المصادر:  


العَجْبُ (القاموس المحيط) [50]


العَجْبُ، بالفتح: أصْلُ الذَّنَبِ، ومُؤَخَّرُ كلِّ شيءٍ، وقَبيلةٌ، وبالضم: الزَّهْوُ والكِبْرُ، والرجلُ يُعْجِبُهُ القُعودُ مع النِّساءِ، أو تُعْجَبُ النِّساءُ به، ويُثَلَّثُ، وإنْكارُ مايَرِدُ عليكَ،
كالعَجَبِ، مُحَرَّكَةً، وجَمْعُهما: أعْجابٌ، وجَمْعُ عَجيبٍ: عَجائِبُ، أو لا يُجْمَعانِ، والاسْمُ: العَجِيبَةُ والأُعْجوبَةُ.
وتَعَجَّبْتُ منه،
واسْتَعْجَبْتُ منه: كعَجِبْتُ منه. تَعْجِيباً.
وما أعْجَبَهُ بِرأيِهِ، شاذٌّ.
والتَّعاجيبُ: العَجائِبُ.
وأعْجَبَهُ: حَمَلَهُ على العَجَبِ منه.
وأُعْجِبَ به: عَجِبَ وسُرَّ،
كأَعْجَبَه. عَجِبٌ وعَجيبٌ وعُجابٌ وعُجَّابٌ. وعُجَابٌ،
أو العَجِيبُ كالعَجَبِ،
والعُجابُ: ما جاوَزَ حَدَّ العَجَبِ. والعَجْباءُ: التي يُتَعَجَّبُ من حُسْنِها، ومن . . . أكمل المادة قُبْحِها، ضِدٌّ، والنَّاقَةُ دَقَّ مُؤَخَّرُها وأشْرَفَ جاعِرَتاها، والغَليظَةُ، وبَعيرٌ أعْجَبُ. ورجلٌ تِعْجابَةٌ، بالكسر: ذُو أعاجيبَ.
والعَجَبُ من الله: الرِّضا.
وأحمدُ بنُ سَعيدٍ البَكْريُّ، شُهِرَ بابنِ عَجَبٍ. بنُ عَجَبٍ، مُحَرَّكتَيْنِ،
ومُنْيَةُ عَجَبٍ: د بالمَغْرِبِ.
وتَعَجَّبَني: تَصَبَّانِي.
وكَجُهَيْنَةَ: رجلٌ.
وأعْجَبَ جاهِلاً: لَقَبُ رجلٍ.

أعجب (المعجم الوسيط) [50]


 بِهِ عجب مِنْهُ وسر وأعجب بِنَفسِهِ ترفع واستكبر 

عجب (الصّحّاح في اللغة) [50]


العجيب: الأمر يُتَعَجَّبُ منه، وكذلك العُجابُ بالضم؛ والعُجَّابُ بالتشديد أكثر منه.
وكذلك الأعجوبة.
وقولهم: عجبٌ عاجبٌ، كقولهم: ليل لائل، يؤكَّد به.
والتعاجيب: العجائب، لا واحد لها من لفظها.
ولا يجمع عَجَبٌ ولا عجيب.
ويقال جمع عجيبٍ عجائب، وأعاجيب. من كذا وتعجَّبت منه، واستعجبت بمعنًى. غيري تعجيباً. هذا الشيء لحُسْنهِ.
وقد أعجبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْجَبٌ برأيه وبنفسه، والاسم العُجْبُ بالضم.
وقولهم: ما أعجبه برأيه، شاذٌّ لا يقاس عليه. بالفتح: أصل الذَنَبِ. أيضاً: واحد العُجوبِ، وهي أواخر الرمل.

عجب (لسان العرب) [50]


العُجْبُ والعَجَبُ: إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِـيادِه؛ وجمعُ العَجَبِ: أَعْجابٌ؛ قال: يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، * الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قال: ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا، * ولو زَبَنَتْهُ الـحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ. النوادر: تَعَجَّبنِـي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم: العَجِـيبةُ، والأُعْجُوبة.
والتَّعاجِـيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر: ومنْ تَعاجِـيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِـيةٌ، * يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِـيٌّ وغِرْبِـيبُ الغَاطِـيَةُ: الكَرْمُ.
وقوله تعالى: بل عَجِـبْت ويَسْخَرُون؛ قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ، وكذا . . . أكمل المادة قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس؛ وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو: بل عَجِـبْتَ، بنصب التاءِ. الفراءُ: العَجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه، فليس معناه من اللّه، كمعناه من العباد. قال الزجاج: أَصلُ العَجَبِ في اللغة، أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، قال: قد عَجِـبْتُ من كذا.
وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ، لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ، جاز أَن يقول فيه عَجِـبْتُ، واللّه، عز وجل، قد علم ما أَنْكَره قبل كونه، ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به الـحُجَّة عند وقوع الشيءِ.
وقال ابن الأَنباري في قوله: بل عَجِـبْتُ؛ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب. يريد: بل جازَيْتُهم على عَجَبِـهم من الـحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم.
وقيل: بل عَجِبْتَ، معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك.
وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الـحَقِّ؛ قال: أَكَانَ للناسِ عَجَباً؛ وقال: بل عَجِـبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم؛ وقال الكافرون: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ. ابن الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ.
وقوله عز وجل: وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ، وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث، والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّـنُوا.
وقوله عز وجل: واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً؛ قال ابن عباس: أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً، وكان لموسى وصاحبه عَجَباً. الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل؛ أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه. أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده، وخَفِـيَ عليه سببُه، فأَخبرهم بما يَعْرِفون، ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده.
وقيل: معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِـيَ وأَثابَ؛ فسماه عَجَباً مجازاً، وليس بعَجَبٍ في الحقيقة.
والأَولُ الوجه كما قال: ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ؛ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ؛ هو من ذلك.
وفي الحديث: عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم. قال ابن الأَثير: إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ، لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء؛ والتَّعَجُّبُ مما خَفِـيَ سببه ولم يُعْلَم. الأَمْرُ: حَمَلَهُ على العَجَبِ منه؛ وأَنشد ثعلب: يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ، * أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً؛ وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ: رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْــ * ــبَةً، لَسْتُ أُغَيِّبُها فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِـبُها أَي يَكْسِـبُها التَّعَجُّبَ. به: عَجِبَ. بالشيءِ تَعْجِـيباً: نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه.
وقِصَّةٌ عَجَبٌ، وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا. أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِـبُكَ، تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه.
وقولهم: للّه زيدٌ! كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ، وكذلك قولهم: للّه دَرّهُ ! أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ لكثرته.
وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِـيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ، على المبالغة، يؤكد به.
وفي التنزيل: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ؛ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِـيُّ: ان هذا لشيء عُجَّابٌ، بالتشديد؛ وقال الفراء: هو مِثْلُ قولهم رجل كريم، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بالتشديد، أَكثر من عُجَابٍ.
وقال صاحب العين: بين العَجِـيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَمـَّا العَجِـيبُ، فالعَجَبُ يكون مثلَه، وأَمـَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ. الأَمْرُ: سَرَّه. به كذلك، على لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ. الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه.
وأَمْرٌ عَجِـيبٌ: مُعْجِبٌ. عَجَبٌ عاجِبٌ، كقولهم: لَيْلٌ لائِلٌ، يؤكد به؛ وقوله أَنشده ثعلب: وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني، * ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِـيبٌ بإِليَّ، لأَنه في معنى حَبِـيب، فكأَنه قال: حَبِـيبٌ إِليَّ. قال الجوهري: ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِـيبٌ.
ويقال: جمعُ عَجِـيب عَجائبُ، مثل أَفِـيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ.
وقولهم: أَعاجِـيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ، مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ. الزُّهُوُّ.
ورجل مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِـيحاً.
وقيل: الـمُعْجَبُ الإِنسانُ الـمُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ، وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه؛ والاسم العُجْبُ، بالضم.
وقيل: العُجْب فَضْلَةٌ من الـحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ. ما أَعجَبَه برأْيه، شاذّ لا يُقاس عليه. الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة. والعَجْبُ والعِجْبُ: الذي يُعْجِـبُه القُعُود مع النساءِ. والعُجْبُ من كل دابة(1) (1 قوله «والعجب والعجب من كل دابة الخ» كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ.
وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد: العجب، بالفتح وبالضم، من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح، ان هذا لشيء عجاب.): ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ الـمَغْروز في مؤخر العَجُزِ؛ وقيل: هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه.
وقال اللحياني: هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وهو العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ.
وفي الحديث: كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ؛ وفي رواية: إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب. العَجْبُ، بالسكون: العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِـيبُ من الدَّوابِّ.
وناقة عَجْباءُ: بَيِّنَةُ العَجَبِ، غلِـيظةُ عَجْبِ الذَّنَب، وقد عَجِـبَتْ عَجَباً. أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها. أَيضاً: التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها، وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت. الكَثِـيبِ: آخِرُه الـمُسْتَدِقُّ منه، والجمعُ عُجُوب؛ قال لبيد: يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً * بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها ومعنى يَجتابُ: يَقْطَع؛ ومن روى يَجْتافُ، بالفاءِ، فمعناه يَدْخُلُ؛ يصف مطراً.
والقالِصُ: المرتفعُ.
والـمُتَنَبِّذُ: الـمُتَنَحِّي ناحيةً.
والـهَيَامُ: الرَّمْل الذي يَنْهار.
وقيل: عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه.
وبَنُو عَجْبٍ: قبيلة؛ وقيل: بَنُو عَجْبٍ بطن.
وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله: انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ * تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعدما كُفَّ بَصَرُه، وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قال خارجةُ: يقول عَجِـبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قال ومثله قوله: فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِـبُها أَي تَتَعَجَّبُ منه. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.

أعجبه (المعجم الوسيط) [0]


 الْأَمر حمله على الْعجب مِنْهُ وَالشَّيْء فلَانا عجب مِنْهُ وسر بِهِ فَهُوَ معجب وَالشَّيْء معجب 

لذم (الصّحّاح في اللغة) [0]


أبو زيد: لَذِمْتُ بالمكان لَذْماً: لزِمْتُهُ.
وأَلْذَمْتُ فلاناً بفلانٍ إلْذاماً.
ولَذِمَهُ الشيءُ: أعجبه، وهو في شعر الهذليّ.
وأُلْذِمَ به، أي أُولِعَ به، فهو مُلْذَمٌ به.

نِيهٌ (القاموس المحيط) [0]


نِيهٌ، كَنِيلٍ: د بين سِجِسْتانَ وإسْفَرايِنَ
والنايِهُ: الرفيعُ المُشْرِفُ.
وناهَ يَناهُ: ارْتَفَعَ، وأُعْجِبَ. (ونَفْسٌ ناهةٌ: مُنْتَهِيَةٌ عن الشيءِ).
فَصْلُ الواو

عطبل (الصّحّاح في اللغة) [0]


العُطْبولُ من النساء: الحسنةُ التامّة.
وقال:
قَتْلَ بيضاءَ حُرَّةٍ عطْـبـولِ      إنَّ من أعجب العجائب عندي

والجمع العَطابيل والعطابِل.

لَذِمَه (القاموس المحيط) [0]


لَذِمَه، كسَمِعَه: أعْجَبَه، ولَثَمَه.
ولَذِمَ بالمَكانِ، كَسَمِعَ: لَزِمَه.
وألْذَمَ فلاناً بفلانٍ: ألْزَمَه.
وأُلْذِمَ به، بالضم: أُولِعَ، فهو مُلْذَمٌ به.
وكهُمَزَةٍ: من لا يُفارِقُ بيتَهُ.

شيأ (مقاييس اللغة) [0]



الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. يقال شَيَّأ الله وجْهَه؛ إِذا دعا عليه بالقُبح.
ووجهٌ مُشَيَّأٌ.وأنشد:
      مُشَيَّأٍ أعجِبْ بِخَلْقِ الرَّحمن

بطّ (مقاييس اللغة) [0]



الباء والطاء أصلٌ واحد، وهو البَطُّ والشّقّ. يقال بَطّ الجُرْحَ يبُطُّه بَطّاً، أي شقه. فأمّا البطيط الذي هو العَجَب فمِنْ هذا أيضاً؛ لأنّه أمرٌ بُطَّ عَنْهُ فأُظْهِرَ حتى أعْجَبَ. الكميت:
ألَمَّا تَعْجَبي وترَيْ بَطيطاً      من اللاّئِينَ في الحِجَجِ الخَوالي

وما سوى ذلك من الباء والطاء ففارسيٌّ كلُّه.

شنخف (لسان العرب) [0]


بعير شِنْخافٌ: صُلْبٌ شديد.
ورجل شِنَّخْفٌ مثل جِرْدَحْلٍ أَي طويل.
والشَّنْخافُ والشِّنَّخْفُ: الطويل، والجمع شِنَّخْفون ولا يُكَسّر.
وفي الحديث: إنك من قَوْمٍ شِنَّخْفِينَ؛ قال الشاعر: وأَعْجَبها، فيمنْ يَسُوجُ، عِصابةٌ من القَومِ، شِنَّخْفونَ جِدَّ طوالِ (* قوله «جد إلخ» كذا ضبط في الأصل.
وتقدم بدله في مادة سوج: غير قضاف، ولعله حذ جمع الاحذ الخفيف اليد.)

ضفو (مقاييس اللغة) [0]



الضاد والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سبوغ وتمام. يقال: ثوبٌ ضافٍ، وفرسٌ ضافي السَّبيب، إِذا كان شَعَر ذَنبه وافياً.
وفلانٌ في ضَفْو وضَفْوةٍ من عَيْشِه. قال الأخطل:
إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه      وأعجبَه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ

الخُطْل: المُسترخية الآذان.
ورجلٌ ضافي الرأس، أي كثير شَعَر الرأْس، قال:وضَفَْوَى: موضعٌ.

ضفا (الصّحّاح في اللغة) [0]


الضَفْوُ: السُبوغُ. يقال: ضَفا الشيء يَضْفو.
وثوبٌ ضافٍ، أي سابغٌ. قال بشر:
ويَضْفو تحت كَعْبَيَّ الإزارُ      لياليَ لا أطاوع من نَهانـي

وفلان في ضَفْوَةٍ من عيشه.
وضَفا المال: كثُر. قال أبو ذؤيب الهذلي:
وأعجبه ضَفوٌ من الثَلّةِ الخُطْل      إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صَوَّبَ رَأْسَهُ

ورجل ضافي الرأس، أي كثير شعرَ الرأس.

عزق (مقاييس اللغة) [0]



العين والزاء والقاف ليس فيه كلامٌ أصيل، لكنَّ الخليلَ ذكر أنَّالعَزْق: عِلاج الشَّيء في عَسَر.
ورجلٌ متعزِّق: فيه شِدَّة خُلُق.
ويقولون: إن المِعْزقةَ: آلةٌ من آلات الحرث.
وينشدون:
نُثِير بها نَقْعَ الكُلابِ وأنتم      تُثِيرون قِيعانَ القُرى بالمَعازقِ

وكلُّ هذا في الضَّعفِ قريبٌ بعضُه من بعض. منه اللغة اليمانيَة التي يدلِّسُها أبو بكر محمدُ بن الحسنِ الدُّريدي رحمه الله، وقولُه: إنَّ العَزِيق مطمئنٌّ من الأرض، لغةٌ يمانيَة .
ولا نقول لأئمَّتنا إِلاَّ جميلا.

خطل (مقاييس اللغة) [0]



الخاء والطاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استرخاءٍ واضطراب، قياسٌ مطرد. فالخَطَل: استرخاءُ الأذُن. يقال أذُنٌ خَطْلاء، وثَلَّةٌ خُطْلٌ، وهي الغنم المسترخِيةُ الآذان. قال:
إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأسَه      وأعجبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ

ورُمْحٌ خَطِلٌ: مضطرِب.
ويقال للأحمق خَطِلٌ.
والخَطَل: المنطقُ الفاسد.وزعم ناسٌ أنّ الجوادَ يسمَّى خَطِلاً، وذلك لسُرعته إلى العطاء.
ويقال امرأةٌ خَطَّالةٌ: ذاتُ رِيبة، وذلك لخَطَلها.
والأصل واحدٌ.

قَمَأَ (القاموس المحيط) [0]


قَمَأَ، كجمع وكَرُمَ، قَمْأَةً وقَماءةً وقُمْأةً، بالضم والكسر: ذَلَّ وصَغُرَ، فهو قَمِيءٌ،
ج: قِماءٌ وقُماءٌ، كجِبالٍ ورُخالٍ،
و~ الماشِيةُ قُموءاً وقُموأَةً وقَمْئاً وقَماءَةً وقَماءً: سَمِنَتْ، كاقْمَأَتْ،
و~ الإِبلُ بالمكان: أقامَتْ لخِصْبِه فَسَمِنَتْ.
وقَمَأَهُ، (كمنعه): قَمَعَه.
وأقْمَأهُ: صَغَّرَهُ وأذَلَّه، وأعْجَبَهُ،
(و~ المَرْعى الإِبلَ: وافَقَهَا فَسمَّنَها)،
و~ القومُ: سَمِنَتْ إِبِلُهم.
والقَمْأَةُ: المكانُ لا تَطْلُعُ عليه الشمسُ،
كالمَقْمَأَةِ والمَقْمُوءَةِ، والخِصْبُ، والدَّعَةُ ويُضَمُّ.
وما قامأَهُ: ما وافَقَه.
وعمرو بن قَميئَةَ، كَسفينةٍ: شاعرٌ.
وتَقَمَّأَ الشيءَ: أخَذ خِيارَه،
و~ المكانَ: وافَقَهُ فأقام به، كقَمَأََ.

هدف (مقاييس اللغة) [0]



الهاء والدال والفاء: أُصَيْلٌ يدلُّ على انتصابٍ وارتفاع.
والهَدَف: كلُّ شيء عظيمٍ مرتفع، ولذلك سمِّي الرَّجُل الشَّخيص الجافي هَدَفاً. قال:
إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه      وأعجبهُ ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ

والهَدَف: الغرض.
ورَكَب مستَهْدِف: عَرِيض. قال النَّابغة:وامرأة مُهْدِفَة: لَحِيمة.
وأهْدَفَ لك الشّيءُ: انتصب.ومن الباب الهِدْفة: الجماعةُ من النَّاس. فأمَّا قوله:
وحَتَّى سمِعْنا خَشْفَ بيضاءَ جَعْدةٍ      على قَدَمَيْ مستهدِفٍ متقاصِرِ

فالمستهدِف: الحالِب المُنتصِب. يقول: سَمِعنا صوتَ الرِّغوة تتساقط على قَدَمِ الحالب.

زَهِفَ (القاموس المحيط) [0]


زَهِفَ، كفرِحَ: خَفَّ،
و~ الريحُ الشيءَ: اسْتَخَفَّتْهُ.
وكمنَع زُهوفاً: ذَلَّ،
و~ للموتِ: دنَا،
كازْدَهَفَ، وكَذَبَ، وهَلَكَ، وكمِنْبَرٍ: مِجْدَحُ السَّوِيق.
وأزْهَفَ: ألْقَى شَرّاً،
و~ إليه الطَّعْنَةَ: أدْناها،
و~ له حَديثاً: أتاهُ بالكَذِبِ،
و~ عليه: أجْهَزَ،
و~ بالشَّرِّ: أغْرَى،
و~ بما طَلَبَه: أسْعَفَهُ به،
و~ الخَبَرَ: زادَ فيه، وكَذَبَ، ونَمَّ، وأذَلَّ، وخانَ، وأسْرَعَ إلى الشَّرِّ،
و~ الشيءَ: ذهَبَ به، وأهْلَكَهُ،
و~ بالشيءِ: أعْجبَ به،
و~ إليه حَديثاً: أسْنَدَ إليه قَوْلاً رَديئاً،
و~ فلانَةُ إليه: أعْجَبَتْهُ. وازْدَهَفَ: احْتَمَلَ، وانْحَرَفَ، واسْتَعْجَلَ، واسْتَخَفَّ، وتَقَحَّمَ في الدُّخولِ، وتَزَيَّدَ . . . أكمل المادة في الكلامِ، وصَدَّ،
كتَزَهَّفَ،
و~ الشيءَ: ذَهَبَ به، وأهْلَكَهُ،
و~ في قولِه: تَشَدَّدَ، ورَفَعَ صوتَهُ،
و~ فلاناً بالقَوْلِ: أبْطَلَ قولَهُ،
و~ الدابَّةُ فلاناً: صَرَعَتْهُ،
و~ العَداوةَ: اكْتَسَبهَا.
والنْزِهافُ: طَفْرُ الدابةِ من نِفارٍ أو ضَرْبٍ.

أنق (لسان العرب) [0]


الأَنَقُ: الإعْجابُ بالشيء. تقول: أَنِقْت به وأَنا آنَق به أنَقاً وأَنا به أَنِق: مُعْجَب. لأَنِيقٌ مؤنق: لكل شيء أَعجبَك حُسْنه.
وقد أَنِق بالشيء وأَنِق له أَنَقاً، فهو به أَنِقٌ: أُعْجِبَ. به أَنِق أي مُعْجَب؛ قال: إن الزُّبَيْرَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ، جاءتْ به عَنْسٌ من الشامِ تَلِق، لا أَمِنٌ جَلِيسُه ولا أَنِقْ أَي لا يأْمَنُه ولا يأْنَق به، من قولهم أَنِقْت بالشيء أَي أُعْجِبت به.
وفي حديث قزَعةَ مولى زياد: سمعت أَبا سعيد يحدِّث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأَربع فآنقَتْني أَي أَعجبتْني؛ قال ابن الأَثير: والمحدّثون يروونه أَيْنَقْنَني.
وليس بشيء؛ قال: وقد جاء في . . . أكمل المادة صحيح مسلم: لا أَيْنَقُ بحديثه أَي لا أُعْجَب، وهي هكذا تروى.
وآنقَني الشيء يُؤْنِقُني إيناقاً: أَعجبني. أبو زيد: أَنِقْت الشيء أَحببْته؛ وعلى هذا يكون قولهم: رَوضة أَنيق، في معنى مأْنُوقة أَي محبوبة، وأمّا أَنِيقة فبمعنى مُؤْنِقة. يقال: آنقَني الشيء فهو مُؤْنِق وأَنِيق، ومثله مؤْلم وأَلِيم ومُسمِع وسميع؛ وقال: أَمِنْ رَيْحانةَ الدّاعِي السميعُ ومثله مُبدِع وبديع؛ قال الله تعالى: بديع السمواتِ والأرض؛ ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قال الهذلي: حتى شآها كَلِيلٌ، مَوْهِناً، عَمِلٌ، باتَتْ طِراباً، وباتَ الليلَ لم يَنَمِ والأَنَقُ: حُسْن المَنْظر وإعْجابه إياك.
والأَنَقُ: الفرَحُ والسُّرور، وقد أَنِقَ، بالكسر، يأْنَقُ أَنَقاً.
والأَنَقُ: النباتُ الحسَن المعجب، سمِّي بالمصدر؛ قالت أَعرابية: يا حبذا الخَلاء آكلُ أَنَقي وأَلبَس خَلَقي وقال الراجز: جاء بنو عَمِّك رُوّادُ الأَنَقْ وقيل: الأَنَق اطِّراد الخُضْرة في عينيك لأَنها تُعجِب رائيها.
وشيء أَنيقٌ: حسن مُعجِب. في الأَمر إذا عمله بِنِيقةٍ مثل تَنَوَّقَ، وله إناقةٌ وأَناقةٌ ولَباقةٌ.
وتأَنَّقَ في أُموره: تجوَّد وجاء فيها بالعجب.وتأْنَّقَ المَكانَ: أعجَبه فعَلِقَه لا يفارقه.
وتأَنَّق فلان في الرَّوضة إذا وقع فيها معجباً بها.
وفي حديث ابن مسعود: إذا وقعتُ في آل حم وقعتُ في رَوْضاتٍ أتأنَّقُهنّ، وفي التهذيب: وقعتُ في روْضاتٍ دَمِثاتٍ أَتأَنَّقُ فيهن؛ أَبو عبيد: قوله أَتأَنق فيهن أَتَتبَّع محاسنهن وأُعْجَبُ بهن وأَستلذُّ قراءتهن وأَتمتَّعُ بمحاسنهن؛ ومنه قيل: منظر أَنيق إذا كان حسناً معجباً، وكذلك حديث عبيد بن عمير: ما من عاشِية أَشدُّ أَنَقاً ولا أَبعدُ شِبَعاً من طالب علم أَي أَشد إعجاباً واستحساناً ومحَبَّة ورَغْبة.
والعاشِيةُ من العَشاء: وهو الأَكل بالليل.
ومن أَمثالهم: ليس المُتعلِّق كالمُتأَنِّق؛ معناه ليس القانع بالعُلْقة وهي البُلْغة من العيش كالذي لا يَقْنَع إلا بآنَق الأَشياء وأَعجبها. هو يتأَنّق أَي يَطلُب آنَق الأَشياء. أَبو زيد: أَنِقْت الشيء أَنَقاً إذا أَحببْته؛ وتقول: روْضة أَنِيق ونبات أَنيق.
والأَنُوقُ على فَعُول: الرَّخَمة، وقيل: ذكر الرخم. ابن الأَعرابي: أَنْوقَ الرجل إذا اصطاد الأَنُوق وهي الرخمة.
وفي المثل: أَعزُّ من بيض الأَنُوق لأَنها تُحْرِزه فلا يكاد يُظْفَر به لأَن أَوْكارها في رؤوس الجبال والأَماكن الصعْبة البعيدة، وهي تُحمَّق مع ذلك.
وفي حديث عليّ، رحمة الله عليه: ترقَّيتُ إلى مَرْقاةٍ يقْصُر دونها الأَنُوق؛ هي الرخمة لأَنها تبيض في رؤُوس الجبال والأَماكن الصعبة؛ وفي المثل: طَلبَ الأَبْلَقَ العَقُوقَ، فلمّا لم يَجِدْهُ، أَرادَ بيضَ الأَنُوقِ قال ابن سيده: يجوز أَن يُعْنى به الرخمة الأُنثى وأَن يعنى به الذكر لأَن بيض الذكر معدوم، وقد يجوز أَن يضاف البيض إليه لأَنه كثيراً ما يحضُنها، وإن كان ذكراً، كما يحضُن الظليم بيضه كما قال امرؤ القيس أَو أَبو حَيَّة النُّمَيْري: فما بَيْضةٌ باتَ الظَّلِيمُ يَحُفُّها، لدى جُؤْجُؤٍ عَبْلٍ، بمَيْثاءٍ حَوْمَلا وفي حديث معاوية قال له رجل: افْرِضْ لي، قال نعم، قال ولولدي، قال لا، قال ولعشيرتي، قال لا؛ ثم تمثل: طَلبَ الأَبلقَ العَقوقَ، فلمّا لم يجده، أَراد بَيضَ الأَنوق العَقُوقُ: الحامل من النُّوق، والأَبلق: من صفات الذكور، والذكر لا يحمل فكأَنه قال طَلَب الذكر الحامل.
وبَيضُ الأَنوق مثَل للذي يطلبُ المُحال الممتنِع، ومنه المثل: أَعَزُّ من بيض الأَنُوق والأَبلقِ العقوق، وفي المثل السائر في الرجل يُسأَل ما لا يكون وما لا يُقْدَرُ عليه: كلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقُوق؛ ومثله: كلَّفتني بيض الأنوق.
وفي التهذيب: قال معاوية لرجل أراده على حاجة لا يُسأَل مثلها وهو يَفْتِل له في الذِّرْوة والغاربِ: أَنا أَجَلُّ من الحَرْشِ ثم الخَديعةِ، ثم سأله أُخْرَى أَصْعبَ منها فأَنشد البيت المَثَلَ. قال أَبو العباس: وبيضُ الأنوق عزيز لا يوجد، وهذا مثل يُضرب للرجل يَسأَل الهَيِّنَ فلا يُعْطَى، فيَسأَل ما هو أَعز منه.
وقال عُمارةُ: الأَنوقُ عندي العُقاب والناس يقولون الرخَمة، والرخمةُ توجد في الخَرابات وفي السهْل.
وقال أَبو عمرو: الأَنوق طائر أَسود له كالعُرْف يُبعِد لبيضه.
ويقال: فلان فيه مُوقُ الأَنُوق لأَنها تُحمَّق؛ وقد ذكرها الكميت فقال: وذاتِ اسْمَينِ، والأَلوانُ شَتَّى، تُحَمَّقُ، وهي كَيِّسةُ الحَوِيلِ يعني الرخمة.
وإنما قيل لها ذات اسمين لأَنها تسمِّى الرخمة والأَنُوقَ، وإنما كَيِسَ حَوِيلُها لأَنها أَوَّل الطير قِطاعاً، وإنما تبيض حيث لا يَلْحَق شيء بيضها، وقيل: الأَنوق طائر يشبه الرخمة في القَدِّ والصَّلَعِ وصُفْرة المِنقار، ويخالفها أَنها سوداء طويلة المِنْقار؛ قال العُدَيْلُ بن الفَرْخ: بَيْضُ الأَنُوقِ كسِرِّهِنَّ، ومَن يُرِدْ بَيْضَ الأَنوقِ، فإنه بمَعاقِل

ينم (لسان العرب) [0]


اليَنَمةُ: عُشبةٌ طَيِّبةٌ.
واليَنَمةُ: عشبةُ إِذا رَعَتْها الماشيةُ كثُرَ رغوةُ أَلْبانها في قِلَّة. ابن سيده: اليَنَمةُ نَبْتةٌ من أَحْرار البقول تَنْبت في السَّهل ودَكادِكِ الأَرض، لها ورقٌ طِوالٌ لطافٌ محَدَّبُ الأَطرافِ، عليه وبَرٌ أَغْبَرُ كأَنه قطع الفِراءِ، وزَهْرَتُها مثلُ سُنْبلةِ الشعير وحبُّها صغيرٌ.
وقال أَبو حنيفة: اليَنَمةُ ليس لها زهرٌ، وفيها حبٌّ كثير، يَسْمَن عليها الإِبلُ ولا تَغْزُرُ، قال: ومن كلام العرب: قالت اليَنَمةُ أَنا اليَنَمه، أَغْبُقُ الصبيَّ بعد العَتَمه، وأَكُبُّ ا لثُّمالَ فوق الأَكَمَه؛ تقول: دَرِّي يُعَجّل للصبي وذلك أَن الصبيّ لا يَصْبر، والجمع يَنَمٌ، قال مُرَقِّش ووصف ثورَ وحش: بات بغَيْثٍ مُعْشِبٍ نبْتُه، مُخْتَلِطٍ حُرْبُثُه واليَنَمْ ويقال: يَنَمةٌ . . . أكمل المادة خذْواء إِذا استَرْخى ورقها عند تمامه؛ قال الراجز: أَعْجَبَها أَكْلُ البعير اليَنَمهْ

عطبل (لسان العرب) [0]


جاريةٌ عُطْبُلٌ وعُطْبُولٌ وعُطْبُولةٌ وعَيْطَبُولٌ: جَمِيلة فَتِيَّةٌ ممتلئة طويلة العُنُق، وقيل: العَيْطَبُول الطويلة.
والعُطْبُل والعُطْبُول من الظباء والنساء: الطويلةُ العُنُق؛ وقوله أَنشده ثعلب: بِمِثْل جيد الرِّئْمةِ العُطْبُلْ إِنما أَراد العُطْبُلَ فشَدَّد للضرورة، والجمع العَطَابِيلُ والعَطَابِلُ؛ قال الشاعر: لو أَبْصَرَتْ سُعْدَى بها كَتائِلي، مِثْلَ العَذَارَى الحُسَّرِ العَطَابِل والعُطْبُول: الحَسَنة التامَّة؛ وأَنشد الجوهري لعمر بن أَبي ربيعة: إِنَّ، مِنْ أَعْجَب العَجائِب عِنْدي، قَتْلَ بَيْضاءَ حُرَّةٍ عُطْبُول قال ابن بري: ولا يقال رَجُل عُطْبُول إِنما يقال رجل أَجْيَدُ إِذا كان طويل العُنُق، ومثل العُطْبُول العَيْطاء والعَنْقاء؛ هذا قول ابن بري، وقد ذكر ابن الأَثير في غريب الحديث أَنه ورد في صفته، . . . أكمل المادة صلى الله عليه وسلم: أَنه لم يكن بعُطْبُولٍ ولا بقَصِير، وفسَّرَه فقال: العُطْبُول الممتدُّ القامة الطويل العُنُق، وقيل: هو الطويل الصُّلْب الأَملس، قال: ويوصف به الرجل والمرأَة.

وَثَرَهُ (القاموس المحيط) [0]


وَثَرَهُ يَثِرُهُ ووثَّرَهُ تَوْثِيراً: وطَّأهُ،
وقد وثُرَ، ككَرُمَ، وثَارَةً، فهو وَثْرٌ ووَثِرٌ، ككتِفٍ، ووثيرٌ، وهي وثِيرَةٌ، والاسمُ: الوِثارَةُ، بالكسر ويُفْتَحُ.
والوَثيرَةُ: الكثيرَةُ اللحمِ، أو السَّمينةُ الموافِقةُ للمُضاجَعَةِ
ج: وثائِرٌ ووثِارٌ.
والوَثيرُ والوِثْرُ، بالكسر،
والمِيْثَرَةُ: الثَّوْبُ الذي تُجَلَّلُ به الثِّيابُ، فَيَعْلوها، وهَنَةٌ كهيئةِ المِرْفَقَةِ، تُتَّخَذُ لِلسَّرْجِ كالصُّفَّةِ
ج: مَواثِرُ ومَياثِرُ، وجُلودُ السِّباعِ، ومَراكبُ تُتَّخَذُ من الحريرِ والدِّيباجِ.
والتَّواثِيرُ: الشُّرَطُ، وهم التآثيرُ، وتَقَدَّمَ، الواحدُ: تُؤْثورٌ.
والوَثْرُ: نَقْبَةٌ من أدَمٍ تُقَدُّ سُيوراً، عَرْضُ السَّيْرِ منها أربعُ أصابعَ، أو شِبْرٌ، أو سُيورٌ عريضةٌ تَلْبَسُها الجاريَةُ الصغيرةُ، أو ثَوْبٌ كالسَّراويلِ لا ساقَيْ له، وشِبْهُ صِدارٍ، وماءُ الفَحْلِ يَجْتمِعُ في رَحِمِ الناقةِ ثم لاَ . . . أكمل المادة تَلْقَحُ.
وثَرَها وَثْراً: أكثَرَ ضِرابَها فَلَمْ تَلْقَحْ.
وَوُثَيْرُ بنُ المُنْذِرِ، كزُبَيرٍ: محدِّثٌ.
واسْتَوْثَرَ منه: اسْتَكْثَرَ.
وأعْجَبُ الأَشياءِ وَثْرٌ، بالفتحِ، على وِثْرٍ، بالكسر، أي: نِكاحٌ على فِراشٍ وَثِيرٍ.
والأَوْثَرُ: العَداوةُ.
والوَثارَةُ: كثْرَةُ اللحمِ.

الأَنَقُ (القاموس المحيط) [0]


الأَنَقُ، مُحرَّكةً: الفَرَحُ والسُّرورُ، والكَلأُ،
أنِقَ، كفرِحَ،
و~ الشيءَ: أحَبَّهُ،
و~ به: أُعْجِبَ. والأَنُوقُ، كصَبورٍ: العُقابُ والرَّخَمَةُ، أو طائرٌ أسْوَدُ له كالعُرْفِ، أو أسْوَدُ أصْلَعُ الرأسِ أصْفَرُ المِنْقارِ، و"هو أعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ"، لأِنها تُحْرِزُهُ فلا يَكادُ يُظْفَرُ به لأَنَّ أوكارَها في القُلَلِ الصَّعْبَةِ، قيلَ: في أخْلاقِها عَشْرُ خِصالٍ: تَحْضُنُ بَيْضَها، وتَحْمِي فَرْخَها، وتألَفُ ولَدَها، ولا تُمَكِّنُ من نفسِها غيرَ زَوْجِها، وتَقْطَعُ في أوّل القَواطِعِ، وتَرْجِعُ في أوّلِ الرَّواجِعِ، ولا تَطيرُ في التَّحْسيرِ، ولا تَغْتَرُّ بالشَّكيرِ، ولا تُرِبُّ بالوُكورِ، ولا تَسْقُطُ على الجَفيرِ بالشَّكيرِ، أي: بِصِغارِ ريشِها حتى يَصير ريشُها قَصَباً (فَتَطيرُ).
. . . أكمل المادة وما آنَقَهُ في كذا: ما أشَدَّ طَلَبَه له.
وآنَقَني إيناقاً ونيقاً، بالكسر: أعْجَبَني. الأَزْهرِيُّ: أنْوَقَ: اصْطَادَ الأَنوقَ: للرَخَمَةِ، وإنما يَسْتَقيمُ هذا إذا كان اللفْظُ أجْوَفَ.
وشيءٌ أنِيقٌ، كأميرٍ: حَسَنٌ مُعْجِبٌ، وله أناقَةٌ، ويُكْسَرُ.
وأنَّقَ تأنيقاً: عَجَّبَ. وتأنَّقَ فيه: عَمِلَه بالإِتْقانِ والحِكْمَةِ،
كتَنَوَّقَ،
و~ المَكانَ: أحَبَّهُ.

لَها (القاموس المحيط) [0]


لَها لَهْواً: لَعِبَ،
كالْتَهَى، وألْهاهُ ذلك.
والمَلاهِي: آلاتُهُ، وتَلاَهَى بِذاكَ.
والألْهُوَّةُ والألْهيَّةُ والتَّلْهِيَةُ: ما يُتلاهَى به.
ولَهَتِ المرأةُ إلى حَدِيثِهِ لَهْواً ولُهُوًّا: أنِسَتْ به، وأعْجَبَها. واللَّهْوَةُ: المرأةُ المَلْهُوُّ بها،
كاللَّهْوِ، وبالضم والفتح: ما ألْقَيْتَهُ في فَمِ الرَّحَى، والعَطِيَّةُ، أو أفْضَلُ العَطايا وأجْزَلُها،
كاللُّهْية، والحَفْنَةُ من المالِ، أو الأَلْفُ من الدَّنانيرِ والدَّراهِمِ لا غَيْرُ.
وَلَهِيَ به، كَرَضِيَ: أحَبَّهُ،
و~ عنه: سَلاَ، وغَفَلَ، وتَرَكَ ذِكْرَهُ، كلَها، كَدَعَا، لُهِيًّا ولِهْياناً،
وتَلَهَّى.
واللَّهاةُ: اللَّحْمَةُ المُشْرِفَةُ على الحَلْقِ، أَو ما بين مُنْقَطَعِ أصْلِ اللِسانِ إلى مُنْقَطَعِ القلْبِ من أعْلَى الفَمِ
ج: لَهَواتٌ ولَهَياتٌ ولُهِيٌّ ولِهِيٌّ ولَهاءٌ ولِهاءٌ.
واللَّهْواءُ: ع.
ولَهْوَةُ: امرأةٌ.
ولُهاءُ مِئَةٍ، . . . أكمل المادة بالضم: زُهاؤُها.
ولاهاهُ: قارَبَهُ، ونازَعَهُ، ودَاناهُ،
و~ الغُلامُ الفِطامَ: دَنَا منه.
واللاَّهونَ من ذُرِّيَّةِ البَشَرِ: الذينَ لم يَتَعَمَّدُوا الذَّنْبَ، وإنما أتَوْهُ نِسْياناً أَو غَفْلَةً وخَطَأً، أو الأطْفالُ لم يَقْتَرفُوا ذَنْباً.
ولَهْيَا: ع بِبابِ دِمَشْقَ.
وألْهَى: شَغَلَ، وتَرَكَ الشيءَ عَجْزاً، أَو اشْتَغَلَ بِسماعِ الغِناءِ.

هكر (لسان العرب) [0]


الهَكْرُ: العَجَبُ، وقيل: الهَكْرُ أَشدُّ العجبِ. هَكِرَ يَهْكَرُ هَكَراً وهِكْراً، فهو هَكِرٌ: اشتدَّ عَجَبُه، مثال عَشِقَ يَعشَقُ عِشْقاً وعَشَقاً؛ قال أَبو كَبِير الهذلي: أَزُهَيْرُ، وَيْحَكِ لِلشَّبابِ المُدْبِرِ والشَّيْبُ يَغْشَى الرأْسَ غَيْرَ المُقْصِرِ فَقَدَ الشَّبابَ أَبوكِ إِلا ذِكْرَه، فاعْجَبْ لذلك، رَيْبَ دَهْرٍ، واهْكَرِ بدأَ بخطاب ابنته زهيرة ثم رجع فخاطب نفسه فقال: اعجب لذلك واهْكَر أَي تعجب أشدّ العجب. المُتَعَجِّبُ. حديث عمر والعجوز: أَقبلت من هَكْرانَ وكَوكَبٍ؛ هما جبلان معروفان ببلاد العرب.
وفيه مَهْكَرَة أَي عُجْبٌ. والهَكِرُ: الناعِسُ.
وقد هَكِرْتُ أَي نَعِسْتُ.
وهَكِرَ الرجلُ هَكَراً: سَكِرَ من النوم، وقيل: اشتد نومه، وقيل: هو . . . أكمل المادة أَن يعتريه نُعاس فتسترخي عظامه ومفاصله.
وتَهَكَّرَ: تَحَيَّرَ.
وهَكْرٌ وهَكِرٌ: موضع؛ قال امرؤ القيس: لَدَى أَو كَبَعْضِ دُمى هَكِرْ وقد يجوز أَن يكون أَراد دُمى هَكْرِ فنقل الحركة للوقف كما حكاه سيبويه من قولهم: هذا البَكُرْ ومن البَكِرْ. قال الأَزهري: هَكِرٌ موضع أَو دَيْرٌ، قال: أُراه رُومِيًّا، وأَنشد بيت امرئ القيس.

غرل (لسان العرب) [0]


العُرْلة: القُلْفة.
وفي حديث أَبي بكر: لأَنْ أَحْمِل عليه غُلاماً ركب الخيل على غُرْلَتِه أَحِبُّ إِليَّ من أَن أَحْمِلك عليه؛ يريد ركبها في صغره واعتادها قبل أَن يُخْتَن.
وفي حديث طلحة: كان يَشُورُ نَفْسَه على غُرْلَتِه أَي يسعى ويَخِفُّ، وهو صبيّ.
وفي حديث الزِّبْرِقان: أَحَبُّ صِبْيانِنا إِلينا الطويلُ الغُرْلة؛ إِنما أَعجبه طولها لتمام خلقه.
والغُرْلُ: القُلْفُ.
والأَغْزَلُ: الأَقْلف. الأَحمر: رجل أَرْغَلُ وأَغْزَلُ وهو الأَقلف.
وفي الحديث: يُحْشَرُ الناس يوم القيامةُ عُراةً حُفاة غُرْلاً بُهْماً أَي قُلْفاً؛ والغُرْلُ: جمع الأَغْرَل.
وعامٌ أَغْرَلُ: خَصِيب.
وعيش أَغْرَلُ أَي واسع.
ورجل غَرِلٌ: مسترخي الخَلْقِ؛ قال العجاج: لا غَرِل الخَلْقِ ولا قصير ورمح غَرِلٌ: سيّء الطول مُفْرِطه، وأَنشد بيت العجاج أَيضاً.
وقال . . . أكمل المادة ثعلب: الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ ما يبقى من الماء في الحوض، والغديرُ الذي تبقى فيه الدَّعامِيصُ لا يقدر على شربه، وكذلك ما يبقى في أَسفل القارورة من الثُّفْل، وقيل: هو ثُفْل ما صبغ به؛ وقال الأَصمعي: الغِرْيَلُ أَن يجيء السيل فيثبت على الأَرض ثم يَنْضُبَ، فإِذا جفّ رأَيت الطين رقيقاً قد جفّ على وجه الأَرض قد تشقّق؛ وقال أَبو زيد في كتاب المطر: هو الطين يحمله السيل فيبقى على وجه الأَرض، رطباً كان أَو يابساً، وقيل: الغِرْيَلُ الطين الذي يبقى في الحوض.

ضفا (لسان العرب) [0]


ضفا مالُه يَضْفُو ضَفْواً وضُفُوّاً: كثر.
وضَفا الشَّعَرُ والصُّوفُ يَضْفُو ضَفْواً وضُفُوّاً: كَثُرَ وطالَ.
والضَّفْوُ: السَّعة والخَيْر؛ قال أَبو ذؤَيب ونسبه الجوهري للأَخطل وغلطه ابن بري في ذلك وقال هو لأَبي ذؤَيب: إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صَوَّبَ رأْسَه، وأَعْجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ (* قوله «المعزال» هو باللام في الأصل والتهذيب والصحاح، وقال الصاغاني: الرواية المعزاب).
وشَعَرٌ ضافٍ وذَنَبٌ ضافٍ؛ قال الشاعر: بضافٍ فُوَيْقَ الأَرضِ ليس بأَعْزَلِ (* هذا البيت من معلقة امرئ القيس وصدره: ضَليعٍ، إِذا استدبرتَه ، سدّ فرجَه).
والضَّفْوُ: السُّبُوغُ. ضَفا الشيءُ يَضْفُو.
وفَرَسٌ ضافي السَّبِيبِ: سابِغُه.
وثَوْبٌ ضافٍ أَي سابِغٌ؛ قال بشر: لَياليَ لا أُطاوِعُ مَنْ نَهاني، ويَضْفُو تحتَ كَعْبَيَّ . . . أكمل المادة الإزارُ ورجلٌ ضافي الرأْسِ. كثيرُ شَعَرِ الرأْسِ، وفلانٌ ضافي الفَضْلِ على المَثَلِ.
ودِيمةٌ ضافِية وهي تَضْفُو ضَفْواً: تُخْصِبُ منها الأَرضُ.
وهو في ضَفْوٍ من عَيْشه وضَفْوةٍ من عيشِه أَي سَعةٍ.
وضَفا الماءُ يَضْفُو: فاضَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وماكِدٍ تَمْأَدُه من بَحْرِه يَضْفُو، ويُبْدي تارةً عن قَعْرِه تَمْأَدُه أَي تأْخُذُه في ذلك الوقت؛ يقول: يَمْتَلِئُ فتَشْرَبُ الإبلِ ماءَه حتى يَظْهَرَ قَعْرُهُ.
وضَفا الحَوْضُ يَضْفُو إذا فاضَ من امتِلائِه.
والضَّفا: جانِبُ الشيء، وهما ضَفَواهُ أَي جانِباهُ.

توق (لسان العرب) [0]


التَّوْقُ: تُؤُوق النفس إلى الشيء وهو نِزاعها إليه. تاقَت نفْسي إلى الشيء تَتُوق توْقاً وتُؤوقاً: نزَعَت واشتاقت، وتاقَت الشيءَ كتاقت إليه؛ قال رؤبة: فالحمدُ لِله على ما وفَّقا مَرْوانَ، إذْ تاقُوا الأُمورَ التُّوَّقا والمُتَوَّقُ: المُتَشَهَّى.
وفي حديث عليّ: ما لك تَتَوَّقُ في قُريش وتَدعُنا؟ تَتَوَّقُ، تفعَّل من التَّوْقِ: وهو الشَّوقُ إلى الشيء والنُّزوعُ إليه، والأَصل تَتَتوّق بثلاث تاءات فحذف تاء الأَصل تخفيفاً، أراد لِمَ تتزوّجُ في قريش غيرنا وتدعُنا يعني بني هاشم، ويروى تَنَوَّقُ، بالنون، من التنوُّقِ في الشيء إذا عُمل على استحسان وإعجاب به. يقال: تنوَّق وتأَنَّق.
وفي الحديث الآخر: ما لك تَتَوِّقُ في قريش وتدعُ سائرهم.
والمُتَوَّقُ: الكلام الباطل.
ونفْس . . . أكمل المادة توَّاقةٌ: مُشْتاقةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:جاء الشِّتاء وقَميصي أَخْلاقْ شَراذِمٌ يَضْحَكُ مني التَّوّاقْ قيل: التَّوّاق اسم ابنه، ويروى النَّوَّاق بالنون.
ويقال في المثل: المرْء تَوَّاقٌ إلى ما لم ينَل.
وقيل: التوّاق الذي تَتُوق نفْسُه إلى كل دَناءة. ابن الأَعرابي: التَّوَقةُ الخُسَّفُ جمع خاسِفٍ وهو الناقِهُ، والتَّوْقُ نفْس النزْع، والتُّوقُ العَوَج في العصا ونحوها.
وتاقَ الرجلُ يتُوق: جاد بنفْسه عند الموت.
وفي حديث عبيد الله بن عمر، رضي الله عنهما: كانت ناقةُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُتوّقةً؛ كذا رواه بالتاء، فقيل له: ما المتوّقة؟ فقال: مثل قولك فرس تَئِقٌ أَي جواد؛ قال الحربي: وتفسيره أَعْجبُ من تَصحِيفه، وإِنما هي مُنَوَّقة، بالنون، هي التي قد رِيضَت وأُدِّبَت.

لذم (لسان العرب) [0]


لَذِمَ بالمكان، بالكسر، لَذْماً وأَلْذَمَ: ثَبَت ولَزِمَه وأَقام.
وأَلذَمْتُ فلاناً بفلان إِلذاماً.
ورجلٌ لُذَمَةٌ: لازمٌ للبيت، يطرد على هذا بابٌ فيما زعم ابن دريد في كتابه الموسوم بالجمهرة، قال ابن سيده: وهو عندي موقوف.
ويقال للأَرْنب: حُذَمةٌ لُذَمة تَسبق الجَمْع بالأَكَمةِ؛ فحُذَمةٌ: حديدة، وقيل: حُذَمة إِذا عَدَتْ أَسرعت، ولُذَمة: ثابتةُ العَدْو ولازمة له، وقيل: إِتباع.
واللُّذَمةُ: اللازم للشيء لا يفارقه.
واللُّذُومُ: لُزُومُ الخير أَو الشر.
ولَذِمَه الشيءُ: أَعجَبه، وهو في شعر الهذلي.
ولَذِمَ بالشيء لذَماً: لَهِجَ به وأَلذَمَه إِيَّاه وبه وأَلهَجَه به؛ وأَنشد: ثَبْت اللِّقاء في الحروبِ مُلْذَما وأَنشد أَبو عمرو لأَبي الوَرْد الجعْديّ: لَذِمْتَ أَبا حَسَّانَ أَنْبارَ مَعْشَرٍ جَنافَى عليكم، يَطْلُبون الغَوائلا وأُلْذِمَ . . . أكمل المادة به أَي أُولِعَ به، فهو مُلْذَم به.
ورجل لَذُومٌ ولَذِمٌ ومِلْذَمٌ: مُولَع بالشيء؛ قال: قَصْرَ عَزِيز بالأَكالِ مِلْذَمِ الليث: اللَّذِمُ المُولَع بالشيء، وقد لَذِمَ لذَماً.
ويقال للشجاعِ: مِلْذَمٌ لعَلَثِه بالقتال، وللذّئب مِلْذَم لعَلَثِه بالفَرْسِ.
ولذِمَ به لَذَماً؛ عَلِقَه؛ وأَما ما أَنشده من قول الشاعر: زعم ابن سيِّئةِ البنان بأَنَّني لَذِمٌ لآخُذَ أَرْبَعاً بالأَشْقَرِ فقد يكون العَلِقَ وعلى العَلِق، استشهد به ابن الأَعرابي، وقد يكون اللَّهِجَ الحَرِيص، والمعنيان مُقتربان.
ويقال: أَلْذِمْ لفلانٍ كَرامتَك أَي أَدِمْها له.
وأُمُّ مِلْذم: كنية الحُمَّى؛ قال ابن الأَثير: بعضهم يقولها بالذال المعجمة.

عزل (الصّحّاح في اللغة) [0]


اعْتَزَلَهُ وتَعَزَّلَهُ بمعنًى.
وقال الأحوص:
حَذَرَ العِدا وَبِكَ الفؤادُ مُوَكَّلُ      يا بيتَ عاتِكَة الذي أتَعَـزَّلُ

والاسمُ العُزْلَةُ. يقال: العُزْلَةُ عبادةٌ.
والأعزَل: الذي لا سلاح معه.
وقومٌ عُزْلٌ، وعُزْلانٌ، وعُزَّلٌ بالتشديد.
وسمِّي أحدُ السِماكَيْن الأعزَلَ كأنَّه لا سلاحَ معه، كما كانَ مع الرامح.
والأعْزَلُ من الخيل: الذي يقع ذَنَبُه في جانب، وذلك عادةً لا خِلقةً، وهو عيبٌ.
والأعْزَلُ: سحابٌ لا مطر فيه.
والعَزْلاء: فم المزادةِ الأسفل، والجمع العَزالي بكسر اللام، وإن شئت فتحت مثل الصَحارى والصَحاري. قال الكميت:
رَّ حَلَّتْ عَزالِيَةُ الشَمْألُ      مَرَتْهُ الجنوبُ فلمَّا اكْفَهَ

وعَزَلَهُ، أي أفْرَزَهُ. يقال: أنا عن هذا الأمر بِمَعْزِلٍ.
وقال:
ولا بصَفاً صَلْدٍ عن الخير مَعْزِلِ      ولستُ بجُلْبٍ جُلْـبِ ريحٍ وقـرَّةٍ

وعَزَلَهُ . . . أكمل المادة عن العمل، أي نحّاه عنه فعزِلَ.
وعزل عن أمَتِهِ.
والمِعْزالُ: الذي يَعْتَزِلُ بماشيته ويرعاها بمَعْزِلٍ من الناس.
وأنشد الأصمعي:
وأعجبه ضَفْوٌ من الثلَّةِ الخُطْلِ      إذا الهدفُ المِعْزالُ صوَّبَ رَأْسَهُ

والجمع المَعَازيلُ.
وقال آخر:
إلى الصَباح وهم قومٌ مَـعـازيلُ      إذا أَشْرَفَ الديكُ يدعو بعض أُسْرَتِهِ

والمَعازيلُ أيضاً: القوم الذين لا رماح معهم. قال الكميت:
ولا يُمْنَعُ الجيرانُ باللومِ والعَذْلِ      ولكنَّكم حيٌّ مَعازيلُ حِـشْـوَةٌ

والمِعْزالُ: الضعيف الأحمق.
والمِعْزالُ: الذي يَعْتَزِلُ أهل الميسر لؤماً.

لبخ (لسان العرب) [0]


اللبْخُ الاحتيال للأَخذ.
واللبْخ: الضرب والقتل.
واللبُّوخ: كثرة اللحم في الجسد. رجل لَبيخٌ وامرأَة لُباخيَّة: كثيرة اللحم ضخمة الرَّبلة تامَّة كأَنها منسوبة إِلى اللُّباخ.
ويقال للمرأَة الطويلة العظيمة الجسم: خرْباقٌ ولُباخيَّة.
واللّباخ: اللّطام والضراب.
واللبَخَة: شجرة عظيمة مثل الأَثابَة أَعظم، ورقها شبيه بورق الجوز، ولها أَيضاً جَنًى كجَنى الحَماطِ مُرٌّ إِذا أُكل أَعطش، وإِذا شرب عليه الماءُ نفخ البطن؛ حكاه أَبو حنيفة وأَنشد: مَن يشرب الماءَ، ويأْكل اللَّبخْ، تَرِمْ عروقُ بطنِه ويَنتَفِخْ قال: وهو من شجر الجبال؛ قال: وأَخبرني العالِم به أَن بانْصنا من صعيد مصر، وهي مدينة السحرة في الدور، الشجرة بعد الشجرة تسمى اللبخ؛ قال: وهو بالفتح؛ قال: وهو شجر عظام . . . أكمل المادة أمثال الدُّلْب وله ثمر أَخضر يشبه التمر حلو جدّاً، إِلا أَنه كريه وهو جيد لوجع الأَضراس، وإِذا نشر شجره أَرعف ناشره؛ قال: وينشر أَلواحاً فيبلغ اللوح منها خمسين ديناراً، بجعله أصحاب المراكب في بناءِ السفن، وزعم أَنه إِذا ضم منه لوحان ضمّاً شديداً وجعلا في الماء سنة التحما فصارا لوحاً واحداً، ولم يذكر في التهذيب أَن يجعلا في الماءِ سنة ولا أَقل ولا أَكثر؛ وهذه الشجرة رأْيتها أَنا بجزيرة مصر وهي من كبار الشجر، وأَعجب ما فيها أَن قوماً زعموا أَن هذه الشجرة كانت تَقتل في بلاد الفرس، فلما نقلت إلى مصر صارت تؤكل ولا تضر، ذكره ابن البيطار العشاب في كتابه الجامع.
واللَّبيخة: نافجة المسك.
وتَلبَّخ بالمسك: تطيب به؛ كلاهما عن الهجري؛ وأَنشد: هَداني إِليها ريحُ مسكِ تَلَبَّخَتْ به في دُخانِ المَنْدَليّ المُقَصَّدِ

برح (الصّحّاح في اللغة) [0]


لَقيت منه بَرْحاً بارِحاً، أي شِدَّةً وأَذىً. قال الشاعر:
دَعاكَ الهوى بَرْحٌ لِعَيْنَيْكَ بارِحُ      أَجِدَّكَ هذا عَمْرَكَ اللهَ كُلَّـمـا

ولقيت منه بناتِ بَرْحٍ، وبني بَرْحٍ، ولقيت منه البِرَحًين وَالبُرَحينَ، بكسر الباء وضمها، أي الشدائد والدواهي.
ويقال: هذه بُرْحَةٌ من البُرَح بالضم، للناقة إذا كانت من خيار الإبل.
والبارِحُ: الريح الحارة. قال أبو زيد: البوَارِحُ: الشَمالُ الحارَّةُ في الصيفِ.
والبارحَةُ: أقرب لَيْلَةٍ مَضَتْ. تقول: لَقيته البارحةَ.
ولقيته البارحةَ الأولى، وهو من بَرِحَ أي زال.
وبُرَحاء الحُمَّى وغيرِها: شِدّة الأذى. تقول منه: بَرَّح به الأمر تَبْريحاً، أي جَهَدَهُ.
وضَرَبَهُ ضَرْباً مُبَرِّحاً.
وتَباريحُ الشَوق: توَهُّجُه.
وهذا الأمْر أَبْرَحُ من هذا، أي أشدُّ.
وقتلوهم أَبْرَحَ قتلٍ.
وأَبرحَهُ، أي أعْجَبَهُ. يقال: ما أَبْرَحَ . . . أكمل المادة هذا الأمر! قال الأعشى:
لُ أَبْرَحْتِ رَبَّا وأَبْرَحْتِ جارا      أقولُ لها حينَ جَدَّ الـرحـي

أي أعْجَبْتِ وبالَغْتِ.
وأَبْرَحَهُ أيضاً، بمعنى أكْرمه وعظّمهُ.
والبَراحُ، بالفتح: المُتَّسِعُ من الأرض لا زَرْعَ فيه ولا شَجَر.
وجاءنا بالأمرِ بَراحاً، أي بَيِّناً.
والبَراحُ: مصدر قولك بَرِحَ مكانَه، أي زال عنه وصار في البَراحِ.
وقولهم: لا بَراحَ منصوب، كما نُصب قولهم لا رَيْبَ. وبَرِحَ الخَفاءُ، أي وَضَحَ الأمر كأنه ذَهَبَ السِرُّ وزال.
ولا أَبْرَحُ أَفْعَلُ ذاك، أي لا أزال أفْعَلُه.
وبَراحِ مثل قَطامِ: اسمٌ للشمس.
وبَرَحَ الظَّبْيُ بالفتح بُروحاً، إذا أَوْلاكَ مَياسِرَهُ يَمُرُّ من مَيامِنِك إلى مَياسِرِك.
والعَرَب تتطيَّر بالبارِح وتتفاءل بالسانح، لأنّه لا يمكنك أن ترميه حتَّى تنحرف. وأمُّ بَريح: اسمٌ للغُراب.
وبَرْحى: كلمةٌ تُقال عند الخَطأ في الرَّمْي.
ومَرْحَى، عند الإصابة.

قمأ (لسان العرب) [0]


قَمَأَ الرَّجُلُ وغيرُه، وقَمُؤَ قَمْأَةً وقَمَاءً وقَمَاءة، لا يُعْنَى بقَمْأَةٍ ههنا المرَّة الواحدة البتَّة: ذَلَّ وصَغُرَ وصار قَمِيئاً.
ورجل قَمِيءٌ: ذليل على فَعِيلٍ، والجمع قِمَاءٌ وقُمَاءٌ، الأَخيرة جمعٌ عزيزٌ، والأُنثى قَميئةٌ.
وأَقْمَأْتُه: صَغَّرْتُه وذَلَّلته.
والصاغِرُ القَمِيءُ يُصَغَّر بذلك، وإِن لم يكن قصيراً.
وأَقْمَيْتُ الرجُلَ إِذا ذَلَّلْتَه.
وقَمَأَتِ المرأَةُ قَمَاءة، مـمدود: صغُر جِسمُها.
وقَمَأَتِ الماشيةُ تَقْمَأُ قُمُوءاً وقُمُوءة وقَمْأً، وقَمُؤَت قَمَاءة وقَمَاءً وقَمَأً، وأَقْمأَتْ: سَمِنَت.
وأَقْمَأَ القومُ: سَمِنَت إِبِلهم. التهذيب: قَمَأَتْ تَقْمَأُ، فهي قامِئةٌ: امتلأَتِ سِمَناً، وأَنشد الباهليُّ: وجُرْدٍ، طارَ باطِلُها نَسيلاً، * وأَحْدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصارا وأَقْمَأَني الشيءُ: أَعْجَبَنِي. أَبو زيد: هذا زمان تَقْمَأُ فيه الإِبل أَي يَحْسُن وَبَرُها وتَسْمَنُ.
وقَمَأَتِ الإِبل بالمكان: أَقامَتْ . . . أكمل المادة به وأَعْجَبها خِصْبُه وسَمِنَتْ فيه.
وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، كان يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائشةَ، رضي اللّه عنها، كثيراً أَي يَدْخُل.
وقَمَأْتُ بالمكان قَمْأً: دخلته وأَقَمْتُ به. قال الزمخشري: ومنه اقْتَمَأَ الشيءَ إِذا جَمَعه.
والقَمْءُ: المكان الذي تُقِيمُ فيه الناقةُ والبَعِيرُ حتى يَسْمَنا، وكذلك المرأَةُ والرَّجلُ.
ويقال قَمَأتِ الماشيةُ بمكان كذا حتى سَمِنَتْ.والقَمْأَةُ: المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ، وجَمْعُها القِمَاءُ.ويقال: المَقْمَأَةُ والمَقْمُؤَةُ، وهي المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ. أَبو عمرو: المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ: المكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ.
وقال غيره: مَقْناة، بغير همز.
وإِنهم لفي قَمْأَةٍ وقُمْأَةٍ على مثال قُمْعةٍ، أَي خِصْب ودَعةٍ.
وتَقَمَّأَ الشيءَ: أخذ خِياره، حكاه ثعلب، وأَنشد لابن مقبل: لقد قَضَيْتُ، فلا تَسْتَهْزِئَا، سَفَهاً * مـما تَقَمَّأْتُه مِنْ لَذَّةٍ، وطَرِي وقيل: تَقَمَّأْته: جمعتُه شيئاً بعد شيءٍ.
وما قامَأَتْهُم الأَرضُ: وافَقَتْهُم، والأَعرف ترك الهمز.
وعَمْرُو بن قَمِيئةَ: الشاعِرُ، على فَعِيلة. الأَصمعي: ما يُقامِينِي الشيءُ وما يُقانِينِي أَي ما يُوافِقُنِي، ومنهم من يهمز يُقاميني.
وتَقمَّأْتُ المكانَ تَقَمُّؤاً أَي وافقَني، فأَقَمْتُ فيه.

وبص (لسان العرب) [0]


الوبِيصُ: البَرِيقُ؛ وبَصَ الشيءُ يَبِصُ وَبْصاً ووَبِيصاً وبِصَةً: بَرَقَ ولمَع، ووبَصَ البرقُ وغيره؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:إِذا شَبّ للْمَرْوِ الصِّغارِ وَبِيصُ وفي حديث أَخْذِ العهد على الذُّريّة: وأَعْجَبَ آدمَ وَبِيصُ ما بين عَيْنَيْ داود، عليهما السلام؛ الوبِيصُ: البَريقُ، ورجل وَبّاصٌ: برّاق اللون؛ ومنه الحديث: رأَيت وَبِيصَ الطيِّبِ في مَفارِقِ رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو مُحْرِمٌ أَي بَرِيقَه؛ ومنه حديث الحسن: لا تَلْقَى المؤمن إِلا شاحِباً ولا تَلْقَى المُنافِقَ إِلا وَبّاصاً أَي برّاقاً.
ويقال: أَبْيَضُ وابِصٌ ووَبّاصٌ؛ قال أَبو النجم: عن هامةٍ كالحَجَرِ الوَبّاصِ وقال أَبو العزيب النصري: أَما تَرَيْنِي اليومَ نِضْواً خالصا، أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ . . . أكمل المادة وَابِصَا؟ أَبو حنيفة: وبَصَتِ النارُ وَبِيصاً أَضاءتْ.
والوابِصةُ: البَرْقةُ.
وعارض وَبّاصٌ: شديدُ وَبِيصِ البَرْق.
وكل بَرّاقٍ وَبَّاصٌ ووابصٌ.
وما في النار وَبْصةٌ ووابِصةٌ أَي جمرة.
وأَوْبَصَت نارِي: أَضاءت، زاد غيره: وذلك أَول ما يظهر لَهَبُها.
وأَوْبَصَت النارُ عند القَدْح إِذا ظهرت. ابن الأَعرابي: الوَبِيصةُ والوابِصةُ النار.
وأَوْبَصت الأَرضُ: أَول ما يظهرمن نباتها.
ووَبَّصَ الجِرْوُ تَوْبِيصاً إِذا فتح عينيه.
ورجل وابِصةُ السَّمْع: يعتمد على ما يقال له، وهو الذي يُسَمَّى الأُذُنَ، وأَنَّث على معنى الأُذُن، وقد تكون الهاء للمبالغة.
ويقال: إِن فلاناً لوَابِصةُ سَمْعٍ إِذا كان يَثِق بكل ما يسمعه، وقيل: هو إِذا كان يسمع كلاماً فيعتمد عليه ويظنُّه ولمَّا يَكُنْ على ثِقَة، يقال: وابِصةُ سَمع بفلان ووابِصةُ سَمع بهذا الأَمر؛ ابن الأَعرابي: هو القَمَرُ (* قوله: هو القمر؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد: الوبّاص هو القمر: هكذا في سائر المعاجم.).
والوَبَّاصُ ووَبْصانُ: شهر ربيع الآخر (* قوله «وبصان شهر ربيع الآخر» هو بفتح الواو وضمها مع سكون الباء فيهما.)؛ قال: وسِيّانِ وَبْصانٌ، إِذا ما عَدَدْته، وبُرْكٌ لَعَمْري في الحِسَاب سَواءُ وجمعه وَبْصاناتٌ.
ووابِصٌ ووابِصةُ: اسمان.
والوَابِصةُ: موضع.

عمد (الصّحّاح في اللغة) [0]


العَمودُ: عَمودُ البيت؛ وجمع القلَّة أعمِدَةٌ، وجمع الكثرة عَمَدٌ وعمدٌ.
وقرئ بهما قوله تعالى: "في عُمُدٍ مُمَدَّدَةٍ" يقال: خِباءٌ معَمَّدٌ.
وسطعَ عَمود الصبح.
والعِمادُ: الأبنية الرفيعة، تذكَّر وتؤنَّث. قال الشاعر عمرو بن كلثوم:
على الأحفاضِ نمنع من يلينا      ونحن إذا عِمادُ الحيِّ خـرَّت

والواحدة عِمادَةٌ.
وفلانٌ طويلُ العِمادِ، إذا كان منزله مَعْلَماً لزائريه.
وعَمَدْتُ للشيء أعْمِدُهُ عمْداً: قصدت له، أي تَعَمَّدتُ، وهو نقيض الخطأ.
وفعلت ذلك عَمداً على عينٍ، وعَمْدَ عينٍ، أي بجدٍّ ويقين. قال خُفاف بن ندبة:
فعَمْداً على عينٍ تيمَّمْتُ مالِكا      إن تكُ خيْلي قد أصيبَ صَميمُها

وعَمدْتُ الشيءَ فانْعَمَدَ، أي أقمته بعِمادٍ يَعْتَمِد عليه.
وأعْمَدْتُهُ: جعلت تحته عَمَداً.
وعَمَدَهُ المرضُ، أي فدحَه.
ورجلٌ مَعْمودٌ وعَميدٌ، . . . أكمل المادة أي هدَّه العشق.
وقولهم: أنا أعْمَدُ من كذا، أي أعجب منه.
ومنه قول أبي جهل: أعْمَدُ من سيِّدٍ قتله قومه.
والعرب تقول: أعْمَدُ من كيْلٍ مُحِقٍّ، أي هل زاد على هذا.
وقولهم: حملَه على عَمودِ بطنِهِ، أي على ظهره.
وعَميدُ القومِ وعَمودُهُمْ: سيِّدهم.
والعُمْدَةُ: ما يُعتمد عليه.
واعْتَمَدْتُ على الشيء: اتَّكأتُ.
واعْتَمَدْتُ عليه في كذا، أي اتَّكأتُ عليه.
وعَمِدَ الثرى بالكسر يعْمَدُ عَمَداً، إذا بلَّلَهُ المطر، وذلك إذا قبضتَ على شيءٍ منه تعَقَّدَ واجتمع من نُدُوَّتِهِ. قال الراعي يصف بقرة:
ريحَ المباءةِ تَخْذي والثرى عَمِـدُ      حتَّى غَدت في بياضِ الصُبْحِ طيَّبَةً

ويقال أيضاً: عَمِدَ البعيرُ، إذا انفضح داخل سنامه من الركوب وظاهره صحيح، فهو بعيرٌ عَمِدٌ. قال لبيد يصف مطراً أسال الأودية:
من البقَّارِ كالعَمِدِ الثَقالِ      فباتَ السيلُ يركبُ جانبَيْهِ

 قال الأصمعيّ: يعني أنَّ السيل يركب جانبيه سحابٌ كالعَمِدِ، أي أحاط به سحابٌ من نواحيه بالمطر.

البَرْحُ (القاموس المحيط) [0]


البَرْحُ: الشِدَّةُ، والشَّرُّ،
وع باليَمَنِ.
ولَقِيَ منه بَرْحاً بارحاً: مُبالَغَةٌ.
ولَقِيَ منه البُرَحينَ، وتُثَلَّثُ الباءُ، أي: الدَّواهِيَ والشَّدائِدَ.
وبُرْحَةٌ من البُرَحِ، أي: ناقَةٌ من خِيارِ الإِبِلِ.
والبارِحُ: الرِّيحُ الحارَّةُ في الصَّيْفِ،
ج: بَوارِحُ،
و~ من الصَّيْدِ: ما مَرَّ من مَيامِنِكَ إلى مَياسِرِكَ،
كالبَرُوحِ والبَرِيحِ.
والبارِحَةُ: أقْرَبُ لَيْلَةٍ مَضَتْ.
وبُرَحاءُ الحُمَّى وغيرها: شِدَّةُ الأَذى، ومنه: بَرَّحَ به الأَمْرُ تَبْريحاً.
وتباريحُ الشَّوْقِ: تَوَهُّجُهُ.
وكسَحابٍ: المُتَّسِعُ من الأرضِ لازَرْعَ بها ولاشَجَرَ، والرَّأيُ المُنْكَرُ،
و~ الأَمْرِ: البَيِّنُ، وأمُّ عُثْوارَةَ بنِ عامِرِ بنِ لَيْثٍ،
ومصْدَرُ بَرِحَ مكانَه، كسَمِعَ: زَالَ عنه، وصارَ في البَراحِ.
وقولُهُمْ لا بَراحَ: كقَولِهِم لا ريْبَ، ويَجوزُ رَفْعُهُ، فَتكونُ"لا" بِمَنْزِلَةِ ليسَ.
. . . أكمل المادة وبَرِحَ الخَفاءُ، كسَمِعَ: وضَحَ الأَمْرُ.
وكنَصَرَ: غَضِبَ،
و~ الظَّبْيُ بُرُوحاً: ولاَّك مَياسِرَهُ ومَرَّ.
وأبْرَحَهُ: أعْجَبَهُ، وأكْرَمَهُ، وعَظَّمَهُ.
ويقالُ للأَسَدِ وللشُّجاعِ: حَبيلُ بَراحٍ، كأنَّ كُلاًّ منهما شُدَّ بالحِبالِ فلا يَبْرَحُ،
و"إنما هو كبارِحِ الأَرْوى": مَثَلٌ للنَّادِرِ، لأِنها تَسْكُنُ قُنَنَ الجِبالِ، فلا تَكادُ تُرَى بارِحَةً ولا سانِحَةً إلاَّ في الدُّهورِ مَرَّةً.
والبَيْروحُ: أصلُ اللُّقَّاحِ البَرِّيِّ، شَبيهٌ بِصُورَةِ إنسانٍ، ويُسْبِتُ، وإذا طُبخَ به العاجُ سِتَّ ساعاتٍ لَيَّنَهُ، ويُدْلَكُ بِوَرَقِهِ البَرَشُ أُسْبوعاً فَيُذْهِبُهُ بلا تقْريحٍ.
وبَيْرَحُ بنُ أَسَدٍ: تابِعيُّ.
وبَيْرَحَى، كفَيْعَلَى: أرضٌ بالمَدينةِ، ويُصَحِّفُها المُحَدِّثونَ: بِئْرَحاءٍ.
وأمْرٌ بِرَحٌ، كعِنَبٍ: مُبَرِّحٌ.
وبارِحُ بنُ أحمدَ بنِ بارحٍ الهَرَوِيُّ: مُحَدِّثٌ.
وسَوادَةُ بنُ زِيادٍ البُرْحِيُّ، بالضم، والقاسِمُ بنُ عبدِ اللّهِ البَرَحِيُّ، مُحَرَّكةً: مُحدِّثانِ.
وابنُ بَريحٍ، (كأَميرٍ): الغُرابُ، والدَّاهِيةُ،
كبِنْتِ بارِحٍ.
وكَزُبَيْرٍ: أبو بَطْنٍ.
وبِرْحٌ، كهِنْدٍ، ابنُ عُسْكُرٍ، كبُرْقُعٍ: صَحابِيُّ.
وبَريحٌ، كأَميرٍ، ابنُ خُزَيْمَةَ: في نَسَبِ تَنوخَ.
وبَرْحى: كَلِمة تُقالُ عِنْدَ الخَطَأ في الرَّمْيِ، ومَرْحَى عِنْدَ الإِصابَةِ.
وصَرْحةً بَرْحَةً، في الصَّادِ.

الرَّوْعُ (القاموس المحيط) [0]


الرَّوْعُ: الفَزَعُ،
كالارْتِيَاعِ والتَّرَوُّعِ،
ود باليَمنِ قُرْبَ لَحْجٍ.
والرَّوْعَةُ: الفَزْعَةُ، والمَسْحَةُ من الجَمالِ.
وهذه شَرْبَةٌ راعَ بها فُؤادي: بَرَدَ بها غُلَّةُ رُوعِي.
وراعَ: أفْزَعَ،
كروَّعَ، لازِمٌ مُتَعَدّ،
و~ فلاناً: أعْجَبَه،
و~ في يدي كذا: أفادَ،
و~ الشيءُ يَرُوعُ ويَريعُ رُواعاً، بالضم: رَجَعَ.
ورائِعَةُ: مَنْزِلٌ بين مكةَ والبَصْرَةِ، أو هو ماءٌ لبني عُمَيْلَةَ بين إمَّرَةَ وضَرِيَّةَ، أو هو بالباءِ المُوَحَّدَةِ.
ودارُ رائِعَةَ: بمكة فيه مَدْفَنُ آمِنَةَ أُمِّ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم.
ورائِعٌ: فِناءٌ من أفْنِيَة المدينة.
وكشَدّادٍ: الرَّوَّاعُ بنُ عبدِ المَلِكِ، وسُليمانُ بنُ الرَّوّاعِ الخُشَنِيُّ، وأحمدُ . . . أكمل المادة بن الرَّوّاعِ المِصْريُّ، المُحَدِّثُونَ، وامرأةٌ شَبَّبَ بها رَبيعةُ بنُ مَقْرومٍ، أو هي كغُراب.
وأبو رَوْعَةَ الجُهَنِيُّ: وفَدَ على النبِيّ، صلى الله عليه وسلم.
والرُّوعُ، بالضم: القَلْبُ، أو مَوْضِعُ الفَزَعِ منه، أو سَوادُه، والذِّهنُ، والعَقْلُ، ومنه الحديثُ:
"أفْرَخَ رُوْعُكَ من أدْرَكَ إفاضَتَنا هذه فقد أدْرَكَ" يعني الحَجَّ أي: خَرَجَ الفَزَعُ من قَلْبِكَ،
ويُرْوَى: رَوْعُكَ بالفتح، أو هي الرِّوايةُ فقطْ، أي: زالَ عنكَ ما تَرْتاعُ له وتَخافُ، وذَهَبَ عنكَ، وانْكَشَفَ، كأَنه مأخُوذٌ من خُروجِ الفَرْخِ من البَيْضَةِ.
وفي حديثِ مُعاوِيَةَ إلى زِيادٍ: لِيُفْرِخْ رُوعُكَ، بالضم، أي: أخْرِجِ الرَّوْعَ عن رُوعِكَ، يقالُ: أفْرَخَتِ البَيْضَةُ إذا خَرَجَ الفَرْخُ منها، والرَّوْعُ: الفَزَعُ، والفَزَعُ لا يَخْرُجُ من الفَزَعِ، إنما يَخْرُجُ من مَوْضِعِ الفَزعِ وهو الروعُ، بالضم، ويقالُ: أفْرِخْ روعَكَ على الأمرِ، أي: اسْكُنْ، وأْمَنْ.
وناقةٌ رُوَاعَةُ الفُؤَادِ،
ورُواعُه، بضمهما: شَهْمَةٌ ذَكِيَّةٌ.
والرَّوْعاءُ: الفرسُ، والناقةُ الحديدةُ الفُؤَادِ.
والأرْوَعُ: مَن يُعْجِبُكَ بحُسْنِه وجَهارَةِ مَنْظَرِهِ أو بشَجاعَتِه،
كالرائِعِ،
ج: أرْواعٌ ورُوْعٌ بالضم، والاسمُ: الرَّوَعُ محرَّكةٌ.
ورَوَّعَ خُبْزَهُ بالسَّمْنِ تَرْويعاً: رَوَّاهُ.
وأرْوِعْ بالغَنَمِ: لَعْلِعْ بها.
وهو زَجْرٌ لها.
وكمُعَظَّمٍ: مَن يُلْقَى في صَدْرِهِ صِدْقُ فِراسَةٍ، أو من يُلْهَمُ الصَّوابَ.
وتَرَوَّعَ: تَفَزَّعَ.

عمد (مقاييس اللغة) [0]



العين والميم والدال أصلٌ كبير، فروعه كثيرة ترجع إلى معنىً، وهو الاستقامة في الشيء، منتصباً أو ممتدّاً، وكذلك في الرّأي وإرادةِ الشيء.من ذلك عَمَدْتُ فلاناً وأنا أعْمِدُه عَمْداً، إذا قَصدتَ إليه.
والعَمْد: نقيض الخطأ في القتل وغيره، وإنّما سمي* ذلك عمداً لاستواءِ إرادتك إيَّاه. قال الخليل: والعَمْد: أنْ تعمِد الشّيءَ بِعمادٍ يُمسكه ويَعتمِد عليه. قال ابن دُريد: عَمَدْت الشّيء: أسندتُه.
والشَّيء الذي يسند إليه عِماد، وجمع العِماد عُمُد.
ويقال عَمودٌ وعَمَد .
والعَمود من خَشبٍ أو حديد، والجمع أعْمِدة؛ ويكون ذلك في عمد الخِبَاء.
ويقال لأصحاب الأخبية الذين لا يَنْزلون غيرَها: هم أهل عَمُودٍ، وأهلُ عِمادٍ.قال الخليل: وعَمود السِّنان: متوسّط من شَفْرَتيه من . . . أكمل المادة أصله، وهو الذي فيه خَطُّ العَيْر.
ويقال لرِجْلَي الظَّليم: عمودان.
وعَمُود الأمر: قِوَامه الذي لا يستقيم إلاَّ به.
وعَميد القوم: سيِّدهم ومُعْتَمَدُهم الذي يعتمِدونه إذا حَزَبهم [أَمرٌ] فزِعوا إليه.
وعَمود الأذن: مُعظَمها وقِوامها الذي ثبتت إليه. فأمّا قولُهم للمريض عَميد، فقال أهل اللغة: العَميد: الرجل المعمود، الذي لا يستطيع الجلوسَ من مرضه حتى يُعْمَد من جوانبه بالوسائد. قالوا: ومنه اشتُقَّ القَلب العميد، وهو المعمود المشعوف الذي هدّه العِشْق وكَسَرَه، وصار كالشيء عُمِدَ بِشيء. قال الأخطل:
بانت سُعادُ فنومُ العين تسهيدُ      والقلب مكتئبٌ حرّانُ مَعْمودُ

ويقال: عَميد، ومعمود، ومُعَمَّد . قال الخليل: العَمْد: أن تكابِد أمراً بِجِدٍّ ويقِين. تقول: فعلت ذلك عَمْداً وَعَمْدَ عينٍ، وَتعمَّدت لـه وفعلته مُعتمِداً، أي متعمِّداً.ومن الباب: السَّنَام العَمَِدُ [عَمِدَ] يَعْمَد عَمَداً.
وهذا محمولٌ على ما ذكرناه من قولهم: قلبٌ عميد ومعمود، وذلك السَّنامُ إذا كان ضَخْماً وارياً فحُمِل عليه فكُسِر ومات فيه شحمُه فلا يستوي أبداً –والواري: السمين – كما يَعْمَد الجُرحُ إذا عُصِر قبل أن تَنْضَج بيضتُه فيَرِمَ، وبعيرٌ عَمِدٌ، وناقةٌ عَمِدةٌ، وسَنامُها عَمِد.فأمّا قوله تعالى: في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [الهمزة 9]، أي في شِبْه أخبيةٍ من نار ممدودة.
وقال بعضهم:في عَمَد وقرئت في عُمُد وهو جمع عِماد.وقال المبرّد: رجل مُعمَد، أي طويل.
والعِماد: الطُّول. قال الله تعالى: إرَمَ ذَاتِ العِماد [الفجر 7]، أي ذات الطُّول.
وفي الحديث : "هو رفيع العماد، طَويل النِّجَاد". قال أبو عبيد: عَمَدْتُ الشيء: أقمته، فهو معمود.
وأعْمدته بالألف إعماداً، أي جعلت تحته عَمَداً.
ومن الباب: العُمُدّ، الدال شديدة والعين والميم مضمومتان: الشابُّ الممتلئ شباباً.
وهو العُمُدَّانيّ، والجمع العُمُدَّانيُّون.
وامرأةٌ عمُدَّانيّة، أي ذات جسمٍ وعَبالة.
ومن الباب العَمود: عِرق الكَبِد الذي يَسقيها.
ويقال للوَتين: عَمود السَّحْر. قال: وعمود البطن: شِبْهُ عِرقٍ ممدود من لَدُن الرُّهابة إلى دُوَيْن السُّرَّة في وسطه يُشقُّ عن بطن الشاة.
ويقولون أيضاً: إنَّ عمودا البَطْن: الظَّهر والصُّلب؛ وإنما قيل عَمودَا البطنِ لأنّ كل واحدٍ منهما معتمِد على الآخر.ومن الباب: ثرَىً عَمِدٌ، وذلك إذا بلّته الأمطار. قال:
وهل أَحْطِبَنَّ القومَ وهي عرِيّةٌ      أُصولَ أَلاَءٍ في ثَرَىً عَمِدٍ جَعْدِ

قال أبو زيد: عَمِدَت الأرض عَمَداً، أي رسخ فيها المطر إلى الثَّرَى حتى إذا قبضْتَ عليه تعقَّدَ في كفِّكَ وجَعُد.
ويقولون: الزمْ عُمْدَتَك، أي قَصْدَك.قد مضى هذا الباب على استقامةٍ في أصوله وفروعه، وبقيت كلمةٌ، أما نحن فلا ندري ما معناها، ومن أي شيء مأخذها، وفيما أحسب إنّها منالكلام الذي دَرَجَ بذَهاب مَن كان يحسِنُه، وذلك قولهم: إنَّ أبا جهل لما صُرِعَ قال : "أعْمَدُ من سيّدٍ قتله قومُه"، والحديث مشهور. فأما معناه فقالوا: أراد: هل زادَ على سيِّدٍ قتله قومُه ؟ ومعلومٌ أن هذه اللفظة لا تدلُّ على التفسير ولا تقاربه، فلستُ أدري كيف هي.
وأنشدوا لابن مَيّادة :
وأَعْمَدُ من قومٍ كفاهم أخوهمُ      صِدَامَ الأعادِي حين فُلَّتْ نُيُوبُها

قالوا: معناه هل زِدْنا على أنْ كفَيْنا إخوتَنا . فهذا ما قيل في ذلك.
وحُكي عن النَّضْر أنّ معناها أعجَبُ من سيّدٍ قتله قومُه. قال: والعرب تقول: أنا أعمَدُ من كذا، أي أعجب منه.
وهذا أبعد من الأوَّل.
والله أعلم كيف هو.

فَلَقَهُ (القاموس المحيط) [0]


فَلَقَهُ يَفْلِقُه: شَقَّهُ،
كفَلَّقَهُ فانْفَلَقَ وتَفَلَّقَ.
وفي رِجْلِهِ فُلوقٌ: شُقوقٌ.
و{فالِقُ الحَبِّ}: خالقُهُ أو شاقُّهُ بِإِخْراجِ الوَرَقِ منه.
والفالِقُ: ع لِبَني كِلابٍ، به مُوَيْهَةٌ، والنَّخْلَةُ المُنْشَقَّةُ عنِ الطَّلْعِ.
والفَلْقَةُ: هذه السِّمَةُ: oo تَحْتَ أُذُنِ البَعيرِ، وهو مَفْلوقٌ.
والفَلْقُ: نَزْعُ صوف الجلْدِ ط إذا أصِلَ ط كالمَرْقِ.
وكَلَّمَني مِن فِلْقِ فيه، بالكَسر ويُفْتَحُ: مِن شِقِّهِ.
والفِلْقُ، بالكَسْرِ: الدَّاهِيَةُ،
كالفِلْقَةِ والفَليقِ والفَليقَةِ والمَفْلَقَةِ والفَلْقَى، كسَكْرَى،
وة باليَمامَةِ، والأَمْرُ العَجَبُ، وقَوْسٌ تُتَّخَذُ مِن نِصْفِ عُودٍ، والقَضيب يُشَقُّ بِاثْنَيْنِ، فكُلُّ شِقٍّ: فِلْقٌ، وبهاءٍ: الكِسْرَةُ،
و~ منَ الجَفْنَةِ: نِصْفُها.
والفَلَقُ، مُحرَّكةً: الصُّبْحُ، . . . أكمل المادة أو ما انْفَلَقَ مِن عَمودِهِ، أوِ الفَجْرُ، والخَلْقُ كُلُّهُ، وجَهَنَّمُ، أو جُبٌّ فيها، والمُطْمَئِنُّ من الأرْضِ بينَ رَبْوَتَيْنِ،
ج: فُلْقانٌ، بالضَّمِّ،
كالفالِقِ والفالِقَةِ، أو الفَضاءُ بَيْنَ شَقيقَتَيْنِ مِنْ رَمْلٍ، ومَقْطَرَةُ السَّجَّانِ، وهيَ خَشَبَةٌ فيها خُروقٌ على قَدْرِ سَعَة السَّاقِ، يُحْبَسُ فيها الناسُ على قِطارٍ، وما يَبْقَى من اللَّبَنِ في أسْفَلِ القَدَحِ، ومنه يقالُ: يا ابنَ شَارِبِ الفَلَقِ، والشَّقُّ في الجَبَلِ،
كالفالِقِ،
و~ من اللَّبَنِ: المُنْقَطِعُ حُمُوضَةً،
كالمُتَفَلِّقِ،
وة باليَمنِ بِعَثَّرَ.
وأفْلَقَ الشاعرُ: أتَى بالعَجيبِ،
كافْتَلَقَ.
وجاء بعُلَقَ فُلَقَ، كزُفَرَ ويُنَوَّنانِ، أي: الداهيةِ، تقولُ منه أعْلَقَ وأفْلَقَ.
وكأَميرٍ: الأمرُ العَجَبُ،
وة بالطائِفِ،
وعِرْقٌ يَنْشَأُ في العُنُقِ، وعِرْقٌ في العَضُدِ، أو المَوْضِعُ المُطْمَئِنُّ في جِرانِ البعيرِ عندَ مَجْرَى الحُلْقومِ.
وكالقُبَّيْطِ: خَوْخٌ يَتَفَلَّقُ عن نَواهُ.
والمُفَلَّقُ منه، كمُعَظَّمٍ: المُجَفَّفُ.
والفَيْلَقُ، كصَيْقَلٍ: الجَيْشُ،
ج: فيالِقُ، والرجُلُ العظيمُ.
وتَفَيْلَقَ: ضَخُمَ وسَمِنَ، واجْتَهَدَ في العَدْوِ حتى أُعْجِبَ من شِدَّتِه،
كَتَفَلَّقَ وافْتَلَقَ.
ورجُلٌ مِفْلاقٌ: دنيءٌ رَذْلٌ قليلُ الشيءِ.
وكعِنَبٍ: ة بنيسابورَ.
ولَبَنٌ فُلاقٌ كغُرابٍ وصَبورٍ: مُتَجَبِّنٌ.
وفِلاقُ اللَّبَنِ، بالكسر: أن يَخْثُرَ ويَحْمُضَ حتى يَتَفَلَّقَ.
وصارَ البَيْضُ فِلاقاً، بالكسرِ والضم،
وأفْلاقاً، أي: مُتَفَلِّقاً.
وفُلاقَة آجُرٍّ، كثُمامَةٍ: قطْعَةٌ منه،
ج: فُلاقٌ.
وشاةٌ فَلْقاءُ الضَّرَّةِ: واسِعَتُها.
وكسَفينةٍ: القَليلَةُ من الشَّعَرِ.
وكانَ ذلك بِفالِقِ كذا: يريدونَ المَكانَ المُنْحَدِرَ بين الرَّبْوَتَيْنِ.
وكعثمانَ: الكَذِبُ الصُّراحُ.

ثَمَّهُ (القاموس المحيط) [0]


ثَمَّهُ: وَطِئَهُ،
كثَمَّمَهُ، وأصْلَحَهُ، وجَمَعَهُ، وفي الحَشيش أكْثَرُ اسْتِعمالاً.
والثُّمَّةُ، بالضم: القَبْضَةُ منه،
و~ يَدَهُ بالحَشيشِ: مَسَحَها،
و~ الشاةُ النَّبْتَ: قَلَعَتْه بفيها، فهي ثَمُومٌ،
و~ الطعامَ: أكَلَ جَيِّدَهُ ورَديئَه.
ورجلٌ مِثَمٌّ ومِقَمٌّ ومِثَمَّةٌ ومِقَمَّةٌ، بكسرهنَّ: إذا كان كذلك.
وانْثَمَّ عليه: انْثالَ،
و~ جِسْمُه: ذابَ.
ومالَهُ ثُمٌّ ولارُمٌّ، بضمِّهِما،
فالثُّمُّ: قُماشُ أساقيهم وآنِيَتِهِم، والرُّمُّ: مَرَمَّةُ البيتِ.
وثُمَّ: حَرْفٌ يَقْتَضِي ثلاثَة أُمورٍ: التَّشرْيكَ في الحُكْمِ، أو قد يَتَخَلَّفُ بأَن تَقَعَ زائدةً، كما في:
{أن لا مَلْجَأ من الله إلاَّ إليه ثم تابَ عليهم} الثاني: التَّرْتيبُ، أو لا تَقْتَضيهِ، كقولِه عَزَّ وجَلَّ: {وبَدَأ خَلْقَ الإِنْسانِ من طينٍ، ثم جعلَ نَسْلَه} الآيَة.
. . . أكمل المادة والثالِثُ: المُهْلَةُ، أو قد تَتَخَلّفُ، كقولكَ: أعْجَبَني ما صَنَعْتَ اليومَ، ثم ما صَنَعْتَ أمْسِ أعْجَبُ،
لأَنَّ ثُمَّ فيه لتَرْتيبِ الإِخْبارِ ولا تَراخِيَ بين الإِخْبارَينِ.
وثَمَّ، بالفتح: اسْمٌ يُشارُ به، بمعنى هناكَ، للمَكانِ البَعيدِ ظَرْفٌ لا يَتَصَرَّفُ.
فقولُ مَن أعْرَبَه مفعولاً لرأيتَ في {وإذا رأيتَ ثَمَّ} وهَمٌ.
ومَثَمُّ الفَرَسِ ومَثَمَّتُه: مُنْقَطَعُ سُرَّتِه.
وتَثْميمُ العَظْمِ: إبانَتُه.
والثَّمْثامُ: من إذا أخذَ الشيءَ، كسَرَه.
والثُّمامُ واليَثْموم، كغُرابٍ ويَنْبوت: نَبْتٌ م، وقد يُسْتَعْمَلُ لإِزالَةِ البياضِ من العينِ، واحِدَتُه: بهاءٍ.
وبيتٌ مَثْمومٌ: مُغَطى به.
ويقالُ لِما لاَ يَعْسُرُ تنَاوُلُه: "على طَرَفِ الثُّمامِ"، لأَنَّه لا يطولُ.
وصُخَيْراتُ الثُّمامِ: إحدى مَراحِلِه، صلى الله عليه وسلم، إلى بَدْرٍ.
وثُمامةُ بنُ أُثالٍ،
وابنُ أبي ثُمامةَ، وابنُ حَزْنٍ، وابنُ عَدِيٍّ: صحابيونَ.
وكغُرابٍ: ابنُ اللَّيْثِ مُحدِّثٌ.
والثَّمِيمةُ: التامورةُ المَشْدودةُ الرأسِ.
وكفَدْفَدٍ: كلْبُ الصَّيْدِ.
وثَمْثَمٌ العَبْدِيُّ: شاعرٌ.
ورَزِينُ ابنُ ثَمْثَمٍ الضَّبِّيُّ: قاتلُ سَهمِ بنِ أصْرَمَ.
والثِمَّةُ، بالكسر: الشيخُ.
وانْثَمَّ: شاخَ.
والثَّمْثَمَةُ: تَغْطِيَةُ رأسِ الإِناءِ، والاحْتِباسُ، يقالُ: ثَمْثِموا بنا ساعةً، وأن لا يُجادَ العَمَلُ، وأن تُشْنَقَ القِرْبَةُ إلى العَمودِ ليُحْقَنَ فيها اللبَنُ.
وهذا سَيْفٌ لا يُثَمْثَمُ نَصْلُه: لا يَنْثَني إذا ضُرِبَ به، ولا يَرْتَدُّ.
والمِثَمُّ، كمِسَنٍّ: مَن يَرْعَى على مَنْ لا راعيَ له، ويُفْقِرُ من لا ظَهْرَ له،
ويَثُمُّ ما عَجَزَ عنه الحَيُّ من أمْرِهِم.
وتَثَمْثَمَ عنه: تَوَقَّفَ.
وما تَثَمْثَمَ: ما تَلَعْثَمَ.

سوج (لسان العرب) [0]


سَاجَ سَوْجاً: ذهب وجاء؛ قال: وأَعْجَبَها، فيما تَسوجُ، عِصابَةٌ من القومِ، شِنَّخْفُونَ، غيرُ قِضافِ ابن الأَعرابي: ساجَ يَسُوجُ سَوْجاً وسُوَاجاً وسَوَجاناً إِذا سار سيراً رُوَيْداً؛ وأَنشد: غَرَّاءُ لَيْسَتْ بالسَّؤُوجِ الجَلْنَخِ أَبو عمرو: السَّوَجانُ الذهابُ والمجيءُ.
والسُّوجُ: عِلاجٌ من الطين يطبخ ويَطْلي به الحائكُ السَّدى.
والسُّوجُ: موضع.
والسَّاجُ الطَّيْلَسانُ الضخم الغليظ؛ وقيل: هو الطيلسان المقوّر ينسج كذلك؛ وقيل: هو طيلسانٌ أَخضر؛ وقول الشاعر: ولَيْلٍ تَقُولُ الناس في ظُلُماتِه، سواءٌ صحيحاتُ العُيونِ وعُورُها: كأَنَّ لنا منه بُيوتاً حَصِينةً، مُسوحاً أَعاليها، وساجاً كُسُورُها إِنما نعت بالاسمين لأَنه صيرهما في معنى الصفة، كأَنه قال: مُسْوَدَّة أَعاليها مُخْضَرَّة كُسورُها، كما قالوا مررت بسَرْجٍ خَزٍّ صِفَتُه، . . . أكمل المادة نُعِتَ بالخَزِّ وإِن كان جوهراً لما كان في معنى لَيِّنٍ.
وتصغير السَّاجِ: سُوَيْجٌ، والجمع سِيجانٌ. ابن الأَعرابي: السِّيجانُ الطيالسة السُّودُ، واحدها ساجٌ.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يلبس في الحرب من القلانس ما يكون من السِّيجانِ الخُضْرِ؛ جمع ساج، وهو الطيلسان الأَخضر؛ وقيل: الطيلسان المقوّر ينسج كذلك، كأَن القلانس تُعمل منها أَو من نوعها؛ ومنهم من يجعل أَلفه منقلبة عن الواو، ومنهم من يجعلها عن الياء؛ ومنه حديثه الآخر: أَنه زرَّ ساجاً عليه وهو محرم فافْتَدى؛ وحديث أَبي هريرة: أَصحابُ الدجال عليهم السِّيجانُ؛ وفي رواية: كلهم ذو سيف مُحَلًّى وساج؛ وفي حديث جابر: فقام في ساجَةٍ؛ هكذا جاءَ في رواية، والمعروف بساجة، وهو ضرب من الملاحف منسوجة.
والسَّاجُ: خَشَبٌ يجلب من الهند، واحدته ساجَةٌ.
والسَّاجُ: شجر يعظم جدّاً، ويذهبُ طولاً وعرضاً، وله ورق أَمثال التِّراسِ الدَّيْلَمِيَّةِ، يتغطى الرجل بورقةٍ منه فتَكِنهُ من المطر، وله رائحة طيبة تُشابهُ رائحةَ ورق الجَوْزِ مع رقة ونَعْمَةٍ؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن الإعرابي: يقال السَّاجَةُ الخشبةُ الواحدة المُشَرْجَعَةُ المُرَبَّعَةُ، كما جلبت من الهند؛ ويقال للسَّاجَةِ التي يشق منها الباب: السَّلِيجةُ.
وسُواجٌ: جبل؛ قال رؤْبة: في رَهْوَة غَرَّاءَ من سُواجِ والسُّوجُ: موضع، والله أَعلم.

النَّفْسُ (القاموس المحيط) [0]


النَّفْسُ: الرُّوحُ، وخَرَجَتْ نَفْسُهُ،
و= : الدَّمُ،
"ما لا نَفْسَ له سائِلَةٌ لا يُنَجِّسُ الماء" والجَسَدُ، والعَيْنُ.
نَفَسْتُهُ بِنَفْسٍ: أصَبْتُهُ بعَيْنٍ.
ونافِسٌ: عايِنٌ،
و=: العِنْدُ
{تَعْلَمُ ما في نَفْسِي ولا أعلمُ ما في نَفْسِك}، أي: ما عندي وما عندك، أو حَقِيقَتِي وحَقِيقَتَك، وعَيْنُ الشيءِ جاءنِي بنَفْسِهِ، وقَدْرُ دَبْغَةٍ مما يُدْبَغُ به الأديمُ من قَرَظٍ وغيرِهِ، والعَظَمَةُ، والعِزَّةُ، والهِمَّةُ، والأنَفَةُ، والعَيْبُ، والإِرادة، والعقوبةُ، قيلَ: ومنه:
{ويُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ} وبالتحريك: واحدُ الأنْفَاسِ، والسَّعَةُ، والفُسْحَةُ في الأمرِ، والجَرْعَةُ، والرِّيُّ، والطويلُ من الكلامِ.
كَتَبَ كِتاباً نَفَساً: طويلاً.
وفي قوله: "ولا تَسُبُّوا الريح فإنها من نَفَسِ الرحمنِ"،
و"أجدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ من قِبَلِ اليمنِ": . . . أكمل المادة اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ الحَقِيقيِّ،
من نَفَّسَ تَنْفِيساً ونَفَساً، أي: فَرَّجَ تَفْرِيجاً، والمعنى: أنها تُفَرِّجُ الكَرْبَ، وتَنْشُرُ الغَيْثَ، وتُذْهبُ الجَدْبَ، وقولُه: "من قِبَلِ اليمنِ" المراد: ما تَيَسَّرَ له، صلى الله عليه وسلم، من أهلِ المَدينَةِ وهم يَمانونَ من النُّصْرَةِ والإِيواءِ.
وشَرابٌ ذو نَفَسٍ: فيه سَعَةٌ ورِيٌّ.
وغيرُ ذي نَفَسٍ: كَريهٌ آجِنٌ، إذا ذاقَهُ ذائِقٌ، لم يَتَنَفَّسْ فيه.
والنافِسُ: خامِسُ سِهامِ المَيْسِرِ.
وشيءٌ نَفِيسٌ ومَنْفُوسٌ ومُنْفِسٌ، كمُخْرِجٍ: يُتَنَافَسُ فيه، ويُرْغَبُ، وقد نَفُسَ، ككَرُمِ، نَفَاسَةً ونِفاساً ونَفَساً.
والنَّفِيسُ: المالُ الكثيرُ.
ونَفِسَ به، كفرحَ: ضَنَّ،
و~ عليه بخَيْرٍ: حَسَدَ،
و~ عليه الشيءَ نَفَاسةً: لم يَرَهُ أَهْلاً له.
والنِّفاسُ، بالكسر: وِلاَدَةُ المرأةِ، فإذا وضَعَتْ،
فهي نُفَساءُ، كالثُّؤَباءِ،
ونَفْساءُ، بالفتح ويُحَرَّكُ
ج: نُفَاسٌ ونُفُسٌ ونُفْسٌ، كجِيادٍ ورُخالٍ نادراً، وكُتُبٍ وكُتْبٍ، ونَوافِسُ ونُفَساواتٌ.
وليس فُعَلاءُ يُجْمَعُ على فِعَالٍ غَيْرَ نُفَساءَ وعُشَراءَ وعلى فُعالٍ غيرَها.
وقد نَفِسَتْ، كسمعَ وعُنِيَ، والوَلَدُ مَنْفُوسٌ، وحاضَتْ، والكسرُ فيه أكثَرُ.
ونَفيسُ بنُ محمدٍ: من مَوالِي الأنْصَارِ، وقَصْرُهُ على مِيلَيْنِ من المَدِينَةِ.
ولَكَ نُفْسَةٌ، بالضم: مُهْلَةٌ.
ونَفُوسَةٌ: جِبالٌ بالمغرب.
وأنْفَسَهُ: أعْجَبَهُ،
و~ في الأمرِ: رغَّبَهُ.
ومالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفَسٌ: كثيرٌ.
وتَنَفَّسَ الصُّبْحُ: تبَلَّجَ،
و~ القوْسُ: تصدَّعَتْ،
و~ المَوْجُ: نَضَحَ الماءَ،
و~ في الإِناءِ: شَرِبَ من غيرِ أن يُبِينَهُ عن فيه، وشَرِبَ بِثلاثةِ أنْفَاسٍ، فأبانَهُ عن فيه في كُلِّ نَفَسٍ، ضِدٌّ.
وفي الحديثِ أنه صلى الله عليه وسلم: "كانَ يَتَنَفَّسُ في الإِناء"، و:نَهَى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء".
ونافَسَ فيه: رَغِبَ على وَجْهِ المُبارَاةِ في الكَرَمِ،
كتَنَافَسَ.

لبن (الصّحّاح في اللغة) [0]


اللَبَنُ: اسم جنسٍ، والجمع الألبانُ.
واللَبَنُ أيضاً: وجعٌ في العنق من الوسادة.
وقد لَبِنَ الرجل بالكسر.
ويقال أيضاً: لَبِنَتِ الشاة لَبَناً، أي غَزُرَتْ.
وناقةٌ لَبِنَةٌ: غزيرةٌ. أبو زيد: اللَبونُ من الشاء والإبل: ذات اللَبَنِ، غزيرةً كانت أم بكيئةً، وجمعها لِبْنٌ ولُبْنٌ عن يونس. يقال: كم لُبْنُ غنمك، أي ذوات الدَرِّ منها. قال: فإذا قصدوا قصد الغزيرة قالوا: لَبِنَةٌ، وقد لَبِنَتْ لَبَناً.
وقال الكسائي: إنَّما سمع كم لِبْنُ غنمك? أي كم رِسْلُ غنمك.
وابنُ اللَبونِ: ولد الناقة إذا استكمل السنة الثانية ودخَل في الثالثة، والأنثى ابنة لَبونٍ، لأنَّ أمَّه وضعت غيره فصار لها لَبَنٌ.
ولَبَنْتُهُ ألْبِنُهُ: سقَيتُه اللبن، فأنا لابِنٌ. يقال: نحن نَلْبُنُ جيراننا، أي نسقيهم اللَبَنَ . . . أكمل المادة ولبنه بالعصا يلبنه بالكسر لبناً إذا ضربه بها يقال: لبنه ثلاث لبنات.
ولَبَنَهُ بصخرة، ضربه بها.
ورجلٌ لابِنٌ أيضاً: أي ذو لَبَنٍ، كقولك: تامرٌ، أي ذو تمرٍ. قال الحطيئة:
نَّكَ لابِنٌ بالصيف تامِرْ      وغَرَرْتَني وزَعَمْـتَ أَ

وأَلْبَنَ القومُ: كثُر عندهم اللَبَنُ.
وألْبَنَتِ الناقة: نزل لَبَنُها في ضَرعها، فهي مُلْبِنٌ.
وقال:
      أعْجَبَها إذ أَلْبَنَتْ لِبانُهْ

وفرسٌ مَلْبونٌ ولَبينٌ: ربِّيَ باللَبَنِ.
وقومٌ مَلْبونونَ، إذا ظهر منهم سفهٌ يصيبهم من ألبان الإبل، مثل ما يصيب أصحاب النَبيذ.
ويقول: هذا عُشب مَلْبَنَةٌ بالفتح، أي يكثُر عليه لبنُ الشاة.
وجاء فلانٌ يَسْتَلْبِنُ، أي يطلب لَبَناً لعياله أو لضيفانه.
واللَبِنَةُ: التي يُبنى بها، والجمع لَبِنٌ. قال ابن السكيت: من العرب من يقول لِبْنَةٌ ولِبْنٌ.
ولَبَّنَ الرجل تَلبيناً، إذا اتَّخذه، والمِلْبَنُ: قالب اللَبِنِ.
والمِلْبَنُ: المِحْلَبُ.
ولَبِنَةُ القميص: جُرُبَّانُهُ.
والتَلَبُّنُ: التَلَدُّن، وهو التمكٌّن والتلبُّث.
والمُلَبَّنُ بالتشديد: الفلاتَجُ، وأظنُّه مولَّداً.
واللِبانُ بالكسر، كالرضاع، يقال: هو أخوه بلِبانِ أمّه. قال ابن السكيت: ولا يقال بلبَن أمّه، إنَّما اللَبَنُ الذي يُشرب من ناقة أو شاةٍ أو بقرة. قال كميت يمدح مخلد ابن يزيد:
      تنازَعا فيه لِبانَ الثَديَيْن

تنازَعا فيه لِبانَ الثَديَيْن 

واللَبانُ بالفتح: ما جرى عليه اللَبَبُ من الصدر.
واللُبانُ بالضم: الكُنْدُرُ.
واللُبانَةُ: الحاجةُ.
واللُبْنى: شجرة لها لبنٌ كالعسل، وربَّما يُتبخَّر به.

هجنف (العباب الزاخر) [0]


الهَدَفُ: كل شيء مرتفع من بناء أو كثيب رمل أو جبل، ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنّه كان إذا مرَّ بهدف مائل أو صدف مائل أسرع المَشي.
ومنه سُمِّي الغرض هدَفاً، وبه شُبِّه الرجل العظيم، قال أبو ذُؤيبٍ الهُذلي:
إذا الهَدَفُ المِعْزَابُ صَوَّبَ رَأْسَهُ      وأعْجَبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ

وقال السُّكري: الهَدف من الرجال: الثقيل النوم الوَخْم الذي لا خير فيه. وقال ابن عبّاد: تدعى النعجة للحلب فيقال: هَدَفْ هدفْ. وفي النوادر: هل هدَفَ إليكم هادِفٌ أو هَبَشَ هابشٌ؟: يَسْتخبره هل حدث ببلده أحد سوى من كان به. ويقال: جاءت هادِفةٌ من ناس وداهِفَةٌ: أي جماعة. والهِدْفَة: القِطْعة من الناس والبيوت، . . . أكمل المادة مثل الخِبْطة، يُقيمون في مواضعهم. وقال ابن عبّاد: هَدَفوا إلى موضع كذا: دخلوا إليه. وهَدَفَ للخمسين: قارَبها. وهَدَفَ يَهْدِفُ: كَسِلَ وضَعُفَ. وقال غيره: الهِدْفُ -بالكسر-: الجَسيْم. وأهْدَفَ على التل: أشْرَف عليه. وامرأة مُهْدِفَة: أي لَحِيْمَة. وأهْدَفَ إليه: لَجأ. وقال شَمِر: الإهْدَافُ: الدُّنوُّ من الشيء والاستقبال له والانْتِصاب، يُقال: أهْدَفَ القومُ: إذا قَرُبُوا. وأهْدَفَ له الشيء: إذا اعْرَض واسْتَدَفَّ، كالهَدَفِ للرّامي.
ومنه قول عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنه-: لقد أهْدَفْتَ لي يوم بدر فَصِفْتُ عنك، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: لكنك لو أهْدَفْتَ لي لم أصِف عنك.
ومنه حديث الزّبير: أنه اجتمع هو وعمرو بن العاص -رضي الله عنهما- في الحِجر، فقال الزُّبير: أما والله لقد كُنت أهْدَفْت لي يوم بدر لكني استبقيتُك لمثل هذا اليوم، نفقال عمرو: وأنت والله نلقد كُنت أهدفْت لي وما يَرني أن لي مثل ذلك بفَرَّتي منك.
وقال بعضهم: لمّا أهْدَفَتْ لي الكُوفة نزلت ولمّا أهْدَفَتْ لهم تَفرقوا. وكَفَلٌ مُهْدِفٌ: إذا صار كالهَدَفِ في عِظَمه وعِرضه، وأنشد ابن السكِّيت:
لها جَمِيْشٌ مُهْدِفٌ مُشْرِفٌ      مِثْلُ سَنَامِ الرُّبَعِ الكاعِرِ

واستَهْدَفَ: أي انتصب، قال جُبَيْهاء الأشجعي:
وحتّى سَمِعْنا خَشْفَ بيضاءَ جَعْدَةٍ      على قَدَمَيْ مُسْتَهْدِفٍ مُتقاصِرِ

وقال النابغة الذبياني يصف الرّكب:
وإذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مُسْتَهْدِفٍ      رابي المَجَسَّةِ بالعَبِيرِ مُقَرْمَـدِ

وشيء مُستهْدِف: أي عَرِيض. والتركيب يدل على انتِصاب وارتفاع

الطَّلُّ (القاموس المحيط) [0]


الطَّلُّ: المَطَرَ الضعيفُ، أو أخَفُّ المَطَرِ وأضْعفه، أو النَّدَى، أو فَوْقَه ودونَ المَطَرِ
ج: طِلالٌ وطِلَلٌ، كعِنَبٍ، والحَسَنُ، والمُعْجِبُ من لَيْلٍ وشَعَرٍ وماءٍ وغيرِ ذلك، واللَّبَنُ، والرجُلُ الكبيرُ سنًّا، والحَيَّةُ، ويكسرُ،
والمَطْلُ، وقِلَّةُ لَبَنِ الناقةِ، ويضمُّ، وسَوْقُ الإِبِلِ عَنيفاً، وهَدَرُ الدَّمِ، أو أن لا يُثْأرَ به،
وقد طَلَّ هو، وبالضم أكثَرُ،
وطَلَلْتُهُ أنا طَلاًّ وطُلولاً، فهو مَطْلولٌ وطَليلٌ،
وأُطِلَّ، بالضم، وأطَلَّهُ الله تعالى،
وطَلَّ دَمُهُ يَطَلُّ، ط كَيَزِلُّ ويَمَلُّ،
ط وأُطِلَّ، بالضم، فهو مُطَلُّ.
وطَلَّهُ حَقَّهُ، كَمَدَّه: نَقَصَهُ إياهُ وأبْطَلَهُ،
و~ غَريمَهُ: مَطَلَهُ.
وما بالناقةِ طَلٌّ، أي: . . . أكمل المادة طِرْقٌ.
وطَلَّ طَلالَةً، كَمَلَّ: أعْجَبَ. وطُلَّتِ الأرضُ: نَزَلَ عليها الطَّلُّ.
والطُّلاَّءُ كسُلاَّءٍ: الدَّمُ المَطْلولُ، هَمْزَتُهُ مُنْقَلبَة عن ياءٍ مُبْدَلَةٍ من لامٍ.
والطَّلَّةُ: الخَمْرُ اللذيذَةُ، والزَّوْجَةُ، واللذيذَةُ من الروائِحِ، والرَّوْضةُ بَلَّها الطَّلُّ، والعَجوزُ، والبَذِيَّةُ، والنَّعْمَةُ في المَطْعَمِ والمَلْبَسِ، وبالكسر: جمعُ طَليلٍ، للحَصير، وبالضم: العُنُقُ، والشَّرْبَةُ من اللَّبَنِ
ج: كصُرَدٍ.
والطَّلَلُ، محرَّكةً: الشاخِصُ من آثارِ الدارِ، وشَخْصُ كلِّ شيءٍ،
كالطَّلالَةِ، كسحابةٍ فيهما
ج: أطْلالٌ وطُلولٌ،
و~ من الدار: كالدُّكَّانةِ يُجْلَسُ عليها،
و~ من السفينةِ: جِلالُها،
و= الطريءُ من كلِّ شيءٍ.
ومَشَى على طَلَلِ الماءِ: على ظَهْرِه.
والطُّلُّ، بالضم: اللَّبَنُ، أو الدَّمُ.
وقولهُ:
لَبَّدَهُ ضَرْبُ الطَّلَلْ.
أراد ضَرْبَ الطَّلِّ، فَفَكَّ المُدْغَمَ، ثم حَرَّكَهُ.
ورُوِيَ بكسر الطاءِ، مَقْصوراً من الطِّلالِ، التي هي جمعُ الطَّلِّ.
وتَطالَلْتُ: تَطَاوَلْتُ فَنَظَرْتُ.
وأطَلَّ عليه: أشْرَفَ،
كاسْتَطَلَّ.
والطَّليل، كأَميرٍ: الخَلَق، والحَصيرُ، أو المَنْسوجُ من دَوْمٍ، أو من سَعَفٍ، أو من قُشورِهِ
ج: أطِلَّةٌ وطِلَّةٌ وطُلُلٌ، ككُتُبٍ.
وأطْلالُ: ناقةٌ، أو فرسٌ لبُكَيْرٍ الشَّدَّاخِيِّ، زَعَموا أنها تَكَلَّمَتْ، لَمَّا قال لها فارِسُها يومَ القادِسِيَّةِ وقد انْتَهَى إلى نَهْرٍ : ثِبِي أطْلالُ؛ فقالتِ الفَرَسُ: وثْبٌ وسُورةِ البَقَرَةِ.
والطُّلاطِلَةُ، كعُلابِطَةٍ: الدَّاهيةُ،
كالطُّلَطِلَة، والطُّلَطِلِ، ولَحْمَةٌ في الحَلْقِ، أو على طَرَفِ المُسْتَرَطِ، أَو هي سُقوطُ اللَّهاةِ حتى لا يَسوغَ له طعامٌ ولا شرابٌ، ووالِدُ مالِكٍ أَحَدُ المُسْتَهْزِئِينَ بالنبيِّ، صلى الله عليه وسلم، وداءٌ في أَصْلابِ الحُمُر يَقْطَعُها،
كالطُّلاطِلِ، بالضم والفتح، والمَوْتُ،
كالطُّلاطِلِ.
وذو طِلالٍ، ككِتابٍ: ماءٌ،
أو ع ببلادِ بني مُرَّةَ، وفرسُ أبي سَلْمَى بنِ ربيعةَ.
والطُّلاطِلُ، كعُلابِطٍ: الموت، والداءُ العُضالُ.
وكسحابةٍ: الفَرحُ والبَهْجَةُ، والحَالَةُ الحَسَنَةُ، والهيئةُ الجميلَةُ.
وكهُدْهُدٍ: المَرَضُ الدائمُ.
وطُلَيْطُلَةُ، بضم الطاءَين: د بالمَغْربِ.
وطَلَّهُ: طلاهُ وفلاناً حَقَّهُ مَنَعَهُ.
وطَلْطَلَهُ: حَرَّكَهُ.
وأمرٌ مُطِلٌّ: ليس بمُسْفِرٍ.

حيس (لسان العرب) [0]


الحَيْس: الخلط، ومنه سمي الحَيْسُ.
والحَيسُ: الأَقِطُ يخلط بالتمر والسمن، وحاسَه يَحِيسُه حَيساً؛ قال الراجز: التَّمْرُ والسَّمْنُ مَعاً ثم الأَقِطْ الحَيْسُ، إِلا أَنه لم يَخْتَلِطْ وفي الحديث: أَنه أَوْلَم على بعض نسائه بحَيْسٍ؛ قال: هو الطعام المتخذ من التمر والأَقط والسمن، وقد يجعل عوض الأَقط الدقيق والفَتِيتُ.
وحَيَّسَه: خَلَطَه واتخذه؛ قال هُنَيُّ بن أَحمر الكناني، وقيل هو لزُرافَةَ الباهلي: هل في القضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيتُمُ وأَمِنْتُمُ، فأَنا البَعِيدُ الأَجْنَبُ؟ وإِذا الكتائِبُ بالشدائِدِ مَرَّةً جَحَرَتْكُمُ، فأَنا الحبيبُ الأَقربُ؟ ولِجُنْدَبٍ سَهْلُ البلادِ وعَذْبُها، وَليَ المِلاحُ وحَزْنُهُنَّ المُجْدِبُ وإِذا تكونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لها، وإِذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ عَجَباً لِتِلْكَ قَضِيَّةً، وإِقامَتِي . . . أكمل المادة فيكمْ على تلك القَضِيَّةِ أَعْجَبُ هذا لعَمْرُكُمُ الصَّغارُ بعينهِ، لا أُمَّ لي، إِن كان ذاكَ، ولا أَبُ والحَيْسُ: التمر البَرْنِيُّ والأَقِطُ يُدَقَّان ويعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يَنْدُرَ النوى منه نَواةً نواة ثم يُسَوَّى كالثريد، وهي الوَطْبَة أَيضاً، إِلا أَن الحَيْسَ ربما جعل فيه السويق، وأَما الوطبة فلا.
ومن أَمثالهم: عاد الحَيْسُ يُحاسُ؛ ومعناه أَن رجلاً أُمِرَ بأَمر فلم يُحْكِمْه، فذمه آخر وقام ليحكمه فجاء بِشَرٍّ منه، فقال الآمر: عاد الحَيْسُ يُحاسُ أَي عاد الفاسدُ يُفْسَدُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً وقَيْسَا، ولَقِيَتْ من النكاحِ وَيْسَا، قد حِيسَ هذا الدينُ عندي حَيْسا معنى حِيسَ هذا الدين: خُلِطَ كما يُخْلَطُ الحَيْسُ، وقال مرة: فُرِغَ منه كما يُفْرَغُ من الحَيْسِ.
وقد شَبَّهَتِ العربُ بالحَيْس؛ ابن سيده: المَحْيُوسُ الذي أَحدقت به الإِماء من كل وجه، يُشَبَّه بالحَبسِ وهو يُخْلَطُ خَلْطاً شديداً، وقيل: إِذا كانت أُمه وجدّته أَمتين، فهو محيوس؛ قال أَبو الهيثم: إِذا كانت (* كذا بياض بالأصل.) . أَوجدتاه من قِبل أَبيه وأُمه أَمة، فهو المَحْيُوسُ.
وفي حديث أَهل البيت: لا يُحِبُّنا اللُّكَعُ ولا المَحْيُوسُ؛ ابن الأَثير: المَحْيُوس الذي أَبوه عبد وأُمه أَمة، كأَنه مأْخوذ من الحَيْسِ. الجوهري: الحُواسَةُ الجماعة من الناس المختلطةُ، والحُواساتُ الإِبل المجتمعة؛ قال الفرزدق: حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِناتٌ، إِذا النَّكْباءُ عارَضَتِ الشَّمالا (* روي هذا البيت في كلمة «حوس» وفيه راوحت الشمال مكان عارضت.) ويروى العَشاء، بفتح العين، ويجعل الحُواسَة من الحَوْسِ، وهو الأَكل والدَّوْسُ.
وحُواسات: أَكُولات، وهذا البيت أَورده ابن سيده في ترجمة حوس وقال: لا أَدري معناه، وأَورده الأَزهري بمعنى الذي لا يَبْرَحُ مكانة حتى يَنالَ حاجَتَه.
ويقال: حِسْتُ أَحِيسُ حَيْساً؛ وأَنشد: عن أَكْلِيَ العِلْهِزَ أَكلَ الحَيْسِ ورجل حَيُوسٌ: قَتَّالٌ، لغة في حَؤُوس؛ عن ابن الأَعرابي، واللَّه أَعلم.

أذِنَ (القاموس المحيط) [0]


أذِنَ بالشيء، كسَمِعَ، إِذْناً، بالكسر ويُحَرَّكُ، وأذاناً وأذانَةً: عَلِمَ به.
{فَأْذَنوا بحَرْبٍ}، أي: كونوا على عِلْمٍ.
وآذَنَهُ الأمْرَ،
و~ به: أعْلَمَهُ.
وأذَّنَ تَأذيناً: أكْثَرَ الإِعْلامَ،
و~ فُلاناً: عَرَكَ أُذُنَهُ، ورَدَّهُ عن الشُّرْبِ فلم يَسْقِهِ،
و~ النَّعْلَ وغيرَها: جَعَلَ لها أُذُناً.
وفَعَلَهُ بإِذْني وأذِيني: بِعِلْمي.
وأذِنَ له في الشيءِ، كسَمِعَ، إذْناً، بالكسر، وأذيناً: أباحَهُ له.
واسْتَأْذَنَهُ: طَلَبَ منه الإِذْنَ.
وأذِنَ إليه،
و~ له، كفرِحَ: اسْتَمَعَ مُعْجِباً، أو عامٌّ،
و~ لرائحةِ الطَّعامِ: اشْتهاه.
وآذَنَهُ إيذاناً: أعْجَبَهُ، ومنَعَه.
والأذُنُ، بالضم وبضمتين: م، مُؤَنَّثَةٌ،
كالأذِينِ
ج: آذانٌ، والمَقْبِضُ، والعُرْوَةُ من كلِّ شيءٍ، وجبلٌ لبني أبي بكْرِ بنِ كِلابٍ، والرَّجُلُ المُسْتَمِعُ . . . أكمل المادة القابِلُ لما يقالُ له، للواحِدِ والجَمْعِ.
ورجلٌ أُذانِيٌّ، كغرابِيٍّ،
وآذَنُ: عظيمُ الأُذُن طَويلُها، ونَعْجَةٌ أذْناءُ، وكبْشٌ آذَنُ.
وآذَنَه وأذَنَه: أصابَ أُذْنَه.
وكعُنِيَ: اشْتكاها.
وكجُهَيْنَةَ: اسمُ مَلِكِ العَماليقِ، ووادٍ.
وبنو أُذُنٍ: بَطْنٌ.
وأُذُنُ الحِمارِ: نَبْتٌ له أصلٌ كالجَزَرِ الكِبارِ، يُؤْكَلُ، حُلْوٌ.
وآذانُ الفارِ: نَبْتٌ بارِدٌ رَطْبٌ، يُدَقُّ مع سَويقِ الشَّعيرِ، فيوضَعُ على وَرَمِ العَيْنِ الحارِّ، فَيُحَلِّلُهُ.
(وآذانُ الجَدْيِ: لسانُ الحَمَلِ.
وآذانُ العبدِ: مِزْمارُ الراعي.
وآذانُ الفيلِ: القُلْقاسُ.
وآذانُ الدُّبِّ: البُوصيرُ.
وآذانُ القِسِّيسِ،
وآذانُ الأرْنَبِ،
وأُذُنُ الشاةِ: حَشائشُ).
والأذانُ والأذِينُ والتأذِينُ: النِّداءُ إلى الصلاةِ، وقد أذَّنَ تأذيناً وآذَنَ.
والأذِينُ، كأَميرٍ: المُؤَذِّنُ، وجَدُّ والدِ محمدِ ابنِ أحمدَ بنِ جعفرٍ، والزَّعيمُ، والكفِيلُ،
كالآذِنِ، والمكانُ الذي يأتيهِ الأذانُ من كلِّ ناحيةٍ.
وابنُ أذينٍ: نَديمٌ لأبي نُواسٍ.
والمِئْذَنَةُ، بالكسر: موضِعُه، أو المَنارَةُ، والصَّوْمَعَةُ.
والأذانُ: الإِقامةُ.
وتأَذَّنَ: أقْسَمَ، وأعْلَمَ.
وآذَنَ العُشْبُ: بَدأ يَجِفُّ، فبعضُه رَطْبٌ، وبعضُه يابِسٌ.
وإذَنْ: جوابٌ وجزاءٌ، تأويلُها: إن كان الأمرُ كما ذَكَرْتَ، ويَحْذِفونَ الهَمْزَةَ،
فيقولونَ: ذَنْ.
وإذا وَقَفْتَ على إِذَنْ، أبْدَلْتَ من نونِه ألفاً.
والآذِنُ: الحاجِبُ.
والأذَنَةُ، محرَّكةً: ورَقُ الحَبِّ، وصِغارُ الإِبِلِ والغَنَمِ، والتِبْنَةُ
ج: أذَنٌ.
وطَعامٌ لا أذَنَةَ له: لا شَهْوَةَ لريحِه.
ومنصورُ بنُ أذينٍ، كأَميرٍ،
وعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ أذينٍ: محدِّثانِ.
وأذَنَة، مُحرَّكةً: د قُرْبَ طَرَسوسَ، وجَبلٌ قُرْبَ مكةَ.
وكصَبورٍ: ع بالرَّيِّ.
وأُذُنا القَلْبِ: زَنَمتانِ في أعْلاهُ.
وأُذُنٌ، أو أُمُّ أُذُنٍ: قارَةٌ بالسَّماوَةِ.
ولَبِسْتُ أُذُنَيَّ له: أعْرَضْتُ عنه، أو تغافَلْتُ.
وذو الأذُنَيْنِ: أنَسُ بنُ مالِكٍ.
وجاءَ ناشِراً أُذُنَيْهِ: طامِعاً.
وسُلَيْمانُ بنُ أُذُنانِ: مُحدِّثٌ.
وتأذَّنَ الأميرُ في الناسِ: نادَى فيهم بتَهَدُّدٍ.
والأذَناتُ، مُحرَّكةً: أخْيِلَةٌ بحِمَى فَيْدَ نَحْو عِشرينَ ميلاً، الواحِدَةُ: أذَنَةٌ.
والمُؤْذَنَةُ، بفتح الذالِ: طائِرٌ.

لعع (لسان العرب) [0]


امرأة لَعَّةٌ: ملِيحةٌ عفِيفةٌ، وقيل: خفيفة تُغازِلُكَ ولا تُمَكِّنكَ، وقال اللحياني: هي الملِيحةُ التي تُدِيمُ نَظَرَك إِليها من جَمالِها.
ورجل لَعَّاعة: يَتَكَلَّف الأَلْحانَ من غير صواب، وفي المحكم: بلا صوْتٍ.
واللُّعاعةُ: الهِنْدِبَاءُ.
واللُّعاعُ: أَوَّل النَّبْتِ؛ وقال اللحياني: أَكثر ما يقال ذلك في البُهْمَى، وقيل: هو بقل ناعم في أَوَّلِ ما يَبْدُو رقِيقٌ ثم يَغْلُظ، واحدته لُعاعةٌ.
ويقال: في بلد بني فان لُعاعةٌ حسَنةٌ ونعاعة حسنة، وهو نبت ناعِمٌ في أَوَّلِ ما ينبت؛ ومنه قيل في الحديث: إِنما الدنيا لُعاعةٌ، يعني أَنَّ الدنيا كالنبات الأَخضرِ قَليل البقاء؛ ومنه قولهم: ما بقي في الدنيا إِلاَّ لُعاعةٌ أَي بقِيَّةٌ يسيرة؛ ومنه الحديث: أَوجَدْتُم يا معاشِرَ . . . أكمل المادة الأَنْصارِ من لُعاعةٍ من الدنيا تأَلَّفْتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا ووَكَلْتُكم إِلى إِسْلامِكم؛ وقال سويد بن كراع ووصف ثوراً وكلاباً: رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهِنّ، وراقَه لُعاعٌ تَهاداهُ الدَّكادِكُ واعِدُ راقَه: أَعْجَبَه. يُرْجَى منه خَيْرٌ وتمامُ نباتٍ، وقيل: اللُّعاعةُ كل نبات ليِّن من أَحْرارِ البُقُولِ فيها ماءٌ كثير لَزِجٌ، ويقال له النُّعاعةُ أَيضاً؛ قال ابن مقبل: كادَ اللُّعاعُ من الحَوْذانِ يَسْحَطُها، ورِجْرِجٌ بين لَحْييَها خَناطِيلُ قال ابن بري: يَسْحَطُها يَذْبَحُها أَي كادت هذه البقرة تَغَصُّ بما لا يُغَصُّ به لحُزْنها على ولدها حين أَكله الذئب، وبقي لُعابُها بين لَحْيَيْها خَناطِيلَ أَي قِطَعاً متفرِّقة.
واللُّعاعةُ أَيضاً: بَقْلةٌ من تمر الحشيش تؤْكل.
وألعَّتِ الأَرضُ تُلِعُّ إِلْعاعاً: أَنبتت اللُّعاعَ.
وتَلَعَّى اللُّعاعَ: أَكَله وهو من مُحَوَّلِ التضعيف، يقال: خرجنا نَتَلَعّى أَي نأْكل اللُّعاعَ، كان في الأَصل نتلَعَّعُ مكرر العينات فقلبت إِحداها ياء كما قالوا تَظَنَّيْتُ من الظَّنِّ، ويقال: عسَلٌ مُتَلَعِّعٌ ومُتَلَعٍّ مثله، والأَصل مُتَلَعِّعٌ وهو الذي إِذا رَفَعْتَه امتدَّ معك فلم ينقطع للزوجته.
وفي الأَرض لُعاعةٌ من كَلإٍ: للشيءِ الرقيق. قال أَبو عمرو: واللُّعاعةُ الكَلأُ الخفيف، رُعِيَ أَو لم يُرْعَ. اللُّعاعةُ: ما بقي في السقاء.
وفي الإِناءِ لُعاعةٌ أَي جَرْعةٌ من الشراب.
ولُعاعةُ الإِناء: صَفْوتُه.
وقال اللحياني: بَقِيَ في الإِناءِ لُعاعةٌ أَي قليل.
ولُعاعُ الشمس: السرابُ، والأَكثر لُعابُ الشمس.
واللَّعْلَع: السرابُ، واللَّعْلَعةُ: بَصِيصُه.
والتلَعْلُعْ: التَّلأْلُؤْ.
ولَعْلَع عظْمَه ولَحْمَه لَعْلَعةً: كَسره فتكسَّر، وتَلَعْلَع هو: تكسر؛ قال رؤْبة: ومَنْ هَمَزْنا رأْسَه تَلَعْلَعا وتَلَعْلَعَ من الجُوعِ والعطش: تَضَوَّر.
وتَلَعْلَعَ الكلب: دلَعَ لسانَه عطَشاً.
وتَلَعْلَعَ الرجُل: ضَعُفَ.
واللَّعْلاعُ: الجبانُ.
واللَّعْلَعُ: الذئب؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: واللَّعْلَعُ المُهْتَبِلُ العَسُوسُ ولَعْلَعٌ: موضع؛ قال: فَصَدَّهُم عن لَعْلَعٍ وبارِقِ ضَرْبٌ يُشِيطُهم على الخَنادِقِ وقيل: هو جبل كانت به وقْعة.
وفي الحديث: ما أَقامَتْ لَعْلَعُ، فسره ابن الأَثير فقال: هو جبل وأَنثه لأَنه جعله اسماً للبقعة التي حول الجبل؛ وقال حميد بن ثور: لقد ذاقَ مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ حُساماً، إِذا ما هُزّ بالكَفِّ صَمَّما وقيل: هو ماءٌ بالبادية معروف.
واللَّعِيعةُ: خبز الجاوَرْسِ.
ولَعْ لَعْ: زجر؛ حكاه يعقوب في المقلوب.

نضخ (لسان العرب) [0]


نضَخَ عليه الماءَ يَنْضَخ نَضْخاً، وهو دون النضح؛ وقيل: النضخ ما كان على غير اعتماد، والنضح ما كان على اعتماد؛ قال الأَصمعي: ما كان من فَعَلَ الرجلُ، فهو بالحاء غيرَ معجمة؛ وأَصابه نَضْخٌ من كذا، بالخاء معجمة، وهو أَكثر من النَّضْح؛ قال أَبو عبيد: وهو أَعجب إِليّ من القول الأَول ولا يقال منه فَعِل ولا يَفْعِل.
والنَّضْخ: شدّة فور الماء في جَيَشانه وانفجاره من يَنْبوعه؛ قال أَبو علي: ما كان من سُفْل إِلى علْو، فهو نَضْخ.
وعين نضَّاخة: تَجيش بالماء.
وفي التنزيل: فيهما عينان نضَّاختان أَي فوُارتان. التهذيب: والنَّضْخ من فور الماء من العين والجيشان، ينضَخان بكل خير؛ وفي قصيد . . . أكمل المادة كعب: مِن كُل نضَّاخة الذِّفْرَى إِذا عَرِقَتْ يقال: عين نضاخة أَي كثيرة الماء فوارة؛ أَراد أَن ذِفْرَى الناقة كثير النضخ بالعرق.
وانضَجَّ الماءُ وانضاخ: انْصَبَّ؛ وقال ابن الزبير: إن الموت تغشَّاكم سحابه، فهو مُنضاخ عليكم بوابل البلايا؛ قال: حكاه الهروي في الغريبين.
والنَّضْخ: الرَّدْع واللَّطْخ يبقى في الجسد أَو الثوب من الطيب ونحوه.
والنَّضْخُ: كاللَّطْخ مما يبقى له أَثر؛ ونضخ ثوبه بالطيب. أَبو عمرو: النَّضْخ ما كان من الدم والزعفران والطين وما أَشبهه، والنضخ بالماء وبكل ما رقَّ مثل الخل وما أَشبهه؛ وأَنشد أَبو عبيدة لجرير: ثِيابُكُمُ ونَضْخ دمِ القتيل أَبو عثمان التوزي: النضخ: الأَثر يبقى في الثوب وغيره، والنَّضْحُ، بالحاء غير معجمة، الفعل.
وفي الحديث: ينضَخ البحرُ ساحِلَه؛ النَّضْخ: قريب من النضح وقد اختلف في أَيهما أَكثر، والأَكثر أَنه بالمعجمة أَقل من المهملة؛ وقيل: هو بالمعجمة الأَثر يبقى في الثوب والجسد، وبالمهملة الفعل نفسه؛ وقيل: هو بالمعجمة ما فعل تعمداً، وبالمهملة من غير تعمد؛ وفي حديث النخعي: لم يكن يرى بنَضْخ البول بأْساً يعني نَشْرَه وما ترشش منه، ذكره الهروي بالخاء المعجمة والنِّضاخ: المُناضَخَةُ.
ونضَخْناهُم بالنبل: لغة في نضَحْناهم إِذا فرّقوها فيهم.
وانْتَضَخَ الماءُ: ترشَّشَ. أَبو زيد: النَّضْخ الرش مثل النَّضْحِ، وهما سواء، تقول: نضَخْت أَنْضَخ، بالفتح؛ قال الشاعر: به من نَضاخ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه نُقاعَةُ حِنَّاءٍ بماء الصَّنَوْبَرِ وقال القطامي: وإِذا تَضَيَّفُني الهُمومُ، قَرَيْتُها سُرُحَ اليَدَيْن تُخالسُ الخَطَرانا حرَجاً كأَنَّ من الكُحَيلِ صُبابَةً، نُضخَتْ مَغابنُها بِها نَضَخَانَا وفي الحديث: المدينة كالكير تَنْفي خَبَثَها ويَنْضَخُ طِيبُها، بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء المهملة، من النَّضْخ، وهو رش الماء.
وغَيثٌ نضّاخ: غزير؛ وقال جِران العَوْد: ومِنْهُ على قَصْرَيْ عُمانَ سَخيفَةٌ، وبالخَطِّ نضَّاخُ العَثَانين واسعُ السخيفة: المطرة الشديدة.
وعُثْنونَ المَطر: أَوله.
والنَّضْخَة: المَطرة. يقال: وقعت نضْخة بالأَرض أَي مطرة؛ وأَنشد أَبو عمرو: لا يَفْرَحُون إِذا ما نَضْخَةٌ وقَعَتْ، وهُمْ كرامٌ إِذا اشْتَدَّ المَلازيبُ جمعِ ملْزابٍ، وهي الشدّة؛ وأَنشد أَيضاً: فقلتُ: لعلَّ الله يُرْسِلُ نَضْخَةً، فَيُضْحِي كِلانا قَائِماً يَتَذَمَّرُ وأَكثر ما ورد في هذا الباب بالحاء والخاء المعجمة، وقد تقدّم ذكر نضح في بابه مستوفى.

وثر (لسان العرب) [0]


وثَرَ الشيءَ وثْراً ووَثَّرَهُ: وَطَّأَه.
وقد وَثُر، بالضم، وَثارَة أَي وَطُؤَ، فهو وَثِيرٌ، والأُنثى وَثِيرَةٌ. الوَثيرُ: الفِراشُ الوَطِيءُ، وكذلك الوِثْرُ، بالكسر.
وكل شيء جلست عليه أَو نمت عليه فوجدته وطيئاً، فهو وَثِير.يقال: ما تحته وِثْرٌ ووِثارٌ، وشيء وَثْرٌ ووَثِرٌ ووَثير، والاسم الوِثارُ والوَثارُ.
وفي حديث ابن عباس قال لعمر: لو اتخذت فِراشاً أَوْثَرَ منه أَي أَوْطَأَ وأَلْيَنَ.
وامرأَة وثِيرَةُ العَجِيزَة: وطِيئَتُها، والجمع وَثائِرُ ووِثارٌ.
وقال ابن دريد: الوَثيرَة من النساء الكثيرة اللحم، والجمع كالجمع.
ويقال للمرأَة السمينة الموافقة للمضاجعة: إِنها لوَثِيرَةٌ، فإِذا كانت ضَخْمَةَ العَجُزِ فهي وَثِيرَةُ العَجُزِ. أَبو زيد: الوَثارَةُ كَثْرَةُ الشحم، والوَثاجَةُ كثرة اللحم؛ قال القَطَاميُّ: وكأَنَّما اشْتَمَلَ الضَّجِيعُ بِرَيْطَةٍ، لا بَلْ . . . أكمل المادة تَزِيدُ وَثارَةً ولَيانا وفي حديث ابن عمر وعُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ: ما أَخَذْتَها بيضاء غَريرَةً ولا نَصَفاً وثِيرَةً.
والمِيثَرَة: الثوبُ الذي تُجَلَّلُ به الثياب فيعلوها.
والمِيْثَرَة: هنَةٌ كهيئة المِرْفَقَةِ تتخذ للسَّرْج كالصُّفَّة، وهي المَواثِرُ والمَياثِرُ، الأَخيرة على المعاقَبَةِ، وقال ابن جني: لَزِمَ البَدَلُ فيه كما لزم في عِيدٍ وأَعْيادٍ. التهذيب: والمِيثَرَةُ مِيْثَرَةُ السَّرْجِ والرَّحْلِ يُوَطَّآن بها، ومِيثَرَةُ الفَرَسِ: لِبْدَتُه، غير مهموز. قال أَبو عبيد: وأَما المَياثِرُ الحُمْرُ التي جاء فيها النهي فإِنها كانت من مراكب الأَعاجم من ديباج أَو حرير.
وفي الحديث: أَنه نهى عن مِيثَرَة الأُرْجُوان؛ هي وِطاءٌ محشوّ يُترَكُ على رحل البعير تحت الراكب.
والمِيثَرَةُ، بالكسر، مِفْعَلَةٌ من الوثَارَةِ، وأَصلها مِوْثَرَةٌ، فقلبت الواو ياء لكسرة الميم، والأُرْجُوانُ صِبْغ أَحمر يتخذ كالفِراشِ ، الصغير ويحشى بقطن أَو صوف يجعهل الراكب تحته على الرحال فوق الجمال؛ قال ابن الأَثير: ويدخل فيه مَياثِرُ السُّروج لأَن النهي يشتمل على كل مِيْثَرَةٍ حمراءَ سواء انت على رحل أَو سرج.
والوَاثِرُ: الذي يَأْثُرُ أَسفلَ خُفِّ البعير، وأَرى الواو فيه بدلاً من الهمزة في الآثِرِ.
والوَثْرُ، بالفتح: ماء الفحل يجتمع في رحم الناقة ثم لا تَلْقحُ؛ ووَثَرَها الفحلُ يَثِرُها وَثْراً: أَكثر ضِرابَها فلم تَلْقَحْ. أَبو زيد: المَسْطُ أَن يُدْخِلَ الرجلُ اليدَ في الرحم رحمِ الناقة بعد ضِرابِ الفحل إِياها فيستخرج وَثْرَها، وهو ماء الفحل يجتمع في رحمها ثم لا تَلْقَحُ منه؛ وقال النضرُ: الوَثْرُ أَن يضربها على غير ضَبْعَةٍ. قال: والمَوْثُورَةُ تُضْرَبُ في اليوم الواحد مراراً فلا تَلْقَحُ.
وقال بعض العرب: أَعْجَبُ النكاح وَثْرٌ على وِثْرٍ أَي نكاحٌ على فِراشٍ وَثِير.
واسْتوْثَرْتُ من الشيء أَي استكثرت منه، مثل اسْتَوْثَنْتُ واسْتَوْثَجْتُ. ابن الأَعرابي: التَّواثِيرُ الشُّرَطُ، وهم العَتَلَةُ والفَرَعَةُ والأَمَلَةُ، واحدهم آمِلٌ مثل كافر وكَفَرَةٍ. ابن سيده: والوَثْرُ جلد يُقَدُّ سُيُوراً عَرْضُ السير منها أَربع أَصابع أَو شِبْرٌ تلبَسُه الجارية الصغيرة قبل أَن تُدْرِكَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: عَلِقْتُها وهي عليها وَثِرْ، حتى إِذا ما جُعِلَتْ في الخِدِرْ، وأَتْلَعَتْ بمثلِ جِيدِ الوَبِرْ وقال مرة: وتلبسه أَيضاً وهي حائض، وقيل: الوَثْرُ النُّقْبَةُ التي تلبس، والمعنيان متقاربان، قال: وهو الرَّيْطُ أَيضاً.

حمر (مقاييس اللغة) [0]



الحاء والميم والراء أصلٌ واحدٌ عندي، وهو من الذي يعرف بالحُمْرة.
وقد يجوز أن يُجعَل أصلين: أحدهما هذا، والآخر جنسٌ من الدوابّ.فالأوّل الحُمْرة في الألوان، وهي معروفة.
والعرب *تقول: "الحسن أحمر" يقال ذلك لأنّ النفوسَ كلَّها لا تكاد تكره الحمرة.
وتقول رجل أحمر، وأحامر فإن أردت اللونَ قلت حُمر.
وحجّة الأحامرة قول الأعشى:
إنّ الأحامرةَ الثلاثة أهلكَتْ      مالي وكنت بهنّ قِدْما مُولَعا

ذهب بالأحامرة مذهب الأسماء، ولم يَذهب بها مذهبَ الصفات.
ولو ذهب بها مذهب الصفات لقال حُمْرٌ.
والحمراء: العَجَم، سُمُّوا بذلك لأنّ الشّقْرة أغلبُ الألوان عليهم.
ومن ذلك قولهم لعليّ رضي الله عنه: "غلبَتْنا عليك هذه الحمراء".
ويقال موتٌ أحمرُ، وذلك إذا وُصِف بالشدّة.
وقال عليّ: "كُنّا . . . أكمل المادة إذا احمرّ البأسُ اتقّينا بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أَحَدٌ منا أقربَ إلى العَدُوّ منه".ومن الباب قولهم: وَطْأةٌ حمراء؛ وذلك إذا كانتْ جديدة؛ ووَطْأة دهماء، إذا كانت قديمةً دارسة.
ويقال سنةٌ حمراء شديدة، ولذلك يقال لشدة القيْظ حَمَارَّة.
وإنَّما قيل هذا لأنّ أعجبَ الألوان إليهم الحمرة. إذا كان كذا وبالغُوا في وصفِ شيءٍ ذكروه بالحُمْرة، أو بلفظةٍ تشبه الحمرة.فأمّا قولُهم للذي لا سلاحَ معه أحمر، فممكن [أن يكون] ذلك تشبيهاً لـه بالعجم، وليست فيهم شجاعة مذكورة كشجاعة العرب.
وقال:الضياطرة: جمع ضَيْطار، وهو الجبان العظيم الخَلْق الذي لا يُحسن حملَ السِّلاح. قال:
تعرَّضَ ضَيطارُو فُعالةَ دونَنا      وما خَيْرُ ضَيطارٍ يقلِّب مِسطَحا

وقولهم غيث حِمِرٌّ، إذا كان شديداً يقشِر الأرض.
وهو من هذا الذي ذكرناه من باب المبالغة.وأمّا الأصل الثاني فالحِمار معروف، يقال حمار وحَمير وحُمُر وحُمُرات، كما يقال صعيد وصُعُد وصُعُدات. قال:
إذا غَرّد المُكَّاء في غير روضةٍ      فويلٌ لأهل الشَّاء والحُمُراتِ

يقول: إذا أجدبَ الزّمانُ ولم تكن روضة فغرَّد في غير روضةٍ، فويلٌ لأهل الشاء والحمرات.وممّا يحمل على هذا الباب قولُهم لدويْبّة: حِمارُ قَبَّانٍَ. قال:
يا عجبَا لقد رأيتُ عجَبَا      حمارَ قَبَّانٍَ يسوقُ أرنبا

ومنه الحِمار، وهو شيءٌ يُجعَل حول الحوض لئلا يسيل ماؤُه، والجمعحمائر. قال الشاعر:
كأنَّما الشَّحْطُ في أعلى حمائرِه      سَبائبُ الرَّيْط مِن قزٍّ وكَتَّانِ

وأما قولهم للفرَس الهجينِ مِحْمَرٌ فهو من الباب. [ومن الباب] الحِماران، وهما حجَران يجفَّف عليهما الأقِط، يسمَّيان مع الذي فوقهما العلاة. قال:
لا تنفع الشاوِيّ فيهما شاتُه      ولا حِمارَاه ولا عَلاَتُه

والحمارة: حجارة تنصب حولَ البيت، والجمع حمائِر. قال:وأما قولهم: "أخلَى من حوفِ حمارٍ" فقد ذُكر حديثه في كتاب حرف العين.

عضد (مقاييس اللغة) [0]



العين والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء؛ يُستعار في موضع القوّة والمُعين. فالعضد : ما بين المِرْفق إلى الكتف، يقال عَضُدَ وعَضْدَ، وهما عَضُْدان، والجمع أعضاد.
وهي مؤنَّثة.
ويقال: فلانٌ عضُدِي، لمكان القُوّة التي في العَضُد.
ورجلٌ عضديٌّ وعُِضَاديّ. قال الخليل: والعَضْد: المعونة ، يقال: عضَدْتُ فلاناً، أي أعنْتُه. قال الله تعالى: وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف 51]. قال ابنُ الأعرابيّ: عضُد الرجل: قَومُه وعشيرته، ولذلك يقال: يَفُتُّ في عَضُده.
وقال أعرابيٌّ لرجلٍ استعانَه فلم يُعِنه:"أنت والله العَضد الثَّلْماء"، نسبهُ إلى الضَّعف، وإذا قَصُرَت العضُد أو دَقَّت فهي عضِدَة .
وأمَّا العَضَد يفتح الضاد [فهو] داءٌ يأخذُ في العضُد. . . . أكمل المادة قال النابغة:
شَكَّ الفريصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها      شَكَّ المبيطِر إِذْ يَشْفِي من العَضَدِ

قال بعضُهم: لا يكونُ العَضَد إلاّ في الإبل خاصَّة.
وناقَةٌ عضِدَةٌ، اشتكَتْ عضُدَها.
وإبلٌ مُعَضَّدة: موسومة في أعضادها.
ويقال للدُّمْلُج: المِعْضَد والمِعْضَاد، لأنّه في العَضُد يُمْسَك.
ويقال لـه العِضَاد أيضاً.
ويقال ذلك للذي يُشَدّ على الَعضُد للنفقة .قال الخليل: وأعضاد كلِّ شيءٍ: ما يُشَدُّ حوالَيْه من البِناء، وذلك كأعضاد الحوض، وهي صفائح من حجارةٍ يُنْصَبْنَ حول شفيرهِ، الواحد عَضُد. قال لبيد:
راسخُ الدِّمْنِ على أعضادِهِ      ثَلَمَتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ

وعَضُد الرَّحْلِ: خشبتانِ لَزِيقتَانِ بالواسطة.
وعِضادة الباب: مِسَاكاهُ اللذان يُطبَق البابُ عليهما.
والعَضِيد: النَّخْلة تنَاوَلُ ثمرَها بيدك.
وممكنٌ أن يسمَّى بذلك لأجل أنَّ العَضُد تُطَاوِلُها فتنالُها.
والرَّجُلُ العُضاديُّ: الممتلئ العَضدين لحماً. قال:
وأعجبَهَا ذُو شَمْلةٍ وهِرَاوَةٍ      غلامٌ عُضَاديٌّ سمينُ البآدلِ

قال: والعاضد: الذي يلزم جانبَ الإبل، ولابدَّ لها من عاضدين؛ لأن السّوَّاق خلْفَها والعاضِدَين من جانبَيها.
وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
يا ليت لي بصاحِبيَّ صاحبا      إذا مَشَى لم يَعْضُد الرَّكائبا

أي لم يأتِها من قِبَل أعضادها.
والعاضد: السَّهمُ يأخذ ناحيةً من الغَرَضِ لا يصيبُه.
وعَضَد الرَّجلُ عن الطَّريقِ: مالَ.قال ابن السِّكِّيت: العاضد من الجِمال الذي يَعضُد النّاقةَ فيتنوَّخُها. قال:
صَوَّى لها ذا كُدنةٍ جُلاعِدَا      طَوْعَ السِّنانِ ذراعاً وعاضِدا

والأصل الآخَر القَطْع. قال الخليل: العَضْد: قَطْع الشّجرةِ بالمِعْضَد، وهو سيفٌ ممتهَنٌ في قَطْع الشَّجَر.
والعاضد: القاطع.
وفي الحديث في مدينة الرسول: "لا يُعْضَدُ شَجرُها".
وقال في المِعْضد:
حسامٍ إذا ما قمتُ منتصراً به      كفَى العَوْدَ منه البَدءُ ليس بمِعْضَدِ

قال ابنُ الأعرابيّ: سيف مِعْضَدٌ ومِعْضادٌ وَعَضَّادٌ، أي قاطع. يقال عَضّدت الشجرة، واسم ما يقطع منها العَضيد والعَضَد. قال الهذليّ :
الطَّعْنُ شَغشغةٌ والضَّربُ هيقعةٌ      ضَرْبَ المعوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا

ومما شذَّ عن هذين الأصلين: الثَّوب المُعَضَّد، وهو المخطّط قال:

زها (لسان العرب) [0]


الزَّهْوُ: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قال أَبو المُثَلَّمِ الهذلي: مَتى ما أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُو كِ، أَجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ ورجل مَزْهُُوٌّ بنفسه أَي مُعْجَبٌ. زَهْوٌ أَي كِبْرٌ؛ ولا يقال زَها.
وزُهِيَ فُلانٌ فهو مَزْهُوٌّ إذا أَُعْجِبَ بنفسه وتَكَبَّر. قال ابن سيده: وقد زُهِيَ على لفظ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، جَزَمَ به أَبو زيد وأَحمد بن يحيى، وحكى ابن السكيت: زُِهِيتُ وزَهَوْتُ.
وللعرب أَحرف لا يتكلمون بها إلا على سبيل المَفْعول به وإن كان بمعنى الفاعل مثل زُهِيَ الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ الشاةُ والناقة وأَشباهها، فإذا أَمَرْت به قلت: لِتُزْهَ يا رجلُ، وكذلك الأَمْر من كل فِعْل لم . . . أكمل المادة يُسمّ فاعله لأَنك إذا أَمَرْتَ منه فإنما تأْمر في التحصيل غير الذي تُخاطِبه أَن يُوقِع به، وأَمْرُ الغائبِ لا يكون إلا باللام كقولك ليَقُمْ زَيد، قال: وفيه لغة أُخرى حكاها ابن دريد زَها يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر، ومنه قولهم: ما أَزْهاهُ، وليس هذا من زُهِيَ لأَن ما لم يُسم فاعله لا يُتَعَجَّبُ منه. قال الأَحمر النحوي يهجو العُتْبِيَّ والفَيْضَ بن عبد الحميد: لنا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ، كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ أَلَجُّ لجاجاً من الخُنْفُساءْ، وأَزْهى، إذا ما مَشى، منْ غُرابْ قال الجوهري: قلت لأَعرابي من بني سليم ما معنى زُهِيَ الرجلُ؟ قال: أَُعجِبَ بنفسِه، فقلت: أَتقول زَهى إذا افْتَخَر؟ قال: أَمّا نحن فلا نتكلم به.
وقال خالد بن جَنبة: زَها فلان إذا أُعجب بنفسه. قال ابن الأَعرابي: زَهاه الكِبْر ولا يقال زَها الرَّجل ولا أَزْهيتُه ولكنْ زَهَوْتُه.
وفي الحديث: من اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً على أَهْل الإسْلام فهي عليه وِزْرٌ؛ الزُّهاء، بالمدّ، والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر. يقال: زُهِيَ الرجل، فهو مَزْهُوٌّ، هكذا يتكلَّم به على سبيل المفعول وإن كان بمعنى الفاعل.
وفي الحديث: إنّ الله لا يَنْظر إلى العامل المَزْهُوِّ؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: إن جاريتي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه في البيت أَي تَتَرَفَّعُ عنه ولا تَرْضاه، تعني درْعاً كان لها؛ وأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر: جَزَى اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ، عن الفِتْيانِ، شَرّاً ما بَقِينا يُوارِينَ الحِسانَ فلا نَراهُم، ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا فإنما حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ لأَنه قد حكي زَهَوْتُه، فلا معنى ليَزْهَيْنَ لأَنه لم يجئ زَهَيْته، وهكذا أَنشد ثعلب ويَزْهُون. قال ابن سيده: وقد وهم ابن الأَعرابي في الرواية، اللهم إلا أَن يكون زَهَيْتُه لغة في زَهَوْتُه، قال: ولم تُرْوَ لنا عن أَحد.
ومن كلامهم: هي أَزْهَى مِن غُرابٍ، وفي المثل المعروفِ: زَهْوَ الغُرابِ، بالنصب، أَي زُهِيتَ زَهْوَ الغرابِ: وقال ثعلب في النوادر: زُهِيَ الرجل وما أَزْهاهُ فوضَعُوا التعجب على صيغة المفعول، قال: وهذا شاذٌّ إنما يَقع التعجب من صيغة فِعْلِ الفاعل، قال: ولها نظائر قد حكاها سيبويه وقال: رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ وقوم إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ، ذهبوا إلى أَن الأَلف والنون زائدتان كزيادتهما في إنْقَحْلٍ، وذلك إذا كانوا ذَوِي كِبْر.
والزَّهْو: الكَذِب والباطلُ؛ قال ابن أَحمر: ولا تَقُولَنَّ زَهْواً ما تُخَبِّرُني، لم يَتْرُكِ الشَّيْبُ لي زَهْواً، ولا العَوَرُ (* قوله «ولا العور» أنشده في الصحاح: ولا الكبر، وقال في التكملة، والرواية: ولا العور). الزَّهْو: الكِبْرُ.
والزَّهْوُ: الظُّلْمُ.
والزَّهْو: الاسْتِخْفافُ: وزَها فلاناً كلامُك زَِهْواً وازْدهاه فازْدَهَى: اسْتَخَفَّه فخفّ؛ ومنه قولهم: فلان لا يُزْدَهَى بخَديعَة.
وازْدَهَيْت فلاناً أَي تَهاوَنْت به.
وازْدَهَى فلان فلاناً إذا اسْتَخَفَّه.
وقال اليريدي: ازْدَهاهُ وازْدَفاهُ رذا اسْتَخَفَّه.
وزَهاهُ وازْدَهاهُ: اسْتَخَفَّه وتهاون به؛ قال عمر بن أَبي ربيعة: فلما تَواقَفْنا وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ وجُوهٌ، زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا قال ابن بري ويروى: ولما تَنَازَعْنا الحَديثَ وأَشْرَقَت قال: ومثله قول الأَخطل: يا قاتَلَ اللهُ وصْلَ الغانِيات، إذا أَيْقَنَّ أَنَّك مِمَّنْ قد زَها الكِبَرُ وازْدَهاهُ الطَّرَب والوَعيدُ: اسْتَخَفَّه.
ورجل مُزْدَهىً: أَخَذَتْه خِفَّةٌ من الزَّهْوِ أَو غيره.
وازْدَهاهُ على الأَمْرِ: أَجْبَرَه.
وزَها السَّرابُ الشيءَ يَزْهاهُ: رَفَعَه، بالأَلف لا غير.
والسراب يَزْهى القُور والحُمُول: كأَنه يَرْفَعُها؛ وزَهَت الأَمْواجُ السفينة كذلك.
وزَهَت الريحُ أَي هَبَّت؛ قال عبيد: ولَنِعْم أَيْسارُ الجَزورِ إذا زَهَتْ رِيحُ الشِّتَا، وتَأَلَّفَ الجِيرانُ وزَهَت الريحُ النباتَ تَزْهاهُ: هَزَّتْه غِبَّ النَّدَى؛ وأَنشد ابن بري: فأَرْسَلَها رَهْواً رِعالاً، كأَنَّها جَرادٌ زَهَتْه رِيحُ نَجْدٍ فأَتْهَمَا قال: رَهْواً هنا أَي سِرَاعاً، والرَّهْوُ من الأَضداد.
وزَهَتْه: ساقَتْه.
والريحُ تَزْهَى النباتَ إذا هَزَّتْه بعد غِبِّ المَطَر؛ قال أَبو النجم: في أُقْحُوانٍ بَلَّهُ طَلُّ الضُّحَى، ثُمَّ زَهَتْهُ ريحُ غَيمٍ فَازْدَهَى قال الجوهري: ورُبَّما قالوا زَهَت الريحُ الشَّجَر تَزْهاه إذا هَزَّتْه.
والزَّهْوُ: النَّبات الناضرُ والمَنْظَرُ الحَسَن. يقال: زُهي الشيءُ لِعَيْنِكَ.
والزَّهْوُ: نَوْرُ النَّبْتِ وزَهْرُهُ وإشْراقُه يكون للْعَرَضِ والجَوْهَرِ.
وزَها النَّبْتُ يَزْهَى زَهْواً وزُهُوّاً وزَهاءً حَسُنَ.
والزَّهْوُ: البُسْرُ المُلَوَّنُ، يقال: إذا ظَهَرت الحُمْرة والصفرة في النَّخْل فقد ظَهَرَ فيه الزَّهْوُ.
والزَّهْوُ والزُّهْوُ: البُسْرُ إذا ظَهَرَت فيه الحُمْرة، وقيل: إذا لَوَّنَ، واحدته زَهْوة؛ وقال أَبو حنيفة: زُهْوٌ، وهي لغة أَهل الحجاز بالضَّمِّ جمعُ زَهْوٍ، كقولك فَرَسٌ وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ، فأُجْرِيَ الاسم في التَّكْسير مُجْرَى الصفة.
وأَزْهَى النَّخْلُ وزَهَا زُهُوّاً: تلوَّن بِحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ.
وروى أَنس من مالك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَزْهو، قيل لأَنس: وما زَهْوُه؟ قال: أَن يحمرّ أَو يصفر، وفي رواية ابن عمر: نهَى عن بَيْع النَّخْلِ حتى يُزْهِيَ. ابن الأَعرابي: زَها النبتُ يَزْهُو إذا نَبَت ثَمَرُه، وأَزْهَى يُزْهِي إذا احْمَرَّ أَو اصفر، وقيل: هما بمعنى الاحمرار والاصفرار، ومنهم من أَنْكَر يَزْهو ومنهم مَن أَنكر يُزْهي.
وزَهَا النَّبْتُ: طالَ واكْتَهَلَ؛ وأَنشد: أَرَى الحُبَّ يَزْهَى لِي سَلامَةَ، كالَّذِي زَهَى الطلُّ نَوْراً واجَهَتْه المَشارِقُ يريد: يزيدُها حسناً في عَيْني. أَبو الخطاب قال: لا يقال للنخل إلاَّ يُزْهى، وهو أَن يَحْمَرَّ أَو يصفرّ، قال: ولا يقال يَزْهُو، والإزْهاءُ أَنْ يَحْمَرَّ أَو يصفر.
وقال الأَصمعي: إذا ظَهَرت فيه الحُمْرة قيل أَزْهَى. ابن بُزُرج: قالوا زُها الدُّنْيا زِينَتُها وإيناقُها، قال: ومثله في المعنى قولهم ورَهَجُها.
وقال: ما لِرَأّْيِكَ بُذْمٌ ولا فَرِيق (* قوله «ولا فريق» هكذا في الأصل). أَي صَرِيمَة.
وقالوا: طَعامٌ طيِّبُ الخَلْف أَي طَيّب آخر الطعم.
وقال خالد بن جنبة: زُهِيَ لَنَا حَمْل النَّخْلِ فنَحْسِبُه أَكثَرَ ممّا هو. الأَصمعي: إذا ظَهَرتْ في النَّخْل الحُمْرة قيل أَزْهَى يُزْهِي: ابن الأَعرابي: زَهَا البُسْر وأَزْهَى وزَهَّى وشَقَّحَ وأَشْقَحَ وأَفْضَحَ لا غير. أَبو زيد: زَكا الزرع وَزَها إذا نَما. خالد ابن جنبة: الزَّهْوُ من البُسْرِ حين يصفرّ ويحمرُّ ويحل جَرْمُه، قال: وجَرْمه للشِّرَاء والبَيْع، قال: وأَحْسَنُ ما يكون النخلُ إذ ذاك؛ الأَزهري: جَرْمه خَرْصُه للبيع.
وزَها بالسيف: لمَعَ به.
وزَهَا السراجَ: أَضاءَه.
وزَهَا هو نفسُه.
وزُهاءُ الشيءِ وزِهَاؤُه: قَدْرُه، يقال: هُمْ زُهَاءُ مائِةٍ وزِهاءُ مِائةٍ أَي قدرها.
وهُم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ أَي ذَوُو عَدَدٍ كثير؛ وأَنشد: تَقَلَّدْتَ إبْريقاً، وعَلَّقْتَ جَعْبة لِتُهْلِكَ حَيّاً ذَا زِهاءٍ وجَامِلِ الإبريق: السيف، ويقال قوس فيها تلاميع.
وزُهاءُ الشيء: شخصُه.
وزَهَوْت فلاناً بكذا أَزْهاهُ أَي حَزَرْته.
وزَهَوْته بالخشبة: ضربتُه بها.
وكم زُهاؤُهم أَي قدرُهم وحزْرُهم؛ وأَنشد للعجاج؛ كأَنما زُهاؤُهم لمن جَهَرْ وقولُهم: زُهاءُ مائَة أَي قدر مائةٍ.
وفي حديث: قيل له كم كانوا؟ قال: زُهاءَ ثلَثمائة أَي قدر ثلثمائة، من زَهَوْت القومَ إذا حَزَرْتَهم.
وفي الحديث: إذا سَمِعتم بناسٍ يأْتون من قِبَلِ المَشرق أولي زُهاءٍ يَعجَبُ الناس من زيِّهِمْ فقد أَظَلَّت الساعةُ؛ قوله أُُولي زُهاءٍ أُولي عددٍ كثيرٍ.
وزَهَوْتُ الشيءَ إذا خَرَصْتَه وعلِمتَ ما زُهاؤُه.
والزُّهاءُ: الشخصُ، واحده كجمعِه.
ومنه قول بعض الرُّوَّاد: مَداحي سَيْل وزُهاءُ ليل، يصف نباتاً أَي شخصُه كشخص الليل في سوادِه وكَثْرِته؛ أَنشد ابن الأَعرابي: دُهْماً كأَن الليلَ في زُهائِها زُهاؤُها: شُخوصُها يصف نَخْلاً يعني أَن اجتماعها يُري شُخوصَها سوداً كالليل.
وزَهَتِ الإبلُ تَزْهو زَهْواً: شربَت الماءَ ثم سارت بعد الوِرْد ليلةً أَو أَكثر ولم تَرْعَ حول الماء، وزَهَوْتُها أَنا زَهْواً، يَتَعَدَّى ولا يتعدى.
وزَهَتْ زَهْواً: مرَّت في طلب المَرْعى بعد أَن شرِبت ولم تَرْعَ حول الماء؛ قال الشاعر: وأَنتِ استعرتِ الظَّبيَ جيداً ومُقْلَةً، من المُؤلِفات الزِّهْوَ، غيرِ الأَوارِك وزَها المُرَوِّحُ المِرْوَحة وزَهَّاها إذا حَرَّكها؛ وقال مزاحمٌ يصف ذنب البعير: كمِرْوَحَةِ الدَّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّها، بكَفِّ المُزَهِّي سَكْرَةَ الرِّيحِ عُودُها فالمُزَهِّي: المُحَرِّك؛ يقول: هذه المروحة بكفِّ المُزَهِّي المحرِّك لسُكونِ الريح.
والزَاهيَةُ من الإبل: التي لا تَرْعى الحَمْض. قال ابن الأَعرابي: الإبلُ إبلانِ: إبلٌ زاهِيَة زالَّة الأَحْناك لا تقرَب العِضاهَ وهي الزَّواهي، وإبلٌ عاضِهةٌ تَرْعى العِضاهَ وهي أَحْمَدُها وخيرها، وأَما الزَّاهِيَة الزَّالَّةُ الأَحْناك فهي صاحبة الحَمْضِ ولا يُشْبِعها دُون الحَمْضِ شيء.
وزَهَتِ الشاةُ تَزْهُو زُهاءً وزُهُوّاً: أَضْرَعت ودَنا وِلادُها.
وأَزْهى النخلُ وزَها: طالَ، وزَها النبت: غَلا وعلا، وزَها الغلام: شَبَّ؛ هذه الثلاث عن ابن الأَعرابي.

شبا (لسان العرب) [0]


شَباةُ كُلِّ شيءٍ: حدُّ طَرَفِهِ، وقيل حَدُّهُ.
وحَدُّ كلِّ شيءٍ شَباتهُ، والجمْعُ شَبَواتٌ وشَباً.
وشَبا النَّعْلِ: جانِبا أَسَلَتِها.
والشَّبا: البَرَدُ؛ قال الطرِمّاح: ليلَة هاجَتْ جُمادِيَّة، ذات صِرٍّ جِرْبياء البَشامْ (* قوله «البشام» هكذا في الأصل المعتمد بيدنا هنا، وفي مادة ج م د من اللسان:التسام، وفي التهذيب في مادة ج د م: السنام).
ورْدَة أَدْلَجَ صِنَّبْرُها، تحتَ شَفَّانِ شَباً ذي سِجامْ ورَدة حَمْراء أَي السَّنة الشديدة، والشَّبا: البَرَدُ، وسِجام: مَطر.
وفي حديث وائِل بنِ حُجْرٍ: أَنه كتب لأَقْيالِ شَبْوَةَ بما كان لهم فيها من مِلْكٍ؛ شَبْوَةُ: اسمُ الناحِيةِ التي كانوا بها من اليَمَن وحَضْرَمَوتَ، وفيه: فما فَلُّوا له شَباةً؛ الشَّباةُ: طَرَفُ السَّيْفِ وحَدُّه، . . . أكمل المادة وجَمْعُها شَباً.
والشَّباةُ: العَقْرَبُ حين تَلِدُها أُمُّها، وقيل: هي العَقربُ الصَّفْراءُ، وجمعها شَبَوات. قال أَبو منصور: والنَّحْوِيُّون يقولون شَبْوَةُ العَقْرَبُ، مَعْرِفَةٌ لا تنصرف ولا تدخلها الأَلف واللام، وقيل: شَبْوَةُ هي العَقْرَبُ ما كانتْ، غيرُ مُجْراةٍ؛ قال:قدْ جَعََلتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ، تَكْسُو اسْتَها لحْماً وتَقْشَعِرُّ ويروى: وتَقْمَطِرُّ؛ يقول: إذا لدَغَتْ صار اسْتُها في لَحْم الناسِ فذلك اللحْم كِسوَةٌ لها. ثعلب عن ابن الأَعرابي: من أَسماءِ العَقْرَبِ الشَّوْشَبُ والفِرْضِخُ وتَمْرَة (* قوله «وتمرة» هكذا في الأصل والتهذيب)، لا تَنْصَرفُ؛ قال: وشَباةُ العَقْرب إبْرَتُها.
والشَّبْوُ: الأَذى.
وجاريةٌ شَبْوَةٌ: جريئة كثيرة الحركة فاحشةٌ.
وأَشْبى الرجلُ: وُلِدَ لهُ ولدٌ كَيِّسٌ ذَكِيٌّ؛ قال ابن هرْمَة: هُمُو نبَتُوا فَرْعاً بكُلِّ شَرارَةٍ حَرامٍ، فأَشْبى فَرْعُها وأُرُومُها ورجلٌ مُشْبىً إذا وُلِدَ له وَلدٌ ذكِيٌّ؛ قال ابن سيده: كذلك رواه ابن الأَعرابي مُشْبىً على صيغة المفعول، ورَدَّ ذلك ثعلب فقال: إنما هو مُشْبٍ، قال: وهو القياس والمعلوم. اليزيدي: المُشْبي الذي يُولد له وَلدٌ ذكيٌّ، وقد أَشْبى؛ وأَنشد شمِر قول ذي الإصْبَع العَدَواني: وهُمْ إنْ وَلَدُوا أَشْبَوْا بِسِرِّ الحسَبِ المَحْضِ قال: وأَشْبى إذا جاءَ بوَلدٍ مثل شَبا الحدِيد. ابن الأَعرابي: رجلٌ مُشْبٍ وَلَد الكِرام.
والمُشْبي: المُشْفِقُ، وهو المُشْبِلُ.
وأَشْبى فُلاناً وَلدهُ أَي أَشْبَهُوه؛ وأَنشد ابن بري لعِمْرانَ بنِ حَطَّانَ يصف رجلاً من الخوارِج وأَنَّ أُمَّه قد أَنْجَبَتْ بولادَته: قد أَنْجَبَتْهُ وأَشْبَتْه وأَعْجَبَها، لو كان يُعجِبُها الإنجابُ والحَبَلُ قال أَبو عمرو: الإشْباءُ الإعْطاء؛ وأَنشد للقشيري: إنَّ الطرِمَّاحَ الذي دَرْبَيْتِ دَحاكِ، حَتَّى انْصَعْتِ قدْ أَمْنَيْتِ فكُلَّ خَيْرٍ أَنْتِ قد أَشْبَيْتِ، تُوبي منَ الخِطْءِ فَقَدْ أَشْصَيْتِ وقال ثعلب: أَشْبى أَشْفَقَ؛ وأَنشد لرؤبة: يُشْبي عليَّ والكَرِيمُ يُشْبي وامرأَة مُشْبِيَةٌ على ولدِها: كمُشْبِلة.
والمُشْبى: المُكْرَمُ؛ عن ابن الأَعرابي.
والإشْباءُ: الدفْعُ.
وأَشْبَيْتُ الرجلَ: رفعْتُه وأَكْرَمْتُه.
وأَشْبَتِ الشَّجَرة: ارْتَفَعت.
ويقال: أَشْبى زيدٌ عمراً إذا أَلْقاه في بئرٍ أَو فيما يَكْرَهُ؛ وأَنشد: إعْلَوَّطا عمْراً ليُشْبِياهُ، في كلِّ سُوءٍ، ويُدَرْبِياهُ الفراء: شَبا وجهُه إذا أَضاء بعد تَغٍيُّرٍ.
وأَشْبى الرجلُ: (* قوله «وأشبى الرجل» هكذا في الأصل، وفي المحكم: وأَشبى الشجر). طال والتَفَّ من النَّعْمَة والغُضُوضَةِ.
والشَّبا: الطُّحْلُب، يمانية.
وشَبْوَة: موضعٌ؛ قال بشر بن أَبي خازم: أَلا ظَعَنَ الخَلِيطُ غَداةَ رِيعُوا بشَبْوَةَ، والمَطِيُّ بها خُضُوعُ والشَّبا: وادٍ من أَوْدية المدينة فيه عينٌ لبني جعفر بن إبراهيمَ من بني جعفرِ بنِ أَبي طالبٍ، رضوانُ الله عليهم.

برح (مقاييس اللغة) [0]



الباء والراء والحاء أصلان يتفرّع عنهما فروعٌ كثيرة. فالأول: الزَّوال والبروزُ والانكِشاف.
والثاني: الشِّدَّة والعِظَم وما أشبههُما.أمّا الأول فقال الخليل: بَرَحَ يَبْرَحُ بَرَاحا إذا رَامَ مِن موضِعِه، وأبرحته أنا. قال العامريّ: يقول الرّجُل لراحلتهِ إذا كانت بطيئةً: لا تَبْرَحُ بَرَاحاً يُنْتَفَعُ به.
ويقول: ما برِحْتُ أفْعَلُ ذلك، في معنى مازِلْت. قال الله تعالى حكايةً عمَّن قال: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِِينَ [طه 91] أي لن نَزَالَ.
وأنشد:
فأبْرَحُ مَا أَدَامَ اللهُ قَوْمي      بِحَمْدِ اللهِ مُنْتَطِقاً مُجِيداً

أي لا أزال.
ومُجيدٌ: صاحبُ فرسٍ جَواد، ومُنْتطقٌ: قد شَدّ عليه النِّطاق.
ويقول العرب: "بَرَِحَ الخَفَاء" أي انكشَفَ الأمر.
وقال:قال الفرّاء: وبرَح بالفتح أيضاً، أي مضى، ومنه سُمِّيت البارحة. قالوا:البارحة . . . أكمل المادة الليلة التي قبلَ لَيْلَتِك، صفةٌ غالبةٌ لها. حتّى صار كالاسم.
وأصلها من بَرح، أي زال عَنْ موضعه.قال أبو عبيدة في* المثل:"ما أشْبَهَ اللّيْلَةَ بالبارِحة" للشيء ينتظرُه خيراً من شيءٍ، فيَجيءُ مِثْلَه.قال أبو عُبيد: البِرَاح المكاشَفة، يقال بَارَحَ بِراحاً كاشَفَ.
وأحسبُ أنّ البارحَ الذي هو خلافُ السّانح مِن هذا؛ لأنّه شيءٌ يبرُزُ ويَظْهر. قال الخليل: البُرُوح مصدر البَارح وهو خلافُ السَّانح، وذلك من الظِّباء والطير يُتشاءم به أو يُتَيَمَّن، قال:
وهنَّ يَبْرُحْنَ لَهُ بُرُوحا      وتَارَةً يأتِينَهُ سُنُوحَا

ويقول العرب في أمثالها: "هو كبارِحِ الأَرْوَى، قليلاً ما يُرَى". يُضْرَبُ لمن لا يكادُ يُرَى، أو لا يكونُ الشيءُ منه إلاّ في الزّمان مرّةً.
وأصلُهُ أنّ الأرْوَى مساكِنُها الجِبالُ وقِنانُها، فلا يكاد الناسُ يَرَوْنها سانحةً ولا بارحةً إلاّ في الدّهرِ مرّةً.
وقد ذَكَرْنا اختلافَ الناسِ في ذلك في كتاب السّين، عند ذكرنا للسّانح.
ويقال في قولهم: "هو كبارحِ الأرْوَى" إنّه مشؤوم من وجهين: وذلك أنّ الأروى يُتشاءَم بها حيث أتَتْ، فإذا بَرَحَتْ كانَ أعظَمَ لشُؤْمِها.والأصل الآخرُ قال أبو عُبيدٍ: يقال ما أبْرَحَ هذا الأمرَ، أي أعجَبَه. للأعشى:وقالوا: معناه أعظَمْتِ، والمعنى واحدٌ. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال أبْرَحْتُ بفلانٍ، أي حَمَلْتَه على ما لا يُطيق فَتَبَرَّحَ به وغَمَّه.
وأنشد:ابن الأعرابيّ: البَرِيح التَّعب. قال أبو وَجْزة:
على قَعُودٍ قد وَنَى وقد لَغِبْ      به مَسِيحٌ وَبرِيحٌ وصَخَبْ

المسيح: العَرَق. أبو عمرو: ويقال أبْرَحْتَ لُؤْماً وأبرَحْتَ كَرماً.
ويقال بَرْحَى له إذا تعجَّبتَ لـه.
ويقال: البعيرُ بُرْحَةٌ من البُرَح، أي خِيار.
وأعطِني مِنْ بُرَحِ إبلك، أي من خِيارها.قال الخليل: يقال بَرّح فلانٌ تَبْرِيحاً فهو مُبَرِّحٌ إذا أذى بالإلحاح؛ والاسم البَرْح. قال ذو الرُّمّة:والتّباريح: الكُلْفة والمَشَقّة.
وضربَهُ ضَرْباً مُبَرِّحاً.
وهذا الأمر أبْرَحُ عليَّ مِن ذَاكَ، أي أشق. قال ذو الرُّمة:
أنيناً وشَكْوَى بالنّهارِ كَثيرةً      عَلَيَّ وما يأتي به الليلُ أَبْرَحُ

أي أشَقّ.
ويقال لقيتُ منه البُرَحِين والبَرَحَين وبناتِ بَرْحٍ وبَرْحاً بارحاً.
ومن هذا الباب البَوارح من الرّياح، لأنّها تحمل التراب لشدّة هبوبها. قال ذو الرّمّة:
لا بلْ هو الشَّوْقُ مِنْ دَارٍ تَخَوَّنُها      مَرّاً سحابٌ ومرّاً بارِحٌ تَرِبُ

فأمّا قول القائلِ عند الرّامي إذا أخطأ: بَرْحَى، على وزن فَعْلى، فقال ابنُ دريد وغيرُه: إنه من الباب، كأنه قال خُطّة بَرْحَى، أي شديدة.

كفر (مقاييس اللغة) [0]



الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتَّغطية. يقال لمن غطّى دِرعَه بثوبٍ: قد كَفَر دِرعَه.
والمُكَفِّر: الرّجل المتغطِّي بسلاحه. فأما قولُه:
حتى إذا ألقَتْ يداً في كَافرٍ      وأجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها

فيقال: إنَّ الكافر: مَغِيب الشَّمس.
ويقال: بل الكافر: البحر.
وكذلك فُسِّرَ قولُ الآخَر:
فتذكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بعدما      ألقَتْ ذُكاءُ يمِينَها في كافِرِ

والنهر العظيم كافر، تشبيهٌ بالبحر.
ويقال للزَّارع كافر، لأنَّه يُغطِّي الحبَّ بتُراب الأرض. قال الله تعالى: أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ [الحديد 20].
ورَمادٌ مكفور: سَفَت الرِّيحُ الترابَ عليه حتى غطَّتْه. قال:والكُفْر: ضِدّ الإيمان، سمِّي لأنَّه تَغْطِيَةُ الحقّ.
وكذلك كُفْران النِّعمة: جُحودها وسَترُها.
والكافور: كِمُّ العِنَب قبل أن يُنوِّر.
وسمِّي . . . أكمل المادة كافوراً لأنَّه كفَر الوَلِيع، أي غطَّاه. قال:ويقال له الكفرَّى. فأمَّا الكَفِرات والكَفَر فالثَّنايا من الجبال، ولعلَّها سمِّيت كَفِرَات، لأنَّها متطامنة، كأنَّ الجبالَ الشوامخَ قد سترَتْها. قال:والكَفْرُ من الأرض: ما بَعُدَ من الناس، لا يكاد ينْزلُه ولا يمرُّ به أحد.
ومَن حَلَّ به فهم أهل الكُفور.
ويقال: بل الكُفور: القُرَى. جاء في الحديث "لتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً".من ذلك الكَنْفَلِيلة: اللِّحية الضَّخمة.
وهذا مما زيدت فيه النون مع الزيادة في حروفه، وهو من الكَفْل، وهو جَمْع الشَّيء، وقد ذكرناه.ومن ذلك الكَرْبَلَة: وهي رَخاوةٌ في القَدَمين.
وجاء يمشي مُكَرْبِلاً، كأنَّه يمشِي في الطِّين.
وهذهِ منحوتةٌ من كلمتين: من رَبَل وكَبَل. أمَّا ربل فاسترخاء اللَّحم، وقد مرّ.
وأمَّا الكَِبْل فالقَيد، فكأنَّه إذا مشى ببطءٍ مقيّدٌ *مسترخِي الرِّجل.ومن ذلك الكَلْثَمة: اجتماعُ لحمِ الوَجْه من غير جُهُومة.
وهذا مما زيدت فيه اللام، وإنَّما هو من كثم وهو الامتلاء، وقد مرَّ تفسيره.ومن ذلك الكَمْثَرة: اجتماعُ الشَّيء.
وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من الكَثْرة.ومن ذلك تكَنْبَثَ الشَّيءُ: تقبَّض.
ورجلٌ كُنَابِثٌ: جَهم الوجه.
وهذا من كَبِث، وقد مرّ، وهو اللحم المتغيِّر.ومن ذلك الكُنْدُر والكُنَيدِر والكُنَادِر: الرّجل الغليظ والحِمار الوحشيّ.
وهذا مما زيدت فيه النون، والأصل الكَدَر، وقد ذكرناه.ومن ذلك كَرْدَم الرّجل: أسرَعَ العَدْوَ.
وهذا ممَّا زيدت فيه الميم، وهو من كرد، وقد مرَّ.ومن ذلك المُكْلَنْدِد: الشَّديد.ومن ذلك كَرْسَفْتُ عُرقوبَ الدّابّة.
وهذا مما زيدت فيه الراء، والأصل كَسَفْتُ، وقد مر.ومن ذلك الكُرْدُوس، وهي الخيل العظيمة.
وهذه منحوتةٌ من كَلمٍ ثلاث: من كرد، وكرس، وكدس، وكلُّها يدل على التجمُّع.
والكَرْد: الطَّرد، ثم اشتُقَّ من ذلك فقيل لكلِّ عظمٍ عَظُمت نَحْضَتُه: كُرْدوس.
ومنه كُرْدِس الرّجُل: جُمِعت يداه ورجلاه.ومما لعلَّه أن يكون موضوعاً وضعاً من غير قياس الكِرْنافة: أصل السَّعَفَة الملتزقُ بجذع النَّخلة. يقولون: كَرْنَفَه، أي ضَرَبه، كأنَّه ضُرِب بالكِرنافة.ويقولون: الكِنْفِيرة: أرنبـة الأنـف.
والكُرْتُوم: الصَّفاة.
والكُمَّثْرى معروف.
والكِبريت: ليس بعربيّ.
والكَمْتَرةُ: مِشيةٌ فيها تقارب.
والكَرْزَم والكَرْزن: فأس.
ويقولون إنَّ الكَرَازِم: شدائد الدَّهر.
وأنشد فيه الخليل:وأظنُّ هذا مما قد تُجُوِّز فيه، وأنَّه ليس من كلام العرب ومما لا يصلُح قَبولُه بَتَّةً.وقالوا: الكُنْدُش: العَقْعَق، يقولون "أخبَثُ من كُندش".
وما أدري كيف يقبل العلماء هذا وأشباهَه.
وكذلك قولهم: إنَّ الكِربال: مِنْدَفُ القُطْن.
ويُنشِدون:وكلُّ هذا قريبٌ في البُطلان بعضُه من بعض.
والله أعلَم بالصّواب.

رمس (العباب الزاخر) [0]


رَمَسْتُ عليه الخَبَرَ أرْمُسُه -بالضم- رَمْساً: كَتَمْتُه، قال لقيط بن زُرارَة في ابْنَتِه دَخْتَنَوْس وقُتِلَ يَوْمَ جَبَلَة:
أتَحْلِقُ القرونَ أم تَـمـيس      لا بَل تَميسُ إنَّها عَـروسُ


فَجَزَّت قُرونها حينَ بَلَغَها مَهْلِكُ أبيها. وقال ابن دريد: الرَّمْس: مصدرُ رَمَسْتُه أرْمُسُه رَمْساً: إذا دَفَنْتَه، وبه سُمِّيَت الرياح رَوَامِس، لأنَّها تَرْمُسُ الآثارَ أي تَدفِنُها، ثم كَثُرَ ذلك في كلامِهِم؛ فسُمِّيَ القبرُ رَمْساً، والجمع أرماس ورُمُوْس. وروي أنَّ عُبَيد بن سارِيَة قَدِمَ على معاوية -رضي الله عنه، وكان عَبَيد قد عُمِّرَ ثلاثمائة سنة- فسألَهُ عن أشياء فقال: أعجَبُ ما رَأيتُه أنّي نَزَلتُ بحَيٍ من قُضاعَة، فَخَرَجوا بِجنازَةِ رَجُلٍ من عُذرة يقال له حُرَيث بن . . . أكمل المادة جَبَلَة، فَخَرَجْتُ معهم، حتى إذا وارَوه انْتَبَذْتُ جانِباً من القومِ وعَيْنَايَ تَذْرِفانِ، ثمَّ تَمَثَّلْتُ بأبيات شِعْرٍ كُنتُ رُوِّيْتُها قبل ذلك:
حتى كأن لم يكـن إلاّ تَـذَكُّـرُهُ      والدَّهْرُ أيَّمـا حـالٍ دَهـارِيْرُ

وذو قَرابَتِهِ في الحَيِّ مَسـرورُ

حتى كأن لم يكـن إلاّ تَـذَكُّـرُهُ

والدَّهْرُ أيَّمـا حـالٍ دَهـارِيْرُ

فقال رجل إلى جَنبي يَسْمَعُ ما أقول: يا عبد اللهِ من قائِلُ هذه الأبيات؟ قلتُ: والذي أحلِفُ بِهِ ما أدري؛ قد رُوِّيْتُها مُنذُ زمانٍ، قال: قائلها هذا الذي دَفَناه آنِفاً؛ وانَّ هذا ذو قرابَتِهِ أسَرّ النّاسَ بِمَوتِهِ وانَّكَ الغريبُ الذي وَصَفَ تبكي عليه. فَعَجِبْتُ لِما ذَكَرَ في شِعرِهِ والدي صارَ إليه من قولِه، كأنَّه كان يَنظُرُ إلى قَبْرِه، فقُلتُ: إنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ.
وأنشَدَ المَرْزُبانيُّ الأبياتَ في رِواية أبي عُيَيْنَهَ المُهَلَّبي، ورَواها غيرُه لعُشٍ العُذْريِّ. والرَّمْسُ -أيضاً-: تُراب القَبْرِ، وهو في الأصل مَصدَر. والمَرمَس: موضع القبر، قال:
خَفْضٍ مَرْمَسي أو فـي يَفَـاعٍ      تُصَوِّتُ هامَتي في رأْسِ قَبْري

وقال ابن دريد: المَرْمَس: القبر بعينه، وأنشد:
وخَليلي في مَرْمَسٍ مدفونُ     

وقال ابنُ شُمَيل: إذا كان القبر مدموماً مع الأرض فهو الرَّمْس، أي مُستَوياُ مع وجه الأرض، فإذا رُفِعَ عن وجه الأرض في السماء فلا يقال له رَمْس. وقال ابن دريد: الرياح الرَّوامِس والرّامِسات: دوافِن الآثار، يقال: رَمَسَتِ الرِّياح الآثار: إذا دَفَنَتها، قال ذو الرُّمَّة:
متى العَهْدُ مِمَّن حَلَّها أو كم انقضـى      من الدَّهرِ مُذْ جَرَّت عليها الرَّوامِس


وقال النابغة الذبياني:
كأنَّ مَجَرّ الرّامِساتِ ذُيُولُها      عليهِ قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِع

وقال ابن شُمَيل: الرَّوامِس: الطَّير التي تطيرُ بالليل، قال: وكلُّ دابَّةٍ تخرُجُ بالليل فهيَ رامِسٌ تَرْمُسُ الآثار كما يُرْمَسُ المَيِّت. وفي حديث الضّحّاك: ارمسوا قبري رَمْسا.
والمعنى: النّضهي عن تشهيرِ قبرِه بالرَّفع والتَّسنيم. وقال ابن عبّاد: الرَّمس: الرمي. يقال: رَمَسْتُه بحجر إذا رَمَيتَه به. والتَّرْمُسُ: وادٍ لِبَني أُسَيِّد، قال المرّار بن سعيد الفَقْعَسِيُّ:
وكأنَّ أرْحُلَنا بِوَهْدٍ مُـعْـشِـبِ      بِمَنَا عُنَيْزَةَ من مَفِيْضِ التَّرْمُسِ

والارتِماس: الاغتِماس، ومنه حديث عامِر بن شَرَاحيل الشَّعبِيّ: إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أجْزَأهُ عن الغُسْل من الجَنَابَة.
وعنه أيضاً: أنَّه كَرِهَ للصّائِم أن يَرْتَمِسَ. والتركيب يدل على تغطية وسَتْر.

أدب (لسان العرب) [0]


الأَدَبُ: الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس؛ سُمِّيَ أَدَباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى الـمَحامِد، ويَنْهاهم عن المقَابِح.
وأَصل الأَدْبِ الدُّعاءُ، ومنه قيل للصَّنِيع يُدْعَى إليه الناسُ: مَدْعاةٌ ومَأْدُبَةٌ. ابن بُزُرْج: لقد أَدُبْتُ آدُبُ أَدَباً حسناً، وأَنت أَدِيبٌ.
وقال أَبو زيد: أَدُبَ الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً، فهو أَدِيبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابةً وأَرَباً، في العَقْلِ، فهو أَرِيبٌ. غيره: الأَدَبُ: أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ.
والأَدَبُ: الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ.
وأَدُبَ، بالضم، فهو أَدِيبٌ، من قوم أُدَباءَ.
وأَدَّبه فَتَأَدَّب: عَلَّمه، واستعمله الزجاج في اللّه، عز وجل، فقال: وهذا ما أَدَّبَ اللّهُ تعالى به نَبِيَّه، صلى اللّه عليه وسلم.
وفلان قد اسْتَأْدَبَ: بمعنى تَأَدَّبَ.
ويقال للبعيرِ إِذا رِيضَ وذُلِّلَ: أَدِيبٌ مُؤَدَّبٌ.
وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي: . . . أكمل المادة وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بَين عالِجٍ * ونَجْرانَ، تَصْرِيفَ الأَدِيبِ الـمُذَلَّلِ والأُدْبَةُ والـمَأْدَبةُ والـمَأْدُبةُ: كلُّ طعام صُنِع لدَعْوةٍ أَو عُرْسٍ. قال صَخْر الغَيّ يصف عُقاباً: كأَنّ قُلُوبَ الطَّيْر، في قَعْرِ عُشِّها، * نَوَى القَسْبِ، مُلْقًى عند بعض الـمَآدِبِ القَسْبُ: تَمْر يابسٌ صُلْبُ النَّوَى. شَبَّه قلوبَ الطير في وَكْر العُقابِ بِنَوى القَسْبِ، كما شبهه امْرُؤُ القيس بالعُنَّاب في قوله: كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ، رَطْباً ويابِساً، * لَدَى وَكْرِها، العُنَّابُ والحَشَفُ البالي والمشهور في الـمَأْدُبة ضم الدال، وأَجاز بعضهم الفتح، وقال: هي بالفتح مَفْعَلةٌ مِن الأَدَبِ. قال سيبويه: قالوا الـمَأْدَبةُ كما قالوا الـمَدْعاةُ.
وقيل: الـمَأْدَبةُ من الأَدَبِ.وفي الحديث عن ابن سعود: إِنَّ هذا القرآنَ مَأْدَبةُ اللّه في الأَرض فتَعَلَّموا من مَأْدَبَتِه، يعني مَدْعاتَه. قال أَبو عبيد: يقال مَأْدُبةٌ ومَأْدَبةٌ، فمن قال مَأْدُبةٌ أَراد به الصَّنِيع يَصْنَعه الرجل، فيَدْعُو إِليه الناسَ؛ يقال منه: أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً، ورجل آدِبٌ. قال أَبو عبيد: وتأْويل الحديث أَنه شَبَّه القرآن بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّه للناس لهم فيه خيرٌ ومنافِعُ ثم دعاهم إليه؛ ومن قال مَأْدَبة: جعَله مَفْعَلةً من الأَدَبِ.
وكان الأَحمر يجعلهما لغتين مَأْدُبةً ومَأْدَبةً بمعنى واحد. قال أَبو عبيد: ولم أَسمع أحداً يقول هذا غيره؛ قال: والتفسير الأَول أَعجبُ إِليّ.وقال أَبو زيد: آدَبْتُ أُودِبُ إِيداباً، وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً، والـمَأْدُبةُ: الطعامُ، فُرِقَ بينها وبين الـمَأْدَبةِ الأَدَبِ.
والأَدْبُ: مصدر قولك أَدَبَ القومَ يَأْدِبُهُم، بالكسر، أَدْباً، إِذا دعاهم إِلى طعامِه.
والآدِبُ: الداعِي إِلى الطعامِ. قال طَرَفَةُ: نَحْنُ في الـمَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى، * لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ وقال عدي: زَجِلٌ وَبْلُهُ، يجاوبُه دُفٌّ * لِخُونٍ مَأْدُوبَةٍ، وزَمِيرُ والـمَأْدُوبَةُ: التي قد صُنِعَ لها الصَّنِيعُ.
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: أَما إِخْوانُنا بنو أُمَيَّةَ فَقادةٌ أَدَبَةٌ. الأَدَبَةُ جمع آدِبٍ، مثل كَتَبةٍ وكاتِبٍ، وهو الذي يَدْعُو الناسَ إِلى الـمَأْدُبة، وهي الطعامُ الذي يَصْنَعُه الرجل ويَدْعُو إِليه الناس.
وفي حديث كعب، رضي اللّه عنه: إِنّ لِلّهِ مَأْدُبةً من لحُومِ الرُّومِ بمُرُوج عَكَّاءَ. أَراد: أَنهم يُقْتَلُون بها فَتَنْتابُهمُ السِّباعُ والطير تأْكلُ من لحُومِهم.
وآدَبَ القومَ إِلى طَعامه يُؤْدِبُهم إِيداباً، وأَدَبَ: عَمِلَ مَأْدُبةً. أَبو عمرو يقال: جاشَ أَدَبُ البحر، وهو كثْرَةُ مائِه.
وأَنشد: عن ثَبَجِ البحرِ يَجِيشُ أَدَبُه، والأَدْبُ: العَجَبُ. قال مَنْظُور بن حَبَّةَ الأَسَدِيّ، وحَبَّةُ أُمُّه: بِشَمَجَى الـمَشْي، عَجُولِ الوَثْبِ، غَلاَّبةٍ للنَّاجِياتِ الغُلْبِ، حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ الأُزْبِيُّ: السُّرْعةُ والنَّشاطُ، والشَّمَجَى: الناقةُ السرِيعَةُ.
ورأَيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح المعروف: الإِدْبُ، بكسر الهمزة؛ ووجد كذلك بخط أَبي زكريا في نسخته قال: وكذلك أَورده ابن فارس في المجمل. الأَصمعي: جاءَ فلان بأَمْرٍ أَدْبٍ، مجزوم الدال، أَي بأَمْرٍ عَجِيبٍ، وأَنشد: سمِعتُ، مِن صَلاصِلِ الأَشْكالِ، * أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوالي

هشش (لسان العرب) [0]


الهَشُّ والهَشِيشُ من كل شيء: ما فيه رَخاوَةٌ ولين، وشيءٌ هَشٌ وهشِيشٌ، وهَشَ يَهِشُّ هَشاشةً، فهو هَشٌّ وهَشِيشٌ.
وخُبْزة هَشَّةٌ: رِخْوة المَكْسَر، ويقال: يابسة؛ وأَتْرُجَّةٌ هَشَّةٌ كذلك.وهَشَّ الخبْزُ يَهِشُّ، بالكسر: صار هَشّاً.
وهَشَّ هُشُوشةً: صار خَوَّاراً ضعيفاً.
وهشَّ يَهِشُّ: تَكَسَّر وكَبِر.
ورجل هَشٌ وهَشِيشٌ: بَشٌ مُهْتَرٌ مَسْرورٌ.
وهشَّشْتُه وهَشِشْتُ به، بالكسر، وهشَشْت؛ الأَخيرة عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابيِّ، هَشاشةً: بَشِشْت، والاسم الهَشَاشُ.
والهَشَاشةُ: الارْتِياحُ والخِفَّة للمعروف. الجوهري: هشِشْتُ بفلان، بالكسر، أَهَشّ هَشاشةً إِذا خَّفَفْت إِليه وارْتَحْت له وفَرِحْت به؛ ورجل هَشٌّ بَشٌّ.
وفي حديث ابن عمر: لقد راهَنَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، على فرس له يقال له سَبْحَةُ فجاءَت سابقةً فلَهَشَ لذلك وأَعْجَبه أَي . . . أكمل المادة فلقد هشَّ، واللام جواب القسم المحذوف أَو للتأْكيد.
وهَشَشْت وهَشِشْت للمعروف هَشّاً وهَشَاشةً واهْتَشَشْت: ارْتَحْتُ له واشْتَهَيْته؛ قال مُلَيح الهُذَلي:مُهْتَشَّة لِدَلِيجِ الليلِ صادِقَة وَقْع الهجيرِ، إِذا ما شَحْشَحَ الصُّرَدُ وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال: هشِشْت يوماً فَقَبَّلْتُ وأَنا صائم، فسأَلتُ عنه رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم؛ قال شمر: هشِشت أَي فَرِحْت واشتهيت؛ قال الأَعشى: أَضْحَى ابنُ ذِي فائشٍ سَلامةً ذي الـ ـتفضال هَشّاً، فُؤَادُه جَذِلا قال الأَصمعي: هشّاً فُؤَادُه أَي خفيفاً إِلى الخَيْر. قال: ورَجل هشٌّ إِذا هشَّ إلى إِخوانِه. قال: والهَشَاشُ والأَشَاشُ واحدٌ.
واسْتَهشَّنِي أَمرُ كذا فَهَشَِشْت له أَي اسْتَخَفَّنِي فخَفَفْت له.
وقال أَبو عمرو: الهَشِيشُ الرجلُ الذي يَفْرح إِذا سأَلته. يقال: هو هاشٌ عند السؤَال وهَشِيشٌ ورائحٌ ومُرْتاحٌ وأَرْيَحِيٌّ؛ وأَنشد أَبو الهَيْثَم في صفة قِدْر: وحاطِبانِ يهُشَّان الهَشيمَ لها، وحاطِبُ الليلِ يلْقى دُونَها عنَنا يَهُشَّان الهَشيمَ: يُكَسِّرانِه للقدْر.
وقال عمرٌو. الخيلُ تُعْلَفُ عند عَوَز العلَف هَشِيمَ السَمَك، والهَشِيشُ لِخُيُول أَهلِ الأَسْيافِ خاصة؛ وقال النمر بن تَوْلَب: والخَيْلُ في إِطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ، نُطْعِمها اللحمَ، إِذا عَزَّ الشَجَرْ قال ذلك في كَلِمته التي يقول فيها: اللَّهُ من آياتِه هذا القَمَرْ قال: وتُعْلَفُ الخيلُ اللحمَ إِذا قلَّ الشجرُ.
ويقال للرجل إِذا مُدِحَ: هو هَشُّ المَكْسَِرِ أَي سَهْل الشأْن فيما يُطْلَبُ عنده من الحوائج.
ويقال: فلان هَشُّ المَكْسِرِ والمَكْسَرِ سَهْلُ الشأْن في طلَب الحاجةِ، يكون مَدْحاً وذمّاً، فإِذا أَرادوا أَن يقولوا ليس هو بصَلاَّدِ القِدْح، وإِذا أَرادوا أَن يقولوا هو خَوَّارُ العُودِ فهو ذمٌ. الجوهري: الفَرَسُ الهَشُّ خِلاف الصَّلُود.
وفرس هَشٌّ: كثيرُ العَرَق.
وشاةٌ هَشُوشٌ إِذا ثرَّتْ باللَّبَنِ.
وقِرْبةٌ هَشَّاشةٌ: يَسِيل ماؤها لرِقَّتِها، وهي ضد الوَكِيعةِ؛ وأَنشد أَبو عمرو لطَلْق بن عدي يصف فرساً:كأَنَّ ماءَ عِطْفِه الجَيَّاشِ ضَهْلُ شِنانِ الحَوَرِ الهَشَّاشِ والحَوَرُ: الأَدِيمُ، والهَشُّ: جَذْبك الغُصْنَ من أَغصان الشجَرة إِليك، وكذلك إِن نَثَرْتَ ورَقَها بعصاً هشَّه يهُشُّه هَشّاً فيهما.
وقد هشَشْتُ أَهُشُّ هَشّاً إِذا خَبَطَ الشجرَ فأَلْقاه لغَنَمِه.
وهشَشْتُ الورَقَ أَهُشُّه هَشّاً: خبَطْتُه بِعصاً ليتَحاتَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وأَهُشُّ بها على غَنَمِي؛ قال الفراء: أَي أَضرِب بها الشجرَ اليابس ليَسْقُطَ ورَقُها فتَرْعاه غنَمُه؛ قال أَبو منصور: والقول ما قاله الفراءُ والأَصمعي في هَشَّ الشجرَ، لا ما قاله الليث إِنه جَذْبُ الغُصْن من الشجر إِليك.
وفي حديث جابر: لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَد حِمَى رسولِ اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ولكن هُشُّوا هَشّاً أَي انثُرُوه نَثْراً بلِينِ ورِفْقِ. ابن الأَعرابي: هَشَّ العودُ هُشُوشاً إِذا تكَسَّرَ، وهشَّ للشيء يَهِشُّ إِذا سُرَّ به وفَرِحَ.
وفَرَسٌ هَشُّ العِنَان: خَفِيفُ العِنَان. قال شمر: وهاشَ بمعنى هشَّ؛ قال الراعي: فكَبَّر للرُّؤْيا وهاشَ فُؤَادُه، وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها قال: هاش طَرِبَ. ابن سيده: والهَشِيشةُ الورَقَةُ أَظُنُّ ذلك.
وهَشَاهِشُ القومِ: تحرُّكهم واضطرابُهم.

القَصْرُ (القاموس المحيط) [0]


القَصْرُ والقِصَرُ، كعِنَبٍ: خِلافُ الطُّولِ،
كالقَصَارَةِ.
قَصُرَ، ككَرُمَ، فهو قَصيرٌ، من قُصراءَ، وقصارٍ، وقصيرةٌ، من قِصارٍ وقِصارَةٍ.
أو القِصارَةُ: القصيرةُ، نادِرٌ.
والأَقاصِرُ: جمعُ أقْصَرَ.
وقَصَرَهُ يَقْصِرُهُ: جَعَلَهُ قَصيراً،
و~ الشَّعَرَ: كَفَّ منه، والاسمُ: القِصارُ، بالكسر.
وتَقاصَرَ: أظْهَرَ القِصَرَ،
كتَقَوْصَرَ.
والقَصْرُ: خلافُ المَدِّ، واخْتلاطُ الظَّلامِ، والحَبْسُ، والحَطَبُ الجَزْلُ، والمَنْزِلُ، أو كُلُّ بَيْتٍ من حَجَرٍ، وعَلَمٌ لسَبْعَةٍ وخَمْسينَ مَوْضِعاً، ما بَيْنَ مَدينَةٍ وقرْيَةٍ وحِصْنٍ ودارٍ، أعْجَبُها قَصْرُ بَهْرام جُورَ من حَجَرٍ واحِدٍ قُرْبَ هَمَذانَ.
وقَصَرَهُ على الأَمْرِ: رَدَّهُ إليه.
و~ عن الأَمرِ قُصُوراً،
وأقْصَرَ وقَصَّرَ وتَقاصَرَ: انْتَهَى،
و~ عنه: عَجَزَ،
و~ عَنِّي الوَجَعُ والغَضَبُ قُصُوراً: سَكَنَ،
كقَصَّرَ.
وقَصَّرَ عنه: تَرَكَهُ، . . . أكمل المادة وهو لا يَقْدِرُ عليه،
وأحَبَّ القَصْرَ، ويُحَرَّكُ،
والقُصْرَةَ، بالضم، أي: أن يُقَصِّرَ.
وامرأةٌ مَقْصورَةٌ وقَصُورَةٌ وقَصيرَةٌ: مَحْبوسَةٌ في البيتِ، لا تُتْرَكُ أن تَخْرُجَ.
وسَيْلٌ قَصيرٌ: لا يَسيلُ وادِياً مُسَمًّى.
والمَقْصُورَةُ: الدارُ الواسِعَةُ المُحَصَّنَةُ، أو هي أصْغَرُ من الدارِ،
كالقُصارَةِ، بالضم، ولا يَدْخُلُها إلا صاحِبُها، والحَجَلَةُ،
كالقَصُورَةِ، كَصَبُورَةٍ.
واقْتَصَرَ عليه: لم يُجاوِزْهُ.
وماءٌ قاصِرٌ ومُقْصِرٌ، كمُحْسِنٍ: يَرْعَى المالُ حَوْلَهُ، أو بَعيدٌ عن الكَلأِ، أو بارِدٌ.
والقُصارَةُ، بالضم،
والقِصْرَى، بالكسر،
والقَصَرُ والقَصَرَةُ، محرَّكتينِ،
والقُصْرَى، كبُشْرَى: ما يَبْقَى في المُنْخُلِ بعد الانْتِخالِ، أو ما يَخْرُجُ من القَتِّ بعد الدَّوْسَةِ الأُولى، أو القِشْرَةُ العُلْيا من الحَبَّةِ.
والقَصَرَةُ، محركَةً: زُبْرَةُ الحَدَّادِ، والقِطْعَةُ من الخَشَبِ، والكَسَلُ،
كالقَصارِ، كسَحابٍ، وزِمِكَّى الطائِرِ، وأصلُ العُنُقِ
ج: أقْصارٌ.
وككتابٍ: سِمَةٌ عليها.
وقد قَصَّرَها تَقْصيراً.
ولا يُقالُ إِبلٌ مُقَصَّرَةٌ.
والقَصَرُ، محركةً: أُصولُ النَّخْلِ والشجرِ وبَقاياها، وأعْناقُ الناسِ والإِبِلِ، ويُبْسٌ في العُنُقِ.
قَصِرَ، كفرِحَ، فهو قَصِرٌ وأقْصَرُ، وهي قَصْراءُ.
والتِّقْصارُ والتِّقْصارَةُ، بكسرهما: القِلادَةُ
ج: تَقاصيرُ.
وقَصَرَ الطَّعامُ قُصوراً: نَمَى، وغَلا، ونَقَصَ، ورَخُصَ، ضِدٌّ، وكَمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ ومَرْحَلَةٍ: العَشِيُّ.
وقَصَرْنا وأقْصَرْنا: دَخَلْنا فيه.
والمَقاصِرُ والمَقاصِيرُ: العِشاءُ الآخِرَةُ.
ومقَاصيرُ الطَّبَقِ: نَواحِيها.
والقُصْرَيانِ والقُصَيْرَيانِ، بِضمهما: ضِلْعانِ يَليانِ الطِّفْطِفَةَ، أو يَلِيانِ التَّرْقُوَتَين.
والقُصَيْرَى، مَقْصُورَةً: أَسْفَلُ الأَضْلاعِ، أو آخِرُ ضِلَعٍ في الجَنْبِ، وأصلُ العُنُقِ.
والقَصَرَى، كجَمَزَى وبُشْرَى،
والقُصَيْرَى، مُصَغَّراً مَقْصُوراً: ضَرْبٌ من الأَفاعِي.
وكشَدَّادٍ ومحدِّثٍ: مُحَوِّرُ الثِّيابِ.
وحِرْفَتُهُ: القِصارَةُ، بالكسر.
وخَشَبَتُهُ: المِقْصَرَةُ، كمِكْنَسَةٍ.
والتَّقْصيرُ: إخْساسُ العَطِيَّةِ، وكَيَّةٌ للدَّوابِّ.
وهو ابنُ عَمِّي قَصْرَةً، ويضمُّ،
ومَقْصُورَةً وقَصيرَةً، أي: دانِيَ النَّسَبِ.
وتَقَوْصَرَ: دَخَلَ بعضُه في بعضٍ.
والقَوْصَرَّةُ، وتُخَفَّفُ: وِعاءٌ للتَّمْرِ، وكِنايةٌ عن المرأةِ.
وقَيْصَرُ: لَقَبُ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ.
والأُقَيْصِرُ، كأُحَيْمِرٍ: صَنَمٌ.
وابنُ أُقَيْصِرٍ: رجُلٌ كانَ بَصيراً بالخَيْلِ.
وقاصِرُونَ: ع.
وقَصْرُكَ أن تَفْعَلَ كذا،
وقَصارُكَ، ويضمُّ،
وقُصَيْراكَ وقُصارَاكَ، بضمهما، أي: جُهْدُكَ وغايَتُكَ.
وأقْصَرَتْ: وَلَدَتْ قِصاراً،
و~ النَّعْجَةُ أو المَعَزُ: أسَنَّتْ، فهي مُقْصِرٌ، ويقالُ: الطَّويلَةُ قد تُقْصِرُ، والقَصيرَةُ قد تُطِيلُ.
وقولُ الجوهريِّ: في الحَديثِ: وَهَمٌ.
وهو مُقاصِرِي، أي: قَصْرُهُ بِحِذاءِ قَصْرِي.
والقُصَيْرُ، كزُبَيْرٍ: د بِساحِلِ بَحْرِ اليمنِ من بَرِّ مِصْرَ،
وة بِدِمَشْقَ،
وة بظاهِرِ الجَنَدِ، وجَزيرَةٌ صَغيرَةٌ قُرْبَ جَزيرَةِ هِنْكام، بها مَقامُ الأَبْدالِ.
وقَصْرانِ: ناحِيتَانِ بالرَّيِّ.
والقُصْرَانِ: دارانِ بالقاهِرَةِ.
وتَقَصَّرْتُ به: تَعَلَّلْتُ.
وقُصَائِرَةُ، بالضم: جبلٌ.
وقَصِيرُ النَّسَبِ: أبُوهُ مَعْرُوفٌ، إذا ذَكَرَهُ الابنُ، كفاهُ عن الانْتهاءِ إلى الجَدِّ، وهي: بهاءٍ.
وقُصارَةُ الأرضِ، بالضم: طائفَةٌ قَصيرَةٌ منها، وهي أسْمَنُها أرْضاً، وأجْوَدُها نَبْتاً، قَدْرَ خَمْسينَ ذِراعاً أو أكثَرَ، وما بَقِيَ في السُّنْبُلِ من الحَبِّ بعدما يُداسُ،
كالقِصْرِيِّ، كهِنْدِيٍّ.
وفي المَثَلِ: "قَصيرَةٌ من طَويلَةٍ"، أي: تَمْرَةٌ من نَخْلَةٍ، يُضْرَبُ في اخْتصارِ الكَلامِ.
وقَصيرُ بنُ سَعْدٍ: صاحِبُ جَذِيمَةَ الأَبْرَشِ، ومنه المَثَلُ:
"لا يُطاعُ لقَصِيرٍ أمْرٌ".
وفَرَسٌ قَصيرٌ، أي: مُقْرَبَةٌ لا تُتْرَكُ أن تَرُودَ لِنَفاسَتِها.
وامرأةٌ قاصِرَةُ الطَّرْفِ: لا تَمُدُّه إلى غيرِ بَعْلِها.
وسُورَةُ النِّساءِ القُصْرَى: سُورَةُ الطَّلاق.

عمد (لسان العرب) [0]


العَمْدُ: ضدّ الخطإِ في القتل وسائر الجنايات.
وقد تَعَمَّده وتعمِد له وعَمَده يعْمِده عَمْداً وعَمَدَ إِليه وله يَعْمَّد عمداً وتعمَّده واعتَمَده: قصده، والعمد المصدر منه. قال الأَزهري: القتل على ثلاثة أَوجه: قتل الخطإِ المحْضِ وهو أَن يرمي الرجل بحجر يريد تنحيته عن موضعه ولا يقصد به أَحداً فيصيب إِنساناً فيقلته، ففيه الدية على عاقلة الرامي أَخماساً من الإِبل وهي عشرون ابنة مَخاض، وعشرون ابنة لَبُون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حِقَّة وعشرون جَذَعة؛ وأَما شبه العمد فهو أَن يضرب الإِنسان بعمود لا يقتل مثله أَو بحجر لا يكاد يموت من أَصابه فيموت منه فيه الدية مغلظة؛ وكذلك العمد المحض فيه . . . أكمل المادة ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأَربعون ما بين ثَنِيَّةٍ إِلى بازِلِ عامِها كلها خَلِفَةٌ؛ فأَما شبه العمد فالدية على عاقلة القائل، وأَما العمد المحض فهو في مال القاتل.
وفعلت ذلك عَمْداً على عَيْن وعَمْدَ عَيْنٍ أَي بِجدٍّ ويقين؛ قال خفاف بن ندبة: إِنْ تَكُ خيلي قد أُصِيبَ صَميمُها. فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكا وعَمَد الحائط يَعْمِدُه عَمْداً: دعَمَه؛ والعمود الذي تحامل الثِّقْلُ عليه من فوق كالسقف يُعْمَدُ بالأَساطينِ المنصوبة.
وعَمَد الشيءَ يَعْمِدُه عمداً: أَقامه.
والعِمادُ: ما أُقِيمَ به.
وعمدتُ الشيءَ فانعَمَد أَي أَقمته بِعِمادٍ يَعْتَمِدُ عليه.
والعِمادُ: الأَبنية الرفيعة، يذكر ويؤَنث، الواحدة عِمادة؛ قال الشاعر: ونَحْنُ، إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ على الأَحَفاضِ، نَمْنَعُ مَنْ يَلِينا وقوله تعالى: إِرَمَ ذاتِ العِماد؛ قيل: معناه أَي ذات الطُّولِ، وقيل أَي ذات البناءِ الرفيع؛ وقيل أَي ذات البناءِ الرفيع المُعْمَدِ، وجمعه عُمُدٌ والعَمَدُ اسم للجمع.
وقال الفراء: ذاتِ العِماد إِنهم كانوا أَهل عَمَدٍ ينتقلون إِلى الكَلإِ حيث كان ثم يرجعون إِلى منازلهم؛ وقال الليث: يقال لأَصحاب الأَخبِيَة الذين لا ينزلون غيرها هم أَهل عَمود وأَهل عِماد. المبرد: رجل طويلُ العِماد إِذا كان مُعْمَداً أَي طويلاً.
وفلان طويلُ العِماد إِذا كان منزله مُعْلَماً لزائريه.
وفي حديث أُم زرع: زوجي رفيعُ العِمادِ؛ أَرادت عِمادَ بيتِ شرفه، والعرب تضع البيت موضع الشرف في النسب والحسب.
والعِمادُ والعَمُود: الخشبة التي يقوم عليها البيت.
وأَعمَدَ الشيءَ: جعل تحته عَمَداً.
والعَمِيدُ: المريض لا يستطيع الجلوس من مرضه حتى يُعْمَدَ من جوانبه بالوَسائد أَي يُقامَ.
وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم: وأَعْمَدَتاه رِجْلاه أَي صَيَّرَتاه عَمِيداً، وهو المريض الذي لا يستطيع أَن يثبت على المكان حتى يُعْمَدَ من جوانبه لطول اعتماده في القيام عليها، وقوله: أَعمدتاه رجلاه، على لغة من قال أَكلوني البراغيثُ، وهي لغة طيء.
وقد عَمَدَه المرضُ يَعْمِدُه: فَدَحَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ ومنه اشتق القلبُ العَمِيدُ. يَعْمِدُه: يسقطه ويَفْدَحُه ويَشْتَدُّ عليه. قال: ودخل أَعرابي على بعض العرب وهو مريض فقال له: كيف تَجدُك؟ فقال: أَما الذي يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ.
ويقال للمريض مَعمود، ويقال له: ما يَعْمِدُكَ؟ أَي يُوجِعُك.
وعَمَده المرض أَي أَضناه؛ قال الشاعر: أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ الليل عامِدِ معناه: موجع. روى ثعلب أن ابن الأَعرابي أَنشده لسماك العامليّ: كما أَبَداً ليلةٌ واحِدَه وقال: ما مَعْرِفَةٌ فنصب أَبداً على خروجه من المعرفة كان جائزاً (* قوله «وقال ما معرفة إلى قوله كان جائزاً» كذا بالأصل). قال الأَزهري: وقوله ليلة عامدة أَي مُمْرضة موجعة.
واعْتَمَد على الشيء: توكّأَ.
والعُمْدَةُ: ما يُعتَمَدُ عليه.
واعْتَمَدْتُ على الشيء: اتكأْتُ عليه.
واعتمدت عليه في كذا أَي اتَّكَلْتُ عليه.
والعمود: العصا؛ قال أَبو كبير الهذلي: يَهْدي العَمُودُ له الطريقَ إِذا هُمُ ظَعَنُوا، ويَعْمِدُ للطريق الأَسْهَلِ واعْتَمَد عليه في الأَمر: تَوَرَّك على المثل.
والاعتماد: اسم لكل سبب زاحفته، وإِنما سمي بذلك لأَنك إِنما تُزاحِفُ الأَسباب لاعْتِمادها على الأَوْتاد.
والعَمود: الخشبة القائمة في وسط الخِباء، والجمع أَعْمِدَة وعُمُدٌ، والعَمَدُ اسم للجمع.
ويقال: كل خباء مُعَمَّدٌ؛ وقيل: كل خباء كان طويلاً في الأَرض يُضْرَبُ على أَعمدة كثيرة فيقال لأَهْلِه: عليكم بأَهْل ذلك العمود، ولا يقال: أَهل العَمَد؛ وأَنشد: وما أَهْلُ العَمُودِ لنا بأَهْلٍ، ولا النَّعَمُ المُسامُ لنا بمالِ وقال في قول النابغة: يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ قال: العمد أَساطين الرخام.
وأَما قوله تعالى: إِنها عليهم مؤصدة في عَمَدٍ مُمَدَّدة؛ قرئت في عُمُدٍ، وهو جمع عِمادً وعَمَد، وعُمعد كما قالوا إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ ومعناه أَنها في عمد من النار؛ نسب الأَزهري هذا القول إِلى الزجاج، وقال: وقال الفراء: العَمَد والعُمُد جميعاً جمعان للعمود مثل أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ.
وقوله تعالى: خلق السموات بغير عمد ترونها؛ قال الزجاج: قيل في تفسيره إِنها بعمد لا ترونها أَي لا ترون تلك العمد، وقيل خلقها بغير عمد وكذلك ترونها؛ قال: والمعنى في التفسير يؤول إِلى شيء واحد، ويكون تأْويل بغير عمد ترونها التأْويل الذي فسر بعمد لا ترونها، وتكون العمد قدرته التي يمسك بها السموات والأَرض؛ وقال الفراء: فيه قولان: أَحدهما أَنه خلقها مرفوعة بلا عمد ولا يحتاجون مع الرؤية إِلى خبر، والقول الثاني انه خلقها بعمد لا ترون تلك العمد؛ وقيل: العمد التي لا ترى قدرته، وقال الليث: معناه أَنكم لا ترون العمد ولها عمد، واحتج بأَن عمدها جبل قاف المحيط بالدنيا والسماء مثل القبة، أَطرافها على قاف من زبرجدة خضراء، ويقال: إِن خضرة السماء من ذلك الجبل فيصير يوم القيامة ناراً تحشر الناس إِلى المحشر.
وعَمُودُ الأُذُنِ: ما استدار فوق الشحمة وهو قِوامُ الأُذن التي تثبت عليه ومعظمها.
وعمود اللسان: وسَطُه طولاً، وعمودُ القلب كذلك، وقيل: هو عرق يسقيه، وكذلك عمود الكَبِد.
ويقال للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وقيل: عمود الكبد عرقان ضخمان جَنَابَتَي السُّرة يميناً وشمالاً.
ويقال: إِن فلاناً لخارج عموده من كبده من الجوع.
والعمودُ: الوَتِينُ.
وفي حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في الجالِبِ قال: يأْتي به أَحدهم على عمود بَطْنِه؛ قال أَبو عمرو: عمود بطنه ظهره لأَنه يمسك البطن ويقوِّيه فصار كالعمود له؛ وقال أَبو عبيد: عندي أَنه كنى بعمود بطنه عن المشقة والتعب أَي أَنه يأْتي به على تعب ومشقة، وإِن لم يكن على ظهره إِنما هو مثل، والجالب الذي يجلب المتاع إِلى البلاد؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لا يتعرض له حتى يبيع سلعته كما شاء، فإِنه قد احتمل المشقة والتعب في اجتلابه وقاسى السفر والنصَب.
والعمودُ: عِرْقٌ من أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ.
وقال الليث: عمود البطن شبه عِرْق ممدود من لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى دُوَيْنِ السّرّة في وسطه يشق من بطن الشاة.
ودائرة العمود في الفرس: التي في مواضع القلادة، والعرب تستحبها.
وعمود الأَمر: قِوامُه الذي لا يستقيم لا به.
وعمود السِّنانِ: ما تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ من غيره الناتئ في وسطه.
وقال النضر: عمود السيف الشَّطِيبَةُ التي في وسط متنه إِلى أَسفله، وربما كان للسيف ثلاثة أَعمدة في ظهره وهي الشُّطَبُ والشَّطائِبُ.
وعمودُ الصُّبْحِ: ما تبلج من ضوئه وهو المُسْتَظهِرُ منه، وسطع عمودُ الصبح على التشبيه بذلك.
وعمودُ النَّوَى: ما استقامت عليه السَّيَّارَةُ من بيته على المثل.
وعمود الإِعْصارِ: ما يَسْطَعُ منه في السماء أَو يستطيل على وجه الأَرض.
وعَمِيدُ الأَمرِ: قِوامُه.
والعميدُ: السَّيِّدُ المُعْتَمَدُ عليه في الأُمور أَو المعمود إِليه؛ قال: إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ إِلى رَمْلِها، والجُلْهُمِيُّ عَمِيدُها والجمع عُمَداءُ، وكذلك العُمْدَةُ، الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث فيه سواء.
ويقال للقوم: أَنتم عُمْدَتُنا الذين يُعْتَمد عليهم.
وعَمِيدُ القوم وعَمُودُهم: سيدهم.
وفلان عُمْدَةُ قومه إِذا كانوا يعتمدونه فيما يَحْزُبُهم، وكذلك هو عُمْدتنا.
والعَمِيدُ: سيد القوم؛ ومنه قول الأَعشى: حتى يَصِيرَ عَمِيدُ القومِ مُتَّكِئاً، يَدْفَعُ بالرَّاح عنه نِسْوَةٌ عُجُلُ ويقال: استقامَ القومُ على عمود رأْيهم أَي على الوجه الذي يعتمدون عليه.واعتمد فلان ليلته إِذا ركبها يسري فيها؛ واعتمد فلان فلاناً في حاجته واعتمد عليه.
والعَمِيدُ: الشديد الحزن. يقال: ما عَمَدَكَ؟ أَي ما أَحْزَنَك.
والعَمِيدُ والمَعْمُودُ: المشعوف عِشْقاً، وقيل: الذي بلغ به الحب مَبْلَغاً.
وقَلبٌ عَمِيدٌ: هدّه العشق وكسره.
وعَمِيدُ الوجعِ: مكانه.
وعَمِدَ البعَيرُ عَمَداً، فهو عَمِدٌ والأُنثى بالهاء: وَرِمَ سنَامُه من عَضِّ القَتَب والحِلْس وانْشدَخَ؛ قال لبيد يصف مطراً أَسال الأَودية: فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جانِبَيْهِ، مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَالِ قال الأَصمعي: يعني أَن السيل يركب جانبيه سحابٌ كالعَمِد أَي أَحاط به سحاب من نواحيه بالمطر، وقيل: هو أَن يكون السنام وارياً فَيُحْمَلَ عليه ثِقْلٌ فيكسره فيموت فيه شحمه فلا يستوي، وقيل: هو أَن يَرِمَ ظهر البعير مع الغُدَّةِ، وقيل: هو أَن ينشدخ السَّنَامُ انشداخاً، وذلك أَن يُرْكَب وعليه شحم كثير.
والعَمِدُ: البعير الذي قد فَسَدَ سَنَامُه. قال: ومنه قيل رجل عَمِيدٌ ومَعْمُودٌ أَي بلغ الحب منه، شُبه بالسنام الذي انشدخ انشداخاً.
وعَمِدَ البعيرُ إِذا انفضح داخلُ سَنَامِه من الركوب وظاهره صحيح، فهو بعير عَمِدٌ.
وفي حديث عمر: أَنّ نادبته قالت: واعُمراه أَقام الأَودَ وشفى العَمَدَ. العمد، بالتحريك: ورَمٌ ودَبَرٌ يكون في الظهر، أَرادت به أَنه أَحسن السياسة؛ ومنه حديث عليّ: لله بلاء فلان فلقد قَوَّم الأَوَدَ ودَاوَى العَمَدَ؛ وفي حديثه الآخر: كم أُدارِيكم كما تُدارَى البِكارُ العَمِدَةُ؟ البِكار جمع بَكْر وهو الفَتيُّ من الإِبل، والعَمِدَةُ من العَمَدِ: الورَمِ والدَّبَرِ، وقيل: العَمِدَةُ التي كسرها ثقل حملها.
والعِمْدَةُ: الموضع الذي ينتفخ من سنام البعير وغاربه.
وقال النضر: عَمهدَتْ أَلْيَتَاهُ من الركوب، وهو أَن تَرِمَا وتَخْلَجَا.
وعَمدْتُ الرَّجُلَ أَعْمِدُه عَمْداً إِذا (* قوله «أعمده عمداً إذا إلخ» كذا ضبط بالأَصل ومقتضى صنيع القاموس أنه من باب كتب.) ضربته بالعمود.
وعَمَدْتُه إِذا ضربت عمود بطنه.
وعَمدَ الخُراجُ عَمَداً إِذا عُصرَ قبل أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ ولم تخرج بيضته، وهو الجرح العَمِدُ.
وعَمِدَ الثَّرى يَعْمَدُ عَمَداً: بَلَّلَه المطر، فهو عَمِدٌ، تقَبَّضَ وتَجَعَّدَ ونَدِيَ وتراكب بعضه على بعض، فإِذا قبضت منه على شيء تَعَقَّدَ واجتمع من نُدُوَّته؛ قال الراعي يصف بقرة وحشية: حتى غَدَتْ في بياضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً، رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ أَراد طيبة ريِحِ المباءَةِ، فلما نَوَّنَ طيبةً نَصعبَ ريح المباءة. أَبو زيد: عَمِدَتِ الأَرضُ عَمَداً إِذا رسخ فيها المطر إِلى الثرى حتى إِذ قَبَضْتَ عليه في كفك تَعَقَّدَ وجَعُدَ.
ويقال: إَن فلاناً لعَمِدُ الثَّرَى أَي كثير المعروف.
وعَمَّدْتُ السيلَ تَعْميداً إِذا سَدَدْتَ وَجْهَ جَريته حتى يجتمع في موضع بتراب أَو حجارة.
والعمودُ: قضِيبُ الحديد.
وأَعْمَدُ: بمعنى أَعْجَبُ، وقيل: أَعْمَدُ بمعنى أَغْضبُ من قولهم عَمِدَ عليه إِذا غَضِبَ؛ وقيل: معناه أَتَوَجَّعُ وأَشتكي من قولهم عَمعدَني الأَمرُ فَعَمِدْتُ أَي أَوجعني فَوَجِعتُ. الغَنَويُّ: العَمَدُ والضَّمَدُ والغَضَبُ؛ قال الأَزهري: وهو العَمَدُ والأَمَدُ أَيضاً.
وعَمِدَ عليه: غَضب كَعَبِدَ؛ حكاه يعقوب في المبدل.
ومن كلامهم: أَعْمَدُ من كَيلِ مُحِقٍّ أَي هل زاد على هذا.
وروي عن أَبي عبيد مُحِّقَ، بالتشديد. قال الأَزهري: ورأَيت في كتاب قديم مسموع من كَيْلٍ مُحِقَ، بالتخفيف، من المَحْقِ، وفُسِّر هل زاد على مكيال نُقِصَ كَيْلُه أَي طُفِّفَ. قال: وحسبت أَن الصواب هذا؛ قال ابن بري: ومنه قول الراجز: فاكْتَلْ أُصَيَّاعَكَ مِنْهُ وانْطَلِقْ، وَيْحَكَ هَلْ أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقْ وقال: معناه هل أَزيد على أَن مُحِقَ كَيْلي؟ وفي حديث ابن مسعود: أَنه أَتى أَبا جهل يوم بدر وهو صريع، فوضع رجله على مُذَمَّرِهِ لِيُجْهِزَ عليه، فقال له أَبو جهل: أَعْمَدُ من سيد قتله قومه أَي أَعْجَبُ؛ قال أَبو عبيد: معناه هل زاد على سيد قتله قومه، هل كان إِلا هذا؟ أَي أَن هذا ليس بعار، ومراده بذلك أَن يهوّن على نفسه ما حل به من الهلاك، وأَنه ليس بعار عليه أَن يقتله قومه؛ وقال شمر: هذا استفهام أَي أَعجب من رجل قتله قومه؛ قال الأَزهري: كأَن الأَصل أَأَعْمَدُ من سيد فخففت إِحدى الهمزتين؛ وقال ابن مَيَّادة ونسبه الأَزهري لابن مقبل: تُقَدَّمُ قَيْسٌ كلَّ يومِ كَرِيهَةٍ، ويُثْنى عليها في الرَّخاءِ ذُنوبُها وأَعْمَدُ مِنْ قومٍ كفَاهُمْ أَخوهُمُ صِدامَ الأَعادِي، حيثُ فُلَّتْ نُيُوبُها يقول: هل زدنا على أَن كَفَينَا إخوتنا.
والمُعْمَدُ والعُمُدُّ والعُمُدَّات والعُمَدَّانيُّ: الشابُّ الممتلئ شباباً، وقيل هو الضخم الطويل، والأُنثى من كل ذلك بالهاء، والجمع العُمَدَّانِيُّونَ.
وامرأَة عُمُدَانِيَّة: ذاتُ جسم وعَبَالَةٍ. ابن الأَعرابي: العَمودُ والعِمادُ والعُمْدَةُ والعُمْدانُ رئيس العسكر وهو الزُّوَيْرُ.
ويقال لرِجْلَي الظليم: عَمودانِ.
وعَمُودانُ: اسم موضع؛ قال حاتم الطائي: بَكَيْتَ، وما يُبْكِيكَ مِنْ دِمْنَةٍ قَفْرِ، بِسُقفٍ إِلى وادي عَمُودانَ فالغَمْرِ؟ ابن بُزُرج: يقال: جَلِسَ به وعَرِسَ به وعَمِدَ به ولَزِبَ به إِذا لَزِمَه. ابن المظفر: عُمْدانُ اسم جبل أَو موضع؛ قال الأَزهري: أُراه أَراد غُمْدان، بالغين، فصحَّفه وهو حصن في رأْس جبل باليمن معروف وكان لآل ذي يزن؛ قال الأَزهري: وهذا تصحيف كتصحيفه يوم بُعاث وهو من مشاهير أيام العرب أَخرجه في الغين وصحفه.

سلخ (لسان العرب) [0]


السَّلْخُ: كُشْطُ الإِهابِ عنِ ذيهِ. سَلَخَ الإِهابَ يَسْلُخه ويَسْلَخه سَلْخاً: كَشَطه.
والسَّلْخُ: ما سُلِخَ عنه.
وفي حديث سليمان، عليه السلام، والهُدْهُدِ: فَسَلَخوا موضعَ الماءِ كما يُسْلَخُ الإِهابُ فخرج الماء أَي حفروا حتى وجدوا الماء.
وشاة سَلِيخٌ: كَشِطَ عنها جلدُها فلا يزال ذلك اسمَها حتى يُوءكل منها، فإِذا أُكل منها سمي ما بقيَ منها شِلْواً قلَّ أَو كثر.
والمَسْلوخ: الشاة سُلِخَ عنها الجلد.
والمَسْلوخة: اسم يَلْتَزِمُ الشاة المسلوخة بلا بُطونٍ ولا جُزارة.
والمِسْلاخُ: الجِلْد.
والسَّلِيخة: قضيب القوس إِذا جُرِّدَتْ من نَحْتِها لأَنها اسْتُخْرِجَتْ من سَلْخِها؛ عن أَبي حنيفة.
وكل شيء يُفْلَقُ عن قِشْر، فقد انْسَلَخَ.
ومِسْلاخ الحية وسَلْخَتها: جِلْدَتها التي تَنْسَلِخُ عنها؛ وقد سَلَخَتِ الحيةُ تسلَخُ سَلْخاً، وكذلك . . . أكمل المادة كل دابة تَنْسَرِي من جِلْدَتها كاليُسْرُوعِ ونحوه.
وفي حديث عائشة: ما رأَيت امرأَة أَحبُّ إِليَّ أَن أَكونَ في مِسْلاخها من سَوْدةَ تمنت أَن تكون مثل هَدْيها وطريقتها.
والسِّلْخُ، بالكسر: الجِلْد.
والسالخُ: الأَسْوَدُ من الحيات شديدُ السواد وأَقْتَلُ ما يكون من الحيات إِذا سَلَخَت جِلْدَها؛ قال الكميت يصف قَرْنَ ثور طعن به كلباً: فَكَرَّ بأَسْحَمَ مثلِ السِّنانِ، شَوَى ما أَصابَ به مَقْتَلُ كأَنْ مُخَّ رِيقَتِه في الغُطَاطْ، به سالخُ الجِلْدِ مُسْتَبْدَلُ ابن بُزُرْج: ذلك أَسودُ سالِخاً جعله معرفة ابتداء من غير مسأَلة.
وأَسْوَدُ سالخٌ: غيرَ مضاف لأَنه يَسْلَخ جلده كلَّ عام، ولا يقال للأُنثى سالخة، ويقال لها أَسْوَدَةُ ولا توصف بسالخة، وأَسْوَدانِ سالخٌ لا تثنى الصفة في قول الأصمعي وأَبي زيد، وقد حكى ابن دريد تثنيتها، والأَول أَعرف، وأَساوِدُ سالخةٌ وسَوالخُ وسُلَّخٌ وسُلَّخةٌ، الأَخيرة نادرة.
وسَلَخَ الحَرُّ جلدَ الإِنسان وسَلَّخه فانْسَلَخ وتَسَلَّخ.
وسَلَخَت المرأَة عنها دِرْعَها: نزعته؛ قال الفرزدق: إِذا سَلَخَتْ عنها أُمامةُ دِرْعَها، وأَعْجَبها رابي المَجَسَّةِ مُشْرِفُ والسالخُ: جَرَبٌ يكون بالجمل يُسْلَخُ منه وقد سُلِخَ، وكذلك الظليم إِذا أَصاب ريشَه داءٌ.
واسْلَخَّ الرجل إِذا اضطجع.
وقد اسْلَخَخْتُ أَي اضطجعت؛ وأَنشد: إِذا غَدا القومُ أَبى فاسْلَخَّا وانْسَلَخَ النهار من الليل: خرج منه خروجاً لا يبقى معه شيء من ضوئه لأَن النهار مُكَوَّر على الليل، فإِذا زال ضوؤه بقي الليل غاسقاً قد غَشِيَ الناسَ؛ وقد سَلَخ اللهُ النهارَ من الليل يَسْلخُه.
وفي التنزيل: وآية لهم الليل نَسْلَخُ منه النهار فإِذا هم مظلمون.
وسَلَخْنا الشهرَ نَسْلَخُه ونَسْلُخُه سَلْخاً وسلوخاً: خرجنا منه وصِرْنا في آخر يومه؛ وسَلَخَ هو وانسَلخ.
وجاءَ سَلْخَ الشهر أَي مُنْسَلَخَه. التهذيب: يقال سَلَخْنا الشهر أَي خرجنا منه فسَلَخْنا كل ليلة عن أَنفسنا كلَّه. قال: وأَهْلَلْنا هِلالَ شهر كذا أَي دخلنا فيه ولبسناه فنحن نزداد كل ليلة إِلى مضيِّ نصفه لِباساً منه ثم نَسْلَخُه عن أَنفسنا جزءاً من ثلاثين جزءاً حتى تكاملت ليليه فسلَخناه عن أنفسنا كلَّه؛ ومنه قوله: إِذا ما سَلَخْتُ الشهرَ أَهْلَلْتُ مثلَه، كَفَى قاتِلاً سَلْخِي الشُّهورَ وإِهْلالي وقال لبيد: حتى إِذا سَلَخا جُمادَى ستَّةً، جَزْءاً فطالَ صيامُه وصيامُها قال: وجمادى ستة هو جمادى الآخرة وهي تمام ستة أَشهر من أَول السنة.
وسَلَخْتُ الشهر إِذا أَمضيته وصرت في آخره؛ وانسلَخَ الشهرُ من سَنته والرجلُ من ثيابه والحيةُ من قشرها والنهارُ من الليل.
والنبات إِذا سَلَخ ثم عاد فاخْضَرَّ كلُّه، فهو سالخٌ من الحَمْض وغيره؛ ابن سيده: سَلَخَ النباتُ عاد بعد الهَيْج واخْضَرَّ.
وسَلِيخ العَرْفَج: ما ضَخُمَ من يَبِيسه.
وسَلِيخةُ الرِّمْثِ والعَرْفَج: ما ليس فيه مَرْعىً إِنما هو خشب يابس.
والعرب تقول للرِِّمْث والعَرْفَج إِذا لم يبق فيهما مَرْعىً للماشية: ما بقي منهما إِلا سَلِيخة.
وسَلِيخةُ البانِ: دُهْنُ ثَمره قبل أَن يُربَّبَ بأفاويه الطِّيب، فإِذا رُبِّبَ ثمره بالمسك والطيب ثم اعْتُصِر، فهو مَنْشُوشٌ؛ وقد نُشَّ نَشّاً أَي اختلط الدهنُ بروائح الطيب.
والسَّلِيخة: شيء من العِطْر تراه كأَنه قِشْرٌ مُنْسَلخ ذو شُعَبٍ.
والأَسْلخُ: الأَصْلَعُ، وهو بالجيم أَكثر.
والمِسْلاخُ: النخلة التي يَنْتَثِر بُسْرُها وهو أَخضر.
وفي حديث ما يَشْتَرِطُه المشتري على البائع: إِنه ليس له مِسْلاخ ولا مِحْضار؛ المِسْلاخ: الذي ينتثر بُسْرُه.
وسَلِيخٌ مَلِيخٌ: لا طعم له؛ وفيه سَلاخَة ومَلاخة إِذا كان كذلك؛ عن ثعلب.

أفك (لسان العرب) [0]


لإِفْك: الكذب.
والأَفِيكةُ: كالإِفْك، أَفَكَ يَأْفِك وأَفِكَ إِفْكاً وأُفُوكاً وأَفْكاً وأَفَكاً وأَفَّكَ؛ قال رؤْبة: لا يأْخُذُ التَأْفِيكُ والتَّحَزِّي فِينَا، ولا قول العِدَى ذُو الأَزِّ التهذيب: أَفَكَ يأُْفِكُ وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كذب.
ويقال: أَفَكَ كذب.
وأَفَكَ الناسَ: كذبهم وحدَّثهم بالباطل، قال: فيكون أَفَكَ وأَفَكْتُه مثل كَذَب وكَذَبْته.
وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: حين قال فيها أَهلُ الإِفْكِ ما قالوا؛ الإِفْكُ في الأَصل الكذب وأَراد به ههنا ما كُذِبَ عليها مما رميت به.
والإِفْك: الإِثم.
والإِفْكُ: الكذب، والجمع الأَفَائكُ.
ورجل أَفَّاك وأَفِيك وأَفُوك: كذاب.
وآفَكَهُ: جعله يَأْفِكُ، وقرئَ: وذلك إِفْكُهُمْ (* قوله «وقرئ وذلك إفكهم إلخ» هكذا بضبط الأصل، وهي ثلاث قراءات ذكرها الجمل وزاد قراءات أخر: . . . أكمل المادة أفكهم بالفتح مصدراً وأفكهم بالفتحات ماضياً وأفكهم كالذي قبله لكن بتشديد الفاء وآفكهم بالمد وفتح الفاء والكاف وآفكهم بصيغة اسم الفاعل.) وأَفَكُهُمْ وآفَكُهُمْ.
وتقول العرب: يا لَلأَفِيكةِ ويا لِلأَفِيكة، بكسر اللام وفتحها، فمن فتح اللام فهي لام استغاثة، ومن كسرها فهو تعجب كأَنه قال: يا أَيها الرجل اعجب لهذه الأَفيكة وهي الكَذْبة العظيمة.
والأَفْكُ، بالفتح: مصدر قولك أَفَكَهُعن الشيء يَأْفِكُه أَفْكاً صرفه عنه وقلبه، وقيل: صرفه بالإِفك؛ قال عمرو بن أُذينة (* قوله «عمرو بن أُذينة» الذي في الصحاح وشرح القاموس: عروة). إِن تَكُ عن أَحْسَنِ المُروءَة مَأْ فُوكاً، ففي آخِرِىنَ قد أُفِكُوا (* قوله «أحسن المروءة» رواية الصحاح: أحسن الصنيعة). يقول: إِن لم تُوَفَّقْ للإِحسان فأَنت في قوم قد صرفوا من ذلك أَيضاً.
وفي حديث عرض نفسه على قبائل العرب: لقد أُفِكَ قومٌ كذَّبوك ظاهروا عليك أَي صُرِفوا عن الحق ومنعوا منه.
وفي التنزيل: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال الفراء: يريد يُصْرَفُ عن الإِيمان من صُرِف كما قال: أَجئتَنا لتَأْفكَنَا عن آلهتنا؛ يقول: لتصرفنا وتصدنا.
والأَفَّاك: الذي يَأْفِكُ الناس أَي يصدهم عن الحق بباطله.
والمَأْفوك: الذي لا زَوْرَ له. شمر: أُفِك الرجلُ عن الخير قلب عنه وصرف.
والمُؤْتفِكات: مَدائن لوط، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، سميت بذلك لانقلابها بالخَسْف. قال تعالى: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوى، وقوله تعالى: والمُؤْتِفكات أَتتهم رسلهم بالبينات؛ قال الزجاج: المؤْتفكات جمع مُؤْتَفِكة، ائْتَفَكَتْ بهم الأَرض أَي انقلبت. يقال: إِنهم جمع من أَهلك كما يقال للهالك قد انقلبت عليه الدنيا.
وروى النضر بن أَنس عن أَبيه أَنه قال: أَي بنيّ لا تنزلنَّ البصرة فإِنها إِحدى المُؤْتَفِكات قد ائْتَفَكَت بأَهلها مرتين هي مُؤْتَفِكة بهم الثالثة قال شمر: يعني بالمُؤتفكة أَنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها.
والائْتِفاك عند أَهل العربية: الانقلاب كقريات قوم لوط التي ائْتَفَكتْ بأَهلها أَي انقلبت، وقيل: المُؤْتَفِكاتُ المُدُن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط، عليه السلام.
وفي حديث سعيد بن جبير وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: فمن أَصابته تلك الافكة أَهلكته، يريد العذاب الذي أَرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم. يقال: ائْتَفَكَت البلدة بأَهلها أَي انقلبت، فهي مُؤتَفِكة.
وفي حديث بشير بن الخصَّاصية: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ممن أَنت؟ قال: من ربيعة، قال: أَنتم تزعمون لولا ربيعةُ لائْتَفَكت الأَرضُ بمن عليها أَي انقلبت.
والمُؤْتَفِكاتُ: الرِّياح تختلف مَهابّهُا.
والمُؤْتَفِكات: الرياح التي تقلب الأَرض، تقول العرب: إِذا كثرت المؤْتفكات زَكَتِ الأَرضُ أَي زكازرعها؛ وقول رؤبة: وجَوْن خَرقٍ بالرياح مُؤتَفك أَي اختلفت عليه الرياح من كل وجه.
وأَرض مَأْفوكة: وهي التي لم يصبها المطر فأَمحلت. ابن الأَعرابي: ائْتَفَكت تلك الأَرضُ أَي احترَقتْ من الجدب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: كأَنها، وهي تَهاوَى تَهْتَلِك، شَمْسٌ بِظلٍّ، ذا بهذا يَأْتَفِك قال يصف قَطاةً باطِن جناحيها أَسود وظاهره أَبيض فشبه السواد بالظلمة وشبه البياض الشمس، يَأْتَفِك: ينقلب.
والمَأْفوك: المأْفون وهو الضعيف العقل والرأْي.
وقوله تعالى: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال مجاهد: يُؤْفن عنه من أُفِنَ.
وأُفِنَ الرجل: ضعف رأْيه، وأَفَنَهُ الله.
وأُفِكَ الرجل: ضعف عقله ورأْيه، قال: ولم يستعمل أَفَكه الله بمعنى أَضعف عقله وإِنما أَتى أَفَكه بمعنى صرفه، فيكون المعنى في الآية يصرف عن الحق من صرفه الله.
ورجل أَفِيكٌ ومَأْفوك: مخدوع عن رأْيه؛ الليث: الأَفِيكُ الذي لا حَزْم له ولا حيلة؛ وأَنشد: ما لي أَراكَ عاجزاً أَفِيكا؟ ورجل مَأْفوك: لا يصيب خيراً.
وأَفكهُ: بمعنى خدعة.

هدف (لسان العرب) [0]


الأَزهري: روى شمر بإسناد له أَن الزبير وعمرو ابن العاص اجتمعا في الحِجْر فقال الزبير: أَمّا واللّه لقد كنتَ أَهْدَفْت لي يوم بَدْر ولكني استَبْقَيْتك لمثل هذا اليوم، فقال عمرو: وأَنت واللّه لقد كنت أَهدفت لي وما يسُرُّني أَنَّ لي مِثْلَك بفَرَّتي منك؛ قال شمر: قوله أَهْدَفْت لي، الإهدافُ الدُّنو منك والاستقبال لك والانتصاب. يقال: أَهْدف لي الشيءُ، فهو مُهْدِفٌ، وأَهدَفَ لك السحابُ والشيء إذا انتصب؛ وأَنشد: ومِنْ بني ضَبّةَ كَهْفٌ مِكْهَفُ، إنْ سال يوماً جَمْعُهم وأَهدَفُوا وقال: الإهْدافُ الدنو. أَهدف القوم أَي قَرُبوا.
وقال ابن شميل والفرّاء: يقال لمّا أَهْدَفَتْ لي الكُوفة نزلْت، ولما أَهْدَفَتْ لهم تقَرَّبوا.
وكل شيء . . . أكمل المادة رأَيته قد استقْبلك استقبالاً، فهو مُهْدِف ومُسْتَهدِف.
وقد استهدف أَي انتصب، ومن ذلك أُخذ الهَدَفُ لانتصابه لمن يَرْمِيه؛ وقال الزَّفَيان السَّعدي يذكر ناقته: تَرْجُو اجْتِبارَ عَظْمِها، إذْ أَزْحَفَتْ فأَمْرَعَتْ، لمّا إليك أَهْدَفَتْ أَي قَرُبَتْ ودَنَت.
وفي حديث أَبي بكر: قال له ابنه عبد الرحمن: لقد أَهدفْت لي يوم بدر فضِفْت عنك، فقال أَبو بكر: لكنك لو أَهدفْت لي لم أَضِف عنك أَي لو لجَأْت إليَّ لم أَعْدِل عنك، وكان عبد الرحمن وعمرو يوم بدر مع المشركين؛ وضِفْتُ عنك أَي عَدَلْت ومِلْت؛ قال ابن بري: ومنه قول كعب: عَظِيمُ رَمادِ البيْتِ يَحْتَلُّ بيتَه، إلى هَدَفٍ لم يَحْتَجِبْه غُيوب وغُيوب: جمع غَيْب، وهو المطمئنّ من الأَرض.
والهَدَفُ: المُشْرِفُ من الأَرض وإليه يُلْجأُ؛ ويروى: عطيمُ رماد القِدْرِ رَحْبٌ فِناؤه يقال لكل شيء دنا منك وانتصب لك واستقبلك: قد أَهدَف لك الشيء واستهدف.
وفي النوادر: يقال جاءت هادِفةٌ من ناس وداهِفة وجاهِشةٌ وهاجِشةٌ بمعنى واحد.
ويقال: هل هدَف إليكم هادِفٌ أَو هبَش هابِشٌ؟ يستخبره هل حدَث ببلَده أَحد سوى مَن كان به.
والهدَفُ: الغَرض المُنْتَضَلُ فيه بالسهام.
والهَدَفُ: كل شيء عظيم مرتفع.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان إذا مرَّ بهَدَفٍ مائلٍ أَو صَدَفٍ مائل أَسرع المشْيَ؛ الهدَفُ كل بِناء مرتفع مُشْرِف، والصدَفُ نحْو من الهَدف؛ قال النضر: الهدَفُ ما رُفِع وبُنِي من الأَرض للنِّضال، والقِرْطاسُ ما وُضع في الهدَف ليُرمى، والغرَض ما يُنصب شِبْه غِرْبال أَو حَلْقة؛ وقال في موضع آخر: الغرض الهدف.
ويسمى القرطاس هدَفاً وغرَضاً، على الاستعارة. يقال: أَهدَف لك الصيدُ فارْمِه، وأَكْثب وأغْرَض مثله.
والهدَف: حَيْد مرتفع من الرمل، وقيل هو كلُّ شيء مرتفع كحُيود الرمل المشرفة.
والجمع أَهداف، لا يُكَسَّر على غير ذلك. الجوهري: الهدَف كل شيء مرتفع من بناء أَو كَثِيب رَمْل أَو جبل؛ ومنه سمي الغرَضُ هدَفاً وبه شبه الرجل العظيم. ابن سيده: والهَدَفُ من الرجال الجسيم الطويل العنق العريض الأَلواح، على التشبيه بذلك، وقيل: هو الثَّقِيلُ النَّؤُومُ؛ قال أَبو ذؤيب: إذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّب رأَْسَه، وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ قال أَبو سعيد في قوله الهدَف المعْزابُ قال: هذا راعي ضأْن فهو لضَأْنِه هدَف تأْوي إليه، وهذا ذمّ للرجل إذا كان راعِيَ الضأْن.
ويقال: أَحمقُ من راعي الضأْن، قال: ولم يُرد بالخَطَل اسْتِرْخاء آذانها، أراد بالخُطْل الكثيرة تَخْطَل عليه وتَتْبعه. قال: وقوله الهدَف الرجل العظيم خطأٌ، قال ابن بري: الهَدَفُ الثقِيلُ الوَخِمُ، ويروى المِعْزال، والمِعْزال: الذي يرعى ماشيته بمَعْزِل عن الناس، والمِعْزابُ: الذي عَزَب بإبلِه.
وضَفْو: اتّساع من المال.
والخُطْل: الطويلة الآذان.
وأَهدَف على التلّ أَي أَشرَف.
وامرأََة مُهدِفة أَي لَحِيمة.
ورَكَبٌ مُستهدِفٌ أَي عَريض مرتفع؛ قال (* النابغة الذبياني.): وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مُسْتهدِفٍ، رابي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَدِ أَي مُرتفع منتصِب.
وامرأَة مُهْدِفة: مرتفعة الجَهاز.
وأَهدَف لك الشيءُ واسْتَهْدَف: انتصب؛ وقول الشاعر: وحتى سَمِعْنا خَشْف بَيْضاء جَعْدةٍ، على قَدمَيْ مُسْتَهْدِفٍ متقاصِر يعني بالمستهدف الحالب يَتقاصَر للحَلب؛ يقول: سمعنا صوتَ الرَّغْوة تتساقط على قدَم الحالب.
والهِدْفةُ: الجماعة من الناس والبُيوت؛ قال عُقْبة: رأَيت هِدْفةً من الناس أَي فِرْقة. الأَصمعي: غِدْفةٌ وغِدَفٌ وهِدْفة وهِدَفٌ بمعنى قِطْعة. ابن الأَعرابي: الدَّافِه الغريب، قال الأَزهري: كأَنه بمعنى الدَّاهِف والهادِف، وقيل: الهِدفة الجماعة الكثيرة من الناس يُقيمون ويَظْعَنون.
وهدَف إلى الشيء: أَسْرَعَ، وأَهدَف إليه لَجَأَ.

صوي (لسان العرب) [0]


الصُّوَّةُ: جَماعةُ السِّباعِ؛ عن كراع.
والصُّوَّة: حَجَرٌ يكونُ علامةً في الطريق، والجمْع صُوىً، وأَصْواء جمعُ الجمعِ؛ قال: قد أَغْتَدي والطَّيرُ فوقَ الأَصْوا وأَنشد أَبو زيد: ومِن ذاتِ أَصْواءٍ سُهُوب كأَنها مَزاحِفُ هَزْلَى، بينَها مُتَباعَدُ قال ابن بري: وقد جاء فُعْلَةٌ على أَفعالٍ كما قال: وعُقْبة الأَعْقابِ في الشهر الأَصَمُّ قال: وقد يجوز أَن يكون أَصْواءٌ جمعَ صُوىً مثلَ رُبَعٍ وأَرباعٍ، وقيل: الصُّوَى والأَصْواءُ الأَعلامُ المَنْصُوبة المُرْتَفِعة في غَلْظٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: إنَّ للإسلامِ صُوىً ومَناراً كمَنارِ الطريقِ، ومنه قيل للقبور أَصْواءٌ. قال أَبو عمرو: الصُّوَى أَعْلامٌ من حجارةٍ منصوبةٌ في الفَيافي والمَفازةِ المجهولةِ يُسْتدَلُّ بها على الطريق وعلى طَرَفيها، . . . أكمل المادة أََراد أَنَّ للإسلام طَرائقَ وأَعْلاماً يُهْتَدَى بها؛ وقال الأَصمعي: الصُّوَى ما غَلُظَ من الأَرض وارتفع ولم يَبْلُغ أَن يكون جبلاً؛ قال أَبو عبيد: وقولُ أَبي عمرو أَعْجَبُ إليَّ وهو أَشْبَهُ بمعنى الحديث؛ وقال لبيد: ثم أَصْدَرْناهما في وارِدٍ صادِرِ، وَهْمٍ صُواهُ قد مثَلْ (* قوله «قد مثل» هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة مثل: صواه كالمثل؛ وشرحه هناك نقلاً عن ابن سيده).
وقال أَبو النجم: وبينَ أَعلامِ الصُّوَى المَوائِلِ ابن الأَعرابي: أَخْفَضُ الأَعلامِ الثَّايَةُ، وهي بلُغة بني أَسَدٍ بقَدْرِ قِعْدَةِ الرجلِ، فإذا ارْتفعَتْ عن ذلك فهي صُوَّة. قال يعقوبُ: والعَلَم ما نُصِبَ من الحجارة ليُسْتدَلَّ به على الطريقِ، والعَلَمُ الجبلُ.
وفي حديث لَقيط: فيَخْرُجون مِن الأَصْواءِ فيَنْظُرون إليه ساعةً، قال القُتيبي: يعني بالأَصْواءِ القُبورَ، وأَصلُها الأَعلامُ، شَبَّه القبورَ بها، وهي أَيضاً الصُّوَى، وهي الآرام، واحدها أَرَمٌ وإرَمٌ وأَرَميٌّ وإرَميٌّ وأَيْرَميٌّ ويَرَميٌّ أَيضاً.
وفي حديث أَبي هريرة: فتخرجون من الأَصْواءِ فتَنْظُرُون إليه؛ الأَصْواءُ: القُبورُ.
والصاوي: اليابِسُ. الأَصمعي في الشاء: إذا أَيْبَس أَرْبابُها أَلْبانَها عَمْداً ليكون أَسْمَنَ لها فذلك التَّصْوِيَةُ وقد صَوَّيْناها، يقال: صَوَّيْتها فصَوَتْ. ابن الأَعرابي: النَّصُوِيَة في الإناثِ أَن تُبَقَّى أَلبانُها في ضُروعِها ليكون أَشدَّ لها في العامِ المُقْبِلِ.
وصَوَّيْت الناقة: حَفَّلْتُها لتَسْمَنَ، وقيل: أَيْبَسْتُ لَبنَها، وإنما يُفْعَلُ ذلك ليكونَ أَسْمَنَ لها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: إذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه، فإنَّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ قال: وناقةٌ مُصَوَّاةٌ ومُصَرّاة ومُحَفَّلَةٌ بمعنىً واحدٍ.
وجاء في الحديث: التَّصُوِيَةُ خِلابَةٌ، وكذلك التَّصْرِية.
وصَوَّيْت الغَنمَ: أَيْبَسْتُ لَبنَها عَمْداً ليكون أَسْمَنَ لها مثلُه في الإبِل، والاسمُ من كلِّ ذلك الصَّوَى، وقيل: الصَّوى أن تترُكَها فلا تَحْلُبَها؛ قال: يَجْمع للرِّعاءِ في ثَلاثٍ: طُولَ الصَّوَى، وقِلَّةَ الإرْغاثِ والتَّصْوِيَةُ مثلُ التَّصْرِيَةِ: وهو أَنْ تُتْرَكَ الشاةُ أَيّاماً لا تُحْلَب.
والخِلابَةُ: الخِدَاعُ.
وضَرْعٌ صاوٍ إذا ضَمَرَ وذَهَبَ لَبَنُه؛ قال أَبو ذُؤَيب: مُتَفَلِّق أَنْساؤُها عن قَانِئٍ كالقُرْطِ صَاوٍ، غُبْرهُ لا يُرْضَعُ أَرادَ بالقانِيءِ ضَرْعَها، وهو الأَحْمَر لأَنه ضَمَر وارْتَفعَ لَبَنُه. التهذيب: الصَّوَى أنْ تُعَرَّز الناقةُ فيَذْهَبَ لَبَنُها؛ قال الراعي: فَطَأْطَأْتُ عَيْني، هلْ أَرَى من سَمِينة تَدارَك مِنها نَيّ عامَيْنِ والصَّوَى؟ قال: ويكون الصَّوَى بمعنى الشَّحْمِ والسِّمَنِ. الأَحمر: هو الصَّاءَةُ بوزن الصَّاعَة ماءٌ ثَخِين يَخْرُج مع الوَلَد.
وقال العَدَبَّس الكِنَاني: التَّصْوِيَة للْفُحولِ من الإِبِلِ أَن لا يُحْمَل عليه ولا يُعْقَد فيه حبلٌ ليكون أَنْشَطَ له في الضِّرَاب وأَقْوَى؛ قال الفقعسي يصف الراعي والإِبل: صوَّى لها ذا كِدْنةٍ جُلْذِيَّا، أَخْيَفَ كانَتْ أُمُّه صَفِيَّا وصَوَّيْتُ الفَحْلَ من ذلك، وقيل: إِنَّما أَصل ذلك في الإِناثِ تُغَرَّزُ فلا تُحْلَب لتَسْمَن ولا تَضْعُفَ فَجَعَله الفَقْعَسي للفَحْل أَي تُرِكَ من العملِ وعُلِفَ حتى رَجَعَت نفسُه إِليه وسَمِنَ.
وصوَّيْتُ لإِبلي فَحْلاً إِذا اخْتَرْتَه ورَبَّيْتَه للفِحْلة. الليث: الصاوِي من النخيل اليابِسُ، وقد صَوَتِ النخلةُ تَصْوِي صُوِيّاً. قال ابن الأَنباري: الصَّوَى في النخلة مقصورٌ يكتب بالياء، وقد صَوِيت النخلَة، فهي صاوية إِذا عَطِشَت وضَمَرَتْ ويَبِسَتْ، قال: وقد صَوِيَ النَّخْلُ وصَوَّى النَّخْلُ، قال الأَزهري: وهذا أَصَحُّ مما قالَ الليث، وكذلك غيرُ النَّخْلِ من الشَّجَر، وقد يكُونُ في الحَيَوانِ أَيضاً؛ قال ساعدة يصف بَقَر وحش: قَدْ أُوبِيَتْ كُلَّ مَاءٍ فَهْي صاويةٌ، مَهَمَا تُصِبْ أُفُقاً مِنْ بارِقٍ تَشِمِ والصَّوُّ: الفارِغُ.
وأَصْوَى إِذا جَفَّ.
والصُّوَّةُ: مُخْتَلَفُ الرِّيحِ؛ قال امرؤُ القَيس: وهَبَّتْ لَهُ ريحٌ، بِمُخْتَلَفِ الصُّوَى، صَباً وشمالٌ في مَنَازِلِ قُفَّالِ ابن الأَعرابي: الصَّوَى السُّنْبُلُ الفارِغُ والقُنْبُعُ غِلافُهُ؛ الأَزهري في ترجمة صعنب: تحسبُ باللَّيْل صُوىً مُصَعْنَبَا قال: الصُّوَى الحجارةُ المَجْمُوعَة، الواحدَة صُوَّة. ابن الأَعرابي: الصُّوَّةُ صَوْتُ الصَّدَى، بالصاد. التهذيب في ترجمة ضَوَى: سَمِعْتُ ضَوَّةَ القَوْمِ وعَوَّتَهُم أَي أَصْوَاتَهُم، وروي عن ابن الأَعرابي الصَّوَّة والعَوَّة بالصاد.
وذاتُ الصُّوَى: مَوْضِعٌ؛ قال الراعي: تَضَمَّنَهُم، وارْتَدَّتِ العَيْنُ دُونَهُم، بذاتِ الصوَى من ذِي التَّنَانِير، ماهِرُ

نوق (لسان العرب) [0]


النّاقةُ: الأُنثى من الإبل، وقيل: إنما تسمى بذلك إذا أَجذعت، والجمع أَنْوُقٌ وأَنْؤُق؛ هذه عن اللحياني؛ قال ابن سيده: همزوا الواو للضمة؛ وأَوْنُق وأَيْنُق، الياء في أَيْنُقٍ عوض من الواو في أَوْنُقٍ فيمن جعلها أَيْفُلاً، ومن جعلها أَعْفُلاً فقدم العين مُغَيَّرَةً إلى الياء جعلها بدلاً من الواو، فالبدل أَعم تصرفاً من العوض،إذ كلّ عِوَضٍ بَدَلٌ ،وليس كل بدل عوضاً وقال ابن جني مرة: ذهب سيبوية في قولهم أَيْنُق مذهبين: أَحدهما أَن تكون عين أَيْنُق قلبت إلى ما قبل الفاء فصارت في التقدير أَوْنُق ثم أُبدلت الواو ياء لأَنها كما أُعِلَّت بالقلب كذلك أُعلت أَيضاً بالإبدال، والآخر أَن تكون . . . أكمل المادة العين حذفت ثم عوضت الياء منها قبل الفاء، فمثالها على هذا القول أَيْفُل، وعلى القول الأَول أَعْفُل، وكذلك أَيانِق ونُوق وأَنْوَاقٌ؛ عن يعقوب، ونِيَاقٌ ونِياقاتٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إنَّا وَجَدْنا ناقةَ العَجُوزِ خَيْرَ النِّياقات على التَّرْمِيزِ، حين تُكالُ النِّيبُ في القَفِيزِ وفي حديث أَبي هريرة: فوجد أَيْنُقهُ؛ الأَيْنُق: جمع قِلَّةٍ لناقة، ويصغر أَيْنُقٌ أُيَيْنِقات؛ عن يعقوب، والقياسُ أُيَيْنِق كقولك في أَكْلُبٍ أُكَيْلِب؛ الأَزهري: جمعها نُوق ونِياق، والعدد أَيْنُق وأَيانق على قلب أَنْوُقٍ. الجوهري: النّاقةُ تقديرها فَعَلَةٌ بالتحريك لأَنها جمعت على نُوقٍ مثل بَدَنَةٍ وبُدْنٍ وخَشَبَة وخُشْب، وفَعْلة بالتسكين لا تجمع على ذلك، وقد جمعت في القِلَّةِ على أَنْوُقٍ، ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها فقالوا أَوْنُق؛ حكاها يعقوب عن بعض الطائيين، ثم عوضوا من الواو ياء فقالوا أَيْنُق، ثم جمعوها على أَيانق، وقد تجمع الناقةُ على نِيَاقٍ مثل ثَمَرة وثِمار، إلا أَن الواو صارت ياء للكسرة قبلها؛ وأَنشد أَبو زيد للقلاخ بن حَزْنٍ: أَبْعَدَكُنَّ اللهُ من نِيَاقِ إن لم تُنجِّين من الوِثاقِ وفي المثل: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ قال ابن سيده: استَنْوق الجَملُ صار كالناقة في ذُلِّها، لا يستعمل إلا مَزيداً. قال ثعلب: ولا يقال اسْتَنَاق الجَمَلُ إنما ذلك لأن هذه الأَفعال المزيدة، أَعني افْتَعَل واسْتَفْعَل، إنما تعتل باعتلال أَفعالها الثلاثية البسيطة التي لا زيادة فيها كاسْتَقَام إنما اعْتَلَّ لاعتلال قام، واسْتقال إنما اعتلَّ لاعتلال قال، وإلا فقد كان حكمه أَن يَصِحَّ لأَن فاء الفعل ساكنة، فلما كانت اسْتَوْسَقَ واسْتَتْيس ونحوهما دون فعل ثلاثي بسيط لا زيادة فيه، صحت الياء والواو لسكون ما قبلهما، وهذا المَثَل يضرب للرجل يكون في حديث أَو صفة شيء ثم يخلطه بغيره وينتقل إليه، وأصله أَن طَرَفة بن العَبْد كان عند بعض الملوك والمسيَّبُ بن عَلَسٍ ينشده شعراً في وصف جَمَل، ثم حَوَّله إلى نعت ناقة فقال طرفة: قد اسْتَنْوق الجمل؛ قال ابن بري وأَنشد الفراء: هَزَزْتُكُمُ لو أَنَّ فيكم مَهَزَّةً، وذكَّرْت ذا التأْنيث فاستنوق الجَمَلْ قال ابن بري: والبيت الذي أَنشده المُسيَّب بن عَلَس هو قوله (* وفي رواية أُخرى: إن قائل هذا البيت هو المتلمّس خال طرفة) : وإنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عند احْتِضاره بناجٍ، عليه الصَّيْعَريَّةُ، مِكْدَمِ والصيْعَرِيّةُ: من سِماتِ النُّوق دون الجِمال.
وجَمَل مُنَوَّق: ذَلُول قد أُحْسِنَت رياضته، وقيل: هو الذي ذُلِّلَ حتى صُيِّر كالناقة.
وناقة منوَّقة: عُلِّمت المشي.
والنَّوَّاق من الرجال: الذي يروض الأُمور ويصلحها.
وفي الحديث: أَن رجلاً سار معه جمل قد نَوَّقَهُ وخَيَّسه: المُنَوَّقُ: المذلَّل وهو من لفظ الناقة كأَنه أَذهب شدّة ذكورته وجعله كالناقة المُرَوَّضة المنقادة.
وفي حديث عمران بن حصين: وهي ناقة مُنَوَّقة.
وتَنَوَّق في الأمر أَي تأَنَّق فيه، وبعضهم لا يقول تَنَوَّق، والاسم منه النِّيقةُ.
وفي المثل: خَرْقاءُ ذات نِيقَة؛ يضرب للجاهل بالأَمر وهو مع جهله يدَّعي المعرفة ويتأَنق في الإرادة، ذكره أَبو عبيد. ابن سيده: تَنَوَّق في أُموره تَجَوَّد وبالغ مثل تأَنَّق فيها؛ قال ذور الرمة: كأَنَّ عليها سَحْقَ لِفْقٍ تَنَوَّقَتْ به حَضْرَمِيّاتُ الأَكفِّ الحَوَائك عدِّاه بالباء لأنه في معنى ترفقَتْ به، قال: وهي مأْخوذة من النِّيقة؛ قال ابن هرم الكلابي: لأُحْسِنُ رَمَّ الوَصْل من أُم جَعْفَرٍ بحَدِّ القَوافي، والمُنَوَّقَةِ الجُرْدِ وقال جميل في النِّيْقَةِ: إذا ابْتُذِلَتْ لم يُزْرِها تَرْكُ زِينةٍ، وفيها، إذا ازْدانتْ لِذِي نِيقةٍ، حَسْبُ وقال الليث: النِّيقةُ من التَّنَوُّق. تَنَوَّق فلان في منطقة وملبسه وأُموره إذا تجوَّد وبالغ، وتَنَيَّق لغة؛ قال ابن بري: وشاهد النِّيقَةِ قول الراجز: كأَنها من نِيقةٍ وشَارَهْ، والحَلْي بين التبنِ والحِجارَةْ مَدْفَع مَيْثاءَ إلى قَرارهْ، لك الكلامُ، واسْمعي يا جارَه وقال علي بن حمزة: تَأَنَّقَ من الأَنَقِ، والأَنِيقُ المُعْجِبُ؛ ومنه الحديث: صِرْتُ إلى رَوْضاتٍ أَتَأَنَّقُ فيهن أَي أُسَرُّ وأُعْجَبُ بهن، قال: ولا يقال تَأَنَّقْتُ في الشيء إذا أَحكمته، وإنما يقال تَنَوَّقْتُ. ابن سيده: وانْتَاق كَتَنَوَّقَ، وقيل انْتاق الشيء مقلوب عن انتقاه. أبو عبيد: والانْتِياقُ مثل الانْتِقَاءِ؛ قال: مثل القِياسِ انْتَاقَها المُنَقِّي يعني القِسِيَّ، وكان الكسائي يقول: هو من النِّيقةِ والاسم من كل ذلك النُّيقةُ.
والنَّوَقُ: بياض فيه حمرة يسيرة. ابن الأَعرابي: النَّوْقة الحَذاقة في كل شيء.
والمُنَوَّق: المذلَّل من كل شيء حتى الفاكهة إذا قرب قُطوفها لأَكلها فقد ذُلِّلت.
وروى الفراء عن الدبيرية أنها قالت: تقول للجمل المليّن المُنَوَّق. الأَصمعي: المُنَوَّق من النخل المُلَقَّح، والمُنَوَّق من العُذُوق المنقَّى، والمُنَوَّقُ المُصَفَّف، وهو المُطَرَّقُ والمُسَكَّكُ. ابن الأَعرابي: النَّوَقة الذين ينقّون الشحم من اللحم لليهود، وهم أُمَناؤُهم، وهو جمع نائِقٍ مقلوب من ناقِئٍ؛ وأَنشد: مُخَّةُ ساقي بأَيادي ناقِئٍ، أعْجَلَها الشّاوي عن الإحْراقِ ويروى بين كَفَّي ناقِئٍ.
ويقال: نُقْ نُقْ إذا أَمرته بتمييز اللحم من الشحم.

حدب (لسان العرب) [0]


الحَدَبةُ التي في الظَّهْرِ.
والحَدَبُ: خُروجُ الظَّهْرِ، ودخولُ البَطْنِ والصَّدْرِ. رجُل أَحْدَبُ وحَدِبٌ، الأخيرة عن سيبويه.
واحْدَوْدَبَ ظَهْرُه وقد حَدِبَ ظهرُه حَدَباً واحْدَوْدَبَ وتحادَب. قال العُجَيرُ السَّلولي: رَأَتْني تحادَبْتُ الغَداةَ، ومَنْ يَكُنْ * فَتًى عامَ عامَ الماءِ فهو كَبِيرُ وأَحْدَبه اللّه فهو أَحْدَبُ، بيّن الحَدَبِ.
واسم العُجْزة: الحَدَبةُ(2) (2 قوله «العجزة الحدبة» كذا في نسخة المحكم العجزة بالزاي.) ؛ واسم الموضع الحَدَبةُ أَيضاً. الأَزهري: الحَدَبةُ، مُحَرَّك الحُروف، مَوْضِع الحَدَبِ في الظَّهْر النَّاتِئِ؛ فالحَدَبُ: دُخُول الصّدْر وخُروج الظهر، والقَعَسُ: دخُول الظهرِ وخُروجُ الصدْرِ.
وفي حديث قَيْلةَ: كانت لها ابنةٌ حُدَيْباءٌ، هو تصغير حَدْباءَ. قال: والحَدَبُ، بالتحريك: ما ارْتَفَع وغَلُظَ من الظَّهر؛ قال: . . . أكمل المادة وقد يكون في الصَّدْر.
وقوله أَنشده ثعلب: أَلم تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَواءَ فَيَنْطِقُ؛ * وهَلْ تُخْبِرَنْكَ، اليَوْمَ، بَيْداءُ سَمْلَقُ؟ فَمُختَلَفُ الأَرْواحِ، بَينَ سُوَيْقةٍ * وأَحْدَبَ، كادَتْ، بَعْدَ عَهْدِكَ، تُخْلِقُ فسره فقال: يعني بالأَحْدَبِ: النُّؤْيَ لاحْدِيدابِه واعْوِجاجِه؛ وكادَتْ: رَجَعَ إِلى ذِكْرِ الدَّارِ.
وحالةٌ حَدْباءُ: لا يَطْمَئنُّ لها صاحِبُها، كأَنَّ لها حَدَبةً. قال: وإِني لَشَرُّ الناسِ، إِنْ لم أُبِتْهُمُ * عَلى آلةٍ حَدْباءَ نابِيةِ الظَّهْرِ والحَدَبُ: حدُورٌ في صَبَبٍ، كَحَدَبِ الرِّيحِ والرَّملِ.
وفي التنزيل العزيز: وهُم مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون.
وفي حديث يأْجُوجَ مأْجوجَ: وهم مِن كل حَدَب يَنْسِلُون؛ يريد: يَظْهَرُون من غَلِيظِ الأَرض ومُرْتَفِعها.
وقال الفرَّاءُ: مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ، ومن كل مَوْضِع مُرْتَفِعٍ، والجَمْعُ أَحْدابٌ وحِدابٌ.
والحَدَبُ: الغِلَظُ من الأَرض في ارْتِفاع، والجمع الحِدابُ.
والحَدَبةُ: ما أَشْرَفَ مِن الأَرض، وغَلُظَ وارْتَفَعَ، ولا تكون الحَدَبةُ إِلاَّ في قُفٍّ أَو غِلَظِ أَرضٍ، وفي قصيد كعب بن زهير: كُلُّ ابنِ أُنْثَى، وإِنْ طالَتْ سَلامَتُه، * يَوْماً عَلى آلةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ يريد: على النَّعْشِ؛ وقيل: أَراد بالآلة الحالةَ، وبالحَدْباءِ الصَّعْبةَ الشديدة.
وفيها أَيضاً: يَوْماً تَظَلُّ حِدابُ الأَرضِ يَرْفَعُها، * من اللَّوامِعِ، تَخْلِيطٌ وتَزيِيلُ وحَدَبُ الماءِ: مَوْجُه؛ وقيل: هو تراكُبُه في جَرْيهِ. الأَزهري: حَدَبُ الماءِ: ما ارْتَفَع مِن أَمْواجِه. قال العجاج: نَسْجَ الشَّمالِ حَدَبَ الغَدِيرِ وقال ابن الأَعرابي: حَدَبُه: كَثرتُه وارْتِفاعُه؛ ويقال: حَدَبُ الغَدِير: تحَرُّكُ الماءِ وأَمْواجُه، وحَدَبُ السَّيْلِ: ارْتِفاعُه.
وقال الفرزدق: غَدا الحَيُّ مِنْ بَينِ الأُعَيْلِمِ، بَعْدَما * جَرَى حَدَبُ البُهْمى وهاجَتْ أَعاصِرُهْ(1) (1 قوله «الأعيلم» كذا في النسخ والتهذيب، والذي في التكملة والديوان الاعيلام.) قال: حَدَبُ البُهْمَى: ما تَناثَر منه، فَرَكِبَ بعضُه بَعْضاً، كَحَدَب الرَّمْلِ.
واحْدَوْدَبَ الرَّمْلُ: احْقَوْقَفَ.
وحُدْبُ الأَمُور: شَواقُّها، واحِدتها حَدْباءُ. قال الرّاعي: مَرْوانُ أَحْزَمُها، إِذا نَزَلَتْ به * حُدْبُ الأُمُورِ، وخَيْرُها مَأْمُولا وحَدِبَ فلان على فلان، يَحْدَبُ حَدَباً فهو حَدِبٌ، وتحَدَّبَ: تَعَطَّفَ، وحَنا عليه. يقال: هو له كالوالِد الحَدِبِ.
وحَدِبَتِ المرأَةُ على ولَدها، وتحَدَّبَتْ: لم تَزَوَّجْ وأَشْبَلَتْ عليهم.
وقال الأَزهري: قال أَبو عمرو: الحَدَأُ مثل الحَدَبِ؛ حَدِئْتُ عليه حَدَأً، وحَدِبْتُ عليه حَدَباً أَي أَشْفَقْت عليه؛ ونحو ذَلك قال أَبو زيد في الحَدَإِ والحَدَب.
وفي حديث علي يصف أَبا بكر، رضي اللّه عنهما: وأَحْدَبُهم على المسلمين أَي أَعْطَفُهم وأَشْفَقُهم، مَن حَدِبَ عليه يَحْدَبُ، إِذا عَطَفَ.
والـمُتَحَدِّبُ: الـمُتَعَلِّقُ بالشيءِ الـمُلازِمُ له.
والحَدْباءُ: الدّابَّةُ التي بَدَتْ حَراقِفُها وعَظْمُ ظَهْرِها؛ وناقة حَدْباءُ: كذلك، ويقال لها: حَدْباءُ حِدْبِيرٌ وحِدبارٌ، ويقال: هُنَّ حُدْبٌ حَدابِيرُ. الأَزهري: وسَنةٌ حَدْباءُ: شَديدة، شُبِّهت بالدابة الحَدْباءِ. وقال الأَصمعي: الحَدَبُ والحَدَرُ: الأَثر في الجِلْد؛ وقال غيره: الحَدَرُ: السِّلَع. قال الأَزهري: وصوابه الجَدَرُ، بالجيم، الواحدة جَدَرةٌ، وهي السِّلْعةُ والضَّواةُ.
ووَسِيقٌ أَحْدَبُ: سَرِيعٌ. قال: قَرَّبَها، ولم تَكَدْ تَقَرَّبُ، * مِنْ أَهْلِ نَيَّانَ، وسِيقٌ أَحْدَبُ وقال النضر: وفي وَظِيفَي الفرس عُجايَتاهما، وهما عَصَبَتان تَحْمِلان الرِّجل كلها؛ قال: وأَما أَحْدَباهما، فهما عِرْقانِ. قال وقال بعضهم: الأَحْدَبُ، في الذِّراع، عِرْق مُسْتَبْطِنٌ عظمَ الذراع.
والأَحْدبُ: الشِّدَّة.
وحَدَبُ الشِّتاءِ: شدّة بَرْده؛ قال مُزاحِمٌ العُقَيْلي: لم يَدْرِ ما حَدَبُ الشِّتاءِ ونَقْصُه، * ومَضَتْ صَنابِرُه، وَلمْ يَتَخَدَّدِ أَراد: أَنه كان يَتَعَهَّدُه في الشتاءِ، ويَقومُ عليه.
والحِدابُ: مَوضِع. قال جرير: لَقَدْ جُرِّدَتْ، يَوْمَ الحِدابِ، نِساؤُكم، * فَساءَتْ مجالِيها، وقَلَّتْ مُهُورُها قال أَبو حنيفة: والحِدابُ: جِبالٌ بالسَّراةِ ينزلها بنو شَبابة، قَوم من فَهْمِ بن مالك.
والحُدَيْبِيةُ: موضع، وورد ذكرها في الحديث كثيراً، وهي قَرية قَريبةٌمن مكة، سُمِّيت ببئر فيها، وهي مخففة، وكثير من المحدثين يشدِّدونها.
والحَدَبْدَبى: لُعْبةٌ للنَّبِيط. قال الشيخ ابن بري: وجدت حاشية مكتوبة ليست من أَصل الكتاب، وهي حَدَبْدَبى اسم لعبة، وأَنشد لسالم بن دارةَ،يَهْجُو مُرّ بن رافِع الفَزارِي: حَدَبْدَبى حَدَبْدَبى يا صِبْيانْ! * إِنَّ بَني فَزارةَ بنِ ذُبْيانْ، قَد طَرّقَتْ ناقَتُهم بإِنْسانْ، * مُشَيَّإٍ أَعْجِبْ بِخَلْق الرَّحْمنْ، غَلَبْتُم الناسَ بأَكْل الجُرْدانْ، * وسَرَقِ الجارِ ونَيْكِ البُعْرانْ التَّطْرِيقُ: أَن يَخرج بعضُ الولد، ويَعْسُر انْفِصاله، مَن قولهم قَطاة مُطَرِّق إِذا يَبِسَت البَيضةُ في أَسْفَلِها. قال المثَقِّب(1) (1 قوله «المثقب» في مادتي نسف وطرق نسبة البيت إِلى الممزق.) العَبْدِيّ، يذكر راحِلة رَكِبَها، حتى أَخَذ عَقِباه في موضعِ ركابها مَغْرَزاً: وقد تَخِذَتْ رِجْلي، إِلى جَنْبِ غَرْزِها، * نَسِيفاً كأُفْحُوصِ القَطاةِ الـمُطَرِّقِ والجُرْدانُ: ذكَر الفَرَسِ.
والـمُشَيَّأُ: القَبِيحُ الـمَنْظَرِ.

برح (لسان العرب) [0]


بَرِحَ بَرَحاً وبُرُوحاً: زال.
والبَراحُ: مصدر قولك بَرِحَ مكانَه أَي زال عنه وصار في البَراحِ.
وقولهم: لا بَراحَ، منصوب كما نصب قولهم لا رَيْبَ، ويجوز رفعه فيكون بمنزلة ليس؛ كما قال سعدُ بنُ ناشِبٍ في قصيدة مرفوعة: مَنْ فَرَّ عن نِيرانِها، فأَنا ابنُ قَيْسٍ لا بَراحُ قال ابن الأَثير: البيت لسعد بن مالك يُعَرِّضُ بالحرث بن عَبَّاد، وقد كان اعتزل حَرْبَ تَغْلِبَ وبكرٍ ابني وائل؛ ولهذا يقول: بِئْسَ الخَلائِفُ بَعْدَنا: أَولادُ يَشْكُرَ واللِّقاحُ وأَراد باللقاح بني حنيفة، سُمُّوا بذلك لأَنهم لا يَدِينُونَ بالطاعة للملوك، وكانوا قد اعتزلوا حرب بكر وتَغْلِبَ إِلاَّ الفِنْدَ الزِّمَّانِيَّ.
وتَبَرَّج: كَبَرِحَ؛ قال مُلَيحٌ الهُذَليُّ: مَكَثْنَ على حاجاتِهنَّ، . . . أكمل المادة وقد مَضَى شَبابُ الضُّحَى، والعِيسُ ما تَتَبَرَّحُ وأَبْرَحَه هو. الأَزهري: بَرِحَ الرجلُ يَبْرَحُ بَراحاً إِذا رامَ من موضعه.
وما بَرِحَ يفعل كذا أَي ما زال، ولا أَبْرَحُ أَفعل ذاك أَي لا أَزال أَفعله.
وبَرِحَ الأَرضَ: فارَقَها.
وفي التنزيل: فلن أَبْرَحَ الأَرضَ حتى يَأْذَنَ لي أَبي؛ وقوله تعالى: لن نَبْرَحَ عليه عاكفين أَي لن نَزالَ.وحَبِيلُ بَراحٍ: الأَسَدُ كأَنه قد شُدّ بالحبال فلا يَبْرَح، وكذلك الشجاعُ.
والبَراحُ: الظهور والبيان.
وبَرِحَ الخَفاء وبَرَحَ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي: ظَهَر؛ قال: بَرَِحَ الخَفاءُ فما لَدَيَّ تَجَلُّدٌ أَي وَضَحَ الأَمر كأَنه ذهب السِّرُّ وزال. الأَزهري: بَرِحَ الخَفاء معناه زال الخَفاءُ، وقيل: معناه ظهر ما كان خافياً وانكشف، مأْخوذ من بَراحِ الأَرض، وهو البارز الظاهر، وقيل: معناه ظهر ما كنت أُخْفِي.
وجاء بالكفر بَراحاً أَي بَيِّناً.
وفي الحديث: جاء بالكفر بَراحاً أَي جِهاراً، بَرِحَ الخَفاءُ إِذا ظهر، ويروى بالواو.
وجاءَنا بالأَمر بَراحاً أَي بَيِّناً.
وأَرض بَراح: واسعة ظاهرة لا نبات فيها ولا عُمرانَ.
والبَراح، بالفتح: المُتَّسِع من الأَرض لا زرع فيه ولا شجر.
وبَراحُ وبَراحِ: اسم للشمس، معرفة مثل قَطامِ، سميت بذلك لانتشارها وبيانها؛ وأَنشد قُطْرُبٌ:هذا مُقامُ قَدَمَيْ رَباحِ، ذَبَّبَ حتى دَلَكَتْ بَراحِ بَراحِ يعني الشمس.
ورواه الفراء: بِراحِ، بكسر الباء، وهي باء الجر، وهو جمع راحة وهي الكف أَي اسْتُريحَ منها، يعني أَن الشمس قد غَرَبَتْ أَو زالت فهم يضعون راحاتهم على عيونهم، ينظرون هل غربت أَو زالت.
ويقال للشمس إِذا غربت: دَلَكَتْ بَراحِ يا هذا، على فَعالِ: المعنى: أَنها زالت وبَرِحَتْ حين غَرَبَتْ، فَبَراحِ بمعنى بارحة، كما قالوا الكلب الصيدِ: كَسابِ بمعنى كاسِبَة، وكذلك حَذامِ بمعنى حاذِمَة.
ومن قال: دَلَكَتِ الشمسُ بِراحِ، فالمعنى: أَنها كادت تَغْرُبُ؛ قال: وهو قول الفراء؛ قال ابن الأَثير: وهذان القولان، يعني فتح الباء وكسرها، ذكرهما أَبو عبيد والأَزهريُّ والهَرَوِيُّ والزمخشري وغيرهم من مفسري اللغة والغريب، قال: وقد أَخذ بعضُ المتأَخرين القولَ الثاني على الهروي، فظن أَنه قد انفرد به، وخطَّأَه في ذلك، ولم يعلم أَن غيره من الأَئمة قبله وبعده ذهب إِليه؛ وقال الغَنَوِيُّ: بُكْرَةَ حتى دَلَكَتْ بِراحِ يعني برائح، فأَسقط الياء، مثل جُرُف هارٍ وهائر.
وقال المفضل: دَلَكَتْ بَراحِ وبَراحُ، بكسر الحاء وضمها؛ وقال أَبو زيد: دلكت بِراحٍ، مجرور منوَّن، ودلكت بَراحُ، مضموم غير منوّن؛ وفي الحديث: حين دلكتْ بَراحِ.
ودُلوك الشمس: غروبها.
وبَرَّحَ بنا فلان تَبْريحاً، وأَبْرَحَ، فهو مُبَرِّحٌ بنا ومُبْرِحٌ: آذانا بالإِلحاح، وفي التهذيب: آذاك بإِلحاح المشقة، والاسم البَرْحُ والتَّبْريحُ، ويوصف به فيقال: أَمر بَرْحٌ؛ قال: بنا والهَوَى بَرْحٌ على مَنْ يُغالِبُه وقالوا: بَرْحٌ بارِحٌ وبَرْحٌ مُبْرِحٌ، على المبالغة، فإِن دَعَوْتَ به، فالمختار النصب، وقد يرفع؛ وقول الشاعر: أَمُنْحَدِراً تَرْمِي بك العِيسُ غُرْبَةً؟ ومُصْعِدَةً؟ بَرْحٌ لعينيك بارِحُ يكون دعاء ويكون خبراً.
والبَرْحُ: الشر والعذاب الشديد.
وبرَّحَ به: عذبه.
والتباريح: الشدائد، وقيل: هي كُلَفُ المعيشة في مشقة.
وتَبارِيحُ الشَّوْق: تَوَهُّجُه.
ولقيت منه بَرْحاً بارِحاً أَي شِدَّةً وأَذىً؛ وفي الحديث: لقينا منه البَرْحَ أَي الشدّة؛ وفي حديث أَهل النَّهْرَوانِ: لَقُوا بَرْحاً؛ قال الشاعر: أَجَدِّكَ هذا، عَمْرَك اللهَ كلما دَعاكَ الهَوَى؟ بَرْحٌ لعينيك بارِحُ وضربه ضرباً مُبَرِّحاً: شديداً، ولا تقل مُبَرَّحاً.
وفي الحديث: ضَرْباً غير مُبَرِّح أَي غير شاقٍّ.
وهذا أَبْرَحُ عليّ من ذاك أَي أَشق وأَشدّ؛ قال ذو الرمة: أَنيناً وشَكْوَى بالنهارِ كثيرةً عليّ، وما يأْتي به الليلُ أَبْرَحُ وهذا على طرح الزائد، أَو يكون تعجباً لا فعل له كأَحْنَك الشاتَين.
والبُرَحاءُ: الشِّدَّة والمشقة، وخص بعضهم به شدّة الحُمَّى؛ وبُرَحايا، في هذا المعنى.
وبُرَحاءُ الحُمَّى وغيرها: شِدَّة الأَذى.
ويقال للمحموم الشديد الحُمَّى: أَصابته البُرَحاءُ. الأَصمعي: إِذا تمدَّدَ المحمومُ للحُمَّى، فذلك المطوّى، فإِذا ثاب عليها، فهي الرُّحَضاءُ، فإِذا اشتدت الحمى، فهي البُرَحاءُ.
وفي الحديث: بَرَّحَتْ بي الحمى أَي أَصابني منها البُرَحاءُ، وهو شِدتُها.
وحديث الإِفْكِ: فأَخذه البُرَحاءُ؛ هو شدّة الكرب من ثِقَلِ الوَحْيِ.
وفي حديث قتل أَبي رافع اليهودي: بَرَّحَتْ بنا امرأَته بالصِّياح.
وتقول: بَرَّحَ به الأَمرُ تَبْريحاً أَي جَهَدَه، ولقيت منه بَناتِ بَرْحٍ وبَني بَرْحٍ.
والبِرَحِينَ والبُرَحِينَ، بكسر الباء وضمها، والبَرَحِينَ أَي الشدائد والدواهي، كأَن واحد البِرَحِينَ بِرَحٌ، ولم ينطق به إِلا أَنه مقدّر، كأَن سبيله أَن يكون الواحد بِرَحة، بالتأْنيث، كما قالوا: داهية ومُنْكَرَة، فلما لم تظهر الهاء في الواحد جعلوا جمعه بالواو والنون، عوضاً من الهاء المقدّرة، وجرى ذلك مجرى أَرضٍ وأَرَضِينَ، وإِنما لم يستعملوا في هذا الإِفرادَ، فيقولوا: بِرَحٌ، واقتصروا فيه على الجمع دون الإِفراد من حيث كانوا يصفون الدواهي بالكثرة والعموم والاشتمال والغلبة؛ والقول في الفِتْكَرِينَ والأَقْوَرِينَ كالقول في هذه؛ ولقيت منه بَرْحاً بارِحاً، ولقيتُ منه ابنَ بَرِيحٍ، كذلك؛ والبَرِيحُ: التَّعَبُ أَيضاً؛ وأَنشد: به مَسِيحٌ وبَرِيحٌ وصَخَبْ والبَوارِحُ: شدّة الرياح من الشمال في الصيف دون الشتاء، كأَنه جمع بارِحَة، وقيل: البوارح الرياح الشدائد التي تحمل التراب في شدة الهَبَواتِ، واحدها بارِحٌ، والبارح: الريح الحارة في الصيف.
والبوارح: الأَنْواءُ، حكاه أَبو حنيفة عن بعض الرواة ورَدَّه عليهم. أَبو زيد: البَوارِحُ الشَّمالُ في الصيف خاصة؛ قال الأَزهري: وكلام العرب الذين شاهدتهم على ما قال أَبو زيد، وقال ابن كُناسَة: كل ريح تكون في نُجُوم القَيْظ، فهي عند العرب بَوارِحُ، قال: وأَكثر ما تَهُبُّ بنُجُوم الميزان وهي السَّمائِم؛ قال ذو الرمة: لا بل هو الشَّوْقُ من دارٍ تَخَوَّنَها مَرًّا سَحابٌ، ومَرّا بْارِحٌ تَرِبُ فنسبها إِلى التراب لأَنها قَيْظِيَّة لا رِبْعِيَّة.
وبَوارِحُ الصيف: كلها تَرِبَة.
والبارِحُ من الظِّباءِ والطير: خلافُ السَّانح، وقد بَرَحَتْ تَبْرُحُ (* قوله «وقد برحت تبرح» بابه نصر، وكذا برح بمعنى غضب.
وأَما بمعنى زال ووضح فمن باب سمع كما في القاموس.) بُرُوحاً؛ قال: فَهُنَّ يَبْرُحْنَ له بُرُوحا، وتارةً يأْتِينَه سُنُوحا وفي الحديث: بَرَحَ ظَبْيٌ؛ هو من البارح ضد السانح.
والبارِحُ: ما مر من الطير والوحش من يمينك إِلى يسارك، والعرب تتطير به لأَنه لا يُمَِكِّنُك أَن ترميه حتى تَنْحَرِفَ، والسانح: ما مرَّ بين يديك من جهة يسارك إِلى يمينك، والعرب تَتَيَمَّنُ به لأَنه أَمكن للرمي والصيد.
وفي المثل: مَنْ لي بالسَّانح بعد البارِحِ؟ يُضرب للرجل يُسِيءُ الرجلَ، فيقال له: إِنه سوف يحسن إِليك، فيضرب هذا المثل؛ وأَصل ذلك أَن رجلاً مرت به ظِباءٌ بارِحَةٌ، فقيل له: سوف تَسْنَحُ لك، فقال: من لي بالسانح بعد البارح؟ وبَرَحَ الظبي، بالفتح، بُرُوحاً إِذا ولاَّك مياسره، يمرّ من ميامنك إِلى مياسرك؛ وفي المثل: إِنما هو كبارِحِ الأُرْوِيِّ قليلاً ما يُرى؛ يضرب ذلك للرجل إِذا أَبطأَ عن الزيارة، وذلك أَن الأُرْوِيّ يكون مساكنها في الجبال من قِنانِها فلا يَقْدِرُ أَحد عليها أَن تَسْنَحَ له، ولا يكاد الناس يَرَوْنَها سانِحةً ولا بارِحةً إِلاَّ في الدهور مرة.
وقَتَلُوهم أَبْرَحَ قتلٍ أَي أَعجبه؛ وفي حديث عكرمة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيح؛ قال: التبريح قَتْلُ السَّوْءِ للحيوان مثل أَن يلقى السمك على النار حيّاً، وجاء التفسير متصلاً بالحديث؛ قال شمر: ذكر ابن المبارك هذا الحديث مع ما ذكره من كراهة إِلقاء السمكة إِذا كانت حية على النار وقال: أَما الأَكل فتؤْكل ولا يعجبني، قال: وذكر بعضهم أَن إِلقاء القمل في النار مثله؛ قال الأَزهري: ورأَيت العرب يَمْلأُون الوِعاءَ من الجراد وهي تَهْتَشُّ فيه، ويحتفرون حُفْرَة في الرمل ويوقدون فيها ثم يَكُبُّونَ الجراد من الوعاء فيها، ويُهِيلُون عليها الإِرَةَ المُوقَدَةَ حتى تموت، ثم يستخرجونها يُشَرِّرُونها في الشمس، فإِذا يَبِسَتْ أَكلوها.
وأَصلُ التَّبْرِيحِ: المشقَّةُ والشدّة.
وبَرَّحَ به إِذا شَقَّ عليه.
وما أَبْرَحَ هذا الأَمرَ أَي ما أَعجبه قال الأَعشى: أَقولُ لها، حِينَ جَدَّ الرَّحيـ ـلُ: أَبْرَحْتِ رَبّاً، وأَبرَحْتِ جارا أَي أَعْجَبْتِ وبالغتِ؛ وقيل: معنى هذا البيت أَبْرَحْتِ أَكْرَمْتِ أَي صادَفْتِ كريماً؛ وأَبرَحَه بمعنى أَكرمه وعظمه.
وقال أَبو عمرو: بَرْحَى له ومَرْحى له إِذا تعجب منه، وأَنشد بيت الأَعشى وفسره، فقال: معناه أَعْظَمْتِ رَبّاً؛ وقال آخرون: أَعجَبتِ رَبّاً، ويقال: أَكْرمت من رَبٍّ، وقال الأَصمعي: أَبرَحْتِ بالَغْتِ.
ويقال: أَبرَحْتَ لُؤْماً وأَبرَحْتَ كَرَماً أَي جئت بأَمرٍ مُفْرِطٍ.
وأَبرَحَ فلانٌ رجلاً إِذا فضَّله؛ وكذلك كل شيء تُفَضِّلُه.
وبَرَّحَ اللهُ عنه أَي فَرَّج الله عنه؛ وإِذا غضب الإِنسان على صاحبه، قيل: ما أَشَدَّ ما بَرَحَ عليه والعرب تقول: فعلنا البارِحَةَ كذا وكذا لِلَّيلَةِ التي قد مضت، يقال ذلك بعد زوال الشمس، ويقولون قبل الزوال: فعلنا الليلة كذا وكذا؛ وقول ذي الرمة: تَبَلَّغَ بارِحِيَّ كَراه فيه قال بعضهم: أَراد النوم الذي شق عليه أَمره لامتناعه منه، ويقال: أَراد نومَ الليلة البارِحَةِ.
والعرب تقول: ما أَشبه الليلة بالبارحة أَي ما أَشْبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأُولى التي قد بَرِحَتْ وزالت ومضت.
والبارِحَةُ: أَقربُ ليلة مضت؛ تقول: لقيته البارِحَةَ، ولقيته البارِحَةَ الأُولى، وهو من بَرِحَ أَي زال، ولا يُحَقَّرُ؛ قال ثعلب: حكي عن أَبي زيد أَنه قال: تقول مُذْ غُدْوَةٍ إِلى أَن تزول الشمس: رأَيت الليلةَ في منامي، فإِذا زالت، قلت: رأَيتُ البارِحَةَ؛ وذكر السيرافي في أَخبار النحاة عن يونس، قال: يقولون كان كذا وكذا الليلةَ إِلى ارتفاع الضحى، وإِذا جاوز ذلك، قالوا: كان البارِحَةَ. الجوهري: وبَرْحَى، على فَعلى، كلمة تقال عند الخطإِ في الرَّمي، ومَرْحَى عند الإِصابة؛ ابن سيده: وللعرب كلمتان عند الرمي: إِذا أَصاب قالوا: مَرْحَى، وإِذا أَخطأَ قالوا: بَرْحى.
وقولٌ بَرِيحٌ: مُصَوَّبٌ به؛ قال الهذلي: أَراه يُدافِعُ قَوْلاً بَرِيحا وبُرْحةُ كل شيء: خِيارُه؛ ويقال: هذه بُرْحَةٌ من البُرَحِ، بالضم، للناقة إِذا كانت من خيار الإِبل؛ وفي التهذيب: يقال للبعير هو بُرْحَة من البُرَحِ؛ يريد أَنه من خيار الإِبل.
وابنُ بَرِيح، وأُمُّ بَرِيحٍ: اسمٌ للغراب معرفةٌ، سمِّي بذلك لصوته؛ وهُنَّ بناتُ بَرِيحٍ، قال ابن بري: صوابه أَن يقول ابنُ بَرِيح، قال: وقد يُستعمل أَيضاً في الشِّدَّة، يقال: لقيت منه ابنَ بَريحٍ؛ ومنه قول الشاعر: سَلا القلبُ عن كُبْراهما بعدَ صَبْوَةٍ، ولاقَيْتَ من صُغْراهما ابنَ بَرِيحِ ويقال في الجمع: لَقِيتُ منه بناتِ بَرْحٍ وبَني بَرْحٍ.
ويَبْرَحُ: اسم رجل؛ وفي حديث أَبي طلحة: أُحب أَموالي إِليّ بيرحاء؛ ابن الأَثير: هذه اللفظة كثيراً ما تختلف أَلفاظ المحدِّثين فيها فيقولون: بَيرَحاء، بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها، والمد فيهما، وبفتحهما والقصر، وهو اسم مال وموضع بالمدينة، قال: وقال الزمخشري في الفائق: إِنها فَيْعَلٌ من البراح، وهي الأَرض الظاهرة.

غرف (العباب الزاخر) [0]


الغَرْفُ: شجر يُدْبَغُ به الأديمُ، قال عَبْدَةُ بن الطَّبيب العَبْشَميُّ يصف ناقَةُ:
ومـا يَزَالُ لـهـا شَـأْوٌ يُوَقِّـرُهُ      مُحَرَّفٌ من سُيُوْرِ الغَرْفِ مَجْدُوْلُ

يُقال: سِقَاءٌ غَرْفيٌ ومَزَادَةٌ غَرْفِيَّةٌ: إذا دُبِغا بالغَرْفِ، قال ذو الرمَّةِ: وقال الدِّيْنَوَرِيُّ: الغَرَفُ -بالتَّحريك-، الواحِدة غَرَفَةٌ، قال أبو عمرو، هو الثُّمَامُ، وقال السُّكَّريُّ: الشَّثُّ والطُّبّاقُ والنَّشَمُ والعَفَارُ والعُتْم والصَّوم كُلُّه يُدعى الغَرَفَ، قال: وكذلك الحَبَجُ والشَّدَنُ والحَيَّهَلُ والهَيْشَرُ والضُّرْمُ، وأنْشَدَ لأبي خِرَاشٍ الهُذَليِّ:
أمْسَى سُقَامٌ خَلاءً لا أَنِيْسَ به      إلاّ الِّبَاعُ ومَرُّ الرِّيْحِ بالغَرَفِ

سُقامُ: وادٍ. وغَرَفْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُه.
وقال الأصمعيُّ: يُقال: غَرَفْتُ ناصية الفرس: أي جَزَزْتُها.
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- عن الغارِفَةُ.
والغارِفَةُ معنيين: أحدهما أن . . . أكمل المادة تكون فاعلة بمعنى مَفْعُوْلَةَ كعِيشَةٍ راضيةٍ: وهي التي تقطعها المرأة وتُسَوِّيها مُطَرَّرَةً على وسط جبينها، والثاني أن تكون مصدراً بمعنى الغرف كاللاّغِيَةِ والثّاغِيَةِ. وناقَةٌ غارِفَةٌ: سريعة السير، وابلٌ غَوَارِفُ، وخَيْلٌ مَغارِفُ، كأنَّها تَغْرِفُ الجَرْيَ غَرْفاً.
وفارسٌ مِغْرَفٌ، قال مُزَاحِمٌ العُقَيليُّ:
جَوَادٌ إذا حَوْضُ النَّدى شَمَّرَتْ لَهُ      بأيْدي اللَّهامِيْمِ الطِّوَالِ المَغَارِفُ

ويُرْوى: "قَصِيْرٌ"، ويُرْوى: "صَعَّدَتْ له". وغَرَفْتُ الجِلْدَ: دَبَغْتُه بالغَرْفِ. وغَرفْتُ الماء بيدي غَرْفاً، والغَرْفَةُ: المَرَّةُ الواحدةُ، والغُرْفَةُ -بالضَّمِّ:- اسمٌ للمَفْعُولِ منه؛ لأنَّك ما لم تَغْرِفْه لا تُسَمِّيْه غُرْفَةُ، وقرأ ابن كثير وأبو جعفر ونافع وأبو عمرو: (إلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً). بالفَتْح، الباقُونَ بالضَّمِّ.
وجَمْعُ المَضْمُوْمَةِ: غِرَافٌ كنُطْفَةٍ ونِطافٍ، وزعموا أنَّ ابنة الجُلْندي وَضعت قردتها على سلحفاة فانسابت في البحر فقالت: يا قوم نَزَافِ نَزَافِ لم يَبْقَ في البحر غير غِرَافٍ، وجعلت تَغْتَرِفُ من البحر بكفَّيْها وتصُبُّه على الساحل، ويُرْوى: غير قُدَافٍ وهو الجَفْنَةُ. والغِرَافُ -أيضاً- مِكْيالٌ ضخمٌ مثل الجِرَافِ، وهو القَنْقَلُ. والمِغْرَفةُ: ما يُغْرَفُ به. وغرِفَتِ الإبل -بالكَسْر- تَغْرَفُ غَرَفاً -بالتَّحريك-: إذا اشْتَكَتْ بُطونها من أكل الغَرْفِ. والغَرِيْفُ: الشَّجَرُ الكثير المُلْتَفُّ أي شجر كان، قال الأعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيْلِ وَسْطَ الغَـرِيْفِ      إذا ما أتىالماءُ منها السَّرِيْرا

ويُرْوى: "السَّدِيْرا"، وقيل: الغَرِيْفُ في هذا البيت: ماءٌ في الأجَمَةِ.
وقال الدِّيْنَوَرِيُّ: الغَرِيْفُ: القَصْباء والحَلْفاءُ، قال: وهو الغَيْضَةُ أيضاً، قال أبو كبيرٍ الهُذَليُّ:
يأْوي إلى عُظْمِ الغَرِيْفِ ونَبْلُهُ      كسَوَامِ دَبْرِ الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ

وقال آخر:
لَمّا رَأيْتُ أبا عمرو رَزَمْـتُ لَـهُ      منِّي كما رَزَمَ العَيّارُ في الغُرُفِ

والغَرِيْفُ: سَيْفُ زَيْد بن حارِثة الكلبيِّ، وفيه يقول:
أنْفي به مَنْ رامَ منهـم فُـرْقَةً      وبمِثْلِهِ قـد تُـدْرَكُ الأوْتـارُ


والغَرِيْفَةُ: جِلْدَةٌ من أدَمٍ نحوٌ من شِبْرٍ فارغةٌ في سفل قِرَابِ السيف تذبذبُ وتكون مُفَرَّضةً مُزيَّنةً، قال الطِّرِمّاحُ يصف مِشْفَرَ البعير:
خَرِيْعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحي      كأخْلاقِ الغَرِيْفَةِ ذا غُضُـوْنِ

جعلها خَلَقاً لِنُعُومَتِها. وبنو أسدٍ يُسَمُّون النَّعل: الغَرِيْفَةَ. والغِرْيَفُ -مِثال حِذْيَمٍ-: ضَرْبٌ من الشجر.
وقال أبو نَصْرٍ: الغِرْيَفُ شجرٌ خَوّارٌ مثلُ الغَرَبِ.
وزعم غيره: أنَّ الغِرْيَفَ البَرْدِيُّ، وأنْشَدَ قول حاتم في صفة نَخْلٍ:
رِوَاءٌ يَسِيْلُ الماءُ تحت أصُوْلِهِ      يَمِيْلُ به غَيْلٌ بأدْناهُ غِـرْيَفُ

وقال أُحَيْحَةُ بن الجُلاَحِ:
يَزْخَرُ في حافاتِه مُغْـدِقٌ      بحافَتَيْهِ الشُّوْعُ والغِرْيَفُ

والغِرْيَفُ -أيضاً-: جبلٌ لبني نُمَيْرٍ، قال الخَطَفى جَدُّ جَرِيرٍ:
كَلَّفني قَلْبِيَ ما قد كَلَّفـا      هَوَازِنِيّاتٍ حَلَلْنَ غِرْيَفا

وغِرْيَفَةُ: ماءةٌ عند غِرْيَفٍ في وادٍ يُقال له التَّسْرِيْرُ. وعَمُوْدُ غِرْيَفَةَ: أرض بالحِمى لِغَنيِّ بن أعصُرَ. والغُرْفَةُ: العُلِّيَّةُ، والجمعُ: غُرُفاتٌ وغٌرَفاتٌ وغُرْفاتٌ وغُرَفٌ. وقوْل لَبيدٍ رضي الله عنه:
سَوّى فأغْلَقَ دُوْنَ غُرْفَةِ عَرْشِهِ      سَبْعاً طِباقاً فَوْقَ فَرْعِ المَنْقَلِ

يعني به السماءَ السابعة. والغُرْفَةُ -أيضاً-: الخُصْلَةُ من الشَّعَرِ. والغُرْفَةُ: الحَبْل المعقود بأنْشُوْطَةٍ.
وغَرَفْتُ البعير أغْرُقُه وأغْرِفُه: إذا ألقَيْت في رأسه غُرْفَةً وهي الحبل المعقود بأُنْشُوْطَةٍ. والغُرَافَةُ: ما اغْتَرَفْتَه بيَدِكَ كالغُرْفَةِ. وبِئْرٌ غَرُوْفٌ: يُغْتَرَفُ ماؤها باليد. وغَرْبٌ غَرُوْفٌ: كثيرُ الأخذ للماء. ونهرٌ غَرَّافٌ -بالفتح والتَّشديد-: كثيرُ الماء. والغَرّافُ -أيضاً- نهر كبير بين واسط والبصرة، وعليه كُوْرَةٌ كبيرة لها قُرىً كثيرةٌ. وقال أبو زيد: فَرسٌ غَرّافٌ: رَحِيبُ الشَّحْوَةِ كثيرُ الأخْذِ بقوائمه من الأرض. وغَرّافٌ -أيضاً-: فَرَسُ الَرَاءِ بن قَيْس بن عَتّاب بن هَرَميّ بن رِيَاحٍ اليَرْبُوعيِّ، وهو القائل فيه:
فإنْ يَكُ غَرّافٌ تَبَدَّلَ فارِسـاً      سِوايَ فقد بُدِّلْتُ منه سَمَيْدَعا

قال أبو محمد الأعرابيُّ: سألتُ أبا النَّدى عن السَّمَيْدَعِ من هو؟ قال: كان جاراً للبَرَاءِ بن قيسِ وكانا في منزلٍ، فأغار عليهما ناسٌ من بكر بن وائل، فَحَمَلَ البَرَاءُ أهله وركب فرساً له يُقال له غَرّافٌ، فلا يلحق فارساً منهم إلاّ صَرَفه برُمحه، وأُخِذ السَّمَيْدَعُ؛ فناداه يا بَرَاءُ أنْشُدُلَ الجوار، وأعجب القوم الفَرَسُ فقالوا: لك جارُكَ وأنت آمن فأعطنا الفرس، فاستوثق منهم ودفع إليهم الفرس واستنفذ جارة، فلما رجع إلى أخوته عمرو والأسود لاماه على دفعه فرسه؛ فقال في ذلك قطعة منها هذا البيت. والانْغِرَافُ: الانْقِطاعُ، قال قيسُ بن الخَطيم:
تَنَامُ عن كِبْرِ شَأْنِهـا فـإذا      قامَتْ رُوَيْداُ تَكادُ تَنْغَرِفُ

رواه الأصمعيُّ بمكسر الكاف، ورواه أبو عمرو بضمِّها وفي روايته "لِشَيْءٍ" مكان "رُوَيْداً". والاغْتِرَافُ من الماء: الغَرْفُ منه.

عزب (لسان العرب) [0]


رجل عَزَبٌ ومِعْزابة: لا أَهل له؛ ونظيرهُ: مِطْرابة، ومِطْواعة، ومِجْذامة، ومِقْدامة.
وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ: لا زَوْجَ لها؛ قال الشاعر في صفة امرأَة : (1) (1 قوله «قال الشاعر في صفة امرأة إلخ» هو العجير السلولي، بالتصغير.) إِذا العَزَبُ الـهَوْجاءُ بالعِطْرِ نافَحَتْ، * بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّـةً ما تَعَطَّرُ وقال الراجز: يا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ، * على ابْنَةِ الـحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ قوله: الشيخ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الذي لا يُدْنى من حُرْمَتِه.
ورجلان عَزَبانِ، والجمع أَعْزابٌ.
والعُزَّابُ: الذين لا أَزواجَ لهم، من الرجال والنساءِ.
وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً، فهو عازِبٌ، وجمعه عُزّابٌ، والاسم العُزْبة والعُزُوبة، ولا يُقال: رجل أَعْزَبُ، . . . أكمل المادة وأَجازه بعضهم.
ويُقال: إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ، وإِنها لَعَزَبة لَزَبة.
والعَزَبُ اسم للجمع، كخادمٍ وخَدَمٍ، ورائِحٍ ورَوَحٍ؛ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ.
وتَعَزَّبَ بعد التأَهـُّلِ، وتَعَزَّبَ فلانٌ زماناً ثم تأَهل، وتَعَزَّبَ الرجل: تَرَك النكاحَ، وكذلك المرأَةُ.
والـمِعْزابةُ: الذي طالتْ عُزُوبَتُه، حتى ما لَه في الأَهلِ من حاجة؛ قال: وليس في الصفاتِ مِفْعالة غير هذه الكلمة. قال الفراء: ما كان من مِفْعالٍ، كان مؤَنثه بغير هاء، لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدالاً أَشدَّ من صبور وشكور، وما أَشبههما، مما لا يؤنث، ولأَنه شُبِّهَ بالمصادر لدخولِ الهاءِ فيه؛ يقال: امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ. قال وقد قيل: رجل مِجْذامةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور، جاءَ على غير قياس، وإِنما زادوا فيه الهاء، لأَن العَرَبَ تُدْخِل الهاء في المذكر، على جهتين: إِحداهما المدح، والأُخرى الذم، إِذا بولغ في الوصف. قال الأَزهري: والـمِعْزابة دخلتها الهاء للمبالغة أَيضاً، وهو عندي الرجل الذي يُكْثر النُّهوضَ في مالِه العَزيبِ، يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ، وأُنُفَ الكَلإِ؛ وهو مدْحٌ بالِـغٌ على هذا المعنى.
والـمِعْزابَةُ: الرجلُ يَعْزُبُ بماشيته عن الناس في الـمَرْعَى.
وفي الحديث: أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَـأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ أَي بأَرضٍ بعيدةِ الـمَرْعَى، قليلَتِه؛ والهاء فيها للمبالغة، مثلُها في فَرُوقَةٍ ومَلُولة.
وعازِبةُ الرَّجُل (1) (1 قوله «وعازبة الرجل» امرأته أو أمته، وضُبطت المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة، وبضم ففتح فكسر مثقلاً كما في التهذيب والتكملة، واقتصر المجد على الضبط الأول والجمع المعازب، وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول: بصاحب لا تنال الدهر غرّته * إِذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب افتلى: اقتطع.
والهدف: الثقيل أي إذا شغل الإماء الهدف القنّ اهـ. التكملة.) ، ومِعْزَبَتُه، ورُبْضُه، ومُحَصِّنَتُه، وحاصِنَته، وحاضِنَتُه، وقابِلَتُه، ولـِحافُه: امرأَتُه.
وعَزَبَتْه تَعزُبه، وعَزَّبَتْه: قامت بأُموره. قال ثعلب: ولا تكون الـمُعَزِّبةُ إِلاّ غريبةً؛ قال الأَزهري: ومُعَزِّبةُ الرجل: امرأَتُه يَـأْوي إِليها، فتقوم بـإِصلاح طعامه، وحِفظِ أَداته.
ويقال: ما لفلان مُعَزِّبة تُقَعِّدُه.
ويقال: ليس لفلان امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بالنكاح؛ مثل قولك: هي تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عليه في مرضه.
وفي نوادر الأَعراب: فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً، ويُرْبِضُه، ويُرَبِّصُه: يكون له مثلَ الخازن.
وأَعْزَبَ عنه حِلْمُه، وعَزَبَ عنه يَعْزُبُ عُزوباً: ذهَب.
وأَعْزَبَه اللّهُ: أَذْهَبَه.
وقوله تعالى: عالِمُ الغَيْبِ لا يَعْزُب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السمواتِ ولا في الأَرض؛ معناه لا يَغِـيبُ عن عِلْمِه شيءٌ.
وفيه لغتان: عَزَبَ يَعْزُب، ويَعْزِبُ إِذا غابَ؛ وأَنشد: وأَعْزَبْتَ حِلْمِـي بعدما كان أَعْزَبا جَعل أَعْزَبَ لازماً وواقعاً، ومثله أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم، وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ.
والعازِبُ من الكَلإِ: البعيدُ الـمَطْلَب؛ وأَنشد: وعازِبٍ نَوَّرَ في خَلائِه والـمُعْزِبُ: طالِبُ الكَلإِ.
وكَـلأٌ عازِبٌ: لم يُرْعَ قَطُّ، ولا وُطِـئَ.
وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَـلأً عازِباً.
وعَزَبَ عني فلانٌ، يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً: غابَ وبَعُدَ.
وقالوا: رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ في الأَرضِ.
وفي حديث أَبي ذَرّ: كُنتُ أَعْزُبُ عن الماءِ أَي أُبْعِدُ؛ وفي حديث عاتكة: فهُنَّ هَواءٌ، والـحُلُومُ عَوازِبُ جمع عازب أَي إِنها خالية، بعيدةُ العُقُول.
وفي حديث ابن الأَكْوَع، لما أَقامَ بالرَّبَذَةِ، قال له الحجاجُ: ارْتَدَدْتَ على عَقِـبَيْكَ تَعَزَّبْتَ. قال: لا، ولكن رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَذِنَ لي في البَدْوِ.
وأَراد: بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعاتِ بسُكْنى البادية؛ ويُروى بالراءِ.
وفي الحديث: كما تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ في الأُفُق؛ هكذا جاءَ في رواية أَي البعيدَ، والمعروف الغارِب، بالغين المعجمة والراء، والغابر، بالباء الموحدة.
وعَزَبَتِ الإِبلُ: أَبْعَدَتْ في الـمَرعَى لا تروح.
وأَعْزَبَها صاحِـبُها، وعَزَّبَ إِبلَه، وأَعْزَبَها: بَيَّتها في الـمَرْعَى، ولم يُرِحْها.
وفي حديث أَبي بكر: كان له غَنَمٌ، فأَمَرَ عامرَ بن فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بها أَي يُبْعدَ بها في الـمَرْعى.
ويروى يُعَزّبَ، بالتشديد، أَي يَذْهَبَ بها إِلى عازبٍ من الكَلإِ.
وتَعَزَّب هو: باتَ معها.
وأَعْزَبَ القومُ، فهم مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم.
وعَزَبَ الرجلُ بـإِبله إِذا رعاها بعيداً من الدار التي حَلَّ بها الـحَيُّ، لا يأْوي إِليهم؛ وهو مِعْزابٌ ومِعْزابة، وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ.
وفي الحديث: أَنهم كانوا في سفر مع النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فسَمِـعَ منادياً، فقال: انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً، أَو مُكْلِئاً؛ قال: هو الذي عَزَبَ عن أَهله في إِبله أَي غاب.
والعَزِيبُ: المالُ العازبُ عن الـحَيّ؛ قال الأَزهري: سمعته من العرب.
ومن أَمثالِـهِم: إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ؛ والعازبةُ الإِبلُ. قاله رجل كانت له إِبل فباعها، واشترى غنماً لئلا تَعْزِبَ عنه، فعَزَبَتْ غنمه، فعاتَبَ على عُزُوبها؛ يقال ذلك لمن تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً، فلَزِمَه فيه مشقةٌ لم يَحْتَسِـبْها.
والعَزيبُ، من الإِبل والشاءِ: التي تَعْزُبُ عن أَهلها في الـمَرْعَى؛ قال: وما أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ، * ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لنا بمالِ وفي حديث أُمِّ مَعْبدٍ: والشاءُ عازِبٌ حِـيَالٌ أَي بَعِـيدَةُ الـمَرْعَى، لا تأْوي إِلى المنزل إِلاَّ في الليل.
والـحِـيالُ: جمع حائل، وهي التي لم تَحْمِلْ.
وإِبل عَزِيبٌ: لا تَرُوحُ على الـحَيِّ، وهو جمع عازب، مثل غازٍ وغَزِيٍّ.
وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ، بالتشديد، إِذا عُزِّبَ به عن الدار، والـمِعْزابُ من الرجال: الذي تَعَزَّبَ عن أَهلِه في ماله؛ قال أَبو ذؤَيب: إِذا الـهَدَفُ الـمِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه، * وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ وهِراوةُ الأَعْزاب: هِرَاوة الذين يُبْعِدُون بـإِبلهم في الـمَرْعَى، ويُشَبَّهُ بها الفَرَسُ. قال الأَزهري: وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كانت مشهورةً في الجاهلية، ذكرها لبيدٌ (1) (1 قوله «ذكرها لبيد» أي في قوله:تهدي أوائلهن كل طمرّة جرداء مثل هراوة الأعزاب) وغيره من قُدَماءِ الشعراء.
وفي الحديث: من قَرَأَ القرآن في أَربعين ليلة، فقد عَزَّبَ أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَ منه، وأَبْطَـأَ في تِلاوَتهِ.
وعَزَبَ يَعْزُبُ، فهو عازِبٌ: أَبْعَدَ.
وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عنها زوجها؛ قال النابغة الذُّبيانيّ: شُعَبُ العِلافِـيَّاتِ بين فُروجِهِمْ، * والـمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ العِلافِـيَّاتُ: رِحال منسوبة إِلى عِلافٍ، رجل من قُضاعةَ كان يَصْنَعُها.
والفُروج: جمع فَرْج، وهو ما بين الرجلين. يريد أَنهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهارِ نسائهم.
وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لم يكن بها أَحدٌ، مُخْصِـبةً كانت، أَو مُجْدِبةً.

كفر (لسان العرب) [0]


الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً.
ويقال لأَهل دار الحرب: قد كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر.
والكُفْرُ: جُحود النعمة، وهو ضِدُّ الشكر.
وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون.
وكَفَرَ نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه.
ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه.
ورجل كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ: وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى، وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ.
وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ . . . أكمل المادة قلوبهم كقُلوبِ نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف، والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة الله، وهو مذكور في موضعه.
وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ، لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت.
وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر، وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام، وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة الله، والآخر التكذيب بالله.
وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى، عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل: جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع.
وقوله سبحانه وتعالى: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له، ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر.
وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛ أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها.
وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر، وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛ يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛ والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه.
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان.
وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما، والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم، حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى: خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق.
وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه: تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل: هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ.
وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً. يقال: لا تُكْفِرْ أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً بقولك وزعمك.
وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر.
وكل من ستر شيئاً، فقد كَفَرَه وكَفَّره.
والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب.
والكُفَّارُ: الزُّرَّاعُ.
وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية.
وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي سترته.
والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل شيء.
وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه.
وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته.
وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد اللحياني: وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى بيضهما عند غروب الشمس: فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق هذا المعنى فقال: حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ، وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً.
وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛ ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً.
والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك أَيضاً.
وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته: وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛ كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد: وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما، وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد: تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ وفي رواية ابن شميل: فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت.
ورجل مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه.
والكافِرُ: السحاب المظلم.
والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ، في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته.
ورماد مَكْفُور: مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال: هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟ قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد: فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ، وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ أَي فيما يواريه من سواد الليل.
وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع. ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ، فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه.
وكلُّ شيء غطى شيئاً، فقد كفَرَه.
وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر.
وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛ وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره.
ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته كل شيء وغطاه.
ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ: المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ.
والمُتَكَفِّرُ: الداخل في سلاحه.
والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول الفرزدق: هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها، فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ، قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح.
وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم: كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة.
وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث فيها، والاسم الكَفَّارةُ.
والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده.
وأَما الحدود فقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ لأَهلها أَم لا.
وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها، وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك.
وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة، كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه تجب عليه الفدية.
وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر.
والكَفَرُ والكُفُرَّى والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى.
وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول (* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في الأصل.
والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد: جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به، من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها، سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج: كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً.
وفي الحديث: أَنه كان اسم كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد: لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور.
وقوله عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل: هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان، والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب.
وفي الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي: تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من النخل.
والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو الإِغْرِيضُ.
وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر.
وروي عن مُعَاوية أَنه قال: أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها.
والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم الكُفُورَ.
وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في القبور.
وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه.
والتَّكْفِير: إِيماءُ الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه.
والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له.
والتكفير: أَن يضع يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم: وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها، فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم، فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا.
وفي الحديث عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه.
والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير.
وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل.
وفي حديث أَبي معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً: مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال.
والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ: له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ، تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية: وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ، إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان عَنَّيْتَ وآذَيْتَ.
وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ الأَلْيَتانِ.

شرق (لسان العرب) [0]


شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طلعت، واسم الموضع المَشْرِق، وكان القياس المَشْرَق ولكنه أحد ما ندر من هذا القبيل.
وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. يقال: شَرَقَت الشمسُ إذا طلعت، وأشْرَقَت إذا أضاءت، فإن أراد الطلوع فقد جاء في الحديث الآخر حتى تطلع الشمس، وإن أراد الإضاءة فقد ورد في حديث آخر: حتى ترتفع الشمس، والإضاءة مع الإرتفاع.
وقوله تعالى: يا ليت بيني وبَينَك بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ فبئس القَرِين؛ إنما أَراد بُعْدَ المشرق والمغرب، فلما جُعِلا اثنين غَلَّب لفظَ المشرق لأنه دالّ على الوجود والمغرب دال على العدم، والوجودُ لا محالة أشرفُ، كما يقال القمران . . . أكمل المادة للشمس والقمر؛ قال: لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ أَراد الشمس والقمر فغَلّب القمر لشرف التذكير، وكما قالوا سُنَّة العُمَرين يريدون أَبا بكر وعمر، رضوان الله عليهما، فآثروا الخِفَّة.
وأما قوله تعالى: رَبّ المشرقين وربّ المَغْربَيْن ورب المشارق المغارب، فقد ذكر في فصل الغين من حرف الباء في ترجمة غرب.
والشَّرْق: المَشْرِق، والجمع أَشراق؛ قال كُثَيِّر عزّة: إذا ضَرَبُوا يوماً بها الآل، زيَّنُوا مَساندَ أَشْراقٍ بها ومَغاربا والتَّشْرِيقُ: الأخذ في ناحية المشرق. يقال: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ ومُغرِّبٍ.
وشَرِّقوا: ذهبوا إلى الشَّرْق أَو أتوا الشرق.
وكل ما طلَع من المشرق فقد شَرَّق، ويستعمل في الشمس والقمر والنجوم.
وفي الحديث: لا تَسْتَقْبلوا القِبْلة ولا تَسْتَدْبروها، ولكن شَرِّقوا أَو غَرِّبوا؛ هذا أَمر لأَهل المدينة ومن كانت قِبْلته على ذلك السَّمْتِ ممن هو في جهة الشمال والجنوب، فأما من كانت قبلته في جهة المَشْرِق أو المغرب فلا يجوز له أَن يُشَرِّق ولا يُغَرِّب إنما يَجْتَنِب ويَشْتَمِل.
وفي الحديث: أناخَتْ بكم الشُّرْق الجُونُ، يعني الفِتَن التي تجيء من قِبَل جهة المشرق جمع شارِق، ويروى بالفاء، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرْقيّ: الموضع الذي تُشْرِق فيه الشمس من الأَرض.
وأَشْرَقَت الشمسُ إشْراقاً: أضاءت وانبسطت على الأَرض، وقيل: شَرَقَت وأَشْرَقت طلعت، وحكى سيبويه شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت.
وشَرِقَت، بالكسر: دَنَتْ للغروب.
وآتِيك كلَّ شارقٍ أي كلَّ يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارِقُ قَرْن الشمس. يقال: لا آتِيك ما ذَرَّ شارِقٌ. التهذيب: والشمس تسمى شارقاً. يقال: إني لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أي كلما طلع الشَّرْقُ، وهو الشمس.
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: الشَّرْق الضوء والشَّرْق الشمس.
وروى عمرو عن أَبيه أَنه قال: الشَّرْق الشمس، بفتح الشين، والشِّرْق الضوء الذي يدخل من شقّ الباب، ويقال له المِشْرِيق.
وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وأضاء وتلألأ حُسْناً.
والمَشْرقة: موضع القعود للشمس، وفيه أربع لغات: مَشْرُقة ومَشْرَقة، بضم الراء وفتحها، وشَرْقة، بفتح الشين وتسكين الراء، ومِشْراق.
وتَشَرَّقْت أي جلست فيه. ابن سيده: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الموضع الذي تَشْرُق عليه الشمس، وخصَّ بعضهم به الشتاء؛ قال: تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ ويقال: اقعُد في الشَّرْق أَي في الشَّمْسِ، وفي الشَّرْقة والمَشْرَقة والمَشْرُقة.
والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عن السيرافي.
ومِشْرِيقُ الباب: مدْخَلُ الشمس فيه.
وفي الحديث: أَنَّ طائراً يقال له القَرْقَفَنَّة يقع على مِشْرِيق باب مَنْ لا يَغار على أهله فلو رأَى الرجال يدخلون عليها ما غَيَّر؛ قيل في المِشْرِيق: إنه الشق الذي يقع فيه ضِحُّ الشمس عند شروقها؛ وفي الرواية الأُخرى في حديث وهب: إذا كان الرجل لا ينكرُ عَمَل السوء على أهله، جاءَ طائر يقال له الفَرْقَفَنَّة فيقع على مِشْرِيق بابه فيمكث أربعين يوماً، فإن أنكر طار، وإن لم يُنْكر مسح بجناحيه على عينيه فصار قُنْذُعاً دَيُّوثاً.
وفي حديث ابن عباس: في السماء بابٌ للتوبة يقال له المِشْرِيق وقد رُدَّ فلم يبق إلاّ شَرْقُه أَي الضوءُ الذي يدخل من شقِّ الباب.ومكان شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عليه الشمس فأضاء.
ويقال: أَشْرَقَت الأَرض إشراقاً إذا أنارت بإشْراق الشمس وضِحِّها عليها.
وفي التنزيل: وأَشْرَقَت الأَرضُ بنور رَبِّها.
والشَّرْقة: الشمس، وقيل: الشَّرَق والشَّرْق، بالفتح.
والشَّرِقة والشارِقُ والشَّرِيق: الشمس، وقيل: الشمس حين تَشرُق. يقال: طلعت الشَّرَق والشَّرُق، وفي الصحاح: طلع الشَّرْق ولا يقال غرَبت الشَّرْق ولا الشَّرَق. ابن السكيت: الشَّرَق الشمس، والشَّرْق، بسكون الراء، المكان الذي تَشْرُق فيه الشمس. يقال: آتيك كل يوم طَلْعَةَ شَرَقِه.
وفي الحديث: كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداونِ بينهما شَرَقٌ؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وهو الشمس، والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة موضع الشمس في الشتاء، فأما في الصيف فلا شَرقة لها، والمَشْرِقُ موقعها في الشتاء على الأَرض بعد طلوعها، وشَرْقَتُها دَفاؤُها إلى زوالها.
ويقال: ما بين المَشْرِقَيْنِ أَي ما بين المَشْرِق والمغرب.
وأَشْرَق الرجلُ أَي دخل في شروقِ الشمس.
وفي التنزيل: فأَخَذَتْهم الصَّيْحةُ مُشْرِقِينَ؛ أَي مُصْبِحين.
وأَشْرَقَ القومُ: دخلوا في وقت الشروق كما تقول أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فأما شَرَّقُوا وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق والمغرب.
وفي التنزيل: فأَتْبَعُوهم مُشْرقينَ، أي لَحِقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها. يقال: شَرَقَت الشمسُ إذا طلعت، وأَشْرَقَت أَضاءت على وجه الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إذا غابت.
والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصيف والشتاء. ابن الأَنباري في قولهم في النداء على الباقِلاَّ شَرْقُ الغداة طَرِيّ قال أَبو بكر: معناه قَطْعُ الغداة أَي ما قُطِع بالغداة والْتُقِط؛ قال الأَزهري: وهذا في الباقلاَّ الرَّطْب يُجْنَى من شجره. يقال: شَرقَتُ الثمرةَ إذا قطعتها.
وقال الفراءُ وغيره من أَهل العربية في تفسير قوله تعالى: من شَجَرةِ مُبارَكة زَيْتونةٍ لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة؛ يقول هذه الشجرة ليست مما تطْلع عليها الشمسُ في وقت شُروقِها فقط أَو في وقت غروبها فقط، ولكنها شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشمس بالغداة والعشيَّة، فهو أَنْضَر لها وأَجود لزيتونها وزيتِها، وهو قول أكثر أَهل التفسير؛ وقال الحسن: لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة إنها ليست من شجر أَهل الدنيا أَي هي من شجر أَهل الجنة، قال الأَزهري: والقول الأَول أَولى؛ قال وروى المنذري عن أَبي الهيثم في قول الحرث بن حِلِّزة: إنه شارِق الشَّقِيقة، إذ جا ءَت مَعَدٌّ، لكل حَيٍّ لواء قال: الشَّقِيقة مكان معلوم، وقوله شارق الشَّقِيقة أَي من جانبها الشَّرْقي الذي يلي المَشْرِق فقال شارق، والشمس تَشْرُق فيه، هذا مفعول فجعله فاعلاً.
وتقول لِما يلي المَشْرِق من الأَكَمَةِ والجبل: هذا شارِقُ الجبل وشَرْقِيُّه وهذا غاربُ الجبل وغَربِيُّه؛ وقال العجاج: والفُتُن الشارق والغَرْبيّ أَراد الفُتُنَ التي تلي المَشْرِق وهو الشَّرْقيُّ؛ قال الأزهري: وإنما جاز أَن يفعله شارقاً لأَنه جعله ذا شَرْقٍ كما يقال سِرُّ كاتمٌ ذو كِتْمان وماء دافِقٌ ذو دَفْقٍ.
وشَرَّقْتُ اللحم: شَبْرَقْته طولاً وشَرَرْته في الشمس ليجِفَّ لأن لحوم الأَضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى؛ قال أَبو ذؤيب: فغدا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا له أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ يعني الثور يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه للشمس ليجِف ما عليه من ندى الليل فبدا له سوابقُ الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ.
وتَشْريق اللحم: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه وبَسْطُه، ومنه سميت أيام التشريق.
وأيام التشريق: ثلاثة أَيام بعد يوم النحر لأَن لحم الأَضاحي يُشَرَّق فيها للشمس أَي يُشَرَّر، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يقولون في الجاهلية: أَشْرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ الإِغارةُ: الدفع، أَي ندفع للنَّفْر؛ حكاه يعقوب، وقال ابن الأَعرابي: سميت بذلك لأن الهَدْيَ والضحايا لا تُنْحَر حتى تَشْرُق الشمسُ أَي تطلع، وقال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال سميت بذلك لأَنهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحوم الأَضاحي، وقيل: بل سميت بذلك لأَنها كلَّها أَيام تشريق لصلاة يومِ النحر،يقول فصارت هذه الأيام تبعاً ليوم النحر، قال: وهذا أَعجب القولين إليَّ، قال: وكان أَبو حنيفة يذهب بالتَّشْرِيقِ إلى التكبير ولم يذهب إليه غيره، وقيل: أَشْرِق ادْخُلْ في الشروق، وثَبِيرٌ جبل بمكة، وقيل في معنى قوله أَشْرِق ثبِير: كَيْما نُغِير: يريد ادْخل أيها الجبل في الشروق وهوضوء الشمس، كما تقول أَجْنَب دخل في الجنوب وأَشْمَلَ دخل في الشِّمال، كيما نُغِير أَي كيما ندفع للنحر، وكانوا لا يُفِيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويقال كيما ندفع في السير من قولك أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي أَسْرع ودفع في عَدْوِه.
وفي الحديث: مَنْ ذَبَح قبل التشريق فلْيُعِدْ، أَي قبل أَن يصلِّيَ صلاة العيد ويقال لموضعها المُشَرَّق.
وفي حديث مَسْروق: انْطَلِقْ بنا إلى مُشَرِّقِكم يعني المُصَلَّى.
وسأل أَعرابي رجلاً فقال: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يعني الذي يُصَلَّى فيه العيد، ويقال لمسجد الخَيْف المُشَرَّق وكذلك لسوق الطائف.
والمُشَرَّق: العيد، سمي بذلك لأن الصلاة فيه بعد الشَّرْقةِ أَي الشمس، وقيل: المُشَرَّق مُصَلَّى العيد بمكة، وقيل: مُصَلَّى العيد ولم يقيد بمكة ولا غيرها، وقيل: مصلى العيدين، وقيل: المُشَرَّق المصلّى مطلقاً؛ قال كراع: هو من تشريق اللحم؛ وروى شعبة أن سِماك بن حَرْب قال له يوم عيد: اذهب بنا إلى المُشَرَّق يعني المصلى؛ وفي ذلك يقول الأَخطل: وبالهَدايا إذا احْمَرَّتْ مَدارِعُها، في يوم ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْخار والتَّشْرِيق: صلاة العيد وإنما أُخذ من شروق الشمس لأَن ذلك وقتُها.
وفي الحديث: لا ذَبْحَ إلا بَعْد التَّشْرِيق أَي بعد الصلاة، وقال شعبة: التَّشْرِيق الصلاة في الفطر والأَضحى بالجَبّانِ.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: لا جُمْعة ولا تَشْرِيقَ إلا في مِصْرٍ جامع؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: قُلْتُ لِسَعْدٍ وهو بالأَزارِق: عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق فسره فقال: معناه عليك بالشمس في الشتاء فانْعَمْ بها ولَذَّ؛ قال ابن سيده: وعندي أن المَشارِق هنا جمع لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عند الشمس، يُقَوِّي ذلك قولُه بالمحض لأَنهما مطعومان؛ يقول: كُلِ اللحم واشْرَب اللبن المحض.
والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الوجه؛ قاله ابن الأَعرابي في بيت المرار: ويَزِينُهنَّ مع الجمالِ مَلاحةٌ، والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ (* قوله «والفخر» كذ بالأصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام).
والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة.
وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت من أَطرافها ولم يَبِنْ منها شيء.
ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولاً ولم تَبِنْ، وقيل: الشَّرْقاءُ الشاة يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها من جانب الأُذن شَقّاً بائناً ويترك وسط أُذُنِها صحيحاً، وقال أَبو علي في التذكرة: الشَّرْقاءُ التي شُقَّت أُذناها شَقَّين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة.
وشَرَقَتْ الشاة أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها.
وشَرِقت الشاةُ، بالكسر، فهي شاة شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو جَدْعاء. الأَصمعي: الشَّرْقاء في الغنم المشقوقة الأُذن باثنين كأنه زنَمة، واسم السِّمَةِ الشَّرَقة، بالتحريك، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها شَرْقاً إذا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يكون في الأُذن ثقب مستدير.
وشاة شَرْقاء: مقطوعة الأُذن.
والشَّرِيقُ من النساء: المُفْضاة.
والشَّرِقُ من اللحم: الأَحمر الذي لا دَسَم له.
والشَّرَقُ: الشجا والغُصّة.
والشَّرَقُ بالماء والرِّيق ونحوهما: كالغَصَص بالطعام؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ؛ قال عدي بن زيد: لو بِغَيْرِ الماء حَلْقِي شَرِقٌ، كنتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصاري الليث: يقال شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بريقه، ويقال: أَخذَتْه شَرْقة فكاد يموت. ابن الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قال الأَزهري: والغَرَقُ أَن يدخل الماءُ في الأَنف حتى تمتلئ منافذُه.
والشَّرَقُ: دخولُ الماء الحَلْقَ حتى يَغَصَّ به، وقد غَرِقَ وشَرِقَ.
وفي الحديث: فلما بلغ ذِكْرَ موسى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع أي أَخذته سُعْلة منعته عن القراءة. قال ابن الأَثير: وفي الحديث أَنه قرأَ سورة المؤمن في الصلاة فلما أتى على ذكرِ عيسى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فركع؛ الشَّرْقة: المرة الواحدة من الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بالقراءة، وقيل: أَراد أَنه شَرِقَ بريقه فترك القراءة وركع؛ ومنه الحديث: الحَرَقُ والشِّرَقُ شهادةٌ؛ هو الذي يَشْرَقُ بالماء فيموت.
وفي حديث أُبَيّ: لقد اصطلح أَهل هذه البلدة على أَن يَعْصِّبُوه فشَرِقَ بذلك أَي غَصَّ به، وهو مجاز فيما ناله من أَمْرِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ به حتى كأَنه شيء لم يقدر علي إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ به.
وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فضاق، وشَرِقَ الجسدُ بالطيب كذلك؛ قال المخبَّل: والزَّعْفَرانُ على تَرائِبها شَرِقاً به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اختلط؛ قال المسَّيب بن عَلَسٍ: شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ والتَّشْريق: الصَّبغ بالزعفران غير المُشْبَع ولا يكون بالعُصْفُر.
والتَّشْويق: المُشْبَع بالزعفران.
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اشتدت حمرته بدم أَو بحسن لون أَحمر؛ قال الأَعشى: وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْته، كما شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ من الدَّمِ ومنه حديث عكرمة: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عليهما ثياب مُشْرَقة أَي محمّرة. يقال شَرِقَ الشيءُ إذا اشتدت حمرته، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إذا بالَغْت في حمرته؛ وفي حديث الشعبي: سُئِل عن رجل لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت بالدم ولمّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فقال: لها أَمْرُها، حتى إذا ما تَبَوَّأَتْ بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا الضمير في لها للإبل يُهْمِلها الراعي حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي أَعجبها فأقامت فيه مالَ الراعي إلى مَضْجَعِه؛ ضربه مثلاً للعين أَي لا يُحْكَم فيها بشيء حتى تأتيَ على آخر أمْرِها وما تؤول إليه، فمعنى شَرِقَت بالدم أَي ظهر فيها ولم يَجْرِ منها.
وصَرِيع شَرِقٌ بدمه: مُخْتَضِب.
وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ من الخَجَلِ.
والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر.
وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فيها: ظهر. الأَصمعي: شَرِقَ الدم بجسده يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ظهر ولم يَسِلْ، وقيل إذا ما نَشِبَ، وكذلك شَرِقت عينُه إذابَقِي فيها دمٌ؛ قال: وإذا اختلطت كُدورةٌ بالشمس ثم قلت شَرِقَت جاز ذلك كما يَشْرَق الشيء بالشيء يَنْشَبُ فيه ويختلط. يقال: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ما دخل الماءُ حَلْقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، قال في الناقة المُنْكَسرة: ولا هي بفَقِيٍّ فتشْرَق أَي تمتلئ دماً من مرض يَعْرِضُ لها في جوفها؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه كان يُخْرِج يديه في السجود وهما مُتَفَلِّقَتان قد شَرِق بينهما الدم.
وشَرِقَ النخل وأَشْرَق وأَزْهَقَ (* قوله «وأزهق» هكذا في الأصل ولعله وأزهى.) لوَّنَ بحمرة. قال أَبو حنيفة: هو ظهور أَلوان البُسْر.
ونَبْتٌ شَِرِقٌ أَي رَيَّان؛ قال الأَعشى: يُضاحِك الشمسَ منها كوكَبٌ شَرِقٌ، مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ وأَما ما جاء في الحديث من قوله: لعلكم تُدْرِكون قوماً يُؤَخِّرون الصلاة إلى شَرِقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ للوقت الذي تَعْرِفون ثم صَلّوا معهم؛ فقال بعضهم: هو أن يَشْرَقَ الإنسانُ بريقِه عند الموت، وقال: أَراد أَنهم يصلون الجمعة ولم يبق من النهار إلا بقدر ما بَقِي من نَفْس هذا الذي قد شَرِق بريقه عند الموت، أَراد فَوْتَ وقْتِها ولم يقيّد الصلاة في الصحاح بجمعة ولا بغيرها، وسئل عن هذا الحديث فقال: أَلم ترَ الشمسَ إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى؛ قال أَبو عبيد: يعني أَن طلوعها وشُروقَها إنما هو تلك الساعة للموتى دون الأَحياء. أَبو زيد: تُكْرَه الصلاة بشَرَقِ الموتى حين تصفرُّ الشمس، وفعلت ذلك بشَرَقِ الموتى: في ذلك الوقت.
وفي الحديث: أَنه ذكر الدنيا فقال: إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى؛ له معنيان: أَحدهما أَنه أَراد به آخِرَ النهار لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَث قليلاً ثم تغيب فشبَّه ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة، والآخَرُ من قولهم شَرِقَ الميت بريقه إذا غَصَّ به، فشَّبه قِلَّةَ ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة الشَّرِق بريقه إلى أَن تخرج نفسه.
وسئل الحسن بن محمد بن الحنفية عنه فقال: أَلم تَرَ إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى. يقال: شَرِقَت الشمس شَرَقاً إذا ضعف ضوءُها، قال: ووَجّه قولَه حين ذكر الدنيا فقال إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى إلى معنيين: أَحدهما أَن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَثُ ساعة ثم تغيب فشبَّه قِلَّة ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة من اليوم، والوجه الآخر في شَرَقِ الموتى شَرَقُ الميت برِيقِه عند خروج نفسه.
وفي بعض الروايات: واجعلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة أَي نافلة.
وقال أبو عبيد: المُشَرَّق جبل بسوق الطائف، وقال غيره: المُشَرَّق سُوقُ الطائف؛ وقول أبي ذؤيب: حتى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ، بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ يُفَسَّر بكلا ذَيْنِك، ورواه ابن الأعرابي: بصفا المُشَقَّر؛ قال: وهو صفا المُشَقَّر الذي ذكره امرؤ القيس فقال: دُوَيْنَ الصَّفا اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا والشارِقُ: الكِلْسُ، عن كراع.
والشَّرْقُ: طائر، وجمعه شُروق، وهو من سِباع الطير؛ قال الراجز: قد أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذو بَرِيقِ، بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ، أَجْدَلَ أو شَرْقٍ من الشُّروقِ قال شمر: أَنشدني أَعرابي في مجلس ابن الأَعرابي وكتبها ابن الأعرابي: انْتَفِخي، يا أَرْنَبَ القِيعان، وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ، أو ضربة من شرق شاهيان، أو توجي جائع غرثان (* قوله «أو ضربة من شرق إلى آخر البيت» هكذا في الأصل). قال: الشَّرْق بين الحِدَأَة والشاهين ولونه أَسود.
والشارِق: صنم كان في الجاهلية، وعبد الشارِق: اسم وهو منه.
والشَّرِيقُ: اسم صنم أيضاً.
والشَّرْقِيُّ: اسم رجل راوِية أَخبار.
ومِشْرِيق: موضع.
وشَرِيق: اسم رجل.

عتر (لسان العرب) [0]


عتَرَ الرُّمْحُ وغيره يَعْتِر عَتْراً وعتَراناً: اشتدّ واضطرب واهتز؛ قال: وكلّ خَطِّيٍّ إِذا هُزَّ عَتَرْ والرُّمْحُ العاترُ: المضطرب مثل العاسِل، وقد عَتَرَ وعَسَلَ وعَرَتَ وعَرَصَ. قال الأَزهري: قد صح عَتَر وعرتَ ودلَّ اختلافُ بنائها على أَن كل واحد منها غير الآخر.
وعَتَر الذكَرُِ يَعْتِر عَتْراً وعُتُوراً: اشتدّ إِنعاظُه واهتز؛ قال: تقول إِذْ أَعْجَبَها عُتُورُه، وغابَ في فقْرتِها جُذْمورُه: أَسْتَقْدِرُ اللهَ وأَسْتَخِيرُه والعُتُر: الفروجُ المُنْعِظة، واحدها عاتِرٌ وعَتُور.
والعَتْر والعِتْر: الذَّكَر.
ورجل مُعَتَّر: غليظٌ كثير اللحم.
والعَتَّار: الرجل الشجاع، والفرس القوي على السير، ومن المواضع الوَحْش الخشن؛ قال المبرد: جاء فِعْوَل من الأَسماء خِرْوعَ وعِتْوَر، وهو الوادي الخشن التربة.
والعِتْر: العَتِيرة، وهي شاة . . . أكمل المادة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم مثل ذِبح وذَبِيحة.
وعَتَرَ الشاةَ والظبية ونحوهما يَعْتِرُها عَتْراً، وهي عَتِيرة: ذَبَحها.
والعَتِيرةُ: أَول ما يُنْتَج كانوا يذبحونها لآلهتهم؛ فأَما قَوله: فخرّ صَرِيعاً مثلَ عاتِرَة النُّسُكْ فإِنه وضع فاعلاً موضع مفعول، وله نظائر، وقد يكون على النسب؛ قال الليث: وإنما هي مَعْتُورةٌ، وهي مثل عِيشَة راضية وإِنما هي مَرْضِيّة.
والعِتْر: المذبوح.
والعِتْر: ما عُتِرَ كالذِّبْح.
والعِتْرُ: الضم يُعْتَرُ له؛ قال زهير: فَزَلّ عنها وأَوْفى رأْس مَرْقَبَةٍ، كناصِبِ العِتْر دَمًى رأْسَه النُّسُكُ ويروى: كمَنْصِب العِتْر؛ يريد كمنصب ذلك الصنم أَو الحجر الذي يُدَمَّى رأْسُه بدم العَتِيرة، وهذا الصنم كان يُقَرَّب له عِتْرٌ أَي ذِبْح فيذبح له ويُصيب رأْسه من دم العِتْر؛ وقول الحرث بن حِلِّزة يذكر قوماً أَخذوهم بذنب غيرهم: عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ ـتَرُ عن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ معناه أَن الرجل كان يقول في الجاهلية: إِن بَلَغَتْ إِبلي مائة عَتَرْت عنها عَتِيرةً، فإِذا بلغت مائةً ضَنَّ بالغنم فصاد ظبياً فذبحه؛ يقول فهذا الذي تَسَلُوننا اعتراضٌ وباطل وظلم كما يُعْتَر الظبيُ عن رَبِيض الغنم.
وقال الأَزهري في تفسير الليث: قوله كما تُعْتَر يعني العَتِيرة في رجب، وذلك أَن العرب في الجاهلية كانت إِذا طلب أَحدُهم أَمراً نَذَرَ لئن ظَفِرَ به ليذبَحَنَّ من غنمه في رجب كذا وكذا، وهي العَتائر أَيضاً ظَفر به فربما ضاقت نفسُه عن ذلك وضَنّ بغنمه، وهي الرَّبِيض، فيأْخذ عددَها ظباءً، فيذبحها في رجب مكان تلك الغنم، فكأَن تلك عتائرُه، فضرب هذا مثلاً، يقول: أَخَذْتمونا بذنبِ غيرِنا كما أُخِذَت الظباءُ مكانَ الغنم.
وفي الحديث أَنه قال: لا فَرَعةَ ولا عَتِيرَلآ؛ قال أَبو عبيد: العَتِيرة هي الرَّجَبِيَّة، وهي ذبيحة كانت تُذْبَح في رجب يتَقَرَّب بها أَهلُ الجاهلية ثم جاء الإِسلام فكان على ذلك حتى نُسخَ بعد؛ قال: والدليل على ذلك حديث مخنف ابن سُلَيم قال: سمعت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يقول إِنّ على كل مسلم في كل عام أَضْحاةً وعَتِيرَةً؛ قال أَبو عبيد: الحديث الأَول أَصح، يقال منه: عَتَرْت أَعْتِرُ عَتْراً، بالفتح، إِذا ذَبح العَتِيرة؛ يقال: هذه أَيام تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ. قال الخطابي: العَتيرةُ في الحديث شاة تُذْبَح في رجب، وهذا هو الذي يُشْبِه معنى الحديث ويَلِيق بحكم الدِّين، وأَما العَتِيرة التي كانت تَعْتِرُها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تُذْبَح للأَصنام ويُصَبُّ دَمُها على رأْسها.
وعِتْرُ الشيء: نصابُه، وعِتْرةُ المِسْحاة: نِصابُها، وقيل: هي الخشبة المعترضة فيه يعتمد عليها الحافِرُ برجله، وقيل: عِتْرتُها خشبتُها التي تسمى يَدَ المِسْحاة.
وعِتْرةُ الرجل: أَقْرِباؤه من ولدٍ وغيرهِ، وقيل: هم قومُهُ دِنْياً، وقيل: هم رهطه وعشيرته الأَدْنَون مَنْ مَضى منهم ومَن غَبَر؛ ومنه قول أَبي بكر، رضي الله عنه: نحن عِتْرةُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، التي خرج منها وبَيْضَتُه التي تَفَقَأَتْ عنه، وإِنما جِيبَت العرَبُ عنّا كما جِيَبت الرحى عن قُطْبها؛ قال ابن الأَثير: لأَنهم من قريش؛ والعامة تَظُنُّ أَنها ولدُ الرجل خاصة وأَن عترة رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ولدُ فاطمة، رضي الله عنها؛ هذا قول ابن سيده، وقال الأَزهري، رحمه الله، وفي حديث زيد بن ثابت قال: قال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، إِني تارك فيكم الثَّقَلَينِ خَلْفي: كتابَ الله وعتْرتي فإِنهما لن يتفرّقا حتى يَرِدا عليّ الحوض؛ وقال: قال محمد بن إِسحق وهذا حديث صحيح ورفعَه نحوَه زيدُ بن أَرقم وأَبو سعيد الخدري، وفي بعضها: إِنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَلْين: كتابَ الله وعِتْرَتي أَهلَ بيتي، فجعل العترة أَهلَ البيت.
وقال أَبو عبيد وغيره: عِتْرةُ الرجل وأُسْرَتُه وفَصِيلتُه رهطه الأَدْنَون. ابن الأَثير: عِتْرةُ الرجل أَخَصُّ أَقارِبه.
وقال ابن الأَعرابي: العِتْرة ولدُ الرجل وذريته وعِقُبُه من صُلْبه، قال: فعِتْرةُ النبي، صلى الله عليه وسلم، وولدُ فاطمة البَتُول، عليها السلام.
وروي عن أَبي سعيد قال: العِتْرةُ ساقُ الشجرة، قال: وعِتْرةُ النبي، صلى الله عليه وسلم، عبدُ المطلب ولده، وقيل: عِتْرتُه أَهل بيته الأَقربون وهم أَولاده وعليٌّ وأَولاده، وقيل: عِتْرتُه الأَقربون والأَبعدون منهم، وقيل: عِتْرةُ الرجل أَقرباؤُه من ولد عمه دِنْياً؛ ومنه حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، حين شاوَرَ أَصحابَه في أَسَارَى بدر: عتْرتُك وقَوْمُك؛ أَراد بِعِتْرتِه العباسَ ومن كان فيهم من بني هاشم، وبقومه قُرَيشاً.
والمشهور المعروف أَن عتْرتَه أَهلُ بيته، وهم الذين حُرّمَت عليهم الزكاة والصدقة المفروضة، وهم ذوو القربى الذين لهم خُمُسُ الخُمُسِ المذكور في سورة الأَنفال.
والعِتْرُ، بالكسر: الأَصل، وفي المثل: عادَتْ إِلى عِتْرِها لَمِيس أَي رجعت إِلى أَصلها؛ يُضْرَب لمن رجع إِلى خُلُق كان قد تركه.
وعِتْرة الثغر: دِقَّةٌ في غُروبِه ونقاءٌ وماءٌ يجري عليه. يقال: إِن ثغرها لذو أُشْرة وعِتْرةٍ.
والعِتْرةُ: الرِّيقةُ العذبة.
وعِتْرةُ الأَسنان: أُشَرُها.
والعِتْرُ: بَقْلَةٌ إِذا طالت قطع أَصلها فخرج منه اللَّبن؛ قال البُرَيْق الهذلي: فما كنتُ أَخْشَى أَن أُقِيمَ خِلافَهم، لِستّة أَبياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ يقول: هذه الأَبيات متفرقة مع قلتها كتفرق العِتْر في مَنْبِته، وقال: لستة أَبيات كما نبت، لأَنه إِذا قُطع نبتَ من حواليه شُعَبٌ ست أَو ثلاث؛ وقال ابن الأَعرابي: هو نبات متفرق، قال: وإِنما بَكَى قومَه فقال: ما كنت أَخشى أَن يموتوا وأَبقى بين ستة أَبيات مثل نبت العِتْر؛ قال غيره: هذا الشاعرُ لم يَبْكِ قوماً ماتُوا كما قال ابن الأَعرابي، وإِنما هاجروا إِلى الشام في أَيام معاوية فاستأْجرهم لقتال الروم، فإِنما بَكَى قوماً غُيَّباً متباعدين؛ أَلا ترى أَن قبل هذا: فإِن أَكُ شيخاً بالرَّجِيع وصِبْية، ويُصْبِحُ قومِي دُونَ دارِهمُ مِصْر فما كنت أَخشى . . . . . .
والعِتْر إِنما ينبت منه ست من هنا وست من هنالك لا يجتمع منه أَكثر من ست فشبّه نفسَه في بقائه مع ستة أَبيات مع أَهله بنبات العِتْر وقيل: العِتْر الغَضّ، واحدته عِتْرة، وقيل: العِتْرُ بقلةٌ، وهي شجرة صغيرة في جِرْم العرفج شاكةٌ كثيرة اللَبن، ومنَبْتُها نجدٌ وتهامة، وهي غُبَيراء فَطحاء الورق كأَن ورقها الدراهمُ، تنبت فيها جِراءٌ صغارٌ أَصغر من جِراء القطن، تؤكل جراؤها ما دامت غَضَّةً؛ وقيل: العِتْر ضرب من النبت، وقيل: العِتْر شجرِ صِغَار، واحدتها عِتْرةٌ، وقيل: العِتْر نبت ينبت مثل المَرْزَنْجوش متفرقاً، فإِذا طال وقُطِعَ أَصله خرج منه شَبِيهُ اللبن، وقيل: هو المَرْزَنْجوش، قيل: إِنه يُتَداوَى به؛ وفي حديث عطاء: لا بأْس للمُحْرِم أَن يَتَداوى بالسَّنا والعِتْر؛ وفي الحديث: أَنه أُهْدِي إِليه عتْرٌ فَسُرَّ بهذا النبت؛ وفي الحديث: يُفْلغُ رأْسي كما تُفْلغُ العِتْرةُ؛ هي واحدة العِتْرُ؛ وقيل: هو شجرة العرفج؛ قال أَبو حنيفة: العِتْرُ شجر صغار له جِرَاء نحو جِراء الخَشْحَاش، وهو المَرزَنجوش. قال: وقال أَعرابي من ربيعة: العِتْرةُ شُجَيرة تَرْتفعُ ذراعاً ذات أَغصان كثيرة وورق أَخضر مُدَوّر كورق التَّنُّوم، والعِتْرة: قثَّاء اللَّصَف، وهو الكَبَر، والعِتْرة: شجرة تنبت عند وِجَارِ الضّب فهو يُمَرّسُها فلا تَنْمِي، ويقال: هو أَذلُّ من عِتْرة الضّب.
والعِتْر المُمَسَّكُ: قلائدُ يُعْجَنَّ بالمسك والأَفاويهِ، على التشبيه بذلك.
والعِتْرةُ والعِتُوارةُ: القطعة من المسك.
وعِتْوَارة وعُتْوارة؛ الضمُّ عن سيبويه: حَيٌّ من كنانة؛ وأَنشد: مِن حَيٍّ عِتْوارٍ ومَنْ تَعَتْوَرا قال المبرد: العَتْوَرةُ الشدة في الحرب، وبنو عِتْوارة سميت بهذا لقوتها في جميع الحيوان، وكانوا أُولِي صبر وخُشونةٍ في الحرب.
وعِتْر: قبيلة.
وعاتِرُ: اسم امرأَة.
ومِعْتَر وعُتَير: اسمان.
وفي الحديث ذكرُ العِتْر، وهو جبل بالمدينة من جهة الفِبْلة.

نفس (العباب الزاخر) [0]


النَّفْسُ: الرُّوْحُ، يقال: خَرَجَتْ نَفْسُه، قال:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْسُ منه بِشِـدْقِـهِ      ولم يَنْجُ إلاّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا

أي بِجِفْنِ سَيْفٍ وبِمِئْزَرِ. والنَّفْسُ -أيضاً-: الجَسَدُ، قال أوس بن حَجَر:
نُبِّئْتُ أنَّ بَني سُحَيْمٍ أدْخَلُوا      أبْيَاتَهم تامُوْرَ نَفْسِ المُنْذِرِ

والتّامُور: الدّم. وأمّا قَوْلُهم: ثلاثَةُ أَنْفُسٍ فَيُذَكِّرُوْنَه، لأنَّهُم يُرِيْدونَ بِهِ الإنْسَانَ.
والنَّفْسُ: العَيْنُ، يقال: أصابَتُ فلان نَفْسٌ.
ونَفَسْتُكَ بنَفْسٍ: أي أصَبْتُكَ بِعَيْنٍ.
والنّافِس: العائنُ.
وفي حديث محمّد بن سِيْرِين أنَّه قال: نُهِيَ عن الرُّقى إلاّ في ثَلاثٍ: النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنَّفْسِ.
ومنه حديث ابنِ عبّاس -رضي الله عنهما-: الكِلابُ مِنَ الجِنِّ، فإذا غَشِيَتْكُم عِنْدَ طَعامشكم فألْقُوا لَهُنَّ، فإنَّ لَهُنَّ أنْفُساً.
ومنه قول النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- حِيْنَ مَسَحَ بَطْنَ رافِع . . . أكمل المادة -رضي الله عنه-: فألقى شَحْمَةً خَضْرَاءَ كانَ فيها أنْفُسُ سَبْعَةٍ. يَرِيْدُ عَيَوْنَهم. وقوله تعالى: (ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمِناتُ بأنْفُسِهم خَيْراً)، قال ابنُ عَرَفَة: أي بأهْلِ الإيمان وأهْلِ شَرِيْعَتِهم. وقوله تعالى: (ما خَلْقُكُم ولا بَعْثُكُمُ إلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) أي كَخَلْقِ نَفْسٍ واحِدَة، فَتُرِكَ ذِكْرُ الخَلْقِ وأُضِيْفَ إلى النَّفْسِ، وهذا كما قالَ النابِغة الذُبْيَاني:
وقد خِفْتُ حتى ما تَزِيْدَ مَخافَـتـي      على وَعِلٍ في ذي المَطَارَةِ عاقِلِ

أي على مَخَافَةِ وَعِلٍ. والنَّفْسُ -أيضاً-: العِنْدُ، قال الله تعالى: (تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا أعْلَمُ ما في نَفْسِكَ) أي تَعْلَمُ ما عِندِي ولا أعْلَمُ ما عِنْدَك، وقال ابن الأنباريّ: أي تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا أعْلَمُ ما في غَيْبكَ، وقيل: تَعْلَمُ حَقيقَتي ولا أعْلَمُ حَقِيْقَتَك. ونَفْسُ الشيء: عَيْنُه، يُوَكَّدُ به، يقال: رأيْتَ فلان نَفْسَه وجاءني بِنَفْسِه. والنَّفْسُ -أيضاً-: دَبْغَةٍ مِمّا يُدْبَغُ به الأدِيْمُ من القَرَظ وغيرِه، يقال هَبْ لي نَفْساً من دِباغٍ. قال الأصمَعيّ: بَعَثَتِ امرأةٌ مِنَ العَرَبِ بِنْتاً لها إلى جارَتِها فقالَت: تقولُ لَكِ أُمِّي: أعْطِيْني نَفْساً أو نَفَسَيْنِ أمْعَسُ به مَنِيْئتي فإنّي أفِدَةٌ؛ أي مُسْتَعْجِلَةٌ؛ لا أتَفَرَّغُ لاتِّخاذِ الدِّباغِ من السُّرْعَةِ. وقال ابن الأعرابيّ: النَّفْسُ: العَظَمَة.
والنَّفْسُ: الكِبْرُ.
والنَّفْسُ: العِزَّة.
والنَّفْسُ: الهِمَّة.
والنَّفْسُ: الأنَفَة. والنّافِسُ: الخامِسُ من سِهَامِ المَيْسَر، ويقال: هو الرَّابِع. والنَّفَسُ -بالتحريك-: واحِدُ الأنْفاسِ، وفي حديث النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسَلَّم-: أجِدُ نَفَسَ رَبِّكُم من قِبَلِ اليَمَن. هو مُسْتَعار من نَفَسِ الهَوَاءِ الذي يَرُدُّه المُتَنَفِّسُ إلى جَوْفِهِ فَيُبَرِّد مِن حَرَارَتِه ويُعَدِّلُها، أو مِن نَفَسِ الرِّيح الذي يَتَنَسَّمُه فَيَسْتَرْوِح إليه ويُنَفِّسُ عنه، أو مِن نَفَسِ الرَوْضَةِ وهو طِيْبُ رَوائحِها الذي يَتَشَمَّمْه فَيَتَفَرَّج به، لِمَا أنْعَمَ به رَبُّ العِزَّة مِنَ التَّنْفيسِ والفَرَجِ وإزالَة الكُرْبَة.
ومنه قولُه -صلى الله عليه وسلّم-: لا تَسُبُّوا الرِيْحَ فإنَّها من نَفَسِ الرحمن. يُريدُ بها أنَّها تُفَرِّجُ الكُرَبَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُنْشِئُ السَّحَابَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ.
وقولُه: "من قِبَلِ اليَمَنِ" أرادَ به ما تَيَسَّرَ له من أهل المَدينَة -على ساكِنيها السّلام- من النُّصْرَة والإيْواءِ، ونَفَّسَ اللهُ الكُرَبَ عن المؤمِنينَ بأهْلِها، وهم يَمَانُوْنَ. ويقال: أنتَ في نَفَسٍ من أمْرِكَ: أي في سَعَةٍ.
واعْمَلْ وأنْتَ في نَفَسٍ من عُمُرِكَ: أي في فُسْحَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والمَرَضِ وَنَحوِهما.
وقال الأزهَريّ: النَّفَسُ في هذَين الحَدِيْثَيْنِ: اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحقيقيّ، من نَفَّسَ يُنَفِسُّ تَنْفِيْساً ونَفَساً، كما يقال: فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْرِيْجاً وفَرَجاً، كأنَّه قال: أجِدُ تَنْفِيْسَ رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَنِ، وكذلك قولُه -صلى اله عليه وسلّم-: فإنَّها من نَفَسِ الرَّحمن، أي من تَنْفِيْسِ الله بها عن المَكْرُوْبِيْنَ. وقَوْلُه:
عَيْنَيَّ جُوْدا عَبْرَةً أنْفاسا     

أي ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ. وقال أبو زَيد: كَتَبْتُ كِتَاباً نَفَساً: أي طَويلاً.
والنَّفَسُ -أيضاً-: الجُرْعَةُ، يقال: اكْرَعْ في الإناءِ نَفَساً أو نَفَسَيْنِ ولا تَزِدْ عليه.
والشُّرْبُ في ثَلاثَةِ أنْفاسٍ سُنَّة.
ومثال نَفَسٍ وأنْفاسٍ: سَبَبٌ وأسْبابٌ، قال جَرير:
تُعَلِّلُ وهي ساغِبَةُ بَنِيهـا      بأنْفاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِ

ويقال: شَرَابٌ غَيرُ ذي نَفَسٍ: إذا كانَ كَرِيْهَ الطّعْمِ آجِناً إذا ذاقَه ذائقٌ لم يَتَنَفَّسْ فيه، وإنَّما هي الشَّرْبَةُ الأولى قَدْرُ ما يُمْسِك رَمَقَه ثمَّ لا يَعُودُ له لأجُوْنَتِه، قال الراعي:
سَقَيْتَها صادِياً تَهْوِي مَسـامِـعَـه      قد ظَنَّ أنْ لَيْسَ من أصْحَابِهِ ناجِ


ويُروى: "غَيرِ ذي قَنَعٍ" أي ذي كَثْرَةٍ؛ أي هِيَ أقَلُّ من أنْ تَشْرَبَ منها ثَمَّ تَتَنَفَّسَ. وقال ابن الأعرابيّ: شَرَابٌ ذو نَفَسٍ: أي فيه سَعَةٌ ورِيٌّ. وشَيْءٌ نَفِيْسٌ ومَنْفوسٌ: يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ، قال جَرير:
لو لم تُرِد قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍ      مِمّا يُخالِط حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوْسِ

المُطَّرَفُ: المُسْتَطْرَفُ. ولفلان نَفِيْس: أي مال كثير.
وما يَسُرُّني بهذا الأمْرِ نَفِيْسٌ. وهذا أنْفَسُ مالي: أي أحَبُّه وأكْرَمُه عندي. ونَفِسَ به -بالكسر-: أي ضَنَّ به. ونَفِسْتُ عليه الشَّيْء نَفَاسَة: إذا لم تَرَهُ أهْلاً له. ونَفِسْتَ عَلَيَّ بِخَيْرٍ قَليل: أي حَسَدْتَ.
وقال أبو بكر -رضي الله عنه- يومَ سَقِيْفَة بَني ساعِدَة: مِنّا الأُمَراءُ ومنكم الوُزَراءُ، والأمرُ بَيْنَنا وبَيْنَكُم كَقَدِّ الأُبْلُمَةِ، فقال الحُبَابُ بن المُنْذِر -رضي الله عنه-: أمَا واللهِ لا نَنْفَسُ أنْ يكونَ لكم هذا الأمْرُ، ولكنّا نَكْرَهُ أنْ يَلِيَنا بَعْدَكم قَوْمٌ قَتَلْنا آباءهم وأبْناءهم. قال أبو النَّجْمِ:
يَرُوْحُ في سِرْبٍ إذا راحَ انْبَهَرْ      لم يَنْفَسِ اللهُ عَلَيْهِنَّ الصُّـوَرْ

أي لم يَبْخَلْ عليهنَّ بتَحْسِيْنِ صُوَرِهِنَّ. يقال: نَفِسْتُ عليكَ الشَّيْء: إذا لم تَطِبْ نَفْسُكَ له به.
ونَفِسْتُ به عن فلان: كقَوْلهم: بَخِلْتُ به عليك وعنه، ومنه قوله تعالى: (ومَنْ يَبْخَلْ فإنَّما يَبْخَلُ عن نَفْسِه). ونَفُسَ الشَّيْءُ -بالضم- نَفَاسَةً: أي صارَ مَرْغُوباً فيه. والنِّفَاسُ: وِلادُ المَرْأةِ، قال أوْس بن حَجَرٍ:
لنا صَرْخَةٌ ثُمَّ إسْـكـاتَةٌ      كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ

فإذا وَضَعَتْ فهي نُفَسَاءُ ونَفْسَاءُ -مثال حَسْنَاءَ- ونَفَسَاءُ -بالتحريك-.
وجمع النُّفَسَاءِ: نِفَاسٌ -بالكسر-، وليس في الكلام فُعَلاَءُ يُجْمَعُ على فِعَالٍ غيرِ نُفَسَاءَ وعُشَرَاءَ، وتُجْمَعَانِ -أيضاً- نُفَسَاواتٍ وعُشَراواتٍ.
وامْرَأَتانِ نُفَسَاوانِ؛ أبْدَلُوا من همزة التَّأنيثِ واواً.
وقد نَفِسَت المَرْأَةُ بالكسر-، ويقال أيضاً: نُفِسَت المرأة غُلاماً على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه-، والوَلَدُ مَنْفُوْسٌ.
وفي حديث النَّبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: ما مِن نَفْسٍ مَنْفُوْسَة إلاّ وقد كُتِبَ مكانُها من الجَنَّة والنّار.
وفي حديث سعيد بن المُسَيَّب: لا يَرِثُ المَنْفوسَ حتى يَسْتَهِلُ صارِخاً.
ومنه قولُهم: وَرِثَ فلان هذا قَبْلَ أنْ يُنْفَسَ فلان: أي قَبْلَ أن يُوْلَدَ. ونَفِسَت المَرْأةُ -بالكسر-: أي حاضَت، وقال أبو حاتِم: ويقال: نُفِسَت -على ما لَم يُسَمّ فاعِلُه-.
ومنه حديث أُمُّ سَلَمَة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: كُنتُ مع النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- في الفِرَاشِ، فَحِضْتُ فانْسَلَلْتُ، وأخْذْتُ ثِيابَ حِيْضَتي ثُمَّ رَجَعْتُ، فقال: أنَفِسْتٍ؟؛ أي أحِضْتِ؟.
وفي حديثٍ آخَرَ: أنَّ أسْماء بِنْت عُمَيْس -رضي الله عنها -نَفِسَتْ بالشَّجَرة، فأمَرَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلّم- أبا بَكْرٍ -رضي الله عنه- أنْ يَأْمُرَها بأنْ تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ. ونَفِيْسٌ: من الأعْلام. وقَصْرُ نَفِيْسٍ: على مِيْلَيْنِ من المّدينَة -على ساكنيها السلام-، يُنْسَبُ إلى نَفِيْسٍ بن محمد من مَوالي الأنْصَارِ. ولكَ في هذا الأمر نُفْسَةٌ -بالضم-: أي مُهْلَةٌ.  ونَفُوْسَةُ: جِبال بالمَغْرِب بَعْدَ إفْرِيْقِيَة. وأنْفَسَني فلان في كذا: أي رَغَّبَني فيه.
وأنْفَسَه كذا: أي أعْجَبَه بنَفْسِه ورَغَّبَه فيها.
وفي حديث سعيد بن سالِم القَدّاح وذَكَرَ قِصَّة إسماعيل وما كانَ من إبراهيم -صلوات الله عليهما- في شأنِهِ حينَ تَرَكَه بِمَكَّةَ مع أُمِّه، وأنَّ جُرْهُمَ زَوَّجُوه لَمّا شَبَّ، وتَعَلّمَ العَرَبِيّة، وأنْفَسَهُم، ثمَّ إنَّ إبراهيم -صلوات الله عليه- جاءَ يُطالِع تَرْكَتَه.
ومنه يقال: مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفَسٌ أيضاً، قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ رضي الله عنه:
لا تَجْزَعي إنْ مُنْفِساً أهْلَكْـتَـهُ      وإذا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذلكَ فاجْزَعي

ويقال: ما يَسُرُّني بهذا الأمرِ مُنْفِسٌ: أي نَفِيْسٌ.
ولفلانٍ مُنْفِس: أي مالٌ كثيرٌ. ونَفَّسْتُ فيه تَنْفِيْساً: أي رَفَّهْتُ، يقال: نَفَّسَ الهُ عنه كُرْبَتَه: أي فَرَّجَها، قال رؤبة:
بِمِخْنَقِ لا يُرْسِلُ التَّنْفِيْسـا     


وفي حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: مَنْ نَفَّسَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدُنْيا نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبَةً من كُرَبِ يوم القِيامَة. وتَنَفَّسَ الرَّجُل.
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التَّنَفُّسِ في الإناء.
وفي حديث آخَر إنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- كانَ يَتَنَفَّسُ في الإناءِ ثلاثاً.
والحَديثانِ ثابِتان، والتَّنَفُّس له مَعْنَيَان: أحَدُهما أن يَشْرَبَ ويَتَنَفَّسَ في الإناء من غيرِ أن يُبِيْنَه عن فيه؛ وهو مَكروه؛ والتَّنَفُّس الآخَر أن يَشْرَب الماءَ وغيره مِنَ الإناء بثلاثَةِ أنْفاسٍ فَيُبِيْنَ فاهُ عن الإناءِ في كُلِّ نَفَسٍ. وتَنَفَّسَ الصُّبْحُ: إذا تَبَلَّجَ، قال الله تعالى: (والصُّبْحِ إذا تَنَفَسَّ)، قال العجّاج يَصِفُ ثوراً:
حتى إذا ما صُبْحُهُ تَنَفَّـسـا      غَدا يُباري خَرَصاً واسْتَأْنَسا

وتَنَفَّسَتِ القَوْسُ: تَصَدَّعَت. ويقال للنَهارِ إذا زادَ: تَنَفَّسَ، وكذلك المَوجُ إذا نضخ الماءَ. وتَنَفَّسَتْ دِجْلَةُ: إذا زادَ ماؤها. ونافَسْتُ في شَيْءٍ: إذا رَغِبْتَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم. وتَنَافَسوا فيه: أي رَغِبوا فيه، ومنه قوله تعالى:(وفي ذلك فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنافِسُونَ). والتركيب يدل على خُروج النَّسِيم كيفَ كانَ من ريحٍ أو غَيْرِها، وإلَيْهِ تَرْجِعُ فُرُوعُه.

حسر (لسان العرب) [0]


الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء. حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على المضارعة.
والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع.
والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال الأَعشى: في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ، تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا بَيْضَ.
وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم الرَّجَّالَةُ، . . . أكمل المادة وقيلب هم الذين لا دروع لهم.
ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على رأْسه.
وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها.
ورجل حاسر: لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه.
وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي أَخرجهما من كُمَّيْهِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها.
وكلُّ مكشوفة الرأْس والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب: وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً، فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ. حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ، يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال: إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ، عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ، الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى.
وأَحْسَرَ القومُ: نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا يَسْتَحْسِروُن .
وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛ قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب.
وفي حديث جرير: ولا يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها.
وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً.
وفي الحديث: حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد.
ويقال فيه: أَحْسَرَ أَيضاً.
وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ.
وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة: يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها، فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل.
وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛ قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار: ما أَنا اليومَ على شيء خَلا، يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ.
وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال: والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه، إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام، وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبا أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب. أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا منفعة فيه.
وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ.
وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال: حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد: حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف: إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ، فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ قال الأَزهري: وقول العجاج: كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ، حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ (* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً). يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ.
وفي حديث يحيى بن عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره.
وفي حديث علي، رضوان الله عليه: ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً.
وفي حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة أَي قشرته بالحجر.
وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر، ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث.
وحَسَّرَها إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله: تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها، واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد: فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ، وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر.
وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها. أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر، قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر يصف حماراً وأُتنه: يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ، ونَفَلاً ليس بذي آثارِ يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث: الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر، والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.

عزل (لسان العرب) [0]


عَزَلَ الشيءَ يَعْزِلُه عَزْلاً وعَزَّلَهُ فاعْتَزَلَ وانْعَزَلَ وتَعَزَّلَ: نَحَّاه جانِباً فَتَنَحَّى.
وقوله تعالى: إِنَّهُم عن السَّمْع لَمَعْزولون؛ معناه أَنَّهم لَمَّا رُمُوا بالنجوم مُنِعوا من السَّمْع.
واعْتَزَلَ الشيءَ وتَعَزَّلَه، ويتعديان بعَنْ: تَنَحَّى عنه.
وقوله تعالى: فإِنْ لم تُؤْمِنوا لِي فاعْتَزِلونِ، أَراد إِن لم تؤمنوا بي فلا تكونوا عَليَّ ولا مَعِي؛ وقول الأَخوص: يا بَيْتَ عاتِكةَ الَّذي أَتَعَزَّلُ، حَذَرَ العِدى، وبه الفُؤادُ مُوكَّلُ يكون على الوجهين (* قوله «يكون على الوجهين» فلعلهما تعدي أتعزل فيه بنفسه وبعن كما هو ظاهر).
وتَعَاَزَلَ القومُ: انْعَزَلَ بَعْضُهم عن بَعَض.
والعُزْلةُ: الانْعِزال نفسُه، يقال: العُزْلةُ عِبادة.
وكُنْتُ بمَعْزِلٍ عن كذا وكذا أَي كُنْتُ بموْضع عُزْلةٍ منه.
واعْتَزَلْتُ القومَ أَي فارَقْتهم وتَنَحَّيت . . . أكمل المادة عنهم؛ قال تأَبَّط شَرًّا: ولَسْتُ بِجُلْبٍ جُلْب ريحٍ وقِرَّةٍ، ولا بصَفاً صَلْدٍ عن الخير مَعْزِل وقَوْمٌ من القَدَرِيَّةِ يُلَقَّبون المُعْتَزِلة؛ زعموا أَنهم اعْتَزَلوا فِئَتي الضلالة عندهم، يَعْنُون أَهلَ السُّنَّة والجماعةِ والخَوَارجَ الذين يَسْتَعْرِضون الناسَ قَتْلاً.
ومَرَّ قَتادةُ بعمرو بن عُبَيْد بن بابٍ فقال: ما هذه المُعْتَزِلة؟ فسُمُّوا المُعْتَزِلةَ؛ وفي عمرو بن عبيد هذا يقول القائل: بَرئْتُ من الخَوَارج لَسْتُ منهم مِنَ العُزَّالِ منهم وابنِ باب (* قوله «من العزال» قال شارح القاموس: والعزال كرمان المعتزلة، وانشد البيت).
وعَزَل عن المرأَة واعْتَزَلَها: لنم يُرِدْ ولَدها.
وفي الحديث: سأَله رجلٌ من الأَنصار عن العَزْلِ يعني عَزْلَ الماء عن النساء حَذَرَ الحَمْل؛ قال الأَزهري: العَزْلُ عَزْلُ الرجل الماءَ عن جاريته إِذا جامعها لئلا تَحْمِل.
وفي حديث أَبي سعيد الخُدْري أَنه قال: بينا أَنا جالسٌ عند سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جاء رجل من الأَنصار فقال: يا رسول الله، إِنَّا نُصِيبُ سَبْياً فنُحِبُّ الأَثمان فكيف تَرَى في العَزْل؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا، عَلَيْكم أَن لا تَفْعَلوا ذلك فإِنَّها ما مِنْ نَسَمةٍ كَتَب اللهُ أَن تخْرُجَ إِلا وهي خارجة؛ وفي حديث آخر: ما عَلَيْكُم أَن لا تَفْعَلوا، قال: من رواه لا عَلَيْكُم أَن لا تَفْعَلوا فمعناه عند النحويين لا بأْس عليكم أَن لا تفعلوا، حُذِف منه بأْس لمعرفة المخاطب به، ومن رواه ما عليكم أَن لا تَفْعَلوا فمعناه أَيُّ شيءٍ عليكم أَن لا تفعلوا كأَنه كَرِه لهم العَزْلَ ولم يُحَرِّمه، قال: وفي قوله نُصِيب سَبْياً فنُحِبُّ الأَثمانَ فكيف تَرَى في العَزْل، كالدَّلالة على أَن أُمّ الولد لا تُباع.
وفي الحديث: أَنه كان يَكْره عَشْرَ خِلالٍ منها عَزْلُ الماء لغير مَحَلِّه أَي يَعْزِله عن إقراره في فَرْج المرأَة وهو مَحَلُّه، وفي قوله لغير مَحَلِّه تعريض بإِتيان الدُّبُر.
ويقال: اعْزِلْ عنك ما يَشِينُك أَي نحِّهِ عنك.
والمِعْزَال: الذي يَنْزِل ناحيةً من السَّفْر يَنْزِل وَحْدَه، وهو ذَمٌّ عند العرب بهذا المعنى.
والمِعْزال: الراعي المنفرد؛ قال الأَعشى: تُخْرِج الشَّيْخَ عن بَنِيه، وتَلْوي بِلَبُون المِعْزَابَةِ المِعْزَال وهذا المعني ليس بذَمٍّ عندهم لأَن هذا من فِعْل الشُّجْعان وذَوِي البَأْس والنَّجْدة من الرجال، ويَكُون المِعْزَال الذي يَسْتَبدُّ برأْيه في رَعْي أُنُف الكَلإِ ويَتَتَبَّع مَساقِطَ الغيث ويَعْزُب فيها، فيقال له مِعْزابة ومِعْزَال؛ وأَنشد الأَصمعي: إِذا الهَدَفُ المِعْزَالُ صَوَّبَ رأْسه، وأَعْجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلَّة الخُطْلِ ويروى المِعْزاب، وهو الذي قد عَزَبَ بإِبِله، والهَدَف: الثَّقِيل الوَخِمُ، والضَّفْوُ: كثرة المال واتِّساعه، والجمع المَعازيل؛ قال عَبْدة بنالطبيب: إِذ أَشْرَفَ الدِّيكُ يَدْعو بعض أُسْرتِه، إِِلى الصَّباحِ، وهم قَوْمٌ مَعازِيلُ (* قوله «الى الصباح» قال الصاغاني في التكملة: كذا وقع في نسخ الصحاح، والرواية لدى الصباح وهو الصواب). قال ابن بري: المَعازِيلُ هنا الَّذين لا سِلاح معهم، وأَراد بقوله وهم قوم الدَّجاجَ.
والأَعْزَلُ: الرَّمْل المنفرد المنقطع المُنْعَزِل.
والعَزَلُ في ذَنَب الدابَّة: أَن يَعْزِل ذَنَبه في أَحد الجانبين، وذلك عادة لا خِلْقة وهو عيب.
ودابَّة أَعْزَلُ: مائل الذَّنَب عن الدُّبُرِ عادةً لا خِلْقة، وقيل: هو الذي يَعْزِل ذَنَبه في شِقٍّ، وقد عَزِلَ عَزَلاً، وكُلُّه من التَّنَحِّي والتنحية؛ ومنه قول امرئ القيس: بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بأَعْزَل وقال النضر: الكَشَف أَن تَرَى ذَنَبه زائلاً عن دُبُره وهو العَزَلُ.
ويقال لِسَائق الحِمَار: اقْرَعْ عَزَلَ حِمارك أَي مُؤَخَّره.
والعَزَلة: الحَرْقَفة.
والأَعْزَلُ: الناقص إِحدى الحَرْقَفَتين؛ وأَنشد: قد أَعْجَلَت ساقَتُها قَرْعَ العَزَل والعُزُل والأَعْزَلُ: الذي لا سِلاحَ معه فهو يَعْتَزِل الحَرْبَ؛ حكى الأَوَّلَ الهروي في الغريبين وربما خُصَّ به الذي لا رمح معه؛ وأَنشد أَبو عبيد: وأَرَى المَدينَة، حين كُنْتَ أَميرَها، أَمِنَ البَرِيءُ بها ونام الأَعْزَلُ وجَمْعهما أَعْزَالٌ وعُزْلٌ وعُزْلانٌ وعُزَّلٌ؛ قال أَبو كبير الهذلي: سُجَرَاءَ نَفْسِي غَيْرَ جَمْعِ أُشابةٍ حُشُداً، ولا هُلْكِ المَفارِشِ عُزَّلِ (* قوله «سجراء» تقدم البيت في حشد وضبط فيه سجراء بفتح السين وسكون الجيم وهو خطأ والصواب ما هنا).
وقال الأَعشى: غَيْر مِيلٍ ولا عَوَاوِيرَ في الهَيْـ جا، ولا عُزَّلٍ ولا أَكفال قال أَبو منصور: الأَعْزال جمع العُزُل على فُعُل، كما يقال جُنُبٌ وأَجْنَاب ومِيَاهٌ أَسدامٌ جمع سُدُم.
وفي حديث سَلَمة: رآني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحُدَيْبِية عُزُلاً أَي ليس معي سلاح.
وفي الحديث: مَنْ رأَى مَقْتَل حَمْزة؟ فقال رَجُلٌ أَعْزَلُ: أَنا رأَيته؛ ومنه حديث الحسن: إِذا كان الرجل أَعْزَلَ فلا بأْس أَن يأْخُذَ من سلاح الغَنِيمة.
وفي حديث خَيْفان: مَسَاعِيرُ غَير عُزْلٍ، بالتسكين؛ وفي قصيد كعب: زَالُوا فما زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ، عند اللِّقاء، ولا مِيلٌ مَعازِيلُ أَي لَيْس معهم سِلاحٌ، واحدهم مِعْزالٌ، ويقال في جمعه أَيضاً مَعازِيلُ (* قوله «ويقال في جمعه إلخ» هذا من جموع العزل بضمتين والاعزل المتقدمين في صدر العبارة، وهو معطوف في عبارة ابن سيده على الجموع المتقدمة) عن ابن جني، والاسم من ذلك كله العَزَلُ.
والمَعازيلُ أَيضاً: القومُ الذين لا رماحَ معهم؛ قال الكميت: ولكنَّكُم حَيٌّ مَعازيلُ حِشْوةٌ، ولا يُمْنَع الجِيرانُ باللَّوْمِ والعَذْل وأَما قول أَبي خِراش الهُذلي: فهل هو إِلا ثَوْبُه وسِلاحُه؟ فما بِكُمُ عُرْيٌ إِليه ولا عَزْلُ فإِنما أَراد: ولا أَنتم عَزَلٌ، فَخَفَّف، وإِن كان سيبويه قد نَفاه، وقد جاءت له نظائر، وروي: ولا عُزْل، أَراد ولا أَنتم عُزْل، وقد يكون العُزْل لغةً في العَزَل، كالشُّغْل والشَّغَل والبُخْل والبَخَل.
والسِّماكُ الأَعْزَل: كوكبٌ على المَجرَّة، سمي بذلك لعَزَله مما تَشَكَّل به السَّماك الرامحُ من شَكْل الرُّمْح؛ قال الأَزهري: وفي نجوم السماء سِما كان: أَحدهما السِّماك الأَعْزَل، والآخر السِّماك الرامح، فأَما الأَعْزَل فهو من منازل القمر به يَنزِل وهو شَآمٍ، وسمي أَعْزَل لأَنه لا شيء بين يديه من الكواكب كالأَعْزَل الذي لا سلاح معه كما كان مع الرامح، ويقال: سمي أَعْزَل لأَنه إِذا طَلَع لا يكون في أَيامه ريح ولا بَرْدٌ؛ وقال أَوس بن حجَر: كأَنَّ قُرونَ الشَّمْس عند ارتفاعها، وقد صادَفَتْ قَرْناً، من النَّجم، أَعزَلا تَرَدَّدَ فيه ضَوْؤُها وشُعاعُها، فأَحْصِنْ وأَزْيِنْ لامرئٍ إِن تَسْربلا (* قوله «قرناً» كذا في الأصل تبعاً للتهذيب.
وفي التكملة: طلقاً، والطلق كما في القاموس: الذي لا اذى فيه ولا حر، وقوله «فأحصن» كذا في الأصل والتهذيب بالصاد، وفي التكملة فأحسن بالسين). أَراد: إِن تَسَرْبَل بها، يصف الدرع أَنك إِذا نظرْتَ إِليها وجَدْتها صافية بَرَّاقة كأَن شُعاع الشمس وقع عليها في أَيام طلوع الأَعْزَل والهواءُ صافٍ؛ وقوله: تَرَدَّدَ فيه يعني في الدِّرْع فذَكَّره للَّفظ (* قوله «فذكره للفظ» اورد في التكملة البيت بضمير المؤنث، فلعلهما روايتان) والغالب عليها التأْنيث؛ وقال الطِّرِمّاح: مَحاهُنَّ صَيِّبُ نَوْء الرَّبِيع، مِنَ الأَنْجُم العُزْلِ والرَّامِحَه وقوله: رَأَيْتُ الفِتْيَةَ الأَعْزا لع، مِثْلَ الأَينُق الرُّعْل إِنما الأَعزالُ فيه جمع الأَعزَل؛ هكذا رواه علي بن حمزة، بالعين والزاي، والمعروف الأَرْعال.
والعِزال: الضَّعْفُ. ابن الأَعرابي: الأَعْزَل من اللحم يكون نصيبَ الرجل الغائب، والجمع عُزْلٌ.
والعَزْل: ما يورِدُه بيتَ المال تَقْدِمةً غيرَ موزون ولا مُنْتَقَد إِلى محِلِّ النَّجْم.
والعَزْلاء: مَصَبُّ الماء من الراوية والقِرْبةِ في أَسفلها حيث يُسْتَفْرَغ ما فيها من الماء؛ سُميت عَزلاء لأَنها في أَحد خُصْمَي المَزادة لا في وَسَطها ولا هي كفَمِها الذي منه يُسْتَقى فيها، والجمع العَزالي، بكسر اللام.
وفي الحديث: وأَرْسَلَت السَّماءُ عَزالِيَها، كثُر مطَرُها على المثل، وإِن شئت فتحت اللام مثل الصَّحاري والصَّحارى والعَذاري والعَذارى، يقال للسحابة إِذا انهَمَرَتْ بالمَطر الجَوْد: قد حَلَّت عَوالِيَها وأَرسَلتْ عَزالِيَها؛ قال الكميت: مَرَتْه الجَنوبُ، فلمّا اكْفَهـ رَّ حَلَّتْ عَزالِيَه السَّمْأَلُ وفي حديث الاستسقاء: دُفاقُ العَزائِل جَمُّ البُعاق (* قوله «دفاق العزائل إلخ» صدر بيت، وعجزه كما في حاشية نسخة من النهاية: أغاث به الله عليا مضر) العَزائل: أَصله العَزالي مثل الشّائك والشّاكي، والعَزالي جمع العَزْلاء، وهو فَمُ المَزادة الأَسفل، فشَبَّه اتِّساعَ المطر واندفاقَه بالذي يخرج من فم المزادة.
وفي حديث عائشة: كُنَّا نَنْبِذ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سِقاءٍ له عَزْلاء.
والأَعْزَل: سحابٌ لا مطر فيه.
والعَزْلُ وعُزَيْلة: موضعان.
والأَعْزَلةُ: موضع.
والأَعازِل: مواضع في بني يَرْبوع؛ قال جرير: تُرْوِي الأَجارِعَ والأَعازِلَ كُلَّها والنَّعْفَ، حيثُ تَقابَلَ الأَحْجارُ والأَعْزَلانِ: وادِيان لبني كُليب وبني العَدَوِيَّة، يقال لأَحدهما الرَّيّان وللآخر الظَّمْآن.
وعَزَله عن العَمل أَي نحَّاه فعُزِل.
وعُزَيْل: اسمٌ.
وعَزَله أَي أَفْرَزَه.
والمِعْزال: الضَّعيف الأَحْمق.
والمِعْزال: الذي يَعْتَزِل أَهلَ المَيْسِرِ لُؤماً؛ وعازِلة: اسم ضَيْعة كانت لأَبي نُخَيْلة الحِمّاني، وهو القائل فيها: عازِلةٌ عن كلِّ خَيْر تَعْزِلُ، يابسةٌ بَطْحاؤُها تُفَلْفِلُ لِلْجِنِّ بين قارَتَيْها أَفْكَلُ، أَقْبَلَ بالخَيْر عليها مُقْبِلُ مُقْبِل: اسم جبل أَعْلى عازِلة.

لها (لسان العرب) [0]


اللَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهما.
وفي الحديث: ليس شيء من اللَّهْوِ إَلاَّ في ثلاث أَي ليس منه مباح إِلاَّ هذه، لأَنَّ كلَّ واحدة منها إِذا تأَملتها وجدتها مُعِينة على حَق أَو ذَرِيعة إِليه.
واللَّهْوُ: اللَّعِب. يقال: لهَوْتُ بالشيء أَلهُو به لَهْواً وتَلَهَّيْتُ به إِذا لَعِبتَ به وتَشاغَلْت وغَفَلْتَ به عن غيره.
ولَهِيتُ عن الشيء، بالكسر، أَلْهَى، بالفتح، لُهِيّاً ولِهْياناً إِذا سَلَوْتَ عنه وتَرَكْتَ ذكره وإِذا غفلت عنه واشتغلت.
وقوله تعالى: وإِذا رأَوْا تجارةً أَو لَهْواً؛ قيل: اللَّهْوُ الطِّبْل، وقيل: اللهوُ كلُّ ما تُلُهِّيَ به، لَها يَلْهُو لَهْواً والْتَهى وأَلهاه ذلك؛ قال ساعدة بن جؤيَّة: فَأَلْهَاهُمُ باثْنَيْنِ . . . أكمل المادة منْهمْ كِلاهُما به قارتٌ، من النَّجِيعِ، دَمِيمُ والمَلاهِي: آلاتُ اللَّهْو، وقد تَلاهَى بذلك.
والأُلْهُوَّةُ والأُلْهِيَّةُ والتَّلْهِية: ما تَلاهَى به.
ويقال: بينهم أُلْهِيَّةٌ كما يقال أُحْجِيَّةٌ، وتقديرها أُفْعُولةٌ.
والتَّلْهِيَةُ: حديث يُتَلَهَّى به؛ قال الشاعر: بِتَلهِيةٍ أَرِيشُ بها سِهامي، تَبُذُّ المُرْشِياتِ من القَطِينِ ولهَتِ المرأَةُ إِلى حديث المرأَة تَلْهُو لُهُوًّا ولَهْواً: أَنِسَت به وأَعْجَبها؛ قال (* البيت لامرئ القيس وصدره: أَلا زعمت بَسبَاسة، اليومَ، أنني) : كَبِرتُ، وأَن لا يُحْسِنَ اللَّهْوَ أَمثالي وقد يكنى باللَّهْوِ عن الجماع.
وفي سَجْع للعرب: إِذا طلَع الدَّلْوُ أَنْسَلَ العِفْوُ وطلَب اللَّهْوَ الخِلْوُ أَي طلَب الخِلْوُ التزويجَ.
واللَّهْوُ: النكاح، ويقال المرأَة. ابن عرفة في قوله تعالى: لاهيةً قُلوبُهم؛ أَي مُتشاغِلةً عما يُدْعَوْن إِليه، وهذا من لَها عن الشيء إِذا تَشاغل بغيره يَلْهَى؛ ومنه قوله تعالى: فأَنْتَ عنه تلَهَّى أَي تتشاغل.
والنبي، صلى الله عليه وسلم،لا يَلْهوُ لأَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: ما أَنا من دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي.
والتَهَى بامرأَة، فهي لَهْوَته.
واللَّهْوُ واللَّهْوةُ: المرأَة المَلْهُوّ بها وفي التنزيل العزيز: لو أَرَدْنا أَن نَتَّخِذ لَهْواً لاتَّخَذْناه من لَدُنَّا؛ أَي امرأَةً، ويقال: ولداً، تعالى الله عز وجل؛ وقال العجاج: ولَهْوةُ اللاَّهِي ولو تَنَطَّسا أَي ولو تعمَّقَ في طلَب الحُسْن وبالغ في ذلك.
وقال أَهل التفسير: اللَّهْوُ في لغة أَهل حضرموت الولد، وقيل: اللَّهْوُ المرأَة، قال: وتأُويله في اللغة أَن الولد لَهْوُ الدنيا أَي لو أَردنا أَن نتخذ ولداً ذا لَهْوٍ نَلهَى به، ومعنى لاتخذناه من لدنَّا أَي لاصْطفَيْناه مما نخلُق.
ولَهِيَ به: أَحبَّه، وهو من ذلك الأَول لأَن حبك الشيء ضَرْب من اللهو به.
وقوله تعالى: ومن الناس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل الله؛ جاء في التفسير: أَن لَهوَ الحديث هنا الغِناء لأَنه يُلْهى به عن ذكر الله عز وجل، وكلُّ لَعِب لَهْوٌ؛ وقال قتادة في هذه الآية: أَما والله لعله أَن لا يكون أَنفق مالاً، وبحَسْب المَرء من الضلالة أَن يختار حديث الباطل على حديث الحق؛ وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه حَرَّم بيعَ المُغنِّية وشِراءها، وقيل: إِن لَهْوَ الحديث هنا الشِّرْكُ، والله أَعلم.
ولَهِيَ عنه ومنه ولَها لُهِيّاً ولِهْياناً وتَلَهَّى عن الشيء، كلُّه: غَفَل عنه ونَسِيَهُ وترك ذكره وأَضرب عنه.
وأَلهاهُ أَي شَغَلَه.
ولَهِيَ عنه وبه: كَرِهَه، وهو من ذلك لأَن نسيانك له وغَفْلَتك عنه ضرب من الكُرْه.
ولَهَّاه به تَلْهِيةً أَي عَلَّله.
وتَلاهَوْا أَي لَها بضعُهم ببعض. الأَزهري: وروي عن عُمر، رضي الله عنه، أَنه أَخذ أَربعمائة دينار فجعلها في صُرة ثم قال للغلام: اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح، ثم تَلَهَّ ساعة في البيت، ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ، قال: ففرَّقها؛ تَلَهَّ ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء: التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ. يقال: تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه؛ وفي قصيد كعب: وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُهُ: ولا أُلْهِيَنّكَ، إِني عنكَ مَشْغُول أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك، وقيل: معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك.
وتقول: الْهَ عن الشيء أَي اتركه.
وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: الْهَ عنه، وفي خبر ابن الزبير: أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه.
وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه؛ وأَنشد الكسائي: إِلْهَ عنها فقد أَصابَك مِنْها والْهَ عنه ومنه بمعنى واحد. الأَصمعي: لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى. الكسائي: لَهِيتُ عنه لا غير، قال: وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه، وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه.
وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير، على فَعُولٍ. الأَزهري: اللَّهْو الصُّدُوفُ. يقال: لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً، قال: وقول العامة تَلَهَّيْتُ، وتقول: أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني؛ قال الأَزهري: وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث، يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير، قال: ولا يجوز لَهاً.
ويقولون: لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً. ابن بزرج: لهَوْتُ (* قوله« ابن بزرج لهوت إلخ» هذه عبارة الأَزهري وليس فيها أَلهو لهواً.) ولَهِيتُ بالشيء أَلْهو لَهْواً إِذا لعبت به؛ وأَنشد: خَلَعْتُ عِذارَها ولَهِيتُ عنها كما خُلِعَ العِذارُ عن الجَوادِ وفي الحديث: إِذا اسْتأْثَر اللهُ بشيء فالْهَ عنه أَي اتْرُكْه وأَعْرِضْ عنه ولا تَتعرَّضْ له.
وفي حديث سهل بن سعد: فَلَهِيَ رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، بشيءٍ كان بين يديه أَي اشتغل. ثعلب عن ابن الأَعرابي: لَهِيتُ به وعنه كَرهته، ولهوت به أَحببته؛ وأَنشد: صَرَمَتْ حِبالَكَ، فالْهَ عنها، زَيْنَبُ، ولقَدْ أَطَلْتَ عِتابَها، لو تُعْتِبُ لو تُعْتِبُ: لو تُرْضِيك؛ وقال العجاج: دارَ لُهَيَّا قَلْبِكَ المُتَيَّمِ يعني لَهْو قلبه، وتَلَهَّيْتُ به مثله.
ولُهَيَّا: تصغير لَهْوى، فَعْلى من اللهو: أَزَمان لَيْلى عامَ لَيْلى وحَمِي أَي هَمِّي وسَدَمي وشَهْوَتي؛ وقال: صَدَقَتْ لُهَيَّا قَلْبيَ المُسْتَهْتَرِ قال العجاج: دارٌ لِلَهْوٍ للمُلَهِّي مِكْسالْ جعل الجارية لَهْواً للمُلَهِّي لرجل يُعَلِّلُ بها أى لمن يُلَهِّي بها.الأَزهري بإِسناده عن أَنس بن مالك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: سأَلت ربي أَن لا يُعَذِّبَ اللاهينَ من ذُرِّيَّة البشر فأَعْطانِيهم؛ قيل في تفسير اللاهينَ: إِنهم الأَطفال الذين لم يَقْتَرفُوا ذنباً، وقيل: هم البُلْه الغافِلُون، وقيل: اللاهُون الذين لم يَتَعَمَّدوا الذنب إِنما أتوه غَفْلة ونِسياناً وخَطأً، وهم الذين يَدْعُون الله فيقولون: رَبَّنا لا تؤاخِذْنا إِن نَسِينا أَو أَخْطَأْنا، كما علمهم الله عز وجل.
وتَلَهَّتِ الإِبل بالمَرْعى إِذا تَعَلَّلَتْ به؛ وأَنشد: لَنا هَضَباتٌ قد ثَنيْنَ أَكارِعاً تَلَهَّى ببَعْضِ النَّجْمِ، واللَّيْلُ أَبْلَقُ يريد: ترْعى في القمر، والنَّجْمُ: نبت، وأَراد بهَضَباتٍ ههنا إِبلاً؛ وأَنشد شمر لبعض بني كلاب: وساجِيةٍ حَوْراءَ يَلْهُو إِزارُها إِلى كَفَلٍ رابٍ، وخَصْرٍمُخَصَّرِ قال: يَلْهُو إِزارُها إِلى الكَفَلِ فلا يُفارِقُه، قال: والإِنسانُ اللاهي إِلى الشيءِ إِذا لم يُفارِقْه.
ويقال: قد لاهى الشيءَ إِذا داناهُ وقارَبَه.
ولاهى الغُلامُ الفِطامَ إِذا دنا منه؛ وأَنشد قول ابن حلزة: أَتَلَهَّى بها الهَواجِزَ، إِذْ كُلْـ لُ ابْنِ هَمٍّ بَلِيّةٌ عَمْياء قال: تَلَهِّيه بها رُكُوبه إِياها وتَعَلُّله بسيرها؛ وقال الفرزدق: أَلا إِنَّما أَفْنى شَبابيَ، وانْقَضى على مَرِّ لَيْلٍ دائبٍ ونهَارِ يُعِيدانِ لي ما أَمْضَيا، وهُما مَعاً طَريدانِ لا يَسْتَلْهِيانِ قَراري قال:معناه لا ينتظران قراري ولا يَسْتَوْقِفاني، والأَصل في الاسْتِلْهاء بمعنى التوقف أَن الطاحِنَ إِذا أَراد أَن يُلقِيَ في فم الرحى لَهْوة وقَفَ عن الإِدارة وقْفة، ثم استعير ذلك ووضع موضع الاسْتِيقاف والانتظار.
واللُّهْوةُ واللَّهْوةُ: ما أَلقَيْتَ في فَمِ الرَّحى من الحُبوب للطَّحْن؛ قال ابن كلثوم: ولَهْوَتُها قُضاعةَ أَجْمَعِينا وأَلْهَى الرَّحى وللرَّحى وفي الرَّحى: أَلقى فيها اللَّهوة، وهو ما يُلقِيه الطاحن في فم الرَّحى بيده، والجمع لُهاً.
واللُّهْوةُ واللُّهْيةُ؛ الأَخيرة على المُعاقبة: العَطِيَّةُ، وقيل: أَفضل العطايا وأَجْزلُها.
ويقال: إِنه لمِعْطاء لِلُّها إِذا كان جَواداً يُعطي الشيء الكثير؛ وقال الشاعر: إِذا ما باللُّها ضَنَّ الكِرامُ وقال النابغة: عِظامُ اللُّها أَبْناءُ أَبْناءِ عُدْرَةٍ، لَهامِيمُ يَسْتَلْهُونَها بالجراجِرِ يقال: أَراد بقوله عِظام اللُّها أَي عظام العَطايا. يقال: أَلهَيْت له لُهْوَةً من المال كما يُلْهَى في خُرْتَي الطَّاحُونة، ثم قال يَسْتَلْهُونَها، الهاء للمَكارم وهي العطايا التي وصَفها،والجَراجِرُ الحَلاقِيم، ويقال: أَراد باللُّها الأَمْوال، أَراد أَن أَموالهم كثيرة، وقد اسْتَلْهَوْها أَي استكثروا منها.
وفي حديث عمر: منهم الفاتِحُ فاه لِلُهْوَةٍ من الدنيا؛ اللُّهْوةُ، بالضم: العطِيَّة، وقيل: هي أَفضل العَطاء وأَجزله.
واللُّهْوة: العَطيَّة، دَراهِمَ كانت أَو غيرها.
واشتراه بَلُهْوَةٍ من مال أَي حَفْنَةٍ.
واللُّهْوةُ: الأَلف من الدنانير والدراهم، ولا يقال لغيرها؛ عن أَبي زيد.
وهُمْ لُهاء مائةٍ أَي قَدْرُها كقولك زُهاء مائة؛ وأَنشد ابن بري للعجاج. كأَنَّما لُهاؤه لِمَنْ جَهَر لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَر واللَّهاةُ: لَحمة حَمْراء في الحَنك مُعَلَّقَةٌ على عَكَدَةِ اللسان، والجمع لَهَياتٌ. غيره: اللَّهاةُ الهَنةُ المُطْبِقة في أَقصَى سَقْف الفم. ابن سيده: واللَّهاةُ من كلّ ذي حَلق اللحمة المُشْرِفة على الحَلق، وقيل: هي ما بين مُنْقَطَع أَصل اللسان إِلى منقطَع القلب من أَعلى الفم، والجمع لَهَواتٌ ولَهَياتٌ ولُهِيٌّ ولِهِيٌّ ولَهاً ولِهاء؛ قال ابن بري: شاهد اللَّها قول الراجز: تُلْقِيه، في طُرْقٍ أَتَتْها من عَلِ، قَذْف لَهاً جُوفٍ وشِدْقٍ أَهْدَلِ قال: وشاهد اللَّهَواتِ قول الفرزدق: ذُبابٌ طارَ في لَهَواتِ لَيْثٍ، كَذاكَ اللَّيْثُ يَلْتَهِمُ الذُّبابا وفي حديث الشاة المسمومة: فما زلْتُ أَعْرِفُها في لَهَوات رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم.
واللَّهاةُ: أَقْصى الفم، وهي من البعير العربيّ الشِّقْشِقةُ.
ولكلل ذي حلق لهَاة؛ وأَما قول الشاعر: يا لكَ من تَمْرٍ ومن شِيشاءٍ، يَنْشَبُ في المَسْعَلِ واللَّهاءِ فقد روي بكسر اللام وفتحها، فمن فتحها ثم مدَّ فعلى اعتقاد الضرورة، وقد رآه بعض النحويين، والمجتمع عليه عكسه، وزعم أَبو عبيد أَنه جمع لَهاً على لِهاء. قال ابن سيده: وهذا قول لا يُعرج عليه ولكنه جمع لَهاةٍ كما بينَّا، لأَن فَعَلَة يكسَّر على فِعالٍ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم أَضاةٌ وإِضاءٌ، ومثله من السالم رَحَبةٌ ورِحابٌ ورَقَبةٌ ورِقابٌ؛ قال ابن سيده: وشرحنا هذه المسأَلة ههنا لذهابها على كثير من النُّظَّار. قال ابن بري: إِنما مدّ قوله في المَسْعَل واللَّهاء للضرورة، قال: هذه الضرورة على من رواه بفتح اللام لأَنه مدّ المقصور، وذلك مما ينكره البصريون؛ قال: وكذلك ما قبل هذا البيت: قد عَلِمَتْ أُمُّ أَبي السِّعْلاء أَنْ نِعْمَ مأْكُولاً على الخَواء فمدَّ السِّعْلاء والخَواء ضرورة.
وحكى سيبويه: لَهِيَ أَبُوك مقلوب عن لاهِ أَبوك، وإِن كان وزن لَهِيَ فَعِلَ ولاهِ فَعَلٌ فله نظير، قالوا: له جاهٌ عند السلطان مقلوب عن وجْهٍ. ابن الأَعرابي: لاهاهُ إِذا دنا منه وهالاهُ إِذا فازعه. النضر: يقال لاهِ أَخاك يا فلان أَي افْعَلْ به نحو ما فَعَل بك من المعروف والْهِهِ سواء.
وتَلَهلأْتُ أَي نَكَصْتُ.
واللَّهْواء، ممدود: موضع.
ولَهْوةُ: اسم امرأَة؛ قال: أَصدُّ وما بي من صُدُودٍ ولا غِنًى، ولا لاقَ قَلْبي بَعْدَ لَهوةَ لائقُ

خزم (لسان العرب) [0]


خَزَمَ الشيءَ يَخْزِمُهُ خَزْماً: شَكَّهُ.
والخِزامَةُ: بُرَةٌ، حَلقَةٌ تجعل في أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي البعير، وقيل: هي حَلقةٌ من شَعَرٍ تجعل في وَتَرَةِ أَنفه يُشَدُّ بها الزِّمامُ؛ قال الليث: إن كانت من صُفْرٍ فهي بُرَة، وإِن كانت من شعر فهي خِزامةٌ، وقال غيره: كل شيء ثَقَبْتَهُ فقد خَزَمْتَهُ: قال شمر: الخِزامَةُ إِذا كانت من عَقَبٍ فهي ضانَةٌ.
وفي الحديث: لا خِزامَ ولا زِمامَ؛ الخِزامُ جمع خِزامةٍ وهي حلقة من شعر تجعل في أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي البعير، كانت بنو إِسرائيل تَخزِمُ أُنوفها وتَخْرِقُ تَراقِيَها ونحو ذلك من أَنواع التعذيب، فوضعه الله عن هذه الأُمَّةِِ، أَي لا يُفْعَلُ الخِزامُ في الإِسلام، وفي الحديث: . . . أكمل المادة وَدَّ أَبو بكر أَنه وجَدَ من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَهْداً وأَنه خُزِمَ أَنفُه بخِزامَةٍ.
وفي حديث أَبي الدرداء: اقْرَأْ عليهم السَّلام ومُرْهُمْ أَن يُعْطوا القرآن بخَزائمهم؛ قال ابن الأَثير: هي جمع خِزامةٍ، يريد به الانقيادَ لحكم القرآن وإِلقاءَ الأَزِمَّةِ إِليهِ، ودخولُ الباء في خَزائمهم مع كون أَعطى يتعدَّى إِلى مفعولين كقوله أعْطى (* قوله «كقوله أعطى إلخ» أي كدخولها في قوله أعطى إلخ وقد عبر به في النهاية) بيده إِذا انقاد ووَكَلَ أَمْرَهُ إِلى من أطاعه وعَنَا له، قال: وفيها بيانُ ما تضَمَّنَتْ من زيادة المعنى على معنى الإِعطاء المُجَرَّدِ، وقيل: الباء زائدة، وقيل: يَعْطوا، بفتح الياء، من عَطا يَعْطُو إِذا تناول، وهو يتعدى إِلى مفعول واحد، ويكون المعنى أَن يأْخذوا القرآن بتمامه وحَقّه كما يُؤخَذُ البعيرُ بِخزامَتِه، قال: والأَول الوَجْهُ.
والمُخَزَّمُ: من نعت النَّعام، قيل له مُخَزَّمٌ لثَقْب في مِنْقارِهِ، وقد خَزَمَهُ يَخْزِمُهُ خَزْماً وخَزَّمَه.
وإِبل خَزْمَى: مُخَزَّمَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: كأَنها خَزْمَى ولم تُخَزَّمِ وذلك أَن الناقة إِذا لقِحَتْ رفعت ذَنَبَها ورأْسها، فكأَنَّ الإِبل إِذا فعلت ذلك خَزْمَى أَي مشدودةُ الأُنوف بالخِزامةِ وإِن لم تُخَزَّمْ.
والخَزْماءُ: الناقة المشقوقة المَنْخِرِ. ابن الأَعرابي: الخَزْماءُ الناقة المشقوقة الخِنَّابَةِ وهي المَنْخِرُ، قال: والزَّخْماءُ المُنْتِنَةُ الرائحة، وكل مثقوب مَخزُومٌ.
وخَزَمْتُ الجَرادَ في العُود: نَظَمْتُهُ.
وخَزَمْتُ الكتاب وغيره إِذا ثَقَبْتَهُ، فهو مَخْزُومٌ. ابن الأَعرابي: الخُزُمُ الخَرَّازونَ.
وفي حديث حُذَيفة: إِن الله يصنع صانِعَ الخَزَمِ ويصنع كلَّ صَنْعَةٍ؛ يريد أَن الله يخلق الصِّناعة وصانِعها سبحانه وتعالى. قال أَبوعبيد: في قول حُذَيْفَةَ تَكذيبٌ لقول المعتزلة إِن الأَعمال ليست بمخلوقة، ويصدّق قولَ حذيفة قولُ الله تعالى: والله خلقكم وما تعملون؛ يعني نَحْتَهُمْ للأَصنام يعملونها بأَيديهم، ويريد بصانع الخَزَمِ صانِعَ ما يُتَّخَذُ من الخَزَمِ، والطير كلها مَخْزُومَةٌ ومُخَزَّمَةٌ لأَن وَتَراتِ أُنوفِها مثقوبة، وكذلك النَّعامُ؛ قال: وأَرْفَعُ صوتي للنعام المُخَزَّمِ وخِزامةُ النعلِ: السير الدقيق الذي يَخْزِمُ بين الشِّراكَيْنِ، وشِراك مَخْزُومٌ ومَشْكوكٌ.
وتَخَزَّمَ الشوكُ في رجله: شَكَّها ودخل فيها؛ قال القطاميّ: سَرَى في جَلِيدِ اللَّيْلِ، حتى كأَنما تَخَزَّمَ بالأَطْراف شَوْكُ العَقارِبِ وخازَمَه الطريقَ: أَخذ في طريق وأَخذ غيره في طريق حتى التقيا في مكان واحد، قال: وهي المُخاصَرَةُ.
والمُخازَمَةُ: المعارضةُ في السير؛ قال ابن فَسْوَةَ: إِذا هو نَحَّاها عن القَصْدِ خازَمَتْ به الجَوْرَ، حتى يستقيم ضُحَى الغَدِ ذكر ناقته أَن راكبها إِذا جارَ بها عن القصد ذهبَتْ به خلاف الجَوْر حتى تغلبه فتأْخذ على القَصد؛ وأَما قوله: قطعتُ ما خازَمَ من مُزْوَرِّهِ فمعناه ما عَرَضَ لي منه.
وريح خازِمٌ: باردة؛ عن كراع؛ وأَنشد: تُراوِحُها إِمَّا شَمالٌ مُسِفَّةٌ، وإِمَّا صَباً، من آخِرِ الليْلِ، خازِمُ والذي حكاه أَبو عبيد خارِمٌ، بالراء.
والخَزَمُ، بالتحريك: شجر له ليفٌ تُتَّخذ من لحائه الحبال، الواحدة خَزَمَةٌ؛ وأَنشد قول أُميَّة: وانْبَعَثَتْ حَرْجَفٌ يَمانِيَةٌ، يَيْبَسُ منها الأَراكُ والخَزَمُ وقال ساعِدَةُ: أَفْنادُ كَبْكَبَ ذاتِ الشَّثِّ والخَزَمِ وأَنشد ابن بري: مثل رِشاء الخَزَمِ المُبْتَلِّ التهذيب: الخَزَمُ شجر؛ وأَنشد الأَصمعي: في مِرْفَقَيْهِ تَقارُبٌ، ولَهُ بِرْكَةُ زَوْرٍ كجَبْأَة الخَزَمِ أَبو حنيفة: الخَزَمُ شجر مثل شجر الدَّوْمِ سواء، وله أَفنان وبُسْرٌ صغار، يَسْوَدّ إِذا أَيْنَعَ، مُرٌّ عَفِصٌ لا يأْكله الناس ولكن الغرْبان حريصة عليه تَنْتابُهُ، واحدته خَزَمَةٌ.
والخَزَّامُ: بائع الخَزَمِ، وسوق الخَزَّامينَ بالمدينة معروف.
والخَزَمةُ: خُوصُ المُقْل تُعمَلُ منه أَحْفاشُ النساء.
والخُزامَى: نبت طيب الريح، واحدته خُزاماة؛ وقال أَبو حنيفة: الخُزامى عُشْبَةٌ طويلة العيدان صغيرة الورق حمراء الزهرة طيبة الريح، لها نَوْرٌ كنَوْرِ البَنَفْسَجِ، قال: ولم نجد من الزَّهْرِ زَهْرةً أَطيبَ نَفْحَة من نفحة الخُزامَى؛ وأَنشد: لقد طَرَقَتْ أُمُّ الظِّباءِ سَحَابَتِي، وقد جَنَحَتْ للغَوْرِ أُخْرى الكواكبِ بريحِ خُزامَى طَلَّةٍ من ثِيابِها، ومِنْ أَرَجٍ من جَيِّدِ المِسْكِ ثاقِبِ وهي خِيرِيُّ البَرِّ؛ قال امرؤ القيس: كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمام، ورِيحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ والخَزُومَةُ: البقرة، بلغة هُذَيْلٍ؛ قال أَبو دُرَّةَ الهُذَليّ (* قوله «أبو درة الهذلي» كذا هو بالأصل بهذا الضبط وبالدال المهملة، وعبارة القاموس في مادة ذر ر: وأبو ذرة الهذلي الصاهلي شاعر، أو هو بضم الدال المهملة): إِن يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ: أَهْلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجٍ صَخِبْ وقيل: هي المُسِنَّةُ القصيرة من البقر، والجمع خَزائمُ وخُزُمٌ وخَزُومٌ، وقيل الخَزُومُ واحد؛ وقوله: أَرْبابُ شاءٍ وخَزُومٍ ونَعَمْ يدل على أَنه جمع على حدِّ السَّعَةِ والاختيار، وإِن كان قد يجوز أَن يكون واحداً؛ وأَنشد ابن بري لابن دارَةَ: يا لعنةَ الله على أَهْلِ الرَّقَمْ، أَهلِ الوَقِيرِ والحَميرِ والخُزُمْ والأَخزم: الحَيَّةُ الذكر.
وذكَرٌ أَخْزَمُ: قصير الوَتَرَةِ، وكَمَرَةٌ خَزْماءُ كذلك؛ قال الأَزهري: الذي ذكره الليث في الكَمَرَةِ الخَزْماءِ لا أعرفه، قال: ولم أَسمع الأَخْزَمَ في اسم الحيَّات، وقد نظرت في كتب الحيَّات فلم أَر الأَخْزَمَ فيها؛ وقال رجل لبُنَيٍّ له أَعجبه: شِنْشِنَةٌ أَعْرفُها من أَخْزَمِ أَي قَطَران الماء (* قوله «أي قطران الماء إلخ» كذا في الأصل والتكملة، وعبارة التهذيب: أي قطرة ماء من ذكرى الأخزم) من ذَكر أَخْزَمَ، وقيل: أَخْزَمُ قطعة من جبل.
وأَبو أَخْزَمَ: جَدُّ أَبي حاتِمِ طَيِّءٍ أَو جَدُّ جدّه، وكان له ابن يقال له أَخْزَمُ فمات أَخْزَمُ وترك بَنين فوثبوا يوماً في مكان واحد على جدهم أَبي أَخْزَمَ فأَدْمَوْه فقال: إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلُوني بالدَّمِ، شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها من أَخْزَمِ، من يَلْقَ آسادَ الرجالِ يُكْلَمِ كأَنه كان عاقّاً، والشِّنْشِنةُ: الطبيعة أَي أَنهم أَشبهوا أَباهم في طبيعته وخُلُقِه.
والخَزْمُ، بالزاي، في الشعر: زيادة حرف في أَول الجزء أَو حرفين أَو حروف من حروف المعاني نحو الواو وهل وبل، والخَرْمُ: نقصان؛ قال أَبو إِسحق: وإِنما جازت هذه الزيادة في أَوائل الأَبيات كما جاز الخَرْمُ، وهو النقصان في أَوائل الأَبيات، وإِنما احْتُمِلَتِ الزيادةُ والنقصانُ في ا لأَوائل لأَن الوزن إِنما يستبين في السمع ويظهر عَوارُهُ إِذا ذهبتَ في البيت، وقال مرة: قال أَصحاب العروض جازت الزيادة في أَول الأَبيات ولم يُعْتَدَّ بها كما زيدت في الكلام حروفٌ لا يُعْتَدُّ بها نحو ما في قوله تعالى: فَبما رَحْمةٍ من اللهِ لِنْتَ لهم؛ والمعنى فبرحمةٍ من الله، ونحو: لئِلاَّ يعلم أَهلُ الكتاب، معناه لأَنْ يعلم أَهلُ الكتاب، قال: وأَكثر ما جاء من الخَزْمِ بحروف العطف، فكأَنك إِنما تعطف ببيت على بيت فإِنما تحتسب بوزن البيت بغير حروف العطف؛ فالخَزْمُ بالواو كقول امرئ القيس: وكأَنَّ ثَبِيراً، في أَفانينِ وَدْقِهِ، كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ فالواو زائدة، وقد رويت أَبيات هذه القصيدة بالواو، والواو أَجود في الكلام لأَنك إِذا وَصَفْتَ فقلت كأَنه الشمسُ وكأَنه الدُّرُّ كان أَحسن من قولك كأَنه الشمسُ كأَنه الدُّرُّ، بغير واو، لأَنك أَيضاً إِذا لم تعطف لم يَتَبَيَّنْ أَنك وصفتَه بالصفتين، فلذلك دخل الخَزْمُ؛ وكقوله: وإِذا خَرَجَتْ من غَمْرَةٍ بعد غَمْرَةٍ فالواو زائدة.
وقد يأْتي الخَزْمُ في أَول المِصْراعِ الثاني؛ أَنشد ابن الأَعرابي: بل بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُهُ، بَلْ لا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما فزاد بَلْ في أَول المصراع الثاني وإِنما حَقُّه: بل بُرَيْقاً بِتُّ أَرقبه، لا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما وربما اعْتَرَضَ في حَشْوِ النصف الثاني بين سَببٍ ووَتِدٍ كقول مَطرِ بن أَشْيَمَ: الفَخْرُ أَوَّلُهُ جَهْلٌ، وآخره حِقْدٌ إِذا تُذُكِّرَتِ الأَقوالُ والكَلِمُ فإِذا هنا معترضة بين السبب الآخر الذي هو تَفْ وبين الوتد المجموع الذي هو عِلُنْ؛ وقد زادوا الواو في أَول النصف الثاني في قوله: كُلَّما رابَكَ مِنِّي رائبٌ، ويَعْلَمُ العالِمُ مِني ما عَلِمْ وزادوا الباء؛ قال لبيد: والهَبانِيقُ قِيامٌ مَعَهُمْ بكُلِّ مَلْثومٍ، إِذا صُبَّ هَمَل وزادوا ياء أَيضاً؛ قالوا: يا نَفْسِ أَكْلاً واضْطِجا عاً، يا نَفْسِ لَسْتِ بخالِدَه والصحيح: يا نفسِ أَكْلاً واضطجا عاً، نَفْسِ لَسْتِ بخالده وكقوله: يا مَطَرُ بن ناجِيةَ بن ذِرْوَةَ إِنني أُجْفى، وتُغْلَقُ دوننا الأَبْوابُ وقد يكون الخَزْمُ بالفاء كقوله: فَنَرُدّ القِرْنَ بالقِرْنِ صَريعَيْنِ رُدافى فهذا من الهَزَجِ، وقد زيد في أَوله حرف؛ وخَزَمُوا بِبَلْ كقوله: بل لم تَجْزَعُوا يا آل حُجْرٍ مَجْزَعا وقال: هَل تَذَكَّرُونَ إِذْ نُقاتِلكُمْ، إِذ لا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُهْ (* قوله «وقال هل تذكرون إلخ» هكذا بالأصل وفيه سقط يعلم من عبارة شارح القاموس وعبارة صاحب التكملة فإنهما قالا وبهل كقوله هل تذكرون إلخ) وخَزَمُوا بنَحْنُ قال: نَحْنُ قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْرَ جِ سَعْدَ بن عُبادَهْ ونظير الخَزْمِ الذي في أَول البيت ما يُلْحِقُونَهُ بعد تمام البناء من التَّعدِّي والمُتَعَدِّي، والغُلُوّ والغالي.
والأَخْزَمُ: قطعة من جبل.
وخُزام: موضع؛ قال لبيد: أَقْوَى فَعُرِّيَ واسِطٌ فبَرامُ، من أَهله، فصُوائِقٌ فَخُزامُ ومَخْزُومٌ: أَبو حَيٍّ من قُرَيْشٍ، وهو مَخْزُوم بن يَقَظَةَ بن مُرَّةَ بن كَعْبِ بن لُؤَيِّ بن غالب.
وبِشْرُ بن أَبي خازِمٍ: شاعر من بني أَسَد.

بوأ (لسان العرب) [0]


باءَ إِلى الشيء يَبُوءُ بَوْءاً: رَجَعَ.
وبُؤْت إِليه وأَبَأْتُه، عن ثعلب، وبُؤْته، عن الكسائي، كأَبَأْتُه، وهي قليلة.
والباءة، مثل الباعةِ، والباء: النِّكاح.
وسُمي النكاحُ باءةً وباءً من المَباءة لأَن الرجل يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يَسْتَمْكِنُ من أَهله، كما يَتَبَوَّأُ من دارِه. قال الراجز يصف الحِمار والأُتُنَ: يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا، أَكرَمُ عِرْسٍ، باءةً، إِذ أعْرَسا وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: مَن استطاع منكم الباءة، فَليْتزوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ، فعليهِ بالصَّومِ، فإِنَّه له؛ وجاء: أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج.
ويقال: فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح.
ويقال: الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ، والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن . . . أكمل المادة تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً.
والهاء في الباءة زائدة، والناسُ يقولون: الباه. قال ابن الأَعرابي: الباءُ والباءةُ والباهُ كُلها مقولات. ابن الأَنباري: الباءُ النِّكاح، يقال: فُلانٌ حريصٌ على الباء والباءة والباهِ، بالهاء والقصر، أَي على النكاح؛ والباءةُ الواحِدةُ والباء الجمع، وتُجمع الباءة على الباءَاتِ. قال الشاعر: يا أَيُّـــها الرّاكِبُ، ذُو الثّباتِ، إِنْ كُنتَ تَبْغِي صاحِبَ الباءَاتِ، فــــاعْمِدْ إِلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ وفي الحديث: عليكم بالباءة، يعني النّكاحَ والتَّزْويج؛ ومنه الحديث الآخر: إِن امرأَة مات عنها زوجُها فمرّ بها رجل وقد تَزَيَّنَت للباءة.وبَوَّأَ الرجلُ: نَكَحَ. قال جرير: تُبَوّئُها بِمَحْنِيةٍ، وحِيناً * تُبادِرُ حَدَّ دِرَّتِها السِّقابا وللبئرِ مَباءَتان: إِحداهما مَرْجِع الماء إِلى جَمِّها، والأُخْرى مَوْضِعُ وقُوفِ سائِق السّانِية.
وقول صخر الغي يمدَح سيفاً له: وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ، * أَبْيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِه رُبَدُ فَلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيحَ، * حَتَّى باءَ كَفّي، ولم أَكَدْ أَجِدُ الخَشِيبةُ: الطَّبْعُ الأَوَّلُ قبل أَن يُصْقَلَ ويُهَيَّأً، وفَلَوْتُ: انْتَقَيْتُ. أَرْيَحُ: مِن اليَمَنِ. باءَ كَفِّي: أَي صارَ كَفِّي له مَباءة أَي مَرْجِعاً.
وباءَ بذَنْبِه وبإِثْمِه يَبُوءُ بَوْءاً وبَواءً: احتمَله وصار المُذْنِبُ مأْوَى الذَّنب، وقيل اعْتَرفَ به.
وقوله تعالى: إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بإِثْمِي وإِثْمِك، قال ثعلب: معناه إِن عَزَمْتَ على قَتْلِي كان الإِثْمُ بك لا بي. قال الأَخفش: وباؤُوا بغَضَبٍ من اللّه: رَجَعُوا به أَي صارَ عليهم.
وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى فباؤُوا بغَضَبٍ على غَضَب، قال: باؤُوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بُؤْتُ بهذا الذَّنْب أَي احْتَمَلْتُه.
وقيل: باؤُوا بغَضَب أَي بإِثْم اسْتَحَقُّوا به النارَ على إِثْمٍ اسْتَحَقُّوا به النارَ أَيضاً. قال الأَصمعي: باءَ بإِثْمِه، فهو يَبُوءُ به بَوْءاً: إِذا أَقَرّ به.
وفي الحديث: أَبُوءُ بِنعْمَتِك عليَّ، وأَبُوءُ بذنبي أَي أَلتزِمُ وأَرْجِع وأُقِرُّ.
وأَصل البَواءِ اللزومُ.
وفي الحديث: فقد باءَ به أَحدُهما أَي التزَمَه ورجَع به.
وفي حديث وائلِ بن حُجْر: انْ عَفَوتَ عنه يَبُوء بإِثْمِه وإِثْم صاحِبِه أَي كانَ عليه عُقُوبةُ ذَنْبِه وعُقوبةُ قَتْلِ صاحِبِه، فأَضافَ الإِثْمَ إِلى صاحبه لأَن قَتلَه سَبَب لإِثْمه؛ وفي رواية: إِنْ قَتَلَه كان مِثْلَه أَي في حُكم البَواءِ وصارا مُتَساوِيَيْن لا فَضْلَ للمُقْتَصِّ إِذا اسْتوْفَى حَقَّه على المُقْتَصِّ منه.
وفي حديث آخر: بُؤْ للأَمِيرِ بذَنْبِك، أَي اعْتَرِفْ به.
وباءَ بدَمِ فلان وبحَقِّه: أَقَرَّ، وذا يكون أَبداً بما عليهِ لا لَه. قال لبيد: أَنْكَرْت باطِلَها، وبُؤْت بحَقِّها * عِنْدِي، ولم تَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها وأَبَأْتُه: قَرَّرْتُه وباءَ دَمُه بِدَمِه بَوْءاً وبَواءً: عَدَلَه.
وباءَ فُلانٌ بِفُلانٍ بَواءً، ممدود، وأَباءَه وباوَأَه: إِذا قُتِل به وصار دَمُه بِدَمِه. قال عبدُاللّه بنُ الزُّبير: قَضَى اللّهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَنا، * ولــمَ نـكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكـُمْ قَبـْلُ والبَواء: السَّواء.
وفُلانٌ بَواءُ فُلانٍ: أَي كُفْؤُهُ ان قُتِلَ به، وكذلك الاثنانِ والجَمِيعُ.
وباءه: قَتَلَه به(1) (1 قوله «وباءه قتله به» كذا في النسخ التي بأيدينا ولعله وأباءه بفلان قتله به.) أَبو بكر، البواء: التَّكافُؤ، يقال: ما فُلانٌ ببَواءٍ لفُلانٍ: أَي ما هو بكُفْءٍ له.
وقال أَبو عبيدة يقال: القوم بُواءٌ: أَي سَواءٌ.
ويقال: القومُ على بَواءٍ.
وقُسِمَ المال بينهم على بَواءٍ: أَي على سواءٍ.
وأَبَأْتُ فُلاناً بفُلانٍ: قَتَلْتُه به.
ويقال: هم بَواءٌ في هذا الأَمر: أَي أَكْفاءٌ نُظَراء، ويقال: دمُ فلان بَواءٌ لدَم فُلان: إِذا كان كُفْأً له. قالت لَيْلى الأَخْيلية في مَقْتَلِ تَوْبةَ بن الحُمَيِّر: فانْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً، فإِنَّكُمْ * فَتىً مَّا قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ وأَبَأْتُ القاتِلَ بالقَتِيل واسْتَبَأْتُه أَيضاً: إِذا قَتَلْته به.
واسْتَبَأْتُ الحَكَمَ واسْتَبَأْتُ به كلاهما: اسْتَقَدْته.
وتَباوَأَ القَتِيلانِ: تَعادَلا.
وفي الحديث: أَنه كان بَيْنَ حَيَّيْنِ من العَربِ قتالٌ، وكان لأَحَدِ الحَيَّينِ طَوْلٌ على الآخَر، فقالوا لا نَرْضَى حتى يُقْتَل بالعَبْدِ مِنَّا الحُرُّ منهم وبالمرأَةِ الرجلُ، فأَمَرهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يَتَباءَوْا. قال أَبو عبيدة: هكذا روي لنا بوزن يَتَباعَوْا، قال: والصواب عندنا أَن يَتَباوَأُوا بوزن يَتباوَعُوا على مثال يَتَقاوَلوا، من البَواءِ وهي المُساواةُ، يقال: باوَأْتُ بين القَتْلى: أَي ساوَيْتُ؛ قال ابن بَرِّي: يجوز أَن يكون يتَباءَوْا على القلب، كما قالوا جاءَاني، والقياس جايَأَني في المُفاعَلة من جاءَني وجِئْتُه؛ قال ابن الاثير وقيل: يَتَباءَوْا صحيحٌ. يقال: باءَ به إِذا كان كُفْأً له، وهم بَواءٌ أَي أَكْفاءٌ، معناه ذَوُوبَواء.
وفي الحديث أَنه قال: الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص، وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الاَّ مِنْ جارِحِه الجاني، ولا يُؤْخَذُ إِلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ، وذلك البَواءُ.
وفي حديث الصَّادِقِ: قيل له: ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ؟ فقال: تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى.
وفي حديث علي رضِي اللّه عنه: فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً.
وباءَ فلان بفلان: إِذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به؛ ومنه قول الـمُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ، معناه: كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه.
وباء الرجلُ بصاحبه: إِذا قُتِلَ به. يقالُ: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ، وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إِحداهما بالأُخرى؛ ويقال: بُؤْ به أَي كُنْ مـمن يُقْتَل به.
وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه، فقال: فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه، * وإِن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما يقول: أَنتَ، وإِن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر، فلَسْتَ مِثلَ أَخي.
وإِذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل: أَباءَ فلاناً بفلان. قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ: أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم، * وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ قال أَبو عبيد: فان قتله السلطانُ بقَود قيل: قد أَقادَ السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه.
وقد أَبأْتُه أُبيئُه إِباءة. قال ابن السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى: فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا، * ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ قال: الهَديُّ ذو الحُرْمَة؛ وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ، تُتَّخَذ امرأَتُهُ أَهلاً؛ وقال أَبو عمرو الشيباني: يُسْتبَاء، من البَواء، وهو القَوَد.
وذلك أَنه أَتاهم يريد أَن يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه، فقتلوه برجل منهم.
وقول التَّغْلَبي: أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ، وتتَّقي * مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَرادَ: حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم؛ ويروى: لا يَبْؤُءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماءِ مَنْ قتَلوه.
وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوه: قابَله به، وسَدَّدَه نحْوَه.
وفي الحديث: أَنَّ رجلاً بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه، أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه.
وبَوَّأَهُم مَنْزِلاً: نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل.
وأَبَأْتُ بالمَكان: أَقَمْتُ به.وبَوَّأْتُكَ بَيتاً: اتَّخَذْتُ لك بيتاً.
وقوله عز وجل: أَنْ تَبَوَّآ لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً، أَي اتَّخِذا. أَبو زيد: أَبَأْتُ القومَ مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً، وذلك إِذا نزلْتَ بهم إِلى سَنَدِ جبل، أَو قِبَلِ نَهر.
والتبوُّؤُ: أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إِذا أَعجبه لينزله.
وقيل: تَبَوَّأَه: أَصْلَحه وهَيَّأَه.
وقيل: تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً: إِذا نظَر إِلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِهِ، فاتَّخذَه؛ وتَبوَّأَ: نزل وأَقام، والمَعْنَيانِ قَريبان.
والمباءة: مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل، حيث تُناخُ في المَوارِد.
وفي الحديث: قال له رجل: أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم؟ قال: نَعَمْ، أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه، وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً.
وفي الحديث أَنه قال: في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ.
وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إِيَّاهُ وبَوَّأَه له وبَوَّأَهُ فيه، بمعنى هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه. قال: وبُوِّئَتْ في صَمِيمِ مَعْشَرِها، * وتَمَّ، في قَوْمِها، مُبَوَّؤُها أَي نَزَلَت من الكَرم في صَمِيمِ النَّسب.
والاسم البِيئةُ.
واسْتَباءه أَي اتَّخَذَهُ مَباءة.
وتَبَوَّأْتُ منزلاً أَي نَزَلْتُه.
وقوله تعالى: والذِين تَبَوَّأُوا الدارَ والإِيمانَ، جَعلَ الإِيمانَ مَحَلاًّ لهم على المَثَل؛ وقد يكون أَرادَ: وتَبَوَّأُوا مكانَ الإِيمانِ وبَلَدَ الإِيمانِ، فحَذَف.
وتَبَوَّأَ المكانَ: حَلَّه.
وإِنه لَحَسَنُ البِيئةِ أَي هيئة التَّبَوُّءِ.والبيئةُ والباءة والمباءة: المنزل، وقيل مَنْزِل القوم حيث يَتَبَوَّأُونَ من قِبَلِ وادٍ، أَو سَنَدِ جَبَلٍ.
وفي الصحاح: المَباءة: مَنْزِلُ القوم في كل موضع، ويقال: كلُّ مَنْزِل يَنْزِله القومُ. قال طَرَفة: طَيِّبو الباءة ، سَهْلٌ، ولَهُمْ * سُبُلٌ، إِن شئتَ في وَحْش وَعِر(1) (1 قوله «طيبو الباءة» كذا في النسخ وشرح القاموس بصيغة جمع المذكر السالم والذي في مجموعة أَشعار يظن بها الصحة طيب بالأفراد وقبله: ولي الأصل الذي في مثله * يصلح الآبر زرع المؤتبر) وتَبَوَّأَ فلان مَنْزِلاً، أَي اتخذه، وبَوَّأْتُهُ مَنْزِلاً وأَبَأْتُ القَومَ منزلاً.
وقال الفرَّاء في قوله عز وجل: والذين آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَنُبَوِّئنَّهُمْ مِن الجَنَّة غُرَفاً، يقال: بَوَّأْتُه منزلاً، وأَثْوَيْتُه مَنْزِلاً ثُواءً: أَنْزَلْتُه، وبَوَّأْتُه منزلاً أَي جعلته ذا منزل.
وفي الحديث: مَن كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار.
وتكرّرت هذه اللفظة في الحديث ومعناها: لِيَنْزِلْ مَنْزِله مِن النار. يقال: بَوَّأَه اللّهُ منزلاً أَي أَسكَنه إِياه.
ويسمى كِناسُ الثَّوْرِ الوَحْشِيِّ مَبَاءة؛ ومَباءة الإِبل: مَعْطِنها.
وأَبَأْتُ الإِبل مَباءة: أَنَخْتُ بعضَها إِلى بعض. قال الشاعر: حَلِيفان، بَيْنَهما مِيرةٌ * يُبِيئانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ وأَبَأْتُ الإِبلَ، رَدَدْتُها إِلى الـمَباءة، والـمَباءة: بيتها في الجبل؛ وفي التهذيب: وهو الـمُراحُ الذي تَبِيتُ فيه.
والـمَباءة مِن الرَّحِمِ: حيث تَبَوَّأَ الولَدُ. قال الأَعلم: ولَعَمْرُ مَحْبَلِكِ الهَجِينِ على * رَحبِ الـمَباءة، مُنْتِنِ الجِرْمِ وباءَتْ بِبيئةِ سُوءٍ، على مِثالِ بِيعةٍ: أَي بحالِ سُوءٍ؛ وانه لحَسَنُ البِيئةِ؛ وعَمَّ بعضُهم به جميعَ الحال.
وأَباءَ عليه مالَه: أَراحَه. تقول: أَبَأْتُ على فلان ماله: إِذا ارَحْتَ عليه إِبلَه وغَنَمَه، وأَباءَ منه.
وتقول العرب: كَلَّمناهم، فأَجابونا عن بَواءٍ واحدٍ: أَي جوابٍ واحد.
وفي أَرض كذا فَلاةٌ تُبيء في فلاةٍ: أَي تَذْهبُ. الفرَّاء: باءَ، بوزن باعَ: إِذا تكبَّر، كأَنه مقلوب مَن بَأَى، كما قالوا أَرى ورأَى(2) (2 مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى، ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن ان أرى ليس من المقلوب وان اوهم لفظُه ذلك والصواب «كما قالوا راءَ من رأى».(ابراهيم اليازجي)) وسنذكره في بابه.
وفي حاشية بعض نسخ الصحاح: وأَبَأْتُ أَدِيمَها: جَعَلْتُه في الدباغ .

صمم (لسان العرب) [0]


الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن وثِقَلُ السمع. صَمَّ يَصَمُّ وصَمِمَ، بإظهار التضعيف نادرٌ، صَمّاً وصمَماً وأَصَمَّ وأَصَمَّهُ اللهُ فصَمَّ وأَصَمَّ أيضاً بمعنى صَمَّ؛ قال الكميت: أَشَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ تُسائِلُ ما أَصَمَّ عن السُّؤالِ؟ يقول تُسائِلُ شيئاً قد أَصَمَّ عن السؤال، ويروى: أَأَشْيَبَ كالوليد، قال ابن بري: نَصَبَ أَشْيَبَ على الحال أي أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كما يفعل الوليدُ، وقيل: إنَّ ما صِلَةٌ أَراد تُسائل أَصَمَّ؛ وأَنشد ابن بري هنا لابن أَحمر: أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا يدعو عليها أي لا جعلها الله تدعو إلاَّ أصَمَّ. يقال: ناديت فلاناً فأَصْمَمْتُه أي أَصَبْتُه أَصَمَّ، وقوله تَحَجَّى بآخِرنا: تَسْبقُ إليهم . . . أكمل المادة باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ، وأَصْمَمْتُه: وَجَدْتُه أَصَمَّ.
ورجل أَصَمُّ، والجمع صُمٌّ وصُمَّانٌ؛ قال الجُلَيْحُ: يَدْعُو بها القَوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ وأَصَمَّه الداءُ وتَصامَّ عنه وتَصامَّه: أَراه أَنه أَصَمُّ وليس به.
وتَصامَّ عن الحديث وتَصامَّه: أَرى صاحِبَه الصَّمَمَ عنه؛ قال: تَصامَمْتُه حتى أَتاني نَعِيُّهُ، وأُفْزِعَ منه مُخْطئٌ ومُصيبُ وقوله أنشده ثعلب: ومَنْهَلٍ أَعْوَرِ إحْدى العَيْنَيْن، بَصيرِ أُخْرى وأَصَمَّ الأُذُنَيْن قد تقدم تفسيره في ترجمة عور.
وفي حديث الإيمانِ: الصُّمَّ البُكْمَ (* قوله «الصم البكم» بالنصب مفعول بالفعل قبله، وهو كما في النهاية: وان ترى الحفاة العراة الصم إلخ) رُؤوسَ الناسِ، جَمْعُ الأَصَمِّ وهو الذي لا يَسْمَعُ، وأَراد به الذي لا يَهْتَدي ولا يَقْبَلُ الحَقَّ من صَمَمِ العَقل لا صَمَمِ الأُذن؛ وقوله أنشده ثعلب أيضاً: قُلْ ما بَدا لَكَ من زُورٍ ومن كَذِبٍ حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ استعار الصَّمَم للحلم وليس بحقيقة؛ وقوله أنشده هو أيضاً: أجَلْ لا، ولكنْ أنتَ أَلأَمُ من مَشى، وأَسْأَلُ من صَمَّاءَ ذاتِ صَليلِ فسره فقال: يعني الأرض، وصَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الماء فيها. ابن الأَعرابي: يقال أَسْأَلُ من صَمَّاءَ، يعني الأرضَ.
والصَّمَّاءُ من الأرض: الغليظةُ.
وأَصَمَّه: وَجَدَه أَصَمَّ؛ وبه فسر ثعلبٌ قولَ ابن أَحمر: أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا أراد وافَقَ قَوماً صُمّاً لا يَسْمَعون عذْلَها على وجه الدُّعاء.
ويقال: ناديته فأَصْمَمْتُه أي صادَفْتُه أَصَمَّ.
وفي حديث جابر بن سَمُرَةَ: ثم تكلم النبي، صلى الله عليه وسلم، بكلمةٍ أصَمَّنِيها الناسُ أي شغَلوني عن سماعها فكأَنهم جعلوني أَصَمَّ.
وفي الحديث: الفِتْنةُ الصَّمَّاءُ العَمْياء؛ هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في ذهابها لأَن الأَصَمَّ لا يسمع الاستغاثة ولا يُقْلِعُ عما يَفْعَلُه، وقيل: هي كالحية الصَّمَّاء التي لا تَقْبَلُ الرُّقى؛ ومنه الحديث: والفاجِرُ كالأَرْزَةِ صَمَّاءَ أي مُكْتَنزةً لا تَخَلْخُلَ فيها. الليث: الضَّمَمُ في الأُذُنِ ذهابُ سَمْعِها، في القَناة اكْتِنازُ جَوفِها، وفي الحجر صَلابَتُه، وفي الأَمر شدَّتُه.
ويقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ وقَناة صَمَّاءُ وحَجَرٌ أَصَمُّ وفِتْنَةٌ صَمَّاءُ؛ قال الله تعالى في صفة الكافرين: صُمُّ بُكْمٌ عُمْيٌ فهم لا يَعْقِلُون؛ التهذيب: يقول القائلُ كيف جعلَهم الله صُمّاً وهم يسمعون، وبُكْماً وهم ناطقون، وعُمْياً وهم يُبْصِرون؟ والجواب في ذلك أن سَمْعَهُم لَمَّا لم يَنْفَعْهم لأنهم لم يَعُوا به ما سَمِعوا، وبَصَرَهُم لما لم يُجْدِ عليهم لأنهم لم يَعْتَبِروا بما عايَنُوه من قُدْرة الله وخَلْقِه الدالِّ على أنه واحد لا شريك له، ونُطْقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئاً إذ لم يؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة من لا يَسْمَع ولا يُبْصِرُ ولا يَعي؛ ونَحْوٌ منه قول الشاعر: أصَمٌّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ يقول: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه وإن سَمِعَه فكان كأَنه لم يَسْمَعْ، فهو سميع ذو سَمْعٍ أَصَمُّ في تغابيه عما أُريد به.
وصَوْتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ.
ويقال لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ.
وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمّاً وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها.
والصِّمامُ: ما أُدْخِلَ في فم القارورة، والعِفاصُ ما شُدَّ عليه، وكذلك صِمامَتُها؛ عن ابن الأَعرابي.
وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إذا شَدَدْتَ رَأْسَها. الجوهري: تقول صَمَمْتُ القارورة أي سَدَدْتُها.
وأَصْمَمْتُ القارورة أي جعلت لها صِماماً.
وفي حديث الوطء: في صِمامٍ واحد أي في مَسْلَكٍ واحدٍ؛ الصِّمامُ: ما تُسَدُّ به الفُرْجةُ فسمي به الفَرْجُ، ويجوز أَن يكون في موضعِ صِمامٍ على حذف المضاف، ويروى بالسين، وقد تقدم.
ويقال: صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمّاً إذا ضَرَبه بها وقد صَمَّه بحجر. قال ابن الأعرابي: صُمَّ إذا ضُرِب ضَرْباً شديداً.
وصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمّاً: سَدَّةُ وضَمَّدَه بالدواء والأَكُولِ.
وداهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شديدة.
ويقال للداهية الشديدةِ: صَمَّاءُ وصَمامِ؛ قال العجاج: صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها من الصَّمَمْ حَوادثُ الدَّهْرِ، ولا طُولُ القِدَمْ ويقال للنذير إذا أَنْذَر قوماً من بعيد وأَلْمَعَ لهم بثوبه: لَمَع بهم لَمْعَ الأَصَمّ، وذلك أنه لما كَثُر إلماعُه بثوبه كان كأَنه لا يَسْمَعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ ومن ذلك قولُ بِشْر: أَشارَ بهم لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا عَرانِينَ لا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ أي لا يأْتيه مُعِينٌ من غير قومه، وإذا كان المُعينُ من قومه لم يكن مُجْلِباً.
والصَّمَّاءُ: الداهيةُ.
وفتنةٌ صَمَّاءُ: شديدة، ورجل أَصَمُّ بَيّنُ الصَّمَمِ فيهن، وقولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها، وقيل: لَصَمَمِها إذا عَطِشَت؛ قال: رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا، كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الما والأَصَمُّ: رَجَبٌ لعدم سماع السلاح فيه، وكان أهلُ الجاهلية يُسَمُّونَ رَجَباً شَهْرَ الله الأَصَمَّ؛ قال الخليل: إنما سمي بذلك لأنه كان لا يُسْمَع فيه صوتُ مستغيثٍ ولا حركةُ قتالٍ ولا قَعْقَعةُ سلاح، لأنه من الأشهر الحُرُم، فلم يكن يُسْمع فيه يا لَفُلانٍ ولا يا صَبَاحاه؛ وفي الحديث: شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ رَجَبٌ؛ سمي أَصَمَّ لأنه كان لا يُسمع فيه صوت السلاح لكونه شهراً حراماً، قال: ووصف بالأَصم مجازاً والمراد به الإنسان الذي يدخل فيه، كما قيل ليلٌ نائمٌ، وإنما النائمَ مَنْ في الليل، فكأَنَّ الإنسانَ في شهر رجَبٍ أَصَمَّ عن صَوْتِ السلاح، وكذلك مُنْصِلُ الأَلِّ؛ قال: يا رُبَّ ذي خالٍ وذي عَمٍّ عَمَمْ قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ في الشَّهْرِ الأَصَمّْ والأَصَمُّ من الحياتِ: ما لا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه قد صَمَّ عن سَماعِها، وقد يستعمل في العقرب؛ أَنشد ابن الأعرابي: قَرَّطَكِ اللهُ، على الأُذْنَيْنِ، عَقارباً صُمّاً وأَرْقَمَيْنِ ورجل أَصَمُّ: لا يُطْمَعُ فيه ولا يُرَدُّ عن هَواه كأَنه يُنادَى فلا يَسْمَعُ.
وصَمَّ صَداه أي هَلَك.
والعرب تقول: أَصَمَّ اللهُ صَدَى فلانٍ أي أهلكه، والصَّدَى: الصَّوْتُ الذي يَرُدُّه الجبلُ إذا رَفَع فيه الإنسانُ صَوْتَه؛ قال امرؤ القيس: صَمَّ صَدَاها وعَفا رَسْمُها، واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِلِ ومنه قولهم: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل مهما يُقَلْ تَقُلْ؛ يريدون بابْنةِ الجبل الصَّدَى.
ومن أمثالهم: أصَمُّ على جَمُوحٍ (* قوله «ومن أمثالهم أصم على جموح إلخ» المناسب أن يذكر بعد قوله: كأنه ينادى فلا يسمع كما هي عبارة المحكم)؛ يُضْرَبُ مثلاً للرجل الذي هذه الصفة صفته؛ قال: فأَبْلِغْ بَني أَسَدٍ آيةً، إذا جئتَ سَيِّدَهم والمَسُودَا فأْوصِيكمُ بطِعانِ الكُماةِ، فَقَدْ تَعْلَمُونَ بأَنْ لا خُلُودَا وضَرْبِ الجَماجِمِ ضَرْبَ الأَصَمْـ ـمِ حَنْظَلَ شابَةَ، يَجْني هَبِيدَا ويقال: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إذا تابَعَ الضرْبَ وبالَغَ فيه، وذلك أن الأَصَمَّ إذا بالَغَ يَظُنُّ أنه مُقَصِّرٌ فلا يُقْلِعُ.
ويقال: دَعاه دَعْوةَ الأَصَمِّ إذا بالغ به في النداء؛ وقال الراجز يصف فَلاةً:يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ ودَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إليه فلا يَسْمَع.
وقولُهم: صَمِّي صَمامِ؛ يُضْرَب للرجل يأْتي الداهِيةَ أي اخْرَسي يا صَمامِ. الجوهري: ويقال للداهية: صَمِّي صَمامِ، مثل قَطامِ، وهي الداهية أي زِيدي؛ وأَنشد ابن بري للأَسْود بن يَعْفُر: فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانُها، صَمِّي، لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمَامِ ويقال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يعني الصَّدَى؛ يضرب أَيضاً مثلاً للداهية الشديدة كأَنه قيل له اخْرَسِي يا داهية، ولذلك قيل للحيَّةِ التي لا تُجِيبُ الرَّاقِيَ صَمّاءُ، لأَن الرُّقى لا تنفعها؛ والعرب تقول للحرب إذا اشتدَّت وسُفِك فيها الدِّماءُ الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصاةٌ بِدَم؛ يريدون أَن الدماء لما سُفِكت وكثرت اسْتَنْقَعَتْ في المَعْرَكة، فلو وقعت حصاةٌ على الأرض لم يُسمع لها صوت لأنها لا تقع إلا في نَجِيعٍ، وهذا المعنى أراد امرؤ القيس بقوله صَمِّي ابنةَ الجبلِ، ويقال: أراد الصَّدَى. قال ابن بري: قوله حَصاةٌ بدمٍ يَنبغي أن يكون حصاة بدمي، بالياء؛ وبيتُ امرئ القيس بكماله هو: بُدِّلْتُ من وائلٍ وكِنْدةَ عَدْ وانَ وفَهْماً، صَمِّي ابنةَ الجَبَلِ قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ ونِسْـ وان قِصار، كهَيْئةِ الحَجَلِ المحكم: صَمَّتْ حَصاةٌ بدمٍ أي أن الدم كثر حتى أُلْقيت فيه الحَصاةُ فلم يُسْمَع لها صوت؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لسَدُوسَ بنت ضباب: إنِّي إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعى ابنة الجَبلِ أي أُنَوِّهُ كما يُنَوَّهُ بابنةِ الجبل، وهي الحيَّة، وهي الداهية العظيمة. يقال: صَمِّي صَمامِ، وصَمِّي ابْنةَ الجبل.
والصَّمَّاءُ: الداهيةُ؛ وقال: صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها طُولُ الصَّمَمْ أي داهيةٌ عارُها باقٍ لا تُبْرِئها الحوادثُ.
وقال الأصمعي في كتابه في الأمثال قال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يقال ذلك عند الأمر يُسْتَفْظَعُ.
ويقال: صَمَّ يَصَمُّ صَمَماً؛ وقال أَبو الهيثم: يزعمون أنهم يريدون بابنة الجبل الصَّدَى؛ وقال الكميت: إذا لَقِيَ السَّفِيرَ بها، وقالا لها: صَمِّي ابْنَةَ الجبلِ، السّفِيرُ يقول: إذا لَقِي السفِيرُ السَّفِيرَ وقالا لهذه الداهية صَمِّي ابنةَ الجبل، قال: ويقال إنها صخرة، قال: ويقال صَمِّي صَمامِ؛ وهذا مَثَلٌ إذا أتى بداهيةٍ.
ويقال: صَمَامِ صَمَامِ، وذلك يُحْمَل على معنيين: على معنى تَصامُّوا واسْكُتوا، وعلى معنى احْمِلُوا على العدُوّ، والأَصَمُّ صفة غالبة؛ قال: جاؤوا بِزُورَيْهمْ وجئْنا بالأَصَمّْ وكانوا جاؤوا بِبعيرين فعَقَلوهما وقالوا: لا نَفِرُّ حتى يَفِرَّ هذان.
والأَصَمُّ أيضاً: عبدُ الله بنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْريّ؛ ذكره ابن الأعرابي.
والصَّمَمُ في الحَجَر: الشِّدَّةُ، وفي القَناةِ الاكتِنازُ.
وحَجرٌ أَصَمُّ: صُلْبٌ مُصْمَتٌ.
وفي الحديث: أنه نَهَى عن اشْتِمال الصّمَّاءِ؛ قال: هو أن يَتجلَّلَ الرجلُ بثوبْهِ ولا يرفعَ منه جانباً، وإنما قيل لها صَمَّاء لأنه إذا اشْتَمل بها سَدَّ على يديه ورجليه المَنافذَ كلَّها، كأَنَّها لا تَصِل إلى شيء ولا يَصِل إليها شيءٌ كالصخرة الصَّمّاء التي ليس فيها خَرْقٌ ولا صَدْع؛ قال أبو عبيد: اشْتِمال الصَّمَّاءِ أن تُجلِّلَ جَسَدَك بتوبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْراب بأَكْسيَتِهم، وهو أن يرُدَّ الكِساءَ من قِبَلِ يمينِه على يدهِ اليسرى وعاتِقِه الأيسر، ثم يَرُدَّه ثانيةً من خلفِه على يده اليمنى وعاتِقِه الأيمن فيُغَطِّيَهما جميعاً، وذكر أَبو عبيد أَن الفُقهاء يقولون: هو أن يشتمل بثوبٍ واحدٍ ويَتغَطَّى به ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيَضَعَه على منكبيه فيَبْدُوَ منه فَرْجُه، فإذا قلت اشْتَمل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنك قلت اشْتَملَ الشِّمْلةَ التي تُعْرَف بهذا الاسم، لأن الصمّاء ضَرْبٌ من الاشتمال.
والصَّمَّانُ والصَّمَّانةُ: أرضٌ صُلْبة ذات حجارة إلى جَنْب رَمْل، وقيل: الصّمَّان موضعٌ إلى جنب رملِ عالِجٍ.
والصَّمّانُ: موضعٌ بِعالِجٍ منه، وقيل: الصَّمَّانُ أرضٌ غليظة دون الجبل. قال الأزهري: وقد شَتَوْتُ الصَّمّانَ شَتْوَتَيْن، وهي أرض فيها غِلَظٌ وارْتفاعٌ، وفيها قِيعانٌ واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ ورِياضٌ مُعْشِبةٌ، وإذا أَخصبت الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جميعُها، وكانت الصَّمَّانُ في قديم الدَّهْرِ لبني حنظلة، والحَزْنُ لبني يَرْبُوع، والدَّهْناءُ لجَماعتهم، والصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء.
وصَمَّه بالعصا: ضَرَبَه بها.
وصَمَّه بحجرٍ وصَمَّ رأْسَه بالعصا والحجر ونحوه صَمّاً: ضربه.
والصِّمَّةُ: الشجاعُ، وجَمْعُه صِمَمٌ.
ورجل صِمَّةٌ: شجاع.
والصِّمُّ والصِّمَّةُ، بالكسر: من أَسماء الأَسد لشجاعته. الجوهري: الصِّمُّ، بالكسر، من أسماء الأسدِ والداهيةِ.
والصِّمَّةُ: الرجلُ الشجاع، والذكرُ من الحيات، وجمعه صِمَمٌ؛ ومنه سمي دُرَيْدُ بن الصِّمَّة؛ وقول جرير: سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها، فهَلاَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها (* قوله «سعرت عليك إلخ» قال الصاغاني في التكملة: الرواية سعرنا). أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ وعَمَّه مالِكاً.
وصَمَّمَ أَي عَضَّ ونَيَّب فلم يُرْسِلْ ما عَضّ.
وصَمَّمَ الحَيّةُ في عَضَّتِه: نَيَّبَ؛ قال المُتَلمِّس: فأَطْرَقَ إطْراقَ الشُّجاعِ، ولو رَأَى مَساغاً لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما وأَنشده بعض المتأَخرين من النحويين: لِناباه؛ قال الأَزهري: هكذا أَنشده الفراء لناباه على اللغة القديمة لبعض العرب (* أي أَنه منصوب بالفتحة المقدرة على الأَلف للتعذر).
والصَّمِيمُ: العَظْمُ الذي به قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف وصَميمِ الرأْس؛ وبه يقال للرجل: هو من صَمِيم قومه إذا كان من خالِصِهم، ولذلك قيل في ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ منه؛ وأَنشد الكسائي: بمَِصْرَعِنا النُّعْمانَ، يوم تأَلَّبَتْ علينا تَميمٌ من شَظىً وصَمِيمِ وصَمِيمُ كلِّ شيء: بُنْكه وخالِصهُ. يقال: هو في صَميم قَوْمِه.
وصَميمُ الحرِّ والبرد: شدّتُه.
وصَميمُ القيظِ: أَشدُّه حرّاً.
وصَميمُ الشتاء: أَشدُّه برْداً؛ قال خُفَاف بن نُدْبَةَ: وإنْ تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَمِيمُها، فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالكا قال أَبو عبيد: وكان صَميمَ خيلهِ يومئذ معاوية أخو خَنْساء، قتله دُرَيْدٌ وهاشم ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده: إن تكُ خيلي، بغير واو على الخرم لأَنه أول القصيدة.
ورجل صَمِيمٌ: مَحْضٌ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنتُ.
والتَّصْميمُ: المُضِيُّ في الأَمر. أَبو بكر: صَمَّمَ فلانٌ على كذا أَي مَضَى على رأْيه بعد إرادته.
وصَمَّمَ في السير وغيره أي مَضَى؛ قال حُمَيد بن ثَوْر: وحَصْحَصَ في صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ، وناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثم صَمَّما ويقال للضارب بالسيف إذا أصابَ العظم فأنْفذ الضريبة: قد صَمَّمَ، فهو مُصَمِّم،فإذا أَصاب المَفْصِل، فهو مُطَبِّقٌ؛ وأَنشد أَبو عبيد: يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ العظم ومَرَّةً يُصِيب المَفْصِل.
والمُصَمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرُّ في العِظام، وقد صَمَّمَ وصَمْصَمَ.
وصَمَّمَ السيفُ إذا مضى في العظم وقطَعَه، وأما إذا أَصاب المَفْصِلَ وقطعه فيقال طَبَّقَ؛ قال الشاعر يصف سيفاً: يُصَمِّم أَحْياناً وحيناً يُطَبِّق وسيفٌ صَمْصامٌ وصَمْصامةٌ: صارِمٌ لا يَنْثَني؛ وقوله أَنشده ثعلب: صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ إنما ذَكَّرَه على معنى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ.
وفي حديث أَبي ذر: لو وَضَعْتم الصَّمْصامةَ على رَقبَتي؛ هي السيف القاطع، والجمع صَماصِم.
وفي حديث قُسٍّ: تَرَدَّوْا بالصَّماصِم أَي جعلوها لهم بمنزلة الأَرْدِية لحَمْلِهم لها وحَمْلِ حَمائِلها على عَواتِقهم.
وقال الليث: الصَّمْصامَةُ اسمٌ للسيفِ القاطع والليلِ. الجوهري: الصَّمْصامُ والصَّمْصامةُ السيفُ الصارِمُ الذي لا يَنْثني؛ والصَّمْصامةُ: اسمُ سيفِ عَمْرو بن معد يكرب، سَمَّاه بذلك وقال حين وَهَبَه: خَليلٌ لمْ أَخُنْهُ ولم يَخُنِّي، على الصَّمْصامةِ السَّيْفِ السَّلامُ قال ابن بري صواب إنشاده: على الصَّمْصامةِ ام سَيْفي سَلامِي (* قوله «ام سيفي» كذا بالأصل والتكملة بياء بعد الفاء).
وبعده: خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ من قِلاهُ، ولكنَّ المَواهِبَ في الكِرامِ (* قوله «من قلاه» الذي في التكملة: عن قلاه.
وقوله «في الكرام» الذي فيها: للكرام). حَبَوْتُ به كَريماً من قُرَيْشٍ، فَسُرَّ به وصِينَ عن اللِّئامِ يقول عمرو هذه الأَبياتَ لما أَهْدَى صَمْصامتَه لسَعِيد ابن العاص؛ قال: ومن العرب من يجعل صَمْصامة غيرَ مُنوّن معرفةً للسَّيْف فلا يَصْرِفه إذا سَمَّى به سيْفاً بعينه كقول القائل: تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما ورجلٌ صَمَمٌ وصِمْصِمٌ وصَمْصامٌ وصَمْصامةٌ وصُمَصِمٌ وصُماصِمٌ: مُصَمِّمٌ، وكذلك الفَرَسُ، الذكرُ والأُنثى فيه سواءٌ، وقيل: هو الشديدُ الصُّلْبُ، وقيل: هو المجتمعُ الخَلْق. أَبو عبيد: الصِّمْصِمُ، بالكسر، الغليظُ من الرجال؛ وقولُ عَبْد مَناف بن رِبْع الهُذَليّ: ولقد أَتاكم ما يَصُوبُ سُيوفَنا، بَعدَ الهَوادةِ، كلُّ أَحْمَرَ صِمْصِم قال: صِمْصِم غليظ شديد. ابن الأَعرابي: الصَّمْصَمُ البخيلُ النهايةُ في البُخْل.
والصِّمْصِمُ من الرجال: القصير الغليظ، ويقال: هو الجريءُ الماضي.
والصِّمْصِةُ: الجماعةُ من الناس كالزِّمْزِمةِ؛ قال: وحالَ دُوني من الأَنْبارِ صِمْصِمةٌ، كانوا الأُنُوفَ وكانوا الأَكرمِينَ أَبا ويروى: زِمْزِمة، قال: وليس أَحدُ الحرفين بدلاً من صاحبه لأن الأَصمعي قد أَثبتهما جميعاً ولم يجعل لأَحدِهما مَزِيَّةً على صاحبِه، والجمع صِمْصِمٌ. النضر: الصِّمْصِمةُ الأَكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتها أَن تكونُ مُنْتَصِبة. أَبو عبيدة: من صِفات الخيل الصَّمَمُ، والأُنثى صَمَمةٌ، وهو الشديدُ الأَسْرِ المعْصُوبُ؛ قال الجعدي: وغارةٍ، تَقْطَعُ الفَيافيَ، قَد حارَبْتُ فيها بِصلْدِمٍ صَمَمِ أَبو عمرو الشيباني: والمُصَمِّمُ الجملُ الشديدُ؛ وأَنشد: حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها والصَّمّاءُ من النُّوقِ: اللاَّقِحُ، وإبِلٌ صُمٌّ؛ قال المَعْلُوطُ القُرَيْعيُّ: وكانَ أَوابِيها وصُمُّ مَخاضِها، وشافِعةٌ أُمُّ الفِصالِ رَفُودُ والصُّمَيْماءُ: نباتٌ شِبْه الغَرَزِ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعان.

كبر (لسان العرب) [0]


الكَبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي تَكَبَّر عن ظلم عباده، والكِبْرِياء عَظَمَة الله، جاءتْ على فِعْلِياء؛ قال ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتاةِ خَلْقه، والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرِياء: العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى، وقد تكرر ذكرهما في الحديث، وهما من الكِبْرِ، بالكسر، وهو العظمة.
ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فهو كبير. ابن سيده: الكِبَرُ نقيض الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار، بالتشديد إذا . . . أكمل المادة أَفرط، والأُنثى بالهاء، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ.
واستعمل أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر، ويقال: علاه المَكْبَِرُ، والاسم الكَبْرَةُ، بالفتح، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم.
وقال مجاهد في قوله تعالى: قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم؛ أَي أَعْلَمُهم لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان شَمْعُونَ؛ قال الكسائي في روايته: كَبيرهم يَهُوذا.
وقوله تعالى: إنه لكبيركم الذي علَّمكم السِّحْرَ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم.
والصبي بالحجاز إِذا جاء من عند مُعَلِّمه قال: جئت من عند كَبيري.
واسْتَكْبَر الشيءَ: رآه كبيراً وعَظُمَ عنده؛ عن ابن جني.
والمَكْبُوراء: الكِبَارُ.
ويقال: سادُوك كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن كابِرٍ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ.
وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ: ورِثْتُه كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز والشرف. التهذيب: ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن كبير.
وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته. الليث: المُلوك الأَكابِرُ جماعة الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب. الأَمْرَ: جعله كبيراً، واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: فلما رَأَيْنَه أَكْبَرْنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه.
وروي عن مجاهد أَنه قال: أَكبرنه حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة؛ وأَنشد بعضهم: نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ، ولا نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْباراً قال أَبو منصور: وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ إِلى حد الكِبَر، فقيل لها: أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي.
وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: سأَلت رجلاً من طَيِّء فقلت: يا أَخا طيء، أَلك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوّجت وقد وُعِدْتُ في ابنة عم لي، قلت: وما سِنُّها؟ قال: قد أَكْبَرَتْ أَو كَبِرَت، قلت: ما أَكْبَرَتْ؟ قال: حاضت. قال أَبو منصور: فلغة الطائي تصحح أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ جَمالُه فأَعظمنه.
وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فلما رأَينه أَكبرنه، قال: حِضْنَ؛ قال أَبو منصور: فإِن صحت الرواية عن ابن عباس سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية، والله أَعلم بما أَراد.
واسْتِكْبارُ الكفار: أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ؛ ومنه قوله: إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون؛ وهذا هو الكِبْرُ الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن من كان في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة، قال: يعني به الشرك، والله أَعلم، لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه.
والاستكبار: الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً. ابن بُزُرْجٍ: يقال هذه الجارية من كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته، يريدون من صِغارِ بناته، ويقولون من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان، فأَما قولهم: الله أَكبر، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من كل شيء، كما تقول: أَنت أَفضلُ، تريد: من غيرك.
وكَبَّرَ: قال: الله أَكبر.
والتكبير: التعظيم.
وفي حديث الأَذان: الله أَكبر. التهذيب: وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه قولان: أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى: وهو أَهْوَنُ عليه؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس: لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ معناه إِني وَجِل، والقول الآخر ان فيه ضميراً، المعنى الله أَكْبَرُ كَبيرٍ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز؛ قال الفرزدق: إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا بيتاً، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ أَي عزيزة طويلة، وقيل: معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم، فحذف لوضوح معناه، وأَكبر خبر، والأَخبار لا ينكر حذفها، وقيل: معناه الله أَكبر من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر القَوْمِ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف، فإِذا وُصِلَ بكلام ضُمَّ.
وفي الحديث: كان إِذا افتتح الصلاة قال: الله أَكبر كبيراً، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه قال أُكَبِّرُ كَبيراً، وقيل: هو منصوب على القطع من اسم الله.
وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن أَبيه: أَنه رأَى النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي قال: فكَبَّرَ وقال: الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، ثم ذكر الحديث بطوله؛ قال أَبو منصور: نصب كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً، يدل على ذلك ما روي عن الحسن: أَن نبي الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل قال: لا إِله إِلا الله، الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وقوله: الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ الله حَمْداً كثيراً.
والكِبَرُ: في السن؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً ومَكْبِراً، بكسر الباء، فهو كبير: طعن في السن؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ.
والكِبَرُ: مصدر الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب.
ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ ومنه قوله: سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها، بِيَثْرِبَ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ ابن سيده: ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده: علته كَبْرَةٌ.
وحكى ابن الأَعرابي: ما كَبَرَني (* قوله« ما كبرني إلخ» بابه نصر كما في القاموس.) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك. الكسائي: هو عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم.
وفي الصحاح: كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم، يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل: هو أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه، بوزن إِفْعِلَّة، والمرأَة في ذلك كالرجل. قال أَبو منصور: معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه، وأَنه للمذكر والمؤنث سواء، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر، فافهم.
وروى الإِيادي عن شمر قال: هذا كبْرَة ولد أَبويه للذكر والأُنثى، وهو آخر ولد الرجل، ثم قال: كِبْرَة ولد أَبيه بمعنى عِجْزة.
وفي المؤلف للكسائي: فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم، وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه، قال الأَزهري: ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى. أَبو زيد: يقال هو صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وفلان كِبْرَةُ القوم وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصحاح: وقولهم هو كُبْرُ قومه، بالضم، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب.
وفي الحديث: الوَلاءُ للكُبْرِ، وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن.
وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن يموت عن ابنين فيرثان الولاء، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون نصيب أَبيهما من الولاء، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر. يقال: فلان كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب، وهو أَن ينتسب إِلى جده الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته.
وفي حديث العباس: إِنه كان كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته.
وفي حديث القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ، ويروى: كَبِّر الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر.
وفي الحديث: أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث فقال: ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى الجد الأَعلى.
وفي حديث الدفن: ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي الأَفضل، فإِن استووا فالأَسن.
وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة: فلما أَبرَزَ عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه، والكُبْرُ ههنا: جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر.
وفلان إِكْبِرَّة قومه، بالكسر والراء مشددة، أَي كُبْرُ قومه، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. ابن سيده: وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور، ومنه قولهم: الولاء للكُبْر.
وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري: ويقال فلان كُبُرُّ ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه، الراء مشددة، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه.
وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بالنسب، والمرأَة في ذلك كالرجل، وقال كراع: لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ.
وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً: عَظُمَ.
وكلُّ ما جَسُمَ، فقد كَبُرَ.
وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما يَكْبُر في صدوركم؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم وأُبْلِيكم.
وقوله عز وجل: وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى اللهُ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ فَعْلَة كبيرة؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين، فأَما من أَخلص فليست بكبيرة عليه. التهذيب: إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت: كَبُرَ يَكْبُرُ كِبَراً، كما لو قلت: عَظُمَ يَعظُم عِظَماً.
وتقول: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر كَبارَةً.
وكُِبْرُ الشيء أَيضاً: معظمه. ابن سيده: والكِبْرُ معظم الشيء، بالكسر، وقوله تعالى: والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم؛ قال ثعلب: يعني معظم الإِفك؛ قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول: فلان تولى عُظْمَ الأَمر، يريدون أَكثره؛ وقال ابن اليزيدي: أَظنها لغة؛ قال أَبو منصور: قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره. ابن السكيت: كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه، بالكسر؛ وأَنشد قول قَيْسِ بن الخَطِيمِ:تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها، فإِذا قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ تَنْغَرِفُ وورد ذلك في حديث الإِفك: وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه، وقيل: الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة.
وفي الحديث أَيضاً: إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها.
ومن أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ الناس في المال. قال: والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بالضم، فهو أَكْبَرُ ولد الرجل. ابن سيده: والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله عليه النار.
والكِبْرَةُ: كالكِبْرِ، التأْنيث على المبالغة.
وفي التنزيل العزيز: الذين يَجْتَنِبُون كبائرَ الإِثم والفَواحشَ.وفي الأَحاديث ذكر الكبائر في غير موضع، واحدتها كبيرة، وهي الفَعْلةُ القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً، العظيم أَمرها كالقتل والزنا والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة.
وفي الحديث عن ابن عباس: أَن رجلاً سأَله عن الكبائر: أَسَبْعٌ هي ففقال: هي من السبعمائة أَقْرَبُ إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار.
وروى مَسْرُوقٌ قال: سُئِلَ عبد الله عن الكبائر فقال: ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس الثلثين.
ويقال: رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قال الله عز وجل: ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً.
وقوله في الحديث في عذاب القبر: إِنهما ليعذبان وما يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه، لا أَنه في نفسه غير كبير، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي الحديث: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر؛ قال ابن الأَثير: يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى: إِن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال: ولا يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان؛ أَراد دخول تأْبيد؛ وقيل: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ؛ ومنه الحديث: ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ؛ هذا على الحذف، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ كِبْرُ من بَطِر، كقوله تعالى: ولكنَّ البِرَّ من اتقى.
وفي الحديث: أَعُوذ بك من سُوءِ الكِبر؛ يروى بسكون الباء وفتحها، فالسكون من هذا المعنى، والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ.
والكِبْرُ: الرفعة في الشرف. ابن الأَنباري: الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى: وتكون لكما الكبرياء في الأَرض؛ أَي الملك. ابن سيده: الكِبْر، بالكسر، والكبرياء العظمة والتجبر؛ قال كراع: ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي بين الصَّبا والجَنُوب، قال: فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية.
وقد تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ: من الكِبْر، وتَكابَر: من السِّنّ.
والتكَبُّر والاستِكبار: التَّعظّم.
وقوله تعالى: سأَصْرِفُ عن آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق؛ قال الزجاج: أَي أَجْعَلُ جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي؛ قال: ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون إِلا لله خاصة لأَن الله، سبحانه وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأَحد مثله، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر، وليس لأَحد أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله المتكبر، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه صفتهم؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير الحق: من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق.
وقوله تعالى: لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس؛ أَي أَعجب. أَبو عمرو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ.
والإِكْبِرُ والأَكْبَرُ: شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس بشديد الحلاوة ولا عذب، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع.
والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ، وجمع الأَكْبَرِ الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قال: ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة خاصة مثل الأَحمر والأَسود، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر، لا تقول هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام.
وفي الحديث: يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ، قيل: هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإِنما سمي الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر.
وفي حديث أَبي هريرة: سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في: إِذا السماءُ انشَقَّتْ؛ أَراد الشيخين أَبا بكر وعمر.
وفي حديث مازِنٍ: بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر، جمع الكبرى؛ ومنه قوله تعالى: إِنها لإِحدى الكُبَرِ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ.
وقوله في الحديث: لا تُكابِرُوا الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا في التسبيح بعد التسليم، وقيل: لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها ولتكن الصلاة زائدة عليه. شمر: يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ النهار أَي حين ارتفع النهار، قال الأَعشى: ساعةً أَكْبَرَ النهارُ، كما شدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما يقول: قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ.
وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وهو كناية.
والكِبْرِيتُ: معروف، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر، إِنما هو كقولهم: أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ.
ويقال: ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص؛ قال رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة: هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ، أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ؟ والكَبَرُ: الأَصَفُ، فارسي معرب.
والكَبَرُ: نبات له شوك.
والكَبَرُ: طبل له وجه واحد.
وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان: أَنه أَخَذَ عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً؛ رواه شمر في كتابه قال: الكبر بفتحتين الطبلُ فيما بَلَغَنا، وقيل: هو الطبل ذو الرأْسين، وقيل: الطبل الذي له وجه واحد.
وفي حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلق على الحائط، فقال: إِن كان في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير، وفي رواية: إِن كان في قَصَبَةٍ، وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ.
والأَكابِرُ: إَحياء من بكر بن وائل، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم، فقال بَدْرٌ في ذلك: وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ بتِعشارَ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قال المَرَّارُ: ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها، ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ وذُو كِبار: رجل.
وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: من بلاد بني أَسد؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسيّ: فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا، ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ

لبن (لسان العرب) [0]


اللَّبَنُ: معروف اسم جنس. الليث: اللَّبَنُ خُلاصُ الجَسَدِ ومُسْتَخْلَصُه من بين الفرث والدم، وهو كالعَرق يجري في العُروق، والجمع أَلْبان، والطائفة القليلة لَبَنةٌ.
وفي الحديث: أَن خديجة، رضوان الله عليها، بَكَتْ فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: ما يُبْكِيكِ؟ فقالت: دَرَّت لَبَنةُ القاسم فذَكَرْتُه؛ وفي رواية: لُبَيْنةُ القاسم، فقال لها: أَما تَرْضَيْنَ أَن تَكْفُلَهُ سارة في الجنة؟ قالت: لوَدِدْتُ أَني علمت ذلك، فغضبَ النبي، صلى الله عليه وسلم، ومَدَّ إصْبَعَه فقال: إن شئتِ دَعَوْتُ الله أَن يُرِيَك ذاك، فقالت: بَلى أُصَدِّقُ الله ورسوله؛ اللَّبَنَةُ: الطائفة من اللَّبَنِ، واللُّبَيْنَةُ تصغيرها.
وفي الحديث: إن لَبَنَ الفحل يُحَرِّمُ؛ يريد بالفحل الرجلَ تكون . . . أكمل المادة له امرأَة ولدت منه ولداً ولها لَبَنٌ، فكل من أَرضعته من الأَطفال بهذا فهو محرَّم على الزوج وإخوته وأَولاده منها ومن غيرها، لأَن اللبن للزوج حيث هو سببه، قال: وهذا مذهب الجماعة، وقال ابن المسيب والنَّخَعِيُّ: لا يُحَرِّم؛ ومنه حديث ابن عباس وسئل عن رجل له امرأَتان أَرْضَعَتْ إحداهما غلاماً والأُخرى جارية: أَيَحِلُّ للغُلام أَن يتزوَّج بالجارية؟ قال: لا، اللِّقاحُ واحدٌ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، واستأْذن عليها أَبو القُعَيْس أَن تأْذن له فقال: أَنا عَمُّكِ أَرضَعَتْكِ امرأَة أَخي، فأَبت عليه حتى ذكرته لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: هو عمكِ فلْيَلِجْ عليك.
وفي الحديث: أَن رجلاً قتل آخر فقال خذ من أَخِيكَ اللُّبَّنَ أَي إبلا لها لَبَنٌيعني الدِّيَةَ.
وفي حديث أُميَّةَ بن خَلَفٍ: لما رآهم يوم بدر يَقْتُلُونَ قال أَما لكم حاجةٌ في اللُّبَّنِ أَي تأْسِرُون فتأْخذون فِدَاءَهم إبلاً لها لَبَنٌ.
وقوله في الحديث: سَيهْلِكُ من أُمتي أهلُ الكتابِ وأَهلُ اللَّبَن، فسئل: من أَهلُ اللَّبَنِ؟ قال: قوم يتبعون الشَّهَواتِ ويُضِيعُون الصلوات. قال الحَرْبي: أَظنه أَراد يتباعدون عن الأَمصار وعن صلاة الجماعة ويَطْلُبون مواضعَ اللبن في المراعي والبوادي، وأَراد بأَهل الكتاب قوماً يتعلمون الكتاب ليجادلوا به الناسَ.
وفي حديث عبد الملك بن مَرْوان: وُلِدَ له وَلدٌ فقيل له اسْقِه لَبَنَ اللَّبَنِ؛ هو أَن يَسْقِيَ ظِئرَه اللَّبَنَ فيكونَ ما يَشْرَبُه لَبَناً متولداً عن اللَّبَنِ، فقُصِرَتْ عليه ناقةٌ فقال لحالبها: كيف تَحلُبُها أَخَنْفاً أَم مَصْراً أَم فَطْراً؟ فالخَنْفُ الحَلْبُ بأَربع أَصابع يستعين معها بالإِبهام، والمَصْرُ بثلاث، والفَطْرُ بالإِصبعين وطرف الإبهام.
ولَبَنُ كلِّ شجرة: ماؤها على التشبيه.
وشاةٌ لَبُونٌ ولَبِنةٌ ومُلْبِنَةٌ ومُلْبِنٌ: صارت ذاتَ لَبَنٍ، وكذلك الناقة إذا كانت ذاتَ لَبَنٍ أَو نزل اللَّبَنُ في ضرعها.
ولَبِنتِ الشاةُ أَي غَزُرَتْ.
ونافةٌ لَبِنةٌ: غزيرة.
وناقة لَبُونٌ: مُلْبِنٌ.
وقد أَلْبَنتِ الناقةُ إذا نزل لَبَنُها في ضَرْعها، فهي مُلْبِنٌ؛ قال الشاعر: أَعْجَبها إذا أَلْبَنَتْ لِبانُه وإذا كانت ذاتَ لَبَنٍ في كل أَحايينها فهي لَبُونٌ، وولدها في تلك الحال ابنُ لَبُونٍ، وقيل: اللَّبُونُ من الشاءِ والإبل ذاتُ اللَّبَنِ، غزيرَةً كانت أَو بَكِيئةً، وفي المحكم: اللَّبُونُ، ولم يُخَصِّصْ، قال: والجمع لِبانٌ ولِبْنٌ؛ فأَما لِبْنٌ فاسم للجمع، فإذا قَصَدُوا قَصْدَ الغزيرة قالوا لَبِنَة، وجمعها لَبِنٌ ولِبانٌ؛ الأَخيرة عن أَبي زيد، وقد لَبِنَتْ لَبَناً. قال اللحياني: اللَّبُونُ واللَّبُونة ما كان بها لَبَنٌ، فلم يَخُصَّ شاةً ولا ناقة، قال: والجمع لُبْنٌ ولَبائنُ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن لُبْناً جمع لَبُون، ولَبائن جمع لَبُونة، وإن كان الأَول لا يمتنع أَن يجمع هذا الجمع؛ وقوله: من كان أَشْرَك في تَفَرُّق فالِجٍ، فلَبُونُه جَرِبَتْ معاً وأَغَدَّتِ قال: عندي أَنه وضع اللبون ههنا موضع اللُّبْن، ولا يكون هنا واحداً لأَنه قال جَرِبَتْ معاً، ومعاً إنما يقع على الجمع. الأَصمعي: يقال كم لُبْنُ شائك أَي كم منها ذاتُ لَبَنٍ.
وفي الصحاح عن يونس: يقال كم لُبْنُ غَنَمِك ولِبْنُ غَنَمِك أَي ذَواتُ الدَّرِّ منها.
وقال الكسائي: إنما سمع كم لِبْنُ غنمك أَي كم رِسْلُ غَنمك.
وقال الفراء: شاءٌ لَبِنَةٌ وغَنم لِبانٌ ولِبْنٌ ولُبْنٌ، قال: وزعم يونس أَنه جمع، وشاءٌ لِبْنٌ بمنزلة لُبْنٍ؛ وأَنشد الكسائي: رأيْتُكَ تَبْتاعُ الحِيالَ بِلُبْنِها وتأْوي بَطِيناً، وابنُ عَمِّكَ ساغِبُ وقال: واللُّبْنُ جمع اللَّبُونِ. ابن السكيت: الحَلُوبة ما احْتُلِب من النُّوق، وهكذا الواحدة منهن حَلوبة واحدة؛ وأَنشد: ما إنْ رأَينا في الزمانِ ذي الكَلَبْ حَلُوبةً واحدةً فتُحْتَلَبْ وكذلك اللَّبُونة ما كان بها لَبَنٌ، وكذلك الواحدة منهن أَيضاً، فإذا قالوا حَلُوبٌ ورَكُوبٌ ولَبُونٌ لم يكن إلا جمعاً؛ وقال الأَعشى: لَبُون مُعَرَّاة أَصَبْنَ فأَصْبَحَتْ أَراد الجمع.
وعُشْبٌ مَلْبنَة، بالفتح: تَغْزُر عنه أَلبانُ الماشية وتَكْثُر، وكذلك بَقْلٌ مَلْبنَة.
واللَّبْنُ: مصدر لَبَنَ القومَ يَلْبِنُهُم لَبْناً سقاهم اللَّبَنَ. الصحاح: لَبَنْتُه أَلْبُنه وأَلْبِنُه سقيته اللَّبَنَ، فأَنا لابِنٌ.
وفرس مَلْبُون: سُقِيَ اللَّبَنَ؛ وأَنشد: مَلْبُونة شَدَّ المليكُ أَسْرَها وفرس مَلْبون ولَبِين: رُبِّيَ باللَّبن مثل عَليف من العَلَف.
وقوم مَلْبونون: أَصابهم من اللبن سَفَهٌ وسُكْرٌ وجَهْل وخُيَلاءُ كما يصيبهم من النبيذ، وخصصه في الصحاح فقال: قوم مَلْبونون إذا ظهر منهم سَفَةٌ يصيبهم من أَلبان الإبل ما يصيب أَصحاب النبيذ.
وفرس مَلْبُون: يُغَذَّى باللبن قال: لا يَحْمِلُ الفارسَ إلا المَلْبُونْ، المَحْضُ من أَمامه ومن دُونْ قال الفارسي: فعَدَّى المَلْبون لأَنه في معنى المسقِيِّ، والمَلْبون: الجمل السمين الكثير اللحم.
ورجل لَبِنٌ: شَرِبَ اللَّبَن (* قوله «ورجل لبن شرب اللبن، الذي في التكملة: واللبن الذي يحب اللبن).
وأَلْبَنَ القومُ، فهم لابِنُون؛ عن اللحياني: كثُرَ لَبَنُهم؛ قال ابن سيده: وعندي أَنَّ لابِناً على النَّسَب كما تقول تامِرٌ وناعِلٌ. التهذيب: هؤلاء قوم مُلْبِنون إذا كثر لبنهم.
ويقال: نحن نَلْبُِنُ جيراننا أَي نسقيهم.
وفي حديث جرير: إذا سقَطَ كان دَرِيناً، وإن أُكِلَ كان لَبِيناً أَي مُدِرّاً للَّبَن مُكْثِراً له، يعني أَن النَّعَم إذا رعت الأَراك والسَّلَم غَزُرَتْ أَلبانُها، وهو فعيل بمعنى فاعل كقدير وقادر، كأَنه يعطيها اللَّبَنَ، من لَبَنْتُ القومَ إذا سقيتهم اللبن.
وجاؤوا يَسْتَلْبِنون: يطلبون اللَّبنَ. الجوهري: وجاء فلان يسْتَلْبِنُ أَي يطلب لبَناً لعياله أَو لضيفانه.
ورجل لابِنٌ: ذو لَبَن، وتامِرٌ: ذو تمر؛ قال الحطيئة: وغَرَرْتَني، وزَعَمْتَ أَنْـ نَكَ لابنٌ، بالصَّيْفِ، تامِرْ (* قوله «وغررتني إلخ» مثله في الصحاح، وقال في التكملة الرواية أغررتني، على الإنكار).
وبَناتُ اللَّبنِ: مِعىً في البَطْن معروفة؛ قال ابن سيده: وبناتُ لَبنٍ الأَمعاءُ التي يكون فيها اللَّبن.
والمِلْبَنُ: المِحْلَبُ؛ وأَنشد ابن بري لمسعود بن وكيع: ما يَحْمِلُ المِلْبنَ إلا الجُرْشُعُ، المُكْرَبُ الأَوْظِفَةِ المُوَقَّعُ والمِلْبَنُ: شيء يُصَفَّى به اللَّبنُ أَو يُحْقَنُ.
واللَّوابنُ: الضُّروعُ؛ عن ثعلب.
والألْتِبانُ: الارتضاع؛ عنه أَيضاً.
وهو أَخوه بلِبان أُمِّه، بكسر اللام (* قوله «بكسر اللام» حكى الصاغاني فيه ضم اللام أيضاً) .
ولا يقال بلَبَنِ أُمِّه، إنما اللَّبَنُ الذي يُشْرَب من ناقة أَو شاة أَو غيرهما من البهائم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي الأَسْود: فإن لا يَكُنْها أَو تَكُنْه، فإنه أَخوها غَذَتْه أُمُّه بلِبانِها وأَنشد ابن سيده: وأُرْضِعُ حاجةً بلِبانِ أُخرَى، كذاكَ الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ واللِّبانُ، بالكسر: كالرِّضاعِ؛ قال الكميت يمدح مَخْلَد بن يزيد: تَلْقَى النَّدَى ومَخْلَداً حَلِيفَينْ، كانا معاً في مَهْدِه رَضِيعَينْ، تَنازعا فيه لِبانَ الثَّدْيَينْ (* قوله «تنازعا فيه إلخ» قال الصاغاني الرواية: تنازعا منه، ويروى رضاع مكان لبان).
وقال الأَعشى: رَضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تحالَفا بأَسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نتَفَرَّقُ وقال أَبو الأَسود: غَذَته أُمُّه بلبانِها؛ وقال آخر: وما حَلَبٌ وافَى حَرَمْتُكَ صَعْرَةً عَلَيَّ، ولا أُرْضِعْتَ لي بلِبانِ وابنُ لَبُون: ولد الناقة إِذا كان في العام الثاني وصار لها لَبَنٌ. الأَصمعي وحمزة: يقال لولد الناقة إِذا استكمل سنتين وطعن في الثالثة ابنُ لَبُون، والأُنثى ابنةُ لَبُونٍ، والجماعات بناتُ لَبونٍ للذكر والأُنثى لأَن أُمَّه وضعت غيره فصار لها لبن، وهو نكرة ويُعَرّف بالأَلف واللام؛ قال جرير: وابنُ اللَّبُونِ، إِذا لُزَّ في قَرَنٍ، لم يسْتَطِعْ صَوْلةَ البُزْلِ القَناعِيسِ وفي حديث الزكاة ذِكْرُ بنتِ اللَّبونِ وابن اللَّبون، وهما من الإِبل ما أَتى عليه سنَتان ودخل في السنة الثالثة فصارت أُمه لبوناً أَي ذاتَ لَبَنٍ لأَنها تكون قد حملت حملاً آخر ووضعته. قال ابن الأَثير: وجاء في كثير من الروايات ابن لَبُون ذكَرٌ، وقد علم أَن ابن اللبون لا يكون إِلا ذكراً، وإِنما ذكره تأْكيداً كقوله: ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبان، وكقوله تعالى: تلك عَشَرةٌ كاملة؛ وقيل ذكر ذلك تنبيهاً لرب المال وعامل الزكاة، فقال: ابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ لتَطِيبَ نفسُ رَبِّ المال بالزيادة المأْخوذة منه إِذا عَلِمَ أَنه قد شرع له من الحق، وأَسقط عنه ما كان بإزائه من فَضْلِ الأُنوثة في الفريضة الواجبة عليه، وليعلم العاملُ أَن سِنَّ الزكاة في هذا النوع مقبول من رب المال، وهو أَمر نادر خارج عن العُرْف في باب الصدقات، ولا يُنْكَرُ تكرار اللفظ للبيان وتقرير معرفته في النفوس مع الغرابة والنُّدُور: وبَناتُ لَبُونٍ: صِغارُ العُرْفُطِ، تُشَبَّه ببناتِ لَبونٍ من الإِبل.
ولَبَّنَ الشيءَ: رَبَّعَه.
واللَّبِنة واللبِّنْة: التي يُبْنَى بها، وهو المضروب من الطين مُرَبَّعاً، والجمع لَبِنٌ ولِبْنٌ، على فَعِلٍ وفِعْلٍ، مثل فَخِذٍ وفِخْذ وكَرِش وكِرْشٍ؛ قال الشاعر: أَلَبِناً تُريد أَم أَروخا (* قوله «أم أروخا» كذا بالأصل).
وأَنشد ابن سيده: إِذ لا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ هَوْذَلةَ المِشْآةِ عن ضَرْسِ اللَّبِنْ قوله: أَبِنْ أَبِنْ أَي نَحِّها، والمِشْآةُ: زَبيل يُخرَجُ به الطين والحَمْأَةُ من البئر، وربما كان من أَدَمٍ، والضَّرْسُ: تَضْريسُ طَيّ البئر بالحجارة، وإِنما أَراد الحجارة فاضطُرَّ وسماها لَبِناً احتِياجاً إِلى الرَّوِيّ؛ والذي أَنشده الجوهري: إِمّا يَزالُ قائلٌ أَبِنْ أَبِنْ دَلْْوَكَ عن حَدِّ الضُّروسِ واللَّبِنْ قال ابن بري: هو لسالم بن دارة، وقيل: لابن مَيّادَة؛ قال: قاله ابن دريد.
وفي الحديث: وأَنا مَوْضِعُ تلك اللَّبِنَة؛ هي بفتح اللام وكسر الباء واحدة اللَّبِنِ التي يُبْنَى بها الجدار، ويقال بكسر اللام (* قوله «ويقال بكسر اللام إلخ» ويقال لبن، بكسرتين، نقله الصاغاني عن ابن عباد ثم قال: واللبنة كفرحة حديدة عريضة توضع على العبد إذا هرب.
وألبنت المرأة اتخذت التلبينة، واللبنة بالضم اللقمة) .
وسكون الباء.
ولَبَّنَ اللَّبِنَ: عَمِله. قال الزجاج: قوله تعالى: قالوا أُوذينا من قبلِ أَن تأْتيَنا ومن بعد ما جئتنا؛ يقال إِنهم كانوا يستعملون بني إسرائيل في تَلْبِين اللَّبِنِ، فلما بُعث موسى، عله السلام، أَعْطَوْهم اللَّبِنَ يُلَبِّنونه ومنعوهم التِّبْنَ ليكون ذلك أَشق عليهم.
ولَبَّنَ الرجلُ تَلْبيناً إِذا اتخذ اللَّبِنَ.
والمِلْبَنُ: قالَبُ اللَّبِنِ، وفي المحكم: والمِلْبَنُ الذي يُضْرَبُ به اللَّبِنُ. أَبو العباس: ثعلب المِلْبَنُ المِحْمَلُ، قال: وهو مطوَّل مُرَبَّع، وكانت المحامل مُرَبَّعة فغيرها الحجاج لينام فيها ويتسع، وكانت العرب تسميها المِحْمَلَ والمِلْبَنَ والسّابِلَ. ابن سيده: والمِلْبَنُ شِبْهُ المِحْمَل يُنْقَل فيه اللَّبِن.
ولَبِنَةُ القميص: جِرِبّانُه؛ وفي الحديث: ولَبِنَتُها ديباجٌ، وهي رُقعة تعمل موضِعَ جَيْب القميص والجُبَّة. ابن سيده: ولَبِنَةُ القميص ولِبْنَتُهُ بَنِيقَتُه؛ وقال أَبو زيد: لَبِنُ القميص ولَبِنَتُه ليس لَبِناً عنده جمعاً كنَبِقَة ونَبِقٍ، ولكنه من باب سَلٍّ وسَلَّة وبَياض وبَياضة.
والتَّلْبِينُ: حَساً يتخذ من ماء النُّخالة فيه لَبَنٌ، وهو اسم كالتَّمْتينِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول التَّلْبِنة مَجَمَّةٌ لفؤاد المريض تُذْهِبُ بعض الحُزْن؛ الأَصمعي: التَّلْبينة حَساء يعمل من دقيق أَو نخالة ويجعل فيها عسل، سميت تَلْبينة تشبهاً باللَّبَن لبياضها ورقتها، وهي تسمية بالمَرَّة من التَّلبين مصدر لَبَنَ القومَ أَي سَقاهم اللَّبنَ، وقوله مَجَمَّةٌ لفؤاد المريض أَي تَسْرُو عنه هَمَّه أَي تَكْشِفُه.
وقال الرِّياشي في حديث عائشة: عليكم بالمَشْنِيئَة النافعةِ التَّلْبين؛ قال: يعني الحَسْوَ، قال: وسأَلت الأَصمعي عن المَشْنِيئَة فقال: يعني البَغِيضة، ثم فسر التَّلْبينة كما ذكرناه.
وفي حديث أُم كلثوم بنت عمرو ابن عقرب قالت: سمعت عائشة، رضي الله عنها، تقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عليكم بالتَّلْبين البَغيض النافع والذي نفسي بيده إِنه ليَغْسِلُ بطنَ أَحدكم كما يغسل أَحدُكم وجهه بالماء من الوسخ؛ وقالت: كان إِذا اشتكى أَحدٌ من أَهله لا تزالُ البُرْمة على النار حتى يأْتي على أَحد طرفيه؛ قال:أَراد بقوله أَحد طرفيه يعني البُرْءَ أَو الموت؛ قال عثمان: التَّلْبينَة الذي يقال له السَّيُوساب (* قوله «السيوساب» هو في الأصل بغير ضبط وهذا الضبط في هامش نسخة من النهاية معوّل عليها) .
وفي حديث علي: قال سُوَيْد بن غَفَلَةَ دخلتُ عليه فإِذا بين يديه صحفةٌ فيها خَطِيفة ومِلْبَنة؛ قال ابن الأَثير: هي بالكسر المِلْعَقة، هكذا شرح، قال: وقال الزمخشري المِلْبَنة لَبَنٌ يوضع على النار ويُنَزِّلُ عليه دقيق، قال: والأَول أَشبه بالحديث.
واللَّبَانُ: الصدر، وقيل: وسَطُه، وقيل: ما بين الثَّدْيَينِ، ويكون للإِنسان وغيره؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل: فلمّا وَضَعْناها أَمامَ لَبَانِه، تبَسَّمَ عن مَكْروهةِ الرِّيقِ عاصبِ وأَشد أَيضاً: يَحُكُّ كُدُوحَ القَمْلِ تحت لَبَانِه ودَفَّيْهِ منها دامِياتٌ وجالِبُ وقيل: اللَّبانُ الصَّدْرُ من ذي الحافرخاصَّةً، وفي الصحاح:اللَّبانُ، بالفتح، ما جرى عليه اللَّبَبُ من الصدرِ؛ وفي حديث الاستسقاء: أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها أَي يَدْمَى صَدْرُها لامْتِهانِها نفْسَها في الخدمة حيث لا تَجِدُ ما تُعْطيه من يَخْدُمها من الجَدْبِ وشدَّة الزمان.
وأَصلُ اللَّبان في الفرس موضعُ اللَّبَبِ، ثم استعير للناس؛ وفي قصيد كعب، رضي الله عنه: تَرْمي اللَّبَانَ بكفَّيْها ومِدْرَعِها وفي بيت آخر منها: ويُزْلِقُه منها لَبانٌ ولَبَنَه يَلْبِنُه لَبْناً: ضَرَبَ لَبانَه.
واللَّبَنُ: وجَعُ العُنق من الوِسادَة، وفي المحكم: وجَعُ العُنق حتى لا يَقْدِرَ أَن يَلْتَفِت، وقد لَبِنَ، بالكسر، لَبَناً.
وقال الفراء: اللَّبِنُ الذي اشتكى عُنُقَه من وِسادٍ أَو غيره. أَبو عمرو: اللَّبْنُ ا لأَكل الكثير.
ولَبَنَ من الطعام لَبْناً صالحاً: أَكثر؛ وقوله أَنشده ثعلب: ونحنُ أَثافي القِدْرِ ، والأَكلُ سِتَّةٌ جَرَاضِمَةٌ جُوفٌ، وأَكْلَتُنا اللَّبْنُ يقول: نحن ثلاثة ونأْكل أَكل ستة.
واللَّبْنُ: الضربُ الشديد.
ولَبَنَه بالعصا يَلْبِنُه، بالكسر، لَبْناً إِذا ضربه بها. يقال: لَبَنَه ثلاث لَبَناتٍ.
ولَبَنه بصخرةٍ: ضربه بها. قال الأَزهري: وقع لأَبي عمرو اللَّبْنُ، بالنون، في الأَكل الشديد والضرب الشديد، قال: والصواب اللَّبْزُ، بالزاي، والنون تصحيف.
واللَّبْنُ: الاسْتِلابُ؛ قال ابن سيده: هذا تفسيره، قال: ويجوز أَن يكون مما تقدم. ابن الأَعرابي: المِلْبَنةُ المِلْعَقةُ.
واللُّبْنَى: المَيْعَة.
واللُّبْنَى واللُّبْنُ: شجر.
واللُّبانُ: ضرب من الصَّمْغ. قال أَبو حنيفة: اللُّبانُ شُجَيْرة شَوِكَة لا تَسْمُو أَكثر من ذراعين، ولها ورقة مثل ورقة الآس وثمرة مثل ثمرته، وله حَرارة في الفم.
واللُّبانُ: الصَّنَوْبَرُ؛ حكاه السُّكَّرِيُّ وابن الأَعرابي، وبه فسر السُّكَّرِيُّ قولَ امرئ القيس: لها عُنُق كسَحُوقِ اللُّبانْ فيمن رواه كذلك؛ قال ابن سيده: ولا يتجه على غيره لأَن شجرة اللُّبانِ من الصَّمْغ إِنما هي قَدْرُ قَعْدَةِ إِنسان وعُنُقُ الفرس أَطولُ من ذلك؛ ابن الأَعرابي: اللُّبانُ شجر الصَّنَوْبَر في قوله: وسالِفَة كسَحُوقِ اللُّبانْ التهذيب: اللُّبْنَى شجرة لها لَبَنٌ كالعسل، يقال له عَسَلُ لُبْنَى؛ قال الجوهري: وربما يُتَبَخَّر به؛ قال امرؤُ القيس: وباناً وأُلْوِيّاً من الهِنْدِ ذاكِياً، ورَنْداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرا واللُّبانُ: الكُنْدرُ.
واللُّبانة: الحاجة من غير فاقة ولكن من هِمَّةٍ. يقال: قَضَى فلان لُبانته، والجمع لُبانٌ كحاجةٍ وحاجٍ؛ قال ذو الرمة:غَداةَ امْتَرَتْ ماءَ العُيونِ ونغَّصتْ لُباناً من الحاجِ الخُدُورُ الرَّوافِعُ ومَجْلِسٌ لَبِنٌ: تُقْضى فيه اللُّبانة، وهو على النسب؛ قال الحرث بن خالد بن العاصي: إِذا اجتَمعْنا هَجرْنا كلَّ فاحِشةٍ، عند اللِّقاء، وذاكُمْ مَجْلِسٌ لَبِنُ والتَّلَبُّنُ: التَّلَدُّنُ والتَّمَكُّثُ والتَّلبُّثُ؛ قال ابن بري: شاهده قول الراجز: قال لها: إِيّاكِ أَن تَوَكَّني في جَلْسةٍ عِنديَ، أَو تَلَبَّني وتَلَبَّنَ؛ تمكَّثَ؛ وقوله رؤبة (* قوله «وقول رؤبة فهل إلخ» عجزه كما في التكملة: راجعة عهداً من التأسن) : فهل لُبَيْنَى من هَوَى التَّلبُّن قال أَبو عمرو: التَّلبُّن من اللُّبانة. يقال: لي لُبانةٌ أَتَلبَّنُ عليها أَي أَتمكَّثُ.
وتَلبَّنْتُ تَلبُّناً وتَلدَّنْتُ تَلدُّناً كلاهما: بمعنى تَلبَّثْتُ وتمكَّثْتُ. الجوهري: والمُلَبَّنُ، بالتشديد، الفَلانَج؛ قال: وأَظنه مولَّداً.
وأَبو لُبَيْنٍ: الذكر. قال ابن بري: قال ابن حمزة ويُكَنَّى الذكر أَبا لُبَيْنٍ؛ قال: وقد كناه به المُفَجَّع فقال: فلما غابَ فيه رَفَعْتُ صَوْتي أُنادي: يا لِثاراتِ الحُسَيْنِ ونادَتْ غلْمَتي: يا خَيْلَ رَبِّي أَمامَكِ، وابْشِرِي بالجَنَّتَيْنِ وأَفْزَعَه تَجاسُرُنا فأَقْعَى، وقد أَثْفَرْتُه بأَبي لُبَيْنِ ولُبْنٌ ولُبْنَى ولُبْنانٌ: جبال: وقول الراعي: سيَكْفِيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا قال ابن سيده: يجوز أَن يكون ترخيمَ لُبْنانٍ في غير النداء اضطراراً، وأَن تكون لُبْنٌ أَرضاً بعينها؛ قال أَبو قِلابةَ الهُذَليُّ: يا دارُ أَعْرِفُها وَحْشاً مَنازِلُها، بَينَ القَوائِم من رَهْطٍ فأَلْبانِ قال ابن الأَعرابي: قال رجل من العرب لرجل آخر لي إِليك حُوَيِّجَة، قال: لا أَقْضِيها حتى تكونَ لُبْنانِيَّة أَي عظيمة مثل لُبْنانٍ، وهو اسم جبل، قال: ولُبْنانٌ فُعْلانٌ ينصرف.
ولُبْنَى:اسم امرأَة.
ولُبَيْنَى: اسم ابنة إِبليس، واسمُ ابنه لاقِيسُ، وبها كُنِيَ أَبا لُبَيْنَى؛ وقول الشاعر: أَقْفَرَ منها يَلْبَنٌ فأَفْلُس قال: هما موضعان .

خلا (لسان العرب) [0]


خَلا المكانُ والشيءُ يَخْلُو خُلُوّاً وخَلاءً وأَخْلَى إِذا لم يكن فيه أَحد ولا شيء فيه، وهو خالٍ.
والخَلاءُ من الأَرض: قَرارٌ خالٍ.
واسْتَخْلَى: كخَلا من باب علا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
ومن قوله تعالى: وإِذا رأَوْا آية يَسْتَسخِرون؛ من تذكره أَبي علي.
ومكان خَلاء: لا أَحد به ولا شيء فيه.
وأَخْلَى المكان: جعله خالياً.
وأَخْلاه: وجده كذلك.
وأَخْلَيْت أَي خَلَوْت، وأَخْلَيْتُ غيرِي، يَتعدَّى ولا يتعدَّى؛ قال عُتَيّ بن مالك العُقَيْلي:أَتيتُ مع الحُدَّاثِ لَيْلَى فَلَمْ أُبِنْ، فأَخْلَيْتُ، فاسْتَعْجَمْت عندَ خَلائي (* قوله «عند خلائي» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم: عند خلائيا). قال ابن بري: قال أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه أَخْلَيْتُ وجدْتُها خالية مثل أَجْبَنْته وجدْته جَباناً، . . . أكمل المادة فعلى هذا القول يكون مفعول أَخْلَيْتُ محذوفاً أَي أَخْلَيْتها.
وفي حديث أُمّ حَبيبةَ: قالت له لستُ لك بمُخْلِيَةٍ أَي لم أَجِدْكَ خالِياً من الزَّوْجات غيري، قال: وليس من قولهم امرأَة مُخْلِية إِذا خَلَتْ من الزَّوْج.
وخَلا الرجلُ وأَخْلَى: وقع في موضع خالٍ لا يُزاحَمُ فيه.
وفي المثل: الذئبُ مُخْلِياً أَشدُّ.
والخَلاءُ، ممدود: البَرازُ من الأَرض.
وأَلْفْيتُ فلاناً بخَلاءٍ من الأَرض أَي بأَرض خاليةٍ.
وخَلَت الدار خَلاءً إِذا لم يَبْقَ فيها أَحَدٌ، وأَخْلاها الله إِخْلاءً.
وخَلا لك الشيءُ وأَخْلَى: بمعنى فرغ؛ قال مَعْن بن أَوْس المُزَني: أَعاذِلَ، هل يأْتي القبائِلَ حَظُّها مِنَ المَوْتِ أَم أَخْلى لنا الموتُ وحْدَنا؟ ووجدْت الدار مُخْلِيَةً أَي خالِيَة، وقد خَلَت الدارُ وأَخْلَتْ.
ووَجَدت فلانةَ مُخْلِيَة أَي خالِيَة.
وفي الحديث عن ابن مسعود قال: إِذا أَدْرَكْتَ منَ الجُمُعَة رَكْعَةً فإِذا سَلَّم الإِمام فأَخْلِ وَجْهَك وضُمَّ إِليها ركْعة، وإِن لم تُدْرِك الرُّكوعَ فَضَلِّ أَرْبعاً؛ قال شمر: قوله فأَخْل وجْهَكَ معناه فيما بَلَغَنا اسْتَتِرْ بإِنسانٍ أَو شَيءْ وصَلِّ رَكْعة أُخْرى، ويُحْمَل الاسْتِتار على أَن لا يراهُ الناسُ مُصَلِّياً ما فاتَه فَيَعْرِفوا تقصيرَه في الصلاةِ، أَو لأَنَّ الناس إِذا فَرَغوا من الصلاةِ انْتَشروا راجِعِين فأَمَرَه أَن يَسْتَتِرَ بشيء لئلا يَمُرّوا بين يديه. قال: ويقال أَخْلِ أَمْرَكَ واخْلُ بأَمْرِك أَي تَفَرَّدْ به وتَفَرَّغ له.
وتَخَلَّيت: تَفَرَّغت.
وخَلا على بعضِ الطعامِ إِذا اقْتَصَر عليه.
وأَخْلَيْتُ عنِ الطعامِ أَي خَلَوْت عنه.
وقال اللحياني: تميم تقول خَلا فُلان على اللَّبَنِ وعلى اللَّحْمِ إِذا لم يأْكُلْ معه شيئاً ولا خَلَطَه به، قال: وكِنانَةُ وقيسٌ يقولون أَخْلى فلان على اللَّبَنِ واللَّحْمِ؛ قال الراعي: رَعَتْه أَشهراً وخَلا عَلَيْها، فطارَ النَّيُّ فيها واسْتَغارا ابن الأَعرابي: اخْلَوْلى إِذا دام على أَكلِ اللَّبنِ، واطْلَوْلى حَسُن كلامهُ، واكْلَوْلى (* قوله «واكلولى» هكذا في الأصل والتهذيب). إِذا انْهَزَم.
وفي الحديث: لا يَخْلو عليهما أَحدٌ بغير مكةَ إِلاَّ لم يُوافِقاهُ، يعني الماءَ واللحْم أَي ينفرِدُ بهما. يقال: خَلا وأَخْلى، وقيل: يَخْلُو يعتمد، وأَخْلى إِذا انْفَرَدَ؛ ومنه الحديث: فاسْتَخْلاهُ البُكاءُ أَي انْفَرَدَ به؛ ومنه قولهم: أَخْلى فلانٌ على شُرْب اللَّبنِ إِذا لم يأْكلْ غيرَه، قال أَبو موسى: قال أَبو عمرو هو بالخاء المعجمة وبالحاء لا شيء.
واسْتَخلاهُ مَجْلِسَه أَي سَأَله أَن يُخْلِيَه له.
وفي حديث ابن عباس: كانَ أُناسٌ يَستَحْيُون أَن يَتخَلَّوْا فيُفْضُوا إِلى السماءِ؛ يَتَخَلَّوْا: من الخَلاء وهو قضاءُ الحاجة، يعني يَستَحْيُون أَن ينكشفوا عند قضائها تحت السماء.
والخَلاء، ممدود: المُتَوَضَّأ لِخُلُوِّه.
واسْتَخْلى المَلِكَ فأَخْلاه وخَلا به، وخَلا الرجلُ بصاحِبه وإِلَيْه ومَعَه؛ عن أَبي إِسحق، خُلُوّاً وخَلاءً وخَلْوةً، الأَخيرة عن اللحياني: اجتمع معه في خَلْوة. قال الله تعالى: وإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِنِهِنمْ؛ ويقال: إِلى بمعْنى مَعْ كما قال تعالى: مَنْ أَنصاري إِلى الله.
وأَخْلى مَجْلِسَه، وقيل: الخَلاءُ والُخلُوُّ المصْدر، والخَلْوَة الاسم.
وأَخْلى به؛ كخَلا؛ هذه عن اللحياني، قال: ويصلح أَن يكون خَلَوْت به أَي سَخِرْتُ منه.
وخَلا بهِ: سَخِرَ منه. قال الأَزهري: وهذا حرف غريب لا أَعْرِفه لغيره، وأَظنه حفِظَه.
وفلان يَخْلُو بفلانٍ إِذا خادَعَه.
وقال بعضهم: أَخْلَيْت بفلان أُخْلِي بهِ إِخْلاءً المعنى خَلَوْت به.
ويقول الرجل للرجل: اخْلُ مَعي حتى أُكَلِّمَك أَي كُنْ مَعِي خالياً.
وقد اسْتَخْلَيْتُ فلاناً: قلت له أَخْلِني؛ قال الجعدي: وذَلِكَ مِنْ وَقَعاتِ المَنُون، فأَخْلِي إِلَيْكِ ولا تَعْجَبِي أَي أَخْلِي بأَمْرِك من خَلَوْت.
وخَلا الرجلُ يَخْلو خَلْوةً.
وفي حديث الرؤيا: أَلَيْسَ كُلُّكُم يَرى القَمَر مُخْلِياً به؟ يقال: خَلَوتُ به ومعه وإِليه وأَخْلَيْت به إِذا انفردت به، أَي كُلُّكم يراه منفرداً لنفسه، كقوله: لاتُضارُون في رُؤْيَته.
وفي حديث بَهْزِ بن حكِيم: إِنَّهُمْ لَيَزْعُمُونَ أَنك تَنْهى عن الغَيِّ وتَسْتَخْلي به أَي تَسْتَقِلّ به وتَنْفَرد.
وحكي عن بعض العرب: تَرَكْتُه مُخْلِياً بفلان أَي خالياً به.
واسْتَخْلى به: كَخَلا، عنه أَيضاً، وخَلَّى بينهما وأَخْلاه معه.
وكُنَّا خِلْوَيْن أَي خالِيَيْن.
وفي المَثَل: خَلاؤُك أَقْنى لِحَيائِك أَي منزِلُك إِذا خَلَوْت فيه أَلْزَمِ لِحَيائِك، وأَنت خَلِيٌّ من هذا الأَمر أَي خالٍ فارِغٌ من الهمّ، وهو خِلافُ الشَّجِيِّ.
وفي المثل: وَيْلٌ للشَّجِيِّ من الخَلِيِّ؛ الخَلِيُّ الذي لاَ همَّ لهُ الفارِغ، والجمع خَليُّون وأَخْلِياء.
والخِلْوُ: كالخَلِيِّ، والأُنثى خِلْوَةٌ وخِلْوٌ؛ أَنشد سيبويه: وقائِلَةٍ: خَوْلانُ فانْكِحْ فتاتَهُمْ وأُكْرُومَةُ الحَيّيْنِ خِلْوٌ كما هِيا والجمع أَخْلاءٌ. قال اللحياني: الوجه في خِلْوٍ أَن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وقد ثنى بعضهم وجمع وأَنث، قال: وليس بالوجه.
وفي حديث أَنس: أَنت خِلْوٌ من مُصِيبَتي؛ الخِلْوُ، بالكسر: الفارِغُ البال من الهموم، والخلو أَيضاً المُنْفَرِدُ؛ ومنه الحديث: إِذا كنْتَ إِماماً أَوِ خِلْواً.
وحكى اللحياني أَيضاً: أَنت خَلاءٌ من هذا الأَمرِ كَخَلِيّ، فمن قال خِليٌّ ثنَّى وجمع وأَنث، ومن قال خَلاءٌ لم يثن ولا جمع ولا أَنث.
وتقول: أَنا منك خَلاءٌ أَي بَراءٌ، إِذا جعلته مصدراً لم تثن ولم تجمع، وإِذا جعلته اسماً على فعيل ثنيت وجمعت وأَنثت وقلت أَنا خَلِيٌّ منك أَي بَرِيءٌ منك.
ويقال: هو خِلْوٌ من هذا الأَمر أَي خالٍ، وقيل أَي خارِجٌ، وهما خِلْوٌ وهم خِلْوٌ.
وقال بعضهم: هما خِلْوان من هذا الأَمر وهم خِلاءٌ، وليس بالوجه.
والخالي: العَزَبُ الذي لا زَوْجَة له، وكذلك الأُنثى، بغير هاء، والجمع أَخْلاءٌ؛ قال امرؤ القيس: أَلَمْ تَرَني أُصْبي عَلى المَرْءِ عِرْسَهُ، وأَمْنَعُ عِرْسي أَن يُزَنَّ بها الخالي؟ وخَلَّى الأَمْرَ وتَخَلَّى منه وعنه وخالاه: تَرَكه.
وخالى فلاناً: تَرَكه؛ قال النابغة الذُّبْياني لزُرْعة ابن عَوْف، حينَ بعثَ بنو عامر إِلى حِصْن بن فزارة وإِلى عُيَيْنَة بنِ حِصْنٍ أَن اقْطَعُوا ما بيْنَكُم وبَينَ بني أَسَدٍ، وأَلْحِقُوهمْ ببَني كنانَة ونحالِفُكُمْ، فنَحْنُ بنو أَبيكم، وكان عُيَيْنَة هَمَّ بذلك فقال النابغة: قالَتْ بَنُو عامِرٍ: خالُوا بني أَسدٍ، يا بُؤْسَ للحَرْبِ ضَرَّاراً لأَقْوامِ أَي تارِكُوهُمْ، وهو من ذلك.
وفي حديث ابن عمر في قوله تعالى: ليَقْضِ عَلْينا رُّبك، قال فخَلَّى عنهم أَربعين عاماً ثم قال اخْسَؤُوا فيها أَي ترَكَهُم وأَعرَض عنهم.
وخالاني فلان مُخالاةً أَي خالَفَني. يقال: خالَيْته خِلاءً إِذا تَركْتَه؛ وقال: يأْبى البَلاءُ فما يَبْغِي بهمْ بَدَلاً، وما أُرِيدُ خِلاءً بعدَ إِحْكامِ يأْبى البَلاءُ أَي التَّجْرِبة أَي جَرَّبْناهم فأَحْمَدْناهُمْ فلا نخالِيهمْ.
والخَلِيَّةُ والخَلِيُّ: ما تُعَسِّلُ فيه النَّحْلُ من غير ما يُعالَجُ لها من العَسَّالاتِ، وقيل: الخَلِيَّة ما تُعَسِّل فيه النَّحل من راقُودٍ أَو طِينٍ أَو خَشبة مَنْقُورة، وقيل: الخَلِيَّة بَيْتُ النَّحْل الذي تُعَسِّلُ فيه، وقيل: الخَلِيَّةُ ما كان مصنوعاً، وقيل: الخَلِيَّة والخَلِيُّ خَشَبة تُنْقَرُ فيُعَسِّلُ فيها النَّحلُ؛ قال: إِذا ما تأَرَّتْ بالخَلِيِّ ابتَنَتْ به شَرِيجَيْنِ مما تَأْتَرِي وتُتِيع شريجين أَي ضربين من العسل.
والخَلِيَّة: أَسفَلُ شَجَرة يقال لها الخَزَمة كأَنه راقُود، وقيل: هو مثل الراقود يُعْمَل لها من طين.
وفي الحديث: في خَلايا النَّحلِ إِنَّ فيها العُشْرَ. الليث: إِذا سُوِّيَت الخَلِيَّة من طِين فهي كُوَّارة.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ عاملاً له على الطائِف كتَبَ إِليه إِن رِجالاً مِنْ فَهْمٍ كَلَّموني في خَلايا لهم أَسْلَموا عليها وسأَلوني أَنْ أَحْمِيَها لهمْ؛ الخَلايا: جمعُ خَلِيَّة وهو الموضع الذي تُعَسّل فيه النَّحل.
والخَلِيَّة من الإِبل: التي خُلِّيَتْ للحَلْب، وقيل: هي التي عَطَفتْ على وَلَدٍ، وقيل: هي التي خَلَتْ عن وَلَدِها ورَئِمَتْ وَلَدَ غيرِها، وإِنْ لم تَرْأَمْهُ فهي خَلِيَّة أَيضاً، وقيل: هي التي خَلَتْ عن ولدها بمَوْت أَو نَحْر فتُسْتَدَرُّ بوَلَدِ غيرِها ولا تُرْضِعُه، إِنما تَعْطِفُ على حُوارٍ تُستَدَرُّ به من غير أَن تُرْضِعَه، فسُمِّيت خَلِيَّة لأَنها لا تُرْضِعُ ولدَها ولا غيرَه؛ وقال اللحياني: الخَلِيَّة التي تُنْتَج وهي غزيرة فيُجَرُّ ولدُها من تحتها فيُجعل تحت أُخرى وتُخَلَّى هي للحلب وذلك لكَرَمِها. قال الأَزهري: ورأَيت الخَلايا في حَلائبهم، وسمعتهم يقولون: بنو فلان قد خَلَوْا وهمْ يَخْلُون.
والخليَّة: الناقة تُنْتَج فيُنْحَر ولدُها ساعةَ يُولَد قبلَ أَن تَشَمَّه ويُدْنى منها ولدُ ناقةٍ كانت ولدَتْ قَبلَها فتَعْطِفُ عليه، ثم يُنظَر إِلى أَغْزَر الناقتين فتُجعل خَلِيَّةً، ولا يكون للحُوار منها إِلاَّ قَدْرُ ما يُدِرُّها وتُركَت الأُخرى للحُوار يَرْضعُها متى ما شاء وتُسمَّى بَسُوطاً، وجمعها بُسْطٌ، والغزيرة التي يتَخلَّى بلَبَنِها أَهلُها هي الخَلِيَّة. أَبو بكر: ناقة مِخلاءٌ أخْلِيَت عن ولدِها؛ قال أَعرابي: عِيطُ الهَوادي نِيطَ مِنها بالِحُقِي، أَمْثالُ أَعْدالِ مَزَادِ المُرْتَوي، مِنْ كلِّ مِخْلاءٍ ومُخْلاةٍ صَفي والمُرْتوي: المُسْتَقي، وقيل: الخَلِيَّة ناقة أَو ناقتان أَو ثلاث يُعْطَفْنَ على ولدٍ واحد فيَدْرُرْنَ عليه فيَرْضعُ الولد من واحدة، ويتَخلَّى أَهلُ البيت لأَنفُسِهم واحدةً أَو ثنتين يَحْلُبونها. ابن الأَعرابي: الخَلِيَّة الناقة تُنْتَجُ فيُنْحَرُ ولدها عَمْداً ليَدُوم لهم لَبَنُها فتُسْتَدَرُّ بِجُوارِ غيرِها، فإِذا دَرَّتْ نُحِّيَ الحُوارُ واحْتُلِبَتْ، وربما جمعوا من الخَلايا ثلاثاً وأَربعاَ على حُوارٍ واحدٍ وهو التَّلَسُّن.
وقال ابن شميل: ربما عَطَفُوا ثلاثاً وأَربعاً على فَصيل وبأَيَّتِهِنَّ شاؤُوا تَخَلَّوْا.
وتَخَلَّى خَلِيَّة: اتَّخَذَها لنفْسه؛ ومنه قول خالد بن جعفر بن كلاب يصف فرساً: أَمرْتُ بها الرِّعاءَ ليُكرموها، لها لَبَنُ الخَلِيَّةِ والصَّعُودِ ويروى: أَمْرتُ الراعِيَيْن ليُكْرِماها والخَلِيَّة من الإِبل: المطلَقة من عِقال.
ورُفِعَ إِلى عمر، رضي الله عنه، رجلٌ وقد قالت له امرأَتُه شَبِّهْني فقال: كأَنكِ ظَبْيَةٌ، كأَنكِ حمامةٌ فقالت: لا أَرضَى حتى تقولَ خَليَّة طالِقٌ فقال ذلك، فقال عمر، رضي الله عنه: خُذْ بيدها فإِنها امرأَتُك لمَّا لم تكن نيتُه الطلاقَ، وإِنما غالَطَتْه بلفظ يُشْبِه لفظ الطلاق؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالخلية ههنا الناقة تُخَلَّى من عِقالها، وطَلَقَت من العِقال تَطْلُقُ طَلْقاً فهي طالق، وقيل: أَراد بالخلية الغزيرةَ يؤْخذ ولدها فيُعطَفُ عليه غيرُها وتُخَلَّى للحَيِّ يشربون لبنها، والطالِقُ: الناقة التي لا خِطَام لها، وأَرادت هي مُخادَعَته بهذا القول ليَلْفِظ به فيقَعَ عليها الطلاقُ، فقال له عُمر: خُذْ بيدها فإِنها امرأَتك، ولم يوقع الطلاق لأَنه لم يَنْوِ الطلاقَ، وكان ذلك خِداعاً منها.
وفي حديث أُمّ زَرْع: كنتُ لكِ كأَبي زَرْع لأُم زَرْع في الأُلْفَة والرِّفاء لا في الفُرْقة والخَلاء، يعني أَنه طَلَّقها وأَنا لا أُطَلِّقك.
وقال اللحياني: الخلِيَّةُ كلمة تُطَلَّقُ بها المرأَة يقال لها أَنتِ بَرِيَّة وخَلِيَّة، كنايةً عن الطلاق تَطْلُق بها المرأَة إِذا نوَى طلاقاً، فيقال: قد خَلَت المرأَةُ من زوجها.
وقال ابن بُزُرْج: امرأَة خَلِيَّةٌ ونساءٌ خَلِيَّاتٌ لا أَزواج لهُنَّ ولا أَولادَ، وقال: امرأَةٌ خِلْوةٌ وامرأَتان خِلْوَتان ونساء خِلْواتٌ أَي عَزَبات.
ورجل خَلِيٌّ وخَلِيّانِ وأَخْلِياءُ: لا نساءَ لهم.
وفي حديث ابن عمر: الخَلِيَّة ثلاث، كان الرجل في الجاهلية يقول لزوجته أَنتِ خَلِيَّة فكانت تَطْلُق منه، وهي في الإِسلام من كِنايات الطلاق فإِذا نوى بها الطلاق وقع. أَبو العباس أَحمد بن يحيى: إِنه لَحُلْوُ الخَلا إِذا كان حسَنَ الكلام؛ وأَنشد لكثير: ومُحْتَرِشٍ ضَبَّ العَداوة مِنْهُمُو بحُلْوِ الخَلا حَرْشَ الضِّبابِ الخَوادعِ شمر: المُخالاةُ المبارَزَةُ.
والمُخالاةُ: أَن يَتخلَّوْا من الدُّورِ ويَصيروا إِلى الدُّثُورِ. الليث: خالَيْت فلاناً إِذا صارَعْته، وكذلك المُخالاةُ في كلِّ أَمرٍ؛ وأَنشد: ولا يَدْرِي الشَّقِيُّ بمَنْ يُخالي قال الأَزهري: كأَنه إِذا صارعه خَلا به فلم يَسْتَعِنْ واحد منهما بأَحَدٍ وكل واحد منهما يَخْلُو بصاحبه.
ويقال: عَدُوٌّ مُخالٍ أَي ليس له عَهْد؛ وقال الجعدي: غَيْرُ بِدْعٍ منَ الجِيادِ، ولا يُجْـ ـنَبْنَ إِلاَّ على عَدُوٍّ مُخالي وقال بعضهم: خَالَيْت العَدُوَّ تركت ما بَيْني وبينه من المُواعَدة، وخلا كلُّ واحدٍ منهما من العَهْد.
والخَلِيَّة: السَّفِينة التي تَسير من غير أَن يُسَيِّرَها مَلاَّح، وقيل: هي التي يتبعها زَوْرَق صغير، وقيل: الخَليَّة العظيمة من السُّفُن، والجمع خَلايا، قال الأَزهري: وهو الصحيح؛ قال طرفة: كأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّة، غُدْوَةً، خَلايا سَفِين بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ وقال الأَعشى: يَكُبُّ الخَلِيَّةَ ذاتَ القِلاع، وقَدْ كادَ جُؤْجُؤُها يَنْحَطِمْ وخلا الشيءُ خُلُوّاً: مَضَى.
وقوله تعالى: وإِنْ من أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فيها نَذِيرٌ؛ أَي مضى وأُرْسِل.
والقُرون الخالِية: هُم المَواضي.
ويقال: خَلا قَرْنٌ فَقَرْنٌ أَي مَضى.
وفي حديث جابر: تَزَوَّجْت امرأَةً قَدْ خَلا منها أَي كَبِرَتْ ومَضى مُعْظَم عُمْرِها؛ ومنه الحديث: فلمَّا خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني؛ أَنها كَبِرَت وأَولَدت له.
وتَخَلَّى عن الأَمر ومن الأَمر: تَبَرَّأَ.
وتَخَلَّى: تَفَرَّغ.
وفي حديث مُعاوية القُشَيْرِي: قلت يا رسول الله ما آياتُ الإِسلامِ؟ قال: أَن تقول أَسْلَمْتُ وجْهِي إِلى الله وتَخَلَّيْتُ؛ التَّخَلِّي: التفَرُّغُ. يقال: تَخَلَّى للعبادة، وهو تَفَعُّلٌ من الخُلُوّ، والمراد التَّبَرُّؤُ من الشرْكِ وعقْدُ القَلْبِ على الإِيمان.
وخَلَّى عن الشيء: أَرْسَلَه، وخَلَّى سبيلَه فهو مُخَلّىً عنه، ورأَيته مُخَلِّياً؛ قال الشاعر: ما لي أَراك مُخَلِّياً، أَيْنَ السلاسِلُ والقُيُود؟ أَغَلا الحدِيدُ بأَرْضِكُمْ أَمْ ليسَ يَضْبِطُكَ الحدِيد؟ وخَلَّى فلانٌ مكانَه إِذا مات؛ قال: فإِنْ يكُ عبدُ الله خَلَّى مكانَه، فما كان وقَّافاً ولا مُتَنَطِّقا قال ابن الأَعرابي: خَلا فلانٌ إِذا ماتَ، وخلا إِذا أَكل الطَّيِّبَ، وخلا إِذا تعيَّد، وخلا إِذا تَبَرَّأَ من ذنب قُرِفَ به.
ويقال: لا أَخْلى اللهُ مكانَك، تدعو له بالبَقاء.
وخَلا: كلمة من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها وتنصِبُه، فإِذا قلت ما خَلا زيداً فالنصب لا غير. الليث: يقال ما في الدار أَحد خلا زيداً وزيدٍ، نصْبٌ وجَرّ، فإِذا قلت ما خلا زيداً فانْصِبْ فإِنه قد بُيِّنَ الفِعْلُ. قال الجوهري: تقول جاؤوني خلا زيداً، تنصب بها إِذا جَعَلْتها فعلاً وتضمر فيها الفاعل كأَنك قلت خلا مَنْ جاءني مِنْ زيد؛ قال ابن بري: صوابه خلا بعضُهم زيداً، فإِذا قلت خلا زيد فجررتْ فهو عند بعض النحويين حرف جرّ بمنزلة حاشى، وعند بعضهم مصدر مضاف، وأَما ما خلا فلا يكون بعدها إِلاَّ النصب، تقول جاؤوني ما خلا زيداً لأَن خلا لا تكون بعد ما إِلاَّ صلة لها، وهي معها مصدر، كأَنك قلت جاؤوني خُلُوَّ زيد أَي خُلُوَّهُم من زيد. قال ابن بري: ما المصدرية لا توصل بحرف الجر، فدلّ أَن خلا فعل.
وتقول: ما أَردت مَساءَتَك خَلا أَني وعَظْتك، معناه إِلاَّ أَني وعظتك؛ وأَنشد: خَلا اللهَ لا أَرْجُو سِوَاكَ، وإِنَّما أَعُدُّ عِيالي شُعْبة مِنْ عِيالِكا وفي المثل: أَنا مِنْ هذا الأَمْرِ كَفَالِجِ بْن خَلاوَةَ أَي بَرِيءٌ خَلاءٌ، وهو مذكور في حرف الجيم.
وخَلاوَةُ: اسم رجل مشتقٌّ من ذلك.
وبَنُو خَلاوَةَ: بطن من أَشْجَعَ، وهو خَلاوَةُ بن سُبَيْعِ بنِ بَكْرِ ابنِ أَشْجَعَ؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبيّ: خَلاويَّةٌ إِنْ قُلْتَ جُودي، وجَدْتَها نَوَارَ الصَّبَا قَطَّاعَةً للعَلائِقِ وقال أَبو حنيفة: الخَلْوَتانِ شَفْرَتا النَّصْل، واحدَتُهما خَلْوَة.
وقولهم: افْعَلْ كذا وخَلاكَ ذَمٌّ أَي أَعْذَرْتَ وسَقَطَ عَنْكَ الذَّمُّ؛ قال عبد الله بن رواحة: فَشَأْنَكِ فانْعَمي، وخَلاكِ ذَمٌّ، ولا أَرْجِعْ إِلى أَهْلٍ وَرَائي وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: وخَلاكُمْ ذَمٌّ ما لم تَشْرُدوا، هو من ذلك.
والخَلى: الرَّطْبُ من النَّبات، واحدته خَلاةٌ. الجوهري: الخَلى الرَّطْبُ من الحَشِيشِ. قال ابن بري: يقال الخَلى الرُّطْبُ، بالضم لا غير، فإِذا قلت الرَّطْبُ من الحَشِيش فَتَحْت لأَنك تُرِيدُ ضِدَّ اليابس، وقيل: الخَلاةُ كلّ بَقْلة قَلَعْتها، وقد يُجْمَع الخَلى على أَخْلاءٍ؛ حكاه أَبو حنيفة.
وجاءَ في المثل: عَبْدٌ وخَلىً في يَدَيْهِ أَي مع عبودِيَّته غَنيٌّ. قال يعقوب: ولا تقل وحَلْيٌ في يَدَيْه.
وقال الأَصمعي: الخَلى الرَّطْب من الحشيش، وبه سُمِّيت المُخْلاة، فإذا يَبِس فهو حَشِيش؛ ابن سيده: وقول الأَعشى: وحَوْليَ بَكْرٌ وأَشْياعُهَا، ولَسْتُ خَلاةً لِمَنْ أَوْعَدَنْ أَي لَسْتُ بمنزلة الخَلاةِ يأْخُذُها الآخِذُ كيف شاء بل أَنا في عِزّ ومَنَعة.
وفي حديث مُعْتَمِرٍ: سئل مالك عن عَجين يُعْجَن بِدُرْدِيٍّ فقال: إن كان يُسْكِرُ فَلا، فَحَدَّث الأَصمعي به مُعْتَمِراً فقال: أَو كان كما قال: رأَى في كَفِّ صاحِبِه خَلاةً، فتُعْجِبهُ ويُفْزِعُه الجَرِيرُ الخَلاةُ: الطائفة من الخَلا، وذلك أَن معناه أَن الرجلَ بَنِدُّ بَعيره، فيأْخُذُ بإحْدى يَدَيْه عُشْباً وبالأُخْرى حَبْلاً، فينظُر البعيرُ إلَيْهما فلا يَدْرِي ما يَصْنَع، وذلك أَنه أَعْجَبه فَتْوَى مالِكٍ وخافَ التحريمَ لاختلاف الناسِ في المسكر فتَوقَّف وتمَثَّل بالبيت.
وأَخْلَت الأَرضُ: كَثُرَ خَلاها.
وأَخْلى اللهُ الماشِيَةَ يُخْلِيها إخْلاءً: أَنْبَتَ لها ما تأْكُلُ من الخَلى؛ هذه عن اللحياني.
وخَلى الخَلى خَلْياًً واخْتَلاه فانْخَلى: جَزَّه وقَطَعَه ونَزَعه، وقال اللحياني: نَزَعه.
والمِخْلى: ما خَلاه وجَزَّه به.
والمِخْلاةُ: ما وَضَعه فِيه.
وخَلى في المِخْلاةِ: جَمَع؛ عن اللحياني. الليث: الخَلى هو الحشيش الذي يُحْتَشُّ من بُقول الرَّبِيع، وقد اخْتَلَيْته، وبِه سُمِّيت المِخْلاة، والواحدة خَلاةٌ، وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي فيها.
وخَلَيْت فَرَسي إذا حَشَشْت عليه الحَشيش.
وفي حديث تحريم مَكَّة: لا يُخْتَلىَ خَلاها؛ الخَلَى: النَّبات الرقيق ما دام رَطْباً.
وفي حديث ابن عمر: كان يَخْتَلِي لِفَرسِه أَي يَقْطَع لها الخَلَى.
وفي حديث عمرو بن مُرَّةَ: إذا اخْتُلِيَتْ في الحَرْبِ هامُ الأَكابِرِ أي قُطِعَتْ رُؤُوسُهُم.
وخَلى البَعِيرَ والفَرَس يَخْلِيها خَلْياً: جَزَّ لَه الخَلَى.
والسيفُ يَخْتَلِي أَي يَقْطَع.
والمُخْتَلُون والخالُون: الذين يَخْتَلُون الخَلَى ويقطعونه.
وخَلَى اللِّجامَ عن الفرس يَخْلِيهِ: نَزَعَه.
وخَلَى الفرسَ خلْياً: ألقى في فيه اللِّجامَ؛ قال ابن مقبل في خَلَيْت الفرس: تَمَطَّيْت أَخليهِ اللِّجامَ وبَذَّنِي، وشَخْصي يُسامي شَخْصَه وهو طائِلُهْ (* قوله «وهو طائله» كذا بالأصل والتكملة، والذي بهامش نسخة قديمة من النهاية: ويطاوله).
وخَلَى القِدْرَ خَلْياً: أَلْقَى تَحْتَها حَطَباً.
وخَلاها أَيضاً: طَرحَ فيها اللَّحْمَ. ابن الأَعرابي: أَخْلَيْتُ القِدْرَ إذا أَلْقَيْتَ تَحْتَها حَطَباً.
وخَلَيْتُها إذا طَرَحْتَ فيها اللَّحم، والله أَعلم.

عدل (لسان العرب) [0]


العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر. عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته.
وفي أَسماء الله سبحانه: العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً، وفلان من أَهل المَعْدِلة أَي من أَهل العَدْلِ.
والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ.
وهو حَكَمٌ عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه.
والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه.
وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز . . . أكمل المادة الشهادة.
ورَجُلٌ عَدْلٌ: رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة؛ قال ابن بري ومنه قول كثير: وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاء، ولم يَكُنْ شُهودٌ على لَيْلى عُدُولٌ مَقَانِعُ ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو عَدْلٍ. قال في موضعين: وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم، وقال: يَحْكُم به ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ ويقال: رجل عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ ونِسوةٌ ذوات عَدْلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته مجموعاً أَو مثنى أَو مؤَنثاً فعلى أَنه قد أُجْرِي مُجْرى الوصف الذي ليس بمصدر، وقد حكى ابن جني: امرأَة عَدْلة، أَنَّثوا المصدر لما جرى وصفاً على المؤنث وإِن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة، وإِنما اسْتَهْواه لذلك جَرْيُها وصفاً على المؤنث؛ وقال ابن جني: قولهم رجل عَدْلٌ وامرأَة عَدْل إِنما اجتمعا في الصفة المُذَكَّرة لأَن التذكير إِنما أَتاها من قِبَل المصدرية، فإِذا قيل رجل عَدْلٌ فكأَنه وصف بجميع الجنس مبالغةً كما تقول: استَوْلى على الفَضْل وحاز جميعَ الرِّياسة والنُّبْل ونحو ذلك، فوُصِف بالجنس أَجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً، وجُعِل الإِفراد والتذكير أَمارةً للمصدر المذكور، وكذلك القول في خَصْمٍ ونحوه مما وُصِف به من المصادر، قال: فإِن قلت فإِن لفظ المصدر قد جاء مؤنثاً نحو الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة ونحو ذلك، فإِذا كان نفس المصدر قد جاء مؤَنثاً فما هو في معناه ومحمول بالتأْويل عليه أَحْجى بتأْنيثه، قيل: الأَصل لقُوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أَن الزِّيادة والعيادة والجُهومة والطَّلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاقُ التاء لها لا يُخْرِجها عما ثبت في النفس من مَصدَرِيَّتها، وليس كذلك الصفة لأَنها ليست في الحقيقة مصدراً، وإِنما هي مُتَأَوَّلة عليه ومردودة بالصَّنْعة إِليه، ولو قيل رجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلة وقد جَرَت صفة كما ترى لم يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بها أَنها صفة حقيقية كصَعْبة من صَعْبٍ، ونَدْبة من نَدْبٍ، وفَخْمة من فَخْمٍ، فلم يكن فيها من قُوَّة الدلالة على المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول لقُوَّتها يُتَصَرَّف فيها والفروع لضعفها يُتَوَقَّف بها، ويُقْتَصر على بعض ما تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قيل: فقد قالوا رجل عَدْل وامرأَة عَدْلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وقول أُميَّة: والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا، من بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ قيل: هذا قد خَرَجَ على صورة الصفة لأَنهم لم يُؤْثِروا أَن يَبْعُدوا كلَّ البُعْد عن أَصل الوصف الذي بابه أَن يَقع الفَرْقُ فيه بين مُذَكره ومؤَنَّثه، فجرى هذا في حفظ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لها والتنبيه عليها مَجْرى إِخراج بعض المُعْتَلِّ على أَصله، نحو استَحْوَذَ وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْتُه، وإِن كان قد نُقِل إِلى فَعُلْت لما كان أَصله فَعَلْت؛ وعلى ذلك أَنَّث بعضُهم فقال خَصْمة وضَيْفة، وجَمَع فقال: يا عَيْنُ، هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ قُمْنا، وقامَ الخُصومُ في كَبَد؟ وعليه قول الآخر: إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كان عَذَوَّراً، على الحَيِّ، حتى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه والعَدالة والعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ، كلُّه: العَدْل.
وتعديل الشهود: أَن تقول إِنهم عُدُولٌ.
وعَدَّلَ الحُكْمَ: أَقامه.
وعَدَّلَ الرجلَ: زَكَّاه.
والعَدَلةُ والعُدَلةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي. قال القُرْمُليُّ: سأَلت عن فلان العُدَلة أَي الذين يُعَدِّلونه.
وقال أَبو زيد: يقال رجل عُدَلة وقوم عُدَلة أَيضاً، وهم الذين يُزَكُّون الشهودَ وهم عُدُولٌ، وقد عَدُلَ الرجلُ، بالضم، عَدالةً.
وقوله تعالى: وأَشهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم؛ قال سعيد بن المسيب: ذَوَيْ عَقْل، وقال إِبراهيم: العَدْلُ الذي لم تَظْهَر منه رِيبةٌ.
وكَتَب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَير يسأَله عن العَدْل فأَجابه: إِنَّ العَدْلَ على أَربعة أَنحاء: العَدْل في الحكم، قال الله تعالى: وإِن حَكَمْتَ (* قوله «قال الله تعالى وان حكمت إلخ» هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة بالقسط) فاحْكُمْ بينهم بالعَدْل.
والعَدْلُ في القول، قال الله تعالى: وإِذا قُلْتُم فاعْدِلوا: والعَدْل: الفِدْية، قال الله عز وجل: لا يُقْبَل منها عَدْلٌ.
والعَدْل في الإِشْراك، قال الله عز وجل: ثم الذين كفروا برَبِّهم يَعْدِلون؛ أَي يُشْرِكون.
وأَما قوله تعالى: ولن تَسْتَطِيعوا أَن تَعْدِلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم؛ قال عبيدة السَّلماني والضَّحَّاك: في الحُبِّ والجِماع.
وفلان يَعْدِل فلاناً أَي يُساوِيه.
ويقال: ما يَعْدِلك عندنا شيءٌ أَي ما يقَع عندنا شيءٌ مَوْقِعَك.
وعَدَّلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها.
وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه عَدْلاً وعادَله: وازَنَه.
وعادَلْتُ بين الشيئين، وعَدَلْت فلاناً بفلان إِذا سَوَّيْت بينهما.
وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: العَدْلُ تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً.
والعَدْلُ والعِدْلُ والعَدِيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس بالنَّظِير عَيْنه، وفي التنزيل: أَو عَدْلُ ذلك صِياماً؛ قال مُهَلْهِل:على أَنْ ليْسَ عِدْلاً من كُلَيْبٍ، إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور والعَدْلُ، بالفتح: أَصله مصدر قولك عَدَلْت بهذا عَدْلاً حَسَنًا، تجعله اسماً للمِثْل لِتَفْرُق بينه وبين عِدْل المَتاع، كما قالوا امرأَة رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق.
والعَدِيلُ: الذي يُعادِلك في الوَزْن والقَدر؛ قال ابن بري: لم يشترط الجوهري في العَدِيل أَن يكون إِنساناً مثله، وفَرَق سيبويه بين العَدِيل والعِدْل فقال: العَدِيلُ من عادَلَك من الناس، والعِدْلُ لا يكون إِلاَّ للمتاع خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل الإِنسان لا يكون إِلاَّ إِنساناً مثله، وأَنَّ العِدْل لا يكون إِلاَّ للمتاع، وأَجاز غيرُه أَن يقال عندي عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلُه، بالفتح لا غير، قيمتُه.
وفي حديث قارئ القرآن (* قوله «وفي حديث قارئ القرآن إلخ» صدره كما في هامش النهاية: فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة تكون في الرجل؟ فقال: ليست إلخ.
وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست.
وقوله: قال ابن الاثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر العدل والعدل بالكسر والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح الى آخر ما هنا).
وصاحب الصَّدَقة: فقال ليْسَتْ لهما بعَدْل؛ هو المِثْل؛ قال ابن الأَثير: هو بالفتح، ما عادَله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس؛ وقول الأَعلم: مَتى ما تَلْقَني ومَعي سِلاحِي، تُلاقِ المَوْتَ لَيْس له عَدِيلُ يقول: كأَنَّ عَدِيلَ الموت فَجْأَتُه؛ يريد لا مَنْجَى منه، والجمع أَعْدالٌ وعُدَلاءُ.
وعَدَل الرجلَ في المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب معه.
وفي حديث جابر: إِذا جاءت عَمَّتي بأَبي وخالي مَقْتولَيْنِ عادَلْتُهما على ناضِحٍ أَي شَدَدْتُهما على جَنْبَي البَعير كالعِدْلَيْن.
وعَدِيلُك: المُعادِلُ لك.
والعِدْل: نِصْف الحِمْل يكون على أَحد جنبي البعير، وقال الأَزهري: العِدْل اسم حِمْل مَعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، والجمع أَعْدالٌ وعُدُولٌ؛ عن سيبويه.
وقال الفراء في قوله تعالى: أَو عَدْل ذلك صياماً، قال: العَدْلُ ما عادَلَ الشيءَ من غير جنسه، ومعناه أَي فِداءُ ذلك.
والعِدْلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وذلك أَن تقول عندي عِدْلُ غُلامِك وعِدْلُ شاتك إِذا كانت شاةٌ تَعْدِل شاةً أَو غلامٌ يَعْدِل غلاماً، فإِذا أَردت قيمته من غير جنسه نَصَبْت العَيْن فقلت عَدْل، وربما كَسَرها بعضُ العرب، قال بعض العرب عِدْله، وكأَنَّه منهم غلطٌ لتَقارُب معنى العَدْل من العِدْل، وقد أَجمعوا على أَن واحد الأَعدال عِدْل؛ قال: ونُصِب قوله صياماً على التفسير كأَنَّه عَدْلُ ذلك من الصِّيام، وكذلك قوله: مِلْء الأَرضِ ذَهباً؛ وقال الزجاج: العَدْلُ والعِدْلُ واحد في معنى المِثْل، قال: والمعنى واحد، كان المِثْلُ من الجنس أَو من غير الجنس. قال أَبو إِسحق: ولم يقولوا إِن العرب غَلِطَت وليس إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يقول إِنَّ بعض العرب غَلِط.
وقرأَ ابن عامر: أَو عِدْلُ ذلك صِياماً، بكسر العين، وقرأَها الكسائي وأَهل المدينة بالفتح.
وشَرِبَ حتى عَدَّل أَي صار بطنه كالعِدْل وامْتَلأ؛ قال الأَزهري: وكذلك عَدَّنَ وأَوَّنَ بمعناه.
ووقع المُصْطَرِعانِ عِدْلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً ولم يَصْرَع أَحدُهما الآخر.
والعَدِيلتان: الغِرَارتانِ لأَن كل واحدة منهما تُعادِل صاحبتَها. الأَصمعي: يقال عَدَلْت الجُوالِقَ على البعير أَعْدِله عَدْلاً؛ يُحْمَل على جَنْب البعير ويُعْدَل بآخر. ابن الأَعرابي: العَدَلُ، محرّكٌ، تسوية الأَوْنَيْن وهما العِدْلانِ.
ويقال: عَدَلْت أَمتعةَ البيت إِذا جَعَلْتها أَعدالاً مستوية للاعْتِكام يومَ الظَّعْن.
والعدِيل: الذي يُعادِلُك في المَحْمِل.
والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بين حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقولهم جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بين الطُّول والقِصَر، وماء مُعْتَدِلٌ بين البارد والحارِّ، ويوم مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواء ضدُّ مُعْتَذِل، بالذال المعجمة.
وكلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَل؛ وكلُّ ما أَقَمْته فقد عَدَلْته.
وزعموا أَن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ إِذا مِلْتُ عَدَلُوني كما يُعْدَل السَّهْم في الثِّقافِ، أَي قَوَّمُوني؛ قال: صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْـ ـتُ بالأَرض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا وعَدَّلَه: كعَدَلَه.
وإِذا مالَ شيءٌ قلت عَدَلته أَي أَقمته فاعْتَدَل أَي استقام.
ومن قرأَ قول الله، عز وجل: خَلَقَكَ فَسوّاك فَعَدَلك، بالتخفيف، في أَيِّ صورةٍ ما شاء؛ قال الفراءُ: من خَفَّف فَوجْهُه، والله أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صورة ما شاء: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قبيح، وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وهي قراءة عاصم والأَخفش؛ وقيل أَراد عَدَلك من الكفر إِلى الإِيمان وهي نِعْمة (* قوله «وهي نعمة» كذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وهما نعمتان) ومن قرأَ فعَدَّلك فشَدَّد، قال الأَزهري: وهو أَعجبُ الوجهين إِلى الفراء وأَجودُهما في العربية، فمعناه قَوَّمك وجَعَلَك مُعْتدلاً مُعَدَّل الخَلْق، وهي قراءة نافع وأَهل الحجاز، قال: واخْتَرْت عَدَّلك لأَنَّ المطلوب الإثنتين التركيب أَقوى في العربية من أَن تكون في العَدْل، لأَنك تقول عَدَلْتك إِلى كذا وصَرَفتك إِلى كذا، وهذا أَجودُ في العربية من أَن تقول عَدَلْتك فيه وصَرَفْتك فيه، وقد قال غير الفراء في قراءة من قرأَ فَعَدَلك، بالتخفيف: إِنه بمعنى فَسَوّاك وقَوَّمك، من قولك عَدَلْت الشيء فاعْتَدل أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ ومنه قوله:وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل أَي قَوَّمْناه فاستقام، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ.
وعَدَلْت الشيءَ بالشيء أَعْدِلُه عُدولاً إِذا ساويته به؛ قال شَمِر: وأَما قول الشاعر: أَفَذاكَ أَمْ هِي في النَّجا ءِ، لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟ يعني يُعادِلُ بي ناقته والثَّوْر.
واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ واستقام، وعَدَّلْته أَنا.
ومنه قول أَبي علي الفارسي: لأَن المُرَاعى في الشِّعْر إِنما هو تعديل الأَجزاء.
وعَدَّل القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ بين الشُّركاء إِذا سَوّاها على القِيَم.
وفي الحديث: العِلْم ثلاثة منها فَرِيضةٌ عادِلَةٌ، أَراد العَدْل في القِسْمة أَي مُعَدَّلة على السِّهام المذكورة في الكتاب والسُّنَّة من غير جَوْر، ويحتمل أَن يريد أَنها مُسْتَنْبَطة من الكتاب والسُّنَّة، فتكون هذه الفَريضة تُعْدَل بما أُخِذ عنهما.
وقولهم: لا يُقْبَل له صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، قيل: العَدْل الفِداء؛ ومنه قوله تعالى: وإِنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ لا يؤخَذْ منها؛ أَي تَفْدِ كُلَّ فِداء.
وكان أَبو عبيدة يقول: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لا يُقْبَلْ منها؛ قال الأَزهري: وهذا غلط فاحش وإِقدام من أَبي عبيدة على كتاب الله تعالى، والمعنى فيه لو تَفْتدي بكل فداء لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومئذ.
ومثله قوله تعالى: يَوَدُّ المُجْرِمُ لو يَفْتَدي من عذاب يَوْمئذٍ ببَنِيه (الآية) أَي لا يُقْبَل ذلك منه ولا يُنْجيه.
وقيل: العَدْل الكَيْل، وقيل: العَدْل المِثْل، وأَصله في الدِّية؛ يقال: لم يَقْبَلوا منهم عَدْلاً ولا صَرْفاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلاً واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك، وقيل: العَدْل الجزاء، وقيل الفريضة، وقيل النافلة؛ وقال ابن الأَعرابي: العَدْل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف في موضعه.
وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمْر لم يَقْبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا عَدْلاً أَربعين ليلة؛ قيل: الصَّرْف الحِيلة، والعَدْل الفدْية، وقيل: الصَّرْف الدِّية والعَدْلُ السَّوِيَّة، وقيل: العَدْل الفريضة، والصَّرْف التطَوُّع؛ وروى أَبو عبيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر المدينة فقال: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أَو آوى مُحْدِثاً لم يقبلِ الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً؛ روي عن مكحول أَنه قال: الصَّرْف التَّوبة والعَدْل الفِدْية؛ قال أَبو عبيد: وقوله من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً؛ الحَدَثُ كلُّ حَدٍّ يجب لله على صاحبه أَن يقام عليه، والعَدْل القِيمة؛ يقال: خُذْ عَدْلَه منه كذا وكذا أَي قيمتَه.
ويقال لكل من لم يكن مستقيماً حَدَل، وضِدُّه عَدَل، يقال: هذا قضاءٌ حَدْلٌ غير عَدْلٍ.
وعَدَلَ عن الشيء يَعْدِلُ عَدْلاً وعُدولاً: حاد، وعن الطريق: جار، وعَدَلَ إِليه عُدُولاً: رجع.
وما لَه مَعْدِلٌ ولا مَعْدولٌ أَي مَصْرِفٌ.
وعَدَلَ الطريقُ: مال.ويقال: أَخَذَ الرجلُ في مَعْدِل الحق ومَعْدِل الباطل أَي في طريقه ومَذْهَبه.
ويقال: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله ومذموم مَداخِله أَي إِلى سوء مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وقال زهير: وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ عليَّ، سِوى قَصْدِ الطّريق، مَعادِلُه وفي الحديث: لا تُعْدَل سارِحتُكم أَي لا تُصْرَف ماشيتكم وتُمال عن المَرْعى ولا تُمنَع؛ وقول أَبي خِراش: على أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم، تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل أَراد ذاتَ السَّعة يُعْدَل فيها يميناً وشمالاً من سَعَتها.
والعَدْل: أَن تَعْدِل الشيءَ عن وجهه، تقول: عَدَلْت فلاناً عن طريقه وعَدَلْتُ الدابَّةَ إِلى موضع كذا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قيل: هو يَنْعَدِل أَي يَعْوَجُّ.
وانْعَدَل عنه وعادَلَ: اعْوَجَّ؛ قال ذو الرُّمة: وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ من نَحْوِ غَيْرِها حَياءً، ولو طاوَعْتُه لم يُعادِل (* قوله «واني لانحي» كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي القاموس: وأنحاء عنه: عدله). قال: معناه لم يَنْعَدِلْ، وقيل: معنى قوله لم يُعادِل أَي لم يَعْدِل بنحو أَرضها أَي بقَصْدِها نحواً، قال: ولا يكون يُعادِل بمعنى يَنْعَدِل.والعِدال: أَن يَعْرِض لك أَمْرانِ فلا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ فأَنت تَرَوَّى في ذلك؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد: وذُو الهَمِّ تُعْدِيه صَرِيمةُ أَمْرِه، إِذا لم تُميِّتْه الرُّقى، ويُعَادِلُ يقول: يُعادِل بين الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّتْه: تُذَلِّله المَشورات وقولُ الناس أَين تَذْهَب.
والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ في أَمرين، يقال: أَنا في عِدالٍ من هذا الأَمر أَي في شكٍّ منه: أَأَمضي عليه أَم أَتركه.
وقد عادلْت بين أَمرين أَيَّهما آتي أَي مَيَّلْت؛ وقول ذي الرمة: إِلى ابن العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ، قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة العِدالا قال الأَزهري: العرب تقول قَطَعْتُ العِدالَ في أَمري ومَضَبْت على عَزْمي، وذلك إِذا مَيَّلَ بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثم استقام له الرأْيُ فعَزَم على أَوْلاهما عنده.
وفي حديث المعراج: أُتِيتُ بإِناءَيْن فَعَدَّلْتُ بينهما؛ يقال: هو يُعَدِّل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يريد أَنهما كانا عنده مستويَيْنِ لا يقدر على اختيار أَحدهما ولا يترجح عنده، وهو من قولهم: عَدَل عنه يَعْدِلُ عُدولاً إِذا مال كأَنه يميل من الواحد إِلى الآخر؛ وقال المَرَّار: فلما أَن صَرَمْتُ، وكان أَمْري قَوِيماً لا يَمِيلُ به العُدولُ قال: عَدَلَ عَنِّي يَعْدِلُ عُدُولاً لا يميل به عن طريقه المَيْلُ؛ وقال الآخر: إِذا الهَمُّ أَمْسى وهو داءٌ فأَمْضِه، ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه قال: معناه وأَنتَ تَشُكُّ فيه.
ويقال: فلان يعادِل أَمرَه عِدالاً ويُقَسِّمُه أَي يَميل بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قال ابن الرِّقاع: فإِن يَكُ في مَناسِمها رَجاءٌ، فقد لَقِيَتْ مناسِمُها العِدالا أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ من نَداه سِجالَ الخير؛ إِنَّ له سِجالا والعِدالُ: أَن يقول واحدٌ فيها بقيةٌ، ويقولَ آخرُ ليس فيها بقيةٌ.
وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فلم تُصِب واحدةً من العينين ولم تَمِلْ على واحدٍ من الخدَّين، قاله أَبو عبيدة.
وعَدَلَ الفحلَ عن الضِّراب فانْعَدَلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قال أَبو النجم:وانْعَدلَ الفحلُ ولَمَّا يُعْدَل وعَدَلَ الفحلُ عن الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب.
وعَدَلَ بالله يَعْدِلْ: أَشْرَك.
والعادل: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بربِّه؛ ومنه قول المرأَة للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عادِلٌ؛ قال الأَحمر: عَدَلَ الكافرُ بربِّه عَدْلاً وعُدُولاً إِذا سَوَّى به غيرَه فعبَدَهُ؛ ومنه حديثُ ابن عباس، رضي الله عنه: قالوا ما يُغْني عنا الإِسلامُ وقد عَدَلْنا بالله أَي أَشْرَكْنا به وجَعَلْنا له مِثْلاً؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كَذَبَ العادِلون بك إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.
وقولُهم للشيء إِذا يُئِسَ منه: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ؛ هو العَدْلُ بنُ جَزْء بن سَعْدِ العَشِيرة وكان وَليَ شُرَطَ تُبَّع فكان تُبَّعٌ إِذا أَراد قتل رجل دفَعَه إِليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَي عَدْلٍ، ثم قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه.
وعَدَوْلى: قريةٌ بالبحرين، وقد نَفَى سيبويه فَعَولى فاحتُجَّ عليه بعَدَوْلى فقال الفارسي: أَصلها عَدَوْلاً، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل اسماً للبُقْعة ولم نسمع نحن في أَشعارهم عَدَوْلاً مصروفاً.
والعَدَوْلِيَّةُ في شعر طَرَفَةَ: سُفُنٌ منسوبة إِلى عَدَوْلى؛ فأَما قول نَهْشَل بن حَرِّيّ: فلا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كان دارهُمُ وراءَ عَدَوْلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا فزعم بعضهم أَنه بالهاء ضرورة، وهذا يُؤَنِّس بقول الفارسي، وأَما ابن الأَعرابي فقال: هي موضع وذهب إِلى أَن الهاء فيها وضْعٌ، لا أَنه أَراد عَدَوْلى، ونظيره قولهم قَهَوْباةُ للنَّصْل العريض. قال الأَصمعي: العَدَوْلِيُّ من السُّفُن منسوب إِلى قرية بالبحرين يقال لها عَدَوْلى، قال: والخُلُجُ سُفُنٌ دون العَدَوْلِيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي في قول طَرَفة:عَدَوْلِيَّة أَو من سَفين ابن نَبْتَل (* قوله «نبتل» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛ وتمامه:يجوز بها الملاح طورا ويهتدي). قال: نسبها إِلى ضِخَم وقِدَم، يقول هي قديمة أَو ضَخْمة، وقيل: العَدَوْليَّة نُسبَتْ إِلى موضع كان يسمى عَدَوْلاة وهي بوزن فَعَوْلاة، وذكر عن ابن الكلبي أَنه قال: عَدَوْلى ليسوا من ربيعةَ ولا مُضر ولا ممن يُعْرَفُ من اليمن إِنما هم أُمَّةٌ على حِدَة؛ قال الأَزهري: والقولُ في العَدَوْليَّ ما قاله الأَصمعي.
وشجر عَدَوْلِيٌّ: قديمٌ، واحدته عَدَوْلِيَّة؛ قال أَبو حنيفة: العَدَوْليُّ القديمُ من كل شيء؛ وأَنشد غيره:عليها عَدَوْلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه ويروى: عَدامِيل الهَشيم يعني القديمَ أَيضاً.
وفي خبر أَبي العارم: فآخُذُ في أَرْطًى عَدَوْلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ.
والعَدَوْلِيُّ: المَلاَّح. ابن الأَعرابي: يقال لزوايا البيت المُعَدَّلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات والأَخْصام والثَّفِنات، وروى الأَزهري عن الليث: المُعْتَدِلةُ من النوق الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بعضها ببعض، قال: وروى شَمِر عن مُحارِب قال: المُعْتَدِلة مِن النوق، وجَعَله رُباعيّاً من باب عَندَل، قال الأَزهري: والصواب المعتدلة، بالتاء، وروى شمر عن أَبي عدنانَ الكناني أَنشده: وعَدَلَ الفحلُ، وإِن لم يُعْدَلِ، واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ قال: اعتدالُ ذات السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها من السِّمَن بعدما كان مائلاً؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحرف الذي رواه شمر عن محارب في المُعَنْدِلة غيرُ صحيح، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن الناقة إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها من السَّنام وغيره، ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وهو الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذكره في موضعه، لأَن عَنْدَل رُباعيٌّ خالص.

عشر (لسان العرب) [0]


العَشَرة: أَول العُقود.
والعَشْر: عدد المؤنث، والعَشَرةُ: عدد المذكر. تقول: عَشْرُ نِسْوة وعَشَرةُ رجال، فإِذا جاوَزْتَ العِشْرين استوى المذكر والمؤنث فقلت: عِشْرون رجلاً وعِشْرون امرأَة، وما كان من الثلاثة إِلى العَشَرة فالهاء تلحقه فيما واحدُه مذكر، وتحذف فيما واحدُه مؤنث، فإِذا جاوَزْتَ العَشَرة أَنَّثْت المذكرَ وذكّرت المؤنث، وحذفت الهاء في المذكر في العَشَرة وأَلْحَقْتها في الصَّدْر، فيما بين ثلاثةَ عشَر إِلى تسعة عشَر، وفتحت الشين وجعلت الاسمين اسماً واحداً مبنيّاً على الفتح، فإِذا صِرْت إِلى المؤنث أَلحقت الهاء في العجز وحذفتها من الصدر، وأَسكنت الشين من عَشْرة، وإِن شئت كَسَرْتها، ولا يُنْسَبُ إِلى الاسمين جُعِلا اسماً واحداً، وإِن نسبت . . . أكمل المادة إِلى أَحدهما لم يعلم أَنك تريد الآخر،فإن اضطُرّ إلى ذلك نسبته إلى أَحدهما ثم نسبته إلى الآخر، ومن قال أَرْبَعَ عَشْرة قال: أَرْبَعِيٌّ عَشَرِيٌّ، بفتح الشين، ومِنَ الشاذ في القراءة: فانْفَجَرَت منه اثنتا عَشَرة عَيْناً، بفتح الشين؛ ابن جني: وجهُ ذلك أَن أَلفاظ العدد تُغَيَّر كثيراً في حدّ التركيب، أَلا تراهم قالوا في البَسِيط: إِحْدى عَشْرة، وقالوا: عَشِرة وعَشَرة، ثم قالوا في التركيب: عِشْرون؟ ومن ذلك قولهم ثلاثون فما بعدها من العقود إِلى التسعين، فجمعوا بين لفظ المؤنث والمذكر في التركيب، والواو للتذكير وكذلك أُخْتُها، وسقوط الهاء للتأْنيث، وتقول: إِحْدى عَشِرة امرأَة، بكسر الشين، وإِن شئت سكنت إِلى تسعَ عَشْرة، والكسرُ لأَهل نجد والتسكينُ لأَهل الحجاز. قال الأَزهري: وأَهل اللغة والنحو لا يعرفون فتح الشين في هذا الموضع، وروي عن الأَعمش أَنه قرأَ: وقَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَشَرة، بفتح الشين، قال: وقد قرأَ القُرّاء بفتح الشين وكسرها، وأَهل اللغة لا يعرفونه، وللمذكر أَحَدَ عَشَر لا غير.
وعِشْرون: اسم موضوع لهذا العدد، وليس بجمع العَشَرة لأَنه لا دليل على ذلك، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النون قلت: هذه عِشْرُوك وعِشْرِيَّ، بقلب الواو ياء للتي بعدها فتدغم. قال ابن السكيت: ومن العرب من يُسَكّن العين فيقول: أَحَدَ عْشَر، وكذلك يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ عْشَر إِلا اثني عَشَر فإِن العين لا تسكن لسكون الأَلف والياء قبلها.
وقال الأَخفش: إِنما سكَّنوا العين لمّا طال الاسم وكَثُرت حركاتُه، والعددُ منصوبٌ ما بين أَحَدَ عَشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ في الرفع والنصب والخفض، إِلا اثني عشر فإِن اثني واثنتي يعربان لأَنهما على هِجَاءَيْن، قال: وإِنما نُصِبَ أَحَدَ عَشَرَ وأَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ وعَشَرة، فأُسْقِطَت الواوُ وصُيِّرا جميعاً اسماً واحداً، كما تقول: هو جاري بَيْتَ بَيْتَ وكِفّةَ كِفّةَ، والأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ وكِفَّةٌ لِكِفَّةٍ، فصُيِّرَتا اسماً واحداً.
وتقول: هذا الواحد والثاني والثالث إِلى العاشر في المذكر، وفي المؤنث الواحدة والثانية والثالثة والعاشرة.
وتقول: هو عاشرُ عَشَرة وغَلَّبْتَ المذكر، وتقول: هو ثالثُ ثَلاثةَ عَشَرَ أَي هو أَحدُهم، وفي المؤنث هي ثالثةُ ثَلاثَ عَشْرة لا غير، الرفع في الأَول، وتقول: هو ثالثُ عَشَرَ يا هذا، وهو ثالثَ عَشَرَ بالرفع والنصب، وكذلك إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ، فمن رفع قال: أَردت هو ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ فأَلْقَيت الثلاثة وتركتُ ثالث على إِعرابه، ومَن نَصَب قال: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَشَرَ فلما أَسْقَطْت الثلاثةَ أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ ليعلم أَن ههنا شيئاً محذوفاً، وتقول في المؤنث: هي ثالثةَ عَشْرةَ وهي ثالثةَ عَشْرةَ، وتفسيرُه مثل تفسير المذكر، وتقول: هو الحادي عَشَر وهذا الثاني عَشَر والثالثَ عَشَرَ إِلى العِشْرِين مفتوح كله، وفي المؤنث: هذه الحاديةَ عَشْرةَ والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى العشرين تدخل الهاء فيها جميعاً. قال الكسائي: إِذا أَدْخَلْتَ في العدد الأَلفَ واللامَ فأَدْخِلْهما في العدد كلِّه فتقول: ما فعلت الأَحَدَ العَشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، والبصريون يُدْخِلون الأَلفَ واللام في أَوله فيقولون: ما فعلت الأَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهمٍ.
وقوله تعالى: ولَيالٍ عَشْرٍ؛ أَي عَشْرِ ذي الحِجَّة.
وعَشَرَ القومَ يَعْشِرُهم، بالكسر، عَشْراً: صار عاشرَهم، وكان عاشِرَ عَشَرةٍ.
وعَشَرَ: أَخذَ واحداً من عَشَرة.
وعَشَرَ: زاد واحداً على تسعة.
وعَشَّرْت الشيء تَعْشِيراً: كان تسعة فزدت واحداً حتى تمّ عَشَرة.
وعَشَرْت، بالتخفيف: أَخذت واحداً من عَشَرة فصار تسعة.
والعُشورُ: نقصان، والتَّعْشيرُ زيادة وتمامٌ.
وأَعْشَرَ القومُ: صاروا عَشَرة.
وقوله تعالى: تلك عَشَرَةٌ كاملة؛ قال ابن عرفة: مذهب العرب إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن يُجْمِلُوهما؛ قال النابغة: توهَّمْتُ آياتٍ لها، فَعرَفْتُها لِسِتَّةِ أَعْوامِ، وذا العامُ سابِعُ (* قوله: «توهمت آيات إلخ» تأمل شاهده).
وقال الفرزدق: ثَلاثٌ واثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ، وثالِثةٌ تَميلِ إِلى السِّهَام وقال آخر: فسِرْتُ إِليهمُ عِشرينَ شَهْراً وأَرْبعةً، فذلك حِجّتانِ وإِنما تفعل ذلك لقلة الحِسَاب فيهم.
وثوبٌ عُشارِيٌّ: طوله عَشْرُ أَذرع.
وغلام عُشارِيٌّ: ابن عَشْرِ سنين، والأُنثى بالهاء.
وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ، ممدودان: اليومُ العاشر من المحرم، وقيل: التاسع. قال الأَزهري: ولم يسمع في أَمثلة الأَسماء اسماً على فاعُولاءَ إِلا أَحْرُفٌ قليلة. قال ابن بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ، والسارُوراءُ السَّرَّاءُ، والدَّالُولاء الدَّلال.
وقال ابن الأَعرابي: الخابُوراءُ موضع، وقد أُلْحِقَ به تاسُوعاء.
وروي عن ابن عباس أَنه قال في صوم عاشوراء: لئن سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ؛ قال الأَزهري: ولهذا الحديث عدّةٌ من التأْويلات أَحدُها أَنه كَرِه موافقة اليهود لأَنهم يصومون اليومَ العاشرَ، وروي عن ابن عباس أَنه قال: صُوموا التاسِعَ والعاشِرَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود؛ قال: والوجه الثاني ما قاله المزني يحتمل أَن يكون التاسعُ هو العاشر؛ قال الأَزهري: كأَنه تأَول فيه عِشْر الوِرْدِ أَنها تسعة أَيام، وهو الذي حكاه الليث عن الخليل وليس ببعيد عن الصواب.
والعِشْرون: عَشَرة مضافة إِلى مثلها وُضِعَت على لفظ الجمع وكَسَرُوا أَولها لعلة.
وعَشْرَنْت الشيء: جعلته عِشْرينَ، نادر للفرق الذي بينه وبين عَشَرْت.
والعُشْرُ والعَشِيرُ: جزء من عَشَرة، يطّرد هذان البناءان في جميع الكسور، والجمع أَعْشارٌ وعُشُورٌ، وهو المِعْشار؛ وفي التنزيل: وما بَلَغوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُم؛ أَي ما بلَغ مُشْرِكُو أَهل مكة مِعْشارَ ما أُوتِيَ مَن قَبْلَهم من القُدْرة والقُوّة.
والعَشِيرُ: الجزءُ من أَجْزاء العَشرة، وجمع العَشِير أَعْشِراء مثل نَصِيب وأَنْصِباء، ولا يقولون هذا في شيء سوى العُشْر.
وفي الحديث: تِسعةُ أَعْشِراء الرِّزْق في التجارة وجُزْءٌ منها في السَّابِياء؛ أَراد تسعة أَعْشار الرزق.
والعَشِير والعُشْرُ: واحدٌ مثل الثَّمِين والثُّمْن والسَّدِيس والسُّدْسِ.
والعَشِيرُ في مساحة الأَرَضين: عُشْرُ القَفِيز، والقَفِيز: عُشْر الجَرِيب.
والذي ورد في حديث عبدالله: لو بَلَغَ ابنُ عباس أَسْنانَنا ما عاشَرَه منا رجلٌ، أَي لو كانَ في السن مِثْلَنا ما بَلَغَ أَحدٌ منا عُشْرَ عِلْمِهِ.
وعَشَر القومَ يَعْشُرُهم عُشْراً، بالضم، وعُشُوراً وعَشَّرَهم: أَخذ عُشْرَ أَموالهم؛ وعَشَرَ المالَ نَفْسَه وعَشَّرَه: كذلك، وبه سمي العَشّار؛ ومنه العاشِرُ.
والعَشَّارُ: قابض العُشْرِ؛ ومنه قول عيسى بن عمر لابن هُبَيْرة وهو يُضرَب بين يديه بالسياط: تالله إِن كنت إِلا أُثَيّاباً في أُسَيْفاظ قبضها عَشّاروك.
وفي الحديث: إِن لَقِيتم عاشِراً فاقْتُلُوه؛ أَي إِن وجدتم مَن يأْخذ العُشْر على ما كان يأْخذه أَهل الجاهلية مقيماً على دِينه، فاقتلوه لكُفْرِه أَو لاستحلاله لذلك إِن كان مسلماً وأَخَذَه مستحلاًّ وتاركاً فرض الله، وهو رُبعُ العُشْر، فأَما من يَعْشُرهم على ما فرض الله سبحانه فحَسَنٌ جميل.
وقد عَشَر جماعةٌ من الصحابة للنبي والخلفاء بعده، فيجوز أَن يُسمَّى آخذُ ذلك: عاشراً لإِضافة ما يأْخذه إِلى العُشْرِ كرُبع العُشْرِ ونِصْفِ العُشْرِ، كيف وهو يأْخذ العُشْرَ جميعه، وهو ما سَقَتْه السماء.
وعُشْرُ أَموالِ أَهل الذمة في التجارات، يقال: عَشَرْت مالَه أَعْشُره عُشْراً، فأَنا عاشرٌ، وعَشَّرْته، فأَما مُعَشَّرٌ وعَشَّارٌ إِذا أَخذت عُشْرَه.
وكل ما ورد في الحديث من عقوبة العَشّار محمول على هذا التأْويل.
وفي الحديث: ليس على المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور على اليهود والنصارى؛ العُشُورُ: جَمْع عُشْرٍ، يعني ما كان من أَموالهم للتجارات دون الصدقات، والذي يلزمهم من ذلك، عند الشافعي، ما صُولِحُوا عليه وقتَ العهد، فإِن لم يُصالَحُوا على شيء فلا يلزمهم إِلا الجِزْيةُ.
وقال أَبو حنيفة: إِن أَخَذُوا من المسلمين إِذا دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا منهم إِذا دَخَلُوا بِلادَنا للتجارة.
وفي الحديث: احْمَدُوا الله إِذْ رَفَعَ عنكم العُشورَ؛ يعني ما كانت المُلوكُ تأْخذه منهم.
وفي الحديث: إِن وَفْدَ ثَقِيف اشترطوا أَن لا يُحشَرُوا ولا يُعْشَروا ولا يُجَبُّوا؛ أَي لا يؤخذ عُشْرُ أَموالهم، وقيل: أَرادوا به الصدقةَ الواجبة، وإِنما فَسَّح لهم في تركها لأَنها لم تكن واجبة يومئذ عليهم، إِنما تَجِب بتمام الحَوْل.
وسئل جابرٌ عن اشتراط ثَقِيف: أَن لا صدقة عليهم ولا جهادَ، فقال: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون ويُجاهدون إِذا أَسلموا، وأَما حديث بشير بن الخصاصيّة حين ذَكر له شرائع الإِسلام فقال: أَما اثنان منها فلا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما لي ذَوْدٌ هُنَّ رِسْلُ أَهلي وحَمولتُهم، وأَما الجهاد فأَخافُ إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ نفسِي، فكَفَّ يده وقال: لا صدقةَ ولا جهادَ فبِمَ تدخلُ الجنة؟ فلم يَحْتَمِل لبشير ما احتمل لثقيف؛ ويُشْبِه أَن يكون إِنما لم يَسْمَعْ له لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قيل له، وثَقِيفٌ كانت لا تقبله في الحال وهو واحد وهم جماعة، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم ويُدَرِّجَهم عليه شيئاً فشيئاً.
ومنه الحديث: النساء لا يُعشَرْنَ ولا يُحْشَرْن: أَي لا يؤخذ عُشْرُ أَموالهن، وقيل: لا يؤخذ العُشْرُ من حَلْيِهِنّ وإِلا فلا يُؤخذ عُشْرُ أَموالهن ولا أَموالِ الرجال.
والعِشْرُ: ورد الإِبل اليومَ العاشرَ.
وفي حسابهم: العِشْر التاسع فإِذا جاوزوها بمثلها فظِمْؤُها عِشْران، والإِبل في كل ذلك عَواشِرُ أَي ترد الماء عِشْراً، وكذلك الثوامن والسوابع والخوامس. قال الأَصمعي: إِذا وردت الإِبل كلَّ يوم قيل قد وَرَدَتْ رِفْهاً، فإذا وردت يوماً ويوماً لا، قيل: وردت غِبّاً، فإِذا ارتفعت عن الغِبّ فالظمء الرِّبْعُ، وليس في الورد ثِلْث ثم الخِمْس إِلى العِشْر، فإِذا زادت فليس لها تسمية وِرْد، ولكن يقال: هي ترد عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً إِلى العِشرَين، فيقال حينئذ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، فإِذا جاوزت العِشْرَيْنِ فهي جَوازِئُ؛ وقال الليث: إِذا زادت على العَشَرة قالوا: زِدْنا رِفْهاً بعد عِشْرٍ. قال الليث: قلت للخليل ما معنى العِشْرِين؟ قال: جماعة عِشْر، قلت: فالعِشْرُ كم يكون؟ قال: تِسعةُ أَيام، قلت: فعِشْرون ليس بتمام إِنما هو عِشْران ويومان، قال: لما كان من العِشْر الثالث يومان جمعته بالعِشْرين، قلت: وإِن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال: نعم، أَلا ترى قول أَبي حنيفة: إِذا طَلَّقها تطليقتين وعُشْرَ تطليقة فإِنه يجعلها ثلاثاً وإِنما من الطلقة الثالثة فيه جزء، فالعِشْرون هذا قياسه، قلت: لا يُشْبِهُ العِشْرُ (* قوله: قلت لا يشبه العشر إلخ» نقل شارح القاموس عن شيخه أن الصحيح ان القياس لا يدخل اللغة وما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد البيان والايضاح لا للقياس حتى يرد ما فهمه الليث). التطليقةَ لأَن بعض التطليقة تامة تطليقة، ولا يكون بعض العِشْرِ عِشْراً كاملاً، أَلا ترى أَنه لو قال لامرأَته أَنت طالق نصف تطليقة أَو جزءاً من مائة تطليقة كانت تطليقة تامة، ولا يكون نصف العِشْر وثُلُث العِشْرِ عِشْراً كاملاً؟ قال الجوهري: والعِشْرُ ما بين الوِرْدَين، وهي ثمانية أَيام لأَنها تَرِدُ اليوم العاشر، وكذلك الأَظْماء، كلها بالكسر، وليس لها بعد العِشْر اسم إِلا في العِشْرَِينِ، فإِذا وردت يوم العِشْرَِين قيل: ظِمْؤُها عِشْرانِ، وهو ثمانية عَشَر يوماً، فإِذا جاوزت العِشْرِينِ فليس لها تسمية، وهي جَوازِئُ.
وأَعْشَرَ الرجلُ إِذا وَرَدت إِبلُه عِشْراً، وهذه إِبل عَواشِرُ.
ويقال: أَعْشَرْنا مذ لم نَلْتقَ أَي أَتى علينا عَشْرُ ليال.
وعَواشِرُ القرآن: الآيُ التي يتم بها العَشْرُ.
والعاشِرةُ: حَلْقةُ التَّعْشِير من عَواشِر المصحف، وهي لفظة مولَّدة.
وعُشَار، بالضم: معدول من عَشَرة.
وجاء القوم عُشارَ عُشارَ ومَعْشَرَ مَعْشَرَ وعُشار ومَعْشَر أَي عَشَرة عَشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ وثُناءَ ثُناءَ ومَثْنى مَثْنى؛ قال أَبو عبيد: ولم يُسْمع أَكثرُ من أُحاد وثُناء وثُلاث ورُباع إِلا في قول الكميت: ولم يَسْتَرِيثوك حتى رَمَيْـ ـت، فوق الرجال، خِصَالاً عُشَارا قال ابن السكيت: ذهب القوم عُشَارَياتٍ وعُسَارَياتٍ إِذا ذهبوا أَيادِيَ سَبَا متفرقين في كل وجه.
وواحد العُشاريَات: عُشارَى مثل حُبارَى وحُبَارَيات.
والعُشَارة: القطعةُ من كل شيء، قوم عُشَارة وعُشَارات؛ قال حاتم طيء يذكر طيئاً وتفرُّقَهم: فصارُوا عُشَاراتٍ بكلّ مكانِ وعَشَّر الحمار: تابَعَ النهيق عَشْرَ نَهَقاتٍ ووالى بين عَشْرِ تَرْجِيعات في نَهِيقه، فهو مُعَشَّرٌ، ونَهِيقُه يقال له التَّعْشِير؛ يقال: عَشَّرَ يُعَشِّرُ تَعْشِيراً؛ قال عروة بن الورد: وإِنِّي وإِن عَشَّرْتُ من خَشْيةِ الرَّدَى نُهاقَ حِمارٍ، إِنني لجَزُوعُ ومعناه: إِنهم يزعمون أَن الرجل إِذا وَرَدَ أَرضَ وَباءٍ وضَعَ يدَه خلف أُذنهِ فنَهَق عَشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار ثم دخلها أَمِنَ من الوَباء؛ وأَنشد بعضهم: في أَرض مالِكٍ، مكان قوله: من خشية الرَّدَى، وأَنشد: نُهاق الحمار، مكان نُهاق حمار.
وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَشْرَ نَعَبَاتٍ.
وقد عَشَّرَ الحِمارُ: نهق، وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعَقَ، من غير أَن يُشْتَقّا من العَشَرة.
وحكى اللحياني: اللهمَّ عشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ لكل خُطْوة عَشْرَ حسنات.
والعَشِيرُ: صوت الضَّبُع؛ غير مشتق أَيضاً؛ قال: جاءَتْ به أُصُلاً إِلى أَوْلادِها، تَمْشي به معها لهمْ تَعْشِيرُ وناقة عُشَراء: مصى لحملها عَشَرةُ أَشهر، وقيل ثمانية، والأَولُ أَولى لمكان لفظه، فإِذا وضعت لتمام سنة فهي عُشَراء أَيضاً على ذلك كالرائبِ من اللبن (* قوله: «كالرائب من اللبن» في شرح القاموس في مادة راب ما نصه: قال أَبو عبيد إِذا خثر اللبن، فهو الرائب ولا يزال ذلك اسمه حتى ينزع زبده، واسمه على حاله بمنزلة العشراء من الإِبل وهي الحامل ثم تضع وهي اسمها).
وقيل: إِذا وَضَعت فهي عائدٌ وجمعها عَوْدٌ؛ قال الأَزهري: والعرب يسمونها عِشَاراً بعدما تضع ما في بطونها للزوم الاسم بعد الوضع كما يسمونها لِقَاحاً، وقيل العَشَراء من الإِبل كالنّفساء من النساء، ويقال: ناقتان عُشَراوانِ.
وفي الحديث: قال صَعْصعة بن ناجية: اشْتَرَيْت مَؤُودةً بناقَتَينِ عُشَرَاوَيْنِ؛ قال ابن الأَثير: قد اتُّشِعَ في هذا حتى قيل لكل حامل عُشَراء وأَكثر ما يطلق على الخيل والإِبل، والجمع عُشَراواتٌ، يُبْدِلون من همزة التأْنيث واواً، وعِشَارٌ كَسَّرُوه على ذلك، كما قالوا: رُبَعة ورُبَعاتٌ ورِباعٌ، أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كما أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى فُعْلَة، شبهوها بها لأَن البناء واحد ولأَن آخره علامة التأْنيث؛ وقال ثعلب: العِشَارُ من الإِبل التي قد أَتى عليها عشرة أَشهر؛ وبه فسر قوله تعالى: وإِذا العِشَارُ عُطِّلَت؛ قال الفراء: لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها لاشتغالهم بأَنْفُسِهم ولا يُعَطِّلُها قومُها إِلا في حال القيامة، وقيل: العِشارُ اسم يقع على النوق حتى يُتْتج بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال الفرزدق: كَمْ عَمَّة لك يا جَرِيرُ وخالة فَدْعاء، قد حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَارِي قال بعضهم: وليس للعِشَارِ لبن إِنما سماها عِشاراً لأَنها حديثة العهد بالنِّتاج وقد وضعت أَولادها.
وأَحْسَن ما تكون الإِبل وأَنْفَسُها عند أَهلها إِذا كانت عِشَاراً.
وعَشَّرَت الناقةُ تَعْشِيراً وأَعْشَرَت: صارت عُشَراء، وأَعْشَرت أَيضاً: أَتى عليها عَشَرَةُ أَشهر من نتاجها.
وامرأَة مُعْشِرٌ: مُتِمٌّ، على الاستعارة.
وناقة مِعْشارٌ: يَغْزُر لبنُها ليالي تُنْتَج.
ونَعتَ أَعرابي ناقةً فقال: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ ما تقدم، ومِشكارٌ تَغْزُر في أَول نبت الربيع، ومِغْبارٌ لَبِنةٌ بعدما تَغْزُرُ اللواتي يُنْتَجْن معها؛ وأَما قول لبيد يذكر مَرْتَعاً: هَمَلٌ عَشائِرُه على أَوْلادِها، مِن راشح مُتَقَوّب وفَطِيم فإِنه أَراد بالعَشائِر هنا الظباءَ الحدِيثات العهد بالنتاج؛ قال الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هنا في هذا المعنى جمع عِشَار، وعَشائرُ هو جمع الجمع، كما يقال جِمال وجَمائِل وحِبَال وحَبائِل.
والمُعَشِّرُ: الذي صارت إِبلُه عِشَاراً؛ قال مَقّاس ابن عمرو: ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنَّبٌ، إِذا ما تلاقَيْنا براعٍ مُعَشِّر والعُشْرُ: النُّوقُ التي تُنْزِل الدِّرَّة القليلة من غير أَن تجتمع؛ قال الشاعر: حَلُوبٌ لعُشْرِ الشُّولِ في لَيْلةِ الصَّبا، سَريعٌ إِلى الأَضْيافِ قبل التأَمُّلِ وأَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء.
والعِشْرُ: قطعة تنكَسِرُ من القَدَح أَو البُرْمة كأَنها قطعة من عَشْر قطع، والجمع أَعْشارٌ.
وقَدَحٌ أَعْشارٌ وقِدْرٌ أَعْشَارٌ وقُدورٌ أَعاشِيرُ: مكسَّرَة على عَشْرِ قطع؛ قال امرؤ القيس في عشيقته: وما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي بِسَهْمَيكِ في أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّلِ أَراد أَن قلبه كُسِّرَ ثم شُعِّبَ كما تُشَعَّبُ القِدْرُ؛ قال الأَزهري: وفيه قول آخر وهو أَعجب إِليّ من هذا القول، قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: أَراد بقوله بسَهْمَيْكِ ههنا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، وهما المُعَلَّى والرَّقيب، فللمُعَلَّى سبعة أَنْصِباء وللرقيب ثلاثة، فإِذا فاز الرجل بهما غلَب على جَزورِ المَيْسرِ كلها ولم يَطْمَعْ غيرُه في شيء منها، وهي تُقْسَم على عَشَرة أَجزاء، فالمعنى أَنها ضَربت بسهامها على قلبه فخرج لها السهام فغَلبته على قَلْبه كلِّه وفَتَنته فَمَلَكَتْه؛ ويقال: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها، وجعل أَبو الهيثم اسم السهم الذي له ثلاثة أَنْصِباء الضَّرِيبَ، وهو الذي سماه ثعلب الرَّقِيب؛ وقال اللحياني: بعض العرب يُسمّيه الضَّرِيبَ وبعضهم يسمّيه الرقيب، قال: وهذا التفسير في هذا البيت هو الصحيح.
ومُقَتَّل: مُذَلَّل.
وقَلْبٌ أَعْشارٌ: جاء على بناء الجمع كما قالوا رُمْح أَقْصادٌ.
وعَشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه.
وعَشَّرْت القَدَحَ تَعْشِيراً إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ وقيل: قِدْرٌ أَعشارٌ عظيمة كأَنها لا يحملها إِلا عَشْرٌ أَو عَشَرةٌ، وقيل: قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فلم يشتق من شيء؛ قال اللحياني: قِدر أَعشارٌ من الواحد الذي فُرِّقَ ثم جُمِع كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُشْراً.
والعواشِرُ: قوادمُ ريش الطائر، وكذلك الأَعْشار؛ قال الأَعشى: وإِذا ما طغا بها الجَرْيُ، فالعِقْـ ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشارِ وقال ابن بري إِن البيت: إِن تكن كالعُقَابِ في الجَوّ، فالعِقْـ ـبانُ تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشار والعِشْرَةُ: المخالطة؛ عاشَرْتُه مُعَاشَرَةً، واعْتَشَرُوا وتَعاشَرُوا: تخالطوا؛ قال طَرَفة: ولَئِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا مَرَّةَ، لَعَلَى عَهْد حَبيب مُعْتَشِرْ جعل الحَبيب جمعاً كالخَلِيط والفَرِيق.
وعَشِيرَة الرجل: بنو أَبيه الأَدْنَونَ، وقيل: هم القبيلة، والجمع عَشَائر. قال أَبو علي: قال أَبو الحسن: ولم يُجْمَع جمع السلامة. قال ابن شميل: العَشِيرَةُ العامّة مثل بني تميم وبني عمرو بن تميم، والعَشِيرُ القبيلة، والعَشِيرُ المُعَاشِرُ، والعَشِيرُ: القريب والصديق، والجمع عُشَراء، وعَشِيرُ المرأَة: زوجُها لأَنه يُعاشِرها وتُعاشِرُه كالصديق والمُصَادِق؛ قال ساعدة بن جؤية: رأَتْه على يَأْسٍ، وقد شابَ رَأْسُها، وحِينَ تَصَدَّى لِلْهوَانِ عَشِيرُها أَراد لإِهانَتِها وهي عَشِيرته.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُنّ أَكْثَرُ أَهل النار، فقيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأَنَّكُنّ تُكْثِرْن اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ؛ العَشِيرُ: الزوج.
وقوله تعالى: لَبِئْسَ المَوْلى ولَبئْسَ العَشِير؛ أَي لبئس المُعاشِر.
ومَعْشَرُ الرجل: أَهله.
والمَعْشَرُ: الجماعة، متخالطين كانوا أَو غير ذلك؛ قال ذو الإِصبع العَدْوانيّ: وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زيْدٌ على مِائَةٍ، فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فكِيدُوني والمَعْشَر والنَّفَر والقَوْم والرَّهْط معناهم: الجمع، لا واحد لهم من لفظهم، للرجال دون النساء. قال: والعَشِيرة أَيضاً الرجال والعالَم أَيضاً للرجال دون النساء.
وقال الليث: المَعْشَرُ كل جماعة أَمرُهم واحد نحو مَعْشر المسلمين ومَعْشَر المشركين.
والمَعاشِرُ: جماعاتُ الناس.
والمَعْشَرُ: الجن والإِنس.
وفي التنزيل: يا مَعْشَرَ الجنَّ والإِنس.
والعُشَرُ: شجر له صمغ وفيه حُرّاقٌ مثل القطن يُقْتَدَح به. قال أَبو حنيفة: العُشر من العِضاه وهو من كبار الشجر، وله صمغ حُلْوٌ، وهو عريض الورق ينبت صُعُداً في السماء، وله سُكّر يخرج من شُعَبِه ومواضع زَهْرِه، يقال له سُكّرُ العُشَر، وفي سُكّرِه شيءٌ من مرارة، ويخرج له نُفّاخٌ كأَنها شَقاشِقُ الجمال التي تَهْدِرُ فيها، وله نَوْرٌ مثل نور الدِّفْلى مُشْربٌ مُشرق حسن المنظَر وله ثمر.
وفي حديث مَرْحب: اين محمد بن سلمة بارَزَه فدخلت بينهما شجرةٌ من شجر العُشر.
وفي حديث ابن عمير: وقُرْصٌ بُرِّيٌّ بلبنٍ عُشَريّ أَي لَبَن إِبلٍ ترعى العُشَرَ، وهو هذا الشجر؛ قال ذو الرمة يصف الظليم: كأَنّ رِجْلَيه، مما كان من عُشَر، صَقْبانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ الواحدة عُشَرة ولا يكسر، إِلا أَن يجمع بالتاء لقلة فُعَلة في الأَسماء.ورجل أَعْشَر أَي أَحْمَقُ؛ قال الأَزهري: لم يَرْوِه لي ثقةٌ أَعتمده.ويقال لثلاث من ليالي الشهر: عُشَر، وهي بعد التُّسَع، وكان أَبو عبيدة يُبْطِل التُّسَعَ والعُشَرَ إِلا أَشياء منه معروفة؛ حكى ذلك عنه أَبو عبيد.
والطائفيّون يقولون: من أَلوان البقر الأَهليّ أَحمرُ وأَصفرُ وأَغْبَرُ وأَسْودُ وأَصْدأُ وأَبْرَقُ وأَمْشَرُ وأَبْيَضُ وأَعْرَمُ وأَحْقَبُ وأَصْبَغُ وأَكْلَفُ وعُشَر وعِرْسِيّ وذو الشرر والأَعْصم والأَوْشَح؛ فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ والعنقِ والظهرِ وسائرُ جسده أَحمر، والعُشَرُ: المُرَقَّع بالبياض والحمرةِ، والعِرْسِيّ: الأَخضر، وأَما ذو الشرر فالذي على لون واحد، في صدرِهِ وعنُقِه لُمَعٌ على غير لونه.
وسَعْدُ العَشِيرة: أَبو قبيلة من اليمن، وهو سعد بن مَذْحِجٍ.
وبنو العُشَراء: قوم من العرب.
وبنو عُشَراء: قوم من بني فَزارةَ.
وذو العُشَيْرة: موضع بالصَّمّان معروف ينسب إِلى عُشَرةٍ نابتة فيه؛ قال عنترة: صَعْل يَعُودُ بذي العُشَيْرة بَيْضَه، كالعَبْدِ ذي الفَرْوِ الطويل الأَصْلَمِ شبَّهه بالأَصْلم، وهو المقطوع الأُذن، لأَن الظليم لا أُذُنَين له؛ وفي الحديث ذكر غزوة العُشَيرة.
ويقال: العُشَيْر وذاتُ العُشَيرة، وهو موضع من بطن يَنْبُع.
وعِشَار وعَشُوراء: موضع.
وتِعْشار: موضع بالدَّهناء، وقيل: هو ماء؛ قال النابغة: غَلَبُوا على خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ وقال الشاعر: لنا إِبلٌ لم تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها بتِعْشارَ مَرْعاها قَسَا فصَرائمُهْ

جمن (لسان العرب) [0]


الجُمانُ: هَنَواتٌ تُتَّخَذُ على أَشكال اللؤلؤ من فضَّة، فارسي معرب، واحدته جُمانة؛ وتوهَّمَه لبيدٌ لُؤلُؤَ الصدفِ البَحْرِيِّ فقال يصف بقرة: وتُضِيء في وَجْهِ الظَّلامِ، مُنِيرةً، كجُمانةِ البَحْريِّ سُلَّ نِظامُها. الجوهري: الجُمانةُ حبّة تُعْمَل من الفِضّة كالدُّرّة؛ قال ابن سيده: وبه سميت المرأَة، وربما سميت الدُّرّة جُمانةً.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: يَتَحَدَّرُ منه العَرَقُ مِثْل الجُمان، قال: هو اللؤلؤُ الصِّغارُ، وقيل: حَبٌّ يُتَّخذ من الفضة أَمثال اللؤلؤ.
وفي حديث المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: إذا رفَع رأْسَه تحدَّر منه جُمانُ اللؤلؤ.
والجُمانُ: سَفيفةٌ من أَدَمٍ يُنْسَج فيها الخَرَزُ من كل لون تَتَوَشَّحُ به المرأَة؛ قال ذو الرمة: أَسِيلة مُسْتَنِّ . . . أكمل المادة الدُّموعِ، وما جَرَى عليه الجُمانُ الجائلُ المُتَوَشَّحُ.
وقيل: الجُمانُ خَرز يُبَيَّضُ بماء الفضة.
وجُمانٌ: اسمُ جملِ العجّاج؛ قال: أَمْسَى جُمانٌ كالرَّهينِ مُضْرعا والجُمُن: اسم جبل؛ قال تميم بن مُقْبِل: فقلت للقوم قد زالَتْ حَمائلُهم فَرْجَ الحَزِيزِ من القَرْعاءِ فالجُمُن (* قوله «من القرعا» كذا في النسخ، والذي في معجم ياقوت: إلى القرعاء). جنن: جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره.
وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك.
وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ، بالضم، جُنوناً وأَجَنَّه: سَتَره؛ قال ابن بري: شاهدُ جَنَّه قول الهذلي: وماء ورَدْتُ على جِفْنِه، وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ وفي الحديث: جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره، وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم واخْتِفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه.
وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه: شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه، وقيل: اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ؛ قال الهذلي: حتى يَجيء، وجِنُّ الليل يُوغِلُه، والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ.
ويروى: وجُنْحُ الليل؛ وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان (* قوله «دنيان») كذا في النسخ.
وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة: ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا، بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى، عياضَ بنَ ناشب. فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه، ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب.
ويروى: ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته.
وعياضُ بن جَبَل: من بني ثعلبة بن سعد.
وقال المبرد: عياض بن ناشب فزاري، ويروى: أَدرَك رَكْضُنا؛ قال ابن بري: ومثله لسَلامة بن جندل: ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ إلى جَعْفَرٍ، سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ.
وحكي عن ثعلب: الجَنانُ الليلُ. الزجاج في قوله عز وجل: فلما جَنَّ عليه الليلُ رأَى كَوْكباً؛ يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته.
ويقال لكل ما سَتر: جنَّ وأَجنَّ.
ويقال: جنَّه الليلُ، والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل: قال ذلك أَبو اسحق.
واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء.
وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً وأَجَنَّه: ستَره؛ قال وقول الأَعشى: ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها لها من تِسْعةٍ، إلاّع جَنينا. فسره ابن دريد فقال: يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا.
والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت.
والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ لذلك.
وأَجَنَّه: كفَّنَه؛ قال: ما إنْ أُبالي، إذا ما مُتُّ،ما فعَلوا: أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني؟ أَبو عبيدة: جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه، وقد أَجنَّه إذا قبَره؛ قال الأََعشى: وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه، كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ.
والجَنينُ: المقبورُ.
وقال ابن بري: والجَنَنُ الميت؛ قال كُثَيّر: ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ قال ابن بري: الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ.
وفي الحديث: وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِجْنانَه عليٌّ والعباسُ، أَي دَفْنه وسَتْرَه.
ويقال للقبر الجَنَنُ، ويجمع على أَجْنانٍ؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه: جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ.
والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر، وقيل: لِوَعْيه الأَشْياء وجَمْعِه لها، وقيل: الجَنانُ رُوعُ القلب، وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ، وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه.
وقال ابن دريد: سمّيت الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح، والجمع أَجْنانٌ؛ عن ابن جني.
ويقال: ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ.
وأَجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ: استَتَر. قال شمر: وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه؛ وأَنشد لِعَدِيّ: كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي. الهادي ههنا: القَدَرُ. قال ابن الأَعرابي: جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن العين فلم تَرَه، يقول: المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها؛ قال الأَزهري: الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها، ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه؛ وأَنشد: ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ (* قوله «ولا جن إلخ» صدره كما في تكملة الصاغاني: تحدثني عيناك ما القلب كاتم).
ويروى: ولا جَنَّ، معناهما ولا سَتْر.
والهادي: المتقدّم، أَراد أَن القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة؛ وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ: فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي، ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا. فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ، وبالمِبْرَدِ اللسانَ.
والجَنينُ: الولدُ ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه، وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ، بإظهار التضعيف، وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه الحاملُ؛ وقول الفرزذق: إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها، أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم. عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة، ويروى: إذا غاب نَصْرانيه في جنيفها، يعني بالنَّصْرانيّ، ذكَر الفاعل لها من النصارى، وبجَنِيفِها: حِرَها، وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها، وهي جَنيفة، وقد أَجَنَّت المرأَة ولداً؛ وقوله أَنشد ابن الأَعرابي: وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ. يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ، يقول: وردَت هذه الإبلُ الماءَ فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه. يقال: جهَرَ البئرَ نزحَها.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ.
والمِجَنُّ: التُّرْسُ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني قد حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً، وسنذكره، والجمع المَجانُّ، بالفتح.
وفي حديث السرقة: القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ، هو التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره، والميم زائدة: وفي حديث علي، كرَّم الله وجهَه: كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك. ابن سيده: وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط الحياءَ وفعَل ما شاءَ.
وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة: ملَك أَمرَه واستبدَّ به؛ قال الفرزدق: كيف تراني قالِباً مِجَنِّي؟ أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ.
وفي حديث أَشراطِ الساعةِ: وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة، يعني التُّرْكَ.
والجُنَّةُ، بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.
والجُنَّةُ: السُّتْرة، والجمع الجُنَنُ. يقال: اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي اسْتَتَر بسُتْرة، وقيل: كلُّ مستورٍ جَنِينٌ، حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ، والضِّغْنُ أَسْوَدُ، أَو في وجْهِه كَلَفُ يُزَمِّلون: يَسْتُرون ويُخْفُون، والجَنينُ: المَسْتُورُ في نفوسهم، يقول: فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ، وقوله الضِّغْنُ أَسْوَدُ، يقول: هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم.
ويقال: ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ يُواريني، وفي الصحاح: ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ يُوارِيني.
والاجْتِنان؛ الاسْتِتار.
والمَجَنَّة: الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه. شمر: الجَنانُ الأَمر الخفي؛ وأَنشد: اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا. أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً.
وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري أَي أَكْنَنْتُه.
وفي الحديث: تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره.
والجُّنَّةُ: الدِّرْعُ، وكل ما وَقاك جُنَّةٌ.
والجُنَّةُ: خِرْقةٌ تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه، وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر، وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي البُرْقُع.
وفي الحديث: الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات.
والجُنَّةُ: الوِقايةُ.
وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ.
وفي حديث الصدقة: كمِثْل رجُلين عليهما جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ، ويروى بالباء الموحدة، تَثْنِية جُبَّةِ اللباس.
وجِنُّ الناس وجَنانُهم: مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم؛ قال ابن أَحمر: جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا.
وروي: وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا. قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ: وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا. قال: جنانه عينه وما واراه.
والجِنُّ: ولدُ الجانّ. ابن سيده: الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة.
وفي التنزيل العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار.
والجِنِّيُّ: منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ.
والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى: من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى: قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس. الجوهري: الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى. جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد ابن بري: رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً، على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُها، فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟ فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها وقال مُدرك بن حُصين: كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنها حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها.
وقوله: ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هل بَدا لكِ أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟ إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر: ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً، ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ. أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ. الليث: الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً.
وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد: من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل.
والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال مُلَيح الهُذَليّ: فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً، من البَيْن، أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ.
وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ: أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ.
وأَجَنَّه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ، فبُني المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا، وقالوا: ما أَجنَّه؛ قال سيبويه: وقع التعجبُ منه بما أَفْعَلَه، وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا بِخِلْقة فيه، وإنما هو من نقْصان العقل.
وقال ثعلب: جُنَّ الرجلُ وما أَجنَّه، فجاء بالتعجب من صيغة فِعل المفعول، وإنما التعجب من صيغة فِعْل الفاعل؛ قال ابن سيده: وهذا ونحوُه شاذٌّ. قال الجوهري: وقولهم في المَجْنون ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه، لأَنه لا يقال في المضروب ما أَضْرَبَه، ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه.
والجُنُنُ، بالضم: الجُنونُ، محذوفٌ منه الواوُ؛ قال يصف الناقة: مِثْل النَّعامةِ كانت، وهي سائمةٌ، أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه، والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ. فقيل، إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ، اصْطُلِمَتْ إلى الصَّماخِ، فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ.
والمَجَنَّةُ: الجُنُونُ.
والمَجَنَّةُ: الجِنُّ.
وأَرضُ مَجَنَّةٌ: كثيرةُ الجِنِّ؛ وقوله: على ما أَنَّها هَزِئت وقالت هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب. أَجَنَّ: وقع في مَجَنَّة، وقوله هَنُون، أَراد يا هنون، وقوله مَنْشاذا قريب، أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به، وما زائدة أَي على أَنها هَزِئَت. ابن الأَعرابي: باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس به؛ قال الأَخطل في معناه: وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة.
والجانُّ: أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه.
والجانُّ: الجنُّ، وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر.
وفي التنزيل العزيز: لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ.
وقرأَ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يُسْأَل عن ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ، بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً، قال: وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي: ولا الضَّأَلِّين، وعلى ما حكاه أَبو زيد عن أَبي الإصبغ وغيره: شأَبَّة ومأَدَّة؛ وقول الراجز: خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا (* قوله «خاطمها إلخ» ذكر في الصحاح: يا عجباً وقد رأيت عجبا * حمار قبان يسوق أرنبا خاطمها زأَمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا).
وقوله: وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر: وأَنتَ، ابنَ لَيْلَى، خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً، إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ.
وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ: قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني. إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً؛ وقال ابن جني: بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً.
وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ؛ روي أَن خَلْقاً يقال لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها. أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ، قال الشاعر: فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها مَشارِبها داثِرات أُجُنْ.
وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً: يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا، أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا.
وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإنس أَو من الجنِّ.
والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ.
وفي الحديث: أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ.
وفي حديث ماعزٍ: أَنه، صلى الله عليه وسلم: سأَل أَهلَه عنه فقال: أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ.
وفي حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا: فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.
وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه.
وفي حديث فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ، وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون.
ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر: هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه، لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ.
والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً: أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا، وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا.
وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً.
وفي حديث زمزم: أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ، عليهم السلام، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر سليمان، عليه السلام: وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً، قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ.
وقد قيل في قوله عز وجل: إلا إبليس كان من الجنِّ؛ إنه عَنى الملائكة، قال أَبو إسحق: في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع الملائكة، قال: وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة، وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال: كان من الجنّ؛ وقيل أَيضاً: إن إبليس من الجنّ بمنزلة آدمَ من الإنس، وقد قيل: إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا خُزَّانَ الأَرض، وقيل: خُزّان الجنان، فإن قال قائل: كيف استَثْنَى مع ذكْر الملائكة فقال: فسجدوا إلا إبليس، كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول؟ فالجواب في هذا: أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد، والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي، وكذلك قوله تعالى: فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين، فرب العالمين ليس من الأَول، لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا؛ قال: ويَصْلُحُ الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ، ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب.
ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ؛ قال الهذلي: ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي: أَجِنِي، كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ، أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر. فقيل: أَراد بجِدِّي، وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم، وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ، فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه.
وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له: أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ، والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل، كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك، بمعنى مِن أَجْلِك، قال: وقولها أَجَنَّك، حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل: لكنَّا هو الله ربِّي؛ يقال: إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف، والتقى نُونانِ فجاء التشديد، كما قال الشاعر أَنشده الكسائي: لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها أَراد لله إنَّك، فحذف إحدى اللامَينِ من لله، وحذَفَ الأَلف من إنَّك، كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ؛ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد: أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم، فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار. الأَزهري قال: ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي، أَراد من أجّل؛ ويروى: فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار. أَراد بالصلْب الحَسَبَ، وبالإزارِ العِفَّةَ، وقيل: في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً، ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم؛ قال الشاعر: أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم، وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ.
وجِنُّ الشَّبابِ: أَوَّلُه، وقيل: جِدَّتُه ونشاطُه.
ويقال: كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه، وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته، وجنُّ المرَحِ كذلك؛ فأَما قوله: لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا، إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا. قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه، وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه، وتقول: افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه؛ بجِنِّه أَي بحِدْثانِه؛ قال المتنخل الهذلي: كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى، ولا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ. يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره، ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ. يقول: من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه.
ويقال: خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها.
وجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُه ونَوْرُه، وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً؛ قال: كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً وقيل: جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل.
وقال أَبو حنيفة: نخلة مَجْنونة إذا طالت؛ وأَنشد: يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ. قال ابن بري: يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل؛ ومثله قول الآخر: أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ، ما لَك لا تَرى عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً؟ الفراء: جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ؛ وقال الهذلي: أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم، وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم.
ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة: وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب.
ويقال: جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها؛ قال ابن أَحمر: تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري، وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا. جُنونُه: كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه؛ وقال بعضهم: الخازِ بازِ نَبْتٌ، وقيل: هو ذُبابٌ.
وجنون الذُّباب: كثرةُ تَرَنُّمِه.
وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته.
وجُنونُ النَّبْت: التفافُه؛ قال أَبو النجم: وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ. أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه.
وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره؛ وقوله: وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا. يحتمل هذين الوجهين. أَبو خيرة: أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ.
وفي التهذيب: شمر عن ابن الأَعرابي: يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ، وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ.
والجَنَّةُ: البُسْتانُ، ومنه الجَنّات، والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً؛ قال زهير: كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ، من النَّواضِح، تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً.
والجَنَّةُ: الحَديقةُ ذات الشجر والنخل، وجمعها جِنان، وفيها تخصيص، ويقال للنخل وغيرها.
وقال أَبو علي في التذكرة: لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ، وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع.
والجَنَّةُ: هي دارُ النعيم في الدار الآخرة، من الاجْتنان، وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها، قال: وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه، فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد: دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً، مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم. قال: يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان، ومُسطَّعة: من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق، وقد تقدم. قال ابن سيده: وعندي أَنه جِنَّة، بالكسر، لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها، على أَنه لا يبعد الأَول، وإن وصفها بالعبقرية، لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة، قال: وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها، وقد قيل: كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ، فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة.
والجِنِّيَّة: ثياب معروفة (* قوله «والجنية ثياب معروفة» كذا في التهذيب.
وقوله «والجنية مطرف إلخ» كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما.
وفي القاموس: والجنينة مطرف كالطيلسان اهـ. أي لسفينة كما في شرح القاموس).
والجِنِّيّةُ: مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء.
ومَجَنَّةُ: موضعٌ؛ قال في الصحاح: المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة؛ وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر: أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟ وكذلك مِجَنَّة؛ وقال أَبو ذؤَيب: فوافَى بها عُسْفانَ، ثم أَتى بها مِجَنَّة، تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي. قال ابن جني: يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين: أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه، والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها، هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب، قال: فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر، وكذلك الجُنَيْنة؛ قال: مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه، من الجُنَيْنَةِ، جَزْلاً غيرَ مَوْزون.
وقال ابن عباس، رضي الله عنه: كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة.
والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْراب.
والجَناجِنُ: عِظامُ الصدر، وقيل: رؤُوسُ الأَضْلاع، يكون ذلك للناس وغيرهم؛ قال الأَسَْقَرُ الجُعْفِيّ: لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ، بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا.
وقال الأعشى: أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ، كإِران الـ ـمَيْت، عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ.
واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ، وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء: جِنْجِن وجِنْجِنة؛ قال الجوهري: وقد يفتح؛ قال رؤبة: ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن.
وقيل: واحدها جُنْجون، وقيل: الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب.
والمَنْجَنُونُ: الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها، نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا، وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال: حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي، وسنذكره هناك.

جنن (لسان العرب) [0]


جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره.
وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك.
وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ، بالضم، جُنوناً وأَجَنَّه: سَتَره؛ قال ابن بري: شاهدُ جَنَّه قول الهذلي: وماء ورَدْتُ على جِفْنِه، وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ وفي الحديث: جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره، وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم واخْتِفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه.
وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه: شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه، وقيل: اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ؛ قال الهذلي: حتى يَجيء، وجِنُّ الليل يُوغِلُه، والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ.
ويروى: وجُنْحُ الليل؛ وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان (* قوله «دنيان») كذا في النسخ.
وقيل هو . . . أكمل المادة لِخُفافِ بن نُدْبة: ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا، بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى، عياضَ بنَ ناشب. فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه، ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب.
ويروى: ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته.
وعياضُ بن جَبَل: من بني ثعلبة بن سعد.
وقال المبرد: عياض بن ناشب فزاري، ويروى: أَدرَك رَكْضُنا؛ قال ابن بري: ومثله لسَلامة بن جندل: ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ إلى جَعْفَرٍ، سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ.
وحكي عن ثعلب: الجَنانُ الليلُ. الزجاج في قوله عز وجل: فلما جَنَّ عليه الليلُ رأَى كَوْكباً؛ يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته.
ويقال لكل ما سَتر: جنَّ وأَجنَّ.
ويقال: جنَّه الليلُ، والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل: قال ذلك أَبو اسحق.
واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء.
وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً وأَجَنَّه: ستَره؛ قال وقول الأَعشى: ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها لها من تِسْعةٍ، إلاّع جَنينا. فسره ابن دريد فقال: يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا.
والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت.
والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ لذلك.
وأَجَنَّه: كفَّنَه؛ قال: ما إنْ أُبالي، إذا ما مُتُّ،ما فعَلوا: أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني؟ أَبو عبيدة: جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه، وقد أَجنَّه إذا قبَره؛ قال الأََعشى: وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه، كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ.
والجَنينُ: المقبورُ.
وقال ابن بري: والجَنَنُ الميت؛ قال كُثَيّر: ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ قال ابن بري: الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ.
وفي الحديث: وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِجْنانَه عليٌّ والعباسُ، أَي دَفْنه وسَتْرَه.
ويقال للقبر الجَنَنُ، ويجمع على أَجْنانٍ؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه: جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ.
والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر، وقيل: لِوَعْيه الأَشْياء وجَمْعِه لها، وقيل: الجَنانُ رُوعُ القلب، وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ، وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه.
وقال ابن دريد: سمّيت الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح، والجمع أَجْنانٌ؛ عن ابن جني.
ويقال: ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ.
وأَجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ: استَتَر. قال شمر: وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه؛ وأَنشد لِعَدِيّ: كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي. الهادي ههنا: القَدَرُ. قال ابن الأَعرابي: جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن العين فلم تَرَه، يقول: المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها؛ قال الأَزهري: الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها، ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه؛ وأَنشد: ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ (* قوله «ولا جن إلخ» صدره كما في تكملة الصاغاني: تحدثني عيناك ما القلب كاتم).
ويروى: ولا جَنَّ، معناهما ولا سَتْر.
والهادي: المتقدّم، أَراد أَن القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة؛ وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ: فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي، ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا. فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ، وبالمِبْرَدِ اللسانَ.
والجَنينُ: الولدُ ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه، وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ، بإظهار التضعيف، وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه الحاملُ؛ وقول الفرزذق: إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها، أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم. عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة، ويروى: إذا غاب نَصْرانيه في جنيفها، يعني بالنَّصْرانيّ، ذكَر الفاعل لها من النصارى، وبجَنِيفِها: حِرَها، وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها، وهي جَنيفة، وقد أَجَنَّت المرأَة ولداً؛ وقوله أَنشد ابن الأَعرابي: وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ. يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ، يقول: وردَت هذه الإبلُ الماءَ فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه. يقال: جهَرَ البئرَ نزحَها.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ.
والمِجَنُّ: التُّرْسُ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني قد حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً، وسنذكره، والجمع المَجانُّ، بالفتح.
وفي حديث السرقة: القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ، هو التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره، والميم زائدة: وفي حديث علي، كرَّم الله وجهَه: كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك. ابن سيده: وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط الحياءَ وفعَل ما شاءَ.
وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة: ملَك أَمرَه واستبدَّ به؛ قال الفرزدق: كيف تراني قالِباً مِجَنِّي؟ أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ.
وفي حديث أَشراطِ الساعةِ: وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة، يعني التُّرْكَ.
والجُنَّةُ، بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.
والجُنَّةُ: السُّتْرة، والجمع الجُنَنُ. يقال: اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي اسْتَتَر بسُتْرة، وقيل: كلُّ مستورٍ جَنِينٌ، حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ، والضِّغْنُ أَسْوَدُ، أَو في وجْهِه كَلَفُ يُزَمِّلون: يَسْتُرون ويُخْفُون، والجَنينُ: المَسْتُورُ في نفوسهم، يقول: فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ، وقوله الضِّغْنُ أَسْوَدُ، يقول: هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم.
ويقال: ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ يُواريني، وفي الصحاح: ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ يُوارِيني.
والاجْتِنان؛ الاسْتِتار.
والمَجَنَّة: الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه. شمر: الجَنانُ الأَمر الخفي؛ وأَنشد: اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا. أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً.
وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري أَي أَكْنَنْتُه.
وفي الحديث: تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره.
والجُّنَّةُ: الدِّرْعُ، وكل ما وَقاك جُنَّةٌ.
والجُنَّةُ: خِرْقةٌ تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه، وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر، وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي البُرْقُع.
وفي الحديث: الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات.
والجُنَّةُ: الوِقايةُ.
وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ.
وفي حديث الصدقة: كمِثْل رجُلين عليهما جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ، ويروى بالباء الموحدة، تَثْنِية جُبَّةِ اللباس.
وجِنُّ الناس وجَنانُهم: مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم؛ قال ابن أَحمر: جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا.
وروي: وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا. قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ: وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا. قال: جنانه عينه وما واراه.
والجِنُّ: ولدُ الجانّ. ابن سيده: الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة.
وفي التنزيل العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار.
والجِنِّيُّ: منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ.
والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى: من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى: قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس. الجوهري: الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى. جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد ابن بري: رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً، على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُها، فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟ فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها وقال مُدرك بن حُصين: كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنها حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها.
وقوله: ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هل بَدا لكِ أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟ إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر: ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً، ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ. أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ. الليث: الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً.
وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد: من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل.
والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال مُلَيح الهُذَليّ: فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً، من البَيْن، أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ.
وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ: أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ.
وأَجَنَّه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ، فبُني المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا، وقالوا: ما أَجنَّه؛ قال سيبويه: وقع التعجبُ منه بما أَفْعَلَه، وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا بِخِلْقة فيه، وإنما هو من نقْصان العقل.
وقال ثعلب: جُنَّ الرجلُ وما أَجنَّه، فجاء بالتعجب من صيغة فِعل المفعول، وإنما التعجب من صيغة فِعْل الفاعل؛ قال ابن سيده: وهذا ونحوُه شاذٌّ. قال الجوهري: وقولهم في المَجْنون ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه، لأَنه لا يقال في المضروب ما أَضْرَبَه، ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه.
والجُنُنُ، بالضم: الجُنونُ، محذوفٌ منه الواوُ؛ قال يصف الناقة: مِثْل النَّعامةِ كانت، وهي سائمةٌ، أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه، والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ. فقيل، إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ، اصْطُلِمَتْ إلى الصَّماخِ، فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ.
والمَجَنَّةُ: الجُنُونُ.
والمَجَنَّةُ: الجِنُّ.
وأَرضُ مَجَنَّةٌ: كثيرةُ الجِنِّ؛ وقوله: على ما أَنَّها هَزِئت وقالت هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب. أَجَنَّ: وقع في مَجَنَّة، وقوله هَنُون، أَراد يا هنون، وقوله مَنْشاذا قريب، أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به، وما زائدة أَي على أَنها هَزِئَت. ابن الأَعرابي: باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس به؛ قال الأَخطل في معناه: وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة.
والجانُّ: أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه.
والجانُّ: الجنُّ، وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر.
وفي التنزيل العزيز: لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ.
وقرأَ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يُسْأَل عن ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ، بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً، قال: وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي: ولا الضَّأَلِّين، وعلى ما حكاه أَبو زيد عن أَبي الإصبغ وغيره: شأَبَّة ومأَدَّة؛ وقول الراجز: خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا (* قوله «خاطمها إلخ» ذكر في الصحاح: يا عجباً وقد رأيت عجبا * حمار قبان يسوق أرنبا خاطمها زأَمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا).
وقوله: وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر: وأَنتَ، ابنَ لَيْلَى، خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً، إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ.
وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ: قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني. إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً؛ وقال ابن جني: بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً.
وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ؛ روي أَن خَلْقاً يقال لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها. أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ، قال الشاعر: فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها مَشارِبها داثِرات أُجُنْ.
وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً: يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا، أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا.
وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإنس أَو من الجنِّ.
والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ.
وفي الحديث: أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ.
وفي حديث ماعزٍ: أَنه، صلى الله عليه وسلم: سأَل أَهلَه عنه فقال: أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ.
وفي حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا: فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.
وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه.
وفي حديث فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ، وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون.
ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر: هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه، لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ.
والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً: أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا، وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا.
وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً.
وفي حديث زمزم: أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ، عليهم السلام، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر سليمان، عليه السلام: وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً، قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ.
وقد قيل في قوله عز وجل: إلا إبليس كان من الجنِّ؛ إنه عَنى الملائكة، قال أَبو إسحق: في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع الملائكة، قال: وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة، وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال: كان من الجنّ؛ وقيل أَيضاً: إن إبليس من الجنّ بمنزلة آدمَ من الإنس، وقد قيل: إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا خُزَّانَ الأَرض، وقيل: خُزّان الجنان، فإن قال قائل: كيف استَثْنَى مع ذكْر الملائكة فقال: فسجدوا إلا إبليس، كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول؟ فالجواب في هذا: أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد، والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي، وكذلك قوله تعالى: فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين، فرب العالمين ليس من الأَول، لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا؛ قال: ويَصْلُحُ الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ، ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب.
ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ؛ قال الهذلي: ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي: أَجِنِي، كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ، أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر. فقيل: أَراد بجِدِّي، وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم، وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ، فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه.
وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له: أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ، والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل، كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك، بمعنى مِن أَجْلِك، قال: وقولها أَجَنَّك، حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل: لكنَّا هو الله ربِّي؛ يقال: إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف، والتقى نُونانِ فجاء التشديد، كما قال الشاعر أَنشده الكسائي: لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها أَراد لله إنَّك، فحذف إحدى اللامَينِ من لله، وحذَفَ الأَلف من إنَّك، كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ؛ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد: أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم، فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار. الأَزهري قال: ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي، أَراد من أجّل؛ ويروى: فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار. أَراد بالصلْب الحَسَبَ، وبالإزارِ العِفَّةَ، وقيل: في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً، ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم؛ قال الشاعر: أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم، وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ.
وجِنُّ الشَّبابِ: أَوَّلُه، وقيل: جِدَّتُه ونشاطُه.
ويقال: كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه، وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته، وجنُّ المرَحِ كذلك؛ فأَما قوله: لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا، إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا. قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه، وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه، وتقول: افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه؛ بجِنِّه أَي بحِدْثانِه؛ قال المتنخل الهذلي: كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى، ولا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ. يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره، ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ. يقول: من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه.
ويقال: خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها.
وجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُه ونَوْرُه، وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً؛ قال: كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً وقيل: جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل.
وقال أَبو حنيفة: نخلة مَجْنونة إذا طالت؛ وأَنشد: يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ. قال ابن بري: يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل؛ ومثله قول الآخر: أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ، ما لَك لا تَرى عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً؟ الفراء: جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ؛ وقال الهذلي: أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم، وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم.
ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة: وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب.
ويقال: جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها؛ قال ابن أَحمر: تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري، وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا. جُنونُه: كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه؛ وقال بعضهم: الخازِ بازِ نَبْتٌ، وقيل: هو ذُبابٌ.
وجنون الذُّباب: كثرةُ تَرَنُّمِه.
وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته.
وجُنونُ النَّبْت: التفافُه؛ قال أَبو النجم: وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ. أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه.
وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره؛ وقوله: وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا. يحتمل هذين الوجهين. أَبو خيرة: أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ.
وفي التهذيب: شمر عن ابن الأَعرابي: يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ، وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ.
والجَنَّةُ: البُسْتانُ، ومنه الجَنّات، والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً؛ قال زهير: كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ، من النَّواضِح، تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً.
والجَنَّةُ: الحَديقةُ ذات الشجر والنخل، وجمعها جِنان، وفيها تخصيص، ويقال للنخل وغيرها.
وقال أَبو علي في التذكرة: لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ، وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع.
والجَنَّةُ: هي دارُ النعيم في الدار الآخرة، من الاجْتنان، وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها، قال: وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه، فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد: دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً، مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم. قال: يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان، ومُسطَّعة: من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق، وقد تقدم. قال ابن سيده: وعندي أَنه جِنَّة، بالكسر، لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها، على أَنه لا يبعد الأَول، وإن وصفها بالعبقرية، لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة، قال: وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها، وقد قيل: كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ، فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة.
والجِنِّيَّة: ثياب معروفة (* قوله «والجنية ثياب معروفة» كذا في التهذيب.
وقوله «والجنية مطرف إلخ» كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما.
وفي القاموس: والجنينة مطرف كالطيلسان اهـ. أي لسفينة كما في شرح القاموس).
والجِنِّيّةُ: مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء.
ومَجَنَّةُ: موضعٌ؛ قال في الصحاح: المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة؛ وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر: أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟ وكذلك مِجَنَّة؛ وقال أَبو ذؤَيب: فوافَى بها عُسْفانَ، ثم أَتى بها مِجَنَّة، تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي. قال ابن جني: يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين: أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه، والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها، هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب، قال: فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر، وكذلك الجُنَيْنة؛ قال: مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه، من الجُنَيْنَةِ، جَزْلاً غيرَ مَوْزون.
وقال ابن عباس، رضي الله عنه: كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة.
والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْراب.
والجَناجِنُ: عِظامُ الصدر، وقيل: رؤُوسُ الأَضْلاع، يكون ذلك للناس وغيرهم؛ قال الأَسَْقَرُ الجُعْفِيّ: لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ، بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا.
وقال الأعشى: أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ، كإِران الـ ـمَيْت، عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ.
واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ، وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء: جِنْجِن وجِنْجِنة؛ قال الجوهري: وقد يفتح؛ قال رؤبة: ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن.
وقيل: واحدها جُنْجون، وقيل: الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب.
والمَنْجَنُونُ: الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها، نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا، وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال: حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي، وسنذكره هناك.

ربب (لسان العرب) [0]


الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق، لا شريك له، وهو رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ الـمُلوكِ والأَمْلاكِ.
ولا يقال الربُّ في غَير اللّهِ، إِلاّ بالإِضافةِ، قال: ويقال الرَّبُّ، بالأَلِف واللام، لغيرِ اللّهِ؛ وقد قالوه في الجاهلية للـمَلِكِ؛ قال الحرث ابن حِلِّزة: وهو الرَّبُّ، والشَّهِـيدُ عَلى يَوْ * مِ الـحِـيارَيْنِ، والبَلاءُ بَلاءُ والاسْم: الرِّبابةُ؛ قال: يا هِنْدُ أَسْقاكِ، بلا حِسابَهْ، * سُقْيَا مَلِـيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ والرُّبوبِـيَّة: كالرِّبابة.
وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ: منسوبٌ إِلى الرَّبِّ، على غير قياس.
وحكى أَحمد بن يحيـى: لا وَرَبْيِـكَ لا أَفْعَل. قال: يريدُ لا وَرَبِّكَ، فأَبْدَلَ الباءَ ياءً، لأَجْل . . . أكمل المادة التضعيف.
وربُّ كلِّ شيءٍ: مالِكُه ومُسْتَحِقُّه؛ وقيل: صاحبُه.
ويقال: فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له.
وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً، فهو رَبُّه. يقال: هو رَبُّ الدابةِ، ورَبُّ الدارِ، وفلانٌ رَبُّ البيتِ، وهُنَّ رَبَّاتُ الـحِجالِ؛ ويقال: رَبٌّ، مُشَدَّد؛ ورَبٌ، مخفَّف؛ وأَنشد المفضل: وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه * رَبٌ، غيرُ مَنْ يُعْطِـي الـحُظوظَ، ويَرْزُقُ وفي حديث أَشراط الساعة: وأَن تَلِدَ الأَمَـةُ رَبَّها، أَو رَبَّـتَها. قال: الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ، والسَّـيِّدِ، والـمُدَبِّر، والـمُرَبِّي، والقَيِّمِ، والـمُنْعِمِ؛ قال: ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه، عزّ وجلّ، وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِـيفَ، فقيلَ: ربُّ كذا. قال: وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى، وليس بالكثيرِ، ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر. قال: وأَراد به في هذا الحديثِ الـمَوْلَى أَو السَّيِّد، يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً، فيكون كالـمَوْلى لها، لأَنـَّه في الـحَسَب كأَبيه. أَراد: أَنَّ السَّبْـي يَكْثُر، والنِّعْمة تظْهَر في الناس، فتكثُر السَّراري.
وفي حديث إِجابةِ الـمُؤَذِّنِ: اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِـبَها؛ وقيل: المتَمِّمَ لَـها، والزائدَ في أَهلها والعملِ بها، والإِجابة لها.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لا يَقُل الـمَمْلُوكُ لسَـيِّده: ربِّي؛ كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّاً له، لـمُشاركَةِ اللّه في الرُّبُوبيةِ؛ فأَما قوله تعالى: اذْكُرْني عند ربك؛ فإِنه خاطَـبَهم على الـمُتَعارَفِ عندهم، وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به؛ ومنه قَولُ السامِرِيّ: وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً. فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل: حتى يَلْقاها رَبُّها؛ فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ، فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِـيها إِليها، وجَعْلُهم أَرْباباً لها.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ.
وفي حديث عروةَ بن مسعود، رضي اللّه عنه: لـمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه، دَخل منزله، فأَنكَر قَومُه دُخُولَه، قبلَ أَن يأْتِـيَ الربَّةَ، يعني اللاَّتَ، وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِـيفٌ بالطائفِ.
وفي حديث وَفْدِ ثَقِـيفٍ: كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ، يُضاهِئُونَ به بَيْتَ اللّه تعالى، فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه الـمُغِـيرةُ.
وقوله عزّ وجلّ: ارْجِعِـي إِلى رَبِّكِ راضِـيةً مَرْضِـيَّةً، فادْخُلي في عَبْدي؛ فيمن قرأَ به، فمعناه، واللّه أَعلم: ارْجِعِـي إِلى صاحِـبِكِ الذي خَرَجْتِ منه، فادخُلي فيه؛ والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ.
وقوله عزّ وجلّ: إِنه ربِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال الزجاج: إِن العزيز صاحِـبِـي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال: ويجوز أَنْ يكونَ: اللّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ.
والرَّبِـيبُ: الـمَلِكُ؛ قال امرؤُ القيس: فما قاتلُوا عن رَبِّهم ورَبِـيبِـهم، * ولا آذَنُوا جاراً، فَيَظْعَنَ سالمَا أَي مَلِكَهُمْ.
ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً: مَلَكَه.
وطالَتْ مَرَبَّـتُهم الناسَ ورِبابَـتُهم أَي مَمْلَكَتُهم؛ قال علقمةُ بن عَبَدةَ: وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّـتْنِـي، فَضِعتُ، رُبوبُ(1) (1 قوله «وكنت امرأً إلخ» كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف.
وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ. يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة، ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي.) ويُروى رَبُوب؛ وعندي أَنه اسم للجمع.
وإِنه لَـمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَـمَمْلُوكٌ؛ والعِـبادُ مَرْبُوبونَ للّهِ، عزّ وجلّ، أَي مَمْلُوكونَ.
ورَبَبْتُ القومَ: سُسْـتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم.
وقال أَبو نصر: هو من الرُّبُوبِـيَّةِ، والعرب تقول: لأَنْ يَرُبَّنِـي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِـي فلان؛ يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِـي، وسَـيِّداً يَمْلِكُنِـي؛ وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَـيَّةَ، أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ، عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين، فقال أَبو سفيانَ: غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ؛ فأَجابه صفوانُ وقال: بِـفِـيكَ الكِثْكِثُ، لأَنْ يَرُبَّنِـي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ. ابن الأَنباري: الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام: يكون الرَّبُّ المالِكَ، ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع؛ قال اللّه تعالى: فيَسْقِـي ربَّه خَمْراً، أَي سَيِّدَه؛ ويكون الرَّبُّ الـمُصْلِـحَ. رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه؛ وأَنشد: يَرُبُّ الذي يأْتِـي منَ العُرْفِ أَنه، * إِذا سُئِلَ الـمَعْرُوفَ، زادَ وتَمَّما وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير، رضي اللّه عنهم: لأَن يَرُبَّنِـي بَنُو عَمِّي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِـي غيرُهم، أَي يكونون عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين، يعني بني أُمَيَّةَ، فإِنهم إِلى ابنِ عباسٍ في النَّسَبِ أَقْرَبُ من ابن الزبير. يقال: رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كان له رَبّاً.
وتَرَبَّـبَ الرَّجُلَ والأَرضَ: ادَّعَى أَنه رَبُّهما.
والرَّبَّةُ: كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِـمَذْحِج وبني الـحَرث بن كَعْب، يُعَظِّمها الناسُ.
ودارٌ رَبَّةٌ: ضَخْمةٌ؛ قال حسان بن ثابت: وفي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ، خَزْرَجِـيَّةٍ، * وأَوْسِـيَّةٍ، لي في ذراهُنَّ والِدُ ورَبَّ ولَدَه والصَّبِـيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً، ورَبَّـبَه تَرْبِـيباً وتَرِبَّةً، عن اللحياني: بمعنى رَبَّاه.
وفي الحديث: لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها، أَي تَحْفَظُها وتُراعِـيها وتُرَبِّـيها، كما يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه؛ وفي حديث ابن ذي يزن: أُسْدٌ تُرَبِّبُ، في الغَيْضاتِ، أَشْبالا أَي تُرَبِّي، وهو أَبْلَغ منه ومن تَرُبُّ، بالتكرير الذي فيه.
وتَرَبَّـبَه، وارْتَبَّه، ورَبَّاه تَرْبِـيَةً، على تَحْويلِ التَّضْعيفِ، وتَرَبَّاه، على تحويل التضعيف أَيضاً: أَحسَنَ القِـيامَ عليه، وَوَلِـيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِـيَّةَ، كان ابْـنَه أَو لم يكن؛ وأَنشد اللحياني: تُرَبِّـبُهُ، من آلِ دُودانَ، شَلّةٌ * تَرِبَّةَ أُمٍّ، لا تُضيعُ سِخَالَها وزعم ابن دريد: أَنَّ رَبِـبْتُه لغةٌ؛ قال: وكذلك كل طِفْل من الحيوان، غير الإِنسان؛ وكان ينشد هذا البيت: كان لنا، وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ كسر حرف الـمُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور، كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو؛ قال: وهي لغة هذيل في هذا الضرب من الفعل.
والصَّبِـيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِـيبٌ، وكذلك الفرس؛ والـمَرْبُوب: الـمُرَبَّى؛ وقول سَلامَة بن جندل: ليس بأَسْفَى، ولا أَقْنَى، ولا سَغِلٍ، * يُسْقَى دَواءَ قَفِـيِّ السَّكْنِ، مَرْبُوبِ يجوز أَن يكون أَراد بمربوب: الصبـيّ، وأَن يكون أَراد به الفَرَس؛ ويروى: مربوبُ أَي هو مَرْبُوبٌ.
والأَسْفَى: الخفيفُ الناصِـيَةِ؛ والأَقْنَى: الذي في أَنفِه احْديدابٌ؛ والسَّغِلُ: الـمُضْطَرِبُ الخَلْقِ؛ والسَّكْنُ: أَهلُ الدار؛ والقَفِـيُّ والقَفِـيَّةُ: ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِـيُّ؛ ومربوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله، وهو: مِنْ كلِّ حَتٍّ، إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ، * صافِـي الأَديمِ، أَسِـيلِ الخَدِّ، يَعْبُوب الـحَتُّ: السَّريعُ.
واليَعْبُوب: الفرسُ الكريمُ، وهو الواسعُ الجَـِرْي.وقال أَحمد بن يَحيـى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبـيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَرِبَّاءُ النبـيِّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، كأَنه جمعُ رَبِـيبٍ، فَعِـيلٍ بمعنى فاعل؛ وقولُ حَسَّانَ بن ثابت: ولأَنْتِ أَحسنُ، إِذْ بَرَزْتِ لنا * يَوْمَ الخُروجِ، بِساحَةِ القَصْرِ، مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ، صافيةٍ، * مِـمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ يعني الدُّرَّةَ التي يُرَبِّـيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ.
والحائرُ: مُجْتَمَعُ الماءِ، ورُفع لأَنه فاعل تَرَبَّبَ، والهاءُ العائدةُ على مِـمَّا محذوفةٌ، تقديره مِـمَّا تَرَبَّـبَه حائرُ البحرِ. يقال: رَبَّـبَه وتَرَبَّـبَه بمعنى: والرَّبَبُ: ما رَبَّـبَه الطّينُ، عن ثعلب؛ وأَنشد: في رَبَبِ الطِّينِ وماء حائِر والرَّبِـيبةُ: واحِدةُ الرَّبائِب من الغنم التي يُرَبّيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها.
وغَنمٌ ربائِبُ: تُرْبَطُ قَريباً مِن البُـيُوتِ، وتُعْلَفُ لا تُسامُ، هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِـي أَنه لا صَدَقةَ فيها؛ قال ابن الأَثير في حديث النخعي: ليس في الرَّبائبِ صَدَقةٌ. الرَّبائبُ: الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ، وليست بِسائمةٍ، واحدتها رَبِـيبَةٌ، بمعنى مَرْبُوبَةٍ، لأَن صاحِبَها يَرُبُّها.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كان لنا جِـيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبائِبُ، وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لا تَأْخُذِ الأَكُولَة، ولا الرُّبَّـى، ولا الماخضَ؛ قال ابن الأَثير: هي التي تُرَبَّـى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن؛ وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة، وجمعها رُبابٌ، بالضم.
وفي الحديث أَيضاً: ما بَقِـيَ في غَنَمِـي إِلاّ فَحْلٌ، أَو شاةٌ رُبَّـى.
والسَّحَابُ يَرُبُّ الـمَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ.
والرَّبابُ، بالفتح: سَحابٌ أَبيضُ؛ وقيل: هو السَّحابُ، واحِدَتُه رَبابةٌ؛ وقيل: هو السَّحابُ الـمُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب. قال ابن بري: وهذا القول هو الـمَعْرُوفُ، وقد يكون أَبيضَ، وقد يكون أَسْودَ.
وفي حديث النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء. قال أَبو عبيد: الرَّبابةُ، بالفتح: السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً، وجمعها رَبابٌ، وبها سمّيت الـمَرْأَةُ الرَّبابَ؛ قال الشاعر: سَقَى دارَ هِنْدٍ، حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى، * مُسِفُّ الذُّرَى، دَانِـي الرَّبابِ، ثَخِـينُ وفي حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: أَحْدَقَ بِكُم رَبابه. قال الأَصمعي: أَحسنُ بيت، قالته العرب في وَصْفِ الرَّبابِ، قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان، على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه؛ قال ابن بري: ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ: إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام، * فَـأَسْقَى وُجُوهَ بَنِـي حَنْبَلِ أَجَشَّ مُلِثّاً، غَزيرَ السَّحاب، * هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب، * وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّـمْـأَلِ كأَنَّ الرَّبابَ، دُوَيْنَ السَّحاب، * نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ والمطر يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّـيهِ.
والـمَرَبُّ: الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَـرًى؛ قال ذو الرمة: خَناطِـيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ، * مَرَبٍّ، نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ وهي الـمَرَبَّةُ والـمِرْبابُ.
وقيل: الـمِرْبابُ من الأَرضِـين التي كَثُرَ نَبْتُها ونَـأْمَتُها، وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ.
والـمَرَبُّ: الـمَحَلُّ، ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ.
والتَّرَبُّبُ: الاجْتِـماعُ.
ومَكانٌ مَرَبٌّ، بالفتح: مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ؛ قال ذو الرمة: بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ، * بِأَجرَعَ مِحْلالٍ، مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ قال: ومن ثَـمَّ قيل للرّبابِ: رِبابٌ، لأَنهم تَجَمَّعوا.
وقال أَبو عبيد: سُمُّوا رباباً، لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ، فأَكلوا منه، وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم، وتَحالفُوا عليه، وهم: تَيْمٌ، وعَدِيٌّ، وعُكْلٌ.
والرِّبابُ: أَحْياء ضَبّـةَ، سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم، لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ، ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الرَّباب قلت: رُبِّـيٌّ، بالضم، فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّةٌ، لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد، كما تقول في المساجِد: مَسْجِدِيٌّ، إِلا أَن تكون سميت به رجلاً، فلا تَرُدَّه إِلى الواحد، كما تقول في أَنْمارٍ: أَنْمارِيٌّ، وفي كِلابٍ: كِلابِـيٌّ. قال: هذا قول سيبويه، وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال: سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم؛ قال الأَصمعي: سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ، وتَعاقَدُوا، وتَحالَفُوا عليه.
وقال ثعلب: سُموا(1) (1 قوله «وقال ثعلب سموا إلخ» عبارة المحكم وقال ثعلب سموا رباباً لأنهم اجتمعوا ربة ربة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة (أي بالكسر) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربة ربة اهـ أي بالضم.) رِباباً، بكسر الراءِ، لأَنهم تَرَبَّـبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً، وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً؛ ضَبَّةُ، وثَوْرٌ، وعُكْل، وتَيْمٌ، وعَدِيٌّ. الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله. .
وفلان مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم.
ومَرَبّ الإِبل: حيث لَزِمَتْه.
وأَرَبَّت الإِبلُ بمكان كذا: لَزِمَتْه وأَقامَتْ به، فهي إِبِلٌ مَرابُّ، لَوازِمُ.
ورَبَّ بالمكان، وأَرَبَّ: لَزِمَه؛ قال: رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الـحُمُرْ وأَرَبَّ فلان بالمكان، وأَلَبَّ، إِرْباباً، وإِلباباً إِذا أَقامَ به، فلم يَبْرَحْه.
وفي الحديث: اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ، وفَقْرٍ مُرِبٍّ.
وقال ابن الأَثير: أَو قال: مُلِبٍّ، أَي لازِمٍ غير مُفارِقٍ، مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه؛ وكلّ لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ.
وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ: دامَت.
وأَرَبَّتِ السَّحابةُ: دامَ مَطَرُها.
وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه.
وأَرَبَّتِ الناقةُ بولدها: لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه؛ وهي مُرِبٌّ كذلك، هذه رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد.
ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن: الرِّبابَ.
والرِّبِّـيُّ والرَّبَّانِـيُّ: الـحَبْرُ، ورَبُّ العِلْم، وقيل: الرَّبَّانِـيُّ الذي يَعْبُد الرَّبَّ، زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب.
وقال سيبويه: زادوا أَلفاً ونوناً في الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الرَّبِّ دون غيره، كأَن معناه: صاحِبُ عِلم بالرَّبِّ دون غيره من العُلوم؛ وهو كما يقال: رجل شَعْرانِـيٌّ، ولِحْيانِـيٌّ، ورَقَبانِـيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر، وطول اللِّحْيَة، وغِلَظِ الرَّقبةِ؛ فإِذا نسبوا إِلى الشَّعر، قالوا: شَعْرِيٌّ، وإِلى الرَّقبةِ قالوا: رَقَبِـيٌّ، وإِلى اللِّحْيةِ: لِـحْيِـيٌّ.
والرَّبِّـيُّ: منسوب إِلى الرَّبِّ.
والرَّبَّانِـيُّ: الموصوف بعلم الرَّبِّ. ابن الأَعرابي: الرَّبَّانِـيُّ العالم الـمُعَلِّم، الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِـبارها.
وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَـمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس، رضي اللّه عنهما: اليومَ ماتَ رَبّانِـيُّ هذه الأُمـَّة.
ورُوي عن علي، رضي اللّه عنه، أَنه قال: الناسُ ثلاثةٌ: عالِـمٌ ربَّانيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق. قال ابن الأَثير: هو منسوب إِلى الرَّبِّ، بزيادة الأَلف والنون للمبالغة؛ قال وقيل: هو من الرَّبِّ، بمعنى التربيةِ، كانوا يُرَبُّونَ الـمُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم، قبلَ كبارِها.
والرَّبَّانِـيُّ: العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين، أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ، وقيل: العالِم، العامِلُ، الـمُعَلِّمُ؛ وقيل: الرَّبَّانِـيُّ: العالي الدَّرجةِ في العِلمِ. قال أَبو عبيد: سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول: الرَّبَّانِـيُّون العُلَماءُ بالـحَلال والـحَرام، والأَمْرِ والنَّهْي. قال: والأَحبارُ أَهلُ المعرفة بأَنْباءِ الأُمَم، وبما كان ويكون؛ قال أَبو عبيد: وأَحْسَب الكلمَة ليست بعربية، إِنما هي عِـبْرانية أَو سُرْيانية؛ وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العرب لا تعرف الرَّبَّانِـيّين؛ قال أَبو عبيد: وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم؛ وكذلك قال شمر: يقال لرئيس الـمَلاَّحِـينَ رُبَّانِـيٌّ(1) (1 قوله «وكذلك قال شمر يقال إلخ» كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ.)؛ وأَنشد: صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُّ ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه، في قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِـيِّـينَ، قال: حُكَماءَ عُلَماءَ. غيره: الرَّبَّانيُّ الـمُتَـأَلِّه، العارِفُ باللّه تعالى؛ وفي التنزيل: كُونوا رَبَّانِـيِّـين.
والرُّبَّـى، على فُعْلى، بالضم: الشاة التي وضعَت حديثاً، وقيل: هي الشاة إِذا ولدت، وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّـى، بَيِّنةُ الرِّبابِ؛ وقيل: رِبابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها، وقيل: شهرين؛ وقال اللحياني: هي الحديثة النِّتاج، مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً؛ وقيل: هي التي يَتْبَعُها ولدُها؛ وقيل: الرُّبَّـى من الـمَعز، والرَّغُوثُ من الضأْن، والجمع رُبابٌ، بالضم، نادر. تقول: أَعْنُزٌ رُبابٌ، والمصدر رِبابٌ، بالكسر، وهو قُرْبُ العَهْد بالولادة. قال أَبو زيد: الرُّبَّـى من المعز، وقال غيره: من المعز والضأْن جميعاً، وربما جاءَ في الإِبل أَيضاً. قال الأَصمعي: أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ: حَنِـينَ أُمِّ البَوِّ في رِبابِها قال سيبويه: قالوا رُبَّـى ورُبابٌ، حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على هذا البناءِ، كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة، فقالوا جِفارٌ، إِلاَّ أَنهم ضموا أَوَّل هذا، كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ.
وفي حديث شريح: إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبابِها.
وحكى اللحياني: غَنَمٌ رِبابٌ، قال: وهي قليلة.
وقال: رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا وَضَعَتْ، وقيل: إِذا عَلِقَتْ، وقيل: لا فعل للرُّبَّـى.
والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن؛ قال الأَعشى: حُرَّةٌ، طَفْلَةُ الأَنامِل، تَرْتَبُّ * سُخاماً، تَكُفُّه بخِلالِ وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع. والرَّبِـيبةُ: الحاضِنةُ؛ قال ثعلب: لأَنها تُصْلِـحُ الشيءَ، وتَقُوم به، وتَجْمَعُه.
وفي حديث الـمُغِـيرة: حَمْلُها رِبابٌ. رِبابُ المرأَةِ: حِدْثانُ وِلادَتِها، وقيل: هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران، وقيل: عشرون يوماً؛ يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير، وذلك مَذْمُوم في النساءِ، وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع، حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها.والرَّبُوبُ والرَّبِـيبُ: ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره، وهو بمعنى مَرْبُوب.
ويقال للرَّجل نَفْسِه: رابٌّ. قال مَعْنُ بن أَوْس، يذكر امرأَته، وذكَرَ أَرْضاً لها: فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها: * رَبِـيبَ النَّبـيِّ، وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة، وهو ابنُ أُمِّ سَلَـمةَ زَوْجِ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب، وأَبوه أَبو سَلَمَة، وهو رَبِـيبُ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم؛ والأُنثى رَبِـيبةٌ. الأَزهري: رَبِـيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره.
وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: إِنما الشَّرْطُ في الرَّبائبِ؛ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن. قال: والرَّبِـيبُ أَيضاً، يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره.
ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها: رَبيبةٌ، وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ.
وفي الحديث: الرَّابُّ كافِلٌ؛ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم، وهو اسم فاعل، مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه.
وفي حديث مجاهد: كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه، يعني امرأَة زَوْج أُمـِّه، لأنه كان يُرَبِّيه. غيره: والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم. قال أَبو الحسن الرماني: هو كالشَّهِـيدِ، والشاهِد، والخَبِـير، والخابِرِ.
والرَّابَّةُ: امرأَةُ الأَبِ.
وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِـيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً، حكاهما اللحياني، ورَبَّـبها: نَمَّاها، وزادَها، وأَتَمَّها، وأَصْلَحَها.
ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ: كذلك. أَبو عمرو: رَبْرَبَ الرجلُ، إِذا رَبَّـى يَتيماً.
وَرَبَبْتُ الأَمْرَ، أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً: أَصْلَحْتُه ومَتَّنْـتُه.
ورَبَبْتُ الدُّهْنَ: طَيَّبْتُه وأَجدتُه؛ وقال اللحياني: رَبَبْتُ الدُّهْنَ: غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِـينِ؛ قال: ويجوز فيه رَبَّـبْتُه.
ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الـحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ.
والرُّبُّ: الطِّلاءُ الخاثِر؛ وقيل: هو دبْسُ كل ثَمَرَة، وهو سُلافةُ خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ؛ والجمع الرُّبُوبُ والرِّبابُ؛ ومنه: سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جعلت فيه الرُّبَّ، وأَصْلَحتَه به؛ وقال ابن دريد: رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ: ثُفْلُه الأَسود؛ وأَنشد: كَشائطِ الرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِـخَ حتى يكون رُبّاً يُؤْتَدَمُ به، عن أَبي حنيفة.
وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ، والـحُبَّ بالقِـير والقارِ، أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً، ورَبَّبْتُه: متَّنْتُه؛ وقيل: رَبَبْتُه دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه. قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته، وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً: فَإِنَّ عِراراً، إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ، * فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ، ذا الـمَنْكِبِ العَمَمْ فإِن كنتِ مِنِّي، أَو تُريدينَ صُحْبَتي، * فَكُوني له كالسَّمْنِ، رُبَّ له الأَدَمْ أَرادَ بالأَدَم: النُّحْي. يقول لزوجته: كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِـيَ برُبِّ التمر، لأَنَّ النِّحْي، إِذا أُصْلِـحَ بالرُّبِّ، طابَتْ رائحتُه، ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه. يقال: رَبَّ فلان نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فيه الرُّبَّ ومَتَّنه به، وهو نِحْيٌ مَرْبُوب؛ وقوله: سِلاءَها في أَديمٍ، غيرِ مَرْبُوبِ أَي غير مُصْلَحٍ.
وفي صفة ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ. الرُّبُّ: ما يُطْبَخُ من التمر، وهو الدِّبْسُ أَيضاً.
وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق، قيل: هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ.
والـمُربَّـبَاتُ: الأَنْبِجاتُ، وهي الـمَعْمُولاتُ بالرُّبِّ، كالـمُعَسَّلِ، وهو المعمول بالعسل؛ وكذلك الـمُرَبَّـياتُ، إِلا أَنها من التَّرْبيةِ، يقال: زنجبيل مُرَبّـًى ومُرَبَّبٌ.
والإِربابُ: الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ.
والرِّبابةُ، بالكسر، جماعةُ السهام؛ وقيل: خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ؛ وقيل: خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها؛ وقال اللحياني: هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ فيها القِداحُ، شبيهة بالكِنانة، يكون فيها السهام؛ وقيل هي شبيهة بالكنانةِ، يجمع فيها سهامُ الـمَيْسرِ؛ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار وأُتُنَه: وكأَنهنَّ رِبابةٌ، وكأَنه * يَسَرٌ، يُفِـيضُ على القِداح، ويَصْدَعُ والرِّبابةُ: الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ؛ وقيل: الرِّبابةُ: سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الـحُرْضَةِ، وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح؛ وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِـبِه هَـوًى.
والرِّبابةُ والرِّبابُ: العَهْدُ والـمِـيثاقُ؛ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ: وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّتْني، فَضِعْتُ، رُبُوبُ ومنه قيل للعُشُور: رِبابٌ.
والرَّبِـيبُ: الـمُعاهَدُ؛ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس: فما قاتَلوا عن رَبِّهِم ورَبِـيبِـهِمْ وقال ابن بري: قال أَبو علي الفارسي: أَرِبَّةٌ جمع رِبابٍ، وهو العَهْدُ. قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً: تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ، حِـيناً، وتُؤْلِفُ * الجِوارَ، ويُعْطِـيها الأَمانَ رِبابُها قوله: تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ.
والرِّبابُ: العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِـبُها من الناس لإِجارتِها.
وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ.
وقال شمر: الرِّبابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ، وقال غيره: يقول: إِذا أَجار الـمُجِـيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِـبَها قِدْحاً ليَعْلَموا أَنه قد أُجِـيرَ، فلا يُتَعَرَّض لها؛ كأَنَّـه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ الـمَيْسِر.
والأَرِبَّةُ: أَهلُ الـمِـيثاق. قال أَبو ذُؤَيْب: كانت أَرِبَّـتَهم بَهْزٌ، وغَرَّهُمُ * عَقْدُ الجِوار، وكانوا مَعْشَراً غُدُرا قال ابن بري: يكون التقدير ذَوِي أَرِبَّتِهِم(1) (1 قوله «التقدير ذوي إلخ» أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه.)؛ وبَهْزٌ: حَيٌّ من سُلَيْم؛ والرِّباب: العُشُورُ؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب: ويعطيها الأَمان ربابها وقيل: رِبابُها أَصحابُها.
والرُّبَّةُ: الفِرْقةُ من الناس، قيل: هي عشرة آلافٍ أَو نحوها، والجمع رِبابٌ.
وقال يونس: رَبَّةٌ ورِبابٌ، كَجَفْرَةٍ وجِفار، والرَّبـَّةُ كالرُّبـَّةِ؛ والرِّبِّـيُّ واحد الرِّبِّـيِّـين: وهم الأُلُوف من الناس، والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ: واحدتها رَبَّةٌ.
وفي التنزيلِ العزيز: وكأَيِّنْ مِن نَبـيِّ قاتَلَ معه رِبِّـيُّون كثير؛ قال الفراءُ: الرِّبِّـيُّونَ الأُلوف.
وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيـى: قال الأَخفش: الرِّبيون منسوبون إِلى الرَّبِّ. قال أَبو العباس: ينبغي أَن تفتح الراءُ، على قوله، قال: وهو على قول الفرّاء من الرَّبَّةِ، وهي الجماعة.
وقال الزجاج: رِبِّـيُّون، بكسر الراء وضمّها، وهم الجماعة الكثيرة.
وقيل: الربيون العلماء الأَتقياءُ الصُّـبُر؛ وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ.
وقال أَبو طالب: الربيون الجماعات الكثيرة، الواحدة رِبِّـيٌّ.
والرَّبَّانيُّ: العالم، والجماعة الرَّبَّانِـيُّون.
وقال أَبو العباس: الرَّبَّانِـيُّون الأُلوفُ، والرَّبَّانِـيُّون: العلماءُ.
و قرأَ الحسن: رُبِّـيُّون، بضم الراء.
وقرأَ ابن عباس: رَبِّـيُّون، بفتح الراءِ.
والرَّبَبُ: الماءُ الكثير المجتمع، بفتح الراءِ والباءِ، وقيل: العَذْب؛ قال الراجز: والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله؛ وقيل: برُبَّانِه: بجَمِـيعِه ولم يترك منه شيئاً.
ويقال: افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه؛ ومنه قيل: شاةٌ رُبَّـى.
ورُبَّانُ الشَّبابِ: أَوَّله؛ قال ابن أَحمر: وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه، * وأَنْتَ، من أَفنانِه، مُفْتَقِر ويُروى: مُعْتَصِر؛ وقول الشاعر: الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله. . خَلِـيلُ خَوْدٍ، غَرَّها شَبابُه، * أَعْجَبَها، إِذْ كَبِرَتْ، رِبابُه أَبو عمرو: الرُّبَّـى أَوَّلُ الشَّبابِ؛ يقال: أَتيته في رُبَّـى شَبابِه، ورُبابِ شَبابِه، ورِبابِ شَبابِه، ورِبَّان شَبابه. أَبو عبيد: الرُّبَّانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه؛ ورُبّانُ الكَوْكَب: مُعْظَمُه.
وقال أَبو عبيدة: الرَّبَّانُ، بفتح الراءِ: الجماعةُ؛ وقال الأَصمعي: بضم الراءِ.
وقال خالد بن جَنْبة: الرُّبَّةُ الخَير اللاَّزِمُ، بمنزلة الرُّبِّ الذي يَلِـيقُ فلا يكاد يذهب، وقال: اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ، فقيل له: وما رُبَّةُ عَيْشٍ؟ قال: طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه.
وقالوا: ذَرْهُ بِرُبَّان؛ أَنشد ثعلب: فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ، وإِلاّ تَذَرْهُمُ * يُذيقُوكَ ما فيهم، وإِن كان أَكثرا قال وقالوا في مَثَلٍ: إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك، فأَرْخِ، بِرُبَّانٍ، أَزْرَكَ.
وفي التهذيب: إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ، مِن رُبَّـى، أَزْرَكَ. يقول: إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ، واسْتَرْخِ أَنتَ واسْتَرِحْ.
ورُبَّانُ، غير مصروف: اسم رجل. قال ابن سيده: أَراه سُمي بذلك.
والرُّبَّـى: الحاجةُ، يقال: لي عند فلان رُبَّـى.
والرُّبَّـى: الرَّابَّةُ.
والرُّبَّـى: العُقْدةُ الـمُحْكَمةُ.
والرُّبَّـى: النِّعْمةُ والإِحسانُ.
والرِّبَّةُ، بالكسرِ: نِبْتةٌ صَيْفِـيَّةٌ؛ وقيل: هو كل ما اخْضَرَّ، في القَيْظِ، مِن جميع ضُروب النبات؛ وقيل: هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ، والجمع الرِّبَبُ؛ قال ذو الرمة، يصف الثور الوحشي: أَمْسَى، بِوَهْبِـينَ، مُجْتازاً لِـمَرْتَعِه، * مِن ذِي الفَوارِسِ، يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ والرِّبَّةُ: شجرة؛ وقيل: إِنها شجرة الخَرْنُوب. التهذيب: الرِّبَّةُ بقلة ناعمةٌ، وجمعها رِبَبٌ.
وقال: الرِّبَّةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات، لا تَهِـيج في الصيف، تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً؛ ومنها: الـحُلَّبُ، والرُّخَامَى، والـمَكْرُ، والعَلْقى، يقال لها كلها: رِبَّةٌ.التهذيب: قال النحويون: رُبَّ مِن حروف الـمَعاني، والفَرْقُ بينها وبين كَمْ، أَنَّ رُبَّ للتقليل، وكَمْ وُضِعت للتكثير، إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام؛ وكلاهما يقع على النَّكِرات، فيَخْفِضُها. قال أَبو حاتم: من الخطإِ قول العامة: رُبَّـما رأَيتُه كثيراً، ورُبَّـما إِنما وُضِعَتْ للتقليل. غيره: ورُبَّ ورَبَّ: كلمة تقليل يُجَرُّ بها، فيقال: رُبَّ رجلٍ قائم، ورَبَّ رجُلٍ؛ وتدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّتَ رجل، ورَبَّتَ رجل. الجوهري: ورُبَّ حرفٌ خافض، لا يقع إِلاَّ على النكرة، يشدَّد ويخفف، وقد يدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّ رجل، ورُبَّتَ رجل، ويدخل عليه ما، ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده، فيقال: رُبما.
وفي التنزيل العزيز: رُبَّـما يَوَدُّ الذين كفروا؛ وبعضهم يقول رَبَّـما، بالفتح، وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما، ورُبَتَما وَرَبَتَما، والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم، ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ، من قوله تعالى رُبَّـما يودّ، ردَّه إِلى الأَصل، فقال: رُبَيْبٌ. قال اللحياني: قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن: رُبَّـما يودُّ، بالتثقيل، وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش: رُبَما يَوَدُّ، بالتخفيف. قال الزجاج: من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير، فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العرب؛ فإِن قال قائل: فلمَ جازت رُبَّ في قوله: ربما يود الذين كفروا؛ ورب للتقليل؟ فالجواب في هذا: أَن العرب خوطبت بما تعلمه في التهديد.
والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل، فيقول له: لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ، وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ، ويقول: رُبَّـما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ، وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً، ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِـمَّا يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب، أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ، لوجَبَ عليه اجْتِنابُه؛ والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله: ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا؛ والفرق بين رُبَّـما ورُبَّ: أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم، وأَما رُبَّـما فإِنه زيدت ما، مع رب، ليَلِـيَها الفِعْلُ؛ تقول: رُبَّ رَجُلٍ جاءَني، وربما جاءَني زيد، ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه، ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها؛ ويقال: ربما جاءَني فلان، وربما حَضَرني زيد، وأَكثرُ ما يليه الماضي، ولا يَلِـيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً، كقوله تعالى: رُبَـما يَوَدُّ الذين كفروا، ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ، كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى، وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً.
وقد تَلي ربما الأَسماءَ وكذلك ربتما؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: ماوِيّ ! يا رُبَّتَما غارةٍ * شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِـيسَمِ قال الكسائي: يلزم مَن خَفَّف، فأَلقى إِحدى الباءَين، أَن يقول رُبْ رجل، فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات، كما تقول: لِـمَ صَنَعْتَ؟ ولِـمْ صَنَعْتَ؟ وبِـأَيِّمَ جِئْتَ؟ وبِـأَيِّمْ جئت؟ وما أَشبه ذلك؛ وقال: أَظنهم إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم: رُبَّتَ رجل، ورُبَتَ رجل. يريد الكسائي: أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً، أَو في نية الفتح، فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً، امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث، وآثروا النصب، يعني بالنصب: الفتح. قال اللحياني: وقال لي الكسائي: إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً، فقد أَخبرتك. يريد: إِن سمعت أَحداً يقول: رُبْ رَجُلٍ، فلا تُنْكِرْه، فإِنه وجه القياس. قال اللحياني: ولم يقرأْ أَحد رَبَّـما، بالفتح، ولا رَبَما.
وقال أَبو الهيثم: العرب تزيد في رُبَّ هاءً، وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف، ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ، فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ، وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ، بطل عَمَلُها؛ وأَنشد: كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه، * ورُبَّه عَطِـباً، أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ نصب عَطِـباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة.
وقولهم: رُبَّه رَجُلاً، ورُبَّها امرأَةً، أَضْمَرت فيها العرب على غير تقدّمِ ذِكْر، ثم أَلزَمَتْه التفسير، ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ، ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة.
وقال ابن جني مرة: أَدخلوا رُبَّ على المضمر، وهو على نهاية الاختصاص؛ وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع، لـمُضارَعَتِها النَّكِرَة، بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر، ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة، نحو رجلاً وامرأَةً؛ ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَـمَا احتاجت إِلى تفسيره.
وحكى الكوفيون: رُبَّه رجلاً قد رأَيت، ورُبَّهُما رجلين، ورُبَّهم رجالاً، ورُبَّهنَّ نساءً، فَمَن وَحَّد قال: إِنه كناية عن مجهول، ومَن لم يُوَحِّد قال: إِنه ردّ كلام، كأَنه قيل له: ما لكَ جَوَارٍ؟ قال: رُبَّهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ.
وقال ابن السراج: النحويون كالـمُجْمعِـينَ على أَن رُبَّ جواب.
والعرب تسمي جمادى الأُولى رُبّاً ورُبَّـى، وذا القَعْدةِ رُبَّة؛ وقال كراع: رُبَّةُ ورُبَّـى جَميعاً: جُمادَى الآخِرة، وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية.
والرَّبْرَبُ: القَطِـيعُ من بقر الوحش، وقيل من الظِّباءِ، ولا واحد له؛ قال: بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى، ولا أُمَّ شادِنٍ، * غَضِـيضَةَ طَرْفٍ، رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ وقال كراع: الرَّبْرَبُ جماعة البقر، ما كان دون العشرة.