره. قال: ومن أَمثالهم المعروفة: لا تَعِظيني وتَعَظْعَظِي أَي اتَّعِظي ولا تَعِظيني؛ قال الأَزهري: وقوله وتعظعظي وإِن كان كمكرّر المضاعف فأَصله من الوعظ كما قالوا خَضْخَضَ الشيءَ في الماء، وأَصله من خَضَّ.

عكظ (لسان العرب) [0]


عَكَظ دابَّتَه يَعْكِظُها عَكْظاً: حبَسها.
وتعَكَّظ القومُ تَعَكُّظاً إِذا تَحَبَّسُوا لينظروا في أُمورهم، ومنه سميت عُكاظ.
وعكظَ الشيءَ يَعْكِظُه: عَرَكَه.
وعَكَظ خَصْمَه باللَّدَد والحُجَج يَعْكِظه عَكْظاً: عَرَكه وقَهَره.
وعَكَّظَه عن حاجته ونَكَّظه إِذا صرَفَه عنها.
وتَعاكَظَ القومُ: تَعارَكُوا وتَفاخَرُوا.
وعُكاظ: سُوق للعرب كانوا يتَعاكَظُون فيها؛ قال الليث: سميت عكاظاً لأَن العرب كانت تجتمع فيها فيَعْكِظ بعضُهم بعضاً بالمُفاخَرة أَي يَدْعَكُ، وقد ورد ذكرها في الحديث؛ قال الأَزهري: هي اسم سُوق من أَسْواق العرب ومَوْسمٌ من مَواسِم الجاهلية، وكانت قبائل العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون بها ويَحْضُرها الشعراء فيتناشدون ما أَحدثوا من الشعر، ثم يَتفرّقون، قال: وهي بقرب مكة كان العرب يجتمعون بها . . . أكمل المادة كل سنة فيُقيمون شهراً يَتبايَعُون ويتفاخرون ويتناشدون، فلما جاء الإِسلام هدَمَ ذلك؛ ومنه يَوْما عُكاظ لأَنه كانت بها وقعة بعد وقعة؛ قال دُرَيْد بن الصِّمّة: تَغَيَّبْتُ عن يَوْمَيْ عُكاظ كِلَيْهِما، وإِن يَكُ يومٌ ثالِثٌ أَتَغَيَّبُ قال اللحياني: أَهل الحجاز يُجرونها وتَمِيم لا تجريها؛ قال أَبو ذؤيب: إِذا بُنيَ القِبابُ على عُكاظٍ، وقامَ البيْعُ واجْتَمعَ الأُلوفُ أَراد بعكاظ فوضَع على موضع الباء.
وأَدِيمٌ عُكاظِيٌّ: منسوب إِليها وهو مما حُمل إِلى عكاظ فبيعَ بها.
وتَعَكَّظ أَمرُه: التَوَى. ابن الأَعرابي: إِذا اشتد على الرجل السفَر وبعدُ قيل تَنَكَّظ، فإِذا التوى عليه أَمرُه فقد تعكَّظ. تقول العرب: أَنت مرة تَعَكَّظُ ومرة تَنَكَّظُ؛ تَعَكَّظُ: تمنَّع، وتنكَّظُ: تعجَّل.
وتعكَّظ عليه أَمرُه: تمنَّع وتحبَّس.
ورجل عَكِظٌ: قصير.

من (الصّحّاح في اللغة) [0]


مَنْ اسمٌ لمن يصلُح أن يخاطب، وهو مبهَم غير متمكّن، وهو في اللفظ واحد ويكون في معنى الجماعة، كقوله تعالى: "ومِنَ الشياطينِ مَنْ يَغوصونَ له".
ولها أربعة مواضع: الاستفهام، نحو مَنْ عندك.
والخبر، نحو رأين مَنْ عندك.
والجزاء، نحو مَنْ يُكرِمُني أُكرِمه.
وتكون نكرةً موصوفةً، نحو مررت بمَنْ مُحْسِنٍ، أي بإنسانٍ مُحْسِنٍ.
وإذا جعلت مَنْ اسماً متمكِّناً شدَّدته لأنَّه على حرفين. كقول الراجز:
      حتَّى أنَخْناها إلى مَنٍّ ومَنْ

أي أبركناها إلى رجلٍ وأيِّ رجل يريد بذلك تعظيم شأنه.
و"مِنْ" بالكسر: حرفٌ خافضٌ، وهو لابتداء الغاية: كقولك: خرجت مِنْ بغدادَ إلى الكوفة.
وقد تكون للتبعيض كقولك: هذا الدرهم مِنْ الدراهم.
وقد تكون للبيان والتفسير، كقولك: لله درّك . . . أكمل المادة مِنْ رجلٍ! فتكون مِنْ مفسِّرةً للاسم المكنَّى في قولك درّك وترجمةً عنه.
وقوله تعالى: "ويُنَزِّلُ مِنَ السماءِ مِنْ جِبالٍ فيها مِنْ بَرَدٍ"، فالأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للتفسير والبيان.
وقد تدخل مِنْ توكيداً لغواً كقولك: ما جاءني مِنْ أحدٍ، وويحَهُ مِنْ رجلٍ، أكَّدتهما بمِنْ.
وقوله تعالى: "فاجتنبوا الرِجْسَ مِنَ الأوثان"، أي فاجتنبوا الرِجْسَ الذي هو الأوثان.
وكذلك ثوبٌ مِنْ خَزٍّ.
وقال الأخفش في قوله تعالى: "وتَرى الملائكةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْش" وقوله تعالى: "ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ": إنَّما أدخل مِنْ توكيداً، كما تقول رأيت زيداً نفسه.
وتقول العرب: ما رأيته مِنْ سنةٍ، أي منذ سنة. قال تعالى: "لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التَّقوى مِنْ أوَّلِ يومٍ".
وقال زهير:
أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومِنْ دَهْرِ      لِمَنِ الديارُ بقُنَّةِ الحِـجْـرِ

وقد تكون بمعنى على، كقوله تعالى: "ونَصَرْناهُ مِنَ القوم"، أي على القوم.
وقولهم في القَسَمِ: مِنْ ربّي ما فعلتُ، فمِنْ حرف جرّ وضعت موضع الباء ههنا، لأنَّ حروف الجر ينوب بعضُها عن بعض إذا لم يلتبس المعنى.
ومن العرب من يحذف نونه عند الألف واللام لالتقاء الساكنين، كما قال:
غير الذي قد يقال مِلْكَذَبِ      أبلغْ أبا دَخْتَنوسَ مَـأْلُـكَةً

نبأ (لسان العرب) [0]


النَّبَأُ: الخبر، والجمع أَنْبَاءٌ، وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً.
وقوله عز وجل: عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم. قيل عن القرآن، وقيل عن البَعْث، وقيل عن أَمْرِ النبي، صلى اللّه عليه وسلم.
وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه، وكذلك نَبَّأَه، متعدية بحرف وغير حرف، أَي أَخبر.
وحكى سيبويه: أَنا أَنْبُؤُك، على الإِتباع.
وقوله: إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة، فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ. قال ابن سيده: والبيت هكذا وجد، وهو لا محالة ناقص.
واسْتَنْبأَ النَّبَأَ: بحَث عنه.
ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي: أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي. قال ذو الرمة يهجو قوماً: زُرْقُ العُيُونِ، إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا * ما يَسْرِقُ العَبْدُ، أَو . . . أكمل المادة نَابَأْتَهُم كَذَبُوا وقيل: نَابَأْتَهم: تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم.
وقوله عز وجل: فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون . قال الفرَّاءُ: يقول القائل قال اللّه تعالى: وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون؛ كيف قال ههنا: فهم لا يتساءَلُون؟ قال أَهل التفسير: انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ، فسكتوا، فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون. قال أَبو منصور: سمَّى الحُجَج أَنـْبَاءً، وهي جمع النَّبَإِ، لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه، عز وجل. الجوهري: والنَبِيءُ: الـمُخْبِر عن اللّه، عز وجل، مَكِّيَّةٌ، لأَنه أَنْبَأَ عنه، وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ. قال ابن بري: صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ.
وفي النهاية: فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر، لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ. قال: ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه. يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنـْبَأَ. قال سيبويه: ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة،بالهمز، غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ، إِلاّ أَهلَ مكة، فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها، ويُخالِفون العرب في ذلك. قال: والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك. أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه، فقال له: لا تَنْبِر باسْمي، فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه.
وفي رواية: فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه.
وذلك أَنه، عليه السلام، أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك، وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع، فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ.
والجمع: أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ. قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ: يا خاتِمَ النُّبَآءِ، إِنَّكَ مُرْسَلٌ * بالخَيْرِ، كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً * في خَلْقِه، ومُحَمَّداً سَمَّاكا قال الجوهري: يُجْمع أَنْبِيَاء، لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف العلة كَعِيد وأَعْياد، على ما نذكره في المعتل. قال الفرَّاءُ: النبيُّ: هو من أَنـْبَأَ عن اللّه، فَتُرِك هَمزه. قال: وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ، وهي الارتفاع عن الأَرض، أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق، فأَصله غير الهمز.
وقال الزجاج: القِرَاءة المجمع عليها، في الـنَّبِيِّين والأَنـْبِياء، طرح الهمز، وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا.
واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر. قال: والأَجود ترك الهمز؛ وسيأْتي في المعتل.
ومن غير المهموز: حديث البَراءِ. قلت: ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ، فردَّ عَليَّ وقال: ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ. قال ابن الأَثير: انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ، ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة، ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن، وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين.
والرَّسولُ أَخصُّ من النبي، لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً.
ويقال: تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ.
وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين الـمُتَنَبِّينَ.
وتصغير النَّبِيءِ: نُبَيِّئٌ، مثالُ نُبَيِّعٍ.
وتصغير النُّبُوءة: نُبَيِّئَةٌ، مثال نُبَيِّعةٍ. قال ابن بري: ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ، بالهمز على القطع بذلك. قال: وليس الأَمر كما ذَكر، لأَن سيبويه قال: من جمع نَبِيئاً على نُبَآء قال في تصغيره نُبَيِّئ، بالهمز، ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء قال في تصغيره نُبَيٌّ، بغير همز. يريد: من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير، ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير.
وقيل: الـنَّبيُّ مشتق من الـنَّبَاوةِ، وهي الشيءُ الـمُرْتَفِعُ.
وتقول العرب في التصغير: كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ. قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه: كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ، فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير، وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير.
وقوله عز وجل: وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح. فقدّمه، عليه الصلاة والسلام، على نوح، عليه الصلاة والسلام، في أَخذ المِيثاق، فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ، وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير، فالمعنى على مذهب أَهل اللغة: ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ.
وجاء في التفسير: إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم. فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام، وهو على نَسَقِه.
وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ، وهي النُّبُوءة.
وتَنَبَّأَ الرَّجل: ادّعَى النُّبُوءة.
ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ.
ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم.
ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها.
ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: طَرأَ.
والنابِئُ: الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج. قال عديّ بن زيد يصف فرساً: ولَهُ النَّعْجةُ الـمَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْـ * ـبِ، عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ أَرادَ بالنَّابِئِ: الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد، يقال: نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد.
ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى.
وسَيْلٌ نابِئٌ: جاء من بلد آخَر.
ورجل نا بِئٌ. كذلك قال الأَخطل: أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى، * فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها، * ولا بِذُبابٍ، نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ(1) (1«وليس قذاها إلخ» سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه.) ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ، * أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري ويروى: قداها، بالدال المهملة. قال: وصوابه بالذال المعجمة.
ومن هنا قال الأَعرابي له، صلى اللّه عليه وسلم، يا نَبِيءَ اللّه، فهَمز، أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة، فأَنكر عليه الهمز، لأَنه ليس من لغة قريش.ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً: هَجَم وطَلَع، وكذلك نَبَهَ ونَبَع، كلاهما على البدل.
ونَبَأَتْ به الأَرضُ: جاءَت به قال حنش بن مالك: فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ، فإِنَّ الحُتُو * فَ يَنْبَأْنَ بالـمَرْءِ في كلِّ واد ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً: ارْتَفَعَ.
والنَّبْأَةُ: النَّشْزُ، والنَبِيءُ: الطَّرِيقُ الواضِحُ.
والنَّبْأَةُ: صوتُ الكِلاب، وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان.
وقد نَبَأَ نَبْأً.
والنَّبْأَةُ: الصوتُ الخَفِيُّ. قال ذو الرمة: وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ، نَدُسٌ، * بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ، ما في سَمْعِه كَذِبُ الرِّكْزُ: الصوتُ.
والـمُقْفِرُ: أَخُو القَفْرةِ، يريد الصائد.
والنَّدُسُ: الفَطِنُ. التهذيب: النَّبْأَةُ: الصوتُ ليس بالشديد. قال الشاعر: آنَسَتْ نَبْأَةً، وأَفْزَعَها القَنَّاصُ * قَصْراً، وقَدْ دَنا الإِمْساءُ أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ.

عوص (لسان العرب) [0]


العَوَصُ: ضِدُّ الإِمكان واليُسْرِ؛ شيءٌ أَعْوَصُ وعَوِيصٌ وكلامٌ عَوِيصٌ؛ قال: وأَبْني من الشِّعْرِ شِعْراً عَوِيصا، يُنَسِّي الرُّواةَ الذي قد رَوَوْا ابن الأَعرابي: عَوَّصَ فلانٌ إِذا أَلقَى بيتَ شِعْر صَعْبَ الاستخراج.
والعَوِيصُ من الشِّعْر: ما يصعب استخراجُ معناه.
والكِلمةُ العَوصاءُ: الغريبة. يقال: قد أَعْوَصْت يا هذا.
وقد عَوِصَ الشيءُ، بالكسر، وكلام عَويصٌ وكلمة عَويصةٌ وعوصاء.
وقد اعْتاصَ وأَعْوَصَ في المَنْطِق: غَمَّضَه.
وقد عاصَ يَعاصُ وعَوِصَ يَعْوَصُ واعْتاصَ عليَّ هذا الأَمرُ يَعْتاصُ، فهو مُعْتاصٌ إِذا الْتاثَ عليه أَمرهُ فلم يَهْتَدِ لجهة الصواب فيه.
وأَعْوَصَ فلان بخَصمِه إِذا أَدخل عليه من الحُجَج ما عَسُرَ عليه المَخْرجُ منه.
وأَعْوَصَ بالخصم: أَدْخَله فيما لا يَفْهَم؛ قال لبيد: فلقد أُعْوِصُ . . . أكمل المادة بالخَصْم، وقد أَمْلأُ الجَفْنةَ من شَحْمِ القُلَلْ وقيل: أَعْوصَ بالخَصْم لَوى عليه أَمرَه.
والمُعْتاصُ: كل متشدّد عليك فيما تريده منه.
واعْتاصَ عليه الأَمرُ: التوى.
وعَوَّصَ الرجلَ إِذا لم يَسْتَقِمْ في قول ولا فعل.
ونهْرٌ فيه عَوَصٌ: يجري مرة كذا ومرة كذا.
والعَوْصاءُ: الجَدْبُ.
والعَوْصاءُ والعَيْصاءُ على المعاقبة جميعاً: الشدّةُ والحاجةُ، وكذلك العَوْصُ والعَوِيصُ والعائصُ، الأَخيرة مصدر كالفالِجِ ونحوه.
ويقال: أَصابَتْهم عَوصاءُ أَي شدّةٌ؛ وأَنشد ابن بري: غير أَن الأَيامَ يَفْجَعْنَ بالْمَرْ ءِ، وفيها العَوْصاءُ والمَيْسورُ وداهية عَوصاءُ: شديدة.
والأَعْوَص: الغامضُ الذي لا يُوقَفُ عليه.
وفلان يركب العَوْصاء أَي يركب أَصْعبَ الأُمور؛ وقول ابن أَحمر: لم تَدْرِ ما نَسْجُ الأَرَنْدَج قبله، ودرَاسُ أَعْوَصَ دارس مُتَخَدِّد أَراد دِرَاس كتابٍ أَعْوَصَ عليها متخدّد بغيرها.
واعْتاصَت الناقةُ: ضرَبها الفحلُ فلم تَحْمِل من غير علّة، واعْتاصَت رَحِمها كذلك؛ وزعم يعقوب أَن صادَ اعْتاصَت بدلٌ من طاء اعْتاطَت، قال الأَزهري: وأَكثر الكلام اعتاطت، بالطاء، وقيل: اعْتاصَت للفرس خاصة، واعْتاطَت للناقة.
وشاةٌ عائصٌ إِذا لم تحمل أَعواماً. ابن شميل: العَوْصاء المَيْثاء المخالفة، وهذه مَيْثاءُ عَوْصاءُ بَيِّنة العَوَصِ.
والعَوْصاءُ: موضع؛ وأَنشد ابن بري للحرث: أَدْنى دِيارِها العَوْصاءُ وحكى ابن بري عن ابن خالويه: عَوْصٌ اسم قبيلة من كلب؛ وأَنشد: متى يَفْتَرِشْ يوماً غُلَيْمٌ بِغارةٍ، تكونوا كعَوْصٍ أَو أَذْلَّ وأَضْرَعا والأَعْوصُ: موضع قريب من المدينة. قال ابن بري: وعَوِيصُ الأَنفِ ما حوله؛ قالت الخِرْنِق: همُ جَدَعُوا الأَنْفَ الأَشَمَّ عَوِيصُه، وجَبُّوا السِّنامَ فالْتَحَوْه وغارِبَه

زرع (لسان العرب) [0]


زَرَعَ الحَبَّ يَزْرَعُه زَرْعاً وزِراعةً: بَذَره، والاسم الزَّرْعُ وقد غلب على البُرّ والشَّعِير، وجمعه زُرُوع، وقيل: الزرع نبات كل شيء يحرث، وقيل: الزرْع طرح البَذْر؛ وقوله: إِنْ يأْبُروا زَرْعاً لِغَيْرِهم، والأَمْرُ تَحْقِرُه وقد يَنْمِي قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءهم ليستعينوا بهم على قوم آخرين؛ واستعار عليّ، رضوان الله عليه، ذلك للحِكمة أَو للحُجة وذكر العلماء الأَتقياء: بهم يحفظ الله حُجَجَه حتى يُودِعُوها نُظَراءَهم ويَزْرَعُوها في قلوب أَشباههم.
والزَّرِّيعةُ: ما بُذِرَ، وقيل: الزِّرِّيعُ ما يَنْبُتُ في الأَرض المُسْتَحيلةِ مما يَتناثر فيها أَيامَ الحَصاد من الحَبّ. قال ابن بري: والزَّرِيعةُ، بتخفيف الراء، الحبّ الذي يُزْرَع ولا تَقُلْ زَرِّيعة، . . . أكمل المادة بالتشديد، فإِنه خطأٌ.
والله يَزْرَعُ الزرعَ: يُنَمِّيه حتى يبلغ غايته، على المثل.
والزرعُ: الإِنباتُ، يقال: زَرَعه الله أَي أَنبته.
وفي التنزيل: أَفرأَيتم ما تحرثون أَأَنتم تزرعونه أَم نحن الزارعون؛ أَي أَنتم تُنَمُّونه أَم نحن المُنَمُّون له.
وتقول للصبي: زَرَعه الله أَي جَبَره الله وأَنبته.
وقوله تعالى: يُعْجِب الزُّرّاع ليغيظ بهم الكفار؛ قال الزجاج: الزُّرّاعُ محمد، صلى الله عليه وسلم، وأَصحابه الدُّعاةُ إِلى الإِسلام، رضوان الله عليهم.
وأَزْرَعَ الزرْعُ: نبت ورقه؛ قال رؤبة: أَو حَصْد حَصْدٍ بعدَ زَرْعٍ أَزْرَعا وقال أَبو حنيفة: ما على الأَرض زُرْعةٌ واحدة ولا زَرْعة ولا زِرْعة أَي موضع يُزْرَعُ فيه.
والزَّرّاعُ: مُعالِجُ الزرعِ، وحِرْفته الزِّراعةُ.
وجاء في الحديث: الزَّرَّاعةُ، بفتح الزاي وتشديد الراء، قيل هي الأَرض التي تُزْرَعُ.
والمُزْدَرِعُ: الذي يَزْدَرِعُ زَرْعاً يتخصص به لنفسه.
وازْدَرَعَ القومُ: اتخذوا زَرْعاً لأَنفسهم خصوصاً أَو احترثوا، وهو افتعل إِلا أَنّ التاء لما لانَ مخْرجها ولم توافق الزاي لشدّتها أَبدلوا منها دالاً لأَن الدال زالزاي مجهورتان والتاء مهموسة.
والمُزارَعةُ: معروفة.
والمَزْرَعةُ والمَزْرُعةُ والزّرّاعةُ والمُزْدَرَعُ: موضع الزرع؛ قال الشاعر: واطْلُبْ لنَا منْهُمُ نَخْلاً ومُزْدَرَعاً، كما لِجِيراننا نَخْلٌ ومُزْدَرَعُ مُفْتَعَلٌ من الزرع؛ وقال جرير: لَقَلَّ غناءٌ عنكَ في حَرْبِ جَعْفَرٍ، تُغَنِّيكَ زَرّاعاتُها وقُصُورُها أَي قَصِيدتك التي تقول فيها زَرّاعاتها وقصورها.
والزَّرِيعةُ: الأَرضُ المزروعةُ، ومَنِيُّ الرجل زَرْعُه؛ وزَرْعُ الرجل ولَدُه.
والزَّرّاعُ: النمَّام الذي يزرع الأَحْقادَ في قلوب الأَحِبَّاء.
والمَزْرُوعانِ من بني كعب بن سعد بن زيد مَناةَ ابن تميم: كعبُ بنُ سعد ومالكُ بن كعب بن سعد.
وزَرْعٌ: اسم.
وفي الحديث: كنتُ لكِ كأَبي زَرْع لأُمّ زرع.
وزُرْعةُ وزُرَيْعٌ وزَرْعانُ: أَسماء.
وزارعٌ وابن زارعٍ، جميعاً: الكلبُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وزارعٌ من بَعْدِه حتى عَدَلْ

العُذْرُ (القاموس المحيط) [0]


العُذْرُ، بالضم: م
ج: أعْذارٌ، عَذَرَهُ يَعْذِرُهُ عُذْراً وعُذُوراً وعُذْرَى ومَعْذِرَةً ومَعْذُورةً، وأعْذَرَه، والاسمُ: المَعْذَِرَةُ، مُثَلَّثَةَ الذالِ، والعِذْرَةُ بالكسر،
وأعْذَرَ: أبْدَى عُذْراً، وأحْدَثَ، وثَبَثَ له عُذْرٌ، وقَصَّرَ ولم يُبالِغْ وهو يُرِي أنه مُبالِغٌ، وبالَغَ، كأنه ضِدٌّ، وكثُرَتْ ذُنُوبُه وعُيُوبُه،
كعَذَرَ، ومنه: "لَنْ يَهْلِكَ الناسُ حتى يَعْذِرُوا من أنفسِهم"،
و~ الفرسَ: ألْجَمَهُ، أو جَعَلَ له عِذاراً،
و~ الغُلامَ: خَتَنَهُ،
كعَذَرَهُ يَعْذِرُه،
و~ للقومِ: عَمِلَ طَعامَ الخِتانِ، وأنْصَفَ،
و~ في ظَهْرِهِ: ضَرَبَهُ فأثَّرَ فيه،
و~ الدارُ: كثُرَتْ فيه العَذِرَةُ.
وعَذَّرَ تَعْذِيراً: لم يَثْبُتْ له عُذْرٌ،
كعاذَرَ،
و~ الغُلامُ: نَبَتَ شَعْرُ عِذَارِهِ،
و~ الشيءَ: لَطَخَه بالعَذِرَةِ،
و~ الدارَ: طَمَسَ آثارَها، واتَّخَذَ . . . أكمل المادة طَعَامَ العِذَارِ ودَعَا إليه.
وتَعَذَّرَ: تَأخَّرَ،
و~ الأمْرُ: لم يَسْتَقِمْ،
و~ الرَّسمُ: دَرَسَ،
كاعْتَذَرَ، وتَلَطَّخَ بالعَذِرَةِ، واحْتَجَّ لنفسِهِ.
وفَرَّ.
والعَذِيرُ: العاذِرُ، والحالُ التي تُحاوِلُها تُعْذَرُ عليها، والنَّصيرُ.
والعِذَارُ من اللِّجامِ: ما سَالَ على خَدِّ الفَرَسِ.
وعَذَرَ الفَرَسَ به يَعْذِرُهُ ويَعْذُرُهُ: شَدَّ عِذَارَهُ،
كأعْذَرَهٌ
ج: عُذُرٌ، وجانِبا اللِّحْيَةِ، وطَعامُ البِناءِ والخِتانِ، وأن تَسْتَفيدَ شيئاً جديداً فَتَتَّخِذَ طَعاماً تَدْعُو إليه إخْوانَكَ،
كالإِعْذارِ والعَذيرَةِ والعَذيرِ فيهما، وغِلَظٌ من الأرضِ يَعْتَرِضُ في فَضَاءٍ واسعٍ،
و~ من العِراقِ: ما انْفَسَحَ عن الطَّفِّ.
وعِذَارَيْن في قولِ ذي الرُّمَّةِ: حَبْلانِ مُسْتَطيلانِ من الرملِ، أو طَريقانِ، والحَياءُ، وسِمَةٌ في موضِعِ العِذَارِ،
كالعُذْرةِ،
و~ من النَّصلِ: شَفْرَتَاهُ، والخَدُّ،
كالمُعَذِّرِ، وما يَضُمُّ حَبْلَ الخِطَامِ إلى رأسِ البَعيرِ.
والعُذْرُ، بالضم: النُّجْحُ، والغَلَبَةُ، وبهاءٍ: الناصِيَةُ، وهيَ الخُصْلَةُ من الشَّعَرِ، وقُلْفَةُ الصَّبِيِّ، والشَّعَرُ على كاهِلِ الفَرَسِ، والبَظْرُ، والخِتانُ، والبَكَارَةُ، وخمسةُ كواكِبَ في آخِرِ المَجَرَّةِ، وافتِضاضُ الجارِيةِ، ومُفْتَضُّها: أبو عُذْرِها، ونَجْمٌ إذا طَلَعَ، اشْتَدَّ الحَرُّ، والعَلامَةُ، وداءٌ في الحَلْقِ،
كالعاذُور، أو وَجَعُهُ من الدَّمِ.
وعَذَرَهُ فَعُذِرَ، وهو مَعْذُورٌ، واسْمُ ذلك المَوْضِعِ، وبِلا لامٍ: قَبيلَةٌ في اليَمنِ.
والعَذْراءُ: البِكْرُ
ج: العَذَارَى والعَذَارِي والعَذْرَاواتُ، وشيءٌ من حديدٍ يُعَذَّب به الإِنسانُ لإِقْرارٍ بأمْرٍ ونحوهِ، ورَمْلَةٌ لم تُوطَأْ، ودُرَّةٌ لم تُثْقَبْ، وبُرْجُ السُّنْبُلَةِ أو الجَوْزاءِ، ومدينةُ النبي، صلى الله عليه وسلم،
وبِلا لامٍ: ع على بَريدٍ من دِمَشْقَ، قُتِلَ به مُعاوِيةُ بنُ حُجْرٍ،
أو ة بالشامِ م.
والعاذِرُ: عِرْقُ الاسْتِحاضَةِ، وأثَرُ الجُرْحِ، والغائِطُ،
كالعاذِرَةِ والعَذِرَةِ.
والعَذِرَةُ: فِناءُ الدَّارِ، ومجلِسُ القومِ، وأرْدَأُ ما يَخْرُجُ من الطَّعامِ.
والمَعاذِيرُ: السُّتُورُ، والحُجَجُ، الواحدُ: مِعْذَارٌ.
والعَذَوَّرُ، كعَمَلَّسٍ: الواسِعُ الجَوْفِ الفَحَّاشُ من الحَميرِ، والسَّيِّئُ الخُلُقِ الشديدُ النَّفْسِ، والمَلِكُ الشديدُ.
واعْتَذَرَ: شَكا،
و~ العِمامَةَ: أرْخَى لها عَذَبَتَيْنِ من خَلْفُ،
و~ المِياهُ: انْقَطَعَتْ.
وعَذَرٌ، كَحَسَنٍ، ابنُ وائلٍ: جَدٌّ لأَبي موسى الأَشْعَرِيِّ.
وكزُفَرَ: ابنُ سعدٍ من هَمْدانَ.
وضُرِبَ زَيْدٌ فأُعْذِرَ: أُشْرِفَ به على الهَلاكِ.
وقولهُ تعالى: {وجاءَ المُعَذِّرُونَ}، بتشديدِ الذالِ المكسُورَةِ، أي: المُعْتَذِرونَ الذين لهم عُذْرٌ، وقد يكونُ المُعَذِّرُ غيرَ مُحِقٍّ، فالمَعْنى: المُقَصِّرونَ بغيرِ عُذْرٍ، وقَرَأ ابنُ عَبَّاسٍ بالتخفيف، من أعْذَرَ، وكان يقولُ: والله لهكَذا أُنْزلَتْ.
وكان يقولُ: لَعَن اللّهُ المُعَذِّرِينَ. كأَنَّ المُعَذِّرَ عندَه إنما هو غيرُ المُحِقِّ، وبالتخفيف: من له عُذْرٌ.

نَقَرَهُ (القاموس المحيط) [0]


نَقَرَهُ: ضَرَبَهُ، وعابَهُ، والاسمُ: النَّقَرَى، كجَمَزَى،
و~ البَيْضَةَ عن الفَرْخِ: نَقَبَها.
و~ {في الناقورِ}، أي الصُّورِ: نَفَخَ،
و~ في الحَجَرِ: كتَبَ،
و~ الطائرُ: لَقَطَ من هَهُنا وههنا.
والمِنْقارُ: حَديدَةٌ كالفَأْسِ يُنْقَرُ بها،
و~ من الطائِرِ: مِنْسَرُهُ،
و~ من الخُفِّ: مُقَدَّمُهُ.
والنَّقيرُ: النُّكْتَةُ في ظَهْرِ النَّواةِ،
كالنُّقْرَةِ والنِقْرِ، بالكسر،
والأُنْقُورِ، بالضم، وما نُقِرَ من الحَجَرِ والخَشَبِ ونحوِهِ، وقد نُقِرَ وانْتُقِرَ، وجِذْعٌ يُنْقَرُ ويُجْعَلُ فيه كالمَراقِي، يُصْعَدُ عليه إلى الغُرَفِ، وأصلُ خَشَبَةٍ يُنْقَرُ، فَيُنْبَذُ فيه، فَيَشْتَدُّ نَبيذُهُ، وأصلُ الرجلِ ونِجارُهُ، والفَقيرُ جِدًّا، وذُبابٌ أسْوَدُ.
والمُنْقُرُ، كمُنْخُلٍ ومِنْبَرٍ: الخَشَبَةُ التي تُنْقَرُ للشَّرابِ
ج: مَناقيرُ شاذٌّ، والبئْرُ الصَّغيرَةُ الضَّيِّقَةُ الرأس في صُلْبَة . . . أكمل المادة من الأرضِ، أو الكثيرَةُ الماءِ، والحَوْضُ.
والنُّقْرَةُ: الوَهْدَةُ المُسْتَديرَةُ في الأرضِ
ج: نُقَرٌ ونِقارٌ، ومُنْقَطَعُ القَمَحْدُوَةِ في القَفا، والقِطْعَةُ المُذابَةُ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ
ج: نِقارٌ، ووقْبُ العَينِ، وثَقْبُ الاسْتِ، ومَبِيضُ الطائِرِ.
ونَقَّرَ في المَوْضِعِ تَنْقِيراً: سَهَّلَهُ لِيَبيضَ فيه.
وبينَهُما مُنَاقَرَةٌ ونِقارٌ وناقِرَةٌ ونِقْرَةٌ، بالكسر، أي: مُراجَعَةٌ في الكلامِ.
والنَّقْرُ: أن تُلْزِقَ طَرَفَ لِسانِك بِحَنَكِكَ، ثم تُصَوِّتَ، أو هو اضْطِرابُ اللِّسانِ، أو هو صُوَيْتٌ تُزْعَجُ به الفرسُ.
وقولُ فَدَكِيٍّ المنْقَرِيِّ:
أنا ابنُ ماوِيَّةَ إذ جَدَّ النَّقُرْ
أرادَ النَّقْرَ بالخَيْلِ، فَلَمَّا وقَفَ، نَقَلَ حركةَ الراءِ إلى القافِ، كما تَقولُ: هذا بَكُرْ، ومَرْرَتُ بِبَكِرْ، ولا يكونُ ذلك في النَّصْبِ.
والنَّقْرُ أيضاً: صُوَيتٌ يُسْمَعُ من قَرْع الإِبْهامِ على الوُسْطَى.
ونَقَّرَ باسْمِهِ تَنْقِيراً: سَمَّاهُ من بَيْنِهِمْ.
وانْتَقَرَهُ: اخْتارَهُ،
و~ الشيءَ: بَحَثَ عنه،
كنَقَّرَهُ،
و~ عنه، وتَنَقَّرَهُ.
وأنْقَرَ عنه: كَفَّ.
وما أنْقَرَ عنه: ما أقْلَعَ عنه.
ونَقِرَ، كفَرِحَ: غَضِبَ،
و~ الشاةُ: أصابَتْها النُّقَرَةُ، كهُمَزَةٍ، وهي داءٌ في أرْجُلِها.
والناقِرَةُ: ع، والداهِيَةُ، والحُجَّةُ، والمُصيبَةُ.
وما أثابَهُ نَقْرَةً: شيئاً.
والناقِرُ: السَّهْمُ أصاب الهَدَفَ.
والمُنْقِرُ، كمُحْسِنٍ: اللَّبَنُ الحامضُ جِدًّا.
وكمِنْبَرٍ: المِعْوَلُ، وأبُو بَطْنٍ من تَميمٍ.
والنَّقَرُ، محركةً: ذَهابُ المالِ، يُقالُ: أعوذُ باللهِ من العَقَرِ والنَّقَرِ.
وأنْقِرَةُ: ع بالحِيرَةِ،
ود بالرُّومِ، قِيلَ: مُعَرَّبُ أنْكُورِيَةَ، فإِنْ صَحَّ، فَهي عَمُّورِيَّةُ التي غَزاها المُعْتصِمُ، وماتَ بها امْرُؤُ القَيْسِ مَسْمُوماً.
والنَّقيرَةُ: رَكِيَّةٌ بَيْنَ ثَاجَ وكاظِمَةَ.
ونُقَيْرَةُ، كجُهَيْنَةَ: ة بِعيْنِ التَّمْرِ.
وضُرَيْبُ بنُ نُقَيْرٍ: م، أو بالفاءِ، ويُقالُ فيه: نُقَيْلٌ أيضاً: صَحابِيٌّ.
وماتَرَكَ عِنْدِي نُقارَةً إلاَّ انْتَقَرَها، بالضم، أي: ماتَرَكَ عِندي شيئاً إلاَّ كتَبَهُ.
والنُّقَارَةُ: قَدْرُ مايَنْقُرُ الطائرُ.
وإنه لمُنَقَّرُ العَيْنِ، كمُعَظَّمٍ،
ومُنْتَقَرُها، أي: غائرُها.
وانْتَقَرَ: دَعا بعضاً دونَ بعضٍ،
و~ الخَيْلُ بِحَوافِرِها نُقَراً: احْتَفَرَتْ.
والنَّقْرَةُ، ويُقالُ: معْدِنُ النَّقْرَةِ، وقد تُكْسَرُ قافُهُما: مَنْزِلٌ لِحاجِّ العِراقِ بينَ أُضاخَ وماوانَ.
وكُلُّ أرضٍ مُتَصَوِّبَةٍ في هَبْطَةٍ: نَقِرَةٌ، كفَرِحَة.
ولبنيِ فَزارَةَ نَقِرتانِ، بينهما مِيلٌ.
وبناتُ النَّقَرَى، كجَمَزَى: النِّساءُ اللاَّتِي يَعبْنَ من مَرَّ بِهِنَّ.
ودَعَوْتُهُم النَّقَرَى، أي: دَعوةً خاصةً، وهو أنْ يَدْعُوَ بعضاً دونَ بعضٍ،
وهو الانْتِقارُ أيضاً.
وقد نَقَرَ بهمْ وانْتَقَرَ.
وحَقيرٌ نَقيرٌ: إِتْباعٌ له.
والتَّنْقيرُ: شِبْهُ الصَّفيرِ.
وأتَتْنِي عنه نَواقِرُ، أي: كلامٌ يَسُوؤُنِي، أو هي الحُجَجُ المُصِيباتُ.
وكصُرَدٍ: ع.

زلق (لسان العرب) [0]


الزَّلَقُ: الزَّللُ، زَلِقَ زَلَقاً وأَزْلَقَه هو.
والزَّلَقُ: المكان المَزْلَقة.
وأَرض مَزْلقة ومُزْلقة وزَلَقٌ وزَلِقٌ ومَزْلَق: لا يثبت عليها قدم، وكذلك الزَّلاَّقة؛ ومنه قوله تعالى: فتُصْبِحَ صَعيداً زَلَقاً؛ أَي أَرْضاً مَلْساء لا نبات فيها أَو ملساء ليس بها شيء؛ قال الأَخفش: لا يثبت عليها القدمان.
والزَّلَقُ: صَلا الدابة؛ قال رؤبة: كأَنَّها حَقْباءُ بَلْقاءُ الزَّلَقْ، أَو حادِرُ الليِّتَينِ مَطويّ الحق (* قوله «الحق» هكذا في الأصل) والزَّلَقُ: العَجُز من كل دابة.
وفي الحديث: هَدَرَ الحَمامُ فزَلِقَت الحمامة؛ الزَّلَقُ العَجُز، أَي لمَّا هدر الذكر ودار حول الأُنثى أَدارت إِليه مؤخرَها.
ومكان زَلَقٌ، بالتحريك، أَي دَحْضٌ، وهو في الأَصل مصدر قولك زَلِقَت رجلُه تَزْلَقُ زَلَقاً وأَزْلَقها غيرُه.
وفي . . . أكمل المادة الحديث: كان اسْمُ تُرْسِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الزَّلوقَ أَي يَزْلَق عنه السلاح فلا يَخْرقه.
وزَلَّقَ المكانَ: مَلَّسه.
وزَلَق رأْسَه يَزْلِقُه زَلْقاً: حلَقه وهو من ذلك، وكذلك أَزْلَقَه وزَلَّقَه تزليقاً ثلاث لغات. قال ابن بري: وقال علي بن حمزة إِنما هو زَبَقَه، بالباء، والزَّبْقُ النَّتْفُ لا الحَلْق.
والتَّزْلِيقُ: تمْلِيسُك الموضِعَ حتى يصير كالمَزْلَقةِ، وإِن لم يكن فيه ماء. الفراء: يقول للذي يحلِقُ الرأْس قد زَلَّقَه وأَزْلَقه. أَبو تراب: تَزَلَّقَ فلان وتَزَيَّقَ إِذا تزَيَّن.
وفي الحديث: أَن عليّاً رأَى رجُلين خرجا من الحمّام مُتزلِّقَين فقال: مَنْ أَنتما؟ قالا: من المهاجرين، قال: كذبتما ولكنكما من المُفاخِرين تَزَلَّق الرجل إِذا تنعم حتى يكون للونه بَرِيقٌ وبَصِيص.
والتزلُّق: صِبْغةُ البدن بالأَدهان ونحوها.
وأَزْلَقت الفرسُ والناقةُ: أَسْقَطت، وهي مُزْلِق، أَلْقَتْ لغير تمام، فإِن كان ذلك عادة لها فهي مِزلاق، والولد السقط زَلِيق؛ وفرس مِزْلاقٌ: كثير الإِزْلاق. الليث: أَزْلَقَت الفرسُ إِذا أَلقَتْ ولدَها تامّاً. الأَصمعي: إِذا أَلقت الناقة ولدها قبل أَن يَسْتَبين خَلْقُه وقبل الوقت قيل أَزْلَقَت وأَجهَضَت، وهي مُزْلِق ومُجْهِض، قال أَبو منصور: والصواب في الإِزْلاق ما قاله الأَصمعي لا ماقاله الليث.
وناقة زَلوق وزَلوجٌ: سريعة.
وريحٌ زَيْلَقٌ: سريعة المرّ؛ عن كراع.
والمِزْلاقُ: مِزْلاجُ الباب أَو لغة فيه، وهو الذي يُغْلق به الباب ويفتح بلا مفتاح.
وأَزْلَقَه ببصره: أَحدَّ النظر إِليه، وكذلك زَلَقه زَلَقاً وزَلَّقه؛ عن الزجاجي.
ويقال: زَلَقَه وأَزْلَقَه إِذا نحّاه عن مكانه.
وقوله تعالى: وإِن يكادُ الذين كفروا لَيُزْلِقُونك بأَبصارهم؛ أَي ليُصِيبُونك بأَعينهم فيزِيلونك عن مقامك الذي جعله الله لك، قرأَ أَهل المدينة ليَزْلِقونك، بفتح الياء، من زَلَقْت وسائرُ القراء قرؤوها بضم الياء؛ الفراء: لَيُزْلِقونك أَي لَيَرْمون بك ويُزيلونك عن موضعك بأَبصارهم، كما تقول كاد يَصْرَعُني شدَّةُ نظرهه وهو بيِّن من كلام العرب كثير؛ قال أَبو إِسحق: مذهب أَهل اللغة في مثل هذا أَن الكفار من شدةِ إِبْغاضِهم لك وعداوتهم يكادون بنظرهم إِليك نظر البُغَضاء أَن يصرعوك؛ يقال: نظر فلان إِليَّ نظراً كاد يأْكلني وكاد يَصْرَعُني، وقال القتيبي: أَراد أَنهم ينظرون إِليك إِذا قرأْت القرآن نظراً شديداً بالبغضاء يكاد يُسْقِطك؛ وأَنشد: يَتقارَضونَ، إِذا الْتَقَوْا في مَوْطِنٍ، نظراً يُزِيلُ مَواطِئَ الأَقْدامِ وبعض المفسرين يذهب إِلى أَنهم يصيبونك بأَعينهم كما يُصِيب الغائنُ المَعِينَ؛ قال الفراء: وكانت العرب إِذا أَراد أَحدهم أَن يَعْتانَ المالَ يجُوع ثلاثاً ثم يعرِض لذلك المال، فقال: تالله ما رأَيت مالاً أكثرَ ولا أَحسنَ فيتساقط، فأَرادوا برسول الله، صلى الله عليه وسلم، مثل ذلك فقالوا: ما رأَينا مثل حُجَجه، ونظروا إِليه ليَعِينوه.
ورجل زَلِقٌ وزُمَلِقٌ مثال هُدَبِد وزُمالِقٌ وزُمَّلِقٌ، بتشديد الميم: وهو الذي يُنْزِل قبل أَن يجامِعَ؛ قال القُلاخ بن حَزْن المِنْقَري:إِن الحُصَيْنَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ، كذنبِ العَقْربِ شَوّال غَلِقْ، جاءَت به عنْسٌ من الشَّأْم تَلِقْ وقوله إِن الحصين، صوابه إِن الجُلَيد وهو الجُلَيد الكلابي؛ وفي رجزه: يُدْعَى الجُلَيْدَ وهو فينا الزُّمَّلِقْ، لا آمِنٌ جلِيسهُ ولا أَنِقْ، مُجَوَّعُ البَطْنِ كِلابيُّ الخُلُقْ التهذيب: والعرب تقول رجل زَلِقٌ وزُمَّلِق، وهو الشَّكَّاز الذي يُنْزِل إِذا حدّث المرأَة من غير جماع، وأَنشد الفراء هذا الرجز أَيضاً، والفعل منه زَمْلَقَ زَمْلَقة، وأَنشد أَبو عبيد هذا الرجز في باب فُعَّلِل.ويقال للخفيف الطيّاش: زُمَّلِق وزُمْلوق وزُمالِقٌ.
والزُّلَّيْقُ، بالضم والتشديد: ضَرْبٌ من الخَوخ أَمْلَس، يقال له بالفارسية شَبْتَهْ رَنْك.

العَلَقُ (القاموس المحيط) [0]


العَلَقُ، مُحرَّكةً: الدَّمُ عامَّةً، أو الشَّديدُ الحُمْرَةِ، أو الغَليظُ، أو الجامِدُ، القِطْعَةُ منه: بهاءٍ، وكلُّ ما عُلِّقَ، والطينُ الذي يَعْلَقُ باليَدِ، والخُصومَةُ والمَحَبَّةُ اللازِمَتَانِ.
وذو عَلَقٍ: جَبَلٌ لِبَني أسَدٍ،
لهُمْ فيهِ يَوْمٌ م على رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ، ودُوَيْبَّةٌ في الماءِ تَمُصُّ الدَّمَ، وما تَتَبَلَّغُ به الماشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ،
كالعُلْقَةِ، بالضمِّ، وكسَحابٍ وسَحابَةٍ،
و= : مُعْظَمُ الطَّريقِ،
و= : الذي تُعَلَّقُ به البَكَرَةُ، والبَكَرَةُ نَفْسُها، أوِ الرِّشاءُ والغَرْبُ والمِحْوَرُ جَميعاً، أو الحَبْل المُعَلَّقُ بالبَكَرَةِ، والهَوَى والحُبُّ، وقَدْ عَلِقَهُ، كفَرِحَ، وبه، عُلوقاً وعِلْقاً، بالكَسْرِ وبالتَّحْريكِ، وعَلاَقَةً،
و~ مِنَ القِرْبَةِ: كعَرَقِها.
وعَلِقَ يَفْعَلُ كذا: . . . أكمل المادة طَفِقَ،
و~ أمْرَهُ: عَلِمَهُ.
و"عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ": في الراءِ.
وعَلِقَت المرْأةُ: حَبِلَتْ،
و~ الإِبِلُ العِضاهَ، كنَصَرَ وسَمِعَ: رَعَتْها مِن أعْلاها،
و~ الدابَّةُ، كفَرِحَ: شَرِبَتِ الماءَ فَعَلِقَتْ بها العَلَقَةُ، أي: تَعَلَّقَتْ.
والعُلْقَةُ، بالضمِّ: كُلُّ ما يُتَبَلَّغُ به مِنَ العَيْشِ، وشَجَرٌ يَبْقَى في الشِتاءِ تَعَلَّقُ به الإِبِلُ حتى تُدْرِكَ الرَّبيعَ، واللُّمْجَة،
كالعَلاقِ، كسَحابٍ.
ولم يَبْقَ عِنْدَهُ عُلْقَةٌ: شَيْءٌ.
وعَلَقَةُ، مُحرَّكةً: ابنُ عَبْقَرِ بنِ أنْمارٍ مِنْ بَجيلَةَ، ومِنْ وَلَدِهِ: جُنْدَبُ بنُ عَبْدِ الله العَلَقِيُّ الصَّحابِيُّ.
وعَلَقَةُ بنُ عُبَيْدٍ في الأزْدِ، وابنُ قَيْسٍ: أبو بَطْنٍ، وأمَّا محمدُ بنُ عِلْقَةَ التَّيْمِيُّ الأَديبُ، فَالكَسْرِ.
وكقُبَّرَةٍ: عُلَّقَةُ بنُ الحَارِثِ في قَيْسٍ، وعُقَيْلُ بنُ عُلَّقَةَ: شاعِرٌ، وهِلالُ بنُ عُلَّقَةَ: قاتِلُ رُسْتَمَ بالقادِسِيَّةِ.
وعُلِقَ، كعُنِيَ: نَشِبَ العَلَقُ بِحَلْقِهِ، فهو مَعْلوقٌ.
وكقَطامِ: أمْرٌ، أي: تَعَلَّقْ.
وجاءَ بِعُلَقَ فُلَقَ، كَصُرَدٍ، غَيْرَ مَصْرُوفَيْنِ، أي: بالداهِيَةِ.
والعُلَقُ، أيضاً: الجَمْعُ الكَثيرُ.
ورَجُلٌ ذو مَعْلَقَةٍ، كمَرْحَلَةٍ: يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ ما أصابَهُ.
والمِعْلاقانِ: مِعْلاقَا الدَّلْوِ وشِبْهِها.
ورَجُلٌ مِعْلاقٌ وذو مِعْلاقٍ: خَصِمٌ يَتَعَلَّقُ بالحُجَج. والمِعْلاقُ: اللِسانُ، وكلُّ ما عُلِّقَ به شَيْءٌ،
كالمُعْلوقِ، بالضم.
ومَعاليقُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ.
والعَلْقَى، كَسَكْرَى: نَبْتٌ يَكونُ واحِداً وجمعاً، قُضْبانُهُ دِقاقٌ، عَسِرٌ رَضُّها، يُتَّخَذُ منه المَكانِسُ، ويُشْرَبُ طَبيخُهُ للاسْتِسْقاءِ.
والعالِقُ: بَعيرٌ يَرْعاهُ، وبَعيرٌ يَتَعَلَّقُ بالعِضاهِ.
والعُلَّيْقُ، كقُبَّيْطٍ وقُبَّيْطَى: نَبْتٌ يَتَعَلَّقُ بالشَّجَرِ، مَضْغُهُ يَشُدُّ اللِّثَةَ، ويُبْرِئُ القُلاعَ، وضِمادُهُ يُبْرِئُ بَياضَ العَيْنِ ونُتُوَّها والبَواسيرَ، وأصْلُهُ يُفَتِّتُ الحَصا في الكُلْيَةِ.
وعُلَّيْقُ الجَبَلِ،
وعُلَّيْقُ الكَلْبِ: نَبْتانِ.
والعَوْلَقُ، كجَوْهرٍ: الغُولُ، والكَلْبَةُ الحَرِيصَةُ، (والذَّنَبُ)، والذِئْبُ، والجوعُ.
والعَوالِقُ: قَوْمٌ باليَمَنِ بوادي الحَنَكِ.
والعَلاقَةُ، ويُكْسَرُ: الحُبُّ اللازِمُ للقَلْبِ، أو بالفَتْحِ: في المَحَبَّةِ ونَحْوِها، وبالكَسْرِ: في السَّوْطِ ونَحْوِه.
ورَجُلٌ عَلاقِيَةٌ، كثَمانِيَةٍ: إذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأصابَ ثَوبَهُ عَلْقٌ، بالفتح وبالتحريكِ: خَرْقٌ من شيءٍ عَلِقَه.
والعَلْقُ، بالفتح: ع، وشجرٌ للدِباغِ، والشَّتْمُ.
وعَلَقَهُ بلِسانِهِ: سَلَقَه.
والعَلْقَةُ: الجَذْبَةُ تكونُ في الثَّوبِ.
ولي في هذا المالِ عُلْقَةٌ، بالضم،
وعِلْقٌ، بالكسر،
وعُلوقٌ وعَلاَقَةٌ ومُتَعَلَّقٌ، بالفتح: بمعنًى.
وكأميرٍ: القَضيمُ.
وحِبَّانُ بنُ عُلَيْقٍ، كزُبَيْرٍ: طائِيُّ.
وكسفينةٍ وسحابةٍ: البعيرُ تُوَجِّهُهُ مع قومٍ ليَمْتاروا لك عليه.
وكسحابةٍ: الصَّداقَةُ، والخُصومةُ، ضِدٌّ، وما تَعَلَّقَ به الرجُلُ من صِناعَةٍ وغيرِها، وما يُتَبَلَّغُ به من عَيْشٍ،
و~ من المَهْر: ما يَتَعَلَّقونَ به على المُتَزَوِّجِ،
ج: عَلائِقُ، ووالدُ زِيادٍ التابعيِّ، والمَنِيَّةُ،
كالعَلوقِ، كصبُورٍ.
والعِلْقُ، بالكسر: النَّفيسُ من كلِّ شيءٍ،
ج: أعْلاقٌ وعُلوقٌ، والجِرابُ، ويُفْتَحُ فيهما، والخَمْرُ، أو عَتيقُها، والثوبُ الكَريمُ، أو التُّرْسُ، أو السَّيْفُ.
وعِلْقُ عِلْمٍ، أي: يُحِبُّهُ ويَتْبَعُه.
وعِلْقُ شَرٍّ: كذلك، وبهاءٍ: أوَّل ثَوْبٍ يُتَّخَذُ للصَبِيِّ، أو قَميصٌ بِلا كُمَّيْنِ، أو ثَوْبٌ يُجابُ ولا يُخاطُ جانِباهُ، تَلْبَسُهُ الجارِيَةُ، وهو إلى الحُجْزَةِ، أو الثوبُ النَّفيسُ، وشَجَرَةٌ يُدْبَغُ بها، وبِلا لامٍ: اسمٌ.
واسْتأصَلَ عَلَقاتِهِم: لُغَةٌ في عَرَقَاتِهِم.
والعُلاَّقُ، كزُنَّارٍ: نَبْتٌ.
وكصَبورٍ: الغولُ، والداهِيَةُ، والمَنِيَّةُ، وما تَرْعاهُ الإِبِلُ، وشَجَرٌ تأكُلُهُ الإِبِلُ العِشارُ، وما يَعْلَقُ بالإِنْسانِ، والناقَةُ التي تَعْطِفُ على غيرِ ولَدِها فلا تَرْأمُهُ، وإنما تَشَمُّهُ بأنْفِها وتَمْنَعُ لَبَنَها، والمرأةُ لا تُحِبُّ غيرَ زَوْجِها، وناقَةٌ لا تألَفُ الفَحْلَ ولا تَرْأمُ الولَدَ، والمرأةُ تُرْضِعُ ولَدَ غَيرِها.
و"عامَلَنا مُعامَلَةَ العَلوقِ": يقالُ لِمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامٍ لا فِعْلَ معه.
(والعُلَقُ، كصُرَدٍ: المَنايا، والأشْغالُ)، والجَمْعُ الكَثيرُ.
والعَلاَّقِيُّ، كرَبَّانِيٍّ: حِصْنٌ جَنوبِيَّ مِصْرَ.
والعَلاقَى، كسَكارَى: الألْقابُ، واحِدَتُها: عَلاقِيَةٌ، وهي أيضاً العَلائِقُ، واحِدَتُها: عِلاقَةٌ، ككِتَابَةٍ، لأنها تُعَلَّقُ على الناسِ،
و~ مِنَ الصَّيْدِ: ما عَلِقَ الحَبْلُ بِرِجْلِها.
وأعْلَقَ: أرْسَلَ العَلَقَ لتَمُصَّ، وصادَفَ عِلْقاً مِنَ المالِ، وجاءَ بالداهِيَةِ،
و~ بالغَربِ بَعِيرَيْنِ: قَرَنَهُما بطَرَفِ رِشائِهِ،
و~ القَوْسَ: جَعَلَ لها عِلاقَةً،
و~ الصائِدُ: عَلِقَ الصَّيْدُ في حِبالَتِهِ.
وعَلَّقَهُ تَعْليقاً: جَعَلَهُ مُعَلَّقاً،
كَتَعَلَّقَه،
و~ البابَ: أرْتَجَهُ.
وعُلِّقَ فلانٌ، بالضم، امرأةً: أحَبَّها،
وتَعَلَّقَها، وبها: بمعنًى،
كاعْتَلَقَ.
و"ليسَ المُتَعَلِّقُ، كالمُتَأنِّقِ"، أي: ليسَ من يَقْتَنِعُ باليَسيرِ كَمَنْ يَتَأَنَّقُ يأكُلُ ما يَشاءُ.
وعَلاَّقٌ، كشدَّادٍ، ابنُ أبي مُسْلِمٍ، وعثمانُ بنُ حُسَيْنِ بنِ عُبَيْدَةَ بنِ عَلاَّقٍ: مُحدِّثانِ، وابنُ شِهابِ بنِ سعْدِ بنِ زَيْدِ مَناةَ.

سلط (لسان العرب) [0]


السَّلاطةُ: القَهْرُ، وقد سَلَّطَه اللّهُ فتَسَلَّطَ عليهم، والاسم سُلْطة، بالضم.
والسَّلْطُ والسَّلِيطُ: الطويلُ اللسانِ، والأُنثى سَلِيطةٌ وسَلَطانةٌ وِسِلِطانةٌ، وقد سَلُطَ سَلاطةً وسُلوطةً، ولسان سَلْطٌ وسَلِيطٌ كذلك.
ورجل سَلِيطٌ أَي فصيح حَدِيدُ اللسان بَيّنُ السَّلاطةِ والسُّلوطةِ. يقال: هو أَسْلَطُهم لِساناً، وامرأَة سَليطة أَي صَخّابة. التهذيب: وإِذا قالوا امرأَة سَلِيطةُ اللسانِ فله معنيان: أَحدهما أَنها حديدة اللسان، والثاني أَنها طويلة اللسان. الليث: السَّلاطةُ مصدر السَّلِيط من الرجال والسلِيطةِ من النساء، والفعل سَلُطَتْ، وذلك إِذا طال لسانُها واشتدَّ صَخَبُها. ابن الأَعرابي: السُّلُطُ القَوائمُ الطِّوالُ، والسَّلِيطُ عند عامّة العرب الزيْتُ، وعند أَهل اليمن دُهْنُ السِّمْسِم؛ قال امرؤ القيس: أَمالَ السَّلِيطَ بالذُّبال المُفَتَّلِ وقيل: هو . . . أكمل المادة كلُّ دُهْنٍ عُصِر من حَبٍّ؛ قال ابن بري: دُهن السمسم هو الشَّيْرَجُ والحَلُّ؛ ويُقَوّي أَنَّ السَّلِيط الزيتُ قولُ الجعدِيّ: يُضِيءُ كَمِثْلِ سِراجِ السَّلِيـ ـطِ، لم يَجْعَلِ اللّهُ فيه نُحاسا قوله لم يجعل اللّه فيه نُحاساً أَي دُخاناً دليل على أَنه الزيت لأَن السليط له دُخان صالِحٌ، ولهذا لا يُوقد في المساجد والكنائِس إِلا الزيتُ؛ وقال الفرزدق: ولكِنْ دِيافِيُّ أَبُوه وأُمُّه، بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ وحَوْرانُ: من الشام والشأْم لا يُعْصَرُ فيها إِلا الزيتُ.
وفي حديث ابن عباس: رأَيت عليّاً وكأَنَّ عَيَنَيْه سِراجا سَلِيطٍ؛ هو دُهْن الزيتِ.والسُّلْطانُ: الحُجَّةُ والبُرْهان، ولا يجمع لأَن مجراه مَجْرى المصدرِ، قال محمد بن يزيد: هو من السلِيط.
وقال الزجّاج في قوله تعالى: ولقد أَرْسَلْنا موسى بآياتِنا وسُلطانٍ مُبين، أَي وحُجَّةٍ بَيِّنةٍ.
والسُّلطان إِنما سمي سُلْطاناً لأَنه حجةُ اللّهِ في أَرضه، قال: واشتاق السلطان من السَّليط، قال: والسليطُ ما يُضاء به، ومن هذا قيل للزيت: سليط، قال: وقوله جلّ وعزّ: فانْفُذوا إِلا بسلطان، أَي حيثما كنتم شاهَدْتم حُجَّةً للّه تعالى وسُلطاناً يدل على أَنه واحد.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: قَوارِيرَ قواريرَ من فضّة، قال: في بياض الفضة وصَفاء القوارير، قال: وكل سلطان في القرآن حجة.
وقوله تعالى: هلَك عنِّي سُلْطانِيَهْ، معناه ذهب عني حجتُه.
والسلطانُ: الحجة ولذلك قيل للأُمراء سَلاطين لأَنهم الذين تقام بهم الحجة والحُقوق.
وقوله تعالى: وما كان له عليهم من سُلْطان، أَي ما كان له عليهم من حجة كما قال: إِنَّ عبادي ليس لك عليهم سُلْطانٌ؛ قال الفراء: وما كان له عليهم من سلطان أَي ما كان له عليهم من حجة يُضِلُّهم بها إِلاَّ أَنَّا سَلَّطْناه عليهم لنعلم مَن يُؤمن بالآخرة.
والسُّلْطانُ: الوالي، وهو فُعْلان، يذكر ويؤنث، والجمع السَّلاطِينُ.
والسُّلْطان والسُّلُطانُ: قُدْرةُ الملِك، يذكر ويؤنث.
وقال ابن السكيت: السلطان مؤنثة، يقال: قَضَتْ به عليه السُّلْطانُ، وقد آمَنَتْه السُّلْطان. قال الأَزهري: وربما ذُكِّر السلطان لأَن لفظه مذكر، قال اللّه تعالى: بسُلْطان مُبين.
وقال الليث: السُّلْطانُ قُدْرةُ المَلِك وقُدرةُ مَن جُعل ذلك له وإِن لم يكن مَلِكاً، كقولك قد جعلت له سُلطاناً على أَخذ حقِّي من فلان، والنون في السلطان زائدة لأَن أَصل بنائه السلِيطُ.
وقال أَبو بكر: في السلطان قولان: أَحدهما أَن يكون سمي سلطاناً لتَسْلِيطِه، والآخر أَن يكون سمي سلطاناً لأَنه حجة من حُجَج اللّه. قال الفراء: السلطان عند العرب الحجة، ويذكر ويؤنث، فمن ذكر السلطان ذهب به إِلى معنى الرجل، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الحجة.
وقال محمد بن يزيد: من ذكر السلطان ذهب به إِلى معنى الواحد، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الجمع، قال: وهو جمع واحده سَلِيطٌ، فسَلِيطٌ وسُلْطان مثل قَفِيزٍ وقُفْزانٍ وبَعير وبُعران، قال: ولم يقل هذا غيره.
والتسْلِيطُ: إِطلاق السُّلْطانِ وقد سلَّطه اللّه وعليه.
وفي التنزيل العزيز: ولو شاء اللّهُ لسلَّطَهم عليكم.
وسُلْطانُ الدَّم: تبيُّغُه.
وسُلْطانُ كل شيء: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قيل من اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ. قال الأَزهري: السَّلاطة بمعنى الحِدَّةِ، قد جاء؛ قال الشاعر يصف نُصُلاً محدَّدة: سِلاطٌ حِدادٌ أَرْهَفَتْها المَواقِعُ وحافر سَلْطٌ وسَلِيطٌ: شديد.
وإِذا كان الدابةُ وَقاحَ الحافر، والبعيرُ وَقاحَ الخُفِّ، قيل: إنه لَسلْط الحافر،وقد سَلِطَ يَسْلَطُ سَلاطةً كما يقال لسان سَلِيطٌ وسَلْطٌ، وبعير سَلْطُ الخفّ كما يقال دابة سَلْطةُ الحافر، والفعلُ من كل ذلك سَلُطَ سَلاطةً؛ قال أُميَّة بن أَبي الصلْت: إِنَّ الأَنامَ رَعايا اللّهِ كلُّهُمُ، هو السَّلِيطَطُ فوقَ الأَرضِ مُسْتَطِرُ قال ابن جني: هو القاهر من السَّلاطة، قال: ويروى السَّلِيطَطُ وكلاهما شاذٌّ. التهذيب: سَلِيطَطٌ جاء في شعر أُمية بمعنى المُسَلَّطِ، قال: ولا أَدري ما حقيقته.
والسِّلْطةُ: السهْمُ الطويلُ، والجمع سِلاطٌ؛ قال المتنخل الهذلي: كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً، وليْسَتْ بمُرْهَفةِ النِّصالِ، ولا سِلاطِ قوله كأَوْب الدبر يعني النصالَ، ومعنى غامضة أَي أُلْطِفَ حَدُّها حتى غمَضَ أَي ليست بمرْهَفات الخِلقة بل هي مُرهفات الحدِّ.
والمَسالِيطُ: أَسنان المفاتيح، الواحدة مِسْلاطٌ.
وسَنابِكُ سَلِطاتٌ أَي حِدادٌ؛ قال الأَعشى: هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفا ةِ، كالنَّخل طافَ بها المُجْتَزِمْ وكلِّ كُمَيْتٍ، كجِذْعِ الطَّرِيـ ـقِ، يَجْرِي على سَلِطاتٍ لُثُمْ المُجْتَزِمُ: الخارِصُ، ورواه أَبو عمرو المُجْترِم، بالراء، أَي الصارِمُ.

سقلط (العباب الزاخر) [0]


سقلاطون: من نواحي الروْم تنسبُ إليها الثيابُ. والسقلاطُ: السجلاط، وقد ذكرَ. 
سلط: السلْطان: الوالي، يذكر ويؤنث والتأنيثُ أغْلب، فمن أنثّ قال: قضتْ به عليك السلْطانُ وقد آمنتهْ السلْطانُ، من ذكر قال: سلْطانُ جائرّ. قال الفرّاء: من ذكره ذهبَ به إلى معنى الرجلّ ومن أنثه ذهبَ به إلى معنى الحجة.
وقيل: من ذكره ذهب به إلى معنى الواحد ومن أنثه ذهب به إلى معنى الجمع.
وقال محمد بن يزيد: ومعنى الجمعِ في ذلك أنه جمعُ سلَيطٍ مثال قفيزٍ وقفزانٍ وبعيرٍ وبعْرانٍ. قال الأزهري: ولم يقل هذا غيرهُ، وقد جمعَ على سلاطين مثال برهانٍ لأن مجراه مجرى المصدرَ، وقوله تعالى: "سلْطاناً مبيْنا" أي . . . أكمل المادة حجةّ، وقوله جلّ ذكره: (هلك عني سلْطانيه) أي حجتيه وقال اللْيث: من العربِ من ينصبُ ياء الإضافة كقولك: سلْطاني ظاهرّ؛ في الرفعٍ والنصبُ والجرّ على حالٍ واحدةٍ لأنه نصبّ بغير إعراب، ومن العرب من يقف على كل حرفٍ لزمه الفتحُ بغير إعرابٍ؛ إذا سكتوا عنه اعتمدوا على الهاءِ كقولك: جاء غلاميه وجلس ثمةْ؛ وأشباهُ ذلك كثيرةُ، لأنهم أرادوا بيانَ الصرفّ في الوقوفِ وكرهوا أن يمدوا فتَصْير ألفاً ولم يقدرِ اللسانُ أن يقف على الحركة وكانت الهاء ألين الحروف لأنها إنما هي من نفيس فوقفوا واعتمدوا عليها، فإذا وُصِلَت سقطت، ومنهم من يحذف الياء في الإضافة فيقول: "غلام" في الحالات كلها.
ومنهم من يقول: "غُلاميْ" بسكون الياء. قال: والسلْطانُ قدرْة الملك من جعلَ ذلك له وإن لم يكن ملكاً؛ كقولك: قد جعلت لكُ سلْطاناً على أخذِ حقي من فلانٍ. وقال ابن دريدٍ: سلطانُ كلّ شيءٍ: حدتهُ وسطوْته، ومنه اشْتقاقُ السلْطان.
وسلْطان الدمِ: تبيّغه. وسلْطان النّارِ: الْتهابها. قال: وللسلْطانِ في التنْزيلٍ موضع. وقال غيره: يقال للخلْيفة سلطانّ لأنه ذو السلْطان أي ذو الحجةِ، وقيل: لأنه به تقامُ الحججُ والحقوقُ، وكلّ سلْطانٍ في القرْانِ معناه الحجة النيرةُ.
وقيل: اشتقاقهُ من السلْيطِ وهو دهنُ الزيتِ لإضاءته.
وقوله تعالى: " لولا يأتون عليهم بسلْطانٍ بينٍ" أي هلاً يأتون على الآلهةِ التي اتخذوها بحجاجٍ واضحٍ. والسلْطانُ في قولِ أبى دهيلٍ الجمحيّ:
حتىّ دفعْـنـا إلـى ذي مـيعْةٍ تـئقٍ      كالذئبِ فارقهُ السلْطان والروْحُ القوّةُ.

ورجلّ سلْيط: أي فَصيْحّ حديدُ اللّسان.
وامرْأةّ سلْيطة: أي صخابة. وقال ابن دريدٍ: السلْيط للذكرِ مدحّ وللأنْث ذَمّ، والمصدر: السلاطة والسلْوطة وقد سُلط -بالضمّ- وسلِط-بالكسرْ-. والسلْيط: الزيتُ عند عامة العرب، وعند أهلِ اليمن: دهن السمْسم، وقال ابن دريدٍ وابن فارسٍ في المقاييسْ: السلْيط بلغةِ أهلِ اليمن: الزيتُ؛ وبلغة من سواهم من العرب: دهن السمْمسم. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: الأمرْ على خلافِ ما قاله ابن دريدٍ، فاني سمعتُ أهل مكةَ -حرسها الله تعالى- وأهلَ تهامة واليمن يسمون دهن السمْسمِ: السلْيطْ وقال ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- في صفةِ عليّ -رضي الله عنه-: وكأن عينيه سرَاجا سلْيَط.
وقد كتبَ الحديث بتمامه في ترْكيب ح م ش.
وقد يجيء في الشعرْ السلْيطَ والمرادُ به الزيتُ، قال امرؤ القيسْ:
يضْيْءُ سناهُ أو مصابيحُ راهبٍ      أمالَ السلْيطَ بالذبالِ المفتـلِ


وقال ابن حبيبَ: "أو مصابيحِ".
وروى الأصمعيّ: "كأنّ سناهُ في مصابيحْ راهبٍ" يريدُ: كأنّ مصابيحَ راهبٍ في سناهُ؛ فقلبَ. ومن أبياْتِ الكتابِ: قولُ الفرزدقِ يهجوُ عمرو بن عفرى الضبيّ؛ لأنّ عبد الله بن مسْلمٍ الباهلي خلعَ على الفرزدقَ وحملهَ على دابةٍ وأمرَ له بألف درهمٍ، فقال له عمروّ: ما تصنْع الفرزدق بهذا الذي أعْطيته؛ إنما يكفْيه ثلاثون درهماً يزنيْ بعشرةٍ ويأكل بعشرةٍ ويشربُ بعشرةٍ، فقال:
ولـكـن ديافـي أبــوه وأمة      بحورْان يعصرْنَ السلْيطَ أقاربه

ديافُ: من قرى الشام؛ وقيل: من قرى الجزيرة، وقوله: يعصرْنَ السلْيط كقوْلهم أكلوْني البراغيثُ.وقال النابغةُ الجعْديّ رضي الله عنه:
يِضُيْءُ كضْوءِ سراجَ السَلْيطِ      لم يجعْلِ الله فيه نحـاسـا


وقال تميمُ بن أبي بن مقبلٍ:   
بِتناْ بديرةٍ يضْيءُ وجوْهنـا      دسمُ السلْيط على فَتيلِ ذبالِ

ويرْوى: "دفوفها" يعْني دفوف الرمْلةٍ. وقال ابن عبادٍ: السلائطُ: الفرانيّ والجرادقُ الكبار، الواحدُ سلْيطة. وقال ابن دريدٍ: وقد سمتِ العربُ سلْيطاً وهو أبو بطنٍ منهم، وأنشدَ:
لا تَحْسبني عن سلْيطٍ غافلاِ     

وأنشدَ غيره للأعورِ النبهانيّ -واسمه عتابّ- يهْجو جريراً:
ولو عندْ غسان السليطّي عرست      رَغا قَرَنٌ منها وكاسَ عقـيرُ

فَبئسَ مناخُ النّازلـينَ جـريرُ

ولو عندْ غسان السليطّي عرست

رَغا قَرَنٌ منها وكاسَ عقـيرُ

أراد: غَسان بن ذُهيلْ السلْيطيَ أخا سلْيطِ ومعْنٍ. وقال جرير:
قلـتَ ديافـيونَ أو نـبـيطُ     


أرّادَ: عمرو بن يربوْع وهم حلفاءُ بني سلْيط. وقال جريرّ أيضاً يهجوهمُ:
ما لكم أسْتّ في العلى ولا فم     



وقال ابن دريدٍ: امرأةُ سلطانة: إذا كانت طويلةَ اللّسانِ كثيرةَ الصخَبِ. وقال الجمحيّ: السلاطُ: النصالُ التي ليستْ لها عيورْة -والعَيرُ: النّاتئ في وسطها-، الواحد: سلّط -مثال كتفٍ- قال المتنخلُ الهذلي يصفُ المعابلَ:
مأوْبِ الدّبرِ غامضةٍ وليستْ      بمرهفةٍ النصالِ ولا سلاطِ

وقال المتنخّل أيضاً في رواية الجمحيّ:
غَدوْتُ على زَازئةٍ وخوفٍ      وأخْش أن ألاقي ذا سلاطِ

أي: على عجلةٍ، وقال ابن حَبيبَ: أي على غلطٍ من الأرْض، ويرْوى:" زيازيةٍ" بلا همْز. وحافرّ سلطّ: وقاحّ، قال الأعْش يمدحُ قيسَ بن معْديْ كرَب:
وكلّ كميْتٍ كجذْعِ الطـريقِ      يرْدي على سلطاَتٍ لـثـمْ

يرْدي على سلطاَتٍ لـثـمْ

الطريق من النخلِ فوق الجبارِ.
وقيل: السلّطات: الحداد، وكل حديدٍ فهو سليطْ.ويقال للرّجلِ إذا كانَ حديداً: إنه لسلْيط، ومنه قولُ النّابغةِ الجعْديّ -رضي الله عنه- يصفُ فرَساً:
مُدلاً على سَلطاتِ النسوْرِ      شُمّ السّنابكِ لم تقـلـبِ

ويرْوى: "مدلّ". والسلْط: موضعّ بالشامِ، ويقال له السّنط بالنونْ. وقال ابن عبادٍ: السلْطة -بالكسرْ-: السهْمُ الدّقيق الطويلُ، وجمعها سلط وسلاطّ. قال: والسلطة: ثوب يجعل فيه الحشيشْ والتبنُ وهو مستطيلّ.
ورجلُ مسلُوط اللّحية: أي خفيفُ العارضينَ. والساليط: أسْنانُ المفاتيح. وقال غيره: السلطليطْ: المسلطُ، وقيل: العظيمّ البطنِ. وسلطته على فلانٍ تسلْيطاً: أي جعَلتُ له عليه قوة وقهراً، قال رؤبةَ:
أعْرِض عن الناس ولا تسخيطِ      والناسُ يعتون على المسلّط

أي على ذي السلْطانِ فأعْرض عنهم ولا تسخطْ عليهم، ويقال: سلطته فتسلْطَ. والترْكيبُ يدلُ على القوة والقهرِ والغلبةَ، وقدِ شّ عنه السليْط للدّهْن.

نزع (لسان العرب) [0]


نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فهو مَنْزُوعٌ ونزِيعٌ، وانْتَزَعَه فانْتَزعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ، وفرّق سيبويه بين نَزَعَ وانْتَزَعَ فقال: انْتَزَعَ اسْتَلَبَ، ونزَع: حوّل الشيء عن موضعه وإِن كان على نحو الاسْتِلاب.
وانْتَزَعَ الرمحَ: اقْتَلَعَه ثم حَمل.
وانتزَع الشيءُ: انقلَع.
ونزَع الأَمِيرُ العامِلَ عن عمله: أَزالَه، وهو على المثَل لأَنه إِذا أَزالَه فقد اقْتَلَعَه وأَزالَه.
وقولهم فلان في النزْعِ أَي في قَلْعِ الحياةِ. يقال: فلان يَنْزِعُ نَزْعاً إِذا كان في السِّياقِ عند الموْتِ، وكذلك هو يَسُوقُ سَوْقاً، وقوله تعالى: والنازِعاتِ غَرْقاً والناشِطاتِ نَشْطاً؛ قال الفراء: تَنْزِعُ الأَنْفُس من صدورِ الكفَّارِ كما يُغْرِقُ النازِعُ في القوْسِ إِذا جَذَبَ الوَتَرَ، وقيل في التفسير: يعين به الملائكةَ تَنْزِعُ . . . أكمل المادة رُوحَ الكافر وتَنْشِطُه فيَشْتَدُّ عليه أَمرُ خروجِ رُوحِه، وقيل: النازعاتُ غَرْقاً القِسِيُّ، والناشِطاتُ نَشْطاً الأَوْهاقُ، وقيل: النازعاتُ والناشطاتُ النجومُ تَنْزِعُ من مكان إِلى مكان وتَنْشِطُ.
والمِنْزَعةُ، بكسر الميم: خشبة عريضة نحو المِلْعَقةِ تكون مع مُشْتارِ العَسلِ يَنْزِعُ بها النحْلَ اللَّواصِقَ بالشهْدِ، وتسمى المِحْبَضَ.
ونزَع عن الصبي والأَمر يَنْزِعُ نُزُوعاً: كَفَّ وانْتَهَى، وربما قالوا نَزْعاً.
ونازَعَتْنِي نفسي إِلى هَواها نِزاعاً: غالَبَتْنِي.
ونَزَعْتُها أَنا: غَلَبْتُها.
ويقال للإِنسان إِذا هَوِيَ شيئاً ونازَعَتْه نفسُه إِليه: هو يَنْزِعُ إِليه نِزاعاً.
ونزَع الدلْوَ من البئر يَنْزِعُها نزْعاً ونزَع بها، كلاهما: جَذَبَها بغير قامة وأَخرجها؛ أَنشد ثعلب: قد أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ، تُوزِغُ من مَلْءٍ كَإِيزاغِ الفَرَسْ تَقَطِّيها: خروجُها قليلاً قليلاً بغير قامة، وأَصل النزع الجَذْبُ والقَلْعُ، ومنه نَزْعُ الميتِ رُوحه.
ونزَع القوْسَ إِذا جذَبَها.
وبئرٌ نَزُوعٌ ونَزِيعٌ: قريبة القَعْرِ تُنْزَعُ دِلاؤُها بالأَيْدِي نَزْعاً لقربها، ونَزوعٌ هنا للمفعول مثل رَكُوبٍ، والجمع نِزاعٌ.
وفي الحديث: أَنه،صلى الله عليه وسلم، قال: رأَيْتُنِي أَنْزِعُ على قلِيبٍ؛ معناه رأَيْتُنِي في المنامِ أَستَقِي بيدِي من قليب، يقال: نزَع بيده إِذا استقى بدَلْوٍ عُلِّقَ فيها الرِّشاءُ.
وجَمل نَزُوعٌ: يُنْزَعُ عليه الماءُ من البئر وحده.
والمَنْزَعةُ: رزْسُ البئر الذي يُنْزَعُ عليه؛ قال: يا عَيْنُ بَكّي عامراً يومَ النَّهَلْ، عند العشاءِ والرِّشاءِ والعَمَلْ، قامَ على مَنْزَعةٍ زَلْجٍ فَزَلْ وقال ابن الأَعرابي: هي صخرةٌ تكون على رأْسِ البئر يقوم عليها الساقي، والعُقابانِ من جَنْبَتَيْها تُعَضِّدانِها، وهي التي تُسَمَّى القِبيلةَ.
وفلان قريب المَنْزَعةِ أَي قريب الهِمّةِ. ابن السكيت: وانْتِزاعُ النّيّةِ بُعْدُها؛ ومنه نَزَعَ الإِنسانُ إِلى أَهله والبعيرُ إِلى وطَنِه يَنْزِعُ نِزاعاً ونُزُوعاً: حَنَّ واشتاقَ، وهو نَزُوعٌ، والجمع نُزُعٌ، وناقة نازِعٌ إِلى وطنِها بغير هاء، والجمع نَوازِعُ، وهي النّزائِعُ، واحدتها نَزِيعةٌ.
وجَمل نازِعٌ ونَزُوعٌ ونَزِيعٌ؛ قال جميل: فقلتُ لَهُمْ: لا تَعْذِلُونِيَ وانْظُرُوا إِلى النازِعِ المَقْصُورِ كيفَ يكون؟ وأَنْزَعَ القومُ فهم مُنْزِعُون: نَزَعَتْ إِبلهم إِلى أَوطانِها؛ قال: فقد أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا أَهافُوا: عَطِشَتْ إِبلهم والنَّزِيعُ والنازعُ: الغريب، وهو أَيضاً البعيد.
والنَّزِيعُ: الذي أُمُّه سَبيَّةٌ؛ قال المرّارُ: عَقَلْت نِساءَهُم فِينا حدِيثاً، ضَنِينَ المالِ، والوَلَدَ النَّزِيعا ونُزّاعُ القَبائِلِ: غُرَباؤُهم الذين يُجاوِرُون قَبائِلَ ليسوا منهم، الواحد نَزِيعٌ ونازعٌ.
والنَّزائِعُ والنُّزّاعُ: الغُرَباءُ، وفي الحديث: طُوبَى للغُرَباء قيل: مَنْ هُم يا رسولَ اللهِ؟ قال: النُّزّاعُ من القبائِلِ؛ هو الذي نزَع عن أَهله وعشِيرَتِه أَي بَعُدَ وغابَ، وقيل: لأَنه نزَع إِلى وطنه أَي يَنْجَذِبُ ويميلُ، والمراد الأَوّل أَي طوبى للمهاجرين الذين هجَروا أَوطانَهم في الله تعالى.
ونزَع إِلى عِرْقٍ كريم أَو لُؤْم يَنْزِعُ نُزُوعاً ونزَعَت به أَعراقُه ونَزَعَتْه ونَزَعها ونزَع إِليها، قال: ونزَع شَبَهَه عِرْقٌ، وفي حديث القَذْفِ: إِنما هو عِرْقٌ نزَعَه.
والنَّزِيعُ: الشريفُ من القوم الذي نزَع إِلى عِرْق كريم، وكذلك فرَس نَزِيعٌ.
ونزَع فلان إِلى أَبيه يَنْزِعُ في الشَّبَه أَي ذهَب إِليه وأَشْبهه.
وفي الحديث: لقد نَزَعْتَ بمثْلِ ما في التوراةِ أَي جئتَ بما يُشْبهها.
والنَّزائِعُ من الخيل: التي نَزَعَتْ إِلى أَعْراقٍ، واحدتها نَزِيعةٌ، وقيل: النَّزائِعُ من الإِبل والخيل التي انْتُزِعَت من أَيْدِي الغُرباء، وفي التهذيب: من أَيدي قوم آخَرِين، وجُلِبَتْ إِلى غير بلادها، وقيل: هي المُنْتَقَذةُ من أَيديهم، وهي من النساء التي تُزَوَّجُ في غير عشيرتها فتنقل، والواحدة من كل ذلك نَزِيعةٌ.
وفي حديث ظبيان: أَن قَبائِلَ من الأَزْد نَتَّجُوا فيها النَّزائِعَ أَي الإِبل الغرائبَ انْتَزَعُوها من أَيدي الناس.
وفي حديث عمر: قال لآلِ السائب: قد أَضْوَيْتُم فانكِحوا في النَّزائِعِ أَي في النساء الغرائبِ من عشيرتكم.
ويقال: هذه الأَرض تُنازِعُ أَرضَ كذا أَي تَتَّصِلُ بها؛ وقال ذو الرمة: لَقًى بين أَجْمادٍ وجَرْعاء نازَعَتْ حِبالاً، بِهِنًّ الجازِئاتُ الأَوابِدُ والمَنْزَعةُ: القوْسُ الفَجْواءُ.
ونَزَع في القوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً: مَدَّ بالوتَر، وقيل: جذَبَ الوتر بالسهم: والنّزَعةُ: الرُّماةُ، واحدُهم نازِعٌ.
وفي مثلٍ: عادَ السهمُ إِلى النَّزَعةِ أَي رجع الحقّ إِلى أَهله وقامَ بأِصْلاحِ الأَمرِ أَهلُ الأَناةِ، وهو جمع نازِعٍ.
وفي التهذيب: وفي المثل عادَ الرَّمْيُ على النَّزَعةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يَحِيقُ به مَكْرُه.
وفي حديث عمر: لَنْ تَخُورَ قُوىً ما دامَ صاحِبُها يَنْزِعُ ويَنْزُو أَي يَجْذِبُ قوْسَه ويَثِبُ على فرسه.
وانْتَزَعَ للصيْدِ سَهْماً: رماه به، واسمُ السهْمِ المِنْزَعُ؛ ومنه قول أَبي ذؤيب: فَرَمَى ليُنْفِذَ فُرَّهاً، فَهَوَى له سَهْمٌ، فأَنْقَذَ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ فُرَّهاً جمع فاره؛ قال ابن بري: أَنشد الجوهري عجز هذا البيت: ورَمَى فأَنفَذَ، والصواب ما ذكرناه.
والمِنْزَعُ أَيضاً: السهم الذي يُرْمَى به أَبْعَدَ ما يُقْدَرُ عليه لتُقَدَّر به الغَلْوةُ؛ قال الأَعشى: فهْو كالمِنْزَعِ المَرِيشِ من الشَّوْ حَطِ، غالَتْ به يَمِينُ المُغالي وقال أَبو حنيفة: المِنْزَعُ حديدة لا سِنْخَ لها إِنما هي أَدْنى حديدةٍ لا خير فيها، تؤخَذ وتُدْخَلُ في الرُّغْظِ.
وانْتَزَعَ بالآية والشّعْرِ: تمثَّلَ.
ويقال للرجل إِذا استنبط معنى آيةٍ من كتاب الله عز وجل: قد انْتَزَعَ معنًى جيِّداً، ونَزَعَه مثله أَي اسْتَخْرَجَه.
ومُنازَعةُ الكأْس: مُعاطاتُها. قال الله عز وجل: يَتَنازَعون فيها كأْساً لا لَغْوٌ فيها ولا تأْثِيمٌ؛ أَي يَتَعاطَوْن والأَصل فيه يتجاذَبُون.
ويقال: نازَعني فلانٌ بَنانَه أَي صافحني.
والمُنازعةُ: المُصافَحةُ؛ قال الراعي: يُنازِعْنَنا رَخْصَ البَنانِ، كأَنما يُنازِعْنَنا هُدَّابَ رَيطٍ مُعَضَّدِ والمُنازعةُ: المُجاذَبةُ في الأَعْيانِ والمَعاني؛ ومنه الحديث: أَنا فَرَاطُكم على الحوْضِ فَلأُلْفِيَنَّ ما نُوزِعْتُ في أَحدِكم فأَقولُ هذا مِني أَي يُجْذَبُ ويؤخَذُ مني.
والنَّزاعةُ والنِّزاعةُ والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: الخُصومة.
والمُنازَعةُ في الخُصومةِ: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فيما يَتنازَعُ فيه الخَصْمانِ.
وقد نازَعَه مُنازَعةً ونِزاعاً: جاذَبه في الخصومة؛ قال ابن مقبل: نازَعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ من الأَحاديثِ، حتى زِدْنَنِي لِينَا أَي نازَعَ لُبِّي أَلْبابَهُنَّ. قال سيبويه: ولا يقال في العاقبة فَنَزَعْتُه استَغْنَوْا عنه بِغَلَبْتُه.
والتنازُع: التخاصُمُ.
وتنازَعَ القومُ: اخْتَصَمُوا.
وبينهم نِزاعةٌ أَي خصومةٌ في حقّ.
وفي الحديث: أَنه،صلى الله عليه وسلم، صلَّى يوماً فلما سلَّم من صلاته قال: ما لي أُنازَعُ القرآنَ أَي أُجاذَبُ في قراءته، وذلك أَن بعض المأْمومين جَهَرَ خَلْفه فنازَعه قِراءتَه فشغله فنهاه عن الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه.
والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: ما يرجِعُ إِليه الرجل من أَمره ورأْيِه وتدبيرِه. قال الأَصمعي: يقولون والله لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَضْعَفُ مِنْزَعةً، بكسر الميم، ومَنْزَعةً، بفتحها، أَي رأْياً وتدبيراً؛ حكى ذلك ابن السكيت في مِفْعلة ومَفْعلة، وقيل: المنزَعةُ قوّة عزْمِ الرأْي والهِمّة، ويقال للرجل الجيِّد الرأْي: إِنه لجيِّد المنزعة.
ونَزَعَتِ الخيل تَنْزِعُ: جَرَتْ طِلْقاً؛ وأَنشد: والخيْلَ تَنْزِعُ قُبًّا في أَعِنَّتِها، كالطيرِ تَنْجُو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ ونزَع المريضُ يَنْزِعُ نزْعاً ونازَع نِزاعاً: جادَ بنفسِه.
ومَنْزعة الشرابِ: طِيبُ مَقْطَعِه، يقال: شرابٌ طيِّبُ المنزعةِ أَي طيب مقطع الشرب.
وقيل في قوله تعالى: خِتامُه مِسْك، إِنهم إِذا شربوا الرَّحيقَ فَفَنِيَ ما في الكأْس وانقطع الشرْب انختم ذلك بريح المسك.
والنَّزَعُ: انْحِسارُ مقدَّم شعَر الرأْسِ عن جانبي الجَبْهةِ، وموضِعُه النَّزَعةُ، وقد نَزِعَ يَنْزَعُ نَزَعاً، وهو أَنْزَعُ بَيِّنُ النَّزَعِ، والاسم النَّزَعةُ، وامرأَة نَزْعاءُ؛ وقيل: لا يقال امرأَة نزعاء، ولكن يقال زَعْراءُ.
والنَّزَعتانِ: ما يَنْحَسِرُ عنه الشعر من أَعلى الجَبينَينِ حتى يُصَعِّدَ في الرأْس.
والنَّزْعاءُ من الجِباهِ التي أَقبلت ناصيتها وارتفع أَعلى شعَرِ صُدْغِها.
وفي حديث القرشي: أَسَرني رجل أَنْزَعُ.
وفي صفة علي، رضي الله عنه: البَطِينُ الأَنْزَعُ.
والعرب تحبُّ النزَع وتَتَيَمَّنُ بالأَنْزع وتَذُمُّ الغَمَمَ وتَتَشاءَم بالأَغَمّ، وتَزْعُمُ أَن الأَغم القفا والجبين لا يكون إِلا لَئِيماً: ومنه وقول هُدْبةَ بن خَشْرَمٍ: ولا تَنْكِحي، إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا، أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعا وأَنْزَع الرجلُ إِذا ظهرت نَزَعَتاه.
ونَزَعَه بنَزِيعةٍ: نَخَسَه؛ عن كراع.
وغنم نُزُعٌ ونُزَّعٌ: حَرامَى تَطْلُبُ الفحْلَ، وبها نِزاعٌ، وشاة نازِعٌ.
والنزائِعُ من الرِّياحِ: هي النُّكْبُ، سميت نزائِعَ لاختلاف مَهابِّها.والنَّزَعةُ: بقلة كالخَضِرةِ، وثُمام مُنَزَّعٌ: شُدِّدَ للكثرة. قال أَبو حنيفة: النَّزَعةُ تكون بالرَّوْضِ وليس لها زَهْرٌ ولا ثَمَرٌ، تأْكلها الإِبل إِذا لم تجد غيرها، فإِذا أَكلتها امتنعت أَلبانها خُبْثاً.
ورأَيت في التهذيب: النزعةُ نَبت معروف.
ورأَيت فلاناً مُتَنَزِّعاً إِلى كذا أَي مُتَسَرِّعاً نازِعاً إِليه.

رأس (لسان العرب) [0]


رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال امرؤ القيس: فيوماً إِلى أَهلي، ويوماً إِليكمُ، ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله: رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه.
ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد: كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ، يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه.
ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ. التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو . . . أكمل المادة الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب رأْسه.
وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب: ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه، وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه.
وفي نوادر الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني.
وفحل أَرْأَسُ: وهو الضَّخْمُ الرأْس.
والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد: إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها، فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت.
وشاة رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى ورَماثَى.
ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي.
وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ.
ورَأَسَ السَّيْلُ الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة: خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله.
والرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم: بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل ندق بهم.
ويقال للقوم إِذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ.
ورَأَسَ القومَ يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ، ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت: يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً، ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر: تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُرْأَة، تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي.
والثَّوْلاء: النعجة التي بها ثَوَلٌ.
والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها.
وقوله لا ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد.
وقوله تهدى الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم.
وفي حديث القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق.
ورَئيسُ الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم.
وكلبة رائِسَة: تأْخذ الصيد برأْسه.
وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد.
ورائس النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب.
ورَوائس الوادي: أَعاليه.
وسحابة مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس.
ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ.
ووَلَدَتْ وَلَها على رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ: وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعدما زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتٍلُهْ وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين، فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة المقتول تهجو الزبرقان: تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ، فليس لخُلْفِهامنه اعْتِذارُ برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ الرِّياحِيِّ:وهم قََتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ، برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك. فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه ثم قال: لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً، سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُوبُ وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي: وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا قيل: عنى هذا الجبل.
ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك.
ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل: وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها، ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إِذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري والصواب: ثم اضطغنت سلاحي.
والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف من أَعلى صدرها.
والسِّدَفُ ههنا: الضوء.
واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت حِضْني.
والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة.
والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق.
وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛ قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء.
وقولهم: رُمِيَ فلان منه في الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر إِليَّ.
وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرىة بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان: كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ، يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.

قصد (لسان العرب) [0]


القصد: استقامة الطريق. قَصَد يَقْصِدُ قصداً، فهو قاصِد.
وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السبيل؛ أَي على الله تبيين الطريق المستقيم والدعاءُ إِليه بالحجج والبراهين الواضحة، ومنها جائر أَي ومنها طريق غير قاصد.
وطريقٌ قاصد: سهل مستقيم.
وسَفَرٌ قاصدٌ: سهل قريب.
وفي التنزيل العزيز: لو كان عَرَضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك؛ قال ابن عرفة: سفراً قاصداً أَي غيرَ شاقٍّ.
والقَصْدُ: العَدْل؛ قال أَبو اللحام التغلبي، ويروى لعبد الرحمن بن الحكم، والأَول الصحيح: على الحَكَمِ المأْتِيِّ، يوماً إِذا قَضَى قَضِيَّتَه، أَن لا يَجُورَ ويَقْصِدُ قال الأَخفش: أَراد وينبغي أَن يقصد فلما حذفه وأَوقع يَقْصِدُ موقع ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع؛ وقال الفراء: رفعه للمخالفة . . . أكمل المادة لأَن معناه مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإِعراب؛ قال ابن بري: معناه على الحكم المرْضِيِّ بحكمه المأْتِيِّ إِليه ليحكم أَن لا يجور في حكمه بل يقصد أَي يعدل، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفاً على قوله أَن لا يجور لفساد المعنى لأَنه يصير التقدير: عليه أَن لا يجور وعليه أَن لا يقصد، وليس المعنى على ذلك بل المعنى: وينبغي له أَن يقصد وهو خبر بمعنى الأَمر أَي وليقصد؛ وكذلك قوله تعالى: والوالداتُ يُرْضِعْنَ أَولادهُنَّ؛ أَي ليرضعن.
وفي الحديث: القَصدَ القصدَ تبلغوا أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل، وهو الوسط بين الطرفين، وهو منصوب على المصدر المؤكد وتكراره للتأكيد.
وفي الحديث: عليكم هَدْياً قاصداً أَي طريقاً معتدلاً.
والقَصْدُ: الاعتمادُ والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ له وأَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، وهو قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وكونه اسماً أَكثر في كلامهم.
والقَصْدُ: إِتيان الشيء. تقول: قصَدْتُه وقصدْتُ له وقصدْتُ إِليه بمعنى.
وقد قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وقال: قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ وقَصَدْتُ قَصْدَه: نحوت نحوه.
والقَصْد في الشيء: خلافُ الإِفراطِ وهو ما بين الإِسراف والتقتير.
والقصد في المعيشة: أَن لا يُسْرِفَ ولا يُقَتِّر. يقال: فلان مقتصد في النفقة وقد اقتصد.
واقتصد فلان في أَمره أَي استقام.
وقوله: ومنهم مُقْتَصِدٌ؛ بين الظالم والسابق.
وفي الحديث: ما عالَ مقتصد ولا يَعِيلُ أَي ما افتقر من لا يُسْرِفُ في الانفاقِ ولا يُقَتِّرُ.
وقوله تعالى: واقْصِدْ في مشيك واقصد بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ على نفسِك.
وقصد فلان في مشيه إِذا مشى مستوياً، ورجل قَصْد ومُقْتَصِد والمعروف مُقَصَّدٌ: ليس بالجسيم ولا الضئِيل.
وفي الحديث عن الجُرَيْرِيِّ قال: كنت أَطوف بالبيت مع أَبي الطفيل، فقال: ما بقي أَحد رأَى رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، غيري، قال: قلت له: ورأَيته؟ قال: نعم، قلت: فكيف كان صفته؟ قال: كان أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً؛ قال: أَراد بالمقصد أَنه كان رَبْعة بين الرجلين وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ ولا ناقِص فهو قَصْد، وأَبو الطفيل هو واثلة بن الأَسقع. قال ابن شميل: المُقَصَّدُ من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة.
وقال الليث: المقصَّد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير وقد يستعمل هذا النعت في غير الرجال أَيضاً؛ قال ابن الأَثير في تفسير المقصد في الحديث: هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأَنَّ خَلْقه يجيءُ به القَصْدُ من الأُمور والمعتدِلُ الذي لا يميل إِلى أَحد طرفي التفريط والإِفراط.
والقَصْدَةُ من النساء: العظيمة الهامةِ التي لا يراها أَحد إِلاَّ أَعجبته.
والمَقْصَدَةُ: التي إِلى القِصَر.
والقاصد: القريب؛ يقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة أَي هينة السير لا تَعَب ولا بُطء.
والقَصِيدُ من الشِّعْر: ما تمَّ شطر أَبياته، وفي التهذيب: شطر ابنيته، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه.
وقال ابن جني: سمي قصيداً لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كان ما قَصُر منه واضطرب بناؤُه نحو الرمَل والرجَز شعراً مراداً مقصوداً، وذلك أَن ما تمَّ من الشِّعْر وتوفر آثرُ عندهم وأَشَدُّ تقدماً في أَنفسهم مما قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا ما طال ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مقصوداً، وإِن كان الرمل والرجز أَيضاً مرادين مقصودين، والجمع قصائد، وربما قالوا: قَصِيدَة. الجوهري: القَصِيدُ جمع القَصِيدة كسَفِين جمع سفينة، وقيل: الجمع قصائدُ وقصِيدٌ؛ قال ابن جني: فإِذا رأَيت القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على الواحد اسمُ جنس اتساعاً، كقولك: خرجت فإِذا السبع، وقتلت اليوم الذئب، وأَكلت الخبز وشربت الماء؛ وقيل: سمي قصيداً لأَن قائله احتفل له فنقحه باللفظ الجيِّد والمعنى المختار، وأَصله من القصيد وهو المخ السمين الذي يَتَقَصَّد أَي يتكسر لِسِمَنِه، وضده الرِّيرُ والرَّارُ وهو المخ السائل الذائب الذي يَمِيعُ كالماء ولا يتقصَّد، إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وقيل: سمي الشِّعْرُ التامُّ قصيداً لأَن قائله جعله من باله فَقَصَدَ له قَصْداً ولم يَحْتَسِه حَسْياً على ما خطر بباله وجرى على لسانه، بل رَوَّى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتَضِبْه اقتضاباً فهو فعيل من القصد وهو الأَمُّ؛ ومنه قول النابغة: وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لها؟ زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لها أَراد قصيدته التي يقول فيها: يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ ابن بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ من القصيد والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ.
وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وواصل عمل القصائد؛ قال: قد وَرَدَتْ مِثلَ اليماني الهَزْهاز، تَدْفَعُ عن أَعْناقِها بالأَعْجاز، أَعْيَتْ على مُقْصِدِنا والرَّجَّاز فَمُفْعِلٌ إِنما يراد به ههنَا مُفَعِّل لتكثير الفعل، يدل على أَنه ليس بمنزلة مُحْسِن ومُجْمِل ونحوه مما لا يدل على تكثير لأَنه لا تكرير عين فيه أَنه قرنه بالرَّجَّاز وهو فعَّال، وفعَّال موضوع للكثرة.
وقال أَبو الحسن الأَخفش: ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان المُوطَآن ليس بينهما بيت والبيتان المُوطَآن، وليست القصيدة إِلا ثلاثة أَبيات فجعل القصيدة ما كان على ثلاثة أَبيات؛ قال ابن جني: وفي هذا القول من الأَخفش جواز، وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أَبيات قصيدة، قال: والذي في العادة أَن يسمى ما كان على ثلاثة أَبيات أَو عشرة أَو خمسة عشر قطعة، فأَما ما زاد على ذلك فإِنما تسميه العرب قصيدة.
وقال الأَخفش: القصيد من الشعر هو الطويل والبسيط التامّ والكامل التامّ والمديد التامّ والوافر التامّ والرجز التامّ والخفيف التامّ، وهو كل ما تغنى به الركبان، قال: ولم نسمعهم يتغنون بالخفيف؛ ومعنى قوله المديد التامُّ والوافر التامّ يريد أَتم ما جاء منها في الاستعمال، أَعني الضربين الأَوّلين منها، فأَما أَن يجيئا على أَصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مُطَّرَحٌ. قال ابن جني: أَصل «ق ص د» ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهودُ والنهوضُ نحو الشيء، على اعتدال كان ذلك أَو جَوْر، هذا أَصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل، أَلا ترى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ تارة كما تقصد العدل أُخرى؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً.
والقَصْدُ: الكسر في أَيّ وجه كان، تقول: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه، وقيل: هو الكسر بالنصف قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثعلب: إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتِها على قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ شبه صوت الناقة بالمزامير؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة منه، والجمع قِصَد. يقال: القنا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مكسور.
وتَقَصَّدَتِ الرماحُ: تكسرت.
ورُمْحٌ أَقصادٌ وقد انْقَصَدَ الرمحُ: انكسر بنصفين حتى يبين، وكل قطعة قِصْدة، ورمح قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشتقوا له فِعْلاً قالوا انْقَصَدَ، وقلما يقولون قَصِدَ إِلا أَنَّ كل نعت على فَعِلٍ لا يمتنع صدوره من انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عبيد لقيس بن الخطيم: تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها تَذَرُّعُ خُرْصانٍ بأَيدي الشَّواطِبِ وقال آخر: أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا يريد أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماحِ.
وفي الحديث: كانت المُداعَسَةُ بالرماح حتى تَقَصَّدَتْ أَي تَكسَّرَت وصارت قِصَداً أَي قطعاً.
والقِصْدَةُ، بالكسر: القِطْعة من الشيء إِذا انكسر؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قال الأَخفش: هذا أَحد ما جاء على بناء الجمع.
وقَصَدَ له قِصْدَةً من عَظْم وهي الثلث أَو الربُع من الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ.
وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وقد انقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ.
والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، واحدته قَصِيدَةٌ.
وعَظْمٌ قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثعلب: وهمْ تَرَكُوكمْ لا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ هُزالاً، وكان العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا أَي مُمِخًّا، وإِن شئت قلت: أَراد ذا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ.
والقَصِيدَةُ: المُخَّةُ إِذا خرجت من العظم، وإِذا انفصلت من موضعها أَو خرجت قيل: انقَصَدَتْ. أَبو عبيدة: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وهو دون السمين وفوق المهزول. الليث: القَصِيدُ اليابس من اللحم؛ وأَنشد قول أَبي زبيد: وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحـ ـمَ قَصِيداً منه وغَيرَ قَصِيدِ وقيل: القَصِيدُ السمين ههنا.
وسنام البعير إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قال المثقب: سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا ابن شميل: القَصُودُ من الإِبل الجامِسُ المُخِّ، واسم المُخِّ الجامِس قَصِيدٌ.
وناقة قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سمينة ممتلئة جسيمة بها نِقْيٌ أَي مُخٌّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً، قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ اليابس؛ قال الأَخطل: وسيرُوا إِلى الأَرضِ التي قَدْ عَلِمْتُمُ، يَكُنْ زادُكُمْ فيها قَصِيدُ الإِباعِرِ والقَصَدَةُ: العُنُقُ، والجمع أَقْصادٌ؛ عن كراع: وهذا نادر؛ قال ابن سيده: أَعني أَن يكون أَفعالٌ جمع فَعَلَةٍ إِلا على طرح الزائد والمعروف القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة: كل ذلك مَشْرَةُ العِضاهِ وهي بَراعيمُها وما لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وقد أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قال أَبو حنيفة: القَصْدُ ينبت في الخريف إِذا بَرَدَ الليل من غير مَطَرٍ.
والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد: ولا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا عليها ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها الليث: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تخرج بعد القيظ الورق في العضاه أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فسمى كل واحدة منها قَصَدة.
وقال ابن الأَعرابي: القَصَدَةُ من كل شجرة ذات شوك أَن يظهر نباتها أَوَّلَ ما ينبت. الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل على كل حال؛ وقال الليث: هو القتل على المكان، يقال: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه.
والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مكانه.
وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ مكانَه.
وأَقْصَدَتْه حية: قتلته؛ قال الأَخطل: فإِن كنْتِ قد أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدري أَي ولا يخْتُِلُ.
وفي حديث عليّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها؛ أَقْصَدْتُ الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بسهم فلم تُخْطئْ مَقاتلَه فهو مُقْصَد؛ وفي شعر حميد ابن ثور: أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا، إِنْ خَطَأً منها وإِنْ تَعَمُّدا والمُقْصَدُ: الذي يَمْرَضُ ثم يموت سريعاً.
وتَقَصَّدَ الكلبُ وغيره أَي مات؛ قال لبيد: فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ وضُرِّجَتْ بِدَمٍ، وغُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه.
والقصيدُ: العصا؛ قال حميد: فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ سمي بذلك لأَنه بها يُقْصَدُ الإِنسانُ وهي تَهدِيهِ وتَو مُّه، كقول الأَعشى: إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلا دِ صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.

منن (لسان العرب) [0]


مَنَّهُ يَمُنُّه مَنّاً: قطعه.
والمَنِينُ: الحبل الضعيف.
وحَبل مَنينٌ: مقطوع، وفي التهذيب: حبل مَنينٌ إذا أخْلَقَ وتقطع، والجمع أَمِنَّةٌ ومُنُنٌ.
وكل حبل نُزِحَ به أَو مُتِحَ مَنِينٌ، ولا يقال للرِّشاءِ من الجلد مَنِينٌ.
والمَنِينُ الغبار، وقيل: الغبار الضعيف المنقطع، ويقال للثوب الخَلَقِ.
والمَنُّ: الإعْياء والفَتْرَةُ.
ومََنَنْتُ الناقة: حَسَرْتُها.
ومَنَّ الناقة يَمُنُّها مَنّاً ومَنَّنَها ومَنَّن بها: هزلها من السفر، وقد يكون ذلك في الإنسان.
وفي الخبر: أَن أَبا كبير غزا مع تأَبَّطَ شَرّاً فمَنَّنَ به ثلاثَ ليالٍ أَي أَجهده وأَتعبه.
والمُنَّةُ، بالضم: القوَّة، وخص بعضهم به قوة القلب. يقال: هو ضعيف المُنَّة، ويقال: هو طويل الأُمَّة حَسَنُ السُّنَّة قوي المُنّة؛ الأُمة: القامة، والسُّنّة: الوجه، والمُنّة: القوة.
ورجل مَنِينٌ أَي . . . أكمل المادة ضعيف، كأنَّ الدهر مَنَّه أَي ذهب بمُنَّته أَي بقوته؛ قال ذو الرمة:مَنَّهُ السير أَحْمقُ أَي أَضعفه السير.
والمَنينُ: القوي.
وَالمَنِينُ: الضعيف؛ عن ابن الأَعرابي، من الأَضداد؛ وأَنشد: يا ريَّها، إن سَلِمَتْ يَميني، وَسَلِمَ الساقي الذي يَلِيني، ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنِينِ ومَنَّه السر يَمُنُّه مَنّاً: أَضعفه وأَعياه.
ومَنَّه يَمُنُّه مَنّاً: نقصه. أَبو عمرو: المَمْنون الضعيف، والمَمْنون القويّ.
وقال ثعلب: المَنينُ الحبل القوي؛ وأَنشد لأَبي محمد الأَسدي: إذا قَرَنْت أَرْبعاً بأَربعِ إلى اثنتين في مَنين شَرْجَعِ أَي أَربع آذان بأَربع وَذَماتٍ، والاثنتان عرْقُوتا الدلو.
والمَنينُ: الحبل القويّ الذي له مُنَّةٌ.
والمَنِينُ أَيضاً: الضعيف، وشَرْجَعٌ: طويل.
والمَنُونُ: الموت لأَنه يَمُنُّ كلَّ شيء يضعفه وينقصه ويقطعه، وقيل: المَنُون الدهر؛ وجعله عَدِيُّ بن زيد جمعاً فقال: مَنْ رَأَيْتَ المَنُونَ عَزَّيْنَ أَمْ مَنْ ذا عَلَيْه من أَنْ يُضامَ خَفِيرُ وهو يذكر ويؤنث، فمن أَنث حمل على المنية، ومن ذَكَّرَ حمل على الموت؛ قال أَبو ذؤيب: أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبه تَتَوَجَّعُ، والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ؟ قال ابن سيده: وقد روي ورَيْبها، حملاً على المنِيَّة، قال: ويحتمل أَن يكون التأْنيث راجعاً إلى معنى الجنسية والكثرة، وذلك لأَن الداهية توصف بالعموم والكثرة والانتشار؛ قال الفارسي: إنما ذكّره لأَنه ذهب به إلى معنى الجنس. التهذيب: من ذكّر المنون أَراد به الدهر؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤيب أَيضاً: أَمِنَ المَنُون ورَيْبه تَتَوَجَّعُ وأَنشد الجوهري للأَعشى: أَأَن رأَتْ رجلاً أَعْشى أَضرَّ به رَيْبُ المَنُونِ، ودهْرٌ مُتبلٌ خبِل ابن الأَعرابي: قال الشَّرْقِيّ بن القُطامِيِّ المَنايا الأحداث، والحمام الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُون الزمان. قال أَبو العباس: والمَنُونُ يُحْمَلُ معناه على المَنايا فيعبر بها عن الجمع؛ وأَنشد بيت عَدِيّ بن زيد: مَن رأَيْتَ المَنونَ عَزَّيْنَ أَراد المنايا فلذلك جمع الفعل.
والمَنُونُ: المنية لأَنها تقطع المَدَدَ وتنقص العَدَد. قال الفراء: والمَنُون مؤنثة، وتكون واحدة وجمعاً. قال ابن بري: المَنُون الدهر، وهواسم مفرد، وعليه قوله تعالى: نَتَرَبَّصُ به رَيْبَ المَنُونِ؛ أَي حوادث الدهر؛ ومنه قول أَبي ذؤيب: أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِه تَتَوَجَّعُ قال: أَي من الدهر وريبه؛ ويدل على صحة ذلك قوله: والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ فأَما من قال: وريبها فإنه أَنث على معنى الدهور، ورده على عموم الجنس كقوله تعالى: أَو الطِّفْل الذين لم يظهروا؛ وكقول أَبي ذؤيب: فالعَيْن بعدهُمُ كأَنَّ حِدَاقَها وكقوله عز وجل: ثم اسْتَوى إلى السماء فسَوَّاهُنَّ؛ وكقول الهُذَليِّ: تَراها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْسا قال: ويدلك على أَن المَنُون يرادُ بها الدُّهور قول الجَعْديّ: وعِشْتِ تعيشين إنَّ المَنُو نَ كانَ المَعايشُ فيها خِساسا قال ابن بري: فسر الأَصمعي المَنُون هنا بالزمان وأَراد به الأَزمنة؛ قال: ويدُلّك على ذلك قوله بعد البيت: فَحِيناً أُصادِفُ غِرَّاتها، وحيناً أُصادِفُ فيها شِماسا أَي أُصادف في هذه الأَزمنة؛ قال: ومثله ما أَنشده عبد الرحمن عن عمه الأَصمعي: غلامُ وَغىً تَقَحّمها فأَبْلى، فخان بلاءَه الدهرُ الخَؤُونُ فإن على الفَتى الإقْدامَ فيها، وليس عليه ما جنت المَنُونُ قال: والمَنُون يريد بها الدهور بدليل قوله في البيت قبله: فخانَ بلاءَه الدَّهْرُ الخَؤُونُ قال: ومن هذا قول كَعْب بن مالك الأَنصاري: أَنسيتمُ عَهْدَ النبيّ إليكمُ، ولقد أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا أَن لا تَزالوا ما تَغَرَّدَ طائرٌ أُخْرى المَنُونِ مَوالِياً إخْوانا أَي إِلى آخر الدهر؛ قال: وأَما قول النابغة: وكل فَتىً، وإِنْ أَمْشى وأَثْرَى، سَتَخْلِجُه عن الدنيا المَنُونُ قال: فالظاهر أَنه المنية؛ قال: وكذلك قول أَبي طالب: أَيّ شيء دهاكَ أَو غال مَرْعا ك، وهل أَقْدَمَتْ عليك المَنُون؟ قال: المَنُونُ هنا المنية لا غير؛ وكذلك قول عمرو ابن حَسَّان: تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ أَنَى، ولكلّ حاملةٍ تَمامُ وكذلك قول ابن أَحمر: لَقُوا أُمَّ اللُّهَيْمِ فجَهَّزَتْهُمْ غَشُومَ الوِرْدِ نَكْنِيها المَنونا أُم اللُّهَيمِ: اسم للمنية، والمنونُ هنا: المنية؛ ومنه قول أَبي دُوَادٍ: سُلِّطَ الموتُ والمَنُونُ عليهم، فَهُمُ في صَدَى المَقابِرِ هامُ ومَنَّ عليه يَمُنُّ مَنّاً: أَحسن وأَنعم، والاسم المِنَّةُ.
ومَنَّ عليه وامْتَنَّ وتمَنَّنَ: قَرَّعَه بِمِنَّةٍ؛ أَنشد ثعلب: أَعْطاكَ يا زَيْدُ الذي يُعْطي النِّعَمْ، من غيرِ ما تمَنُّنٍ ولا عَدَمْ، بَوائكاً لم تَنْتَجِعْ مع الغَنَم وفي المثل: كَمَنِّ الغيثِ على العَرْفَجةِ، وذلك أَنها سريعة الانتفاع بالغيث، فإِذا أَصابها يابسةً اخضرَّت؛ يقول: أَتَمُنُّ عليَّ كمَنِّ الغيثِ على العرفجةِ؟ وقالوا: مَنَّ خَيْرَهُ َيمُنُّهُ مَنّاً فعَدَّوْه؛ قال: كأَني، إِذْ مَنَنْتُ عليك خَيري، مَنَنْتُ على مُقَطَّعَةِ النِّياطِ ومَنَّ يَمُنُّ مَنّاً: اعتقد عليه مَنّاً وحسَبَهُ عليه.
وقوله عز وجل: وإِنَّ لكَ لأَجْراً غيرَ مَمْنونِ؛ جاء في التفسير: غير محسوب، وقيل: معناهُ أَي لا يَمُنُّ الله عليهم (* قوله «أي لا يمن الله عليهم إلخ» المناسب فيه وفيما بعده عليك بكاف الخطاب، وكأنه انتقال نظر من تفسير آية: وإن لك لأجراً، إلى تفسير آية: لهم أجر غير ممنون، هذه العبارة من التهذيب أو المحكم فإن هذه المادة ساقطة من نسختيهما اللتين بأيدينا للمراجعة). به فاخراً أَو مُعَظِّماً كما يفعل بخلاءُِ المُنْعِمِين، وقيل: غير مقطوع من قولهم حبل مَنِين إِذا انقطع وخَلَقَ، وقيل: أَي لا يُمَنُّ به عليهم. الجوهري: والمَنُّ القطع، ويقال النقص؛ قال لبيد: غُبْساً كَوَاسبَ لا يُمَنُّ طَعامُها قال ابن بري: وهذا الشعر في نسخة ابن القطاع من الصحاح: حتى إِذا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلوا غُبْساً كَواسِبَ لا يُمَنُّ طعامُها قال: وهو غلط، وإِنما هو في نسخة الجوهري عجز البيت لا غير، قال: وكمله ابن القطاع بصدر بيت ليس هذا عجُزَه، وإِنما عجُزُهُ: حتى إِذا يَئسَ الرُّماةُ، وأَرسلوا غُضُفاً دَوَاجِنَ قافلاً أَعْصامُها قال: وأَما صدر البيت الذي ذكره الجوهري فهو قوله: لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تنازَعَ شِلْوَه غُبْسٌ كوَاسِبُ لا يُمَنُّ طعامُها قال: وهكذا هو في شعر لبيد، وإِنما غلط الجوهري في نصب قوله غُبْساً، والله أَعلم.
والمِنِّينَى: من المَنِّ الذي هو اعتقاد المَنِّ على الرجل.
وقال أَبو عبيد في بعض النسخ: المِنَّينى من المَنِّ والامْتنانِ.
ورجل مَنُونَةٌ ومَنُونٌ: كثير الامتنان؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وقال أَبو بكر في قوله تعالى: مَنَّ اللهُ علينا؛ يحتمل المَنُّ تأْويلين: أَحدهما إِحسانُ المُحْسِن غيرَ مُعْتَدٍّ بالإِحسان، يقال لَحِقَتْ فلاناً من فلان مِنَّةٌ إِذا لَحِقَتْْه نعمةٌ باستنقاذ من قتل أَو ما أَشبهه، والثاني مَنَّ فلانٌ على فلان إِذا عَظَّمَ الإِحسان وفخَرَ به وأَبدأَ فيه وأَعاد حتى يُفْسده ويُبَغِّضه، فالأَول حسن، والثاني قبيح.
وفي أَسماء الله تعالى: الحَنّانُ المَنّانُ أَي الذي يُنْعِمُ غيرَ فاخِرٍ بالإِنعام؛ وأَنشد: إِن الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهِمْ زادٌ يُمَنُّ عليهمُ لَلِئامُ وقال في موضع آخر في شرح المَنَّانِ، قال: معناه المُعْطِي ابتداء، ولله المِنَّة على عباده، ولا مِنَّة لأَحد منهم عليه، تعالى الله علوّاً كبيراً.
وقال ابن الأَثير: هو المنعم المُعْطي من المَنِّ في كلامهم بمعنى الإِحسان إِلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه.
والمَنّانُ: من أَبنية المبالغة كالسَّفَّاكِ والوَهّابِ، والمِنِّينى منه كالخِصَّيصَى؛ وأَنشد ابن بري للقُطاميّ: وما دَهْري بمِنِّينَى، ولكنْ جَزَتْكم، يا بَني جُشَمَ، الجَوَازي ومَنَّ عليه مِنَّةً أَي امْتَنَّ عليه. يقال: المِنَّةُ تَهْدِمُ الصَّنيعة.
وفي الحديث: ما أَحدٌ أَمَنَّ علينا من ابن أَبي قُحافَةَ أَي ما أَحدٌ أَجْوَدَ بماله وذات يده، وقد تكرر في الحديث.
وقوله عز وجل: لا تُبْطِلُوا صدقاتكم بالمَنِّ والأَذى؛ المَنُّ ههنا: أَن تَمُنَّ بما أَعطيت وتعتدّ به كأَنك إِنما تقصد به الاعتداد، والأَذى: أَن تُوَبِّخَ المعطَى، فأَعلم الله أَن المَنَّ والأَذى يُبْطِلان الصدقة.
وقوله عز وجل: ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ؛ أَي لا تُعْطِ شيئاً مقدَّراً لتأْخذ بدله ما هو أَكثر منه.
وفي الحديث: ثلاثة يشْنَؤُهُمُ الله، منهم البخيل المَنّانُ.
وقد يقع المَنَّانُ على الذي لا يعطي شيئاً إِلاَّ مَنَّه واعتَدّ به على من أَعطاه، وهو مذموم، لأَن المِنَّة تُفْسِد الصنيعةَ.
والمَنُون من النساء: التي تُزَوَّجُ لمالها فهي أَبداً تَمُنُّ على زوجها.
والمَنَّانةُ: كالمَنُونِ.
وقال بعض العرب: لا تتزَوَّجَنَّ حَنَّانةً ولا مَنَّانةً. الجوهري: المَنُّ كالطَّرَنْجَبينِ.
وفي الحديث: الكَمْأَةُ من المَنِّ وماؤها شفاء للعين. ابن سيده: المَنُّ طَلٌّ ينزل من السماء، وقيل: هو شبه العسل كان ينزل على بني إِسرائيل.
وفي التنزيل العزيز: وأَنزلنا عليهم المَنَّ والسَّلْوَى؛ قال الليث: المَنُّ كان يسقط على بني إِسرائيل من السماء إِذْ هُمْ في التِّيه، وكان كالعسل الحامِسِ حلاوةً.
وقال الزجاج: جملة المَنِّ في اللغة ما يَمُنُّ الله عز وجل به مما لا تعب فيه ولا نَصَبَ، قال: وأَهل التفسير يقولون إِن المَنَّ شيء كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشرب، ويقال: إِنه التَّرَنْجَبينُ، وقيل في قوله، صلى الله عليه وسلم، الكَمْأَةُ من المَنِّ: إِنما شبهها بالمَنِّ الذي كان يسقط على بني إِسرائيل، لأَنه كان ينزل عليهم من السماء عفواً بلا علاج، إِنما يصبحون وهو بأَفْنِيَتهم فيتناولونه، وكذلك الكَمْأَة لا مؤُونة فيها بَبَذْرٍ ولا سقي، وقيل: أَي هي مما منَّ الله به على عباده. قال أَبو منصور: فالمَنُّ الذي يسقط من السماء، والمَنُّ الاعتداد، والمَنُّ العطاء، والمَنُّ القطع، والمِنَّةُ العطية، والمِنَّةُ الاعتدادُ، والمَنُّ لغة في المَنَا الذي يوزن به. الجوهري: والمَنُّ المَنَا، وهو رطلان، والجمع أَمْنانٌ، وجمع المَنا أَمْناءٌ. ابن سيده: المَنُّ كيل أَو ميزان، والجمع أَمْنانٌ.
والمُمَنُّ: الذي لم يَدَّعِه أَبٌ والمِنَنَةُ: القنفذ. التهذيب: والمِنَنةُ العَنْكبوت، ويقال له مَنُونةٌ. قال ابن بري: والمَنُّ أَيضاً الفَتْرَةُ؛ قال: قد يَنْشَطُ الفِتْيانُ بعد المَنِّ التهذيب عن الكسائي قال: مَنْ تكون اسماً، وتكون جَحْداً، وتكون استفهاماً، وتكون شرْطاً، وتكون معرفة، وتكون نكرة، وتكون للواحد والاثنين والجمع، وتكون خصوصاً، وتكون للإِنْسِ والملائكة والجِنِّ، وتكون للبهائم إِذا خلطتها بغيرها؛ وأَنشد الفراء فيمن جعلها اسماً هذا البيت: فَضَلُوا الأَنامَ، ومَنْ بَرا عُبْدانَهُمْ، وبَنَوْا بمَكَّةَ زَمْزَماً وحَطِيما قال: موضع مَنْ خفض، لأَنه قسم كأَنه قال: فَضَلَ بنو هاشم سائر الناس والله الذي برأ عُبْدانَهُم. قال أَبو منصور: وهذه الوجوه التي ذكرها الكسائي في تفسير مَنْ موجودة في الكتاب؛ أَما الاسم المعرفة فكقولك: والسماء ومَنْ بناها؛ معناه والذي بناها، والجَحْدُ كقوله: ومَنْ يَقْنَطُ من رحمة ربه إِلاَّ الضالُّون؛ المعنى لا يَقْنَطُ.
والاستفهام كثير وهو كقولك: من تَعْني بما تقول؟ والشرط كقوله: من يَعْمَلْ مثقال ذَرَّةٍ خيراً يره، فهذا شرط وهو عام.
ومَنْ للجماعة كقوله تعالى: ومَنْ عَمِلَ صالحاً فلأَنفسهم يَمْهدون؛ وكقوله: ومن الشياطين مَنْ يَغُوصون له.
وأَما في الواحد فكقوله تعالى: ومنهم مَنْ يَسْتمِعُ إِليك، فوَحَّدَ؛ والاثنين كقوله: تَعالَ فإِنْ عاهَدْتَني لا تَخُونني، نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذِئبُ يَصْطحبانِ قال الفراء: ثنَّى يَصْطَحِبان وهو فعل لمَنْ لأَنه نواه ونَفْسَه.
وقال في جمع النساء: ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لله ورسوله. الجوهري: مَنْ اسم لمن يصلح أَن يخاطَبَ، وهو مبهم غير متمكن، وهو في اللفظ واحد ويكون في معنى الجماعة؛ قال الأَعشى لسْنا كمَنْ حَلَّتْ إِيادٍ دارَها تَكْريتَ تَنْظُرُ حَبَّها أَن يُحْصَدا فأَنث فِعْلَ مَنْ لأَنه حمله على المعنى لا على اللفظ، قال: والبيت رديء لأَنه أَبدل من قبل أَن يتم الاسم، قال: ولها أَربعة مواضع: الاستفهام نحو مَنْ عندك؟ والخبر نحو رأَيت مَنْ عندك، والجزاء نحو مَنْ يكرمْني أُكْرِمْهُ، وتكون نكرة نحو مررت بمَنْ محسنٍ أَي بإِنسان محسن؛ قال بشير بن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك الأَنصاري: وكفَى بنا فَضْلاً، على مَنْ غَيرِنا، حُبُّ النَّبِيِّ محمدٍ إِيّانا خفض غير على الإِتباع لمَنْ، ويجوز فيه الرفع على أَن تجعل مَنْ صلة بإِضمار هو، وتحكى بها الأَعلام والكُنَى والنكرات في لغة أَهل الحجاز إِذا قال رأَيت زيداً قلت مَنْ زيداً، وإِذا قال رأَيت رجلاً قلت مَنَا لأَنه نكرة، وإِن قال جاءني رجل قلت مَنُو، وإِن قال مررت برجل قلت مَنِي، وإِن قال جاءني رجلان قلت مَنَانْ، وإِن قال مررت برجلين قلت مَنَينْ، بتسكين النون فيهما؛ وكذلك في الجمع إِن قال جاءني رجال قلت مَنُونْ، ومَنِينْ في النصب والجرّ، ولا يحكى بها غير ذلك، لو قال رأَيت الرجل قلت مَنِ الرجلُ، بالرفع، لأَنه ليس بعلم، وإِن قال مررت بالأَمير قلت مَنِ الأَمِيرُ، وإِن قال رأَيت ابن أَخيك قلت مَنِ ابنُ أَخيك، بالرفع لا غير، قال: وكذلك إِن أَدخلت حرف العطف على مَنْ رفعت لا غير قلت فمَنْ زيدٌ ومَنْ زيدٌ، وإِن وصلت حذفت الزيادات قلت مَنْ يا هذا، قال: وقد جاءت الزيادة في الشعر في حال الوصل؛ قال الشاعر: أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ؟ فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما وتقول في المرأَة: مَنَهْ ومَنْتانْ ومَنَاتْ، كله بالتسكين، وإِن وصلت قلت مَنَةً يا هذا ومناتٍ يا هؤلاء. قال ابن بري: قال الجوهري وإِن وصلت قلت مَنةً يا هذا، بالتنوين، ومَناتٍ؛ قال: صوابه وإِن وصلت قلت مَنْ يا هذا في المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث، وإِن قال: رأَيت رجلاً وحماراً، قلت مَنْ وأَيَّا، حذفت الزيادة من الأَول لأَنك وصلته، وإِن قال مررت بحمار ورجل قلت أَيٍّ ومَنِي، فقس عليه، قال: وغير أَهل الحجاز لا يرون الحكاية في شيء منه ويرفعون المعرفة بعد مَنْ، اسماً كان أَو كنية أَو غير ذلك. قال الجوهري: والناس اليوم في ذلك على لغة أَهل الحجاز؛ قال: وإِذا جعلت مَنْ اسماً متمكناً شددته لأَنه على حرفين كقول خِطامٍ المُجاشِعيّ: فرَحلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ، حتى أَنَخْناها إِلى مَنٍّ ومَنْ أَي أَبْرَكْناها إِلى رجل وأَيّ رجل، يريد بذلك تعظيم شأْنه، وإِذا سميت بمَنْ لم تشدّد فقلت هذا مَنٌ ومررت بمَنٍ، قال ابن بري: وإِذا سأَلت الرجل عن نسبه قلت المَنِّيُّ، وإِن سأَلته عن بلده قلت الهَنِّيُّ؛ وفي حديث سَطِيح: يا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ قال ابن الأَثير: هذا كما يقال أَعيا هذا الأَمر فلاناً وفلاناً عند المبالغة والتعظيم أَي أَعيت كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه فحذف، يعني أَن ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمه كما حذفوها من قولهم: بعد اللَّتَيّا والتي، استعظاماً لشأْن المخلوق.
وقوله في الحديث: مَنْ غَشَّنا فليس منا أَي ليس على سيرتنا ومذهبنا والتمسك بسُنَّتنا، كما يقول الرجل أَنا منْك وإِليك، يريد المتابعة و الموافقة؛ ومنه الحديث: ليس منّا من حَلَقَ وخَرَقَ وصَلَقَ، وقد تكرر أَمثاله في الحديث بهذا المعنى، وذهب بعضهم إِلى أَنه أَراد به النفي عن دين الإِسلام، ولا يصح. قال ابن سيده: مَنْ اسم بمعنى الذي، وتكون للشرط وهو اسم مُغْنٍ عن الكلام الكثير المتناهي في البِعادِ والطُّولِ، وذلك أَنك إِذا قلت مَنْ يَقُمْ أَقُمْ معه كفاك ذلك من جميع الناس، ولولا هو لاحتجت أَن تقول إِن يَقُمْ زيد أَو عمرو أَو جعفر أَو قاسم ونحو ذلك، ثم تقف حسيراً مبهوراً ولَمّا تَجِدْ إِلى غرضك سبيلاً، فإِذا قلت مَنْ عندك أَغناك ذلك عن ذكر الناس، وتكون للاستفهام المحض، وتثنى وتجمع في الحكاية كقولك: مَنَانْ ومَنُونْ ومَنْتانْ ومَناتْ، فإِذا وصلت فهو في جميع ذلك مفرد مذكر؛ وأَما قول شمر بن الحرث الضَّبِّيِّ: أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ؟ قالوا: سَرَاةُ الجِنِّ قلت: عِمُوا ظَلاما قال: فمن رواه هكذا فإِنه أَجرى الوصل مُجْرَى الوقف، فإِن قلت فإِنه في الوقف إِنما يكون مَنُونْ ساكن النون، وأَنت في البيت قد حركته، فهو إِذاً ليس على نية الوصل ولا على نية الوقف؟ فالجواب أَنه لما أَجراه في الوصل على حده في الوقف فأَثبت الواو والنون التقيا ساكنين، فاضطر حينئذ إِلى أَن حرك النون لالتقاء الساكنين لإقامة الوزن، فهذه الحركة إِذاً إِنما هي حركة مستحدثة لم تكن في الوقف، وإِنما اضطر إِليها للوصل؛ قال: فأَما من رواه مَنُونَ أَنتم فأَمره مشكل، وذلك أَنه شبَّه مَنْ بأَيٍّ فقال مَنُونَ أَنتم على قوله أَيُّونَ أَنتم، وكما جُعِلَ أَحدهما عن الآخر هنا كذلك جمع بينهما في أَن جُرِّدَ من الاستفهام كلُّ واحدٍ منهما، أَلا ترى أَن حكاية يونس عنهم ضَرَبَ مَنٌ مَناً كقولك ضرب رجل رجلاً؟ فنظير هذا في التجريد له من معنى الاستفهام ما أَنشدناه من قوله الآخر: وأَسْماءُ، ما أَسْماءُ لَيْلةَ أَدْلَجَتْ إِليَّ، وأَصحابي بأَيَّ وأَيْنَما فجعل أَيّاً اسماً للجهة، فلما اجتمع فيها التعريف والتأْنيث منَعَها الصَّرْفَ، وإِن شئت قلت كان تقديره مَنُون كالقول الأَول، ثم قال أَنتم أَي أَنتم المقصودون بهذا الاستثبات، كقول عَدِيٍّ: أَرَوَاحٌ مَوَدّعٌ أَم بُكورُ أَنتَ، فانْظُرْ لأَيِّ حالٍ تصيرُ إِذا أَردت أَنتَ الهالكُ، وكذلك أَراد لأَي ذيْنِك.
وقولهم في جواب مَنْ قال رأَيت زيداً المَنِّيُّ يا هذا، فالمَنِّيُّ صفة غير مفيدة، وإِنما معناه الإِضافة إِلى مَنْ، لا يُخَصُّ بذلك قبيلةٌ معروفة كما أَن مَن لا يَخُصُّ عيناً، وكذلك تقول المَنِّيّانِ والمَنِّيُّون والمَنِّيَّة والمَنِّيَّتان والمَنِّيَّات، فإِذا وصلت أَفردت على ما بينه سيبويه، قال: وتكون للاستفهام الذي فيه معنى التَّعَجُّب نحو ما حكاه سيبويه من قول العرب: سبحان الله مَنْ هو وما هو؛ وأَما قوله: جادَتْ بكَفَّيْ كان مِنْ أَرْمى البَشَرْْ فقد روي مَنْ أَرمى البَشر، بفتح ميم مَنْ، أَي بكفَّيْ مَنْ هو أَرْمى البشرِ، وكان على هذا زائدة، ولو لم تكن فيه هذه الرواية لَمَا جاز القياس عليه لفُرُوده وشذوذه عما عليه عقد هذا الموضع، أَلا تراك لا تقول مررت بوَجْهُه حسنٌ ولا نظرت إِلى غلامُهُ سعيدٌ؟ قال: هذا قول ابن جني، وروايتنا كان مِنْ أَرْمى البشر أَي بكفَّيْ رجلٍ كان. الفراء: تكون مِنْ ابتداءَ غاية، وتكون بعضاً، وتكون صِلةً؛ قال الله عز وجل: وما يَعْزُبُ عن ربك من مثقال ذَرَّةٍ؛ أَي ما يَعْزُبُ عن علمه وَزْنُ ذَرَّةٍ؛ ولداية الأَحنف فيه: والله لولا حَنَفٌ برجْلِهِ، ما كان في فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ قال: مِنْ صِلةٌ ههنا، قال: والعرب تُدْخِلُ مِنْ على جمع المَحالّ إِلا على اللام والباء، وتدخل مِنْ على عن ولا تُدْخِلُ عن عليها، لأَن عن اسم ومن من الحروف؛ قال القطامي: مِنْ عَنْ يمين الحُبَيّا نَظْرةٌ قَبَلُ قال أَبو عبيد: والعرب تضَعُ مِن موضع مُذْ، يقال: ما رأَيته مِنْ سنةٍ أَي مُذْ سنةٍ؛ قال زهير: لِمَنِ الدِّيارُ، بقُنَّةِ الحِجْرِ، أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومن دَهْرِ؟ أَي مُذْ حِجَجٍ. الجوهري: تقول العرب ما رأَيته مِنْ سنةٍ أَي منذُ سنة.
وفي التنزيل العزيز: أُسِّسَ على التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يوم؛ قال: وتكون مِنْ بمعنى على كقوله تعالى: ونصرناه مِنَ القوم؛ أَي على القوم؛ قال ابن بري: يقال نصرته مِنْ فلان أَي منعته منه لأَن الناصر لك مانع عدوّك، فلما كان نصرته بمعنى منعته جاز أَن يتعدّى بمن، ومثله فلْيَحْذَرِ الذين يُخالِفون عن أَمره، فعدّى الفعل بمعَنْ حَمْلاً على معنى يَخْرُجون عن أَمره، لأَن المخالفة خروج عن الطاعة، وتكن مِنْ بعَنْ البدل كقول الله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم مَلائكةً؛ معناه: ولو نشاء لجعلنا بَدَلَكُم، وتكون بمعنى اللام الزائدة كقوله: أَمِنْ آلِ ليلى عَرَفْتَ الدِّيارا أَراد أَلآلِ ليْلى عرفت الديارا.
ومِنْ، بالكسر: حرف خافض لابتداء الغاية في الأَماكن، وذلك قولك مِنْ مكان كذا وكذا إِلى مكان كذا وكذا، وخرجت من بَغْداد إِلى الكوفة، و تقول إِذا كتبت: مِنْ فلانٍ إِلى فلان، فهذه الأَسماء التي هي سوى الأَماكن بمنزلتها؛ وتكون أَيضاً للتبعيض، تقول: هذا من الثوب، وهذا الدِّرْهم من الدراهم، وهذا منهم كأَنك قلت بعضه أَو بعضهم؛ وتكون للجنس كقوله تعالى: فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نَفْساً. فإن قيل: كيف يجوز أَن يقبل الرجلُ المَهْرَ كله وإِنما قال منه؟ فالجواب في ذلك أَنَّ مِنْ هنا للجنس كما قال تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوثان، ولم نُؤْمَرْ باجتناب بعض الأَوثان، ولكن المعنى فاجتنبوا الرِّجْسَ الذي هو وَثَنٌ، وكُلُوا الشيء الذي هو مَهْرٌ، وكذلك قوله عز وجل: وعَدَ الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مَغْفرةً وأَجراً عظيماً. قال: وقد تدخل في موضعٍ لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيماً ولكنها توكيد بمنزلة ما إِلا أَنها تَجُرُّ لأَنها حرف إِضافة، وذلك قولك: ما أَتاني مِنْ رجلٍ، وما رأَيت من أَحد، لو أَخرجت مِنْ كان الكلام مستقيماً، ولكنه أُكِّدَ بمِنْ لأَن هذا موضع تبعيض، فأَراد أَنه لم يأْته بعض الرجال، وكذلك: ويْحَهُ من رجل إِنما أَراد أَن جعل التعجب من بعض، وكذلك: لي مِلْؤُهُ من عَسَل، وهو أَفضل من زيد، إِنما أَراد أَن يفضله على بعض ولا يعم، وكذلك إِذا قلت أَخْزَى اللهُ الكاذِبَ مِنِّي ومِنْكَ إِلا أَن هذا وقولَكَ أَفضل منك لا يستغنى عن مِنْ فيهما، لأَنها توصل الأَمر إِلى ما بعدها. قال الجوهري: وقد تدخل منْ توكيداً لَغْواً، قال: قال الأَخفش ومنه قوله تعالى: وتَرَى الملائكةَ خافِّينَ من حَوْلِ العرش؛ وقال: ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ من قلبين في جوفه، إِنما أَدْخلَ مِنْ توكيداً كما تقول رأَيت زيداً نفسه.
وقال ابن بري في استشهاده بقوله تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوْثانِ، قال: مِنْ للبيان والتفسير وليست زائدة للتوكيد لأَنه لا يجوز إسقاطها بخلاف وَيْحَهُ من رجلٍ. قال الجوهري: وقد تكون مِنْ للبيان والتفسير كقولك لله دَرُّكَ مِنْ رجلٍ، فتكون مِنْ مفسرةً للاسم المَكْنِيِّ في قولك دَرُّك وتَرْجَمةٌ عنه.
وقوله تعالى: ويُنَزِّلُ من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ؛ فالأُولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للبيان. ابن سيده: قا ل سيبويه وأَما قولك رأَيته من ذلك الموضع فإِنك جعلتَه غاية رؤْيتك كما جعلته غاية حيث أَردت الابتداء والمُنْتَهى. قال اللحياني: فإِذا لَقِيَتِ النونُ أَلف الوصل فمنهم من يخفض النون فيقول مِنِ القوم ومِنِ ابْنِكَ.
وحكي عن طَيِّءٍ وكَلْبٍ: اطْلُبُوا مِنِ الرحمن، وبعضهم يفتح النون عند اللام وأَلف الوصل فيقول مِنَ القوم ومِنَ ابْنِكَ، قال: وأُراهم إِنما ذهبوا في فتحها إِلى الأَصل لأَن أَصلها إِنما هو مِنَا، فلما جُعِلَتْ أَداةً حذفت الأَلف وبقيت النون مفتوحة، قال: وهي في قُضَاعَةَ؛ وأَنشد الكسائي عن بعض قُضاعَةَ: بَذَلْنا مارِنَ الخَطِِّّيِّ فيهِمْ، وكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِ مِنَا أَن ذَرَّ قَرْنُ الشمس حتى أَغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظلامِ قال ابن جني: قال الكسائي أَراد مِنْ، وأَصلُها عندهم مِنَا، واحتاج إِليها فأَظهرها على الصحة هنا. قال ابن جني: يحتمل عندي أَن كون منَا فِعْلاً من مَنَى يَمْني إِذا قَدَّرَ كقوله: حتى تُلاقي الذي يَمْني لك الماني أَي يُقَدِّرُ لك المُقَدِّرُ، فكأَنه تقدير ذلك الوقتِ وموازنته أَي من أَول النهار لا يزيد ولا ينقص. قال سيبويه: قال مِنَ الله ومِنَ الرسول ومِنَ المؤْمنين ففتحوا، وشبَّهوها بأَيْنَ وكَيْفَ، عني أَنه قد كان حكمها أَن تُكْسَرَ لالتقاء الساكنين، لكن فتحوا لما ذكر، قال: وزعموا أَن ناساً يقولون مِنِ اللهِ فيكسرونه ويُجْرُونه على القياس، يعني أَن الأَصل في كل ذلك أَن تكسر لالتقاء الساكنين؛ قال: وقد اختلفت العرب في مِنْ إِذا كان بعدها أَلف وصل غير الأَلف واللام، فكسره قوم على القياس، وهي أَكثر في كلامهم وهي الجيدة، ولم يَكْسِروا في أَلف اللام لأَنها مع أَلف اللام أَكثر، إِذ الأَلف واللام كثيرة في الكلام تدخل في كل اسم نكرة، ففتحوا استخفافاً فصار مِنِ الله بمنزلة الشاذ، وكذلك قولك مِنِ ابنك ومِنِ امْرِئٍ، قال: وقد فتح قوم فصحاء فقالوا مِنَ ابْنكَ فأَجْرَوْها مُجْرى قولك مِنَ المسلمين، قال أَبو إِسحق: ويجوز حذف النون من مِنْ وعَنْ عند الأَلف واللام لالتقاء الساكنين، وحذفها من مِنْ أَكثر من حذفها من عَنْ لأَن دخول مِن في الكلام أَكثر من دخول عَنْ؛ وأَنشد: أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مأْلُكَةً غَيْر الذي قَدْ يقال م الكَذِبِ قال ابن بري: أَبو دَخْتَنُوس لَقِيطُ بنُ زُرَارَة ودَخْتَنُوسُ بنته. ابن الأَعرابي: يقال مِنَ الآن ومِ الآن، يحذفون؛ وأَنشد: أَلا أَبْلغَ بَني عَوْفٍ رَسولاً، فَمَامِ الآنَ في الطَّيْرِ اعتذارُ يقول لا أََعتذر بالتَّطَيُّرِ، أَنا أُفارقكم على كل حال.
وقولهم في القَسَم: مِنْ رَبِّي ما فعلت، فمنْ حرف جر وضعت موضع الباء ههنا، لأَن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض إِذا لم يلتبس المعنى.

عصا (لسان العرب) [0]


العَصا: العُودُ، أُنْثَى.
وفي التنزيل العزيز: هي عَصايَ أَتَوَكَّأُ عليها.
وفلانٌ صُلْبُ العَصا وصليبُ العَصا إذا كان يَعْنُفُ بالإبل فيَضْرِبْها بالعَصا؛ وقوله: فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ، ما دامَ تَنْضُبٌ بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العصا من رجالِكِ أَي صَلِيبُ العَصا. قال الأزهري: ويقال للرّاعي إذا كان قَويّاً على إبِلِه ضابطاً لها إنه لصُلْبُ العَصا وشديدُ العَصا؛ ومنه قول عمر بنِ لَجَإٍ: صُلْبُ العَصا جافٍ عن التَّغَزُّلِ قال ابن بري: ويقال إنه لصُلْبُ العَصا أي صُلْبٌ في نفسه وليس ثَمَّ عَصاً، وأَنشد بيت عمر بن لجإٍ ونسبه إلى أبي النَّجْم.
ويقال: عَصاً وعَصَوانِ، والجمع أَعْصٍ وأَعْصاءٌ وعُصِيٌّ وعِصِيٌّ، وهو فُعول، وإنما كُسِرت العَيْنُ لما . . . أكمل المادة بَعْدَها من الكسرة، وأَنكر سيبويه أَعصاءً، قال: جعلوا أَعْصِياً بدلاً منه.
ورجلٌ لَيِّنُ العصا: رفيقٌ حَسَنُ السياسة لما يَلي، يكْنونُ بذلك عن قِلة الضَّرْب بالعَصا.
وضعيفُ العَصا أَي قليلُ الضَّرْب للإبلِ بالعَصا،وذلك مما يُحْمَدُ به؛ حكاه ابن الأعرابي؛ وأَنشد الأزهري لمَعْنِ بنِ أَوْسٍ المُزَني: عليه شَرِيبٌ وادِعٌ لَيِّنُ العَصا، يُساجِلُها جُمَّاتِهِ وتُساجِلُهْ قال الجوهري: موضعُ الجُمَّاتِ نَصْبٌ، وجَعَل شُرْبَها للماء مُساجَلة؛ وأَنشد غيرهُ قول الراعي يصف راعياً: ضَعيفُ العَصا بادي العُروقِ، ترى له عليها، إذا ما أَجْدَبَ الناسُ، إصبَعَا وقولهم: إنه لضعيف العَصا أَي تِرْعِيةَ. قال ابن الأعرابي: والعربُ تَعيبُ الرِّعاءَ بضَرْبِ الإبلِ لأن ذلك عُنْفٌ بها وقلَّةُ رِفْقٍ؛ وأَنشد: لا تَضْرِباها واشْهَرا لها العصِي، فرُبّ بَكْرٍ ذِي هِبابٍ عَجْرَفي فيها، وصَهْباءَ نَسوُلٍ بالعَشِي يقول: أَخيفاها بشهّرِكُما العِصِيِّ لها ولا تَضْرِباها؛ وأَنشد: دَعْها مِن الضَّرْبِ وبَشِّرّها بِرِيْ، ذاكَ الذِّيادُ لا ذِيادٌ بالعِصِيْ وعَصاه بالعَصا فهو يَعْصُوه عَصْواً إذا ضَرَبَه بالعصا.
وعَصى بها: أَخذها.
وعَصِيَ بسَيْفه وعَصا به يَعْصُو عَصاً: أَخذَه أَخْذَ العَصا أَو ضَرَبَ به ضَرْبَه بها؛ قال جرير: تَصِفُ السُّيُوفَ وغيرُكُمْ يَعْصَى بها، يا ابنَ القُيونِ، وذاكَ فِعْلُ الصَّيْقَلِ والعَصا، مقصورٌ: مصدرٌ قَولِك عَصِيَ بالسيف يَعْصَى إذا ضَرَبَ به، وأَنشد بيت جرير أَيضاً.
وقالوا: عَصَوتُه بالعَصا وعَصَيْتُه وعَصِيتُه بالسيف والعَصا وعَصَيْتُ وعَصِيتُ بهما عليه عَصاً؛ قال الكسائي: يقال عَصَوْتُه بالعَصا، قال: وكَرِهِهَا بعضُهم، وقال: عَصِيت بالعَصا ثم ضَرَبْتُه بها فأَنا أَعْصَى، حتى قالوها في السيف تشبيهاً بالعصا؛ وأَنشد ابن بري لمعبد بن علقمة:ولكنَّنا نأْتي الظَّلامَ، ونَعْتَصِي بكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَينَ مُصَمِّمِ وقال أَبو زيد: عَصِيَ الرجلُ في القوم بسيفه وعَصاه فهو يَعْصَى فيهم إذا عاثَ فيهم عَيْثاً، والاسمُ العَصا. قال ابن الأَعرابي: يقال عَصاهُ يَعْصُوه إذا ضرَبَه بالعصا.
وعَصِيَ يَعْصَى إذا لَعِبَ بالعَصا كَلِعبه بالسيفِ. قال ابن سيده في المعتل بالياء: عَصَيته بالعصا وعَصِيته ضربْتُه، كلاهما لُغةٌ في عَصَوْتُه، وإنما حَكَمْنا على أَلف العَصا في هذا الباب أنها ياءٌ لقَولهم عَصَيْته، بالفتح فأَمّا عَصِيته فلا حجة فيه لأَنه قد يكون من بابِ شَقِيتُ وغَبِيت، فإذا كان كذلك فلامُه واوٌ، والمعروف في كل ذلك عَصَوْته.
واعْتَصى الشجرةَ: قَطَع منها عَصاً؛ قال جرير: ولا نَعْتصِي الأَرْطَى، ولكن سَيُوفُنا حِدادُ النواحي، لا يُبِلُّ سَلِيمُها وهو يَعْتَصِي على عَصاً جَيِّدة أَي يَتوَكَّأُ.
واعْتَصَى فلانٌ بالعَصا إذا تَوكَّأَ عليها فهو مُعْتصٍ بها.
وفي التنزيل: هي عَصايَ أَتوَكَّأُ عليها.
وفلان يَعْتَصِي بالسيفِ أَي يجعلهُ عَصاً. قال الأزهري: ويقال للعصا عَصاةٌ، بالهاء، يقال أَخذْتُ عَصاتَه، قال: ومنهم مَن كرِهَ هذه اللغة ، روى الأصمعي عن بعض البصريين قال: سُمِّيت العَصا عَصاً لأن اليَدَ والأَصابعَ تَجْتَمعُ عليها، مأْخوذٌ من قول العرب عَصَوْتُ القومَ أَعْصُوهم إذا جَمَعْتهم على خير أَو شرٍّ، قال: ولا يجوز مَدُّ العَصا ولا إدخال التاء معها، وقال الفراء: أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ بالعِراق هذه عَصاتي، بالتاء.
وفي الحديث: أَنه حرم شجرَ المدينة إلاَّ عَصَا حَديدةٍ أَي عصًا تصلح أَن تكون نِصاباً لآلة من الحديد.
وفي الحديث: أَلا إنَّ قَتِيل الخَطَإ قَتيلُ السَّوْطِ والعَصا، لأَنَّهما ليسا من آلات القتل، فإذا ضُرِبَ بهما أَحدٌ فماتَ كان قَتْلُه خطأً.
وعاصاني فعَصَوْتُه أَعْصُوه؛ عن اللحياني لم يزد على ذلك، وأُراه أَرادَ خاشَنني بها أَو عارَضَني بها فغَلَبْتُه، وهذا قليل في الجواهر، إنما بابه الأعْراضُ ككَرَمْتُه وفَخَرْتُه من الكَرَم والفَخْر.
وعَصَّاه العَصَا: أَعطاه إياها؛ قال طُرَيح: حَلاَّك خاتَمَها ومِنْبَرَ مُلْكِها، وعَصا الرسولِ كرامةً عَصَّاكَها وأَلْقى المسافِرُ عَصاهُ إذا بَلَغ موضِعَه وأَقام، لأنه إذا بلغ ذلك أَلْقى عَصاه فخيَّم أَو أَقام وتركَ السفر؛ قال مُعَقِّرُ بنُ حِمارٍ البارقيُّ يصف امرأَةً كانت لا تَسْتَقِرُ على زَوْج، كلما تَزَوَّجت رجلاً فارَقتْه واسْتَبْدلتْ آخرَ به، وقال ابن سيده: كلما تزوَّجَها رجُلٌ لم تواتِه ولم تَكْشِفْ عن رأْسِها ولم تُلْقِ خِمارها، وكان ذلك علامة إبائِها وأَنها تُريدُ الزَّوْج، ثم تَزَوَّجها رجُلٌ فرَضِيتْ به وأَلْقَتْ خِمارها وكَشفتْ قِناعَها: فأَلْقتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوَى، كما قَرَّ عَيْناً بالإيابِ المُسافِرُ وقال ابن بري: هذا البَيتُ لعبدِ رَبِّه السلمي، ويقال لسُلَيْم بن ثُمامَة الحَنَفي، وكان هذا الشاعر سَيَّر امرأَتَه من اليمامة إِلى الكوفة؛ وأَول الشعر: تَذَكَّرْتُ من أُمِّ الحُوَيْرث بَعْدَما مَضَتْ حِجَجٌ عَشْرٌ، وذو الشَّوق ذاكِرُ قال: وذكر الآمِدي أَنَّ البيت لمُعَقِّر بن حمارٍ البارقي؛ وقبله: وحَدَّثَها الرُّوّادُ أَنْ ليس بينَها، وبين قُرى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ كافر أَي مَطَر؛ وقوله: فأَلْقَتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوى يُضْرب هذا مثلاً لكلِّ منْ وافَقَه شيءٌ فأَقام عليه؛ وقال آخر: فأَلْقَتْ عَصَا التَّسْيارِ عنها، وخَيَّمَتْ بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ بِيضٍ مَحافِرُه وقيل: أَلْقى عَصاه أَثْبَتَ أَوتادَه في الأَرض ثم خَيَّمَ، والجمع كالجمع؛ قال زهير: وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: أَظُنُّك لمَّا حَضْحَضَتْ بَطْنَكَ العَصا، ذَكَرْتَ من الأَرْحام ما لَسْتَ ناسِيا (* قوله« حضحضت إلخ» هو هكذا بالحاء المهملة في الأصل.) قال: العَصا عَصا البينَ هَهُنا. الأَصمعي في باب تَشبيه الرجُل بأَبيه: العَصَا من العُصَيّة؛ قال أَبو عبيد: هكذا قال (* قوله« قال أبو عبيد هكذا قال إلخ» في التكملة: والعصية أم العصا التي هي لجذيمة وفيها المثل العصا من العصية.) وأَنا أَحسَبُه العُصَيَّةُ من العَصَا، إِلاَّ أَن يُرادَ به أَن الشيء الجلِيل إنما يكون في بَدْئه صَغِيراً، كما قالوا إِنَّ القَرْمَ من الأَفِيلِ، فيجوز على هذا المعنى أَنْ يقال العَصا من العُصَيَّة؛ قال الجوهري: أَي بَعْضُ الأَمر من بَعضٍ؛ وقوله أَنشده ثعلب: ويَكْفِيكَ أَنْ لا يَرْحلَ الضَّيْفُ مُغْضَباً عَصَا العَبْدِ، والبِئْرُ التي لا تُمِيهُها يعني بعَصَا العَبْدِ العُودَ الذي تحرَّكُ به المَلَّة وبالبئر التي لا تُمِيهُها حُفْرَةَ المَلَّة، وأَرادَ أَنْ يرحَلَ الضيفُ مغْضَباً فزاد لا كقوله تعالى: ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي أَنْ تَسْجُدَ.
وأَعْصَى الكَرْمُ: خَرَجَت عِيدانُه أَو عِصِيُّه ولم يُثْمِرْ. قال الأَزهري: ويقال للقوْم إِذا اسْتُذِلُّوا ما هم إِلاَّ عبيدُ العَصَا؛ قال ابن سيده: وقولهم عبيدُ العَصا أَي يُضْرَبُون بها؛ قال: قولا لِدُودانَ عَبِيدِ العَصَا: ما غَرَّكمْ بالأَسَد الباسِلِ؟ وقَرَعْته بالعَصا: ضَرَبْته؛ قال يزيد بن مُفَرِّغ: العَبْدُ يُضْرَبُ بالعَصا، والحُرُّ تَكْفِيهِ المَلامَة قال الأَزهري: ومن أَمْثالِهم إِن العَصا قُرِعَتْ لذي الحِلْم؛ وذلك أَن بعض حُكَّامِ العَرب أَسَنَّ وضعُف عن الحُكْم، فكان إِذا احْتَكَم إِليه خَصْمانِ وزَلَّ في الحُكْم قَرَع له بعضُ ولدِه العَصا يُفَطِّنُه بقَرْعِها للصَّواب فيَفْطُنُ له.
وأَما ما ورد في حديث أَبي جَهْمٍ: فإنه لا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، فقيل: أَراد أَنه يُؤَدِّبُ أَهْلَه بالضَّرْبِ، وقيل: أَراد به كَثْرةَ الأَسْفار. يقال: رَفَع عَصاهُ إِذا سار، وأَلْقى عَصاهُ إِذا نزَل وأَقام.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال لرجُلٍ: لا تَرْفَعْ عَصاكَ عن أَهْلِكَ أَي لا تَدَعْ تَأْديبَهُم وجَمْعَهُم على طاعَةِ الله تعالى؛ روي عن الكسائي وغيره أَنه لم يُرِد العَصا التي يُضْرَبُ بها ولا أَمَر أَحَداً قطُّ بذلك، ولم يُرِدِ الضَّرْبَ بالعَصا، ولكنه أَراد الأَدَبَ وجَعَلَه مَثَلاً يعني لا تَغْفُلْ عن أَدَبهم ومَنْعِهم من الفَساد. قال أَبو عبيد: وأَصْلُ العَصا الاجْتِماعُ والائْتِلافُ؛ ومنه الحديث: إِن الخَوارجَ قد شَقُّوا عصا المُسْلِمين وفَرَّقوا جَماعَتهم أَي شَقُّوا اجْتماعَهُم وأْتِلافَهُم؛ ومنه حديث صِلَة: إِيَّاك وقَتِيلَ العَصا؛ معناه إِيَّاك أَن تكونَ قاتِلاً أَو مَقْتُولاً في شَقِّ عَصا المُسْلِمِين.
وانْشَقَّت العَصا أَي وقَع الخِلافُ؛ قال الشاعر: إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّت العَصا، فحَسْبُك والضَّحَّكَ سَيْفٌ مُهَنِّدُ أَي يكفيك ويكفي الضَّحَّاكَ؛ قال ابن بري: الواو في قوله والضحاك بمعنى الباء، وإن كانت معطوفة على المفعول، كما تقول بِعْتُ الشاءَ شاةً ودِرْهَماً، لأَن المعنى أَن الضَّحَّاكَ نَفْسَه هو السَّيْفُ المُهَنَّدُ، وليس المعنى يَكْفِيكَ ويَكْفِي الضَّحَّاك سَيْفٌ مُهَنَّدٌ كما ذكر.
ويقال للرجُلِ إِذا أَقام بالمَكان واطْمَأَنَّ واجْتَمع إِليه أَمْرُه: قد أَلْقى عصاه وأَلْقى بَوانِيَهُ. أَبو الهيثم: العَصا تُضْرَب مثلاً للاجتماع، ويُضْرب انْشِقاقُها مثلاً للافْتِراقِ الذي لا يكونُ بعده اجتماعٌ، وذلك لأَنها لا تُدْعى عَصاً إِذا انْشَقَّت؛ وأَنشد: فَلِلَّهِ شَعْبَا طِيَّةٍ صَدَعا العَصا، هي اليَوْمَ شَتَّى، وهي أَمْسِ جَميع قوله: فَلِلَّه له معنيان: أَحدهما أَنها لامُ تَعجُّب، تَعجَّبَ مما كانا فيه من الأُنس واجتماعِ الشَّمْل، والثاني أَن ذلك مُصِيبَةٌ موجِعة فقال: لله ذلك يَفْعَلُ ما يشاءُ ولا حِيلة فيه للْعِباد إِلا التَّسْلِيم كالاسْتِرْجاع.
والعِصِيُّ: العظامُ التي في الجَناح؛ وقال: وفي حُقّها الأَدْنى عِصيُّ القَوادم وعَصا السَّاق: عَظْمُّها، على التشبيه بالعَصا؛ قال ذو الرمة: ورِجْلٍ كظِلِّ الذِّئْبِ أَلْحَقَ سَدْوَها وظِيفٌ، أَمَرَّتْهُ عَصا السَّاقِ، أَرْوَحُ ويقال: قَرَع فلانٌ فلاناً بعَصا المَلامَةِ إِذا بالغَ في عذله، ولذلك قيل للتَّوْبِيخ تَقْريعٌ.
وقال أَبو سعيد: يقال فلانٌ يُصَلِّي عَصا فلانٍ أَي يُدَبِّرُ أَمْره ويَلِيه؛ وأَنشد: وما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ قال الأَزهري: والأَصل في تَصْلِيَة العَصا أَنها إِذا اعْوَجَّتْ أَلْزَمَها مُقَوِّمُها حَرَّ النَّارِ حتى تَلِين وتُجِيب التَّثْقِيفَ. يقال: صَلَّيْتُ العَصا النارَ إِذا أَلْزَمْتَها حَرَّها حتى تَلِينَ لِغامِزها.
وتفاريقُ العَصا عند العرب: أَن العَصا إِذا انْكَسَرَت جُعِلَت أَشِظَّةً، ثم تُجْعَلُ الأَشِظَّةُ أَوْتاداً، ثم تجعل الأَوْتادُ تَوادِيَ للصِّرار، يقال: هو خَيْرٌ من تَفاريق العَصا.
ويقال: فلانٌ يَعْصِي الريحَ إِذا اسْتَقْبل مَهَبَّها ولم يَتَعرَّضْ لها.
ويقال: عَصا إِذا صَلُبَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ارادَ عسا، بالسين، فقَلَبها صاداً.
وعَصَوْتُ الجُرْحَ: شَدَدْتُه. قال ابن بري: العُنْصُوَة الخُصْلة من الشَّعَر. قال: وعَصَوَا البئر عَرْقُوتاهُ؛ وأَنشد لذي الرمة: فجاءَتْ بنَسْجِ العَنْكبُوتِ كأَنَّه، على عَصَوَيْها، سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ والذي ورد في الحديث: أَنَّ رَجُلاً قال مَنْ يُطِعِ اللهَ ورسُوله فقَدْ رَشَدَ ومنْ يَعْصِهِما فقد غَوى، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: بِئْسَ الخَطِيبُ أَنتَ قُلْ: ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورسُوله فقد غَوى؛ إِنما ذمَّه لأَنه جمَع في الضَّمِير بين الله تعالى ورسُوله في قوله ومَنْ يَعْصِهِما، فأَمَرَهُ أَن يَأْتي بالمُظْهَرِ ليَتَرَتَّب اسم الله تعالى في الذِّكْر قبل اسْم الرَّسُول، وفيه دليل على أَن الواو تُفِيد التَّرْتِيب.
والعِصيانُ: خِلافُ الطَّاعَة. عَصى العبدُ ربه إِذا خالَف أَمْرَه، وعصى فلان أَميرَه يَعْصِيه عَصْياً وعِصْياناً ومَعْصِيَةً إِذا لم يُطِعْهُ، فهو عاصٍ وعَصِيٌّ. قال سيبويه: لا يجيءُ هذا الضَّرْبُ على مَفْعِلٍ إِلاَّ وفيه الهاء لأَنه إن جاءَ على مَفْعِلٍ، بغير هاءٍ، اعْتلَّ فعدَلوا إِلى الأَخَفِّ.
وعاصَاهُ أَيضاً: مثلُ عَصَاه.
ويقال للجَماعةِ إِذا خَرَجَتْ عن طاعةِ السلْطان: قد اسْتَعْصَتْ عليه.
وفي الحديث: لْولا أَنْ نَعْصِيَ اللهَ ما عَصانا أَي لم يَمْتَنعْ عن إِجابَتِنا إِذا دَعَوْناه، فجعَل الجوابَ بمنْزِلة الخِطاب فسمَّاهُ عِصْياناً كقوله تعالى: ومَكَرُوا ومَكَر الله.
وفي الحديث: أَنه غيَّرَ اسْم العاصِي؛ إنما غَيَّره لأَنَّ شعارَ المُؤْمِن الطَّاعة، والعِصْيانُ ضِدُّها.
وفي الحديث: لم يكن أَسْلَم مِنْ عُصاة قُريش غير مُطِيع بن الأَسْوَدِ؛ يريد مَنْ كانَ اسْمُه العاصِي.
واسْتَعْصى عليه الشيءُ: اشْتَدَّ كأَنه من العِصْيانِ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: عَلِقَ الفُؤادُ برَيِّقِ الجَهْلِ فأَبَرَّ واسْتَعْصَى على الأَهْلِ والعاصي: الفَصِيلُ إِذا لم يَتْبَع أُمَّه لأَنه كأَنه يَعْصِيها وقد عَصى أُمَّه.
والعاصي: العِرْقُ الذي لا يَرْقَأُ.
وعِرْقٌ عاصٍ: لا يَنْقَطعُ دَمُه، كما قالوا عانِدٌ ونَعَّارٌ، كأَنه يَعصي في الانْقِطاع الذي يُبْغى منه، ومنه قول ذي الرمَّة: وهُنَّ مِنْ واطئٍ تُثْنى حَوِيَّتُه وناشِجٍ، وعَواصِي الجَوْفِ تَنْشَخِبُ يعني عُروقاً تَقَطَّعَتْ في الجَوف فلم يَرْقَأْ دَمُها؛ وأَنشد الجوهري: صَرَتْ نَظْرةً، لوْ صادَفَتْ جَوْزَ دارِعٍ غَدا، والعَواصِي مِنْ دَمِ الجَوْف تَنْعَرُ وعَصى الطائِرُ يَعْصِي: طار؛ قال الطرماح: تُعِيرُ الرِّيحَ مَنْكِبَها، وتَعْصِي بأَحْوذَ غَيْرِ مُخْتَلِف النَّباتِ وابنُ أَبي عاصِيَة: من شُعرائهم؛ ذكره ثعلب، وأَنشد له شِعْراً في مَعْن بن زائدة وغيره؛ قال ابن سيده: وإنما حَمَلْناه على الياء لأَنهم قد سمّوْا بضِدِّه، وهو قولُهُم في الرجل مُطِيع، وهو مُطِيع بن إياس قال: ولا عَليْك من اخْتِلافِهما بالذَّكَريَّة والإِناثيَّة، لأَن العَلَم في المذكَّر والمؤنث سواءٌ في كونه عَلَماً.
واعْتَصَت النَّواةُ أَي اشْتَدَّتْ.
والعَصا: اسمُ فَرس عوف بن الأَحْوصِ، وقيل: فَرس قَصِير بن سعدٍ اللخْمِي؛ ومن كلام قَصِير: يا ضُلَّ ما تَجْري به العَصا.
وفي المثل: رَكب العَصا قصِير؛ قال الأَزهري: كانت العَصا لجَذيمة الأَبْرش، وهو فَرسٌ كانت من سَوابق خيْل العرب.
وعُصَيَّةُ: قبيلةٌ من سُلَيم.

نقر (لسان العرب) [0]


النَّقْرُ: ضربُ الرَّحى والحجرِ وغيره بالمِنْقارِ.
ونَقَرَهُ يَنْقُره نَقْراً: ضربه.
والمِنْقارُ: حديدة كالفأْس يُنْقَرُ بها، وفي غيره: حديدة كالفأْس مُشَكَّكَةٌ مستديرة لها خَلْفٌ يُقطع به الحجارة والأَرض الصُّلْبَةُ.
ونَقَرْتُ الشيء: ثَقَبْتُه بالمِنْقارِ.
والمِنْقَر، بكسر الميم: المِعْوَل؛ قال ذو الرمة: كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ ونَقَرَ الطائرُ الشيءَ يَنْقُره نَقْراً: كذلك.
ومِنْقارُ الطائر: مِنْسَرُه لأَنه يَنْقُرُ به.
ونَقَرَ الطائر الحَبَّة يَنْقُرُها نَقْراً: التقطها.
ومِنْقارُ الطائر والنَّجَّارِ، والجمع المَناقِيرُ، ومِنْقارُ الخُفِّ: مُقَدَّمُه، على التشبيه.
وما أَغْنى عَنِّي نَقْرَةً يعني نَقْرَةَ الديك لأَنه إِذا نَقَرَ أَصاب. التهذيب: وما أَغنى عني نَقْرَةً ولا فَتْلَةً ولا زُبالاً.
وفي الحديث: أَنه نهى عن نَقْرَةِ الغراب، يريد تخفيف السجود، وأَنه لا يمكث فيه إِلا قدر . . . أكمل المادة وضع الغراب مِنْقارَهُ فيما يريد أَكله.
ومنه حديث أَبي ذر: فلما فرغوا جعل يَنْقُرُ شيئاً من طعامهم أَي يأْخذ منه بأُصبعه.
والنِّقْرُ والنُّقْرَةُ والنَّقِيرُ: النُّكْتَةُ في النواة كأَنَّ ذلك الموضعَ نُقِرَ منها.
وفي التنزيل العزيز: فإِذاً لا يُؤْتُونَ الناس نَقيراً؛ وقال أَبو هذيل أَنشده أَبو عمرو بن العلاء: وإِذا أَرَدْنا رِحْلَةً جَزِعَتْ، وإِذا أَقَمْنا لم نُفِدْ نِقْرا ومنه قول لبيد يرثي أَخاه أَرْبَدَ: وليس النَّاسُ بَعْدَكَ في نَقِيرٍ، ولا هُمْ غَيْرُ أَصْداءٍ وهامِ أَي ليسوا بعدك في شيء؛ قال العجاج: دَافَعْت عنهمْ بِنَقِيرٍ مَوْتتي قال ابن بري: البيت مغير وصواب إِنشاده: دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ. قال: وفي دافع ضمير يعود على ذكر الله سبحانه وتعالى لأَنه أَخبر أَن الله عز وجل أَنقذه من مرض أَشْفى به على الموت؛ وبعده: بَعْدَ اللُّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتي وهذا مما يعبر به عن الدواهي. ابن السكيت في قوله: ولا يظلمون نَقِيراً، قال: النقير النكتة التي في ظهر النواة.
وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: النَّقِيرُ نُقْرَةٌ في ظهر النواة منها تنبت النخلة.
والنَّقِيرُ: ما نُقِبَ من الخشب والحجر ونحوهما، وقد نُقِرَ وانْتُقِرَ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: على نَقِير من خشب؛ هو جِذْعٌ يُنْقَرُ ويجعل فيه شِبْهُ المَراقي يُصْعَدُ عليه إِلى الغُرَفِ.
والنَّقِيرُ أَيضاً: أَصل خشبة يُنْقَرُ فَيُنْتَبَذ فيه فَيَشْتَدُّ نبيذه، وهو الذي ورد النهي عنه. التهذيب: النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ فَيُنْبَذُ فيه، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الدُّبَّاء والحَنْتَمِ والنَّقِيرِ والمُزَفَّتِ؛ قال أَبو عبيد: أَما النقير فإِن أَهل اليمامة كانوا يَنْقُرُونَ أَصل النخلة ثم يَشْدَخُون فيها الرُّطَبَ والبُسْرَ ثم يَدَعُونه حتى يَهْدِرَ ثم يُمَوَّتَ؛ قال ابن الأَثير: النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ وسَطُه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء فيصير نبيذاً مسكراً، والنهي واقع على ما يعمل فيه لا على اتخاذ النقير، فيكون على حذف المضاف تقديره: عن نبيذ النَّقِيرِ، وهو فعيل بمعنى مفعول؛ وقال في موضع آخر: النَّقِيرُ النخلة تُنْقَرُ فيجعل فيها الخمر وتكون عروقها ثابتة في الأَرض.
وفَقِيرٌ نَقِيرٌ: كأَنه نُقِرَ، وقيل إِتباع لا غير، وكذلك حقِير نَقِير وحَقْرٌ نَقْرٌ إِتباع له.
وفي الحديث: أَنه عَطَسَ عنده رجل فقال: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ؛ يقال: به نَقِيرٌ أَي قُرُوحٌ وبَثْرٌ، ونَقِرَ أَي صار نَقِيراً؛ كذا قاله أَبو عبيدة، وقيل نَقِيرٌ إِتباعُ حَقِير.
والمُنْقُر من الخشب: الذي يُنْقَرُ للشراب.
وقال أَبو حنيفة: المِنْقَرُ كل ما نُقِرَ للشراب، قال: وجمعه مَناقِيرُ، وهذا لا يصح إِلا أَن يكون جمعاً شاذّاً جاء على غير واحده.
والنُّقْرَةُ: حفرة في الأَرض صغيرة ليست بكبيرة.
والنُّقْرَةُ: الوَهْدَةُ المستديرة في الأَرض، والجمع نُقَرٌ ونِقارٌ.
وفي خبر أَبي العارم: ونحن في رَمْلَةٍ فيها من الأَرْطى والنِّقارِ الدَّفَئِيَّةِ ما لا يعلمه إِلا الله.
والنُّقْرَةُ في القفا: مُنْقَطَعُ القَمَحْدُوَةِ، وهي وَهْدَةٌ فيها.
وفلان كَريمُ النَّقِيرِ أَي الأَصل.
ونُقْرَةُ العينِ: وَقْبَتُها، وهي من الوَرِك الثَّقْبُ الذي في وسطها.
والنُّقْرَةُ من الذهب والفضة: القِطْعَةُ المُذابَةُ، وقيل: هو ما سُبِكَ مجتمعاً منها.
والنُّقْرَةُ: السَّبِيكَةُ، والجمع نِقارٌ.
والنَّقَّارُ: النَّقَّاشُ، التهذيب: الذي يَنْقُشُ الرُّكُبَ واللُّجُمَ ونحوها، وكذلك الذي يَنْقُرُ الرَّحَى.
والنَّقْرُ: الكتابُ في الحَجَرِ.
ونَقَرَ الطائرُ في الموضع: سَهَّلَهُ ليَبِيضَ فيه؛ قال طرفة: يا لَكِ من قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ، خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري، ونَقِّري ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي وقيل: التَّنْقِيرُ مثلُ الصَّفِير؛ وينشد: ونَقِّرِي ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّري والنُّقْرَةُ: مَبِيضُهُ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ: لِلقارِياتِ من القَطَا نُقَرٌ في جانِبَيْهِ، كأَنَّها الرَّقْمُ ونَقَرَ البَيْضَةَ عن الفَرْخ: نَقَبَها.
والنَّقْرُ: ضَمُّكَ الإِبهام إِلى طَرَفِ الوُسْطَى ثم تَنْقُر فيسمع صاحبك صوت ذلك، وكذلك باللسان.
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ نَقِيراً؛ وضَعَ طَرَفَ إِبهامه على باطن سَبَّابَتِهِ ثم نَقَرَها وقال هذا التفسير.
وما له نَقِرٌ أَي ماء.
والمِنْقَرُ والمُنْقُرُ، بضم الميم والقاف: بئر صغيرة، وقيل: بئر ضيقة الرأْس تحفر في الأَرض الصُّلْبَةِ لئلاَّ تَهَشَّمَ، والجمع المَناقِرُ، وقيل: المُنْقُر والمِنْقَرُ بئر كثيرة الماء بعيدة القعر؛ وأَنشد الليث في المِنْقَرِ: أَصْدَرَها عن مِنْقَرِ السَّنابِرِ نَقْرُ الدَّنانِيرِ وشُرْبُ الخازِرِ، واللَّقْمُ في الفاثُورِ بالظَّهائِرِ الأَصمعي: المُنْقُرُ وجمعها مَناقِرُ وهي آبار صغار ضيقة الرؤُوس تكون في نَجَفَةٍ صُلْبة لئلاَّ تَهَشَّمَ، قال الأَزهري: القياس مِنْقَرٌ كما قال الليث، قال: والأَصمعي لا يحكي عن العرب إِلا ما سمعه.
والمُنْقُرُ أَيضاً: الحوض؛ عن كراع.
وفي حديث عثمانَ البَتِّيِّ: ما بهذه النُّقْرَةِ أَعلم بالقضاءِ من ابن سِيْرينَ، أَراد بالبصرة.
وأَصل النُّقْرَةِ: حُفْرَةٌ يُسْتَنْقَعُ فيها الماء.
ونَقَرَ الرجلَ يَنْقُره نَقْراً: عابه ووقع فيه، والاسم النَّقَرَى. قالت امرأَة من العرب لبعلها: مُرَّ بي على بني نَظَرى ولا تَمُرَّ بي على بنات نَقَرَى أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ ولا تَمُرَّ بي على النساءِ اللَّوَاتي يَعِبْنَنِي، ويروى نَظَّرَى ونَقَّرَى، مشدَّدين.
وفي التهذيب في هذا المثل: قالت أَعرابية لصاحبة لها مُرِّي بي على النَّظَرَى ولا تَمُرِّي بي على النَّقَرَى أَي مري بي على من ينظر إِليّ ولا يُنَقِّرُ. قال: ويقال إِن الرجال بنو النَّظَرَى وإِن النساءَ بنو النَّقَرَى.
والمُناقَرَةُ: المُنازَعَةُ.
وقد ناقَرَهُ أَي نازعه.
والمُناقَرَةُ: مُرَاجَعَةُ الكلام.
وببني وبينه مُناقَرَةٌ ونِقارٌ وناقِرَةٌ ونِقْرَةٌ أَي كلام؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: ولم يفسره، قال: وهو عندي من المراجعة.
وجاءَ في الحديث: متى ما يَكْثُرْ حَمَلَةُ القرآن يُنَقِّرُوا، ومتى ما يُنَقِّرُوا يختلفوا؛ التَّنْقِيرُ: التَّفْتِيشُ؛ ورجل نَقَّارٌ ومُنَقِّرٌ.
والمُناقَرَةُ: مراجعةُ الكلام بين اثنين وبَثُّهُما أَحادِيثَهما وأُمُورَهما.
والنَّاقِرَةُ: الداهيةُ.
ورَمَى الرامي الغَرَضَ فَنَقَره أَي أَصابه ولم يُنْفِذْهُ، وهي سِهامٌ نَواقِرُ.
ويقال للرجل إِذا لم يستقم على الصواب: أَخْطَأَتْ نَواقِرُه؛ قال ابن مقبل: وأَهْتَضِمُ الخَالَ العَزِيزَ وأَنْتَحِي عليه، إِذا ضَلَّ الطَّرِيقَ نَواقِرُه وسهم ناقِرٌ: صائبٌ.
والنَّاقِرُ: السهم إِذا أَصاب الهَدَفَ.
وتقول العرب: نعوذ بالله من العَواقِرِ والنَّواقِرِ، وقد تقدم ذكر العواقر، وإِذا لم يكن السهم صائباً فليس بِناقِرٍ. التهذيب: ويقال نعوذ بالله من العَقَرِ والنَّقَرِ، فالعَقَرُ الزَّمانَة في الجسد، والنَّقَرُ ذهاب المال.
ورماه بِنَواقِرَ أَي بِكَلِمٍ صَوائِبَ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي يف النواقر من السهام: خَواطِئاً كأَنها نَواقِرُ أَي لم تخطئْ إِلاَّ قريباً من الصواب.
وانْتَقَرَ الشيءَ وتَنَقَّرَه ونَقَّرَه ونَقَّرَ عنه، كل ذلك: بحث عنه.
والتَّنْقيرُ عن الأَمرِ: البحث عنه.
ورجل نَقَّارٌ: مُنَقِّرٌ عن الأُمور والأَخبار.
وفي حديث ابن المسيب: بلغه قول عكرمة في الحين أَنه ستة أَشهر فقال: انْتَقَرَها عِكْرِمَةُ أَي استنبطها من القرآن؛ قال ابن الأَثير: والتَّنْقير البحث هذا إِن أَراد تصديقه، وإِن أَراد تكذيبه فمعناه أَنه قالها من قِبَل نفسه واختص بها من الانتقار الاختصاص، يقال: نَقَّرَ باسم فلان وانْتَقَر إِذا سماه من بين الجماعة.
وانْتَقَر القومَ: اختارهم.
ودعاهم النَّقَرَى إِذا دعا بعضاً دون بعض يُنَقِّرُ باسم الواحد بعد الواحد. قال: وقال الأَصمعي إِذا دعا جماعتهم قال: دَعَوْتُهم الجَفَلَى؛ قال طرفة بن العبد: نحن في المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى، لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ الجوهري: دعوتهم النَّقَرَى أَي دَعْوَةً خاصةً، وهو الانْتِقار أَيضاً، وقد انْتَقَرَهُم؛ وقيل: هو من الانتقار الذي هو الاختيار، أَو من نَقَرَ الطائر إِذا لقط من ههنا وههنا. قال ابن الأَعرابي: قال العُقَيليّ ما ترك عندي نُقارَةً إِلاَّ انْتَقَرَها أَي ما ترك عندي لَفْظَةً مُنْتَخَبَةً مُنْتَقاةً إِلاَّ أَخذها لذاته.
ونَقَّر باسمه: سماه من بينهم.
والرجل يُنَقِّرُ باسم رجل من جماعة يخصه فيدعوه، يقال: نَقَّرَ باسمه إِذا سماه من بينهم، وإِذا ضرب الرجل رأْس رجل قلت: نَقَرَ رأْسه.
والنَّقْرُ: صوت اللسان، وهو إِلزاق طرفه بمخرج النون ثم يُصَوِّتُ به فَيَنْقُر بالدابة لتسير؛ وأَنشد: وخانِقٍ ذي غُصَّةٍ جِرْياضِ، راخَيْتُ يومَ النَّقْرِ والإِنْقاضِ وأَنشده ابن الأَعرابي: وخانِقَيْ ذي غُصَّةٍ جَرَّاضِ وقيل: أَراد بقوله وخانِقَيْ هَمَّيْن خَنَقَا هذا الرجل.
وراخيت أَي فَرَّجْتُ.
والنَّقْرُ: أَن يضع لسانه فوق ثناياه مما يلي الحَنَكَ ثم يَنْقُرَ. ابن سيده: والنَّقْرُ أَن تُلْزِقَ طرف لسانك بحنكك وتَفْتَحَ ثم تُصَوِّتَ، وقيل: هو اضطراب اللسان في الفم إِلى فوق وإِلى أَسفل؛ وقد نَقَرَ بالدابة نَقْراً وهو صُوَيْتٌ يزعجه.
وفي الصحاح: نَقَرَ بالفرس؛ قال عبيد بن ماوِيَّةَ الطائي: أَنا ابنُ ماوِيَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ، وجاءَتِ الخَيْلُ أَثابِيَّ زُمَرْ أَراد النَّقْرَ بالخيل فلما وقف نقل حركة الراء إِلى القاف، وهي لغة لبعض العرب، تقول: هذا بَكُرْ ومررت بِبَكِر، وقد قرأَ بعضهم: وتواصَوْا بالصَّبِرْ.
والأَثابِيُّ: الجماعات، الواحد منهم أُثْبِيَّة.
وقال ابن سيده: أَلقى حركة الراء على القاف إِذ ان ساكناً ليعلم السامع أَنها حركة الحرف في الوصل، كما تقول هذا بَكُر ومررت بِبَكِر، قال: ولا يكون ذلك في النصب، قال: وإِن شئت لم تنقل ووقفت على السكون وإِن كان فيه ساكن، ويقال: أَنْقَرَ الرجلُ بالدابة يُنْقِرُ بها إِنْقاراً ونَقْراً؛ وأَنشد: طَلْحٌ كأَنَّ بَطْنَهُ جَشِيرُ، إِذا مَشَى لكَعْبِه نَقِيرُ والنَّقْرُ: صُوَيْتٌ يسمع من قَرْع الإِبهام على الوُسْطى. يقال: ما أَثابَهُ نَقْرَةً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ قال الشاعر: وهُنَّ حَرًى أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً، وأَنتَ حَرًى بالنار حين تُثِيبُ والنَّاقُور: الصُّورُ الذي يَنْقُر فيه المَلَكُ أَي ينفخ.
وقوله تعالى: فإِذا نُقِرَ في النَّاقُور؛ قيل: الناقور الصور الذي يُنْفَخُ فيه للحشر، أَي نُفِخَ في الصور، وقيل في التفسير: إِنه يعني به النفخة الأُولى، وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال: النَّاقُور القلبُ، وقال الفرّاء: يقال إِنها أَوّل النفختين، والنقير الصوتُ، والنَّقِير الأَصلُ.
وأَنْقَرَ عنه أَي كف، وضربه فما أَنْقَرَ عنه حتى قتله أَي ما أَقلع عنه.
وفي الحديث عن ابن عباس: ما كان الله ليُنْقِرَ عن قاتل المؤمن أَي ما كان الله ليُقْلِعَ وليَكُفَّ عنه حتى يهلكه؛ ومنه قول ذؤيب بن زُنَيم الطُّهَوِيِّ: لعَمْرُك ما وَنَيْتُ في وُدِّ طَيِّءٍ، وما أَنا عن أَعْداء قَوْمِي بِمُنْقِرِ والنُّقَرَةُ: داء يأْخذ الشاة فتموت منه.
والنُّقَرَةُ، مثل الهُمَزَةِ: داء يأْخذ الغنم فتَرِمُ منه بطون أَفخاذها وتَظْلَعُ؛ نَقِرَتْ تَنْقَرُ نَقْراً، فهي نَقِرَةٌ. قال ابن السكيت: النُّقَرَةُ داء يأْخذ المِعْزَى في حوافرها وفي أَفخاذها فَيُلْتَمَسُ في موضعه، فيُرَى كأَنه وَرَمٌ فيكوى، فيقال: بها نُقَرَةٌ، وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. الصحاح: والنُّقَرَةُ، مثال الهُمَزَةِ، داء يأْخذ الشاء في جُنُوبها، وبها نُقَرَةٌ؛ قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ: وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِهِ، فَهْوَ يَمْشِي خَضَلاناً كالنَّقِرْ ويقال: النَّقِرُ الغضبان. يقال: هو نَقِرٌ عليك أَي غضبان، وقد نَقِرَ نَقَراً. ابن سيده: والنُّقَرَةُ داء يصيب الغنم والبقر في أَرجلها، وهو التواء العُرْقوبَينِ.
ونَقِرَ عليه نَقَراً، فهو نَقِرٌ: غضب.
وبنو مِنْقَرٍ: بطن من تميم، وهو مِنْقَرُ بن عبيد بن الحرث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم.
وفي التهذيب: وبنو مِنْقَرٍ حَيّ من سعد.
ونَقْرَةُ: منزل بالبادية.
والنَّاقِرَةُ: موضع بين مكة والبصرة.
والنَّقِيرَةُ: موضع بين الأَحْساءِ والبصرة.
والنَّقِيرَةُ: رَكِيَّةٌ معروفة كثيرة الماء بين ثاجَ وكاظِمَةَ. ابن الأَعرابي: كل أَرض مُتَصَوِّبَة في هَبْطَةٍ فهي النَّقِرَةُ، ومنها سميت نَقِرَةُ بطريق مكة التي يقال لها مَعْدِنُ النَّقِرَة.
ونَقَرَى: موضع؛ قال: لما رَأَيْتُهُمُ كأَنَّ جُمُوعَهُمُ، بالجِزْعِ من نَقَرَى، نِجاءُ خَرِيفِ (* قوله« كأن جموعهم» كذا بالأصل.
والذي في ياقوت: كأن نبالهم إلخ، ثم قال: أي نبالهم مطر الخريف.
وقوله: واما قول الهذلي، عبارة ياقوت: مالك بن خالد الخناعي الهذلي) .
وأَما قول الهُذَليّ : ولما رَأَوْا نَقْرَى تَسِيلُ أَكامُها بأَرْعَنَ جَرَّارٍ وحامِيَةٍ غُلْبِ فإِنه أَسكن ضرورة.
ونَقِيرٌ: موضع؛ قال العجاج: دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ مَوْتَتي وأَنْقِرَةُ: موضع بالشأْم أَعجمي؛ واستعمله امرؤ القيس على عُجْمَتِهِ: قد غُودِرَتْ بأَنْقِرَه وقيل: أَنْقِرَةُ موضع فيه قَلْعَةٌ للروم، وهو أَيضاً جمع نَقِيرٍ مثل رغيف وأَرْغِفَةٍ، وهو حفرة في الأَرض؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ: نَزَلوا بأَنْقِرَةٍ يَسِيلُ عليهِمُ ماءُ الفُرَاتِ، يَجِيءُ من أَطْوَادِ أَبو عمرو: النَّواقِرُ المُقَرْطِسات؛ قال الشماخ يصف صائداً: وسَيِّرْهُ يَشْفِي نفسَه بالنَّواقِر والنَّواقِرُ: الحُجَجُ المُصِيباتُ كالنَّبْلِ المصيبة.
وإِنه لَمُنَقَّرُ العين أَي غائر العين. أَبو سعيد: التَّنَقُّرُ الدعاء على الأَهل والمال. أَراحني الله منه، ذهب الله بماله.
وقوله في الحديث: فأَمَرَ بنُقْرَةٍ من نحاس فأُحميت؛ ابن الأَثير: النُّقْرَةُ قِدْرٌ يُسَخَّنُ فيها الماء وغيره، وقيل: هو بالباء الموحدة، وقد تقدم. الليث: انْتَقَرَتِ الخيلُ بحوافرها نُقَراً أَي احْتَفَرَتْ بها.
وإِذا جَرَتِ السُّيُولُ على الأَرض انْتَقَرتْ نُقَراً يحتبس فيها شيء من الماء.
ويقال: ما لفلان بموضع كذا نَقِرٌ ونَقِزٌ، بالراء وبالزاي المعجمة، ولا مُلْكٌ ولا مَلْكٌ ولا مِلْكٌ؛ يريد بئراً أَو ماء.

جرم (لسان العرب) [0]


الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قطعه.
وشجرة جَرِيمَةٌ: مقطوعة.
وجَرَمَ النَّخْلَ والتَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً وجِراماً وجَراماً واجْتَرَمه: صَرَمَه: عن اللحياني، فهو جارمٌ، وقوم جُرَّمٌ وجُرَّام، وتمر جَرِيم: مَجْرُوم.
وأَجْرَمَ: حان جِرامُه؛ وقول ساعدة بن جؤية: (* قوله «وقول ساعدة بن جؤية» أي يصف سحاباً كما في ياقوت وقبله: أفعنك لا برق كأنّ وميضه * غاب تشيمه ضرام مثقب قال الأزهري: ساد أي مهمل، وقال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي.
وتجرم أي قطع ثمانياً في البضيع وهي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي يحمله ليمطره ببلده). سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً، يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار ويَجْنُبُ يقول: قطع ثماني ليال مقيماً في . . . أكمل المادة البضيع يشرب الماء؛ والجَرِيم: النَّوَى، واحدته جَرِيمة، وهو الجَرامُ أَيضاً؛ قال ابن سيده: ولم أَسمع للجَرام بواحد، وقيل: الجَرِيمُ والجَرامُ، بالفتح، التمر اليابس؛ قال: يَرَى مَجْداً ومَكْرُمَةً وعِزّاً، إذا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ والجُرامَة: التمر المَجْرُوم، وقيل: هو ما يُجْرَمُ منه بعدما يُصْرَمُ يُلْقَطُ من الكَرَب؛ وقال الشماخ: مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ، كأَنَّها نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ (* قوله «عن نسور» الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم). أَراد النوى؛ وقيل: الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى. أَبو عمرو: الجَرام، بالفتح، والجَرِيمُ هما النوى وهما أَيضاً التمر اليابس؛ ذكرهما ابن السكيت في باب فَعِيل وفَعالٍ مثل شَحاجٍ وشَحيج وكَهامٍ وكَهِيم وعَقامٍ وعَقِيمٍ وبَجَالٍ وبَجِيل وصَحاحِ الأَدِيم وصَحِيح. قال: وأَما الجِرام، بالكسر، فهو جمع جَرِيم مثل كريم وكرام. يقال: جِلَّةٌ جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام، والجِلَّة: الإبلُ المَسانُّ.
وروي عن أَوْس بن حارثَةَ أنه قال: لا والذي أَخْرَجَ العِذْقَ من الجَريمة والنارَ من الوثِيمةِ؛ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها النخلة.
والوَثِيمةُ: الحجارة المكسورة.
والجَريمُ: التمر المَصْرُوم.
والجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ والشعير، وهي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى، والأعرفُ الجُدَامَة، بالدال، وكله من القَطْع.
وجَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً واجْتَرَمَه: خَرَصَه وجَرَّه.
والجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون؛ قال امرؤ القيس: عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ، كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ الجِرْمَةُ: ما جُرِمَ وصُرِمَ من البُسْر، شبه ما على الهودج من وَشْيٍ وعِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر والأَصفر، أو بجنة يثرب لأنها كثيرة النخل، والعَقْمةُ: ضرب من الوَشْيِ. الأصمعي: الجُرامة، بالضم، ما سقط من التمر إذا جُرِمَ، وقيل: الجُرامة ما الْتُقِطَ من التمر بعدما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ. أَبو عَمْرو: جَرِمَ الرجل (* قوله «أبو عمرو جرم الرجل إلخ» عبارة الازهري: عمرو عن أبيه جرم إلخ) إذا صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ.
ويقال: جاء زمنُ الجِرامِ والجَرام أي صِرامِ النخل.
والجُرَّامُ: الذي يِصْرِمونَ التمر.
وفي الحديث: لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ وعلى الأرض عَيْنٌ تَطْرِفُ، يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ. يقال: نَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي انْقَضَى وانْصَرَم، وأصله من الجَرْم القَطْعِ، ويروى بالخاء المعجمة من الخَرْم، وهو القطع.
وجَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته، وقد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه مثل جَلَمْتُ.
والجُرْمُ: التَّعدِّي، والجُرْمُ: الذنب، والجمع أَجْرامٌ وجُرُومٌ، وهو الجَرِيَمةُ، وقد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً واجْتَرَمَ وأَجْرَم، فهو مُجْرِم وجَرِيمٌ.
وفي الحديث: أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأَل عن شيء لم يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته؛ الجُرْم: الذنب.
وقولُه تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياط وكذلك نَجْزي المُجْرِمين؛ قال الزجاج: المُجْرِمون ههنا، والله أعلم، الكافرون لأن الذي ذكر من قِصَّتهم التكذيب بآيات الله والاستكبار عنها.
وتَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله؛ قال الشاعر: تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إنْ ظَفِرَتْ به، وإلاَّ تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم ابن سيده: تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ وإن لم يُجْرِم؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: قد يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم وقالوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قال الشاعر أَنشده ثعلب: وتَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ عِرْضَ الرجالِ، وعِرْضُه مَشْتُومُ وجَرَمَ إليهم وعليهم جَرِيمة وأَجْرَم: جَنَى جِناية، وجَرُمَ إذا عَظُمَ جُرْمُه أي أَذنب. أَبو العباس: فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى ما لم نَجْنه؛ وأَنشد: ألا لا تُباتلي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا قال: معناه تَجَرَّمُوا الذنوب علينا.
والجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وكذلك الجَرِيمَةُ؛ قال الشاعر: فإنَّ مَوْلايَ ذو يُعَيِّرُني، لا إحْنَةٌ عِنْدَه ولا جَرِمَهْ وقوله أَنشده ابن الأعرابي: ولا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم إليَّ، ولم أجْرِمْ بهم، طالِبُو ذحْلِ قال: أَراد لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إلى أو على.
والجُرْم: مصدر الجارِم الذي يَجْرِم نَفْسَه وقومه شَرّاً.
وفلان له جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم.
والجارمُ: الجاني.
والمُجْرِم: المذنب؛ وقال: ولا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم قال: وقوله عز وجل: ولا يَجْرِمَنَّكم شنَآنُ قوم، قال الفراء: القُرّاءُ قرؤوا ولا يَجْرِمَنَّكم، وقرأَها يحيى بن وَثَّابٍ والأَعْمَشُ ولا يُجْرِمَنَّكم، من أَجْرَمْتُ، وكلام العرب بفتح الياء، وجاء في التفسير: ولا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أن تَعْتَدُوا، قال: وسمعت العرب يقولون فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم.
وخرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي يَكْسبهم، والمعنى فيهما متقارب لا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قوم أن تعتدوا.
وجَرَمَ يَجْرِمُ واجْتَرم: كَسَبَ؛ وأنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص بني سَعْد: طَريدُ عَشِيرةٍ، ورهينُ جُرْمٍ بما جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني وهو يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ ويطلب ويَحْتالُ.
وجَريمةُ القوم: كاسِبُهم. يقال: فلان جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أي كاسبهم؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ له: جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ، تَرى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا جَريمَةُ: بمعنى كاسبة، وقال في التهذيب عن هذا البيت: قال يصف عُقاباً تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته، وبقي عظامه يسيل منها الودك. قال ابن بري: وحكى ثعلب أن الجَريمة النَّواة.
وقال أَبو إسحق: يقال: أَجْرَمَني كذا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بمعنى واحد، وقيل في قوله تعالى لا يُجْرِمنَّكم: لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم، كما يقال آثَمْتُه أي أَدخلته في الإثم. الأَخفش في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله: لا جَرَمَ أن لهم النار، إنما هو حَقٌّ أن لهم النار؛ وأَنشد: جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أن يَغْضَبوا يقول: حَقَّ لها. قال أَبو العباس: أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإنما أَحْقَقْتُ الشيءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً، وإنما معنى الآية، والله أَعلم، في التفسير لا يَحْملَنَّكُم ولا يَكْسبَنَّكم، وقيل في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم قال: لا يَحْمِلَنَّكم (* قوله «وقيل في قوله ولا يجرمنكم قال لا يحملنكم»، هذا القول ليونس كما نص عليه الأزهري)، وأنشد بيت أبي أَسماء.
والجِرْمُ، بالكسر: الجَسَدُ، والجمع القليل أَجرام؛ قال يزيدُ بن الحَكَمِ الثَّقَفيُّ: وكم مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كما هَوى بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي وجَمَعَ، كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه جِرْماً، والكثير جُرُومٌ وجُرُم؛ قال: ماذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ، سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ التهذيب: والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه.
وأَلقى عليه أَجْرامه؛ عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أنه يريد ثَقَلَ جِرْمِه، وجمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد.
وفي حديث عليّ: اتّقُوا الصُّبْحة فإنها مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم؛ قال ثعلب: الجِرْمُ البَدَنُ.
ورجل جَريمٌ: عظيم الجِرْم؛ وأَنشد ثعلب: وقد تَزْذَري العينُ الفَتى، وهو عاقِلٌ، ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، وهو جَريمُ ويروى: وهو حزيم، وسنذكره، والأُنثى جَريمة ذات جِرْم وجِسْم.
وإبل جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حكى يعقوب عن أَبي عمرو: جِلَّةٌ جَريمٌ، وفسره فقال: عِظام الأَجْرام يعني الأَجسام.
والجِرْم: الحَلْقُ؛ قال مَعْنُ بن أَوْسٍ: لأسْتَلّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه، وقد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ يقول: هو أمر عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ.
والجِرْمُ: الصوت، وقيل: جَهارَتُه، وكرهها بعضهم.
وجِرْمُ الصوت: جَهارته.
ويقال: ما عرفته إلا بِجِرْم صوته. قال أَبو حاتم: قد أُولِعَتِ العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم أي الصوت أو الحَلْق، وهو خطأٌ.
وفي حديث بعضهم: كان حَسَنَ الجِرْم؛ قيل: الجِرْم هنا الصوت، والجِرْمُ البَدَنُ، والجِرْم اللَّوْنُ؛ عن ابن الأعرابي.
وجَرِمَ لونُه (* قوله «وجرم لونه» وكذلك جرم إذا عظم بدنه، وبابهما فرح كما ضبط بالأصل والتهذيب والتكملة وصوّبه السيد مرتضى على قول المجد: وأَجرم عظم لونه وصفا) إذا صفا.
وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ.
وسنة مُجَرَّمة: تامَّة، وقد تَجَرَّم. أَبو زيد: العامُ المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة: ولكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً مُجَرَّمةً، ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا ابن هانئ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ وشهر مُجَرَّمٌ وكَريتٌ فيهما، ويوم مُجَرَّمٌ وكَريتٌ، وهو التام، الليث: جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها، وتَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت، وتَجَرَّمَ الليلُ ذهب؛ قال لبيد: دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها، حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها وحَرامُها أي تَكَمَّل؛ قال الأَزهري: وهذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما مضت صارت مقطوعة من السنة المستقبلة.
وجَرَّمْنا القومَ: خرجنا عنهم.
ولا جَرَم أي لا بدّ ولا محالة، وقيل: معناه حَقّاً؛ قال أَبو أسماء بن الضَّريبَةِ: ولقد طَعَنْتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أن يَغْضَبُوا أي حَقَّتْ لها الغَضَبَ، وقيل: معناه كسَبَتْها الغَضَبَ. قال سيبويه: فأما قوله تعالى: لا جَرَمَ أنَّ لهم النارَ، فإن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها فعل، ومعناها لقد حَقَّ أن لهم النار، وقول المفسرين: معناها حَقّاً أن لهم النارَ يَدُلُّك على أنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ، والعرب تقول: لا جرم لآتِيَنَّك، لا جَرَم لقد أَحْسَنْتَ، فتراها بمنزلة اليمين، وكذلك فسرها المفسرون حَقّاً أنهم في الآخرة هم الأَخْسَرُون، وأصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ؛ وقال الفراء: وليس قول من قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشيء، وإنما لَبَّس عليه قولُ الشاعر: جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أن يَغْضَبُوا فرفعوا فَزارة وقالوا: نجعل الفعل لفَزارة كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو حُقَّ لها أن تَغْضَبَ، قال: وفزارة منصوب في البيت، المعنى جَرَمَتْهُم الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم.
وقال غير الفراء: حقيقة معنى لا جَرَم أن لا نَفْيٌ ههنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم؛ فرُدَّ ذلك عليهم فقيل: لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم أنهم في الآخرة هم الأَخْسَرونَ؛ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم الخُسْرانَ، وكذلك قوله: لا جَرَم أن لهم النارَ وأنهم مُفْرَطُونَ؛ المعنى لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم إفْكُهم وكَذِبُهم لهم عذابَ النار أي كَسَبَ بهم عَذابَها. قال الأزهري: وهذا من أَبْيَن ما قيل فيه. الجوهري: قال الفراء لا جَرَم كلمةٌ كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة، فَجَرتْ على ذلك وكثرت حتى تَحَوَّلتْ إلى معنى القَسَم وصارت بمنزلة حقّاً، فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون لا جَرَم لآتينك؟ قال: وليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ بشيء، وإنما لبس عليه الشاعر أَبو أَسماء بقوله: جَرَمْتَ فَزارة؛ وقال أَبو عبيدة: أَحَقّت عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا، وحَقَّتْ أيضاً: من قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً؛ قال ابن بري: وهذا القول ردٌّ على سيبويه والخليل لأنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي بالغَضَبِ فأسقط الباء، قال: وفي قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه لأن تقديره عنده كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك، قال: والبيت لأَبي أَسماء بن الضَّريبة، ويقال لعَطِية بن عفيف، وصوابه: ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة، بفتح التاء، لأَنه يخاطب كُرْزاً العُقَيليَّ ويَرْثيه؛ وقبل البيت: يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ بَطَلٍ، إذا هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا وكان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة، وهو حِصْنُ بن حذيفة بن بَدْر الفَزاريّ. ابن سيده: وزعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام، يقول الرجل: كان كذا وكذا وفعلوا كذا فتقول: لا جَرَمَ أنهم سيندمون، أو أَنه سيكون كذا وكذا.
وقال ثعلب: الفراء والكسائي يقولان لا جَرَمَ تَبْرِئةٌ.
ويقال: لا جَرَم (* قوله «ويقال لا جرم إلخ» زاد الصاغاني: لا جرم بضم فسكون، ولا جرم بوزن كرم، ومعنى لا ذا جرم ولا أن ذا جرم استغفر الله، والاجرام: متاع الراعي.
والاجرام من السمك: لونان مستدير بلون وأسود له أجنحة) ولا ذا جَرَم ولا أنْ ذا جَرَم ولا عَنْ ذا جَرَم ولا جَرَ، حذفوه لكثرة استعمالهم إياه. قال الكسائي: من العرب من يقول لا ذا جرم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ولا جَرَ، بلا ميم، وذلك أنه كثر في الكلام فحذفت الميم، كما قالوا حاشَ للهِ وهو في الأصل حاشَى، وكما قالوا أَيْشْ وإنما هو أيُّ شيء، وكما قالوا سَوْ تَرَى وإنما هو سوفَ تَرَى. قال الأزهري: وقد قيل لا صلة في جَرَم والمعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم؛ وأَنشد ثعلب: يا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لا أو نَعَمْ، إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ، أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ ورَمّ قُلْتُ لها: بِينِي فقالت: لا جَرَمْ أنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظُلَمْ ابن الأعرابي: لا جَرَ لقد كان كذا وكذا أي حقّاً، ولا ذا جَرَ ولا ذا جَرَم، والعرب تَصِلُ كلامها بذي وذا وذو فتكون حَشْواً ولا يُعْتَدُّ بها؛ وأَنشد: إن كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ وفي حديث قَيْس بن عاصم: لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشيء، وقد اختلف في تقديرها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا بُدَّ، وقد استعملت في معنى حقّاً، وقيل: جَرَمَ بمعنى كَسَب، وقيل: بمعنى وَجَبَ وحَقَّ ولا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم يبتدأُ بها كقوله تعالى: لا جَرَم أن لهم النار؛ أي ليس الأْمْرُ كما قالوا، ثم ابتدأَ وقال: وَجَبَ لهم النار.
والجَرْمُ: الحَرُّ، فارسي معرَّب.
وأَرض جَرْمٌ: حارّة، وقال أَبو حنيفة: دَفِيئةٌ، والجمع جُرُومٌ، وقال ابن دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ توصف بالحرِّ، وهو دخيل. الليث: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يقال: هذه أَرض جَرْمٌ وهذه أَرض صَرْدٌ، وهما دخِيلان (* قوله «وهما دخيلان إلخ» عبارة التهذيب: دخيلان مستعملان). في الحرِّ والبرد. الجوهري: والجُروُمُ من البلاد خلافُ الصُّرُودِ.
والجَرْمُ: زَورَقٌ من زوارقِ اليَمَن، والجمع من كل ذلك جُرُومٌ.
والمُدّ يُدْعَى بالحجاز: جَرِيماً. يقال: أَعطيته كذا وكذا جَرِيماً من الطعام.
وجَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة وهو جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، والآخر في طيِّء.
وبنو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة، والآخر في بني سَعْدٍ. الليث: جَرْمٌ قبيلة من اليمن، وبَنُو جارِمٍ: قومٌ من العرب؛ وقال: إذا ما رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ إلى رَمْلِها، والجارمِيُّ عَمِيدُها (* قوله «إذا ما إلخ» تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل الجارميّ، والذي هناك هو ما في المحكم). عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، وقد يثقل، وهو أَيضاً اسم قبيلة.

كذب (لسان العرب) [0]


الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2) (2 قوله «كذباً» أي بفتح فكسر، ونظيره اللعب والضحك والحق، وقوله وكذباً، بكسر فسكون، كما هو مضبوط في المحكم والصحاح، وضبط في القاموس بفتح فسكون، وليس بلغة مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً، وقوله: وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه.) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً: هاتان عن اللحياني، وكِذاباً وكِذَّاباً؛ وأَنشد اللحياني: نادَتْ حَليمةُ بالوَداع، وآذَنَتْ * أَهْلَ الصَّفَاءِ، ووَدَّعَتْ بكِذَابِ ورجل كاذِبٌ، وكَذَّابٌ، وتِكْذابٌ، وكَذُوبٌ، وكَذُوبةٌ، وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة، وكَذْبانٌ، وكَيْذَبانٌ، وكَيْذُبانٌ، ومَكْذَبانٌ، ومَكْذَبانة، وكُذُبْذُبانٌ (3) (3 قوله «وكذبذبان» قال الصاغاني وزنه فعلعلان . . . أكمل المادة بالضمات الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها.
وقوله: واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري، لكنه في التهذيب قد بعتكم وفي الصحاح قد بعتها؛ قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله: قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى * في الناس مثلي في معّد يخطب حتى تأَوَّبت البيوت عشية * فحططت عنه كوره يتثأب) ، وكُذُبْذُبٌ، وكُذُّبْذُبٌ ؛ قال جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ: فإِذا سَمِعْـتَ بأَنـَّنِـي قد بِعْتُكم * بوِصَالِ غَانيةٍ، فقُلْ كُذُّبْذُبُ قال ابن جني: أَما كُذُبْذُبٌ خفيف، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِـيل، فهاتانِ بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه. قال: ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ، بفتح الراءَين.
والأُنثى: كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ.
والكُذَّب: جمع كاذبٍ، مثل راكِـعٍ ورُكَّعٍ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي: مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه، * إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً، وأَبعدَهُم * شَرّاً، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ، * إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الـحُسَّدِ الجَشِعَهْ الوَلَعَةُ: جمع والِـعٍ، مثل كاتب وكَتَبة.
والوالع: الكاذب، والكُذُبُ جمع كَذُوب، مثل صَبُور وصُبُر، ومِنه قَرَأَ بعضُهم: ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ، فجعله نعتاً للأَلسنة. الفراء: يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ.
وكَذَبَ الرجلُ: أَخْبَر بالكَذِبِ.
وفي المثل: ليس لـمَكْذُوبٍ رَأْيٌ.
ومِنْ أَمثالهم: الـمَعاذِرُ مَكاذِبُ.
ومن أَمثالهم: أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ، وهو كقولهم: مع الخَواطِـئِ سَهْمٌ صائِبٌ. اللحياني: رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق. النضر: يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ، ثم تَرْجِـعُ حائلاً: مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ. أَبو عمرو: يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم: قد أَكْذَب، وهو الإِكْذابُ.
وقوله تعالى: حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا؛ قراءة أَهلِ المدينةِ، وهي قِراءة عائشة، رضي اللّه عنها، بالتشديد وضم الكاف. روي عن عائشة، رضي اللّه عنها، أَنها قالت: اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأَبي عمرو، وابن عامر؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي: كُذِبُوا، بالتخفيف.
ورُوي عن ابن عباس أَنه قال: كُذِبُوا، بالتخفيف، وضم الكاف.
وقال: كانوا بَشَراً، يعني الرسل؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا. قال أَبو منصور: إِن صح هذا عن ابن عباس، فوَجْهُه عندي، واللّه أَعلم، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَـأَنُّوا إِليه، ولكنه كان خاطراً يَغْلِـبُه اليقينُ.
وقد روينا عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها. ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس.
وقد رُوي عنه أَيضاً: أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ. قال أَبو منصور: وهذه الرواية أَسلم، وبالظاهر أَشْبَهُ؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال: اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم، وظنَّ قومُهم أَن الرسل قد كُذِّبُوا، جاءَهم نَصْرُنا؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس.
وقرأَ بعضهم: وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ. قال أَبو منصور: وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة، رضي اللّه عنها، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين، وأَهلُ البصرة، وأَهلُ الشام.
وقوله تعالى: ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ؛ قال الزجاج: أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء. قال: وكاذِبةٌ مصدر، كقولك: عافاه اللّهُ عافِـيةً، وعاقَبَه عاقِـبةً، وكذلك كَذَبَ كاذبةً؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية.
وفي التنزيل العزيز: فهل تَرَى لهم من باقيةٍ؟ أَي بقاءٍ.
وقال الفراءُ: ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ، فالكاذبة، ههنا، مصدر. يقال: حَمَلَ فما كَذَبَ.
وقوله تعالى: ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى؛ يقول: ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى؛ يقول: قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي رأَى.
وقرئَ: ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى، وهذا كُلُّه قول الفراء.
وعن أَبي الهيثم: أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه، وما رَأَى بمعنى الرُّؤْية، كقولك: ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد.
ويقال: كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ؛ وأَنشد للأَخطل: كَذَبَتْكَ عَيْنُك، أَم رأَيتَ بواسطٍ * غَلَسَ الظَّلامِ، مِن الرَّبابِ، خَيَالا؟ معناه: أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ، ولم تَرَ. يقول: ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى، ولم يَرَ، بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه.
وقوله: ناصِـيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِـبُها كاذِبٌ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة.
ورُؤْيَا كَذُوبٌ: كذلك؛ أَنشد ثعلب: فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ، * معَ النَّجْمِ رُؤْيا، في الـمَنامِ، كَذُوبُ والأُكْذُوبةُ: الكَذِبُ.
والكاذِبةُ: اسم للمصدر، كالعَافية.
ويقال: لا مَكْذَبة، ولا كُذْبى، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك.
وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً: جعله كاذِباً، وقال له: كَذَبْتَ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً.
وفي التنزيل العزيز: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً.
وفيه: لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً، عن اللحياني. قال الفراءُ: خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب، عليه السلام، جميعاً، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة. يقولون: كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً.
وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ، في لغتهم، مُشدّدةً. قال: وقال لي أَعرابي مَرَّةً على الـمَرْوَة يَسْتَفْتيني: أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب: لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي، * وعن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا وقال الفرَّاءُ: كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً، ويُشَدِّدُ: وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ. قال: والذي قال حَسَنٌ، ومعناه: لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم بَعْضاً (1) (1 زاد في التكملة: وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً، بضم الكاف وبالتشديد، ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان، يقال كذب، أي بالتخفيف، كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً متناهياً.) ، غيره.ويقال للكَذِبِ: كِذابٌ؛ ومِنه قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً؛ وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ: قُلْتُ لـمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ: * كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ قال معناه: كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ، سانِحاً أَو بارِحاً؛ قال: وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً.
وقال اللحياني، قال الكسائي: أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً، وغيرهم من العرب تفعيلاً. قال الجوهري: كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد، لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِـيلِ مثل التَّكْلِـيم، وعلى فِعَّالٍ مثل كِذَّابٍ، وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِـيَة، وعلى مُفَعَّلٍ مثل: ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ.
والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق.
وتَكَذَّبُوا عليه: زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ؛ قال أَبو بكر الصدِّيق، رضي اللّه عنه: رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ، فَتَكَذَّبُوا * عليه وقالُوا: لَسْتَ فينا بماكِثِ وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ.
وأَكْذَبَهُ: أَلْفاه كاذِباً، أَو قال له: كَذَبْتَ.
وفي التنزيل العزيز: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ؛ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل.
وقال الفراءُ: وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ، قال: ومعنى التخفيف، واللّه أَعلم، لا يجعلونك كذَّاباً، وأَن ما جئتَ به باطلٌ، لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه، إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا: إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ، لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة. قال: والتَّكْذيبُ أَن يقال: كَذَبْتَ.
وقال الزجاج: معنى كَذَّبْتُه، قلتُ له: كَذَبْتَ؛ ومعنى أَكْذَبْتُه، أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ. قال: وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك، لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم: كَذَبْتَ. قال: ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم، أَي يعلمون أَنك صادق؛ قال: وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق، ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم، ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه.
وقال الفراءُ في قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ؛ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم، كأَنه قال: فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب، بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان، على ما وصفنا لك؟ وقيل: قوله تعالى: فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين؛ أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً، وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة؟ وفي التنزيل العزيز: وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ. رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ، أَخَذُوا قميصَه، وذَبَحُوا جَدْياً، فلَطَخُوا القَمِـيصَ بدَمِ الجَدْي، فلما رأَى يعقوبُ، عليه السلام، القَميصَ، قال: كَذَبْتُمْ، لو أَكَلَه الذِّئبُ لـمَزَّقَ قميصه.
وقال الفراءُ في قوله تعالى: بدَمٍ كَذبٍ؛ معناه مَكْذُوبٍ. قال: والعرب تقول للكَذِبِ: مَكْذُوبٌ، وللضَّعْف مَضْعُوفٌ، وللْجَلَد: مَجْلُود، وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ، يريدون عَقْدَ رَأْيٍ، فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً.
وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال: إِن بني نُمَيْرٍ ليس لـحَدِّهم مَكْذُوبةٌ أَي كَذِبٌ.
وقال الأَخفش: بدَمٍ كَذِبٍ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً، لأَنه كُذِبَ فيه، كما قال سبحانه: فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم.
وقال أَبو العباس: هذا مصدر في معنى مفعول، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب.
وقال الزجاج: بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب؛ والمعنى: دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه.
وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ، بالدال المهملة، وقد تقدم في ترجمة كدب. ابن الأَنباري في قوله تعالى: فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك، قال: سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه؟ قال: فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم، بل يكذبونك بأَلسنتهم؛ والثاني قراءة نافع والكسائي، ورُويَتْ عن عليّ، عليه السلام، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك، بضم الياءِ، وتسكين الكاف، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به، إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته.
وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة، بأَن العرب تقول: كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ؛ قال ابن الأَنباري: ويمكن أَن يكون: فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً، عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش.
والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم. الكسائي: أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ، ورواه: وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ؛ وقال ثعلب: أَكْذَبه وكَذَّبَه، بمعنًى؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه، أَو حَمَلَه على الكَذِب، وبمعنى وجَدَه كاذباً.
وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً: كَذَّبْتُه وكَذَّبني؛ وقد يُستعمل الكَذِبُ في غير الإِنسان، قالوا: كَذَبَ البَرْقُ، والـحُلُمُ، والظَّنُّ، والرَّجاءُ، والطَّمَعُ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ: خانها حِسُّها.
وكذَبَ الرأْيُ: تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به.
وكَذَبَتْهُ نَفْسُه: مَنَّتْهُ بغير الحق.
والكَذوبُ: النَّفْسُ، لذلك قال: إِني، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ، * لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ الكَذِبُ: نقيضُ الصِّدْقِ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً (2). . أَبو زيد: الكَذُوبُ والكَذُوبةُ: من أَسماءِ النَّفْس. ابن الأَعرابي: الـمَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة.
والـمَذْكُوبة: المرأَة الصالحة. ابن الأَعرابي: تقول العرب للكَذَّابِ: فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً؛ أَبو الهيثم، انه قال في قول لبيد: أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها يقول: مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ، لتَـأْمُلَ الآمالَ البعيدة، فتَجِدَّ في الطَّلَب، لأَنـَّك إِذا صَدَقْتَها، فقلتَ: لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً، قَصُرَ أَمَلُها، وضَعُفَ طَلَبُها؛ ثم قال: غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة، وتُصِرَّ على الـمَعْصية.
وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه، وهي اسْتُه ونحوه كثير.
وكَذَّبَ عنه: رَدَّ، وأَراد أَمْراً، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم.
وكَذَبَ الوَحْشِـيُّ وكَذَّبَ: جَرى شَوْطاً، ثم وَقَفَ لينظر ما وراءه.وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ.
وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ، بالتشديد، أَي <ص 709> ما انْثَنى، وما جَبُنَ، وما رَجَعَ؛ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ؛ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الـحَمْلَة؛ قال زهير: لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ، إِذا * ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا وفي حديث الزبير: أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم، وقال للمسلمين: إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا.قال شمر: يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ: قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً، وأَنشد بيت زهير.
والتَّكْذِيبُ في القتال: ضِدُّ الصِّدْقِ فيه. يقال: صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ.
وكَذَّبَ إِذا جَبُن؛ وحَمْلةٌ كاذِبةٌ، كما قالوا في ضِدِّها: صادقةٌ، وهي الـمَصْدوقةُ والـمَكْذُوبةُ في الـحَمْلةِ.
وفي الحديث: صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِـيك؛ اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً، حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ، والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال، فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه العَسَلُ كَذِباً، لأَنَّ اللّه قال: فيه شفاء للناس.
وفي حديث صلاةِ الوِتْرِ: كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ؛ سماه كَذِباً، لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب، كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ، وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ، لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ، والـمُخْطِـئُ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمُخْبِـرٍ، وإِنما قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذبُ، وإِنما يدخله الخطَـأُ؛ وأَبو محمد صحابي، واسمه مسعود بن زيد؛ وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ؛ وأَنشد بيت الأَخطل: كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ وقال ذو الرمة: وما في سَمْعِهِ كَذِبُ وفي حديث عُرْوَةَ، قيل له: إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً، فقال: كَذَبَ، أَي أَخْطَـأَ.
ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال: الـمُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِـيَها، فقال: كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً، أَي أَخْطَـأْتَ.
وفي الحديث: لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث؛ قيل: أَرادَ به مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ، وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ، كقوله: إِنَّ في الـمَعاريض لَـمَنْدوحةً عن الكَذِب، وكالحديث الآخر: أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره.
وكَذَبَ عليكم الحجُّ، والحجَّ؛ مَنْ رَفَعَ، جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ، ومَن نَصَبَ، فعَلى الإِغراءِ، ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ، ولا مصدرٌ، ولا اسم فاعل، ولا مفعولٌ، وله تعليلٌ دقيقٌ، ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العُمْرةُ، كَذَبَ عليكم الجِهادُ، ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم؛ قال ابن السكيت: كأَن كَذَبْنَ، ههنا، إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة. قال: وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ، ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً؛ وقيل معناه: وَجَبَ عليكم الحجُّ؛ وقيل معناه: الـحَثُّ والـحَضُّ. يقول: إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه، ورَغبةً فيه، فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه.
وقال الزمخشري: معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين: كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ، هو واجبٌ عليك؛ فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه؛ ومَن نصب الحجَّ، فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ، وفي كذَبَ ضمير الحجِّ، وهي كلمةٌ نادرةٌ، جاءَت على غير القِـياس.
وقيل: كَذَب عليكم الـحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الـحَجُّ.
وهو في الأَصل، إِنما هو: إِن قيل لا حَجَّ، فهو كَذِبٌ؛ ابن شميل: كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ، وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه؛ قال: ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ، لأَنه يريد أَن يَـأْمُر بالحج، كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ، يريدُ ارْمِه؛ قال عنترة يُخاطبُ زوجته: كَذَبَ العَتيقُ، وماءُ شَنٍّ بارِدٌ، * إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً، فاذهبي! يقول لها: عليكِ بأَكل العَتيق، وهو التمر اليابس، وشُرْبِ الماءِ البارد، ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن، وهو شُرْبه عَشِـيّاً، لأَنَّ اللبن خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به، ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي.
وفي حديث عُمَر: شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ، فقال: كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها؛ والظهائر جمع ظهيرة، وهي شدة الحرّ.
وفي رواية: كَذَبَ عليك الظواهرُ، جمع ظاهرة، وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع.
وفي حديث له آخر: إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه الـمَعَص، فقال: كَذَبَ عليك العَسَلُ، يريد العَسَلانَ، وهو مَشْيُ الذِّئب، أَي عليك بسُرعةِ المشي؛ والـمَعَصُ، بالعين المهملة، التواءٌ في عصَبِ الرِّجل؛ ومنه حديث عليٍّ، عليه السلام: كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها؛ والحارِقةُ: المرأَة التي تَغْلِـبُها شهوَتُها، وقيل: الضيقة الفَرْج. قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم، مَعنى الإِغراء، أَي عليكم به؛ وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً، ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً، على غير قياس؛ قال: ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر: كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني، * كما قافَ، آثارَ الوَسيقةِ، قائفُ فقوله: كذَبْتُ عليك، إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي، فَجَعَلَ نَفْسَه في موضع رفع، أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه؟ قال مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ: وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِـيها * بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ قال أَبو عبيد: ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل، فقال: كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى؛ وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله: كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري، فَكَذَبْتُ عليكم؛ فأَذَلَّه بهذا الشعر، وأَخْمَلَ ذِكْرَه؛ وقال في قوله: بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ قال: القَراطِفُ أَكْسِـيَةٌ حُمْر، وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ، وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً، فَساءَ ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ، فقالت: كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ زِينَتهم هذه كاذبةٌ، ليس وراءَها عندهم شيءٌ. ابن السكيت: تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته: كَذَب علَيك كذا وكذا أَي عليكَ به، وهي كلمة نادرةٌ؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي لخِداشِ بن زُهَير: كَذَبْتُ عليكم، أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا * بـيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر، واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ، وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ.
وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ، هذه عن اللحياني.
وكَذَبَ البعيرُ في سَيره إِذا ساءَ سَيرُه؛ قال الأَعشى: جُمالِـيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف، * إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الـهَجيرا ابن الأَثير في الحديث: الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة، فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء؛ معنى كَذَباك أَي عليك بهما، يعني اليومين المذكورين. قال الزمخشري: هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى الـمَثَل في كلامهم، فلذلك لم تُصَرَّفْ، ولزِمَتْ طَريقةً واحدة، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالـمُخاطَب وحْدَه، وهي في معنى الأَمْرِ، كقولهم في الدعاءِ: رَحِمَك اللّه أَي لِـيَرْحَمْكَ اللّهُ. قال: والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ؛ مِنْ قول العرب: كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ، وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون، وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور، ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها؛ ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه، وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب.
ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ: الكَذُوبُ. فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل؛ قال ابن الأَثير: وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري وأَطالَ، وكان هذا خلاصةَ قوله؛ وقال ابن السكيت: كأَنَّ كَذَبَ، ههنا، إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر، وهي كلمة نادرة، جاءَت على غير القياس. يقال: كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك.
والكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِـيٌّ.
وفي حديث الـمَسْعُودِيِّ: رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ؛ الكَذَّابةُ: ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت؛ سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف، وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه.
والكَذَّابُ: اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب.
والكَذَّابانِ: مُسَيْلِمةُ الـحَنَفِـيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ.

ودع (لسان العرب) [0]


الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ: مناقِيفُ صِغارٌ تخرج من البحر تُزَيَّنُ بها العَثاكِيلُ، وهي خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ في بطونها شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تتفاوت في الصغر والكبر، وقيل: هي جُوفٌ في جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمةِ؛ قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة: ولا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي لأَخْدَعَه، وغِرَّتَه أُرِيدُ قال ابن بري: صواب إِنشاده: أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ واحدتها ودْعةٌ وودَعةٌ.
ووَدَّعَ الصبيَّ: وضَعَ في عنُقهِ الوَدَع.
وودَّعَ الكلبَ: قَلَّدَه الودَعَ؛ قال: يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ، مِنَ المُطْعِماتِ اللَّحْمَ غيرَ الشَّواحِنِ أَي يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ.
وذُو الودْعِ: الصبيُّ لأَنه يُقَلَّدُها ما دامَ صغيراً؛ قال جميل: أَلَمْ تَعْلَمِي، يا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنْتِ صَلُودُ؟ ويروى: أَهَشُّ . . . أكمل المادة لِذِكْراكُمْ؛ ومنه الحديث: من تَعَلَّقَ ودَعةً لا وَدَعَ الله له، وإِنما نَهَى عنها لأَنهم كانوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ العين، وقوله: لا ودَعَ اللهُ له أَي لا جعله في دَعةٍ وسُكُونٍ، وهو لفظ مبنيّ من الودعة، أَي لا خَفَّفَ الله عنه ما يَخافُه.
وهو يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كما يُخْدَعُ الصبيّ بالودع فَيُخَلَّى يَمْرُثُها.
ويقال للأَحمق: هو يَمْرُدُ الوْدَع، يشبه بالصبي؛ قال الشاعر:والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ قال ابن بري: أَنشد الأَصمعي هذا البيت في الأَصمعيات لرجل من تميم بكماله: السِّنُّ من جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ، والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ قال: وتقول خرج زيد فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عند سفره من التوْدِيعِ، ووَدَّع ابنه: جعل الوَدعَ في عُنُقه، وكلبَه: قَلَّدَه الودع، وفرسَه: رَفَّهَه، وهو فرس مُوَدَّعُ ومَوْدُوع، على غير قِياسٍ، ودِرْعَه، والشيءَ: صانَه في صِوانِه.
والدَّعةُ والتُّدْعةُ (* قوله« والتدعة» أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد) على البدل: الخَفْضُ في العَيْشِ والراحةُ، والهاء عِوَضٌ من الواو.والوَديعُ: الرجل الهادئ الساكِنُ ذو التُّدَعةِ.
ويقال ذو وَداعةٍ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً، زاد ابن بري: ووَدَعَه، فهو وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن؛ وأَنشد شمر قول عُبَيْدٍ الراعي: ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ منه، به تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا أي تَقِيه وتَصُونه، وقيل أَي تُقِرُّه على صَوْنِه وادِعاً.
ويقال: وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صار إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ؛ ومنه قول سويد بن كراع: أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَدَعْ لِسُلَيْمى، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ أَي لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ.
ويقال: نال فلان المَكارِمَ وادِعاً أَي من غير أَن يَتَكَلَّفَ فيها مَشَقّة.
وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه: رَفَّهَه، والاسم المَوْدوعُ.
ورجل مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ؛ فأَما قول خُفافِ بن نُدْبة: إِذا ما اسْتَحَمَّتْ أَرضُه من سَمائِه جَرى، وهو موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق فكأَنه مفعول من الدَّعةِ أَي أَنه ينال مُتَّدَعاً من الجرْيِ متروكاً لا يُضْرَبُ ولا يْزْجَرُ ما يسْبِقُ به، وبيت خفاف بن ندبة هذا أَورده الجوهري وفسره فقال أَي متروك لا يضرب ولا يزجر؛ قال ابن بري: مَوْدوعٌ ههنا من الدَّعةِ التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أَنه جرى ولم يَجْهَدْ كما أَوردناه، وقال ابن بزرج: فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ؛ وقال ذو الإِصبَع العَدواني: أُقْصِرُ من قَيْدِه وأُودِعُه، حتى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا والدَّعةُ: من وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ.
وقولهم: عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة والوقار، فإِن قلت: فإِنه لفظ مفْعولٍ ولا فِعْل له إِذا لم يقولوا ودَعْتُه في هذا المعنى؛ قيل: قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حُكي من قولهم رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ، ومُدَرْهَمٌ للكثير الدِّرهم، ولم يقولوا فُئِدَ ولا دُرْهِمَ.
وقالوا: أَسْعَده الله، فهو مَسْعودٌ، ولا يقال سُعِدَ إِلا في لغة شاذة.
وإِذا أَمَرْتَ الرجل بالسكينةِ والوَقارِ قلت له: تَوَدَّعْ واتَّدِعْ؛ قال الأزهري: وعليك بالموْدوعِ من غير أَن تجعل له فعلاً ولا فاعاً مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ، قال الجوهري: وقولهم عليك بالمودوع أَي بالسكينةِ والوقار، قال: لا يقال منه ودَعه كما لا يقال من المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه.
ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ، كلاهما: سكَن؛ وعليه أَنشد بعضهم بيت الفرزدق: وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ، لم يَدَعْ من المال إِلاّ مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ فمعنى لم يَدَعْ لم يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ، والجملة بعد زمان في موضع جرّ لكونها صفة له، والعائد منها إِليه محذوف للعلم بموضعه، والتقدير فيه لم يَدَعْ فيه أَو لأَجْلِه من المال إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف، فيرتفع مُسْحت بفعله ومجَلَّفُ عطف عليه، وقيل: معنى قوله لم يدع لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ، وقيل: لم يستقر، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لم يترك من المال إِلاَّ شيئاً مُسْتأْصَلاً هالِكاً أَو مجلف كذلك، ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره، قال: وهو كقولك ضربت زيداً وعمروٌ، تريد وعمْرٌو مضروب، فلما لم يظهر له الفعل رفع؛ وأَنشد ابن بري لسويد بن أَبي كاهل: أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ من سُلَيْمى، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ أَي لم يَسْتَقِرّ.
وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه. قال الأَزهري: والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثوباً في صِوانٍ لا يصل إِليه غُبارٌ ولا رِيحٌ.
وودَعْتُ الثوبَ بالثوب وأَنا أَدَعُه، مخفف.
وقال أَبو زيد: المِيدَعُ كل ثوب جعلته مِيدَعاً لثوب جديد تُوَدِّعُه به أَي تَصُونه به.
ويقال: مِيداعةٌ، وجمع المِيدَعِ مَوادِعُ، وأَصله الواو لأَنك ودَّعْتَ به ثوبَك أَي رفَّهْتَه به؛ قال ذو الرمة: هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً، إِذا ما تَزَيَّنَتْ، وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ وقال الأَصمعي: المِيدَعُ الثوبُ الذي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ به ثيابَ الحُقوق ليوم الحَفْل، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ به المَصونُ.
وتودَّعَ فلان فلاناً إِذا ابتذله في حاجته.
وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابتذلها.
وفي الحديث: صَلى معه عبدُ الله ابن أُنَيْسٍ وعليه ثوب مُتَمَزِّقٌ فلما انصرف دعا له بثوب فقال: تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هذا أَي تَصَوَّنْه به، يريد الْبَسْ هذا الذي دفعته إِليك في أَوقات الاحتفال والتزَيُّن.
والتَّوديعُ: أَن يجعل ثوباً وقايةَ ثوب آخر.
والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ: ما ودَّعَه به.
وثوبٌ مِيدعٌ: صفة؛ قال الضبي: أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي، وأَتَّقِي به الموتَ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ وقد يُضاف.
والمِيدع أَيضاً: الثوب الذي تَبْتَذِله المرأَة في بيتها. يقال: هذا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها، ومِيدَعَتُها: التي تُوَدِّعُ بها ثيابها.
ويقال للثوب الذي يُبْتَذَل: مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل.
والمِيدعُ والمِيدَعةُ: الثوب الخَلَقُ؛ قال شمر أَنشد ابن أَبي عدْنان: في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ مُبْتَذَلاتٌ، ما لَهُنَّ مِيدَعُ قال: ما لهنَّ مِيدع أَي ما لهن من يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عن العَمَل.
وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كان يُحْزِنُ، وذلك إِذا كان كلاماً يُحْتَشَمُ منه ولا يستحسن.
والمِيداعةُ: الرجل الذي يُحب الدَّعةَ؛ عن الفراء.
وفي الحديث: إِذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّعَ منهم أَي أُهْمِلو وتُرِكوا وما يَرْتَكِبونَ من المَعاصي حتى يُكثِروا منها، ولم يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله، وأَصله من التوْدِيع وهو الترك، قال: وهو من المجاز لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرجل إِذا يَئِسَ من صلاحِه تركه واسْتراحَ من مُعاناةِ النَّصَب معه، ويجوز أَن يكون من قولهم تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه في مِيدَعٍ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويُتَصَوَّن كما يُتَوَقَّى شرار الناس.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِذا مََشَتْ هذه الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّعَ منها.
ومنه الحديث: اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً وابْتَدِعُوها سالمة أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عنها إِذا لم تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها، وهو افْتَعَلَ من وَدُعَ، بالضم، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ.
وايْتَدَعَ، فهو مُتَّدِعٌ أَي صاحب دَعةٍ، أَو من وَدَعَ إِذا تَرَكَ، يقال اتهَدَعَ وابْتَدَعَ على القلب والإِدغام والإِظهار.
وقولهم: دَعْ هذا أَي اتْرُكْه، ووَدَعَه يَدَعُه: تركه، وهي شاذة، وكلام العرب: دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ، ولا يقولون ودَعْتُكَ ولا وَذَرْتُكَ، استغنوا عنهما بتَرَكْتُكَ والمصدر فيهما تركاً، ولا يقال ودْعاً ولا وَذْراً؛ وحكاهما بعضهم ولا وادِعٌ، وقد جاء في بيت أَنشده الفارسي في البصريات: فأَيُّهُما ما أَتْبَعَنَّ، فإِنَّني حَزِينٌ على تَرْكِ الذي أَنا وادِعُ قال ابن بري: وقد جاء وادِعٌ في شعر مَعْنِ بن أَوْسٍ: عليه شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا، يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه وفي التنزيل: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى؛ أَي لم يَقْطَعِ اللهُ الوحيَ عنك ولا أَبْغَضَكَ، وذلك أَنه، صلى الله عليه وسلم، اسْتأَخر الوحْيُ عنه فقال ناس من الناس: إِن محمداً قد ودّعه ربه وقَلاه، فأَنزل الله تعالى: ما ودعك ربك وما قلى، المعنى وما قَلاكَ، وسائر القُرّاء قرؤوه: ودّعك، بالتشديد، وقرأَ عروة بن الزبير: ما وَدَعَك ربك، بالتخفيف، والمعنى فيهما واحد، أَي ما تركك ربك؛ قال: وكان ما قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الذي وَدَعُوا وقال ابن جني: إِنما هذا على الضرورة لأَنّ الشاعر إذا اضْطُرَّ جاز له أَن ينطق بما يُنْتِجُه القِياسُ، وإِن لم يَرِدْ به سَماعٌ؛ وأَنشد قولَ أَبي الأَسودِ الدُّؤلي: لَيْتَ شِعْرِي، عن خَلِيلي، ما الذي غالَه في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ؟ وعليه قرأَ بعضهم: ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وما قَلى، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ من القِلى، قال: فهذا أَحسن من أَن يُعَلَّ باب اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل، وإِعلالُ استحوذ واستنوق ونحوهما من المصحح تركُ أَصل، وبين مراجعة الأُصول وتركها ما لا خَفاء به؛ وهذا بيت روى الأَزهري عن ابن أَخي الأَصمعي أَن عمه أَنشده لأَنس بن زُنَيْمٍ الليثي: لَيْتَ شِعْرِي، عن أَمِيري، ما الذي غالَه في الحبّ حتى ودَعْه؟ لا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً، إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَهْ قال ابن بري: وقد رُوِيَ البيتان للمذكورين؛ وقال الليث: العرب لا تقول ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تركته ولكن يقولون في الغابر يَدَعُ، وفي الأَمر دَعْه، وفي النهي لا تَدَعْه؛ وأَنشد: أَكْثَرَ نَفْعاً من الذي ودَعُوا يعني تركوا.
وفي حديث ابن عباس: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ على قلوبهم أَي عن تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عنها من وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه وَدْعاً إِذا تركه، وزعمت النحويةُ أَنّ العرب أَماتُوا مصدر يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عنه بتَرْكٍ، والنبي، صلى الله عليه وسلم، أَفصح العرب وقد رويت عنه هذه الكلمة؛ قال ابن الأَثير: وإِنما يُحْمل قولهم على قلة استعماله فهو شاذٌّ في الاستعمال صحيح في القياس، وقد جاء في غير حديث حتى قرئ به قوله تعالى: ما وَدَعَك ربك وما قَلى، بالتخفيف؛ وأَنشد ابن بري لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ: سَلْ أَمِيري: ما الذي غَيَّرَه عن وِصالي، اليوَْمَ، حتى وَدَعَه؟ وأَنشد لآخر: فَسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه، ثم لَمْ يُدْركْ، ولا عَجْزاً وَدَعْ وقالوا: لم يُدَعْ ولم يُذَرْ شاذٌّ، والأَعرف لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ، وهو القياس.
والوَداعُ، بالفتح: التَّرْكُ.
وقد ودَّعَه ووَادَعَه ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ له من ذلك؛ قال: فهاجَ جَوًى في القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى، بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ وقيل في قول ابن مُفَرِّغٍ: دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ أي اتْرُكِيني بعضَ الترْك.
وقال ابن هانئ في المرريه (* قوله« في المرريه» كذا بالأصل ) الذي يَتَصَنَّعُ في الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه على ثِقةٍ: دَعْني من هِنْدَ فلا جَدِيدَها ودَعَتْ ولا خَلَقَها رَقَعَتْ.
وفي حديث الخَرْصِ: إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثلث، فإِن لم تَدَعُوا الثلث فدَعوا الرُّبعَ؛ قال الخطابي: ذهب بعض أَهل العلم إِلى أَنه يُتْرَكُ لهم من عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عليهم لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ منهم مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بهم، فإِنه يكون منها الساقِطةُ والهالِكةُ وما يأْكله الطير والناس، وكان عمر، رضي الله عنه، يأْمر الخُرّاصَ بذلك.
وقال بعض العلماء: لا يُترك لهم شيءٌ شائِعٌ في جملة النخل بل يُفْرَدُ لهم نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قد عُلِمَ مِقْدارُ ثمرها بالخَرْصِ، وقيل: معناه أَنهم إِذا لم يرضوا بِخَرْصِكُم فدَعوا لهم الثلث أَو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقّه ويتركوا الباقي إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه، لا أَنه يترك لهم بلا عوض ولا اخراج؛ ومنه الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبنِ أَي اتْرُكْ منه في الضَّرْع شيئاً يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ ولا تَسْتَقْصِ حَلْبَه.
والوَداعُ: تَوْدِيعُ الناس بعضهم بعضاً في المَسِيرِ.
وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سفراً: تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ، وهم يُوَدِّعُونه إِذا سافر تفاؤُلاً بالدَّعةِ التي يصير إِليها إِذا قَفَلَ.
ويقال ودَعْتُ، بالتخفيف، فَوَوَدَعَ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً، تُضَحّي رُوَيْداً، وتُمْسي زُرَيْقا وهو من قولهم فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ.
وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا: وَدَّعَ بعضهم بعضاً.
والتوْدِيعُ عند الرَّحِيل، والاسم الوَادع، بالفتح. قال شمر: والتوْدِيعُ يكون للحيّ والميت؛ وأَنشد بيت لبيد:فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ، وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ وقال القطامي: قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يا ضُباعا، ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا أَراد ولا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وليكن موقف غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ موقف الوداع يكون لِلفِراقِ ويكون مُنَغَّصاً بما يتلوه من التبارِيحِ والشوْقِ. قال الأَزهريّ: والتوْدِيعُ،وإِن كان أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ، فإِنّ العرب تضعه موضع التحيةِ والسلام لأَنه إِذا خَلَّفَ دعا لهم بالسلامة والبقاء ودَعوْا بمثْلِ ذلك؛ أَلا ترى أَن لبيداً قال في أخيه وقد مات: فَوَدِّعْ بالسلام أَبا حُرَيْزٍ أَراد الدعاء له بالسلام بعد موته، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودَّعَه تَوْدِيعَ الحيّ إِذا سافر، وجائز أَن يكون التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه في الخفْضِ والدَّعةِ.
وفي نوادر الأَعراب: تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ. قال الأَزهري: فمعنى تُوُدِّعَ منهم أَي سُلِّمَ عليهم للتوديع؛ وأَنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته: قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ قال: تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرَّعْي. يقال: سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عليها وصَقَلَها، وكذلك صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ من ضُمْرِه ما يبلغ الصَّيْقَلُ من السيف، وهذا مثل؛ وروى شمر عن محارب: ودَّعْتُ فلاناً من وادِع السلام.
ووَدَّعْتُ فلاناً أَي هَجَرْتُه.
والوَداعُ: القِلى.
والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ: شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ.
والوَدِيعُ: العَهْدُ.
وفي حديث طَهْفةَ: قال عليه السلام: لكم يا بني نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ المال؛ ودائِعُ الشرْكِ أَي العُهودُ والمَواثِيقُ، يقال: أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً. قال ابن الأَثير: وقيل يحتمل أَن يريدوا بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أَمْوالِ الكفار الذين لم يدخلوا في الإِسلام، أَراد إِحْلالَها لهم لأَنها مال كافر قُدِرَ عليه من غير عَهْدٍ ولا شرْطٍ، ويدل عليه قوله في الحديث: ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ.
وفي الحديث: أَنه وادَعَ بَني فلان أَي صالَحَهم وسالَمَهم على ترك الحرب والأَذى، وحقيقة المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كل واحد منهما ما هو فيه؛ ومنه الحديث: وكان كعب القُرَظِيُّ مُوادِعاً لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث الطعام: غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ،لا مُسْتَغْنًى عنه رَبّنا أَي غير مَتْرُوكِ الطاعةِ، وقيل: هو من الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ.
وتَوادَعَ القوم: أَعْطى بعضُهم بعضاً عَهْداً، وكله من المصالحة؛ حكاه الهرويّ في الغريبين.
وقال الأَزهري: تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كل منهم الآخرِينَ عهداً أَن لا يَغْزُوَهُم؛ تقول: وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً، وهي الهُدْنةُ والمُوادعةُ.
وناقة مُوَدَّعةٌ: لا تُرْكَب ولا تُحْلَب.
وتَوْدِيعُ الفَحلِ: اقْتِناؤُه للفِحْلةِ.
واسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعَه إِياه: دَفَعَه إِليه ليكون عنده ودِيعةً.
وأَوْدَعَه: قَبِلَ منه الوَدِيعة؛ جاء به الكسائي في باب الأَضداد؛ قال الشاعر: اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ، فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ وقال أَبو حاتم: لا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته، وأَنكره شمر إِلا أَنه حكى عن بعضهم اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بعيراً فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه؛ قال الأَزهري: قاله ابن شميل في كتاب المَنْطِقِ والكسائِيُّ لا يحكي عن العرب شيئاً إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه.
ويقال: أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً؛ وأَنشد: يا ابنَ أَبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ، أَوْدَعْتُكَ اللهَ الذي هُو حَسْبِيَهْ وأَنشد ابن الأَعرابي: حتى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ، ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ، أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا أَشْياءَ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ وأَنشد أَيضاً: إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ، فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجعله ودِيعةً لهذا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ.والوَدِيعةُ:واحدة الوَدائِعِ، وهي ما اسْتُودِعَ.
وقوله تعالى: فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ؛ المُسْتَوْدَعُ ما في الأَرحام، واسْتَعاره علي، رضي الله عنه، للحِكْمة والحُجّة فقال: بهم يَحفظ اللهُ حُجَجَه حتى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها في قُلوبِ أَشباهِهِم؛ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: فمستقِرّ، بكسر القاف، وقرأَ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح وكلهم قال: فَمُسْتَقِرّ في الرحم ومستودع في صلب الأَب، روي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد والضحاك.
وقال الزجاج: فَلَكُم في الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ ولكم في الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ، ومن قرأَ فمستقِرّ، بالكسر، فمعناه فمنكم مُسْتَقِرٌّ في الأَحياء ومنكم مُسْتَوْدَعٌ في الثَّرى.
وقال ابن مسعود في قوله: ويعلم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها أَي مُستَقَرَّها في الأَرحام ومُسْتَوْدَعَها في الأَرض.
وقال قتادة في قوله عز وجل: ودَعْ أَذاهُم وتَوَكَّلْ على الله؛ يقول: اصْبِرْ على أَذاهم.
وقال مجاهد: ودع أَذاهم أَي أَعْرِضْ عنهم؛ وفي شعر العباس يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم: مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ المُسْتَوْدَعُ: المَكانُ الذي تجعل فيه الوديعة، يقال: اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إَيّاها، وأَراد به الموضع الذي كان به آدمُ وحوّاء من الجنة، وقيل: أَراد به الرَّحِمَ.
وطائِرٌ أَوْدَعُ: تحتَ حنَكِه بياض.
والوَدْعُ والوَدَعُ: اليَرْبُوعُ، والأَوْدَع أَيضاً من أَسماء اليربوع.
والوَدْعُ: الغَرَضُ يُرْمَى فيه.
والوَدْعُ: وثَنٌ.
وذاتُ الوَدْعِ: وثَنٌ أَيضاً.
وذات الوَدْعِ: سفينة نوح، عليه السلام، كانت العرب تُقْسِمُ بها فتقول: بِذاتِ الودْع؛ قال عَدِيّ بن زيد العبّادِي: كَلاّ، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ، لَوْ حَدَثَتْ فيكم، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارا يريد سفينةَ نوح، عليه السلام، يَحْلِفُ بها ويعني بالماجِدِ النُّعمانَ بنَ المنذِرِ، والزَّارُ أَراد الزارة بالجزيرة، وكان النعمان مَرِضَ هنالك.
وقال أَبو نصر: ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كان يعلق عليها في سُتُورِها الوَدْعُ؛ ويقال: أَراد بذات الوَدْعِ الأَوْثانَ. أَبو عمرو: الوَدِيعُ المَقْبُرةُ.
والودْعُ، بسكون الدال: جائِرٌ يُحاطُ عليه حائطٌ يَدْفِنُ فيه القومُ موتاهم؛ حكاه ابن الأَعرابي عن المَسْرُوحِيّ؛ وأَنشد:لَعَمْرِي، لقد أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً على ظَهْرِ وَدْعٍ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ وفي الوَدْعِ، لو يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً، غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هو طالِعُهْ قال المسروحيّ: سمعت رجلاً من بني رويبة بن قُصَيْبةَ بن نصر بن سعد بن بكر يقول: أَوْفَى رجل منا على ظهر وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ، وهي حرة لبني سعد بن بكر، قال: فسمعت قائلاً يقول ما أَنْشَدْناه، قال: فخرج ذلك الرجل حتى أَتى قريشاً فأَخبر بها رجلاً من قريش فأَرسل معه بضعة عشر رجلاً، فقال: احْفِرُوه واقرؤوا القرآن عنده واقْلَعُوه، فأَتوه فقلعوا منه فمات ستة منهم أَو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فَزَعاً، فأَخبروا صاحبهم فكَفُّوا عنه، قال: ولم يَعُدْ له بعد ذلك أَحد؛ كلّ ذلك حكاه ابن الأَعرابي عن المسروحيّ، وجمع الوَدْعِ وُدُوعٌ؛ عن المسروحي أَيضاً.
والوَداعُ: وادٍ بمكةَ، وثَنِيّةُ الوَداعِ منسوبة إِليه.
ولما دخل النبي، صلى الله عليه وسلم، مكة يوم الفتح استقبله إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْن: طَلَعَ البَدْرُ علينا من ثَنيّاتِ الوداعِ، وجَبَ الشكْرُ علينا، ما دَعا للهِ داعِ ووَدْعانُ: اسم موضع؛ وأَنشد الليث: ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ ووادِعةُ: قبيلة إِما أَن تكون من هَمْدانَ، وإِمّا أَن تكون هَمْدانُ منها، وموْدُوعٌ: اسم فرس هَرِمِ بن ضَمْضَمٍ المُرّي، وكان هَرِمٌ قُتِلَ في حَرْبِ داحِسٍ؛ وفيه تقول نائحتُه: يا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ، أَنْ لا أَرَى هَرِماً على مَوْدُوعِ

علق (لسان العرب) [0]


عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فيه؛ قال جرير: إِذا عَلِقَتْ مُخَالبُهُ بِقْرْنٍ، أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا وفي الحديث: فَعَلِقَت الأَعراب به أَي نَشِبوا وتعلقوا، وقيل طَفِقُوا؛ وقال أَبو زبيد: إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ، رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا وهو عالِقٌ به أَي نَشِبٌ فيه.
وقال اللحياني: العَلَقُ النُّشوب في الشيء يكون في جبل أَو أَرض أَو ما أَشبهها.
وأَعْلَقَ الحابلُ: عَلِق الصيدُ في حِبَالته أَي نَشِب.
ويقال للصائد: أَعْلَقْتَ فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ في حِبالتك.
وقال اللحياني: الإِعْلاقُ وقوع الصيد في الحبل. يقال: نَصَب له فأَعْلقه.
وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ به عَلاقَةً وعُلوقاً: لزمه.
وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فهي عَلِقةٌ وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: . . . أكمل المادة لَهِجَتْ به؛ قال: فقلت لها، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هواها المُضَلَّلُ ويقال للأَمر إِذا وقع وثبت عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ وهو كما يقال: جفَّ القلم فلا تَتَعَنَّ؛ قال ابن سيده: وفي المثل: عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْْدب يضرب هذا للشيء تأْخذه فلا تريد أَن يُفْلِِتَكَ.
وقالوا: عَلِقَتْ مَراسِبها بذي رَمْرامِ، وبذي الرَّمْرَام؛ وذلك حين اطمأَنت الإبل وقَرَّت عيونها بالمرتع، يضرب هذا لمن اطمأَنَّ وقَرَّتْ عينه بعيشه، وأَصله أَنَّ رجلاً انتهى إِلى بئر فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثم صار إِلى صاحب البئر فادَّعَى جِوارَه، فقال له: وما سبب ذلك؟ قال: عَلَّقْت رِشائي برِشائكَ، فأَبى صاحب البئر وأَمره أَن يرتحل؛ فقال: عَلُِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب أَي جاءَ الحرُّ ولا يمكنني الرحيل.
ويقال للشيخ: قد عَلِقَ الكِبَرُ مَعَالقَهُ؛ جمع مِعْلَقٍ، وفي الحديث: فَعَلِقتْ منه كلَّ معْلق أَي أَحبها وشُغِفَ بها. يقال: عَلِقَ بقليه عَلاقةً، بالفتح.
وكلُّ شيءٍ وقع مَوْقِعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الهوى والحُبُّ اللازم للقلب.
وقد عَلِقَها، بالكسر، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بها عُلوقاً وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بها وعُلِّقَها وعُلِّق بها تَعْلِيقاً: أَحبها، وهو مُعَلِّقُ القلب بها؛ قال الأَعشى: عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً غَيْري ، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ وقول أَبي ذؤَيب: تَعَلَّقَهُ منها دَلالٌ ومُقْلَةٌ، تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها أَراد تَعَلَّقَ منها دَلالاً ومُقْلةً فقلب.
وقال اللحياني: العَلَقُ الهوى يكون للرجل في المرأَة.
وإنه لذو عَلَقٍ في فلانة: كذا عدَّاه بفي.
وقالوا في المثل: نَظْرةٌ من ذي عَلَقٍ أَي من ذي حُبّ قد عَلِقَ بمن هويه؛ قال كثيِّر: ولقد أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ ، فعاقَني عَلَقٌ بقَلْبي ، من هَواكِ، قديمُ وعَلِقَ حبُّها بقلبه: هَوِيَها.
وقال اللحياني عن الكسائي: لها في قلبي عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قالك ولم يعرف الأَصمعي عِلْق حب ولا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عرف عَلاقَةَ حُب، بالفتح، وعَلَق حبٍّ، بفتح العين واللام، والعَلاقَةُ، بالفتح؛ قال المرار الأَسدي: أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ ، بعدما أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟ واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه.
ويقال: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها، وعَلِقَتْ هي بقلبي: تشبثت به؛ قال ذو الرمة: لقد عَلِقَتْ مَيٌّ بقلبي عَلاقةً، بَذطِيئاً على مَرِّ الليالي انْحِلالُها ورجل علاقِيَةٌ، مثل ثمانية، إِذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأَعْلَقَ أَظفارَه في الشيء: أَنشَبها.
وعَلَّقَ الشيءَ بالشيء ومنه وعليه تَعْليقاً: ناطَهُ.
والعِلاقةُ: ما عَلَّقْتَه به.
وتَعَلَّقَ الشيءَ: عَلقَهُ من نفسه؛ قال: تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً، ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاءٍ وجَامِلِ وقيل: تَعَلَّق هنا لزمه، والصحيح الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق به بمعنى.
ويقال: تَعَلَّقْتَهُ بمعنى عَلَّقْتُهُ؛ ومنه قول عبيد الله بن زياد لأَبي الأَسود: لو تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لئلا تصيبك عين.
وفي الحديث: من تَعَلَّق شيئاً وكِلَ إِليه أَي من عَلَّقَ على نفسه شيئاً من التعاويذ والتَّمائم وأَشباهها معتقداً أَنها تَجْلُب إِليه نفعاً أَو تدفع عنه ضرّاً.
وفي الحديث أَنه قال: أَدُّوا العَلائِقَ، قالوا: يا رسول الله، وما العَلائِقُ؟ وفي رواية في قوله تعالى: وأَنكحوا الأَيامَى منكم والصالحين، قيل: يا رسول الله فما العَلائِقُ بينهم؟ قال: ما تَرَاضَى عليه أَهْلُوهُم؛ العَلائِقُ: المُهُور، الواحدة عَلاقَةٌ، قال وكلُّ ما يُتَبَلَّغُ به من العيش فهو عُلْقةٌ؛ قال ابن بري في هذا المكان: والعِلْقةُ، بالكسر، الشَّوْذَرُ؛ قال الشاعر: وما هي إِلاَّ في إزارٍ وعِلْقَةٍ، مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ على حَيٍّ خثعما وقد تقدم الاستشهاد به.
ويقال: لم تبق لي عنده عُلْقةٌ أَي شيءٌ.
والعَلاقةُ: ما يُتبلغ به من عيش.
والعُلْقةُ والعَلاقُ: ما فيه بُلْغة من الطعام إِلى وقت الغذاء.
وقال اللحياني: ما يأْكل فلان إِلا عُلْقَةً أَي ما يمسك نفسه من الطعام.
وفي الحديث: وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ أَي تكتفي بالبُلْغةِ من الطعام.
وفي حديث الإفك: وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ من الطعام. قال الأَزهري: والعُلْقةُ من الطعام والمركبِ ما يُتَبَلَّغُ به وإِن لم يكن تامّاً، ومنه قولهم: ارْضَ من المَرْكب بالتَّعْلِيقِ؛ يضرب مثلاً للرجل يُؤْمَرُ بأَن يقنع ببعض حاجته دون تمامها كالراكب عَلِيقةً من الإِبل ساعة بعد ساعة؛ ويقال: هذا الكلام لنا فيه عُلْقةٌ أي بلغة، وعندهم عُلْقةٌ من متاعهم أَي بقية.
وعَلَقَ عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثرما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت عَلاقاً ولا عَلوقاً.
وما في الأَرض عَلاقٌ ولا لَماقٌ أَي ما فيها ما يتبلغ به من عيش، ويقال: ما فيها مَرْتَع؛ قال الأَعشى: وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ، ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ الرجيع: الجِرَّةُ؛ يقول لا تجد الإِبل فيها عَلاقاً إِلا ما تردُّه من جِرَّتها.
وفي المثل: ليس المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يريد ليس مَنْ عَيشُه قليل يَتَعَلَّق به كمن عيشه كثير يختار منه، وقيل: معناه ليس من يَتَبَلَّغ بالشيء اليسير كمن يتأَنَّق يأْكل ما يشاء.
وما بالناقة عَلُوق أَي شيء من اللبن.
وما ترك الحالب بالناقة عَلاقاً إِذا لم يَدَعْ في ضرعها شيئاً.
والبَهْمُ تَعْلُق من الوَرَق: تصيب، وكذلك الطير من الثمر.
وفي الحديث: أَرواح الشهداء في حواصل طير خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثمار الجنة؛ قال الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يقال: عَلَقَتْ تَعْلُق عُلوقاً؛ وأَنشد للكميت يصف ناقته: أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة، إِنْ تَدْنُ من فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق يقول: كأَن قُتُودي فوق بقرة وحشية؛ قال ابن الأَثير: هو في الأَصل للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فنقل إِلى الطير، وروءاه الفراء عن الدبيريين تَعْلَق من ثمار الجنة.
وقال اللحياني: العَلْق أَكل البهائم ورق الشجر، عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً.
والصبي يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه.
والعَلوقُ: ما تَعْلُقه الإِبل أَي ترعاه، وقيل هو نبت؛ قال الأَعشى: هو الوَاهِبُ المائة المُصْطَفا ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ حين لاط بهن الاحمرار من السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق الولد في بطنها، وأَراد بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ.
وقال أَبو الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت أَلوانها واحْمَرَّت، فكانت أَنْفَسَ لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى: بأَجْوَدَ منه بِأْدْمِ الرِّكا بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا قال: وذلك أَن الإِبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهبُ أَحمر؛ وأَما عَجُُزُ البيت الذي صدره: هو الواهبُ المائة المُصْطَفا ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ حين لاط بهن الاحمرار من السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق الولد في بطنها، وأَراد بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ.
وقال أَبو الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل لأَن الإبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت أَلوانها واحْمَرَّت، فكانت أَنْفَسَ لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى: بأَجْوَدَ منه بِأُدْمِ الرِّكا بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا قال: وذلك أَن الإبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهب أَحمرَ؛ وأَما عَجُزُ البيت الذي صدره: هو الواهِبُ المائة المُصْطَفا ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا فإِنه: إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا والعَلْقَى: شجر تدوم خضرته في القَيْظ ولها أَفنان طوالِ دقاق وورق لِطاف، بعضهم يجعل أَلفها للتأنيث، وبعضهم يجعلها للإلحاق وتنون؛ قال الجوهري: عَلْقَى نبت، وقال سيبويه: تكون واحدة وجمعاً؛ قال العجاج يصف ثوراً: فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكورِ، بين تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ وفي المحكم: يَسْتَنُّ في عَلْقَى وفي مُكورِ وقال: ولم ينونه رؤبة، واحدته عَلْقاة، قال ابن جني: الأَلف في عَلْقاة ليست للتأْنيث لمجيء هاء التأْنيث بعدها، وإِِنما هي للإِلحاق ببناء جعفر وسلهب، فإِذا حذفوا الهاء من عَلْقاة قالوا عَلْقَى غير منون، لأَنها لو كانت للإِلحاق لنونت كما تنون أَرْطًى، أَلا ترى أَن مَنْ أَلحق الهاء في عَلْقاةٍ اعتقد فيها أَن الأَلف للإلحاق ولغير التأْنيث؟ فإِذا نزع الهاء صار إِلى لغة من اعتقد أَن الأَلف للتأْنيث فلم ينوِّنها كما لم ينونها، ووافقهم بعد نزعِهِ الهاءَ من عَلْقاة على ما يذهبون إِليه من أَن أَلف عَلْقَى للتأْنيث.
وبعير عَالِقٌ: يرعى العَلْقَى.
والعالِقُ أَيضاً: الذي يَعْلُقُ العِضاه أَي ينتِف منها، سمي عالقاً لأَنه يَعْلُق العضاه لطولها.
وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بالضم، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رعتها من أَعلاها وتناولتها بأَفواهها، وهي إِبل عَوالق.
ورجل ذو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بكل شيء أَصابه؛ قال: أَخاف أَن يَعْلَقَها ذو مَعْلَقَهْ وجاء بعُلَقَ فُلَقَ أَي الداهية، وقد أَعْلَقَ وأَفْلَقَ.
وعُلَقُ فُلَقُ: لا ينصرف؛ حكاه أَبو عبيد عن الكسائي.
ويقال للرجل: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ أَي جئت بعُلَقَ فُلَقَ، وهي الداهية، لا يجري مجرى عمر.
ويقال: العُلَقُ الجمع الكثير.
والعَوْلَقُ: الغُول، وقيل: الكلبة الحريصة، قال: وكلبة عَوْلَقٌ حريصة؛ قال الطرماح: عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ، ساوَرَتْ فيه سُؤورَ المُسامِي وقولهم: هذا حديث طويل العَوْلَقِ أَي طول الذَّنَب.
وقال كراع: إِنه لطول العَوْلَقِ أَي الذنب، فلم يَخصَّ به حديثاً ولا غيره.
والعَليقةُ: البعير أَو الناقة يوجهه الرجل مع القوم إِذا خرجوا مُمْتارين ويدفع إِليهم دراهم يمتارون له عليها؛ قال الراجز: أَرسلها عَلِيقةً، وقد عَلِمْ أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ يعني أَنهم يُودِعُون ركابهم ويركبونها ويزيدون في حملها.
ويقال: عَلَّقْتُ مع فلان عَلِيقةً، وأَرسلت معه عليقَةً، وقد عَلَّقها معه أَرسلها؛ وقال الراجز: إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ، فيها شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ وقيل: يقال للدابة عَلوق.
وقال ابن الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ البعير يضمه الرجل إِلى القوم يمتارون له معهم؛ قال الشاعر: وقائلةٍ لا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً، ومِنْ لذَّة الدنيا رُكوبُ العَلائِقِ شمر: عَلاقةُ المَهْر ما يَتَعَلَّقون به على المتزوج؛ وقال في قول امرئ القيس: بِأََيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو نَ عَنْ دمِ عَمْروِ، على مَرْثَدِ؟ (* قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأصل.
وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بادخال همزة الإستفهام على عن). قال: العَلاقةُ النَّيْل، وما تعلقوا به عليهم مثلَ عَلاقةِ المهر.
والعِلاقةُ: المِعْلاق الذي يُعَلَّقُ به الإِناء.
والعِلاقةُ، بالكسر: عِلاقةُ السيفِ والسوط، وعِلاقةُ السوط ما في مَقْبِضه من السير، وكذلك عِلاقةُ القَدَحِ والمصحف والقوس وما أَشبه ذلك.
وأَعْلَقَ السوطَ والمصحف والسيف والقدح: جعل لها عِلاقةً، وعَلَّقهُ على الوَتدِ، وعَلَّقَ الشيءَ خلفه كما تُعَلَّق الحقِيبةُ وغيرها من وراء الرَّحل.
وتَعَلَّقَ به وتَعَلَّقَه، على حذف الوَسيط، سواء.
ويقال: لفلان في هذه الدار عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى له عَلاقةٌ.
وعَلِقَ الثوبُ من الشجر عَلَقاً وعُلوقاً: بقي متعلقاً به.
وفي حديث أَبي هريرة: رُئِيَ وعليه إزار فيه عَلَقٌ وقد خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ؛ العَلَقُ: الخرق، وهو أَن يَمُرَّ بشجرة أَو شوكة فتَعْلَقَ بثوبه فتخرقه.
والعَلْقُ: الجذبة في الثوب وغيره، وهو منه.
والعَلَقُ: كل ما عُلِّقَ.
وقال اللحياني (* قوله «وقال اللحياني إلخ» عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني): وهي العَلوق والمَعالِق بغير ياءٍ.
والمِعْلاقُ والمُعْلوق: ما عُلِّقَ من عنب ولحم وغيره، لا نظير له إِلا مُغْْرود لضرب من الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ في مُغْثور ومُزْمور لواحد مزامير داود، عليه السلام؛ عن كراع.
ويقال للمِعْلاق مُعْلوق وهو ما يُعَلَّق عليه الشيء. قال الليث: أَدخلوا على المُعلوقِ الضمة والمدّة كأَنهم أَرادوا حدّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثم أَدخلوا عليه المدة.
وكلُّ شيء عُلِّقَ به شيء، فهو مِعْلاقه.
ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: ما يجعل فيها من كل ما يحْسُن، وفي المحكم: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ يجعل فيها من كل ما يحسن فيه.
والأَعالِيقُ كالمَعالِيقِ، كلاهما: ما عُلِّقَ، ولا واحد للأَعالِيقِ.
وكل شيء عُلِّقَ منه شيء، فهو مِعْلاقه.
ومِعْلاقُ الباب: شء يُعَلَّقُ به ثم يُدْفع المِعْلاقُ فينفتح، وفرق ما بين المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يفتح بالمِفْتاح، والمِعْلاق يُعْلَّقُبه البابُ ثم يُدْفع المِعْلاق من غير مفتاح فينفتح، وقد عَلَّق الباب وأَعلَقه.
ويقال: عَلِّق الباب وأَزْلِجْهُ.
وتَعْلِيق البابِ أَيضاً: نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلِّق يدَه وأَعْلَقها؛ قال: وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ في الذُّرى يَدَيَّ، فلم يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ والمِعْلَقة: بعض أَداة الراعي؛ عن اللحياني.
والعُلَّيْقُ: نبات معروف يتعلَّق بالشجر ويَلْتَوي عليه.
وقال أَبو حنيفة: العُلَّيق شجر من شجر الشوك لا يعظم، وإِذا نَشِب فيه شيء لم يكد يتخلَّص من كثرة شوكه، وشَوكُه حُجَز شداد، قال: ولذلك سمِّي عُلَّيْقاً، قال: وزعموا أَنها الشجرة التي آنَسَ موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فيها النارَ، وأَكثر منابتها الغِياضُ والأَشَبُ.
وعَلِقَ به عَلَقاً وعُلوقاً: تعلق.
والعَلوق: ما يعلق بالإنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلاَّقة. قال ابن سيده: والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال المفضل البكري: وسائلة بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ، وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ يريد ثعلبة بن سَيَّار فغيره للضرورة.
والعُلُق: الدواهي.
والعُلُق: المَنايا.
والعُلُق: الأَشغال أَيضاً.
وما بينهما عَلاقةٌ أَي شيءٌ يتَعَلَّقُ به أَحدُهما على الآخر.
ولي في الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛ فأَما قوله: عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بن لُؤَيٍّ، عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلاَّقَهْ (* قوله «مل أُسامة» هكذا هو بالأصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر قصته). فإِنه عنى الحية لتَعَلّقها لأََنها عَلِقَتْ زِمام ناقته فلدغعته، وقيل: العَلاَّقة، بالتشديد المنية وهي العَلوق أَيضاً.
ويقال: لفلان في هذا الأَمر عَلاقة أَي دعوى ومُتعَلَّق؛ قال الفرزدق: حَمَّلْتُ من جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي، كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ أَي مستقلاً بما يُعَلَّقُ به من الدِّيات.
والعَلَق: الذي تُعَلَّق به البَكَرةُ من القامة؛ قال رؤبة: قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ يقال: أَعرني عَلَقَك، أَي أَدة بَكَرتك، وقيل: العَلَقُ البَكَرة، والجمع أَعْلاق؛ قال: عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ وقيل: العَلَقُ القامةُ، والجمع كالجمع، وقيل: العَلَق أَداة البَكَرة، وقيل: هو البَكَرةُ وأَداتها، يعني الخُطَّاف والرِّشاءَ والدلو، وهي العَلَقةُ.
والعَلَق: الحبل المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: كلاَّ زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ، وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُّ وقيل: العَلَقُ الحبل الذي في أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً: بِئْسَ مَقامُ الشيخ بالكرامهْ، مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ، وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ قال: لما كانت القامةُ مُعَلَّقة في الحبل جعل الزُّقاء له وإِنما الزُّقاء للبَكرة، وقال اللحياني: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور والبَكرة؛ قال: يقولون أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذلك كله، قال الأَصمعي: العَلَق اسم جامع لجميع آلات الاسْتِقاء بالبكرة، ويدخل فيها الخشبتان اللتان تنصبان على رأْس البئر ويُلاقي بين طرفيهما العاليين بحبل، ثم يُوتَدانِ على الأَرض بحبل آخر يُمدّ طرفاه للأَرض، ويُمَدَّان في وَتِدَينِ أُثْبتا في الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وهي البَكَرة في أَعلى الخشبتين ويُسْتَقى عليها بدلوين يَنْزِع بهما ساقيان، ولا يكون العَلَقُ إِلا السَّانَيَة، وجملة الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وحبالها؛ كذلك حفظته عن العرب.
وعَلَقُ القربة: سير تُعَلَّقْ به، وقيل: عَلَقُها ما بقي فيها من الدهن الذي تدهن به.
ويقال: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ القربة، لغة في عَرَق القربة، فأَما عَلَقُ القربة فالذي تشد به ثم تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق من جهدها، وقد تقدم، وإِنما قال كَلِقْتُ إِليك عَلَق القربة لأَن أَشد العمل عندهم السقي.
وفي الحديث: خَطَبَنَا عمر،رضي الله عنه، فقال: أَيها الناس، أَلا لا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لو كان مَكْرُمَةً في الدنيا وتقوى عند الله كان أَوْلاكُم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أَصْدَقَ امرأَةً من نسائه ولا أُصْدِقَت امرأَةٌ من بناته أَكثر من ثنتي عشرة أُوقيّةً، وإِن الرجل ليُغَالي بصَداق امرأَته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوةً حتى يقول قد كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ، وفي النهاية يقول: حتى جَشِمْتُ إِليكِ عَلَقَ القربةِ؛ قال أَبو عبيدة: عَلَقُها عِصَامُها الذي تُعَلَّقُ به، فيقول: تَكَلَّفْت لكِ كل شيء حتى عِصَامَ القربة.
والمُعَلَّقة من النساء: التي فُقِد زَوجُها، قال تعالى: فَتَذَرُوَها كالمُعَلَّقِة، وفي التهذيب: وقال تعالى في المرأَة التي لا يُنْصِفُها زوجها ولم يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها كالمُعَلّقة، فهي لا أَيِّم ولا ذات بَعْل.
وفي حديث أُم زرع: إِن أَنْطق أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ أَي يتركْني كالمعَلَّقة لا مُمْسَكةً ولا مطلقةً.
والعَلِيقُ: القَضِييمُ يُعَلَّق على الدابة، وعَلّقها: عَلَّق عليها.
والعَليقُ: الشراب على المثل. قال الأَزهري: ويقال للشراب عَلِيق؛ وأَنشد لبعض الشعراء وأَظن أَنه لبيد وإِنشاده مصنوع: اسْقِ هذا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ، لا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا والعَلاقة: بالفتح: عَلاقة الخصومة.
وعَلِقَ به عَلَقاً: خاصمه. يقال: لفلان في أَرض بني فلان عَلاقةٌ أَي خصومة.
ورجل مِعلاقٌ وذو مِعْلاق: خصيم شديد الخصومة يتعلَّق بالحجج ويستَدْركها؛ ولهذا قيل في الخصيم الجَدِل:لا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا أَي لا يَدَع حُجة إِلا وقد أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بها.
والمِعْلاق: اللسان البليغ؛ قال مِهَلْهِلٌ: إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً، وخَصِيماً أَلَدَّ ذا مِعْلاقِ ومعْلاق الرجل: لسانه إِذا كان جَدِلاً.
والعَلاقَى، مقصور: الأَلقاب، واحدتها عَلاقِيَة وهي أَيضاً العَلائِقُ، واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ على الناس.
والعَلَقُ: الدم، ما كان وقيل: هو الدم الجامد الغليظ، وقيل: الجامد قبل أَن ييبس، وقيل: هو ما اشتدت حمرته، والقطعة منه عَلَقة.
وفي حديث سَرِيَّةِ بني سُلَيْمٍ: فإِذا الطير ترميهم بالعَلَقِ أَي بقطع الدم، الواحدة عَلَقةٌ.
وفي حديث ابن أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثم مضى في صلاته أَي قطعة دمٍ منعقد.
وفي التنزيل: ثم خلقنا النُّطْفَة عَلَقةً؛ ومنه قيل لهذه الدابة التي تكون في الماء عَلَقةٌ لأَنها حمراء كالدم، وكل دم غليظ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دود أَسود في الماء معروف، الواحدة عَلَقةٌ.
وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ به العَلَقَة.
وقال الجوهري: عَلِقَت الدابةُ إِذا شربت الماءَ فعَلِقَت بها العَلَقة.
وعَلِقَتْ به عَلَقاً: لزمته.
ويقال: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدابة عَلَقاً إِذا عَضّ على موضع العُذّرة من حلقه يشرب الدم، وقد يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم من الإنسان ويُرْسل عليه العَلَقُ حتى يمص دمه.
والعَلَقَةُ: دودة في الماء تمصُّ الدم، والجمع عَلَق.
والإعْلاقُ: إِرسال العَلَق على الموضع ليمص الدم.
وفي الحديث: اللدُود أَحب إِليّ من الإعْلاقِ.
وفي حديث عامر: خيرُ الدواءِ العَلَقُ والحجامة؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة لامتصاصها الدم الغالب على الإِنسان.
والمعلوق من الدواب والناس: الذي أَخَذ العَلَقُ بحلقه عند الشرب.
والعَلوقُ: التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تأْلف الفحل ولا تَرْأَمُ الولد، وكلاهما على الفأْل، وقيل: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها ولا تَدِرُّ، وفي المثل: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛ قال: وبُدِّلْتُ من أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها وقيل: العَلوق التي عُطِفت على ولد غيرها فلم تَدِرَّ عليه؛ وقال اللحياني: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها وتمنع دِرَّتها؛ قال أُفْنُون التغلبي:أَمْ كيف يَنْفَعُ ما تأْتي العَلوقُ بِهِ رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا ما ضُنَّ باللَّبَنِ وأَنشد ابن السكيت للنابغة الجعدي: وما نَحَني كمِنَاح العَلُو قِ، ما تَرَ من غِرّةٍ تَضْرِبِ قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري تضربُ، برفع الباء، وصوابه بالخفض لأَنه جواب الشرط؛ وقبله: وكان الخليلُ، إِذا رَابَني فعاتَبْتُه، ثم لم يُعْتِبِ يقول: أَعطاني من نفسه غير ما في قلبه كالناقة التي تُظْهر بشمِّها الرأْم والعطف ولم تَرْأَمه.
والمَعَالق من الإِبل: كالعَلُوق.
ويقال: عَلَّق فلان راحلته إِذا فسخ خِطَامها عن خَطْمِها وأَلقاه عن غاربها ليَهْنِئَها.
والعِلْق: المال الكريم. يقال: عِلْقُ خير، وقد قالوا عِلْق شرٍّ، والجمع أَعْلاق.
ويقال: فلان عِلْقُ علمٍ وتِبْعُ علمٍ وطلْب علمٍ.
ويقال: هذا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ به، وجمعه أَعْلاق.
ويقال: عِرْق مَضِنَّةٍ، بالراء، وقد تقدم.
وقال اللحياني: العِلْقُ الثوب الكريم أَو التُّرْس أَو السيف، قال: وكذا الشيءُ الواحد الكريم من غير الروحانيين، ويقال له العَلوق.
والعِلْق، بالكسر: النفيس من كل شيءٍ.
وفي حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلاقَنا أَي نفائس أَموالنا، الواحد عِلْق، بالكسر،سمي به لتَعَلُّقِ القلب به.
والعِلْقُ أَيضاً: الخمر لنفاستها، وقيل: هي القديمة منها؛ قال: إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ أُرِيدَ به قَيْلٌ، فَغُودِرَ في سَابِ أَراد سأْباً فخفف وأَبدل، وهو الزِّقّ أَو الدَّنّ.
والعَلَق في الثوب: ما عَلِق به.
وأَصاب ثوبي عَلْقٌ، بالفتح، وهو ما عَلِِقَهُ فجذبه.
والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثوب النفيس يكون للرجل.
والعِلْقةُ: قميص بلا كمين، وقيل: هو ثوب صغير يتخذ للصبي، وقيل: هو أَول ثوب يلبسه المولود؛ قال: وما هي إِلاَّ في إِزارٍ وعِلْقةٍ، مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ على حَيّ خَثْعَما ويقال: ما عليه عِلْقة، إِذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، ويقال: العِلْقة للصُّدْرة تلبسها الجارية تبتذل بها؛ قال امرؤ القيس: بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو ن عن دمِ عَمْروٍ على مَرْثَدِ؟ (* راجع الملاحظة المثبتة سابقاً في هذه المادة).
وقد تقدم الاستشهاد به في المهر؛ قال أَبو نصر: أَراد أَيَّ عَلاقتنا ثم أَقحم الباء، والعَلاقة: التباعد؛ فأَراد أَيَّ ذلك تكرهون، أَتأْبون دم عمرو على مرثد ولا ترضون به؟ قال: والعَلاقةُ ما كان من متاع أَو مال أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق للنفيس من المال، وقيل: كان مرثد قتل عمراً فدفعوا مرثداً ليُقْتل به فلم يرضوا، وأَرادوا أَكثر من رجل برجل، فقال: بأَيِّ ضعف وعجز رأَيتم منا إِذ طمعتم في أ َكثر من دم بدم؟ والعُلْقة: نبات لا يَلْبَثُ.
والعُلْقةُ: شجر يبقى في الشتاء تَتَبَلَّغُ به الإِبل حتى تُدْرك الربيع.
وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً، وتَعَلَّقت: أَكلت من عُلْقةِ الشجر.
والعَلَقُ: ما تتبلغ به الماشية من الشجر، وكذلك العُلْقةُ، بالضم.
وقال اللحياني: العَلائِقُ البضائع.
وعَلِقَ فلانٌ يفعل كذا، ظَلَّ، كقولك طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الراجز: عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ، إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُّ أَي طَفِقَ يرِدهُ، ويقال: أَحبه واعتاده.
وفي الحديث: فَعَلِقُوا وجهه ضرباً أَي طفقوا وجعلوا يضربونه.
والإِعْلاقُ: رفع اللَّهاةِ.
وفي الحديث: أَن امرأَة جاءت بابن لها إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد أَعْلَقَتْ عنه من العُذْرةِ فقال: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بهذه العُلُق؟ عليكم بكذا، وفي حديث: بهذا الإِعْلاق، وفي حديث أُم قيس: دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم، بابنٍ لي وقد أَعلقتُ عليه؛ الإِعْلاقُ: معالجة عُذْرةِ الصبي، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أُمه بأُصبعها هي أَو غيرها. يقال: أَعْلَقَتْ عليه أُمُّه إِذا فعلت ذلك وغَمَزت ذلك الموضع بأُصبعها ودفعته. أَبو العباس: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حلق الصبي المَعْذور وكذلك دَغَر، وحقيقة أَعْلقتُ عنه أَزلتُ العَلُوقَ وهي الداهية. قال الخطابي: المحدثون يقولون أَعْلَقَت عليه وإِنما هو أَعْلَقَتْ عنه أَي دفَعت عنه، ومعنى أَعْلَقَتْعليه أَوْرَدَتْ عليه العَلُوقَ أَي ما عذبته به من دَغْرها؛ ومنه قولهم: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يدي في حلقي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ في بعض الروايات العِلاق، وإِما المعروف الإِعْلاق، وهو مصدر أَعْلَقَتُ، فإِن كان العِلاقُ الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فجمع عَلُوق، والإعْلاق: الدَّغْر.
والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كانت صغيرة، ثم الجَنْبة أَكبر منها تعمل من جَنْب الناقة، ثم الحَوْأَبة أَكبرهن.
والمِعْلَقُ: قدح يعلقه الراكب معه، وجمعه مَعَالق.
والمَعَالقُ: العِلاب الصغار، واحدها مِعْلَق؛ قال الفرزدق: وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا، إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ والمِعْلَقة: متاع الراعي؛ عن اللحياني، أَو قال: بعض متاع الراعي.
وعَلَقَه بلسانه: لَحاهُ كَسَلَقَةُ؛ عن اللحياني.
ويقال سَلَقَه بلسانه وعَلَقَه إِذا تناوله؛ وهو معنى قول الأَعشى: نهارُ شَرَاحِيلَ بن قَيْسَ يَرِيبنُي، ولَيْل أَبي عيس أَمَرُّ وأَعَلق ومَعَاليق: ضرب من النخل معروف؛ قال يذكر نخلاً: لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ من الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ والعُلاَّقُ: شجر أَو نبت.
وبنو عَلْقَةَ: رهط الصِّمَّةِ، ومنهم العَلَقاتُ، جمعوه على حد الهُبَيْراتِ.
وعَلَقَةُ: اسم.
وذو عَلاقٍ: جبل.
وذو عَلَقٍ: اسم جبل؛ عن أَبي عبيدة؛ وأَنشد ابن أَحمر: ما أُمُّ غُفْرٍ على دَعْجاء ذي عَلَقٍ، يَنْفِي القَراميدَ عنها الأَعْصَمُ الوَقُِلُ وفي حديث حليمة: ركبت أَتاناً لي فخرجت أَمام الرَّكْبِ حتى ما يَعْلَقُ بها أَحد منهم أَي ما يتصل بها ويلحقها.
وفي حديث ابن مسعود: إنَّ امرَأً بمكة كان يسلم تسليمتين فقال: أَنَّى عَلِقَها فإِن رسول الله، صلى عليه وسلم، كان يفعلها؟ أَي من أَين تعلَّمها وممن أَخذها؟ وفي حديث المِقْدام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن الرجل من أَهل الكتاب يتزوج المرأَة وما يَعْلَقُ على يديها الخير وما يرغب واحد عن صاحبه حتى يموتا هَرَماً؛ قال الحربي: يقول من صغرها وقلَّةِ رِفْقها فيصبر عليها حتى يموتا هَرَماً، والمراد حثُّ أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن أَي أَن أَهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم.
وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ.
وعَلِقَ الظَّبْيُ في الحبالة.
والعُلَّيْقُ، مثال القُبَّيْط: نبت يتعلق بالشجر يقال له بالفارسية «سَبرَنْد » (* قوله «سبرند» كذا بالأصل، والذي في الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند).
وربما قالوا العُلَّيْقَى مثال القُبَّيْطَى.
وفي التهذيب في هذه الترجمة: روي عن عليّ، رضي الله عنه، أَنه قال: لنا حق إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لم نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل؛ قال الأَزهري: معنى قوله نركب أَعجاز الإِبل أَي نرضى من المركب بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن من الظهر رضي بعَجُزِ البعير، وهو التَّعْليق، والأَولى بهذا أَن يذكر في ترجمة عجز، وقد تقدم.

عذر (لسان العرب) [0]


العُذْر: الحجة التي يُعْتَذر بها؛ والجمع أَعذارٌ. يقال: اعْتَذَر فلان اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرِة من دِيْنهِ فعَذَرْته، وعذَرَ يَعْذُرِهُ فيما صنع عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرِة، والاسم المعِذَرة (* قوله: «والاسم المعذرة» مثلث الذال كما في القاموس).
ولي في هذا الأَمر عُذْرٌ وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ من الذنب؛ قال الجَمُوح الظفري: قالت أُمامةٌ لما جِئْتُ زائَرها: هلاَّ رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟ لله دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ، لولا حُدِدْتُ، ولا عُذْرَى لِمَحْدودِ قال ابن بري: أَورد الجوهري نصف هذا البيت: إِني حُدِدْتُ، قال وصواب إِنشاده: لولا؛ قال: والأَسْهُم السُّود قيل كناية عن الأَسْطر المكتوبة، أَي هلاَّ كتبْتَ لي كتاباً، وقيل: أَرادت بالأَسْهُم . . . أكمل المادة السودِ نَظَرَ مُقْلَتيه، فقال: قد رَمَيتُهم لولا حُدِدْتُ أَي مُنِعت.
ويقال: هذا الشعر لراشد بن عبد ربه وكان اسمه عاوِياً، فسماه النبي، صلى الله عليه وسلم، راشداً؛ وقوله: لولا حددت هو على إِرادة أَن تقديره لولا أَن حُدِدْتُ لأَنَّ لولا التي معناها امتناعُ الشيء لوجود غيره هي مخصوصة بالأَسماء، وقد تقع بعدها الأَفعال على تقدير أَن، كقول الآخر: أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لا أُحِبُّها، فقلتُ: بَلى، لولا يُنازِعُني شَغْلي ومثله كثير؛ وشاهدُ العِذْرةِ مثل الرِّكبةِ والجِلْسةِ قولُ النابغة: ها إِنّ تا عِذْرة إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ، فإِن صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ (* في ديوان النابغة: ها إِنّ عِذْرةٌ إِلاَّ تكن تفعت * فإِنَّ صاحبها مشاركُ النَّكَد).
وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قال الأَخطل: فبن تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ، فقد أَعْذَرَتْنا في طِلابكمُ العُذْر وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عن اللحياني.
والعرب تقول: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كان منه ما يُعْذَرُ به، والصحيح أَن العُذْرَ الاسم، والإِعْذار المصدر، وفي المثل: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ ويكون أَعْذَرَ بمعنى اعْتَذَر اعتذاراً يُعْذَرُ به وصار ذا عُذْرٍ منه؛ ومنه قول لبيد يخاطب بنتيه ويقول: إِذا متُّ فنُوحاً وابْكِيا عليّ حَوْلاً: فقُوما فقُولا بالذي قد عَلِمُتُما، ولا تَخْمِشَا وَجْهاً ولا تَحْلِقا الشَّعَرْ وقولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَه أَضاعَ، ولا خان الصديقَ، ولا غَدَرْ إِلى الحولِ، ثم اسمُ السلامِ عليكما، ومَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعْتَذَرْ أَي أَتى بُعذْر، فجعل الاعْتِذارَ بمعنى الإِعْذارِ، والمُعْتَذِرُ يكون مُحِقّاً ويكون غير مُحِقٍّ؛ قال الفراء: اعْتَذَرَ الرجل إِذا أَتى بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا لم يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد: ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر أَي أَتى بعُذْرٍ.
وقال الله تعالى: يَعْتَذِرون إِليكم إِذا رجعتُم إِليهم، قل لا تَعْتَذِرُوا لن نُؤْمِنَ لكم قد نَبّأَنا الله من أَخباركم؛ قل لا تَعْتَذِرُوا يعني أَنه لا عُذْرَ لهم، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها الكذبُ.
واعتذرَ رجلٌ إِلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عَذَرْتُكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ؛ يقول: عَذَرْتُك دون أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يكون مُحِقّاً وغير محق؛ والمُعَذِّر أَيضاً: كذلك.
واعْتَذَرَ منْ ذنبه وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قال أَبو ذؤيب: فإِنك منها والتعَذّر بعدما لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها وتعذّر: اعْتَذَرَ واحتجَّ لنفسه؛ قال الشاعر: كأَنّ يَدَيْها، حين يُفْلَقُ ضَفْرُها، يدا نَصَفٍ غَيْرِي تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ وعَذَّرَ في الأَمر: قَصَّر بعد جُهْد.
والتَّعْذِيرُ في الأَمر: التقصيرُ فيه.
وأَعْذَرَ: قَصَّر ولم يُبالِغ وهو يُرِي أَنه مُبالِغٌ.
وأَعْذَرَ فيه: بالَغَ.
وفي الحديث: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ العُمْرِ ستّين سنة؛ أَي لم يُبْقِ فيه موضعاً للاعْتِذارِ، حيث أَمْهَلَه طُولَ هذه المدة ولم يَعْتَذِر. يقال: أَعْذَرَ الرجل إِذا بَلَغ أَقْصى الغايةِ في العُذْر.
وفي حديث المِقْداد: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِليك أَي عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عنك الجهاد ورَخّصَ لك في تركه لأَنه كان قد تَناهَى في السِّمَنِ وعَجَزَ عن القتال.
وفي حديث ابن عمر: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مما عنده ولا يَرْفَعْ يده وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذلك يُخَجَّلُ جَلِيسَه؛ الإِعْذارُ: المبالغة في الأَمر، أَي ليُبالِغْ في الأَكل؛ مثل الحديث الآخر: إِنه كان إِذا أَكَلَ مع قوم كانَ آخرَهم أَكْلاً؛ وقيل: إِنما هو وليُعَذِّرْ من التعذير التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ في الأَكل لِيَتَوفَّرَ على الباقين ولْيُرِ أَنه بالغَ.
وفي الحديث: جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فكنا نُعَذِّرُ؛ أَي نُقَصِّر ونُرِي أَننا مجتهدون.
وعَذّرَ الرجل، فهو مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ ولم يأْت بِعُذرٍ.
وعَذَّرَ: لم يثبت له عُذْرٌ.
وأَعْذَرَ: ثبت له عُذْرٌ.
وقوله عز وجل: وجاء المُعَذِّرُون من الأَعراب لِيُؤْذَنَ لهم، بالتثقيل؛ هم الذين لا عُذْرَ لهم ولكن يتكلَّفُون عُذْراً.
وقرئ: المُعْذِرون بالتخفيف، وهم الذين لهم عُذْرٌ، قرأَها ابن عباس ساكنةَ العين وكان يقول: والله لكذا أُنْزِلَت.
وقال: لَعَنَ الله المُعَذِّرِينَ. قال الأَزهري: ذهب ابن عباس إِلى أَن المُعْذِرينَ الذين لهم العُذْر؛ والمُعَذِّرِينَ، بالتشديد: الذين يَعَتذِرون بلا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الذين لا عذر لهم، فكأَنَّ الأَمرَ عنده أَن المُعَذِّرَ، بالتشديد، هو المُظْهِرُ للعُذْرِ اعتلالاً من غير حقيقة له في العُذْر وهو لا عُذْرَ له، والمُعْذِر الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ الذي ليس بمُحقٍّ على جهة المُفَعِّل لأَنه المُمَرِّض والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بغير عُذْرٍ. قال الأَزهري: وقرأَ يعقوب الحضرمي وحده: وجاء المُعْذِرُون، ساكنة العين، وقرأَ سائرُ قُرّاء الأَمْصارِ: المُعَذِّرُون، بفتح العين وتشديد الذال، قال: فمن قرأَ المُعَذِّرُون فهو في الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التاء في الذال لِقُرْب المَخْرَجين، ومعنى المُعْتَذِرُون الذين يَعْتَذِرُون، كان لهم عُذْرٌ أَو لم يكن، وهو ههنا شبيه بأَنْ يكون لَهم عُذْرٌ، ويجوز في كلام العرب المُعِذِّرُون، بكسر العين، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت التاء وأُبدل منها ذال وأُدغمت في الذال ونُقِلَت حركتها إِلى العين فصار الفتح في العين أَوْلى الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ العين جَرّة لإِلتقاء الساكنين، قال: ولم يُقْرَأْ بهذا، قال ويجوز أَن يكون المُعَذِّرُون الذين يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لهم عُذْراً ولا عُذْرَ لهم. قال أَبو بكر: ففي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كان المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرجل، فهو مُعَذِّر، فهم لا عذر لهم، وإِذا كان المُعَذِّرُون أَصلهم المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التاء على العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت في الذال التي بعدها فلهم عذر؛ قال محمد بن سلام الجُمَحِي: سأَلت يونس عن قوله: وجاء المعذرون، فقلت له: المُعْذِرُون، مخففة، كأَنها أَقْيَسُ لأَن المُعْذِرَ الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّر الذي يَعْتَذِر ولا عُذْر له، فقال يونس: قال أَبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مُسيِئاً جاء قوم فَعذَّرُوا وجَلَّحَ آخرون فقعدوا.
وقال أَبو الهيثم في قوله: وجاء المُعَذِّرُون، قال: معناه المُعْتَذِرُون. يقال: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً في معنى اعتذر، ويجوز عِذَّرَ الرجل يَعِذِّر، فهو مُعِذِّر، واللغة الأُولى أَجودهما. قال: ومثله هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى يَهِدِّي؛ قال الله عز وجل: أَم مَنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى؛ ومثله قراءة من قرأَ يَخُصِّمُون، بفتح الخاء، قال الأَزهري: ويكون المُعَذِّرُون بمعنى المُقَصِّرِينَ على مُفَعِّليِن من التَّعْذير وهو التقصير. يقال: قام فلان قيام تَعْذِيرٍ فيما اسْتَكْفَيْتُه إِذا لم يُبالغْ وقَصَّرَ فيما اعْتُمِدَ عليه.
وفي الحديث: أَن بني إِسرائيل كانوا إِذا عُمِلَ فيهم بالمعاصي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم الله بالعِقاب، وذلك إِذا لم يُبالِغُوا في نَهْيِهم عن المعاصي، وداهَنُوهم ولم يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بالمعاصي حَقَّ الإِنْكارِ، أَي نَهَوْهم نَهْياً قَصَّروا فيه ولم يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ موضع اسم الفاعل حالاً، كقولهم: جاء مَشْياً.
ومنه حديث الدعاء: وتَعاطى ما نَهَيْتُ عنه تَعْذِيراً.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لن يَهْلِكَ الناسُ حتى يُعذِرُوا من أَنفسهم؛ يقال: أَعْذَرَ من نفسه إِذا أَمْكَن منها، يعني أَنهم لا يَهْلِكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهم ويستوجبوا العقوبة ويكون لمن يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قاموا بعُذْرِه في ذلك، ويروى بفتح الياء، من عَذَرْته، وهو بمعناه، وحقيقة عَذَرْت مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وفيه لغتان؛ يقال أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا كثرت عيوبُه وذنوبه وصار ذا عيب وفساد. قال الأَزهري: وكان بعضهم يقول: عَذَر يَعْذِرُ بمعناه، ولم يَعْرفه الأَصمعي؛ ومنه قول الأَخطل: فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ، فقد عَذَرَتْنا في كِلاب وفي كَعَبِ (* هذا البيت مرويّ سابقاً في نفس الكلمة ؛ في صورة تختلف عما هو عليه هنا، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأخطل).
ويروى: أَعْذَرَتْنا أَي جعلت لنا عُذْراً فيما صنعناه؛ وهذا كالحديث الآخر: لن يَهْلِك على الله إِلا هَالِكٌ؛ ومنه قول الناس: مَن يَعْذِرُني من فلان؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ: عِذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَا نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ بَغَى بَعْضٌ على بَعْضِ، فلم يَرْعَوْا على بَعْضِ فقد أَضْحَوْا أَحادِيثَ، بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ يقول: هاتِ عُذْراً فيما فَعَل بعضُهم ببعض من التباعُد والتباغُض والقتل ولم يَرْعَ بعضُهم على بعض، بعدما كانوا حيَّةَ الأَرض التي يَحْذَرُها كلُّ أَحد، فقد صاروا أَحاديثَ للناس يرفعونها ويخفضونها، ومعنى يخفضونها يُسِرّونها، وقيل: معناه هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ ومنه قول علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، وهو ينظر إِلى ابن مُلْجَم: عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ يقال: عَذِيرَك مِن فلان، بالنصب، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بمعنى فاعل، يقال: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، ونصبُه على إِضمار هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ ويقال: ما عندهم عَذِيرةٌ أَي لا يَعْذِرون، وما عندهم غفيرةٌ أَي لا يَغْفِرُون.
والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يقال: مَن عَذِيرِي مِن فلان أَي مَن نَصِيرِي.
وعَذِيرُ الرجل: ما يَرُومُ وما يُحاوِلُ مما يُعْذَرُ عليه إِذا فَعَلَه؛ قال العجاج يخاطب امرأَته: جارِيَ لا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي، سَيْرِي، وإِشْفاقي على بَعِيرِي يريد يا جارية فرخم، ويروى: سَعْيِي، وذلك أَنه عزم على السفر فكانَ يرُمُّ رَحْل ناقته لسفره فقالت له امرأَته: ما هذا الذي ترُمُّ؟ فخاطبها بهذا الشعر، أَي لا تُنْكِري ما أُحاوِلُ.
والعَذِيرُ: الحال؛ وأَنشد: لا تستنكري عذيري وجمعه عُذُرٌ مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خفف فقيل عُذْر؛ وقال حاتم: أَماوِيَّ قد طال التجنُّبُ والهجْرُ، وقد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ أَماوِيَّ إِن المال غادٍ ورائحٌ، ويَبْقَى من المال الأَحاديثُ والذِّكْرُ وقد عَلِمَ الأَقوامُ لو أَن حاتماً أَرادَ ثَراءَ المالِ، كان له وَفْرُ وفي الصحاح: وقد عذرتني في طلابكم عذر قال أَبو زيد: سمعت أَعرابيين تميميّاً وقيسيّاً يقولان: تَعَذَّرْت إِلى الرجل تَعَذُّراً، في معنى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قال الأَحْوَص بن محمد الأَنصاري: طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ، فلم يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ أَي يَعْتَذر؛ يقول: أَنعم عليه نعمة لم يحتج إِلى أَن يَعْتذر منها، ويجوز أَن يكون معنى قوله يَتَعَذَّر أَي يذهب عنها.
وتَعَذَّر: تأَخَّر؛ قال امرؤ القيس: بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ منه، يَمُنّه أَخُو الجَهْدِ، لا يَلْوِي على مَنْ تَعَذَّرا والعَذِيرُ: العاذرُ.
وعَذَرْته من فلان أَي لُمْت فلاناً ولم أَلُمْه؛ وعَذِيرَك إِيَّايَ منه أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، وقال خالد بن جَنْبة: يقال أَما تُعذرني من هذا؟ بمعنى أَما تُنْصِفُني منه. يقال: أَعْذِرْني من هذا أَي أَنْصِفْني منه.
ويقال: لا يُعْذِرُك من هذا الرجل أَحدٌ؛ معناه لا يُلْزِمُه الذنب فيما تضيف إِليه وتشكوه منه؛ ومنه قول الناس: مَنْ يَعْذِرُني من فلان أَي من يقوم بعُذْرِي إِن أَنا جازيته بسُوءِ صنيعه، ولا يُلْزِمُني لوْماً على ما يكون مني إِليه؛ ومنه حديث الإِفك: فاسْتَعْذَرَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، من عبدالله بن أُبَيّ وقال وهو على المنبر: من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال سعد: أَنا أَعْذِرُك منه، أَي من يقوم بعُذري إِن كافأْته على سوء صنيعه فلا يلومُني؟ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، استعذرَ أَبا بكر من عائشة، كان عَتَبَ عليها في شيء فقال لأَبي بكر: أَعْذِرْني منها إِن أَدَّبْتُها؛ أَي قُمْ بعُذْري في ذلك.
وفي حديث أَبي الدرداء: مَنْ يَعْذِرُني من معاوية؟ أَنا أُخْبِرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يخبرني عن نفسه.
ومنه حديث علي: مَنْ يَعْذرني من هؤلاء الضَّياطِرة؟ وأَعْذر فلان من نفسه أَي أَتى من قبَل نفسه. قال: وعَذّر يُعذّر نفسه أَي أَتي من قبل نفسه؛ قال يونس: هي لغة العرب.
وتَعَذَّر عليه الأَمر: لم يستقم.
وتَعَذَّر عليه الأَمر إِذا صعب وتعسر.
وفي الحديث: أَنه كان يتعَذَّر في مرضه؛ أَي يتمنّع ويتعسر.
وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذنوبه وعيوبه.
وفي التنزيل: قالوا مَعْذِرةٌ إِلى ربكم؛ نزلت في قوم من بني إِسرائيلَ وعَظُوا الذين اعتدَوْا في السبت من اليهود، فقالت طائفة منهم: لِمَ تَعِظون قوماً اللهُ مْهْلِكهم؟ فقالوا، يعني الواعظين: مَعْذِرةٌ إِلى ربكم، فالمعنى أَنهم قالوا: الأَمرُ بالمعروف واجبٌ علينا فعلينا موعظةُ هؤلاء ولعلهم يتقون، ويجوز النصب في مَعْذِرة فيكون المعنى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى ربنا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ على مَفْعِلة من عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الاعتذار؛ وقول زهير بن أَبي سلمى: على رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم، فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر قال ابن بري: هذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَنشد: ستمنعكم، وصوابه: فتمنعكم، بالفاء، وهذا الشعر يخاطب به آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان (* قوله: «وهم سليم وغطفان» كذا بالأصل، والمناسب وهوازن بدل وغطفان كما يعلم مما بعد) وسليم هو سليم بن منصور بن عكرمة، وهوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قَيْس عَيْلان، وغطفان هو غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكان بلغ زهيراً أَن هوازن وبني سليم يريدون غَزْوَ غطفان، وفدكَّرهم ما بين غطفان وبينهم من الرَّحِم، وأَنهم يجتمعون في النسب إِلى قيس؛ وقبل البيت:خُذُوا حظَّكم يا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغيب يُذْكَرُ فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى ما نَسُومُكم لَمِثْلانِ، بل أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ معنى قوله على رِسْلِكم أَي على مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قليلاً.
وقوله: سَنُعْدِي وراءكم أَي سنعدي الخيل وراءكم.
وقوله: أَو سنعذر أَي نأْتي بالعُذْر في الذبَّ عنكم ونصنع ما نُعْذَر فيه.
والأَوَاصِرُ: القرابات.
والعِذَارُ من اللجام: ما سال على خد الفرس، وفي التهذيب: وعِذَارُ اللجام ما وقع منه على خَدي الدابة، وقيل: عذَارُ اللجام السَّيْرانِ اللذان يجتمعان عند القَفا، والجمع عُذُرٌ.
وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وقيل: عَذَّره جعل له عِذَاراً؛ وقول أَبي ذؤيب: فإِني إِذا ما خُلّةٌ رَثَّ وصلُها، وجَدَّتْ لصَرْمٍ واستمرّ عِذارُها لم يفسره الأَصمعي، ويجوز أَن يكون من عِذَار اللجام، وأَن يكون من التَعَذُّر الذي هو الامتناع؛ وفرس قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان.
وفي الحديث: الفَقْرُ أَزْيَنُ للمؤمن من عِذَارٍ حسَنٍ على خَدِّ فرس؛ العِذَارانِ من الفرس: كالعارِضَين من وجه الإِنسان، ثم سمي السير الذي يكون عليه من اللجام عِذاراً باسم موضعه.
وعَذَرْت الفرس بالعِذَار أَعْذِره وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه.
والعِذَاران: جانبا اللحية لأَن ذلك موضع العذار من الدابة؛ قال رؤبة: حتى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذا التَّلَهْوُقِ يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي ويَرْتَقي وعِذَارُ الرجل: شعرُه النابت في موضع العِذَار.
والعِذَارُ: استواء شعر الغلام. يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لحيته.
والعِذَارُ: الذي يضُمّ حبلَ الخطام إِلى رأْس البعير والناقة.
وأَعْذَرَ الناقة: جعل لها عِذَاراً.
والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سمي بذلك لأَنه موضع العِذَار من الدابة.
وعَذَّرَ الغلامُ: نبت شعرُ عِذَاره يعني خدّه.
وخَلَعَ العِذَارَ أَي الحياء؛ وهذا مثل للشابّ المُنْهَمِك في غَيِّه، يقال: أَلْقَى عنه جِلْبابَ الحياء كما خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قال الأَصمعي: خلَع فلان مُعَذَّرَه إِذا لم يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد بالمُعَذَّر الرَّسن ذا العِذَارين، ويقال للمنهمك في الغيّ: خلَع عِذَارَه؛ ومنه كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: اسْتَعْمَلْتُك على العراقين فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يقال للرجل إِذا عزم على الأَمر: هو شديد العِذَار، كما يقال في خلافه: فلان خَليع العذار كالفرس الذي لا لجام عليه، فهو يَعِيرُ على وجهه لأَن اللجام يمسكه؛ ومنه قولهم: خَلَعَ عِذارَه أَي خرج عن الطاعة وانهمك في الغي.
والعِذَارُ: سِمةٌ في موضع العِذَار؛ وقال أَبو علي في التذكرة: العِذَارُ سِمةٌ على القفا إِلى الصُّدْغَين.
والأَول أَعرف.
وقال الأَحمر: من السمات العُذْرُ.
وقد عُذِرَ البعير، فهو مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سمة كالعِذار؛ وقول أَبي وجزة السعدي واسمه يزيد بن أَبي عُبَيد يصف أَياماً له مضت وطِيبَها من خير واجتماع على عيش صالح: إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا، وإِذا نَحْنُ في حالٍ من العَيْشِ صالحِ وذو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه، يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ قال الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الكثيرة.
والمُيَسِّر: الذي قد جاء لبنُه.
وذو حَلَقٍ: يعني إِبلاً مِيسَمُها الحَلَقُ: يقال: إِبلٌ محَلَّقة إِذا كان سِمَتُها الحَلَق.
والأَخْطَارُ: جمع خِطْر، وهي الإِبل الكثيرة.
والعَواذِيرُ: جمع عاذُور، وهو أَن يكون بنو الأَب مِيسَمُهم واحداً، فإِذا اقتسموا مالهم قال بعضهم لبعض: أَعْذِرْ عني، فيخُطّ في المِيسَم خطّاً أَو غيره لتعرف بذلك سمة بعضهم من بعض.
ويقال: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي سِمْه بغير سِمَه بعيري لتتعارف إِبلُنا.
والعاذُورُ: سِمَةٌ كالخط، والجمع العَواذِيرُ.
والعُذْرةُ: العلامة.
والعُذْر: العلامة. يقال: أَعْذِر على نصيبك أَي أَعْلِمْ عليه.
والعُذْرةُ: الناصية، وقيل: هي الخُصْلة من الشعر وعُرْفُ الفرس وناصيته، والجمعُ عُذَر؛ وأَنشد لأَبي النجم: مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ وقال طرفة: وهِضَبّات إِذا ابتلّ العُذَرْ وقيل: عُذْر الفرس ما على المِنْسَج من الشعر، وقيل: العُذْرة الشعر الذي على كاهل الفرس.
والعُذَرُ: شعرات من القفا إِلى وسط العنق.
والعِذار من الأَرض: غِلَظٌ يعترض في فضاء واسع، وكذلك هو من الرمل، والجمع عُذْرٌ؛ وأَنشد ثعلب لذي الرمة: ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، عِذارَينِ من جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها أَي حَبْلين مستطيلين من الرمل، ويقال: طريقين؛ هذا يصف ناقة يقول: كم جاوزت هذه الناقة من رملة عاقر لا تنبت شيئاً، ولذلك جعلها عاقراً كالمرأَة العاقر.
والأَلاءُ: شجر ينبت في الرمل وإِنما ينبت في جانبي الرملة، وهما العِذَارانِ اللذان ذكرهما.
وجَرْداء: مُنْجَرِدة من النبت الذي ترعاه الإِبل.
والوَعْثُ: السهل.
وخُصورُها: جوانبها.
والعُذْرُ: جمع عِذار، وهو المستطيل من الأَرض.
وعِذارُ العراق: ما انْفَسَح عن الطَّفِّ.
وعِذارا النصل: شَفْرَتاه.
وعِذارا الحائطِ والوادي: جانباه.
ويقال: اتخذ فلان في كَرْمِهِ عِذاراً من الشجر أَي سِكّة مصطفة.
والعُذْرة: البَظْر؛ قال: تَبْتَلُّ عُذْرتُها في كلّ هاجِرِةٍ، كما تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الجلدة يقطعها الخاتن.
وعَذَرَ الغلامَ والجارية يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما: خَنَنَهما؛ قال الشاعر:في فتْيَةٍ جعلوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ، حَاشايَ، إِنِّي مسلم مَعْذُورُ والأَكثر خَفَضْتُ الجارية؛ وقال الراجز: تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كله: طعام الختان.
وفي الحديث: الوليمة في الإِعْذار حقٌّ؛ الإِعْذار: الختان. يقال: عَذَرته وأَعْذَرته فهو معذور ومُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يُطْعم في الختان إِعْذار.
وفي الحديث: كنا إِعْذارَ عامٍ واحد؛ أَي خُتِنّا في عام واحد، وكانوا يُخْتَنُونِ لِسِنٍّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمسَ عشرة.
وفي الحديث: وُلِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَعْذوراً مَسْروراً؛ أَي مختوناً مقطوع السرة.
وأَعْذَرُوا للقوم: عَمِلوا ذلك الطعام لَهم وأَعَدّوه.
والإِعْذارُ والعِذارُ والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة.
وعَذَّرَ الرجلُ: دعا إِليه. يقال: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان ونحوه. أَبو زيد: ما صُنِع عند الختان الإِعْذار، وقد أَعْذَرْت؛ وأَنشد: كلّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ: الخُرْس والإِعْذار والنَّقِيعَهْ والعِذَار: طعام البِنَاء وأَن يستفيد الرجلُ شيئاً جديداً يتّخذ طعاماً يدعو إِليه إِخوانه.
وقال اللحياني: العُذْرة قُلْفةُ الصبي ولم يَقُل إِن لك اسم لها قبل القطع أَو بعده.
والعُذْرة: البَكارةُ؛ قال ابن الأَثير: العُذْرة ما لِلْبِكْر من الالتحام قبل الافتضاض.
وجارية عَذْراء: بِكْرٌ لم يمسَّها رجل؛ قال ابن الأَعرابي وحده: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، من قولك تَعَذَّرَ عليه الأَمرُ، وجمعها عَذارٍ وعَذارى وعَذْراوات وعَذارِي كما تقدم في صَحارى.
وفي الحديث في صفة الجنة: إِن الرجل لَيُفْضِي في الغَداةِ الواحدة إِلى مائة عَذْراء؛ وفي حديث الاستسقاء: أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها أَي يَدْمَى صدرُها من شدة الجَدْب؛ ومنه حديث النخعي في الرجل يقول إِنه لم يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قال: لا شيء عليه لأَن العُذْرةَ قد تُذْهِبُها الحيضةُ والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس.
وفي حديث جابر: ما لَكَ ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ أَي مُلاعَبتِهنّ؛ ومنه حديث عمر: مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها.
والاعْتذارُ: الاقْتِضاضُ.
ويقال: فلان أَبو عُذْر فلانة إِذا كان افْتَرَعَها واقتضّها، وأَبو عُذْرَتها.
وقولهم: ما أَنت بذي عُذْرِ هذا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ من اقْتضّه. قال اللحياني: للجارية عُذْرتانِ إِحداهما التي تكون بها بكراً والأُخرى فِعْلُها؛ وقال الأَزهري عن اللحياني: لها عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها، وهو موضع الخفض من الجارية، والعُذْرةُ الثانية قضّتُها، سميت عُذْرةً بالعَذْر، وهو القطع، لأَنها إِذا خُفِضت قطعت نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت انقطع خاتمُ عُذْرتِها.
والعاذُورُ: ما يُقْطع من مَخْفِض الجارية. ابن الأَعرابي: وقولهم اعْتَذَرْت إِليه هو قَطْعُ ما في قلبه.
ويقال: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انقطعت.
والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عن حاجته وقطعُه عما أَمْسَك في قلبه.
واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ ومررت بمنزل مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وقال لبيد: شهور الصيف، واعْتَذَرَتْ نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال وتَعَذَرَّ الرسم واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قال أَوس: فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت، فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف وقال ابن ميّادةَ واسمه الرَّمَّاحُ بن أَبرد (* قوله: «ابن أَبرد» هكذا في الأَصل) : ما هاجَ قَلْبك من مَعَارِفِ دِمْنَةٍ، بالبَرْقِ بين أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ لَعِبَتْ بها هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ البَرْق: جمع برقة، وهي حجارة ورملٌ وطين مختلطة.
والأَصالِفُ والفَدافِدُ: الأَماكن الغليظة الصلبة؛ يقول: درست هذه الآثار غير الأَوْرَقِ الهامِد، وهو الرماد؛ وهذه القصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان ابن عبد الملك ويقول فيها: مَنْ كان أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبد الواحدِ سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه، بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ (* قوله: «سبقت أَوائله أواخره» هو هكذا في الأصل والشطر ناقص). نُصِرَ أَي أُمْطِر.
وأَرض منصورة: ممطورة.
والمُشَرَّعُ: شريعة الماء.
ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وكذلك أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ وقال ابن أَحمر الباهلي في الاعتذار بمعنى الدُّرُوس: بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ، لله دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟ هل أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟ أَمْ هل لِقَلْبِك عن أُلاَّفِه وطَرُ؟ أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيات، فقد جَعَلَتْ أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟ ضِعْفُ الشيء: مثلهُ؛ يقول: عِشْت عمرَ رجلين وأَفناه العمر.
وقوله: أَم هل لقلبك أَي هل لقلبك حاجة غير أُلاَّفِه أَي هل له وَطَرٌ غيرهم.
وقوله: أَم كنت تعرف آيات؛ الآيات: العلامات، وأَطْلالُ إِلْفك قد دَرَسَت، وأُخِذ الاعْتِذارُ من الذنب من هذا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي على ذنبه.
والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، من قولهم: اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت.
والمَعاذِرُ: جمع مَعْذِرة.
ومن أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قال الله عز وجل: بل الإِنسانُ على نفسه بَصِيرةٌ ولو أَلْقى مَعاذِيرَه؛ قيل: المعاذير الحُجَجُ، أَي لو جادَلَ عنها ولو أَدْلى بكل حجة يعتذر بها؛ وجاء في التفسير: المَعاذير السُّتور بلغة اليمن، واحدها مِعْذارٌ، أَي ولو أَلقى مَعاذِيرَه.
ويقال: تَعَذَّرُوا عليه أَي فَرُّوا عنه وخذلوه.
وقال أَبو مالك عمرو ابن كِرْكِرَة: يقال ضربوه فأَعْذَروه أَي ضربوه فأَثْقَلُوه.
وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي أُشْرف به على الهلاك.
ويقال: أَعْذَرَ فلان في ظَهْرِ فلان بالسيَاط إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فيه، وشَتَمه فبالغَ فيه حتى أَثَّر به في سبِّه؛ وقال الأَخطل: وقد أَعْذَرْن في وَضَحِ العِجَانِ والعَذْراء: جامِعةٌ توضع في حَلْق الإِنسان لم توضع في عنق أَحد قبله، وقيل: هو شيء من حديد يعذَّب به الإِنسانُ لاستخراج مال أَو لإِقرارٍ بأَمر. قال الأَزهري: والعَذَارى هي الجوامع كالأَغْلال تُجْمَع بها الأَيدي إِلى الأَعناق.
والعَذْراء: الرملة التي لم تُوطَأْ.
ورَمْلة عَذْراء: لم يَرْكَبْها أَحدٌ لارتفاعها.
ودُرَّة عَذْراءُ. لم تُثْقب.
وأَصابعُ العَذارَى: صِنْف من العِنَب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع العَذارى المُخَضَّبَةِ.
والعَذْراء: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ.
والعَذْراءُ: برْجٌ من بروج السماء.
وقال النَّجَّامون: هي السُّنْبُلة، وقيل: هي الجَوْزاء.
وعَذْراء: قرية بالشام معروفة؛ وقيل: هي أَرض بناحية دمشق؛ قال ابن سيده: أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ بمكروه ولا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال الأَخطل: ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ بنَا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بني الشَّجْب والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشتد غَمُّ الحرّ، وهي تطلع بعد الشِّعْرى، ولها وَقْدة ولا رِيحَ لها وتأْخذ بالنفَس، ثم يطلُع سُهَيلٌ بعدها، وقيل: العُذْرة كواكبُ في آخر المَجَرَّة خمسة.
والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ في الحلق؛ ورجل مَعْذورٌ: أَصابَه ذلك؛ قال جرير: غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يا فَرَزْدَقُ كَيْنَها، غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ الكَيْنُ: لحم الفرج.
والعُذْرة: وجع الحلق من الدم، وذلك الموضع أَيضاً يسمى عُذْرة، وهو قريب من اللَّهاةِ.
وعُذِرَ، فهو مَعْذورٌ: هاجَ به وجعُ الحلقِ.
وفي الحديث: أَنه رأَى صبيّاً أُعْلِقَ عليه من العُذْرةِ؛ هو وجع في الحلق يهيجُ من الدم، وقيل: هي قُرْحة تخرج في الحَزْم الذي بين الحلق والأَنف يَعْرِض للصبيان عند طلوع العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فتلاً شديداً، وتُدْخِلُها في أَنْفِه فتطعَن ذلك الموضعَ، فينفجرُ منه دمٌ أَسْودُ ربما أَقْرحَه، وذلك الطعنُ يسمى الدَّغْر. يقال: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه من العُذْرة، إِن فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يُعَلِّقون عليه عِلاقاً كالعُوذة.
وقوله: عند طلوع العُذْرة؛ خي خمسةُ كواكبَ تحت الشِّعْرى العَبُور، وتسمى العَذارى، وتطلع في وسط الحرّ، وقوله: من العُذْرة أَي من أَجْلِها.
والعاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قال ابن أَحمر: أُزاحِمُهم بالباب إِذ يَدْفَعُونَني، وبالظهرِ، مني من قَرَا الباب عاذِرُ تقول منه: أَعْذَرَ به أَي ترك به عاذِراً، والعَذِيرُ مثله. ابن الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وهو الإِبداء:. يقال: قد ظهر عاذِره، وهو دَبُوقاؤه.
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ.
والعاذِرُ والعَذِرةُ: الغائط الذي هو السَّلح.
وفي حديث ابن عمر: أَنه كره السُّلْت الذي يُزْرَعُ بالعَذِرة؛ يريد الغائطَ الذي يلقيه الإِنسان.
والعَذِرةُ: فناء الدار.
وفي حديث عليٍّ: أَنه عاتَب قوماً فقال: ما لكم لا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟ أَي أَفْنِيَتكم.
وفي الحديث: إِن الله نظيف يُحِبّ النَّظافةَ فنظفوا عَذِراتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود.
وفي حديث رُقَيقة: وهذه عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك، وقيل: العَذِرةُ أَصلها فِناءُ الدار، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله. قال أَبو عبيد: وإِنما سميت عَذِراتُ الناس بهذا لأَنها كانت تُلْقَى بالأَفْنِية، فكُنِيَ عنها باسم الفناء كما كُنِيَ بالغائط وهي الأَرض المطمئنة عنها؛ وقال الحطيئة يهجو قومه ويذكر الأَفنية: لعَمْرِي لقد جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ أَراد: سيئين فحذف النون للإِضافة؛ ومدح في هذه القصيدة إِبِلَهُ فقال: مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها، إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ فقال له عمر: بئس الرجل أَنت إبِلَكَ وتهجو قومَك وفي الحديث: اليهودُ أَنْتَنُ خَلْقِ الله عَذِرةً؛ يجوز أَن يَعْنِيَ به الفِناءَ وأَن يَعْنِيَ به ذا بطونِهم، والجمع عَذِرات؛ قال ابن سيده: وإِنما ذكّرتها لأَن العذرة لا تكسر؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة من ذلك على المثَل، كقولهم بَرِيءُ الساحةِ.
وأَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فيها العَذِرةُ.
وتعَذَّرَ من العَذِرَة أَي تلَطَّخ.
وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة.
والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الذي يجلس فيه القوم.
وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ ما يخرج منه فيُرْمَى به؛ هذه عن اللحياني.
وقال اللحياني: هي العَذِرة والعَذِبة.
والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد لمسكين الدارمي: ومُخاصِم خاصَمْتُ في كَبَدٍ، مثل الدِّهان، فكان لي العُذْرُ أَي قاوَمْتُه في مزلّةٍ فثبتت قدمي ولم تَثْبُتْ قدمُه فكان النُّجْحُ لي.
ويقال في الحرب: لمن العُذْرُ؟ أَي النجح والغلبة. الأَصمعي: لقيت منه غادُوراً أَي شّراً، وهو لغة في العاثُور أَو لثغة.
وترك المطرُ به عاذِراً أَي أَثراً.
والعواذِيرُ: جمع العاذِرِ، وهو الأَثر.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: لم يَبْقَ لهم عاذِرٌ أَي أَثر.
والعاذِرُ: العِرْقُ الذي يخرُج منه دمُ المستحاضة، واللام أَعرف (* يريد ان العاذل، باللام، الأَصمعي عرف من العاذر، بالراء).
والعاذِرةُ: المرأَة المستحاضة، فاعلة بمعنى مفعولة، من إِقامة العُذْر؛ ولو قال إِن العاذِرَ هو العرف نفسه لأَنه يقوم بِعُذْرِ المرأَة لكان وجهاً، والمحفوظ العاذل، باللام.
وقوله عز وجل: فالمُلْقِيات ذكْراً عُذْراً أَو نُذْراً؛ فسره ثعلب فقال: العُذْرُ والنُّذْر واحد، قال اللحياني: وبعضهم يُثَقِّل، قال أَبو جعفر: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كما تقول رُسُل في رُسْل؛ وقال الأَزهري في قوله عز وجل: عذراً أَو نذراً، فيه قولان: أَحدهما أَن يكون معناه فالمُلْقِيات ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، والقول الثاني أَنهما نُصِبَا على البدل من قوله ذِكْراً، وفيه وجه ثالث وهو أَن تنصِبَهما بقوله ذكراً؛ المعنى فالملقيات إِن ذَكَرَتْ عذراً أَو نذراً، وهما اسمان يقومان مقام الإِعْذار والإِنْذار، ويجوز تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
ويقال للرجل إِذا عاتَبَك على أَمر قبل التقدُّم إِليك فيه: والله وما استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لم تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ والإِنذارَ.
والاستعذارُ: أَن تقول له أَعْذِرْني منك.
وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجوف فحّاشٌ.
والعَذَوَّرُ أَيضاً: الشسيء الخلُق الشديد النفْس؛ قال الشاعر: حُلْو حَلال الماء غير عَذَوّر أَي ماؤه وحوضُه مباح.
ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: واسع عريض، وقيل شديد؛ قال كثير بن سعد: أَرَى خَاليِ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني كَرِيماً، إِذا ما ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذلك في الإِبل.
وعُذْرة: قبيلة من اليمن؛ وقول زينب بنت الطثرية ترثي أَخاها يزيد: يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظالماً، وكلُّ الذي حَمَّلْتَه فهو حامِلُهْ إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كان عَذَوَّراً على الحَيِّ، حتى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه قوله: وينجيك ظالماً أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ ومَنَعَ منك.
والعَذوَّر: السيء الخلق، وإِنما جعلَتْه عَذوَّراً لشدة تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على الأَثافيّ.
والمَراجلُ: القدور، واحدها مِرْجَل.

نعم (لسان العرب) [0]


النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى.
وقوله عز وجل: ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه سيبويه؛ وقال النابغة: فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ.
ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، . . . أكمل المادة وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما: نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم، بالكسر فيهما، وهو شاذ.
والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة.
ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً، وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله، فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم.
والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ. يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم.
وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي المسرّة والفرح والترفُّه.
وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال وقوله: ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ، تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ.
ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛ قال الأَعشى: وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ.
وثوبٌ ناعِمٌ: ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال: ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك.
ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله، بإسكان العين، فأَما الكسرُ (* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله، بالكسر.
وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله وقوله عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة، فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه.
وفلانٌ واسعُ النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ.
وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن عباس (* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب.
وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج: معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ.
وقوله تعالى: وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك.
وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون.
وقوله تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك.
والنِّعمةُ، بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد.
وأَنْعَم: أَفْضل وزاد.
وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما.
ويقال: قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً.
وتقول: أَنْعَم اللهُ عليك، من النِّعْمة.
وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً.
ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه؛ أَنشد ثعلب: أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ، وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً.
وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري: الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال: ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني: ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات.
ونُعْمةُ العين: قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك.
ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه: واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق: وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل: إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر.
وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن الكسائي: صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى. قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز: أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ.
ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره.
ويقال للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر: فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ.
ويقال للعَذارَى: كأنهن بَيْضُ نَعامٍ.
ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها.
ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً.
ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك: ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله: ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً، تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛ وفي ذلك يقول بعضهم: أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ.
والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي.
والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز، وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة: بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا، والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه: تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر: لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره: لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة، والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت: بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم.
والنَّعامة: الطريق.
والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ: أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ: اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر: إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة: الظُّلْمة.
والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ: ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة.
وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق، وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة: فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه، وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله: وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر.
والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق.
والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل.
والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام.
والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛ وقبله: كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي: هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ، وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد، قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله «في كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة: دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم.
وقوله عز وجل: والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛ أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله: مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم: في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ، يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت (* قوله «إذا ذكرت» الذي في التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب: مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ، وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري: النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها النَّعام؛ أَنشد ثعلب: باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ.
وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال: سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً، وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك، وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها.
وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد.
وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله: فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ، فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ.
وحكى سيبويه: أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر.
وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً، ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛ قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين، وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت: هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة.
وفي الحديث: مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة: أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة: ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع.
ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت.
ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه.
ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها.
وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ.
وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما.
وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة؛ قال: تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات.
وقوله تعالى: إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين، وذكر أَبو عبيدة (* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم، حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل، وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان.
وشقائقُ النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم.
ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ. الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله «ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها (* قوله «ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ.
والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ: المِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن بري: وقول الراعي: صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي: صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ.
ونَعْمانُ: اسم جبل بين مكة والطائف.
وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه.
ونَعْمانُ، بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ: تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد: أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي.
وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم.
وقوله «وأنعم» قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها.
وقوله «ونعمى» قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ.
والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك.
وبَنو نَعامٍ: بطنٌ.
ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن.
والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول: قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ.
والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة.
ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن.
ونَعَمْ ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه، قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال: ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ.
وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد قرئَ بهما.
وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ، رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ، بكسر العين.
وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين.
وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد: كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي: تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال: قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله: وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي: أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم: الجوس قاتله، والجوس الجوع.
والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛ والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ. تقرير دردير). يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ، ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين.
ونَعَّم الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني.
وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد: تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله: تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.