المصادر:  


بكر (لسان العرب) [50]


البُكْرَةُ: الغُدْوَةُ. قال سيبويه: من العرب من يقول أَتيتك بُكْرَةً؛ نَكِرَةٌ مُنَوَّنٌ، وهو يريد في يومه أَو غده.
وفي التنزيل العزيز: ولهم زرقهم فيها بُكرة وعشيّاً. التهذيب: والبُكْرَةُ من الغد، ويجمع بُكَراً وأَبْكاراً، وقوله تعالى: وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عذابٌ مُسْتَقِرّ؛ بُُكْرَةٌ وغُدْوَةٌ إِذا كانتا نكرتين نونتا وصرفتا، وإذا أَرادوا بهما بكرة يومك وغداة يومك لم تصرفهما، فبكرة ههنا نكرة.
والبُكُور والتَّبْكيرُ: الخروج في ذلك الوقت. الدخول في ذلك الوقت. الجوهري: وسِيرَ علي فرسك بُكْرَةً وبَكَراً كما تقول سَحَراً.
والبَكَرُ: البُكْرَةُ.
وقال سيبويه: لا يُستعمل الا ظرفاً. اسم البُكْرَةِ الإصباح، هذا قول أَهل اللغة، وعندي أَنه مصدر أَبْكَرَ.
وبَكَرَ على الشي . . . أكمل المادة وإِليه يَبْكُرُ بُكُوراً وبكَّرَ تَبْكِيراً وابْتَكَرَ وأَبْكَرَ وباكَرَهُ: أَتاهُ بُكْرةً، كله بمعنى.
ويقال: باكَرْتُ الشيء إِذا بكَّرُت له؛ قال لبيد: باكَرْتُ جاجَتَها الدجاجَ بِسُحْرَةٍ معناه بادرت صقيع الديك سحراً إِلى حاجتى.
ويقال: أَتيته باكراً، فمن جعل الباكر نَعْتاً قال للأُنثى باكِرَةٌ، ولا يقال بَكُرَ ولا بَكِرَ إِذا بَكَّرَ، ويقال: أَتيته بُكرة، بالضم، أَي باكِراً، فإِن أَردت به بُكْرَةَ يوم بعينه، قلت: أَتيته بُكْرَةَ، غير مصروف، وهي من الظروف التي لا تتمكن.
وكل من بادر إلى شيء، فقد أَبكر عليه وبَكَّرَ أَيَّ وَقْتٍ كانَ. يقال: بَكِّرُوا بصلاة المغرب أَي صَلُّوها عند سقوط القُرْص.
وقوله تعالى: بالعَشِيِّ والإِبْكارِ؛ جعل الإِبكار وهو فعل يدل على الوقت وهو البُكْرَةُ، كما قال تعالى: بالغُدوّ والآصال؛ جعل الغدوّ وهو مصدر يدل على الغداة.
ورجل بَكُرٌ في حاجته وبَكِرٌ، مثل حَذُرٍ وحَذِرٍ، وبَكِيرٌ؛ صاحب بُكُورٍ قَوِيٍّ على ذلك؛ وبَكِرٌ وبَكِيرٌ: كلاهما على النسب إِذ لا فعل له ثلاثياً بسيطاً.
وبَكَرَ الرجلُ: بَكَّرَ.
وحكى اللحياني عن الكسائي: جِيرانُك باكِرٌ؛ وأَنشد: يا عَمْرُو جِيرانُكُمُ باكِرُ، فالقلبُ لا لاهٍ ولا صابِرُ قال ابن سيده: وأُراهم يذهبون في ذلك إِلى معنى القوم والجمع لأن لفظ الجمع واحد، إِلاَّ أَن هذا إِنما يستعمل إِذا كان الموصوف معرفة لا يقولون جِيرانٌ باكِرٌ؛ هذا قول أَهل اللغة؛ قال: وعندي أَنه لا يمتنع جِيرانٌ باكِرٌ كما لا يمتنع جِيرانُكُمْ باكِرٌ.
وأَبْكَرَ الوِرْدَ والغَداءَ إِبْكاراً: عاجَلَهُما.
وبَكَرْتُ على الحاجة بُكُوراً وغَدَوْتُ عليها غُدُوّاً مثل البُكُورِ، وأَبْكَرْتُ غيري وأَبْكَرْتُ الرجلَ على صاحبه إِبكاراً حتى بَكَرَ إِليه بُكُوراً. أَبو زيد: أَبْكَرْتُ على الوِرْدِ إِبْكاراً، وكذلك أَبكرت الغداء.
وأَبْكَرَ الرجلُ: وردت إِبله بُكْرَةً. ابن سيده: وبَكَّرَهُ على أَصحابه وأَبْكَرةً عليهم جعله يَبْكُرُ عليهم.
وبَكِرَ: عَجِلَ.
وبَكَّرَ وتَبَكَّرَ وأَبْكَرَ: تقدّم.
والمُبْكِرُ والباكُورُ جميعاً، من المطر: ما جاء في أَوَّل الوَسْمِيِّ.
والباكُورُ من كل شيء: المعَجَّلُ المجيء والإِدراك، والأُنثى باكورة؛ وباكورة الثمرة منه.
والباكورة: أَوَّل الفاكهة.
وقد ابْتَكَرْتُ الشيءَ إِذا استوليت على باكورته.
وابْتَكَرَ الرجلُ: أَكل باكُورَةَ الفاكهة.
وفي حديث الجمعة: من بَكَّرَ يوم الجمعة وابْتَكَرَ فله كذا وكذا؛ قالوا: بَكَّرَ أَسرع وخرج إِلى المسجد باكراً وأَتى الصلاة في أَوّل وقتها؛ وكل من أَسرع إِلى شيء، فقد بَكَّرَ إِليه.
وابْتَكَرَ: أَدرك الخُطْبَةَ من أَوَّلها، وهو من الباكورة.
وأَوَّلُ كُلِّ شيء: باكُورَتُه.
وقال أَبو سعيد في تفسير حديث الجمعة: معناه من بكر إِلى الجمعة قبل الأَذان، وإِن لم يأْتها باكراً، فقد بَكَّرْ؛ وأَما ابْتِكارُها فأَنْ يُدْرِكَ أَوَّلَ وقتها، وأَصلُه من ابْتِكارِ الجارية وهو أَخْذُ عُذْرَتها، وقيل: معنى اللفظين واحد مثل فَعَلَ وافْتَعَلَ، وإِنما كرر للمبالغة والتوكيد كما قالوا: جادٌّ مُجِدُّ. قال: وقوله غَسَلَ واغْتَسَلَ، غَسَل أَي غسل مواضع الوضوء، كقوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم؛ واغتسل أَي غسل البدن.
والباكور من كل شيء: هو المُبَكِّرُ السريع الإِدْراكِ، والأُنثى باكُورَةٌ.
وغيث بَكُورٌ: وهو المُبَكِّرُ في أَوَّل الوَسْمِيّ، ويقال أَيضاً: هو الساري في آخر الليل وأَول النهار؛ وأَنشد:جَرَّرَ السَّيْلُ بها عُثْنُونَهُ، وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكُرْ وسحابة مِدْلاجٌ بَكُورٌ.
وأَما قول الفرزدق: أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقْطَفُ؛ قال: واحدها بِكْرٌ وهو الكَرْمُ الذي حمل أَوّل حمله.
وعَسَلٌ أَبْكارٌ: تُعَسِّلُه أَبْكارُ النحل أَي أَفتاؤها ويقال: بل أَبْكارُ الجواري تلينه.
وكتب الحجاج إِلى عامل له: ابعثْ إِلَيَّ بِعَسَلِ خُلاَّر، من النحل الأَبكار، من الدستفشار، الذي لم تمسه النار؛ يريد بالأَبكار أَفراخ النحل لأَن عسلها أَطيب وأَصفى، وخلاّر: موضع بفارس، والدستفشار: كلمة فارسية معناها ما عَصَرَتْهُ الأَيْدِي؛ وقال الأَعشى: تَنَحَّلَها، مِنْ بَكارِ القِطاف، أُزَيْرقُ آمِنُ إِكْسَادِهَا بكار القطاف: جمع باكر كما يقال صاحِبٌ وصِحابٌ، وهو أَول ما يُدْرِك. الأَصمعي: نار بِكْرٌ لم تقبس من نار، وحاجة بِكْرٌ طُلبت حديثاً.
وأَنا آتيك العَشِيَّةَ فأُبَكِّر أَي أُعجل ذلك؛ قال: بَكَرَتْ تَلُومُكَ، بَعْدَ وَهْنٍ في النِّدَى؛ بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي وعِتابي فجعل البكور بعد وهن؛ وقيل: إِنما عنى أَوَّل الليل فشبهه بالبكور في أَول النهار.
وقال ابن جني: أَصل «ب ك ر» إِنما هو التقدم أَيَّ وقت كان من ليل أَو نهار، فأَما قول الشاعر: «بكرت تلومك بعد وهن» فوجهه أَنه اضطر فاستعمل ذلك على أَصل وضعه الأَول في اللغة، وترك ما ورد به الاستعمال الآن من الاقتصار به على أَول النهار دون آخره، وإِنما يفعل الشاعر ذلك تعمداً له أَو اتفاقاً وبديهة تهجم على طبعه.
وفي الحديث؛ لا يزال الناس بخير ما بَكَّرُوا بصلاة المغرب؛ معناه ما صلَّوها في أَول وقتها؛ وفي رواية: ما تزال أُمتي على سُنَّتي ما بَكَّرُوا بصلاة المغرب.
وفي حديث آخر: بَكِّرُوا بالصلاة في يوم الغيم، فإِنه مَن ترك العصر حبط عمله؛ أَي حافظوا عليها وقدّموها.
والبِكِيرَةُ والباكُورَةُ والبَكُورُ من النخل، مثل البَكِيرَةِ: التي تدرك في أَول النخل، وجمع البَكُورِ بُكُرٌ؛ قال المتنخل الهذلي: ذلك ما دِينُك، إِذ جُنِّبَتْ أَحْمالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ وصف الجمع بالواحد كأَنه أَراد المُبْتِلَةَ فحذف لأَن البناء قد انتهى، ويجوز لأَن يكون المُبْتِل جمع مُبْتِلَة، وإِن قلّ نظيره، ولا يجوز أَن يعني بالبُكُرِ ههنا الواحدة لأَنه إِنما نعت حُدوجاً كثيرة فشبهها بنخيل كثيرة، وهي المِبْكارُ؛ وأَرْضٌ مِبْكار: سريعة الإِنبات؛ وسحابة مِبكار وبَكُورٌ: مِدْلاجٌ من آخر الليل؛ وقوله: إِذا وَلَدَتْ قَرَائبُ أُمِّ نَبْلٍ، فذاكَ اللُّؤْمُ واللَّقَحُ البَكُورُ (قوله: «نبل» بالنون والباء الموحدة كذا في الأَصل). أَي إِنما عجلت بجمع اللؤْم كما تعجل النخلة والسحابة.
وبِكرُ كُلِّ شيء: أَوّله؛ وكُلُّ فَعْلَةٍ لم يتقدمها مثلها، بِكْرٌ.
والبِكْرُ: أَوَّل ولد الرجل، غلاماً كان أَو جارية.
وهذا بِكْرُ أَبويه أَي أَول ولد يولد لهما، وكذلك الجارية بغير هاء؛ وجمعهما جميعاً أَبكار. ولد أَبويه: أَكبرهم.
وفي الحديث: لا تُعَلِّمُوا أَبْكارَ أَولادكم كُتُبَ النصارى؛ يعني أَحداثكم.
وبِكْرُ الرجل بالكسر: أَوّل ولده، وقد يكون البِكْرُ من الأَولاد في غير الناس كقولهم بِكْرُ الحَيَّةِ.
وقالوا: أَشدّ الناس بِكْرٌ ابنُ بِكْرَيْن، وفي المحكم: بِكْرُ بِكْرَيْن؛ قال: يا بِكْرَ بِكْرَيْنِ، ويا خِلْبَ الكَبِدْ، أَصبَحتَ مِنِّي كذراع مِنْ عَضُدْ والبِكْرُ: الجارية التي لم تُفْتَضَّ، وجمعها أَبْكارٌ. من النساء: التي لم يقربها رجل، ومن الرجال: الذي لم يقرب امرأَة بعد؛ والجمع أَبْكارٌ. بِكْرٌ: حملت بطناً واحداً.
والبِكْرُ: العَذْراءُ، والمصدر البَكارَةُ، بالفتح.
والبِكْرُ: المرأَة التي ولدت بطناً واحداً، وبِكْرُها ولدها، والذكر والأُنثى فيه سواء؛ وكذلك البِكْرُ من الإِبل. أَبو الهيثم: والعرب تسميى التي ولدت بطناً واحداً بِكْراً بولدها الذي تَبْتَكْرُ به، ويقال لها أَيضاً بِكْرٌ ما لم تلد، ونحو ذلك قال الأَصمعي: إِذا كان أَوّل ولد ولدته الناقة فهي بِكْرٌ.
وبقرة بِكْرٌ: فَتِيَّةٌ لم تَحْمِلْ.
ويقال: ما هذا الأَمر منك بِكْراً ولا ثِنْياً؛ على معنى ما هو بأَوّل ولا ثان؛ قال ذو الرمة: وقُوفاً لَدَى الأَبْوابِ، طُلابَ حاجَةٍ، عَوانٍ من الحاجاتِ، أَو حاجَةً بِكْرَا أَبو البيداء: ابْتَكَرَتِ الحاملُ إِذا ولدت بِكْرَها، وأَثنت في الثاني، وثَلَّثَتْ في الثالث، وربعت وخمست وعشرت.
وقال بعضهم: أَسبعت وأَعشرت وأَثمنت في الثامن والسابع والعاشر.
وفي نوادر الأَعراب: ابْتَكَرَتِ المرأَةُ ولداً إِذا كان أَول ولدها ذكراً، واثْتَنَيَتْ جاءت بولدٍ ثِنْيٍ، واثْتَنَيْتُ وَلَدَها الثالث، وابْتَكَرْتُ أَنا واثْنَيَلتُ واثْتَلَثْتُ.
والبِكْرُ: النَّاقَةُ التي ولدت بطناً واحداً، والجمع أَبْكارٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي: وإِنَّ حَدِيثاً مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ، جَنَى النَّحْلِ في أَلْبانِ عُودٍ مَطافِلِ مَطافِيلِ أَبْكارٍ حَدِيثٍ نِتَاجُها، تُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المَفَاصِلِ وبِكْرُها أَيضاً: وَلَدُها، والجمع أَبْكارٌ وبِكارٌ. بِكْرٌ: لم تَحْمِلْ، وقيل: هي الفَتِيَّةُ.
وفي التنزيل: لا فارِضٌ ولا بِكْرٌ؛ أَي ليست بكبيرة ولا صغيرة، ومعنى ذلك: بَيْنَ البِكْرِ والفارِضِ؛ وقول الفرزدق: إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ، كَأَنَّهُ جَنعى النَّحْل أَوْ أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ عني الكَرْمَ البِكْرَ الذي لم يحمل قبل ذلك؛ وكذلك عَمَلُ أَبْكار، وهو الذي عملته أَبْكار النحل.
وسحابة بكْرٌ: غَزيرَةٌ بمنزلة البكْرِ من النساء؛ قال ثعلب: لأَن دمها أَكثر من دم الثيِّب، وربما قيل: سَحابٌ بكْرٌ؛ أَنشد ثعلب: ولَقَدْ نَظَرْتُ إِلى أَغَرَّ مُشَهَّرٍ، بِكْرٍ تَوَسَّنَ في الخَمِيلَةِ عُونَا وقول أَبي ذؤيب: وبِكْرٍ كُلَّمَا مُسَّتْ أَصَاتَتْ، تَرَنُّمَ نَغْمِ ذي الشُّرُعِ العَتِيقِ إِنما عنى قوساً أَوَّل ما يرمي عنها، شبه ترنمها بنغم ذي الشُّرُع وهو العود الذي عليه أَوتار.
والبِكْرُ: الفَتِيُّ من الإِبل، وقيل: هو الثَّنيُّ إِلى أَن يُجْذِعَ، وقيل: هو ابن المخاض إِلى أَن يُثْنِيَ، وقيل: هو ابن اللَّبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فإِذا أَثْنى فهو جَمَلٌ وهي ناقة، وهو بعير حتى يَبْزُلَ، وليس بعد البازل سِنُّ يُسَمَّى، ولا قبل الثَّنهيِّ سنّ يسمى؛ قال الأَزهري: هذا قول ابن الأَعرابي وهو صحيح؛ قال: وعليه شاهدت كلام العرب، وقيل: هو ما لم يَبْزُلْ، والأُنثى بِكْرَةٌ، فإِذا بَزَلا فجمل وناقة، وقيل: البِكْرُ ولد الناقة فلم يُحَدَّ ولا وُقِّتَ، وقيل: البِكْرُ من الإِبل بمنزلة الفَتِيِّ من الناس، والبِكْرَةُ بمنزلة الفتاة، والقَلُوصُ بمنزلة الجارية، والبَعِيرُ بمنزلة الإِنسان، والجملُ بمنزلةِ الرجلِ، والناقةُ بمنزلةِ المرأَةِ، ويجمع في القلة على أَبْكُرٍ. قال الجوهري: وقد صغره الراجز وجمعه بالياء والنون فقال: قَدْ شَرِبَتْ إِلاَّ الدُّهَيْدِهِينَا قُلَيِّصَاتٍ وأُبَيْكِريِنَا وقيل في الأُنثى أَيضاً: بِكْرٌ، بلا هاء.
وفي الحديث: اسْتَسْلَفَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، من رجل بَكْراً؛ البَكر، بالفتح: الفَتِيُّ من الإِبل بمنزلة الغلام من الناس، والأُنثى بَكْرَةٌ، وقد يستعار للناس؛ ومنه حديث المتعة: كأَنها بَكْرَةٌ عَيْطاء أَي شابة طويلة العنق في اعتدال.
وفي حديث طهفة: وسقط الأُملوج من البكارة؛ البِكارة، بالكسر: جمع البَكْرِ، بالفتح؛ يريد أَن السِّمَنَ الذي قد علا بِكَارَةَ الإِبل بما رعت من هذا الشجر قد سقط عنها فسماه باسم المرعى إِذ كان سبباً به؛ وروى بيت عمرو بن كلثوم: ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بَكْرٍ، غذاها الخَفْضُ لم تَحْمِلْ جَنِينَا قال ابن سيده: وأَصح الروايتين بِكر، بالكسر، والجمع القليل من كل ذلك أَبْكارٌ؛ قال الجوهري: وجمع البَكْرِ بِكارٌ مثل فَرْخٍ وفِرَاخٍ، وبِكارَةٌ أَيضاً مثل فَحْلٍ وفِحالَةٍ؛ وقال سيبويه في قول الراجز: قليِّصات وأُبيكرينا جمعُ الأَبْكُرِ كما تجمع الجُزُرَ والطُّرُقَ، فتقول: طُرُقاتٌ وجُزُراتٌ، ولكنه أَدخل الياء والنون كما أَدخلهما في الدهيدهين، والجمع الكثير بُكْرانٌ وبِكارٌ وبَكارَةٌ، والأُنثى بَكْرَةٌ والجمع بِكارٌ، بغير هاء، كعَيْلَةٍ وعِيالٍ.
وقال ابن الأَعرابي: البَكارَةُ للذكور خاصة، والبَكارُ، بغير هاء للإناث.
وبَكْرَةُ البئر: ما يستقى عليها، وجمعها بَكَرٌ بالتحريك، وهو من شواذ الجمع لأَن فَعْلَةً لا تجمع على فَعَلٍ إِلاَّ أَحرفاً مثل حَلْقَةٍ وحَلَقٍ وحَمْأَةٍ وحَمَإِ وبَكْرَةٍ وبَكَرٍ وبَكَرات أَيضاً؛ قال الراجز: والبَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَهْ يعني التي لا تدور. ابن سيده: والبَكْرَةُ والبَكَرَةُ لغتان للتي يستقى عليها وهي خشبة مستديرة في وسطها مَحْزُّ للحبل وفي جوفها مِحْوَرٌ تدور عليه؛ وقيل: هي المَحَالَةُ السَّريعة.
والبَكَراتُ أَيضاً: الحَلَقُ التي في حِلْيَةِ السَّيْفِ شبيهة بِفَتَخِ النساء.
وجاؤوا على بَكْرَةِ أَبيهم إِذا جاؤوا جميعاً على آخرهم؛ وقال الأَصمعي: جاؤوا على طريقة واحدة؛ وقال أَبو عمرو: جاؤوا بأَجمعهم؛ وفي الحديث: جاءت هوازنُ على بَكْرَةِ أَبيها؛ هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفير العدد وأَنهم جاؤوا جميعاً لم يتخلف منهم أَحد.
وقال أَبو عبيدة: معناه جاؤوا بعضهم في إِثر بعض وليس هناك بَكْرَةٌ في الحقيقة، وهي التي يستقى عليها الماء العذب، فاستعيرت في هذا الموضع وإِنما هي مثل. قال ابن بري: قال ابن جني: عندي أَن قولهم جاؤوا على بكرة أَبيهم بمعنى جاؤوا بأَجمعهم، هو من قولهم بَكَرْتُ في كذا أَي تقدّمت فيه، ومعناه جاؤوا على أَوليتهم أَي لم يبق منهم أَحد بل جاؤوا من أَولهم إِلى آخرهم.
وضربة بِكْرٌ، بالكسر، أَي قاطعة لا تُثْنَى.
وفي الحديث: كانت ضربات عليّ، عليه السلام، أَبْكاراً إِذا اعْتَلَى قَدَّ وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ؛ وفي رواية: كانت ضربات عليّ، عليه السلام، مبتكرات لا عُوناً أَي أَن ضربته كانت بِكراً يقتل بواحدة منها لا يحتاج أَن يعيد الضربة ثانياً؛ والعُون: جمع عَوانٍ هي في الأَصل الكهلة من النساء ويريد بها ههنا المثناة.وبَكْرٌ: اسم، وحكي سيبويه في جمعه أَبْكُرٌ وبُكُورٌ.
وبُكَيْرٌ وبَكَّارٌ ومُبَكِّر: أَسماء.
وبَنُو بَكْرٍ: حَيٌّ منهم؛ وقوله: إِنَّ الذِّئَابَ قَدِ اخْضَرَّتْ بَراثِنُها، والناسُ كُلُّهُمُ بَكْرٌ إِذا شَبِعُوا أَراد إِذا شبعوا تعادوا وتغاوروا لأَن بكراً كذا فعلها. التهذيب: وبنو بكر في العرب قبيلتان: إِحداهما بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة، والأُخرى بكر بن واثل بن قاسط، وإِذا نسب إِليهما قالوا بَكْرِيُّ.
وأَما بنو بكر بن كلاب فالنسبة إِليهم بَكْرْاوِيُّونَ. قال الجوهري: وإِذا نسبت إِلى أَبي بكر قلت بَكْرِيٌّ، تحذف منه الاسم الأَول، وكذلك في كل كنية.

بكر (الصّحّاح في اللغة) [50]


البِكْرُ: العذراءُ؛ والجمع أَبْكارٌ، والمصدر البَكارَةُ بالفتح.
والبِكْرُ: ألمرأةُ التي ولدتْ بطناً واحداً.
وبِكْرُها: ولدُها.
والذكَر والأنثى فيه سواء.
وكذلك البكْرُ من الإبل.
والبَكْرُ: الفَتيُّ من الإِبل، والأنثى بِكْرَةٌ، والجمع بِكارٌ، وبِكارَةٌ أيضاً.
وبَكْرَةُ البئر: ما يُسْتَقى عليها، وجمعها بَكَرٌ بالتحريك.
ويقال: جاءوا على بَكْرَةِ أبيهم، للجماعة إذا جاءوا معاً ولم يتخلَّفْ منم أحد. وتقول: أتيتهُ بُكْرَةً بالضم، أي باكراً. فإن أردت به بُكْرَةَ يومٍ بعينه قلت: أتيته بُكْرَةَ غيرَ مصروفٍ، وهي من الظُروف التي لا تتمكن.
وسِيرَ على فرسك بُكْرَةً وبَكَراً، كما تقول سَحَراً. وقد بَكَرْتُ أَبْكُرُ بُكوراً، وبَكَّرْتُ تَبْكِيراً، وأَبْكَرْتُ وابْتَكَرْتُ، وباكَرْتُ، كلُّه بمعنىً.
وقال أبو زيد أَبْكَرْتُ على الوِرْدِ إِبْكاراً وكذلك أَبْكَرْتُ . . . أكمل المادة الغَداءَ. قال: وبَكَرْتُ على الحجة بُكوراً، وأَبْكَرْتُ غيري.
وأَبْكَرَ الرجلُ: وَرَدَتْ إِبله بُكْرَةً.
وكلُّ من بادَرَ إلى الشيء فقد أَبْكَرَ إليه وبَكَّرَ، أيَّ وقتٍ كانَ. يقال: بَكِّرُوا بصلاة المغرب، أي صلّوها عند سقوط القُرص.
وقوله تعالى: "بالعَشيِّ والإبْكارِ"، وهو فَعلٌ يدلُّ على الوقت وهو البُكْرَةُ.
ورجلٌ بَكُرٌ في حاجته وبَكِرٌ، أي صاحب بُكورٍ.
والباكورَةُ: أول الفاكهة.
وقد ابْتَكَرْتُ الشيء، إذا استوليت على باكورَتِهِ.
والبَكورُ من النخل مثل الببَكيرَةِ، وهو الذي يُدرِكُ أوَّلَ النخل، وجمعُه بُكُرٌ.
وضربةٌ بِكْرٌ بالكسر، أي قاطعة لا تُثَنَّى.

بكر (مقاييس اللغة) [50]



الباء والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فرعان هما منه. فالأوّل أوّلُ الشيء وبَدْؤُه.
والثاني مشتقٌّ منه، والثالث تشبيه. فالأول البُكرة وهي الغَداة، والجمع البُكَر.
والتبكير والبُكور والابتكار المُضِيُّ في ذلك الوقت. البُكْرَة، كما أنّ الإصباح اسمُ الصُّبح.
وباكَرْتُ الشيء إذا بكَرْتَ عليه.قال أبو زيد: أبكرتُ الوِرْدَ إبكاراً، وأبكرتُ الغَدَاءَ، وبكَرْتُ على الحاجة وأبكَرْتُ غيري، بَكَرْتُ وأبكرْتُ.
ويقال رجلٌ بَُِكْرٌ صاحب بُكورٍ. كما يقال حَذُِر. قال الخليل: غيثٌ باكُورٌ وهو المبكّر في أول الوَسمِيّ، وهو أيضاً السّاري في أول اللّيْل وأول النهار. قال:
جَرَّتِ الرِّيحُ بها عُثْنُونَها      وتَهادَتْها مَدَاليجُ بُكُرْ

يقال: سحابةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ.
ويقال بكّرَتِ الأمطارُ تبكيراً وبَكَرَتْ بُكُوراً، إذا تقدَّمَت.الفرّاء: . . . أكمل المادة أبْكَرَ السّحاب وبَكَر، وبَكَّرَ، وبكَرَتِ الشجرة وأبكرَت وبكّرَت تبكِّرُ تبكيراً وبَكَرَتْ بُكُوراً، وهي بَكورٌ، إذا عَجَّلَتْ بالإثمار واليَنْع، وإذا كانت عادتُها ذاك فهي مِبْكار، وجمع بَكُور بُكُر، قال الهُذَليّ:
ذلكَ ما دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ      في الصُّبْحِ مِثْلَ البُكُرِ المُبْتِلِ

والتَّمَرَةُ باكورةٌ، ويقال هي البَكيرةُ والبَكائِرُ.
ويقال أرضٌ مِبْكَارٌ، إذا كانت تنْبِتُ في أوّل نبات الأرض. قال الأخطل:فهذا الأصلُ الأوّل، وما بعده مشتقٌّ منه. فمنه البَكْر من الإبل، ما لم يَبْزُلْ بَعْدُ.
وذلك لأنَّه في فَتَاءِ سِنِّهِ وأوّلِ عُمْرِه، فهذا المعنى الذي يجمَعُ بينه وبين الذي قبلهَ، فإذا بَزَلَ فهو جَمَلٌ.
والبَكْرَةُ الأنثى، فإذا بَزَلَتْ فهي ناقة.قال أبو عبيدة: وجمعه بِكَار، وأدنى العدد ثلاثة أَبْكُر.
ومنه المثل: "صدَقَنِي سِنُّ بَكْرِه" وأَصلُه أنَّ رجلاً ساوَمَ آخر بِبَكْرٍ أراد شِرَاءَه وسأل البائع عن سِنِّه، فأخْبَرَه بغير الصِّدق فقال: بَكْرٌ -وكان هَرِماً- فَفَرَّهُ المشتري، فقال: "صدَقَني سِنُّ بَكْرِهِ".قال التميميّ: يسمَّى البَعير بَكْراً من لَدُنْ يُرْكَب إلى أن يُرْبِع، والأنثى بَكرَةٌ.
والقَعُود البَكْر. قال: ويقول العَرَب: "أرْوَى مِنْ بَكْرِ هَبَنّقَةَ" وهو الذي كانيُحَمّقُ؛ وكان بَكْرُه يَصْدُر عن الماء مع الصّادِرِ وقد رَوِيَ، ثم يَرِدُ مع الوَارِدِ قبل أنْ يصل إلى الكلأ.قال الخليل: والبِكْرُ من النّساء التي لم تُمْسَسْ* قَطُّ. قال أبو عبيدٍ: إذا وَلَدَتِ المرأَةُ واحداً فهي بِكْرٌ أيضاً. قال الخليل: يسمَّى بِكْراً أو غُلاماً أو جارية.
ويقال أشدُّ الناس بِكْرٌ ابنُ بِكْرَين. قال: وبقرةٌ بِكْرٌ فَتِيّةٌ لم تَحْمِلْ.
والبِكْرُ من كلِّ أَمرٍ أَولُه.
ويقول: ما هذا الأمْرُ بِبَكيرٍ ولا ثَنِيٍّ، على معنى ما هو بأوّلٍ ولا ثانٍ. قال:
وقوفٌ لَدَى الأبوابِ طُلاَّبُ حَاجَةٍ      عَواناً من الحاجاتِ أو حاجةً بكرا

والبِكْرُ: الكَرْم الذي حَمَلَ أوّل مرّة. قال الأعشى:
تَنَخَّلَها مِنْ بِكار القطاف      أُزَيْرِقُ آمِنُ إكْسادِها

قال الخليل: عَسَلٌ أبْكارٌ تُعَسِّلُه أبكار النَّحْل، أي أفْتاؤُها، ويقال بل الأَبكارُ من الجَواري يَلِينَهُ. فهذا الأَصلُ الثاني، وليس بالبعيد من قياس الأوّل.وأما الثالث فالبَكَْرَةُ التي يُسْتَقَى عليها.
ولو قال قائل إنها أُعِيرَتْ اسمَ البَكْرَة من النُّوق كان مذهباً، والبَكرة معروفة. قال امرؤُ القيس:
كأنَّ هادِيَها إذْ قَامَ مُلْجِمُها      قَعْوٌ على بَكْرَةٍ زَوْرَاءَ مَنْصُوبُ

وَثَمَّ حَلَقات في حِلْية السّيف تسمّى بَكَراتٍ.
وكلُّ ذلك أصلهُ واحد.

الإبكار (المعجم الوسيط) [0]


 أول النَّهَار إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَمِنْه فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَسبح بالْعَشي وَالْإِبْكَار} 

مستفشر (لسان العرب) [0]


من المعرّب: المُسْتَفْشارُ، وهو العسَل المعتَصَرُ بالأَيدي إِذا كان يسيراً، وإِن كان كثيراً فبالأَرجل؛ ومنه قول الحجاج في كتابه إِلى بعض عماله بفارس: أَن ابْعَثْ إِليّ بعَسَلٍ من عسَلِ خُلاَّر، من النحْلِ الأَبْكار، من المُسْتفْشار، الذي لم تمسَّه نار.

خلر (لسان العرب) [0]


الخُلَّرُ، مثال السُّكَّره، قيل: هو نبات أَعجمي، قيل: هو الجُلبْانُ، وقيل: هو الفُولُ.
وفي التهذيب: الخُلَّرُ الماشُ، وقد ذكره الشافعي في الحبوب التي تُقْتاتُ.
وخُلاَّر: موضع يكثر به العسل الجيد؛ ومنه كتاب الحجاج إِلى بعض عُمَّاله بفارس: أَن ابْعَثْ إِليّ بعسل من عسل خُلاَّر، من النحل الأَبكار، من الدَّسْتِفْشارِ، الذي لم تَمَسَّهُ نار.

نتق (مقاييس اللغة) [0]



النون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيءٍ وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله. تقول العرب: نتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر: جَذَبْتُه.
والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسترخِي.
وامرأةٌ ناتقٌ: كثُرَ أولادُها.
وهذا قياس الباب، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقاً. قال:
لم يُحرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ      دَحَقَتْ عليك بناتِقٍ مذكارِ

وفي الحديث: "علَيكم بالأبكار فإنَّهنَّ أنْتَقُ أرحاماً".
وزَنْدٌ ناتقٌ: وارٍ؛ وهو القياس.

رمح (مقاييس اللغة) [0]



الراء والميم والحاء كلمةٌ واحدة، ثم يُصرَّف منها. فالكلمة الرُّمْح، وهو معروفٌ، والجمع رِماح وأرْماح.
والسِّماك الرّامح: نَجمٌ، وسُمِّي بكوكبٍ يقْدُمه كأنَّه رُمْحه. فأمَّا قولهم: رَمَحَتْه الدَّابَّةُ، فمن هذا أيضاً لأنّ ضَرْبها إيّاهُ برِجلها كرمح الرَّامحِ برُمْحه.
ومنه رَمَحَ الجُندبُ، إذا ضَرب الحصَى بيده.
والرَّمَّاح: الذي يتَّخذ الرِّماح، وحِرفته الرِّماحة.
والرَّامح: الطاعن بالرُّمْح.
والرامح: الحامل له.
ويقال للبُهْمَى إذا امتنَعتْ على الرّاعية: قد أخذَتْ رماحَها. كما قال:
أيَّامَ لم تأخُذْ إليَّ سِلاحَها      إبِلي لِجلّتها ولا أبكارِها

أنض (لسان العرب) [0]


الأَنِيضُ من اللحم: الذي لم يَنْضَج، يكون ذلك في الشواء والقَدِيد، وقد أَنُضَ أَناضةً وآنَضَه هو. أَبو زيد: آنَضْتُ اللجمَ إِيناضاً إِذا شَوَيْتَهُ فلم تُنْضِجْه، والأَنِيضُ مصدر قولك أَنَضَ اللحمُ يأْنِضُ، يالكسر، أَنِيضاً إِذا تغير.
واللحمُ لحمٌ أَنيضٌ: فيه نُهُوءَةٌ؛ وأَنشد لزهير في لسان متكلم عابه وهجاه: يُلَجْلِجُ مُضْغةً فيها أَنِيضٌ أَصَلَّتْ، فهي تحت الكَشْح داءُ أَي فيها تغير؛ وقال أَبو ذؤيب فيه: ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه، بِجَرْداءَ يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها والإِناضُ، بالكسر: حَمْلُ النخل المُدْرِك.
وأَناضَ النخل( ) قوله «وأناض النخل إلخ» في شرح القاموس ما نصه: وذكر الجوهري هنا وأَناض النخل ينيض إناضة أي أينع، وتبعه صاحب اللسان، . . . أكمل المادة وهو غريب فإن أَناض مادته نوض. يُنِيضُ إِناضةً أَي أَيْنَع؛ ومنه قول لبيد: يوم أَرزاق من تفضل عُمٌّ، مُوسِقات وحُفَّلٌ أَبْكارُ فاخِراتٌ ضُرُوعُها في ذُراها، وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ العُمُّ: الطِّوالُ من النخل، الواحدة عميمة.
والمُوسِقاتُ: التي أَوْسَقَت أَي حملت أَوْسُقاً.
والحُفَّل: جمع حافِلٍ، وهي الكثيرة الحمل مشبهة بالناقة الحافل وهي التي امتلأَ ضرعها لَبَناً. التي يتعجَّل إِدراك ثمرها في أَول النخل، مأْخوذ من الباكُورة من الفاكهة، وهي التي تتقدَّم كل شيء.
والفاخراتُ: اللاتي يَعْظُم حَملُها.
والشاة الفخور: التي عظم ضرعها.
والجَبّار من النخل: الذي فاتَ اليَدَ.
والعَيْدانُ فاعل بأَناضَ، والجبّار معطوف عليه، ومعنى أَناضَ بلغَ إِناه ومنتهاه؛ ويروى: وإِناضُ العَيْدان، ومعناه وبالِغُ العَيْدانِ، والجبار معطوف على قوله وإِناضَ.

فصل (مقاييس اللغة) [0]



الفاء والصاء واللام كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على تمييز الشَّيء. من الشَّيء وإبانته عنه. يقال: فَصَلْتُ الشَّيءَ فَصْلاً.
والفَيْصل: الحاكم.
والفَصِيل: ولدُ النَّاقةِ إذا افتُصِلَ عن أُمِّه.
والمِفْصَل: اللِّسان، لأنَّ به تُفصَل الأمور وتميَّز. قال الأخطل:والمفاصل: مَفاصل العِظام.
والمَفْصِل: ما بين الجبلَيْن، والجمع مَفاصل. قال أبو ذُؤَيب:
مَطَافيلَ أبكارٍ حديثٍ نِتاجُها      يُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المفاصلِ

والفَصِيل: حائطٌ دونَ سُور المدينة.
وفي بعض الحديث: "مَن أنفَقَ نفقةً فاصلةً فله من الأجر كذا"، وتفسيره في الحديث أنَّها التي فَصَلَت بين إيمانه وكُفره.

العَنْسُ (القاموس المحيط) [0]


العَنْسُ: الناقةُ الصُّلْبَةُ، والعُقابُ، وعَطْفُ العُودِ، وقَلْبُهُ.
وعَنْسٌ: لَقَبُ زيدِ بنِ مالِكِ بنِ أُدَدٍ، أبو قبيلةٍ من اليمنِ.
ومِخْلافُ عَنْسٍ بها، مُضافٌ إليه.
وعَنَسَتِ الجاريةُ، كسَمِعَ ونَصَرَ وضَرَبَ، عُنوساً وعِناساً: طالَ مُكْثُها في أهْلِها بعدَ إدْراكِها، حتى خَرَجَتْ من عداد الأبْكارِ، ولم تَتَزَوَّج قَطُّ،
كأَعْنَسَتْ وعَنَّسَتْ وعُنِّسَتْ.
وعَنَّسَها أهْلُها تَعْنيساً، وهي: عانِسٌ
ج: عَوانِسُ وعُنْسٌ وعُنَّسٌ وعُنوسٌ، والرجلُ: عانِسٌ أيضاً.
والعانِسُ: الجَمَلُ السمينُ التامُّ، وهي: بهاءٍ.
وككِتابٍ: المرآةُ.
والعَنَسُ، محركةً: النَّظَرُ فيها كلَّ ساعةٍ. (وكشدّادٍ: عَلَمٌ).
وعُنَيِّسٌ، كقُصَيِّرٍ: رَمْلٌ م.
والأَعْنَسُ بنُ سَلْمانَ: شاعِرٌ.
وأعْنَسَهُ: غَيَّرَهُ،
و~ الشَّيْبُ وجْهَهُ: خالَطَهُ.
واعْنِيناسُ ذَنَبِ الناقةِ: وفُورُ هُلْبِه، وطُولُه.

طفل (الصّحّاح في اللغة) [0]


الطِفْلُ: المولودُ.
وولدُ كلِّ وحشيَّةٍ أيضاً طِفْلٌ، والجمع أَطْفالٌ.
وقد يكون الطِفْلُ واحداً وجمعاً، مثل الجُنُبِ. قال تعالى: "أو الطِفْلِ الذين لَمْ يَظْهَروا". يقال منه: أَطْفَلَتِ المرأةُ.
والمُطْفِلُ: الظبيةُ معها طِفْلُها وهي قريبة عهدٍ بالنَتاج، وكذلك الناقة.
والجمع مَطافِل ومَطافيلُ. قال أبو ذؤيب:
تُشابُ بماءٍ مثلِ ماء المفَاصِـلِ      مَطافيلَ أبكارٍ حديثٍ نَتـاجُـهـا


والطَفْلُ بالفتح: الناعمُ. يقال: جاريةٌ طَفْلَةٌ، أي ناعمةٌ.
وبنانٌ طَفْلٌ.
وتَطْفيلُ الشمس: ميلُها للغروب.
وقد طَفَّلَ الليل، إذا أقبل ظلامُه.
والطَفَلُ بالتحريك: بعد العصر، إذا طَفَّلَتِ الشمس للغروب، يقال: أتيته طَفَلاً.
والطَفَلُ أيضاً: مَطَرٌ.
وقال:
      لِوَهْدٍ جادَهُ طَفَلُ الثُرَيَّا

وطَفَّلْتُ الإبل تَطْفيلاً، وذلك إذا كانَ معها أولادها فرفَقْتُ بها في السير حتَّى تلحقَها الأطفال.
وقولهم: طُفَيْلِيٌّ، . . . أكمل المادة للذي يدخل وليمةً ولم يُدْعَ إليها، وقد تَطَفَّلَ.

خرط (مقاييس اللغة) [0]



الخاء والراء والطاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطَّرد، وهو مُضيُّ الشَّيء، وانسلاله.
وإليه يرجعُ فروع الباب، فيقال اخترطْتُ السيفَ مِن غِمْده، وخَرَطت عن الشَّجرةِ ورقَها، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك فكأنَّ الشجرةَ قدانسلَّت منه.
وقال قومٌ: الخَرْط قشْر العُود؛ وهو من ذلك.
والخَرُوط من الدوابّ: الذي يَجْتَذِبُ رَسَنَه من يد مُمْسِكه ويمضي.
ويقال اخروَّط بهم السَّير، إذا امتدَّ.
والمخروط: الرجل الطَّويل الوجْه.
واستخْرَط الرجل [في] البكاء، وذلك إذا ألحَّ ولجَّ فيه مستمرَّا.
والخَرَط: داءٌ يصيب ضَرْع الشاة فيخرُج لبنُها متعقِّداً كأنه قِطَع الأوتار.
وهي شاةٌ مُخْرِطٌ، فإنْ كان ذلك عادتَها فهي مِخْراط.
ويقال المخَاريط الحيّاتُ إذا انسلخَتْ جلودُها. قال:
إنّي كسانِي أبو قابُوسَ مُرْفَلَةً      كأنّها سَلْخُ أبْكارِ . . . أكمل المادة المخاريطِ

[و] رجلٌ خَرُوطٌ: مُتَهَوِّرٌ يركبُ رأسَه، وهو القياس.
ويقال انخرَط علينا، إذا انْدرَأ بالقول السَّيِّئ، وانخرَط جسمُ فلانٍ، إذا دَقَّ، وذلك كأنّه انسلَّ من لحمه انسلالاً.
ويقال خرَطْتُ الفحل في الشَّول، إذا أرسلتَه فيها.

عنس (الصّحّاح في اللغة) [0]


العَنْسُ: الناقة الصُلبة، ويقال هي التي اعْنَوْنَسَ ذنبها، أي وَفَرَ.
وعَنَسَتِ الجارية تَعْنُسُ بالضم عُنوساً وعِناساً، فهي عانِسٌ، وذلك إذا طال مكثها في منزل أهلها بعد إدراكها حتَّى خرجت من عداد الأبكار. هذا ما لم تتزوَّج، فإن تزوَّجت مرَّةً فلا يقال عَنَسَتْ. قال الأعشى:
ونَشَأْنَ في فَـنَـنٍ وفـي أذْوادِ      والبيضُ قد عَنَسَتْ وطال جِراؤُها

وقوله في فننٍ، أي في نعمة.
وأصلها أغصان الشجر.
ويقال للرجل أيضاً: عانِسٌ. قال أبو قيس ابن رفاعة:
والعانِسونَ ومنَّا المُرْدُ والشيبُ      منَّا الذي هو ما إنْ طَرَّ شارِبُهُ

والجمع عُنْسٌ وعُنَّسٌ. قال أبو زيد: وكذلك عَنَّسَتِ الجارية تَعْنيساً.
وقال الأصمعيّ: لا يقال عَنَّسَتْ، ولكن عُنِّسَتْ على ما . . . أكمل المادة لم يسمّ فاعله.
وعَنَّسَها أهلها.
وقال الكسائي: العانِسُ فوق المُعْصِرِ.
ويقال: فلانٌ لم تُعْنِسُ السِنُّ وجهَهُ، أي لم تغيِّره إلى الكبر. قال سويد الحارثي:
سوى خُلْسَةٍ في الرأس كالبرق في الدُجا      فتًى قَبَلٌ لم تُعْـنِـس الـسـنُّ وجـهَـهُ

صطر (لسان العرب) [0]


التهذيب: الكسائي المُصْطارُ الخَمْر الحامِض؛ قال الأَزهري: ليس المُصْطار من المُضاعَف، وقال في موضع آخر: هو بتخفيف الراء، وهي لغة رومِيَّة؛ قال الأَخطل يصف الخمر: تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فيها بِجَائفَة فَوْقَ الزُّجاج، عَتِيقٌ غير مُصْطارِ وقال: المُصْطار الحدِيثة المُتَغَيِّرَةُ الطعم والريح. قال الأَزهري: والمُصْطار من أَسماء الخمر التي اعْتُصِرَت من أَبكار العِنَب حَدِيثاً، بِلُغة أَهل الشام؛ قال: وأُراه رُومِيّاً لأَنه لا يُشْبه أَبنية كلام العرب. قال: ويقال المُسْطارُ، بالسين، وهكذا رواه أَبو عبيد في باب الخمر وقال: هو الحامِض منه. قال الأَزهري: المُصْطار أَظنه مُفْتَعلاً من صار، قلبت التاء طاء.
وجاء المُصْطارُ في شعر عَدِيّ ابن الرقاع في . . . أكمل المادة نعت الخمر في موضعين، بتخفيف الراء، قال: وكذلك وجدته مقيَّداً في كتاب الإِيادِي المَقْرُوِّ على شمر. ابن سيده في ترجمة سطر: السَّطْر العَتود من المَعَزِ، والصاد لغة، وقرئ: وزاده بصْطَةً ومُصَيْطِر، بالصاد والسين، وأَصل صاده سين قلبت مع الطاء صاداً لقرب مَخارجها.

خرط (الصّحّاح في اللغة) [0]


خَرَطْتُ العودَ أَخْرُطُهُ وأَخْرِطُهُ خَرْطاً: قشرته.
وخَرَطْتُ الورق: حَتَتُّهُ، وهو أن تقبضَ على أعلاه ثم تُمِرَّ يدكَ عليه إلى أسفله.
وفي المثل: دونَه خَرْطُ القَتادِ.
وخَرَطَهُ الدواءُ أيضاً، أي أمشاه.
وكذلك خَرَّطَهُ تَخْريطاً.
والخَرَطُ، بالتحريك: داءٌ يصيب الضَرعَ فيخرجُ اللبنُ متعقّداً كقِطَعِ الأوتار. يقال: قد أَخْرَطَتِ الناقةُ فهي مُخْرِطٌ. فإذا كان ذلك عادةً لها فهي مِخْراطٌ.
والمِخْراطُ أيضاً: الحيّة التي من عادتها أن تسلخَ جلدَها في كلِّ سنةٍ. قال الشاعر:
كأنَّها سَلْخُ أَبْكارِ المَخاريطِ      إنِّي كَساني أبو قابوسَ مُزْفَلةً

وفرسٌ خَروطٌ، أي جَموحٌ. يقول البائع: بَرِئْتُ إليك من الخِراطِ، أي الجِماحِ.
وانْخَرَطَ الفرسُ في سيره، أي لَجَّ.
وانْخَرَطَ علينا فلانٌ، إذ اانْدَرَأَ، إذا انْدَرَأَ بالقول السيِّءِ.
وانْخَرَطَ . . . أكمل المادة جسمُه، أي دَقَّ.
والإخْريطُ: ضَربٌ من الحَمْضِ.
وخَرَطْتُ الحديدَ خَرْطاً، أي طوَّلتُه كالعمود.
ورجلٌ مَخْروطُ اللحيةِ ومخروطُ الوجهِ، أي فيهما طولٌ من غير عِرضٍ.
واخْتَرَطَ سيفَه، أي سَلَّهُ.
والخَريطَةُ: وعاءٌ من أَدَمٍ وغيرهِ يُشْرَجُ على ما فيها.
وقد أَخْرَطْتُ الخَريطَةَ، أي أَشْرَجْتُها.
واخْرَوَّطَ بهم السيرُ اخْرِوَّاطاً، أي امتدَّ. قال العجاج:
      مُخْرَوِّطاً جاء من الأَقْطارِ

البُكْرَةُ (القاموس المحيط) [0]


البُكْرَةُ، بالضم: الغُدْوَةُ،
كالبَكَرَةِ، محرَّكةً، واسْمُها: الإِبْكارُ، وبالفتح: خَشَبَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ في وَسَطِها مَحَزٌّ يُسْتَقَى عليها، أو المَحَالَةُ السريعةُ، ويُحَرَّكُ،
ج: بَكَرٌ وبَكَراتٌ، والجَماعَةُ، والفَتِيَّةُ من الإِبِلِ،
ج: بِكارٌ. وبَكَرَ عليه، وإليه، وفيه بُكوراً،
وبَكَّرَ وابْتَكَرَ وأبْكَرَ، وباكَرَهُ: أتاهُ بُكْرَةً، وكُلُّ مَنْ بادَرَ إلى شيءٍ:
فقد أبْكَرَ إليه في أيّ وقتٍ كان.
وبَكُرٌ وبَكِرٌ: قَوِيٌّ على البُكورِ.
وبَكَّرَهُ على أصحابِهِ تَبْكيراً،
وأبْكَرَهُ: جَعَلَهُ يُبَكِّرُ عليهم.
وبَكَّرَ وأبْكَرَ وتَبَكَّرَ: تَقَدَّمَ.
وكفَرِحَ: عَجِلَ.
والباكُورُ: المَطَرُ في أولِ الوَسْمِيِّ،
كالمُبْكِرِ والبَكورِ، والمُعَجَّلُ الإِدْراكِ من كُلِّ شيءٍ، وبِهاءٍ: الأنْثَى، والثَّمَرَةُ، والنَّخْلُ التي تُدْرِكُ أوَّلاً،
كالبَكيرَةِ والمِبْكارِ والبَكورِ، جَمْعُه: بُكُرٌ.
وأرضٌ . . . أكمل المادة class="baheth_marked">مِبْكارٌ: سريعةُ الإِنْباتِ.
والبِكْرُ، بالكسر: العَذْراءُ،
ج: أبْكارٌ، والمَصْدَرُ:
البَكارَةُ، بالفتح، والمرأةُ، والناقةُ إذا ولَدَتَا بَطْناً واحداً، وأوَّلُ كُلِّ شيءٍ، وكُلُّ فَعْلَةٍ لم يَتَقَدَّمْها مِثْلُها، وبَقَرَةٌ لم تَحْمِلْ، أو الفَتِيَّةُ، والسحابَةُ الغزيرةُ، وأوَّلُ ولَدِ الأَبَوَيْنِ، والكَرْمُ حَمَلَ أوَّلَ مَرَّةٍ.
والضَّرْبَةُ البِكْرُ: القاطِعَةُ القاتِلَةُ.
وبالضم، وبالفتح: وَلَدُ الناقَةِ، أو الفَتِيُّ منها، أو الثَّنِيُّ إلى أنْ يُجْذِعَ، أو ابنُ المَخاضِ إلى أن يُثْنِيَ، أو ابنُ اللَّبونِ، أو الذي لم يَبْزُلْ،
ج: أبْكُرٌ وبُكْرانٌ وبِكارَةٌ، بالفتح والكسر.
والبَكَراتُ: الحَلَقُ في حِلْيَةِ السَّيْفِ، وجِبالٌ شُمَّخٌ عند ماءٍ لِبَنِي ذُؤَيْبٍ يقالُ له: البَكْرَةُ، وقاراتٌ سُودٌ بِرَحْرَحانَ، أو بطريقِ مَكَّةَ.
والبَكْرَتانِ: هَضْبَتانِ لِبَنِي جَعْفَرٍ، وفيهما ماءٌ يقالُ له: البَكْرَةُ أيضاً.
وككَتَّانٍ: ة قُرْبَ شِيرازَ، واسْمٌ.
وكعُنُقٍ: حِصْنٌ باليمَنِ.
وكزُبَيْرٍ: اسْمٌ.
وأبو بَكْرَةَ: نُفَيْعُ بنُ الحارِثِ، أو مَسْروحٍ الصَّحابِيُّ، تَدَلَّى يومُ الطَّائِفِ من الحِصْنِ بِبَكْرَةٍ، فَكَنَاهُ صلى الله عليه سلم: أبا بَكْرَةَ.
والنِّسْبَةُ إلى أبي بَكْرٍ، وإلى بَنِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ، وإلى بَكْرِ بنِ وائلٍ:
بَكْرِيٌّ، وإلى بَنِي أبي بَكْرِ بنِ كِلابٍ: بكْرَاوِيٌّ.
وبَكْرٌ: ع ببِلادِ طَيِّئٍ.
والبَكْرانُ: ع بناحيةِ ضَرِيَّةَ،
وة.
و"صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ" بِرَفْعِ سِنٍّ ونَصْبِهِ، أي: خَبَّرَنِي بما في نَفْسِه، وما انْطَوَتْ عليه ضُلوعُه، وأصْلُه: أنَّ رجُلاً ساوَمَ في بَكْرٍ، فقال: ما سِنُّهُ؟ فقال: بازِلٌ، ثم نَفَرَ البَكْرُ، فقال صاحِبُه له: هِدَعْ هِدَعْ، وهذه لفظَةٌ يُسَكَّنُ بها الصِّغارُ، فلما سَمِعَهُ المُشْتَرِي قال: "صَدَقَنِي سِنُّ بَكْرِهِ"، ونَصْبُه على مَعْنَى: عَرَّفَنِي، أو إرادَةِ خَبَرِ سِنِّ، أو في سِنِّ، فَحُذِفَ المُضافُ أو الجارُّ، ورَفْعُه على أنَّه جَعَلَ الصِّدْقَ للسِنِّ تَوَسُّعاً.
وبَكَّرَ تَبْكيراً: أتَى الصَّلاةَ لأِوَّلِ وقْتِها.
وابْتَكَرَ: أدْرَكَ أوَّلَ الخُطْبَةِ، وأكَلَ باكورَةَ الفاكِهَةِ،
و~ المرأةُ: ولَدَتْ ذَكَراً في الأَوَّلِ.
وأبْكَرَ: ورَدَتْ إبلُهُ بُكْرَةً.
وبَكْرونُ: اسمٌ.

عنس (لسان العرب) [0]


عَنَسَتِ المرأَة تَعْنُس، بالضم، عُنُوساً وعِناساً وتَأَطَّرَتْ، وهي عانس، من نِسوة عُنَّسٍ وعَوَانِسَ، وعَنَّسَتْ، وهي مُعَنَّس، وعَنَّسَها أَهلُها: حَبَسُوها عن الأَزواج حتى جازت فَتَاءَ السِّن ولمَّا تَعْجُِزْ. قال الأَصمعي: لا يقال عَنَسَتْ ولا عَنَّسَت ولكن يقال عُنِّسَت، على ما لم يسمَّ فاعلُه، فهي مُعَنَّسَة، وقيل: يقال عَنَسَت، بالتخفيف، وعُنِّسَتْ ولا يقال عَنَّسَت؛ قال ابن بري: الذي ذكره الأَصمعي في خَلْق الإِنسان أَنه يقال عَنَّسَت المرأَة، بالفتح مع التشديد، وعَنَسَت، بالتخفيف، بخلاف ما حكاه الجوهري.
وفي صفته، صلى اللَّه عليه وسلم: لا عانِسٌ ولا مُفَنِّدٌ؛ العانِس من الرجال والنساء: الذي يَبقى زماناً بعد أَن يُدْرِك لا يتزوج، وأَكثر ما يُستعمل . . . أكمل المادة في النساء. يقال: عَنَسَتِ المرأِة، فهي عانِس، وعُنِّسَت، فهي مُعَنِّسَة إِذا كَبِرَت وعَجَزَتْ في بيت أَبويها. قال الجوهري: عَنَسَتِ الجارية تَعْنُس إِذا طال مكثها في منزل أَهلها بعد إِدْراكها حتى خرجتْ من عِداد الأَبكار، هذا ما لم تتزوج، فإِن تزوجت مرَّة فلا يقال عَنَسَت؛ قال الأَعشى: والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِراؤُها، ونَشَأْنَ في فَنَنٍ وفي أَذْوادِ ويروى: والبيضِ، مجروراً بالعطف على الشَّرْب في قوله: ولقد أُرَجَّل لِمَّتي بِعَشِيَّةٍ للشَّرْبِ، قبلَ حَوادثِ المُرْتادِ ويروى: سَنابِك، أَي قيل حوادث الطَّالِب؛ يقول: أُرَجِّلُ لِمَّتي للشَّرْب وللجواري الحِسان اللواتي نشَأْن في فَنَنٍ أَي في نعمة.
وأَصلها أَغصان الشجر؛ هذه رواية الأَصمعي، وأَما أَبو عبيدة فإِنه رواه: في قِنٍّ، بالقاف، أَي في عبيد وخَدَم.
ورجل عانِس، والجمع العانِسُون؛ قال أَبو قيس بن رفاعة: مِنَّا الذي هو ما إِنْ طَرَّ شارِبُه، والعانِسُون، ومِنَّا المُرْدُ والشِّيبُ وفي حديث الشعبي: سئل عن الرجل يَدخل بالمرأَة على أَنها بكر فيقول لم أَجدها عَذْراء، فقال: إِن العُذْرة قد يُذهِبها التَعْنيسُ والحَيْضَة، وقال الليث: عَنَسَت إِذا صارت نَصَفاً وهي بكر ولم تتزوَّج.
وقال الفَرَّاء: امرأَة عانس التي لم تتزوج وهي تترقب ذلك، وهي المُعَنَّسة.
وقال الكسائي: العَانِس فوق المُعْصِر؛ وأَنشد لذي الرمة: وعِيطاً كأَسْراب الخُروج تَشَوَّقَتْ مَعاصِيرُها، والعاتِقاتُ العَوانِسُ العِيطُ: يعني بها إِبلاً طِوال الأَعناق، الواحدة منها عَيْطاء.
وقوله كأَسراب الخروج أَي كجماعة نساء خرجْن متشوّفات لأَحد العِيدين أَي متزينات، شبَّه الإِبل بهنَّ.
والمُعْصِر: التي دنا حيضها.
والعانِقُ: التي في بيت أَبويها ولم يقع عليها اسم الزوج، وكذلك العانِس.
وفلان لم تَعْنُس السِّنُّ وَجهَه أَي لم تغيّره إِلى الكِبَرِ؛ قال سُوَيْدٌ الحارثي: فَتى قَبَلٌ لم تَعْنُس السنُّ وجهَهُ، سِوى خُلْسَةٍ في الرأْس كالبَرْقِ في الدُّجى وفي التهذيب: أَعْنَس الشيبُ رأْسَه إِذا خالطه؛ قال أَبو ضب الهذلي: فَتى قَبَلٌ لم يَعْنُسِ الشَّيبُ رأْسَه، سِوى خُيُطٍ في النُّورِ أَشرَقْنَ في الدُّجى ورواه المُبَرَّد: لم تعْنُس السِّنُّ وَجهه؛ قال الأَزهري: وهو أَجود.
والعُنَّسُ من الإِبلِ فوق البَكارة أَي الصِّغار. قال بعض العرب: جَعل الفحلُ يضرب في أَبكارِها وعُنَّسِها؛ يعني بالأَبكار جمع بَكْر، والعُنَّس المتوسِّطات التي لَسْن بأَبكار. الصَّخرة.
والعَنْسُ: الناقة القويَّةُ، شبهت بالصخرة لصلابتها، والجمع عُنْسٌ وعُنُوس وعُنَّس مثل بازِل وبُزْلٍ وبُزَّل؛ قال الراجز: يُعْرِسُ أَبكاراً بها وعُنَّسا وقال ابن الأَعرابي: العَنْس البازِل الصُّلبة من النُّوق لا يقال لغيرها، وجمعها عِناس، وعُنُوس جمع عِناس؛ قال ابن سيده: هذا قول ابن الأَعرابي وأَظنه وهَماً منه لأَن فِعالاً لا يجمع على فُعُول، كان واحداً أَو جمعاً، بل عُنُوس جمع عَنْس كعِناس. قال الليث: تُسمّى عَنْساً إِذا تَمَّتْ سِنّها واشتدت قوَّتها ووفَر عظامها وأَعضاؤُها؛ قال الراجز: كَمْ قَدْ حَسَرْنا مِنْ عَلاةٍ عَنْسِ وناقة عانِسَة وجمل عانِس: سمين تامّ الخَلق؛ قال أَبو وجزة السعدي: بعانِساتٍ هَرِماتِ الأَزْمَلِ، جُشٍّ كبَحْريّ السَّحاب المُخْيِلِ والعَنْس: العُقاب.
وعَنَسَ العودَ: عَطَفَه، والشين أَفصح.
واعْنَوْنَسَ ذنَب الناقةٍ، واعْنِيناسُه: وفُورُ هُلْبِه وطولُه؛ قال الطِّرِمَّاح يصف ثوراً وحشيّاً: يَمْسَحُ الأَرض بمُعْنَوْنِسٍ، مِثل مئلاة النِّياح القِيام أَي بذنب سابغ.
وعَنْسٌ: قبيلة، وقيل: قبيلة من اليمن؛ حكاها سيبويه؛ وأَنشد: لا مَهْلَ حَتى تَلْحَقي بعَنْسِ، أَهلِ الرِّباطِ البِيضِ والقَلَنْسِ قال: ولم يقل القَلَنْسُو لأَنَه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف مضموم، ويكفيك من ذلك أَنهم قالوا: هذه أَدْلي زير.
والعِناسُ: المرآة.
والعُنُس: المرايا؛ وأَنشد الأَصمعي: حتى رَأَى الشَّيْبَة في العِناسِ، وعادمَ الجُلاحبِ العَوَّاسِ وعُنَيِّس: اسم رَمْل معروف؛ وقال الراعي: وأَعْرَضَ رَمْلٌ من عُنَيِّس، تَرْتَعِي نِعاجُ المَلا، عُوذاً به ومَتالِيا أَراد: ترتعي به نعاجُ الملا أَي بَقَرُ الوحش. عوذاً: وضَعَتْ حَدِيثاً، ومَتَاليَ: يتلوها أَولادها.
والملا: ما اتّسع من الأَرض، ونَصَب عُوذاً على الحال.

وسق (الصّحّاح في اللغة) [0]


الوَسْقُ: مصدر وَسَقْتُ الشيء: جمعته وحملته.
ومنه قوله تعالى: "والليلِ وما وَسَقَ". قال ضابئ بن الحارث البُرْجمِيُّ:
كقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْهُ أَنامِلُهْ      فإنِّي وإيَّاكم وشوقاً إلـيكـم

يقول: ليس في يدي من ذلك شيء كما أنَّه ليس في يد القابض على الماء شيء، فإذا جلَّل الليل الجبالَ والأشجارَ والبحار والأرض فاجتمعتْ له فقد وَسَقَها.
والوَسْقُ: الطردُ، ومنه سمِّيت الوَسيقَةُ، وهي من الإبل كالرُفقة من الناس، فإذا سُرِقَتْ طُرِدَتْ معاً.
والوَسْقُ: سِتُّون صاعاً، قال الخليل: الوَسْقُ هو حِمْلُ البعير.
والوِقْرُ حِمل البغل أو الحمار.
وقولهم: لا أفعله ما وَسَقَتْ عيني الماء، أي حملْتُه.
ووَسَقَتِ الناقة وغيرها تَسِقُ وَسْقاً بالفتح، أي حَمَلَتْ وأغلقتْ رحمَها على الماء، فهي ناقةٌ . . . أكمل المادة واسِقٌ ونوقٌ وِساقٌ. قال بشر بن أبي خازمٍ الأسدي:
تَبَيَّنَتِ الحِيالُ من الوِساقِ      ألَظَّ بهنَّ يحْدوهنَّ حتَّـى

ويقال أيضاً: نوقٌ مَواسيقٌ ومَواسِقُ، وهو جمعٌ على غير قياس.
والاتِّساقُ: الانتظامُ.
ووَسَّقْتُ الحنطة تَوْسيقاً، أي جعلتُها وَسْقاً وَسْقاً.
واسْتَوْسَقَتِ الإبلُ: اجتمعت.
وأَوْسَقْتُ البعيرَ: حمَّلته حِملَه.
وأوْسَقَتِ النخلةُ: كثُر حملها. قال لبيد:
موسِقاتٌ وحُفَّلٌ أبكـارُ      يومَ أرْزاقُ من يُفَضَّلُ عُمٌّ

قال أبو عبيد: الميساقُ: الطائرُ الذي يصفِّق بجناحيه إذا طار. قال: وجمعه مياسيقُ.

عوط (لسان العرب) [0]


قال ابن سيده: عاطَتِ الناقةُ تَعُوطُ عَوْطاً وتَعوَّطَتْ كتَعَيَّطَتْ، وأَحال على ترجمة عيط، وقال الأَزهري: قال الكسائي إِذا لم تحمل الناقة أَول سنة يَطْرُقُها الفحل فهي عائط وحائلٌ، فإِذا لم تحمل السنةَ المُقبلة أَيضاً فهي عائطُ عُوطٍ وعُوطَطٍ، زاد الجوهري: وعائطُ عِيطٍ، قال: وجمعها عُوطٌ وعِيطٌ وعِيطَطٌ وعُوطَطٌ وحُولٌ وحُولَلٌ، قال: ويقال عاطَتِ الناقة تَعُوطُ، قال: وقال أَبو عبيد وبعضهم يقول عُوطَطٌ مصدر ولا يجعله جمعاً، وكذلك حُولَلٌ.
وقال العَدَبَّسُ الكِناني: يقال تَعَوَّطَت إِذا حُمِل عليها الفحل فلم تَحْمِل، وقال ابن بزرج: بَكْرة عائطٌ، وجمعها عِيطٌ وهي تَعِيطُ، قال: فأَما التي تَعْتاطُ أَرحامُها فعائطُ عُوطٍ، وهي من تَعُوط؛ وأَنشد: . . . أكمل المادة يَرُعْنَ إِلى صَوْتي إِذا ما سَمِعْنَه، كما تَرْعَوِي عِيطٌ إِلى صَوْتِ أَعْيَسا وقال آخر: نَجائب أَبْكارٍ لَقِحْنَ لِعِيطَطٍ، ونِعْمَ، فَهُنَّ المُهْجِراتُ الحَيائرُ وقال الليث: يقال للناقة التي لم تحمل سنوات من غير عقْر: قد اعْتاطتِ اعتياطاً، فهي معْتاطٌ، قال: وربما كان اعْتِياطُها من كثرة شَحْمِها أَي اعتاصَتْ. قال الجوهري: يقال اعتاطَتْ وتَعَوَّطَت وتَعَيَّطَت.
وفي الحديث: أَنه بعث مُصَدِّقاً فأُتيَ بشاةٍ شافِعٍ فلم يأْخُذْها، فقال: ائتِني بمُعْتاطٍ، والشافعُ التي معَها ولدُها، وربما قالوا: اعْتاطَ الأَمرُ إِذا اعْتاصَ، قال: وقد تَعْتاطُ المرأَةُ.
وناقة عائطٌ، وقد عاطَتْ تَعِيطُ عِياطاً، ونُوق عِيطٌ وعُوطٌ من غير أَن يقال عاطَتْ تَعُوطُ، وجمع العائط عَوائطُ، وقال غيره: العِيط خِيارُ الإِبل وأَفْتاؤُها ما بين الحِقَّةِ إِلى الرَّباعِيةِ.

حرقص (لسان العرب) [0]


الحُرْقُوصُ: هُنَيٌّ مثل الحصاة صغير أُسَيّد (* قوله اسيّد: هكذا في الأصل وربما كانت تصغيراً لاسود كأسَيْودِ.) أُرَيْقِط بحمرة وصفرة ولونُه الغالب عليه السواد، يجتمع ويَتّلج تحت الأَناسي وفي أَرْفاغِهم ويعَضُّهم ويُشَقِّقُ الأَسْقية. التهذيب: الحَراقِيصُ دُوَيْبّات صغار تَنْقُب الأَساقيَ وتَقْرضُها وتَدْخل في فُروج النساء وهي من جنس الجُعْلان إِلا أَنها أَصْغر منها وهي سُودٌ مُنَقّطة بِبَياض؛ قالت أَعرابيّة:ما لَقِيَ البيضُ من الحُرْقُوصِ، من مارِدٍ لِصٍّ من اللُّصوصِ، يَدْخُل تَحْتَ الغَلَقِ المَرْصُوصِ، بِمَهْرِ لا غالٍ ولا رَخِيصِ أَرادت بلا مهر، قال الأَزهري: ولا حُمَةَ لها إِذا عَضّت ولكن عَضّتها تُؤْلم أَلماً لا سمّ فيه كسمّ الزَّنابير. قال ابن . . . أكمل المادة بري: معنى الرجز أَن الحُرْقُوصَ يدخل في فرج الجارية البِكْر، قال: ولهذا يسمى عاشق الأَبكار، فهذا معنى قولها: يدخل تحت الغلق المرصوص، بمهر لا غال ولا رخيص وقيل: هي دُوَيْبَّة صغيرة مثل القُراد؛ قال الشاعر: زكْمةُ عَمّارٍ بَنُو عَمّارِ، مِثْل الحَراقِيص على الحِمارِ وقيل: هو النِّبْرُ، ومن الأَول قول الشاعر: ويْحَكَ يا حُرْقُوصُ مَهْلاً مَهْلا، أَإِبِلاً أَعْطيْتَني أَم نَخْلا؟ أَمْ أَنت شيءٌ لا تُبالي جَهْلا؟ الصحاح: الحُرْقُوصُ دُوَيْبّة كالبُرْغوثِ، وربما نبَت له جناحانِ فطارَ. غيرُه: الحُرْقوصُ دويبة مُجَزَّعة لها حُمَةٌ كحُمَةِ الزُّنْبور تَلْدَغ تشْبِهُ أَطْراف السِّياطِ.
ويقال لمن ضُرِبَ بالسِّياط: أَخَذَتْه الحَراقِيصُ لذلك، وقيل: الحُرْقوصُ دويبة سوداء مثل البرغوث أَو فوقه، وقال يعقوب: هي دويبة أَصغر من الجُعَل.
وحَرَقْصى: دويبة. ابن سيده: الحُرْقُصاءُ دويبة لم تُحَل (* قوله «لم تحل» أي لم يحل معناها ابن سيده.). قال: والحَرْقَصةُ الناقةُ الكريمة.

جل (مقاييس اللغة) [0]



الجيم واللام أصولٌ ثلاثة: جَلَّ الشّيءُ: عَظُمَ، وجُلُّ الشيء مُعْظَمُه.
وجلال الله: عَظَمته.
وهو ذُو الجلالِ والإكرام.
والجَلَلُ الأمر العظيم.
والجِلَّةُ: الإبل المَسَانّ. قال:
أو تأخُذَنْ إبِلي إليّ سِلاحَها      يوماً لجلّتِها ولا أبكارِها

والجُلالة: النّاقة العظيمة.
والجَليلة: خلافُ الدَّقيقة.
ويقال ما له دقيقة ولا جَليلة، أي لا ناقةَ ولا شاة.
وأتيت فلاناً فما أجَلَّني ولا أحْشَاني، أي ما أعطاني صغيراً ولا كبيراً من الجِلَّة ولا من الحاشية.
وأدقَّ فلانٌ وأجلَّ، إذا أَعْطَى القليلَ والكثير. [قال]:
ألا مَنْ لعينٍ لا تَرَى قُلَلَ الحِمَى      ولا جبَلَ الرَّيَّانِ إلا استهلَّتِ


لَجُوجٍ إذا سحَّت هَمُوعٍ إذا بكَتْ      بكَتْ فأدقَّتْ في البُكا وأجَلَّتِ

يقول: أتَتْ بقليلِ البكاء وكثيرِه.
ويقال: فَعَلْت ذاك من جَلالك. . . . أكمل المادة قالوا: معناه من عِظَمِك في صَدْرِي. قال كثيِّر:والأصل الثاني شيءٌ يشمل شيئاً، مثل جُلِّ الفَرَس، ومثل [المجَلِّل] الغَيْث الذي يجلِّل الأرض بالماء والنَّبات.
ومنه الجُلُول، وهي شُرُعُ السُّفُن. قال القطاميّ:
في ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحبُه      إذا الصَّرارِيُّ مِنْ أهوالِه ارتَسَمَا

الواحد جُلٌّ.والأصل الثَّالث من الصّوت؛ يقال سحاب مُجَلْجِلٌ إذا صوَّت.
والجُلْجُل مشتقٌّ منه.
ومن الباب جَلجلْتُ الشّيءَ في يدي، إذا خلطْتَه ثم ضربتَه.
فَجلجَلَها طَورَينِ ثمّ أَمَرَّها      كما أُرسِلَتْ مَخْشوبةٌ لم تُقَرَّمِ

ومحتمل أن يكون جُلجُلانُ السِّمسمِ من هذا؛ لأنه يتجلجل في سِنْفِه إذا يَبِس.وممّا يحمل على هذا قولهم: أصبْتُ جُلْجُلانَ قَلْبِه، أي حبَّةَ قلبه.
ومنه الجَُِـلّ قَصَب الزَّرْع؛ لأنّ الريح إذا وقَعَتْ فيه جلجلَتْه.
ومحتمل أن يكونَ من الباب الأوّل لغِلَظِهِ.
ومنه الجَليل وهو الثُّمام. قال:
ألا ليتَ شِعرِي هل أَبِيتَنَّ ليلةً      بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجَليلُ

وأما المَجَلَّة فالصَّحيفة، وهي شاذّة عن الباب، إلاّ أنْ تُلحَق بالأوّل؛ لعِظَم خَطَرِ العِلْم وجلالته.قال أبو عبيد: كلُّ كتابٍ عند العرب فهو مَجَلَّة.ومما شذَّ عن الباب الجلّة البَعَْرُ.

سقط (الصّحّاح في اللغة) [0]


 سَقَطَ الشيءُ من يدي سُقوطاً، وأَسْقَطْتُهُ أنا.
والمَسْقَطُ، بالفتح: السُقوطُ.
وهذا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للإنسان من أعين الناس.
والمَسْقِطُ: الموضعُ. يقال: هذا مَسْقِطُ رأسي، أي حيُ وُلِدْتُ.
وأتانا في مَسْقِطِ النجمِ: حيثُ سَقَطَ.
وساقَطَهُ، أي أَسْقَطَهُ. قال الخليل: يقال سَقَطَ الولد من بطن أمه.
ولا يقال وقع.
وسُقِطَ في يده، أي ندِمَ.
ومنه قوله تعالى: "ولَمَّا سُقِطَ في أيديهم" قال الأخفش: وقرأ بعضهم: سَقَطَ كأنّه أضمر الندم.
وجوَّز أُسْقِطَ في يده.
والساقِطُ والساقِطَةُ: اللئيمُ في حسبه ونفسه.
وقومٌ سَقْطى وسُقَّاطٌ.
وتَساقَطَ على الشيء، أي ألقَى بنفْسه عليه.
والسَقْطَةُ: العَثَرَةُ والزَلَّةُ.
وكذلك السِقاطُ. قال سويد بن أبي كاهل:
جَلَّلَ الرأسَ مشيبٌ وصَلَعْ      كيف يَرْجونَ سِقاطي بَعْدَ ما

والسِقاطُ في الفرس: استرخاء العَدْوِ.
وسِقاطُ الحديث: أن يتحدَّث . . . أكمل المادة الواحدُ وينصتَ له الآخر، فإذا سكت تحدَّث الساكتُ. قال الفرزدق:
جَنى النَحْلِ أو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ      إذا هُنَّ ساقَطْنَ الحديثَ كـأنّـه

وسَقْطُ الرملِ: مُنْقَطَعُهُ.
وفيه ثلاث لغاتٍ: سِقْطٌ وسُقْطٌ وسَقْطٌ.
وكذلك سَقْطُ الولد، لما يَسْقُطُ قبل تمامه.
وسَقْطُ النارِ: ما يَسْقُطُ منها عند القدح في اللغات الثلاث. قال الفراء: سقْطُ النارِ يذكَّر ويؤنث. أَسْقَطَتِ الناقةُ وغيرها، إذا ألقت ولدَها.
والسِقْطانِ من الظليم: جناحاه.
وسِقْطُ السحابِ: حيث يُرى طرفُه كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفق، وكذلك سِقْطُ الخِباءِ.
وسِقْطا جناحِ الطائر: ما يُجَرُّ منهما على الأرض.
وأمَّا قول الشاعر:
عنه نَعامَةُ ذي سِقْطَيْنِ مُعتكِـرُ      حتَّى إذا ما أضاء الصبحُ وانبعثتْ

فإنّه عنَى بالنعامة سوادَ الليل.
وسِقْطاهُ: أوّله وآخره، وهو على الاستعارة. يقول: إنَّ الليل ذا السِقْطَيْنِ مضى وصَدَقَ الصبحُ.
والسَقَطُ: رديءُ الطعام.
والسَقَطُ: الخطأُ في الكتابة والحساب. يقال: أَسْقَطَ في كلامه.
وتكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرفٍ وما أَسْقَطَ حرفاً.
والمرأةُ السَقيطَةُ: الدَنِيَّةُ.
وتَسَقَّطَهُ، أي طلب سَقَطَهُ. قال الشاعر:
حَصِراً بِسِرِّكِ يا أُمَيْمَ ضنِينا      ولقد تسقَطني الوشاةُ فصادفُوا

والسَقَّاطُ: السيفُ يسقط من وراء الضَريبة يقطعُها حتّضى يجوزَ إلى الأرض. قال الشاعر:
      يُتِرُّ العَظْمَ سَقَّاطٌ سُراطي

والسَقَّاطُ أيضاً: الذي يبيع السَقَطَ من المتاع.

شرح (لسان العرب) [0]


الشَّرْحُ والتَّشْريح: قَطْعُ اللحم عن العضو قَطْعاً، وقيل: قَطْعُ اللحم على العظم قطعاً، والقِطْعَةُ منه شَرْحة وشَرِيحة، وقيل: الشَّرِيحةُ القِطعةُ من اللحم المُرَقَّقَةُ. ابن شميل: الشَّرْحة من الظِّباء الذي يُجاء به يابِساً كما هو، لم يقَدَّدْ؛ يقال: خُذْ لنا شَرْحة من الظِّباء، وهو لحم مَشْرُوح؛ وقد شَرَحْتُه وشَرَّحْتُه؛ والتَّصْفِيفُ نَحْوٌ من التَّشْريح، وهو تَرْقِيقُ البَضْعة من اللحم حتى يَشِفَّ من رِقَّتِه ثم يُلْقَى على الجَمْر.
والشَّرْحُ: الكَشْفُ؛ يقال: شَرَحَ فلان أَمره أَي أَوضحه، وشَرَح مسأَلة مشكلة: بَيَّنها، وشَرَح الشيءَ يَشْرَحُه شَرْحاً، وشَرَّحَه: فتحه وبَيَّنَه وكَشَفه.
وكل ما فُتح من الجواهر، فقد شُرِحَ أَيضاً. تقول: شَرَحْتُ الغامِضَ إِذا فَسَّرْته؛ ومنه تَشْريحُ . . . أكمل المادة اللحم؛ قال الراجز: كم قد أَكلتُ كَبِداً وإِنْفَحهْ، ثم ادَّخَرْتُ أَلْيَةً مُشَرَّحه وكل سمين من اللحم ممتدّ، فهو شَرِيحة وشَرِيح.
وشَرَح اللهُ صدرَه لقبول الخير يَشْرَحه شَرْحاً فانْشَرح: وَسَّعَه لقبول الحق فاتَّسَع.
وفي التنزيل: فمن يُرِد اللهُ أَن يَهْدِيَه يَشْرَحْ صدرَه للإِسلام.
وفي حديث الحسن، قال له عطاء: أَكان الأَنبياءُ يَشْرَحُون إِلى الدنيا مع علمهم بربهم؟ فقال له: نعم إِن لله تَرائك في خَلْقِه؛ أَراد: كانوا ينبسطون إِليها ويَشْرَحُونَ صدورَهم ويرغبون في اقتنائها رَغْبَةً واسعة.
والمَشْرَحُ: متاع المرأَة؛ قال: قَرِحَتْ عَجِيزَتُها ومَشْرَحُها، من نَصِّها دَأْباً على البُهْرِ وربما سمي شُرَيْحاً، وأُراه على ترخيم التصغير.
والمَشْرَحُ: الرائق الاسْتُ (* قوله «والمشنرح الراشق الاست» كذا بالأصل.).
وشَرَحَ جاريته إِذا سَلَقها على قفاها ثم غَشِيَها؛ قال ابن عباس: كان أَهل الكتاب لا يأْتون نساءهم إِلاّ على حَرْفٍ وكان هذا الحيّ من قريش يَشْرَحون النساءَ شَرْحاً؛ شَرَحَ جاريته إِذا وطئها نائمة على قفاها.
والمَشْرُوحُ: السَّرابُ؛ عن ثعلب، والسين لغة. قال أَبو عمرو: قال رجل من العرب لفتاه: أَبْغِني شارِحاً فإِنَّ أَشاءَنا مُغَوَّسٌ وإِني أَخاف عليه الطَّمْلَ؛ قال أَبو عمرو: الشارح الحافظ، والمُغَوَّسُ المُشَنَّخُ؛ قال الأَزهري: تَشْنِيخُ النخل تَنْقِيحُه من السُّلاَّء.
والأَشاءُ: صِغارُ النخل؛ قال ابن الأَعرابي: الشَّرْحُ الحفظ، والشَّرْح الفتح، والشَّرْح البيان، والشَّرْح الفَهْم، والشَّرْحُ الاقْتِضاضُ للأَبكار؛ وشاهدُ الشارح بمعنى الحافظ قولُ الشاعر: وما شاكرٌ إِلاّ عصافيرُ قريةٍ، يقومُ إِليها شارِحٌ فَيُطيرُها والشارحُ في كلام أَهل اليمن: الذي يحفظ الزرع من الطيور وغيرها.
وشُرَيْحٌ ومِشْرَحُ بن عاهانَ: اسمان.
وبنو شُرَيح: بَطْنٌ.
وشَراحِيلُ: اسم، كأَنه مضاف إِلى إِيل، ويقال شَراحِينُ أَيضاً بإِبدال اللام نوناً، عن يعقوب.

عفل (لسان العرب) [0]


قال المُفَضَّل بن سَلَمة في قول العرب رَمَتْني بدائِها وانْسلَّتْ، قال: كان سبب ذلك أَن سعد بن زَيدِ مَنَاةَ كان تزَوَّج رُهْمَ بنتَ الخَزْرَج بنِ تَيْمِ الله، وكانت من أَجمل النساء، فولدت له مالك ابن سعد، وكان ضَرَائرُها إِذا سابَبْنَها يَقُلْنَ لها يا عَفْلاء فقالت لها أُمُّها: إِذا سابَبْنَكِ فابْدَئِيهنَّ بعَفَالِ، سُبِيتِ، فأَرْسَلَتْها مَثلاً، فسابَّتْها بعد ذلك امرأَةٌ من ضرائرها، فقالت لها رُهْم: يا عَفْلاء فقالت ضرَّتها: رَمَتْني بدائها وانْسَلَّتْ. قال: وبنو مالك بن سعد رَهْطُ العَجَّاج كان يقال لهم العُفَيْلى (* قوله «يقال لهم العفيلى» كذا في الأصل ونسخة من التهذيب، والذي في التكملة: بنو العفيل مضبوطاً . . . أكمل المادة كزبير ومثله في القاموس) ابن الأَعرابي: العَفَلة بُظَارة المرأَة، وحكى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العَفَل نبات لحم ينبت في قُبُل المرأَة وهو القَرَنُ؛ وأَنشد: ما في الدَّوائِرِ مِنْ رِجْلَيَّ مِنْ عَقَلٍ، عِنْدَ الرِّهانِ، وما أُكْوَى من العَفَل قال أَبو عمرو الشيباني: القَرَن بالناقة مثل العَفَل بالمرأَة، فيؤْخذ الرَّضْفُ فيُحْمَى ثم يُكْوَى به ذلك القَرَن، قال: والعَفَل شيءٌ مُدَوَّر يخرج بالفرج، قال: والعَفَل لا يكون في الأَبكار ولا يُصيب المرأَة إِلا بعدَما تَلِد؛ وقال ابن دريد: العَفَل في الرجال غِلَظٌ يَحْدُث في الدُّبُر وفي النساء غِلَظٌ في الرَّحِم، قال: وكذلك هو في الدواب، قال الليث: عَفِلَت المرأَةُ عَفَلاً، فهي عَفْلاء، وعَفِلَت الناقةُ، والعَفَلة الاسم.
والعَفَلُ والعَفَلة، بالتحريك فيهما: شيء يخرج في قُبُل النساء وحَياء الناقة شِبْه الأُدْرة التي للرجال في الخُصْية، وربما كان في الناس تَحْتَ الصَّفَن؛ عَفِلَت عَفَلاً، فهي عَفْلاء؛ ومنه حديث ابن عباس: أَرْبَعٌ لا يَجُزْنَ في البيع ولا النكاح: المجنونة والمجذومة والبَرْصاء والعَفْلاء، قال والتعفيل إِصلاح ذلك.
وفي حديث مكحول في امرأَة بها عَفَلٌ.
والعَفَلُ: كثرة شَحْم (* قوله «والعفل كثرة شحم إلخ» كذا في الأصل والمحكم بالتحريك وصنيع القاموس يقتضي أَنه مفتوح) ما بين رِجْلي التَّيْس والثَّوْر، ولا يكاد يُسْتَعْمَل إِلا في الخَصِيِّ منهما ولا يُسْتَعْمل في الأُنثى.
والعَفْل: الخَطُّ الذي بين الذكر والدبر.
والعَفْلُ، بإِسكان الفاء: شَحْم خُصْيَي الكبش وما حَوْلَه؛ قال بِشْرٌ يهجو رَجُلاً:جَزِيزُ القفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرَةً، حَدِيثُ الخِصاءَ وارِمُ العَفْلِ مُعْبَرُ والعَفْلُ: الموضع الذي يُجَسُّ من الكَبْش إِذا أَرادوا أَن يَعْرِفوا سِمَنه من غيره، قال: وهو قول بِشْر؛ ومنه حديث عُمَير بن أَفصى: كَبْشٌ حَوْليٌّ أَعْفَلُ أَي كثير شحم الخُصْية من السِّمَن.
وإِذا مَسَّ الرجلُ عَفْلَ الكبش لينظر سِمَنَه يقال: جَسَّهُ وغَبَطَه وعَفَلَه؛ والعَفَل: مَجَسُّ الشاة بين رجليها لينظر سمنها من هُزالها. ابن الأَعرابي: العافِلُ الذي يَلْبَس ثِياباً قِصاراً فوق ثِياب طِوال.

قتن (لسان العرب) [0]


رجل قَتِينٌ: قليل الطُّعْم واللحم، وكذلك الأُنثى بغير هاء.
وجاءَ في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين زوَّجَ ابْنَةَ نُعَيْمٍ النَّحَّامِ قال: من أَدُلُّه على القَتِينِ؛ يعني القليلة الطُّعْمِ. قَتُنَ، بالضم، يَقْتُنُ قَتَانة: صار قليل الطُّعْم، فهو قَتِين، والاسم القَتَنُ.
وفي الحديث أَيضاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال في امرأَة: إنها وَضِيئة قَتِينٌ؛ القَتِينُ: القليلة الطُّعْمِ؛ يقال منه: امرأَة قَتِينٌ بَيِّنَةُ القَتَانة والقَتَنِ؛ قال أَبو زيد: وكذلك الرجلُ.
ورجل قَتَنٌ أَيضاً: قليل اللحم.
وقُرادٌ قَتِينٌ: قليل الدم: قال الشَّمَّاخ في ناقته: وقد عَرِقَتْ مَغابِنُها، وجادَتْ بدِرَّتها قِرَى حَجِنٍ قَتِينِ الجوهري: ويسمى القُرادُ قَتِيناً لقلة دمه. قال ابن . . . أكمل المادة بري: شاهد القَتينِ المرأَةِ القليلة الطُّعْم ما روي: أَن رجلاً أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله تَزَوَّجْتُ فِلانةَ، فقال: بَخٍ تَزَوَّجْتَ بِكْراً قَتِيناً أي قليلة الطُّعْم؛ قال ابن الأَثير: ويحتمل أَن يراد بذلك قِلَّةُ الجِماعِ؛ ومنه قوله: عليكم بالأَبْكارِ فإنهنَّ أَرْضَى باليسير، قال: والصواب أَن يقال سمي القُراد قَتِيناً لقلة طُعْمه لأَنه يقيم المدَّة الطويلة من الزمان لا يَطْعَمُ شيئاً.
وقوله: قِرَى حَجِنٍ؛ الحَجِنُ القليل الطُّعْم، وقِرَى بَدَلٌ من دِرَّتها، جعل عَرَقَ هذه الناقة قوتاً للقُراد، قال: ويجوز أَن يكون قِرَى مفعولاً من أَجله.
والقَتِينُ والقَنِيتُ واحدٌ من النساء: وهي القليلة الطُّعْم النحيفة، وقيل: القَتُون من أَسماء القُراد، وليس بصفةٍ، سمي بذلك لقلة دمه. قال ابن بري: والقَتِينُ السِّنَانُ اليابِسُ الذي لا يَنْشَفُ دَماً؛ قال أَبو عبيد: يُحاوِلُ أَنْ يَقُومَ، وقد مَضَتْهُ مُغابِنةٌ بذي خُرُصٍ قَتِينِ المُغابِنَةُ: تَغْبِنُ من لحمه أَي تَثْنيه.
والقاتنُ: الشديد السواد.
وسِنَانٌ قَتِينٌ: دقيق، ومَسْكٌ قاتنٌ.
وقَتَنَ المَسْكُ قُتُوناً: يَبِسَ ولا نَدَى فيه.
وأَسْوَدُ قاتنٌ: كقاتِمٍ؛ قال الطِّرمَّاحُ: كطَوْفِ مُتَلِّي حَجَّةٍ بين عَبْعَبٍ وقُرَّة، مُسْوَدٍّ من النَّسْكِ قاتِنِ عَبْعَبُ وقُرَّةُ: صَنمان. قال ابن جني: ذهب أَبو عمرو الشَّيْباني إلى أَنه أَراد قاتِمٍ أَي أَسْودَ، فأَبدل الميم نوناً، قال: وقد يُمْكِنُ غيرُ ما قال؛ وذلك أَنه يجوز أَن يكون أَراد بقوله قاتِن فاعلاً من قول الشَّمَّاخ: قِرَى حَجِنٍ قَتِينِ ودم قاتِنٌ وقاتِمٌ: وذلك إذا يَبِسَ واسْوَدَّ، وأَنشد بيت الطرماح.
والقَتِينُ: الرُّمْح.
والقَتَين: الحقير الضَّئيل، وكذلك يكون بيت الطرماح أي مُسْوَدٍّ من النَّسْكِ، حَقيرٍ للضَّرِّ والجَهْدِ، فإذا كان كذلك لم يكن بدلاً.
والقَتانُ: الغُبار كالقَتام؛ أَنشد يعقوب: عادَتُنا الجلادُ والطِّعانُ، إذا علا في المَأْزِقِ القَتَانُ وزعم فيه مثلَ ما زعم في قَاتِنٍ.

نتق (لسان العرب) [0]


النَّتْقُ: الزعزعة والهز والجَذْب والنَّفْض.
ونَتَقَ الشيءَ يَنْتِقُه ويَنْتُقُه، بالضم، نَتْقاً: جذبه واقتلعه.
وفي التنزيل: وإذ نَتعقْنا الجبل فوقهم؛ أي زَعْزَعْناه ورفعناه، وجاء في الخبر: أَنه اقْتُلع من مكانه؛ وقال الشاعر: قد جَرَّبوا أَخلاقَنا الجَلائِلا، ونَتَقُوا أَحلامنا الأَثاقلا، فلم يَرَ الناسُ لنا مُعادِلا وقال الفراء في ذلك: رفع الجبل على عسكرهم فرسخاً في فرسخ، ونَتَقْنا: رفعنا.
وفرس ناتِقٌ إذا كان ينفض راكبه.
ونَتَقت الدابة راكبها وبراكبها تَنْتِقُ وتَنْتُقُ نَتْقاً ونُتُوقاً إذا نَزَّتْه وأَتعبته حتى يأْخذه لذلك رَبْو؛ قال العجاج: يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ من التَّزَعُّلِ، مَيْسُ عُمانَ ورِحالَ الإسْحِلِ ونَتَقْتُ الغَرْبَ من البئر أَي جذبته بمرة.
ونَتَقَ السِّقاءَ والجِراب وغيرهما من الأوعية نَتْقاً إذا نفضه . . . أكمل المادة ليقتلع منه زبدته، وقيل: نفضه حتى يستخرج ما فيه، وقد انْتَتَقَ هو وأَنْتَقَ: فَتَقَ جرابه ليصلحه من السوس.
وفي الحديث في صفة مكة والكعبة: أقلُّ نَتائق الدنيا مَدرَاً؛ النَّتائِقُ: جمع نَتِيقةٍ فَعِيلة بمعنى مفعولة من النَّتْق، وهو أن يقلع الشيء فيرفعه من مكانه ليرمي به، هذا هو الأصل وأراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها.
ونَتَقْتُ الشيء إذا حركته حتى يُسْفَكَ ما فيه، قال: وكان نَتْق الجبل أَنه قُطِع منه شيء على قدر عسكر موسى فأَظَلَّ عليهم، قال لهم موسى: إما أَن تقبلوا التوراة، وإما أن يسقط عليكم. ابن الأَعرابي: يقال نَتقَ جِرابَه إذا صب ما فيه.
والناتِقُ: الرافع.
والناتق: الفاتِقُ.
وقالت أَعرابية لأُخرى: انتُقي جِرابك فإنه قد سوَّس.
والناتِقُ: الباسط. يقال: انْتُقْ لَوْطَك في الغَزالة حتى يَجِفّ. ابن الأعرابي: أَنتَقَ إذا شال حجر الأَشِدَّاءِ، وأَنْتَقَ عمل مِظلَّةً من الشمس، وأَنتَقَ إذا بنى داره نِتاق دارٍ أَي حِيالها.
وناتِقٌ: شهر رمضان؛ عن الوزير.
وأَنتَقَ: صامَ ناتِقاً، وهو شهر رمضان. ابن سيده: وناتِق من أَسماء رمضان؛ قال: وفي ناتِقٍ أَجْلَتْ، لدى حَوْمَةِ الوغى، ووَلَّت على الأَدْبارِ فُرْسانُ خَثْعَما والبعير إذا تزعزع حِملُه، وفي التهذيب: بحمله، نتَقَ عُرى حِباله وذلك إذا جذبها فاسترخت عُقَدها وعُراها فانْتَتَقَتْ؛ وأَنشد: يَنْتُقن أَقْتادَ النُّسُوع الأُطَّطِ وسَمِن حتى نَتَق نُتوقاً: وذلك أَن يمتلئ جلده شحماً ولحماً.
ونَتَقَت الماشية تَنْتُق: سمنت عن البقل؛ حكاه أَبو حنيفة.
ونَتَقَت المرأة والناقة تَنْتُقُ نُتوقاً وهي ناتِق ومِنْتاق: كثر ولدها.
وفي الحديث: عليكم بالأَبكار من النساء فإنهن أَطيب أَفواهاً وأَنْتَقُ أَرْحاماً وأَرْضى باليسير؛ معناه أَنهن أَكثر أَولاداً.
والناتِقُ والمِنْتاق: الكثيرة الأولاد.
ويقال للمرأَة ناتِقٌ لأنها ترمي بالأولاد رمياً.
والنَّتْقُ: الرمي والنفْض.
والنَّتْق أَيضاً: الرفع؛ ومنه حديث علي، رضوان الله عليه: البيت المعمور نِتاقُ الكعبة من فوقها أَي هو مُظِلّ عليها في السماء؛ وقول النابغة: لم يُحْرَمُوا حُسْنَ الغِذاءِ، وأُمهم طَفَحَتْ عليك بناتِقٍ مذكارِ يعني بالناتِق الرَّحِمَ، وذَكَّر على معنى الفرج أَو العضو.
وناقة ناتِق إذا أَسرعت الحمل، وزَنْد ناتقٍ أَي وارٍ.
والناتِقُ من الماشية: البطين، الذكر والأُنثى في ذلك سواء.

جلل (الصّحّاح في اللغة) [0]


الجَلُّ، بالفتح: الشِراعُ؛ والجمع جُلولٌ. قال القطاميّ:
إذا الصَرارِيُّ من أَهْوالِهِ ارْتَسَمـا      في ذي جُلولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحِبُهُ

والجِلَّةُ: البَعَرُ. يقال: إنّ بني فلان وقودهم الجِلَّةُ، ووقودهم الوَألَةُ.
وهم يَجْتَلُّونَ الجِلَّةَ، أي يلقطون البعر.
والجُلُّ بالضم: واحد جِلالِ الدوابّ.
وجمع الجِلالِ أَجِلَّةٌ.
وجُلَّ الشيء: معظمه. والجُلَّى: الأمر العظيم؛ وجمعها جُلَلٌ، مثل كُبْرى وكُبَرٍ.
ومنه قول طرفة:
      متى أُدْعَ في الجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها

وقال آخر:
يوماً كِراماً من الأقوام فادْعينا      وإنْ دَعَوْتِ إلى جُلَّى ومَكْرُمَةٍ

والجُلَّةُ: وِعاء التمر.
ويقال أيضاً: ماله دِقٌ ولا جِلٌّ، أي دقيقٌ ولا جَليلٌ.
والجِلَُّ من الإبل: المِسانُّ، وهو جمع جَليل، قال النمر:
إبلي بِجِلّتها ولا أَبْكارِهـا      أَزْمانَ لم تأخذْ إليَّ . . . أكمل المادة سِلاحَها

ومِشْيَخَةٌ جِلَّةٌ، أي مَسانُّ.
والمَجَلّةُ: الصحيفةُ فيها الحكمةُ. قال أبو عبيد: كلُّ كتابٍ عند العرب مَجَلَّةٌ.
وقول النابغة:
قَوِيمٌ فما يَرْجونَ غَيْر العَواقِبِ      مَجَلَّتُهُمْ ذاتُ الإلَـهِ ودينُـهُـمْ

وجَلالُ اللهِ: عظمته.
وقولهم: فَعَلْتُهُ من جَلالِكَ، أي من أجلك.
وأنشد الكسائي:
      وإكْرامِيَ القومَ العِدا من جلالها

والجَلاَّلَةُ: البقرةُ التي تتبع النَجاساتِ.
والجُلالُ بالضم: العظيمُ.
والجُلالَةُ: الناقةُ العظيمةُ.
والجَلَلُ: الأمرُ العظيمُ. قال وَعلة بن الحارث:
ولَئِنْ سَطَوْتُ لُوهِنَنْ عَظْمي      فَلَئِنْ عَفَوْتُ لأعْفوَنْ جَلَـلاً


والجَلَلُ أيضاً: الهيِّنُ، وهو من الأضداد. قال امرؤُ القيس لما قُتِلَ أبوه:
      ألاَ كلُّ شيءٍ سِواهُ جَلَلْ. أي هيِّنٌ يسيرٌ.

والجَليلُ: العظيمُ.
والجَليلُ: الثُمامُ، وهو نبتٌ ضعيفٌ يُحشى به خصاصُ البيوتِ. الواحدةُ جَليلَةٌ، والجمع جَلائلُ.
وَجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّونَ بالضم جُلولاً، أي جَلَوْا وخرجوا إلى بلد آخر، فهم جالَّةٌ.
وجَلَّ فلان يَجِلُّ بالكسر جَلالَةً، أي عَظُمَ قَدْرُهُ، فهو جَليلٌ.
وقول لبيد:
      الحمد للهِ العليِّ الأجْلَلِ. يريد الأَجَلَّ، فأظهر التضعيف ضرورةً.


وقول ابن أحمر:
وطِلابُنا فابْرُقْ بأرضِكَ وارْعُدِ      يا جلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِـلادُنـا

يعني ما أَجلَّ ما بَعْدَتْ.
وجَلَّ الرجل أيضاً، أي أَسَنَّ.
وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد، أي صغُرتْ.
وأجْلَلْتُهُ في المرتبة.
وأتيت فلاناً فما أَجَلَّني وما أَحْشاني، أي ما أعطاني جَليلَةً ولا حاشِيَةً. فالجلِيلةُ: التي نُتِجَتْ بطناً واحداً.
والحواشي: صغار الإبل.
ويقال: ما أَجَلَّني وما أَدَقَّني، أي ما أعطاني كثيراً ولا قليلاً.
ويقال: ماله جَليلةٌ ولا دقيقةٌ، أي ماله ناقةٌ ولا شاةٌ.
وقول الشاعر:
      بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّتِ. أي أتت بقليل البكاء وكثيره.

وجَلَّلَ الشيءَ تَجْليلاً، أي عَمَّ.
والمُجَلِّلُ: السحابُ الذي يُجَلِّلُ الأرضَ بالمطر، أي يَعُمُّ.
وتَجليلُ الفرسِ، أن تُلبسهُ الجُلَّ.
وتَجَلَّلَهُ، أي علاه.
وتَجَلَّلَهُ، أي أخذ جُلالَهُ.
والتَجالُّ: التعاظُم. يقال: فلان يَتَجالُّ عن ذلك، أي يترفع عنه.

شغر (لسان العرب) [0]


الشَّغْرُ: الرفع. شَغَرَ الكلبُ يَِشْغَرُ شَغْراً: رفع إِحدى رجليه ليبول، وقيل: رفع إِحدى رجليه، بال أَو لم يبل، وقيل: شَغَرَ الكلبُ برجله شَغْراً رفعها فبال؛ قال الشاعر: شَغَّارَةٌ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِها، فَطَّارَةٌ لِقَواِمِ الأَبْكارِ وفي الحديث: فإِذا نام شَغَرَ الشيطانُ برجله فبال في أُذنه.
وفي حديث عَلِيٍّ: قَبْلَ أَن تَشْغَرَ برجلها فِتْنَةٌ تَطَأُ في خِطامِها.
وشَغَرَ المرأَةَ وبها يَشْغُرُ شُغُوراً وأَشْغَرَها: رفع رِجْلَيْها للنكاح.
وبلْدَةٌ شاغِرَةٌ: لم تمتنع من غارة أَحد.
وشَغَرَتِ الأَرضُ والبلد أَي خلت من الناس ولم يبق بها أَحد يحميها ويضبطها. يقال: بلدة شاغِرةٌ برجلها إِذا لم تمتنع من غارة أَحد.
والشِّغار: الطَّرْدُ، يقال: شَغَرُوا فلاناً عن بلده شَغْراً . . . أكمل المادة وشِغاراً إِذا طَرَدُوه ونَفَوْهُ.
والشِّغار، بكسر الشين: نكاح كان في الجاهلية، وهو أَن تُزوِّج الرجلَ امرأَةً ما كانت، على أَن يزوّجك أُخرى بغير مهر، وخص بعضهم به القرائب فقال: لا يكون الشِّغارُ إِلا أَن تنكحه وليَّتك، على أَن ينكحك وليَّته؛ وقد شاغَرَهُ؛ الفراء: الشِّغارُ شِغارُ المتناكحين، ونهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الشِّغارِ؛ قال الشافعي وأَبو عبيد وغيرهما من العلماء: الشِّغارُ المنهي عنه أَن يزوّج الرجلُ الرجلَ حريمتَه على أَن يزوّجه المزوَّج حريمة له أُخرى، ويكون مهر كل واحدة منهما بُضْعَ الأُخرى، كأَنهما رفعا المهر وأَخليا البضع عنه.
وفي الحديث: لا شِغارَ في الإِسلام.
وفي رواية: نهى عن نكاح الشَّغْرِ.
والشِّغارُ: أَن يَبْرُزَ الرجلان من العَسْكَرَيْنِ، فإِذا كاد أَحدهما أَن يغلب صاحبه جاء اثنان ليغيثا أَحدهما، فيصيح الآخر: لا شِغارَ لا شِغارَ. قال ابن سيده: والشِّغارُ أَن يَعْدُو الرجلان على الرجل.
والشَّغْرُ: أَن يضرب الفحل برأْسه تحت النُّوقِ من قبَلِ ضروعها فيرفعها فيصرعها.
وأَبو شاغِر: فحل من الإِبل معروف كان لمالك بن المُنْتَفِقِ الصُّبَحيِّ.
وأَشْغَرَ المَنْهَلُ: صار في ناحية من المَحَجَّة؛ وفي التهذيب: واشْتَغَرَ المَنْهَلُ إِذا صار في ناحية من المَحَجَّة؛ وأَنشد: شافي الأُجاج بَعِيد المُشْتَغَرْ ورُفْقَةٌ مُشْتَغِرَةٌ: بعيدة عن السَّابِلَةِ.
وأَشْغَرَتِ الرُّفْقَةُ: انفردت عن السابلة.
واشْتَغَرَ في الفلاة: أَبْعَدَ فيها.
واشْتَغَر عليه حِسابُه: انْتَشَرَ وكَثُرَ فلم يَهْتَدِ لَهُ.
وذهب فلان يَعُدُّ بني فلان فاشْتَغَرُوا عليه أَي كثروا.
واشْتَغَرَ العَدَدُ: كثر واتسع؛ قال أَبو النجم: وعَدَد بَخّ إِذا عُدَّ اشْتَغَرْ، كَعَدد التُّرْبِ تَدانَى وانْتَشَرْ أَبو زيد: اشْتَغَرَ الأَمر بفلان أَي اتسع وعَظُمَ.
واشْتَغَرَتِ الحرب بين الفريقين إِذا اتسعت وعظمت.
واشْتَغَرَتِ الإِبلُ: كثرت واختلفت.
والشَّغْرُ: التفرقة.
وتفرّقت الغنم شَغَرَ بِغَرَ وشِغَرَ بَغَرَ أَي في كل وجه؛ ويقال: هما اسمان جعلا واحداً وبنيا على الفتح، وكذلك تفرّق القوم شَغَرَ بَغَر وشَذَرَ مَذَرَ أَي في كل وجه، ولا يقال ذلك في الإِقبال.
والشَّاغِرانِ: مُنْقَطَعُ عِرْقِ السُّرَّةِ.
ورجلِ شِغِّير: سَيِّءُ الخُلُقِ.
وشاغِرَةُ والشَّاغِرَةُ، كلتاهما: موضع.
وتَشَغَّرَ البعيرُ إِذا لم يَدَعْ جُهْداً في سيره؛ عن أَبي عبيد.
ويقال للبعير إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه: هو يَتَشَغَّرُ تَشَغُّراً.
ويقال: مَرَّ يَرْتَبِعُ إِذا ضرب بقوائمه، واللَّبْطَةُ نحوه، ثم التَّشَغُّرُ فوق ذلك.
وفي حديث ابن عمر: فَحَجَن ناقَتَهُ حتى أَشْغَرَتْ أَي اتَّسَعَتْ في السير وأَسرعتْ.
وشَغَرْتُ بني فلان من موضع كذا أَي أَخرجتهم؛ وأَنشد الشيباني: ونحنُ شَغَرْنا ابْنَيْ نِزارٍ كِلَيْهِما، وكَلْباً بوقْعٍ مُرْهِبِ مُتَقارِبِ وفي التهذيب: بحيث شَغَرْنا ابْنَي نِزار.
والشَّغْرُ: البُعْدُ؛ ومنه قولهم: بلد شاغِرٌ إِذا كان بعيداً من الناصر والسلطان؛ قاله الفراء.
وفي الحديث: والأَرض لكم شاغِرَةٌ؛ أَي واسعة. أَبو عمرو: شَغَرْتُه عن الأَرض أَي أَخرجته. أَبو عمرو: الشِّغارُ العَداوَةُ.
واشْتَغَرَ فلان علينا إِذا تطاول وافتخر.
وتَشَغَّرَ فلان في أَمر قبيح إِذا تَمادَى فيه وتَعَمَّقَ.
والشَّغُورُ: موضع في البادية.
وفي النِوادر: بئرٌ شِغارٌ وبئار شِغارٌ كثيرة الماء واسعة الأَعْطانِ.
والمِشْغَرُ من الرماح: كالمِطْرَدِ؛ وقال: سِناناً مِنَ الخَطِّيِّ أَسْمَرَ مِشْغَرَا

عنس (العباب الزاخر) [0]


العَنْسُ: الناقة الصُّلْبَة، قال العجّاج يمدح عبد الملك بن مروان:
دِرَفْسَةٍ أو بـازِلٍ دِرَفْـسِ     


وقال عَبْدَة بن الطَّبيب العَبْشَمِيّ:
عَنْسٍ تَشيرُ بِقِنْوَانٍ إذا زُجِرَت      من خَصْبَةٍ بَقِيَت فيها شَمَاليلُ


وعَنْس -أيضاً-: قبيلة من اليمن، وعَنْس: لقب، واسمه زيد بن مالِك بن أُدَد بن زيد بن يَشْجُب بن عَريب بن زيد بن كهلان بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب ابن قحطان، منهم عَبْهَلَة العَنْسيّ الكَذّاب. ومِخْلاف عَنْس: من مخاليف اليَمَن، مضاف إلى عَنْس بن مالِك هذا. والعَنْس والعَنْز: العُقَاب. وعَنَسْتُ العودَ وعَنَشْتُه: أي عَطَفْتُه أو قَلَبْتُه. وعَنَسَت الجارية تَعْنَسُ وتَعْنِسُ عُنُوساً وعِنَاساً فهيَ عانِس: وذلك إذا طالَ مَكْثُها في منزِلِ أهلِها بعدَ إدْراكِها . . . أكمل المادة حتى خَرَجَت من عِدادِ الأبْكار، هذا ما لَم تتزوّج، فإن تَزَوّجَت مَرَّةً فلا يُقال لها عَنَسَتْ.
وعَنِسَت -بالكسر-: لُغَةٌ في عَنَسَتْ بالفتح، قال الأعشى:
والبِيضِ قد عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤها      ونَشَأْنَ فـي قِـنٍّ وفـي أذْوادِ


ويروى: "سَبائِكُ المُرْتاد" أي دراهِمِ الذي يَشْتَري الخَمْرَ، ويروى: "في فَنَنٍ" أي في نِعْمَة، وأصلها أغصان الشَجَر، و "في قِنٍّ" أي في عَبيدٍ وخَدَم؛ وهذه رواية أبي عُبَيْدَة؛ و "في فَنَنٍ" رواية الأصمعي. وقال الكِسائي: العانِس: فَوْقَ المُعْصِر، والجَمْع: عَوانِس وعُنَّس وعَنْس -كبازِل وبَوازِل وبُزَّلٍ وبُزْل-، قال:
يُعْرِس إبْكاراً بها وعُنَّـسـا      أكْرَمُ عِرْسٍ باءةً إذْ أعْرَسا

وعُنُوْس أيضاً، كقاعِد وقُعود وجالِسٍ وجُلُوس وشاهِدٍ وشُهُود وساجِدٍ وسُجُود، قال رؤبة:
لا تُمْكِن الخَنّاعَةَ النّامـوسـا      وتَحْصِبُ اللاعِنَةَ الجاسُوْسا


الأُنُوْسُ: الأوانِس.
و قال ذو الرُّمَّة يصف الإبل الطِّوال الأعناق:
وَعِيْطاً كأسرابِ القَطا قد تَشَوَّفَت      مَعَاصِيْرُها والعاتِقاتُ العَوَانِسُ

أي: لا تَحْسَبي مُرَاعاتَكِ الآجالَ وَعِيْطاً.
وقال المُرَقِّش الأكبَر يصف ناقَتَه:
وتًصْبِحُ كالدَّوْدَاةِ ناطَ زِمـامَـهـا      إلى شُعَبٍ فيها الجَواري العَوَانِسُ

ويقال للرجل -أيضاً- عانِس، قال أبو قيس بن رِفاعَة:
مِنّا الذي هوَ ما إنْ طُرَّ شارِبُهُ      والعانِسونَ ومِنّا المُرْدُ والشِّيْبُ

وقال أبو ذؤيبٍ الهُذَليّ:
فانّي على ما كُنتَ تَعْلَمُ بَيْنَـنـا      وليدَيْنِ حتى أنتَ أشْمَطُ عانِسُ

وجملٌ عانِس: سمين تام الخَلْق، وناقة عانِسة: كذلك. والأعْنَس بن سلمان: شاعِر. وقال أبو عمرو: العِنَاسُ -بالكسر-: المِرآة، والجمع: عُنُسٌ. والعَنَسُ -بالتحريك-: النَّظَرُ في العِناسِ كُلَّ ساعة. وعُنَيِّس -كأنَّه تصغير عِنَاس-: اسم رملٍ معروف، وأنشد الأزهري للرّاعي:
وأعْرَضَ رَمْلٌ من عُنَيِّسَ تَرْتَعي      نِعَاجُ المَلا عُوْذاً به ومَتَـالِـيا

ورواه ابن الأعرابي: "مِنْ يُتَيِّمَ" وقال: اليَتَائمُ بأسفَل الدَّهْنى مُنْقَطَعُهُ من الرَّمْلِ، ويروى: مِنْ عُتَيِّيْنَ. وأعْنَسَتْ الجارِيَة: مِثل عَنَسَتْ وعَنِسَتْ. وأعْنَسَ الشَّيْبُ وَجْهَه: إذا خالَطَه. وأعْنَسَتِ السِّنُ وَجْهَه: إذا غَيَّرَتْه، قال أبو ضَبٍّ الهُذَليُّ:
فَتىً قُبُلاً لم يُعْنِسِ الـشَّـيْبُ رَأسَـهُ      سِوى خَيِّطٍ كالنُّورِ أشْرَق في الدُّجى


قُبُلاً: مُسْتَقْبَلَ الشباب، وروى أبو عمرو: "قَبَلاً" أي مُقْبِلاً، وروى أيضاً: "خُيُطٍ" بضمّتَين، وأنشد الشعر أبو تمّام في الحَماسَة لِسُوَيْد الحارِثيّ. وقال أبو زيد: عَنَّسَتِ الجارِيَة تَعْنِيْساً: مِثل عَنَسَتْ وعَنِسَتْ وأعْنَسَتْ، وقال الأصمعي: لا يقال عَنَّسَتْ ولكن عُنِّسَتْ -على ما لَم يُسمّى فاعِلُه-، وعَنَّسَها أهْلُها.
وكذلك عَنَّسَ الرَّجُل، قال أبو الغِطْريف يصف الخيل:
هَنيئاً لأربابِ البُيُوتِ بُيُوتُـهُـم      وللعَزَبِ المِسْكِينِ ما يَتَلَمَّـسُ


واعْنِيْناسُ ذَنَبِ الناقَة: وُفُوْرُ هُلْبِه وطُوْلُه، قال الطِّرْماح يصف الثَّوْر:
يَمْسَحُ الأرضَ بِمُعْنَوْنِسٍ      مِثْلِ مِيْلاةِ النِّيَاحِ القِيَامْ

والتركيب يدل على قوّةٍ في شيءٍ وشِدَّةٍ.

وشع (لسان العرب) [0]


وشَعَ القُطْنَ وغيرَه، وَوشَّعَه، كِلاهما: لَفَّه.
والوَشِيعةُ: ما وُشِّعَ منه أَو من الغَزْل.
والوَشِيعةُ: كُبَّةُ الغَزْلِ.
والوَشِيعُ: خشَبةُ الحائِكِ التي يُسَمِّيها الناسُ الحَفَّ، وهي عند العرب الحِلْوُ إِذا كانت صغيرة، والوَشِيعُ إِذا كانت كبيرة.
والوَّشِيعةُ: خشَبةٌ أَو قصَبةٌ يُلَفُّ عليها الغَزْلُ، وقيل: قصبة يَجْعلُ فيها الحائِك لُحْمةَ الثوبِ للنسْجِ، والجمع وَشِيعٌ ووَشائِعُ؛ قال ذو الرمة: به مَلْعَبٌ من مُعْصِفاتٍ نَسَجْنَه، كَنَسْجِ اليَماني بُرْدَه بالوَشائِعِ والتوْشِيعُ: لَفُّ القُطْنِ بعد النَّدْفِ، وكلُّ لَفِيفةٍ منه وَشِيعةٌ؛ قال رؤْبة: فانْصاعَ يَكْسُوها الغُبارَ الأَصْيَعا، نَدْفَ القِياسِ القُطنَ المُوَشَّعا الأَصْيَعُ: الغُبارُ الذي يجيءُ ويذهب، يَتَصَيَّع ويَنْصاعُ: مرة ههنا ومرة ههنا.
وقال الأَزهري: هي قصبة يُلْوى عليها الغزلُ من أَلوان . . . أكمل المادة شَتى من الوَشْيِ وغير أَلوان الوشي، ومن هناك سميت قصَبةُ الحائِكِ الوَشِيعة، وجمعها وشائع، لأَن الغزل يُوشَّعُ فيها.
ووَشَّعَتِ المرأَةُ قُطنها إِذا قَرَضَتْه وهَيَّأَتْه للندْفِ بعد الحَلْجِ، وهو التَّزبِيدُ والتَّسْيِيحُ.
ويقال لما كسا الغازِلُ المَغْزُولَ: وشِيعةٌ ووَلِيعةٌ وسَلِيخةٌ ونَضْلةٌ.
ويقال: وَشْعٌ من خير ووُشُوعٌ ووَشْمٌ ووُشُومٌ وشَمْعٌ وشُموعٌ.
والوَشِيعُ: عَلَمُ الثوْبِ ووَشَّعَ الثوبَ: رَقَمَه بعَلَم ونحوه.
والوشِيعةُ: الطريقةُ في البُرْدِ.
وتَوَشَّعَ بالكذِبِ. تَحَسَّنَ وتَكَثَّرَ؛ وقوله: وما جَلْسُ أَبْكارٍ أَطاعَ لِسَرْحِها جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وشُوعُ قيل: وشوع كثيرٌ، وقيل: إِن الواو للعطف، والشُّوعُ: شجر البان، الواحدة شُوعةٌ.
ويروى: وُشُوعُ، بضم الواو، فمن رواه بفتح الواو وَشوع فلواو واو النسَق، ومن رواه وُشوعُ فهو جمع وَشْعٍ، وهو زَهْر البُقول.
والوَشْعُ: شجر البانِ، والجمع الوُشوعُ.
والتَّوشِيعُ: دخولُ الشيء في الشيء.
وتوَشَّعَ الشيءُ: تفَرَّقَ.
والوَشوعُ: المتفرّقة.
ووُشوعُ البقْل: أَزاهِيرُه، وقيل: هو ما اجتمع على أَطرافه منها، واحدها وَشْعٌ.
وأَوشَعَ الشجرُ والبقلُ: أَخرج زهْرَه أَو اجتمع على أَطرافه. قال الأَزهري: وشَعَتِ البقلةُ إِذا انفَرَجَت زَهْرتُها.
والوَشِيعةُ والوَشِيعُ: حظِيرةُ الشجر حول الكَرْم والبُستان، وجمعها وشائِعُ.
ووَشَّعُوا على كرمهم وبستانهم: حَظَرُوا.
والوَشِيعُ: كَرْمٌ لا يكون له حائط فيجعلُ حولَه الشوكُ لِيَمْنَعَ مَن يدخل إِليه.
ووَشَّعَ كرمَه: جعل له وَشِيعاً، وهو أَن يَبْنِيَ جَدارَه بقَصَبٍ أَو سعَف يُشَبِّكُ الجِدارَ به، وهو التَّوشِيعُ.
والمُوَشَّعُ: سَعَفٌ يُجْعَلُ مثل الحظيرة على الجَوْخانِ يُنْسَجُ نَسْجاً؛ وقول العجاج: صافي النّحاسِ لم يُوشَّعْ بكَدَرْ وقيل في تفسيره: لم يُوَشَّعْ لم يُخْلَط وهو مما تقدم، ومعناه لم يُلبس بكدر لأَنَّ السّعَف الذي يسمى النَّسِيجةَ منه المُوَشَّع يُلبس به الجَوخان.
والوَشيع: الخُضُّ، وقيل: الوَشِيعُ شَريجةٌ من السعَف تُلْقى على خَشباتِ السقْفِ، قال: وربما أُقِيمَ كالخص وسُدَّ خَصاصُها بالثُّمامِ، والجمع وشائِعُ؛ ومنه الحديث: والمسجِدُ يومئذٍ وشِيعٌ بسَعَف وخشب؛ قال كثيِّر: دِيارٌ عَفَتْ مِنْ عَزَّةَ، الصَّيْفَ، بَعْدَما تُجِدُّ عَلَيْهِنَّ الوَشِعَ المُثَمَّما أَي تُجِدُّ عزةُ يعني تجعلُه جديداً؛ قال ابن بري: ومثله لابن هَرْمةَ: بِلِوى سُوَيْقةَ، أَو بِبُرْقةِ أَخْزَمٍ، خِيمٌ على آلائِهِنَّ وَشِيعُ وقال: قال السكري الوَشِيعُ الثُّمامُ وغيره، والوَشِيعُ سقف البيت، والوَشِيعُ عَريشٌ يُبْنى للرئيس في العسكر يُشْرِفُ منه على عسكره؛ ومنه الحديث: كان أَبو بكر،رضي الله عنه، مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الوَشِيعِ يوم بَدْرٍ أَي في العْريش.
والوَشْعُ: النَّبْذُ من طَلْع النخل.
والوَشْعُ: الشيء القليلُ من النبْت في الجبل.
والوُشُوعُ: الضُّرُوبُ؛ عن أَبي حنيفة.
ووَشَعَ الجبلَ ووشعَ فيه يَشَعُ، بالفتح، وَشْعاً ووُشوعاً وتوَشَّعه: علاه: وتوَشَّعَتِ الغنمُ في الجبل إِذا ارْتَقَتْ فيه ترْعاه، وإِنه لوَشوعٌ فيه مُتَوَقِّلٌ له؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وكذلك الأُنثى؛ وأَنشد: ويْلُمِّها لِقْحةُ شَيْخٍ قد نَحَلْ، حَوْساءُ في السَّهْلِ، وَشوعٌ في الجبَلْ وتَوَشَّعَ فلان في الجبل إِذا صَعَّدَ فيه.
ووشَعَه الشيءُ أَي عَلاه.
وتَوَشَّعَ الشيْبُ رأْسَه إِذا علاه. يقال: وشَع فيه القَتِيرُ ووَشَّعَ وأَتْلَعَ فيه القتير وسَبَّل فيه الشيْبُ ونَصَلَ بمعنى واحد.
والوَشُوعُ: الوَجُورُ يُوجَرُه الصبيُّ مثل النَّشُوع.
والوَشِيعُ: جِذْعٌ أَو غيره على رأْس البئر إِذا كانت واسعة يقوم عليه الساقي.
والوَشِيعةُ: خشبة غليظة توضع على رأْس البئر يقوم عليها الساقي؛ قال الطرماح يصف صائداً: فأَزَلَّ السَّهْمَ عنها، كما زَلَّ بالساقي وشِيعُ المَقام ابن شميل: تَوَزَّعَ بنو فلان ضُيُوفَهم وتوَشَّعُوا سواء أَي ذهَبوا بهم إِلى بيوتهم، كلُّ رجل منهم بطائفة.
والوَشِيعُ ووَشِيعٌ، كلاهما: ماءٌ معروف؛ وقول عنترة: شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّ يْلَمِ إِنما هو دُحْرُضٌ ووَشِيعٌ ماءَان معروفان فقال الدُّحْرُضَينِ اضْطِراراً، وقد ذكر ذلك في وسيع بالسين المهملة أَيضاً.

قطف (لسان العرب) [0]


قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطافاً وقِطافاً؛ عن اللحياني: قَطعه.
والقِطْف: ما قُطِف من الثمر، وهو أَيضاً العُنْقود ساعة يُقْطَف.
والقِطْف: اسم الثمار المقطوفة، والجمع قُطوف، والقِطف، بالكسر: العُنْقود، وبجمعه جاء في القرآن العزيز قال سبحانه: قُطوفُها دانِية؛ أَي ثمارها قريبة التناول يَقْطِفها القاعد والقائم.
وفي الحديث: يجتمع النفَر على القِطف فيُشبِعهم؛ القِطف، بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن ويجمع على قِطاف وقُطوف، وأَكثر المحدثين يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر.
والقَطاف والقِطاف: أَوانُ قَطْفِ الثمر، التهذيب: القِطافُ اسم وقت القَطْف. قال الحجاج على المنبر: أَرى رؤوساً قد أَينعت وحان قِطافها؛ قال الأَزهري: القِطاف اسم وقت القَطف، قال: والقَطاف، . . . أكمل المادة بالفتح، جائز عند الكسائي أَيضاً، وقال: ويجوز أَن يكون القِطاف مصدراً.
وأَقْطَفَ العِنْبُ: حان أَن يُقْطَف.
وأَقطفَ القوم: آن قِطافُ كُرومهم، وأَجْززوا من الجَزاز في النخل إذا أَصْرَمُوا.
وأَقْطَفَ الكَرْمُ: دَنا قِطافه. التهذيب: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شيء تَقطعه عن شيء، فقد قطَفْته حتى الجراد تقطِف رؤوسها.
والمِقْطَف: المِنْجَل الذي يُقْطف به.
والمِقْطفُ: أَصل العُنقود.
وقُطافة الشجر: ما قُطِفَ منه: والقُطافة، بالضم: ما يسقط من العنب إذا قُطِف كالجُرامة من التمر. ابن الأَثير: وفي الحديث: يَقْذِفون فيه من القَطيف، وفي رواية: يَديفون القَطيف: المَقطوف من الثمر، فعيل بمعنى مفعول.والقَطفُ في الوافر: حذف حرفين من آخر الجُزْء وتسكين ما قبلها كحذفك تُن من مفاعلتن وتسكين اللام فيبقى مفاعل فينقل في التقطيع إلى فعولن، ولا يكون إلا في عروض أَو ضرب، وليس هذا بحادث للزّحاف، إنما هو المستعمل في عروض الوافر وضربه، وإنما سمي مقطوفاً لأَنك قطفت الحرفين ومعهما حركة قبلهما، فصار نحو الثمرة التي تقطعها فيَعْلق بها شيء من الشجرة.
والقَطِيفةُ: القَرْطفةُ، وجمعها القطائفُ، والقراطِف (* قوله «وجمعها القطائف والقراطف إلى قوله وفي الحديث» كذا بالأصل.) فُرش مُخْمَلَة.
والقَطيفة: دِثار مُخْمل، وقيل: كساء له خَمْل، والجمع القَطائفُ، وقُطُف مثل صَحيفة وصُحف كأَنها جمع قَطيف وصَحِيف.
وفي الحديث: تَعِس عبد القَطيفة؛ هي كساء له خَمْل، أَي الذي يَعمل لها ويَهْتَمّ بتحصيلها؛ ومنه القَطائف التي تؤكل. التهذيب: القَطائف طعام يُسَوَّى من الدقيق المُرَقِّ بالماء، شبهت بخَمْل القطائف التي تُفْترش.
والقَطوف من الدَّواب: البطيء.
وقال أَبو زيد: هو الضّيِّق المشْي.
وقَطَفَت الدابة تَقْطِف قَطْفاً وتقطُف قِطافاً وقُطوفاً وقَطُفَتْ، وهي قَطوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، والجمع قُطُفٌ، والاسم القِطاف؛ ومنه قول زهير: بآرِزَةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها قِطافٌ في الرّكاب، ولا خِلاء التهذيب: والقِطافُ مصدر القَطوف من الدوابّ، وهو المتقارِب الخَطو البطِيء.
وفَرس قَطوف: يَقْطِف في عَدْوه، وقد يستعمل في الإنسان؛ أَنشد ابن الأَعرابي: أَمْسَى غُلامْي كَسِلاً قَطوفا، مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُوفا وأَقْطَفَ الرجل والقوم إذا كانت دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قال ذو الرمة يصف جراداً: كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، إذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَر نِيمُ برداه: جَناحاه؛ يقول: تضرب رِجْلاه جناحَيه فيسمع لهما صويت كأَنه تَرْنيم.
والقَطْفُ: ضرب من مشي الخيل، وفرس قَطوف.
وفي حديث جابر: فبينا أَنا على جملي أَسِير وكان جملي فيه قِطاف، وفي رواية: على جمل لي قَطُوفٍ؛ القِطافُ: تقارُب الخَطْو في سُرْعة من القَطف وهو القَطع؛ ومنه الحديث: رَكِب على فرس لأَبي طَلحَة تَقْطُف، وفي رواية: قطوف؛ ومنه الحديث: أَقْطَفُ القومِ دابةً أَمِيرُهم أَي أَنهم يسيرون بسَيْر دابَّته فيَتَّبعُونه كما يُتَّبع الأَمير.
والقَطْف: الخَدْشُ، وجمعه قُطوفٌ. قطَفَه يَقْطِفه قَطْفاً وقطَّفه: خدَشه؛ قال حاتم: سِلاحُك مرقى فما أَنت ضائرٌ عَدُوًّا، ولكنْ وَجْه مولاك تَقطِفُ (* قوله «مرقى» كذا في الأصل براء، والذي في شرح القاموس بواو، ووقع في بعض نسخ الصحاح همزها.) وأَنشد الأَزهري: وهنَّ إذا أَبْصَرْنه مُتَبَذِّلاً، خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ أَي لم تُخَدَّش.
وقطَّفَ الماءَ في الخَمْر: قطَّره؛ قال جرانُ العَوْد:ونِلنا سُقاطاً مِن حَدِيثٍ كأَنه جَنَى النحلِ، في أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ والقِطفةُ، بكسر القاف وإسكان الطاء، من السُّطَّاح: وهي بقلة رِبْعِية تسْلَنْطِح وتَطولُ ولها شوك كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وورقه أَغْبر.
والقَطَفُ: بقْلة، واحدتها قَطَفةٌ.
والقَطْفُ: نبات رَخْص عَرِيض الورَق يطبخ، الواحدة قَطفة، يقال له بالفارسية سَرْنك، كذا ذكر الجوهري القَطْف، بالتسكين؛ قال ابن بري: وصوابه القَطْف، بفتح الطاء، الواحدة قَطَفَة، وبه سمي الرجل قَطَفَة.
والقَطَفُ: ضَرب من العِضاه.
وقال أَبو حنيفة: القطَف من شجر الجبل وهو مثل شجر الإجّاص في القَدْر، ورقته خَضْراء مُعْرَضَّة حمراء الأَطراف خَشْناء، وخشبه صُلب متين.
وقَطِيفٌ والقَطِيف جميعاً: قرية بالبحرين، وفي الصحاح: القَطِيفُ اسم موضع.

نبط (العباب الزاخر) [0]


نَبَطَ الماءُ ويَنْبِطُ نَبْطاً ونُبُوْطاً: نَبَعَ. وقال ابن دريدٍ: نبطتُ البئرَ: إذا استخرجتَ ماءها. ونَبْطٌ: وادٍ، قال ساعدهُ بن جويةَ الهذلي:
أضر به ضاحِ فَنَبْطـاً أسـألـهُ      فَمرُ فأعلى جوزها فخصورها

أضر بهِ: لِزق به ودنا منه، وضاحٍ: وادٍ، ونصبَ "نبطاً" ب"أسالهُ". ونَبْطٌ: موضعٌ قريبٌ من حوراءَ التي بها معدنُ البِرامِ بناحيةِ المدينةِ -على ساكنيها السلامُ-. وإنْبِطُ -مثالُ إثْمدٍ: موضعٌ، قال ابن فسْوةَ- واسمهُ أديهمُ بن مِرداسٍ أخو عُتيبةَ بن مِرادس:
فإن تمنعواُ منها حمِاكمْ فإنـهُ      مباحٌ لها ما بين إنبطَ فالكدرِ

وقال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمةَ بن عامرِ بن هرمةَ:
لَمِنِ الديار بِحائلٍ فالاْنبطِ      آياتها كوثاقِ المُستشرطِ

وإنْبِطُ -أيضاً-: من . . . أكمل المادة قرى همذان. وإنْبِطَهُ -بزيادة الهاءِ-: موضعٌ. وفرسٌ أنبطُ بين النبطِ والنُبطةِ -بالضم-: وهي بياضٌ يكونُ تحت إبطِ الفرس وبطنهِ، قال ذو الرمة:
كَلَوْنِ الحِصانِ الانبَطِ البطنِ قائماً      تَمايلَ عنه الجُلُ واللونُ أشقـرُ

وشاةٌ نَبْطاءُ: بيضاءُ الشاكلةِ وقال ابن دريدٍ: النبطُ: جِيْلٌ معروفٌ، وهُمُ النبِيْطُ والأنْبَاطُ، قال رؤبة:
وعربٍ عاتـينَ أو أنـبْـاطِ      زرناهمُ بالجيشِ ذي الألغاطِ

وقال غيرهُ: النبَطُ والنبِيْطُ: قومٌ ينزلونَ بالبطائح بين العراقيينِ، والجمعُ: أنْبَاطٌ، يقال: رجُلٌ نبطيٌ ونَبَاطيٌ ونَبَاطٍ -مثالُ يمني ويماني ويمانٍ-، وحكى يعقوبُ: نُبَاطيٌ -أيضاً- بضم النونِ. وفي حديثِ ابن عباسٍ -رضي اللّه عنهما-: نحنُ معاشر قُريشٍ حيٌ من النبطِ من أهلِ كوثى. أراد كُوثى العراقِ؛ وهي سُرةُ السوادِ، وبها ولدَ إبراهيم صلواتُ اللّه عليه-، وقال الشعبي لِرجلٍ قال لآخرَ: يا نَبَطيُ: لأحد عليه؛ كُلُنا نَبَطٌ، ذهب إلى قول ابن عباس رضي اللّه عنهما-، وسموا نبطَاً لأنهم يستنبطونَ المياهَ.
وفي حديثِ عمرو بن معدي كرب" رضي اللّه عنه": نَبَطيٌ في جِبْوَته، أي: كالنبطي في علمه بأمرِ الخراج وجبايته وعمارةِ الأرضين "حذقاً بها ومهارةٌ فيها"، وقد كتبَ الحديثُ بتمامه في تركيب. وقال ابنُ دريدٍ: النبطُ: أولُ ما يظهرُ من ماءِ البئرِ إذا حفرتها. ورَجُلٌ لا ينَالُ له نَبَطٌ: إذا كان داهياً لا يدركُ غَورةُ، وأنشد؛ وهو لِكعبِ بن سعدٍ الغنوي:
قريبٌ تراهُ لا ينـالُ عـدوهُ      له نَبَطاً عند الهَوانِ قَطوبُ

ويقال للركيةِ: هي نَبَطٌ؛ إذا أميهتْ. وفي حديثِ بعضهم: انه سُئلَ عن رجلٍ فقال: ذاك قريبُ الثرى بعيدُ النبطِ. أرادَ: انه داني الموعِدِ بَعيدُ النجْزِ. ويقول الساجعُ: إذا. الأشراطُووَعْسَاءُ النبيطِ مُصغراً -ويقالُ: التميطِ؛ بالميم-: رَمْلَةٌ معروفةٌ بالدهناء، وبالميم أكثر. والنبيطاءُ: جبلٌ بطريقِ مكةَ -حرسها اللّه تعالى- على ثلاثةِ أميالٍ من تُوزَ. والنبطاءُ: قريةٌ بالبحرينِ لبني مُحاربٍ من عبدِ القيس. وقال أبو زيادٍ: النبْطاءُ: هضبةٌ طويلةٌ عريضةٌ لبني نُميرٍ بالشريفِ من أرضِ نجدٍ. وقال ابن عباد: الأنباطُ: التأثيرُ.
وقال غيرهُ: أنبطَ الرجلُ: إذا أمهى إلى النبِطِ أي الماء. وأنبط -أيضاً-: استخرجَ النبطَ. وكلُ شيءٍ أظهرتهَ بعد خَفائه: فقد أنبطته واستعبطتهَ. وقوله تعالى: (لَعَلمهَ الذين يستنبطونهَ منهم) أي يستخرجونهَ. ويُقال: استنبطَ الفقيهُ: إذا استخرجَ الفقهَ الباطنَ بفهمهِ واجتهادهِ. وفي حديثِ النبي "صلى اللّه عليه وسلم": الخيلُ ثلاثةٌ: رجلٌ ارتبطَ فَرَسَاً عُدةً في سبيلِ اللّه فإن علَفَه وروثه وأثره ومسحاً عنه وعاريته في ميزانه يوم القيامة. ورجلٌ ارتبط فرساً ليُغالق عليها أو يراهن عليها فإن علفه وروثه ومسحاً عنه وزرٌ في ميزانه يوم القيامة. ورجلٌ ارتبط فرساً لِيستنبطها -ويروى: لِيستنبطها- فهي له سترٌ من الفقر. ليستنبطها: استُعير لاستخراج النسلِ.
وليستنبطها: أي يطلبُ ما في بطنها من النتاج. وفي كلامِ أيوبَ ابنِ القريةِ: أهل عمانَ عربٌ استنبطوا، وأهلُ البحرينِ نبيطٌ استعربوا. وأولو النباط في قولِ المتنخلِ الهُذلي:
فإما تُعرضن أميمَ عـنـي      وينزغكِ الوشاةُ أولو النباطِ

"هم" الذين يستنبطونَ الأخبار. والتنبيطُ: التشبهُ بالنبطِ، ومنه حديثُ عُمر -رضي اللّه عنه- أنه كتب إلى أهلِ حِمص: لا تنبطوا -ويروى: لا تَسْتنبِطوا- في المدائنِ؛ ولا تُعلموا أبكارَ أولادكم كتابَ النصارى؛ وتمعززوا؛ وكونوا عَرَباً خُشْناً. أي: لا تشبهوا بالأنباطِ في سُكنى المُدنِ والنزولِ بالأرياف أو في اتخاذِ العِقارِ واعتقادِ المزارعِ وكونوا مستعدين للغزوِ مستوفزين للجهادِ. ويقالُ -أيضاً-: تَنَبطَ: أي تنسب إلى النبِطِ. وقال ابن عباد: هو يَنْتَبِطُ الكلامَ: أي يستخرجهُ، قال رؤبة:
يَكْفيكَ أثري القولَ وانتباطي      عَوَارماً لم تُرمَ بالأسقـاطِ

والتركيبُ يدلُ على استخراجِ شيءٍ

جلس (العباب الزاخر) [0]


جَلَسَ الرجلُ يَجْلِسُ جُلوساً أو مَجْلَساُ -بفتح اللام-.
ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: إيّاكُم والجلوس في الطُرُقات، قالوا يا رسول الله ما لنا من مجالِسِنا بُدٌ نتحدَّثُ فيها، فقال: فإذا أبيتُم إلا المجلِسَ فأعطوا الطريق حقّه، قالوا: وما حقُّ الطريقِ يا رسول الله؟ قال: غضُّ البصر وكَفُّ الأذى ورَدُّ السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجلوس يكون عن نوم أو اضطجاع، وإذا كان قائماً كانت الحال التي يخالفها القُعود. والمَجْلِس -بكسر اللام- والمَجْلِسَة -عن الفرّاء- كالمكان والمكانة: موضع الجلوس. والمَجلِس -أيضاً-: أهل المَجلِس، كما يقال بجماعة المَقامة: أي أهل المَقامَة، قال مُهَلْهِل:
نُبِّيتُ أنَّ النار بعـدَكَ أُوقِـدَت      واسْتَبَّ بعدَكَ . . . أكمل المادة يا كُلَيْبُ المَجْلِسُ

أي أهل المجلس.
وكذلك الحديث: وانَّ مَجلِسَ بني عَوفٍ يَنظرون إليه. ورجلٌ جُلَسَة -مثال تُؤّدّةٍ-: أي كثير الجلوس. والجِلسَة -بالكسر-: الحالة التي يكون عليها الجالِس، يقال فلان حَسَن الجِلسَة. وفلان جِلْسي وجَليسي وخِدني وخَديني وحِبّي وحَبيبي وخِلّي وخَليلي. وهؤلاء جُلاّسُ الملك وجُلَساؤه. وقالت أم الهيثم: جَلَسَت الرَّخمَةُ: إذا جَثَمَت. والجَلْس -بالفتح-: الغَليظ من الأرض.
ومنه جَمَلٌ جَلْسٌ وناقَةٌ جَلْسٌ: أي وثيق جسيم، قال العجّاج:
كم قد حَسَرنا من عَلاةٍ عَنْسِ      كَبْدَاءَ كالقوسِ وأُخرى جَلْسِ

وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلّم-: أنَّه أعطى بلال بن الحارث- رضي الله عنه- معادِنَ القَبَليَّة جَليسَها وغَوْرِيَّها. أي نَجدِيَّها؛ سُمِّيَ بذلك لارتفاعه، قال الشَّمّاخ يَصِفُ ناقته:
وأضْحَتْ على ماء العُذَيبِ وعَينُها      كَوَقْبِ الصَّفا جَلْسِيُّها قد تَغَوَّرا

وجَلَسَ: إذا أتى نجداً، قال مروان بن الحَكَم حين قَدِمَ الفرزدق المدينة -على ساكنيها السلام- مُستَجيراً بسعيد بن العاص من زياد ابن أبيه؛ فقال:
قياماً يَنظرونَ إلـى سـعـيدٍ      كأنَّـهُـم يَرَونَ بـه هِـلالا


قعوداً يا غلام، فقال: لا والله يا أبا عبد الملك إلاّ قياماً فأغضب مروان، فلمّا وَلِيَ كَتَبَ للفرزدق كتاباً إلى واليْهِ بِضَرِيَّةَ أن يعاقبه إذا جاءه، وقال له: إني قد كتَبتُ لك بمائةِ دينار، فلم يَمْضِ خوفاً من أن يكون في الصَّحيفة ما يُكرَه، وعَلِمَ مروان أنَّه فَطَنَ لذلك فقال:
ودَعِ المدينَةَ إنـهـا مـحـروسةٌ      واعْمِد لأَيلَةَ أو لِبَيْتِ المَقـدِسِ


وقال درّاج بن زُرْعَة الضِّبابي في امرأتِهِ أم سِرْياح:
إذا أمُّ سِرياحَ غدت في ظعـائنٍ      جوالِسَ نجدٍ فاضت العينُ تَدمَعُ

وقال مالك بن خالد الخُناعي:
إذا ما جلسنا لا تزالُ تَرومُنا      سُلَيمٌ لدى أطنابنا وهوازِنُ

وقال العرجي واسمه عبد الله بن عُمَرَ بن عَمرو بن عثمان بن عفان:
شِمالَ من غارَ به مُفرِعـاً      وعن يمينِ الجالِسِ المُنْجِدِ

وشَجَرَةُ جَلْسُ.
وشُهدٌ جَلْسٌ: أي غليظ، ويقال: الجَلْس: البقيَّة من العسل تبقى في الإناء، قال الطِّرِماح يصِفُ طيب ريق امرأتِهِ:
وما جَلْسُ أبكارٍ أطاعَ لِسَرْحِها      جنى ثَمَرٍ بالوادِيَينِ وشَـوْعُ

وقال بعد أحد عشر بيتاً:
بأطيَبَ من فِيها إذا ما تقلَّـبَـت      من الليل وَسْنى والعُيُونُ هُجُوعُ

وامرأة جَلْس: وهي التي تجلس في الفناء لا تبرح ويتحدث إليها، ويقال: هي الشريفة، قال حُمَيد بن ثَور الهلالي -رضي الله عنه- يَحكي قولَ امرأةٍ سمّاها عَمْرَة:  
حتى إذا ما البيت أبرزَني      نُبِذَ الرجالُ بزولَةٍ جَلْسِ


ويُروى: "إذا ما الخِدْرُ". وقال ابن عبّاد: الجَلْس: الغدير. والجَلْس: الوقت. والجَلْس: السهم الطويل. وقال غيره: الجَلْس: الخَمر. وجَبَلٌ جَلْس: عالٍ طويل، قال المُتَنَخِّل الهُذَلي يَصِفُ وعلاً:
أدفى يَبيتُ على أقذافٍ شـاهِـقَةٍ      جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطّافُ والحَجَلُ

وقال ابن الأعرابي: الجِلْس -بالكسر-: الفَدْمُ. وجِلْس بن عامر بن ربيعة بن تَدُوْل بن الحارث بن بكر بن ثعلبة بن عُقبة ابن السَّكون. والجِلْسِيُّ: ما حوْلَ الحدَقة. والجُلاس بن سُوَيد بن الصّامت؛ والجُلاس بن عَمرو الكِندي- رضي الله عنهما-: لهما صحبة. وقال الليث: الجُلَّسان: مُعَرَّب كُلْشَان، قال الأعشى:
لنا جُلَّسَانٌ عندها وبَنَـفـسَـج      وسِيسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوْشُ مُنَمْنَما

وابْنَا جالِسٍ وسمير: طريقان يخالف كل واحد منهما صاحِبَه، قال:
فإن تَكُ أشطانُ النّوى اختَلَفَتْ بنا      كما اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ وسَمِيْرِ

وأجلَستُه في المكان: مكَّنتُهُ من الجلوس. وجالَسْتُهُ: جَلَستُ معه. ومُجالِس: فرس كانَ لبَني عُقَيل، وقال أبو النَّدى: هو لبَني فُقَيم. وتجالَسوا في المجالِس: جَلَسَ بعضهم مع بعضٍ. والتركيب يدل على الارتفاع في الشيء.

سلح (لسان العرب) [0]


السِّلاحُ: اسم جامع لآلة الحرب، وخص بعضهم به ما كان من الحديد، يؤنث ويذكَّر، والتذكير أَعلى لأَنه يجمع على أَسلحة، وهو جمع المذكر مثل حمار وأَحمرة ورداء وأَردية، ويجوز تأْنيثه، وربما خص به السيف؛ قال الأَزهري: والسيف وحده يسمى سلاحاً؛ قال الأَعشى: ثلاثاً وشَهْراً، ثم صارت رَذِيَّةً طَلِيحَ سِفارٍ، كالسِّلاحِ المُقَرَّدِ يعني السيف وحده.
والعصا تسمَّى سلاحاً؛ ومنه قول ابن أَحمر: ولَسْتُ بعِرْنةٍ عَرِكٍ، سِلاحِي عِصًا مثقوبةٌ، تَقِصُ الحِمارا وقول الطرماح يذكر ثوراً يهز قرنه للكلاب ليطعنها به: يَهُزُّ سِلاحاً لم يَرِثْها كَلالةً، يَشُكُّ بها منها أُصولَ المَغابِنِ إِنما عنى رَوْقَيْهِ، سمَّاها سلاحاً لأَنه يَذُبُّ بهما عن نفسه، والجمع . . . أكمل المادة أَسْلِحة وسُلُحُ وسُلْحانٌ.
وتَسَلَّح الرجلُ: لبس السِّلاح.
وفي حديث عُقْبة بن مالك: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سَرِيَّة، فَسَلّحْتُ رجلاً منهم سيفاً أَي جعلته سِلاحَه؛ وفي حديث عمر، رضي الله تعالى عنه: لما أُتي بسيف النُّعمان بن المنذر دعا جُبَيْرَ بن مُطْعِم فسَلَّحه إِياه؛ وفي حديث أُبَيٍّ قال له: من سَلَّحك هذه القوسَ؟ قال طُفَيل: ورجل سالح ذو سلاح كقولهم تامِرٌ ولابنٌ؛ ومُتَسَلِّح: لابس السلاح.
والمَسْلَحة: قوم ذو سلاح.
وأَخذت الإِبلُ سِلاحَها: سمنت؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ: أَيامَ لم تأْخُذْ إِليّ سِلاحَها إِبِلي بِجِلَّتها، ولا أَبْكارِها وليس السِّلاح اسماً للسِّمَن، ولكن لما كانت السمينة تَحْسُن في عين صاحبها فيُشْفِق أَن ينحرها، صار السِّمَن كأَنه سلاح لها، إِذ رفع عنها النحر.
والمَسْلَحة: قوم في عُدَّة بموضع رَصَدٍ قد وُكِّلوا به بإِزاء ثَغْر، واحدهم مَسْلَحِيٌّ، والجمع المَسالح؛ والمَسْلَحِيُّ أَيضاً: المُوَكَّلُ به والمُؤَمَّر.
والمَسْلَحة: كالثَّغْر والمَرْقَب.
وفي الحديث: كان أَدْنى مَسالِح فارسَ إِلى العرب العُذَيْب؛ قال بشر: بكُلِّ قِيادِ مُسْنِفةٍ عَنُودٍ، أَضَرَّ بها المَسالِحُ والغِوارُ ابن شميل: مَسْلَحة الجُنْد خطاطيف لهم بين أَيديهم ينفضون لهم الطريق، ويَتَجَسَّسُون خبر العدوّ ويعلمون علمهم، لئلا يَهْجُم عليهم، ولا يَدَعَون واحداً من العدوّ يدخل بلاد المسلمين، وإِن جاء جيش أَنذروا المسلمين؛ وفي حديث الدعاء: بعث الله له مَسْلَحة يحفظونه من الشيطان؛ المَسلحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدوّ، سموا مَسْلَحة لأَنهم يكونون ذوي سلاح، أَو لأَنهم يسكنون المَسْلَحة، وهي كالثغر والمَرْقَب يكون فيه أَقوام يَرْقُبون العدوَّ لئلا يَطْرُقَهم على غَفْلة، فإِذا رأَوه أَعلموا أَصحابهم ليتأَهبوا له.
والمَسالِحُ: مواضع المخافة؛ قال الشماخ: تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وقد حالَ دونها قُرى أَذْرَبِيجانَ: المَسالِحُ والجالُ والسَّلْحُ: اسم لذي البَطْنِ، وقيل: لما رَقَّ منه من كل ذي بطن، وجمعه سُلُوح وسُلْحانٌ؛ قال الشاعر فاستعاره للوَطْواطِ: كأَنَّ برُفْغَيْها سُلُوحَ الوَطاوِطِ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة رجل: مُمْتَلِئاً ما تحته سُلْحانا والسُّلاحُ، بالضم: النَّجْوُ؛ وقد سَلَح يَسْلَحُ سَلْحاً، وأَسْلَحه غيرُه، وغالَبَه السُّلاحُ، وسَلَّح الحشيشُ الإِبل وهذه الحشيشة تُسَلِّح الإِبل تسليحاً.
وناقة سالح: سَلَحَتْ من البقل وغيره.
والإِسْلِيحُ: شجرة تَغْزُر عليها الإِبل؛ قالت أَعرابية، وقيل لها: ما شجرةُ أَبيك؟ فقالت: شجرة أَبي الإِسْلِيح، رَغْوَة وصريح، وسَنام إِطْريح؛ وقيل: هي بقلة من أَحرار البقول تنبت في الشتاء، تَسْلَح الإِبلُ إِذا استكثرت منها؛ وقيل: هي عُشْبة تشبه الجِرجِيرَ تنبت في حُقُوف الرمل؛ وقيل: هو نبات سُهْلي ينبت ظاهراً وله ورقة دقيقة لطيفة وسَنِفَة مَحْشُوَّة حَبّاً كحب الخَشْخاش، وهو من نبات مطر الصيف يُسْلِح الماشيةَ، واحدته إِسْلِيحة؛ قال أَبو زياد: منابتُ الإِسْلِيح الرمل، وهمزة إِسْلِيح مُلْحِقة له ببناء قِطْمِير بدليل ما انضاف إِليها من زيادة الياء معها، هذا مذهب أَبي علي؛ قال ابن جني: سأَلته يوماً عن تِجْفافٍ أَتاؤُه للإِلحاق بباب قِرْطاس، فقال: نعم، واحتج في ذلك بما انضاف إِليها من زيادة الأَلف معها؛ قال ابن جني: فعلى هذا يجوز أَن يكون ما جاء عنهم من باب أُمْلود وأُظْفور ملحقاً بعُسْلوج ودُمْلُوح، وأَن يكون إِطْريح وإِسْليح ملحقاً بباب شِنْظير وخِنْزير، قال: ويَبْعُد هذا عندي لأَنه يلزم منه أَن يكون بابُ إِعصار وإِنسام ملحقاً ببابِ حِدْبار وهِلْقام، وبابْ إِفعال لا يكون ملحقاً، أَلا ترى أَنه في الأَصل للمصدر نحو إِكرام وإِنعام؟ وهذا مصدر فعل غير ملحق فيجب أَن يكون المصدر في ذلك على سَمْتِ فعله غير مخالف له، قال: وكأَنّ هذا ونحوه إِنما لا يكون ملحقاً من قِبَل أَن ما زيد على الزيادة الأُولى في أَوله إِنما هو حرف لين، وحرف اللين لا يكون للإِلحاق، إِنما جيءَ به بمعنى، وهو امتداد الصوت به، وهذا حديث غير حديث الإِلحاق، أَلا ترى أَنك إِنما تقابل بالمُلْحَق الأَصلَ، وباب المدّ إِنما هو الزيادة أَبداً؟ فالأَمران على ما ترى في البعد غايتان.
والمَسْلَح: منزل على أَربع منازل من مكة.
والمَسالح: مواضع، وهي غير المَسالح المتقدّمة الذكر.
والسَّيْلَحُون: موضع، منهم من يجعل الإِعراب في النون ومنهم من يجريها مجرى مسلمين، والعامة تقول سالِحُون. الليث: سَيْلَحِين موضع، يقال: هذه سَيْلَحُون وهذه سيلحينُ، ومثله صَرِيفُون وصَريفينُ؛ قال: وأَكثر ما يقال هذه سَيْلَحونَ ورأَيت سَيلحين، وكذلك هذه قِنَّسْرُونَ ورأَيتِ قِنَّسْرين.
ومُسَلحة: موضع: قال: لهم يومُ الكُلابِ، ويومُ قَيْسٍ أَراقَ على مُسَلَّحةَ المَزادا (* قوله «أَراق على مسلحة المزادا» في ياقوت: «أَقام على مسلحة المزارا».) وسَلِيحٌ: قبيلة من اليمن.
وسَلاحِ: موضع قريب من خيبر؛ وفي الحديث: تكون أَبعدَ مَسالِحهم سَلاح.
والسُّلَحُ: ولد الحَجَلِ مثل السُّلَك والسُّلَف، والجمع سِلْحان؛ أَنشد أَبو عمرو لِجُؤَيَّةَ: وتَتْبَعُه غُبْرٌ إِذا ما عَدا عَدَوْا، كسِلْحانِ حَجْلى قُمْنَ حين يَقومُ وفي التهذيب: السُّلَحَة والسُّلَكَةُ فرخُ الحَجَل وجمعه سِلْحان وسِلْكان.
والعرب تسمي السِّماك الرامِحَ: ذا السِّلاح، والآخرَ الأَعْزَلَ.
وقال ابن شميل: السَّلَحُ ماء السماء في الغُدْران وحيثما كان؛ يقال: ماء العِدّ وماء السَّلَح؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول لماء السماء ماء الكَرَع ولم أَسمع السلَح.

سطر (لسان العرب) [0]


السَّطْرُ والسَّطَرُ: الصَّفُّ من الكتاب والشجر والنخل ونحوها؛ قال جرير: مَنْ شاءَ بايَعْتُه مالي وخُلْعَتَه، ما يَكْمُلُ التِّيمُ في ديوانِهمْ سَطَرا والجمعُ من كل ذلك أَسْطُرٌ وأَسْطارٌ وأَساطِيرُ؛ عن اللحياني، وسُطورٌ.
ويقال: بَنى سَطْراً وغَرَسَ سَطْراً.
والسَّطْرُ: الخَطُّ والكتابة، وهو في الأَصل مصدر. الليث: يقال سَطْرٌ من كُتُبٍ وسَطْرٌ من شجر معزولين ونحو ذلك؛ وأَنشد: إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا لقائلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا وقال الزجاج في قوله تعالى: وقالوا أَساطير الأَوّلين؛ خَبَرٌ لابتداء محذوف، المعنى وقالوا الذي جاء به أَساطير الأَولين، معناه سَطَّرَهُ الأَوَّلون، وواحدُ الأَساطير أُسْطُورَةٌ، كما قالوا أُحْدُوثَةٌ وأَحاديث.
وسَطَرَ بَسْطُرُ إِذا كتب؛ قال الله تعالى: ن والقلم . . . أكمل المادة وما يَسْطُرُونَ؛ أَي وما تكتب الملائكة؛ وقد سَطَرَ الكتابَ يَسْطُرُه سَطْراً وسَطَّرَه واسْتَطَرَه.
وفي التنزيل: وكل صغير وكبير مُسْتَطَرٌ.
وسَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً: كتب، واسْتَطَرَ مِثْلُهُ. قال أَبو سعيد الضرير: سمعت أَعرابيّاً فصيحاً يقول: أَسْطَرَ فلانٌ اسمي أَي تجاوز السَّطْرَ الذي فيه اسمي، فإِذا كتبه قيل: سَطَرَهُ.
ويقال: سَطَرَ فلانٌ فلاناً بالسيف سَطْراً إِذا قطعه به كَأَنَّهُ سَطْرٌ مَسْطُورٌ؛ ومنه قيل لسيف القَصَّابِ: ساطُورٌ. الفراء: يقال للقصاب ساطِرٌ وسَطَّارٌ وشَطَّابٌ ومُشَقِّصٌ ولَحَّامٌ وقُدَارٌ وجَزَّارٌ.
وقال ابن بُزُرج: يقولون للرجل إِذا أَخطأَ فَكَنَوْا عن خَطَئِهِ: أَسْطَرَ فلانٌ اليومَ، وهو الإِسْطارُ بمعنى الإِخْطاءِ. قال الأَزهري: هو ما حكاه الضرير عن الأَعرابي أَسْطَرَ اسمي أَي جاوز السَّطْرَ الذي هو فيه.
والأَساطِيرُ: الأَباطِيلُ.
والأَساطِيرُ: أَحاديثُ لا نظام لها، واحدتها إِسْطارٌ وإِسْطارَةٌ، بالكسر، وأُسْطِيرٌ وأُسْطِيرَةٌ وأُسْطُورٌ وأُسْطُورَةٌ، بالضم.
وقال قوم: أَساطِيرُ جمعُ أَسْطارٍ وأَسْطارٌ جمعُ سَطْرٍ.
وقال أَبو عبيدة: جُمِعَ سَطْرٌ على أَسْطُرٍ ثم جُمِعَ أَسْطُرٌ على أَساطير، وقال أَبو أُسطورة وأُسطير وأُسطيرة إِلى العشرة. قال: ويقال سَطْرٌ ويجمع إِلى العشرة أَسْطاراً، ثم أَساطيرُ جمعُ الجمعِ.
وسَطَّرَها: أَلَّفَها.
وسَطَّرَ علينا: أََتانا بالأَساطِيرِ. الليث: يقال سَطَّرَ فلانٌ علينا يُسَطْرُ إِذا جاء بأَحاديث تشبه الباطل. يقال: هو يُسَطِّرُ ما لا أَصل له أَي يؤلف.
وفي حديث الحسن: سأَله الأَشعث عن شيء من القرآن فقال له: والله إِنك ما تُسَيْطِرُ عَلَيَّ بشيء أَي ما تُرَوِّجُ. يقال: سَطَّرَ فلانٌ على فلان إِذا زخرف له الأَقاويلَ ونَمَِّّْقَها، وتلك الأَقاويلُ الأَساطِيرُ والسُّطُرُ.
والمُسَيْطِرُ والمُصَيْطِرُ: المُسَلَّطُ على الشيء لِيُشْرِف عليه ويَتَعَهَّدَ أَحوالَه ويكتبَ عَمَلَهُ، وأَصله من السَّطْر لأَن الكتاب مُسَطَّرٌ، والذي يفعله مُسَطِّرٌ ومُسَيْطِرٌ. يقال: سَيْطَرْتَ علينا.
وفي القرآن: لست عليهم بِمُسْيِطرٍ؛ أَي مُسَلَّطٍ. يقال: سَيْطَرَِ يُسَيِطِرُ وتَسَيطَرَ يتَسَيْطَرُ، فهو مُسَيْطِرٌ ومَتَسَيْطِرٌ، وقد تقلب السين صاداً لأَجل الطاء، وقال الفراء في قوله تعالى: أَم عندهم خزائن ربك أَم هم المُسَيْطِرُونَ؛ قال: المصيطرون كتابتها بالصاد وقراءتها بالسين، وقال الزجاج: المسيطرون الأَرباب المسلطون. يقال: قد تسيطر علينا وتصيطر، بالسين والصاد، والأَصل السين، وكل سين بعدها طاء يجوز أَن تقلب صاداً. يقال: سطر وصطر وسطا عليه وصطا.
وسَطَرَه أَي صرعه.
والسَّطْرُ: السِّكَّةُ من النخل.
والسَّطْرُ: العَتُودُ من المَعَزِ، وفي التهذيب: من الغنم، والصاد لغة.
والمُسَيْطِرُ: الرقيب الحفيظ، وقيل: المتسلط، وبه فسر قوله عز وجل: لستَ عليهم بمسيطر، وقد سَيْطْرَ علينا وسَوْطَرَ. الليث: السَّيْطَرَةُ مصدر المسيطر، وهو الرقيب الحافظ المتعهد للشيء. يقال: قد سَيْطَرَ يُسَيْطِرُ، وفي مجهول فعله إِنما صار سُوطِر، ولم يقل سُيْطِرَ لأَن الياء ساكنة لا تثبت بعد ضمة، كما أَنك تقول من آيَسْتُ أُويِسَ يوأَسُ ومن اليقين أُوقِنَ يُوقَنُ، فإِذا جاءت ياء ساكنة بعد ضمة لم تثبت، ولكنها يجترها ما قبلها فيصيرها واواً في حال (* قوله: «في حال» لعل بعد ذلك حذفاً والتقدير في حال تقلب الضمة كسرة للياء مثل وقولك أَعيس إلخ). مثل قولك أَعْيَسُ بَيِّنُ العِيسةِ وأَبيض وجمعه بِيضٌ، وهو فُعْلَةٌ وفُعْلٌ، فاجترت الياء ما قبلها فكسرته، وقالوا أَكْيَسُ كُوسَى وأَطْيَبُ طُوبَى، وإِنما تَوَخَّوْا في ذلك أَوضحه وأَحسنه، وأَيما فعلوا فهو القياس؛ وكذلك يقول بعضهم في قسمة ضِيزَى إِنما هو فُعْلَى، ولو قيل بنيت على فِعْلَى لم يكن خطأ، أَلا ترى أَن بعضهم يهمزها على كسرتها، فاستقبحوا أَن يقولوا سِيطِرَ لكثرة الكسرات، فلما تراوحت الضمة والكسرة كان الواو أَحسن، وأَما يُسَيْطَرُ فلما ذهبت منه مَدة السين رجعت الياء. قال أَبو منصور: سَيْطَرَ جاء على فَيْعَلَ، فهو مُسَيْطِرٌ، ولم يستعمل مجهول فعله، وينتهي في كلام العرب إِلى ما انتهوا إِليه. قال: وقول الليث لو قيل بنيتْ ضِيزَى على فِعْلَى لم يكن خطأَ، هذا عند النحويين خطأَ لأَن فِعْلَى جاءت اسماً ولم تجئ صفة، وضِيزَى عندهم فُعْلَى وكسرت الضاد من أَجل الياء الساكنة، وهي من ضِزْتُه حَقَّهُ أَضُيزُهُ إِذا نقصته، وهو مذكور في موضعه؛ وأَما قول أَبي دواد الإِيادي: وأَرى الموتَ قد تَدَلَّى، مِنَ الحَضْـ ـرِ، عَلَى رَبِّ أَهلِهِ السَّاطِرونِ فإِن الساطرون اسم ملك من العجم كان يسكن الحضر، وهو مدينة بين دِجْلَةَ والفرات، غزاه سابور ذو الأَكتاف فأَخذه وقتله. التهذيب: المُسْطَارُ الخمر الحامض، بتخفيف الراء، لغة رومية، وقيل: هي الحديثة المتغيرة الطعم والريح، وقال: المُسْطَارُ من أَسماء الخمر التي اعتصرت من أَبكار العنب حديثاً بلغة أَهل الشام، قال: وأُراه روميّاً لأَنه لا يشبه أَبنية كلام العرب؛ قال: ويقال المُسْطار بالسين، قال: وهكذا رواه أَبو عبيد في باب الخمر وقال: هو الحامض منه. قال الأَزهري: المسطار أَظنه مفتعلاً من صار قلبت التاء طاء. الجوهري: المسطار، (* قوله: «الجوهري المسطار بالكسر إلخ» في شرح القاموس قال الصاغاني: والصواب الضم، قال: وكان الكسائي يشدد الراء فهذا دليل على ضم الميم لأَنه يكون حينئذٍ من اسطارّ يسطارّ مثل ادهامّ يدهامّ). بكسر الميم، ضرب من الشراب فيه حموضة.

وسق (لسان العرب) [0]


الوَسْقُ والوِسْقُ: مِكْيَلَة معلومة، وقيل: هو حمل بعير وهو ستون صاعاً بصاع النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو خمسة أَرطال وثلث، فالوسْقُ على هذا الحساب مائة وستون مَناً؛ قال الزجاج: خمسة أَوسق هي خمسة عشر قَفِيزاً، قال: وهو قَفِيزُنا الذي يسمى المعدّل، وكل وَسْق بالمُلَجَّم ثلاثة أَقْفِزَةٍ، قال: وستون صاعاً أَربعة وعشرون مكُّوكاً بالمُلَجَّم وذلك ثلاثة أَقفِزَةٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليس فيما دون خمسة أَو سُقٍ من التمر صدقة. التهذيب: الوَسْقُ، بالفتح، ستون صاعاً وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز، وأَربعمائة وثمانون رطلاً عند أَهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمُدِّ، . . . أكمل المادة والأَصل في الوَسْق الحَمْل؛ وكل شيء وسَقَتْه، فقد حملته. قال عطاء في قوله خمسة أَوْسُقٍ: هي ثلاثمائة صاع، كذلك قال الحسن وابن المسيب.
وقال الخليل: الوَسْق هو حِمْل البعير، والوِقْرُ حمل البغل أَو الحمار. قال ابن بري: وفي الغريب المصنف في باب طلع النخل: حَمَلت وَسْقاً أَي وِقْراً، بفتح الواو لا غير، وقيل: الوَسْق العِدْل، وقيل العِدْلان، وقيل هو الحِملُ عامة، والجمع أوْسُقٌ ووُسوق؛ قال أَبو ذؤيب: ما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عامَ غِيارِه، عليه الوُسُوقُ، بُرُّها وشَعِيرُها ووَسَقَ البعيرَ وأَوْسَقه: أَوْقَره.
والوَسْقُ: وَقْر النخلة.
وأَوْسَقَت النخلةُ: كثر حَمْلها؛ قال لبيد: وإلى الله تُرْجَعون، وعند الـْ لمَه وِرْدُ الأُمور والإصدارُ كلَّ شيء أَحْصَى كتاباً وحِفْظاً، ولَدَيْهِ تَجَلَّت الأَسْرارُ (* في رواية أخرى: وعِلماً بدل وحفظاً). يوم أَرزاقُ من يُفَضَّلُ عُمٌّ، موسِقاتٌ وحُفَّلٌ أَبكارُ قال شمر: وأَهل الغرب يسمون الوَسْق الوِقْر، وهي الأَوْساق والوُسُوق.
وكل شيء حملته، فقد وَسَقْته.
ومن أَمثالهم: لا أفعل كذا وكذا ما وَسَقَت عيني الماءَ أَي ما حملته.
ويقال: وَسَقَت النخلةُ إذا حملت، فإذا كثر حملها قيل أَوْسَقَتْ أَي حملت وَسْقاً.
وَوَسَقْت الشيء أَسِقُه وَسْقاً إذا حملته؛ قال ضابئ بن الحرث البُرْجُمِيُّ: فإنِّي، وإيَّاكم وشَوْقاً إليكُمُ، كقابض ماء لم تَسِقْهُ أَنامِلُهْ أَي لم تحمله، يقول: ليس في يدي شيء من ذلك كما أَنه ليس في يد القابض على الماء شيء، ووَسَقَت الأَتان إذا حلت ولداً في بطنها.
ووَسَقَت الناقة وغيرُها تَسِقُ أَي حملت وأَغْلَقَتْ رَحِمَها على الماء، فهي ناقة واسِقٌ ونُسوق وِساقٌ مثل نائم ونِيَام وصاحب وصِحَاب؛ قال بشر بن أَبي خازم:أَلَظَّ بِهِنَّ يَحْدوهُنَّ، حتى تَبَيَّنت الحِيالُ من الوِساقِ ووَسَقَت الناقةُ والشاةُ وَسْقاً ووُسوقاً، وهي واسِقٌ: لَقِحَتْ، والجمع مَوَاسِيق ومَواسِق كلاهما جمع على غير قياس؛ قال ابن سيده: وعندي أَن مَوَاسيق ومَوَاسق جمع ميساق ومَوْسق.
ولا آتيك ما وَسَقَتْ عيني الماءَ أَي ما حملته.
والمِيسَاق من الحمام: الوافر الجناح، وقيل: هو على التشبيه جعلوا جناحيه له كالوَسْقِ، وقد تقدم في الهمز، ويقوي أَن أَصله الهمز قولهم في جمعه مَآسيق لا غير.
والوُسُوق: ما دخل فيه الليل وما ضم.
وقد وَسَقَ الليلُ واتَّسَقَ؛ وكل ما انضم، فقد اتَّسَق.
والطريق يأتَسِقُ؛ ويَتَّسق أَي ينضم؛ حكاه الكسائي.
واتَّسَق القمر: استوى.
وفي التنزيل: فلا أُقسم بالشَّفَق والليل وما وَسَق والقمر إذا اتَّسَق؛ قال الفراء: وما وسَقَ أَي وما جمع وضم.
واتَّساقُ القمر: امتلاؤه واجتماعه واستواؤه ليلة ثلاث عشرة وأَربع عشرة، وقال الفراء: إلى ست عشرة فيهن امتلاؤه واتِّسَاقه، وقال أَبو عبيدة: وما وَسَقَ أَي وما جمع من الجبال والبحار والأشجار كأنه جمعها بأَن طلع عليها كلِّها، فإذا جَلَّلَ الليلُ الجبال والأَشجار والبحار والأَرض فاجتمعت له فقد وَسَقَها. أَبو عمرو: القمر والوَبَّاص والطَّوْس والمُتَّسِق والجَلَمُ والزِّبْرقان والسِّنِمَّارُ.
ووَسَقْت الشيءَ: جمعته وحملته.
والوَسْق: ضم الشيء إلى الشيء.
وفي حديث أُحُد: اسْتَوسِقُوا كما يَسْتَوْسِق جُرْبُ الغنم أَي استجمعوا وانضموا، والحديث الآخر: أَن رجلاً كان يَجوز المسلمين ويقول اسْتَوسِقُوا.
وفي حديث النجاشي: واسْتَوْسَقَ عليه أَمْرُ الحَبَشة أَي اجتمعوا على طاعته واستقر الملك فيه.
والوَسْقُ: الطرد؛ ومنه سميت الوَسِيقةُ، وهي من الإبل كالرُّفْقة من الناس، فإذا سُرِقَتْ طُرِدت معاً؛ قال الأَسود بن يَعْفُر: كَذَبْت عَلَيْكَ لا تزال تَقُوفُني، كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ وقوله كذبت عليك هو إغراء أَي عليك بي، وقوله تقوفني أَي تَقُضُّني وتتبع آثاري، والوَسِيقُ: الطَّرْد؛ قال: قَرَّبها، ولم تَكَدْ تُقَرَّب من آل نَسْيان، وَسِيقٌ أَجدب ووَسَق الإبلَ فاسْتَوْسقت أَي طردها فأَطاعت؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:إنَّ لنا لإبلاً نَقانِقا مُسْتَوسْقاتٍ، لو تجدْنَ سائقا أَراد مثل النَّقانِق وهي الظِّلْمانُ، شبهها بها في سرعتها.
واسْتَوْسَقت الإبل: اجتمعت؛ وأَنشد للعجاج: إنَّ لنا قلائصاً حقَائقا مُسْتَوْسقات، لو تجدْنَ سائقا وأَوْسَقْتُ البعير: حَمّلته حمْله ووَسَقَ الإبل: طردها وجمعها؛ وأَنشد:يوماً تَرانا صالحينَ، وتارةً تَقومُ بنا كالوَِاسِقِ المُتَلَبِّبِ واسْتَوْسَقَ لك الأَمرُ إذا أَمكنك.
واتَّسَقت الإبل واسْتَوْسقَت: اجتمعت.
ويقال: واسَقْتُ فلاناً مُوَاسقةً إذا عارضته فكنت مثله ولم تكن دونه؛ وقال جندل: فلسْتَ، إنْ جارَيْتني، مُوَاسِقِي، ولسْتَ، إن فَرَرْتَ مِنِّي، سابِقي والوِساقُ والمُوَاسقة: المُنَاهدة؛ قال عدي: ونَدَامَى لا يَبْخَلُون بما نا لوا، ولا يُعْسِرون عند الوِساقِ والوَسِيقةُ من الإبل والحمير: كالرُّفْقة من الناس، وقد وَسَقها وُسُوقاً، وقيل: كل ما جُمِع فقد وُسِقَ.
ووَسِيقهُ الحمار: عانته.
وتقول العرب: إن الليل لطويل ولا أَسِقُ بالَهُ ولا أَسِقْهُ بالاً، بالرفع والجزم، من قولك وَسَق إذا جَمَع أَي وُكِلت بجمع الهموم فيه.
وقال اللحياني: معناه لا يجتمع له أمره، قال: وهو دعاء.
وفي التهذيب: إن الليل لطويل ولا تَسِقْ جزم على الدعاء، ومثله: إن الليل طويل ولا يَطُلْ إلا بخير أَي لا طال إلا بخير. الأَصمعي: يقال للطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار: هو المِيساقُ، وجمعه مَآسِيق؛ قال الأَزهري: هكذا سمعته بالهمز. الجوهري: أَبو عبيد المِيساقُ الطائر الذي يُصَفِّقُ بجناحيه إذا طار، قال: وجمعه مَياسِيقُ.والاتّساقُ: الإنتظام.
ووَسَّقْتُ الحِنطة تَوْسيقاً أَي جعلتها وَسْقاً وَسْقاً. الأَزهري: الوَسِيقةُ القطيع من الإبل يطردها الشَّلاَّل، وسميت وَسيقةً لأن طاردها يجمعها ولا يَدَعُها تنتشر عليه فيلحَقُها الطلبُ فيردها، وهذا كما قيل للسائق قابض، لأَن السائق إذا ساق قطيعاً من الإبل قبضها أَي جمعها لئلا يتعذر عليه سوقها، ولأَنها إذا انتشرت عليه لم تتابع ولم تَطْرِدْ على صَوبٍ واحد.
والعرب تقول: فلان يسوق الوَسِيقة وينسُل الوَدِيقة ويحمي الحَقيقة؛ وجعل رؤبة الوَسْق من كل شيء فقال: كأَنَّ وَسْقَ جَنْدَلٍ وتُرْبِ، عليَّ، من تَنْحيب ذاك النَّحْبِ والوَسِيقةُ من الإبل ونحوها: ما غصبت. الأَصمعي: فرس مِعْتاق الوَسِيقة وهو الذي إذا طُرِدَ عليه طرِيدةٌ أنجاها وسبق بها؛ وأَنشد: أَلم أَظْلِفْ عن الشعراء عِرْضي، كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟

رفض (لسان العرب) [0]


الرَّفْضُ: تركُكَ الشيءَ. تقول: رَفَضَني فَرَفَضْتُه، رَفَضْتُ الشيءَ أَرْفُضُه وأَرفِضُه رَفْضاً ورَفَضاً: تركتُه وفَرَّقْتُه. الجوهري: الرَّفْضُ الترك، وقد رَفَضَه يَرْفُضُه ويَرْفِضُه.
والرَّفَضُ: الشيء المُتَفَرِّقُ، والجمع أَرفاضٌ.
وارْفَضَّ الدَّمْعُ ارْفِضاضاً وتَرَفَّض: سالَ وتفَرَّق وتتابَعَ سَيَلانُه وقَطَرانُه.
وارْفَضَّ دَمْعُه ارْفِضاضاً إِذا انهلَّ متفرِّقاً.
وارْفِضاضُ الدمْع ترشُّشُه، وكل متفرِّق ذهب مُرْفَضٌّ؛ قال: القطامي: أَخُوكَ الذي لا تَمْلِكُ الحَِسَّ نفسُه، وتَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفِظاتِ الكَتائِفُ يقول: هو الذي إِذا رآكَ مظلوماً رَقّ لك وذهب حِقْده.
وفي حديث البُراق: أَنه استصعب على النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم ارْفَضَّ عرَقاً وأَقَرَّ أَي جرَى عرَقُه وسالَ ثم سكَنَ وانْقاد وترك الاسْتِصعاب؛ ومنه حديث الحْوض: حتى يَرْفَضّ عليهم أَي يَسِيل.
وفي حديث . . . أكمل المادة مُرَّةَ بن شراحِيلَ: عوتب في ترك الجمعة فذكر أن به جرحاً ربما ارْفَضّ في إِزاره أَي سال فيه قَيْحُه وتفَرَّق.
وارْفَضَّ الوَجَعُ: زالَ.
والرِّفاضُ: الطُّرُق المتفرِّقةُ أَخادِيدُها؛ قال رؤبة: بالعِيسِ فوْقَ الشَّرَكِ الرِّفاض هي أَخاديدُ الجادَّةِ المتفرِّقةُ.
ويقال لشَرَكِ الطريقِ إِذا تفرّقت: رِفاضٌ، وهذا البيت أَورده الجوهري: كالعِيسِ؛ قال ابن بري: صوابه بالعيس لأَن قبله: يَقْطَعُ أَجْوازَ الفلا انْقِضاضِي والشَّرَكُ: جمع شَرَكةٍ وهي الطرائقُ التي في الطريق.
والرِّفاضُ: المُرْفَضّةُ المتفرّقة يميناً وشمالاً. قال: والرِّفاضُ أَيضاً جمع رَفْضٍ القَطِيعُ من الظِّباء المتفرِّق.
وفي حديث عمر: أَن امرأَة كانت تَزْفِنُ والصِّبْيانُ حولَها إِذ طلع عمر، رضي اللّه عنه، فارْفَضَّ الناسُ عنها أَي تفَرّقُوا.
وتَرَفَّضَ الشيءُ إِذا تكسّر.
ورَفَضْت الشيء أَرْفُضُه وأَرْفِضُه رَفْضاً، فهو مرفوضٌ ورَفِيضٌ: كسرته.
ورَفَضُ الشيء: ما تحطّم منه وتفرّق، وجمع الرَّفَض أَرْفاض؛ قال طفيل يصف سَحاباً: له هَيْدَبٌ دانٍ كأَنَّ فُرُوجَه، فُوَيْقَ الحَصى والأَرضِ، أَرْفاضُ حَنْتَمِ ورُفاضُه: كرَفَضِه، شبّه قِطع السحاب السُّود الدانية من الأَرض لامتلائها بِكِسَر الحنتم المُسْوَدّ والمُخْضَرّ؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:يُسْقى السَّعِيطَ في رُفاضِ الصَّنْدَلِ والسَّعِيطُ: دُهْن البانِ، ويقال: دُهْنُ الزَّنْبَقِ.
ورُمْحٌ رَفِيضٌ إِذا تَقَصَّد وتكسَّر؛ وأَنشد: ووالى ثلاثاً واثْنَتَيْنِ وأَرْبَعاً، وَغادَرَ أُخْرى في قَناةِ رَفِيضِ ورُفُوضُ الناسِ: فِرَقُهم؛ قال: من أَسَدٍ أَوْ مِنْ رُفُوضِ الناس ورُفُوضُ الأَرضِ: المَواضِع التي لا تُمْلَك، وقيل: هي أَرض بين أَرْضَيْنِ حَيَّتَيْنِ فهي متروكة يتَحامَوْنَها.
ورُفُوضُ الأَرض: ما ترك بعد أَن كان حِمىً.
وفي أَرض كذا رُفُوضٌ من كلإٍ أَي مُتَفَرِّقٌ بَعيدٌ بعضه من بعض.
والرَّفّاضةُ: الذين يَرْعَوْنَ رُفُوضَ الأَرض.
ومَرافِضُ الأَرضِ: مساقِطُها من نواحي الجبال ونحوها، واحدها مَرْفَضٌ، والمَرْفَضُ من مَجاري المياه وقَرارَتِها؛ قال: ساقَ إِليْها ماءَ كلِّ مَرْفَضِ مُنْتِجُ أَبْكارِ الغَمامِ المُخَّضِ وقال أَبو حنيفة: مَرافِضُ الوادي مَفاجِرُه حيثُ يَرْفَضُّ إِليه السَّيْلُ؛ وأَنشد لابن الرقاع: ظَلَّتْ بِحَزْمِ سُبَيْعٍ أَو بِمَرْفَضِه ذي الشّيح، حيثُ تَلاقى التَّلْعُ فانسَحَلا (* قوله «ظلت إلخ» في معجم ياقوت: باضت بدل ظلت، وقبله كما فيه: كأنها وهي تحت الرحل لاهية * إذا المطي على أنقابه زملا جونية من قطا الصوان مسكنها * جفاجف تنبت القفعاء والنفلا.) ورَفَضُ الشيء: جانبُه، ويجمع أَرْفاضاً؛ قال بشار: وكأَنَّ رَفْضَ حَدِيثِها قِطَعُ الرّياضِ، كُسينَ زَهْرا والرّوافِضُ: جنود تركوا قائدهم وانصرفوا فكل طائفة منهم رافِضةٌ، والنسبة إِليهم رافِضِيٌّ.
والرَّوافِضُ: قوم من الشِّيعة، سموا بذلك لأَنهم تركوا زيد بن علي؛ قال الأَصمعي: كانوا بايعوه ثم قالوا له: ابْرأْ من الشيخين نقاتل معك، فأَبى وقال: كانا وَزِيرَيْ جَدِّي فلا أَبْرأُ منهما، فرَفَضُوه وارْفَضُّوا عنه فسُمُّوا رافِضَةً، وقالوا الرَّوافِضَ ولم يقولوا الرُّفَّاضَ لأَنهم عَنُوا الجماعات.
والرَّفْضُ: أَن يَطْرُدَ الرجل غنمه وإِبله إِلى حيث يَهْوى، فإِذا بَلَغَتْ لَها عنها وتركها.
ورَفَضْتُها أَرْفِضُها وأَرْفُضُها رَفْضاً: تركْتُها تَبَدَّدُ في مَراعِيها تَرْعى حيث شاءَتْ ولا يَثْنيها عن وَجْهٍ تريده، وهي إِبل رافِضةٌ وإِبل رَفَضٌ وأَرْفاضٌ. الفراء: أَرْفَضَ القوم إِبلهم إِذا أَرسلوها بلا رِعاء.
وقد رَفَضَتِ الإِبل إِذا تفرقت، ورَفَضَت هي تَرْفِضُ رَفْضاً أَي تَرْعى وحدها والراعي يبصرها قريباً منها أَو بعيداً لا تتعبه ولا يجمعها؛ وقال الراجز: سَقْياً بِحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ، وحَيْثُ يَرْعى ورَعِي ويَرْفِضُ ويروى: وأَرْفِضُ. قال ابن بري: المُعَرَّضُ نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ وهو خطّ في الفخذين عَرْضاً.
والوَرَعُ: الصغير الضعيف الذي لا غَناءَ عنده. يقال: إِنما مال فلان أَوْراعٌ أَي صِغارٌ.
والرَّفَضُ: النَّعَمُ المُتَبَدِّدُ، والجمع أَرْفاضٌ.
ورجل قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ: يَتَمَسَّكُ بالشيء ثم لا يَلْبَثُ أَن يَدَعَه.
ويقال: راع قُبَضةٌ رُفَضَةٌ للذي يَقْبِضُها ويسوقها ويجمعها، فإِذا صارت إِلى الموضع الذي تحبه وتهواه رفضها وتركها ترعى كيف شاءَتْ، فهي إِبل رَفَضٌ. قال: الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول: القوم رَفَضٌ في بيوتهم أَي تفرّقوا في بيوتهم، والناس أَرْفاضٌ في السفَر أَي متفرّقون، وهي إِبلٌ رافِضةٌ ورَفْضٌ أَيضاً؛ وقال مِلْحةُ ابن واصل، وقيل: هو لِمِلْحةَ الجَرْمي، يصف سحاباً. يُباري الرِّياحَ الحَضْرَمِيّاتِ مُزْنُه بِمُنْهَمِر الأوْراقِ ذي قَزَعٍ رَفْضِ قال: ورفَضٌ أَيضاً بالتحريك، والجمع أَرْفاض.
ونَعام رَفَضٌ أَي فِرَقٌ؛ قال ذو الرمة: بها رَفَضٌ من كلِّ خَرْجاءَ صَعْلةٍ، وأَخْرَجَ يَمْشِي مِثْلَ مَشْي المُخَبَّلِ وقوله أَنشده الباهلي: إِذا ما الحِجازِيّاتُ أَعْلَقْنَ طَنَّبَتْ بِمَيْثاء، لا يأْلُوكَ رافِضُها صخْرا أَعْلَقْنَ أَي عَلَّقْن أَمْتعَتَهُنَّ على الشجر لأَنهن في بلاد شجر. طَنَّبَتْ هذه المرأَة أَي مَدَّتْ أَطنابها وضرَبَتْ خيمتها. بِمَيْثاءَ: بِمَسِيلٍ سَهْل لين. لا يأْلوك: لا يستطيعك.
والرافضُ: الرامي؛ يقول: من أَراد أَن يرمي بها لم يجد حجراً يَرْمي به، يريد أَنها في أَرض دَمِثةٍ لَيّنة.
والرَّفْضُ والرَّفَضُ من الماء واللَبن: الشيء القليل يبقى في القِرْبة أَو المَزادةِ وهو مثل الجُرْعةِ، ورواه ابن السكيت رَفْضٌ، بسكون الفاء، ويقال: في القِرْبة رَفَضَ من ماء أَي قليل، والجمع أَرْفاضٌ؛ عن اللحياني.
وقد رَفَّضْتُ في القِرْبة تَرْفيضاً أَي أَبْقَيْتُ فيها رَفْضاً من ماء.
والرَّفْضُ: دون المَلْءِ بِقَلِيل؛ عن ابن الأَعرابي: فلمَّا مَضَتْ فَوْقَ اليَدَيْنِ، وحَنَّفَتْ إِلى المَلْءِ، وامْتَدَّتْ بِرَفْضٍ غُضُونُها والرَّفْضُ: القُوت، مأْخوذ من الرَّفْضِ الذي هو القليل من الماء واللبن.
ويقال: رَفَضَ النخلُ وذلك إِذا انتَشَرَ عِذْقُه وسقَطَ قِيقاؤُه.

ذكا (لسان العرب) [0]


ذَكَتِ النارُ تَذْكو ذُكُوّاً وذكاً، مقصور، واسْتَذْكَتْ، كُلُّه: اشْتَدَّ لهَبُها واشْتَعلت، ونارٌ ذكِيَّةٌ على النَّسب؛ أَنشد ابن الأَعرابي: يَنْفَحْنَ منه لهَباً مَنْفُوحَا لَمْعاً يُرى، لا ذَكِياً مَقْدُوحا وأَراد يَنْفُخْنَ منه لهباً مَنْفُوخاً، فأَبدل الحاء مكان الخاء ليوافق رَوِيّ هذا الرجز كله لأَن هذا الرجز حائي؛ ومثله قول رؤبة: غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيمُ السِّنْحِ، أَبلَجُ لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحَّ يريد: كريم السِّنْخِ.
وأَذْكاها وذَكَّاها: رَفَعها وأَلقى عليها ما تَذْكُو به.
والذُّكْوَة والذُّكْيَة (* قوله «والذكوة والذكية» وكلاهما ضبط في الأصل والمحكم والتهذيب والتكملة بضم الذال، وكذلك الذكوة الجمرة، وضبطت في القاموس بالفتح): ما ذَكَّاها به من حَطَب أَو بَعَر، الأَخيرة من باب . . . أكمل المادة جَبَوتُ الخَراج جِبايةً.
والذُّكْوة والذَّكا: الجمرة المُلْتهبة.
وأَذْكَيْتُ الحَرْبَ إذا أَوْقَدْتها؛ وأَنشد: إنَّا إذا مُذْكي الحُروب أَرَّجا وتَذْكِيَةُ النار: رَفْعُها.
وفي حديث ذكر النار: قَشَبَني ريحُها وأَحْرَقَني ذَكاؤها؛ الذَّكاءُ: شدةُ وهَجِ النارِ؛ يقال: ذَكَّيْتُ النارَ إذا أَتْمَمْتَ إشْعالَها ورفَعْتها، وكذلك قوله تعالى: إلاَّ ما ذكَّيْتُم؛ ذبْحُهُ على التَّمام.
والذَّكا: تمامُ إيقادِ النارِ، مقصورٌ يكتب بالأَلف؛ وأَنشد: ويُضْرِم في القَلْبِ اضْطِراماً، كأَنه ذَكا النارِ تُرْفِيهِ الرِّياحُ النَّوافحُ وذُكاءُ، بالضم: اسمُ الشمس، معرفة لا يَنْصَرِف ولا تدْخُلها الأَلِفُ واللام، تقول: هذه ذُكاءُ طالِعةً، وهي مُشْتَقَّة من ذَكَتِ النارُ تَذْكُو، ويقال للصُّبْح ابنُ ذكاء لأَنه من ضَوْئها؛ وأَنشد: فَوَرَدَتْ قبل انبِلاج الفجرِ، وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في كَفْرِ وقال ثعلبة بن صُعَير المازنيّ يصف ظَلِيماً ونَعامة: فتذَكَّرا ثَقَلاَ رَثِيداً، بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ والذَّكاءُ، ممدودٌ: حِدَّةُ الفؤاد.
والذَّكاءُ: سُرْعة الفِطْنَة. الليث: الذَّكاءُ من قولك قلبٌ ذَكِيٌّ وصَبِيٌّ ذكِيٌّ إذا كان سريعَ الفِطْنَةِ، وقد ذكِيَ، بالكسر، يَذْكى ذَكاً.
ويقال: ذَكا يَذْكُو ذَكاءً، وذكُوَ فهو ذكِيٌّ.
ويقال: ذكُوَ قَلْبُه يَذْكُو إذا حَيَّ بَعْدَ بَلادَةٍ، فهو ذكِيٌّ على فَعِيلٍ، وقد يُسْتَعْمل ذلك في البَعِير.
وذَكا الريحِ: شِدَّتها من طِيبٍ أَو نَتْنٍ.
ومِسْكٌ ذكِيٌّ وذاكٍ: ساطِعُ الرائِحَةِ، وهو منه.
ومِسْكٌ ذكيٌّ وذكِيَّة، فمن أَنَّث ذهب به إلى الرائْحة؛ وقال أَبو هَفَّانَ: المِسْكُ والعَنْبَر يُؤنَّثان ويُذَكَّران. قال ابن بري: وتقول هو ذكِيٌّ الرائِحة وذاكِي الرائِحَة؛ قال قيس بن الخطيم: كأَنَّ القَرَنْفُل والزَّنْجَبِيل وذاكِي العَبِيرِ بِجِلْبابِها والذَّكاءُ: السِّنُّ.
وقال الحَجَّاج: فُرِرتُ عن ذكاء.
وبَلَغَت الدَّابَّةُ الذَّكاءَ أَي السَّنَّ.
وذكَّى الرجلُ: أَسَنَّ وبَدُنَ.
والمُذَكِّي أَيضاً: المُسِنُّ من كلِّ شيء، وخص بعضُهم به ذواتِ الحافِرِ، وهو أنْ يُجاوِزَ القُرُوحَ بسَنَةٍ.
والمَذاكي: الخيلُ التي أَتى عليها بعدَ قُروحها سنَةٌ أَو سَنَتان، الواحد مُذَكٍّ مثل المُخْلِفِ من الإبل.
والمُذَكِّي أَيضاً من الخَيْلِ: الذي يَذْهَب حُضْرُه ويَنْقَطِعُ.
وفي المثل: جَرْيُ المُذَكِّياتِ غِلابٌ أَي جَرْيُ المَسانِّ القُرَّحِ من الخيل أَن تُغالِبَ الجَرْيَ غِلاباً، وتأويلُ تمَام السِّنِّ النهايةُ في الشّباب، فإذا نقَص عن ذلك أَو زاد فلا يقال له الذكاءُ.
والذَّكاءُ في الفَهْمِ: أَن يكون فَهْماً تامّاً سريع القَبُولِ. ابن الأَنباري في ذَكاءِ الفَهْمِ والذَّبْحِ: إنه التَّمامُ، وإنّهما ممدودانِ.
والتَّذْكِية والذَّبْحُ.
والذَّكاءُ والذَّكاةُ: الذَّبْحُ؛ عن ثعلب.
والعرب تقول: ذَكاةُ الجِنين ذَكاةُ أُمِّهِ أَي إذا ذُبْحتِ الأُمُّ ذُبح الجنينُ.
وفي الحديث: ذَكاةُ الجنين ذكاةُ أُمِّه. ابن الأَثير: التَّذْكِيَةُ الذَّبْحُ والنَّحْرُ؛ يقال: ذَكَّيْت الشَّاةَ تَذْكِيَة، والاسم الذَّكاةُ، والمَذْبوحُ ذَكيٌّ، ويروى هذا الحديث بالرفْع والنَّصب، فمن رَفَع جَعَلَه خبرَ المبتدأ الذي هو ذكاةُ الجنين، فتكون ذكاةُ الأُمِّ هي ذكاةَ الجنين فلا يَحتاجُ إلى ذَبْحٍ مُسْتَأنَفٍ، ومن نَصَب كان التقدير ذَكاةُ الجِنينِ كذَكاة أُمِّه، فلما حُذِفَ الجارُّ نُصِب، أَو على تَقْديرِ يُذَكَّى مثل ذكاةِ أُمِّه، فحَذَفَ المَصْدرَ وصِفَتَه وأَقام المضاف إليه مُقامه، فلا بدَّ عنده من ذبح الجنِين إذا خرج حَيّاً، ومنهم من يَرْويه بنصب الذّكاتَيْن أَي ذَكُّوا الجنينَ ذكاةَ أُمِّه. ابن سيده: وذَكاءُ الحيوان ذبْحُه؛ ومنه قوله: يُذَكِّيها الأَسَلْ وقوله تعالى: وما أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذكَّيْتُمْ؛ قال أَبو إسحق: معناهُ إلاَّما أَدْرَكْتُمْ ذَكاتَه من هذه التي وصفنا.
وكلُّ ذَبْحٍ ذَكاةً.
ومعنى التَّذْكِية: أَنْ تُدْرِكَها وفيها بَقِيَّة تَشْخُب مَعَها الأَوْداج وتَضْطَرِبُ اضْطرابَ المَذْبوح الذي أُدْرِكَتْ ذَكاتُه، وأَهل العلم يقولون: إن أَخْرَجَ السبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَع الجَوْفَ قَطْعاً تخرج معه الحِشْوة فلا ذَكاةَ لذلك، وتأْويلُه أَن يصير في حالة ما لا يُؤثَِّرُ في حياته الذَّبْحُ.
وفي حديث الصيد: كُلْ ما أَمْسَكَتْ عَلَيْك كلابُكَ ذَكيٌّ وغيرُ ذَكيٍّ؛ أَراد بالذَّكيِّ ما أُمْسِكَ عليه فأَدْرَكَه قبلَ زُهُوقِ رُوحه فذَكَّاه في الحَلْقِ واللَّبَّةِ، وأَراد بغير الذَّكيِّ ما زَهَقَتْ روحُه قبل أَن يُدْركَه فيُذَكِّيَهُ ممَّا جَرَحَه الكلبُ بسِنِّه أَو ظفْرِه.
وفي حديث محمد بن علي: ذَكاةُ الأَرض يُبْسُها؛ يريد طَهارَتَها من النَّجاسَةِ، جَعَلَ يُبْسَها من النجاسة الرَّطْبة في التَّطْهِير بمَنْزِلة تَذْكِيَةِ الشاةِ في الإحْلالِ لأَن الذبح يطهرها ويحلِّل أَكْلَها.
وأَصل الذكاة في اللغة كُلِّها إتْمامُ الشيء، فمن ذلك الذَّكاءُ في السِّنِّ والفَهْمِ وهو تمام السنِّ. قال: وقال الخليل الذَّكاءُ في السنِّ أَن يأْتي على قُرُوحه سَنَةٌ وذلك تمامُ اسْتِتْمامِ القُوَّة؛ قال زهير: يُفَضّلُه، إذا اجْتَهِدُوا عليْهِ، تمامُ السِّنِّ منه والذَّكاءُ وجَدْيٌ ذَكيٌّ: ذَبيْحٌ؛ قال ابن سيده: وهذه الكلمة واويَّة، وأَما ذ ك ي فعدم، وقد ذَكَرْتُ أَن الذَّكِيَّة نادرٌ.
وأَذْكَيْتُ عليه العُيونَ إذا أَرْسَلْتَ عليه الطَّلائع؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذلي: وظَلَّ لنا يَومٌ، كأَنَّ أُوارَهُ ذَكا النَّارِ من نَجْمِ الفُرُوعِ طَويلُ الفُروعُ، بعين مهملة: فُروعُ الجوزاء، وهي أَشدُّ ما يكون من الحرّ.
وذَكْوانُ: قبيلةٌ من سُلَيْم.
والذَّكاوِينُ: صِغارُ السَّرْح، واحِدَتُها ذَكْوانَةٌ. ابن الأَعرابي: الذَّكْوان شجر، الواحدةُ ذَكْوانَةٌ.
ومَذاكي السَّحابِ: التي مَطَرَتْ مَرَّة بعد أُخرى، الواحدة مُذْكِيَة؛ قال الراعي: وتَرْعى القَرارَ الجَوْ، حيثُ تَجاوَبَتْ مَذاكٍ وأَبْكارٌ، من المُزْنِ، دُلَّحُ وذَكْوانُ: اسْمٌ.
وذَكْوةُ: قَرْيةٌ؛ قال الراعي: يَبِتْنَ سجُوداً من نَهِيتِ مُصَدَّرٍ بذَكْوَةَ، إطْراقَ الظِّباءِ من الوَبلِ وقيل: هي مأسَدة في ديار قَيْسٍ.

خور (لسان العرب) [0]


الليث: الخُوَارُ صوتُ الثَّوْر وما اشتد من صوت البقرة والعجل. ابن سيده: الخُوار من أَصوات البقر والغنم والظباء والسهام.
وقد خارَ يَخُور خُواراً: صاح؛ ومنه قوله تعالى: فأَخْرَجَ لهم عِجْلاً جَسَداً له خُوارٌ؛ قال طرفة: لَيْتَ لنا، مكانَ المَلْكِ عَمْرو، رَغُوثاً حَوْلَ قُبَّتِنا تَخُورُ وفي حديث الزكاة: يَحْمِلُ بَعِيراً له رُغاءٌ أَو بقرة لها خُوارٌ؛ هو صوت البقر.
وفي حديث مقتل أُبيِّ ابن خَلَفٍ: فَخَرَّ يخُورُ كما يَخُورُ الثور؛ وقال أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: يَخُرْنَ إِذا أُنْفِذْن في ساقِطِ النَّدى، وإِن كانَ يوماً ذا أَهاضِيبَ مُخْضِلا خُوَارَ المَطَافِيلِ المُلَمَّعَة الشَّوَى وأَطْلائِها، صَادَفْنَ عِرْنَانَ مُبْقِلا يقول: إِذا أُنْفِذَتِ السهام خارَتْ خُوارَ هذه . . . أكمل المادة الوحش. المطافيل: التي تَثْغُو إِلى أَطلائها وقد أَنشطها المَرْعَى المُخْصِبُ، فأَصواتُ هذه النَّبَالِ كأَصوات تلك الوحوش ذوات الأَطفال، وإِن أُنْفِذَتْ في يوم مطر مُخْضِلٍ، أَي فلهذه النَّبْلِ فَضْلٌ من أَجل إِحكام الصنعة وكرم العيدان.
والاسْتِخارَةُ: الاستعطافُ.
واسْتَخَارَ الرجلَ: استعطفه؛ يقال: هو من الخُوَار والصوت، وأَصله أَن الصائد يأْتي ولد الظبية في كناسه فيَعْرُك أُذنه فَيَخُور أَي يصيح، يستعطف بذلك أُمه كي يصيدها؛ وقال الهذلي:لَعَلَّكَ، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ سِواكَ خَلِيلاً، شاتِمِي تَسْتَخِيرُها (* قوله: «شاتمي تستخيرها» قال السكري شارح الديوان: أي تستعطفها بشتمك إياي).
وقال الكميت: ولَن يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار، لِعَوْلَتِهِ، ذو الصِّبا المُعْوِلُ فعين استخرت على هذا واو، وهو مذكور في الياء، لأَنك إِذا استعطفته ودعوته فإِنك إنما تطلب خيره.
ويقال: أَخَرْنَا المطايا إِلى موضع كذا نُخِيرُها إِخارَةً صرفناها وعطفناها.
والخَوَرُ، بالتحريك: الضعف.
وخارَ الرجلُ والحَرُّ يَخُور خُؤوراً وخَوِرَ خَوَراً وخَوَّرَ: ضَعُفَ وانكسر؛ ورجل خَوَّارٌ: ضعيف.
وَرُمْحٌ خَوَّارٌ وسهم خَوَّار؛ وكل ما ضعف، فقد خار. الليث: الخَوَّار الضعيف الذي لا بقاء له على الشدّة.
وفي حديث عمر: لن تَخُورَ قُوًى ما دام صاحبها يَنْزِعُ ويَنْزُو، خار يَخور إِذا ضعفت قوَّته ووَهَتْ، أَي لن يضعف صاحب قوَّة يقدر أَن ينزع في قوسه ويَثِبَ إِلى دابته؛ ومنه حديث أَبي بكر قال لعمر، رضي الله عنهما: أَجَبانٌ في الجاهلية وخَوَّارٌ في الإِسلام؟ وفي حديث عمرو بن العاص: ليس أَخو الحَرْبِ من يضع خُوَرَ الحَشايا عن يمينه وشماله أَي يضع لِيَانَ الفُرُشِ والأَوْطِيَة وضِعافَها عنده، وهي التي لا تُحْشَى بالأَشْياء الصُّلْبَةِ.
وخَوَّرَه: نسبه إِلى الخَوَرِ؛ قال:لقد عَلِمْت، فاعْذُليني أَوْذَرِي، أَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ، من لا يَصْبرِ على المُلِمَّات، بها يُخَوَّرِ وخارَ الرجلُ يَخُور، فهو خائر.
والخُوَارُ في كل شيء عيب إِلاَّ في هذه الأَشياء: ناقة خَوَّارة وشاة خَوَّارة إِذا كانتا غزيرتين باللبن، وبعير خَوَّار رَقِيقٌ حَسَنٌ، وفرس خَوَّار لَيِّنُ العَطْف، والجمع خُورٌ في جميع ذلك، والعَدَدُ خَوَّاراتٌ.
والخَوَّارَةُ: الاستُ لضعفها.
وسهمٌ خَوَّار وخَؤورٌ: ضعيف.
والخُورُ من النساء: الكثيرات الرِّيَبِ لفسادهن وضعف أَحلامهن، لا واحد له؛ قال الأَخطل: يَبِيتُ يَسُوفُ الخُورَ، وهْيَ رَواكِدٌ، كما سَافَ أَبْكَارَ الهِجَانِ فَنِيقُ وناقة خَوَّارة: غزيرة اللبن، وكذلك الشاة، والجمع خُورٌ على غير قياس؛ قال القطامي: رَشُوفٌ وَرَاءَ الخُورِ، لو تَنْدَرِئ لها صَباً وشَمالٌ حَرْجَفٌ، لم تقَلَّبِ وأَرض خَوَّارة: لينة سهلة، والجمع خُورٌ؛ قال عمر بن لَجَإٍ يهجو جريراً مجاوباً له على قوله فيه: أَحِينَ كنتُ سَمَاماً يا بَني لَجَإٍ، وخاطَرَتْ بِيَ عن أَحْسابِها مُضَرُ، تَعَرَّضَتْ تَيْمُ عَمْداً لي لأَهْجُوَها، كما تَعَرَّضَ لاسْتِ الخَارِئ الحَجَرُ؟ فقال عمر بن لجإٍ يجاوبه: لقد كَذَبْتَ، وشَرُّ القَوْلِ أَكْذَبُهُ، ما خاطَرَتْ بك عن أَحْسابِها مُضَرُ، بل أَنتَ نَزْوَة خَوَّارٍ على أَمَةٍ، لا يَسْبِقُ الحَلَبَاتِ اللُّؤْمُ والخَوَرُ قال ابن بري: وشاهدُ الخُور جمع خَوَّارٍ قول الطرماح: أَنا ابنُ حُماةِ المَجْدِ من آلِ مالِكٍ، إِذا جَعَلَتْ خُورُ الرِّجالِ تَهِيعُ قال: ومثله لغَسَّانَ السَّلِيطِيِّ: قَبَحَ الإِلَهُ بَني كُلَيْبٍ إِنَّهُمْ خُورُ القُلُوبِ، أَخِفَّةُ الأَحْلامِ ونخلة خَوَّارة: غزيرة الحمل؛ قال الأَنصاري: أَدِينُ وما دَيني عليكم بِمَغْرَمٍ، ولكنْ على الجُرْدِ الجِلادِ القَرَاوِحِ على كُلِّ خَوَّارٍ، كأَنَّ جُذُوعَهُ طُلِينَ بِقارٍ، أَو بِحَمْأَةِ مائِحِ وبَكْرَةٌ خَوَّارَةٌ إِذا كانت سهلة جَرْيِ المِحْوَرِ في القَعْرِ؛ وأَنشد: عَلِّقْ على بَكْرِكَ ما تُعَلِّقُ، بَكْرُكَ خَوَّارٌ، وبَكْرِي أَوْرَقُ قال: احتجاجه بهذا الرجز للبَكْرَةِ الخَوَّارَةِ غلط لأَن البَكْرَ في الرجز بكر الإِبل، وهو الذكر منها الفَتِيُّ.
وفرس خَوَّارُ العِنانِ: سَهْلُ المَعْطِفِ لَيِّنُه كثير الجَرْيِ؛ وخَيْلٌ خُورٌ؛ قال ابن مقبل:مُلِحٌّ إِذا الخُورُ اللَّهامِيمُ هَرْوَلَتْ، تَوَثَّبَ أَوْسَاطَ الخَبَارِ على الفَتَرْ وجمل خَوَّار: رقيق حَسَنٌ، والجمع خَوَّاراتٌ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم جَمَلٌ سِبَحْلٌ وجِمالٌ سِبَحْلاتٌ أَي أَنه لا يجمع إلاَّ بالأَلف والتاء.
وناقة خَوَّارة: سِبَطَةُ اللحم هَشَّةُ العَظْمِ.
ويقال: إِن في بَعِيرِكَ هذا لَشَارِبَ خَوَرٍ، يكون مدحاً ويكون ذمّاً: فالمدح أَن يكون صبوراً على العطش والتعب، والذم أَن يكون غير صبور عليهما.
وقال ابن السكيت: الخُورُ الإِبل الحُمْرُ إِلى الغُبْرَةِ رقيقاتُ الجلود طِوالُ الأَوْبارِ، لها شعر ينفذ ووبرها أَطول من سائر الوبر.
والخُورُ: أَضعف من الجَلَدِ، وإِذا كانت كذلك فهي غِزارٌ. أَبو الهيثم: رجل خَوَّار وقوم خَوَّارون ورجل خَؤُورٌ وقوم خَوَرَةٌ وناقة خَوَّارة رقيقة الجلد غَزِيرَة.
وزَنْدٌ خَوَّار: قَدَّاحٌ.
وخَوَّارُ الصَّفَا: الذي له صوت من صلابته؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد: يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبَا والخَوْرُ: مَصَبُّ الماء في البحر، وقيل: هو مصبّ المياه الجارية في البحر إِذا اتسع وعَرُضَ.
وقال شمر: الخَوْرُ عُنُقٌ من البحر يدخل في الأَرض، وقيل: هو خليج من البحر، وجمعه خُؤُورٌ؛ قال العجاج يصف السفينة:إِذا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ، وتارَةً يَنْقَضُّ في الخُؤُورِ، تَقَضِّيَ البازِي من الصُّقُورِ والخَوْرُ، مثل الغَوْرِ: المنخفضُ المُطمَئِنُّ من الأَرض بين النَّشْْزَيْنِ، ولذلك قيل للدُّبُرِ: خَوْرانُ لأَنه كالهَبْطَةِ بين رَبْوَتَيْنِ، ويقال للدبر الخَوْرانُ والخَوَّارَةُ، لضَعْفِ فَقْحَتِها سميت به، والخَوْرانُ: مَجْرَى الرَّوْثِ، وقيل: الخَوْرانُ المَبْعَرُ الذي يشتمل عليه حَتارُ الصُّلْب من الإِنسان وغيره، وقيل: رأْس المبعرِ، وقيل: الخَوْرانُ الذي فيه الدبر، والجمع من كل ذلك خَوْراناتٌ وخَوَارِينُ، قال في جمعه على خَوْرانات: وكذلك كل اسم كان مذكراً لغير الناس جمعه على لفظ تاءات الجمع جائز نحو حَمَّامات وسُرادِقاتٍ وما أَشبههما.
وطَعَنَه فخارَه خَوْراً: أَصاب خَوْرانَهُ، وهو الهواء الذي فيه الدبر من الرجل، والقبل من المرأَة.
وخارَ البَرْدُ يَخُورُ خُؤُوراً إِذا فَتَر وسَكَنَ.
والخَوَّارُ العُذْرِيُّ: رجل كان عالماً بالنسب.
والخُوَارُ: اسم موضع؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ: خَرَجْنَ من الخُوَارِ وعُدْنَ فيه، وقَدْ وَازَنَّ مِنْ أَجَلَى بِرَعْنِ ابن الأَعرابي: يقال نَحَرَ خِيرَةَ إِبله وخُورَةَ إِبله، وكذلك الخُورَى والخُورَةُ. الفراء: يقال لك خَوَّارُها أَي خيارها، وفي بني فلان خُورَى من الإِبل الكرام.
وفي الحديث ذِكْرُ خُوزِ كِرْمانَ، والخُوزُ: جبل معروف في العجم، ويروى بالراء، وهو من أَرض فارس، وصوّبه الدارقطني وقيل: إِذا أَردت الإِضافة فبالراء، وإِذا عطفت فبالزاي

سقط (العباب الزاخر) [0]


سقط الشيءُ من يدي سقوطاً ومسْقطاً -بفتحْ القاف-.
وهذا الفعلُ مسقطةُ للإنسان من أعين الناس. والمسْقُط -أيضاً-عن الأصمعّي: مَسْقط الرأسِ أي حيثُ ولطُ.
وغيرهُ يكسرِ القاف. ومسْقُطَ -أيضاً-: قريةَ على ساحلِ بحرِ فارسَ ممّا يلي برّ اليمنَ، وهو معربُ مشَكتْ. ومسْقطَ -أيضاً-: رستاَقّ بساحلِ بحرِ الخزرِ. ومسْقطَ الرَّمْلِ: في طرَيق البصرةَ بينهاَ وبينَ النباج. ويقالُ: أنا في مَسْقطِ النجمْ: أي حيثُ سقطَ. ومسْقطَ كل شيْءٍ: منقَطعه، وأنشدَ الأصمعيّ.
ومنهلٍ من الفلا في أوْسَـطـهِ      من ذا وها ذاك وذا في مسْقطهِ

وقال الخليل: يقال سقطَ الولدُ من بطنِ أمه، ولا يقال:وقعَ. وسِقط في يديهْ: أي ندَم وتحيِر، وقال الله تعالى: (ولما سُقِطَ في أيديهم)، وقرأ طاووس: (ولما سَقَطَ) بفتحْ السّين . . . أكمل المادة كأنه أصمرَ الندمَ، وإنما قيل: "سقطَ" على ما لم يسمّ فاعلهُ؛ كما يقال رغبَ في فلانٍ، ولا يقال سقطتُ كما لا يقال رغبتُ، إنما يقال رغبُ في ّ، ولا سقط فلانّ في يدهِ بمعنى ندمِ، وهذا نظمَ لم يسمَعْ قبل القرآن ولا عرَفته العَرب.
والأصلُ فيه نزوْلُ الشيءِ من أعلى إلى أسفل ووقوعهُ على الأرضْ، ثم اتسعَ فيه فقيلَ للخطأ من الكلام: سقطَ؛ لأنهم شبهوه بما لا يحتاجُ إليه فيسْقطَ، وذكرَ اليدَ لأنّ يحدث في القلبِ وأثرهُ يظهرُ في اليدِ؛ كقوله تعالى: (فأصْبح يقلب كفيهْ على ما أنْفقَ فيها) وكقولهْ عزّ وجلّ: (ويوم يعضّ الظالم على يديه) لأن اليد هي الجارحة العظمى فربماّ يسندّ إليها ما لم تباشرْه؛ كقولهِ تعالى: (ذلك بما قدمتْ يداكَ). والسّاقطُ والسْاقطة: اللّئيم في حسبهَ ونفسهِ، وقومّ سقطى وسُقاّط وسِقاّط كنائمٍ ونَيامٍ. وسقطُ الرّمْلِ وسِقطهُ وسُقطهُ: منقطعهُ، قال امرؤ القيسْ:
قفا نَبكْ من ذِكْرى حبيبٍ ومنزلِ      بِسقطَ اللوى بين الدّخولِ فَحْوملِ

وكذلك سقطَ الولدَ: للذّي يسْقطَ قبل تمامهِ؛ فيه ثلاثُ لغاتٍ، ومنه حديثُ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: إنّ السّقطّ ليراغمُ ربه إنْ أدْخلَ أبويهِ النّارَ فَيجرهما بسررهِ حتىّ يدخلهاّ الجنةَ، أي يغاضبهُ.
وفي حديثهِ الآخر: يظلَ السّقطْ محْبنطئاً على بابِ الجنة، يروى بالهمز وترْكه.
وفي حديثه الآخر: يحشر مابين السقط إلى الشيخْ الفاني مردْا جرداً مكحّلْين أوْلي أفانينَ، وهي الخصلُ من الشعرَ. وكذلك سقطُ النّار: لما يسْقطَ منها عند القدْح، فيه ثلاثُ لغاتٍ، قال الفرّاءُ: سقطُ النّارِ يذكرّ ويؤنث، قال ذو الرّمة:
وسقطٍ كعينِ الديكِ عاوَرْتُ صاحبي      أباها وهيأنا لموْقـعـهـا وكـرَ

وسقطا الظلْيم: جناحاه، قال الرّاعي:
حتّى إذا ما أضاءَ الصبْحُ وانْكشفتَ      عنه نعامة ذي سقطينِ معْتكـرِ

ويروْى: منشمرِ.
وقال آخر:  
عنس مذكرة كأنّ عفـاءهـا      سقطانِ من كنفي ظليمٍ جافلِ

وسقطاْ اللّيال: رواقاه. وسقط السّحاب: حيثُ يرى طرفه كأنه ساقطَ على الأرضْ في ناحيةِ الأفقِ.
وكذلك سقطَ الخباءِ. والسقّط -بالتحريك-: الخطأ في الكتابةِ والحسابِ، يقال: تكلمَ بكلامٍ فما سقطَ بحرفٍ. والسقطَ أيضاً-: رديءُ المتاعَ.
والسقاط والسقطيّ: بائعه، ومنه حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه كان يغدو فلا يمر بسقاطِ ولا صاحبِ بيعةٍ إلاّ سَلّم عليه. البيعْة من البيعِ كالرّكبةِ والجلْسةِ من "الركوبو" الجلْوس: والسقاط -أيضاً-: السيفُ الذي يسْقطَ من وراءِ الضريبة يقطعها حتى يجوز إلى الأرضْ، قال المتنخلُ الهذلي يصف سيْفاً:
كلْونِ الملْحِ ضرْبتهُ هبـيرِ      يبرّ العظمَ سقاط سراطي

والسقطةُ: العثرة. والسقطة: الثلْج والجليدُ، قال:
طعمُ السرى فيها كطعمِ الخل     


والمرأةُ السقيْطة: الدنيئةُ. وقال ابن دريدٍ: سقاطة كل شيءٍ -بالضم-: رذالتهُ. وسقاطُ النخْلِ: ما سقطَ منه.
وسقاطُ كلّ شيءٍ وسقاطتهُ: ما سقطَ منه.
وقيل: السقاّط جمعُ سقاطةٍ، قال المتنخّلُ الهذليّ:
إذا ما الحرْجفُ النكباءُ ترميْ      بيوتَ الحيّ بالورقَ السقاطِ

ويروْى: "السّقاطِ" بالكسرْ: جمع ساقطٍ. ويقال: سقطّ وسقاطّ كطويْلٍ وطوالٍ. وساقطةَ -ويقال: ساقطةَ النعل-: موْضعّ.وتقولُ العربَ: فلانّ ساقط ابنُ ماقطِ ابنِ لاقطٍ: تتسابّ بها، فالساَقطُ عبدْ الماقطِ والماقطَ عبدّ اللآقطِ واللآقطُ عبدّ معتقّ. وعن أنس -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مرّ بتمرةٍ مسقْوطةٍ مثل قولهِ تعالى: (كان وعده مأتيّاً). أي آتياً، وقيل: مسقوطة بمعنى النسب؛ أي ذاة سقوطٍ كجاريةٍ مغنوجةٍ أي ذاةِ غنجٍ؛ ولا يقال: غنَجْتها، ويمكن أن يكون من الإسقاط مثل أحمهّ الله فهو محمومّ. ويقال: أسْقطت الشيْءَ من يدي، وجوز الأخفش: أسْقط في يديهْ مكان سقط في يديه.
وقال أبو عمرو: لا يقال أسقطَ بالألفِ على ما لم يسْم فاعله، وأحمدُ بن يحيى مثله. وأسقطت النّاقة وغيرها: إذا ألْقت ولدها. وأسْقط؛ في كلامه: من السقط يقال: ما أسقط حرْفاً؛ عن يعقوب، كما يقال: ما سقط بحرفٍ، قال: وهو كما تقول: دخلتُ به وأدْخلته وخرجْتُ به وأخْرجته وعلوت به وأعليته. وساقطه: أي أسْقطه، قال ضابيءُ بن الحارثِ البرجميّ:
يساقطَ عنه روقةُ ضارياتـهـاِ      سقاط حديدِ القيْنِ أخوْلَ أخْولا

والسقاط: العثرةُ والزلة كالسقطة، قال سويدُ ابن أبى كاهلٍ اليشكريّ
كيف يرجون سقاطي بعدْمـا      لاحَ في الأسِ بياضّ وصلَعْ

والسقاط في الفرس: اسْترخاءُ العدوٍ. وسقاط الحديث: أنْ يتحدثّ الواحدُ وينّصتَ الآخر فإذا سكت تحدث السّاكتُ، قال الفرزدق؛
إذا هنّ ساقطنَ الحديث كأنه      جنى النحلِ أو أبكْارُ كرمٍ

تُقطفّ وقرأ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُساقطْ عليكِ رطباً جنيا" وكذلك قرأ ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-، أي يساقط الله عليك، أي يسقطْ، وقرأ حفضّ: " تساقطْ" بالتاء، وقال ثعلبة بن صغير بن خزّاعي يصفُ ظليماً:
يبري لرائحةٍ يساقطُ ريشهـا      مرّ النجاءِ سقاط ليْف الآبرِ

ويسقطه: أي طلب سقطه، قال جريرّ:
ولقد تَسقّطني الوُشاةُ فصادفوا      حصراً بسركِ يا أميمْ ضنيناْ

وقال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرْمةَ:
سَمعتْ بنا فأزالها عن حالها      نَفثاتِ مكرِ الكاشحِ المتسقطِ

ويروْى: "لفتاتِ". وقال أبو المقدامِ السلَميّ: تسقطتَ الخيرَ: إذا أخذَته قليلاً شيئاً بعد شيءٍ. والإساقط: السقوطُ، قال الله تعالى: (تُساقطَ عليك رطباً جنياً) وقرأ حمادّ ونصيرّْ ويعقوبُ وسهلّ: "يساقط" بالياء المنقوطةِ باثْنتين من تحْتها، وكذلك التساقطَ، وقرأ حمزةُ: (تَساقطً عليك) بفتحِ التاء وتخفيفِ السيْن. والترْكيب يدلّ على الوقوعْ.

جلس (لسان العرب) [0]


الجُلُوسُ: القُعود. جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً، فهو جالس من قوم جُلُوسٍ وجُلاَّس، وأَجْلَسَه غيره.
والجِلْسَةُ: الهيئة التي تَجْلِسُ عليها، بالكسر، على ما يطرد عليه هذا النحو، وفي الصحاح: الجِلْسَةُ الحال التي يكون عليها الجالس، وهو حَسَنُ الجِلْسَة.
والمَجْلَسُ، بفتح اللام، المصدر، والمَجلِس: موضع الجُلُوس، وهو من الظروف غير المُتَعَدِّي إِليها الفعلُ بغير في، قال سيبويه: لا تقول هو مَجْلِسُ زيد.
وقوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحوا في المَجْلِس؛ قيل: يعني به مَجْلِسَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، وقرئَ: في المجالس، وقيل: يعني بالمجالس مجالس الحرب، كما قال تعالى: مقاعد للقتال.
ورجل جُلَسَة مثال هُمَزَة أَي كثير الجُلوس.
وقال اللحياني: هو . . . أكمل المادة المَجْلِسُ والمَجْلِسَةُ؛ يقال: ارْزُنْ في مَجْلِسِك ومَجْلِسَتِك.
والمَجْلِسُ: جماعة الجُلُوس؛ أَنشد ثعلب: لهم مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبال أَذلَّةٌ، سَواسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها وفي الحديث: وإِن مَجْلِس بني عوف ينظرون إِليه؛ أَي أَهل المجْلِس على حذُ المضاف. يقال: داري تنظر إِلى داره إذا كانت تقابلها، وقد جالَسَه مُجالَسَةً وجِلاساً.
وذكر بعض الأَعراب رجلاً فقال: كريمُ النِّحاسِ طَيِّبُ الجِلاسِ.
والجِلْسُ والجَلِيسُ والجِلِّيسُ: المُجالِسُ، وهم الجُلَساءُ والجُلاَّسُ، وقيل: الجِلْسُ يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤَنث. ابن سيده: وحكى اللحياني أََن المَجْلِسَ والجَلْسَ ليشهدون بكذا وكذا، يريد أَهلَ المَجْلس، قال: وهذا ليس بشيء إِنما على ما حكاه ثعلب من أَن المَجْلِس الجماعة من الجُلُوس، وهذا أَشبه بالكلام لقوله الجَلْس الذي هو لا محالة اسم لجمع فاعل في قياس قول سيبويه أَو جمع له في قياس قول الأَخفش.
ويقال: فلان جَلِيسِي وأَنا جَلِيسُه وفلانة جَلِيسَتي، وجالَسْتُه فهو جِلْسي وجَلِيسي، كما تقول خِدْني وخَديني، وتَجالَسُوا في المَجالِسِ.
وجَلَسَ الشيءُ: أَقام؛ قال أَبو حنيفة: الوَرْسُ يزرع سَنة فَيَجْلِسُ عَشْرَ سنين أَي يقيم في الأَرض ولا يتعطل، ولم يفسر يتعطل.
والجُلَّسانُ: نِثار الوَردِ في المَجْلِس.
والجُلَّسانُ: الورد الأَبيض.
والجُلَّسانُ: ضرب من الرَّيّحان؛ وبه فسر قول الأَعشى: لها جُلَّسانٌ عندها وبَنَفْسَجٌ، وسِيْسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما وآسٌ وخِيْرِيٌّ ومَروٌ وسَوْسَنٌ يُصَبِّحُنا في كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما وقال الليث: الجُلَّسانُ دَخِيلٌ، وهو بالفارسية كُلَّشان. غيره: والجُلَّسانُ ورد ينتف ورقه وينثر عليهم. قال: واسم الورد بالفارسية جُلْ، وقول الجوهري: هو معرب كُلْشان هو نثار الورد.
وقال الأَخفش: الجُلَّسانُ قبة ينثر عليها الورد والريحان.
والمَرْزَجُوش: هو المَردَقوش وهو بالفارسية أُذن الفأْرة، فَمَرْزُ فأْرة وجوش أُذنها، فيصير في اللفظ فأْرة أُذن بتقديم المضاف إِليه على المضاف، وذلك مطرد في اللغة الفارسية، وكذلك دُوغْ باجْ للمَضِيرَة، فدوغ لبن حامض وباج لون، أَي لون اللبن، ومثله سِكْباج، فسك خلّ وباج لون، يريد لون الخل.
والمنمنم: المصفرّ الورق، والهاس في عندها يعود على خمر ذكرها قبل البيت؛ وقول الشاعر: فإِن تَكُ أَشْطانُ النَّوى اخْتَلَفَتْ بنا، كما اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ وسَمِيرِ قال: ابنا جالس وسمير طريقان يخالف كل واحد منهما صاحبه.
وجَلَسَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ.
والجَلْسُ: الجبل.
وجَبَل جَلْسٌ إِذا كان طويلاً؛ قال الهذلي: أَوْفى يَظَلُّ على أَقْذافِ شاهِقَةٍ، جَلْسٍ يَزِلُّ بها الخُطَّافُ والحَجَلُ والجَلْسُ: الغليظ من الأَرض، ومنه جمل جَلْسٌ وناقة جَلْسٌُّ أَي وثيقٌ جسيم.
وشجرة جَلْسٌ وشُهْدٌ أَي غليظ.
وفي حديث النساءِ: بِزَوْلَةٍ وجَلْسِ.
ويقال: امرأَة جَلْسٌ للتي تجلس في الفِناء ولا تبرح؛ قالت الخَنْساء: أَمّا لَياليَ كنتُ جارِيةً، فَحُفِفْتُ بالرٍُّقَباء والجَلْسِ حتى إِذا ما الخِدْرُ أَبْرَزَني، نُبِذَ الرِّجالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ وبِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني، وهَمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِ قال ابن بري: الشعر لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، قال: وليس للخنساء كما ذكر الجوهري، وكان حُمَيْدٌ خاطب امرأَة فقالت له: ما طَمِعَ أَحدٌ فيّ قط، وذكرت أَسبابَ اليَأْسِ منها فقالت: أَما حين كنتُ بِكْراً فكنت محفوفة بمن يَرْقُبُني ويحفظني محبوسةً في منزلي لا أُتْرَكُ أَخْرُجُ منه، وأَما حين تزوَّجت وبرز وجهي فإِنه نُبِذَ الرجالُ الذين يريدون أَن يروني بامرأَة زَوْلَةٍ فَطِنَةٍ، تعني نفسها، ثم قالت: ورُمِيَ الرجالُ أَيضاً بامرأَة شوهاء أَي حديدة البصر ترقبني وتحفظني ولي حَمٌ في البيت لا يبرح كالحِلْسِ الذي يكون للبعير تحت البرذعة أَي هو ملازم للبيت كما يلزم الحِلْسُ برذعة البعير، يقال: هو حِلْسُ بيته إِذا كان لا يبرح منه.
والجَلْسُ: الصخرة العظيمة الشديدة.
والجَلْسُ: ما ارتفع عن الغَوْرِ، وزاد الأَزهري فخصص: في بلاد نَجْدٍ. ابن سيده: الجَلْسُ نَجْدٌ سميت بذلك.
وجَلَسَ القومُ يَجْلِسونَ جَلْساً: أَتوا الجَلْسَ، وفي التهذيب: أَتوا نَجْداً؛ قال الشاعر: شِمالَ مَنْ غارَ بهِ مُفْرِعاً، وعن يَمينِ الجالِسِ المُنْجدِ وقال عبد اللَّه بن الزبير: قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفاهَةُ كاسْمِها: إِن كنتَ تارِكَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ أَي ائْتِ نَجْداً؛ قال ابن بري: البيت لمَرْوان ابن الحَكَمِ وكان مروان وقت ولايته المدينة دفع إِلى الفرزدق صحيفة يوصلها إِلى بعض عماله وأَوهمه أَن فيها عطية، وكان فيها مثل ما في صحيفة المتلمس، فلما خرج عن المدينة كتب إِليه مروان هذا البيت: ودَعِ المدينةَ إِنَّها مَحْرُوسَةٌ، واقْصِدْ لأَيْلَةَ أَو لبيتِ المَقْدِسِ أَلْقِ الصحيفةَ يا فَرَزْدَقُ، إِنها نَكْراءُ، مِثلُ صَحِيفَةِ المُتَلَمِّسِ وإِنما فعل ذلك خوفاً من الفرزدق أَن يفتح الصحيفة فيدري ما فيها فيتسلط عليه بالهجاء.
وجَلَسَ السحابُ: أَتى نَجْداً أَيضاً؛ قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة: ثم انتهى بَصَري، وأَصْبَحَ جالِساً منه لنَجْدٍ طائِفٌ مُتَغَرِّبُ وعداه باللام لأَنه في معنى عامداً له.
وناقة جَلْسٌ: شديدة مَشْرِفَة شبهت بالصخرة، والجمع أَجْلاسٌ؛ قال ابن مقبل: فأَجْمَعُ أَجْلاساً شِداداً يَسُوقُها إِليَّ، إِذا راحَ الرِّعاءُ، رِعائِيا والكثير جِلاسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ كذلك، والجمع جِلاسٌ.
وقال اللحياني: كل عظيم من الإِبل والرجال جَلْسٌ.
وناقة جَلْسٌ وجَمَلٌ جَلْسٌ: وثيق جسيم، قيل: أَصله جَلْزٌ فقلبت الزاي سيناً كأَنه جُلِزَ جَلْزاً أَي فتل حتى اكْتَنَزَ واشتد أَسْرُه؛ وقالت طائفة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله وارتفاعه.
وفي الحديث: أَنه أَقطع بلال بن الحرث مَعادِنَ الجَبَلِيَّة غَوريَّها وجَلْسِيَّها؛ الجَلْسُ: كل مرتفع من الأَرض؛ والمشهور في الحديث: معادِنَ القَبَلِيَّة، بالقاف، وهي ناحية قرب المدينة، وقيل: هي من ناحية الفُرْعِ.
وقِدْحٌ جَلْسٌ: طويلٌ، خلاف نِكْس؛ قال الهذلي: كَمَتْنِ الذئبِ لا نِكْسٌ قَصِيرٌ فأُغْرِقَه، ولا جَلْسٌ عَمُوجُ ويروى غَمُوجٌ، وكل ذلك مذكور في موضعه.
والجِلْسِيُّ: ما حول الحَدَقَة، وقيل: ظاهر العين؛ قال الشماخ. فأَضْحَتْ على ماءِ العُذَيْبِ، وعَيْنُها كَوَقْبِ الصَّفا، جِلْسِيُّها قد تَغَوَّرا ابن الأَعرابي: الجِلْسُ الفَدْمُ، والجَلْسُ البقية من العسل تبقى في الإِناء. ابن سيده: والجَلْسُ العسل، وقيل: هو الشديد منه؛ قال الطِّرماح:وما جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لسَرْحِها جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وَشُوعُ قال أَبو حنيفة: ويروى وُشُوعُ، وهي الضُّرُوبُ.
وقد سمت جُلاساً وجَلاَّساً؛ قال سيبويه عن الخليل: هو مشتق، واللَّه أَعلم.

صبح (لسان العرب) [0]


الصُّبْحُ: أَوّل النهار.
والصُّبْحُ: الفجر.
والصَّباحُ: نقيص المَساء، والجمع أَصْباحٌ، وهو الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ والمُصْبَحُ؛ قال الله عز وجل: فالِقُ الإِصْباحِ؛ قال الفراء: إِذا قيل الأَمْسَاء والأَصْباح، فهو جمع المَساء والصُّبْح، قال: ومثله الإِبْكارُ والأَبْكارُ؛ وقال الشاعر: أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ، تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ يريد به المَساء والصُّبْحَ.
وحكى اللحياني: تقول العربُ إِذا تَطَيَّرُوا من الإِنسان وغيره: صباحُ الله لا صَباحُك قال: وإِن شئت نصبتَ.وأَصْبَحَ القومُ: دخلوا في الصَّباح، كما يقال: أَمْسَوْا دخلوا في المساء؛ وفي الحديث: أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر أَي صلوها عند طلوع الصُّبْح؛ يقال: أَصْبَحَ الرجل إِذا دخل في الصُّبْح؛ وفي التنزيل: وإِنكم لَتَمُرُّون عليهم . . . أكمل المادة مُصْبِحِينَ وبالليل؛ وقال سيبويه: أَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صرنا في حين ذاك، وأَما صَبَّحْنا ومَسَّيْنا فمعناه أَتيناه صَباحاً ومساء؛ وقال أَبو عدنان: الفرق بين صَبَحْنا وصَبَّحْنا أَنه يقال صَبَّحْنا بلد كذا وكذا، وصَبَّحْنا فلاناً، فهذه مُشَدَّدة، وصَبَحْنا أَهلَها خيراً أَو شرّاً؛ وقال النابغة: وصَبَّحَه فَلْجاً فلا زال كَعْبُه، عل كلِّ من عادى من الناسِ، عاليا ويقال: صَبَّحَه بكذا ومسَّاه بكذا؛ كل ذلك جائز؛ ويقال للرجل يُنَبَّه من سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وما يُصْلِحُك؛ وقال رؤبة: أَصْبِحْ فما من بَشَرٍ مَأْرُوشِ أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ.
وقول الله، عز من قائل: فأَخذتهم الصَّيْحةُ مُصْبِحِين أَي أَخذتهم الهَلَكة وقت دخولهم في الصباح.
وأَصْبَحَ فلان عالماً أَي صار.
وصَبَّحك الله بخير: دُعاء له.
وصَبَّحْته أَي قلت له: عِمْ صَباحاً؛ وقال الجوهري: ولا يُرادُ بالتشديد ههنا التكثير.
وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ خامِسةٍ كما تقول لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خامسة، بالكسر، أَي لِصَباحِ خمسة أَيام.
وحكى سيبويه: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ من العرب من يبنيه كخمسة عشر، ومنهم من يضيفه إِلا في حَدِّ الحال أَو الظرف، وأَتيته صَباحاً وذا صَباحٍ؛ قال سيبويه: لا يستعمل إِلاَّ ظرفاً، وهو ظرف غير متمكن، قال: وقد جاء في لغة لِخَثْعَم اسماً؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ: عَزَمْتُ على إِقامةِ ذي صباحٍ، لأَمْرٍ ما يُسَوَّدُ ما يَسُودُ وأَتيته أُصْبُوحةَ كل يوم وأُمْسِيَّةَ كلِّ يوم. قال الأَزهري: صَبَحْتُ فلاناً أَتيته صباحاً؛ وأَما قول بُجَيْر بن زُهير المزنيِّ، وكان أَسلم: صَبَحْناهمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ، وسَبْعٍ من بني عُثمانَ وافى فمعناه أَتيناهم صَباحاً بأَلف رجل من سُليم؛ وقال الراجز: نحْنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها يريد أَتيناها صباحاً بخيل جُرْد؛ وقول الشَّمَّاخ: وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها، وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي قال الأَزهري: يسأَل السائل عن هذا البيت فيقول: الإِدلاج سير الليل، فكيف يقول: أَصبح القوم، وهو يأْمر بالإِدلاج؟ والجواب فيه: أَن العرب إِذا قربت من المكان تريده، تقول: قد بلغناه، وإِذا قربت للساري طلوعَ الصبح وإِن كان غير طالع، تقول: أَصْبَحْنا، وأَراد بقوله أَصبح القومُ: دنا وقتُ دخولهم في الصباح؛ قال: وإِنما فسرته لأَن بعض الناس فسره على غير ما هو عليه.
والصُّبْحة والصَّبْحة: نوم الغداة.
والتَّصَبُّحُ: النوم بالغداة، وقد كرهه بعضهم؛ وفي الحديث: أَنه نهى عن الصُّبْحة وهي النوم أَوّل النهار لأَنه وقت الذِّكر، ثم وقت طلب الكسب.
وفلان ينام الصُّبْحة والصَّبْحة أَي ينام حين يُصْبح، تقول منه: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وفي حديث أُم زرع أَنها قالت: وعنده أَقول فلا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ؛ أَرادت أَنها مَكفِيَّة، فهي تنام الصُّبْحة.
والصُّبْحة: ما تَعَلَّلْتَ به غُدْوَةً.والمِصْباحُ من الإِبل: الذي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلا يَنْهَض حتى يُصبح وإِن أُثير، وقيل: المِصْبَحُ والمِصْباحُ من الإِبل التي تُصْبِحُ في مَبْرَكها لا تَرْعَى حتى يرتفع النهار؛ وهو مما يستحب من الإستبل وذلك لقوَّتها وسمنها؛ قال مُزَرِّد: ضَرَبْتُ له بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً، فشُبَّتْ عليها النارُ، فهي عَقِيرُ والصَّبُوحُ: كل ما أُكل أَو شرب غُدْوَةً، وهو خلاف الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: ما أَصْبَحَ عندهم من شرابهم فشربوه، وحكى الأَزهري عن الليث: الصَّبُوحُ الخمر؛ وأَنشد: ولقد غَدَوْتُ على الصَّبُوحِ، مَعِي شَرْبٌ كِرامُ من بني رُهْمِ والصَّبُوحُ من اللبن: ما حُلب بالغداة.
والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ: الناقة المحلوبة بالغداة؛ عن اللحياني. حكي عن العرب: هذه صَبُوحِي وصَبُوحَتي.
والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً من لبن.
والصَّبُوح: ما شرب بالغداة فما دون القائلة وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وقال أَبو الهيثم: الصَّبُوح اللبن يُصْطَبَحُ، والناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت: صَبُوح أَيضاً؛ يقال: هذه الناقة صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قال: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى الأَعرابي:ما لِيَ لا أَسْقِي حُبيْباتي صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟ والقَيْلُ: اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة.
واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحاً، وصَبَّحَه: سقاه صَبُوحاً، فهو مُصْطَبحٌ؛ وقال قُرْطُ بن التُّؤْم اليَشكُري: كان ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه من هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ يَعشون: يطعمه عشاء.
والهَجْمة: القطعة من الإِبل.
ودُرَّار: من صفتها.
وفي الحديث: وما لنا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ أَي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه الصبي بُكْرَة من الجَدْب والقحط فضلاً عن الكثير، ويقال: صَبَحْتُ فلاناً أَي ناولته صَبُوحاً من لبن أَو خمر؛ ومنه قول طرفة: متى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْساً رَوِيَّةً أَي أَسقيك كأْساً؛ وقيل: الصَّبُوحُ ما اصْطُبِحَ بالغداة حارًّا.
ومن أَمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم: أَكْذَبُ من الآخِذِ الصَّبْحانِ؛ قال شمر: هكذا قال ابن الأَعرابي، قال: وهو الحُوَارُ الذي قد شرب فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ به أُمه لم يشرب لِرِيِّه دِرَّتها، قال: ويقال أَيضاً: أَكذب من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قال أَبو عدنان: الأَخِيذُ الأَسيرُ.
والصَّبْحانُ: الذي قد اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قال ابن الأَعرابي: هو رجل كان عند قوم فصَبَحُوه حتى نَهَض عنهم شاخصاً، فأَخذه قوم وقالوا: دُلَّنا على حيث كنت، فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم كذلك إِذ قعد يبول، فعلموا أَنه بات قريباً عند قوم، فاستدلوا به عليهم واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بالتحريك.
وفي المثل: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا يُصَرِّح، وقد يضرب أَيضاً لمن يُوَرِّي عن الخَطْب العظيم بكناية عنه، ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه؛ وأَصله أَن رجلاً من العرب نزل برجل من العرب عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فلما رَويَ عَلِقَ يحدّث أُمَّ مَثْواه بحديث يُرَقِّقه، وقال في خِلال كلامه: إِذا كان غداً اصطحبنا وفعلنا كذا، فَفَطِنَ له المنزولُ عليه وقال: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وروي عن الشَّعْبيِّ أَنَّ رجلاً سأَله عن رجل قَبَّل أُم امرأَته، فقال له الشعبي: أَعن صبوح ترقق؟ حرمت عليه امرأَته؛ ظن الشعبي أَنه كنى بتقبيله إِياها عن جماعها؛ وقد ذكر أَيضاً في رقق.
ورجل صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شربا الصَّبُوحَ مثل سكران وسَكْرَى.
وفي الحديث أَنه سئل: متى تحلُّ لنا الميتة؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلاً فشأْنكم بها؛ قال أَبو عبيج: معناه إِنما لكم منها الصَّبُوحُ وهو الغداء، والغَبُوقُ وهو العَشاء؛ يقول: فليس لكم أَن تجمعوهما من الميتة؛ قال: ومنه قول سَمُرة لبنيه: يَجْزي من الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قال الأَزهري وقال غير أَبي عبيد: معناه لما سئل: متى تحل لنا الميتة؟ أَجابهم فقال: إِذا لم تجدوا من اللبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ به ولا غَبُوقاً تَجْتزِئون به، ولم تجدوا مع عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم حلَّت لكم الميتة حينئذ، وكذلك إِذا وجد الرجل غداء أَو عشاء من الطعام لم تحلَّ له الميتة؛ قال: وهذا التفسير واضح بَيِّنٌ، والله الموفق.
وصَبُوحُ الناقة وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً.
ولقيته ذاتَ صَبْحة وذا صبُوحٍ أَي حين أَصْبَحَ وحين شرب الصَّبُوحَ؛ ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وذات الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً؛ وذا صَباح وذا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي مذ ثلاثة أَزمان وأَعوام.
وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحاً: جاءَهم به صَباحاً.
وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحاً.
وفي الحديث: أَنه صَبَّح خَيْبَر أَي أَتاها صباحاً؛ وفي حديث أَبي بكر: كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أَهله، والموتُ أَدْنى من شِراك نَعْلِه أَي مَأْتيٌّ بالموت صباحاً لكونه فيهم وقتئذ.
ويوم الصَّباح: يوم الغارة؛ قال الأَعشى: به تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثارا يقول: بهذا الفرس يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ من الخيل يوم الغارة.
والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تَفْجَؤُهم صَباحاً: يا صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي.
وفي الحديث: لما نزلت.
وأَنْذِرْ عشيرتك الأَقربين؛ صَعَّدَ على الصفا، وقال: يا صباحاه هذه كلمة تقولها العرب إِذا صاحوا للغارة، لأَنهم أَكثر ما يُغِيرون عند الصباح، ويُسَمُّونَ يومَ الغارة يوم الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يا صباحاه يقول: قد غَشِيَنا العدوُّ؛ وقيل: إِن المتقاتلين كانوا إِذا جاءَ الليل يرجعون عن القتال فإِذا عاد النهار عادوا، فكأَنه يريد بقوله يا صباحاه: قد جاءَ وقتُ الصباح فتأَهَّبوا للقتال.
وفي حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: لما أُخِذَتْ لِقاحُ رسول اًّ، صلى الله عليه وسلم، نادَى: يا صَباحاه وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سقاها غُدْوَةً.
وصَبَّحَ القومَ الماءَ: وَرَده بهم صباحاً.
والصَّابِحُ: الذي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يسقيها صباحاً؛ ومنه قول أَبي زُبَيْدٍ: حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء وتلك السَّقْية تسميها العرب الصُّبْحَةَ، وليست بناجعة عند العرب، ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مع الضَّحاء الأَكبر.
وفي حديث جرير: ولا يَحْسِرُ صابِحُها أَي لا يَكِلُّ ولا يَعْيا، وهو الذي يسقيها صباحاً لأَنه يوردها ماء ظاهراً على وجه الأَرض. قال الأَزهري: والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ إِذا سَرَيْتَ بهم حتى توردهم الماءَ صباحاً؛ ومنه قوله: وصَبَّحْتُهم ماءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ، وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فاستوى أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماء؛ وتقول: صَبَّحْتُ القوم تصبيحاً إُذا أَتيتهم مع الصباح؛ ومنه قول عنترة يصف خيلاً: وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً، يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ أَي أَتينا الجِفارَ صباحاً؛ يعني خيلاً عليها فُرْسانها؛ ويقال صَبَّحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يقال: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وفي حديث المبعث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَتِيماً في حجْر أَبي طالب، وكان يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فيختلسون ويَكُفّ أَي يُقَرَّبُ إِليهم غداؤهم؛ وهو اسم بُني على تَفْعِيل مثل التَرْعِيب للسَّنام المُقَطَّع، والتنبيت اسم لما نَبَتَ من الغِراس، والتنوير اسم لنَوْر الشجر.والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما في الشرب ثم استعملا في الأَكل.
وفي الحديث: من تَصَبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من صَبَحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
وصَبَّحْتُ، بالتشديد، لغة فيه.والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى صَبْحاء، تقول: رجل أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح.
والأَصْبَحُ من الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْبَحُ قريب من الأَصْهَب.
وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة.
ورجل أَصْبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد: عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا وقال شمر: الأَصْبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة: إِن جاءَت به أَصْبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه صُبْحُ النهار مشتق من الأَصْبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصادق يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.
والصَّبَحُ: بَريقُ الحديد وغيره.
والمِصْباحُ: السراج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنديل وغيره، والقِراطُ لغة، وهو قول الله، عز وجل: المِصْباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأَنها كوكبٌ دُرِّيٌّ.
والمِصْبَحُ: المِسْرَجة.
واسْتَصْبَح به: اسْتَسْرَجَ.
وفي الحديث: فأَصْبِحي سِراجَك أَي أَصْلِحيها.
وفي حديث جابر في شُحوم الميتة: ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ أَي يُشْعِلونَ بها سُرُجَهم.
وفي حديث يحيى بن زكريا، عليهما السلام: كان يَخْدُم بيتَ المقدِس نهاراً ويُصْبِحُ فيه ليلاً أَي يُسْرِجُ السِّراح.
والمَصْبَح، بالفتح: موضع الإِصْباحِ ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قال الشاعر: بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي وهذا مبني على أَصل الفعل قبل أَن يزاد فيه، ولو بُني على أَصْبَح لقيل مُصْبَح، بضم الميم؛ قال الأَزهري: المُصْبَحُ الموضع الذي يُصْبَحُ فيه، والمُمْسى المكان الذي يُمْسَى فيه؛ ومنه قوله: قريبةُ المُصْبَحِ من مُمْساها والمُصْبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يقال: أَصْبَحْنا إِصباحاً ومُصْبَحاً؛ وقول النمر بن تَوْلَبٍ: فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسمْتَحْكِمٌ، وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْراً طَما فسره ابن الأَعرابي فقال: أَصْبَحْتُ من المِصْباحِ؛ وقال غيره: شبه البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذلك قولُ أَبي ذؤَيب: أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟ كأَنه، في عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ فيقول النمر بن تولب: شِمْتُ هذا البرق والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ البرقَ مِصْباح إِذ المصابيح إِنما توقد في الظُّلَم، وأَحسن من هذا أَن يكون البرقُ فَرَّج له الظُّلْمةَ حتى كأَنه صُبْح، فيكون أَصبحت حينئذ من الصَّباح؛ قال ثعلب: معناه أَصْبَحْتُ فلم أَشْعُر بالصُّبح من شدّة الغيم؛ والشَّمَعُ مما يُصْطَبَحُ به أَي يُسْرَجُ به.
والمِصْبَحُ والمِصْباحُ: قَدَحٌ كبير؛ عن أَبي حنيفة.
والمَصابيح: الأَقْداح التي يُصْطبح بها؛ وأَنشد: نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها، لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ ومَصابيحُ النجوم: أَعلام الكواكب، واحدها مِصْباح.
والمِصْباح: السِّنانُ العريضُ.
وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، كذلك؛ قال ابن سيده: لا أَدري إِلامَ نُسِبَ.
والصَّباحةُ: الجَمال؛ وقد صَبُحَ، بالضم، يَصْبُح صَباحة.
وأَما من الصَّبَح فيقال صَبِحَ (* قوله «فيقال صبح إلخ» أي من باب فرح، كما في القاموس.) يَصْبَحُ صَبَحاً، فهو أَصْبَحُ الشعر.
ورجل صَبِيحٌ وصُباحٌ، بالضم: جميل، والجمع صِباحٌ؛ وافق الذين يقولون فُعال الذين يقولون فَعِيل لاعتِقابهما كثيراً، والأُنثى فيهما، بالهاء، والجمع صِباحٌ، وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية؛ وقد صَبُحَ صَباحة؛ وقال الليث: الصَّبِيح الوَضِيءُ الوجه.
وذو أَصْبَحَ: مَلِكٌ من ملوك حِمْيَر (* قوله «ملك من ملوك حمير» من أَجداد الإمام مالك بن أنس.) وإِليه تنسب السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة.
والأَصْبَحِيُّ: السوط.
وصَباحٌ: حيّ من العرب، وقد سَمَّتْ صُبْحاً وصَباحاً وصُبَيْحاً وصَّبَّاحاً وصَبِيحاً ومَضْبَحاً.
وبنو صُباح: بطون، بطن في ضَبَّة وبطن في عبد القَيْس وبطن في غَنِيٍّ.
وصُباحُ: حيّ من عُذْرَة ومن عبد القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بطن من مُراد.

دبر (لسان العرب) [0]


الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نقيض القُبُل.
ودُبُرُ كل شيء: عَقِبُه ومُؤخَّرُه؛ وجمعهما أَدْبارٌ.
ودُبُرُ كلِّ شيء: خلاف قُبُلِه في كل شيء ما خلا قولهم (* قوله: «ما خلا قولهم جعل فلان إلخ» ظاهره أن دبر في قولهم ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون الموحدة). جعل فلان قولك دبر أُذنه أَي خلف أُذنه. الجوهري: الدُّبْرُ والدُّبُرُ خلاف القُبُل، ودُبُرُ الشهر: آخره، على المثل؛ يقال: جئتك دُبُرَ الشهر وفي دُبُرِه وعلى دُبُرِه، والجمع من كل ذلك أَدبار؛ يقال: جئتك أَدْبار الشهر وفي أَدْباره.
والأَدْبار لذوات الحوافر والظِّلْفِ والمِخْلَبِ: ما يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وخص بعضهم به ذوات الخُفِّ، والحياءُ . . . أكمل المادة من كل ذلك وحده دُبُرٌ.
ودُبُرُ البيت: مؤخره وزاويته.
وإِدبارُ النجوم: تواليها، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب آخر الليل؛ هذه حكاية أَهل اللغة؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأَن الأَدْبارَ لا يكون الأَخْذَ إِذ الأَخذ مصدر، والأَدْبارُ أَسماء.
وأَدبار السجود وإِدباره. أَواخر الصلوات، وقد قرئ: وأَدبار وإِدبار، فمن قرأَ وأَدبار فمن باب خلف ووراء، ومن قرأَ وإِدبار فمن باب خفوق النجم. قال ثعلب في قوله تعالى: وإِدبار النجوم وأَدبار السجود؛ قال الكسائي: إِدبار النجوم أَن لها دُبُراً واحداً في وقت السحَر، وأَدبار السجود لأَن مع كل سجدة إدباراً؛ التهذيب: من قرأَ وأَدبار السجود، بفتح الأَلف، جمع على دُبُرٍ وأَدبار، وهما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن علي بن أَبي طالب، كرّم الله وجهه، قال: وأَما قوله وإِدبار النجوم في سورة الطور فهما الركعتان قبل الفجر، قال: ويكسران جميعاً وينصبان؛ جائزان.
ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تبعه من ورائه.
ودابِرُ الشيء: آخره. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخر الرمل.
وقطع الله دابِرَهم أَي آخر من بقي منهم.
وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظلموا؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشيء: كَدَابِرِه.
وقال الله تعالى في موضع آخر: وقَضَيْنا إِليه ذلك الأَمْرَ أَن دَابِرَ هؤلاء مقطوع مُصْبِحِين. قولُهم: قطع الله دابره؛ قال الأَصمعي وغيره: الدابر الأَصل أَي أَذهب الله أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ: فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي، غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ أَي يقتل القوم فتذهب أُصولهم ولا يبقى لهم أَثر.
وقال ابن بُزُرْجٍ: دَابِرُ الأَمر آخره، وهو على هذا كأَنه يدعو عليه بانقطاع العَقِبِ حتى لا يبقى أَحد يخلفه. الجوهري: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخره؛ قال الكميت: أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ على دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ وفي حديث الدعاء: وابْعَثْ عليهم بأْساً تَقْطَعُ به دابِرَهُمْ؛ أَي جميعهم حتى لا يبقى منهم أَحد.
ودابِرُ القوم: آخِرُ من يبقى منهم ويجيء في آخرهم.
وفي الحديث: أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غازياً ي دابِرَتِه؛ أَي من يبقى بعده.
وفي حديث عمر: كنت أَرجو أَن يعيش رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، حتى يَدْبُرَنا أَي يَخْلُفَنا بعد موتنا. يقال: دَبَرْتُ الرجلَ إِذا بقيت بعده.
وعَقِبُ الرجل: دَابِرُه.
والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر.
وقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الجمع ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ؛ جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِليهم طَرْفُهُمْ؛ قال الفرّاء: كان هذا يومَ بدر وقال الدُّبُرَ فوَحَّدَ ولم يقل الأَدْبارَ، وكلٌّ جائز صوابٌ، تقول: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأْس، كما تقول: فلان كثير الدينار والدرهم؛ وقال ابن مقبل: الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ ودابِرَةُ الحافر: مُؤَخَّرُه، وقيل: هي التي تلي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ، وجمعها الدوابر. الجوهري: دَابِرَة الحافر ما حاذى موضع الرسغ، ودابرة الإِنسان عُرْقُوبه؛ قال وعلة: إِذ تحز الدوابر. ابن الأَعرابي: الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، والدابرة الهزيمة.
والدَّبْرَةُ، بالإِسكان والتحريك: الهزيمة في القتال، وهو اسم من الإِدْبار.
ويقال: جعل الله عليهم الدَّبْرَةَ، أَي الهزيمة، وجعل لهم الدَّبْرَةَ على فلان أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ.
وقال أَبو جهل لابن مسعود يوم بدر وهو مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فقال: لله ولرسوله يا عدوّ الله؛ قوله لمن الدبرة أَي لمن الدولة والظفر، وتفتح الباء وتسكن؛ ويقال: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الهزيمة.
والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاعِ.
والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابن سيده: دَابِرَةُ الطائر الأُصْبُعُ التي من وراء رجله وبها يَضْرِبُ البَازِي، وهي للديك أَسفل من الصِّيصِيَةِ يطأُ بها.
وجاء دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً.
وفلان لا يصلي الصلاة إِلاَّ دَبَرِيّاً، بالفتح، أَي في آخر وقتها؛ وفي المحكم: أَي أَخيراً؛ رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي، قال: والمُحَدِّثُون يقولون دُبُرِيّاً، بالضم، أَي في آخر وقتها؛ وقال أَبو الهيثم: دَبْرِيّاً، بفتح الدال وإِسكان الباء.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، رجل اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قوماً هم له كارهون؛ قال الإِفْرِيقيُّ راوي هذا الحديث: معنى قوله دباراً أَي بعدما يفوت الوقت.
وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إِن للمنافقين علامات يُعرفون بها: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وطعامهم نُهْبَةٌ، لا يَقْرَبُون المساجد إِلا هَجْراً، ولا يأْتون الصلاة إِلا دَبْراً، مستكبرين لا يأْلَفُون ولا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ قال ابن الأَعرابي: قوله دباراً في الحديث الأَوَّل جمع دَبْرٍ ودَبَرٍ، وهو آخر أَوقات الشيء الصلاة وغيرها؛ قال: ومنه الحديث الآخر لا يأْتي الصلاة إِلا دبْراً، يروى بالضم والفتح، وهو منصوب على الظرف؛ وفي حديث آخر: لا يأْتي الصلاة إِلا دَبَرِيّاً، بفتح الباء وسكونها، وهو منسوب إِلى الدَّبْرِ آخر الشيء، وفتح الباء من تغييرات النسب، ونصبه على الحال من فاعل يأْتي، قال: والعرب تقول العِلم قَبْلِيٌّ وليس بالدَّبَرِيِّ؛ قال أَبو العباس: معناه أَن العالم المتقن يجيبك سريعاً والمتخلف يقول لي فيها نظر. ابن سيده: تبعت صاحبي دَبَرِيّاً إِذا كنت معه فتخلفت عنه ثم تبعته وأَنت تحذر أَن يفوتك.
ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه.
والدَّابِرُ: التابع.
وجاء يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وهو من ذلك.
وأَدْبَرَ إِدْباراً ودُبْراً: ولَّى؛ عن كراع.
والصحيح أَن الإِدْبارَ المصدر والدُّبْر الاسم.
وأَدْبَرَ أَمْرُ القوم: ولَّى لِفَسادٍ.
وقول الله تعالى: ثم ولَّيتم مدبرين؛ هذا حال مؤكدة لأَنه قد علم أَن مع كل تولية إِدباراً فقال مدبرين مؤكداً؛ ومثله قول ابن دارة: أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لها نسَبي، وهَلْ بدارَةَ، با لَلنَّاسِ، من عارِ؟ قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن جني لها نسبي وقال لها يعني النسبة، قال: وروايتي له نسبي.
والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثعلب: هذا يُصادِيكَ إِقْبالاً بِمَدْبَرَةٍ؛ وذا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ ودَبَرَ بالشيء: ذهب به.
ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ ومنه قوله تعالى: والليل إِذا دَبَرَ؛ أَي تبع النهارَ قَبْلَه، وقرأَ ابن عباس ومجاهد: والليل إِذ أَدْبَرَ، وقرأَها كثير من الناس: والليل إِذا دَبَرَ، وقال الفراء: هما لغتان: دَبَرَ النهار وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ وأَدْبَرَ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قالوا أَقبل الراكب أَو أَدبر لم يقولوا إِلا بالأَلف، قال: وإِنهما عندي في المعنى لَواحدٌ لا أُبْعِدُ اين يأْتي في الرجال ما أَتى في الأَزمنة، وقيل: معنى قوله: والليل إِذا دَبَرَ، جاء بعد النهار، كما تقول خَلَفَ. يقال: دَبَرَنِي فلان وخَلَفَنِي أَي جاء بعدي، ومن قرأَ: والليل إِذا أَدْبَرَ؛ فمعناه ولَّى ليذهب.
ودَابِرُ العَيْشِ: آخره؛ قال مَعْقِلُ ابنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ: وما عَرَّيْتُ ذا الحَيَّاتِ، إِلاَّ لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ وذا الحيات: اسم سيفه.
ودابر العيش: آخره؛ يقول: ما عريته إِلا لأَقتلك.
ودَبَرَ النهار وأَدْبَرَ: ذهب.
وأَمْسِ الدَّابِرُ: الذاهب؛ وقالوا: مضى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وهذا من التطوّع المُشامِّ للتأْكيد لأَن اليوم إِذا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنه دَبَرَ، لكنه أَكده بقوله الدابر كما بينا؛ قال الشاعر: وأَبِي الذي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ وقال صَخْرُ بن عمرو الثَّرِيد السُّلَمِي: ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً، وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ ويروى المُدْبِرِ. قال ابن بري: والصحيح في إِنشاده مثل أَمس المدبر؛ قال: وكذلك أَنشده أَبو عبيدة في مقاتل الفرسان؛ وأَنشد قبله: ولقد دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً نَجْلاءَ تُزْغِلُ مثل عَطِّ المَنْحَرِ تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً.
والعَطُّ: الشَّقُّ.
والنجلاء: الواسعة.
ويقال: هيهات، ذهب فلان كما ذهب أَمْسِ الدابِرُ، وهو الماضي لا يرجع أَبداً.
ورجل خاسِرٌ دابِرٌ إتباع، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ، ويقال خاسِرٌ دامِرٌ، على البدل، وإِن لم يلزم أَن يكون بدلاً.
واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه من ورائه؛ وقول الأَعشى يصف الخمر أَنشده أَبو عبيدة: تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ، على الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ ما عُلِمْ قال: قوله غير مستدبر فُسِّرَ غير مستأْثر، وإِنما قيل للمستأْثر مستدبر لأَنه إِذا استأْثر بشربها استدبر عنهم ولم يستقبلهم لأَنه يشربها دونهم ويولي عنهم.
والدَّابِرُ من القداح: خلاف القَابِلِ، وصاحبه مُدَابِرٌ؛ قال صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يصف ماء ورده: فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ، خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا المُدابِرُ: المقمور في الميسر، وقيل: هو الذي قُمِرَ مرة بعد فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وقال الأَصمعي: المدابر المُوَلِّي المُعْرِض عن صاحبه؛ وقال أَبو عبيد: المدابر الذي يضرب بالقداح.
ودَابَرْتُ فلاناً: عاديته.
وقولهم: ما يَعْرِفُ قَبيلَهُ من دَبِيرِه، وفلان ما يَدْرِي قَبِيلاً من دَبِيرٍ؛ المعنى ما يدري شيئاً.
وقال الليث: القَبِيلُ فَتْلُ القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف.
ويقال: القَبِيلُ ما وَلِيَكَ والدَّبِيرُ ما خالفك. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبِيره من قَبيله. قال الأَصمعي: القَبيل ما أَقبل من الفاتل إِلى حِقْوِه، والدَّبِيرُ ما أَدبر به الفاتل إِلى ركبته.
وقال المفضل: القبيل فَوْزُ القِدح في القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ.
وقال الشيباني: القَبيل طاعة الرب والدَّبير معصيته. الصحاح: الدَّبير ما أَدبرتْ به المرأَة من غَزْلها حين تَفْتِلُه. قال يعقوب: القَبيلُ ما أَقْبلتَ به إِلى صدرك، والدَّبير ما أَدبرتَ به عن صدرك. يقال: فلان ما يعرف قَبيلاً من دَبير، وسنذكر من ذلك أَشياء في ترجمةِ قَبَلَ، إِن شاء الله تعالى.
والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يقال: فلان ما له قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا لم يهتد لجهة أَمره، وليس لهذا الأَمر قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا لم يعرف وجهه؛ ويقال: قبح الله ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ.
وأَدْبَرَ الرجلَ: جعله وراءه.
ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خرج من الهَدَفِ.
وفي المحكم: دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جاوزه وسقط وراءه.
والدَّابِرُ من السهام: الذي يخرج من الهَدَفِ. ابن الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ، ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن الناقة إِذا نُحِرَتْ إِلى ناحية القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صارت هذه الفَتْلَةُ إِلى ناحية الوجه.
والدَّبَرَانُ: نجم بين الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ والتُّوَيْبِعُ، وهو من منازل القمر، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ الثريا أَي يَتْبَعُها. ابن سيده: الدَّبَرانُ نجم يَدْبُرُ الثريا، لزمته الأَلف واللام لأَنهم جعلوه الشيء بعينه. قال سيبويه: فإِن قيل: أَيقال لكل شيء صار خلف شيء دَبَرانٌ؟ فإِنك قائل له: لا، ولكن هذا بمنزلة العدْل والعَدِيلِ، وهذا الضرب كثير أَو معتاد. الجوهري: الدَّبَرانُ خمسة كواكب من الثَّوْرِ يقال إِنه سَنَامُه، وهو من منازل القمر.
وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لم أَعْبَأْ به، وتَصَامَمْتُ عنه وأَغضيت عنه ولم أَلتفت إِليه، قال: يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ، ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ وقالوا: إِذا رأَيت الثريا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي إِذا بدأَت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر ووقت نَتاج الإِبل، وإِذا رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت الشعرى مع المغرب فذلك صَمِيمُ القُرِّ، فلا يصبر على القِرَى وفعل الخير في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحرّ، وقوله: ومجد حمل أَي لا يحمل فيه الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشديد لأَن الجمال تُهْزَلُ في ذلك الوقت وتقل المراعي.
والدَّبُورُ: ريح تأْتي من دُبُرِ الكعبة مما يذهب نحو المشرق، وقيل: هي التي تأْتي من خلفك إِذا وقفت في القبلة. التهذيب: والدَّبُور بالفتح، الريح التي تقابل الصَّبَا والقَبُولَ، وهي ريح تَهُبُّ من نحو المغرب، والصبا تقابلها من ناحية المشرق؛ قال ابن الأَثير: وقول من قال سميت به لأَنها تأْتي من دُبُرِ الكعبة ليس بشيء.
ودَبَرَتِ الريحُ أَي تحوّلت دَبُوراً؛ وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطائر إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ من التذكرة، يكون اسماً وصفة، فمن الصفة قول الأَعشى: لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصا د، صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا ومن الاسم قوله أَنشده سيبويه لرجل من باهلة: رِيحُ الدَّبُورِ مع الشَّمَالِ، وتارَةً رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ قال: وكونها صفة أَكثر، والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ، وقد دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً.
ودُبِرَ القومُ، على ما لم يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون: أَصابتهم ريح الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دخلوا في الدَّبور، وكذلك سائر الرياح.
وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
ورجل أُدابِرٌ: للذي يقطع رحمه مثل أُباتِرٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: إِذا زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عليكم، بالفتح، أَي الهلاك.
ورجل أُدابِرٌ: لا يقبل قول أَحد ولا يَلْوِي على شيء. قال السيرافي: وحكى سيبويه أُدابِراً في الأَسماء ولم يفسره أَحد على أَنه اسم، لكنه قد قرنه بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وهما موضعان، فعسى أَن يكون أُدابِرٌ موضعاً. قال الأَزهري: ورجل أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ فيقطعها، ورجل أُخايِلٌ وهو المُخْتالُ.
وأُذن مُدابَرَةٌ: قطعت من خلفها وشقت.
وناقة مُدابَرَة: شُقت من قِبَلِ قَفاها، وقيل: هو أَن يَقْرِضَ منها قَرْضَةً من جانبها مما يلي قفاها، وكذلك الشاة.
وناقة ذات إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وذكر الأَزهري ذلك في الشاة أَيضاً.
والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الاستقبال.
ورجل مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ من أَبويه كريم الطرفين.
وفلان مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كريم أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قال الأَصمعي: وذلك من الإِقْبالة والإِدْبارَة، وهو شق في الأُذن ثم يفتل ذلك، فإِذا أُقْبِلَ به فهو الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ به فهو الإِدْبارة، والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ من الأُذن هي الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ، والشاة مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وقد أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها.
وناقة ذات إِقبالة وإِدبارة وناقة مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كريمة الطرفين من قِبَل أَبيها وأُمها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ أَو مُدابَرَةٍ؛ قال الأَصمعي: المقابلة أَن يقطع من طرف أُذنها شيء ثم يترك معلقاً لا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ ويقال لمثل ذلك من الإِبل: المُزَنَّمُ، ويسمى ذلك المُعَلَّقُ الرَّعْلَ.
والمُدابَرَةُ: أَن يفعل ذلك بمؤخر الأُذن من الشاة؛ قال الأَصمعي: وكذلك إِن بان ذلك من الأُذن فهي مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بعد أَن كان قطع.
والمُدَابَرُ من المنازل: خلافُ المُقابَلِ.
وتَدابَرَ القوم: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وقيل: لا يكون ذلك إِلا في بني الأَب.
وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: لا تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا؛ قال أَبو عبيد: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ والهِجْرانُ، مأْخوذ من أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وقفاه ويُعْرِضَ عنه بوجهه ويَهْجُرَه؛ وأَنشد: أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا، وأَوْصَى أَبو كُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟ ودَبَرَ القومُ يَدْبُرُونَ دِباراً: هلكوا.
وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخره فلم يبق منهم باقية.
ويقال: عليه الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دعوا عليه بأَن يَدْبُرَ فلا يرجع؛ ومثله: عليه العفاء أَي الدُّرُوس والهلاك.
وقال الأَصمعي: الدَّبارُ الهلاك، بالفتح، مثل الدَّمار.
والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ في الخير والدَّبْرَةُ في الشر. يقال: جعل الله عليه الدَّبْرَة، قال ابن سيده: وهذا أَحسن ما رأَيته في شرح الدَّبْرَة؛ وقيل: الدَّبْرَةُ العاقبة.
ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نظر في عاقبته، واسْتَدْبَرَه: رأَى في عاقبته ما لم ير في صدره؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قال جرير: ولا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حتى يُصِيبَكُمْ، ولا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا والتَّدْبِيرُ في الأَمر: أَن تنظر إِلى ما تَؤُول إِليه عاقبته، والتَّدَبُّر: التفكر فيه.
وفلان ما يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ من دِباره أَي أَوَّله من آخره.
ويقال: إِن فلاناً لو استقبل من أَمره ما استدبره لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو علم في بَدْءِ أَمره ما علمه في آخره لاسْتَرْشَدَ لأَمره.
وقال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لبنيه: يا بَنِيَّ لا تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قد وَلَّتْ صُدُورُها.
والتَّدْبِيرُ: أَن يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي ينظر في عواقبه.
والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد موتي، وهو مُدَبَّرٌ؛ وفي الحديث: إِن فلاناً أَعتق غلاماً له عن دُبُرٍ؛ أَي بعد موته.
ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عتقه بموتك، وهو التدبير أَي أَنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت.
ودَبَّرَ العبد: أَعتقه بعد الموت.
ودَبَّرَ الحديثَ عنه: رواه.
ويقال: دَبَّرْتُ الحديث عن فلان حَدَّثْتُ به عنه بعد موته، وهو يُدَبِّرُ حديث فلان أَي يرويه.
ودَبَّرْتُ الحديث أَي حدّثت به عن غيري. قال شمر: دبَّرْتُ الحديث ليس بمعروف؛ قال الأَزهري: وقد جاء في الحديث: أَمَا سَمِعْتَهُ من معاذ يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ أَي يحدّث به عنه؛ وقال: إِنما هو يُذَبِّرُه، بالذال المعجمة والباء، أَي يُتْقِنُه؛ وقال الزجاج: الذِّبْر القراءةُ، وأَما أَبو عبيد فإِن أَصحابه رووا عنه يُدَبِّرُه كما ترى، وروى الأَزهري بسنده إِلى سَلاَّمِ بن مِسْكِينٍ قال: سمعت قتادة يحدّث عن فلان، يرويه عن أَبي الدرداء، يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ما شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها ملكان يُنادِيانِ أَنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى ربكم فإِنَّ ما قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مما كَثُرَ وأَلْهَى، اللهم عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً. ابن سيده: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كتبه؛ عن كراع، قال: والمعروف ذَبَرَه ولم يقل دَبَره إِلا هو.
والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه، وكذلك الجوابُ الدَّبَرِيُّ؛ يقال: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وهو الذي يَسْنَحُ أَخيراً عند فوت الحاجة، أَي شره إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وفات.
والدَّبَرَةُ، بالتحريك: قَرْحَةُ الدابة والبعير، والجمع دَبَرٌ وأَدْبارٌ مثل شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار.
ودَبِرَ البعيرُ، بالكسر، يَدْبَرُ دَبَراً، فهو دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل دَبْرَى وقد أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ البعير فَدَبِرَ؛ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بعيره، وأَنْقَبَ إِذا حَفِيَ خُفُّ بعيره.
وفي حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وعفا الأَثَرُ؛ الدبر، بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر الدابة، وقيل: هو أَن يَقْرَحَ خف البعير، وفي حديث عمر: قال لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ أَي دَبِرَ بعيرك وحَفِيَ.
وفي حديث قيس بن عاصم: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي التي أَدْبَرَ خَيْرُها.
والأَدْبَرُ: لقب حُجْرِ بن عَدِيٍّ نُبِزَ به لأَن السلاح أَدْبَرَ ظهره، وقيل: سمي به لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: منه كأَنه تصغير أَدْبَرَ مرخماً.
والدَّبْرَةُ: الساقية بين المزارع، وقيل: هي المَشَارَةُ في المَزْرَعَةِ، وهي بالفارسية كُرْدَه، وجمعها دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قال بشر بن أَبي خازم:تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ، على جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها وقيل: الدِّبارُ الكُرْدُ من المزرعة، واحدتها دِبارَةٌ.
والدَّبْرَةُ: الكُرْدَةُ من المزرعة، والجمع الدِّبارُ.
والدِّباراتُ: الأَنهار الصغار التي تتفجر في أَرض الزرع، واحدتها دَبْرَةٌ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف كيف هذا إِلا أَن يكون جمع دَبْرَة على دِبارٍ أُلحقت الهاء للجمع، كما قالوا الفِحَالَةُ ثم جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة.
وقال أَبو حنيفة: الدَّبْرَة البقعة من الأَرض تزرع، والجمع دِبارٌ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة، واحده وجمعه سواء؛ يقال: مالٌ دَبْرٌ ومالان دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قال ابن سيده: هذا الأَعرف، قال: وقد كُسِّرَ على دُبُورٍ، ومثله مال دَثْرٌ. الفرّاء: الدَّبْرُ والدِّبْرُ الكثير من الضَّيْعَة والمال، يقال: رجل كثير الدَّبْرِ إِذا كان فاشِيَ الضيعة، ورجل ذو دَبْرٍ كثير الضيعة والمال؛ حكاه أَبو عبيد عن أَبي زيد.
والمَدْبُور: المجروح.
والمَدْبُور: الكثير المال.
والدَّبْرُ، بالفتح: النحل والزنابير، وقيل: هو من النحل ما لا يَأْرِي، ولا واحد لها، وقيل: واحدته دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وهَبْتُهُ من وَثَبَى فَمِطْرَهْ مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل: بِأَبْيَضَ من أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ، وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد: شاره من النحل؛ وفي الصحاح قال لبيد: بأَشهب من أَبكار مزن سحابة، وأَري دبور شاره النحلَ عاسل قال ابن بري يصف خمراً مزجت بماء أَبيض، وهو الأَشهب. جمع بِكْرٍ.
والمزن: السحاب الأَبيض، الواحدة مُزْنَةٌ.
والأَرْيُ: العسل.
وشارَهُ: جناه، والنحل منصوب بإِسقاط من أَي جناه من النحل عاسل؛ وقبله: عَتِيق سُلافاتٍ سِبَتْها سَفِينَةٌ، يَكُرُّ عليها بالمِزاجِ النَّياطِلُ والنياطل: مكاييل الخمر. قال ابن سيده: ويجوز أَن يكون الدُّبُورُ جمع دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ.
والدَّبُورُ، بفتح الدال: النحل، لا واحد لها من لفظها، ويقال للزنابير أَيضاً دَبْرٌ.
وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عاصم بن ثابت بن أَبي الأَفلح الأَنصاري من أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُصيب يوم أُحد فمنعت النحل الكفار منه، وذلك أَن المشركين لما قتلوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلط الله عز وجل عليهم الزنابير الكبار تَأْبِرُ الدَّارِعَ فارتدعوا عنه حتى أَخذه المسلمون فدفنوه.
وقال أَبو حنيفة: الدِّبْرُ النحل، بالكسر، كالدَّبْرِ؛ وقول أَبي ذؤيب: بَأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها، وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ عنى شُعْبَةً فيها دَبِرٌ، ويروي: وقد وَلَهَتْ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ أَيضاً: أَولاد الجراد؛ عنه.
وروى الأَزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: الخَافِقَانِ ما بين مطلع الشمس إِلى مغربها.
والدَّبْرُ: الزنابير؛ قال: ومن قال النحل فقد أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قالت لزوجها: إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَخْشَ لَسْعَها، وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ شبه خروجها ودخولها بالنوائب. قال الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ، قال: وهو الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، ولا واحد لشيء من هذا؟ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب لا ما قال مصعب.
وفي الحديث: فأَرسل الله عليهم الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ؛ هو بسكون الباء النحل، وقيل: الزنابير.
والظلة: السحاب.
وفي حديث بعض النساء (* قوله: «وفي حديث بعض النساء» عبارة النهاية: وفي حديث سكينة ا هـ. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما صرح به الصفدي وغيره ا هـ.
وسكينة بالتصغير كما في القاموس). جاءت إِلى أُمها وهي صغيرة تبكي فقالت لها: ما لَكِ؟ فقالت: مرت بي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ؛ هو تصغير الدَّبْرَةِ النحلة.
والدَّبْرُ: رُقادُ كل ساعة، وهو نحو التَّسْبِيخ.
والدَّبْرُ: الموت.
ودَابَرَ الرجلُ: مات؛ عن اللحياني، وأَنشد لأُمية بن أَبي الصلت: زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْـ ـروٍ أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ، ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيـ ـداً، لا يَؤُوبُ له مُسافِرْ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مات، وأَدْبَرَ إِذا تغافل عن حاجة صديقه، وأَدْبَرَ: صار له دِبْرٌ، وهو المال الكثير.
ودُبارٌ، بالضم: ليلة الأَربعاء، وقيل: يوم الأَربعاء عادِيَّةٌ من أَسمائهم القديمة، وقال كراع: جاهلية؛ وأَنشد: أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي. بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ أَول: الأَحَدُ.
وشِيارٌ: السبتُ، وكل منها مذكور في موضعه. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سافر في دُبارٍ.
وسئل مجاهد عن يوم النَّحْسِ فقال: هو الأَربعاء لا يدور في شهره.
والدَّبْرُ: قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء ويَنْضُبُ عنها.
وفي حديث النجاشي أَنه قال: ما أُحِبُّ أَن تكون دَبْرَى لي ذَهبَاً وأَنِّي آذيت رجلاً من المسلمين؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بالجبل، قال ابن الأَثير: هو بالقصر اسم جبل، قال: وفي رواية ما أُحب أَن لي دَبْراً من ذَهَبٍ، والدَّبْرُ بلسانهم: الجبل؛ قال: هكذا فُسِّر، قال: فهو في الأُولى معرفة وفي الثانية نكرة، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم لا.
ودَبَرٌ: موضع باليمن، ومنه فلان الدَّبَرِيُّ.
وذاتُ الدَّبْرِ: اسم ثَنِيَّةٍ؛ قال ابن الأَعرابي: وقد صحفه الأَصمعي فقال: ذات الدَّيْرِ.
ودُبَيْرٌ: قبيلة من بني أَسد.
والأُدَيْبِرُ: دُوَيْبَّة.
وبَنُو الدُّبَيْرِ: بطن؛ قال: وفي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ على الطعَّامِ ما غَبا غُبَيْسُ

عون (لسان العرب) [0]


العَوْنُ: الظَّهير على الأَمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان، والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة: جاء معها أَعْوانها؛ يَعْنون بالسنة الجَدْبَ، وبالأَعوان الجراد والذِّئاب والأَمراض، والعَوِينُ اسم للجمع. أَبو عمرو: العَوينُ الأَعْوانُ. قال الفراء: ومثله طَسيسٌ جمع طَسٍّ.
وتقول: أَعَنْتُه إعانة واسْتَعَنْتُه واستَعَنْتُ به فأَعانَني، وإنِما أُعِلَّ اسْتَعانَ وإِن لم يكن تحته ثلاثي معتل، أَعني أَنه لا يقال عانَ يَعُونُ كَقام يقوم لأَنه، وإن لم يُنْطَق بثُلاثِيَّة، فإِنه في حكم المنطوق به، وعليه جاءَ أَعانَ يُعِين، وقد شاع الإِعلال في هذا الأَصل، فلما اطرد الإِعلال في جميع ذلك دَلَّ أَن ثلاثية وإن لم يكن . . . أكمل المادة مستعملاً فإِنه في حكم ذلك، والإسم العَوْن والمَعانة والمَعُونة والمَعْوُنة والمَعُون؛ قال الأَزهري: والمَعُونة مَفْعُلة في قياس من جعله من العَوْن؛ وقال ناسٌ: هي فَعُولة من الماعُون، والماعون فاعول، وقال غيره من النحويين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن مثل المَغُوثة من الغَوْث، والمضوفة من أَضافَ إذا أَشفق، والمَشُورة من أَشارَ يُشير، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول مَعُونٌ، وهو شاذ لأَنه ليس في كلام العرب مَفْعُل بغير هاء. قال الكسائي: لا يأْتي في المذكر مَفْعُلٌ، بضم العين، إلاَّ حرفان جاءَا نادرين لا يقاس عليهما: المَعُون، والمَكْرُم؛ قال جميلٌ: بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا إنْ لزِمْتِه، على كَثْرة الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ يقول: نِعْمَ العَوْنُ قولك لا في رَدِّ الوُشاة، وإن كثروا؛ وقال آخر: ليَوْم مَجْدٍ أَو فِعالِ مَكْرُمِ (* قوله «ليوم مجد إلخ» كذا بالأصل والمحكم، والذي في التهذيب: ليوم هيجا).
وقيل: مَعُونٌ جمع مَعونة، ومَكْرُم جمع مَكْرُمة؛ قاله الفراء.
وتعاوَنوا عليَّ واعْتَوَنوا: أَعان بعضهم بعضاً. سيبويه: صحَّت واوُ اعْتَوَنوا لأَنها في معنى تعاوَنوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تعاونوا؛ وقالوا: عاوَنْتُه مُعاوَنة وعِواناً، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الأَلف قبلها. قال ابن بري: يقال اعْتَوَنوا واعْتانوا إذا عاوَنَ بعضهم بعضاً؛ قال ذو الرمة: فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إنْ لم يكنْ لنا دَوانِيقُ عندَ الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟ أَنَعْتانُ أَمْ نَدَّانُ، أَم يَنْبَري لنا فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيفِ، شِيمَتُه الحَمْدُ؟ وتَعاوَنَّا: أَعان بعضنا بعضاً.
والمَعُونة: الإِعانَة.
ورجل مِعْوانٌ: حسن المَعُونة.
وتقول: ما أَخلاني فلان من مَعاوِنه، وهو وجمع مَعُونة.
ورجل مِعْوان: كثير المَعُونة للناس.
واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني وعاونَني.
وفي الدعاء: رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ.
والمُتَعاوِنة من النساء: التي طَعَنت في السِّنِّ ولا تكون إلا مع كثرة اللحم؛ قال الأَزهري: امرأَة مُتَعاوِنة إذا اعتدل خَلْقُها فلم يَبْدُ حَجْمُها.
والنحويون يسمون الباء حرف الاستعانة، وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم وبَرَيْتُ بالمُدْيَة، فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال. قال الليث: كل شيء أَعانك فهو عَوْنٌ لك، كالصوم عَوْنٌ على العبادة، والجمع الأَعْوانُ.
والعَوانُ من البقر وغيرها: النَّصَفُ في سنِّها.
وفي التنزيل العزيز: لا فارضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك؛ قال الفراء: انقطع الكلام عند قوله ولا بكر، ثم استأْنف فقال عَوان بين ذلك، وقيل: العوان من البقر والخيل التي نُتِجَتْ بعد بطنها البِكْرِ. أَبو زيد: عانَتِ البقرة تَعُون عُؤُوناً إذا صارت عَواناً؛ والعَوان: النَّصَفُ التي بين الفارِضِ، وهي المُسِنَّة، وبين البكر، وهي الصغيرة.
ويقال: فرس عَوانٌ وخيل عُونٌ، على فُعْلٍ، والأَصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها، وكذلك يقال رجل جَوادٌ وقوم جُود؛ وقال زهير: تَحُلُّ سُهُولَها، فإِذا فَزَعْنا، جَرَى منهنَّ بالآصال عُونُ. فَزَعْنا: أَغَثْنا مُسْتَغيثاً؛ يقول: إذا أَغَثْنا ركبنا خيلاً، قال: ومن زعم أَن العُونَ ههنا جمع العانَةِ بفقد أَبطل، وأَراد أَنهم شُجْعان، فإِذا اسْتُغيث بهم ركبوا الخيل وأَغاثُوا. أَبو زيد: بَقَرة عَوانٌ بين المُسِنَّةِ والشابة. ابن الأَعرابي: العَوَانُ من الحيوان السِّنُّ بين السِّنَّيْنِ لا صغير ولا كبير. قال الجوهري: العَوَان النَّصَفُ في سِنِّها من كل شيء.
وفي المثل: لا تُعَلَّمُ العَوانُ الخِمْرَةَ؛ قال ابن بري: أَي المُجَرِّبُ عارف بأَمره كما أَن المرأَة التي تزوجت تُحْسِنُ القِناعَ بالخِمار. قال ابن سيده: العَوانُ من النساء التي قد كان لها زوج، وقيل: هي الثيِّب، والجمع عُونٌ؛ قال: نَواعِم بين أَبْكارٍ وعُونٍ، طِوال مَشَكِّ أَعْقادِ الهَوادِي. تقول منه: عَوَّنَتِ المِرأَةُ تَعْوِيناً إذا صارت عَواناً، وعانت تَعُونُ عَوْناً.
وحربٌ عَوان: قُوتِل فيها مرة (* قوله: مرة، أي مرّةً بعد الأخرى). كأَنهم جعلوا الأُولى بكراً، قال: وهو على المَثَل؛ قال: حَرْباً عواناً لَقِحَتْ عن حُولَلٍ، خَطَرتْ وكانت قبلها لم تَخْطُرِ وحَرْبٌ عَوَان: كان قبلها حرب؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جهل: ما تَنْقِمُ الحربُ العَوانُ مِنِّي؟ بازِلُ عامين حَدِيثٌ سِنِّي، لمِثْل هذا وَلَدَتْني أُمّي.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كانت ضَرَباتُه مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً؛ العُونُ: جمع العَوان، وهي التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَتْ إلى المُراجَعة؛ ومنه الحرب العَوانُ أَي المُتَردّدة، والمرأَة العَوان وهي الثيب، يعني أَن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية.
ونخلة عَوانٌ: طويلة، أَزْدِيَّة.
وقال أَبو حنيفة: العَوَانَةُ النخلة، في لغة أَهل عُمانَ. قال ابن الأََعرابي: العَوانَة النخلة الطويلة، وبها سمي الرجل، وهي المنفردة، ويقال لها القِرْواحُ والعُلْبَة. قال ابن بري: والعَوَانة الباسِقَة من النخل، قال: والعَوَانة أَيضاً دودة تخرج من الرمل فتدور أَشواطاً كثيرة. قال الأَصمعي: العَوانة دابة دون القُنْفُذ تكون في وسط الرَّمْلة اليتيمة، وهي المنفردة من الرملات، فتظهر أَحياناً وتدور كأَنها تَطْحَنُ ثم تغوص، قال: ويقال لهذه الدابة الطُّحَنُ، قال: والعَوانة الدابة، سمي الرجل بها.
وبِرْذَوْنٌ مُتَعاوِنٌ ومُتَدارِك ومُتَلاحِك إذا لَحِقَتْ قُوَّتُه وسِنُّه.
والعَانة: القطيع من حُمُر الوحش.
والعانة: الأَتان، والجمع منهما عُون، وقيل: وعانات. ابن الأَعرابي: التَّعْوِينُ كثرةُ بَوْكِ الحمار لعانته.
والتَّوْعِينُ: السِّمَن.
وعانة الإِنسان: إِسْبُه، الشعرُ النابتُ على فرجه، وقيل: هي مَنْبِتُ الشعر هنالك.
واسْتَعان الرجلُ: حَلَقَ عانَتَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي: مِثْل البُرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ، لم يَسْتَعِنْ، وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ. البُرام: القُرادُ، لم يَسْتَعِنْ أَي لم يَحْلِقْ عانته، وحَوامي الموتِ: حوائِمُه فقلبه، وهي أَسباب الموت.
وقال بعض العرب وقد عرَضَه رجل على القَتْل: أَجِرْ لي سَراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ.
وتَعَيَّنَ: كاسْتَعان؛ قال ابن سيده: وأَصله الواو، فإِما أَن يكون تَعَيَّنَ تَفَيْعَلَ، وإِما أَن يكون على المعاقبة كالصَّيَّاغ في الصَّوَّاغ، وهو أَضعف القولين إذ لو كان ذلك لوجدنا تَعَوَّنَ، فعَدَمُنا إِياه يدل على أَن تَعَيَّنَ تَفَيْعَل. الجوهري: العانَة شعرُ الركَبِ. قال أَبو الهيثم: العانة مَنْبِت الشعر فوق القُبُل من المرأَة، وفوق الذكر من الرجل، والشَّعَر النابتُ عليهما يقال له الشِّعْرَةُ والإِسْبُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب.
وفلان على عانَة بَكْرِ بن وائل أَي جماعتهم وحُرْمَتِهم؛ هذه عن اللحياني، وقيل: هو قائم بأَمرهم.
والعانَةُ: الحَظُّ من الماء للأَرض، بلغة عبد القيس.
وعانَةُ: قرية من قُرى الجزيرة، وفي الصحاح: قرية على الفُرات، وتصغير كل ذلك عُوَيْنة.
وأَما قولهم فيها عاناتٌ فعلى قولهم رامَتانِ، جَمَعُوا كما ثَنَّوْا.
والعانِيَّة: الخَمْر، منسوبة إليها. الليث: عاناتُ موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانِيَّة؛ قال زهير: كأَنَّ رِيقَتَها بعد الكَرى اغْتَبَقَتْ من خَمْرِ عانَةَ، لَمَّا يَعْدُ أَن عَتَقا.
وربما قالوا عاناتٌ كما قالوا عرفة وعَرَفات، والقول في صرف عانات كالقول في عَرَفات وأَذْرِعات؛ قال ابن بري: شاهد عانات قول الأَعشى: تَخَيَّرَها أَخُو عاناتِ شَهْراً، ورَجَّى خَيرَها عاماً فعاما. قال: وذكر الهرويُّ أَنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أَوجه: تَنَوَّرتُها من أَذرِعاتٍ بالتنوين، وأَذرعاتِ بغير تنوين، وأَذرعاتَ بفتح التاء؛ قال: وذكر أَبو علي الفارسي أَنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه.
وعَوْنٌ وعُوَيْنٌ وعَوانةُ: أَسماء.
وعَوانة وعوائنُ: موضعان؛ قال تأبَّط شرّاً: ولما سمعتُ العُوصَ تَدْعو، تنَفَّرَتْ عصافيرُ رأْسي من برًى فعَوائنا.
ومَعانُ: موضع بالشام على قُرب مُوتة؛ قال عبد الله ابن رَواحة: أَقامتْ ليلَتين على مَعانٍ، وأَعْقَبَ بعد فَتَرتها جُمومُ.

فصل (لسان العرب) [0]


الليث: الفَصْل بَوْنُ ما بين الشيئين.
والفَصْل من الجسد: موضع المَفْصِل، وبين كل فَصْلَيْن وَصْل؛ وأَنشد: وَصْلاً وفَصْلاً وتَجْميعاً ومُفْتَرقاً، فَتْقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإِنسان ابن سيده: الفَصْل الحاجِز بين الشيئين، فَصَل بينهما يفصِل فَصْلاً فانفصَل، وفَصَلْت الشيء فانصَل أَي قطعته فانقطع.
والمَفْصِل: واحد مَفاصِل الأَعضاء.
والانْفصال: مطاوِع فصَل.
والمَفْصِل: كل ملتقى عظمين من الجسد.
وفي حديث النخعي: في كل مَفْصِل من الإِنسان ثلُث دِيَة الإِصبع؛ يريد مَفْصِل الأَصابع وهو ما بين كل أَنْمُلَتين.
والفاصِلة: الخَرزة التي تفصِل بين الخَرزتين في النِّظام، وقد فَصَّلَ النَّظْمَ.
وعِقْد مفصَّل أَي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة.
والفَصْل: القضاء بين الحق والباطل، واسم ذلك القَضاء الذي يَفْصِل بينهما فَيْصَل، وهو قضاء . . . أكمل المادة فَيْصَل وفاصِل.
وذكر الزجاج: أَن الفاصِل صفة من صفات الله عز وجل يفصِل القضاء بين الخلق.
وقوله عز وجل: هذا يوم الفَصْل؛ أَي هذا يوم يفصَل فيه بين المحسن والمسيء ويجازي كل بعمله وبما يتفضل الله به على عبده المسلم.
ويوم الفَصْل: هو يوم القيامة، قال الله عز وجل: وما أَدراك ما يومُ الفَصْل.
وقَوْل فَصْل: حقٌّ ليس بباطل.
وفي التنزيل العزيز: إِنَّه لقَوْل فَصْل.
وفي صفة كلام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فَصْل لا نَزْر ولا هَذْر أَي بيِّن ظاهر يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه قوله تعالى: إِنه لقول فَصْل؛ أَي فاصِل قاطِع، ومنه يقال: فَصَل بين الخَصْمين، والنَّزْر القليل، والهَذْر الكثير.
وقوله عز وجل: وفَصْل الخطاب؛ قيل: هو البيّنة على المدَّعى واليمين على المدَّعي عليه، وقيل: هو أَن يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه قوله: إِنه لقول فَصْل؛ أَي يفصِل بين الحق والباطل، ولولا كلمة الفَصْل لقضي بينهم.
وفي حديث وَفْدِ عبد القيس: فمُرْنا بأَمر فَصْل أَي لا رجعة فيه ولا مردَّ له.
وفَصَل من الناحية أَي خرج.
وفي الحديث: من فَصَل في سبيل الله فمات أَو قتِل فهو شهيد أَي خرج من منزله وبلده.
وفاصَلْت شريكي.
والتفصيل: التبيين.
وفَصَّل القَصَّاب الشاةَ أَي عَضَّاها.
والفَيْصَل: الحاكم، ويقال القضاء بين الحق والباطل، وقد فَصَل الحكم.
وحكم فاصِل وفَيْصَل: ماض، وحكومة فَيْصَل كذلك.
وطعنة فَيْصَل: تفصِل بين القِرْنَيْن.
وفي حديث ابن عمر: كانت الفَيْصَل بيني وبينه أَي القطيعة التامة، والياء زائدة.
وفي حديث ابن جبير: فلو علم بها لكانت الفَيْصَل بيني وبينه.
والفِصال: الفِطام؛ قال الله تعالى: وحَملُه وفِصالُه ثلاثون شهراً؛ المعنى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى منتهى الوقت الذي يُفْصَل فيه الولد عن رَضاعها ثلاثون شهراً؛ وفَصَلت المرأَة ولدها أَي فطمَتْه.
وفَصَل المولودَ عن الرضاع يَفْصِله فَصْلاً وفِصالاً وافْتَصَلَه: فَطَمه، والاسم الفِصال، وقال اللحياني: فَصَلته أُمُّه، ولم يخص نوعاً.
وفي الحديث: لا رَضاع بعد فِصال، قال ابن الأَثير: أَي بعد أَن يُفْصَل الولد عن أُمِّه، وبه سمي الفَصِيل من أَولاد الإِبل، فَعِيل بمعنى مَفْعول، وأَكثر ما يطلق في الإِبل، قال: وقد يقال في البقر؛ ومنه حديث أَصحاب الغار: فاشتريت به فَصِيلاً من البقر، وفي رواية: فَصِيلةً، وهو ما فُصِل عن اللبن من أَولاد البقر.
والفَصِيل: ولد الناقة إِذا فُصِل عن أُمه، والجمع فُصْلان وفِصال، فمن قال فُصْلان فعلى التسمية كما قالوا حرث وعبَّاس، قال سيبويه: وقالوا فِصْلان شبهوه بغُراب وغِرْبان، يعني أَن حكْم فَعِيل أَن يكسَّر على فُعْلان، بالضم، وحكم فُعال أَن يكسَّر على فِعْلان، لكنهم قد أَدخلوا عليه فَعِيلاً لمساواته في العدَّة وحروف اللين، ومنْ قال فِصال فعلى الصفة كقولهم الحرث والعبَّاس، والأُنثى فَصِيلة. ثعلب: الفَصِيلة القطعة من أَعضاء الجسد وهي دون القَبيلة.
وفَصِيلة الرجل: عَشِيرته ورَهْطه الأَدْنَوْن، وقيل: أَقرب آبائه إِليه؛ عن ثعلب، وكان يقال لعباس فَصِيلة النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن الأَثير: الفَصِيلة من أَقرب عَشِيرة الإِنسان، وأَصل الفَصِيلة قطعة من لحم الفخِذ؛ حكاه عن الهروي.
وفي التنزيل العزيز: وفَصِيلته التي تُؤْوِيِه.
وقال الليث: الفَصِيلة فخذ الرجل من قومه الذين هو منهم، يقال: جاؤوا بفَصِيلَتهم أَي بأَجمعهم.
والفَصْل: واحد الفُصول.
والفاصِلة التي في الحديث: من أَنفق نفقة فاصلة في سبيل الله فبسبعمائة، وفي رواية فله من الأَجْر كذا، تفسيرها في الحديث أَنها التي فَصَلَتْ بين إِيمانه وكفره، وقيل: يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.
وفَصَلَ عن بلد كذا يَفْصِلُ فُصُولاً؛ قال أَبو ذؤَيب: وَشِيكُ الفُصُول، بعيدُ الغُفُو ل، إِلاَّ مُشاحاً به أَو مُشِيحا ويروى: وَشِيك الفُضُول.
ويقال: فَصَل فلان من عندي فُصُولاً إِذا خرج، وفَصَل مني إِليه كتاب إِذا نفذ؛ قال الله عز وجل: ولما فَصَلَتِ العِيرُ؛ أَي خرجت، فَفَصَلَ يكون لازماً وواقعاً، وإِذا كان واقعاً فمصدره الفَصْل، وإِذا كان لازماً فمصدره الفصُول.
والفَصِيل: حائط دون الحِصْن، وفي التهذيب: حائط قصير دون سُورِ المدينة والحِصْن.
وفَصَل الكَرْمُ: ظهر حبُّه صغيراً أَمثال البُلْسُنِ.
والفَصْلة: النخلة المَنْقولة المحوَّلة وقد افْتَصَلَها عن موضعها؛ هذه عن أَبي حنيفة.
وقال هجري: خير النخل ما حوِّل فسيله عن منبته، والفَسِيلة المحوَّلة تسمى الفَصْلة، وهي الفَصْلات، وقد افتصلنا فَصْلات كثيرة في هذه السنة أَي حوَّلناها.
ويقال: فَصَّلْت الوِشاح إِذا كان نظمه مفصّلاً بأَن يجعل بين كل لؤلؤتين مَرْجانة أَو شَذْرة أَو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد.
وتَفْصيل الجَزور: تَعْضِيَتُه، وكذلك الشاة تفصَّل أَعضاء.
والمفاصِل: الحجارة الصُّلْبة المُتَراصِفة، وقيل: المَفاصِل ما بين الجَبلين، وقيل: هي منفصَل الجبل من الرمْلة يكون بينها رَضْراض وحصى صِغار فيَصْفو ماؤه ويَرِقُّ؛ قال أَبو ذؤيب: مَطافِيلَ أَبكار حديثٍ نِتاجُها، يُشاب بماء مثل ماء المفاصِل هو جمع المَفْصِل، وأَراد صفاء الماء لانحداره من الجبال لا يمرُّ بتراب ولا بطين، وقيل: ماء المَفاصِل هنا شيء يسيل من بين المَفْصِلين إِذا قطع أَحدهما من الآخر شبيه بالماء الصافي، واحدها مَفْصِل. التهذيب: المَفْصِل كل مكان في الجبل لا تطلع عليه الشمس، وأَنشد بيت الهذلي، وقال أَبو عمرو: المَفْصِل مَفْرق ما بين الجبل والسَّهْل، قال: وكل موضعٍ مَّا بين جبلين يجري فيه الماء فهو مَفْصِل.
وقال أَبو العميثل: المَفاصِل صُدوع في الجبال يسيل منها الماء، وإِنما يقال لما بين الجبلين الشِّعب.
وفي حديث أَنس: كان على بطنه فَصِيل من حجر أَي قطعة منه، فَعِيل بمعنى مفعول.
والمَفْصِل، بفتح الميم: اللسان؛ قال حسان: كِلْتاهما عَرق الزُّجاجة، فاسْقِني بزُجاجة أَرْخاهما للمَفْصِل ويروى المِفْصَل، وفي الصحاح: والمِفْصَل، بالكسر، اللسان؛ وأَنشد ابن بري بيت حسان: كلتاهما حَلَب العَصِير، فعاطِني بزُجاجة أَرخاهما للمِفْصَل والفَصْل: كلُّ عَرُوض بُنِيت على ما لا يكون في الحَشْو إِمَّا صحة وإِمَّا إِعلال كمَفاعِلن في الطويل، فإِنها فَصْل لأَنها قد لزمها ما لا يلزم الحَشْو لأَن أَصلها إِنما هو مَفاعيلن، ومفاعيلن في الحَشْو على ثلاثة أَوجه: مفاعيلن ومَفاعِلن ومفاعيلُ، والعَروض قد لزمها مَفاعِلن فهي فَصْل، وكذلك كل ما لزمه جنس واحد لا يلزم الحَشْو، وكذلك فَعِلن في البسيط فَصْل أَيضاً؛ قال أَبو إِسحق: وما أَقلّ غير الفُصُول في الأَعارِيض، وزعم الخليل أَن مُسْتَفْعِلُن في عَروض المُنْسَرِح فَصْل، وكذلك زعم الأَخفش؛ قال الزجاج: وهو كما قال لأَن مستفعلن هنا لا يجوز فيها فعلتن فهي فَصْل إِذ لزمها ما لا يلزم الحَشْو، وإِنما سمي فَصْلاً لأَنه النصف من البيت.
والفاصِلة الصغرى من أَجزاء البيت: هي السببان المقرونان، وهو ثلاث متحركات بعدها ساكن نحو مُتَفا من مُتَفاعِلُن وعلتن من مفاعلتن، فإِذا كانت أَربع حركات بعدها ساكن مثل فَعَلتن فهي الفاصِلة الكُبْرى، قال: وإِنما بدأْنا بالصغرى لأَنها أَبسط من الكُبْرى؛ الخليل: الفاصِلة في العَروض أَن يجتمع ثلاثة أَحرف متحركة والرابع ساكن مثل فَعَلَت، قال: فإِن اجتمعت أَربعة أَحرف متحركة فهي الفاضِلة، بالضاد المعجمة، مثل فعَلتن. قال: والفَصل عند البصريين بمنزلة العِماد عند الكوفيين، كقوله عز وجل: إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك؛ فقوله هو فَصْل وعِماد، ونُصِب الحق لأَنه خبر كان ودخلتْ هو للفَصْل، وأَواخر الآيات في كتاب الله فَواصِل بمنزلة قَوافي الشعر، جلَّ كتاب الله عز وجل، واحدتها فاصِلة.
وقوله عز وجل: كتاب فصَّلناه، له معنيان: أَحدهما تَفْصِيل آياتِه بالفواصِل، والمعنى الثاني في فَصَّلناه بيَّنَّاه.
وقوله عز وجل: آيات مفصَّلات، بين كل آيتين فَصْل تمضي هذه وتأْتي هذه، بين كل آيتين مهلة، وقيل: مفصَّلات مبيَّنات، والله أَعلم، وسمي المُفَصَّل مَفصَّلاً لقِصَر أَعداد سُوَرِه من الآي.
وفُصَيْلة: اسم.

طفل (لسان العرب) [0]


الطِّفْلُ: البَنان الرَّخْص. المحكم: الطَّفْل، بالفتح، الرَّخْص الناعم، والجمع طِفالٌ وطُفول؛ قال عمرو بن قَمِيئة: إِلى كَفَلٍ مِثْلِ دِعْصِ النَّقا، وكَفٍّ تُقَلِّبُ بِيضاً طِفالا وقال ابن هَرْمة: مَتى ما يَغْفُلِ الواشون، تومِئْ بأَطْرافٍ مُنَعَّمةٍ طُفول والأُنثى طَفْلة؛ قال الأَعشى: رَخْصَةٌ طَفْلَةُ الأَنامل، تَرْتَبْـ ـبُ سُخاماً تَكُفُّه بخِلال وقد طَفُل طَفالةً وطُفولةً.
ويقال: جارية طَفْلةٌ إِذا كانت رَخْصةً.
والطِّفْلُ والطِّفْلة: الصغيران.
والطِّفْل: الصغير من كل شيء بَيِّن الطَّفَل والطَّفالة والطُّفولة والطُّفولية، ولا فِعْل له؛ واستعمله صخر الغَيِّ في الوَعِل فقال: بها كان طِفْلاً، ثم أَسدَسَ واستَوى، فأَصْبَح لِهْماً في لُهوم قَراهِب وقول أَبي ذؤيب: ثَلاثاً، فلما اسْتُحِيلَ الجَها مُ، واستَجْمَعَ الطِّفْلُ فيها . . . أكمل المادة رُشوحا عنى بالطِّفْل السَّحابَ الصِّغار أَي جَمَعتها الريح وضمَّتها، واستعار لها الرُّشوحَ حين جعلها طِفْلاً؛ وقول أَبي كبير: أَزُهَيْرُ، إِن يُصْبِحْ أَبوك مُقَصِّراً طِفْلاً يَنُوءُ، إِذا مَشى للكَلْكَل أَراد أَنه يُقَصِّر عما كان عليه ويَضْعُف من الكِبَر ويرجع إِلى حَدِّ الصِّبا والطُّفولة، والجمع أَطفال، لا يُكَسَّر على غير ذلك.
وقال أَبو الهيثم: الصَّبيُّ يُدْعى طِفْلاً حين يسقط من بطن أُمه إِلى أَن يَحتلم.
وفي حديث الاستسقاء: وقد شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبيِّ عن الطِّفْل أَي شُغِلَت بنفسها عن ولدها بما هي فيه من الجَدْب؛ ومنه قوله تعالى: تَذْهَل كلُّ مُرْضِعة عما أَرْضَعَت.
وقولهم: وَقَع فلان في أَمر لا يُنادى وَلِيدُه.
وقوله عز وجل: ثم يُخْرِجُكم طِفْلاً؛ قال الزجاج: طِفْلاً هنا في موضع أَطفال يَدُلُّ على ذلك ذكرُ الجماعة، وكأَنَّ معناه ثم يُخْرِج كلَّ واحد منكم طِفْلاً.
وقال تعالى: أَو الطِّفْلِ الذين لم يَظْهَروا على عَوْراتِ النساء؛ والعرب تقول: جارية طِفْلَةٌ وطِفْلٌ، وجاريتان طِفْلٌ، وجَوارٍ طِفْلٌ، وغُلام طِفْلٌ، وغِلْمان طِفْلٌ.
ويقال: طِفْلٌ وطِفْلَةٌ وطِفْلانِ وأَطْفالٌ وطِفْلَتانِ وطِفْلاتٌ في القياس.
والطِّفْل: المولود، وولَدُ كلِّ وحْشِيَّة أَيضاً طِفْلٌ، ويكون الطِّفْل واحداً وجمعاً مثل الجُنُب.
وغُلام طَفْلٌ إِذا كان رَخْص القَدَمين واليدين.
وامرأَة طَفْلة البَنان: رَخْصَتُها في بياض، بَيِّنة الطُّفولة، وقد طَفُل طَفالةً أَيضاً؛ وبَنانٌ طَفْلٌ، وإِنما جاز أَن يوصف البَنانُ وهو جمعٌ بالطَّفْل وهو واحد، لأَن كل جمع ليس بينه وبين واحده إِلاَّ الهاء فإِنه يُوَحَّد ويُذَكَّر: ولهذا قال حميد: فَلَمَّا كَشَفْنَ اللِّبْسَ عنه، مَسَحْنَه بأَطراف طَفْلٍ، زان غَيْلاً مُوَشَّما أَراد بأَطراف بَنان طَفْلٍ فجعله بدلاً عنه، قال: والطِّفْل الصغير من أَولاد الناس والدواب.
وأَطْفَلَتِ المرأَةُ والظَّبْيَة والنَّعَم إِذا كان معها ولدٌ طِفْلٌ؛ وقال لبيد: فعَلا فُروعَ الأَيْهَقان، وأَطْفَلَتْ بالجَلْهَتَيْن ظِباؤها ونَعامُها قال ابن سيده: وأَما قول لبيد وأَطْفَلَتْ بالجَلْهَتَيْن، فإِنه أَراد وباضَ نَعامُها؛ ولكنه على قوله: شَرَّابُ أَلبانٍ وتَمْرٍ وأَقِط وقوله تعالى: فأَجْمِعوا أَمركم وشركاءكم؛ فسيبويه يَطْرُده والأَخفش يَقِفُه. أَبو عبيد: ناقة مُطْفِلٌ ونوق مَطافِلُ ومَطافِيلُ، بالإِشباع، معها أَولادها.
وفي الحديث: سارت قُرَيْشٌ بالعُوذ المطافِيل أَي الإِبل مع أَولادها، والعُوذ: الإِبل التي وَضَعَت أَولادها حَدِيثاً؛ ويقال: أَطْفَلَتْ، فهي مُطْفِلٌ ومُطْفِلة، يريد أَنهم جاؤوا بأَجمعهم كبارهم وصغارهم.
وفي حديث علي، عليه السلام: فأَقْبَلْتم إِليّ إِقبالَ العُوذ المَطافِل، فجمع بغير إِشباع.
والمُطْفِل: ذات الطِّفْل من الإِنسان والوحش معها طِفْلُها، وهي قريبة عهد بالنَّتاج، وكذلك الناقة، والجمع مَطافِيل ومَطافِلُ؛ قال أَبو ذؤيب: وإِنَّ حَديثاً مِنْكِ، لو تَبْذُلِينَه، جَنَى النَّحْل في أَلبانِ عُوذٍ مَطافِل مَطافِيلَ أَبكارٍ حديثٍ نَتاجُها، تُشاب بماءٍ مِثْل ماء المِفاصِل وطَفَّلَتِ الناقةُ: رَشَّحَتْ طِفْلَها؛ قال الأَخطل: إِذا زَعْزَعَتَه الرِّيحُ جَرَّ ذُيولَه، كما رَجَّعَتْ عُوذٌ ثِقالٌ تُطَفِّل وليلة مُطْفِلٌ: تَقْتُل الأَطفال ببَرْدِها.
والطِّفْل: الحاجة.
وأَطْفالُ الحوائج: صِغارُها.
والطِّفْل: الشمسُ عند غروبها.
والطِّفْل: الليل: ويقال للنار ساعة تُقْدَح: طِفْلٌ وطِفْلة. ابن سيده: والطِّفْلُ سَقْطُ النار، والجمع أَطفال؛ وكل ذلك قد فسر به قول زهير: لأَرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ، ثم لأَدْأَبَنْ إِلى اللَّيْل، إِلاَّ أَنْ يُعَرِّجَني طِفْلُ يعني حاجة يسيرة مثل قَدْح نار أَو نزولٍ للبول وما أَشبهه، وكلُّ جُزْء من ذلك طِفْلٌ، كان عَيْنَاً أَو حَدَثاً، والجمع كالجمع، ومن هنا قالوا طِفْل الهَمِّ والحُبِّ؛ قال: يَضُمُّ إِليّ اللَّيْلُ أَطفالَ حُبِّها، كما ضَمَّ أَزْرارَ القَميص البَنائقُ والتَّطْفيلُ: السير الرُّوَيْد. يقال: طَفَّلْتُها تطفيلاً يعني الإِبل، وذلك إِذا كان معها أَولادها فَرَفَقْتَ بها في السير ليَلْحَقَها أَولادها الأَطفالُ؛ فأَما قول كَهْدَلٍ الراجز: با ربِّ لا تَرْدُدْ إِلينا طِفْيَلا فإِما أَن يكون طِفْيَل بناء وَضْعِيّاً كرجُل طِرْيَم وهو الطويل ويَعْنِي به طِفْلاً، وإِما أَن يكون أَراد طُفَيْلاً يُصَغِّره بذلك ويُحَقِّره، فلَمَّا لم يستقم له الوزن غَيَّر بناء التصغير وهو يريده، وهذا مذهب ابن الأَعرابي، والقياس ما بدأْنا به.
وطَفَلُ العَشيِّ: آخرُه عند غروب الشمس واصفرارها، يقال: أَتيته طَفَلاً وعِشاءً طَفَلاً، فإِما أَن يكون صفة، وإِما أَن يكون بدلاً.
وطَفَلَت الشمسُ تَطْفُلُ طُفولاٍ وطَفَّلَتْ تطفيلاً: هَمَّت بالوجوب ودَنَتْ للغروب.
وتَطْفيلُ الشمس: مَيْلُها للغروب. الأَزْهري: طَفَلَتْ فهي تَطْفُل طَفْلاً.
ويقال: طَفَّلَت تَطْفيلاً إِذا وقع الطَّفَل في الهواء وعلى الأَرض وذلك بالعَشيِّ؛ وأَنشد: باكَرْتُها طَفَلَ الغَداة بِغارةٍ، والمُبْتَغُون خِطارَ ذاك قليلُ وقال لبيد: وعلى الأَرْضِ غَياباتُ الطَّفَل وقال ابن بُزُرْج: يقال أَتيته طَفَلاً أَي مُمْسِياً، وذلك بعدما تدنو الشمس للغروب، وأَتيته طَفَلاً: وذلك بعد طلوع الشمس، أُخِذ من الطِّفْل الصغير؛ وأَنشد: ولا مُتَلافِياً، والشَّمْسُ طِفْلٌ، بِبَعْض نَواشِغ الوادي حُمولا (* قوله «ولا متلافيا إلخ» لعل تخريج هذا هنا من الناسخ فان محله تقدم عند قوله والطفل الشمس عند غروبها كما صنع شارح القاموس).
وفي حديث ابن عمر: أَنه كَرِه الصلاة على الجنازة إِذا طَفَلَتِ الشمسُ للغروب أَي دنت منه، واسم تلك الساعة الطَّفَلُ.
وجارية طِفْلَةٌ إِذا كانت صغيرة، وجارية طَفْلة إِذا كانت رقيقة البَشَرة ناعمةً. الأَصمعي: الطَّفْلة الجارية الرَّخْصة الناعمة، وكذلك البَنانُ الطَّفْل.
والطِّفْلة: الحديثة السِّنِّ، والذَّكَرُ طِفْلٌ.
وطَفَّل اللَّيْلُ: دَنا وأَقْبَل بظلامه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: وطَيِّبةٍ نَفْساً بتأْبين هالكٍ تَذَكَّرُ أَخْداناً، إِذا اللَّيْلُ طَفَّلا قوله طَيِّبة نَفْساً أَي أَنها لم تُعْطَ أَجراً على نَوْح هالِكٍ، إِنما تنوح لشَجْو أُخرى تبكي على ابنها أَو غيره.
وطَفَلْنا وأَطْفَلْنا: دخلنا في الطَّفَل.
والطَّفَلُ: طَفَلُ الغَداة وطفَلُ العَشيّ من لَدُنْ أَن تَهُمَّ الشمسُ بالذُّرُور إِلى أَن يَسْتَمْكِنَ الضَّحُّ من الأَرض.
وقال ابن سيده: طَفَلُ الغَداة من لَدُنْ ذُرور الشمس إِلى استكمالها في الأَرض. الجوهري: والطَّفَل، بالتحريك، بعد العصر إِذا طَفَلت الشمسُ للغروب، والطَّفَل أَيضاً: مَطَرٌ؛ قال الشاعر: لِوَهْدٍ جادَهُ طَفَلُ الثُّرَيَّا وطُفَيْلٌ: شاعر معروف؛ وطُفَيْلُ الأَعراس، وطُفَيْل العرائس: رجُلٌ من أَهل الكوفة من بني عبد الله بن غَطَفان كان يأْتي الولائم دون أَن يُدْعى إِليها، وكان يقول: وَدِدْتُ أَن الكوفة كُلَّها بِرْكة مُصَهْرَجَةٌ فلا يَخْفى عليَّ منها شيء، ثم سُمِّي كل راشِنٍ طُفَيْلِيّاً وصَرَّفوا منه فعلاً فقالوا طَفَّل.
ورجُلٌ طِفْليلٌ: يدخل مع القوم فيأْكل طَعامَهم من غير أَن يُدْعى. ابن السكيت، وفي قولهم فلان طُفَيْليٌّ للذي يدخل الوليمة والمآدبَ ولم يُدْعَ إِليها، وقد تَطَفَّل، وهو منسوب إِلى طُفَيْل المذكور، والعرب تُسَمِّي الطُّفَيْليَّ الرَّاشِنَ والوارِش.
وحكى ابن بري عن ابن خالويه: الطُّفَيْليّ والوارِش والواغِل والأَرْشم والزَّلاَّل والقَسْقاس والنتيل والدَّامِر والدَّامِق والزَّامِجُ واللَّعمَظ واللَّعْمُوظ والمَكْزَم.
والطُّفال والطَّفال: الطِّين اليابس، يَمانيةٌ.
وطَفِيلٌ، بفتح الطاء: اسم جبل، وقيل موضع؛ قال: وهَلْ أَرِدَنْ، يوماً، مِياه مَجَنَّة؟ وهَلْ يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفِيل؟ قال ابن الأَثير: وفي شعر بلال: وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفِيل؟ قال: قيل هما جبلان بنواحي مكة، وقيل عينانِ.
وقال الليث: التَّطْفِيل من كلام أَهل العراق، ويقال: هو يَتَطَفَّل في الأَعراس، وقال أَبو طالب قولهم الطُّفَيْليُّ: قال الأَصمعي: هو الذي يدخل على القوم من غير أَن يَدْعُوه، نأْخوذ من الطَّفَل وهو إِقبال الليل على النهار بظُلْمته.
وقال أَبو عمرو: الطَّفَلُ الظُّلمة نفسُها؛ وأَنشد لابن هَرْمة: وقد عَرانيَ من لَوْنِ الدُّجَى طَفَلُ أَراد أَنه يُظْلِمُ على القوم أَمرُه فلا يدرون مَن دَعاه ولا كيف دَخَل عليهم؛ قال: وقال أَبو عبيدة نسب إِلى طُفَيْل بن زَلاَّلٍ رجل من أَهل الكوفة.
وريحٌ طِفْلٌ إِذا كانت ليِّنة الهبوب.
وعُشْبٌ طِفْلٌ: لم يَطُلْ، وطَفْلٌ أَي ناعمٌ.

عسل (لسان العرب) [0]


قال الله عز وجل: وأَنهارٌ من عَسَل مُصَفى؛ العَسَلُ في الدنيا هو لُعاب النَّحْل وقد جعله الله تعالى بلطفه شِفاءً للناس، والعرب تُذَكِّر العَسَل وتُؤنِّثه، وتذكيره لغة معروفة والتأْنيث أَكثر؛ قال الشماخ:كأَنَّ عُيونَ الناظِرِين يَشُوقُها بها عَسَلٌ، طابت يدا من يَشُورُها بها أَي بهذه المرأَة كأَنه قال: يَشُوقُها بِشَوْقِها إِيَّاها عَسَلٌ؛ الواحدة عَسَلةٌ، جاؤوا بالهاء لإِرادة الطائفة كقولهم لَحْمة ولبَنَة؛ وحكى أَبو حنيفة في جمعه أَعْسال وعُسُلٌ وعُسْلٌ وعُسُولٌ وعُسْلانٌ، وذلك إِذا أَردت أَنواعه؛ وأَنشد أَبو حنيفة: بَيْضاءُ من عُسْلِ ذِرْوَةٍ ضَرَبٌ، شِيبَتْ بماء القِلاتِ من عَرِم القِلاتُ: جمع قَلْتٍ، والعَرِمُ: جمع عَرِمة، وهي الصُّخور تُرْصَف ويُقْطَع بها . . . أكمل المادة الوادي عَرْضاً لتكون رَدّاً للسَّيْل.
وقد عَسَّلَتِ النَّحْل تعسيلاً.
والعَسَّالة: الشُّورة التي تَتَّخِذ فيها النَّحْلُ العَسَلَ من راقُودٍ وغيره فتُعَسِّل فيه.
والعَسَّالة والعاسِلُ: الذي يَشْتارُ العَسَلَ من موضعه ويأْخُذه من الخَلِيَّة؛ قال لبيد: بأَشْهَبَ من أَبكارِ مُزْنِ سَحابة، وأَرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد شارَه من النَّحْل فعدّى بحذف الوَسِيط كاخْتارَ مُوسى قومَه سَبْعِين رَجُلاً.
ومَكانٌ عاسِلٌ: فيه عَسَلٌ؛ وقول أَبي ذؤيب: تَنَمَّى بها اليَعْسُوبُ حَتَّى أَقَرَّها إِلى مَأْلَفٍ، رَحْبِ المَباءةِ، عاسِلِ إِنما هو على النَّسَب أَي ذي عَسَلٍ، والعرب تُسَمِّي صَمْغَ العُرْفُط عَسَلاً لحلاوته، وتقول للحديث الحُلْو: مَعْسُولٌ.
واستعار أَبو حنيفة العَسَلَ لِدِبْس الرُّطَب فقال: الصَّقْرُ عَسَلُ الرُّطَب وهو ما سال من سُلافَتِه، وهو حُلْوٌ بمَرَّةٍ، وعَسَلُ النَّحْل هو المنفرد بالاسم دون ما سواه من الحُلْو المسمَّى به على التشبيه.
وعَسَلَ الشيءَ يَعْسِلُه ويَعْسُله عَسْلاً وعَسَّله: خَلَطَه بالعَسَل وطَيّبه وحَلاَّه.
وعَسَّلْتُ الرجُلَ: جَعَلْتُ أُدْمَه العَسَل.
واسْتَعْسَلَ القومُ: اسْتَوْهَبوا العَسَل.
وعَسَّلْتُ القومَ: زوَّدتهم إِيَّاه.
وعَسَلْتُ الطعامَ أَعْسِلُه وأَعْسُله أَي عمِلْته بالعَسَل.
وزَنْجَبِيل مُعَسَّل أَي مَعْمول بالعَسَل؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:إِذا أَخَذَتْ مِسْواكَها مَنَحَتْ به رُضاباً، كطَعْم الزَّنْجَبِيل المُعَسَّل وفي الحديث في الرجل يُطَلِّق امرأَته ثم تَنْكِح زوجاً غيره: فإِن طَلَّقها الثاني لم تَحِلَّ للأَوَّل حتى يَذُوقَ من عُسَيْلَتِها وتَذُوقَ من عُسَيْلَته، يعني الجِماع على المَثَل.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لامرأَة رِفاعة القُرَظِيِّ، وقد سأَلَتْه عن زوج تَزَوَّجَتْه لِتَرْجِع به إِلى زَوْجِها الأَوَّل الذي طَلَّقها، فلم يَنْتَشِرْ ذَكَرُه للإِيلاج فقال له: أَتُرِيدينَ أَن تَرْجِعي إِلى رِفاعة؟ لا، حَتَّى تَذُوقي عُسَيْلَتَه ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، يعني جِماعَها لأَن الجِماع هو المُسْتَحْلى من المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الجماع بذَوْق العَسَل فاستعار لها ذَوْقاً؛ وقالوا لكُلِّ ما اسْتَحْلَوْا عَسَلٌ ومَعْسول، على أَنه يُسْتَحْلى اسْتِحْلاء العَسَل، وقيل في قوله: حتى تَذُوقي عُسَيْلَته ويَذوق عُسَيْلَتَك، إِنَّ العُسَيْلة ماء الرجل، والنُّطْفَةُ تُسَمَّى العُسَيْلة؛ وقال الأَزهري: العُسَيْلة في هذا الحديث كناية عن حَلاوة الجِماع الذي يكون بتغييب الحَشَفة في فرج المرأَة، ولا يكون ذَواقُ العُسَيْلَتَيْن معاً إِلا بالتغييب وإِن لم يُنْزِلا، ولذلك اشترط عُسَيْلَتهما وأَنَّثَ العُسَيْلة لأَنه شَبَّهها بقِطْعة من العَسَل؛ قال ابن الأَثير: ومن صَغَّرَه مؤنثاً قال عُسَيْلة كَقُوَيْسة وشُمَيْسة، قال: وإِنما صَغَّرَه إِشارة إِلى القدر القليل الذي يحصل به الحِلُّ.
ويقال: عَسَلْت من طَعامه عَسَلاً أَي ذُقْت.
وعَسَلَ المرأَةَ يَعْسِلُها عَسْلاً: نكَحها، فإِمَّا أَن تكون مشتقَّة من قوله حتى تَذُوقي عُسَيْلته ويَذُوق عُسَيْلتك، وإِمَّا أَن تكون لفظَةً مُرْتَجَلَة على حِدَة، قال ابن سيده: وعندي أَنها مشتقة.
والمَعْسُلة (* قوله «والمعسلة» هكذا ضبط في الأصل وفي موضعين من المحكم بضم السين وعليه علامة الصحة، ووزنه في القاموس بمرحلة) الخَلِيَّة؛ يقال: قَطَفَ فلان مَعْسُلَتَه إِذا أَخذ ما هنالك من العَسَل، وخَلِيَّة عاسِلةٌ، والنَّحْل عَسَّالة.
وما أَعرف له مَضْرِبَ عَسَلة: يعني أَعْراقَه؛ ويقال: ما لِفُلان مضرِبُ عَسَلَة يعني من النسب، لا يستعملان إِلاَّ في النفي؛ وقيل: أَصل ذلك في شَوْر العَسَل ثم صار مثلاً للأَصل والنسب.
وعَسَلُ اللُّبْنى: شيءٌ يَنْضَحُ من شَجَرِها يُشْبِه العَسَل لا حَلاوة له.
وعَسَلُ الرِّمْث: شيء أَبيض يخرج منه كأَنَّه الجُمَان.
وعَسَلَ الرجُلَ: طَيَّب الثناءَ عليه؛ عن ابن الأَعرابي، وهو من العَسَل لأَن سامِعَه يَلَذُّ بِطيبِ ذِكْرِه.
والعَسَلُ: طِيبُ الثناء على الرجل.
وفي الحديث: إِذا أَراد الله بعبد خيراً عَسَلَه في الناس أَي طَيَّب ثَناءه فيهم؛ وروي أَنه قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما عَسَلَه؟ فقال: يَفْتَح له عَمَلاً صالحاً بين يَدَيْ موته حتى يَرْضى عنه مَنْ حَوْلَه أَي جَعَل له من العمل الصالح ثناء طَيِّباً، شَبَّه ما رَزَقَه اللهُ من العمل الصالح الذي طاب به ذِكْرُه بين قومه بالعَسَل الذي يُجْعَل في الطعام فَيَحْلَوْلي به ويَطِيب، وهذا مَثَلٌ، أَي وفَّقَه الله لعمل صالح يُتْحِفه كما يُتْحِف الرجل أَخاه إِذا أَطعمه العَسَل.
ويقال: لَبَنَهُ ولَحَمه وعَسَلَهُ إِذا أَطعمه اللبن واللحم والعَسَل.
والعُسُلُ: الرجال الصالحون، قال: وهو جمع عاسِلٍ وعَسُول، قال: وهو مما جاء على لفظ فاعل وهو مفعول به، قال الأَزهري: كأَنه أَراد رجل عاسِلٌ ذو عَسَل أَي ذو عَمَلٍ صالِحٍ الثَّناء به عليه يُسْتَحْلى كالعَسَل.
وجارية مَعْسُولة الكلام إِذا كانت حُلْوة المَنْطِق مَلِيحة اللفظ طَيِّبة النَّغْمة.
وعَسَلَ الرُّمْحُ يَعْسِلُ عَسْلاً وعُسُولاً وعَسَلاناً: اشْتَدَّ اهتزازُه واضْطَرَب.
ورُمْحٌ عَسَّالٌ وعَسُولٌ: عاسِلٌ مُضْطَرِبٌ لَدْنٌ، وهو العاتِرُ وقد عَتَرَ وعَسَلَ؛ قال: بكُلِّ عَسَّالٍ إِذا هُزَّ عَتَر وقال أَوس: تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه يَداكَ، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ والعَسَلُ والعَسَلانُ: أَن يَضْطَرِم الفرسُ في عَدْوِه فيَخْفِق برأْسه ويَطَّرِد مَتْنُه.
وعَسَل الذِّئْبُ والثعلبُ يَعْسِلُ عَسَلاً وعَسَلاناً: مَضَى مُسْرِعاً واضْطَرب في عَدْوِه وهَزَّ رأْسَه؛ قال: واللهِ لولا وَجَعٌ في العُرْقُوب، لكُنْتُ أَبْقَى عَسَلاً من الذِّيب استعاره للإِنسان؛ وقال لبيد: عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً، بَرَدَ اللَّيْلُ عليه فنَسَل وقيل: هو للنابغة الجعدي، والذئب عاسِلٌ، والجمع العُسَّل والعَواسِل؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة: لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه فيه، كما عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ أَراد عَسَلَ في الطريق فحذف وأَوْصل، كقولهم دَخَلْتُ البيت، ويروى لَذٌّ.
والعَسَلُ حَبابُ الماء إِذا جَرَى من هُبوب الرِّيح.
وعَسَلَ الماءُ عَسَلاً وعَسَلاناً: حَرَّكَتْه الريحُ فاضْطَرَب وارْتَفَعَتْ حُبُكُه؛ أَنشد ثعلب: قد صبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ ما زَحَل حَوْضاً، كأَنَّ ماءه إِذا عَسَل من نافِضِ الرِّيحِ، رُوَيْزِيٌّ سَمَل الرُّوَيْزِيُّ: الطَّيْلَسانُ، والسَّمَل: الخَلَق، وإِنما شَبَّه الماءَ في صَفائه بخُضْرة الطَّيْلَسان وجعله سَمَلاً لأَن الشيء إِذا أَخْلَق كان لونُه أَعْتَق.
وعَسَلَ الدَّليلُ بالمَفازة: أَسرع.
والعَنْسَل: الناقةُ السريعة، ذهب سيبويه إِلى أَنه من العَسَلانِ.
وقال محمد بن حبيب: قالوا للعَنْس عَنْسَل، فذهب إِلى أَن اللام من عَنْسَل زائدة، وأَن وزن الكلمة فَعْلَلٌ واللام الأَخيرة زائدة؛ قال ابن جني: وقد تَرَك في هذا القول مذهب سيبويه الذي عليه ينبغي أَن يكون العمل، وذلك أَن عَنْسَل فَنْعَلٌ من العَسَلانِ الذي هو عَدْوُ الذئب، والذي ذهب إِليه سيبويه هو القول، لأَن زيادة النون ثانيةً أَكثر من زيادة اللام، أَلا ترى إِلى كثرة باب قَنْبَر وعُنْصُل وقِنْفَخْرٍ وقِنْعاس وقلة باب ذلِك وأُولالِك؟ قال الأَعشى: وقد أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلا، ةِ بالحُرَّةِ البازِلِ العَنْسَل والنون زائدة.
ويقال: فلان أَخْبَثُ من أَبي عِسْلة ومن أَبي رِعْلة ومن أَبي سِلْعامَة ومن أَبي مُعْطة، كُلُّه الذِّئب.
ورَجُلٌ عَسِلٌ: شديد الضَّرْب سَرِيعُ رَجْعِ اليد بالضَّرْب؛ قال الشاعر: تَمْشِي مُوالِيةً، والنَّفْس تُنْذِرُها مع الوَبِيلِ، بكَفِّ الأَهْوَجِ العَسِل والعَسِيلُ: مِكْنَسة الطِّيب، وهي مِكْنَسَة شَعَرٍ يَكْنِس بها العطَّارُ بَلاطَه من العِطْر؛ قال: فَرِشْني بخَيْرٍ، لا أَكونُ ومِدْحَتي كَناحِتِ، يوماً، صَخْرةٍ بِعَسِيل فَصَلَ بين المضاف والمضاف إِليه بالظرف (* قوله «فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف» هذه عبارة المحكم وضبط صخرة فيه بالجر.
وقوله «أراد إلخ» هذه عبارة التهذيب وضبط صخرة فيه بالنصب وعليه يتم تمثيله ببيت أبي الأسود فهما روايتان في البيت كما لا يخفى، وقوله بعد «وقيل أراد لا أكونن» لعله سقط قبل هذا ما يحسن العطف عليه، وفي التهذيب والصحاح: لا أكونن، بنون التوكيد) ؛ أَراد كناحِتٍ صَخْرةً يوماً بعَسِيلٍ، هكذا أُنشد عن الفراء؛ ومثله قول أَبي الأَسود: فأَلْفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ، ولا ذاكِرِ اللهَ إِلا قليلا أَراد: ولا ذاكِرٍ اللهَ؛ وأَنشد الفراء أَيضاً: رُبَّ ابْن عَمٍّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ، طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ وقيل: أَراد لا أَكونَنْ ومِدْحَتي.
والعَسيل: الرِّيشة التي تُقْلَع بها الغالِية، وجمعها عُسُلٌ.
وإِنه لَعِسْلٌ من أَعْسالِ المالِ أَي حَسَنُ الرِّعية له، يقال عِسْلُ مالٍ كقولك إِزاء مالٍ وخالُ مالٍ أَي مُصْلح مالٍ.
والعَسيل: قَضيب الفيل، وجمعه عُسُلٌ.
والعَسَلُ والعَسَلانُ: الخبَب.
وفي حديث عمر: أَنه قال لعمرو بن مَعْدِيكَرِب: كَذَبَ، عليْك العَسَلَ أَي عليْك بسُرْعة المَشْي؛ هو من العَسَلان مَشْيِ الذئب واهتزاز الرمح، وعَسَلَ بالشيء عُسُولاً.
ويقال: بَسْلاً له وعَسْلاً، وهو اللَّحْيُ في المَلام.
وعَسَلِيُّ اليهودِ: علامَتُهم.
وابن عَسَلة: من شعرائهم؛ قال ابن الأَعرابي: وهو عَبْدالمَسيح بن عَسَلة.
وعاسِلُ بن غُزَيَّة: من شُعَراء هُذَيل.
وبَنُو عِسْلٍ: قَبيلةٌ يزعمون أَن أُمَّهم السِّعْلاة.
وقال الأَزهري في ترجمة عسم: قال وذكر أَعرابي (* قوله «قال وذكر أعرابي» القائل هو النضر بن شميل كما يؤخذ من التهذيب) أَمَةً فقال: هي لنا وكُلُّ ضَرْبَةٍ لها من عَسَلةٍ؛ قال: العَسَلة النَّسْل.

ضحا (لسان العرب) [0]


الضَّحْوُ والضَّحْوَةُ والضَّحِيَّةُ على مثال العَشِيَّة: ارْتِفاعُ النهار: أَنشد ابن الأَعرابي: رَقُِود ضَحِيَّاتٍ كأَنَّ لِسانَهُ، إِذا واجَهَ السُّفّارَ، مِكْحالُ أَرْمَدا والضُّحى: فُوَيْقَ ذلك أُنْثى وتَصْغيرُها بغَيْر هاءٍ لِئَلاَّ يَلْتَبِسَ بتَصْغير ضَحْوَةٍ.
والضَّحاءُ، ممدودٌ، إِذا امْتَدَّ النهارُ وكرَبَ أَن يَنْتَصِفَ؛ قال رؤْبة: هابي العَشِيِّ دَيْسَق ضَحاؤُه وقال آخر: عَلَيْهِ مِنْ نَسْجِ الضُّحى شُفوفُ شَبَّه السَّرابَ بالسُّتور البيض، وقيل: الضُّحى من طلوعِ الشمس إِلى أَنَ يَرْتَفِعَ النهارُ وتَبْيَضَّ الشمس جدّاً، ثم بعد ذلك الضَّحاءُ إِلى قَريب من نِصْفِ النهار، قال الله تعالى: والشمسِ وضُحاها؛ قال الفراء: ضُحاها نَهارُها، وكذلك قوله: والضُّحى واللَّيْلِ إِذا سَجا؛ هو النهارُ كُلُّه؛ قال الزَّجاج: وضُحاها وضِيائها، . . . أكمل المادة وقال في قوله والضُّحى: والنهارِ، وقيل: ساعةٌ من ساعات النهار.
والضُّحى: حينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيَصْفو ضَوْءُها.
والضَّحاء، بالفتح والمدّ، إِذا ارْتَفَعَ النَّهارُ واشْتَدَّ وَقْعُ الشمس، وقيل: هُو إِذا عَلَتِ الشَّمْسُ إِلى رُبْعِ السَّماءِ فَما بَعْدَه.
والضَّحاء: ارْتِفاعُ الشَّمْس الأَعلى.
والضُّحى، مقصورة مؤَنثة: وذلك حينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ.
وفي حديث بلال: فَلَقَدْ رأَيْتُهم يَتَرَوَّحون في الضَّحاء أَي قريباً من نِصْفِ النهارِ، فأَمّا الضَّحْوة فهو ارتفاعُ أَول النَّهارِ، والضُّحى، بالضَّمّ والقصر، فَوْقَه، وبه سُمِّيَتْ صلاة الضُّحى. غيره: ضَحْوَةُ النَّهارِ بعدَ طُلوعِ الشَّمْس ثم بعده الضُّحى، وهي حينَ تُشْرِقُ الشمسُ؛ قال ابن بري: وقد يقالُ ضَحْوٌ لغة في الضُّحى؛ قال الشاعر: طَرِبْتَ وهاجَتْكَ الحَمامُ السَّواجِعُ، تَميلُ بها ضَحْواً غُصونٌ يَوانِعُ قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون ضُحَيٌّ تصغيرَ ضَحْو. قال الجوهري: الضُّحى مقصورة تؤَنث وتذكر، فمن أَنث ذهب إِلى أَنها جمع ضَحْوَةٍ، ومن ذكَّر ذهب إِلى أَنه اسمٌ على فُعَلٍ مثل صُرَدٍ ونُغَرٍ، وهو ظرْف غير متمكن مثلُ سَحَر، تقول: لقِيتُه ضُحىً وضُحَى، إِذا أَرَدْتَ به ضُحى يَوْمِكَ لم تُنَوِّنْه؛ قال ابن بري: ضُحىً مصروفٌ على كلِّ حالٍ؛ قال الجوهري: ثم بعده الضَّحاءُ ممدودٌ مذكَّرٌ وهو عند ارتِفاعِ النهار الأَعلى، تقول منه: أَقَمْتُ بالمكان حتى أَضْحَيْت كما تقول من الصَّبِاح أَصْبَحْت.
ومنه قول عمر، رضي الله عنه: أَضْحُوا بصَلاةِ الضُّحى أَي صَلُّوها لِوَقْتهِا ولا تُؤَخِّروها إِلى ارْتِفاعِ الضُّحى.
ويقال: أَضْحَيْتُ بصَلاةِ الضُّحى أَي صَلَّيْتُها في ذلك الوقتِ.
والضَّحاءُ أَيضاً: الغَداءُ، وهو الطَّعامُ الذي يُتَغَدَّى به، سُمِّيَ بذلك لأَنه يُؤْكلُ في الضَّحاءِ، تقول: هم يَتَضَحَّوْن أَي يَتَغَدَّوْنَ؛ قال ابن بري: ومنه قول الجعدي: أَعْجَلَها أَقْدُحي الضَّحاءَ ضُحىً، وهي تُناصي ذَوائِبَ السَّلَمِ وقال يزيد بن الحَكم: بِها الصَّوْنُ: إِلاَّ شَوطَها من غَداتِها لتَمْرينها، ثُمَّ الصَّبوحُ ضَحاؤُها وفي حديث سَلَمَة بن الأَكْوَعِ: بَيْنا نحنُ نَتَضَحَّى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي نَتَغَدَّى، والأَصلُ فيه أَن العرَبَ كانوا يَسيرونَ في ظَعْنِهِمْ فإِذا مَرُّوا بِبُقْعَةٍ من الأَرض فيها كَلأٌ وعُشْبٌ قال قائِلُهم: أَلا ضَحُّوا رُوَيْداً أَي ارْفُقوا بالإِبلِ حتى تَتَضَحَّى أَي تَنالَ من هذا المَرْعى، ثم وُضِعََتِ التَّضْحِيَة مكانَ الرِّفْقِ لتَصِلَ الإِبل إِلى المَنْزِل وقد شَبِعَتْ، ثم اتََّسِعَ فيه حتى قيل لكُلِّ مَنْ أَكَلَ وقتَ الضُّحى هو يتَضَحَّى أَي يأَكُلُ في هذا الوقْتِ كما يقال يَتَغَدَّى ويتعشَّى في الغَداء والعَشاء.
وضَحَّيْتُ فلاناً أُضَحِّيه تَضْحِيَةً أَي غَدَّيْتُه؛ وأَنشد لذي الرمة: تَرى الثَّوْرَ يَمْشي، راجِعاً مِنْ ضَحائِهِ بها، مِثْلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيّ المُسَرْوَلِ الهِبْرِزِيُّ: الماضي في أَمْرِه؛ من ضَحائِه أَي منْ غَدائِه من المَرْعى وقتَ الغَداءِ إِذ ارْتَفَع النهارُ.
ورجل ضَحْيانٌ إِذا كانَ يأْكُلُ في الضُّحى.
وامرأَةٌ ضَحْيانَةٌ مثل غَدْيانٍ وغَدْيانَةٍ.
ويقال: هذا يُضاحينا ضَحِيَّةَ كلِّ يومٍ إِذا أَتاهُم كلَّ غَداةٍ.
وضَحّى الرجلُ: تَغَدَّى بالضُّحى؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: ضَحَّيْتُ حتى أَظْهَرَتْ بمَلْحوبْ، وحَكَّتِ السَّاقَ بِبَطْنِ العُرْقوبْ يقول: ضَحَّيْت لكَثْرَةِ أَكْلِها أَي تغَدَّيْت تلك الساعةَ انتِظاراً لها، والاسمُ الضَّحاءُ على مِثالِ الغَداءِ والعَشاء، وهو ممدودٌ مذَكَّر.
والضَّاحِيةُ من الإِبلِ والغَنَمِ: التي تَشْرَبُ ضُحى.
وتَضَحَّتِ الإِبلُ: أَكَلَتْ في الضُّحى، وضَحَّيتُها أَنا.
وفي المثل: ضَحِّ ولا تَغْتَرَّ، ولا يقال ذلك للإِنسان؛ هذا قولُ الأَصْمعي وجعله غيرُه في الناسِ والإِبلِ، وقيل: ضَحَّيْتُها غَذَّيْتُها أَيَّ وقْتٍ كان، والأَعْرَف أَنه في الضُّحى.
وضَحَّى فلان غنَمه أَي رعاها بالضُّحى. قال الفراء: ويقال ضَحَّتِ الإِبلُ الماءَ ضُحىً إِذا وَردَتْ ضُحىً؛ قال أَبو منصور: فإِن أَرادوا أَنها رَعَتْ ضُحىً قالوا تَضَحَّت الإِبلُ تَتَضَحَّى تَضَحِّياً.
والمُضَحّي: الذي يُضَحّي إِبله.
وقد تُسَمّى الشمسُ ضُحىً لظُهورِها في ذلك الوَقْتِ.
وأَتَيْتُك ضَحْوَةً أَي ضُحىً، لا تُسْتَعْمَل إِلا ظرفاً إِذا عنَيْتَها من يومِك، وكذلك جميعُ الأَوْقاتِ إِذا عَنَيْتَها من يومِك أَو لَيْلَتِكَ، فإِن لم تَعْنِ ذلك صَرَّفْتَها بوجوه الإِعْراب وأَجْرَيْتها مُجْرى سائرِ الأَسْماء.
والضَّحِيَّة: لغةٌ في الضَّحْوَةِ؛ عن ابن الأَعرابي، كما أَنَّ الغَدِيَّة لغةٌ في الغَداةِ، وسيأْتي ذكرُ الغَدِيَّة.
وضاحاهُ: أَتاه ضُحىً.
وضاحَيْتُه: أَتيتُه ضَحاءً.
وفلانٌ يُضاحينا ضَحْوَ كل يومٍ أَي يأْتِينا.
وضَحَّيْنا بني فلانٍ: أَتيناهْم ضُحىً مُغيرينَ عليهم؛ وقال: أَراني، إِذا ناكَبْتُ قوْماً عَداوَةً فضحَّيْتُهم، اني على الناسِ قادِرُ وأَضْحَيْنا: صِرْنا في الضُّحى وبلغْناها، وأَضْحى يفعلُ ذلك أَي صار فاعِلاً له وقتِ الضُّحى كما تقول ظَلَّ، وقيل: إِذا فعل ذلك من أَولِ النهارِ، وأَضْحى في الغُدُوِّ إِذا أَخَّرَه.
وضَحَّى بالشاةِ: ذَبَحها ضُحى النَّحْر، هذا هو الأَصل، وقد تُسْتَعمَل التَّضْحِيةُ في جميع أَوقات أَيام النَّحْر.
وضَحَّى بشاةٍ من الأُضْحِيةِ وهي شاةٌ تُذْبَحُ يومَ الأَضْحى.
والضَّحيَّة: ما ضَحِّيْت به، وهي الأَضْحاةُ، وجمعها أَضْحىً يذكَّر ويؤَنَّث، فمن ذكَّر ذهَبَ إِلى اليومِ؛ قال أَبو الغُولِ الطُّهَوي (* قوله «أبو الغول الطهوي» قال في التكملة الشعر لابي الغول النهشلي لا الطهوي، وقوله: لعك منك أقرب أو جذام قال في التكملة: هكذا وقع في نوادر أبي زيد، والرواية: أعك منك أقرب أم جذام بالهمزة لا باللام). رَأَيْتُكمُ بني الخَذْواءِ لما دَنا الأَضْحى وصَلَّلَتِ اللِّحامُ، تَولَّيْتُم بوِدِّكُمُ وقُلْتُمْ: لَعَكٌّ منكَ أَقْرَبُ أَو جُذَامُ وأَضْحىً: جمع أَضْحاةٍ مُنَوَّناً، ومثلُه أَرْطىً جمعُ أَرْطاةٍ؛ وشاهِدُ التأْنيث قول الآخر: يا قاسِمَ الخَيراتِ يا مَأْوى الكَرَمْ، قد جاءَتِ الأَضْحى وما لي من غَنَمْ وقال: أَلا ليت شِعْري هلْ تَعودَنَّ بعدَها على الناس أَضْحى تجْمَعُ الناسَ، أَو فِطْرُ قال يعقوب: يُسَمَّى اليومُ أَضْحىً بجمع الأَضْحاةِ التي هي الشَّاةُ، والإِضْحِيَّة والأُضْحِيَّة كالضَّحِيَّة. ابن الأَعرابي: الضَّحِية الشاةُ التي تُذْبَحُ ضَحْوَةً مثل غَدِيَّةٍ وعَشِيَّة، وفي الضَّحِيَّة أَربعُ لغاتٍ: أُضْحِيَّةٌ وإِضْحِيَّةٌ والجمع أَضاحيُّ، وضَحِيَّةٌ على فَعِيلة، والجمع ضَحايا، وأَضْحاةٌ، والجمع أَضْحىً كما يقال أَرْطاةٌ وأَرْطىً، وبها سُمِّيَ يومُ الأَضْحى.
وفي الحديث: إِن على كل أَهلِ بيْتٍ أَضْحاةً كلَّ عامٍ أَي أُضحية؛ وأَما قولُ حَسَّان بن ثابت يَرْثي عثمانَ، رضي الله عنه: ضَحَّوْا بأَشْمَطَ، عُنوانُ السُّجودِ به، يُقَطِّعُ اللَّيلِ تسْبِيحاً وقُرْآنا فإِنه اسْتَعارَهُ وأَرادَ قِراءةً.
وضَحَا الرجل ضَحْواً وضُحُوّاً وضُحِيّاً: بَرَز للشمس.
وضَحا الرجل وضَحِيَ يَضْحى في اللغتين معاً ضُحُوّاً وضُحِيّاً: أَصابَتْه الشمسُ.
وفي التهذيب: قال شمر ضَحِيَ يَضْحى ضُحِيّاً وضَحا يَضْحُو ضُحُوّاً، وعن الليث ضَحِيَ الرجلُ يَضْحى ضَحاً إِذا أَصابَهُ حَرُّ الشمس. قال الله تعالى: وأَنك لا تَظْمَأُ فيها ولا تَضْحى؛ قال: لا يُؤْذِيك حَرُّ الشمس.
وقال الفراء: لا تَضْحى لا تُصِيبُك شمسٌ مؤْذِيَةٌ، قال: وفي بعض التفسير ولا تَضْحى لا تََعْرَق؛ قال الأَزهري: والأَول أَشْبَهُ بالصواب؛ وأَنشد: رَأَتْ رَجُلاً، أَمَّا إِذا الشمس عارضَتْ فيَضْحى، وأَمَّا بالعَشيِّ فَيَخْصَرُ وضَحِيتُ، بالكسر، ضَحىً: عَرِقتُ. ابن عرفة: يقال لكل من كان بارِزاً في غيرِ ما يُظِلُّه ويُكِنه إِنه لضاحٍ؛ ضَحِيتُ للشمس أَي بَرَزْت لها، وضَحَيْتُ للشمس لغةٌ.
وفي الحديث عن عائشة: فلم يَرُعْني إِلا ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد ضَحا أَي ظَهَر؛ قال شمر: قال بعضُ الكلابيِّينَ الضاحي الذي بَرَزَتْ عليه الشمس وغَدا فلانٌ ضَحِياً وغَدا ضاحِياً وذلك قُرْبَ طُلوعِ الشمس شيئاً، ولا يزالُ يقالُ غَدا ضاحِياً ما لم تكن قائلةٌ.
وقال بعضُهم: الغادي أَن يَغْدُوَ بعد صلاةِ الغَداةِ، والضاحي إِذا اسْتَعْلَت عليه الشمس.
وقال بعض الكِلابيِّينَ: بين الغادي والضاحي قَدْرُ فُواقِ ناقةٍ؛ وقال القُطامي: مُسْتَبْطئُوني، وما كانت أَناتُهُمُ إِلا كما لبثَ الضاحي عن الغادي (* قوله «مستبطئوني» هكذا في الأصل، وفي التهذيب: مستبطئون).
وضَحَيْتُ للشمس وضَحِيتُ أَضْحى منهما جميعاً.
والمَضْحاةُ: الأَرض البارزةُ التي لا تكادُ الشمس تَغِيبُ عنها، تقول: عليكَ بمَضْحاةِ الجبل.
وضَحا الطريق يَضْحُو ضُحُوّاً: بَدا وظَهَر وبَرَزَ.
وضاحِيةُ كلِّ شيء: ما بَرَزَ منه.
وضَحا الشَّيءُ وأَضْحَيْتُه أَنا أَي أَظْهَرْتُه.
وضَواحي الإِنسان: ما بَرَزَ منه للشمس كالمَنْكِبَيْن والكَتِفَيْنِ. ابن بري: والضَّواحي من الإِنسان كَتِفاهُ ومَتْناه؛ وقيل: إِن الأَصمعي دخل على سعيد بن سَلْمٍ وكان ولدُ سعيدٍ يَترَدَّدُ إِليه ابن الأَعرابي فقال له الأَصمعيُّ: أَنشد عمَّك مما رواه أُستاذُكَ، فأَنشد: رَأَتْ نِضْوَ أَسْفارٍ، أُمَيْمَةُ، قاعِداً على نِضْوِ أَسفارٍ، فَجُنَّ جُنُونُها فقالت مِنَ أَيِّ الناسِ أَنتَ، ومن تكنْ؟ فإِنكَ راعي ثَلَّةٍ لا يَزِينُها فقلتُ لها: ليس الشُّحوبُ على الفَتى بعارٍ، ولا خَيرُ الرجالِ سَمِينُها عليكِ براعِي ثَلَّةٍ مُسْلَحِبَّةٍ، يرُوحُ عليه مَحْضُها وحَقِينُها (* قوله «محضها» هكذا في بعض الاصول، وفي بعضها: مخضها، بالخاء). سَمينِ الضَّواحي لم تُؤَرِّقْه ليلةً، وأَنْعَمَ، أَبْكارُ الهمومِ وعُونُها الضَّواحي: ما بَدا من جَسَدِه، ومعناه لم تُؤَرِّقْه ليلةً أَبكارُ الهمومِ وعُونُها، وأَنْعَمَ أَي وزادَ على هذه الصِّفةِ.
وضَحِيتُ للشمس ضَحاءً، ممدودٌ، إِذا بَرَزْت، وضَحَيت، بالفتح، مثلُه، والمُسْتَقْبَلُِ أَضْحى في اللغتين جميعاً.
وفي الحديث: أَن ابن عمر، رضي الله عنهما، رأَى رجلاً مُحْرِماً قد استَظَلَّ فقال أَضْحِ لمن أَحْرَمْتَ له أَي اظْهَرْ واعْتَزِلِ الكِنَّ والظِّلَّ؛ هكذا يَرْويه المُحَدِّثون، بفتح الأَلف وكسر الحاء، من أَضْحَيْت؛ وقال الأَصمعي: إِنما هو اضْحَ لِمَن أَحْرَمْتَ له، بكسر الهمزة وفتح الحاء، من ضَحِيتُ أَضْحَى، لأَنه إِنما أَمَرَهُ بالبروز للشمس؛ ومنه قوله تعالى: وأَنك لا تَظْمَأُ فيها ولا تَضْحَى والضَّحْيانُ من كُلِّ شيءٍ: البارِزُ للشمسِ؛ قال ساعدة بن جُؤَّيَّة: ولو أَنَّ الذي تَتْقَى عليه بضَحْيانٍ أَشَمَّ به الوُعُولُ قال ابن جني: كان القياس في ضَحْيانٍ ضَحْوانٌ لأَنه من الضَّحْوة، أَلا تَراهُ بارِزاً ظاهِراً، وهذا هو معنى الضَّحْوةِ إِلا أَنه اسْتُخِفَّ بالياء، والأُنْثى ضَحْيانَةٌ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: يَكْفيك، جهلَ الأَحْمَقِ المُسْتَجْهَلِ، ضَحْيانَةٌ من عَقَداتِ السَّلْسَلِ فسَّره فقال: ضَحْيانَةٌ عَصاً نَبَتَتْ في الشمس حتى طَبَخَتْها وأَنْضَجَتْها، فهي أَشدُّ ما يكونُ، وهي من الطَّلْحِ، وسَلْسَلٌ: حَبْلٌ من الدَّهْناءِ، ويقال سَلاسِلٌ وشجَّرُه طَلحٌ، فإِذا كانت ضَحْيانَةً وكانت من طَلْحٍ ذَهَبَتْ في الشِّدَّةِ كلَّ مذهب؛ وشَدَّ ما ضَحَيْت وضَحَوْت للشمسِ والريحِ وغيرِهِما، وتميم تَقول: ضَحَوْتُ للشمس أَضْحُو.
وفي حديث الاسْتِسْقاء: اللهم ضَاحَتْ بِلادُنا واغْبَرَّتْ أَرْضُنا أَي بَرَزَتْ للشمس وظَهَرَت بِعدمِ النَّباتِ فيها، وهي فَاعَلَتْ من ضَحَى مثلُ رامَتْ من رَمَى، وأَصلُها ضاحَيَتْ؛ المعنى أَنَّ السَّنَة أَحْرَقَت النباتَ فَبَرَزَت الأَرض للشمس.
واسْتَضْحَى للشمس: بَرَزَ لها وقَعَدَ عندها في الشِّتاءِ خاصَّة.
وضَواحِي الرجُلِ: ما ضَحَا منه للشمسِ وبَرَز كالمَنْكِبَيْنِ والكَتِفَيْنِ.
وضَحَا الشيءُ يَضْحُو فهو ضاحٍ أَي بَرَزَ.
والضاحِي من كلِّ شيءٍ: البارِزُ الظاهِرُ الذي لا يَسْتُرُه منك حائِطٌ ولا غيرُه.
وضَواحِي كلِّ شيءٍ: نَواحيهِ البارِزَةُ للشمسِ.
والضَّواحي من النَّخْلِ: ما كان خارِجَ السُّورِ، صِفةٌ غالبة لأَنها تَضْحَى للشمسِ.
وفي كتابِ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِرِ بنِ عبدِ المَلِكِ: لكُمُ الضامِنَةُ من النَّخْلِ ولَنا الضَّاحِيَة من البَعْلِ؛ يعني بالضَّامِنْةِ ما أَطَافَ به سُورُ المَدينَةِ، والضَّاحِيَة الظاهرة البارِزَة من النَّخيلِ الخارِجَة من العِمارَةِ التي لا حَائِلَ دونَها، والبَعْل النَّخْل الراسِخُ عُروقُه في الأَرض، والضامِنَة ما تَضَمَّنها الحدائِقُ والأَمْصار وأُحِيطَ عليها.
وفي الحديث: قال لأَبِي ذَرّ إِنِّي أَخافُ عليكَ من هذه الضَّاحِيَةِ أَي الناحِيةَ البارِزَة.
والضَّواحِي من الشَّجَرِ: القَلِيلةُ الوَرَق التي تَبْرُزُ عِيدانُها للشمس. قال شمر: كلُّ ما ظَهَر وبَرَزَ فقد ضَحَا.
ويقال: خرج الرجلُ من مَنْزِله فضَحَا لي.
والشَّجَرة الضَّاحِيَة: البارِزَةُ للشمسِ؛ وأَنشد لابن الدُّمَيْنَة يصف القَوْس: وخُوطٍ من فُروعِ النَّبْعِ ضاحِ، لَها في كَفِّ أَعْسَرَ كالضُّباحِ الضَّاحِي: عُودُها الذي نَبَت في غير ظِلٍّ ولا في ماءٍ فيو أَصْلَبُ له وأَجْوَدُ.
ويقال للبادِيَةِ الضاحيَةُ.
ويقال: وَلِيَ فُلانٌ على ضاحيَةِ مِصْرَ، وباعَ فلانٌ ضاحيَةَ أَرْضٍ إذا بَاعَ أَرضاً، ليس عليها حائِطٌ، وباعَ فلانٌ حائطاً وحَديقةً إذا باعَ أَرضاً عليها حائط.
وضَواحِي الحَوْض: نَوَاحِيه، وهذه الكلمة واويَّة ويائية.
وضَواحِي الرُّومِ: ما ظَهَر من بِلادِهم وبَرَزَ.
وضاحيَةُ كلِّ شيءٍ: ناحيتُه البارزَة. يقال: هم يَنْزِلُون الضَّواحي.
ومكانٌ ضاحٍ أَي بارِزٌ، قال: والقُلَّة الضَّحْيانةُ في قول تأبَّط شرّاً هي البارِزة للشَّمْسِ؛ قال ابن بري: وبيت تأَبَّط شَرّاً هو قوله: وقُلَّةٍ، كسِنانِ الرُّمْحِ، بارِزةٍ ضَحْيانَةٍ في شُهُورِ الصَّيْفِ مِحْرَاقِ بادَرْتُ قُنَّتَها صَحْبِي، وما كَسِلُوا حتى نَمَيْتُ إليها بَعْدَ إشراقِ المحراقُ: الشديدةُ الحرّ: ويقال: فَعَل ذلك الأَمرَ ضاحِيَةً أَي عَلانِيَة؛ قال الشاعر: عَمِّي الذي مَنَعَ الدينارَ ضاحِيَةً، دِينارَ نَخَّةِ كَلْبٍ، وهو مَشْهودُ وفَعَلْت الأَمْرَ ضاحِيةً أَي ظاهراً بَيّناً؛ وقال النابغة: فقد جَزَتْكُمْ بَنو ذُبْيانَ ضَاحِيةً حَقّاً يَقِيناً، ولمَّا يَأْتِنا الصَّدَرُ وأَما قوله في البيت: عَمِّي مَنَع الدِّينارَ ضاحِيَةً فمعناه أَنه مَنعه نهاراً جِهاراً أَي جاهرَ بالمَنْعِ؛ وقال لبيد: فَهَرَقْنا لَهما في دائِرٍ، لضَواحِيه نَشِيشٌ بالبَلَلْ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه رَأَى عَمْرو ابنَ حُرَيْثٍ فقال إلى أَيْنَ؟ قال: إلى الشامِ، قال: أَمّا إنَّها ضاحِيَةُ قَوْمِكَ أَي ناحِيَتُهم.
وفي حديث أَبي هريرة: وضاحِيَةُ مُضَرَ مُخالِفونَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي أَهلُ البادية منهم، وجمعُ الضاحية ضَواحٍ؛ ومنه حديث أَنس: قال له البَصْرَةُ إحْدَى المُؤتَفِكاتِ فانْزِلْ في ضَواحِيها؛ ومنه قيل: قُرَيْشُ الضَّواحِي أَي النازِلونَ بظَواهر مكة.
وليلةٌ ضَحْياءُ وضَحيَا وضَحْيانٌ وضَحيانَةٌ وإضْحيانٌ وإضْحِيانَةٌ، بالكسر: مضِيئَةٌ لا غَيْمَ فيها، وقيل: مُقْمِرَة، وخَص بعضُهم به الليلَة التي يكونُ القَمَر فيها من أَوَّلِها إلى آخِرِها.
وفي حديث إسلام أَبي ذَرٍّ: في ليلةٍ إضْحِيانٍ أَي مُقْمِرَةٍ، والأَلف والنون زائدتان.
ويومٌ إضْحِيانٌ: مُضِيءٌ لا غَيْم فيه، وكذلك قَمَر ضَحْيانٌ؛ قال: ماذا تُلاقِينَ بسَهْب إنسانْ من الجَعالاتِ به والعرْفانْ، من ظُلُماتٍ وسِرَاجٍ ضَحْيانْ وقَمَرٌ إضْحِيانٌ كضَحْيانٍ.
ويومٌ ضَحْيانٌ أَي طَلْقٌ.
وسِراجٌ ضَحْيانٌ: مُضِيءٌ.
ومَفازةٌ ضاحيَة الظِّلالِ: ليس فيها شجرٌ يُسْتَظَلُّ به.
وليس لكلامه ضُحىً أَي بيانٌ وظُهور.
وضَحَّى عن الأَمر: بَيَّنه وأَظهره؛ عن ابن الأَعرابي، وحكى أَيضاً: أَضْح لي عن أَمْرِكَ، بفتح الهمزة، أَي أَوْضِح وأَظْهِر.
وأَضْحى الشيءََ: أَظْهَرَه وأَبْداهُ؛ قال الراعي:حَفَرْنَ عُرُوقَها حتى أَجَنَّتْ مَقاتِلَها، وأَضْحَين القُرُونا والمُضَحِّي: المُبيِّنُ عن الأَمْرِ الخفِيّ؛ يقال: ضَحَّ لي عن أَمرِكَ وأَضْحِ لي عن أَمرِك.
وضَحَّى عن الشيء: رَفَقَ به.
وضَحَّ رُوَيْداً أَي لا تَعْجَلْ؛ وقال زيدُ الخيلِ الطائي: فلو أَنَّ نَصْراً أَصْلَحَتْ ذاتَ بيْنها، لضَحَّتْ رُوَيْداً عن مَطالِبِها عَمْرُو ونصرٌ وعَمْروٌ: ابْنا قُعَينٍ، وهما بطنان من بني أَسدٍ.
وفي كتاب على إلى ابن عباس، رضي الله عنهم: أَلا ضَحِّ رُوَيداً فقد بلَغْتَ المَدَى أَي اصبِرْ قليلاً. قال الأَزهري: العربُ قد تَضَع التَّضحِيةَ موضِع الرِّفْقِ والتَّأَني في الأَمرِ، وأَصلُه أَنهم في البادِية يَسيِرُون يومَ ظَعْنِهمْ، فإذا مرُّوا بلُمْعَة من الكَلإ قال قائِدُهم: أَلا ضَحُّوا رُوَيْداً، فيدَعُونَها تُضَحِّي وتَجْتَرُّ، ثم وضَعُوا التَّضْحِية موضِعَ الرِّفْقِ لِرفْقِهمْ بحَُمولتِهِم ومالِهم في ضَحائِها وما لَها من الرِّفقِ تَضْحِيتِها وبُلوغها مَثْواها وقد شَبِعتْ؛ وأَما بيت زيد الخيل فقول ابن الأَعرابي في قوله: لَضَحَّتْ رُوَيداً عن مَطالِبِها عَمْروُ بمعنى أَوْضَحتْ وبَيَّنتْ حَسَنٌ.
والعربُ تضَعُ التَّضحِية موْضِعَ الرِّفْقِ والتُّؤَدَةِ لرِفْقِهم بالمالِ في ضَحائِها كي تُوافيَ المَنْزِلَ وقد شَبِعتْ وضاحٍ: موضِعٌ؛ قال ساعدة بن جؤية: أَضَرَّ به ضاحٍ فَنَبْطا أُسَالَةٍ، فمَرٌّ فأَعْلَى حَوْزِها فخُصورُها قال: أَضَرَّ به ضاحٍ وإن كان المكان لا يَدْنُو لأَن كلَّ ما دَنا منك فقد دَنَوْت منه.
والأَضْحى من الخيلِ: الأَشْهَبُ، والأُنثى ضَحْياءُ. قال أَبو عبيدة: لا يقال للفَرَس إذا كان أَبْيَضَ أَبيضُ، ولكن يقال له أَضْحى، قال: والضُّحى منه مأْخوذٌ لأَنهم لا يُصَلُّون حتى تَطْلُعَ الشمسُ. أَبو عبيد: فَرَسٌ أَضْحى إذا كان أَبْيَضَ، ولا يقال فرسٌ أَبيضُ، وإذا اشْتَدَّ بياضُه قالوا أَبْيَض قرْطاسيٌّ.
وقال أَبو زيد: أُنْشِدْتُ بيتَ شِعرٍ ليس فيه حَلاوَةٌ ولا ضَحىً أَي ليس بِضاحٍ، قال أَبو مالك: ولا ضَحَاءٌ.
وبنو ضَحْيانَ: بطنٌ.
وعامرٌ الضَّحْيانُ: معروف؛ الجوهري: وعامرٌ الضَّحْيانُ رجل من النِّمِرِ بنِ قاسِطٍ، وهو عامرُ بن سعدِ بن الخزرجِ بن تَيْمِ الله ابنِ النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ، سُمِّيَ بذلك لأَنه كان يَقْعُدُ لقومِه في الضَّحاء يقضي بينهم؛ قال ابن بري: ويجوز عامرُ الضَّحْيانِ، بالإضافة، مِثلَ ثابتِ قُطْنَة وسَعيدِ كُرْزٍ.
وفارسُ الضَّحْياء، ممدودٌ: من فرْسانِهم.
والضَّحْياءُ: فَرَسُ عَمْرِو بنِ عامرِ بن ربيعة بن عامرِ بنِ صَعْصَةَ وهو فارسُ الضَّحْياء؛ قال خِداشُ بنُ زهير (* قوله «قال خداش بن زهير» إلى قوله: «إني فارس الضحياء يوم هبالة» البيت هكذا في الأصل، قال في التكملة والرواية: فارس الحوّاء، وهي فرس أبي ذي الرمة، والبيت لذي الرمة.
وقوله «والضحياء فرس عمرو بن عامر» صحيح والشاهد عليها بيت خداش بن زهير: أبي فارس الضحياء عمرو بن عامر البيت الثاني). بنِ ربيعةَ بنِ عَمْروِ بن عامرٍ، وعَمْروٌ جدُّه فارسُ الضَّحْياء: أَبي فارِسُ الضَّحْياءِ يومَ هُبالَةٍ، إذِ الخَيلُ، في القَتْلى من القومِ، تَعْثُرُ وهو القائل أَيضاً: أَبي فارسُ الضَّحياءِ، عَمْروُ بنُ عامرٍ، أَبَى الذَّمَّ واخْتارَ الوَفاءِ على الغَدْرِ وضَحْياءُ: موضعٌ؛ قال أَبو صخر الهُذَلي: عَفَتْ ذاتُ عِرْقٍ عُصْلُها فَرِثامُها فضَحْياؤُها وَحْشٌ قد اجْلَى سَوامُها والضَّواحي: السمواتُ؛ وأَما قول جرير يمدح عبد الملك: فما شَجَراتُ عِيصِكَ، في قُرَيْشٍ، بِعَشّاتِ الفُروعِ ولا ضَواحٍ فإنما أَراد أَنها ليست في نواحٍ؛ قال أَبو منصور: أَراد جريرٌ بالضَّواحي في بيتِه قُرَيْشَ الظَّواهِرِ، وهم الذين لا يَنْزِلُونَ شِعْبَ مكة وبَطْحاءها، أَراد جرير أَنَّ عبدَ الملك من قُرَيْش الأَباطِحِ لا مِن قُرَيْش الظَّواهِرِ، وقُرَيش الأَباطِح أَشْرف وأَكْرَمُ من قُرَيش الظَّواهِر لأَن البَطْحاوِيِّينَ من قُرَيشٍ حاضِرَةٌ وهُمْ قُطَّانُ الحَرَمِ، والظِّواهِرُ أَعْرابُ باديةٍ.
وضاحِية كلِّ بَلَدٍ: ناحِيتُها البارِزة.
ويقال: هؤلاء ينزِلُون الباطنةَ، وهؤلاء ينزِلُون الضَّواحِيَ.
وقال ابن بري في شرح بيتِ جرير: العَشَّةُ الدَّقِيقةُ والضَّواحي البادية العِيدانِ لا وَرَقَ عليها. النهاية في الحديث: ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الضِّحِّ والرِّيحِ؛ أَراد كثرة الخَيلِ والجَيْشِ. يقال: جاء فلانٌ بالضِّحِّ والرِّيحِ، وأَصلُ الضِّحِّ ضِحْيٌ.
وفي حديث أَبي بكر: إذا نَضَبَ عُمْرُه وضَحَا ظِلُّه أَي إذا مات. يقال للرجُل إذا مات وبَطَلَ: ضَحا ظِلُّه. يقال: ضَحا الظِّلُ إذا صار شَمْساً، وإذا صار ظِلُّ الإنسان شَمساً فقدْ بَطَلَ صاحِبُه وماتَ. ابن الأَعرابي: يقال للرجل إذا ماتَ ضَحا ظِلُّه لأَنه إذا مات صار لا ظِلَّ له.
وفي الدعاء: لا أَضْحى الله ظِلَّكَ؛ معناه لا أَماتَكَ اللهُ حتى يَذْهَب ظِلُّ شَخْصِكَ.
وشجرةٌ ضاحِيةُ الظّلِّ أَي لا ظِلِّ لها لأَنها عَشَّةٌ دقيقةُ الأَغصانِ؛ قال الأَزهري: وبيتُ جَريرٍ معناه جَيِّدٌ، وقد تقدم تفسيره؛ وقول الشاعر: وفَخَّمَ سَيْرَنا من قُورِ حِسْمَى مَرُوتِ الرِّعْي ضاحِيةِ الظِّلالِ يقول: رِعْيُها مَرُوتٌ لا نَباتَ فيه، وظِلالُها ضاحيةٌ أَي ليس لها ظِلٌّ لِقِلَّةِ شَجَرِها. أَبو عبيد: فَرَسٌ ضاحي العِجانِ يوصفُ به المُحَبَّبُ يُمْدَحُ به، وضاحِيَةُ كلِّ بَلَدٍ: ناحِيَتُها، والجَوُّ باطِنُها. يقال: هؤلاء ينزلون الباطِنةَ وهؤلاء ينزلون الضَّواحيَ.
وضَواحي الأَرضِ: التي لم يُحِطْ عليها. قال الأَصمعي: ويُسْتَحبُّ منَ الفرَس أَن يَضْحى عِجانُه أَي يظهرَ.

أري (لسان العرب) [0]


الأَصمعي: أَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها الشيء، وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً، وهو ما يَلْصَق بها من الطعام.
وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً: لَزِقَ بأَسفلها شيء من الاحتراق مثل شاطَتْ؛ وفي المحكم: لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء، وذلك إذا لم يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء.
والأَرْيُ: ما لَزِقَ بأَسفلها وبقِي فيه من ذلك؛ المصدرُ والاسم فيه سواءٌ.
وأَرْيُ القِدْرِ: ما الْتَزَقَ بجوانبها من الحَرَق. ابن الأَعرابي: قُرارَة القِدر وكُدادتُها وأَرْيُها.
والأَرْيُ: العَسَلُ؛ قال لبيد: بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ، وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسلُ وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً؛ وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب: جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ تَأْري: . . . أكمل المادة تُعَسِّل، قال: هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي.
وقد أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ: عَمِلَت العَسَل؛ قال الطرماح في صفة دَبْر العسل: إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ، بَنَتْ به شَريجَيْنِ مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ (* قوله «إذا ما تأرت» كذا في الأصل بالراء، وفي التكملة بالواو). شَريجَيْن: ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل.
وتأْتري: تُعَسِّلُ، وتُتِيعُ أَي تقيء العسلَ.
والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه، وقيل: الأَرْيُ ما تجمعه من العسل في أَجوافِها ثم تَلْفِظه، وقيل: الأَرْيُ عَمَلُ النحل، وهو أَيضاً ما التَزَقَ من العسل في جوانب العَسَّالة، وقيل: عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر إنما هو مستعار من ذلك، يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه.
ويقال للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء: قد أَرِيَ، وهو الأَرْيُ مثل الرَّمْي.والتَّأَرِّي: جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ.
وأَرَتِ الريحُ الماءَ: صَبَّته شيئاً بعد شيء.
وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء، وقيل: أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها السحابَ؛ قال زهير: يَشِمْنَ بُرُوقَها، ويَرُشُّ أَرْيَ الـْ جَنُوب، على حَواجِبها، العَماءُ قال الليث: أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم يَزَلْ يَلْزَقُ بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ، قال أَبو منصور: وأَرْيُ الجَنوبِ ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ من الغَمام إذا مَطَرَت.
وأَرْيُ السحاب: دِرَّتُه، قال أَبو حنيفة: أَصل الأَرْيِ العَمَل.
وأَرْيُ النَّدى: ما وقع منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر.
والأَرْيُ: لُطاخةُ ما تأْكله.
وتَأَرَّى عنه: تَخَلَّف.
وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى: احْتَبَس.
وأَرَتِ الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً: لَزِمَتْه.
والآرِيُّ والآري: الأَخِيَّةُ.
وأَرَّيْتُ لها: عَمِلْتُ لها آريّاً. قال ابن السكيت في قولهم للمَعْلَف آرِيٌّ قال: هذا مما يضعه الناس في غير موضعه، وإنما الآرِيُّ مَحْبِس الدابة، وهي الأَواري والأَواخِي، واحدتها آخِيِّةٌ، وآرِيٌّ إنما هو من الفعل فاعُولٌ.
وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس؛ ومنه قول أَعشى باهِلة: لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه، ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر (* قوله «لا يتأرى البيت» قال الصاغاني: هكذا وقع في أكثر كتب اللغة وأخذ بعضهم عن بعض، والرواية: لا يتأرى لما في القدر يرقبه ولا يزال أمام القوم يقتفر لا يغمز الساق من أين ولا نصب ولا يعض على شرسوفه الصفر).
وقال آخر: لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق، وإنْ نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا، نَزَلوا يقول: لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة؛ وقال العجاج: واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ قال: اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها، والأَرْباضُ: جمع رَبَضٍ وهو المأْوى، وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا تزول، ولها أَصل ثابت في سكون الوحش بها، يعني الكِناس. قال: وقد تسمى الآخِيَّة أَيضاً آرِيّاً، وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها؛ وأَنشد ابن السكيت للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً: داوَيْتُه بالمحْض، حتَّى شَتا يَجْتَذِبُ الآرِيَّ بالمِرْوَد أي مع المِرْوَدِ، وأَرادَ بآرِيِّه الرَّكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض المُثْبتةَ فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها لثباتها في الأَرض؛ قال الجوهري: وهو في التقدير فاعُولٌ، والجمع الأَوارِي، يخفف ويشدّد. تقول منه: أَرَّيْتُ للدابة تَأْريَةً، والدابة تَأْري إلى الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها أَنا؛ وقول لبيد يصف ناقته: تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها شُعْبَة السَّاقِ، إذا الظِّلُّ عَقَل قال الليث: لم يُوأَرْ بها أَي لم يُذْعَرْ، ويروى لم يُورأْ بها أَي لم يُشْعَرْ بها، قال: وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي أَعلمته، قال: ووزنه الآن لم يُلْفَعْ، ويروى لم يُورَا، على تخفيف الهمزة، ويروى لم يُؤرَ بها، بوزن لم يُعْرَ، من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ، ومنه قيل: إن في صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد، وقد أَرى عليَّ صَدْرُه. قال ابن بري: وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس، وأَصله لم يُوأَرْ، ومعناه لم يُذْعَرْ أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر.
وقالوا: أَرِيَ الصَّدْرُ أَرْياً، وهو ما يثبت في الصدر من الضِّغْن.
وأَرِيَ صدرُه، بالكسر، أَي وَغِر. قال ابن سيده: أَرَى صَدْرُه عليَّ أَرْياً وأَرِيَ اغتاظ؛ وقول الراعي: لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ بمُعْتَلَجِ الآرِيِّ، بَيْنَ الصَّرائم قيل في تفسيره: الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن، وقيل: مُعْتَلَج الآَرِيّ اسمُ أَرض.
وتأَرَّى: تَحَزّن (* قوله «وتأرّى تحزن» هكذا في الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا).
وأَرَّى الشيءَ: أَثبته ومَكَّنه.
وفي الحديث: اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت الوُدَّ ومَكِّنْه، يدعو للرجل وامرأَته.
وروى أَبو عبيدة: أَن رجلاً شكا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما؛ قال أَبو عبيد: يعني أَثبت بينهما؛ وأَنشد لأَعشى باهلة: لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه البيت. يقول: لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس.
وروى بعضهم هذا الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة، عليهما السلام، وروى ابن الأَثير أَنه دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال: اللهم أَرِّ بينهما، أَي أَلِّف وأَثبت الوُدَّ بينهما، من قولهم الدابة تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها مَعْلَفاً واحداً، وآرَيْتُها أَنا، ورواه ابن الأَنباري: اللهم أَرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه أَي احبس كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره، من قولهم تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه، وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها تمنع الدوابّ عن الانفلات، وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً، قال: والصواب في هذه الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه، فإن صحت الرواية بحذف على فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً؛ ومنه حديث أَبي بكر: أَنه دفع إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال: أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من السيف، وروي: أَرِ مخففة، من الرؤْية كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني. الجوهري: تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به؛ وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً: لا يَتأَرَّى لِمَا في القِدْر يَرْقُبُه وقال في تفسيره: أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل. قال أَبو زيد: يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى؛ وأَنشد ابن بري للحُطيئة: ولا تَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبه، ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق قال: وأَرَّيْت أَيضاً وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به.
وأَرَّيْته: اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته.
وأَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها.
وقال أَبو حنيفة: أَرَّاها جَعَل لها إرَةً، قال: وهذا لا يصح إلا أَن يكون مقلوباً من وَأَرْتُ، إمَّا مستعمَلة، وإما متوهَّهمة. أَبو زيد: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا رَفَعْتها. يقال: أَرِّ نارَك.
والإرَةُ: موضع النار، وأَصله إرْيٌ، والهاء عوض من الياء، والجمع إرُونَ مثل عِزُون؛ قال ابن بري: شاهده لكعب أَو لزهير: يُثِرْنَ التُّرابَ على وَجْهِه، كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا قال: وقد تجمع الإرَةُ إرات، قال: والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف اللام. يقال: أَرِّ لِنارِك أَي اجْعَل لها إرَةً، قال: وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة محذوفة الواو، تقول: وَأَرْتُ إرَةً.
وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما؛ وأَنشد ثعلب: إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر أَي حَرَّ العَداوَة.
والإرةُ أَيضاً: شَحْم السَّنامِ؛ قال الراجز: وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد الجوهري: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها؛ قال ابن بري: هو تصحيف وإنما هو أَرَّثْتها، واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة.
وأَرِّ نارَك وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها إرَةً، وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها معظم الجَمْر.
وحكي عن بعضهم أَنه قال: أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع الموضع للجمر، واسم الشيء الذي تلقيه عليها من بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة. قال أَبو منصور: أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار مِنْ وَرَّيْتَها، فقلب الواو همزة، كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت النار ووَرَّثْتها.
وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار: إرَةٌ بَيّنة الإرْوَة، وقد أَرَوْتها آرُوها، ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت تَأْرِيَةً. قال: والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض، وهي الآرِيَّة والرَّكاسَة.
وفي حديث بلال: قال لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد؛ وقيل: هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل ويحمل في الأَسفار.
وفي حديث بريدةَ: أَنه أَهْدى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش.
وفي الحديث: ذُبِحَت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة؛ الإرَةُ: حفرة توقد فيها النار، وقيل:هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ. يقال: وَأَرْتُ إرَةَ، وقيل: الإرَةُ النارُ نَفْسُها، وأَصل الإرَة إرْيٌ، بوزن عِلْم، والهاء عوض من الياء.
وفي حديث زيد بن حارثة: ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا.
وأَرَّيْت عن الشيء: مثل وَرَّيْت عنه.وبئر ذي أَرْوانَ: اسم بئر، بفتح الهمزة.
وفي حديث عبد الرحمن النَّخَعي: لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ. قال ابن الأَثير: هو الخَراجُ والإتاوة، وهو اسم واحد كالشيطان. قال الخطابي: الأَشبه بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة، وهو الزيادة عن الحق، يقال فيه أُرْبان وعُرْبان، قال: فإن كانت الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه شيء قُرِّرَ على الناس وأُلْزِموه.

شرف (العباب الزاخر) [0]


الشَّرَفُ: العلو والمكان العالي، قال:
آتي النَّديَّ فلا يُقَرَّبُ مجلسـي      وأقود للشَّرَفِ الرفيع حِماري

يقول: أني خرفتُ فلا ينتفع برأيي وكبرت فلا أستطيع أن أركب من الأرض حماري إلا من مكان عالٍ. وقال ابن السكيت: الشَّرَفُ والمجد لا يكونان إلا بالآباء، والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء. وقال ابن دريد: الشَّرَفُ علو الحسب. وشرف البعير: سَنَامهُ، قال:
شَرَفٌ أجَبُّ وكاهل مجدول     

وعدا شَرَفاً أو شَرَفَيْنِ: أي شَوْطاً أو شَوْطينِ.
وقال الفرّاء: الشَّرَفُ نحو ميل.
ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: الخيل لثلاثة: لرجل أجرٌ ولرجلٍ سترٌ وعلى رجلٍ وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله . . . أكمل المادة فأطال لها في مرجٍ أو روضةٍ؛ فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات؛ ولو أنه انقطع طيلها فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أو شَرَفَيْنِ كانت له آثارها وأرواثها حسنات؛ ولو أنها مرت بنهرٍ فشربت منه ولم يرد أن يسقيهاكان ذلك حسنات له؛ فهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنِّياً وتعفُّفاً ثم لم يَنْسَ حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك سِتر، ورجل ربطها فخراً ورياءٍ ونِوَاء لأهل الإسلام فهي على ذلك وِزْرٌ. قال أسامة الهذلي يصف حمارا:
إذا ما اشتأى شَرَفاً قُبْـلَـهُ      وواكظ أوْشَكَ منه اقترابا

قُبْلَهُ: تجاهه.
وقال العجاج يصف عيراً يطرد آتُنَه:
وإن حداها شَرَفاً مُغَرِّبـا      رَفَّةَ عن انفاسها وما ربا

والشَّرَفُ: الإشْفَاءُ على خطر من خيرٍ أو شرٍ، يقال في الخير هو على شَرَفٍ من قضاء حاجته، ويقال في الشَّرِّ: هو على شَرَفٍ من الهلاك. وقال ابن الأعرابي: الشَّرَفُ طين أحمر.
ويقال للمَغْرَةِ: شَرَفٌ؛ وشَرْفٌ أيضاً. وقال الليث: الشَّرَفُ شجر له صِبْغٌ أحمر.
وقيل: هو دار بَرْنِيَانْ. وقال ابن دريد: شَرَفُ الإنسان: أعلى جسمه. وشَرَفُ الروحاء: قريب من المدينة على ساكنيها السلام. وشَرَفٌ: جبل قرب جبل شُرَيْفٌ، وشُرَيْفٌ: أطول جبل في بلاد العرب. وقال ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نجد، وكان من منازل الملوك من بني آكل المُرار من كِنْدَةَ، وفي الشَّرَفِ حِمى ضرية، وضرية بئر، وفي الشَّرَفِ الرَّبَذَةُ وهي الحِمى الأيمن. والشَّرَفُ: من سواد إشبيلية. وشَرَفُ البياض: من بلاد خولان من جهة صَعْدَةَ. وشَرَفُ قِلْحَاحٍ: قلعة على جبل قِلْحاحٍ قرب زبيد. والشَّرَفُ الأعلى: جبل آخر هنالك. وشَرَفُ الأرطى: من منازل تميم. والشَّرَفُ: الشُّرَفاءُ.
وقيل للأعمش: لِمَ لَمْ تستكثر من الشَّعْبِيِّ؟ فقال: كان يحتقرني، كنت آتية مع إبراهيم؛ فيُرَحِّب به؛ ويقول لي: اقعد ثم أيها العبد، ثم يقول:
لا نرفع العبد فوق سُنَّتِـه      ما دام فينا بأرضنا شَرَفُ

ورجل شَرِيفٌ من قوم شُرَفاءَ وأشْرَافٍ، وقد شَرُفَ -بالضم-؛ فهو شَرِيفٌ اليوم؛ وشارفٌ عن قليل؛ أي سيصير شَرِيفاً، ذكره الفرّاء. وسهم شارِفٌ: إذا وُصِفَ بالعتق والقدم، قال أوس بن حجر يصف صائداً.
فيَسَّرَ سَهماً راشَهُ بمـنـاكـب      ظُهَارٍ لؤامٍ فهو أعجف شارِفُ

والشَّارِفُ: المسنة من النوق، والجمع: الشَّوَارِفُ والشُّرْفُ مثال بازِلٍ وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوْذٍ، ويجوز للشاعر تحريك الراء، قال تميم بن أُبَيِّ بن مقبل:
قد كنت راعي أبكارٍ مُـنَـعَّـمَةٍ      فاليوم أصبحت أرعى جِلةً شُرُفاً

يقال: شَرَفَتِ الناقة وشَرُفَتْ.  وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتتكم الشُّرْفُ الجُوْنُ، قالوا: يا رسول الله وما الشُّرْفُ الجون؟ قال: فئن كأمثال الليل المُظلِمِ.
ويروى: الشُّرقُ الجُوْنُ، يريد فتناً طالعة من قبل المشرق. وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مصدقاً فقال: لا تأخذ من حزرات أنْفُسِ الناس شيئاً؛ خذ الشّارِفَ والبكر وذا العيب. وفي حديث علي رضي الله عنه-: أصبتُ شارِفاً من مغنم بدرٍ؛ وأعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شارِفاً؛ فأنَخْتُهما ببابِ رجل من الأنصار؛ وحمزة -رضي الله عنه-في البيت ومعه قَيْنَةٌ تُغَنِّيه:
وعجِّلْ من أطايبها لشـربٍ      طعاما من قديرٍ أو شِوَاءِ

طعاما من قديرٍ أو شِوَاءِ

فخرج إليهما فَجَبَّ ويروى-: فاجتنب اسْنِمَتَهما وبقر خواصرهما وأخذ أكبادهما، فنظرت إلى منظر أفظعني، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فخرج ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه- حتى وقف عليه وتغَيَّظَ، فرفع رأسه إليه وقال: هل أنتم إلا عبيد آبائي، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم- يُقَهْقِرُ. والشّارفُ -أيضاً-: وعاء الخمر من خابيةٍ ونحوها. وفي حديث ابن عباس -رضي اله عنهما-: أمِرْنا أن نبني المَسَاجد جُمّاً والمدائن شُرْفاً. الجُمُّ: التي لا شُرَفَ لها.
والشُّرْفُ: التي لها شُرَفٌ. والشّارُوْفُ: حَبْلٌ: وهو مولَّدٌ. والشّارُوْفُ: المِكْنَسَةُ، وهو معرب جاروب، وأصله جاي رُوبْ: أي كانس الموضع. وشَرَافِ -مثال قَطَامِ-: موضع، وقيل: ماءةٌ لبني أسدٍ.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: ألا يكون بين شَرَافِ وأرض كذا وكذا جمّاءُ ولا ذاةُ قرنٍ، قيل: وكيف ذاك؟ قال: يكون الناس صلاماتٍ يضرب بعضهم رقاب بعض، وقال المُثَقِّبُ العبدي:
مَرَرْنَ على شَرَافِ فذاة رجلٍ      ونكبن الذَّرانح بـالـيمـين

وبناؤه على الكسر هو قول الأصمعي، وأجراه غيره مجرى ما لا ينصرف من الأسماء، ويقال فيه شِرَافُ -بكسر الشين- غير مُجْرىً، فصار فيه ثلاث لغاتٍ.
وهو بين واقصة والقَرْعاءِ، وقال الشَّمّاخُ:
مرت بنفعي شَرَافٍ وهي عاصفة      تخدي على يَسَرَاتٍ غير أعصال

وشَرَفْتُه أشْرُفُه -بالضم-: أي غلبيته بالشَّرَفِ. وكعب بن الأشرف: من رؤساء اليهود. وقول بشير بن المعتمر.
وطائرٌ أشرفُ ذو جُردةٍ      وطائر ليس له وكـر

الأشْرَفُ من الطير: الخفاش؛ لأن لأذنيه حجماً ظاهراً؛ وهو متجرد من الزغب والريش، وهو طائر يلد ولا يبيض.
والطائر الذي ليس له وكر: طائر يُخبرُ عنه البحريون أنه لا يسقط إلا ريثما يجعل لبيضه أُفْحُوْصاً من تراب ويغطي عليه ثم يطير في الهواء وبيضه يتفقس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أطاق فرخه الطيران كان كأبويه في عادتهما. وفلان أشْرَفُ منه. ومَنْكِبٌ أشْرَفُ: أي عالٍ. وأُذُنٌ شَرْفَاءُ: أي طويلة. ومدينة شَرْفاءُ: ذاة شُرَفٍ. وشُرْفَةُ القصر -بالضم-: واحدة الشُّرَفِ.
وفي حديث مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-: ارتجس إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شُرْفَةً.
وقد كتب الحديث بتمامه في تركيب و ب ذ. وشُرْفَةُ المال: خياره. ويقال: إني أعد إتيانكم شًرْفَةً وأرى ذلك شُرْفَةً: أي فضلا وشَرَفاً أتشرف به. وشُرُفاتُ الفرس: هاديه وقَطَاتُه. وإسحاق بن شرفى -مثال ضعفى-: من أصحاب الحديث. والشُّرَيْفُ -مصغراً-: ماء لبني نمير. وقال ابن السكيت: الشُّرَيْفُ وادٍ بنجدٍ، فما كان عن يمينه فهو الشَّرَفُ، وما كان عن يساره فهو الشُّرَيْفُ، قال طُفَيْلٌ الغنوي:
تبيت كعقبان الشُّرَيْفِ رجـالـه      إذا ما نَوَوْا إحداث أمرٍ معطبِ

وقال أبو وجزة السعدي:
إذا تربعت ما بـين الـشُّـرَيْفِ إلـى      روضِ الفلاح أُوْلاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ

ويروى: "الشّريْقِ:. ويوم الشُّرَيْفِ: من أيامهم. وقال ابن دريد: أُذُنُ شُرَافِيَّةٌ وشُفَارِيَّةٌ: إذا كانت عالية طويلة عليها شَعَرٌ. وقال غيره: الشُّرَافيُّ: لون من الثياب أبيض.  وقال الأصمعي: الثوب الشُّرَافيُّ: الذي يُشترى مما شارَفَ أرض العجم من أرض العرب. وناقة شُرَافِيَّةٌ: ضخمة الأُذنين جسيمة. وأشْرَافُ الإنسان: أُذناه وأنفه، قال عدي بن زيد العبادي:
كقصيرٍ إذ لم يجد غير أن جد      دعَ أشْرافَهُ لِشُكْرٍ قصـير

والشِّرْيافُ: ورق الزرع إذا طال وكثر حتى يخاف فساده فيقطع. ومَشَارِفُ الأرض: أعاليها. والسيوف المَشْرَفِيَّةُ: منسوبةٌ إلى مَشَارِفِ الشأْم، قال أبو عبيدة: هي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، يقال: سيف مَشْرَفيُّ ولا يقال مَشَارِفيٌّ، لأن الجمع لا ينسب إليه إذا كان على هذا الوزن، لا يقال مَهَالِبيٌّ ولا جَعَافريٌّ ولا عَبَاقريٌّ، وقال كُثيِّر يمدح عبد الملك ن مروان:
فما تَرَكوها عنوة عن مَـوَدَّةٍ      ولكن بحد المَشْرَفيِّ استقالها


وقال رؤبة:
والحرب عَسراء اللقاح المُغْزي      بالمَشْرَفِيّاتِ وطعـنٍ وخـز

وشَرِفَ الرجل -بالكسر-: إذا دام على أكل السَّنَام. وأشْرَفْتُ المرْبَأَ: أي علوته، قال العجاج:
ومربأ عالٍ لمن تَشَرَّفـا      أشْرَفْتُهُ بلا شَفاً أو بِشَفا

وأشْرَفْتُ عليه: أي اطلعت عليه من فوق، وذلك الموضع: مُشْرَفٌ.
ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما جاءك من هذا المال وأن تغير مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه ومالا فلا تُتْبِعْه نفسك. أي وأنت غير طامع فيه ولا متطلع إليه. وأشْرَفَ المريض على الموت: أي أشْفى عليه. ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أخذه. ومُشْرِفٌ: رمل بالدهناء، قال ذو الرُّمَّة:
إلى ظُعُنٍ يقرضن أجوازَ مُشْرِفٍ      شمالاً وعن أيمانهن الفـوارس

وقال أيضاً:
رَعَتْ مُشْرِفاً فالأحبل العُفْرَ حولـه      إلى رِمْثِ حُزْوى في عَوَازِبَ أُبَّلِ

والإشْرَافُ: الشَّفَقَةُ، قال:
ومن مضر الحمراء إشْرَافُ أنفسٍ      علينا وحيّاها إلينـا تـمـضَّـرا

وشَرَّفْتُ القصر وغيره تشريفاً: إذا جعلت له شُرَفاً. وقال ابن الأعرابي في قوله:
جمعتهما من أيْنُـقٍ غِـزار      من اللوى شُرِّفْنَ بالصِّرَارِ

ليس من الشَّرفِ، ولكن من التَّشْرِيفِ: وهو أن يكاد يقطع أخلافها بالصِّرارِ فيؤثر في الصِّرَارِ. وشَرَّفَ الله الكعبة: من الشَّرَفِ. ومُشَرَّفٌ: جبل،قال قيس بن عيزارة:
فإنك لو عاليتـه فـي مُـشَـرَّفٍ      من الصُّفْرِ أو من مُشْرِفاتِ التوائم

قال أب عمرو: مُشَرَّف: جبل، والصُّفْرُ: السود.
وقال غيره: أي في قصر ذي شُرَفٍ من الصُّفْرِ. وتَشَرَّفْتُ: من الشَّرَفِ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأ: أي علوته، قال العجاج:
ومربأٍ عالٍ لمن تَشَرَّفا     

وتُشُرِّفَ القوم: قُتِلَتْ أشْرافهم. واسْتَشْرَفَني حقي: أي ظلمني، قال عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع:
ولقد يخفض المجاور فيهـم      غير مُسْتَشْرَفٍ ولا مظلومِ

واسْتَشْرَفْتُ الشيء: إذا رفعت بصرك إليه وبسطت كفك فوق حاجبك كالذي يستظل من الشمس، ومنه قول الحسين بن مطير:
ويا عجبا للناس يَسْتَشْرِفُـونَـنـي      كأن لم يروا بعدي مُحِبّاً ولا قبلي


وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ستكون فتنٌ القاعد فيها خيرٌ من القائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خيرٌ من السّاعي؛ مَنْ تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْه؛ فمن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به. وفي الحديث: أمرنا أن نَسْتَشْرِفَ العين والأُذن. أي نتفقدهما ونتأملهما لئلا يكون فيهما نقص من عورٍ أو جدعٍ، وقيل: أن نطلبهما شَرِيفَتَيْنِ بالتمام والسلامة.
وفي حديث أبي طلحة -رضي الله عنه-: إنه كان حَسَنَ الرمي فكان إذا رمى اسْتَشْرَفَه النبي -صلى الله عليه وسلم-لَيَنْظر إلى موقع نبله، قال:
تطاللتُ فاسْتَشْرَفْتُهُ فرأيتـه      فقلت له آأنتَ زيد الأرامل

وشارَفْتُ الرجل: أي فاخرته أيُّنا أشْرَفُ. وشارَفْتُ الشيء: أي أشْرَفْتُ عليه. والاشْتِرَافُ: الانتصاب. وفرس مُشْتَرِفٌ: أي مُشْرِفُ الخَلْقِ، قال جرير:  
من كل مُشْتَرِفٍ وإن بعد المدى      ضرم الرَّقاق مناقل الأجرَالِ

وشَرْيَفْتُ الزرع: قطعت شِرْيافَه. والتركيب يدل على علو وارتفاع.

حجج (لسان العرب) [0]


الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: قصده.
وحَجَجْتُ فلاناً واعتَمَدْتُه أَي قصدته.
ورجلٌ محجوجٌ أَي مقصود.
وقد حَجَّ بنو فلان فلاناً إِذا أَطالوا الاختلاف إليه؛ قال المُخَبَّلُ السعدي: وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولاً كثِيرةً، يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا أَي يَقْصِدُونه ويزورونه. قال ابن السكيت: يقول يُكْثِرُونَ الاختلاف إِليه، هذا الأَصل، ثم تُعُورِفَ استعماله في القصد إِلى مكة للنُّسُكِ والحجِّ إِلى البيت خاصة؛ تقول حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا.
والحجُّ قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى البيت بالأَعمال المشروعة فرضاً وسنَّة؛ تقول: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قصدته، وأَصله من ذلك.
وجاء في التفسير: أَن النبي، صلى الله عليه ولم، خطب الناسَ فأَعلمهم أَن الله قد . . . أكمل المادة فرض عليهم الحجَّ، فقام رجل من بني أَسد فقال: يا رسول الله، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعاد الرجلُ ثانيةً، فأَعرض عنه، ثم عاد ثالثةً، فقال عليه الصلاة والصلام: ما يؤمنك أَن أَقولَ نعم، فَتَجِبَ، فلا تقومون بها فتكفرون؟ أَي تدفعون وجوبها لثقلها فتكفرون.
وأَراد عليه الصلاة والسلام: ما يؤمنك أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نعم فَأَقولَ؟ وحَجَّه يَحُجُّه، وهو الحجُّ. قال سيبويه: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كما قالوا: ذكره ذِكْراً؛ وقوله أَنشده ثعلب: يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا، وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا وكلَّ صاحٍ ثَمِلاً مَؤُوجا، ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا فسَّره فقال: يستخف الناسُ الذهابَ إِلى هذه المدينة لأَن الأَرض دُحِيَتْ من مكة، فيقول: يذهب الناس إِليها لأَن يحشروا منها.
ويقال: إِنما يذهبون إِلى بيت المقدس.
ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ. قال الأَزهري: ومثله غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ يَتَناجَوْنَ ويجتمعون في مجلس، وللعادِينَ على أَقدامهم عَدِبٌّ؛ وتقول: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ.
وربما أَظهروا التضعيف في ضرورة الشعر؛ قال الراجز: بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ ويجمع على حُجٍّ، مثل بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُودٍ؛ وأَنشد أَبو زيد لجرير يهجو الأَخطل ويذكر ما صنعه الجحافُ بن حكيم السُّلمي من قتل بني تَغْلِبَ قوم الأَخطل باليُسُرِ، وهو ماءٌ لبني تميم: قد كانَ في جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ، أَو في الذينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذي المَجَازِ نُزُولُ يقول: لما كثر قتلى بني تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ نَتْنُهُمْ.
والرَّحُوبُ: ماءٌ لبني تغلب.
والمشهور في رواية البيت: حِجٌّ، بالكسر، وهو اسم الحاجِّ.
وعافِيةُ النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم.
وذو المجاز: سُوقٌ من أَسواق العرب.
والحِجُّ، بالكسر، الاسم.
والحِجَّةُ: المرَّة الواحدة، وهو من الشَّواذِّ، لأَن القياس بالفتح.
وأَما قولهم: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فقد يكون أَن يُرادَ به الجِنسُ، وقد يكون اسماً للجمع كالجامل والباقر.
وروى الأَزهري عن أَبي طالب في قولهم: ما حَجَّ ولكنه دَجَّ؛ قال: الحج الزيارة والإِتيان، وإِنما سمي حاجًّا بزيارة بيت الله تعالى؛ قال دُكَين: ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ، وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ قال: والداجُّ الذي يخرج للتجارة.
وفي الحديث: لم يترك حاجَّةً ولا داجَّة. الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ: الأَتباعُ؛ يريد الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن معهم مِن أَتباعهم؛ ومنه الحديث: هؤلاء الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال للرجل الكثير الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بفتح الجيم، من غير إِمالة، وكل نعت على فَعَّال فهو غير مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسماً خاصّاً تَحَوَّلَ عن حالِ النعت، ودخلته الإِمالَةُ، كاسم الحَجَّاجِ والعَجَّاجِ.
والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قال: كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي، أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عادي هكذا أَنشده ابن دريد بكسر الحاء. قال سيبويه: وقالوا حَجَّةٌ واحدةٌ، يريدون عَمَلَ سَنَةٍ واحدة. قال الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الحاء، فيقول: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وقرئ: ولله على الناسِ حِجُّ البيتِ، والفتح أَكثر.
وقال الزجاج في قوله تعالى: ولله على الناس حَِجُّ البيت؛ يقرأُ بفتح الحاء وكسرها، والفتح الأَصل.
والحَجُّ: اسم العَمَل.
واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عن الهجري؛ وأَنشد: تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حتى تَظَاهَرَتْ عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ وقوله تعالى: الحجُّ أَشهُرٌ معلوماتٌ؛ هي شوَّال وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجة.
وقال الفراء: معناه وقتُ الحج هذه الأَشهرُ.
وروي عن الأَثرم وغيره: ما سمعناه من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً، ولا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما يقولون حَجَجْتُ حِجَّةً. قال: والحَجُّ والحِجُّ ليس عند الكسائي بينهما فُرْقانٌ.
وغيره يقول: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ السَّنَةِ.
وتقول: حَجَجْتُ فلاناً إِذا أَتَيْتَه مرَّة بعد مرة، فقيل: حُجَّ البَيْتُ لأَن الناسَ يأَتونه كلَّ سَنَةٍ. قال الكسائي: كلام العرب كله على فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلاّ قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ رُؤْيَةً.والحِجَّةُ: السَّنَةُ، والجمع حِجَجٌ.
وذو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سمي بذلك لِلحَجِّ فيه، والجمع ذَواتُ الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، ولم يقولوا: ذَوُو على واحده.
وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ الله بالإِضافة إِذا كنّ قد حَجَجْنَ، وإِن لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ، قلت: حَواجُّ بَيْتَ الله، فتنصب البيت لأَنك تريد التنوين في حَواجَّ، إِلا أَنه لا ينصرف، كما يقال: هذا ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زيداً غداً، فتدل بحذف التنوين على أَنه قد ضربه، وبإِثبات التنوين على أَنه لم يضربه.
وأَحْجَجْتُ فلاناً إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ.
وقولهم: وحَجَّةِ الله لا أَفْعَلُ بفتح أَوَّله وخَفْضِ آخره، يمينٌ للعرب. الأَزهريُّ: ومن أَمثال العرب: لَجَّ فَحَجَّ؛ معناه لَجَّ فَغَلَبَ مَنْ لاجَّه بحُجَجِه. يقال: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حتى حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ التي أَدْلَيْتُ بها؛ قيل: معنى قوله لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى به لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى أَن حَجَّ البيتَ الحرام، وما أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه حتى خرج حاجّاً.
والمَحَجَّةُ: الطريق؛ وقيل: جادَّةُ الطريق؛ وقيل: مَحَجَّة الطريق سَنَنُه.
والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تستقيم مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد: أَجَدُّ أَيامُك من حَجَوَّجِ، إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ والحُجَّة: البُرْهان؛ وقيل: الحُجَّة ما دُوفِعَ به الخصم؛ وقال الأَزهري: الحُجَّة الوجه الذي يكون به الظَّفَرُ عند الخصومة.
وهو رجل مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ.
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وجمع الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ.
وحاجَّه مُحاجَّةً وحِجاجاً: نازعه الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غلبه على حُجَّتِه.
وفي الحديث: فَحَجَّ آدمُ موسى أَي غَلَبَه بالحُجَّة.
واحْتَجَّ بالشيءِ: اتخذه حُجَّة؛ قال الأَزهري: إِنما سميت حُجَّة لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن القصد لها وإِليها؛ وكذلك مَحَجَّة الطريق هي المَقْصِدُ والمَسْلَكُ.
وفي حديث الدجال: إِن يَخْرُجْ وأَنا فيكم فأَنا حَجِيجُه أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عليه.
والحُجَّةُ: الدليل والبرهان. يقال: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بمعنى فاعل.
ومنه حديث معاوية: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي أَي أَغْلِبُه بالحُجَّة.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فهو مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ بالحَديد في العَظْمِ إِذا كان قد هَشَمَ حى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بالجم فيَقْلَعَ الجِلْدَة التي جَفَّت، ثم يُعالَج ذلك فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ ويكون آمَّةً؛ قال أَبو ذؤَيب يصف امرأَة: وصُبَّ عليها الطِّيبُ حتى كأَنَّها أُسِيٌّ، على أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ وكذلك حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ ليُعالِجَها؛ قال عذارُ بنُ دُرَّةَ الطائي: يَحُجُّ مَأْمُومَةً، في قَعْرِها لَجَفٌ، فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ المَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، هو صَمْغٌ معروف.
وقال: يَحُجُّ يُصْلِحُ مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وفسر ابن دريد هذا الشعر فقال: وصف هذا الشاعر طبيباً يداوي شجة بعيدَة القَعْر، فهو يَجْزَعُ من هَوْلِها، فالقذى يتساقط من استه كالمَغاريد؛ وقال غيره: استُ الطبيب يُرادُ بها مِيلُهُ، وشَبَّهَ ما يَخْرُجُ من القَذى على ميله بالمغاريد.
والمَغاريدُ: جمع مُغْرُودٍ، وهو صمغ معروف.
وقيل: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فيختلط الدم بالدماغ، فيصب عليه السمن المُغْلَى حتى يظهر الدم، فيؤْخذَ بقطنة. الأَصمعي: الحَجِيجُ من الشِّجاجِ الذي قد عُولِجَ، وهو ضَرْبٌ من علاجها.
وقال ابن شميل: الحَجُّ أَن تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هل فيها عَظْم أَو دم. قال: والوَكْسُ أَن يقَعَ في أُمِّ الرأْس دم أَو عظام أَو يصيبها عَنَتٌ؛ وقيل: حَجَّ الجُرْحَ سَبَرَهُ ليعرف غَوْرَهُ؛ عن ابن الأَعرابي: والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ.
وقيل: حَجَجْتُها قِسْتُها، وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فهو حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل لِتُعالِجَه.والمِحْجاجُ: المِسْبارُ.
وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ من الجُرْح واستخرجه، وقد فسره بعضهم بما أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ.
ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ.
واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يصف الركاب في سفر كان سافره: ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عليه الحاجِبُ.
والحِجاجُ: العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ العين، ويقال: بل هو الأَعلى تحت الحاجب؛ وأَنشد قول العجاج: إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا وقال ابن السكيت: هو الحَجَّاجُ (* قوله «الحجاج» هو بالتشديد في الأَصل المعوّل عليه بأَيدينا، ولم نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي بأيدينا.).
والحِجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ على وَقْبَةِ العين وعليه مَنْبَتُ شعَر الحاجب.
والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بفتح الحاءِ وكسرها: العظم الذي ينبت عليه الحاجب، والجمع أَحِجَّة؛ قال رؤْبة: صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي وفي الحديث: كانت الضبُعُ وأَولادُها في حَِجاجِ عينِ رجل من العماليق. الحِجاج، بالكسر والفتح: العظم المستدير حول العين؛ ومنه حديث جَيْشِ الخَبَطِ: فجلس في حَِجَاج عينه كذا كذا نفراً؛ يعني السمكة التي وجدوها على البحر.
وقيل: الحِجاجان العظمان المُشرِفانِ على غارِبَي العينين؛ وقيل: هما مَنْبَتا شعَرِ الحاجبين من العظم؛ وقوله: تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها كَلالٌ، فَحالَتْ في حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ فإِن ابن جني قال: يريد في حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فحذف للضرورة؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد بالحجا ههنا الناحية؛ والجمع: أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ. قال أَبو الحسن: حُجُجٌ شاذ لأَن ما كان من هذا النحو لم يُكَسَّر على فُعُلٍ، كراهية التضعيف؛ فأَما قوله: يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ، للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ، كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ فإِنه جمع حِجاجاً على غير قياس، وأَظهر التضعيف اضطراراً.
والحَجَجُ: الوَقْرَةُ في العظم.
والحِجَّةُ، بكسر الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسم كالكاهل والغارب؛ قال لبيد يذكر نساء: يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ، وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ، وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ.
والوصائِلُ: بُرُودُ اليَمن، واحدتها وَصِيلة.
والعُونُ جمع عَوانٍ: للثيِّب.
وقال بعضهم: الحِجَّةُ ههنا المَوْسِمُ؛ وقيل: في كل حِجَّة أَي في كل سنة، وجمعها حِجَجٌ. أَبو عمرو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن.
والحَجَّة أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق في الأُذن؛ قال ابن دريد: وربما سميت حاجَّةً.
وحَِجاجُ الشمس: حاجِبُها، وهو قَرْنها؛ يقال: بدا حِجاجُ الشمس.
وحَِجاجا الجبل: جانباه.
والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ.
والحَجَّاجُ: اسم رجل؛ أَماله بعض أَهل الإِمالة في جميع وجوه الإِعراب على غير قياس في الرفع والنصب، ومثل ذلك الناس في الجرِّ خاصة؛ قال ابن سيده: وإِنما مثلته به لأَن أَلف الحجاج زائدة غير منقلبة، ولا يجاورها مع ذلك ما يوجب الإِمالة، وكذلك الناس لأَن الأَصل إِنما هو الأُناس فحذفوا الهمزة، وجعلوا اللام خَلَفاً منها كالله إِلا أَنهم قد قالوا الأُناس، قال: وقالوا مررت بناس فأَمالوا في الجر خاصة، تشبيهاً للألف بأَلف فاعِلٍ، لأَنها ثانية مثلها، وهو نادر لأَن الأَلف ليست منقلبة؛ فأَما في الرفع والنصب فلا يميله أَحد، وقد يقولون: حَجَّاج، بغير أَلف ولام، كما يقولون: العباس وعباس، وتعليل ذلك مذكور في مواضعه.
وحِجِجْ: من زَجْرِ الغنم.
وفي حديث الدعاءِ: اللهم ثَبِّت حُجَّتي في الدنيا والآخرة أَي قَوْلي وإِيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.

نعم (لسان العرب) [0]


النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى.
وقوله عز وجل: ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه سيبويه؛ وقال النابغة: فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ.
ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه . . . أكمل المادة لغة ثالثة مركبة بينهما: نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم، بالكسر فيهما، وهو شاذ.
والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة.
ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً، وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله، فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.
ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم.
والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ. يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم.
وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي المسرّة والفرح والترفُّه.
وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.
والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال وقوله: ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ، تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.
ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ.
ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛ قال الأَعشى: وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ.
وثوبٌ ناعِمٌ: ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال: ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.
والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك.
ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله، بإسكان العين، فأَما الكسرُ (* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله، بالكسر.
وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله وقوله عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة، فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه.
وفلانٌ واسعُ النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ.
وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن عباس (* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب.
وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج: معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ.
وقوله تعالى: وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك.
وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون.
وقوله تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك.
والنِّعمةُ، بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد.
وأَنْعَم: أَفْضل وزاد.
وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما.
ويقال: قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً.
وتقول: أَنْعَم اللهُ عليك، من النِّعْمة.
وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.
وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً.
ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه؛ أَنشد ثعلب: أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ، وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً.
وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري: الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال: ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني: ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات.
ونُعْمةُ العين: قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.
وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك.
ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه: واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).
وقال الفرزدق: وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل: إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر.
وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن الكسائي: صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع أَنْعُماً.
والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى. قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز: أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ.
ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره.
ويقال للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر: فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ.
ويقال للعَذارَى: كأنهن بَيْضُ نَعامٍ.
ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها.
ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً.
ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك: ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله: ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً، تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛ وفي ذلك يقول بعضهم: أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ.
والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي.
والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.
والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز، وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة: بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا، والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).
وروى الجوهري عجزه: تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر: لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره: لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة، والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت: بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.
والنَّعامة: باطن القدم.
والنَّعامة: الطريق.
والنَّعامة: جماعة القوم.
وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ: أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.
وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ: اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر: إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة: الظُّلْمة.
والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ: ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.
وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة.
وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق، وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة: فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه، وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله: وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر.
والنعامة: الرجْل.
والنعامة: الساق.
والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل.
والنَّعامة: الفَرَح.
والنَّعامة: الإكرام.
والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛ وقبله: كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي: هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ، وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد، قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله «في كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.
والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة: دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.
وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم.
وقوله عز وجل: والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛ أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله: مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم: في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ، يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت (* قوله «إذا ذكرت» الذي في التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.
والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب: مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.
والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ، وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري: النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها النَّعام؛ أَنشد ثعلب: باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.
ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ.
وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.
وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال: سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً، وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك، وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها.
وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد.
وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله: فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.
ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ، فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ.
وحكى سيبويه: أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر.
وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً، ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛ قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين، وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت: هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة.
وفي الحديث: مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة: أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة: ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع.
ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت.
ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.
ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.
وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه.
ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها.
وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ.
وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما.
وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة؛ قال: تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات.
وقوله تعالى: إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين، وذكر أَبو عبيدة (* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم، حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل، وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان.
وشقائقُ النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم.
ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ. الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله «ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها (* قوله «ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ.
والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ: المِكْنَسة.
وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن بري: وقول الراعي: صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي: صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ.
ونَعْمانُ: اسم جبل بين مكة والطائف.
وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه.
ونَعْمانُ، بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ: تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد: أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.
ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي.
وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم.
وقوله «وأنعم» قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها.
وقوله «ونعمى» قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ.
والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك.
وبَنو نَعامٍ: بطنٌ.
ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن.
والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول: قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ.
والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.
وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة.
ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن.
ونَعَمْ ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه، قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال: ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ.
وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد قرئَ بهما.
وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ، رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ، بكسر العين.
وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين.
وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد: كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي: تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال: قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله: وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي: أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم: الجوس قاتله، والجوس الجوع.
والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛ والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ. تقرير دردير). يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ، ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين.
ونَعَّم الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني.
وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.
ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد: تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله: تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).
وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.
ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.

سقط (لسان العرب) [0]


السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال: من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.
والمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط.
وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً.
وفي الحديث: لَلّهُ عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.
وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل سائرٌ للعرب.
ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة.
وقالوا: البصرة مَسْقَطُ . . . أكمل المادة رأْسي ومَسْقِطُه.
وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو.
وتساقَط الشيءُ: تتابع سُقوطه.
وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛ قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب: يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها، سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار.
والمَسْقِطُ مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حيث ولد.
وكلُّ مَن وقع في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء، ثلاث لغات.
وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على الأَب.
وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً. قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث.
وأَسقَطَتِ الناقةُ وغيرها إِذا أَلقت ولدها.
وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط، الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة.
ومَسْقِطُ الرمل: حيث ينتهي إِليه طرَفُه.
وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه.
وسَقِيطُ السَّحابِ: البَرَدُ.
والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ.
والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز: وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ، ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ، طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ: وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه، تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد والقوم ونحوه.
والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام والثياب ونحوها.
والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ.
والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من الشيء.
ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه.
ويقال لخُرْثِيِّ المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها.
وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن اللحياني، على المثل بذلك.
وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما يَسْقُط منه.
والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره.
والبِيعةُ من البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء.
وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك إِليه ومنه إِليك.
وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق: إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ.
وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ: فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه وسَترُوه.
وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة الجعدي: إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب.
وأَسْقَطَ وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ.
وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة، وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام.
وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب حديث الإِفْك.
وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير: ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا (* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً، وهو الكتوم للسر.) والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي كاهل: كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟ قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي: رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي، وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها: يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها.
والعَذارى: جمع عَذْراء.
ويقال: فلان قليل العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل.
وأَسقط فلان من الحساب إِذا أَلقى.
وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ، وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط.
وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط، بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله.
وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور: وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس: فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه، ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟ أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه، كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات: وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه، حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ.
وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال: ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ.
والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛ الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ.
والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه السَّواقِطُ؛ وأَنشد: نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء: ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ.
والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق.
وفي حديث أَهل النار: ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم وأَدْوانُهُم.
والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.
وهذا الفعل مَسْقَطةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا ينبغي.
والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ.
والسِّقاطُ في الفرس: أَن لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء (* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل، والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله: بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً.
ويقال للفرس إِذا سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله: ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ، عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ، وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له.
ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ وغَلب؛ وقال يصف الثور: كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ، بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب.
وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ: ما يحملونه من التمر.
وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن يقطع؛ قال المتنخل الهذلي: كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ.
والسُّراطِيُّ: القاطعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية الأُفُق.
وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه.
وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه ومَسْقَطاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال: رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه.
والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛ وأَما قول الرَّاعي: حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛ وقال العجاج يصف فرساً: جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ، وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو (* قوله «أي يعدو إلخ» كذا بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه.
ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى. قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.
وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو الثَّلْجُ والجَلِيدُ.

سبح (لسان العرب) [0]


السَّبْحُ والسِّباحة: العَوْمُ. سَبَحَ بالنهر وفيه يَسْبَحُ سَبْحاًوسِباحةً، ورجل سابِحٌ وسَبُوح من قوم سُبَحاء، وسَبَّاحٌ من قوم سَبَّاحين؛ وأَما ابن الأَعرابي فجعل السُّبَحاء جَمْعَ سابح؛ وبه فسر قول الشاعر: وماءٍ يَغْرَقُ السُّبَحاءُ فيه، سَفِينتُه المُواشِكةُ الخَبُوبُ قال: السُّبَحاءُ جمع سابِحٍ.
ويعني بالماء هنا السَّرابَ.
والمُواشِكةُ: الجادَّةُ في سيرها.
والخَبُوب، من الخَبَب في السير؛ جعل الناقة مثل السفينة حين جعل السَّرابَ كالماء.
وأَسْبَح الرجلَ في الماء: عَوَّمَه؛ قال أُمية: والمُسْبِحُ الخُشْبَ، فوقَ الماءِ سَخَّرَها، في اليَمِّ جَرْيَتُها، كأَنها عُوَمُ وسَبْحُ الفَرَسِ: جَرْيُه.
وفرس سَبُوحٌ وسابِحٌ: يَسْبَحُ بيديه في سيره.
والسَّوابِحُ: الخيل لأَنها تَسْبَح، وهي صفة غالبة.
وفي حديث المقداد: أَنه كان يوم بدرٍ على فرس يقال . . . أكمل المادة له سَبْحَة؛ قال ابن الأَثير: هو من قولهم فرس سابِحٌ إِذا كان حسنَ مَدِّ اليدين في الجَرْي؛ وقوله أَنشده ثعلب: لقد كانَ فيها للأَمانةِ موضِعٌ، وللعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وللكَفِّ مَسْبَحُ فسره فقال: معناه إِذا لمسَتها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.
والنجوم تَسْبَحُ في الفَلَكِ سَبْحاً إِذا جرت في دَورَانها.
والسَّبْحُ: الفَراغُ.
وقوله تعالى: إِنَّ لك في النهار سَبْحاً طويلاً؛ إِنما يعني به فراغاً طويلاً وتَصَرُّفاً؛ وقال الليث: معناه فراغاً للنوم؛ وقال أَبو عبيدة: مُنْقَلَباً طويلاً؛ وقال المُؤَرِّجُ: هو الفَراغ والجَيئَة والذهاب؛ قال أَبو الدُّقَيْش: ويكون السَّبْحُ أَيضاً فراغاً بالليل؛ وقال الفراء: يقول لك في النهار ما تقضي حوائجك؛ قال أَبو إِسحق: من قرأَ سَبْخاً فمعناه قريب من السَّبْح، وقال ابن الأَعرابي: من قرأَ سَبْحاً فمعناه اضطراباً ومعاشاً، ومن قرأَ سَبْخاً أَراد راحة وتخفيفاً للأَبدان.قال ابنُ الفَرَج: سمعت أَبا الجَهْم الجَعْفَرِيِّ يقول: سَبَحْتُ في الأَرض وسَبَخْتُ فيها إِذا تباعدت فيها؛ ومنه قوله تعالى: وكلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون أَي يَجْرُونَ، ولم يقل تَسْبَحُ لأَنه وصفها بفعل من يعقل؛ وكذلك قوله: والسَّابحاتِ سَبْحاً؛ هي النجوم تَسْبَحُ في الفَلَكِ أَي تذهب فيها بَسْطاً كما يَسْبَحُ السابحُ في الماء سَبْحاً؛ وكذلك السابح من الخيل يمدّ يديه في الجري سَبْحاً؛ وقال الأَعشى: كم فيهمُ من شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ، وسابِحٍ ذي مَيْعَةٍ ضامِرِ وقال الأَزهري في قوله عز وجل: والسابِحاتِ سَبْحاً فالسَّابِقاتِ سَبْقاً؛ قيل: السابحاتُ السُّفُنُ، والسابقاتُ الخيلُ، وقيل: إِنها أَرواح المؤمنين تخرج بسهولة؛ وقيل: الملائكة تَسْبَحُ بين السماء والأَرض.
وسَبَحَ اليَرْبُوعُ في الأَرض إِذا حفر فيها، وسَبَحَ في الكلام إِذا أَكثر فيه.
والتَّسبيح: التنزيه.
وسبحان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له، تقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى: سُبْحانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى أُسبِّح الله تسبيحاً. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء؛ قال ابن شميل: رأَيت في المنام كأَنَّ إِنساناً فسر لي سبحان الله، فقال: أَما ترى الفرس يَسْبَحُ في سرعته؟ وقال: سبحان الله السرعةُ إِليه والخِفَّةُ في طاعته، وجِماعُ معناه بُعْدُه، تبارك وتعالى، عن أَن يكون له مِثْلٌ أَو شريك أَو ندٌّ أَو ضدّ؛ قال سيبويه: زعم أَبو الخطاب أَن سبحان الله كقولك براءَةَ الله أَي أُبَرِّئُ اللهَ من السوء براءةً؛ وقيل: قوله سبحانك أَي أُنزهك يا رب من كل سوء وأُبرئك.
وروى الأَزهري بإِسناده أَن ابن الكَوَّا سأَل عليّاً، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله، فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأَوصى بها.
والعرب تقول: سُبْحانَ مِن كذا إِذا تعجبت منه؛ وزعم أَن قول الأَعشى في معنى البراءة أَيضاً: أَقولُ لمَّا جاءني فَخْرُه: سبحانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ أَي براءةً منه؛ وكذلك تسبيحه: تبعيده؛ وبهذا استدل على أَن سبحان معرفة إِذ لو كان نكرة لانصرف.
ومعنى هذا البيت أيضاً: العجب منه إِذ يَفْخَرُ، قال: وإِنما لم ينوّن لأَنه معرفة وفيه شبه التأْنيث؛ وقال ابن بري: إِنما امتنع صرفه للتعريف وزيادة الأَلف والنون، وتعريفه كونه اسماً علماً للبراءة، كما أَن نَزالِ اسم علم للنزول، وشَتَّانَ اسم علم للتفرّق؛ قال: وقد جاء في الشعر سبحان منوّنة نكرة؛ قال أُمية: سُبْحانَه ثم سُبْحاناً يَعُودُ له، وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ وقال ابن جني: سبحان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عُثْمانَ وعِمْرانَ، اجتمع في سبحان التعريف والأَلف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف.
وسَبَّح الرجلُ: قال سبحان الله؛ وفي التنزيل: كلٌّ قد عَلِمَ صلاتَه وتسبيحَه؛ قال رؤبة: سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِ وسَبَحَ: لغة، حكى ثعلب سَبَّح تسبيحاً وسُبْحاناً، وعندي أَن سُبْحاناً ليس بمصدر سَبَّح، إِنما هو مصدر سَبَح، إِنما هو مصدر سَبَح.
وفي التهذيب: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً وسُبْحاناً بمعنى واحد، فالمصدر تسبيح، والاسم سُبْحان يقوم مقام المصدر.
وأَما قوله تعالى: تُسَبِّح له السمواتُ السبعُ والأَرضُ ومَن فيهن وإِنْ من شيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بحمده ولكن لا تَفْقَهُونَ تسبيحَهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل إِن كل ما خلق الله يُسَبِّحُ بحمده، وإِن صَريرَ السَّقْف وصَريرَ الباب من التسبيح، فيكون على هذا الخطابُ للمشركين وحدهم: ولكن لا تفقهون تسبيحهم؛ وجائز أَن يكون تسبيح هذه الأَشياء بما الله به أَعلم لا نَفْقَه منه إِلا ما عُلِّمْناه، قال: وقال قوم وإِنْ من شيء إِلا يسبح بحمده أَي ما من دابة إلا وفيه دليل أَن الله، عز وجل، خالقه وأَن خالقه حكيم مُبَرَّأٌ من الأَسْواء ولكنكم، أَيها الكفار، لا تفقهون أَثر الصَّنْعة في هذه المخلوقات؛ قال أَبو إِسحق: وليس هذا بشيء لأَن الذين خوطبوا بهذا كانوا مقرّين أَن الله خالقُهم وخالقُ السماء والأَرض ومن فيهن، فكيف يجهلون الخِلْقَة وهم عارفون بها؟ قال الأَزهري: ومما يدلك على أَن تسبيح هذه المخلوقات تسبيح تَعَبَّدَتْ به قولُ الله عز وجل للجبال: يا جبالُ أَوِّبي معه والطيرَ؛ ومعنى أَوِّبي سَبِّحي مع داود النهارَ كلَّه إِلى الليل؛ ولا يجوز أَن يكون معنى أَمر الله عز وجل للجبال بالتأْويب إِلا تَعَبُّداً لها؛ وكذلك قوله تعالى: أَلم ترَ أَن الله يسجد له من في السموات ومن في الأَرض والشمسُ والقمرُ والنجومُ والجبالُ والشجرُ والدوابُّ وكثير من الناس، فسجود هذه المخلوقات عبادة منها لخالقها لا نَفْقَهُها عنها كما لا نفقه تسبيحها؛ وكذلك قوله: وإِن من الحجارة لما يَتَفَجَّر منه الأَنهارُ وإِنَّ منها لما يَشَّقَّقُ فيَخْرج منه الماءُ وإِنَّ منها لما يهبِطُ من خشية الله؛ وقد عَلِم اللهُ هُبوطَها من خشيته ولم يعرّفنا ذلك فنحن نؤمن بما أُعلمنا ولا نَدَّعِي بما لا نُكَلَّف بأَفهامنا من عِلْمِ فِعْلِها كيفيةً نَحُدُّها.
ومن صفات الله عز وجل: السُّبُّوحُ القُدُّوسُ؛ قال أَبو إِسحق: السُّبُّوح الذي يُنَزَّه عن كل سُوء، والقُدُّوسُ: المُبارَك، وقيل: الطاهر؛ وقال ابن سيده: سُبُّوحٌ قُدُّوس من صفة الله عز وجل، لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ، ويقال: سَببوحٌ قَدُّوسٌ؛ قال اللحياني: المجتمع عليه فيها الضم، قال: فإِن فتحته فجائز؛ هذه حكايته ولا أَدري ما هي. قال سيبويه: إِنما قولهم سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رب الملائكة والروح؛ فليس بمنزلة سُبْحان لأَن سُبُّوحاً قُدُّوساً صفة، كأَنك قلت ذكرت سُبُّوحاً قُدُّوساً فنصبته على إِضمار الفعل المتروك إِظهاره، كأَنه خطر على باله أَنه ذَكَره ذاكِرٌ، فقال سُبُّوحاً أَي ذَكرت سبوحاً، أَو ذَكَره هو في نفسه فأَضمر مثل ذلك، فأَما رَفْعُه فعلى إِضمار المبتدإِ وتَرْكُ إِظهارِ ما يَرْفع كترك إظهار ما يَنْصِب؛ قال أَبو إِسحق: وليس في كلام العرب بناءٌ على فُعُّول، بضم أَوّله، غير هذين الاسمين الجليلين وحرف آخر (* قوله «وحرف آخر إلخ» نقل شارح القاموس عن شيخه قال: حكى الفهري عن اللحياني في نوادره اللغتين في قولهم ستوق وشبوك لضرب من الحوت وكلوب اهـ ملخصاً. قوله والفتح فيهما إلخ عبارة النهاية.
وفي حديث الدعاء سبوح قدّوس يرويان بالفتح والضم، والفتح فيهما إِلى قوله والمراد بهما التنزيه.) وهوقولهم للذِّرِّيحِ، وهي دُوَيْبَّةٌ: ذُرُّوحٌ، زادها ابن سيده فقال: وفُرُّوجٌ، قال: وقد يفتحان كما يفتح سُبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع.
وقال ثعلب: كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع.وقال ثعلب: كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ، فإِن الضم فيهما أَكثر؛ وقال سيبويه: ليس في الكلام فُعُّول بواحدة، هذا قول الجوهري؛ قال الأَزهري: وسائر الأَسماء تجيء على فَعُّول مثل سَفُّود وقَفُّور وقَبُّور وما أَشبههما، والفتح فيهما أَقْيَسُ، والضم أَكثر استعمالاً، وهما من أَبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه.
وسُبُحاتُ وجهِ الله، بضم السين والباء: أَنوارُه وجلالُه وعظمته.
وقال جبريل، عليه السلام: إِن لله دون العرش سبعين حجاباً لو دنونا من أَحدها لأَحرقتنا سُبُحاتُ وجه ربنا؛ رواه صاحب العين، قال ابن شميل: سُبُحاتُ وجهه نُورُ وجهه.
وفي حديث آخر: حجابُه النورُ والنارُ، لو كشفه لأَحْرقت سُبُحاتُ وجهه كلَّ شيء أَدركه بصَرُه؛ سُبُحاتُ وجه الله: جلالُه وعظمته، وهي في الأَصل جمع سُبْحة؛ وقيل: أَضواء وجهه؛ وقيل: سُبْحاتُ الوجه محاسنُه لأَنك إِذا رأَيت الحَسَنَ الوجهِ قلت: سبحان الله وقيل: معناه تنزيهٌ له أَي سبحان وجهه؛ وقيل: سُبْحاتُ وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول أَي لو كشفها لأَحرقت كل شيء أَدركه بصره، فكأَنه قال: لأَحرقتُ سُبُحاتُ الله كل شيء أَبصره، كما تقول: لو دخل المَلِكُ البلدَ لقتل، والعِياذُ بالله، كلَّ من فيه؛ قال: وأَقرب من هذا كله أَن المعنى: لو انكشف من أَنوار الله التي تحجب العباد عنه شيء لأَهلك كلَّ من وقع عليه ذلك النورُ، كما خَرَّ موسى، على نبينا وعليه السلام، صَعِقاً وتَقَطَّعَ الجبلُ دَكّاً، لمَّا تجلى الله سبحانه وتعالى؛ ويقال: السُّبُحاتُ مواضع السجود.والسُّبْحَةُ: الخَرَزاتُ التي يَعُدُّ المُسَبَّحُ بها تسبيحه، وهي كلمة مولَّدة.
وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة والذِّكر، تقول: قَّضَيْتُ سُبْحَتي.
وروي أَن عمر، رضي الله عنه، جَلَدَ رجلين سَبَّحا بعد العصر أَي صَلَّيا؛ قال الأَعشى: وسَبِّحْ على حين العَشِيَّاتِ والضُّحَى، ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْبُدا يعني الصلاة بالصَّباح والمَساء، وعليه فسر قوله: فسُبْحانَ الله حين تُمْسون وحين تُصْبحون؛ يأْمرهم بالصلاة في هذين الوَقتين؛ وقال الفراء: حين تمسون المغرب والعشاء، وحين تصبحون صلاة الفجر، وعشيّاً العصر، وحين تظهرون الأُولى.
وقوله: وسَبِّحْ بالعَشِيِّ والإِبْكارِ أَي وصَلِّ.
وقوله عز وجل: فلولا أَنه كان من المُسَبِّحين؛ أَراد من المصلين قبل ذلك، وقيل: إِنما ذلك لأَنه قال في بطن الحوت: لا إِله إِلاَّ أَنت سبحانك إِني كنت من الظالمين.
وقوله: يُسَبِّحُونَ الليلَ والنهارَ لا يَفْتُرونَ؛ يقال: إِن مَجْرَى التسبيح فيهم كمَجرى النَّفَسِ منا لا يَشْغَلُنا عن النَّفَسِ شيء.
وقوله: أَلم أَقُلْ لكم لولا تُسَبِّحون أَي تستثنون، وفي الاستثناء تعظيمُ الله والإِقرارُ بأَنه لا يشاء أَحدٌ إِلاَّ أَن يشاء الله، فوضع تنزيه الله موضع الاستثناء.
والسُّبْحةُ: الدعاء وصلاةُ التطوع والنافلةُ؛ يقال: فرغ فلانٌ من سُبْحَته أَي من صلاته النافلة، سمِّيت الصلاة تسبيحاً لأَن التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلِّ سوء؛ قال ابن الأَثير: وإِنما خُصت النافلة بالسُّبْحة، وإِن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح، لأَن التسبيحات في الفرائض نوافلُ، فقيل لصلاة النافلة سُبْحة لأَنها نافلة كالتسبيحات والأَذكار في أَنها غير واجبة؛ وقد تكرر ذكر السُّبْحة في الحديث كثيراً فمنها: اجعلوا صلاتكم معهم سُبْحَةً أَي نافلة، ومنها: كنا إِذا نزلنا منزلاً لا نُسَبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحال؛ أَراد صلاة الضحى، بمعنى أَنهم كانوا مع اهتمامهم بالصلاة لا يباشرونها حتى يَحُطُّوا الرحال ويُريحوا الجمالَ رفقاً بها وإِحساناً.
والسُّبْحَة: التطوُّع من الذِّكر والصلاة؛ قال ابن الأَثير: وقد يطلق التسبيح على غيره من أَنواع الذكر مجازاً كالتحميد والتمجيد وغيرهما.
وسُبْحَةُ الله: جلالُه.
وقيل في قوله تعالى: إِن لك في النهار سَبْحاً طويلاً أَي فراغاً للنوم، وقد يكون السَّبْحُ بالليل.
والسَّبْحُ أَيضاً: النوم نفسه.
وقال ابن عرفة الملقب بنفطويه في قوله تعالى: فَسَبِّحْ باسم ربك العظيم أَي سبحه بأَسمائه ونزهه عن التسمية بغير ما سمَّى به نفسه، قال: ومن سمى الله تعالى بغير ما سمى به نفسه، فهو مُلْحِدٌ في أَسمائه، وكلُّ من دعاه بأَسمائه فَمُسَبِّح له بها إِذ كانت أَسماؤُه مدائح له وأَوصافاً؛ قال الله تعالى: ولله الأَسماء الحُسْنى فادْعُوه بها، وهي صفاته التي وصف بها نفسه، وكل من دعا الله بأَسمائه فقد أَطاعه ومدحه ولَحِقَه ثوابُه.
وروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَحدٌ أَغْيَرَ من الله ولذلك حَرَّمَ الفواحشَ، وليس أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ من الله تعالى.
والسَّبْحُ أَيضاً: السكون.
والسَّبْحُ: التقَلُّبُ والانتشار في الأَرض والتَّصَرُّفُ في المعاش، فكأَنه ضِدٌّ.
وفي حديث الوضوء: فأَدخل اصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ في أُذنيه؛ السَّبَّاحةُ والمُسَبِّحةُ: الإِصبع التي تلي الإِبهام، سميت بذلك لأَنها يشار بها عند التسبيح.
والسَّبْحَةُ، بفتح السين: ثوب من جُلُود، وجمعها سِباحٌ؛ قال مالك بن خالد الهذلي: وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُعْطٍ، إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ وصحَّف أَبو عبيدة هذه الكلمة فرواها بالجيم؛ قال ابن بري: لم يذكر، يعني الجوهري، السَّبْحَة، بالفتح، وهي الثياب من الجلود، وهي التي وقع فيها التصحيف، فقال أَبو عبيدة: هي السُّبْجة، بالجيم وضم السين، وغلط في ذلك، وإِنما السُّبْجَة كساء أَسود، واستشهد أَبو عبيدة على صحة قوله بقول مالك الهذلي: إِذا عاد المسارح كالسباج فصحَّف البيت أَيضاً، قال: وهذا البيت من قصيدة حائية مدح بها زهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللحياني، وأَوَّلها: فَتًى ما ابنُ الأَغَرِّ، إِذا شَتَوْنا، وحُبَّ الزَّادُ في شَهْرَيْ قُِماحِ والمسارح: المواضع التي تسرح إِليها الإِبل، فشبهها لمَّا أَجدبت بالجلود المُلْسِ في عدم النبات، وقد ذكر ابن سيده في ترجمة سبج، بالجيم، ما صورته: والسِّباحُ ثياب من جلود، واحدتها سُبْجَة، وهي بالحاء أَعلى، على أَنه أَيضاً قد قال في هذه الترجمة: إِن أَبا عبيدة صحَّف هذه الكلمة ورواها بالجيم كما ذكرناه آنفاً، ومن العجب وقوعه في ذلك مع حكايته عن أَبي عبيدة أَنه وقع فيه، اللهم إِلا أَن يكون وجد ثقلاً فيه، وكان يتعين عليه أَنه لو وجد نقلاً فيه أَن يذكره أَيضاً في هذه الترجمة عند تخطئته لأَبي عبيدة ونسبته إِلى التصحيف ليسلم هو أَيضاً من التهمة والانتقاد. أَبو عمرو: كساءٌ مُسبَّح، بالباء، قوي شديد، قال: والمُسَبَّحُ، بالباء أَيضاً، المُعَرَّضُ، وقال شمر: السِّباحُ، بالحاء، قُمُصٌ للصبيان من جلود؛ وأَنشد: كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عنها جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ قال: وأَما السُّبْحَة، بضم السين والجيم، فكساء أَسود.
والسُّبْحَة: القطعة من القطن.
وسَبُوحةُ، بفتح السين مخففة: البلدُ الحرامُ، ويقال: وادٍ بعرفات؛ وقال يصف نُوقَ الحجيج: خَوارِجُ من نَعْمانَ، أَو من سَبُوحةٍ إِلى البيتِ، أَو يَخْرُجْنَ من نَجْدِ كَبْكَبِ

غرر (لسان العرب) [0]


غرّه يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو مَغرور وغرير: خدعه وأَطعمه بالباطل؛ قال: إِن امْرَأً غَرّه منكن واحدةٌ، بَعْدِي وبعدَكِ في الدنيا، لمغرور أَراد لمغرور جدًّا أَو لمغرور جِدَّ مغرورٍ وحَقَّ مغرورٍ، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة لأَنه قد علم أَن كل من غُرّ فهو مَغْرور، فأَيُّ فائدة في قوله لمغرور، إِنما هو على ما فسر.
واغْتَرَّ هو: قَبِلَ الغُرورَ.
وأَنا غَرَرٌ منك، أَي مغرور وأَنا غَرِيرُك من هذا أَي أَنا الذي غَرَّك منه أَي لم يكن الأَمر على ما تُحِبّ.
وفي الحديث: المؤمِنُ غِرٌّ كريم أَي ليس بذي نُكْر، فهو ينْخَدِع لانقياده ولِينِه، وهو ضد الخَبّ. . . . أكمل المادة يقال: فتى غِرٌّ، وفتاة غِرٌّ، وقد غَرِرْتَ تَغَرُّ غَرارةً؛ يريد أَن المؤمن المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الفطنة للشرّ وتركُ البحث عنه، وليس ذلك منه جهلاً، ولكنه كَرَمٌ وحسن خُلُق؛ ومنه حديث الجنة: يَدْخُلُني غِرّةُ الناس أَي البُلْه الذين لم يُجَرِّبوا الأُمور فهم قليلو الشرِّ منقادون، فإِنَ منْ آثرَ الخمولَ وإِصلاحَ نفسه والتزوُّدَ لمعاده ونَبَذَ أُمور الدنيا فليس غِرًّا فيما قَصَد له ولا مذموماً بنوع من الذم؛ وقول طرفة: أَبا مُنْذِرٍ، كانت غُروراً صَحِيفتي، ولم أُعْطِكم، في الطَّوْعِ، مالي ولا عِرْضِي إِنما أَراد: ذات غُرورٍ لا تكون إِلا على ذلك. قاله ابن سيده قال: لأَن الغُرور عرض والصحيفة جوهر والجوهر لا يكون عرضاً.
والغَرورُ: ما غَرّك من إِنسان وشيطان وغيرهما؛ وخص يعقوب به الشيطان.
وقوله تعالى: ولا يغُرَّنَّكم بالله الغَرور؛ قيل: الغَرور الشيطان، قال الزجاج: ويجوز الغُرور، بضم الغين، وقال في تفسيره: الغُرور الأَباطيل، ويجوز أَن يكون الغُرور جمع غارٍّ مثل شاهد وشُهود وقاعد وقُعود، والغُرور، بالضم: ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا.
وفي التنزيل العزيز: لا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا؛ يقول: لا تَغُرَّنَّكم الدنيا فإِن كان لكم حظ فيها يَنْقُص من دينكم فلا تُؤْثِروا ذلك الحظّ ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور.
والغَرُور: الشيطان يَغُرُّ الناس بالوعد الكاذب والتَّمْنِية.
وقال الأَصمعي: الغُرور الذي يَغُرُّك.
والغُرور، بالضم: الأَباطيل، كأَنها جمع غَرٍّ مصدر غَرَرْتُه غَرًّا، قال: وهو أَحسن من أَن يجعل غَرَرْت غُروراً لأَن المتعدي من الأَفعال لا تكاد تقع مصادرها على فُعول إِلا شاذّاً، وقد قال الفراء: غَرَرْتُه غُروراً، قال: وقوله: ولا يَغُرّنّكم بالله الغَرور، يريد به زينة الأَشياء في الدنيا.
والغَرُور: الدنيا، صفة غالبة. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يا أَيها الإِنسان ما غَرَّكَ بربِّك الكريم؛ أَي ما خدَعَك وسوَّل لك حتى أَضَعْتَ ما وجب عليك؛ وقال غيره: ما غرّك أَي ما خدعك بربِّك وحملك على معصِيته والأَمْنِ من عقابه فزيَّن لك المعاصي والأَمانيَّ الكاذبة فارتكبت الكبائر، ولم تَخَفْه وأَمِنْت عذابه، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد الذي يأْمَنُ مكرَ ولا يخافه؛ وقال الأَصمعي: ما غَرَّك بفلان أَي كيف اجترأْت عليه.
ومَنْ غَرَّك مِنْ فلان ومَنْ غَرَّك بفلان أَي من أَوْطأَك منه عَشْوةً في أَمر فلان؛ وأَنشد أَبو الهيثم: أَغَرَّ هشاماً، من أَخيه ابن أُمِّه، قَوادِمُ ضَأْنٍ يَسَّرَت ورَبيعُ قال: يريد أَجْسَرَه على فراق أَخيه لأُمِّه كثرةُ غنمِه وأَلبانِها، قال: والقوادم والأَواخر في الأَخْلاف لا تكون في ضروع الضأْن لأَن للضأْن والمعز خِلْفَيْنِ مُتحاذِيَينِ وما له أَربعة أَخلاف غيرهما، والقادِمان: الخِلْفان اللذان يَليان البطن والآخِران اللذان يليان الذَّنَب فصيّره مثلاً للضأْن، ثم قال: أَغرّ هشاماً لضأْن (*قوله« لضأْن» هكذا بالأصل ولعله قوادم لضأن) .له يَسَّرت وظن أَنه قد استغنى عن أَخيه وقال أَبو عبيد: الغَرير المَغْرور.
وفي حديث سارِق أَبي بكر، رضي اللَّه عنه: عَجِبْتُ مِن غِرّتِه بالله عز وجل أَي اغترارِه.
والغَرارة من الغِرِّ، والغِرّة من الغارّ، والتَّغرّة من التَّغْرير، والغارّ: الغافل. التهذيب: وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَيّما رجل بايعَ آخَرَ على مشورة (* قوله « على مشورة» هو هكذا في الأصل، ولعله على غير مشورة.
وفي النهاية بايع آخر فانه لا يؤمر إلخ) . فإِنه لا يُؤَمَّرُ واحدٌ منهما تَغرَّةَ أَن يُقْتَلا؛ التَّغرَّة مصدر غَرَرْته إِذا أَلقيته في الغَرَر وهو من التَّغْرير كالتَّعِلّة من التعليل؛ قال ابن الأَثير: وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تَغرَّةٍ في أَن يُقْتَلا أَي خوف وقوعهما في القتل فحَذَف المضافَ الذي هو الخوف وأَقام المضاف إِليه الذي هو ثَغِرّة مقامه، وانتصب على أَنه مفعول له، ويجوز أَن يكون قوله أَن يُقْتَلا بدلاً من تَغِرّة، ويكون المضاف محذوفاً كالأَول، ومن أَضاف ثَغِرّة إِلى أَن يُقْتَلا فمعناه خوف تَغِرَّةِ قَتْلِهما؛ ومعنى الحديث: أَن البيعة حقها أَن تقع صادرة عن المَشُورة والاتفاقِ، فإِذا اسْتبدَّ رجلان دون الجماعة فبايَع أَحدُهما الآخرَ، فذلك تَظاهُرٌ منهما بشَقّ العصا واطِّراح الجماعة، فإِن عُقدَ لأَحد بيعةٌ فلا يكون المعقودُ له واحداً منهما، وليْكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإِمام منها، لأَنه لو عُقِد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفَعْلة الشنيعة التي أَحْفَظَت الجماعة من التهاوُن بهم والاستغناء عن رأْيهم، لم يُؤْمَن أَن يُقْتلا؛ هذا قول ابن الأَثير، وهو مختصر قول الأَزهري، فإِنه يقول: لا يُبايع الرجل إِلا بعد مشاورة الملإِ من أَشراف الناس واتفاقهم، ثم قال: ومن بايع رجلاً عن غير اتفاق من الملإِ لم يؤمَّرْ واحدٌ منهما تَغرّةً بمكر المؤمَّر منهما، لئلا يُقْتَلا أَو أَحدهما، ونَصب تَغِرّة لأَنه مفعول له وإِن شئت مفعول من أَجله؛ وقوله: أَن يقتلا أَي حِذارَ أَن يقتلا وكراهةَ أَن يقتلا؛ قال الأَزهري: وما علمت أَحداً فسر من حديث عمر، رضي الله عنه، ما فسرته، فافهمه.
والغَرِير: الكفيل.
وأَنا غَرِير فلان أَي كفيله.
وأَنا غَرِيرُك من فلان أَي أُحذِّرُكَه، وقال أَبو نصر في كتاب الأَجناس: أَي لن يأْتيك منه ما تَغْتَرُّ به، كأَنه قال: أَنا القيم لك بذلك. قال أَبو منصور: كأَنه قال أَنا الكفيل لك بذلك؛ وأَنشد الأَصمعي في الغَرِير الكفيل رواه ثعلب عن أَبي نصر عنه قال: أَنت لخيرِ أُمّةٍ مُجيرُها، وأَنت مما ساءها غَرِيرُها أَبو زيد في كتاب الأَمثال قال: ومن أَمثالهم في الخِبْرة ولعلم: أَنا غَرِيرُك من هذا الأَمر أَي اغْترَّني فسلني منه على غِرّةٍ أَي أَني عالم به، فمتى سأَلتني عنه أَخبرتك به من غير استعداد لذلك ولا روِيّة فيه.
وقال الأَصمعي في هذا المثل: معناه أَنك لستَ بمغرور مني لكنِّي أَنا المَغْرور، وذلك أَنه بلغني خبرٌ كان باطلاً فأَخْبَرْتُك به، ولم يكن على ما قلتُ لك وإِنما أَدَّيت ما سمعتُ.
وقال أَبو زيد: سمعت أَعرابيا يقول لآخر: أَنا غريرك مِن تقولَ ذلك، يقول من أَن تقول ذلك، قال: ومعناه اغْترَّني فسَلْني عن خبره فإِني عالم به أُخبرك عن أمره على الحق والصدق. قال: الغُرور الباطل؛ وما اغْتَرَرْتَ به من شيء، فهو غَرُور.
وغَرَّرَ بنفسه ومالِه تَغْريراً وتَغِرّةً: عرَّضهما للهَلَكةِ من غير أَن يَعْرِف، والاسم الغَرَرُ، والغَرَرُ الخَطَرُ.
ونهى رسول اللَّه ،صلى الله عليه وسلم، عن بيع الغَرَرِ وهو مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء.
والتَّغْرير: حمل النفس على الغَرَرِ، وقد غرَّرَ بنفسه تَغْرِيراً وتَغِرّة كما يقال حَلَّل تَحْلِيلاً وتَحِلَّة وعَلّل تَعِْليلاً وتَعِلّة، وقيل: بَيْعُ الغَررِ المنهيُّ عنه ما كان له ظاهرٌ يَغُرُّ المشتري وباطنٌ مجهول، يقال: إِياك وبيعَ الغَرَرِ؛ قال: بيع الغَرَر أَن يكون على غير عُهْدة ولا ثِقَة. قال الأَزهري: ويدخل في بيع الغَرَرِ البُيوعُ المجهولة التي لا يُحيط بكُنْهِها المتبايِعان حتى تكون معلومة.
وفي حديث مطرف: إِن لي نفساً واحدة وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بها أَي أَحملها على غير ثقة، قال: وبه سمي الشيطان غَرُوراً لأَنه يحمل الإِنسان على مَحابِّه ووراءَ ذلك ما يَسوءه، كفانا الله فتنته.
وفي حديث الدعاء: وتَعاطِي ما نهيت عنه تَغْريراً أَي مُخاطرةً وغفلة عن عاقِبة أَمره.
وفي الحديث: لأَنْ أَغْتَرَّ بهذه الآية ولا أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بهذه الأية؛ يريد قوله تعالى: فقاتِلُوا التي تبغي حتى تَفيءَ إلى أَمر الله، وقوله: ومَنْ يَقْتَلْ مؤمناً مُتَعَمِّداً؛ المعنى أَن أُخاطِرَ بتركي مقتضى الأَمر بالأُولى أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بالدخول تحت الآية الأُخرى.
والغُرَّة، بالضم: بياض في الجبهة، وفي الصحاح: في جبهة الفرس؛ فرس أَغَرُّ وغَرّاء، وقيل: الأَغَرُّ من الخيل الذي غُرّتُه أَكبر من الدرهم، وقد وَسَطَت جبهَته ولم تُصِب واحدة من العينين ولم تَمِلْ على واحد من الخدّينِ ولم تَسِلْ سُفْلاً، وهي أَفشى من القُرْحة، والقُرْحة قدر الدرهم فما دونه؛ وقال بعضهم: بل يقال للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قلت أَغَرُّ فلا بد من أَن تَصِف الغُرَّة بالطول والعِرَض والصِّغَر والعِظَم والدّقّة، وكلهن غُرَر، فالغرّة جامعة لهن لأَنه يقال أَغرُّ أَقْرَح، وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ ليس بضرب واحد بل هو جنس جامع لأَنواع من قُرْحة وشِمْراخ ونحوهما.
وغُرّةُ الفرسِ: البياضُ الذي يكون في وجهه، فإن كانت مُدَوَّرة فهي وَتِيرة، وإن كانت طويلة فهي شادِخةٌ. قال ابن سيده: وعندي أَن الغُرّة نفس القَدْر الذي يَشْغَله البياض من الوجه لا أَنه البياض.
والغُرْغُرة، بالضم: غُرَّة الفرس.
ورجل غُرغُرة أَيضاً: شريف.
ويقال بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فيقول صاحبه: بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ. ابن الأَعرابي: فرس أَغَرُّ، وبه غَرَرٌ، وقد غَرّ يَغَرُّ غَرَراً، وجمل أَغَرُّ وفيه غَرَرٌ وغُرور.
والأَغَرُّ: الأَبيض من كل شيء.
وقد غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بالفتح، غَرَراً وغُرّةً وغَرارةً: صار ذا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عن ابن الأَعرابي، وفكَّ مرةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فقال غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ. قال ابن سيده: وعندي أَن غُرّة ليس بمصدر كما ذهب إِليه ابن الأَعرابي ههنا، وإِنما هو اسم وإِنما كان حكمه أَن يقول غَرِرْت غَرَراً، قال: على أَني لا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي في مثل هذا.
وفي حديث عليّ، كرم الله تعالى وجهه: اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذا الغُرّتين؛ الغُرّتان: النُّكْتتان البَيْضاوانِ فوق عينيه.
ورجل أَغَرُّ: كريم الأَفعال واضحها، وهو على المثل.
ورجل أَغَرُّ الوجه إذا كان أَبيض الوجه من قوم غُرٍّ وغُرّان؛ قال امرؤ القيس يمدح قوماً: ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ، وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ وقال أَيضاً: أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ قال ابن بري: المشهور في بيت امرئ القيس: وأَوجُههم عند المَشاهِد غُرّانُ أَي إذا اجتمعوا لِغُرْم حَمالةٍ أَو لإِدارة حَرْب وجدتَ وجوههم مستبشرة غير منكرة، لأَن اللئيم يَحْمَرُّ وجهه عندها يسائله السائل، والكريم لا يتغيّر وجهُه عن لونه قال: وهذا المعنى هو الذي أَراده من روى بيض المسافر.
وقوله: ثياب بني عوف طهارَى، يريد بثيابهم قلوبهم؛ ومنه قوله تعالى: وثِيابَك فطَهِّرْ.
وفي الحديث: غُرٌّ محجلون من آثارِ الوُضوء؛ الغُرُّ: جمع الأَغَرّ من الغُرّة بياضِ الوجه، يريد بياضَ وجوههم الوُضوء يوم القيامة؛ وقول أُمّ خالد الخَثْعَمِيّة: ليَشْرَبَ جَحْوَشٌ ، ويَشِيمهُ بِعَيْني قُطامِيٍّ أَغَرّ شآمي يجوز أَن تعني قطاميًّا أَبيض، وإِن كان القطامي قلما يوصف بالأَغَرّ، وقد يجوز أَن تعني عنُقَه فيكون كالأَغَرّ بين الرجال، والأَغَرُّ من الرجال: الذي أَخَذت اللحيَةُ جميعَ وجهه إِلا قليلاً كأَنه غُرّة؛ قال عبيد بن الأَبرص: ولقد تُزانُ بك المَجا لِسُ، لا أَغَرّ ولا عُلاكزْ (* قوله «ولا علاكز» هكذا هو في الأصل فلعله علاكد، بالدال بلد الزاي) .
وغُرّة الشيء: أَوله وأَكرمُه.
وفي الحديث: ما أَجدُ لما فَعَل هذا في غُرَّةِ الإِسلام مَثَلاً إِلا غنماً وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوّلُها فنَفَر آخِرُها؛ وغُرّة الإِسلام: أَوَّلُه.
وغُرَّة كل شيء: أَوله.
والغُرَرُ: ثلاث ليال من أَول كل شهر.
وغُرّةُ الشهر: ليلةُ استهلال القمر لبياض أَولها، وقيل: غُرّةُ الهلال طَلْعَتُه، وكل ذلك من البياض. يقال: كتبت غُرّةَ شهر كذا.
ويقال لثلاث ليال من الشهر: الغُرَر والغُرُّ، وكل ذلك لبياضها وطلوع القمر في أَولها، وقد يقال ذلك للأَيام. قال أَبو عبيد: قال غير واحد ولا اثنين: يقال لثلاث ليال من أَول الشهر: ثلاث غُرَر، والواحدة غُرّة، وقال أَبو الهيثم: سُمِّين غُرَراً واحدتها غُرّة تشبيهاً بغُرّة الفرس في جبهته لأَن البياض فيه أَول شيء فيه، وكذلك بياض الهلال في هذه الليالي أَول شيء فيها.
وفي الحديث: في صوم الأَيام الغُرِّ؛ أَي البيض الليالي بالقمر. قال الأَزهري: وأَما اللَّيالي الغُرّ التي أَمر النبي،صلى الله عليه وسلم ، بصومها فهي ليلة ثلاثَ عَشْرةَ وأَربعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرةَ، ويقال لها البيض، وأَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بصومها لأَنه خصها بالفضل؛ وفي قول الأَزهري: الليالي الغُرّ التي أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بصومها نَقْدٌ وكان حقُّه أَن يقول بصوم أَيامها فإِن الصيام إِنما هو للأَيام لا لليالي، ويوم أَغَرُّ: شديد الحرّ؛ ومنه قولهم: هاجرة غَرّاء ووَدِيقة غَرّاء؛ ومنه قول الشاعر: أَغَرّ كلون المِلْحِ ضاحِي تُرابه، إذا اسْتَوْدَقَت حِزانُه وضياهِبُه (* قوله «وضياهبه» هو جمع ضيهب كصيقل، وهو كل قف أو حزن أو موضع من الجبل تحمى عليه الشمس حتى يشوى عليه اللحم. لكن الذي في الاساس: سباسبه، وهي جمع سبسب بمعنى المفازة) . قال وأنشد أَبو بكر: مِنْ سَمُومٍ كأَنّها لَفحُ نارٍ، شَعْشَعَتْها ظَهيرةٌ غَرّاء ويقال: وَدِيقة غَرّاء شديدة الحرّ؛ قال: وهاجرة غَرّاء قاسَيْتُ حَرّها إليك، وجَفْنُ العينِ بالماء سابحُ (* قوله «بالماء» رواية الاساس: في الماء) . الأَصمعي: ظَهِيرة غَرّاء أَي هي بيضاء من شدّة حر الشمس، كما يقال هاجرة شَهْباء.
وغُرّة الأَسنان: بياضُها.
وغَرَّرَ الغلامُ: طلع أَوّلُ أَسنانه كأَنه أَظهر غُرّةَ أَسنانِه أَي بياضها.
وقيل: هو إذا طلعت أُولى أَسنانه ورأَيت غُرّتَها، وهي أُولى أَسنانه.
ويقال: غَرَّرَت ثَنِيَّنا الغلام إذا طلعتا أَول ما يطلعُ لظهور بياضهما، والأَغَرُّ: الأَبيض، وقوم غُرّان.
وتقول: هذا غُرّة من غُرَرِ المتاع، وغُرّةُ المتاع خيارُه ورأْسه، وفلان غُرّةٌ من غُرَرِ قومه أَي شريف من أَشرافهم.
ورجل أَغَرُّ: شريف، والجمع غُرُّ وغُرَّان؛ وأَنشد بيت امرئ القيس: وأَوْجُهُهم عند المشاهد غُرّان وهو غرة قومِه أَي سّيدهُم، وهم غُرَرُ قومهم.
وغُرّةُ النبات: رأْسه.
وتَسَرُّعُ الكَرْمِ إلى بُسُوقِه: غُرّتُه؛ وغُرّةُ الكرم: سُرْعةُ بُسوقه.
وغُرّةُ الرجل: وجهُه، وقيل: طلعته ووجهه.
وكل شيء بدا لك من ضوء أَو صُبْح، فقد بدت لك غُرّته.
ووَجْهٌ غريرٌ: حسن، وجمعه غُرّان؛ والغِرُّ والغرِيرُ: الشابُّ الذي لا تجربة له، والجمع أَغِرّاء وأَغِرّة والأُنثى غِرٌّ وغِرّة وغَريرة؛ وقد غَرِرْتَ غَرارَةٌ، ورجل غِرٌّ، بالكسر، وٌغرير أَي غير مجرّب؛ وقد غَرّ يَغِرُّ، بالكسر، غرارة، والاسم الغِرّة. الليث: الغِرُّ كالغِمْر والمصدر الغَرارة،وجارية غِرّة.
وفي الحديث: المؤمنُ غِرٌّ كَريم الكافرُ خَبٌّ لَئِيم؛ معناه أَنه ليس بذي نَكراء، فالغِرُّ الذي لا يَفْطَن للشرّ ويغفلُ عنه، والخَبُّ ضد الغِرّ، وهو الخَدّاع المُفْسِد، ويَجْمَع الغِرَّ أَغْرارٌ، وجمع الغَرِير أَغرّاء.
وفي الحديث ظبيان: إنّ ملوك حِمْير مَلَكُوا مَعاقِلَ الأَرض وقرَارَها ورؤوسَ المُلوكِ وغِرارَها. الغِرار والأَغْرارُ جمع الغِرّ.
وفي حديث ابن عمر: إنّك ما أَخَذْتَها بَيْضاءَ غَرِيرة؛ هي الشابة الحديثة التي لم تجرِّب الأُمور. أَبو عبيد: الغِرّة الجارية الحديثة السِّنِّ التي لم تجرِّب الأُمور ولم تكن تعلم ما يعلم النساء من الحُبِّ، وهي أَيضاً غِرٌّ، بغير هاء؛ قال الشاعر: إن الفَتَاةَ صَغِيرةٌ غِرٌّ، فلا يُسْرَى بها الكسائي: رجل غِرٌّ وامرأَة غِرٌّ بيِّنة الغَرارة، بالفتح، من قوم أَغِرّاء؛ قال: ويقال من الإنسان الغِرّ: غَرَرْت يا رجل تَغِرُّ غَرارة، ومن الغارّ وهو الغافل اغْتَرَرْت. ابن الأَعرابي: يقال غَرَرْت بَعْدي تَغُِ غَرارَة فأَت غِرُّ والجارية غِرٌّ إذا تَصابَى. أَبو عبيد: الغَريرُ المَغْرور والغَرارة من الغِرّة والغِرَّة من الغارّ والغَرارةُ والغِرّة واحدٌ؛ الغارّ: الغافل والغِرَّة الغفلة، وقد اغْتَرّ، والاسم منهما الغِرة.
وفي المثل: الغِرَّة تَجْلُب الدِّرَّة أَي الغفلة تجلب الرزق، حكاه ابن الأَعرابي.
ويقال: كان ذلك في غَرارتي وحَداثتي أَي في غِرّتي.
واغْتَرّه أَي أَتاه على غِرّة منه.
واغْترَّ بالشيء: خُدِع به.
وعيش غَرِيرٌ: أَبْله يُفَزِّع أَهله.
والغَريِر الخُلُق: الحسن. يقال للرجل إِذا شاخَ: أَدْبَرَ غَريرهُ وأَقْبَل هَريرُه أَي قد ساء خلُقه.
والغِرارُ: حدُّ الرمح والسيف والسهم.
وقال أَبو حنيفة: الغِراران ناحيتا المِعْبلة خاصة. غيره: والغِراران شَفْرتا السيف وكل شيء له حدٌّ، فحدُّه غِرارُه، والجمع أَغِرّة، وغَرُّ السيف حدّه؛ ،منه قول هِجْرِس بن كليب حين رأَى قاتِلَ أَبيه: أَما وسَيْفِي وغَرَّيْه أَي وحَدّيه.
ولَبِثَ فلان غِرارَ شهر أَي مكث مقدارَ شهر.
ويقال: لَبِث اليومُ غِرارَ شهر أَي مِثالَ شهر أَي طُول شهر، والغِرارُ: النوم القليل، وقيل: هوالقليل من النوم وغيره.
وروى الأَوزاعي عن الزهري أَنه قال: كانوا لا يَرَون بغرار النَّوْم بأْساً حتى لا يَنْقض الوضوءَ أَي لا ينقض قليلُ النوم الوضوء. قال الأَصمعي: غِرارُ النوم قلّتُه؛ قال الفرزدق في مرثية الحجاج: إن الرَّزِيّة من ثَقيفٍ هالكٌ تَرَك العُيونَ ، فنَوْمُهُن غِرارُ أَي قليل.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا غِرار في صلاة ولا تسليم؛ أَي لا نقصان. قال أَبو عبيد: الغرارُ في الصلاة النقصان في ركوعها وسجودها وطُهورها وهو أَن لا يُتِمَّ ركوعها وسجودها. قال أَبو عبيد: فمعنى الحديث لا غِرار في صلاة أَي لا يُنْقَص من ركوعها ولا من سجودها ولا أَركانها، كقول سَلْمان: الصلاة مكيال فمن وَفَّى وُفِّيَ له، ومن طَفّفَ فقد علمتم ما قال الله في المُطَفِّفِين؛ قال: وأَما الغِرَارُ في التسليم فنراه أَن يقول له: السَّلام عليكم، فَيَرُدُّ عليه الآخر: وعليكم، ولا يقول وعليكم السلام؛ هذا من التهذيب. قال ابن سيده: وأَما الغِرارُ في التّسليم فنراه أَن يقول سَلامٌ عليكَ أَو يَرُدَّ فيقول وعليك ولا يقول وعليكم، وقيل: لا غِرَارَ في الصلاة ولا تَسليم فيها أَي لا قليل من النوم في الصلاة ولا تسليم أَي لا يُسَلِّم المصلّي ولا يَسَلَّم عليه؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالنصب والجر، فمن جرّه كان معطوفاً على الصلاة، ومن نصبه كان معطوفاً على الغِرار، ويكون المعنى: لا نَقْصَ ولا تسليمَ في صلاة لأَن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز ؛ وفي حديث آخر: تُغارُّ التحيّةُ أَي يُنْقَص السلامُ.
وأَتانا على غِرارٍ أَي على عجلة.
ولقيته غِراراً أَي على عجلة، وأَصله القلَّةُ في الرَّوِية للعجلة.
وما أَقمت عنده إلا غِراراً أَي قليلاً. التهذيب: ويقال اغْتَرَرْتُه واسْتَغْرَرْتُه أَي أَتيته على غِرّة أَي على غفلة، والغِرار: نُقصانُ لبن الناقة، وفي لبنها غِرارٌ؛ ومنه غِرارُ النومِ: قِلّتُه. قال أَبو بكر في قولهم: غَرَّ فلانٌ فلاناً: قال بعضهم عرَّضه للهلَكة والبَوارِ، من قولهم: ناقة مُغارٌّ إذا ذهب لبنها لحَدث أَو لعلَّة.
ويقال: غَرَّ فلان فلاناً معناه نَقَصه، من الغِرار وهو النقصان.
ويقال:: معنى قولهم غَرَّ فلان فلاناً فعل به ما يشبه القتلَ والذبح بِغرار الشّفْرة، وغارَّت الناقةُ بلبنها تُغارُّ غِراراً، وهي مُغارٌّ: قلّ لبنها؛ ومنهم من قال ذلك عند كراهيتها للولد وإنكارها الحالِبَ. الأَزهري: غِرارُ الناقةِ أَنْ تُمْرَى فَتَدِرّ فإن لم يُبادَرْ دَرُّها رفَعَت دَرَّها ثم لم تَدِرّ حتى تُفِيق. الأَصمعي: من أَمثالهم في تعَجُّلِ الشيء قبل أوانِه قولهم: سَبَقَ درَّتُه غِرارَه، ومثله سَبَقَ سَيْلُه مَطرَه. ابن السكيت: غارَّت الناقةُ غراراً إِذا دَرَّت، ثم نفرت فرجعت الدِّرَة؛ يقال: ناقة مُغارٌّ، بالضم، ونُوق مَغارُّ يا هذا، بفتح الميم، غير مصروف.
ويقال في التحية: لا تُغارَّ أَي لا تَنْقُصْ، ولكن قُلْ كما يُقال لك أَو رُدَّ، وهو أَن تمرَّ بجماعة فتخصَّ واحداً.
ولِسُوقنا غِرارٌ إذا لم يكن لمتاعها نَفاقٌ؛ كله على المثل.
وغارَّت السوقُ تُغارُّ غِراراً: كسَدَت، ودَرَّت دَرَّةً: نفَقَت؛ وقول أَبي خراش (*: قوله «وقول أبي خراش إلخ» في شرح القاموس ما نصه: هكذا ذكره صاحب اللسان هنا، والصواب ذكره في العين المهملة) : فغارَرت شيئاً والدَّرِيسُ ، كأَنّما يُزَعْزِعُه وَعْكٌ من المُومِ مُرْدِمُ قيل: معنى غارَرْت تَلَبَّثت، وقيل: تنبهت ووَلَدَت ثلاثةً على غِرارٍ واحدٍ أَي بعضُهم في إثْر بعض ليس بينهم جارية. الأَصمعي: الغِرارُ الطريقة. يقال: رميت ثلاثة أَسْهُم على غِرار واحد أَي على مَجْرًى واحد.
وبنى القومُ بيوتهم على غِرارِ واحدٍ.
والغِرارُ: المثالُ الذي يَضْرَب عليه النصالُ لتصلح. يقال: ضرَبَ نِصالَه على غِرارٍ واحد؛ قال الهُذَلي يصف نصلاً: سَديد العَيْر لم يَدْحَضْ عليه الـ ـغِرارُ، فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ قوله سديد ، بالسين، أَي مستقيم. قال ابن بري: البيت لعمرو بن الداخل، وقوله سَدِيد العَيْر أَي قاصِد.
والعَير: الناتئ في وسط النصل.
ولم يَدْحَضْ أَي لم يَزْلَقْ عليه الغِرارُ، وهو المثال الذي يضرب عليه النصل فجاء مثل المثال.
وزَعِلٌ: نَشِيط.
ودَرُوجٌ: ذاهِبٌ في الأرض.
والغِرارةُ: الجُوالِق، واحدة الغَرائِر؛ قال الشاعر: كأَنّه غرارةٌ مَلأَى حَثَى الجوهري: الغِرارةُ واحدة الغَرائِر التي للتّبْن، قال: وأَظنّه معرباً. الأَصمعي: الغِرارُ أَيضاً غرارُ الحَمامِ فرْخَه إذا زَقّه، وقد غرَّتْه تَغُرُّه غَرًّا وغِراراً. قال: وغارَّ القُمْرِيُّ أَُنْثاه غِراراً إذا زقَّها.
وغَرَّ الطائرُ فَرْخَه يَغُرُّه غِراراً أَي زقَّه.
وفي حديث معاوية قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يَغُرُّ عليًّا بالعلم أَي يُلْقِمُه إِيّاه. يقال: غَرَّ الطائرُ فَرْخَه أَي زقَّه.
وفي حديث علي، عليه السلام: مَنْ يَطِع اللّه يَغُرّه كما يغُرُّهُ الغُرابُ بُجَّه أَي فَرْخَه.
وفي حديث ابن عمر وذكر الحسن والحسين، رضوان اللّه عليهم أَجمعين، فقال: إِنما كانا يُغَرّان العِلْمَ غَرًّا، والغَرُّ: اسمُ ما زقَّتْه به، وجمعه غُرورٌ؛ قال عوف بن ذروة فاستعمله في سير الإِبل: إِذا احْتَسَى، يومَ هَجِير هائِفِ، غُرورَ عِيدِيّاتها الخَوانِفِ يعني أَنه أَجهدها فكأَنه احتَسَى تلك الغُرورَ.
ويقال: غُرَّ فلانٌ من العِلْمِ ما لم يُغَرَّ غيرهُ أَي زُقَّ وعُلِّم.
وغُرَّ عليه الماءُ وقُرَّ عليه الماء أَي صُبَّ عليه.
وغُرَّ في حوضك أَي صُبَّ فيه.
وغَرَّرَ السقاء إِذا ملأَه؛ قال حميد: وغَرَّرَه حتى اسْتَدارَ كأَنَّه، على الفَرْو ، عُلْفوفٌ من التُّرْكِ راقِدُ يريد مَسْك شاةٍ بُسِطَ تحت الوَطْب. التهذيب: وغَرَرْتُ الأَساقِيَ ملأْتها؛ قال الراجز: فَظِلْتَ تَسْقي الماءَ في قِلاتِ، في قُصُبٍ يُغَرُّ في وأْباتِ، غَرَّكَ في المِرارِ مُعْصَماتِ القُصْبُ: الأَمْعاءُ .
والوَأْباتُ: الواسعات. قال الأَزهري: سمعت أَعرابيًّا يقول لآخر غُرَّ في سِقائك وذلك إِذا وضعه في الماء وملأَه بيده يدفع الماء في فيه دفعاً بكفه ولا يستفيق حتى يملأَه. الأَزهري: الغُرّ طَيْرٌ سُود بيضُ الرؤوس من طير الماء، الواحدة غَرَّاء، ذكراً كان أَو أُنثى. قال ابن سيده: الغُرُّ ضرب من طير الماء، ووصفه كما وصفناه.
والغُرَّةُ: العبد أَو الأَمة كأَنه عُبِّر عن الجسم كله بالغُرَّة؛ وقال الراجز: كلُّ قَتىلٍ في كُلَيْبٍ غُرَّه، حتى ينال القَتْلَ آلُ مُرَّه يقول: كلُّهم ليسوا يكفء لكليب إِنما هم بمنزلة العبيد والإِماء إن قَتَلْتُهُمْ حتى أَقتل آل مُرَّة فإِنهم الأَكفاء حينئذ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه قَضَى في ولد المَغْرور بغُرَّة؛ هو الرجل يتزوج امرأَة على أَنها حرة فتظهر مملوكة فيَغْرَم الزوجُ لمولى الأَمة غُرَّةً، عبداً أو أَمة، ويرجع بها على من غَرَّه ويكون ولدُه حرًّا.
وقال أَبو سعيد: الغُرَّة عند العرب أَنْفَسُ شيء يُمْلك وأَفْضلُه، والفرس غُرَّةُ مال الرجل، والعبد غرَّةُ ماله، والبعير النجيب غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة الفارِهَةُ من غُرَّة المال.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن حَمَلَ بن مالك قال له: إِني كنت بين جاريتين لي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِيناً ميتاً وماتت، فقَضَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم بديَةِ المقتولة على عاقلة القاتلة، وجَعَلَ في الجَنِين غُرَّةً، عبداً أَو أَمة.
وأَصل الغُرَّة البياض الذي يكون في وجه الفرس وكأَنه عُبّر عن الجسم كله بالغُرَّة. قال أَبو منصور: ولم يقصد النبي،صلى الله عليه وسلم ، في جعله في الجنين غُرَّةً إِلا جنساً واحداً من أَجناس الحيوان بِعينه فقال: عبداً أَو أَمة.
وغُرَّةُ المال: أَفضله.
وغُرَّةُ القوم: سيدهم.
وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال في تفسير الغُرّة الجنين، قال: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بيضاء.
وفي التهذيب: لا تكون إِلا بيضَ الرقيق. قال ابن الأَثير: ولا يُقْبَل في الدية عبدٌ أَسود ولا جاريةٌ سوداء. قال: وليس ذلك شرطاً عند الفقهاء، وإنما الغُرَّة عندهم ما بلغ ثمنُها عُشْر الدية من العبيد والإِماء. التهذيب وتفسير الفقهاء: إن الغرة من العبيد الذي يكون ثمنُه عُشْرَ الدية. قال: وإنما تجب الغُرّة في الجنين إِذا سقط ميّتاً، فإِن سقط حيًّا ثم مات ففيه الدية كاملة.
وقد جاء في بعض روايات الحديث: بغُرّة عبد أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ، وقيل: إِن الفرس والبَغْل غلط من الراوي.
وفي حديث ذي الجَوْشَن: ما كُنْتُ لأَقْضِيَه اليوم بغٌرّة؛ سمّي الفرس في هذا الحديث غُرّة؛ وأَكثرُ ما يطلق على العبد والأَمة، ويجوز أَن يكون أَراد بالغُرّة النِّفِسَ من كل شيء، فيكون التقدير ما كنت لأَقْضِيَه بالشيء النفيس المرغوب فيه.
وفي الحديث :إِيّاكم ومُشارّةَ الناس فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ العُرّةَ؛ الغُرّة ههنا: الحَسَنُ والعملُ الصالح، شبهه بغُرّة الفرس.
وكلُّ شيء تُرْفَع قيمتُه، فهو غُرّة.
وقوله في الحديث: عَليْكُم بالأَبْكارِ فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً، يحتمل أَن يكون من غُرَّة البياض وصفاء اللون، ويحتمل أَن يكون من حسن الخلُق والعِشْرةِ؛ ويؤيده الحديث الآخر: عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقاً، أَي إِنهن أَبْعَدُ من فطْنةِ الشرّ ومعرفتِه من الغِرّة الغفْلة.
وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ في ثوب أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قال: قد رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد غَرّه وجمعه غُرور؛ قال أَبو النجم: حتى إذا ما طَار منْ خَبِيرِها، عن جُدَدٍ صُفْرٍ، وعن غُرورِها الواحد غَرُّ، بالفتح؛ ومنه قولهم: طَوَيْت الثوبَ على غَرِّه أَي على كَسْرِه الأَول. قال الأَصمعي: حدثني رجل عن رؤبة أَنه عُرِضَ عليه ثوبٌ فنظر إليه وقَلَّبَه ثم قال: اطْوِه على« غَرَّه.
والغُرورُ في الفخذين: كالأخادِيد بين الخصائل.
وغُرورُ القدم: خطوط ما تَثَنَّى منها.
وغَرُّ الظهر: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قال: كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه ، إِذ تَجْنُبُهْ، سَيْرُ صَناعٍ في خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ قال الليث: الغَرُّ الكَسْرُ في الجلد من السِّمَن، والغَرُّ تكسُّر الجلد، وجمعه غُرور، وكذلك غُضونُ الجلْد غُرور. الأَصمعي: الغُرورُ مَكاسِرُ الجلد.
وفي حديث عائشة تصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: رَدَّ نَشْرَ الإِسلام على غَرِّه أَي طَيِّه وكَسْرِه. يقال: اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه الأَول كما كان مَطْوياًّ؛ أَرادت تَدْبيرَه أَمرَ الردة ومُقابَلة دَائِها.
وغُرورُ الذراعين: الأَثْناءُ التي بين حِبالِهما.
والغَرُّ: الشَّقُّ في الأَرض.
والغَرُّ: نَهْرٌ دقيق في الأَرض، وقال ابن الأعرابي: هو النهر، ولم يُعَيِّن الدَّقِيقَ ولا غيره؛ وأَنشد: سَقِيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج هكذا في المحكم؛ وأَورده الأَزهري، قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي في صفة جارية: سقيّة غَرٍّ في الحِجال دَمُوج وقال: يعني أَنها تُخْدَمُ ولا تَخْدُمُ. ابن الأَعرابي: الغَرُّ النهر الصغير، وجمعه غُرور، والغُرور: شَرَكُ الطريق، كلُّ طُرْقة منها غُرٌّ؛ ومن هذا قيل: اطْوِ الكتابَ والثوبَ على غَرّه وخِنْثِه أَي على كَسْره؛ وقال ابن السكيت في تفسير قوله: كأَنّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذ تَجْنُبُهْ غَرُّ المتن: طريقه. يقولُ دُكَيْن: طريقتُه تَبْرُق كأَنها سَيْرٌ في خَرِيز، والكَلبُ: أَن يُبَقَّى السَّيْرُ في القربة تُخْرَز فتُدْخِل الجاريةُ يدها وتجعل معها عقبة أو شعرة فتدخلها من تحت السير ثم تخرق خرقاً بالإِشْفَى فتخرج رأْس الشعرة منه، فإِذا خرج رأْسها جَذَبَتْها فاسْتَخْرَجَت السَّيْرَ.
وقال أَبو حنيفة: الغَرّانِ خَطّانِ يكونان في أَصل العَيْر من جانبيه؛ قال ابن مقروم وذكر صائداً: فأَرْسَلَ نافِذَ الغَرَّيْن حَشْراً، فخيَّبه من الوَتَرِ انْقِطاعُ والغرّاء: نبت لا ينبت إِلاّ في الأَجارِع وسُهولةِ الأَرض ووَرَقُها تافِةٌ وعودها كذلك يُشْبِه عودَ القَضْب إلاّ أَنه أُطَيْلِس، وهي شجرة صدق وزهرتها شديدة البياض طيبة الريح؛ قال أَبو حنيفة: يُحبّها المال كله وتَطِيب عليها أَلْبانُها. قال: والغُرَيْراء كالغَرّاء، قال ابي سيده: وإِنما ذكرنا الغُرَيْراء لأَن العرب تستعمله مصغراً كثيراً.
والغِرْغِرُ: من عشب الربيع، وهو محمود، ولا ينبت إِلا في الجبل له ورق نحو ورق الخُزامى وزهرته خضراء؛ قال الراعي: كأَن القَتُودَ على قارِحٍ، أَطاع الرَّبِيعَ له الغِرْغِرُ أراد: أَطاع زمن الربيع، واحدته غِرْغِرة.
والغِرْغِر، بالكسر: دَجاج الحبشة وتكون مُصِلّةً لاغتذائها بالعَذِرة والأَقْذار، أَو الدجاجُ البرّي، الواحدة غِرْغرة؛ وأَنشد أَبو عمرو: أَلُفُّهُمُ بالسَّيفِ من كلِّ جانبٍ، كما لَفَّت العِقْبانُ حِجْلى وغِرغِرا حِجْلى: جمع الحَجَلِ، وذكر الأَزهري قوماً أَبادهم الله فجعل عِنَبَهم الأَراك ورُمَّانَهم المَظَّ ودَجاجَهم الغِرْغِرَ.
والغَرْغَرَةُ والتَّغَرْغُر بالماء في الحَلْقِ: أَن يتردد فيه ولا يُسيغه.
والغَرُورُ: ما يُتَغَرْغَرُ به من الأَدْوية، مثل قولهم لَعُوق ولَدُود وسَعُوط.
وغَرْغَر فلانٌ بالدواء وتَغَرْغَرَ غَرْغَرةً وتَغَرْغُراً.
وتَغَرْغَرَت عيناه: تردَّد فيهما الدمع.
وغَرَّ وغَرْغَرَ: جادَ بنفسه عند الموت.
والغَرْغَرَةُ: تردُّد الروح في الحلق.
والغَرْغَرَةُ: صوتٌ معه بَجَحٌ.
وغَرْغَرَ اللحمُ على النار إِذا صَلَيْتَه فسمعت له نشِيشاً؛ قال الكميت: ومَرْضُوفة لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً، عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرا والغَرْغَرة: صوت القدر إذا غَلَتْ، وقد غَرْغَرت؛ قال عنترة: إِذ لا تَزالُ لكم مُغَرْغِرة تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ أَي حارٌّ فوضع المصدر موضع الاسم، وكأَنه قال: أَعْلى لونِها لونُ صَهْر.
والغَرْغَرةُ: كَسْرُ قصبة الأَنف وكَسْرُ رأْس القارورة؛ وأَنشد:وخَضْراء في وكرَيْنِ غَرْغَرْت رأْسها لأُبْلِيَ إن فارَقْتُ في صاحِبي عُذْرا والغُرْغُرةُ: الحَوْصلة؛ وحكاها كراع بالفتح؛ أَبو زيد: هي الحوصلة والغُرْغُرة والغُراوي (* قوله «والغراوي» هو هكذا في الأصل) .والزاورة.
وملأْت غَراغِرَك أَي جَوْفَك.
وغَرْغَرَه بالسكين: ذبحه.
وغَرْغَرَه بالسّنان: طعنه في حلقه.
والغَرْغَرةُ: حكاية صوت الراعي ونحوه. يقال: الراعي يُغَرْغِرُ بصوته أَي يردِّده في حلقه؛ ويَتَغَرْ غَرُصوته في حلقه أَي يتردد.
وغَرٌّ: موضع؛ قال هميان بن قحافة: أَقْبَلْتُ أَمْشِي، وبِغَرٍّ كُورِي، وكان غَرٌّ مَنْزِلَ الغرور والغَرُّ: موضع بالبادية؛ قال: فالغَرّ تَرْعاه فَجَنْبَي جَفَرَهْ والغَرّاء: فرس طريف بن تميم، صفة غالبة.
والأَغَرُّ: فرس ضُبَيْعة بن الحرث.
والغَرّاء: فرسٌ بعينها.
والغَرّاء: موضع؛ قال معن بن أَوس: سَرَتْ من قُرَى الغَرّاء حتى اهْتَدَتْ لنا، ودُوني خَراتيّ الطَّوِيّ فيَثْقُب (* قوله« خراتي» هكذا في الأصل ولعله حزابي.) وفي حبال الرمل المعترض في طريق مكة حبلان يقال لهما: الأَغَرَّان؛ قال الراجز: وقد قَطَعْنا الرَّمْلَ غير حَبْلَيْن: حَبْلَي زَرُودٍ ونَقا الأَغَرَّيْن والغُرَيْرُ: فحل من الإِبل، وهو ترخيم تصغير أَغَرّ. كقولك في أَحْمَد حُمَيد، والإِبل الغُرَيْريّة منسوبة إِليه؛ قال ذو الرمة: حَراجيج مما ذَمَّرَتْ في نتاجِها، بناحية الشّحْرِ الغُرَيْر وشَدْقَم يعني أَنها من نتاج هذين الفحلين، وجعل الغرير وشدقماً اسمين للقبيلتين؛ وقول الفرزدق يصف نساء: عَفَتْ بعد أَتْرابِ الخَلِيط، وقد نَرَى بها بُدَّناً حُوراً حِسانَ المَدامِع إِذا ما أَتاهُنَّ الحَبِيبُ رَشَفْنَه، رشِيفَ الغُرَيْريّاتِ ماءَ الوَقائِع والوَقائعُ: المَناقعُ، وهي الأَماكن التي يستنقع فيها الماء، وقيل في رَشْفِ الغُرَيْرِيّات إِنها نوق منسوبات إِلى فحل؛ قال الكميت: غُرَيْريّة الأَنْساب أَو شَدْقَمِيَّة، يَصِلْن إِلى البِيد الفَدافِد فَدْفدا وفي الحديث: أَنه قاتَلَ مُحَارِبَ خَصَفَة فرأَوْا من المسلمين غِرَّةً فصلَّى صلاةَ الخوف؛ الغِرَّةُ: الغَفْلة، أَي كانوا غافلين عن حِفْظِ مقامِهم وما هم فيه من مُقابلة العَدُوِّ؛ ومنه الحديث: أَنه أَغارَ على بنِي المُصْطَلِق وهم غارُّون؛ أَي غافلون.
وفي حديث عمر: كتب إِلى أَبي عُبَيدة، رضي الله عنهما، أَن لا يُمْضِيَ أَمْرَ الله تعالى إِلا بَعِيدَ الغِرّة حَصِيف العُقْدة أَي من بعد حفظه لغفلة المسلمين.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تطْرُقُوا النساء ولا تَغْتَرّوهُنّ أَي لا تدخلوا إِليهن على غِرّة. يقال: اغْتَرَرْت الرجل إِذا طلبت غِرّتَه أَي غفلته. ابن الأَثير: وفي حديث حاطب: كُنْتُ غَرِيراً فيهم أَي مُلْصَقاً مُلازماً لهم؛ قال: قال بعض المتأَخرين هكذا الرواية والصواب: كنت غَرِيًّا أَي مُلْصَقاً. يقال: غَرِيَ فلانٌ بالشيء إِذا لزمه؛ ومنه الغِراء الذي يُلْصَقُ به. قال: وذكره الهروي في العين المهملة: كنت عَرِيراً، قال: وهذا تصحيف منه؛ قال ابن الأَثير: أَما الهروي فلم يصحف ولا شرح إِلا الصحيح، فإِن الأَزهري والجوهري والخطابي والزمخشري ذكروا هذه اللفظة بالعين المهملة في تصانيفهم وشرحوها بالغريب وكفاك بواحد منهم حجة للهروي فيما روى وشرح، والله تعالى أَعلم.
وغَرْغَرْتُ رأْسَ القارورة إِذا استخرجْتَ صِمامَها، وقد تقدم في العين المهملة.

سعد (لسان العرب) [0]


السَّعْد: اليُمْن، وهو نقيض النَّحْس، والسُّعودة: خلاف النحوسة، والسعادة: خلاف الشقاوة. يقال: يوم سَعْد ويوم نحس.
وفي المثل: في الباطل دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، ومعناهما عندهم الباطل؛ قال الأَزهري: لا أَدري ما أَصله؛ قال ابن سيده: كأَنه قال بَطَلَ يعدُ القينُ، فَدُهْدُرَّيْن اسم لِبَطَلَ وسعد مرتفع به وجمعه سُعود.
وفي حديث خلف: أَنه سمع أَعرابيّاً يقول دهدرّين ساعد القين؛ يريد سعد القين فغيره وجعله ساعداً.وقد سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فهو سعيد: نقيض شَقى مثل سَلمِ فهو سَليم، وسُعْد، بالضم، فهو مسعود، والجمع سُعداء والأُنثى بالهاء. قال الأَزهري: وجائز أَن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله، ويجوز أَن يكون من سَعِد . . . أكمل المادة يَسْعَد، فهو سعيد.
وقد سعَده الله وأَسعده وسَعِد يَسْعَد، فهو سعيد.
وقد سَعده الله وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسَعده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سعد وُصِفا بالمصدر؛ وحكى ابن جني: يومٌ سَعْد وليلةٌ سعدة، قال: وليسا من باب الأَسْعد والسُّعْدى، بل من قبيل أَن سَعْداً وسَعْدَةً صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار، فسَعْدٌ من سَعْدَة كجَلْد من جَلْدة ونَدْب من نَدْبة، أَلا تراك تقول هذا يوم سَعْدٌ وليلة سعدة، كما تقول هذا شَعر جَعْد وجُمَّة جعدة؟ وتقول: سَعَدَ يومُنا، بالفتح، يَسْعَد سُعودا.
وأَسعده الله فهو مسعود، ولا يقال مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا عنه بمسعود.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كلاهما سعود النجوم، وهي الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سَعْدِ كذا، وهي عشرة أَنجم كل واحد منها سعد: أَربعة منها منازلُ ينزل بها القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ بُلَع وسعد السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وهي في برجي الجدي والدلو، وستة لا ينزل بها القمر، وهي: سعد ناشِرَة وسعد المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ الهُمامِ وسعد البارِع وسعد مَطَر، وكل سعد منها كوكبان بين كل كوبين في رأْي العين قدر ذراع وهي متناسقة؛ قال ابن كناسة: سعد الذابح كوكبان متقاربان سمي أَحدهما ذابحاً لأَن معه كوكباً صغيراً غامضاً، يكاد يَلْزَقُ به فكأَنه مُكِبٌّ عليه يذبحه، والذابح أَنور منه قليلاً؛ قال: وسعدُ بُلَع نجمان معترِضان خفيان. قال أَبو يحيى: وزعمت العرب أَنه طلع حين قال الله: يا أَرض ابلعي ماءك ويا سماء أَقلعي؛ ويقال إِنما سمي بُلَعاً لأَنه كان لقرب صاحبه منه يكاد أَن يَبْلَعَه؛ قال: وسعد السعود كوكبان، وهو أَحمد السعود ولذلك أُضيف إِليها، وهو يشبه سعد الذابح في مَطْلَعِه؛ وقال الجوهري: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد.
وسعد الأَخبية ثلاثة كواكب على غير طريق السعود مائلة عنها وفيها اختلاف، وليست بخفية غامضة ولا مضيئة منيرة، سميت سعد الأَخبية لأَنها إِذا طلعت خرجت حشَراتُ الأَرض وهوامُّها من جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لها كالأَخبية؛ وفيها يقول الراجز: قد جاء سعدٌ مُقْبِلاً بِجَرِّه، واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه فجعل هوامَّ والأَرض جنوداً لسعد الأَخبية؛ وقيل: سعد الأَخبية ثلاثة أَنجم كأَنها أَثافٍ ورابع تحت واحد منهن، وهي السعود، كلها ثمانية، وهي من نجوم الصيف ومنازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم يأْت سلطان رياح الصيف فأَحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أَيامها، لأَنك لا ترى فيها غُبْرة، وقد ذكرها الذبياني فقال: قامت تَراءَى بين سِجْفَيِ كلَّةٍ، كالشمسِ يوم طُلوعِها بالأَسعَد والإِسْعاد: المعونة.
والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه.
واستَسْعد الرجلُ برؤية فلان أَي عدّه سَعْداً.
وسعْدَيك من قوله لَبَّيك وسعديك أَي إِسعاداً لك بعد إِسعادٍ. روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لبيك وسعديك، والخير في يديك والشر ليس إِليك؛ قال الأَزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أَهل العلم إِلى معرفة تفسيره ماسة، فأَما لبَّيْك فهو مأخوذ من لبَِّ بالمكان وأَلبَّ أَي أَقام به لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يقول أَنا مقيم على طاعتك إِقامةً بعد إِقامةٍ ومُجيب لك إِجابة بعد إِجابة؛ وحكي عن ابن السكيت في قوله لبيك وسعديك تأْويله إِلباباً بك بعد إِلباب أَي لزوماً لطاعتك بعد لزوم وإِسعاداً لأَمرك بعد إِسعاد؛ قال ابن الأَثير أَي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة وإِسعاداً بعد إِسعاد ولهذا ثنى، وهو من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال؛ قال الجَرْميّ: ولم نَسْمَع لسعديك مفرداً. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة؛ قال ابن الأَنباري: معنى سعديك أَسعدك الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الفراء: وحنَانَيْك رحِمَك الله رحمة بعد رحمة، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ العبد أَمرَ ربه ورضاه. قال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإِسعاد، غير أَن هذا الحرف جاء مثنى على سعديك ولا فعل له على سعد، قال الأَزهري: وقد قرئ قوله تعالى: وأَما الذين سُعدوا؛ وهذا لا يكون إِلا من سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه (* قوله «الا من سعده الله وأسعده إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى إلاّ من سعده الله بمعنى أسعده.) أَي أَعانه ووفَّقَه، لا من أَسعده الله، ومنه سمي الرجل مسعوداً.
وقال أَبو طالب النحوي: معنى قوله لبيك وسعديك أَي أَسعَدَني الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الأَزهري: والقول ما قاله ابن السكيت وأَبو العباس لأَن العبد يخاطب ربه ويذكر طاعته ولزومه أَمره فيقول سعديك، كما يقول لبيك أَي مساعدة لأَمرك بعد مساعدة، وإِذا قيل أَسعَدَ الله العبد وسعَدَه فمعناه وفقه الله لما يرضيه عنه فَيَسْعَد بذلك سعادة.
وساعِدَةُ الساق: شَظِيَّتُها.
والساعد: مُلْتَقى الزَّنْدَين من لدن المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى من الزندين في بعض اللغات، والذراع: الأَسفلُ منهما؛ قال الأَزهري: والساعد ساعد الذراع، وهو ما بين الزندين والمرفق، سمي ساعداً لمساعدته الكف إِذا بَطَشَت شيئاً أَو تناولته، وجمع الساعد سَواعد.
والساعد: مَجرى المخ في العظام ؛ وقول الأَعلم يصف ظليماً: على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّـ واعِدِ، ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ عنى بالسواعد مجرى المخ من العظام، وزعموا أَن النعام والكرى لا مخ لهما؛ وقال الأَزهري في شرح هذا البيت: سواعد الظليم أَجنحة لأَن جناحيه ليسا كاليدين.
والزَّمْخَرِيُّ في كل شيء: الأَجْوف مثل القصب وعظام النعام جُوف لا مخ فيها.
والحتُّ: السريع.
والبُرَايَةُ: البقِية؛ يقول: هو سريع عند ذهاب برايته أَي عند انحسار لحمه وشحمه.
والسواعد: مجاري الماء إِلى النَّهر أَو البَحْر.
والساعدة: خشبة تنصب لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وجمعها السواعد.
والساعد: إِحْلِيلُ خِلْف الناقة وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضَّرْع يجيء منها اللبن إِلى الإِحليل؛ وقال الأَصمعي: السواعد قَصَب الضرع؛ وقال أَبو عمرو: هي العروق التي يجيء منها اللبن شبهت بسواعد البحر وهي مجاريه.
وساعد الدَّرّ: عرق ينزل الدَّرُّ منه إِلى الضرع من الناقة وكذلك العرق الذي يؤدي الدَّرَّ إِلى ثدي المرأَة يسمى ساعداً؛ ومنه قوله: أَلم تعلمي أَنَّ الأَحاديثَ في غَدٍ وبعد غَدٍ يا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابُنها إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ رواه المفضل: ظعن ابنها، بالظاء، أَي شخص برأْسه إِلى ثديها، كما يقال ظعن هذا الحائط في دار فلان أَي شخص فيها.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نهرها الذي يسقيها.
وفي الحديث: كنا نُزَارِعُ على السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الوادي والبحر، وقيل: هو مجرى البحر إِلى الأَنهار.
وسواعد البئر: مخارج مائها ومجاري عيونها.
والسعيد: النهر الذي يسقي الأَرض بظواهرها إِذا كان مفرداً لها، وقيل: هو النهر، وقيل: النهر الصغير، وجمعه سُعُدٌ؛ قال أَوس بن حجر: وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً، نخلٌ مَواقِرُ بينها السُّعُد ويروى: حوله. أَبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تصب إِليه الماء، واحدها ساعد بغير هاء؛ وأَنشد شمر: تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه، فذو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُهْ والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الماء، واحدها نَشَجٌ.
وفي حديث سعد: كنا نَكْرِي الأَرض بما على السَّواقي وما سَعِدَ من الماء فيها فنهانا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛ قوله: ما سعد من الماء أَي ما جاء من الماء سَيْحاً لا يحتاج إِلى دالية يَجِيئُه الماء سيحاً، لأَن معنى ما سعد: ما جاء من غير طلب.
والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ القميص.
والسعيدة: بيت كان يَحُجه ربيعة في الجاهلية.
والسَّعْدانة: الحمامة؛ قال: إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحت والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سعدانة الثدي ما أَطاف به كالفَلْكَة.
والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ البعير، سميت سعدانه لاستدارتها.
والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان من ظَبْيَةِ الفرس.
والسَّعْدانة: الاست وما تَقبَّضَ من حَتَارِها.
والسعدانة: عُقْدة الشِّسع مما يلي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بين الإِصبع الوسطى والتي تليها.
والسعدانة: العقدة في أَسفل كفَّة الميزان وهي السعدانات.
والسَّعْدانُ: شوك النخل؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: هو بقلة.
والسعدان: نبت ذو شوك كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فينظر إِلى شوكه كالحاً إِذا يبس، ومََنْبتُهُ سُهول الأَرض، وهو من أَطيب مراعي الإِبل ما دام رطباً، والعرب تقول: أَطيب الإِبل لبناً ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ.
وقال الأَزهري في ترجمة صفع: والإِبل تسمن على السعدان وتطيب عليه أَلبانها، واحدته سَعْدانَة؛ وقيل: هو نبت والنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلال غير خزعال وقَهْقار إِلا من المضاعف، ولهذا النبت شوك يقال له حَسَكَةُ السعدان ويشبه به حَلَمَةُ الثدي، يقال سعدانة الثُّنْدُوَة.
وأَسفلَ العُجايَة هنَاتٌ بأَنها الأَظفار تسمى: السعدانات. قال أَبو حنيفة: من الأَحرار السعدان وهي غبراء اللون حلوة يأْكلها كل شيء وليست بكبيرة، ولها إِذا يبست شوكة مُفَلطَحَة كأَنها درهم، وهو من أَنجع المرعى؛ ولذلك قيل في المثل: مَرْعًى ولا كالسَّعدان؛ قال النابغة: الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها سَعدانُ تُوضَح في أَوبارها اللِّبَد قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تريد البادية؟ فقال: أَما ما دام السعدان مستلقياً فلا؛ كأَنه قال: لا أُريدها أَبداً.
وسئلت امرأَة تزوّجت عن زوجها الثاني: أَين هو من الأَول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان، فذهبت مثلاً، والمراد بهذا المثل أَن السعدان من أَفضل مراعيهم.
وخلط الليث في تفسير السعدان فجعل الحَلَمَة ثمرَ السعدان وجعل له حَسَكاً كالقُطْب؛ وهذا كله غلط، والقطب شوك غير السعدان يشبه الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فهي شجرة أُخرى وليست من السعدان في شيء.
وفي الحديث في صفة من يخرج من النار: يهتز كأَنه سَعدانة؛ هو نبت ذو شوك.
وفي حديث القيامة والصراط: عليها خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لها شوكة تكون بنجد يقال لها السعدان؛ شَبَّه الخطاطيف بشوك السعدان.
والسُّعْد، بالضم: من الطيب، والسُّعادى مثله.
وقال أَبو حنيفة: السُّعدة من العروق الطيبة الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سوداء صُلْبَة، كأَنها عقدة تقع في العِطر وفي الأَدوية، والجمع سُعْد؛ قال: ويقال لنباته السُّعَادَى والجمع سُعادَيات. قال الأَزهري: السُّعد نبت له أَصل تحت الأَرض أَسود طيب الريح، والسُّعادى نبت آخر.
وقال الليث: السُّعادَى نبت السُّعد.
ويقال: خرج القوم يَتَسَعَّدون أَي يرتادون مرعى السعدان. قال الأَزهري: والسّعدان بقل له ثمر مستدير مشوك الوجه إِذا يبس سقط على الأَرض مستلقياً، فإِذا وطئه الماشي عقَر رجله شوْكُه، وهو من خير مراعيهم أَيام الربيع، وأَلبان الإِبل تحلو إِذا رعت السَّعْدانَ لأَنه ما دام رطباً حُلْوٌ يتمصصه الإِنسان رطباً ويأْكله.
والسُّعُد: ضرب من التمر؛ قال: وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً، نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ وفي خطبة الحجاج: انج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْد؛ هذا مثل سائر وأَصله أَنه كان لِضَبَّة بن أُدٍّ ابنان: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فخرجا يطلبان إِبلاً لهما فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبةُ إِذا رأَى سواداً تحت الليل قال: سَعْد أَم سُعَيْد؟ هذا أَصل المثل فأُخذ ذلك اللفظ منه وصار مما يتشاءَم به، وهو يضرب مثلاً في العناية بذي الرحم ويضرب في الاستخبار عن الأَمرين الخير والشر أَيهما وقع؛ وقال الجوهري في هذا المكان: وفي المثل: أَسعد أَم سعيد إِذا سئل عن الشيء أَهو مما يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وفي الحديث أَنه قال: لا إِسعادَ ولا عُفْرَ في الإِسلام؛ هو إِسعاد النساء في المَناحات تقوم المرأَة فتقوم معها أُخرى من جاراتها إِذا أُصيبت إِحداهنَّ بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكت حولاً، وأَسْعَدها على ذلك جاراتها وذواتُ قراباتها فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأََوقاتها ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها ما دامت تنوح عليه وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صواحباتها بعد ذلك بمصيبة أَسعدتهن فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الإِسعاد.
وقد ورد حديث آخر: قالت له أُم عطية: إِنَّ فلانه أَسْعَدَتْني فأُريد أُسْعِدُها، فما قال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً.
وفي رواية قال: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثم بايعيني؛ قال الخطابي: أَما الإِسعاد فخاص في هذا المعنى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة في كل معونة. يقال إِنما سُمِّيَ المُساعَدَةَ المُعاونَةُ من وضع الرجل يدَه على ساعد صاحبه، إِذا تماشيا في حاجة وتعاونا على أَمر.
ويقال: ليس لبني فلان ساعدٌ أَي ليس لهم رئيس يعتمدونه.
وساعِدُ القوم: رئيسهم؛ قال الشاعر: وما خَيرُ كفٍّ لا تَنُوءُ بساعد وساعدا الإِنسان: عَضْداه.
وساعدا الطائر: جناحاه.
وساعِدَةُ: قبيلة.
وساعِدَةُ: من أَسماء الأَسد معرفة لا ينصرف مثل أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة وسَعْدان: أَسماءُ رجال، ومن أَسماءِ النساء مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بطنان.
وبنو سَعْدٍ: قبائل شتى في تميم وقيس وغيرهما؛ قال طرفة بن العبد: رأَيتُ سُعوداً من شُعوبٍ كثَيرة، فلم ترَ عَيْني مثلَ سَعِد بنِ مالك الجوهري: وفي العرب سعود قبائل شتى منها سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن بري: سعود جمع سُعد اسم رجل، يقول: لم أَرَ فيمن سمي سعداً أَكرم من سعد بن مالك بن ضَبيعة بن قيَس بن ثَعْلبة بن عُكابَة، والشُّعوبُ جمع شَعْب وهو أَكبر من القبيلة. قال الأَزهري: والسعود في قبائل العرب كثير وأَكثرها عدداً سَعْدُ بن زيد مَناةَ بن تَميم بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ بنُ ذُبْيانَ بن بَغِيضٍ، وسعدُ بن عَدِيِّ بن فَزارةَ، وسعدُ بن بكر بن هَوازِنَ وهم الذين أَرضعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وسعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة؛ وفي بني أَسد سَعْدُ بن ثعلبة بن دُودان، وسَعْد بن الحرث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان؛ قال ثابت: كان بنو سعد بن مالك لا يُرى مثلُهم في بِرِّهم ووفائهم، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النبي، صلى الله عليه وسلم، ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عيَلان، ومنها بنو سَعْدِ هُذَيم في قُضاعة، ومنها سعد العشيرة.
وفي المثل: في كل واد بنو سعد؛ قاله الأَضْبطُ بن قُريع السَّعدي لما تحوَّل عن قومه وانتقل في القبائل فلما لم يُحْمِدهم رجع إِلى قومه وقال: في كل زادٍ بنو سعد، يعني سعد بن زيد مناة بن تميم.
وأَما سعد بكر فهم أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قال اللحياني: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قال ابن سيده: فلا أَدري أَعَنى له الاسم أَم الصفة غير أَن جمع سعَيدٍ على أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بطن من العرب، وهو تذكير سُعْدَى.
وسعُادُ: اسم امرأَة، وكذلك سُعْدى.
وأَسعدُ: بطن من العرب وليس هو من سُعْدى كالأَكبر من الكبرى والأَصغر من الصغرى، وذلك أَن هذا إِنما هو تَقاوُدُ الصفة وأَنت لا تقول مررت بالمرأَة السعدى ولا بالرجل الأَسعد، فينبغي على هذا أَن يكون أَسعدُ من سُعْدى كأَسْلَمَ من بُشْرى، وذهب بعضهم إِلى أَن أَسعد مذكر سعدى؛ قال ابن جني: ولو كان كذلك حَريَ أَن يجيءَ به سماع ولم نسمعهم قط وصفوا بسعدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المتفي اللفظ كما يقع هذان المثالان في المُخْتَلِفَيْه نحو أَسلم وبشرى.
وسَعْدٌ: صنم كانت تعبده هذيل في الجاهلية.
وسُعْدٌ: موضع بنجد، وقيل وادٍ، والصحيح الأَول، وجعله أَوْسُ بن حَجَر اسماً للبقعة، فقال: تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ، تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه، وضَالُها والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لعمرو بن سَلَمَة؛ وفي الحديث: أَن عمرو بن سَلَمَةَ هذا لما وَفَد على النبي، صلى الله عليه وسلم، استقطعه ما بين السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: ماء لبني فزارة؛ قال القتال الكلابي: رَفَعْنَ من السَّعدينِ حتى تفَاضَلَت قَنابِلُ، من أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ والسَّعِيدِيَّة: من برود اليمن.
وبنو ساعدَةَ: قوم من الخزرج لهم سقيفة بني ساعدة وهي بمنزلة دار لهم؛ وأَما قول الشاعر: وهل سَعدُ إِلاَّ صخرةٌ بتَنُوفَةٍ من الأَرضِ، لا تَدْعُو لِغَيٍّ ولا رُشْدِ؟ فهو اسم صنم كان لبني مِلْكانَ بن كنانة.
وفي حديث البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُِوسَاه أَحدُّ أَي لو أَراد الله تحريمها بشقِّ آذانها لخلقها كذلك فإِنه يقول لها: كوني فتكون.

جلل (لسان العرب) [0]


اللهُ الجَليلُ سبحانه ذو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال الله، وجَلالُ الله: عظمتُه، ولا يقال الجَلال إِلا لله.
والجَلِيل: من صفات الله تقدس وتعالى، وقد يوصف به الأَمر العظيم، والرجل ذو القدر الخَطِير.
وفي الحديث: أَلِظُّوا بيا ذا الجَلال والإِكرام؛ قيل: أَراد عَظِّمُوه، وجاء تفسيره في بعض اللغات: أَسْلِمُو؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالحاء المهملة وهو من كلام أَبي الدرداء في الأَكثر؛ وهو سبحانه وتعالى الجَلِيلُ الموصوف بنعوت الجَلال، والحاوي جميعَها، هو الجَلِيلُ المُطْلَق وهو راجع إِلى كمال الصفات، كما أَن الكبير راجع إِلى كمال الذات، والعظيم راجع إِلى كمال الذات والصفات.
وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالاً وجَلالةً وهو جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، . . . أكمل المادة والأُنثى جَلِيلة وجُلالة.
وأَجَلَّه: عَظَّمه، يقال جَلَّ فلان في عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلاً نَبيلاً، وأَجْلَلته في المرتبة، وأَجْللته أَي عَظَّمته.
وجَلَّ فلان يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالة أَي عَظُم قَدْرُه فهو جَلِيل؛ وقول لبيد: غَيْرَ أَن لا تَكْذِبَنْها في التقَى، واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلّ يعني الأَعظم؛ وقول أَبي النجم: الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلل، أَعْطى فلم يَبْخَل ولم يُبَخَّل يريد الأَجَلَّ فأَظهر التضعيف ضرورة.
والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسم كالتَّدْوِرَة والتَّنِهيَة؛ قال بعض الأَغْفال: ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه، تَرى عليهم للندى أَدِلَّه وأَنشد ابن بري لليلى الأَخْيَلية: يُشَبَّهون مُلوكاً في تَجِلَّتِهم، وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: معظمه.
وتَجَلَّل الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
ويقال: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها.
وتَجَالَلْت الشيء تَجَالاً وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وتداققته إِذا أَخذت دُقاقه؛ وقول ابن أَحمر: يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِلادُنا وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ يعني ما أَجَلَّ ما بَعُدت.
والتَّجالُّ: التعاظم. يقال: فلان يَتَجالُّ عن ذلك أَي يترفع عنه.
وفي حديث جابر: تزوّجت امرأَة قد تَجالَّتْ؛ تجالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ.
وفي حديث أُم صِبْيَة: كنا نكون في المسجد نِسْوةً قد تَجالَلن أَي كَبِرْنَ. يقال: جَلَّتْ فهي جَلِيلة، وتَجالَّتْ فهي مُتَجالَّة، وتَجالَّ عن ذلك تَعاظم.
والجُلَّى: الأَمر العظيم؛ قال طَرَفة: وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها، وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد ومنه قول بَشامة بن حَزْن النَّهْشَلي: وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة، يوماً، كِراماً من الأَقْوامِ، فادْعِينا قال ابن الأَنباري: من ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، ومن فتح الجيم مدّه، فقال الجَلاَّء الخصلة العظيمة؛ وأَنشد: كَمِيش الإِزارِ خارج نِصْفُ ساقِه، صَبُور على الجَلاّءِ طَلاَّع أَنْجُد، وقوم جِلَّة: ذوو أَخطار؛ عن ابن دريد.
ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ، والواحد منهم جَلِيل.
وجَلَّ الرجل جَلالاً، فهو جَلِيل: أَسَنَّ واحْتُنِك؛ وأنشد ابن بري: يا مَنْ لِقَلْبٍ عند جُمْلٍ مُخْتَبَلْ عُلِّق جُمْلاً، بعدما جَلَّت وجَلٌّ وفي الحديث: فجاء إِبليس في صورة شيخ جَلِيل أَي مُسنٍّ، والجمع جِلَّة، والأُنثى جَلِيلة.
وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وهو جمع جَلِيل مثل صَبيٍّ وصِبْية؛ قال النمر: أَزْمانَ لم تأْخذ إِليَّ سِلاحَها إِبِلي بجِلَّتِها، ولا أَبْكارِها وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت.
وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد أَي صغرت.
وفي حديث الضحاك بن سفيان: أَخذت جِلَّة أَموالهم أَي العِظام الكِبار من الإِبل، وقيل المَسانُّ منها، وقيل هو ما بين الثَّنِيِّ إِلى البازل؛ وجُلُّ كل شيء، بالضم: مُعْظَمه، فيجوز أَن يكون أَراد أَخذت معظم أَموالهم. قال ابن الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ من الإِبل، يكون واحداً وجمعاً ويقع على الذكر والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وناقة جِلَّة، وقيل الجِلَّة الناقة الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وقيل الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وهذه ناقة قد جَلَّت أَي أَسَنَّت.
وناقة جُلالة: ضَخْمة.
وبَعِير جُلال: مخرج من جليل.
وما له دقيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاة ولا ناقة.
وجُلُّ كل شيء: عُظْمه.
ويقال: ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ أَي لا دقيق ولا جَلِيل.
وأَتيته فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي لم يعطني جَلِيلة ولا حاشية وهي الصغيرة من الإِبل.
وفي المثل: غَلَبَتْ جِلَّتَها حواشيها؛ قال الجوهري: الجَلِيلة التي نُتِجَتْ بطناً واحداً، والحَواشي صغار الإِبل.
ويقال: ما أَجَلَّني ولا أَدَقَّني أَي ما أَعطاني كثيراً ولا قليلاً؛ وقول الشاعر:بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّت أي أَتت بقليل البكاء وكثيره.
وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أَي صغيره وكبيره.
والجَلَل: الشيء العظيم والصغير الهَيِّن، وهو من الأَضداد في كلام العرب، ويقال للكبير والصغير جَلَل؛ وقال امرؤ القيس لما قُتل أَبوه: بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم، أَلا كُلُّ شيء سواه جَلَل أَي يسيرٌ هين؛ ومثله للبيد: كُلُّ شيءٍ، ما خلا الله َ، جَلَل والفتى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل وقال المثقب العبدي: كُلُّ يومٍ كان عَنَّا جَلَلاً، غيرَ يومِ الحِنْو من يقطع قَطَر وأَنشد ابن دريد: إِن يُسْرِ عَنْكَ الله رُونَتَها، فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ والرُّونة: الشدّة؛ قال: وقال زويهر بن الحرث الضبي: وكان عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا، فكلُّ الذي لاقَيْت من بعدِه جَلَل وفي حديث العباس: قال يوم بدر القَتْلى جَلَلٌ ما عدا محمداً أَي هَيِّنٌ يسير.
والجَلَل: من الأَضداد يكون للحقير وللعظيم؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي الأَخوض الرياحي: لو أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي بِذِي نَجَبٍ، وما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ أَي دَخَلت في الجَلَل وهو الأَمر الصغير. قال الأَصمعي: يقال هذا الأَمر جَلَل في جَنْب هذا الأَمر أَي صغير يسير.
والجَلَل: الأَمر العظيم؛ قال الحرث ابن وعلة (* قوله «قال الحرث بن وعلة» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: وعلة بن الحرث) بن المجالد بن يثربي بن الرباب بن الحرث بن مالك بن سنان بن ذهل بن ثعلبة: قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي، فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً، ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي وأَما الجَليل فلا يكون إِلا للعظيم.
والجُلَّى: الأَمر العظيم، وجمعها جُلَل مثل كُبْرى وكُبَر.
وفي الحديث: يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة الرَّحْل في مِثْلِ جُلَّة السَّوْط أَي في مثل غِلْظِه.
وفي حديث أُبيّ بن خَلَف: إِن عندي فرساً أُجِلُّها كل يوم فَرَقاً من ذرة أَقْتُلك عليها، فقال: عليه السلام: بل أَنا أَقْتُلك عليها، إِن شاء الله ؛ قال ابن الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فوضع الإِجْلال موضع الإِعطاء وأَصله من الشيء الجَلِيل؛ وقول أَوس يَرْثي فضالة: وعَزَّ الجَلُّ والغالي فسره ابن الأَعرابي بأَن الجلَّ الأَمر الجَلِيل، وقوله والغالي أَي أَن موته غالٍ علينا من قولك غَلا الأَمر زاد وعَظُم؛ قال ابن سيده: ولم نسمع الجَلَّ في معنى الجَلِيل إِلاَّ في هذا البيت.
والجُلْجُل: الأَمر العظيم كالجَلَل.
والجِلُّ: نقيض الدِّقِّ.
والجُلال: نقيض الدُّقاق.
والجُلال، بالضم: العظيم.
والجُلالة: الناقة العظيمة.
وكل شيء يَدِقُّ فجُلاله خلاف دُقاقه.
ويقال: جِلَّة جَريمة للعِظام الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تجليلاً أَي عَمَّ.
والمُجَلِّل: السحاب الذي يُجَلِّل الأَرض بالمطر أَي يعم.
وفي حديث الاستسقاء: وابِلاً مُجَلِّلاً أَي يُجَلِّل الأَرض بمائه أَو بنباته، ويروى بفتح اللام على المفعول.
والجِلُّ من المتاع: القُطُف والأَكسية والبُسُط ونحوه؛ عن أَبي علي.
والجَلُّ والجِلُّ، بالكسر: قَصَب الزرع وسُوقه إِذا حُصِد عنه السُّنبل.
والجُلَّة: وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيها، عربية معروفة؛ قال الراجز: إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ له، فوق قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه يعني جَمَلاً عليه جُلَّة فهو بها مُوقَر، والجمع جِلال وجُلَل؛ قال: باتوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جارهم، وعندهُمُ البَرْنيُّ في جُلَل دُسْم وقال: يَنْضَح بالبول، والغُبار على فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا وجُلُّ الدابة وجَلُّها: الذي تُلْبَسه لتُصان به؛ الفتح عن ابن دريد، قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جِلال وأَجلال؛ قال كثيِّر: وترى البرق عارضاً مُسْتَطِيراً، مَرَحَ البُلْق جُلْنَ في الأَجْلال وجمع الجِلال أَجِلَّة.
وجِلال كل شيء: غِطاؤه نحو الحَجَلة وما أَشبهها.
وتجليل الفرس: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّله أَي عَلاه.
وفي الحديث: أَنه جَلَّل فرساً له سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً أَي جعل البُرْد له جُلاًّ.
وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ.
وفي حديث علي: اللهم جَلِّل قَتلة عثمان خِزْياً أَي غَطِّهم به وأَلْبِسْهم إِياه كما يتجلل الرجل بالثوب.
وتجَلَّل الفحل الناقة والفرس الحِجْر: علاها.
وتجَلَّل فلان بعيره إِذا علا ظهره.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة.
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها.
والجَلاَّلة: البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة.
والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر.
ويقال: جَلَّت الدابة الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها.
وفي الحديث: فإِنما قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى.
وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة وسَوامّ.
وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلاًّ: جَمعه والتقطعه بيده.
واجتلَّ اجتلالاً: التقط الجِلَّة للوقود، ومنه سميت الدابة التي تأْكل العذرة الجَلاَّلة، واجتللت البعر. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلاًّ إِذا التقط البعر واجْتَلَّه مثله؛ قال ابن لجَإٍ يصف إِبلاً يَكْفي بعرُها من وَقود يُسْتَوقد به من أَغصان الضَّمْران: يحسب مُجْتَلّ الإِماءِ الحرم، من هَدَب الضَّمْران، لم يُحَطَّم (* قوله «يحسب إلخ» كذا في الأصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق ايضاً في المادة المذكورة لم يحزم.) ويقال: خرجت الإِماء يَجْتَلِلْن أي يلتقطن البعر.
ويقال: جَلَّ الرجلُ عن وطنه يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولاً (* قوله «يجل جلولاً» قال شارح القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك وغيره وهو الصواب) وجلا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى موطنِه.
وجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّون، بالضم، جُلولاً أَي جَلَوا وخرجوا إِلى بلد آخر، فهم جالَّة. ابن سيده: وجَلَّ القومُ عن منازلهم يَجُلُّون جُلولاً جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج: كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ، عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ ومنه يقال: اسْتُعْمِل فلان على الجالِيَة والجالَّة، وهم أَهل الذمة، وإِنما لزمهم هذا الاسم لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَجْلى بعض اليهود من المدينة وأَمر بإِجلاء من بقي منهم بجزيرة العرب، فأَجْلاهم عمر بن الخطاب فسُمُّوا جالِية للزوم الاسم لهم، وإِن كانوا مقيمين بالبلاد التي أَوْطَنوها.
وهذه ناقة تَجِلُّ عن الكلال: معناه هي أَجَلُّ من أَن تَكِلّ لصلابتها.
وفعلت ذلك من جَرَّاك ومن جُلِّك؛ ابن سيده: فعله من جُلّك وجَلَلك وجلالك وتَجِلَّتك وإِجلالك ومن أَجْل إِجْلالك أَي من أَجلك؛ قال جميل: رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله، كِدْتُ أَقْضي الغَداة من جَلَله أَي من أَجله؛ ويقال: من عِظَمه في عيني؛ قال ابن بري وأَنشده ابن السكيت: كدت أَقضي الحياة من جَلَله قال ابن سيده: أَراد ربَّ رسم دار فأَضمر رب وأَعملها فيما بعدها مضمرة، وقيل: من جَلَلك أَي من عَظَمتك. التهذيب: يقال فعلت ذلك من جَلل كذا وكذا أَي من عِظَمه في صدري؛ وأَنشد الكسائي على قولهم فعلته من جَلالك أَي من أَجلك قول الشاعر: حَيائيَ من أَسْماءَ، والخَرْقُ بيننا، وإِكْرامِيَ القومَ العِدى من جَلالها وأَنت جَلَلْت هذا على نفسك تجُلُّه أَي جَرَرْته يعني جَنَيته؛ هذه عن اللحياني.
والمَجَلَّة: صحيفة يكتب فيها. ابن سيده: والمَجَلَّة. الصحيفة فيها الحكمة؛ كذلك روي بيت النابغة بالجيم: مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِيُنهم قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب يريد الصحيفة لأَنهم كانوا نصارى فَعَنى الإِنْجيل، ومن روى مَحَلَّتهم أَراد الأَرض المقدّسة وناحية الشام والبيت المقدَّس، وهناك كان بنو جَفْنة؛ وقال الجوهري: معناه أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مواضع مقدسة؛ قال أَبو عبيد: كل كتاب عند العرب مَجَلَّة.
وفي حديث سويد بن الصامت: قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي معي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لقمان؛ كل كتاب عند العرب مَجَلَّة، يريد كتاباً فيه حكمة لقمان.
ومنه حديث أَنس: أُلقي إِلينا مَجالٌ؛ هي جمع مَجَلَّة يعني صُحُفاً قيل إِنها معرَّبة من العبرانية، وقيل: هي عربية، وقيل: مَفْعَلة من الجلال كالمذلة من الذل.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وهو نبت ضعيف يحشى به خَصاص البيوت، واحدته جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حنيفة لبلال: أَلا ليت شعري هل أَبيتَنَّ ليلة بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجَنَّةٍ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيل؟ وقيل: هو الثُّمام إِذا عظم وجَلَّ، والجمع جَلائل؛ قال الشاعر: يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل وذو الجَلِيل: واد لبني تميم يُنبت الجَلِيل وهو الثمام.
والجَلُّ، بالفتح: شراع السفينة، وجمعه جُلول، قال القطامي: في ذي جُلول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه، إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارتَسما قال ابن بري: وقد جمع على أَجْلال؛ قال جرير: رَفَعَ المَطِيّ بها وشِمْت مجاشعاً والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذو الأَجْلال (* قوله «والزنبري إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالاجلال).
وقال شمر في قول العجاج: ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ، جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُّ يعني مَدَّ هذا القُرْقورَ أَي زاد في جَرْيه جَلٌّ، وهو الشِّراع، يقول: مَدَّ في جريه، والصُّرَّاء: جمع صارٍ وهو مَلاَّح مثل غازٍ وغُزَّاء.
وقال شمر: رواه أَبو عدنان الملاح جُلُّ وهو الكساء يُلْبَس السفينة، قال: ورواه الأَصمعي جَلُّ، وهو لغة بني سعد بفتح الجيم.
والجُلُّ: الياسمين، وقيل: هو الورد أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فمنه جَبَليّ ومنه قَرَويّ، واحدته جُلَّة؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وهو كلام فارسي، وقد دخل في العربية؛ والجُلُّ الذي في شعر الأَعشى في قوله: وشاهِدُنا الجُلُّ والياسميـ ن والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها هو الورد، فارسي معرّب؛ وقُصَّابها: جمع قاصب وهو الزامر، ويروى بأَقصابها جمع قُصْب.
وجَلُولاء، بالمد: قرية بناحية فارس والنسبة إِليها جَلُوليٌّ، على غير قياس مثل حَرُورِي في السنة إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلاَّن: حَيَّان من العرب؛ وأَنشد ابن بري: إِنا وجدنا بني جَلاَّن كُلَّهمُ، كساعد الضب لا طُول ولا قِصَر أَي لا كذي طول ولا قِصَر، على البدل من ساعد؛ قال: كذلك أَنشده أَبو علي بالخفض.
وجَلٌّ: اسم؛ قال: لقد أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ، لأَهل حُباحبٍ، حَبْلاً طويلا وجَلُّ بن عَدِيّ: رجل من العرب رَهْط ذي الرمة العَدَوي.
وقوله في الحديث: قال له رجل التقطت شبكة على ظَهْر جَلاَّل؛ قال: هو اسم لطريق نجد إِلى مكة، شرفها الله تعالى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ في الأَرض أَو الحركة والجوَلان.
وتَجَلْجَل في الأَرض أَي ساخ فيها ودخل. يقال: تَجَلْجَلَت قواعدُ البيت أَي تضعضعت.
وفي الحديث: أَن قارون خرج على قومه يتبختر في حُلَّة له فأَمر الله الأَرض فأَخذته فهو يتجلجل فيها إِلى يوم القيامة.
وفي حديث آخر: بينا رجل يَجُرُّ إزاره من الخُيَلاء خُسِفَ به فهو يتَجَلْجل إلى يوم القيامة؛ قال ابن شميل: يتجلجل يتحرك فيها أَي يغوص في الأَرض حين يُخسف به.
والجَلْجَلة: الحركة مع الصوت أَي يَسُوخ فيها حين يُخْسف به.
وقد تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلاً، والجَلجلة: شدة الصوت وحِدَّته، وقد جَلْجَله؛ قال: يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه، بغَيْفَة لَمّا جَلْجَل الصوتَ، جالب والجَلْجَلة: صوت الرعد وما أَشبهه.
والمُجَلْجِل من السحاب: الذي فيه صوت الرعد.
وسحابٌ مُجَلْجِل: لرعده صوت.
وغيث جِلْجال: شديد الصوت، وقد جَلْجَلَ وجَلْجَلَه: حرّكه. ابن شميل: جَلْجَلْت الشيء جَلْجَلَة إِذا حركته بيدك حتى يكون لحركته صوت، وكل شيء تحرَّك فقد تَجَلْجَلَ.
وسمعنا جَلْجَلة السَّبُع: وهي حركته.
وتَجَلْجَل القومُ للسفر إِذا تحرَّكوا له.
وخَمِيسٌ جَلْجال: شديد. شمر: المُجَلْجَل المنخول المغربل؛ قال أَبو النجم: حتى أَجالته حَصىً مُجَلْجَلا أَي لم تترك فيه إِلا الحصى المُجَلْجَل.
وجَلْجَل الفرسُ: صفا صَهِيله ولم يَرِقَّ وهو أَحسن ما يكون، وقيل: صفا صوته ورَقَّ، وهو أَحسن له.
وحمار جُلاجِل، بالضم: صافي النَّهيق.
ورجل مُجَلْجَل: لا يَعْدِله أَحد في الظَّرْف. التهذيب: المُجَلْجِل السيد القوي وإِن لم يكن له حسب ولا شرف وهو الجريء الشديد الدافع (* ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس: والجريء الدفاع المنطيق) . . .
واللسان، وقال شمز: هو السيد البعيد الصوت؛ وأَنشد ابن شميل: جلجل سِنَّك خير الأَسنان، لا ضَرَع السنّ ولا قَحْمٌ فان قال أَبو الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل الجريء إِنه ليُعَلِّق الجُلْجُل؛ قال أَبو النجم: إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل يريد الجريء يخاطر بنفسه؛ التهذيب: وقوله: يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل، إِلاَّ امرأً يَعْقِدُ خيط الجُلْجُل يعني راعيه الذي قام عليه ورباه وهو صغير يعرفه فلا يؤذيه؛ قال الأَصمعي: هذا مثل، يقول: فلا يتقدم عليه إِلاَّ شجاع لا يباليه، وهو صعب مشهور، كما يقال من يُعَلِّق الجُلْجُل في عنقه. ابن الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ إِذا ذهب وجاء.
وغلام جُلْجُل وجُلاجِل: خفيف الروح نَشِيط في عمله.
والمُجَلجَل: الخالص النسب.
والجُلْجُل: الجَرَس الصغير، وصوته الجَلْجَلة.
وفي حديث السفر: لا تصحب الملائكةُ رفقة فيها جُلْجُل؛ هو الجرس الصغير الذي يعلق في أَعناق الدواب وغيرها.
والجَلْجَلة: تحريك الجُلْجُل.
وإِبل مُجَلْجَلة: تعلق عليها الأَجراس؛ قال خالد بن قيس التميمي: أَيا ضَيَاع المائة المُجَلْجَله والجُلْجُل: الأَمر الصغير والعظيم مثل الجَلَل؛ قال: وكنت، إِذا ما جُلْجُل القوم لم يَقُم به أَحد، أَسْمو له وأَسُور والجُلْجُلان: ثمرة الكُزْبُرة، وقيل حَبُّ السِّمسم.
وقال أَبو الغوث: الجُلْجُلان هو السمسم في قشره قبل أَن يحصد.
وفي حديث ابن جريج: وذكر الصدقة في الجُلْجُلان هو السمسم، وقيل: حب كالكُزْبُرة، وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يَدَّهِن عند إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان. ابن الأَعرابي: يقال لما في جوف التين من الحب الجُلْجُلان؛ وأَنشد غيره لوَضّاح: ضحِك الناس وقالوا: شِعْر وضّاح الكباني، إِنما شِعْرِيَ مِلْح قد خُلِطْ بجُلْجُلانِ وجُلْجُلان القلب: حَبَّته ومُنَّته.
وعَلِمَ ذلك جُلْجُلان قلبه أَي عِلْمَ ذلك قلبه.
ويقال: أَصبت حبَّة قلبه وجُلْجُلان قلبه وحَمَاطة قلبه.
وجَلْجَل الشيءَ: خلطه.
وجَلاجِل وجُلاجِل ودارة جُلْجُل، كلها: مواضع، وجَلاجل، بالفتح: موضع، وقيل جبل من جبال الدَّهناء؛ ومنه قول ذي الرمة: أَيا ظبية الوَعْساء، بين جَلاجِل وبين النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سالم؟ ويروى بالحاء المضمومة؛ قال ابن بري: روت الرواة هذا البيت في كتاب سيبويه جُلاجل، بضم الجيم لا غير، والله أَعلم.

غرب (لسان العرب) [0]


الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وهو الـمَغْرِبُ.
وقوله تعالى: رَبُّ الـمَشْرِقَيْن ورَبُّ الـمَغْرِبَيْنِ؛ أَحدُ الـمَغْرِبين: أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف، والآخَرُ: أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ؛ وأَحدُ الـمَشْرقين: أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف، وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ؛ وبين المغرب الأَقْصَى والـمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً، وكذلك بين الـمَشْرقين. التهذيب: للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ: فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى الـمَطالع في الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ، وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى الـمَغارب في الشِّتاءِ، وكذلك في الجانب الآخر.
وقوله جَلَّ ثناؤُه: فلا أُقْسِمُ برَبِّ الـمَشارق والـمَغارِب؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ . . . أكمل المادة من موضع، وتَغْرُبُ في موضع، إِلى انتهاءِ السنة.
وفي التهذيب: أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه، فهي مائة وثمانون مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً. والغُرُوبُ: غُيوبُ الشمس. غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً: غابَتْ في الـمَغْرِبِ؛ وكذلك غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ.
ومَغْرِبانُ الشمسِ: حيث تَغرُبُ.
ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها.
وقولُهم: لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم صغروا مَغرِباناً؛ والجمع: مُغَيْرِباناتُ، كما قالوا: مَفارِقُ الرأْس، كأَنهم جعلوا ذلك الـحَيِّز أَجزاءً، كُـلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ منها جُزْءٌ، فَجَمَعُوه على ذلك.
وفي الحديث: أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِـيبها.
والـمَغرِبُ في الأَصل: مَوْضِعُ الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان، وقياسُه الفتح، ولكن استُعْمِل بالكسر كالـمَشْرِق والمسجِد.
وفي حديث أَبي سعيدٍ: خَطَبَنا رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى مُغَيربانِ الشمسِ.
والـمُغَرِّبُ: الذي يأْخُذُ في ناحية الـمَغْرِبِ؛ قال قَيْسُ بنُ الـمُلَوّح: وأَصْبَحْتُ من لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ * مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ وقد نَسَبَ الـمُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري.
وغَرَّبَ القومُ: ذَهَبُوا في الـمَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا: أَتَوا الغَرْبَ؛ وتَغَرَّبَ: أَتَى من قِـبَلِ الغَرْب.
والغَرْبيُّ من الشجر: ما أَصابته الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها.
وفي التنزيل العزيز: زَيْتُونةٍ لا شَرْقِـيَّةٍ ولا غَرْبِـيَّةٍ.
والغَرْبُ: الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ.
وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده.
والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً: ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً، * مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ وقيل: مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِـبَل الـمَغْرب.
ويقال: غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة: أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ ويُروى التَّقْريبُ.
ونَـوًى غَرْبةٌ: بعيدة.
وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قال الشاعر: وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ، * تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا النَّوَى: المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَـأْتِـيَه في سَفَرك.
ودارُهم غَرْبةٌ: نائِـيَةٌ.
وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا.
وشَـأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بفتح الراءِ: بعيد؛ قال الكميت: عَهْدَك من أُولَى الشَّبِـيبةِ تَطْلُبُ * على دُبُرٍ، هيهاتَ شَـأْوٌ مُغَرِّبُ وقالوا: هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من بُعْدٍ؟ وقيل إِنما هو: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ وقال يعقوب إِنما هو: هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ سوَى بلدِك.
وقال ثعلب: ما عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِـي ذلك عنه أَي طَريفةٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ: هل من مُغَرِّبةِ خَبَر؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ؟ قال أَبو عبيد: يقال بكسر الراءِ وفتحها، مع الإِضافة فيهما.
وقالها الأُمَوِيُّ، بالفتح، وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ، وهو البُعْد؛ ومنه قيل: دارُ فلانٍ غَرْبةٌ.
والخبرُ الـمُغْرِبُ: الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً.
والتغريبُ: النفيُ عن البلد.
وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ ويقال: اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ؛ ومنه الحديث: أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني؛ التغريبُ: النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ الجِنايةُ فيه. يقال: أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه.والتَّغَرُّبُ: البُعْدُ.
وفي الحديث: أَن رجلاً قال له: إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فقال: غرِّبْها أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطلاق.
وغَرَّبَت الكلابُ: أَمْعَنَتْ في طلب الصيد.
وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه: تَرَكه بُعْداً.
والغُرْبةُ والغُرْب: النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قال الـمُتَلَمِّسُ: أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ * رِسالةَ مَن قد صار، في الغُرْبِ، جانِـبُهْ والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك؛ تقول منه: تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وقد غَرَّبه الدهرُ.
ورجل غُرُب، بضم الغين والراء، وغريبٌ: بعيد عن وَطَنِه؛ الجمع غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قال: إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ * سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ أَي فَرَّقَتْه بينهنّ؛ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هي غريبةٌ.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سُئِلَ عن الغُرباء، فقال: الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِـي.
وفي حديث آخر: إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً، وسيعود غريباً كما بَدأَ، فطوبَـى للغُرباءِ؛ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ؛ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام، ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً، ولُزومهم دينَ الإِسلام.
وفي حديث آخر: أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها. قال: وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً، وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ.
ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر: خِـيارُ أُمَّتِـي أَوَّلُها وآخِرُها، وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه.
ورَحَى اليدِ يُقال لها: غَريبة، لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم؛ وأَنشد بعضُهم: كأَنَّ نَفِـيَّ ما تَنْفِي يَداها، * نَفِـيُّ غريبةٍ بِـيَدَيْ مُعِـينِ والـمُعينُ: أَن يَسْتعينَ الـمُدير بيد رجل أَو امرأَة، يَضَعُ يده على يده إِذا أَدارها.
واغْتَرَبَ الرجلُ: نَكَح في الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه.
وفي الحديث: اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً.
والاغْتِرابُ: افتِعال من الغُرْبة؛ أَراد: تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب، فإِنه أَنْجَبُ للأَولاد.
ومنه حديث الـمُغِـيرة: ولا غريبةٌ نَجِـيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد.
وفي الحديث: إِنّ فيكم مُغَرِّبين؛ قيل: وما مُغَرِّبون؟ قال: الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ؛ وقيل: أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا، وتحسينَه لهم، فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة، ومنه قولُه تعالى: وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد. ابن الأَعرابي: التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِـيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِـيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وهو الجَلِـيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه.
وأَغْرَبَ الرجلُ: صار غريباً؛ حكاه أَبو نصر.
وقِدْحٌ غريبٌ: ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها.
ورجل غريبٌ: ليس من القوم؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بضم الغين والراءِ، وتثنيته غُرُبانِ؛ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ: وإِنيَ والعَبْسِـيَّ، في أَرضِ مَذْحِجٍ، * غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِـيَّةً، * ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ والغُرباءُ: الأَباعِدُ. أَبو عمرو: رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِـيبٌ وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ، بمعنى.
والغَريبُ: الغامِضُ من الكلام؛ وكَلمة غَريبةٌ، وقد غَرُبَتْ، وهو من ذلك.
وفرس غَرْبٌ: مُتَرامٍ بنفسه، مُتَتابعٌ في حُضْره، لا يُنْزِعُ حتى يَبْعَدَ بفارسه.
وغَرْبُ الفَرَسِ: حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تقول: كَفَفْتُ من غَرْبه؛ قال النابغة الذبياني: والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها، * كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ قال ابن بري: صوابُ انشادِهِ: والخيلَ، بالنصب، لأَنه معطوف على المائة من قوله: الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها، * سَعْدانُ تُوضِـحَ، في أَوبارِها اللِّبَدِ والشُّؤْبُوبُ: الدَّفْعةُ من الـمَطر الذي يكون فيه البَرَدُ.
والـمَزْعُ: سُرْعةُ السَّيْر.
والسَّعْدانُ: تَسْمَنُ عنه الإِبل، وتَغْزُر أَلبانُها، ويَطِـيبُ لحمها.
وتُوضِـحُ: موضع.
واللِّبَدُ: ما تَلَبَّدَ من الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التهذيب: يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من حِدَّتك.والغَرْبُ: حَدُّ كلِّ شيء، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وكذلك غُرابه.
وفرسٌ غَرْبٌ: كثيرُ العَدْوِ؛ قال لبِـيد: غَرْبُ الـمَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه، * لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ أَراد بقوله غرْبُ الـمَصَبَّة: أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء عند الـمَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال، يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ.
وعينٌ غَرْبةٌ: بعيدةُ الـمَطْرَح.
وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين؛ والأُنثى غَربةُ العين؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله: ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ، * غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ الـمَسَامْ وأَغْرَبَ الرجلُ: جاءَ بشيءٍ غَريب.
وأَغْرَب عليه، وأَغْرَب به: صَنَع به صُنْعاً قبيحاً. الأَصمعي: أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم به.
وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه: وهو غاية الاكثار.
وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره. قال الأَصمعي وغيره: وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك، فهو مُغْرِبٌ؛ وقال ساعدة الـهُذَليُّ: مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها * من الـمَغارِبِ، مَخْطُوفُ الـحَشَا، زَرِمُ وكُنُسُ الوَحْش: مَغارِبُها، لاسْتتارها بها.
وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، على الإِضافة، عن أَبي عليّ: طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه؛ وقيل: هو من الأَلْفاظِ الدالةِ على غير معنى. التهذيب: والعَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال: هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء، وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ، فَنَـأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ.
وقال أَبو مالك: العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل؛ وأَنْكر أَن يكون طائراً؛ وأَنشد: وقالوا: الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ، * به، الـمُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لم يُسَدَّدِ ومنه قالوا: طارَتْ به العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال الأَزهري: حُذفت هاء التأْنيث منها، كما قالوا: لِحْيةٌ ناصِلٌ، وناقة ضامر، وامرأَة عاشق.
وقال الأَصمعي: أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب.
وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه، وهو مُغْرِبٌ.
وفي الحديث: طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به الداهيةُ.
والـمُغْرِبُ: الـمُبْعِدُ في البلاد.
وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه.
وقيل: إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي؛ وقيل: إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه؛ وقد يُوصَف به، وهو يسكَّن ويحرك، ويضاف ولا يضاف، وقال الكسائي والأَصمعي: بفتح الراءِ؛ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ.
وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ، فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه؛ يقال: سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ، بفتح الراءِ وسكونها، بالإِضافة وغير الإِضافة؛ وقيل: هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي، وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره. قال ابن الأَثير والهروي: لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح.
والغَرْبُ والغَرْبة: الـحِدَّةُ.
ويقال لِحَدِّ السيف: غَرْبٌ.
ويقال: في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة.
وغَرْبُ اللسانِ: حِدَّتُه.
وسيفٌ غَرْبٌ: قاطع حديد؛ قال الشاعر يصف سيفاً: غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ ولسان غَرْبٌ: حَديدٌ.
وغَرْبُ الفرس: حِدَّتُه.
وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ، فقال: كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِـيّاً يُصَادَى غَرْبُه؛ غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ. .
وفي رواية: يُصَادَى منه غَرْبٌ؛ الغَرْبُ: الحِدَّةُ؛ ومنه غَرْبُ السيف؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ ومنه حديث عمر: فَسَكَّنَ من غَرْبه؛ وفي حديث عائشة، قالت عن زينب، رضي اللّه عنها: كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ، كانت فيها؛ وفي حديث الـحَسَن: سُئل عن القُبلة للصائم، فقال: إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته.
والغَرْبُ: النَّشاط والتَّمادِي.
واسْتَغْرَب في الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ: أَكْثَرَ منه.
وأَغْرَبَ: اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه.
واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ، كذلك.
وفي الحديث: أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه. يُقال: أَغْرَبَ في ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ؛ وقيل: هو القَهْقهة.
وفي حديث الحسن: إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة، أَعادَ الصلاةَ؛ قال: وهو مذهب أَبي حنيفة، ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء.
وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة: أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِـيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قال الـحَرْبيُّ: أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ، كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك، ويجوز أَن يكون بمعنى الـمُتَناهِي في الـحِدَّةِ، من الغَرْبِ: وهي الـحِدَّةُ؛ قال الشاعر: فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً، * ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِـيَا شمر: أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه.
والغَرْبُ: الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء.
والغَرْبُ: دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ. الأَزهري، الليث: الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد: في يوم غَرْبٍ، وماءُ البئر مُشْتَرَكُ قال: أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ، وهو الدلو الكبير، الذي يُسْتَقَى به على السانية؛ ومنه قول لبيد: فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها * غَرْبٌ، تَخُبُّ به القَلُوصُ، هَزِيمُ وقال الليث: الغَرْبُ، في بيت لبيدٍ: الرَّاوية، وإِنما هو الدَّلْو الكَبيرةُ.
وفي حديث الرؤيا: فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ في يَدِه غَرْباً؛ الغَرْبُ، بسكون الراءِ: الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وهذا تمثيل؛ قال ابن الأَثير: ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده، لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما.
ومعنى اسْتَحالَتْ: انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِـبَر.
وفي حديث الزكاة: وما سُقِـيَ بالغَرْبِ، ففيه نِصْفُ العُشْر.
وفي الحديث: لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض، لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين الـمَشْرق والمغرب.
والغَرْبُ: عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِـي ولا يَنْقَطِـع، وهو كالناسُور؛ وقيل: هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه. قال الأَصمعي: يقال: بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، ولا تَنْقَطع دُمُوعُها.
والغَرْبُ: مَسِـيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ: انْهِمالُه من العين.
والغُرُوبُ: الدُّموع حين تخرج من العين؛ قال: ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو، * إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي واحِدُها غَرْبٌ.
والغُروبُ أَيضاً: مَجارِي الدَّمْعِ؛ وفي التهذيب: مَجارِي العَيْنِ.
وفي حديث الحسن: ذَكَر ابنَ عباس فقال: كان مِثَجّاً يَسِـيلُ غَرْباً. الغَرْبُ: أَحدُ الغُرُوبِ، وهي الدُّمُوع حين تجري. يُقال: بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، ولم ينقطعْ، فشَبَّه به غَزَارَة علمه، وأَنه لا ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه.
وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع: غَرْبٌ؛ وكذلك هي من الخمر.
واسْتَغْرَبَ الدمعُ: سال.
وغَرْبَا العين: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها.
وللعين غَرْبانِ: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها.
والغَرْبُ: بَثْرة تكون في العين، تُغِذُّ ولا تَرْقأُ. وغَرِبَت العينُ غَرَباً: وَرِمَ مَـأْقُها.
وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل، فلا تنقطع دُموعُها.
والغَرَبُ، مُحَرَّك: الخَدَرُ في العين، وهو السُّلاقُ.
وغَرْبُ الفم: كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وجمعه: غُرُوبٌ.
وغُروبُ الأَسنانِ: مَناقِـعُ ريقِها؛ وقيل: أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قال عَنترة: إِذْ تَستَبِـيكَ بِذي غُروبٍ واضِـحٍ، * عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ الـمَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ: الماءُ الذي يَجرِي عليها؛ الواحد: غَرْبٌ.
وغُروبُ الثَّنايا: حدُّها وأُشَرُها.
وفي حديث النابغة: تَرِفُّ غُروبُه؛ هي جمع غَرْب، وهو ماء الفم، وحِدَّةُ الأَسنان.
والغَرَبُ: الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو؛ وقيل: هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو، من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ.
وقيل: الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض، وتتغير ريحُه سريعاً؛ وقيل: هو ما بين البئر والحوض، أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين؛ قال ذو الرمة: وأُدْرِكَ الـمُتَبَقَّى من ثَميلَتِه، * ومن ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ وقيل: هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً.
ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض: لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما فتَوْحَل.وأَغْرَبَ الـحَوضَ والإِناءَ: ملأَهما؛ وكذلك السِّقاءَ؛ قال بِشْر بن أَبي خازِم: وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّـأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ.
والإِغرابُ: كثرةُ المال، وحُسْنُ الحال من ذلك، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِـبادِيّ: أَنتَ مما لَقِـيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغـ * ـرابُ بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ والغَرَبُ: الخَمْرُ؛ قال: دَعِـيني أَصْطَبِـحْ غَرَباً فأُغْرِبْ * مع الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا والغَرَبُ: الذَّهَبُ، وقيل: الفضَّة؛ قال الأَعشى: إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة، * تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا نَصَبَ غَرَباً على الحال، وإِن كان جَوْهراً، وقد يكون تمييزاً.
ويقال الغَرَب: جامُ فِضَّةٍ؛ قال الأَعشى: فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كما * دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا قال ابن بري: هذا البيت للبيد، وليس للأَعشى، كما زعم الجوهري، والرَّكاء، بفتح الراءِ: موضع؛ قال: ومِن الناسِ مَن يكسر الراء، والفتح أَصح.
ومعنى دَعدَعَ: مَلأَ.
وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل، فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قال: وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله: تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا والأَزهر: إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ منه في القَدَح.
وتَراميهم بالشَّراب: هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر.
والغَرَبُ: الفضة.
والنُّضارُ: الذَّهَبُ.
وقيل: الغَرَبُ والنُّضار: ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ. التهذيب: الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِـيضُ؛ والنُّضار: شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر، الواحدةُ: غَرْبَةٌ، وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ، وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ، وهو القَطِرانُ، حِجازية. قال الأَزهري: والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه. ابن سيده: والغَرْبُ، بسكون الراءِ: شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ حِجازِيَّة، وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ، واحِدَتُه غَرْبة.
والغَرْبُ: القَدَح، والجمع أَغْراب؛ قال الأَعشى: باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ * مِ، فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ ويُروى باكَرَتْها.
والغَرَبُ: ضَرْبٌ من الشجر، واحدته غَرَبَةٌ؛ قاله الجوهري (1) (1 قوله «قاله الجوهري» أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء.) ؛ وأَنشد: عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ قال: وهو اسْبِـيدْدارْ، بالفارسية.
والغَرَبُ: داء يُصِـيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ منه شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ في الشاة: كالسَّعَفِ في الناقة؛ وقد غَرِبَت الشاةُ، بالكسر.
والغارِبُ: الكاهِلُ من الخُفِّ، وهو ما بين السَّنام والعُنُق، ومنه قولهم: حَبْلُكِ على غارِبكِ.
وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، في الجاهلية، قال لها: حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ. قال الأَصمعي: وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها، أُلْقِـيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها الـمَرْعى. قال: معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي ما شِئْتِ.
والغارِب: أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ.
وتقول: أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير، لا يُمْنَعُ من شيءٍ، فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ: رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّـيَ سَبِـيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى.
وورد في الحديث في كنايات الطلاق: حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح.
والغارِبانِ: مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه.
وغَوارِبُ الماءِ: أَعاليه؛ وقيل: أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل.
وقيل: غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه. الليث: الغارِبُ أَعْلى الـمَوْج، وأَعلى الظَّهر.
والغارِبُ: أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام.
وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِـيِّ التي أَبوها الفالِـجُ وأُمها عربية.
وفي حديث الزبير: فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج. الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه. أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ؛ والأَصل فيه: أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِـيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْـتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام. والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِـيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وقيل: هما رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وقيل: بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة.
وقيل: هما عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ.
والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ؛ قال الراجز: يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ، خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ وقال ذو الرمة: وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الـحَمائلَ، بَعْدما * تَقَوَّبَ، عن غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ أَراد: تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ، فقلبه لأَن المعنى معروف؛ كقولك: لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي.
وقيل: الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابن الأَعرابي: سأَرْفَعُ قَوْلاً للـحُصَينِ ومُنْذِرٍ، * تَطِـيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ الـمَواسم قال: الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم.
والغِرْبانُ: غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ والمعنى: أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى الـمَواسم، وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وهذا كما قال الآخر: وإِنَّ عِتاقَ العِـيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ * ثَنائي، على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور.
وقيل: إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها على عَجُز بعيره.
والغُرابُ: حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ.
والغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، والجمع أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ، وغُرُبٌ؛ قال: وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ وغَرابِـينُ: جمعُ الجمع.
والعرب تقول: فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ، وأَحْذَرُ من غُرابٍ، وأَزْهَى من غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ، وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ.
وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قالوا: وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِـير غُرابُها.
ويقولون: وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وذلك أَنه يتَّبِـعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِـيه.
ويقولون: أَشْـأَمُ من غُرابٍ، وأَفْسَقُ من غُراب.
ويقولون: طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه؛ ومنه قوله: ولـمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ.
وفي الحديث: أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لـمَا فيه من البُعْدِ، ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور.
وفي حديث عائشة، لـمّا نَزَلَ قولُه تعالى: ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ: فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ. شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان، جمع غُراب؛ كما قال الكميت: كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ وقوله: زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ، * فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه.
وقوله: غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ. . فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال، لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِـي الشعرُ مُبْيَضّاً.
وغُرابٌ غاربٌ، على المبالغة، كما قالوا: شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قال رؤبة: فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا والغُرابُ: قَذالُ الرأْس؛ يقال: شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه.
وغُرابُ الفأْسِ: حَدُّها؛ وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً: فأَنْحَى، عليها ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها * عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف.
والغرابُ: اسم فرسٍ لغَنِـيٍّ ، على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لا يَقْدِرُ الفَصِـيلُ على أَن يَرْضَعَ معه، ولا يَنْحَلُّ.
وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ: ضاقَ عليه الأَمْرُ؛ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قال الكُمَيْتُ: صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في النا * سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا ويروى: صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ.
ورجلَ الغرابِ: مُنْتَصِبٌ على الـمَصْدَر، تقديره صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب.
وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل: صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ؛ ومنه قول الشاعر: إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ، * ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِـيرُ وأَغرِبةُ العَرَبِ: سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم.
والأَغْرِبَةُ في الجاهلية: عَنْترةُ، وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِـيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ، قد وَلِـيَ في الإِسلام. قال ابن الأَعرابي: وأَظُنُّهُ قد وَلِـيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ ومن الإِسلاميين: عبدُاللّه بنُ خازم، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِـيّ، ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ، وتأَبـَّطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى، (1) (1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان.) وحاجِزٌ؛ قال ابن سيده: كل ذلك عن ابن الأَعرابي. قال: ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم، ولا حيٍّ ولا مكانٍ، ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا.
وطار غرابُها بجَرادتِكَ: وذلك إِذا فات الأَمْرُ، ولم يُطْمَعْ فيه؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي.
وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ: شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم: رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك. الأَزهري: وغُرابُ البَرِيرِ عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وجمعه غِرْبانٌ، وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم؛ ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ: كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف، أَو قطن، أَو غيرهما، وأَراد به شعرها؛ والـمُقَصَّبُ: الـمُجَعَّدُ.
وإِذا قلت: غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن توكيد الأَلوان لا يتقدَّم.
وفي الحديث: إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِـيبَ؛هو الشديدُ السواد، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الذي لا يَشيبُ؛وقيل: أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه.
والـمَغارِبُ: السُّودانُ.
والـمَغارِبُ: الـحُمْرانُ.
والغِرْبِـيبُ: ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف، شديدُ السَّوادِ، وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً.
والغَرَبُ: الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها.
وعينٌ مُغْرَبةٌ: زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والـمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الـحَدَقةُ، فهو أَشدُّ الإِغرابِ.
والـمُغْرَبُ: الأَبيضُ؛ قال مُعَوية الضَّبِّـيُّ: فهذا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً، * وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ ومعناه: أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه، وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن يصير القارُ أَبيضَ، وهو شِـبه الزفت، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة. ابن الأَعرابي: الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ، والـمُغْرَبُ من الإِبل: الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شيء منه.
وفي الصحاح: الـمُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ؛ قال الشاعر: شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، منهما * سَوادٌ، ومنه واضِـحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ والـمُغْرَبُ من الخَيل: الذي تَتَّسِـعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه.
وقد أُغْرِبَ الفرسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه عينيه، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً.
وقيل: الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مما يَلي الخاصرةَ.
وقيل: الـمُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ، وهو أَقْبَحُ البياض.
والـمُغْرَبُ: الصُّبْح لبياضه، والغُرابُ: البَرَدُ، لذلك.
وأُغْرِبَ الرجلُ: وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ.
وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عن الأَصمعي.
والغَرْبِـيُّ: صِـبْغٌ أَحْمَرُ.
والغَرْبيُّ: فَضِـيخُ النبيذِ.
وقال أَبو حنيفة: الغَرْبِـيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده، ولا يَزال شارِبُه مُتَماسِكاً، ما لم تُصِـبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ، وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ ولذلك قال بعضُ شُرَّابه: إِنْ لم يكنْ غَرْبِـيُّكُم جَيِّداً، * فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ وفي حديث ابن عباس: اخْتُصِمَ إِليه في مَسِـيلِ الـمَطَر، فقال: الـمَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَـأُ من غَرْبِ القِـبْلَة، والعَيْنُ هناك، تقول العربُ: مُطِرْنا بالعَيْن إِذا كان السحابُ ناشئاً من قِـبْلة العِراق.
وقوله: والسَّيْلُ شَرْقٌ، يريد أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ الـمَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ، وناحية المغرب مُنْحَطَّة، قال ذلك القُتَيْبي؛ قال ابن الأَثير: ولعله شيء يختص بتلك الأَرض، التي كان الخِصَام فيها.
وفي الحديث: لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق؛ قيل: أَراد بهم أَهلَ الشام، لأَنهم غَرْبُ الحجاز؛ وقيل: أَراد بالغرب الـحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يريد أَهلَ الجهاد؛ وقال ابن المدائني: الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وهم يَسْتَقُون بها.
وفي حديث الحجاج: لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ؛ قال ابن الأَثير: هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم، وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء، فدَخَلَ عليها غَريبةٌ من غيرها، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها.
وغُرَّبٌ: اسم موضع؛ ومنه قوله: في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ ابن سيده: وغُرَّبٌ ، بالتشديد، جبل دون الشام، في بلاد بني كلب، وعنده عين ماء يقال لها: الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وهو الصحيح.
والغُراب: جَبَلٌ؛ قال أَوْسٌ: فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ، * فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ والغُرابُ والغَرابةُ: مَوْضعان (1) (1 قوله «والغراب والغرابة موضعان» كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة.) ؛ قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ: تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً، * فما كانَ لَيْلِـي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران: هو بضم الغين، وتخفيف الراء: وادٍ قريبٌ من الـحُدَيْبية، نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في مسيره، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فجبل بالمدينة على طريق الشام.
والغُرابُ: فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ.
والغُرابِـيُّ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة.