المصادر:  


امتحن (المعجم الوسيط) [50]


 فلَانا اختبره وابتلاه وَالشَّيْء نظر فِيهِ وَدبره وَالْفِضَّة محنها وَيُقَال امتحن فلَان وَقع فِي محنة 

محن (لسان العرب) [50]


المِحْنة: الخِبْرة، وقد امتَحنه. القولَ: نظر فه ودَبَّره. التهذيب: إِن عُتْبة بن عبدٍ السُّلَمي، وكان من أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حَدَّث أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: القَتْلى ثلاثة، رجل مؤمن جاهَدَ بنفسه وماله في سبيل الله حتى إِذا لقي العَدُوَّ قاتَلَهم حتى يُقْتَل، فذلك الشهيد المُمْتَحَن في جنة الله تحت عرشه (* قوله «في جنة الله تحت عرشه» الذي في نسخة التهذيب: في خيمة الله). لا يَفْضُله النبيون إِلا بدرجة النبوَّة؛ قال شمر: قوله فذلك الشهيد المُمْتحَن هو المُصفَّى المُهذَّب المخلَّصُ من مَحَنتُ الفضةَ إِذا صفيتها وخلصتها بالنار.
وروي عن مجاهد . . . أكمل المادة في قوله تعالى: أُولئك الذين امتَحَنَ اللهُ قلوبَهم، قال: خَلَّصَ اللهُ قلوبهم، وقال أَبو عبيدة: امتَحنَ اللهُ قلوبهم صَفَّاها وهَذَّبها، وقال غيره: المُمْتحَنُ المُوَطَّأُ المُذَلَّلُ، وقيل: معنى قوله أُولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى شَرَحَ اللهُ قلوبهم، كأَنَّ معناه وَسَّع الله قلوبَهم للتقوى.
ومَحَنْتُه وامتَحْنتُه: بمنزلة خَبَرْتُه واختبرته وبَلَوْتُه وابتَلَيْتُه.
وأَصل المَحْنِ: الضَّرْبُ بالسَّوْط. الذهب والفضة إِذا أَذبتهما لتختبرهما حتى خَلَّصْتَ الذهب والفضة، والاسم المِحْنة.
والمَحْنُ: العطية.
وأَتيتُ فلاناً فما مَحَنَني شيئاً أَي ما أَعطاني.
والمِحْنة: واحدة المِحَنِ التي يُمتَحَنُ بها الإِنسانُ من بلية، نستجير بكرم الله منها.
وفي حديث الشَّعْبي: المِحْنة بِدْعَة، هي أَن يأْخذ السلطانُ الرجلَ فيَمْتحِنه ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا، فلا يزال به حتى يقول ما لم يفعله أَو ما لا يجوز قوله، يعني أَن هذا القول بدعة؛ وقولُ مُليح الهُذَليِّ: وحُبُّ ليلى، ولا تَخْشى مَحُونتَه، صَدْعٌ لنَفْسِكَ مما ليس يُنْتقَدُ قال ابن جني: مَحُونته عاره وتِباعَتُه، يجوز أَن يكون مشتقّاً من المِحْنَة لأَن العارَ من أَشدِّ المِحْن، ويجوز أَن يكون مَفْعُلة من الحَيْنِ، وذلك أَن العار كالقتل أَو أَشد. الليث: المِحْنة معنى الكلام الذي يُمتحَنُ به ليعرف بكلامه ضمير قلبه، تقول امتحَنْتُه، وامتَحنْتُ الكلمة أَي نظرت إِلى ما يَصِيرُ إِليه صَيُّورُها.
والمَحْنُ: النكاح الشديد. يقال: مَحَنها ومَخَنها ومسَحَها إِذا نكحها.
ومَحَنه عشرين سَوْطاً: ضربه.
ومحن السَّوْطَ: لَيَّنَه. المُفَضَّلُ: مَحَنْتُ الثوبَ مَحْناً إِذا لبسته حتى تُخْلِقه. ابن الأَعرابي: مَحَنْته بالشَّدِّ والعَدْو وهو التليين بالطَّرْد، والمُمْتحَن والمُمَحَّص واحد. أَبو سعيد: مَحَنْتُ الأَديم مَحْناً إِذا مددته حتى توسعه. ابن الأَعرابي: المَحْنُ اللَّيِّنُ من كل شيء.
ومَحْنت البئر مَحْناً إِذا أَخرجت تُرابها وطينها. الأَزهري عن الفراء: يقال مَحَنْتُه ومخنتُه، بالحاء والخاء، ومحجْتُه ونقَجته ونقَخته وجَلَهْته وجَحَشته ومَشَنْته وعَرَمْتُه وحسَفته وحسَلْته وخسَلْته ولَتَحْتُه كله بمعنى قَشَرْتُه.
وجلد مُمتحَنٌ: مَقْشُور، والله أَعلم.

اسْتَلَبَ (المعجم الوسيط) [0]


 الرجل امتحن لبه 

عاير (المعجم الوسيط) [0]


 بَين المكيالين معايرة وعيارا امتحنهما لمعْرِفَة تساويهما والمكيال وَالْمِيزَان امتحنه بِغَيْرِهِ لمعْرِفَة صِحَّته 

اعْتبر (المعجم الوسيط) [0]


 الشَّيْء اختبره وامتحنه وَمِنْه تعجب وَبِه اتعظ وَفُلَانًا اعْتد بِهِ وَفُلَانًا عَالما عده عَالما وعامله مُعَاملَة الْعَالم (مو) 

مَحَنَهُ (القاموس المحيط) [0]


مَحَنَهُ، كمَنَعَهُ: ضَرَبَهُ، واخْتَبَرَهُ،
كامْتَحَنَه، والاسمُ: المِحْنَةُ، بالكسر،
و~ الثَّوْبَ: لَبِسَهُ حتى أخْلَقَهُ، وأعْطَاهُ،
و~ جارِيَتَهُ: نَكَحَها،
و~ البِئْرَ: أخْرَجَ تُرابَها وطِينَها،
و~ الأديمَ: لَيَّنَهُ، أَو قَشَرَهُ،
كمَحَّنَهُ.
وامْتَحَنَ القَوْلَ: نَظَرَ فيه ودَبَّرَهُ،
و~ اللّهُ قُلُوبَهُمْ: شَرَحَها، وَوَسَّعَها.
والمَحْنُ: اللَّيِّنُ من كلِّ شيءٍ، وأنْ تَدْأَبَ يَوْمَكَ أجْمَعَ في المَشْي أَو غَيْرِه.
والمُحونَةُ: المَحْقُ، والبَخْسُ.

خبرت (المعجم الوسيط) [0]


 النَّاقة خبورا غزر لَبنهَا وَالشَّيْء خَبرا وخبرة ومخبرة بلاه وامتحنه وَعرف خَبره على حَقِيقَته فَهُوَ خابر وَيُقَال من أَيْن خبرت هَذَا الْأَمر وَيُقَال لأخبرن خبرك لأعلمن علمك وَالطَّعَام دسمه وَالْأَرْض حرثها خبرت:  الأَرْض خَبرا كثر خبارها وَيُقَال خبر الْمَكَان فَهُوَ خبر وَالشَّيْء علمه خبرت:  النَّاقة خبورا خبرت وَالرجل صَار خَبِيرا وَالْأَمر خَبرا وخبرة ومخبرة خَبره وَيُقَال خبر بِالْأَمر 

عجم (المعجم الوسيط) [0]


 الْحَرْف وَالْكتاب عجما أَزَال إبهامه بالنقط والشكل وَالشَّيْء عجما وعجوما عضه ليعلم صلابته من رخاوته وَيُقَال عجم فلَانا وعجم عوده امتحنه واختبره وعجمت الْأُمُور فلَانا دربته وَمَا عجمتك عَيْني مُنْذُ كَذَا مَا رأتك وَجعلت عَيْني تعجمه تنظر إِلَيْهِ ويخيل إِلَيْهَا أَنَّهَا رَأَتْهُ من قبل عجم:  فلَان عجمة كَانَ فِي لِسَانه لكنة وَيُقَال كَذَلِك عجم الْكَلَام إِذا لم يكن فصيحا فَهُوَ أعجم وَهِي عجماء (ج) عجم 

جهد (المعجم الوسيط) [0]


 جهدا جد وَيُقَال جهد فِي الْأَمر وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} وَطلب حَتَّى وصل إِلَى الْغَايَة وَبلغ الْمَشَقَّة وبفلان امتحنه وَفُلَانًا بلغ مشقته وألح عَلَيْهِ فِي السُّؤَال وَالدَّابَّة حمل عَلَيْهَا فِي السّير فَوق طاقتها وَالْمَرَض أَو التَّعَب أَو الْحبّ فلَانا هزله وَاللَّبن مزجه بِالْمَاءِ وَأخرج زبده كُله وَالطَّعَام اشتهاه وَأكْثر من أكله والماشية المرعى أكثرت الْأكل مِنْهُ فَهُوَ جَاهد وَالْمَفْعُول مجهود وجهيد وَالْمَال فرقه جَمِيعًا هَهُنَا وَهَهُنَا جهد:  النَّاس أجدبوا فهم مجهودون جهد:  الْعَيْش جهدا ضَاقَ وَاشْتَدَّ فَهُوَ جهد 

الجَهْدُ (القاموس المحيط) [0]


الجَهْدُ: الطاقَةُ، ويضمُّ، والمَشَقَّةُ.
واجْهَدْ جَهْدَكَ: ابْلُغْ غايَتَكَ.
وجَهَدَ، كمَنَعَ: جَدَّ،
كاجْتَهَدَ،
و~ دابَّتَه: بَلَغَ جَهْدَها،
كأَجْهَدَها،
و~ بِزَيْدٍ: امْتَحَنَه،
و~ المَرَضُ فلاناً: هَزَلَه،
و~ اللَّبَنَ: أخْرَجَ زُبْدَهُ كُلَّه،
و~ الطَّعامَ: اشْتهاهُ،
كأَجْهَدَه، وأكْثَرَ من أكْلِهِ.
وجَهِدَ عَيْشُه، كفَرِحَ: نَكِدَ، واشْتَدَّ.
وجَهْدُ البلاءِ: الحالةُ التي يُخْتارُ عليها الموْتُ، أو كثْرَةُ العِيالِ، والفَقْرُ.
وجَهْدٌ جاهِدٌ: مُبالَغَةٌ.
وكسَحابٍ: الأرضُ الصُّلْبَةُ لا نَباتَ بها، وثَمَر الأَرَاكِ، وبالكسر: القِتالُ مع العَدُوِّ،
كالمُجاهَدَةِ.
وأجْهَدَ الشَّيْبُ: كثُرَ، وأسْرَعَ،
و~ الأرضُ: بَرَزَتْ،
و~ الحَقُّ: ظَهَرَ، ووضَحَ،
و~ في الأَمْرِ: احْتاطَ،
و~ الشيءُ: اخْتَلَطَ،
و~ مالَهُ: أفْناه وفَرَّقَه،
و~ العَدُوُّ: جَدَّ في العَداوَةِ،
و~ لي القومُ: . . . أكمل المادة أشْرَفوا،
و~ لك الأَمْرُ: أمْكَنَكَ.
وجُهاداكَ أن تَفْعَلَ: قُصاراكَ.
وبنو جُهادَةَ: بطْنٌ منهم.
والجُهَيْدَى، مُخَفَّفَةً: الجَهْدُ.
ومرْعًى جَهيدٌ: جَهَده المالُ: وقولُه تعالى:
{جَهْدَ أَيْمانِهمْ}، أي: بالَغُوا في اليمينِ، واجْتَهَدوا.
والتَّجاهُدُ: بَذْلُ الوُسْعِ،
كالاجْتهادِ.

بور (الصّحّاح في اللغة) [0]


 البورُ: الرجلُ الفاسدُ الهالكُ الذي لا خير فيه.
وامرأةٌ بورٌ، أيضاً حكاه أبو عبيدة.
وقومٌ بورٌ: هَلكى. قال الله تعالى: "وكنتم قَوْماً بوراً"، وهو جمع بائِرٍ.
وقد بارَ فلانٌ أي هلك.
وأبارَهُ الله: أهلكه.
ورجلٌ حائرٌ بائِرٌ، إذا لم يتَّجه لشيء.
وهو إتْباعٌ لحائرٍ.
وبارَهُ يَبورُهُ، أي جرَّبه واختبره، والابْتيارُ مثله. قال الكميت:
ةِ إِمَّا ابْتِهاراً وإمَّا ابتِيارا      قَبيحٌ بمثليَ نَعْتُ الفَـتـا

يقول: إمَّا بُهتاناً وإما اختباراً بالصدق لاستخراج ما عندها.
وبَرْتُ الناقةَ أَبورُهَا بَوراً بالفتح، وهو أن تَعرِضَها على الفحل تنظر أَلاقِحٌ هي أمْ لا، لأنَّها إذا كانت لاقِحاً بالتْ في وجه الفحل إذا تشمَّمَها.
ويقال أيضاً: بارَ الفحلُ الناقةَ وابْتارَها، إذا تشمَّمها ليعرف لِقاحها من حِيالِها.
ومنه . . . أكمل المادة قولهم: بُرْ لي ما عند فلانٍ، أي اعْلَمْهُ وامْتَحِنْ لي ما في نفسه.
والبَوارُ: الهلاكُ.
وحكى الأحمر: نزلَتْ بَوارِ على الكُفّار مثل قَطامِ.
وأنشد:
      إن التَظالُمَ في الصَديقِ بَوارِ

وبارِ المتاعُ: كَسَدَ.
وبارَ عملُه: بَطلَ.
ومنه قوله تعالى: "ومَكْرُ أُولَئِكَ هو يَبورُ".
والبارياءُ والبورياءُ: التي من القصب.
وقال الأصمعي: البورياءُ بالفارسية، وهو بالعربية بارِيٌّ وبوريٌّ.

ب ل ي (المصباح المنير) [0]


 بَلِيَ: الثوب "يَبْلَى" من باب تعب "بِلىً" بالكسر والقصر و "بَلاءً" بالفتح والمدّ خلق فهو "بَالٍ" و "بَلِيَ" الميت أفنته الأرض و "بَلاهُ" الله بخير أو شرّ "يَبْلُوهُ بَلْوًا" و "أَبْلاهُ" بالألف و "ابْتَلاهُ ابْتِلاءً" بمعنى امتحنه والاسم "بَلاءٌ" مثل سلام و "البَلْوَى وَالبَلِيَّةُ" مثله و "بَلَى" حرف إيجاب فإذا قيل ما قام زيد وقلت في الجواب "بَلَى" فمعناه إثبات القيام وإذا قيل أليس كان كذا وقلت "بَلَى" فمعناه التقرير والإثبات ولا تكون إلا بعد نفي إما في أول الكلام كما تقدم وإما في أثنائه كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى} والتقدير: بلى نجمعها وقد يكون مع النفي استفهام وقد لا يكون كما تقدم فهو أبدا يرفع حكم النفي ويوجب نقيضه وهو الإثبات وقولهم: لا أُبَالِيهِ وَلا أُبَالِي بِهِ، أي لا أهتم به ولا أكترث له و "لَمْ أُبَالِ" و "لَمْ . . . أكمل المادة أُبَلْ" للتخفيف كما حذفوا الياء من المصدر فقالوا: لا أُبَالِيهِ بَالَةً والأصل بالية مثل عافاه معافاة وعافية قالوا ولا تستعمل إلا مع الجحد والأصل فيه قولهم "تَبَالَى" القوم إذا تبادروا إلى الماء القليل فاستقوا فمعنى "لا أُبَالِي" لا أبادر إهمالا له، وقال أبو زيد: "مَا بَالَيْتُ بِهِ مُبَالاةً" والاسم "البَلاءُ" وزان كتاب وهو الهمّ الذي تحدث به نفسك. 

روز (لسان العرب) [0]


الرَّوْزُ: التَّجْربَةُ، رَازَهُ يَروزُه رَوْزاً: جَرَّبَ ما عنده وخَبَرَه.
وفي حديث مجاهد في قوله تعالى: ومنهم من يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ؛ قال: يَروزُكَ ويسأَلك.
والرَّوْزُ: الامتحان والتقدير. يقال: رُزْتُ ما عند فلان إِذا اختبرته وامتحنته، المعنى يمتحنك ويذوق أَمرك هل تخاف لائمته أَم لا، ومنه حديث البُراق: فاستصعب فَرازَهُ جبريلُ، عليه السلام، بإِذنه أَي اختبره.
ويقال: رُزْ فلاناً ورُزْ ما عند فلان. قال أَبو بكر: قولهم قد رُزْتُ ما عند فلان أَي طلبته وأَردته؛ قال أَبو النجم يصف البقر وطلبها الكُنُسَ من الحَرِّ: إِذ رازَتِ الكُنْسَ إِلى قُعُورها، و تَّقَتِ اللافِحَ من حَرُورِها يعني طلبت الظل في قُعُور الكُنُسِ.
ورَازَ الحَجَرَ رَوْزاً: . . . أكمل المادة رَزَنَه ليعرف ثقله.
والرَّازُ: رأْسُ البنَّائين، قال: أُراه لأَنه يَرُوزُ الحجر واللَّبِنَ ويُقَدِّرُهما؛ والجمع الرَّازَةُ، وحرفته الرِّيازَةُ، قال: وقد يستعمل ذلك لرأْس كل صناعة؛ قال أَبو منصور: كأَنه جعل الرازَ وهو البَنَّاء من رَازَ يَروزُ إِذا امتحن عَمَله فَحَذَقَه وعاود فيه. قال أَبو عبيدة: يقال رازَ الرجلُ صَنْعَتَهُ إِذا قام عليها وأَصلحها؛ وقال في قول الأَعشى: فعادا لَهُنَّ ورَازَا لَهُنَّ، واشْتَركا عَمَلاً وائْتِمارا قال: يريد قاما لهنّ.
وفي الحديث: كان رَازَ سفينة نوح جبريلُ، عليه السلام، والعامل نوحٌ يعني رئيسَها ورأْسَ مُدَبِّريها. الفراء: المَرَازَانِ الثَّدْيان وهما النَّجْدانِ؛ وأَنشد غيره: فَرَوِّزَا الأَمْرَ الذي تَرُوزَان ابن الأَعرابي: رَازَى فلانٌ فلاناً إِذا اختبره؛ قال أَبو منصور: قوله رَازاه إِذا اختبره مقلوب أَصله رَاوَزَهُ فأَخَّر الواو وجعلها أَلفاً ساكنة، وإِذا نسبوا إِلى الرَّيِّ قالوا رَازِيٌّ؛ ومنه قول ذو الرمة: ولَيْلٍ كأَثْناءِ الرُّوَيْزِيِّ جُبْتُه أَراد بالرويزي ثوباً أَخضر من ثيابهم شبه سواد الليل به، والله أَعلم.

ميح (لسان العرب) [0]


ماحَ في مِشْيته يَمِيحُ مَيْحاً ومَيْحُوحة: تَبَخْتر، وهو ضرب حسن من المشي في رَهْوَجة حَسَنةٍ، وهو مشي كمشي البَطَّة؛ وامرأَة مَيَّاحة؛ قال: مَيَّاحة تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا والمَيْحُ: مشي البطة، قال: صادَتْكَ بالأُنْسِ وبالتَّمَيُّحِ التهذيب: البطة مَشْيُها المَيْحُ؛ قال رؤبة: من كلِّ مَيَّاحٍ تَراه هَيْكَلا، أَرْجَلَ خِنْذِيذٍ وعينٍ أَرْجَلا وتَمايَح السكرانُ والغصنُ: تمايل.
وماحَتِ الريحُ الشجرةَ: أَمالتها؛ قال المَرَّارُ الأَسَدِيُّ: كما ماحَتْ مُزَعْزِعَةٌ بغِيلٍ، يَكادُ ببعضِه بعضٌ يَمِيلُ وتَمَيَّح الغصنُ: تَمَيَّلَ يميناً وشمالاً.
والمَيْحُ: أَن يدخل البئر فيملأً الدلو، وذلك إِذا قل ماؤها؛ ورجل مائحٌ من قوم ماحة، الأَزهري عن الليث: المَيْحُ في الاستقاء أَن ينزل الرجلُ إِلى قرار البئر إِذا . . . أكمل المادة قل ماؤها، فيملأَ الدلو بيده يَميحُ فيها بيده ويَميحُ أَصحابه، والجمع ماحة؛ وفي حديث جابر: أَنهم وردوا بئراً ذَمَّةً أَي قليلاً ماؤها، قال: فنزلنا فيها ستةً ماحةً؛ وأَنشد أَبو عبيدة: يا أَيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا، إِني رأَيتُ الناسَ يَحْمَدُونَكا والعرب تقول: هو أَبْصَرُ من المائح باسْتِ الماتح؛ تعني أَن الماتح فوق المائح فالمائح يرى الماتح ويرى استه، وقد ماحَ أَصحابَه يَمِيحُهم؛ وقول صَخْر الغَيّ: كأَنَّ بَوانِيَه، بالمَلاَ، سَفائنُ أَعْجَمَ مايَحْنَ رِيفا قال السكري: مايَحْنَ امْتَحْنَ أَي حَمَلْنَ من الرِّيفِ، هذا تفسيره.
وماحَه مَيْحاً: أَعطاه.
والمَيْحُ يجري مَجْرَى المنفعة.
وكلُّ من أَعْطى معروفاً، فقد ماحَ.
ومِحْتُ الرجلَ: أَعطيته، واسْتَمَحْتُه: سأَلته العطاء.
ومِحْتُه عند السلطان: شَفَعْتُ له.
واسْتَمَحْتُه: سأَلته أَن يشفع لي عنده.
والامْتِياحُ: مثل المَيْحِ.
والسائل: مُمْتاحٌ ومُسْتَمِيح، والمسؤول: مُسْتَماحٌ.
ويقال: امْتاحَ فلانٌ فلاناً إِذا أَتاه يطلب فضله، فهو مُمْتاحٌ؛ وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: وامْتاحَ من المَهْواة أَي استقى؛ هو افْتَعَلَ من المَيْح العطاء.
وامْتاحت الشمسُ ذِفْرَى البعير إِذا اسْتَدَرَّتْ عَرَقَه؛ وقال ابن فَسْوة يذكر ناقته ومُعَذِّرَها: إِذا امْتاحَ حَرُّ الشمسِ ذِفْراه، أَسْهَلَتْ بأَصْفَرَ منها قاطِراً كلَّ مَقْطَرِ الهاء في ذفراه للمُعَذِّرِ؛ وقول العُجَيْرِ السَّلوليّ: ولي مائحٌ، لم يُورَدِ الماءُ قَبْلَه، يُعَلِّي، وأَشْطانُ الدِّلاءِ كثيرُ إِنما عنى بالمائح لسانه لأَنه يَميحُ من قلبه، وعنى بالماء الكلام، وأَشطان الدلاء أَي أَسبابُ الكلام كثير لديه غير متعذر عليه، وإِنما يصف خصوماً خاصمهم فغلبهم أَو قاومهم.
والمَيْحُ: المنفعة، وهو من ذلك. ابن الأَعرابي: ماحَ إِذا استاك، وماحَ إِذا تبختر، وماحَ إِذا أَفضل؛ وماحَ فاه بالسواك يَميحُ مَيْحاً: شاصه وسَوَّكه؛ قال: يَمِيحُ بعُودِ الضَّرْوِ إِغْرِيضَ ثَغْبِه، جَلا ظَلْمَه من دونِ أَن يَتَهَمَّما وقيل: هو استخراج الريق بالمسواك؛ وقول الراعي يصف امرأَة: وعَذْب الكَرَى يَشْفِي الصَدَى بعد هَجْعةٍ، له، من عُرُوقِ المُسْتَظَلَّةِ، مائحُ يعني بالمائح السواك لأَنه يَمِيح الريقَ، كما يَمِيحُ الذي ينزل في القَلِيبِ فيَغْرِفُ الماء في الدلو، وعنى بالمظلة الأَراكة.
ومَيَّاحٌ: اسم.
ومَيَّاحٌ: اسم فرس عُقْبَة بن سالم.

أمه (لسان العرب) [0]


الأَمِيهَة: جُدَرِيّ الغنم، وقيل: هو بَثْرٌِ يَخْرُج بها كالجُدَرِيّ أَو الحَصْبَةِ، وقد أُمِهَتِ الشاةُ تُؤْمَهُ أَمْهاً وأَمِيهَةً؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيدة، وهو خطأٌ لأَن الأَمِيهَةَ اسمٌ لا مصدر، إِذ ليست فَعِيلة من أَبنية المصادر.
وشاة أَمِيهَةٌ: مأْمُوهَة؛ قال الشاعر: طَبِيخُ نُحازِ أَو طَبِيخُ أَمِيهَةٍ صَغِيرُ العِظامِ، سَيِّءُ القِشْمِ، أَمْلَطُ يقول: كانت أُمُّهُ حاملة به وبها سُعال أَو جُدَرِيّ فجاءت به ضاوِيّاً، والقِشْْمُ هو اللحم أَو الشحم. ابن الأَعرابي: الأَمةُ النسيان، والأَمَةُ الإِقْرارُ، والأَمَهُ الجُدَرِيُّ. قال الزجاج: وقرأَ ابن عباس: وادَّكَرَ بعد أَمَهٍ، قال: والأَمَهُ النسيانُ.
ويقال: قد أَمِهَ، بالكسر، يَأْمَهُ أَمَهاً؛ هذا الصحيح بفتح الميم، وكان أَبو . . . أكمل المادة الهيثم يقرأُ: بعد أَمَهٍ، ويقول: بعد أَمْهٍ خطأٌ. أَبو عبيدة: أَمِهْتُ الشيءَ فأَنا آمُهُه أَمْهاً إِذا نسيته؛ قال الشاعر: أَمِهْتُ، وكنتُ لا أَنْسَى حَدِيثاً، كذاك الدَّهْرُ يُودِي بالعُقُولِ قال: وادَّكَرَ بعد أَمْه؛ قال أَبو عبيد: هو الإِقرار، ومعناه أَن يعاقب ليُقِرَّ فإِقراره باطل . ابن سيده: الأَمَهُ الإِقرار والاعتراف؛ ومنه حديث الزهري: من امْتُحِنَ في حَدٍّ فأَمِهَ ثم تَبَرَّأَ فليست عليه عقوبة، فإِن عوقب فأَمِهَ فليس عليه حَدٌّ إِلا أَن يَأْمَه من غير عقوبة. قال أَبو عبيد: ولم أَسمع الأَمَهَ الإِقرارَ إِلاَّ في هذا الحديث؛ وفي الصحاح: قال هي لغة غير مشهورة، قال: ويقال أَمَهْتُ إِليه في أَمر فأَمَهَ إِليَّ أَي عَهِدْتُ إِليه فعَهِدَ إِليَّ. الفراء: أُمِهَ الرجلُ، فهو مَأْموهٌ، وهو الذي ليس عقله معه. الجوهري: يقال في الدعاء على الإِنسان آهَةً وأَمِيهَةً. التهذيب: وقولهم آهَةً وأَمِيهَةً، الآهَةُ من التَّأَوُّهِ والأَمِيهَةُ الجُدَري.ابن سيده: الأُمَّهَةُ لغة في الأُمِّ. قال أَبو بكر: الهاء في أُمَّهة أَصلية، وهي فُعَّلَة بمنزلة تُرَّهَةٍ وأُبَّهةٍ، وخص بعضهم بالأُمَّهَةِ من يعقل وبالأُمِّ ما لا يعقل؛ قال قُصَيٌّ: عَبْدٌ يُنادِيهِمْ بِهالٍ وَهَبِ، أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والْياسُ أَبي حَيْدَرَةٌ خالي لَقِيطٌ، وعَلِي، وحاتِمُ الطائِيُّ وَهّابُ المِئِي وقال زهير فيما لا يعقل: وإِلاَّ فإِنَّا، بالشَّرَبَّةِ فاللِّوَى، نُعَقِّرُ أُمّاتِ الرِّباعِ ونَيْسِرُ وقد جاءت الأُمَّهَةُ فيما لا يعقل؛ كل ذلك عن ابن جني، والجمع أُمَّهات وأُمّات. التهذيب: ويقال في جمع الأُمِّ من غير الآدميين أُمَّاتٌ، بغير هاء؛ قال الراعي: كانتْ نَجائِبُ مُنْذِرٍ ومُحَرِّقٍ أُمّاتِهِنَّ، وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا وأَما بَناتُ آدم فالجمع أُمَّهاتٌ؛ وقوله: وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ والقرآن العزيز نزل بأُمَّهات، وهو أَوضح دليل على أَن الواحدة أُمَّهَةٌ.
وتَأَمَّهَ أُمّاً: اتخدها كأَنه على أُمَّهَةٍ؛ قال ابن سيده: وهذا يقوي كون الهاء أَصلاً، لأَن تَأَمَّهْتُ تَفَعَّلْتُ بمنزلة تَفَوَّهْتُ وتنَبَّهْت. التهذيب: والأُمّ في كلام العرب أَصل كل شيء واشْتقاقه من الأَمِّ، وزيدت الهاء في الأُمَّهاتِ لتكون فرقاً بين بنات آدم وسائر إِناث الحيوان، قال: وهذا القول أَصح القولين، قال الأَزهري: وأَما الأُمُّ فقد قال بعضهم الأَصل أُمَّةٌ، وربما قالوا أُمَّهةٌ، قال: والأُمَّهةُ أَصل قولهم أُمٌّ. قال ابن بري: وأُمَّهَةُ الشَّبابِ كِبْرُه وتِيهُهُ.

وفي (لسان العرب) [0]


الوفاءُ: ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال ابن بري: وقد جمعهما طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله: أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ. ابن سيده: وفَى بالعهد وَفاءً؛ فأَما قول الهذلي: إذ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِائةً وَفْياً، وزادُوا على كِلْتَيْهِما عَدَدا فقد يكون مصدر وَفَى مسموعاً وقد يجوز أَن يكون قياساً غير مسموع، فإن أَبا علي قد حكى أَن للشاعر أَن يأْتي لكلّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وإن لم يُسمع، وكذلك أَوْفَى. الكسائي وأَبو عبيدة: وَفَيْتُ بالعهد وأَوْفَيْتُ به سواء، قال شمر: يقال وَفَى وأَوْفَى، فمن قال . . . أكمل المادة وفَى فإنه يقول تَمَّ كقولك وفَى لنا فلانٌ أَي تَمَّ لنا قَوْلُه ولم يَغْدِر.
ووَفَى هذا الطعامُ قفيزاً؛ قال الحطيئة: وفَى كَيْلَ لا نِيبٍ ولا بَكَرات أَي تَمَّ، قال: ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه شيئاً. قال أَبو الهيثم فيما ردّ على شمر: الذي قال شمر في وَفَى وأَوْفَى باطل لا معنى له، إنما يقال أَوْفَيْتُ بالعهد ووَفَيْتُ بالعهد.
وكلُّ شيء في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالأَلف، قال الله تعالى: أَوْفُوا بالعُقود، وأَوْفُوا بعهدي؛ يقال: وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ، وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قال الله تعالى: وأَوفُوا الكيلَ؛ وفي الحديث: فممرت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ أَي تَمَّتْ وطالَتْ؛ وفي الحديث: أَلَسْتَ تُنْتِجُها وافيةً أَعينُها وآذانُها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنكم وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم خَيْرُها وأَكْرَمُها على الله أَي تَمَّت العِدَّة سبعين أُمة بكم.
ووفَى الشيء وُفِيًّا على فُعولٍ أَي تَمَّ وكثر.
والوَفِيُّ: الوافِي. قال: وأَما قولهم وفَى لي فلان بما ضَمِن لي فهذا من باب أَوْفَيْتُ له بكذا وكذا ووَفَّيتُ له بكذا ؛ قال الأَعشى: وقَبْلَكَ ما أَوْفَى الرُّقادُ بِجارةٍ والوَفِيُّ: الذي يُعطِي الحقَّ ويأْخذ الحقَّ.
وفي حديث زيد بن أَرْقَمَ: وَفَتْ أُذُنُكَ وصدّق الله حديثَك، كأَنه جعل أُذُنَه في السَّماع كالضامِنةِ بتصديق ما حَكَتْ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت الأُذن كأَنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أَدَّته إلى اللسان، وفي رواية: أَوفى الله بأُذنه أَي أَظهر صِدْقَه في إِخباره عما سمعت أُذنه، يقال: وفَى بالشيء وأَوْفَى ووفَّى بمعنى واحد.
ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ: ذو وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأَوفاه وأَوْفَى به؛ وفي التنزيل العزيز: يُوفُون بالنَّذر، وحكى أَبو زيد: وفَّى نذره وأَوْفاه أَي أَبْلَغه، وفي التنزيل العزيز: وإبراهيمَ الذي وَفَّى؛ قال الفراء: أَي بَلَّغَ، يريد بَلَّغَ أَنْ ليست تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى أَي لا تحمل الوازِرةُ ذنب غيرها؛ وقال الزجاج: وفَّى إبراهيمُ ما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به من ذبح ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل: وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأَن الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن.
وقال أبو بكر في قولهم الزَمِ الوَفاء: معنى الوفاء في اللغة الخُلق الشريف العالي الرَّفِيعُ من قولهم: وفَى الشعرَ فهو وافٍ إذا زادَ؛ ووَفَيْت له بالعهد أَفِي؛ ووافَيْتُ أُوافِي، وقولهم: ارْضَ من الوفاء باللّفاء أَي بدون الحق؛ وأَنشد: ولا حَظِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ والمُوافاةُ: أَن تُوافيَ إنساناً في المِيعاد، وتَوافَينا في الميعاد ووافَيْتُه فيه، وتوَفَّى المُدَّة: بلَغَها واسْتَكْمَلها، وهو من ذلك.
وأَوْفَيْتُ المكان: أَتيته؛ قال أَبو ذؤَيب: أُنادِي إذا أُفِي من الأَرضِ مَرْبَأً لأَني سَمِيعٌ ، لَوْ أُجابُ، يَصيِرُ أُفِي: أُشْرِفُ وآتي؛ وقوله انادي أي كلما أَشرفت على مَرْبَإٍ من الأَرض نادَيتُ يا دارُ أَين أَهْلَكِ، وكذلك أَوْفَيْتُ عليه وأَوْفَيْت فيه.
وأَوْفَيْتُ على شَرَفٍ من الأَرض إذا أَشْرَفْت عليه، فأَنا مُوفٍ، وأَوْفَى على الشيء أَي أَشْرَفَ؛ وفي حديث كعب بن مالك: أَوْفَى على سَلْعٍ أَي أَشْرَفَ واطَّلَعَ.
ووافَى فلان: أَتَى.
وتوافَى القومُ: تتامُّوا .
ووافَيْتُ فلاناً بمكان كذا.
ووَفَى الشيءُ: كثُرَ؛ ووَفَى رِيشُ الجَناحِ فهو وافٍ، وكلُّ شيء بلَغ تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، وكذلك دِرْهمٌ وافٍ يعني به أَنه يزن مِثقالاً، وكَيْلٌ وافٍ.
ووَفَى الدِّرْهَمُ المِثقالَ: عادَلَه، والوافِي: درهمٌ وأَربعةُ دَوانِيقَ؛ قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أَنه قال الوافِي درهمٌ ودانِقانِ، وقال غيره: هو الذي وَفَى مِثقالاً، وقيل: درهمٌ وافٍ وفَى بزِنتِه لا زيادة فيه ولا نقص، وكلُّ ما تمَّ من كلام وغيره فقد وفَى، وأَوْفَيْتُه أَنا؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي: أَوْفَيْتُ الزَّرْعَ وفَوْقَ الإِيفاء وعدَّاه إلى مفعولين، وهذا كما تقول: أَعطيت الزرع ومنحته، وقد تقدم الفرق بين التمام والوفاء.
والوافِي من الشِّعْر: ما اسْتَوفَى في الاستعمال عِدَّة أَجزائه في دائرته، وقيل: هو كل جزء يمكن أَن يدخله الزِّحاف فسَلِمَ منه.
والوَفاء: الطُّول؛ يقال في الدُعاءِ: مات فلان وأَنت بوَفاء أَي بطول عُمُر، تدْعُو له بذلك؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَوْفَى الرجلَ حقَّه ووَفَّاه إِياه بمعنى: أَكْمَلَه له وأَعطاه وافياً.
وفي التنزيل العزيز: ووَجدَ اللهَ عندَه فوفَّاه حسابَه.
وتَوَفَّاه هو منه واسْتَوْفاه: لم يَدَعْ منه شيئاً.
ويقال أَوْفَيْته حَقَّه ووَفَّيته أَجْره.
ووفَّى الكيلَ وأَوفاه: أَتَمَّه.
وأَوْفَى على الشيء وفيه: أَشْرَفَ.
وإنه لمِيفاء على الأَشْرافِ أَي لا يزالُ يُوفِي عليها، وكذلك الحِمار.
وعَيرٌ مِيفاء على الإِكام إذا كان من عادته أَن يُوفيَ عليها؛ وقال حميد الأَرقط يصف الحمار:عَيْرانَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ، حَدَّ الرَّبِيعِ، أَرِنٍ أَرُونِ لا خَطِلِ الرَّجْعِ ولا قَرُونِ، لاحِقِ بَطْنٍ بِقَراً سَمِينِ ويروى: أَحْقَبَ مِيفاءٍ، والوَفْيُ من الأَرض: الشَّرَفُ يُوفَى عليه؛ قال كثير: وإنْ طُوِيَتْ من دونه الأَرضُ وانْبَرَى، لِنُكْبِ الرِّياحِ.
وَفْيُها وحَفِيرُها والمِيفَى والمِيفاةُ، مقصوران، كذلك. التهذيب: والميفاةُ الموضع الذي يُوفِي فَوقه البازِي لإِيناس الطير أَو غيره، قال رؤْبة: ميفاء رؤوس فوره (* قوله «قال رؤبة إلخ» كذا بالأصل.) والمِيفَى: طَبَق التَّنُّور. قال رجل من العرب لطباخه: خَلِّبْ مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ، قال: خَلِّبْ أَي طَبِّقْ، والرَّوْدَقُ: الشِّواء.
وقال أَبو الخطاب: البيت الذي يطبخ فيه الآجُرُّ يقال له المِيفَى؛ روي ذلك عن ابن شميل.
وأَوْفَى على الخمسين: زادَ، وكان الأَصمعي يُنكره ثم عَرَفه.
والوَفاةُ: المَنِيَّةُ.
والوفاةُ: الموت.
وتُوُفِّيَ فلان وتَوَفَّاه الله إذا قَبَضَ نَفْسَه، وفي الصحاح: إذا قَبَضَ رُوحَه، وقال غيره: تَوَفِّي الميتِ اسْتِيفاء مُدَّتِه التي وُفِيتْ له وعَدَد أَيامِه وشُهوره وأَعْوامه في الدنيا.
وتَوَفَّيْتُ المالَ منه واسْتوْفَيته إذا أَخذته كله.
وتَوَفَّيْتُ عَدَد القومِ إذا عَدَدْتهم كُلَّهم؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمنظور الوَبْرِي: إنَّ بني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ، ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العددْ أَي لا تجعلهم قريش تَمام عددهم ولا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم؛ ومن ذلك قوله عز وجل: الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها؛ أَي يَسْتَوفي مُدَد آجالهم في الدنيا، وقيل: يَسْتَوْفي تَمام عدَدِهم إِلى يوم القيامة، وأَمّا تَوَفِّي النائم فهو اسْتِيفاء وقْت عَقْله وتمييزه إِلى أَن نامَ.
وقال الزجاج في قوله: قل يَتَوَفَّاكم مَلَكُ الموت، قال: هو من تَوْفِية العدد، تأْويله أَن يَقْبِضَ أَرْواحَكم أَجمعين فلا ينقُص واحد منكم، كما تقول: قد اسْتَوْفَيْتُ من فلان وتَوَفَّيت منه ما لي عليه؛ تأْويله أَن لم يَبْقَ عليه شيء.
وقوله عز وجل: حتى إذا جاءتهم رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهم؛ قال الزجاج: فيه، والله أَعلم، وجهان: يكون حتى إذا جاءتهم ملائكةُ الموت يَتَوَفَّوْنَهم سَأَلُوهم عند المُعايَنة فيعترفون عند موتهم أَنهم كانوا كافرين، لأَنهم قالوا لهم أَين ما كنتم تدعُون من دون الله؟ قالوا: ضَلُّوا عنا أَي بطلوا وذهبوا، ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، حتى إذا جاءتهم ملائكة العذابِ يتوفونهم، فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على ضربين: أَحدهما يَتَوَفَّوْنَهم عذاباً وهذا كما تقول: قد قَتَلْتُ فلاناً بالعذاب وإن لم يمت، ودليل هذا القول قوله تعالى: ويأْتِيه الموتُ من كلِّ مَكانٍ وما هو بمَيِّت؛ قال: ويجوز أَن يكون يَتَوَفَّوْنَ عِدَّتهم، وهو أَضعف الوجهين، والله أعلم، وقد وافاه حِمامُه؛ وقوله أَنشده ابن جني: ليتَ القِيامةَ ، يَوْمَ تُوفي مُصْعَبٌ، قامتْ على مُضَرٍ وحُقَّ قِيامُها أَرادَ: وُوفيَ، فأَبدل الواو تاء كقولهم تالله وتَوْلجٌ وتَوْراةٌ، فيمن جعلها فَوْعَلة. التهذيب: وأَما المُوافاة التي يكتبها كُتَّابُ دَواوين الخَراج في حِساباتِهم فهي مأْخوذة من قولك أَوْفَيْتُه حَقَّه ووَفَّيْتُه حَقَّه ووافَيْته حَقَّه،كل ذلك بمعنى: أَتْمَمْتُ له حَقَّه، قال: وقد جاء فاعَلْتُ بمعنى أَفْعلْت وفَعَّلت في حروف بمعنى واحد. يقال: جاريةٌ مُناعَمةٌ ومُنَعَّمةٌ، وضاعَفْتُ الشيء وأَضْعَفْتُه وضَعَّفْتُه بمعنى، وتَعاهَدْتُ الشيء وتعَهَّدْته وباعَدْته وبَعَّدته وأَبْعَدْتُه، وقارَبْتُ الصبي وقَرَّبْتُه، وهو يُعاطِيني الشيء ويُعطِيني؛ قال بشر بن أبي خازم: كأَن الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فيها، لحُسنِ دَلالِها، رَشأٌ مُوافي قال الباهلي: مُوافي مثلُ مفاجي؛ وأَنشد: وكأَنما وافاكَ، يومَ لقِيتَها من وَحْش وَجّرةَ، عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ وقيل: موافي قد وافى جِسْمُه جِسمَ أُمه أَي صار مثلها.
والوَفاء: موضع؛ قال ابن حِلِّزةَ: فالمُحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا قُ قَنانٍ فَعاذِبٌ فالوَفاء وأَوْفى: اسم رجل.

لذا (لسان العرب) [0]


الَّذِي: اسم مبهم، وهو مبنيٌّ معرفة ولا يتم إِلاَّ بصلة، وأَصله لَذِي فأُدخل عليه الأَلف واللام، قال: ولا يجوز أَن يُنْزَعا منه. ابن سيده: الَّذِي من الأَسماء الموصولة ليتوصل بها إِلى وصف المعارف بالجمل، وفيه لغات: الَّذِي، والَّذِ بكسر الذال، والَّذْ بإِسكانها، والَّذِيّ بتشديد الياء؛ قال: وليسَ المالُ، فاعْلَمْه، بمالٍ من الأَقْوامِ إِلاَّ للَّذِيّ يُرِيدُ به العَلاءَ ويَمْتَهِنْه لأَقْرَبِ أَقْرَبِيه، وللقَصِيّ والتثنية اللَّذانِّ، بتشديد النون، واللَّذانِ النون عوض من ياء الذي، واللَّذا، بحذف النون، فَعَلى ذلك قال الأَخطل: أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا قَتَلا الملُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا قال سيبويه: أَراد اللَّذانِ فحذف النون ضرورة. قال ابن جني: الأَسماء . . . أكمل المادة الموصولة نحو الذي والتي لا يصح تثنية شيء منها من قِبَل أَن التثنية لا تَلحق إِلا النكرة، فما لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجدر، فالأَسماء الموصولة لا يجوز أَن تنكر فلا يجوز أَن يثنى شيء منها، أَلا تراها بعد التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك قولك ضربت اللذين قاما، إِنما يتعرَّفان بالصلة كما يتعرَّف بها الواحد في قولك ضربت الذي قام، والأَمر في هذه الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية، وهذه أَسماء لا تنكر أَبداً لأَنها كِنايات وجارية مَجرى المضمرة، فإِنما هي أَسماء لا تنكر أَبداً مصوغة للتثنية، وليس كذلك سائر الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو بالوضع والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت رأَيت زَيْدَيْنِ كَرِيمين، وعندي عَمْران عاقلان، فإِن آثرت التعليم بالإِضافة أَو باللام قلت الزيدانِ والعَمْران وزَيْداك وعَمْراك، فقد تعرَّفا بعد التثنية من غير وجه تَعْرّفهما قبلها، ولَحِقا بالأَجناس وفارقا ما كانا عليه من تعريف العلمية والوضع، فإِذا صح ذلك فينبغي أَن تعلم أَن اللذان واللتان وما أَشبههما إِنما هي أَسماء موضوعة للتثنية مخترعة لها، وليست تثنية الواحد على حد زيد وزيدان، إِلا أَنها صيغت على صورة ما هو مثنى على الحقيقة فقيل اللذانِ واللتانِ واللَّذَيْنِ واللَّتَيْنِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يحافظون عليها ما لا يحافظون على الجمع، وهذا القول كله مذكور في ذا وذي، وفي الجمع هم الَّذِينَ فَعَلُوا ذاك واللَّذُو فعلوا ذاك، قال: أَكثر هذه عن اللحياني؛ وأَنشد في الذي يعني به الجمع للأَشهب بن رُميلة: وإِنَّ الَّذِي حانَت بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ هُمُ القَوْم كلُّ القَوْمِ، يا أُمَّ خالِدِ وقيل: إِنما أَراد الذين فحذف النون تخفيفاً؛ الجوهري: في جمعه لغتان الذين في الرفع والنصب والجر، والذي بحذف النون، وأَنشد بيت الأَشهب بن رميلة، قال: ومنهم من يقول في الرفع اللَّذُون، قال: وزعم بعضهم أَن أَصله ذا لأَنك تقول ماذا رأَيْتَ بمعنى ما الذي رأَيت، قال: وهذا بعيد لأَن الكلمة ثلاثية ولا يجوز أَن يكون أَصلها حرفاً واحداً، وتصغير الَّذِي اللُّذَيَّا واللِّذَيَّا، بالفتح والتشديد، فإِذا ثَنَّيْت المصغر أَو جمعته حذفت الأَلف فقلت اللَّذَيَّانِ واللَّذَيُّونَ، وإِذا سميت بها قلت لَذٍ، ومن قال الحرث والعباس أَثبت الصلة في التسمية مع اللام فقال هو الذي فعل، والأَلف واللام في الذي زائدة، وكذلك في التثنية والجمع، وإِنما هنَّ متعرّفات بصلاتهن وهما لازمتان لا يمكن حذفهما، فرب زائد يلزم فلا يجوز حذفه، ويدل على زيادتهما وجودك أَسماء موصولة مِثلَها معرَّاة من الأَلف واللام وهي مع ذلك معرفة، وتلك الأَسماء مَن وما وأَيّ في نحو قولك: ضربت مَن عندك، وأَكلت ما أَصعمتني، ولأَضربن أَيُّهم قام، فتعرّفُ هذه الأَسماء التي هي أَخوات الذي والتي بغير لام وحصول ذلك لها بما تبعها من صلاتها دون اللام يدل على أَن الذي إِنما تعرّفه بصلته دون اللام التي هي فيه، وأَن اللام فيه زائدة؛ وقول الشاعر: فإِنْ أَدَعِ اللَّواتي مِنْ أُناسٍ أَضاعُوهُنَّ، لا أَدَعِ الَّذِينا فإِنما تركه بلا صلة لأَنه جعله مجهولاً. ابن سيده: اللَّذْوَى اللَّذّةُ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها ذكرت الدنيا فقالت: قد مَضَتْ لَذْواها وبَقِيَتْ بَلْواها أَي لَذَّتُها، وهي فَعْلى من اللذة، فقلبت إِحدى الذالين ياء كالتَّقَضِّي والتَّظَنِّي؛ قال ابن الأَعرابي: اللَّذْوَى واللَّذَّة واللَّذاذةُ كله الأَكل والشرب بنَعْمة وكِفاية، كأَنها أَرادت بذهاب لَذْواها حياةَ النبيّ،صلى الله عليه وسلم، وبالبَلْوَى ما امْتُحِن به أُمته من الخِلاف والقِتال على الدنيا وما حدث بعده من المحن. قال ابن سيده: وأَقول إِن اللَّذْوَى، وإِن كان معناه اللَّذة واللَّذاذة، فليس من مادة لفظه وإِنما هو من باب سيَطرْ ولأْآلٍ وما أَشبهه، اللهم إِلا أَن يكون اعتقد البدل للتضعيف كباب تَقَضَّيْت وتَظَنَّيْت، فاعتقد في لَذِذتُ لَذِيتُ كما تقول في حَسِسْتُ حَسِيتُ فيُبنى منه مثال فَعْلى اماً فتنقلب ياؤه واواً انقلابها في تَقْوى ورَعْوى، فالمادة إِذاً واحدة.

بور (لسان العرب) [0]


الْبَوارُ: الهلاك، بارَ بَوْراً وبَواراً وأَبارهم الله، ورجل بُورٌ؛ قال عبدالله بن الزَّبَعْري السَّهْمي: يا رسولَ الإِلهِ، إِنَّ لِساني رَائِقٌ ما فَتَقْتُ، إِذْ أَنا بُورُ وكذلك الاثنان والجمعُ والمؤنث.
وفي التنزيل: وكنتم قَوْماً بُوراً؛ وقد يكون بُورٌ هنا جمع بائرٍ مثل حُولٍ وحائلٍ؛ وحكى الأَخفش عن بعضهم أَنه لغة وليس بجمعٍ لِبائرٍ كما يقال أَنت بَشَرٌ وأَنتم بَشَرٌ؛ وقيل: رجل بائرٌ وقوم بَوْرٌ، بفتح الباء، فهو على هذا اسم للجمع كنائم ونَوْمٍ وصائم وصَوْمٍ.
وقال الفرّاء في قوله: وكنتم قوماً بُوراً، قال: البُورُ مصدَرٌ يكون واحداً وجمعاً. يقال: أَصبحت منازلهم بُوراً أَي لا شيء فيها، وكذلك أَعمال الكفار تبطُلُ. أَبو . . . أكمل المادة عبيدة: رجل بُورٌ ورجلان بُورٌ وقوم بُورٌ، وكذلك الأُنثى، ومعناه هالك. قال أَبو الهيثم: البائِرُ الهالك، والبائر المجرِّب، والبائر الكاسد، وسُوقٌ بائرة أَي كاسدة. الجوهري: البُورُ الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه.
وقد بارَ فلانٌ أَي هلك.
وأَباره الله: أَهلكه.
وفي الحديث: فأُولئك قومٌ بُورٌ؛ أَي هَلْكَى، جمع بائر؛ ومنه حديث عليٍّ: لَوْ عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه، وقد ذكرناه في فصل الهمزة في أَبر.
وفي حديث أَسماء في ثقيف: كَذَّابٌ ومُبِيرٌ؛ أَي مُهْلِكٌ يُسْرِفُ في إِهلاك الناس؛ يقال: بارَ الرَّجُلُ يَبُور بَوْراً، وأَبارَ غَيْرَهُ، فهو مُبِير.
ودارُ البَوارِ: دارُ الهَلاك.
ونزلتْ بَوارِ على الناس، بكسر الراء، مثل قطام اسم الهَلَكَةِ؛ قال أَبو مُكْعِتٍ الأَسدي، واسمه مُنْقِذ بن خُنَيْسٍ، وقد ذكر أَن ابن الصاغاني قال أَبو معكت اسمه الحرث ابن عمرو، قال: وقيل هو لمنقذ بن خنيس: قُتِلَتْ فكان تَباغِياً وتَظالُماً؛ إِنَّ التَّظالُمَ في الصَّدِيقِ بَوارُ والضمير في قتلت ضمير جارية اسمها أَنيسة قتلها بنو سلامة، وكانت الجارية لضرار بن فضالة، واحترب بنو الحرث وبنو سلامة من أَجلها، واسم كان مضمر فيها تقديره: فكان قتلها تباغياً، فأَضمر القتل لتقدّم قتلت على حدّ قولهم: من كذب كان شرّاً له أَي كان الكذب شرّاً له. الأَصمعي: بارَ يَبُورُ بَوراً إِذا جَرَّبَ.
والبَوارُ: الكَسَادُ.
وبارَتِ السُّوقُ وبارَتِ البِياعاتُ إِذا كَسَدَتْ تَبُورُ؛ ومن هذا قيل: نعوذ بالله من بَوارِ الأَيِّمِ أَي كَسَادِها، وهو أَن تبقى المرأَة في بيتها لا يخطبها خاطب، من بارت السوق إِذا كسدت، والأَيِّم التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أَحد.
والبُورُ: الأَرض التي لم تزرع والمَعَامي المجهولة والأَغفال ونحوها.
وفي كتاب النبي، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِرِ دُومَةَ: ولكُمُ البَوْر والمعامي وأَغفال الأَرض؛ وهو بالفتح مصدر وصف به، ويروى بالضم، وهو جمع البَوارِ، وهي الأَرض الخراب التي لم تزرع.
وبارَ المتاعُ: كَسَدَ.
وبارَ عَمَلُه: بَطَلَ.
ومنه قوله تعالى: ومَكْرُ أُولئك هُو يَبُورُ.
وبُورُ الأَرض، بالضم: ما بار منها ولم يُعْمَرْ بالزرع وقال الزجاج: البائر في اللغة الفاسد الذي لا خير فيه؛ قال: وكذلك أَرض بائرة متروكة من أَن يزرع فيها.
وقال أَبو حنيفة: البَوْرُ، بفتح الباء وسكون الواو، الأَرض كلها قبل أَن تستخرج حتى تصلح للزرع أَو الغرس.
والبُورُ: الأَرض التي لم تزرع؛ عن أَبي عبيد وهو في الحديث.
ورجل حائر بائر: يكون من الكسل ويكون من الهلاك.
وفي التهذيب: رجل حائر بائر، لا يَتَّجِهُ لِشَيءٍ ضَالٌّ تائِهٌ، وهو إِتباع، والابتيار مثله.
وفي حديث عمر: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر إِذا لم يتجه لشيء.
ويقال للرجل إِذا قذف امرأَة بنفسه: إِنه فجر بها، فإِن كان كاذباً فقد ابْتَهَرَها، وإِن كان صادقاً فهو الابْتِيَارُ، بغير همز، افتعال من بُرْتُ الشيءَ أَبُورُه إِذا خَبَرْتَه؛ وقال الكميت: قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتَا ةِ، إِمَّا ابْتِهَاراً وإِمَّا ابْتِيارا يقول: إِما بهتاناً وإِما اختباراً بالصدق لاستخراج ما عندها، وقد ذكرناه في بهر.
وبارَهُ بَوْراً وابْتَارَهُ، كلاهما: اختبره؛ قال مالك بن زُغْبَةَ: بِضَربٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه، وطَعْنٍ كَإِيزاغِ المَخاضِ تَبُورُها قال أَبو عبيد: كإِيزاغ المخاض يعني قذفها بأَبوالها، وذلك إِذا كانت حوامل، شبه خروج الدم برمي المخاض أَبوالها.
وقوله: تبورها تختبرها أَنت حتى تعرضها على الفحل، أَلاقح هي أَم لا؟ وبار الفحل الناقة يَبُورها بَوْراً ويَبْتَارُها وابْتَارَها: جعل يتشممها لينظر أَلاقح هي أَم حائل، وأَنشد بيت مالك بن زغبة أَيضاً. الجوهري: بُرْتُ الناقةَ أَبورُها بَوْراً عَرَضتَها على الفحل تنظر أَلاقح هي أَم لا، لأَنها إِذا كانت لاقحاً بالت في وجه الفحل إِذا تشممها؛ ومنه قولهم: بُرْ لي ما عند فلان أَي اعلمه وامتحن لي ما في نفسه.
وفي الحديث أَن داود سأَل سليمان، عليهما السلام، وهو يَبْتَارُ عِلْمَهُ أَي يختبره ويمتحنه؛ ومنه الحديث: كُنَّا نَبُورُ أَوْلادَنا بحب عَليٍّ، عليه السلام.
وفي حديث علقمة الثقفيّ: حتى والله ما نحسب إلاّ أَن ذلك شيء يُبْتارُ به إِسلامنا.
وفَحْلٌ مِبْوَرٌ: عالم بالحالين من الناقة. قال ابن سيده: وابنُ بُورٍ حكاه ابن جني في الإِمالة، والذي ثبت في كتاب سيبويه ابن نُور، بالنون، وهو مذكور في موضعه.
والبُورِيُّ والبُورِيَّةُ والبُورِيَاءُ والباريُّ والبارِياءُ والبارِيَّةُ: فارسي معرب، قيل: هو الطريق، وقيل: الحصير المنسوج، وفي الصحاح: التي من القصب. قال الأَصمعي: البورياء بالفارسية وهو بالعربية بارِيٌّ وبورِيٌّ؛ وأَنشد للعجاج يصف كناس الثور: كالخُصّ إِذْ جَلَّلَهُ البَارِيُّ قال: وكذلك البَارِيَّةُ.
وفي الحديث: كان لا يرى بأْساً بالصلاة على البُورِيّ؛ هي الحصير المعمول من القصب، ويقال فيها بارِيَّةٌ وبُورِياء.

صيد (لسان العرب) [0]


صاد الصَّيْدَ يَصِيدُه ويَصادُه صَيْداً إِذا أَخذه وتَصَيَّدَه واصْطادَه وصادَه إِياه. يقال: صِدْتُ فلاناً صَيْداً إِذا صِدْتَه له، كقولك بَغيتُه حاجة أَي بَغَيْتُها له. صادَ المكانَ واصْطادَه: صادَ فيه؛ قال: أَحَبُّ ما اصْطادَ مكانُ تَخْلِيَه وقيل: إِنه جَعَلَ المكانَ مُصْطاداً كما يُصْطادُ الوَحْش. قال سيبويه: ومن كلام العرب صِدْنا قَنَوَيْن؛ يريد صدنا وحْشَ قَنَوَيْن، وإِنما قَنوان اسم أَرض.
والصَّيْدُ: ما تُصُيِّدَ.
وقوله تعالى: أُحِلَّ لكم صَيْدُ البحرِ وطَعامُهُ؛ يجوز أَن يُعْنَى به عَيْنُ المُتَصيَّد، ويجوز أَن يكون على قوله صِدْنا قَنَوَين أَي صِدْنا وَحش قنوين. قال ابن سيده: قال ابن جني: وُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَ المَفْعُول، وقيل: كلُّ وحش صَيْدٌ، صِيدَ . . . أكمل المادة أَو لم يُصَدْ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وهذا قول شاذ.
وقد تكرر في الحديث ذِكْر الصَّيْد اسماً وفِعْلاً ومصدراً، يقال: صادَ يَصِيدُ صَيْداً، فهو صائِد ومَصِيد.
وقد يَقَعُ الصَّيْدُ على المَصِيد نَفْسِه تَسْمِيَةً بالمصدر؛ كقوله تعالى: لا تقتلوا الصَّيْدَ وأَنتم حُرُم؛ قيل: لا يقال للشيء صَيْدٌ حتى يكون ممتنعاً حلالاً لا مالك له.
وفي حديث أَبي قتادة قال له: أَصَدْتُمْ؛ يقال: أَصَدْتُ غيري إِذا حَمَلْتَه على الصَّيْدِ وأَغْرَيْتَه به.
وفي الحديث: إِنا اصَّدْنا حِمار وَحْش؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى بصاد مشدّدة، وأَصلُه اصْطَدنْا فقلبت الطاء صاداً وأُدغمت مثل اصْطَبر، وأَصل الطاء مبدلة من تاء افْتَعَل.
والمَصِيدَةُ والمِصْيَدَةُ والمَصْيَدَة كله: التي يُصادُ بها، وهي من بنات الياء المعتلة، وجمعها مَصايِدُ، بلا همز، مثل معايِشَ جمع مَعِيشَة. المِصيَدُ والمِصْيَدة، بالكسر: ما يُصادُ به.
وبخط الأَزهري: المَصْيَدُ والمَصْيَدَة، بالفتح.
وحكى ابن الأَعرابي: صِدْنا كَمْأَةً، قال: وهو من جيد كلام العرب، ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه يريد استَثَرْنا كما يُسْتَثارُ الوحش.
وحكى ثعلب: صِدْنا ماءَ السماءِ أَي أَخَدْناه. التهذيب: والعرب تقول خَرَجْنا نَصِيدُ بَيْضَ النعام ونَصِيدُ الكَمْأَةَ والافْتِعالُ منه الاصْطِيادُ. يقال: اصْطادَ يَصْطادُ فهو مُصْطاد، والمَصِيدُ مُصْطادٌ أَيضاً.
وخرج فلان يَتَصَيَّدُ الوَحْش أَي يطلب صيدها؛ قال ابن سيده: وأَما قول الشاعر: إِلى العَلَمَيْن أَدْهَمَ الهَمُّ والمُنى، يُرِيدُ الفُؤَادُ وَحْشَها فُيصَادُها قال: فسره ثعلب فقال: العَلَمان اسم امرأَة؛ يقول: أُريد أَن أَنساها فلا أَقْدِرُ على ذلك، ولم يزد على هذا التفسير.
وكلب وصقر صَيُود وكذلك الأُنثى والجمع صُيُد. قال: وحكى سيبويه عن يونس صِيدٌ أَيضاً، وكذلك فيمن قال رُسْل مخففاً؛ قال: وهي اللغة التميمية وتُكْسَرُ الصاد لتسلم الياء.والصَّيُودُ من النساء: السيئة الخُلُق.
وفي حديث الحجاج: قال لامرأَةٍ: إِنَّك كَنُونٌ كَفُوتٌ صَيُودٌ؛ أَراد أَنها تَصِيدُ شيئاً من زوجها، وفَعُولٌ من أَبْنِية المُبالغة.
والأَصْيَد: الذي لا يَسْتَطِيعُ الالتفاتَ، وقد صَيِدَ صَيَداً وصادَ، ومَلِكٌ أَصْيَدُ، وأَصْيَدَ الله بَعيرَهُ؛ قال ابن سيده: قال سيبويه: لم يُعِلُّوا الياء حين لحقته الزيادة وإِن لم يقولوا اصْيَدَّ تشبيهاً له بعَوِرَ.
والصادُ: عِرْق بين الأَنف والعين. ابن السكيت: الصادُ والصِّيد والصَّيَدُ داءٌ يصيب الإِبل في رؤُوسها فيسيل من أُنوفِها مِثْلُ الزَّبَد وتَسْمُو عند ذلك برؤُوسها.
وفي الحديث أَنه قال لعليّ: أَنتَ الذائِدُ عن حَوْضِي يومَ القيامةِ، تَذُودُ عنه الرجال كما يُذادُ البَعِيرُ الصادُ؛ يعني الذي به الصَّيَدُ وهو داء يصيب الإِبل في رؤُوسها فَتَسهيلُ أُنوفها وترفَعُ رؤُوسَهَا ولا تقدر أَن تَلْوِيَ معه أَعناقها. يقال: بعير صادٌ أَي ذو صادٍ، كما يقال: رجل مالٌ ويومٌ راحٌ أَي ذو مالٍ وريح.
وقيل: أَصلُ صادٍ صَيِد، بالكسر. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يروى صادٍ، بالكسر، على أَنه اسم فاعل من الصَّدَى العطش. قال: والصِّيدُ أَيضاً جمع الأَصْيَدِ.
وقال الليث وغيره: الصَّيَدُ مصْدَر الأَصْيَد، وهو الذي يرفع رأْسه كِبْراً؛ ومنه قيل للمَلِك: أَصْيَدُ لأَنه لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، وكذلك الذي لا يستطيع الالتفات من داء، والفعل صَيِدَ، بالكسر، يَصْيدُ؛ قال: أَهل الحجاز يُثْبتون الياء والواو نحو صَيِدَ وعَوِرَ، وغيرهم يقول صادَ يَصادُ وعار يعار. قال الجوهري: وإِنما صحت الياء فيه لصحتها في أَصله لتدل عليه، وهو اصْيَدَّ، بالتشديد، وكذلك اعْوَرَّ لأَن عَوِرَ واعْوَرَّ معناهما واحد، وإِنما حذفت منه الزوائد للتخفيف ولولا ذلك لقلت صادَ وعارَ وقَلَبْتَ الواو أَلفاً كما قلبتها في خاف؛ قال: والدليل على أَنه افْعَلَّ مجيءُ أَخواته على هذا في الأَلوان والعيوب نحو اسْوَدَّ واحْمَرَّ، ولذا قالوا عَوِرَ وعَرِجَ للتخفيف، وكذلك قياس عَمِيَ وإِن لم يسمع، ولهذا لا يقال من هذا الباب ما أَفعله في التعجب، لأَن أَصله يزيد على الثلاثيّ ولا يمكن بناء الرباعيّ من الرباعيّ، وإِنما يبنى الوزن الأَكثر من الأَقل.
وفي حديث ابن الأَكوع: قلت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِني رجل أَصْيَدُ، أَفَأُصَلِّي في القميص الواحد؟ قال: نعم وازْرُره عليك ولو بشَوْكَةٍ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو الذي في رقبته علة لا يمكنه الالتفات معها. قال: والمشهور إِني رجل أَصْيَدُ من الاصطياد. قال: ودواءُ الصَّيَد أَن يُكْوَى مَوْضِعٌ بين عينيه فيذهب الصَّيَد؛ وأَنشد: أَشْفي المَجانِينَ وأَكْوي الأَصْيَدا والصَّادُ: النحاسُ؛ قال أَبو عبيد: الصادُ قدُور الصُّفْرِ والنحاس؛ قال حسان بن ثابت: رَأَيْتُ قُدوُرَ الصادِ حَوْلَ بُيُوتِنا، قبَائِلَ سُحْماً في المَحِلة صُيَّما (* قوله «قبائل» في الأساس قنابل.) والجمع صِيدانٌ، والصادِيُّ منسوب إِليه، وقيل: الصادُ الصُّفْرُ نَفْسُه.
وقال بعضهم: الصَّيْدانُ النُّحاس؛ وقال كعب: وقِدْراً تَغْرَقُ الأَوْصالُ فِيه، من الصَّيْدانِ، مُتْرَعَةً رَكودا والصَّيْدانُ والصَّيْداءُ: حجر أَبيض تُعْمَلُ منه البِرامُ. غيره: والصِّيْدان، بالفتح، بِرامُ الحجارة؛ قال أَبو ذؤيب: وسُودٍ منَ الصَّيْدانِ فيها مَذانِبٌ نُضارٌ، إِذا لم نَسْتَفِدها نُعارُها قال ابن بري: ويروى هذا البيت بفتح الصاد من الصَّيْدان وكسرها، فمن فتحها جعل الصَّيْدان جمع صَيْدانة، فيكون من باب تمر وتمرة، ومن كسرها جعلها جمع صاد للنحاس، ويكون صادٌ وصيدانٌ بمنزلة تاج وتيجان.
وقوله فيها مذانِبُ نُضارٌ، يريد فيها مغارِفُ معمولة من النُّضار، وهو شجر معروف. قال: وأَما الحجارة التي تُعمل منها القُدور فهي الصَّيْداءُ، بالمدّ.
وقال النضر: الصَّيداءُ الأَرض التي تُرْبتها حمراء غليظة الحجارة مستوية بالأَرض.
وقال أَبو وَجُزةَ: الصَّيْداء الحصى؛ قال الشماخ: حَذاها مِنَ الصَّيْداءِ نَعْلاً طِراقُها حَوامي الكُراع المُؤْيَداتِ المعاور أَي حذاها حوّة (* قوله «حوة» كذا بالأصل المعوّل عليه والذي لياقوت في معجمه حرة، بالراء.) نِعالها الصخور. أَبو عمرو: الصَّيْداءُ الأَرض المستوية إِذا كان فيها حصر فهي قاع؛ قال: ويكون في البُرْمَةِ صَيْدانٌ وصيداء يكون فيها كهيئة بريق الذهب والفضة، وأَجوده ما كان كالذهب؛ وأَنشد:طِلْحٌ كَضاحِيَة الصَّيْداء مَهْزُولُ وصَيْدان الحصى: صغارها.
والصَّيْداء: أَرْضٌ عَليظَةٌ ذاتُ حجارة.
وبنو الصَّيْداءِ: حيّ من بني أَسَد.
وصَيْداء: موضع؛ وقيل: ماء بعينه.
والصائد: السّاقُ بلغة أَهل اليمن. ابن السكيت: والصَّيْدانَةُ الغول.
والصَّيْدانَةُ من النساء: السَّيّئَةُ الخُلُق الكثيرة الكلام.
وفي حديث جابر: كان يحلف أَنَّ ابنَ صَيَّادٍ الدجالُ، وقد اختلف الناس فيه كثيراً.
وهو رجل من اليهود أَو دَخِيلٌ فيهم، واسمه صافُ فيما قيل، وكان عنده شيء من الكَهانَة أَو السِّحْر، وجملة أَمره أَنه كان فِتْنَةً امْتَحَن اللهُ به عباده المؤمنين ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيّنَة ويحيا مَنْ حَيَّ عن بينة، ثم إِنه مات بالمدينة في الأَكثر، وقيل إِنه فُقِدَ يوم الحَرَّة فلم يجدوه، والله أَعلم.

جهد (لسان العرب) [0]


الجَهْدُ والجُهْدُ: الطاقة، تقول: اجْهَد جَهْدَك؛ وقيل: الجَهْد المشقة والجُهْد الطاقة. الليث: الجَهْدُ ما جَهَد الإِنسان من مرض أَو أَمر شاق، فهو مجهود؛ قال: والجُهْد لغة بهذا المعنى.
وفي حديث أُمِّ معبد: شاة خَلَّفها الجَهْد عن الغنم؛ قال ابن الأَثير: قد تكرر لفظ الجَهْد والجُهْد في الحديث، وهو بالفتح، المشقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، فأَما في المشقة والغاية فالفتح لا غير؛ ويريد به في حديث أُم معبد في الشاة الهُزال؛ ومن المضموم حديث الصدقة أَيُّ الصدقة أَفضل، قال: جُهْدُ المُقِلِّ أَيْ قدر ما يحتمله حال القليل المال.
وجُهِدَ الرجل إِذا هُزِلَ؛ قال سيبويه: وقالوا طلبتَه جُهْدَك، أَضافوا المصدر . . . أكمل المادة وإِن كان في موضع الحال، كما أَدخلوا فيه الأَلف واللام حين قالوا: أَرسَلَها العِراكَ؛ قال: وليس كل مصدر مضافاً كما أَنه ليس كل مصدر تدخله الأَلف واللام.وجَهَدَ يَجْهَدُ جَهْداً واجْتَهَد، كلاهما: جدَّ.
وجَهَدَ دابته جَهْداً وأَجْهَدَها: بلغ جَهْدها وحمل عليها في السير فوق طاقتها. الجوهري: جَهَدْته وأَجْهَدْته بمعنى؛ قال الأَعشى: فجالتْ وجالَ لها أَرْبعٌ، جَهَدْنا لها مَعَ إِجهادها وجَهْدٌ جاهد: يريدون المبالغة، كما قالوا: شِعْرٌ شَاعر ولَيْل لائل؛ قال سيبويه: وتقول جَهْدواي أَنك ذاهب؛ تجعل جَهْد (* قوله «تجعل جهد إلخ» كذا بالأصل ولم يتكلم على بقية الكلمة.) ظرفاً وترفع أَن به على ما ذهبوا إِليه في قولهم حقاً أَنك ذاهب.
وجُهِد الرجل: بلغ جُهْده، وقيل: غُمَّ.
وفي خبر قيس بن ذريح: أَنه لما طلق لُبْنَى اشتدّ عليه وجُهِدَ وضَمِنَ.
وجَهَد بالرجل: امتحنه عن الخير وغيره. الأَزهري: الجَهْد بلوغك غاية الأَمر الذي لا تأْلو على الجهد فيه؛ تقول: جَهَدْت جَهْدي واجْتَهَدتُ رأْبي ونفسي حتى بلغت مَجهودي. قال: وجهدت فلاناً إِذا بلغت مشقته وأَجهدته على أَن يفعل كذا وكذا. ابن الكسيت: الجَهْد الغاية. قال الفراء: بلغت به الجَهْد أَي الغاية.
وجَهَدَ الرجل في كذا أَي جدَّ فيه وبالغ.
وفي حديث الغسل: إِذا جلس بين شعبها الأَربع ثم جَهَدَها أَي دفعها وحفزها؛ وقيل: الجَهْد من أَسماء النكاح.
وجَهَده المرض والتعب والحب يَجْهَدُه جَهْداً: هزله.
وأَجْهَدَ الشيبُ: كثر وأَسرع؛ قال عدي بن زيد: لا تؤاتيكَ إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجـ ـهَدَ في العارِضَيْن منك القَتِيرُ وأَجْهَدَ فيه الشيب إِجْهاداً إِذا بدا فيه وكثر.
والجُهْدُ: الشيء القليل يعيش به المُقِلُّ على جهد العيش.
وفي التنزيل العزيز: والذين لا يجدون إِلاَّ جُهْدَهم؛ على هذا المعنى.
وقال الفراء: الجُهْدُ في هذه الآية الطاقة؛ تقول: هذا جهدي أَي طاقتي؛ وقرئ: والذين لا يجدون إِلا جُهدهم وجَهدَهم، بالضم والفتح؛ الجُهْد، بالضم: الطاقة، والجَهْد، بالفتح: من قولك اجْهَد جَهْدك في هذا الأَمر أَي ابلغ غايتك، ولا يقال اجْهَد جُهْدك.
والجَهاد: الأَرض المستوية، وقيل: الغليظة وتوصف به فيقال أَرض جَهاد. ابن شميل: الجَهاد أَظهر الأَرض وأَسواها أَي أَشدّها استواء، نَبَتَتْ أَو لم تَنْبُتْ، ليس قربه جبل ولا أَكمة.
والصحراء جَهاد؛ وأَنشد: يَعُودُ ثَرَى الأَرضِ الجَهادَ، ويَنْبُتُ الـ ـجَهادُ بها، والعُودُ رَيَّانُ أَخضر أَبو عمرو: الجَماد والجَهاد الأَرض الجدبة التي لا شيء فيها، والجماعة جُهُد وجُمُد؛ قال الكميت: أَمْرَعَتْ في نداه إِذ قَحَطَ القط ـرُ، فأَمْسى جَهادُها ممطورا قال الفراء: أَرض جَهاد وفَضاء وبَراز بمعنى واحد.
وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام، نزل بأَرضٍ جَهادٍ؛ الجَهاد، بالفتح، الأَرض الصلبة، وقيل: هي التي لا نبات بها؛ وقول الطرمَّاح: ذاك أَمْ حَقْباءُ بَيْدانة، غَرْبَةُ العَيْنِ جَهادُ السَّنام جعل الجهاد صفة للأَتان في اللفظ وإِنما هي في الحقيقة للأَرض، أَلا ترى أَنه لو قال غربة العين جهاد لم يجز، لأَن الأَتان لا تكون أَرضاً صلبة ولا أَرضاً غليظة؟ وأَجْهَدَتْ لك الأَرض: برزت.
وفلان مُجهِد لك: محتاط.
وقد أَجْهَد إِذا احتاط؛ قال: نازَعْتُها بالهَيْنُمانِ وغَرَّها قِيلِي: ومَنْ لكِ بالنَّصِيح المُجْهِدِ؟ ويقال: أَجْهَدَ لك الطريقُ وأَجهَدَ لك الحق أَي برز وظهر ووضح.
وقال أَبو عمرو بن العلاء: حلف بالله فَأَجْهد وسار فَأَجْهَد، ولا يكون فَجَهَد.
وقال أَبو سعيد: أَجْهَدَ لك الأَمر أَي أَمكنك وأَعرض لك. أَبو عمرو: أَجْهَدَ القوم لي أَي أَشرفوا؛ قال الشاعر: لما رأَيتُ القومَ قد أَجهَدوا، ثُرْت إِليهم بالحُسامِ الصَّقِيلْ الأَزهري عن الشعبي قال: الجُهْدُ في الغُنْيَة والجَهْدُ في العمل. ابن عرفة: الجُهد، بضم الجيم، الوُسع والطاقة، والجَهْدُ المبالغة والغاية؛ ومنه قوله عزّ وجل: جَهْد أَيمانهم؛ أَي بالغوا في اليمين واجتهدوا فيها.
وفي الحديث: أَعوذ بالله من جَهْد البلاء؛ قيل: إِنها الحالة الشاقة التي تأْتي على الرجل يختار عليها الموت.
ويقال: جَهْد البلاء كثرة العيال وقلة الشيء.
وفي حديث عثمان: والناس في جيش العسرة مُجْهِدون أَي معسرون. يقال: جُهِدَ الرجل فهو مجهود إِذا وجد مشقة، وجُهِدَ الناس فهم مَجُهودون إِذا أَجدبوا؛ فأَما أَجْهَدَ فهو مُجْهِدٌ، بالكسر، فمعناه ذو جَهْد ومشقة، أَو هو من أَجهَد دابته إِذا حمل عليها في السير فوق طاقتها.
ورجل مُجْهِد إِذا كان ذا دابة ضعيفة من التعب، فاستعاره للحال في قلة المال.
وأُجْهِد فهو مُجْهَد، بالفتح، أَي أَنه أُوقع في الجهد المشقة.
وفي حديث الأَقرع والأَبرص: فوالله لا أُجْهَدُ اليومَ بشيء أَخذته لله، لا أَشُقُّ عليك وأَرُدُّك في شيء تأْخذه من مالي لله عز وجل.
والمجهود: المشتهَى من الطعام واللبن؛ قال الشماخ يصف إِبلاً بالغزارة: تَضْحَى، وقد ضَمِنَتْ ضَرَّاتُها غُرَفاً من ناصِعِ اللون، حُلْوِ الطَّعْمِ، مَجْهودِ فمن رواه حلو الطعم مجهود أَراد بالمجهود: المشتهى الذي يلح عليه في شربه لطيبه وحلاوته، ومن رواه حلو غير مجهود فمعناه: أَنها غزار لا يجهدها الحلب فينهك لبنها؛ وفي المحكم: معناه غير قليل يجهد حلبه أَو تجهد الناقة عند حلبه؛ وقال الأَصمعي في قوله غير مجهود: أَي أَنه لا يمذق لأَنه كثير. قال الأَصمعي: كل لبن شُدَّ مَذْقُهُ بالماء فهو مجهود.
وجَهَدت اللبن فهو مجهود أَي أَخرجت زبده كله.
وجَهدْتُ الطعامَ: اشتهيته.
والجاهد: الشهوان.
وجُهِدَ الطعام وأُجْهِد أَي اشتُهِيَ.
وجَهَدْتُ الطعامَ: أَكثرت من أَكله.
ومرعى جَهِيد: جَهَدَه المال.
وجُهِدَ الرجل فهو مجهود من المشقة. يقال: أَصابهم قحوط من المطر فجُهِدُوا جَهْداً شديداً.
وجَهِدَ عيشهم، بالكسر، أَي نكد واشتد.
والاجتهاد والتجاهد: بذل الوسع والمجهود.
وفي حديث معاذ: اجْتَهَدَ رَأْيَ الاجْتِهادِ؛ بذل الوسع في طلب الأَمر، وهو افتعال من الجهد الطاقة، والمراد به رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إِلى الكتاب والسنة، ولم يرد الرأْي الذي رآه من قبل نفسه من غير حمل على كتاب أَو سنة.أَبو عمرو: هذه بقلة لا يَجْهَدُها المال أَي لا يكثر منها، وهذا كَلأٌ يَجْهَدُه المال إِذا كان يلح على رعيته.
وأَجْهَدوا علينا العداوة: جدُّوا.
وجاهَدَ العدوَّ مُجاهَدة وجِهاداً: قاتله وجاهَد في سبيل الله.
وفي الحديث: لا هِجرة بعد الفتح ولكن جِهاد ونِيَّةٌ؛ الجهاد محاربة الأَعداء، وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أَو فعل، والمراد بالنية إِخلاص العمل لله أَي أَنه لم يبق بعد فتح مكة هجرة لأَنها قد صارت دار إِسلام، وإِنما هو الإِخلاص في الجهاد وقتال الكفار.
والجهاد: المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أَو اللسان أَو ما أَطاق من شيء.
وفي حديث الحسن: لا يَجْهَدُ الرجلُ مالَهُ ثم يقعد يسأَل الناس؛ قال النضر: قوله لا يجهد ماله أَي يعطيه ويفرقه جميعه ههنا وههنا؛ قال الحسن ذلك في قوله عز وجل: يسأَلونك ماذا ينفقون قل العفو. ابن الأَعرابي: الجَهاض والجَهاد ثمر الأَراك.
وبنو جُهادة: حيّ، والله أَعلم.

بلا (لسان العرب) [0]


بَلَوْتُ الرجلَ بَلْواً وبَلاءً وابْتَلَيْته: اخْتَبَرْته، وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه واخْتَبَره.
وفي حديث حذيفة: لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً.
وقد ابْتَلَيْتُه فأَبْلاني أَي اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني.
وفي حديث أُم سلمة: إنَّ مِنْ أَصْحابي مَنْ لا يَراني بَعدَ أَن فارَقَني، فقال لها عمر: بالله أَمِنْهم أَنا؟ قالت: لا ولن أُبْلِيَ أَحداً بعدَكَ أَي لا أُخبِر بعدَك أَحداً، وأَصله من قولهم أَبْلَيتُ فُلاناً يميناً إذا حلفتَ له بيمين طَيَّبْتَ بها نفسه.
وقال ابن الأَعرابي: أَبْلى بمعنى أَخْبَر.
وابْتَلاه الله: امْتَحَنَه، والاسم البَلْوَى والبِلْوَةُ والبِلْيَةُ والبَلِيَّةُ والبَلاءُ، وبُلِيَ بالشيء بَلاءً وابْتُلِيَ؛ والبَلاءُ يكون في الخير والشر. يقال: ابْتَلَيته بلاءً حسناً وبَلاءً سيِّئاً، والله تعالى يُبْلي . . . أكمل المادة العبدَ بَلاءً حسناً ويُبْلِيه بلاءً سيِّئاً، نسأَل الله تعالى العفو والعافية، والجمع البَلايا، صَرَفُوا فَعائِلَ إلى فَعالى كما قيل في إداوة. التهذيب: بَلاه يَبْلُوه بَلْواً، إذا ابتَلاه الله ببَلاء، يقال: ابْتَلاه الله ببَلاء.
وفي الحديث: اللهم لا تُبْلنا إلاّ بالتي هي أَحسن، والاسم البَلاء، أَي لا تَمْتَحِنَّا.
ويقال: أَبْلاه الله يُبْلِيه إبْلاءً حسناً إذا صنع به صُنْعاً جميلاً.
وبَلاه اللهُ بَلاء وابْتَلاه أَي اختَبره.
والتَّبالي: الاختبار.
والبَلاء: الاختبار، يكون بالخير والشر.
وفي كتاب هرقل: فَمَشى قَيْصر إلى إيلِياء لمَّا أَبْلاهُ الله. قال القتيبي: يقال من الخير أَبْلَيْته إبْلاء، ومن الشر بَلَوْته أَبْلُوه بَلاءً، قال: والمعروف أَن الابتلاء يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعليهما؛ ومنه قوله تعالى: ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة؛ قال: وإنما مشى قيصر شكراً لاندفاع فارس عنه. قال ابن بري: والبَلاء الإنعام؛ قال الله تعالى: وآتيناهم من الآيات ما فيه بَلاء مبين؛ أَي إنعام بَيِّن.
وفي الحديث: مَنْ أُبْليَ فَذَكَرَ فَقَد شَكَرَ؛ الإبلاء: الإنعام والإحسان. يقال: بَلَوْت الرجلَ وأَبْلَيْت عندَه بَلاء حسناً.
وفي حديث كعب بن مالك: ما عَلِمْتُ أَحداً أَبْلاه الله أَحسنَ مِمَّا أَبْلاني، والبَلاءُ الاسم، ممدودٌ. يقال: أَبْلاه اللهُ بَلاءً حسناً وأَبْلَيْته معروفاً؛ قال زهير: جَزَى اللهُ بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ، وأَبْلاهما خيرَ البَلاء الَّذي يَبْلُو أَي صَنَع بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده.
ويقال: بُلِيَ فلانٌ وابْتُلِيَ إذا امْتُحِنَ. اسم من بَلاه الله يَبْلُوه.
وفي حديث حذيفة: أَنه أُقِيمَتِ الصلاةُ فَتَدافَعوها فَتَقدَّمَ حذيفة فلما سَلَّم من صلاته قال: لتَبْتَلُنَّ لَها إماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً؛ قال شمر: قوله لتَبْتَلُنَّ لها إماماً يقول لتَخْتارُنَّ، وأَصله من الابتلاء الاختبار من بلاه يبلوه، وابتلاه أَي جَرَّبه؛ قال: وذكره غيره في الباء والتاء واللام وهو مذكور في موضعه وهو أشبه.
ونزلت بلاءِ على الكفار مثل قَطامِ: يعني البلاءَ.
وأَبْلَيْت فلاناً عُذراً أَي بَيَّنت وجه العذر لأُزيل عني اللوم.
وأَبْلاه عُذراً: أَدَّاه إليه فقبله، وكذلك أَبْلاه جُهْدَه ونائِلَه.
وفي الحديث: إنما النذْرُ ما ابْتُلِيَ به وجه الله أَي أُريد به وجههُ وقُصِدَ به.
وقوله في حديث برّ الوالدين: أَبْلِ الله تعالى عُذْراً في بِرِّها أَي أَعْطِه وأَبْلِغ العُذرَ فيها إليه؛ المعنى أَحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياها.
وفي حديث سعد يوم بدر: عَسَى أَن يُعْطَى هذا مَن لا يُبْلي بَلائي أَي يعملُ مثلَ عملي في الحرب، كأَنه يريد أَفعل فعلاً أُخْتَبَر به فيه ويظهر به خيري وشري. ابن الأَعرابي: ويقال أَبْلَى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أَو كرم. يقال : أَبْلَى ذلك اليومَ بَلاءً حسناً، قال: ومثله بالَى يُبالي مُبالاةً؛ وأَنشد:ما لي أَراكَ قائماً تُبالي، وأَنتَ قد قُمْتَ من الهُزالِ؟ قال: سمعه وهو يقول أَكلْنا وشربْنا وفعَلْنا، يُعَدِّد المكارمَ وهو في ذلك كاذب؛ وقال في موضع آخر: معناه تبالي تنظر أَيهم أَحسن بالاً وأَنت هالك. قال: ويقال بالَى فلانٌ فلاناً مُبالاةً إذا فاخَرَه، وبالاهُ يُباليهِ إذا ناقَصَه، وبالَى بالشيء يُبالي به إذا اهْتَمَّ به، وقيل: اشتقاقُ بالَيْتُ من البَالِ بالِ النفسِ، وهو الاكْتِراثُ؛ ومنه أَيضاً: لم يَخْطُرْ بِبالي ذلك الأَمر أَي لم يُكْرِثْني.
ورجلٌ بِلْوُ شَرٍّ وبِلْيُ خَيرٍ أَي قَوِيٌّ عليه مبتَلًى به.
وإنه لَبِلْوٌ وبِلْيٌ من أَبْلاء المالِ أَي قَيِّمٌ عليه.
ويقال للراعي الحسنِ الرِّعْيَة: إنه لَبِلْوٌ من أَبْلائها، وحِبْلٌ من أَحْبالِها، وعِسْلٌ من أَعسالها، وزِرٌّ من أَزرارِها؛ قال عمر بن لَجَإ: فصادَفَتْ أَعْصَلَ من أَبْلائها، يُعْجِبُه النَّزْعُ على ظمائها قلبت الواو في كل ذلك ياء للكسرة وضعف الحاجز فصارت الكسرة كأَنها باشرت الواو.
وفلان بِلْيُ أَسفارٍ إذا كان قد بَلاهُ السفر والهَمُّ ونحوهما. قال ابن سيده: وجعل ابن جني الياء في هذا بدلاً من الواو لضعف حجز اللام كما ذكرناه في قوله فلان من عِلْيَةِ الناس.
وبَلِيَ الثوبُ يَبْلَى بِلًى وبَلاء وأَبْلاه هو؛ قال العجاج: والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاءَ السِّربالْ كرُّ الليالي وانْتِقالُ الأَحوالْ أَراد: إبلاء السربال، أَو أَراد: فيَبْلى بَلاء السِّربال، إذا فَتَحتَ الباء مَدَدْتَ وإذا كَسرْتَ قَصَرْتَ، ومثله القِرى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ.
وبَلاَّه: كأَبْلاهُ؛ قال العُجَير السلولي: وقائِلَةٍ: هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ به أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور رَأَتْني تجاذَبْتُ الغَداةَ، ومَن يَكُنْ فَتًى عامَ عامَ الماء، فَهْوَ كَبير وقال ابن أَحمر: لَبِسْتُ أَبي حتى تَبَلَّيْتُ عُمْرَه، وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ خالِيا يريد أَي عشت المدة التي عاشها أَبي، وقيل: عامَرتُه طُول حياتي، وأَبْلَيْتُ الثَّوبَ. يقال للمُجِدِّ: أَبْلِ ويُخْلِفُ الله، وبَلاَّهُ السَّفَرُ وبَلَّى عليه وأَبْلاه؛ أَنشد ابن الأَعرابي؛ قَلُوصانِ عَوْجاوانِ، بَلَّى عَليهِما دُؤوبُ السُّرَى، ثم اقْتِداحُ الهَواجِر وناقَةٌ بِلْوُ سفرٍ، بكسر الباء: أَبلاها السفر، وفي المحكم: قد بَلاَّها السفر، وبِلْيُ سَفَر وبِلْوُ شَرّ وبِلْيُ شرّ ورَذِيَّةُ سَفَرٍ ورَذِيُّ سَفَر ورَذاةُ سَفَرٍ، ويجمع رَذِيَّات، وناقة بَلِيَّة: يموت صاحبها فيحفر لديها حفرة وتشدّ رأْسها إلى خلْفها وتُبْلَى أَي تترك هناك لا تعلف ولا تسقى حتى تموت جوعاً وعطشاً. كانوا يزعمون أَن الناس يحشرون يوم القيامة ركباناً على البلايا، أَو مُشاة إذا لم تُعْكسَ مَطاياهم على قبورهم، قلت: في هذا دليل على أَنهم كانوا يرون في الجاهلية البعث والحشر بالأَجساد، تقول منه: بَلَّيتُ وأَبْلَيْت؛ قال الطرماح: مَنازِل لا تَرَى الأَنْصابَ فيها، ولا حُفَرَ المُبَلّي لِلمَنون أَي أَنها منازل أَهل الإسلام دون الجاهلية.
وفي حديث عبد الرزاق: كانوا في الجاهلية يَعْقِرُون عندَ القبر بَقَرة أَو ناقة أَو شاةً ويُسمُّون العَقِيرَة البَلِيَّة، كان إذا مات لهم من يَعِزّ عليهم أَخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا تعلف ولا تسقى إلى أَن تموت، وربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أَن تموت.
وبَلِيَّة: بمعنى مُبْلاةٍ أَو مُبَلاَّة، وكذلك الرَّذِيَّة بمعنى مُرَذَّاة، فعِيلة بمعنى مُفْعَلة، وجمعُ البَلِيَّةِ الناقةِ بَلايا، وكان أَهل الجاهلية يفعلون ذلك.
ويقال: قامت مُبَلِّيات فلان يَنُحْنَ عليه، وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته فيَنُحْنَ إذا مات أَو قُتل؛ وقال أَبو زُبيد: كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا، مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدود المحكم: ناقة بِلْوُ سفر قد بلاها السفر، وكذلك الرجل والبعير، والجمع أَبلاءٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لجَندَل بن المثنى: ومَنْهَلٍ من الأَنيس ناء، شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ، داوَيْتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ابن الأَعرابي: البَلِيُّ والبَلِيَّةُ والبَلايا التي قد أَعْيت وصارت نِضْواً هالكاً.
ويقال: فاقتك بِلْوُ سفر إذا أَبلاها السفر. المحكم: والبَلِيَّة الناقة أَو الدابة التي كانت تُعْقَلُ في الجاهلية، تُشدّ عند قبر صاحبها لا تعلف ولا تسقى حتى تموت، كانوا يقولون إن صاحبها يحشر عليها؛ قال غَيْلان بن الرَّبعِي: باتَتْ وباتُوا، كَبَلايا الأَبْلاءُ، مُطْلَنْفِئِينَ عِندَها كالأَطْلاءْ يصف حَلْبة قادها أَصحابها إلى الغاية، وقد بُلِيت.
وأَبْلَيْت الرجلَ: أَحلفته.
وابْتَلَى هو: استَحْلف واستَعْرَف؛ قال: تُبَغّي أَباها في الرِّفاقِ وتَبْتَلي، وأَوْدَى به في لُجَّةِ البَحرِ تمسَحُ أَي تسأَلهم أَن يحلفوا لها، وتقول لهم: ناشدتكم الله هل تعرفون لأَبي خبراً؟ وأَبْلى الرجلَ: حَلَف له؛ قال: وإني لأُبْلي الناسَ في حُبّ غَيْرها، فأَمَّا على جُمْلٍ فإنَي لا أُبْلي أَي أَحلف للناس إذا قالوا هل تحب غيرها أَني لا أُحب غيرها، فأَما عليها فإني لا أَحلف؛ قال أَبو سعيد: قوله تبتلي في البيت الأَول تختبر، والابتلاء الاختبار بيمين كان أَو غيرها.
وأَبلَيْت فلاناً يميناً إبْلاء إذا حلفت له فطيَّبت بها نفسه، وقول أَوس بن حَجَر: كأَنَّ جديدَ الأَرضِ، يُبْليكَ عنهُمُ، تَقِيُّ اليَمينِ، بعدَ عَهْدكَ، حالِفُ أَي يحلف لك؛ التهذيب: يقول كأَن جديد أَرض هذه الدار وهو وجهها لما عفا من رسومها وامَّحَى من آثارها حالفٌ تَقِيّ اليمين، يحلف لك أَنه ما حل بهذه الدار أَحد لِدُروس معاهدها ومعالمها.
وقال ابن السكيت في قوله يبليك عنهم: أَراد كأَنّ جديد الأَرض في حال إبلائه إياك أَي تطييبه إياك حالفٌ تقيّ اليمين.
ويقال: أَبْلى الله فلانٌ إذا حلف؛ قال الراجز: فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا، أَو يُبْلِيَ الله يَميناً صَبْرا ويقال: ابتَلَيْت أَي استَحْلَفتُ؛ قال الشاعر: تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي، ومنْ دُونِ ما يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ أَبو بكر: البِلاءُ هو أَن يقول لا أُبالي ما صَنَعْتُ مُبالاةً وبِلاءً، وليس هو من بَليَ الثوبُ.
ومن كلام الحسن: لم يُبالِهِمُ اللهُ بالَةً.
وقولهم: لا أُباليه لا أَكْتَرِثُ له.
ويقال: ما أُباليهِ بالةً وبالاً؛ قال ابن أَحمر: أَغَدْواً واعَدَ الحَيّ الزِّيالا، وشَوْقاً لا يُبالي العَيْنَ بالا وبِلاءً ومُبالاةً ولم أُبالِ ولم أُبَلْ، على القصر.
وفي الحديث: وتَبْقَى حُثالَةٌ لا يُباليهمُ اللهُ بالةً، وفي رواية: لا يُبالي بهم بالةً أَي لا يرفع لهم قدراً ولا يقيم لهم وزناً، وأَصل بالةً باليةً مثل عافاه عافيةً، فحذفوا الياء منها تخفيفاً كما حذفوا من لم أُبَلْ. يقال: ما بالَيته وما باليت به أَي لم أَكترث به.
وفي الحديث: هؤلاء في الجنة ولا أُبالي وهؤلاء في النار ولا أُبالي؛ وحكى الأَزهري عن جماعة من العلماء: أَن معناه لا أَكره.
وفي حديث ابن عباس: ما أُباليه بالةً.
وحديث الرجل مع عَمَله وأَهلِه ومالِهِ قال: هو أَقَلُّهم به بالةً أَي مبالاة. قال الجوهري: فإذا قالوا لم أُبَلْ حذفوا الأَلف تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما حذفوا الياء من قولهم لا أَدْر، كذلك يفعلون بالمصدر فيقولون ما أُبالِيه بالةً، والأَصل فيه بالية. قال ابن بري: لم يحذف الأَلف من قولهم لم أَبل تخفيفاً، وإنما حذفت لالتقاء الساكنين. ابن سيده: قال سيبويه وسأَلت الخليل عن قولهم لَمْ أُبَلْ فقال: هي من باليت، ولكنهم لما أَسكنوا اللام حذفوا الأَلف لئلا يلتقي ساكنان، وإنما فعلوا ذلك بالجزم لأَنه موضع حذف، فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت عندهم بمنزلة نون يكن حيث أُسكنت، فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن، وإنما فعلوا هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات، وذلك نحو مذ ولد وقد علم، وإنما الأَصل منذ ولدن وقد علم، وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه ويطرد، وزعم أَن ناساً من العرب يقولون لَمْ أُبَلِهِ، لا يزيدون على حذف الأَلف كما حذفوا عُلَبِطاً، حيث كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا أَلف احمَرَّ وأَلف عُلَبِطٍ وواو غَدٍ، وكذلك فعلوا بقولهم بَلِيّة كأَنها بالية بمنزلة العافية، ولم يحذفوا لا أُبالي لأَن الحذف لا يقوى هنا ولا يلزمه حذف، كما أَنهم إذا قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم تحذف، وجعلوا الأَلف تثبت مع الحركة، أَلا ترى أَنها لا تحذف في أُبالي في غير موضع الجزم، وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة؟ وهو بِذِي بِلِّيٍّ وبَلَّى وبُلَّى وبِلَّى وبَلِيٍّ وبِلِيّانٍ وبَلَيانٍ، بفتح الباء واللام إذا بعد عنك حتى لا تعرف موضعه.
وقال ابن جني: قولهم أَتى على ذي بِلِيّانَ غير مصروف وهو علم البعد.
وفي حديث خالد بن الوليد: أَنه قال إن عمر استعملني على الشام وهو له مُهِمٌّ، فلما أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه (* قوله «وصار ثنيه» كذا بالأصل). عزلني واستعمل غيري، فقال رجل: هذا والله الفِتْنةُ؛ فقال خالد: أَما وابنُ الخطاب حيٌّ فلا، ولكن ذاك إذا كان الناس بِذِي بِلِّيٍّ وذِي بَلَّى؛ قوله: أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه أَي قَرَّ قَرارُهُ واطْمَأَنَّ أَمرُه،.
وأَما قوله إذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ فإن أَبا عبيد قال: أَراد تفرّق الناس وأَن يكونوا طوائف وفرقاً من غير إمام يجمعهم، وكذلك كل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلَّيّ، وهو من بَلَّ في الأَرض إذا ذهب، أَراد ضياع أُمور الناس بعده، وفيه لغة أُخرى: بذي بِلِّيان؛ قال: وكان الكسائي ينشد هذا البيت في رجل يطيل النوم: تَنامُ ويَذْهبُ الأَقْوامُ حَتَّى يُقالَ: أُتَوا على ذي بِلِّيانِ يعني أَنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى الموضع الذي لا يعرف مكانهم من طول نومه؛ قال ابن سيده: وصرفه على مذهبه. ابن الأَعرابي: يقال فلان بذي بليّ وذي بليّان إذا كان ضائعاً بعيداً عن أَهله.وتَبْلى وبَلِيٌّ: اسما قبيلتين.
وبَلِيٌّ: حي من اليمن، والنسبة إليهم بَلَوِيٌّ. الجوهري: بَلِيٌّ، على فعيل، قبيلة من قضاعة، والنسبة إليهم بَلَوِيّ.
والأَبْلاءُ: موضع. قال ابن سيده: وليس في الكلام اسم على أَفعال إلاّ الأَبواء والأَنْبار والأَبْلاء.
وبَلَى: جواب استفهام فيه حرف نفي كقولك أَلم تفعل كذا؟ فيقول: بلى.
وبلى: جواب استفهام معقود بالجحد، وقيل: يكون جواباً للكلام الذي فيه الجحد كقوله تعالى: أَلستُ بربكم قالوا بلى. التهذيب: وإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأَنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهو بمنزله بل، وبل سبيلها أَن تأَتي بعد الجحد كقولك: ما قام أَخوك بل أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بل أَباك، قال: وإذا قال الرجل للرجل أَلا تقوم؟ فقال له: بلى، أَراد بل أَقوم، فزادوا الأَلف على بل ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بل كان يتوقع كلاماً بعد بل، فزادوا الأَلف ليزول عن المخاطَب هذا التوهم. قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار إلا أَياماً معدودة، ثم قال: بلى من كسب سيئة؛ والمعنى بل من كسب سيئة؛ وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جحد أَو إيجاب، قال: وبلى يكون إيجاباً للمنفي لا غير. الفراء قال: بل تأْتي لمعنيين: تكون إضراباً عن الأَول وإيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار لا بل ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً؛ قال: وهي لغة بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ. ابن سيده: وقوله عز وجل: بَلَى قد جاءتك آياتي؛ جاء ببلى التي هي معقودة بالجحد، وإن لم يكن في الكلام لفظ جحد، لأَن قوله تعالى: لو أَن الله هداني؛ في قوّة الجحد كأَنه قال ما هُدِيتُ، فقيل بلى قد جاءتك آياتي؛ قال ابن سيده: وهذا محمول على الواو لأَن الواو أَظهر هنا من الياء، فحملت ما لم تظهر فيه عى ما ظهرت فيه؛ قال: وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى، فإذا كان ذلك فهو من الياء.
وقال بعض النحويين: إنما جازت الإمالة في بلى لأَنها شابهت بتمام الكلام واستقلاله بها وغنائها عما بعدها الأَسماء المستقبلة بأَنفسها، فمن حيث جازت إمالة الأَسماء جازت أَيضاً إمالة بلى، أَلا ترى أَنك تقول في جواب من قال أَلم تفعل كذا وكذا: بلى، فلا تحتاج لكونها جواباً مستقلاً إلى شيء بعدها، فلما قامت بنفسها وقويت لحقت في القوة بالأَسماء في جواز إمالتها كما أُميل أنَّى ومتى. الجوهري: بلى جواب للتحقيق يوجب ما يقال لك لأَنها ترك للنفي، وهي حرف لأَنها نقيضة لا، قال سيبويه: ليس بلى ونعم اسمين، وقال: بلْ مخففٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه مثل إعرابه، وهو الإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءني زيد بل عمرو، وما رأَيت زيداً بل عمراً، وجاءني أَخوك بل أَبوك، تعطف بها بعد النفي والإثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز: بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ يعني رب مهمه، كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر: بَلْ جَوْز تَيْهاءَ كظَهْرِ الحَجَفَتْ وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق؛ قال الأَخفش عن بعضهم: إن بل ههنا بمعنى إنّ، فلذلك صار القسم عليها؛ قال: وربما استعملته العرب في قطع كلام واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول: بل ما هاجَ أَحزاناً وشَجْواً قَدْ شَجَا ويقول: بل وبَلْدَةٍ ما الإنسُ منْ آهالِها

حرف (لسان العرب) [0]


الحَرْفُ من حُروف الهِجاء: معروف واحد حروف التهجي.
والحَرْفُ: الأَداة التي تسمى الرابِطةَ لأَنها تَرْبُطُ الاسمَ بالاسم والفعلَ بالفعل كعن وعلى ونحوهما، قال الأَزهري: كلُّ كلمة بُنِيَتْ أَداةً عارية في الكلام لِتَفْرِقَة المعاني واسمُها حَرْفٌ، وإن كان بناؤها بحرف أَو فوق ذلك مثل حتى وهل وبَلْ ولعلّ، وكلُّ كلمة تقرأُ على الوجوه من القرآن تسمى حَرْفاً، تقول: هذا في حَرْف ابن مسعود أَي في قراءة ابن مسعود. ابن سيده: والحَرْفُ القِراءة التي تقرأُ على أَوجُه، وما جاء في الحديث من قوله، عليه السلام: نزل القرآن على سبعة أَحْرُف كلُّها شافٍ كافٍ، أَراد بالحرْفِ اللُّغَةَ. قال أَبو عبيد وأَبو العباس. . . . أكمل المادة نزل على سبع لُغات من لغات العرب، قال: وليس معناه أَن يكون في الحرف الواحد سبعة أَوجُه هذا لم يسمع به، قال: ولكن يقول هذه اللغات متفرّقة في القرآن، فبعضه بلغة قُرَيْشٍ، وبعضه بلغة أَهل اليمن، وبعضه بلغة هوازِنَ، وبعضه بلغة هُذَيْل، وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحد، وقال غيره: وليس معناه أَن يكون في الحرف الواحد سبعةُ أَوجه، على أَنه قد جاء في القرآن ما قد قُرِئ بسبعة وعشرة نحو: ملك يوم الدين وعبد الطاغوت، ومـما يبين ذلك قول ابن مسعود: إني قد سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرأُوا كما عُلِّمْتمْ إنما هو كقول أَحدكم هَلمّ وتعالَ وأَقْبِلْ. قال ابن الأَثير: وفيه أَقوال غير ذلك، هذا أَحسنها.
والحَرْفُ في الأَصل: الطَّرَفُ والجانِبُ، وبه سمي الحَرْفُ من حروف الهِجاء.
وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن قوله نزل القرآن على سبعة أَحرف فقال: ما هي إلا لغات. قال الأَزهري: فأَبو العباس النحْويّ وهو واحد عصْره قد ارتضى ما ذهب إليه أَبو عبيد واستصوَبه، قال: وهذه السبعة أَحرف التي معناها اللغات غير خارجة من الذي كتب في مصاحف المسلمين التي اجتمع عليها السلَف المرضيُّون والخَلَف المتبعون، فمن قرأَ بحرف ولا يُخالِفُ المصحف بزيادة أَو نقصان أَو تقديم مؤخّرٍ أَو تأْخير مقدم، وقد قرأَ به إمام من أَئمة القُرّاء المشتهرين في الأَمصار، فقد قرأَ بحرف من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها، ومن قرأَ بحرف شاذّ يخالف المصحف وخالف في ذلك جمهور القرّاء المعروفين، فهو غير مصيب، وهذا مذهب أَهل العلم الذين هم القُدوة ومذهب الراسخين في علم القرآن قديماً وحديثاً، وإلى هذا أَوْمأَ أَبو العباس النحوي وأَبو بكر بن الأَنباري في كتاب له أَلفه في اتباع ما في المصحف الإمام، ووافقه على ذلك أَبو بكر بن مجاهد مُقْرِئ أَهل العراق وغيره من الأَثبات المتْقِنِين، قال: ولا يجوز عندي غير ما قالوا، واللّه تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع.
وحَرْفا الرأْس: شِقاه.
وحرف السفينة والجبل: جانبهما، والجمع أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ. شمر: الحَرْفُ من الجبل ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئة الدُّكانِ الصغير أَو نحوه. قال: والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلاه تَرى له حَرْفاً دقيقاً مُشفِياً على سَواء ظهره. الجوهري: حرْفُ كل شيء طَرفُه وشفِيرُه وحَدُّه، ومنه حَرْفُ الجبل وهو أَعْلاه الـمُحدَّدُ.
وفي حديث ابن عباس: أَهلُ الكتاب لا يأْتون النِّساء إلا على حَرْفٍ أَي على جانب.
والحَرْفُ من الإبل: النَّجِيبة الماضِيةُ التي أَنـْضَتها الأَسفار، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودِقَّتها، وقيل: هي الضّامِرةُ الصُّلْبَةُ، شبهت بحرف الجبل في شِدَّتها وصَلابتها؛ قال ذو الرمة:جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يَشُلُّها وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ فلو كان الحَرْفُ مهزولاً لم يصفها بأَنها جُمالية سِناد ولا أَنَّ وظِيفَها رَيّانُ، وهذا البيت يَنْقُضُ تفسير من قال ناقة حرف أَي مهزولة، شبهت بحرف كتابة لدقّتها وهُزالها؛ وروي عن ابن عمر أَنه قال: الحرْف الناقة الضامرة، وقال الأَصمعي: الحرْفُ الناقة المهزولة؛ قال الأَزهري: قال أَبو العباس في تفسير قول كعب بن زهير: حَرْفٌ أَخُوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ، وعَمُّها خالُها قَوْداء شِمْلِيلُ قال: يصف الناقة بالحرف لأَنها ضامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحرْف من حروف المعجم وهو الأَلف لدِقَّتِها، وتشبّه بحرف الجبل إذا وصفت بالعِظَمِ.
وأَحْرَفْتُ ناقتي إذا هَزَلْتَها؛ قال ابن الأَعرابي: ولا يقال جملٌ حَرْف إنما تُخَصّ به الناقةُ؛ وقال خالد بن زهير: مَتَى ما تَشأْ أَحْمِلْكَ، والرَّأْسُ مائِلٌ، على صَعْبةٍ حَرْفٍ، وشِيكٍ طُمُورُها كَنَى بالصعبةِ الحرْفِ عن الدَّاهِيةِ الشديدة، وإن لم يكن هنالك مركوب.
وحرْفُ الشيء: ناحِيَتُه.
وفلان على حَرْف من أَمْره أَي ناحيةٍ منه كأَنه ينتظر ويتوقَّعُ، فإن رأَى من ناحية ما يُحِبُّ وإلا مال إلى غيرها.
وقال ابن سيده: فلان على حَرْف من أَمره أَي ناحية منه إذا رأَى شيئاً لا يعجبه عدل عنه.
وفي التنزيل العزيز: ومن الناس من يَعْبُدُ اللّه على حَرْف؛ أَي إذا لم يرَ ما يحب انقلب على وجهه، قيل: هو أَن يعبده على السرَّاء دون الضرَّاء.
وقال الزجاج: على حَرْف أَي على شَكّ، قال: وحقيقته أَنه يعبد اللّه على حرف أَي على طريقة في الدين لا يدخُل فيه دُخُولَ متمكّن، فإن أَصابه خير اطمأَنّ به أَي إن أَصابه خِصْبٌ وكثُرَ مالُه وماشِيَتُه اطْمَأَنَّ بما أَصابه ورضِيَ بدينه، وإن أَصابته فِتْنَةٌ اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّة مالٍ انقلب على وجهه أَي رجع عن دينه إلى الكفر وعِبادة الأَوْثان.
وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: أَما تسميتهم الحرْف حرْفاً فحرف كل شيء ناحيته كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره. قال الأَزهري: كأَن الخير والخِصْب ناحية والضرّ والشرّ والمكروه ناحية أُخرى، فهما حرفان وعلى العبد أَن يعبد خالقه على حالتي السرّاء والضرَّاء، ومن عبد اللّه على السرَّاء وحدها دون أَن يعبده على الضرَّاء يَبْتَلِيه اللّه بها فقد عبده على حرف، ومن عبده كيفما تَصَرَّفَتْ به الحالُ فقد عبده عبادة عَبْدٍ مُقِرّ بأَنَّ له خالقاً يُصَرِّفُه كيف يَشاء، وأَنه إن امـْتَحَنَه بالَّلأْواء أَو أَنـْعَم عليه بالسرَّاء، فهو في ذلك عادل أَو متفضل غير ظالم ولا متعدّ له الخير، وبيده الخير ولا خِيرةَ للعبد عليه.
وقال ابن عرفة: من يعبد اللّه على حرف أَي على غير طمأْنينة على أَمر أَي لا يدخل في الدين دخول متمكن.
وحَرَفَ عن الشيء يَحْرِفُ حَرْفاً وانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ: عَدَلَ . الأَزهري.
وإذا مالَ الإنسانُ عن شيء يقال تَحَرَّف وانحرف واحرورف؛ وأَنشد العجاج في صفة ثور حَفَرَ كِناساً فقال: وإنْ أَصابَ عُدَواء احْرَوْرَفا عنها، وولاَّها ظُلُوفاً ظُلَّفا أَي إِن أَصابَ مَوانِع.
وعُدَواءُ الشي: مَوانِعُه.
وتَحْرِيفُ القلم: قَطُّه مُحَرَّفاً.
وقَلمٌ مُحَرَّفٌ: عُدِلَ بأَحد حَرفَيْه عن الآخر؛ قال: تَخالُ أُذْنَيْهِ، إذا تَشَوَّفا، خافِيةً أَو قَلَماً مُحَرَّفا وتَحْرِيفُ الكَلِم عن مواضِعِه: تغييره.
والتحريف في القرآن والكلمة: تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود تُغَيِّرُ مَعانَي التوراة بالأَشباه، فوصَفَهم اللّه بفعلهم فقال تعالى: يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعه.
وقوله في حديث أَبي هريرة: آمَنْتُ بمُحَرِّفِ القلوب؛ هو الـمُزِيلُ أَي مُـمِيلُها ومُزيغُها وهو اللّه تعالى، وقال بعضهم: الـمُحَرِّكَ.
وفي حديث ابن مسعود: لا يأْتون النساء إلا على حرف أَي على جَنْب.
والـمُحَرَّفُ: الذي ذَهَب مالُه.
والـمُحارَفُ: الذي لا يُصيبُ خيراً من وجْهٍ تَوَجَّه له، والمصدر الحِرافُ.
والحُرْفُ: الحِرْمان. الأَزهري: ويقال للمحزوم الذي قُتِّرَ عليه رزقُه مُحارَفٌ.
وجاء في تفسير قوله: والذين في أَموالهم حَقٌّ مَعْلوم للسائل والـمَحْرُوم، أَن السائل هو الذي يسأَل الناس، والمحروم هو الـمُحارَفُ الذي ليس له في الإسلام سَهْم، وهو مُحارَفٌ.
وروى الأَزهري عن الشافعي أَنه قال: كلُّ من اسْتَغنَى بِكَسْبه فليس له أَن يسأَل الصدقةَ، وإذا كان لا يبلُغُ كسبُه ما يُقِيمُه وعيالَه، فهو الذي ذكره المفسِّرون أَنه المحروم الـمُحارَف الذي يَحْتَرِفُ بيدَيه، قد حُرِم سَهْمَه من الغنيمة لا يَغْزُو مع المسلمين، فَبَقِيَ محْروماً يُعْطى من الصدقة ما يَسُدُّ حِرْمانَه، والاسم منه الحُرْفة، بالضم، وأَما الحِرفةُ فهو اسم من الاحتِرافِ وهو الاكْتِسابُ؛ يقال: هو يَحْرِفُ لعِيالِه ويحترف ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ بمعنى يكتسب من ههنا وههنا، وقيل: الـمُحارفُ، بفتح الراء، هو المحروم المحدود الذي إذا طَلَب فلا يُرْزَق أَو يكون لا يَسْعَى في الكسب.
وفي الصحاح: رجل مُحارَف، بفتح الراء، أَي محدود محروم وهو خلاف قولك مُبارَكٌ؛ قال الراجز: مُحارَفٌ بالشاء والأَباعِرِ، مُبارَكٌ بالقَلَعِيِّ الباتِرِ وقد حُورِفَ كَسْبُ فلان إذا شُدِّد عليه في مُعاملَته وضُيِّقَ في مَعاشِه كأَنه مِيلَ بِرِزْقه عنه، من الانْحِرافِ عن الشيء وهو الميل عنه.
وفي حديث ابن مسعود: موتُ المؤمن بعَرَقِ الجبين تَبْقَى عليه البقِيّةُ من الذُّنوبِ فَيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُشَدَّد عليه لتُمَحَّصَ ذنوبه، وُضِعَ وَضْعَ الـمُجازاةِ والـمُكافأَة، والمعنى أَن الشدَّة التي تَعْرِض له حتى يَعْرَقَ لها جَِبينُه عند السِّياقِ تكون جزاء وكفارةً لما بقي عليه من الذنوب، أَو هو من الـمُحارَفةِ وهو التشْديدُ في الـمَعاش.
وفي التهذيب: فيُحارَفُ بها عند الموت أَي يُقايَسُ بها فتكون كفارة لذنوبه، ومعنى عَرَقِ الجبين شدَّةُ السّياق.
والحُرْفُ: الاسم من قولك رجل مُحارَفٌ أَي مَنْقُوصُ الحَظِّ لا ينمو له مال، وكذلك الحِرْفةُ، بالكسر.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لَحِرْفةُ أَحدِهم أَشَدُّ عليَّ من عَيْلَتِه أَي إغْناءُ الفَقِير وكفايةُ أَمْرِه أَيْسَرُ عليَّ من إصْلاحِ الفاسدِ، وقيل: أَراد لَعَدم حِرْفةِ أَحدِهم والاغْتِمامُ لذلك أَشَدُّ عليَّ من فَقْرِه.
والـمُحْتَرِفُ: الصانِعُ.
وفلان حَريفي أَي مُعامِلي. اللحياني: وحُرِفَ في ماله حَرْفةً ذهَب منه شيء، وحَرَفْتُ الشيء عن وجْهه حَرْفاً.
ويقال: ما لي عن هذا الأَمْرِ مَحْرِفٌ وما لي عنه مَصْرِفٌ بمعنى واحد أَي مُتَنَحًّى؛ ومنه قول أَبي كبير الهذلي: أَزُهَيْرُ، هَلْ عن شَيْبةٍ من مَحْرِفِ، أَمْ لا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟ والـمُحْرِفُ: الذي نَما مالُه وصَلَحَ، والاسم الحِرْفةُ.
وأَحْرَفَ الرجلُ إحرافاً فهو مُحْرِفٌ إذا نَما مالُه وصَلَحَ. يقال: جاء فلان بالحِلْقِ والإحْراف إذا جاء بالمال الكثير.
والحِرْفةُ: الصِّناعةُ.
وحِرفةُ الرجلِ: ضَيْعَتُه أَو صَنْعَتُه.
وحَرَفَ لأَهْلِه واحْتَرَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: الاحْتِرافُ الاكْتِسابُ، أَيّاً كان. الأَزهري: وأَحْرَفَ إذا اسْتَغْنى بعد فقر.
وأَحْرَفَ الرجلُ إذا كَدَّ على عِياله.
وفي حديث عائشة: لما اسْتُخْلِفَ أَبو بكر، رضي اللّه عنهما، قال: لقد عَلِم قومي أَن حِرْفَتي لم تكن تَعْجِز عن مؤونة أَهلي وشُغِلْتُ بأَمر المسلمين فسيأْكل آلُ أَبي بكر من هذا ويَحْتَرِفُ للمسلمين فيه؛ الحِرْفةُ: الصِّناعةُ وجِهةُ الكَسْب؛ وحَرِيفُ الرجل: مُعامِلُه في حِرْفَتِه، وأَراد باحترافِه للمسلمين نَظَره في أُمورهم وتَثْميرَ مَكاسِبهمْ وأَرْزاقِهم؛ ومنه الحديث: إني لأَرى الرجل يُعْجِبُني فأَقول: هل له حِرْفة؟ فإن قالوا: لا، سَقَطَ من عيني؛ وقيل: معنى الحديث الأَوَّل هو أَن يكون من الحُرْفة والحِرْفة، بالضم والكسر، ومنه قولهم: حِرْفة الأَدَبِ، بالكسر.
ويقال: لا تُحارِفْ أَخاكَ بالسوء أَي تُجازِه بسوء صنِيعِه تُقايِسْه وأَحْسِنْ إذا أَساء واصْفَحْ عنه. ابن الأَعرابي: أَحْرَفَ الرجلُ إذا جازى على خَيْر أَو شرّ، قال: ومنه الخَبرُ: إن العبد لَيُحارَفُ عن عمله الخير أَو الشرّ أَي يُجازى.
وقولهم في الحديث: سَلِّطْ عليهم مَوْتَ طاعُونٍ دَفِيفٍ يُحَرِّفُ القُلوبَ أَي يُمِيلها ويَجْعَلُها على حرْفٍ أَي جانب وطَرَفٍ، ويروى يَحُوفُ، بالواو، وسنذكره؛ ومنه الحديث: ووصف سُفيانُ بكفه فَحَرَفَها أَي أَمالَها، والحديث الآخر: وقال بيده فحرّفها كأَنه يريد القتل ووصف بها قطْع السيفِ بحَدِّه.
وحَرَفَ عَيْنَه: كَحَلها؛ أَنشد ابن الأَعرابي: بِزَرْقاوَيْنِ لم تُحْرَفْ، ولَـمَّا يُصِبْها عائِرٌ بشَفير ماقِ أَراد لم تُحْرَفا فأَقام الواحد مُقام الاثْنين كما قال أَبو ذُؤَيب: نامَ الخَلِيُّ، وبتُّ الليلَ مُشْتَجِراً، كأَنَّ عيْنَيَّ فيها الصَّابُ مَذْبوحُ والمِحْرَفُ والمِحْرافُ: الـمِيلُ الذي تقاسُ به الجِراحات.
والـمِحْرَفُ والمِحْرافُ أَيضاً: المِسْبارُ الذي يُقاسُ به الجُرح؛ قال القطامي يذكر جِراحةً: إذا الطَّبيبُ بمِحْرافَيْه عالَجَها، زادَتْ على النَّقْرِ أَو تَحْريكها ضَجَما ويروى على النَّفْرِ، والنَّفْرُ الوَرَمُ، ويقال: خروج الدّم؛ وقال الهذلي: فإنْ يَكُ عَتَّابٌ أَصابَ بسَهْمِه حَشاه، فَعَنَّاه الجَوى والـمَحارِفُ والمُحارَفةُ: مُقايَسَةُ الجُرْحِ بالمِحْرافِ، وهو المِيل الذي تُسْبَرُ به الجِراحاتُ؛ وأَنشد: كما زَلَّ عن رأْسِ الشَّجِيجِ المحارفُ وجمعه مَحارِفُ ومَحاريفُ؛ قال الجَعْدي: ودَعَوْتَ لَهْفَك بعد فاقِرةٍ، تُبْدي مَحارِفُها عن العَظْمِ وحارَفَه: فاخَرَه؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيَّة: فإنْ تَكُ قَسْرٌ أَعْقَبَتْ من جُنَيْدِبٍ، فقد عَلِمُوا في الغَزْوِ كيْفَ نُحارِفُ والحُرْفُ: حَبُّ الرَّشادِ، واحدته حُرْفةٌ. الأَزهري: الحُرْفُ جَبٌّ كالخَرْدَلِ.
وقال أَبو حنيفة: الحُرف، بالضم، هو الذي تسميه العامّة حبَّ الرَّشاد.
والحُرْفُ والحُرافُ: حَيّةٌ مُظْلِمُ اللَّوْنِ يَضْرِبُ إلى السَّواد إذا أَخذ الإنسانَ لم يبق فيه دم إلا خرج.
والحَرافةُ: طَعْم يُحْرِقُ اللِّسانَ والفَمَ.
وبصل حِرِّيفٌ: يُحْرِقُ الفم وله حَرارةٌ، وقيل: كل طعام يُحْرِقُ فم آكله بحَرارة مَذاقِه حِرِّيف، بالتشديد، للذي يَلْذَعُ اللسانَ بحَرافَتِه، وكذلك بصل حِرّيف، قال: ولا يقال حَرِّيف.

لبب (لسان العرب) [0]


لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ اللُّبُّ على ما يؤكل داخلُه، ويُرْمى خارجُه من الثَّمر.
ولُبُّ الجَوْز واللَّوز، ونحوهما: ما في جَوْفه، والجمعُ اللُّـبُوبُ؛ تقول منه: أَلَبَّ الزَّرْعُ، مثل أَحَبَّ، إِذا دَخَلَ فيه الأُكلُ.
ولَـبَّبَ الـحَبَّ تَلْبِـيباً: صار له لُبٌّ.
ولُبُّ النَّخلةِ: قَلْبُها.
وخالِصُ كلِّ شيءٍ: لُبُّه. الليث: لُبُّ كلِّ شيءٍ من الثمار داخلُه الذي يُطْرَحُ خارجُه، نحو لُبِّ الجَوْز واللَّوز. قال: ولُبُّ الرَّجُل: ما جُعِل في قَلْبه من العَقْل.
وشيءٌ لُبابٌ: خالِصٌ. ابن جني: هو لُبابُ قَومِه، وهم لُبابُ قومهم، وهي لُبابُ قَوْمها؛ قال جرير: تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُروناً * على بَشَرٍ، وآنِسَـةٌ لُبابُ والـحَسَبُ: اللُّبابُ الخالصُ، ومنه سميت . . . أكمل المادة المرأَة لُبابَة.
وفي الحديث: إِنـَّا حَيٌّ من مَذْحجٍ، عُبابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها. اللُّبابُ: الخالِصُ من كل شيءٍ، كاللُّبِّ.
واللُّبابُ: طَحِـينٌ مُرَقَّقٌ.
ولَبَّبَ الـحَبُّ: جَرَى فيه الدَّقيقُ.
ولُبابُ القَمْح، ولُبابُ الفُسْتُقِ، ولُبابُ الإِبلِ: خِيارُها.
ولُبابُ الـحَسَبِ: مَحْضُه.
واللُّبابُ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ؛ قال ذو الرمة يصف فحلاً مِئناثاً: سِـبَحْلاً أَبا شِرْخَينِ أَحْيا بَناتِه * مَقالِـيتُها، فهي اللُّبابُ الـحَبائسُ وقال أَبو الحسن في الفالوذَج: لُبابُ القَمْحِ بِلُعابِ النَّحْل.
ولُبُّ كلِّ شيءٍ: نفسُه وحَقِـيقَتُه.
وربما سمي سمُّ الحيةِ: لُبّاً.
واللُّبُّ: العَقْلُ، والجمع أَلبابٌ وأَلْـبُبٌ؛ قال الكُمَيْتُ: إِليكُمْ، بني آلِ النبـيِّ، تَطَلَّعَتْ * نَوازِعُ من قَلْبي، ظِماءٌ، وأَلْـبُبُ وقد جُمعَ على أَلُبٍّ، كما جُمِعَ بُؤْسٌ على أَبْؤُس، ونُعْم على أَنْعُم؛ قال أَبو طالب: قلْبي إِليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ واللَّبابةُ: مصدرُ اللَّبِـيب.
وقد لَبُبْتُ أَلَبُّ، ولَبِـبْتَ تَلَبُّ، بالكسر، لُبّاً ولَبّاً ولَبابةً: صِرْتَ ذا لُبٍّ.
وفي التهذيب: حكى لَبُبْتُ، بالضم، وهو نادر، لا نظير له في المضاعف.
وقيل لِصَفِـيَّة بنت عبدالمطَّلب، وضَرَبَت الزُّبَير: لم تَضْرِبينَهُ؟ فقالتْ: لِـيَلَبَّ، ويقودَ الجَيشَ ذا الجَلَب أَي يصير ذا لُبٍّ.
ورواه بعضهم: أَضْرِبُه لكيْ يَلَبَّ، ويَقودَ الجَيشَ ذا اللَّجَب. قال ابن الأَثير: هذه لغةُ أَهلِ الـحِجاز؛ وأَهْلُ نَجْدٍ يقولون: لَبَّ يَلِبُّ بوزن فَرَّ يَفِرُّ.
ورجل ملبوبٌ: موصوف باللَّبابة.
ولَبيبٌ: عاقِلٌ ذو لُبٍّ، مِن قوم أَلِبَّاء؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّرُ على غير ذلك، والأُنثى لبيبةٌ. الجوهري: رجلٌ لَبيبٌ، مثلُ لَبٍّ؛ قال الـمُضَرِّبُ ابن كَعْب: فقلتُ لها: فِـيئي إِلَيكِ، فإِنَّني * حَرامٌ، وإِني بعد ذاكَ لَبِـيبُ التهذيب: وقال حسان: وجارِيَةٍ مَلْبُوبةٍ ومُنَجَّسٍ * وطارِقةٍ، في طَرْقِها، لم تُشَدِّدِ واسْتَلَبَّهُ: امْتَحَنَ لُبَّهُ.
ويقال: بناتُ أَلْبُبٍ عُروق في القَلْبِ، يكون منها الرِّقَّةُ.
وقيل لأَعْرابيةٍ تُعاتِبُ ابْنَها: ما لَكِ لا تَدْعِـينَ عليه؟ قالت: تَـأْبى له ذلك بناتُ أَلْبُـبـي. الأَصمعي قال: كان أَعرابيٌّ عنده امرأَة فَبَرِمَ بها، فأَلقاها في بِئرٍ غَرَضاً بها، فمَرَّ بها نَفَرٌ فسَمِعوا هَمْهَمَتَها من البئر، فاسْتَخْرجوها، وقالوا: من فَعَلَ هذا بك؟ فقالت: زوجي، فقالوا ادعِـي اللّهَ عليه، فقالَتْ: لا تُطاوعُني بناتُ أَلبُـبـي. قالوا: وبَناتُ أَلبُبٍ عُروقٌ متصلة بالقلب. ابن سيده: قد عَلِمَتْ بذلك بَناتُ أَلبُبِه؛ يَعْنونَ لُبَّه، وهو أَحدُ ما شَذَّ من الـمُضاعَف، فجاءَ على الأَصل؛ هذا مذهب سيبويه، قال يَعْنُونَ لُبَّه؛ وقال المبرد في قول الشاعر: قد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ أَلبَـبِهْ يريدُ بَناتِ أَعْقَلِ هذا الـحَيِّ، فإِن جمعت أَلبُـباً، قلتَ: أَلابِبُ، والتصغير أُلَيبِـيبٌ، وهو أَولى من قول من أَعَلَّها.
واللَّبُّ: اللَّطِـيفُ القَريبُ من الناس، والأُنْثى: لَبَّةٌ، وجمعها لِـبابٌ.
واللَّبُّ: الحادِي اللاَّزم لسَوقِ الإِبل، لا يَفْتُر عنها ولا يُفارِقُها.
ورجلٌ لَبٌّ: لازمٌ لِصَنْعَتِهِ لا يفارقها.
ويقال: رجلٌ لَبٌّ طَبٌّ أَي لازِمٌ للأَمرِ؛ وأَنشد أَبو عمرو: لَبّاً، بأَعْجازِ الـمَطِـيِّ، لاحقا ولَبَّ بالمكان لَبّاً، وأَلَبَّ: أَقام به ولزمَه.
وأَلَبَّ على الأَمرِ: لَزِمَه فلم يفارقْه. وقولُهم: لَبَّيكَ ولَبَّيهِ، مِنه، أَي لُزوماً لطاعَتِكَ؛ وفي الصحاح: أَي أَنا مُقيمٌ على طاعَتك؛ قال: إِنَّكَ لو دَعَوتَني، ودوني زَوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ، لَقُلْتُ: لَبَّيْهِ، لـمَنْ يَدعُوني أَصله لَبَّـبْت فعَّلْت، من أَلَبَّ بالمكان، فأُبدلت الباء ياءً لأَجلِ التضعيف. قال الخليل، هو من قولهم: دار فلان تُلِبُّ داري أَي تُحاذيها أَي أَنا مُواجِهُكَ بما تُحِبُّ إِجابةً لك، والياء للتثنية، وفيها دليل على النصب للـمَصدر.
وقال سيبويه: انْتَصَب لَبَّيْكَ، على الفِعْل، كما انْتَصَبَ سبحانَ اللّه.
وفي الصحاح: نُصِبَ على المصدر، كقولك: حَمْداً للّه وشكراً، وكان حقه أَن يقال: لَبّاً لكَ، وثُنِّي على معنى التوكيد أَي إِلْباباً بك بعد إِلبابٍ، وإِقامةً بعد إِقامةٍ. قال الأَزهري: سمعت أَبا الفضل الـمُنْذِرِيَّ يقول: عُرضَ على أَبي العباس ما سمعتُ من أَبي طالب النحويّ في قولهم لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قال: قال الفراء: معنى لَبَّيْكَ، إِجابةً لك بعد إِجابة؛ قال: ونصبه على المصدر. قال: وقال الأَحْمَرُ: هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان، وأَلَبَّ به إِذا أَقام؛ وأَنشد: لَبَّ بأَرضٍ ما تَخَطَّاها الغَنَمْ قال ومنه قول طُفَيْل: رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ ورَهْطِهِ، * وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروجِ، وتَحْلُبُ أَي تُلازمُها وتُقيمُ فيها؛ وقال أَبوالهيثم قوله: وتيم تلبي في العروج، وتحلب أَي تَحْلُبُ اللِّبَـأَ وتَشْرَبهُ؛ جعله من اللِّبـإِ، فترك همزه، ولم يجعله من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ. قال أَبو منصور: والذي قاله أَبو الهيثم أَصوبُ. لقوله بعده وتَحْلُبُ. قال وقال الأَحمر: كأَنَّ أَصْلَ لَبَّ بك، لَبَّبَ بك، فاستثقلوا ثلاث باءَات، فقلبوا إِحداهن ياءً، كما قالوا: تَظَنَّيْتُ، من الظَّنِّ.
وحكى أَبو عبيد عن الخليل أَنه قال: أَصله من أَلبَبْتُ بالمكان، فإِذا دعا الرجلُ صاحبَه، أَجابه: لَبَّيْكَ أَي أَنا مقيم عندك، ثم وكد ذلك بلَبَّيكَ أَي إِقامةً بعد إِقامة.
وحكي عن الخليل أَنه قال: هو مأْخوذ من قولهم: أُمٌّ لَبَّةٌ أَي مُحِـبَّة عاطفة؛ قال: فإِن كان كذلك، فمعناه إِقْبالاً إِليك ومَحَبَّـةً لك؛ وأَنشد: وكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ، طَعَنَ ابْنُها * إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ قال، ويقال: هو مأْخوذ من قولهم: داري تَلُبُّ دارَك، ويكون معناه: اتِّجاهي إِليك وإِقبالي على أَمرك.
وقال ابن الأَعرابي: اللَّبُّ الطاعةُ، وأَصله من الإِقامة.
وقولهم: لَبَّيْكَ، اللَّبُّ واحدٌ، فإِذا ثنيت، قلت في الرفع: لَبَّانِ، وفي النصب والخفض: لَبَّينِ؛ وكان في الأَصل لَبَّيْنِكَ أَي أَطَعْتُكَ مرتين، ثم حُذِفَت النون للإِضافة أَي أَطَعْتُكَ طاعةً، مقيماً عندك إِقامةً بعد إِقامة. ابن سيده: قال سيبويه وزعم يونس أَن لَبَّيْكَ اسم مفرد، بمنزلة عَلَيكَ، ولكنه جاءَ على هذا اللفظ في حَدِّ الإِضافة، وزعم الخليل أَنها تثنية، كأَنه قال: كلما أَجَبْتُكَ في شيءٍ، فأَنا في الآخر لك مُجِـيبٌ. قال سيبويه: ويَدُلُّك على صحة قول الخليل قولُ بعض العرب: لَبِّ، يُجْريه مُجْرَى أَمْسِ وغاقِ؛ قال: ويَدُلُّك على أَن لبَّيكَ ليست بمنزلة عليك، أَنك إِذا أَظهرت الاسم، قلت: لَبَّيْ زَيْدٍ؛ وأَنشد: دَعَوْتُ لِـمَانا بَني مِسْوَراً، * فَلَبَّـى، فَلَبَّـيْ يَدَيْ مِسْوَرِ فلو كان بمنزلة على لقلتَ: فَلَبَّى يَدَيْ، لأَنك لا تقول: عَلَيْ زَيدٍ إِذا أَظهرتَ الاسم. قال ابن جني: الأَلف في لَبَّـى عند بعضهم هي ياء التثنية في لَبَّيْكَ، لأَنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلاً، فجمعوه من حروفه، كما قالوا مِن لا إِله إِلا اللّه: هَلَّلْتُ، ونحو ذلك، فاشتقوا لبَّيتُ من لفظ لبَّيكَ، فجاؤُوا في لفظ لبَّيْت بالياءِ التي للتثنية في لبَّيْكَ، وهذا قول سيبويه. قال: وأَما يونس فزعم أَن لبَّيْكَ اسم مفرد، وأَصله عنده لَبَّبٌ، وزنه فَعْلَل، قال: ولا يجوز أَن تَحْمِلَه على فَعَّلَ، لقلة فَعَّلَ في الكلام، وكثرة فَعْلَلَ، فقُلِـبَت الباء، التي هي اللام الثانية من لَبَّبٍ، ياءً، هَرباً من التضعيف، فصار لَبَّـيٌ، ثم أَبدل الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لَبَّـى، ثم إِنه لما وُصِلَتْ بالكاف في لبَّيْك، وبالهاءِ في لَبَّيْه، قُلِـبَت الأَلفُ ياء كما قُلِـبَتْ في إِلى وعَلى ولدَى إِذا وصلتها بالضمير، فقلت إِليك وعليك ولديك؛ واحتج سيبويه على يونس فقال: لو كانت ياءُ لَبَّيْكَ، بمنزلة ياء عليك ولديك، لوجب، مَتى أَضَفْتَها إِلى الـمُظْهَر، أَن تُقِرَّها أَلِفاً، كما أَنك إِذا أَضَفْتَ عليك وأُختيها إِلى الـمُظْهَرِ، أَقْرَرْتَ أَلفَها بحالها، ولكُنْتَ تقول على هذا: لَـبَّى زيدٍ، ولَـبَّى جَعْفَرٍ، كما تقول: إِلى زيدٍ، وعلى عمرو، ولدَى خالدٍ؛ وأَنشد قوله: فلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ؛ قال: فقوله لَبَّيْ، بالياءِ مع إِضافته إِلى الـمُظْهَر، يدل على أَنه اسم مثنى، بمنزلة غلامَيْ زيدٍ، ولَبَّاهُ قالَ: لَبَّيْكَ، ولَبَّـى بالـحَجِّ كذلك؛ وقولُ الـمُضَرِّبِ بن كعبٍ: وإِني بعد ذاكَ لَبيبُ إِنما أَراد مُلَبٍّ بالـحَج.
وقوله بعد ذاك أَي مع ذاك.
وحكى ثعلب: لَبَّـأْتُ بالحج. قال: وكان ينبغي أَن يقول: لَبَّيْتُ بالحج.
ولكن العرب قد قالته بالهمز، وهو على غير القياس.
وفي حديث الإِهْلالِ بالحج: لَبَّيْكَ اللهمَّ لبَّيْكَ، هو من التَّلْبية، وهي إِجابةُ الـمُنادِي أَي إِجابَتي لك يا ربِّ، وهو مأْخوذٌ مما تقدم.
وقيل: معناه إِخلاصِـي لك؛ مِن قولهم: حَسَبٌ لُبابٌ إِذا كان خالصاً مَحْضاً، ومنه لُبُّ الطَّعام ولُبابُه.
وفي حديث عَلْقمة أَنه قال للأَسْوَدِ: يا أَبا عَمْرو. قال: لبَّيْكَ!قال: لبَّى يَدَيكَ. قال الخَطّابي: معناه سَلِمَتْ يداك وصَحَّتا، وإِنما ترك الإِعراب في قوله يديك، وكان حقه أَن يقول: يداك، لِـيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّـيْكَ.
وقال الزمخشري: معنى لَبَّى يَدَيْك أَي أُطيعُكَ، وأَتَصَرَّفُ بإِرادتك، وأَكونُ كالشيءِ الذي تُصَرِّفُه بيديك كيف شئت.
ولَبابِ لَبَابِ يُريدُ به: لا بأْس، بلغة حمير. قال ابن سيده: وهو عندي مما تقدم، كأَنه إِذا نَفَى البأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازمَته.
واللَّبَبُ: معروف، وهو ما يُشدُّ على صَدْر الدابة أَو الناقة؛ قال ابن سيده وغيرُه: يكونُ للرَّحْل والسَّرْج يمنعهما من الاستئخار، والجمعُ أَلبابٌ؛ قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناءَ.
وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ: عَمِلْتُ له لَبَـباً.
وأَلْبَـبْتُ الفرسَ، فهو مُلْبَبٌ، جاءَ على الأَصل، وهو نادر: جَعَلْتُ له لَبَـباً. قال: وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت، بإِظهار التضعيف.
وقال ابن كَيْسان: هو غلط، وقياسُه مُلَبٌّ، كما يقال مُحَبٌّ، مِن أَحْبَبْتُه، ومنه قولهم: فلان في لَبَبٍ رخِـيٍّ إِذا كان في حال واسعة؛ ولَبَبْتُهُ، مخفف، كذلك عن ابن الأَعرابي: واللَّبَبُ: البالُ، يقال: إِنه لَرَخِـيُّ اللَّبَبِ. التهذيب، يقال: فلانٌ في بالٍ رَخِـيٍّ ولَبَبٍ رَخِـيٍّ أَي في سَعَة وخِصْب وأَمْنٍ.
واللَّبَبُ من الرَّمْل: ما اسْتَرَقَّ وانحَدَرَ من مُعْظَمه، فصار بين الجَلَد وغَلْظِ الأَرضِ؛ وقيل: لَبَبُ الكَثِـيبِ: مُقَدَّمُه؛ قال ذو الرمة: بَرَّاقةُ الجِـيدِ واللَّبَّاتِ واضحةٌ، * كأَنها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بها لَبَبُ قال الأَحمر: مُعْظَمُ الرمل العَقَنْقَلُ، فإِذا نَقَصَ قيل: كَثِيبٌ؛ فإِذا نقَص قيل: عَوْكَلٌ؛ فإِذا نقص قيل: سِقْطٌ؛ فإِذا نقص قيل: عَدابٌ؛ فإِذا نقَص قيل: لَبَبٌ. التهذيب: واللَّبَبُ من الرمل ما كان قريباً من حَبْل الرَّمْل.
واللَّبَّةُ: وَسَطُ الصَّدْر والـمَنْحَر، والجمع لَبَّاتٌ ولِـبابٌ، عن ثعلب.
وحكى اللحياني: إِنها لَـحَسنةُ اللَّبَّاتِ؛ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منها لَبَّةً، ثم جَمَعُوا على هذا.
واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ: وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيءٍ، والجمع الأَلْبابُ؛ وأَما ما جاءَ في الحديث: إِن اللّه منع مِنِّي بَني مُدْلِـجٍ لصلَتِهِم الرَّحِم، وطَعْنِهم في أَلْبابِ الإِبل، ورواه بعضهم: في لَبَّاتِ الإِبل. قال أَبو عبيد: من رواه في أَلباب الإِبلِ، فله معنيان: أَحدهما أَن يكون أَراد جمعَ اللُّبِّ، ولُبُّ كلِّ شيءٍ خالصُه، كأَنه أَراد خالصَ إِبلهم وكرائمها، والمعنى الثاني أَنه أَراد جمعَ اللَّـبَب، وهو موضع الـمَنْحَر من كل شيءٍ. قال: ونُرَى أَن لَبَبَ الفرس إِنما سمي به، ولهذا قيل: لَبَّـبْتُ فلاناً إِذا جَمَعْتَ ثيابَه عند صَدْره ونحْره، ثم جَرَرْتَه؛ وإِن كان المحفوظُ اللَّبَّات، فهي جمعُ اللَّبَّةِ، وهي اللِّهْزِمةُ التي فوق الصدر، وفيها تُنْحَرُ الإِبل. قال ابن سيده: وهو الصحيح عندي.
ولَبَـبْتُه لَبّاً: ضَرَبْتُ لَبَّـتَه.
وفي الحديث: أَما تكونُ الذكاةُ إِلاَّ في الـحَلْقِ واللَّبَّة.
ولَبَّه يَلُبُّه لَبّاً: ضَرَبَ لَبَّتَه.
ولَبَّةُ القلادة: واسطتُها. لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ. .
وتَلَبَّبَ الرجلُ: تَحَزَّم وتَشَمَّر.
والـمُتَلَبِّبُ: الـمُتَحَزِّمُ بالسلاح وغيره.
وكل مُجَمِّعٍ لثيابِه: مُتَلَبِّبٌ؛ قال عنترة: إِني أُحاذِرُ أَن تَقولَ حَلِـيلَتي: * هذا غُبارٌ ساطِـعٌ، فَتَلَبَّبِ واسم ما يُتَلَبَّبُ: اللَّبابَةُ؛ قال: ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَومَ طِرادِها، * فطَعَنْتُ تَحْتَ لَبابةِ الـمُتَمَطِّر وتَلَبُّب المرأَة بمِنْطَقَتِها: أَن تضع أَحد طرفيها على مَنكِـبها الأَيسر، وتُخْرِجَ وسطَها من تحت يدها اليمنى، فتُغَطِّـيَ به صَدرَها، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخر على مَنكِـبِها الأَيسر.
والتَّلْبيبُ من الإِنسان: ما في موضع اللَّبَبِ من ثيابه.
ولَبَّبَ الرجلَ: جعل ثيابه في عُنقِه وصدره في الخصومة، ثم قَبَضَه وجَرَّه.
وأَخَذَ بتَلْبـيبِه كذلك، وهو اسم كالتَّمْتِـينِ. التهذيب، يقال: أَخَذ فلانٌ بتَلْبِـيبِ فلان إِذا جمَع عليه ثوبه الذي هو لابسه عند صدره، وقَبَض عليه يَجُرُّه.
وفي الحديث: فأَخَذْتُ بتَلْبيبِه وجَرَرْتُه؛ يقال لَبَّبَه: أَخذَ بتَلْبيبِه وتَلابيبِه إِذا جمعتَ ثيابَه عند نَحْره وصَدْره، ثم جَرَرْته، وكذلك إِذا جعلتَ في عُنقه حَبْلاً أَو ثوباً، وأَمْسَكْتَه به.
والـمُتَلَبَّبُ: موضعُ القِلادة.
واللَّبَّة: موضعُ الذَّبْح، والتاء زائدة.
وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ: أَخَذَ كلٌّ منهما بلَبَّةِ صاحِـبه.
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّـباً به. الـمُتَلَبِّبُ: الذي تَحَزَّم بثوبه عند صدره.
وكلُّ من جَمَعَ ثوبه مُتَحَزِّماً، فقد تَلَبَّبَ به؛ قال أَبو ذؤيب: وتَمِـيمَةٍ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، * في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ ومن هذا قيل للذي لبس السلاحَ وتَشَمَّر للقتال: مُتَلَبِّبٌ؛ ومنه قول الـمُتَنَخِّل: واسْتَلأَموا وتَلَـبَّبوا، * إِنَّ التَّلَبُّبَ للـمُغِـير وفي الحديث: أَن رجلاً خاصم أَباه عنده، فأَمَرَ به فلُبَّ له. يقال: لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُه إِذا جعلتَ في عُنقه ثوباً أَو غيره، وجَرَرْتَه به.
والتَّلْبيبُ: مَجْمَعُ ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل.
وفي الحديث: أَنه أَمر بإِخراج المنافقين من المسجد، فقام أَبو أَيُّوبَ إِلى رافع بن وَدِيعةَ، فلَبَّبَه بردائه، ثم نَتَره نَتْراً شديداً.
واللَّبيبةُ: ثوبٌ كالبَقِـيرة.
والتَّلْبيبُ: التَّرَدُّد. قال ابن سيده: هكذا حُكِيَ، ولا أَدرِي ما هو. الليث: والصَّريخ إِذا أَنذر القومَ واسْتَصْرَخَ: لَبَّبَ، وذلك أَن يَجْعل كِنانَته وقَوْسَه في عُنقه، ثم يَقْبِضَ على تَلْبيبِ نَفْسِه؛ وأَنشد: إِنا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا ويقال: تَلْبيبُه تَرَدُّدُه.
ودارُه تُلِبُّ داري أَي تَمتَدُّ معها.
وأَلَبَّ لك الشيءُ: عَرَضَ؛ قال رؤبة: وإِن قَراً أَو مَنْكِبٌ أَلَبَّا واللَّبْلَبةُ: لَحْسُ الشاة ولدَها، وقيل: هو أَن تُخْرِجَ الشاةُ لسانَها كأَنها تَلْحَسُ ولدَها، ويكون منها صوتٌ، كأَنها تَقول: لَبْ لَبْ.
واللَّبْلَبة: الرِّقَّة على الولد، ومنه: لَبْلَبَتِ الشاةُ على ولدها إِذا لَحِسَتْه، وأَشْبَلَتْ عليه حين تضَعُه.
واللَّبْلَبة: فِعْلُ الشاةِ بولدها إِذا لَحِسَتْه بشفتها. التهذيب، أَبو عمرو: اللَّبْلَبَةُ التَّفَرُّق؛ وقال مُخَارِقُ بنُ شهاب في صفة تَيْسِ غَنَمِه: وراحَتْ أُصَيْلاناً، كأَنَّ ضُروعَها * دِلاءٌ، وفيها واتِدُ القَرْن لَبْلَبُ أَراد باللَّبْلَب: شَفَقَتَه على الـمِعْزى التي أُرْسِلَ فيها، فهو ذو لَبْلَبةٍ عليها أَي ذو شَفَقةٍ.
ولَبالِبُ الغَنم: جَلَبَتُها وصَوتها.
واللَّبْلَبَة: عَطْفُك على الإِنسان ومَعُونتُه.
واللَّبْلَبة: الشَّفَقة على الإِنسان، وقد لَبْلَبْتُ عليه؛ قال الكميت: ومِنَّا، إِذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ، * علَيْكَ الـمُلَبْلِبُ والـمُشْبِلُ وحُكيَ عن يونس أَنه قال: تقول العرب للرجل تَعْطِفُ عليه: لَبابِ، لَبابِ، بالكسر، مثل حَذامِ وقَطامِ.
واللَّبْلَبُ: النَّحْرُ.
ولَبْلَبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ: نَبَّ، وقد يقال ذلك للظبي.
وفي حديث ابن عمرو: أَنه أَتى الطائفَ، فإِذا هو يَرى التُّيوسَ تَلِبُّ، أَو تَنِبُّ على الغَنم؛ قال: هو حكاية صوتِ التُّيوس عند السِّفادِ؛ لَبَّ يَلِبُّ، كَفَرَّ يَفِرُّ.
واللَّبابُ من النَّبات: الشيءُ القليل غير الواسع، حكاه أَبو حنيفة.
واللَّبْلابُ: حَشيشة.
واللَّبْلابُ: نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر.
واللَّبْلابُ: بقلة معروفة يُتَداوَى بها.
ولُبابةُ: اسم امرأَة.
ولَبَّى ولُبَّى ولِـبَّى: موضعٌ؛ قال: أَسيرُ وما أَدْرِي، لَعَلَّ مَنِـيَّتي * بلَبَّـى، إِلى أَعْراقِها، قد تَدَلَّتِ %%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%