المصادر:  


أحل (المعجم الوسيط) [50]


 خرج من إِحْرَامه فَجَاز لَهُ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ وَفُلَان جَاوز الْحرم وَأخرج نَفسه من تبعة أَو عهد وَفُلَانًا الْمَكَان وَبِه جعله يحله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {الَّذِي أحلنا دَار المقامة من فَضله} وَالشَّيْء أَبَاحَهُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} 

أحل (المعجم الوسيط) [50]


 الشَّيْء جعله حلوا ووجده حلوا وَالْمَكَان استحلاه فَأَقَامَ بِهِ 

حلل (الصّحّاح في اللغة) [50]


حَلَلْتُ العُقدة أَحُلُّهَا حَلاًّ وحُلولاً ومَحَلاًّ. أيضاً: المكان الذي تَحُلُّهُ. القومَ وحَلَلْتُ بهم بمعنىً. دُهْنُ السِمسم. بالكسر: الحلالُ، وهو ضدُّ الحرام.
ورجلٌ حِلٌّ من الإحرام، أي حَلالٌ. يقال: أنت حِلٌّ، وأنت حِرْمٌ. أيضاً: ما جاوز الحَرَمَ. ويقال أيضاً: حِلاًّ، أي اسْتَثنِ.
ويا حالِفُ اذكرْ حِلاًّ. حِلَّةٌ، أي نُزولٌ وفيهم كثرةٌ. قال الشاعر:
قِبابٌ وَحَـيٌّ حِـلَّة وقـبـائلُ      لقد كان في شَيْبانَ لو كنتَ عالِماً

وكذلك حيٌّ حِلالٌ. قال زهير:
إذا طرَقتْ إحدى الليالي بمعظمِ      لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أمرَهم

والحِلَّةُ أيضاً: مصدر قولك . . . أكمل المادة حَلَّ الْهَدْيُ.
ويقال أيضاً: هو في حِلَّةِ صدقٍ، أي بمَحَلَّة صدقٍ. منزِلُ القومِ.
ومكانٌ مِحْلالٌ، أي يَحُلُّ به الناس كثيراً.
وقوله تعالى: "حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلهُ" هو الموضع الذي يُنْحَرُ فيه. الدينِ أيضاً: أَجَلُه. قال أبو عبيد: الحُلَلُ: بُرودُ اليمن. إزارٌ ورداءٌ، لا تسمَّى حُلَّةً حتّى تكون ثوبين. الزوجُ. الزوجةُ.
ويقال أيضاً: هذا حَليلُهُ وهذه حَليلَتُهُ، لمن يُحالُّهُ في دارٍ واحدة.
وقال:
حَليلَتَـهُ إذا هـدأ الـنـيامُ      ولستُ بأطلسِ الثَوبين يُصْبي

يعني جارتَه. مخرجُ البول، ومخرجُ اللبن من الضرع والثَدْي. لكا لشيءُ يَحِلُّ حِلاًّ وحَلالاً، وهو حِلٌّ بِلٌّ أي طِلْقُ. المُحْرِمُ يَحِلُّ حَلالاً، وأَحَلَّ بمعنىً. الهديُ يَحِلُّ حِلَّةً وحُلولاً، أي بلغَ الموضعَ الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُهُ. العذابُ يَحِلُّ بالكسر، أي وَجب ويَحُلّ بالضم، أي نزل.
وقرئ بهما قوله تعالى: "فَيَحِلُّ عليكم غَضَبي".
وأمَّا قوله تعالى: "أو تَحُلُّ قريباً من دارِهِم" فبالضم، أي تنزِل. الدَيْنُ يَحِلُّ حُلولاً. المرأةُ، أي خرجتْ من عِدَّتِها. أي أنزلته. قال أبو يوسف: المُحِلَّتانِ: القِدْرُ والرحى. قال: فإذا قيل المُحِلاَّتُ فهي القِدْرُ، والرحى، والدلو، والشَفرة، والفأس، والقدّاحة، والقربةُ. أي مَن كان عنده هذه الأدواتُ حَلَّ حيث شاء، وإلا فلا بدَّ له من أن يجاورَ الناس ليستعير منهم بعضَ الأشياء. له الشيء، أي جعلتُه له حَلالاً؛ يقال أَحْلَلْتُ المرأةَ زوجها. المُحْرمُ: لغة في حَلَّ. أي خرج إلى الحِلِّ، أو من ميثاقٍ كان عليه. أي دخَلْنا في شهور الحِلِّ. أي دخلنا في شهور الحُرُمِ. الشاة، إذا نزل اللبنُ في ضرعها من غير نِتاجٍ والمُحَلِّلُ في السَبْقِ: الداخلُ بين المتراهِنَين إن سَبق أخَذ، وإن سُبِقَ لم يَغرَم. في النكاح، هو الذي يتزوَّج المطلّقة ثلاثاً حتَّى تحل للزَوج الأول. بنفسه، أي استوجَبَ العقوبة.
ومكانٌ مُحَلَّلٌ، إذا أكثر الناس به الحُلولَ. أي نزل. في يمينه، أي استثنى. الشيءَ، أي عدَّه حَلالاً. ضدُّ التحريمِ. تقول: حَلَّلْتُهُ تَحْليلاً وتَحِلَّةً، كما تقول غَرَّرَ تغْريراً وتَغِرَّةً.
وقولهم: ما فعلتُه إلاَّ تَحِلّةَ القَسَمِ، أي لم أفعَلْ إلا بقَدْرِ ما حَلَّلْتُ به يميني ولم أبالغ.
وفي الحديث: "لا يموتُ للمؤمن ثلاثة أولادٍ فتمسَّه النار إلا تَحِلَّةَ القسم" أي قدْر ما يبرُّ الله تعالى قَسَمَهُ فيه بقوله تعالى: "وإنْ منكُمْ إلاَّ وارِدُها كان على رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيَّا"، ثم قيل لكلِّ شيء لم يُبالَغْ فيه تَحْليلٌ. يقال: ضربته تَحْليلاً. قال الفراء: الحَلَلُ في البعير: ضَعْفٌ في عرقوبه، فهو أَحَلُّ بَيِّنُ الحَلَلِ. فإن كان في الركبة فهو الطَرَقُ. الذي في رِجْله استرخاءٌ، وهو مذمومٌ في كلِّ شيءٍ إلاّ في الذئب.

حَلَّ (القاموس المحيط) [50]


حَلَّ المكانَ، وبه يَحُلُّ ويَحِلُّ حَلاًّ وحُلولاً وحَلَلاً، محرَّكةً، نادِرٌ: نَزَلَ به،
كاحْتَلَّهُ، وبه فهو حالٌّ،
ج: حُلولٌ وحُلاَّلٌ، كعُمَّالٍ ورُكَّعٍ.
وأحَلَّهُ المكانَ، وبه،
وحَلَّلَهُ إياهُ،
وحَلَّ به: جَعَلَهُ يَحُلُّ، عاقَبَتِ الباءُ الهَمْزَةَ.
وحالَّهُ: حَلَّ معه.
وحَليلَتُكَ: امْرَأَتُكَ،
وأنتَ حَليلُها،
ويقالُ للمُؤَنَّثِ: حَليلٌ أيضاً.
والحَلَّةُ: ة بناحيةِ دُجَيْلٍ من بَغْدادَ، وقُفٌّ من الشَّرَيْفِ بين ضَرِيَّةَ واليمامةِ،
أو ع حَزْنٌ ببلادِ ضَبَّةَ، والزِنْبيلُ الكبيرُ من القَصَبِ، والمَحَلَّةُ،
وع بالشامِ.
. . . أكمل المادة وحَلَّةُ الشيءِ، ويُكْسَرُ: جِهَتُهُ وقَصْدُه، وبالكسر: القومُ النُّزولُ، وهيئةُ الحُلولِ، وجماعةُ بُيوتِ الناسِ، أَو مِئَةُ بَيْتٍ، والمَجْلِسُ، والمُجْتَمَعُ،
ج: حِلالٌ، وشجرةٌ شاكَةٌ مَرْعَى صِدْقٍ، والشُّقَّةُ من البَواري،
ود بَناهُ صَدَقَةُ بنُ مَنْصورِ بنِ دُبَيْسِ بنِ مَزْيَدٍ،
وة قُرْبَ الحُوَيْزَةِ بنَاها دُبَيْسُ بنُ عَفيفٍ.
وحِلَّةُ ابن قَيْلَةَ: من أعْمالِ المَذارِ، وبالضم: إزارٌ ورِداءٌ بُرْدٌ أو غيرُهُ، ولا تكونُ حُلَّةً إلاَّ من ثَوْبَيْنِ، أو ثَوبٍ له بِطانَةٌ، والسِلاحُ،
ج: حُلَلٌ وحِلالٌ. الحُلَّةِ: عَوْفُ ابنُ الحَارِثِ بنِ عبدِ مَناةَ.
والمَحَلَّةُ: المَنْزِلُ،
ود بِمِصْرَ، وأرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعاً آخَرَ.
ورَوْضَةٌ مِحْلالٌ: تُحَلُّ كثيراً.
والمُحِلَّتانِ: القِدْرُ والرَّحَى.
والمُحِلاَّتُ: هُما والدَّلْوُ والقِرْبَةُ والجَفْنَةُ والسِّكِّينُ والفأسُ والزَّنْدُ.
وتَلْعَةٌ مُحِلَّةٌ: تَضُمُّ بَيْتاً أو بَيْتَيْنِ.
وحَلَّ من إحْرامِهِ يَحِلُّ حِلاًّ، بالكسرِ،
وأحَلَّ: خَرَجَ، فهو حَلالٌ لا حالٌّ، وهو القِياسُ،
و~ الهَدْيُ يَحِلُّ حِلَّةً وحُلولاً: بَلَغَ المَوْضِعَ الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُهُ،
و~ المرأةُ: خَرَجَتْ من عِدَّتِها.
وفَعَلَهُ في حِلِّهِ وحِرْمِهِ، بالكسر والضم فيهما، أي: وَقْتَ إحْلالِهِ وإحْرامِهِ.
والحِلُّ، بالكسر: ما جاوَزَ الحَرَمَ.
ورجُلٌ مُحِلٌّ: مُنْتَهِكٌ للحَرامِ، أو لا يَرَى للشَّهْرِ الحَرامِ حُرْمَةٌ.
والحَلالُ، ويُكْسَرُ: ضِدُّ الحَرامِ،
كالحِلِّ، بالكسر، وكأَميرٍ، حَلَّ يَحِلُّ حِلاًّ، بالكسر. اللّهُ، وحَلَّلَهُ. وبِلٌّ: في الباءِ.
واسْتَحَلَّهُ: اتَّخَذَهُ حَلالاً، أو سألَهُ أن يُحِلَّهُ له.
وكسَحابٍ: الحَلالُ ابنُ ثَوْرِ بنِ أبي الحَلالِ العَتَكِيُّ، وبِشْرُ بنُ حَلالٍ، وأحمدُ بنُ حَلالٍ: مُحَدِّثونَ.
والحُلْوُ الحَلالُ: الكَلامُ لا رِيبَةَ فيه، وبالكسر: مَرْكَبٌ للنِّساءِ، ومَتاعُ الرَّحْلِ. وحَلَّلَ اليَمينَ تَحْليلاً وتَحِلَّةً وتَحِلاًّ، وهذه شاذَّة: كفَّرَها، والاسمُ: الحِلُّ، بالكسر.
والتَّحِلَّةُ: ما كُفِّرَ به.
وتَحَلَّلَ في يَمينِهِ: اسْتَثْنَى.
وأعْطِهِ حُلاَّنَ يَمينِهِ، بالضم، أي: ما يُحَلِّلُها. والمُحَلِّلُ: الفَرَسُ الثالِثُ في الرِّهانِ، إنْ سَبَقَ أخَذَ، وإنْ سُبِقَ فما عليه شيءٌ، ومُتَزَوِّجُ المُطَلَّقَة ثلاثاً لِتَحِلَّ للزَّوْجِ الأوَّلِ.
وضَرَبَهُ ضَرْباً تَحْليلاً، أَي: كالتَّعْزيرِ.
وحَلَّ: عَدا،
و~ العُقْدَةَ: نَقَضَها فانْحَلَّتْ، وكلُّ جامِدٍ أُذيبَ فقد حُلَّ. وحُلَّ المكانُ: سُكِنَ.
والمُحَلَّلُ، كمُعَظَّمٍ: الشيءُ اليَسيرُ، وكلُّ ماءٍ حَلَّتْهُ الإِبِلُ فَكَدَّرَتْهُ. أمرُ الله عليه يَحِلُّ حُلولاً: وَجَبَ، وأَحَلَّهُ الله عليه،
و~ حَقِّي عليه يَحِلُّ مَحِلاًّ: وجَبَ، مَصْدَرُهُ كالمَرْجِعِ،
و~ الدَّيْنُ: صارَ حالاًّ.
وأحَلَّتِ الشاةُ: قَلَّ لَبَنُها، أو يَبِسَ، فأَكَلَتِ الرَّبيعَ، فَدَرَّتْ، وهي مُحِلٌّ. وتَحَلَّلَ السَّفَرُ بالرجُلِ: اعْتَلَّ بعدَ قُدومِهِ.
والإِحْليلُ والتِّحْليلُ، بكسرِهما: مَخْرَجُ البَوْلِ من ذَكَرِ الإِنْسانِ، واللَّبَنِ من الثَّدْيِ.
والحَلَلُ، محرَّكةً: رَخاوَةٌ في قَوائِمِ الدابَّةِ، أَو اسْتِرخاءٌ في العَصَبِ مَعَ رَخَاوَةٍ في الكَعْبِ، أو يَخُصُّ الإِبِلَ، والرَّسَحُ، ووَجَعٌ في الوَرِكَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وقد حَلِلْتَ يا رجُلُ، كفَرِحَ، حَلَلاً،
والنَّعْتُ: أحَلُّ وحَلاَّءُ. وفيه حَلَّةٌ، ويُكْسَرُ: ضَعْفٌ وفُتورٌ وتَكَسُّرٌ.
والحِلُّ، بالكسر: الغَرَضُ يُرْمَى إليه، وبالضم: جَمْعُ الأَحَلِّ من الخَيْلِ، وبالفتح: الشَّيْرَجُ.
والحُلاَّنُ، بالضم: الجَدْيُ، أَو الخَروفُ، أَو خاصٌّ بما يُشَقُّ عنه بَطْنُ أُمِّهِ فَيُخْرَجُ.
ودَمُهُ حُلاَّنُ: باطِلٌ.
وإحْليلٌ: وادٍ.
وإحْليلاءُ: جَبَلٌ، وبالقَصْرِ: شِعْبٌ لِبَنِي أسَدٍ.
والمَحِلُّ، بكسر الحاءِ: ة باليمنِ.
وحَلْحَلَهُم: أزالَهُم عن مَواضِعِهِم، وحَرَّكَهُم فَتَحَلْحَلوا،
و~ بالإِبِلِ: قالَ لها: حَلٍ حَلٍ، مُنَوَّنَتَيْنِ، أو حَلْ، مُسَكَّنَةً.
والحُلاحِلُ، بالضم: ع، والسَّيِّدُ الشُّجاعُ، أَو الضَّخْمُ الكثيرُ المروءَةِ، أَو الرَّزِينُ في ثَخَانَةٍ، يَخُصُّ الرِّجالَ، ومالَهُ فِعلٌ،
ج: بالفتح.
والمُحَلْحَلُ، للمفعولِ: بِمعناهُ.
وحَلْحَلَةُ: اسمٌ.
وحَلْحَلٌ: ع.
وحَلْحولُ: ة (قُرْبَ جَيْرونَ)، بها قَبْرُ يونُسَ عليه السلامُ، والقياسُ ضَمُّ حائِهِ.
وكزُبَيْرٍ: ع لِسُلَيْمٍ، وفرسٌ من نَسْلِ الحَرونِ لِمقْسَمِ بنِ كثيرٍ، واسمٌ.
والحَلْحَالُ بنُ دُرِّيٍّ الضَّبِّيُّ: تابِعِيٌّ.
وأحَلَّ: دَخَلَ في أشْهُرِ الحِلِّ أو خَرَجَ إلى الحِلِّ، أَو من ميثاقٍ كان عليه،
و~ بنَفْسِه: اسْتَوْجَبَ العُقوبَةَ.

حلل (لسان العرب) [50]


حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلولاً ومَحَلاًّ وحَلاًّ وحَلَلاً، بفك التضعيف نادر: وذلك نزول القوم بمَحَلَّة وهو نقيض الارتحال؛ قال الأَسود بن يعفر: كَمْ فاتَني من كَريمٍ كان ذا ثِقَة، يُذْكي الوَقُود بجُمْدٍ لَيْلة الحَلَل وحَلَّه واحْتَلَّ به واحْتَلَّه: نزل به. الليث: الحَلُّ الحُلول والنزول؛ قال الأَزهري: حَلَّ يَحُلُّ حَلاًّ؛ قال المُثَقَّب العَبْدي: أَكُلَّ الدهر حَلٌّ وارتحال، أَما تُبْقِي عليّ ولا تَقِيني؟ ويقال للرجل إِذا لم يكن عنده غَنَاء: لا حُلِّي ولا سِيرِي، قال ابن سيده: كأَن هذا إِنما قيل أَوَّل وَهْلَة لمؤنث فخوطب . . . أكمل المادة بعلامة التأْنيث، ثم قيل ذلك للمذكر والاثنين والاثنتين والجماعة مَحْكِيًّا بلفظ المؤنث، وكذلك حَلَّ بالقوم وحَلَّهُم واحْتَلَّ بهم، واحْتَلَّهم، فإِما أَن تكونا لغتين كلتاهما وُضِع، وإِمَّا أَن يكون الأَصل حَلَّ بهم، ثم حذفت الباء وأُوصل الفعل إِلى ما بعده فقيل حَلَّه؛ ورَجُل حَالٌّ من قوم حُلُول وحُلاَّلٍ وحُلَّل. المكانَ وأَحَلَّه به وحَلَّله به وحَلَّ به: جَعَله يَحُلُّ، عاقَبَت الباء الهمزة؛ قال قيس بن الخَطِيم: دِيَار التي كانت ونحن على مِنًى تَحُلُّ بنا، لولا نَجَاءُ الرَّكائب أَي تَجْعلُنا نَحُلُّ. حَلَّ معه. نقيض المُرْتَحَل؛ وأَنشد: إِنَّ مَحَلاًّ وإِن مُرْتَحَلا، وإِنَّ في السَّفْر ما مَضَى مَهَلا قال الليث: قلت للخليل: أَلست تزعم أَن العرب العاربة لا تقول إِن رجلاً في الدار لا تبدأْ بالنكرة ولكنها تقول إِن في الدار رجلاً؟ قال: ليس هذا على قياس ما تقول، هذا حكاية سمعها رجل من رجل: إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا؛ ويصف بعد حيث يقول: هل تَذْكُرُ العَهْد في تقمّص، إِذ تَضْرِب لي قاعداً بها مَثَلا؛ إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا المَحَلُّ: الآخرة والمُرْتَحَل؛ . . . (* هكذا ترك بياض في الأصل) وأَراد بالسَّفْر الذين ماتوا فصاروا في البَرْزَخ، والمَهَل البقاء والانتظار؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من قول الخليل، فإِذا قال الليث قلت للخليل أَو قال سمعت الخليل، فهو الخليل بن أَحمد لأَنه ليس فيه شك، وإِذا قال قال الخليل ففيه نظر، وقد قَدَّم الأَزهري في خطبة كتابه التهذيب أَنه في قول الليث قال الخليل إِنما يَعْني نَفْسَه أَو أَنه سَمَّى لِسانَه الخَليل؛ قال: ويكون المَحَلُّ الموضع الذي يُحَلُّ فيه ويكون مصدراً، وكلاهما بفتح الحاء لأَنهما من حَلِّ يَحُلُّ أَي نزل، وإِذا قلت المَحِلّ، بكسر الحاء، فهو من حَلَّ يَحِلُّ أَي وَجَب يَجِب. قال الله عز وجل: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه؛ أَي الموضع الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُه، والمصدر من هذا بالفتح أَيضاً، والمكان بالكسر، وجمع المَحَلِّ مَحَالُّ، ويقال مَحَلٌّ ومَحَلَّة بالهاء كما يقال مَنْزِل ومنزِلة.
وفي حديث الهَدْي: لا يُنْحَر حتى يبلغ مَحِلَّه أَي الموضع أَو الوقت اللذين يَحِلُّ فيهما نَحْرُه؛ قال ابن الأَثير: وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان؛ ومنه حديث عائشة: قال لها هل عندكم شيء؟ قالت: لا، إِلا شيء بَعَثَتْ به إِلينا نُسَيْبَة من الشاة التي بَعَثْتَ إِليها من الصدقة، فقال: هاتي فقد بَلَغَتْ مَحِلَّها أَي وصلت إِلى الموضع الذي تَحِلُّ فيه وقُضِيَ الواجبُ فيها من التَّصَدّق بها، وصارت مِلْكاً لن تُصُدِّق بها عليه، يصح له التصرف فيها ويصح قبول ما أُهدي منها وأَكله، وإِنما قال ذلك لأَنه كان يحرم عليه أَكل الصدقة.
وفي الحديث: أَنه كره التَّبَرُّج بالزينة لغير مَحِلِّها؛ يجوز أَن تكون الحاء مكسورة من الحِلِّ ومفتوحة من الحُلُول، أَراد به الذين ذكرهم الله في كتابه: ولا يبدين زينتهن إِلا لبُعُولتهن، الآية، والتَّبَرُّج: إِظهار الزينة. أَبو زيد: حَلَلْت بالرجل وحَلَلْته ونَزَلْت به ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بهم بمعنًى.
ويقال: أَحَلَّ فلان أَهله بمكان كذا وكذا إِذا أَنزلهم.
ويقال: هو في حِلَّة صِدْق أَي بمَحَلَّة صِدْق. مَنْزِل القوم. الرجل: امرأَته، وهو حَلِيلُها، لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ صاحبه، وهو أَمثل من قول من قال إِنما هو من الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لها وتَحِلُّ له، وذلك لأَنه ليس باسم شرعي وإِنما هو من قديم الأَسماء. والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قال عنترة: وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً، تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم وقيل: حَلِيلَته جارَتُه، وهو من ذلك لأَنهما يَحُلاَّن بموضع واحد، والجمع الحَلائل؛ وقال أَبو عبيد: سُمِّيا بذلك لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ صاحبَه.
وفي الحديث: أَن تُزَاني حَلِيلة جارك، قال: وكل من نَازَلَكَ وجَاوَرَك فهو حَليلك أَيضاً. يقال: هذا حَليله وهذه حَليلته لمن تُحَالُّه في دار واحدة؛ وأَنشد: ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ قال: لم يرد بالحَلِيلة هنا امرأَته إِنما أَراد جارته لأَنها تُحَالُّه في المنزل.
ويقال: إِنما سميت الزوجة حَلِيلة لأَن كل واحد منهما مَحَلُّ إِزار صاحبه.
وحكي عن أَبي زيد: أَن الحَلِيل يكون للمؤنث بغير هاء.والحِلَّة القوم النزول، اسم للجمع، وفي التهذيب: قوم نزول؛ وقال الأَعشى: لقد كان في شَيْبان، لو كُنْتَ عالماً، قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وفيهم كثرة؛ هذا البيت استشهد به الجوهري، وقال فيه: وحَوْلي حِلَّة ودَراهم (* قوله «وحولي» هكذا في الأصل، والذي في نسخة الصحاح التي بايدينا: وحيّ). قال ابن بري: وصوابه وقبائل لأَن القصيدة لاميَّة؛ وأَولها: أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قيس بن خالدٍ، وأَنتَ امْرُؤ يرجو شَبَابَك وائل قال: وللأَعشى قصيدة أُخرى ميمية أَولها: هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لام لائم يقول فيها: طَعَام العراق المُسْتفيضُ الذي ترى، وفي كل عام حُلَّة وَدَارهِم قال: وحُلَّة هنا مضمومة الحاء، وكذلك حَيٌّ حِلال؛ قال زهير: لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أَمْرُهُم، إِذا طَرَقَت إِحْدى اللَّيَالي بمُعْظَم والحِلَّة: هَيئة الحُلُول. جماعة بيوت الناس لأَنها تُحَلُّ؛ قال كراع: هي مائة بيت، والجمع حِلال؛ قال الأَزهري: الحِلال جمع بيوت الناس، واحدتها حِلَّة؛ قال: وحَيٌّ حِلال أَي كثير؛ وأَنشد شمر: حَيٌّ حِلالٌ يَزْرَعون القُنْبُلا قال ابن بري: وأَنشد الأَصمعي: أَقَوْمٌ يبعثون العِيرَ نَجْداً أَحَبُّ إِليك، أَم حَيٌّ حِلال؟ وفي حديث عبد المطلب: لا هُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْـ ـنَعُ رَحْلَه، فامْنَعْ حِلالَك الحِلال، بالكسر: القومُ المقيمون المتجاورون يريد بهم سُكَّان الحَرَم.
وفي الحديث: أَنهم وَجَدوا ناساً أَحِلَّة، كأَنه جمع حِلال كعِماد وأَعْمِدَة وإِنما هو جمع فَعال، بالفتح؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال بعضهم وليس أَفْعِلة في جمع فِعال، بالكسر، أَولى منها في جمع فَعال، بالفتح، كفَدَان وأَفْدِنة. مجلس القوم لأَنهم يَحُلُّونه. مُجْتَمَع القوم؛ هذه عن اللحياني. منزل القوم.
ورَوْضة مِحْلال إِذا أَكثر الناسُ الحُلول بها. قال ابن سيده: وعندي أَنها تُحِلُّ الناس كثيراً، لأَن مِفْعالاً إِنما هي في معنى فاعل لا في معنى مفعول، وكذلك أَرض مِحْلال. ابن شميل: أَرض مِحْلال وهي السَّهْلة اللَّيِّنة، ورَحَبة مِحْلال أَي جَيِّدة لمحَلّ الناس؛ وقال ابن الأَعرابي في قول الأَخطل: وشَرِبْتها بأَرِيضَة مِحْلال قال: الأَرِيضَة المُخْصِبة، قال: والمِحْلال المُخْتارة للحِلَّة والنُّزول وهي العَذاة الطَّيِّبة؛ قال الأَزهري: لا يقال لها مِحْلال حتى تُمْرِع وتُخْصِب ويكون نباتها ناجعاً للمال؛ وقال ذو الرمة: بأَجْرَعَ مِحْلالٍ مِرَبٍّ مُحَلَّل والمُحِلَّتانِ: القِدْر والرَّحى، فإِذا قلت المُحِلاَّت فهي القِدْر والرَّحى والدَّلْو والقِرْبة والجَفْنَة والسِّكِّين والفَأْس والزَّنْد، لأَن من كانت هذه معه حَلَّ حيث شاء، وإِلا فلا بُدَّ له من أَن يجاور الناس يستعير منهم بعض هذه الأَشياء؛ قال: لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّت الأَتاويُّون: الغُرَباء أَي لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون أَحداً بأَصحاب المُحِلاَّت؛ قال أَبو علي الفارسي: هذا على حذف المفعول كما قال تعالى: يوم تُبَدَّل الأَرضُ غيرَ الأَرض والسمواتُ؛ أَي والسمواتُ غيرَ السمواتِ، ويروى: لا يُعْدَلَنَّ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي لا ينبغي أَن يُعْدل فعلى هذا لا حذف فيه.
وتَلْعة مُحِلَّة: تَضُمُّ بيتاً أَو بيتين. قال أَعرابي: أَصابنا مُطَيْر كسَيْل شعاب السَّخْبَرِ رَوَّى التَّلْعة المُحِلَّة، ويروى: سَيَّل شِعابَ السَّخْبَر، وإِنما شَبَّه بشِعاب السَّخْبَر، وهي مَنابِته، لأَن عَرْضَها ضَيِّق وطولها قدر رَمْية حَجَر. المُحْرِمُ من إِحرامه يَحِلُّ حِلاًّ وحَلالاً إِذا خَرج من حِرْمه. خَرَج، وهو حَلال، ولا يقال حالٌّ على أَنه القياس. قال ابن الأَثير: وأَحَلَّ يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا حَلَّ له ما حَرُم عليه من مَحْظورات الحَجِّ؛ قال الأَزهري: وأَحَلَّ لغة وكَرِهها الأَصمَعي وقال: أَحَلَّ إِذا خَرج من الشُّهُور الحُرُم أَو من عَهْد كان عليه.
ويقال للمرأَة تَخْرُج من عِدَّتها: حَلَّتْ. حِلٌّ من الإِحرام أَي حَلال. ضد الحرام. رَجُل حَلال أَي غير مُحْرِم ولا متلبس بأَسباب الحج، وأَحَلَّ الرجلُ إِذا خرج إِلى الحِلِّ عن الحَرَم، وأَحَلَّ إِذا دخل في شهور الحِلِّ، وأَحْرَمْنا أَي دخلنا في الشهور الحُرُم. الأَزهري: ويقال رجل حِلٌّ وحَلال ورجل حِرْم وحَرام أَي مُحْرِم؛ وأَما قول زهير: جَعَلْن القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَه، وكم بالقَنان من مُحِلّ ومُحْرِم فإِن بعضهم فسره وقال: أَراد كَمْ بالقَنان من عَدُوٍّ يرمي دَماً حَلالاً ومن مُحْرم أَي يراه حَراماً.
ويقال: المُحِلُّ الذي يَحِلُّ لنا قِتالُه، والمُحْرِم الذي يَحْرُم علينا قتاله.
ويقال: المُحِلُّ الذي لا عَهْد له ولا حُرْمة، وقال الجوهري: من له ذمة ومن لا ذمة له.
والمُحْرِم: الذي له حُرْمة.
ويقال للذي هو في الأَشهر الحُرُم: مُحْرِم، وللذي خرج منها: مُحِلٌّ. للنازل في الحَرَم: مُحْرِم، والخارج منه: مُحِلّ، وذلك أَنه ما دام في الحَرَم يحرم عليه الصيد والقتال، وإِذا خرج منه حَلَّ له ذلك.
وفي حديث النخعي: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك؛ قال الليث: معناه من ترك الإِحرام وأَحَلَّ بك فقاتَلَك فأَحْلِل أَنت أَيضاً به فقائِلُه وإِن كنت مُحْرماً، وفيه قول آخر وهو: أَن المؤمنين حَرُم عليهم أَن يقتل بعضهم بعضاً ويأْخذ بعضهم مال بعضهم، فكل واحد منهم مُحْرِم عن صاحبه، يقول: فإِذا أَحَلَّ رجل ما حَرُم عليه منك فادفعه عن نفسك بما تَهَيَّأَ لك دفعُه به من سلاح وغيره وإِن أَتى الدفع بالسلاح عليه، وإَحْلال البادئ ظُلْم وإِحْلال الدافع مباح؛ قال الأَزهري: هذا تفسير الفقهاء وهو غير مخالف لظاهر الخبر.
وفي حديث آخر: من حَلَّ بك فاحْلِلْ به أَي من صار بسببك حَلالاً فَصِرْ أَنت به أَيضاً حَلالاً؛ هكذا ذكره الهروي وغيره، والذي جاء في كتاب أَبي عبيد عن النخعي في المُحْرِم يَعْدو عليه السَّبُع أَو اللِّصُّ: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك.
وفي حديث دُرَيد بن الصِّمَّة: قال لمالك بن عوف أَنت مُحِلٌّ بقومك أَي أَنك قد أَبَحْت حَرِيمهم وعَرَّضتهم للهلاك، شَبَّههم بالمُحْرِم إِذا أَحَلَّ كأَنهم كانوا ممنوعين بالمُقام في بيوتهم فحَلُّوا بالخروج منها.
وفعل ذلك في حُلِّه وحُرْمه وحِلِّه وحِرْمه أَي في وقت إحْلاله وإِحرامه. الرجل الحَلال الذي خرج من إِحرامه أَو لم يُحْرِم أَو كان أَحرم فحَلَّ من إِحرامه.
وفي حديث عائشة: قالت طَيَّبْت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّه وحِرْمه؛ وفي حديث آخر: لحِرْمِه حين أَحْرَم ولحِلِّه حين حَلَّ من إِحرامه، وفي النهاية لابن الأَثير: لإِحْلاله حين أَحَلَّ. مصدر قولك حَلَّ الهَدْيُ.
وقوله تعالى: حتى يَبْلغ الهَدْيُ مَحِلَّه؛ قيل مَحِلُّ من كان حاجّاً يوم النَّحر، ومَحِلُّ من كان معتمراً يوم يدخل مكة؛ الأَزهري: مَحِلُّ الهدي يوم النحر بمِنًى، وقال: مَحِلُّ هَدْي المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الحج بمكة إِذا قَدِمها وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة. هَدْيِ القارن: يوم النحر بمنًى، ومَحِلُّ الدَّيْن: أَجَلُه، وكانت العرب إِذا نظرت إِلى الهلال قالت: لا مَرْحَباً بمُحِلِّ الدَّيْن مُقَرِّب الأَجَل.
وفي حديث مكة: وإِنما أُحِلَّت لي ساعة من نهار، يعني مَكَّة يوم الفتح حيث دخلها عَنْوَة غير مُحْرِم.
وفي حديث العُمْرة: حَلَّت العُمْرة لمن اعْتَمَرَ أَي صارت لكم حَلالاً جائزة، وذلك أَنهم كانوا لا يعتمرون في الأَشهر الحُرُم، فذلك معنى قولهم إِذا دَخَل صَفَر حَلَّت العُمْرَةُ لمن اعْتَمَر. والحَلال والحِلال والحَلِيل: نَقِيض الحرام، حَلَّ يَحِلُّ حِلاًّ وأَحَلَّه الله وحَلَّله. تعالى: يُحِلُّونه عاماً ويُحَرِّمونه عاماً؛ فسره ثعلب فقال: هذا هو النسِيء، كانوا في الجاهلية يجمعون أَياماً حتى تصير شهراً، فلما حَجَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الآنَ اسْتَدارَ الزمانُ كهيئته.
وهذا لك حِلٌّ أَي حَلال. يقال: هو حِلٌّ وبِلٌّ أَي طَلْق، وكذلك الأُنثى.
ومن كلام عبد المطلب: لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وقيل: البِلُّ مباح، حِمْيَرِيَّة. الأَزهري: روى سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس يقول: هي حِلٌّ وبِلٌّ يعني زمزم، فسُئِل سفيان: ما حِلٌّ وبِلٌّ؟ فقال: حِلٌّ مُحَلَّل. هذا لك حِلٌّ وحَلال كما يقال لضدّه حِرْم وحَرام أَي مُحَرَّم. له الشيءَ. جعلته له حَلالاً. الشيءَ: عَدَّه حَلالاً. أَحْلَلت المرأَةَ لزوجها.
وفي الحديث: لعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المُحَلِّل والمُحَلَّل له، وفي رواية: المُحِلَّ والمُحَلَّ له، وهو أَن يطلق الرجل امرأَته ثلاثاً فيتزوجها رجل آخر بشرط أَن يطلقها بعد مُوَاقَعته إِياها لتَحِلَّ للزوج الأَول.
وكل شيء أَباحه الله فهو حَلال، وما حَرَّمه فهو حَرَام.
وفي حديث بعض الصحابة: ولا أُوتي بحَالٍّ ولا مُحَلَّل إِلا رَجَمْتُهما؛ جعل الزمخشري هذا القول حديثاً لا أَثراً؛ قال ابن الأَثير: وفي هذه اللفظة ثلاث لغات حَلَّلْت وأَحْلَلت وحَلَلْت، فعلى الأَول جاء الحديث الأَول، يقال حَلَّل فهو مُحَلِّل ومُحَلَّل، وعلى الثانية جاء الثاني تقول أَحَلَّ فهو مُحِلٌّ ومُحَلٌّ له، وعلى الثالثة جاء الثالث تقول حَلَلْت فأَنا حَالٌّ وهو مَحْلول له؛ وقيل: أَراد بقوله لا أُوتَى بحالٍّ أَي بذي إِحْلال مثل قولهم رِيحٌ لاقِح أَي ذات إِلْقاح، وقيل: سُمِّي مُحَلِّلاً بقصده إِلى التحليل كما يسمى مشترياً إِذا قصد الشراء.
وفي حديث مسروق في الرجل تكون تحته الأَمة فيُطَلِّقها طلقتين ثم يشتريها قال: لا تَحِلُّ له إِلا من حيث حَرُمت عليه أَي أَنها لا تَحِلُّ له وإِن اشتراها حتى تنكح زوجاً غيره، يعني أَنها حَرُمت عليه بالتطليقتين، فلا تَحِلُّ له حتى يطلقها الزوج الثاني تطليقتين، فتَحِلّ له بهما كما حَرُمت عليه بهما. الشيءَ: اتخذه حَلالاً أَو سأَله أَن يُحِلَّه له. الحَلال: الكلام الذي لا رِيبة فيه؛ أَنشد ثعلب: تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، ولا تُرَى على مَكْرَهٍ يَبْدو بها فيَعِيب وحَلَّلَ اليمينَ تحليلاً وتَحِلَّة وتَحِلاًّ، الأَخيرة شاذة: كَفَّرَها، والتَّحِلَّة: ما كُفِّر به.
وفي التنزيل: قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيمانكم؛ والاسم من كل ذلك الحِلُّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ولا أَجْعَلُ المعروف حِلَّ أَلِيَّةٍ، ولا عِدَةً في الناظر المُتَغَيَّب قال ابن سيده: هكذا وجدته المُتَغَيَّب، مفتوحة الياء، بخَطِّ الحامِض، والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر.
وحكى اللحياني: أَعْطِ الحالف حُلاَّنَ يَمينه أَي ما يُحَلِّل يمينه، وحكى سيبويه: لأَفعلن كذا إِلاَّ حِلُّ ذلك أَن أَفعل كذا أَي ولكن حِلُّ ذلك، فحِلُّ مبتدأ وما بعدها مبنيّ عليها؛ قال أَبو الحسن: معناه تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كذا.
وقولهم: فعلته تَحِلَّة القَسَم أَي لم أَفعل إِلا بمقدار ما حَلَّلت به قَسَمي ولم أُبالِغ. الأَزهري: وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يموت لمؤمن ثلاثة أَولاد فتَمَسّه النار إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال أَبو عبيد: معنى قوله تَحِلَّة القَسَم قول الله عز وجل: وإِنْ منكم إِلا واردُها، قال: فإِذا مَرَّ بها وجازها فقدأَبَرَّ الله قَسَمَه.
وقال غير أَبي عبيد: لا قَسَم في قوله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، فكيف تكون له تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قال: ومعنى قوله إِلا تَحِلَّة القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه منه مكروه؛ ومنه قول العَرَب: ضَرَبْته تحليلاً ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لم أُبالِغ في ضربه ووَعْظِه؛ قال ابن الأَثير: هذا مَثَل في القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وهو أَن يُباشِر من الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه ويُحَلِّلُه، مثل أَن يحلف على النزول بمكان فلو وَقَع به وَقْعة خفيفة أَجزأَته فتلك تَحِلَّة قَسَمِه، والمعنى لا تَمَسُّه النار إِلا مَسَّة يسيرة مثل تَحِلَّة قَسَم الحالف، ويريد بتَحِلَّتِه الوُرودَ على النار والاجْتيازَ بها، قال: والتاء في التَّحِلَّة زائدة؛ وفي الحديث الآخر: من حَرَس ليلة من وراء المسلمين مُتَطَوِّعاً لم يأْخذه الشيطان ولم ير النار تَمَسُّه إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال الله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، قال الأَزهري: وأَصل هذا كله من تحليل اليمين وهو أَن يحلف الرجل ثم يستثني استثناء متصلاً باليمين غير منفصل عنها، يقال: آلى فلان أَلِيَّة لم يَتَحَلَّل فيها أَي لم يَسْتثْنِ ثم جعل ذلك مثلاً للتقليل؛ ومنه قول كعب بن زهير: تَخْدِي على يَسَراتٍ، وهي لاحقة، بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل (* قوله «لاحقة» في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية).
وفي حواشي ابن بري: تَخْدِي على يَسَرات، وهي لاحقة، ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل أَي قليل (* قوله «أي قليل» هذا تفسير لتحليل في البيت) كما يحلف الإِنسان على الشيء أَن يفعله فيفعل منه اليسير يُحَلِّل به يَمِينه؛ وقال الجوهري: يريد وَقْعَ مَناسِم الناقة على الأَرض من غير مبالغة؛ وقال الآخر:أَرَى إِبلي عافت جَدُودَ، فلم تَذُقْ بها قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم قال ابن بري: ومثله لعَبْدَةَ بن الطبيب: تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية في أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ أَي قليل هَيِّن يسير.
ويقال للرجل إِذا أَمْعَن في وَعِيد أَو أَفرط في فَخْر أَو كلام: حِلاًّ أَبا فلان أَي تَحَلَّلْ في يمينك، جعله في وعيده إِياه كاليمين فأَمره بالاستثناء أَي اسْتَثْن يا حالف واذْكُر حِلاًّ. حديث أَبي بكر: أَنه قال لامرأَة حَلَفت أَن لا تُعْتِق مَوْلاة لها فقال لها: حِلاًّ أُمَّ فلان، واشتراها وأَعتقها، أَي تَحَلَّلِي من يمينك، وهو منصوب على المصدر؛ ومنه حديث عمرو بن معد يكرب: قال لعمر حِلاًّ يا أَمير المؤمنين فيما تقول أَي تَحَلَّلْ من قولك.
وفي حديث أَنس: قيل له حَدِّثْنا ببعض ما سمعتَه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: وأَتَحلَّل أَي أَستثني.
ويقال: تَحَلَّل فلان من يمينه إِذا خرج منها بكفارة أَو حِنْث يوجب الكفارة؛ قال امرؤ القيس: وآلَتْ حِلْفةً لم تَحَلَّل وتَحَلَّل في يمينه أَي استثنى. من الخيل: الفَرَسُ الثالث من خيل الرِّهان، وذلك أَن يضع الرَّجُلانِ رَهْنَين بينهما ثم يأْتي رجل سواهما فيرسل معهما فرسه ولا يضع رَهْناً، فإِن سَبَق أَحدُ الأَوَّليْن أَخَذَ رهنَه ورهنَ صاحبه وكان حَلالاً له من أَجل الثالث وهو المُحَلِّل، وإِن سبَقَ المُحَلِّلُ ولم يَسْبق واحد منهما أَخَذَ الرهنين جميعاً، وإِن سُبِقَ هو لم يكن عليه شيء، وهذا لا يكون إِلاَّ في الذي لا يُؤْمَن أَن يَسْبق، وأَما إِذا كان بليداً بطيئاً قد أُمِن أَن يَسْبِقهما فذلك القِمَار المنهيّ عنه، ويُسَمَّى أَيضاً الدَّخِيل.
وضَرَبه ضَرْباً تَحْلِيلاً أَي شبه التعزير، وإِنما اشتق ذلك من تَحْلِيل اليمين ثم أُجْري في سائر الكلام حتى قيل في وصف الإِبل إِذا بَرَكَتْ؛ ومنه قول كعب بن زهير: نَجَائِب وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْليل أَي هَيِّن. العُقْدة يَحُلُّها حَلاًّ: فتَحَها ونَقَضَها فانْحَلَّتْ. حَلُّ العُقْدة.
وفي المثل السائر: يا عاقِدُ اذْكُرْ حَلاًّ، هذا المثل ذكره الأَزهري والجوهري؛ قال ابن بري: هذا قول الأَصمعي وأَما ابن الأَعرابي فخالفه وقال: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ وقال: كذا سمعته من أَكثر من أَلف أَعرابي فما رواه أَحد منهم يا عاقِدُ، قال: ومعناه إِذا تحَمَّلْتَ فلا نُؤَرِّب ما عَقَدْت، وذكره ابن سيده على هذه الصورة في ترجمة حبل: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ. جامد أُذِيب فقد حُلَّ.والمُحَلَّل الشيء اليسير، كقول امرئ القيس يصف جارية: كبِكْرِ المُقاناةِ البَيَاض بصُفْرة، غَذَاها نَمِير الماءِ غَيْر المُحَلَّل وهذا يحتمل معنيين: أَحدهما أَن يُعْنَى به أَنه غَذَاها غِذَاء ليس بمُحَلَّل أَي ليس بيسير ولكنه مُبالَغ فيه، وفي التهذيب: مَرِيءٌ ناجِعٌ، والآخر أَن يُعْنى به غير محلول عليه فيَكْدُر ويَفْسُد.
وقال أَبو الهيثم: غير مُحَلَّل يقال إِنه أَراد ماء البحر أَي أَن البحر لا يُنْزَل عليه لأَن ماءه زُعَاق لا يُذَاق فهو غير مُحَلَّل أَي غير مَنْزولٍ عليه، قال: ومن قال غير مُحَلَّل أَي غير قليل فليس بشيء لأَن ماء البحر لا يوصف بالقلة ولا بالكثرة لمجاوزة حدِّه الوصفَ، وأَورد الجوهري هذا البيت مستشهداً به على قوله: ومكان مُحَلَّل إِذا أَكثر الناسُ به الحُلُولَ، وفسره بأَنه إِذا أَكثروا به الحُلول كدَّروه.
وكلُّ ماء حَلَّتْه الإِبل فكَدَّرَتْه مُحَلَّل، وعَنى امرُؤ القيس بقوله بِكْر المُقَاناة دُرَّة غير مثقوبة. عليه أَمرُ الله يَحِلُّ حُلولاً: وجَبَ.
وفي التنزيل: أَن يَحِلَّ عليكم غَضَبٌ من ربكم، ومن قرأَ: أَن يَحُلَّ، فمعناه أَن يَنْزِل. اللهُ عليه: أَوجبه؛ وحَلَّ عليه حَقِّي يَحِلُّ مَحِلاًّ، وهو أَحد ما جاء من المصادر على مثال مَفْعِل بالكسر كالمَرْجِعِ والمَحِيص وليس ذلك بمطَّرد، إِنما يقتصر على ما سمع منه، هذا مذهب سيبويه.
وقوله تعالى: ومن يَحْلُِلْ عليه غَضَبي فقد هَوَى؛ قرئَ ومن يَحْلُل ويَحْلِل، بضم اللام وكسرها، وكذلك قرئَ: فيَحُِلُّ عليكم غضبي، بكسر الحاء وضمها؛ قال الفراء: والكسر فيه أَحَبُّ إِليَّ من الضم لأَن الحُلول ما وقع من يَحُلُّ، ويَحِلُّ يجب، وجاء بالتفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال: وكلٌّ صواب، قال: وأَما قوله تعالى: أَم أَردتم أَن يَحِلَّ عليكم، فهذه مكسورة، وإِذا قلت حَلَّ بهم العذابُ كانت تَحُلُّ لا غير، وإِذا قلت عَليَّ أَو قلت يَحِلُّ لك كذا وكذا، فهو بالكسر؛ وقال الزجاج: ومن قال يَحِلُّ لك كذا وكذا فهو بالكسر، قال: ومن قرأَ فيَحِلُّ عليكم فمعناه فيَجِب عليكم، ومن قرأَ فيَحُلُّ فمعناه فيَنْزِل؛ قال: والقراءة ومن يَحْلِل بكسر اللام أَكثر. المَهْرُ يَحِلُّ أَي وجب. العذاب يَحِلُّ، بالكسر، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بالضم، أَي نزل.
وأَما قوله أَو تَحُلُّ قريباً من دارهم، فبالضم، أَي تَنْزل.
وفي الحديث: فلا يَحِلُّ لكافر يَجِد ريح نَفَسه إِلاَّ مات أَي هو حَقٌّ واجب واقع كقوله تعالى: وحَرَام على قَرْية؛ أَي حَقٌّ واجب عليها؛ ومنه الحديث: حَلَّت له شفاعتي، وقيل: هي بمعنى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ به، فأَما قوله: لا يَحُلُّ المُمْرِض على المُصِحّ، فبضم الحاء، من الحُلول النزولِ، وكذلك فَلْيَحْلُل، بضم اللام.
وأَما قوله تعالى: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، فقد يكون المصدرَ ويكون الموضعَ. الشاةُ والناقةُ وهي مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وقيل: يَبِسَ لبنُها ثم أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وعبر عنه بعضهم بأَنه نزول اللبن من غير نَتاج، والمعنيان متقاربان، وكذلك الناقة؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ولكنها كانت ثلاثاً مَيَاسِراً، وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ (* قوله «أَنهزت» أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده: ورواه ابن الاعرابي أنهزت بالزاي ولا وجه له). يصف إِبلاً وليست بغنم لأَن قبل هذا: فَلو أَنَّها كانت لِقَاحِي كَثيرةً، لقد نَهِلَتْ من ماء جُدٍّ وعَلَّت (* قوله «من ماء جد» روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين. الجوهري لأُمية بن أَبي الصلت الثقفي: غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فيها، تُحِلُّ بها الطَّروقةُ واللِّجاب وأَحَلَّت الناقةُ على ولدها: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه في معنى دَرَّت. المالُ فهو يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا نزل دَرُّه حين يأْكل الربيع. الأَزهري عن الليث وغيره: المَحالُّ الغنم التي ينزل اللبن في ضروعها من غير نَتاج ولا وِلاد. السَّفَرُ بالرجل: اعْتَلَّ بعد قدومه. والتِّحْلِيل: مَخْرَج البول من الإِنسان ومَخْرج اللبن من الثدي والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللبن من طُبْي الناقة وغيرها. الذَّكَرِ: ثَقْبه الذي يخرج منه البول، وجمعه الأَحالِيل؛ وفي قصيد كعب بن زهير: تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النخل ذا خُصَلٍ، بغارب، لم تُخَوِّنْه الأَحالِيل هو جمع إِحْلِيل، وهو مَخْرَج اللبن من الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه، يعني أَنه قد نَشَفَ لبنُها فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها. يقع على ذَكَرِ الرجل وفَرْج المرأَة، ومنه حديث ابن عباس: أَحْمَد إِليكم غَسْل الإِحْلِيل أَي غَسْل الذكر. الرجلُ بنفسه إِذا استوجب العقوبة. ابن الأَعرابي: حُلَّ إِذا سُكِن، وحلَّ إِذا عَدا، وامرأَة حَلاَّء رَسْحاء، وذِئْب أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل كذلك. ابن الأَعرابي: ذئب أَحَلُّ وبه حَلَل، وليس بالذئب عَرَج، وإِنما يوصف به لخَمَع يُؤنَس منه إِذا عَدا؛ وقال الطِّرِمَّاح: يُحِيلُ به الذِّئْبُ الأَحَلُّ، وَقُوتُه ذَوات المَرادِي، من مَناقٍ ورُزّح (* قوله «المرادي» هكذا في الأصل، وفي الصحاح: الهوادي، وهي الأعناق.
وفي ترجمة مرد: أن المراد كسحاب العنق).
وقال أَبو عمرو: الأَحَلُّ أَن يكون مَنْهوس المُؤْخِر أَرْوَح الرِّجلين. استرخاء عَصَب الدابة، فَرَسٌ أَحَلُّ. الفراء: الحَلَل في البعير ضعف في عُرْقوبه، فهو أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل، فإِن كان في الرُّكْبة فهو الطَّرَق. الذي في رجله استرخاء، وهو مذموم في كل شيء إِلا في الذئب.
وأَنشد الجوهري بيت الطرماح: يُحِيلُ به الذِّئبُ الأَحَلُّ، ونسبه إِلى الشماخ وقال: يُحِيلُ أَي يُقِيم به حَوْلاً.
وقال أَبو عبيدة: فَرَس أَحَلُّ، وحَلَلُه ضعف نَساه ورَخاوة كَعْبه، وخَصّ أَبو عبيدة به الإِبل. رخاوة في الكعب، وقد حَلِلْت حَلَلاً. حَلَّة وحِلَّة أَي تَكَسُّر وضعف؛ الفتح عن ثعلب والكسر عن ابن الأَعرابي.
وفي حديث أَبي قتادة: ثم تَرَك فتَحَلَّل أَي لما انْحَلَّت قُواه ترك ضَمَّه إِليه، وهو تَفَعُّل من الحَلِّ نقيض الشَّدّ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر: إِذا اصْطَكَّ الأَضاميمُ اعْتَلاها بصَدْرٍ، لا أَحَلَّ ولا عَموج وفي الحديث: أَنه بَعَث رجلاً على الصدقة فجاء بفَصِيل مَحْلُول أَو مَخْلول بالشك؛ المحلول، بالحاء المهملة: الهَزِيل الذي حُلَّ اللحم عن أَوصاله فعَرِيَ منه، والمَخْلُول يجيء في بابه.
وفي الحديث: الصلاة تحريمها التكبير وتَحْلِيلها التسليم أَي صار المُصَلِّي بالتسليم يَحِلُّ له ما حرم فيها بالتكبير من الكلام والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالها، كما يَحِلُّ للمُحْرِم بالحج عند الفراغ منه ما كان حَراماً عليه.
وفي الحديث: أَحِلُّوا الله يغفر لكم أَي أَسلموا؛ هكذا فسر في الحديث، قال الخطابي: معناه الخروج من حَظْر الشِّرك إِلى حِلِّ الإِسلام وسَعَته، من قولهم حَلَّ الرجلُ إِذا خرج من الحَرَم إِلى الحِلِّ، ويروى بالجيم، وقد تقدم؛ قال ابن الأَثير: وهذا الحديث هو عند الأَكثر من كلام أَبي الدرداء، ومنهم من جعله حديثاً.
وفي الحديث: من كانت عنده مَظْلِمة من أَخيه فَلْيسْتَحِلَّه. حديث عائشة أَنها قالت لامرأَة مَرَّتْ بها: ما أَطول ذَيْلَها فقال: اغْتَبْتِها قُومي إِليها فَتَحلَّليها؛ يقال: تَحَلَّلته واسْتَحْلَلْته إِذا سأَلته أَن يجعلك في حِلٍّ من قِبَله.
وفي الحديث: أَنه سئل أَيّ الأَعمال أَفضل فقال: الحالُّ المُرْتَحِل، قيل: وما ذاك؟ قال: الخاتِم المفتَتِح هو الذي يَخْتم القرآن بتلاوته ثم يَفْتَتح التلاوة من أَوّله؛ شبَّهه بالمُسافر يبلغ المنزل فيَحُلُّ فيه ثم يفتتح سيره أَي يبتدئه، وكذلك قُرَّاء أَهل مكة إِذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأُوا وقرأُوا الفاتحة وخمس آيات من أَول سورة البقرة إِلى قوله: أُولئك هم المفلحون، ثم يقطعون القراءة ويُسَمُّون ذلك الحالَّ المُرْتَحِل أَي أَنه ختم القرآن وابتدأَ بأَوَّله ولم يَفْصِل بينهما زمان، وقيل: أَراد بالحالِّ المرتحل الغازِيَ الذي لا يَقْفُل عن غَزْوٍ إِلا عَقَّبه بآخر. مَرْكَبٌ من مراكب النساء؛ قال طُفَيْل: وراكضةٍ، ما تَسْتَجِنُّ بجُنَّة، بَعِيرَ حِلالٍ، غادَرَتْه، مُجَعْفَلِ مُجَعْفَل: مصروع؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر: ولا يَعْدِلْنَ من ميل حِلالا قال: وقد يجوز أَن يكون متاعَ رَحْل البعير. الغَرَض الذي يُرْمى إِليه. مَتاع الرَّحْل؛ قال الأَعشى: وكأَنَّها لم تَلْقَ سِتَّة أَشهر ضُرّاً، إِذا وَضَعَتْ إِليك حِلالَها قال أَبو عبيد: بلغتني هذه الرواية عن القاسم بن مَعْن، قال: وبعضهم يرويه جِلالَها، بالجيم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غارة، على عَجَلٍ، ذَكَّرْتُها بِحِلالِها فسره فقال: حِلالُها ثِيابُ بدنها وما على بعيرها، والمعروف أَن الحِلال المَرْكَب أَو متاع الرَّحْل لا أَن ثياب المرأَة مَعْدودة في الحِلال، ومعنى البيت عنده: قلت لها ضُمِّي إِليك ثِيابَك وقد كانت رَفَعَتْها من الفَزَع.
وفي حديث عيسى، عليه السلام، عند نزوله: أَنه يزيد في الحِلال؛ قيل: أَراد أَنه إِذا نَزَل تَزَوَّجَ فزاد فيما أَحَلَّ اللهُ له أَي ازداد منه لأَنه لم يَنْكِح إِلى أَن رُفِع.
وفي الحديث: أَنه كسا عليّاً، كرّم الله وجهه، حُلَّة سِيَراء؛ قال خالد بن جَنْبة: الحُلَّة رِداء وقميص وتمامها العِمامة، قال: ولا يزال الثوب الجَيِّد يقال له في الثياب حُلَّة، فإِذا وقع على الإِنسان ذهبت حُلَّته حتى يجتمعن له إِمَّا اثنان وإِما ثلاثة، وأَنكر أَن تكون الحُلَّة إِزاراً ورِداء وَحْدَه. قال: والحُلَل الوَشْي والحِبرَة والخَزُّ والقَزُّ والقُوهِيُّ والمَرْوِيُّ والحَرِير، وقال اليَمامي: الحُلَّة كل ثوب جَيِّد جديد تَلْبسه غليظٍ أَو دقيق ولا يكون إِلا ذا ثوبَين، وقال ابن شميل: الحُلَّة القميص والإِزار والرداء لا تكون أَقل من هذه الثلاثة، وقال شمر: الحُلَّة عند الأَعراب ثلاثة أَثواب، وقال ابن الأَعرابي: يقال للإِزار والرداء حُلَّة، ولكل واحد منهما على انفراده حُلَّة؛ قال الأَزهري: وأَما أَبو عبيد فإِنه جعل الحُلَّة ثوبين.
وفي الحديث: خَيْرُ الكَفَن الحُلَّة، وخير الضَّحِيَّة الكبش الأَقْرَن. بُرود اليمن ولا تسمى حُلَّة حتى تكون ثوبين، وقيل ثوبين من جنس واحد؛ قال: ومما يبين ذلك حديث عمر: أَنه رأَى رجلاً عليه حُلَّة قد ائتزرَ بأَحدهما وارْتَدى بالآخر فهذان ثوبان؛ وبَعَث عمر إِلى مُعاذ بن عَفْراء بحُلَّة فباعها واشترى بها خمسة أَرؤس من الرقيق فأَعتقهم ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْن يَلْبَسُهما على عِتْق هؤلاء لَغَبينُ الرأْي: أَراد بالقِشْرَتَين الثوبين؛ قال: والحُلَّة إِزار ورداء بُرْد أَو غيره ولا يقال لها حُلَّة حتى تكون من ثوبين والجمع حُلَل وحِلال؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ليس الفَتى بالمُسْمِن المُخْتال، ولا الذي يَرْفُل في الحِلال وحَلَّله الحُلَّة: أَلبسه إِياها؛ أَنشد ابن الأَعرابي: لَبِسْتَ عليك عِطاف الحَياء، وحَلَّلَك المَجْدَ بَنْيُ العُلى أَي أَلْبَسك حُلَّته، وروى غيره: وجَلَّلَك.
وفي حديث أَبي اليَسَر: لو أَنك أَخَذْت بُرْدة غُلامك وأَعْطَيْتَه مُعافِرِيَّك أَو أَخَذْت مُعافِريَّه وأَعطيته بُرْدتك فكانت عليك حُلَّة وعليه حُلَّة. حديث عَليّ: أَنه بعث ابنته أُم كلثوم إِلى عمر، رضي الله عنهم، لمَّا خَطَبَها فقال لها: قُولي له أَبي يقول هل رَضِيت الحُلَّة؟ كَنى عنها بالحُلَّة لأَن الحُلَّة من اللباس ويكنى به عن النساء؛ ومنه قوله تعالى: هُنَّ لِباس لكم وأَنتم لباس لهن. الأَزهري: لَبِس فلان حُلَّته أَي سِلاحه. الأَزهري: أَبو عَمْرو الحُلَّة القُنْبُلانِيَّة وهي الكَراخَة.
وفي حديث أَبي اليَسَر (* قوله «وفي حديث أَبي اليسر» الذي في نسخة النهاية التي بأيدينا أنه حديث عمر) والحُلاَّن الجَدْيُ، وسنذكره في حلن.والحِلَّة شجرة شاكَة أَصغر من القَتادة يسميها أَهل البادية الشِّبْرِق، وقال ابن الأَعرابي: هي شجرة إِذا أَكَلَتْها الإِبل سَهُل خروج أَلبانها، وقيل: هي شجرة تنبت بالحجاز تظهر من الأَرض غَبْراء ذات شَوْك تأْكلها الدواب، وهو سريع النبات ينبت بالجَدَد والآكام والحَصباء، ولا ينبت في سَهْل ولا جَبَل؛ وقال أَبو حنيفة: الحِلَّة شجرة شاكَة تنبت في غَلْظ الأَرض أَصغر من العَوْسَجة ووَرَقُها صغار ولا ثمر لها وهي مَرْعى صِدْقٍ؛ قال: تأْكل من خِصْبٍ سَيالٍ وسَلَم، وحِلَّة لَمَّا تُوَطَّأْها قَدَم والحِلَّة: موضع حَزْن وصُخور في بلاد بني ضَبَّة متصل برَمْل. اسم واد؛ حكاه ابن جني؛ وأَنشد: فلو سَأَلَتْ عَنَّا لأُنْبِئَتَ آنَّنا بإِحْلِيل، لا نُزْوى ولا نتَخَشَّع وإِحْلِيلاء: موضع. القومَ: أَزالهم عن مواضعهم. التحرُّك والذهاب. حَرَّكْتهم. عن المكان كتَزَحْزَحْت؛ عن يعقوب.
وفلان ما يَتَحَلْحل عن مكانه أَي ما يتحرك؛ وأَنشد للفرزدق: ثَهْلانُ ذو الهَضَبات ما يَتَحَلْحَل قال ابن بري: صوابه ثَهْلانَ ذا الهَضَبات، بالنصب، لأَن صدره: فارفع بكفك إِن أَردت بناءنا قال: ومثله لليلى الأَخيلية: لنا تامِكٌ دون السماء، وأَصْلُه مقيم طُوال الدهر، لن يَتَحَلْحلا ويقال: تَحَلْحَل إِذا تَحَرَّك وذهب، وتَلَحْلَح إِذا أَقام ولم يتحرَّك. الشَّيْرَج. قال الجوهري: والحَلُّ دُهْن السمسم؛ وأَما الحَلال في قول الراعي: وعَيَّرني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يكن ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثة خالِقُه فهو لقب رجل من بني نُمَيْر؛ وأَما قول الفرزدق: فما حِلَّ من جَهْلٍ حُبَا حُلَمائنا، ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنَّف أَراد حُلَّ، على ما لم يسم فاعله، فطرح كسرة اللام على الحاء؛ قال الأَخفش: سمعنا من ينشده كذا، قال: وبعضهم لا يكسر الحاء ولكن يُشِمُّها الكسر كما يروم في قيل الضم، وكذلك لغَتُهم في المُضعَّف مثل رُدَّ وشُدَّ.والحُلاحِل السَّيِّد في عشيرته الشجاع الرَّكين في مجلسه، وقيل: هو الضَّخْم المروءة، وقيل: هو الرَّزِين مع ثَخانة، ولا يقال ذلك للنساء، وليس له فعل، وحكى ابن جني: رجل مُحَلْحَل ومُلَحْلَح في ذلك المعنى، والجمع الحَلاحِل؛ قال امرؤ القيس: يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا، القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا قال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛ يقال: حَوْلٌ حُلاحِل أَي تام؛ قال بُجَير بن لأْي بن حُجْر: تُبِين رُسوماً بالرُّوَيْتِج قد عَفَتْ لعَنْزة، قد عُرِّين حَوْلاً حُلاحِلا وحَلْحَل: اسم موضع. اسم رجل. موضع، والجيم أَعلى. بالإِبل: قال لها حَلْ حَلْ، بالتخفيف؛ وأَنشد: قد جَعَلَتْ نابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ أُخْراً، وإِن صاحوا به وحَلْحَلوا الأَصمعي: يقال للناقة إِذا زَجَرَتْها: حَلْ جَزْم، وحَلٍ مُنَوَّن، وحَلى جزم لا حَليت؛ قال رؤبة: ما زال سُوءُ الرَّعْي والتَّنَاجِي، وطُولُ زَجْرٍ بحَلٍ وعاجِ قال ابن سيده: ومن خفيف هذا الاسم حَلْ وحَلٍ، لإِناث الإِبل خاصة.
ويقال: حَلا وحَلِيَ لا حَليت، وقد اشتق منه اسم فقيل الحَلْحال؛ قال كُثَيِّر عَزَّة: نَاجٍ إِذا زُجِر الركائبُ خَلْفَه، فَلَحِقْنه وثُنِينَ بالحَلْحال قال الجوهري: حَلْحَلْت بالناقة إِذا قلت لها حَلْ، قال: وهو زَجْر للناقة، وحَوْبٌ زَجْر للبعير؛ قال أَبو النجم: وقد حَدَوْناها بحَوْبٍ وحَلِ وفي حديث ابن عباس: إِن حَلْ لَتُوطِيءُ الناس وتُؤْذِي وتَشْغَل عن ذكر الله عز وجل، قال: حَلْ زَجْر للناقة إِذا حَثَثْتَها على السير أَي إِن زجرك إِياها عند الإِفاضة من عرفات يُؤَدِّي إِلى ذلك من الإِيذاء والشَّغْل عن ذكر الله، فَسِرْ على هِينَتِك.

حل (مقاييس اللغة) [50]



الحاء واللام لـه فروع كثيرة ومسائلُ، وأصلها كلُّها عندي فَتْح الشيء، لا يشذُّ عنه شيء.يقال حلَلْتُ العُقدةَ أحُلُّها حَلاًّ. العرب: "يا عاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ. ضِدُّ الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناهُ، كأنه من حَلَلْتُ الشيء، إذا أبحْتَه وأوسعته لأمرٍ فيه.وحَلَّ نزل.
وهو من هذا الباب لأن المسافر يشُدّ ويَعقِد، فإذا نزلَ حَلّ؛ يقال حَلَلْتُ بالقوم. المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجُه.
وسُمِّيا بذلك لأن كلّ واحدٍ منهما يَحُلُّ عند صاحبه.قال أبو عبيد: كل من نازَلَكَ وجاوَرَك فهو حَليل. قال:
ولستُ بأطْلَسِ الثَّوبينِ يُصْبِي      حليلتَه إذا هدأ النِّيامُ

أراد جارتَه.
ويقال . . . أكمل المادة سمِّيت الزوجةُ حليلةً لأن كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ إزارَ الآخر. معروفة، وهي لا تكون إلا ثوبَين.
وممكن أن يحمل على الباب فيقال لمَّا كانا اثنَينِ كانت فيهما فُرْجة.ومن الباب الإحليل، وهو مَخرج البَول، ومَخرج اللَّبن من الضَّرْع.ومن الباب تحلحل عن مكانه، إذا زال. قال:والحلاحِل: السيِّد، وهو من الباب ليس بمنْغَلق محرَّم كالبخيل المُحكم اليابس. الحيُّ النزول مِن العرب قال الأعشى:
لقد كانَ في شيبانَ لو كنت عالما      قِبابٌ وحَيٌّ حِلّةٌ وقبائلُ

و*المَحَلَّة:
المكانُ ينزِل به القومُ.
وحيٌّ حِلاَلٌ نازلون. الدَّينُ وجب. ما جاوزَ الحرم.
ورجلٌ مُحِلٌّ من الإحلال، ومُحرِم من الإحرام. وحَلالٌ بمعنى؛ وكذلك في مقابلته حِرْم وحَرَام.
وفي الحديث: "تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونةَ وهما حَلاَلانِ. مُحِلٌّ لا عَهْدَ له، ومحْرِم ذُو عَهْد. قال:
جَعَلْن القَنَان عن يمينٍ وحَزْنَه      وكم بالقَنَانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم

وقال قوم: مِنْ محلٍّ يرى دمي حلالاً، ومحرِمٍ يراه حَرَاما.والحُلاَّن الجدي يُشقُّ له عن بطن أمّه. قال:
يُهدِي إليه ذِراعَ الجَفْر تَكْرِمَةً      إمّا ذبيحاً وإمّا كانَ حُلاَّنَا

وهو من الباب. اليمينَ أحَلِّلُها تحليلا. هذا تَحِلَّةَ القسَم، أي لم أفعل إلا بقدْرِ ما حَلَّلْتُ به قَسَمي أنْ أفعله ولم أبالِغْ.
ومنه: "لا يموتُ لمؤمنٍ ثلاثةُ أولادٍ فتمسَّه النّارُ إلا تَحِلّةَ القَسَم". يقول: بقدر ما يبَرُّ الله تعالى قسمَه فيه من قوله: وَإِنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها [مريم 71]، أي لا يرِدُها إلابقدر ما يحلِّلُ القَسَم، ثم كثُر هذا في الكلام حتى قِيل لكلِّ شيء لم يبالَغْ فيه تحليلٌ؛ يقال ضربتُه تحليلاً، ووقعَتْ مَنَاسِمُ هذه الناقةِ تحليلاً، إذا لم تُبالغْ في الوقع بالأرض.
وهو في قول كعب بن زهير:فأمّا قولُ امرئ القيس:
كبِكْرِ المقاناةِ البَياضَ بصُفرَةٍ      غذاها نميرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ

ففيه قولان: أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل، وهو نحوُ ما ذكرناه من التَّحِلَّة. الآخر: أن يكون غير مَنزولٍ عليه فيَفْسُد ويُكدَّر.ويقال أحَلَّت الشاةُ، إذا نزل اللَّبن في ضَرْعِها من غير نَتاج. مَتاع الرَّحْل. قال الأعشى:
وكأنَّها لم تَلْقَ ستّةَ أشهر      ضُرَّاً إذا وضَعَتْ إليك حِلاَلَها

كذا رواه القاسم بن مَعْن، ورواه غيره بالجيم.والحِلال مركَبٌ من مراكب النساء. قال:ورأيت في بعض الكتب عن سِيبويه: هو حِِلَّةَ الغَوْر، أي قَصْدَه.
وأنشد:
سَرَى بعد ما غار النُّجومُ وبَعْدَما      كأنّ الثرَيّا حِلَّةَ الغَور مُنْخُل

أي قصْدَه.

واحله (المعجم الوسيط) [0]


 باراه فِي الْخَوْض فِي الوحل يُقَال واحله فوحله باراه فِي الْخَوْض فِي الوحل فغلبه 

الكُرُنْبُ (القاموس المحيط) [0]


الكُرُنْبُ، بالضمِّ، وكَسَمَنْدٍ: السِّلْقُ، أو نَوْعٌ منه أحْلى وأغَضُّ من القُنَّبيطِ، والبَرِّيُّ منه مُرُّ، ودِرْهَمانِ مِنْ سَحيقِ عُروقِهِ المُجَفَّفَةِ في شَرابٍ، تِرْياقٌ مُجَرَّبٌ من نَهْشَةِ الأَفْعَى.
والكَرْنيبُ، ويُكْسَرُ: المَجيعُ.
والكَرْنَبَةُ: إطعامُهُ للضَّيْفِ، وأكْلُ التَّمْرِ باللَّبَنِ.

رفث (مقاييس اللغة) [0]



الراء والفاء والثاء أصلٌ واحدٌ، وهو كلُّ كلام يُستَحْيا من إظهاره.
وأصلُه الرَّفَثُ، وهو النِّكاح. قال الله جلّ ثناؤُه: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ [البقرة 187].
والرّفَث: [الفُحْش] في الكلام. يقال أَرْفَثَ وَرَفَثَ.

الوَحْلُ (القاموس المحيط) [0]


الوَحْلُ، ويُحَرَّكُ: الطينُ (الرَّقيقُ) تَرْتَطِمُ فيه الدوابُّ
ج: أوحالٌ ووُحولٌ.
واسْتَوْحَلَ المكانُ وتَوَحَّلَ. والمَوْحِلُ، كمَنْزلٍ: المَوْضِعُ، والاسمُ.
وكمَقْعَدٍ: المَصْدَرُ، وع.
ووَحِلَ، كفَرِحَ: وقعَ فيه.
وأوْحَلْتُهُ: أوْقَعْتُهُ.
وواحَلَنِي فوحَلْتُهُ أحِلُهُ: كُنتُ أخْوَضَ للوَحَلِ منه.
وأوْحَلَ فُلاناً شَرّاً: أثْقَلَهُ به.
واتَّحَلَ، أي: تَحَلَّلَ واسْتَثْنَى.

جلدس (لسان العرب) [0]


جِلْداسٌ: اسم رجل؛ قال: عَجِّلْ لنا طعامَنا يا جِلْداسْ، على الطعام يَقْتُلُ الناسُ الناسْ وقال أَبو حنيفة: الجِلْداسِيُّ من التين أَجوده يغرسونه غرساً، وهو تين أَسود ليس بالحالك فيه طول، وإِذا بلغ انقلع بأَذنابه وبطونه بيض وهو أَحلى تين الدنيا، وإِذا تمـَّلأَ منه الآكل أَسكره، وما أَقل من يُقْدِمُ على أَكله على الرِّيق لشدَّة حلاوته.

جبح (لسان العرب) [0]


جَبَحُوا بكعابهم وجَبَخُوا (* قوله «جبحوا بكعابهم وجبخوا» ظاهر اطلاق القاموس انه من باب كتب.) بها: رموا بها لينظروا أَيها يخرج فائزاً.والجَبَحُ والجُبْحُ والجِبْحُ: حيث تُعَسِّلُ النحلُ إِذا كان غير مصنوع، والجمع أَجْبُحٌ وجُبُوحٌ وجِباحٌ، وفي التهذيب: وأَجْباحٌ كثيرة؛ وقيل: هي مواضع النحل في الجبل وفيها تُعَسِّلُ؛ قال الطِّرِمَّاح يخاطب ابنه: وإِن كنتَ عندي أَنتَ أَحْلَى من الجَنَى، جَنَى النَّحلِ، أَضْحَى واتِناً بينَ أَجْبُحِ واتِناً: مقيماً؛ وقيل هي حجارة الجبل، والواحد كالواحد، والخاء المعجمة لغة.

حلا (الصّحّاح في اللغة) [0]


الحُلْوُ: نقيضُ المُرِّ. يقال: حَلا الشيءُ يَحْلُو حَلاوَةً. مثله. الشيء: جعلته حُلْواً. يقال: ما أَمَرَّ وما أحْلى، إذا لم يقل شيئاً. إذا وجدتَه حُلْواً. أي طايَبْتُهُ. قال المرّار الفقعسيّ:
ومُرٌّ إذا ما رامَ ذو إحْنَةٍ هَضْمي      فإني إذا حُليتُ حُلْوٌ مَـذَاقَـتـي

والحُلْوى: نقيض المُرَّى. يقال: خُذِ الحُلْوى واعْطِهِ المُرَّى. قال امرأةٌ في بناتها: صغراهنّ مراهُنَّ.
وتَحالَتِ المرأةُ، إذا أظهرتْ حلاوةً وعُجْباً. فلاناً على كذا مالاً، فأنا أَحْلوهُ حَلْواً وحُلْواناً، إذا وهبتَ له شيئاً على شيء يفعلُه لك غير الأُجْرَةِ. قال علقمة بن . . . أكمل المادة عَبَدة:  
يُبَلّغُ عنِّ الشِعْرَ إذ مات قائِلُهْ      أَلا رَجُلٌ أَحْلوهُ رَحلي وناقتي

والحُلْوانُ
أيضاً: أن يأخذ الرجلُ من مَهر ابنته لنفسه.
وكانت العرب تُعَيَّرُ به. قالت امرأة:
      لا يأْخُذُ الحُلْوانَ من بنَاتِنا

واسْتِحْلاءُ من الحَلاوَةِ، كما يقال اسْتَجادَهُ من الجَوْدَةِ. التي تؤكل، تُمَدُّ وتقصر. قال الكميت:
تَعْتَزُّ حَلْواءها شَـدائدُهـا      من رَيْبِ دَهْرٍ أرى حَوادِثَهُ

والحُلاوى، على فُعالى بالضم، أي على وَسط القفا، وكذلك على حُلاوى القفا وحَلاواءِ القفا، إذا فتحْتَ مددْتَ، وإذا ضممْتَ قصرْتَ. حَلْيُ المرأة، وجمعه حُليٌّ. السيفِ جمعُها جِلّى، مثل لِحْيَةٍ ولِحىً، وربَّما ضُمَّ. على فعِيلٍ: يبيسُ النَصيِّ، والجمع أَحْلِيَةٌ. وحَلَيْتُ المرأة أَحْلِيَها حَلْياً وحَلَوْتُها، إذا جعلتَ لها حُلِيَّاً. حَلِيَ فلانٌ بِعَيْني بالكسر وفي عيني، وبصدري وفي صدري، يَحْلى حَلاوَةً، إذا أعجبَك. قال الراجز:
      تَحْلى به العينُ إذا ما تَجْهَرُهْ


وهذا من المقلوب، والمعنى: يَحْلى بالعين.
وكذلك حَلا فلانٌ بعيني وفي عيني يَحْلُو حَلاوَةً. قال الأصمعيّ: حلِيَ في عيني بالكسر، وحَلا في فمي بالفتح.
ويقال أيضاً: حَلِيَتِ المرأةُ: أي صارت ذاتَ حُليٍّ، فهي حَلِيَّةٌ وحالِيَةٌ ونسوةٌ حَوالٍ. تَحْلِيَةً، ومنه سيفٌ مُحَلَّى. الرجل تَحْلِيَةً أيضاً، أي وصفت حِلْيَتَهُ. الشيء في عين صاحبه. الطعام: جعلتُه حُلْواً. بالحَلْي، أي تزيَّنَ به.
وقولهم: لم يَحْلَ منه بطائِلٍ، أي لم يستفد منه كبير فائدة.
ولا يتكلَّمُ به إلاّ مع الجَحْدِ.

حلأ (العباب الزاخر) [0]


ابن الكِّيت: حَلأْتُ له حَلُوْءً -على فَعُوْلٍ-: إذا حَكَكْتَ له حجراً على حَجَرٍ ثم جَعَلْتَ الحُكَاكَةَ على كفِّك وصدَّأْتَ به المِرْآةَ ثم كَحَلْتَه بها. والحُلاءَةُ -على فُعَالَةَ بالضمِّ-: مِثْلُ الحَلُوْءِ. والحُلاءَةُ -أيضاً-: قِشرَة الجلد يَقْشِرُها الدَّبّاغ ممّا يلي اللحم، تقول: حَلأتُ الجِلدَ: إذا قَشَرتَه.
وفي المَثَل: حلأَتْ حالئَةٌ عن كُوعِها، لأنَّ المرأةَ الصَّناعَ ربَّما استجعلتْ فَقَشَرَتْ كوعَها. آلَتُها. وقال شَمِرٌ: الحالئَةُ: ضَربٌ من الحَيّات تَحلأُ مَن تَلسَعُه السَّمَّ كما يَحلأُ الكَحّالُ الأرمَدَ حُكاكَةً فَيَكحُلُه بها.
واسمُ تلك الحُكاكَةِ: الحُلاءُ بالضمِّ والمدِّ، قال أبو المثَلَّم الهُذَليُّ يخاطِبُ عامِرَ بنَ العَجلان الهذلي:
. . . أكمل المادة class="baheth_marked">وأكحُلكَ بالصَّابِ أو بالحُـلاَء      فَفَقِّح لِكُحلِكَ أو غَـمِّـضِ


ويُروى: .بالحَلُوء تِحلئَةٌ: يَلزَقُ بالانسانِ فيَغُمُّه. والتِّحليءُ -بالكَسْر-: ما أفسَدَه السِّكِّينُ من الجِلدِ اذا قُشِرَ، تقول منه: حَليءَ الأديمُ -بالكَسر- حَلأً -بالتَّحريك-: إذا صار فيه التِّحليءُ. والحَلأُ -أيضاً-: العُقبولُ، وقد حَلئتْ شَفَتي: أي بَثُرَت. أبو زيد: حلأْتُه بالسَّوط حَلأً: اذا جَلَدتَه به. بالسَّيف: ضَرَبتُه به. وحَلأْته مائةَ درهمٍ: أعطَيتُه. والحَلاَءَةُ -بالفَتح والمَدِّ-: الأرضُ الكثيرةُ الشَّجَر. -بالكَسر والمَدِّ-: جِبالٌ قُربَ مَيطانَ لا نباتَ بها، واحِدُهما: حِلاءةٌ، تُنْحَتُ "24-ب" منها الأرحِيَةُ وتُحمَلُ إلى المدينة ساكنيها السَّلام. وقال أبو زيد: أحلأْتُ الرجُل اِحلاَءً: إذا حَكَكتَ له حُكاكَةَ حَجَرَين فَداوى بِحُكتاكَتهِما عَينَيه من الرَّمَد. وما أحلأَتِ الأرضُ بشيءٍ: أي ما أنبَتَت. وأحلأْتُ السَّويقَ وحلأْْتُه تَحلئَةً، قال الفَرَّاءُ: قد هَزَموا ما ليس بمَهموزٍ؛ لأنَّه من الحَلواء. وحَلأَّْتُ الابلَ عن الماء تَحلئةً وتَحلئاً: إذا طَرَدتَها عنه ومَنَعتَها أنْ تَرِدَ، قال إسحاق بن إبراهيم الموصليُ في مُعاتَبَة المأمون أنار اللهُ بُرهانَه:
لحائمٍ حامَ حتّى لا حَـوامَ بـه      مَحَلأٍَّ عن سبيل الماء مَطرودِ

وأنشَدَه الأصمعيَّ فقال: أحسنتَ في الشِّعر غي أنَّ هذه الحاءات لو اجتمعت في آية الكرسيِّ لعابَتها، وكذلك غيرُ الاِبل، قال امرؤ القيس:
وأعجَبَني مَشيُ الحُزُقَّةِ خالـدٍ      كَمشي الاتانِ حُلِّئَت بالمناهلِ

وروى ابو عبيدة: "وأعجَبَني يَمشي الحِزِقَّةَ خالدٌ" بكَسر الحاء والزاي ونَصب الهاء ورَفع الدال، ويُروى: "مَشيُ الحِبِقَّةِ" أي القَصير. والتركيب يدلُّ على تنحية الشيء.

شدا (الصّحّاح في اللغة) [0]


شَدَوْتُ الإبل شَدْواً: سُقْتُها.
والشادي: الذي يَشْدو شيئاً من الأدب، أي يأخذ طرفاً منه، كأنّه ساقه وجمعه.
وشَدَوْتُ أَشْدو، إذا أنشدت بيتاً أو بيتين تمدّ به صوتك كالغناء.
ويقال للمغنِّي: الشادي.
وقد شَدا شعراً أو غناءً، إذا غنَّى به أو ترنّم به. شذب
الشذَبَةُ، بالتحريك: ما يُقْطَعُ مما تَفَرَّقَ من أغصان الشجر ولم يكن في لُبِّهِ، والجمع الشَذَبُ.
وقد شَذَّبْتُ الشجرة تشذيباً.
وجذعٌ مُشَذَّبٌ، أي مُقَشَّرٌ.
والفرس المشذَّبُ: الطويل والشوذب: الطويل.
وشَذَبَ عنه شَذْباً، أي ذَبَّ.
والشاذِبُ: المُتَنَحِّي عن وطنه.
ويقال الشَذَبُ: المُسَنَّاةُ.
ورجلٌ شَذِبُ العروقِ، أي ظاهر العروق.
وأَشْذابُ الكَلإِ وغيره: بقاياهُ، الواحدُ شَذَبُ، وهو المأكولُ. قال ذو الرمة:
يرتادُ أَحْليةً أعجازُها شَذَبُ      فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلاَئِقِه

ضأضأ (العباب الزاخر) [0]


الضِّئضيءُ والضِّئضيءُ -مثالا الجِرجِرِ والجِرجيرِ- والضّؤضؤُ والضّؤضؤُ -مثالا الهُدهُدِ والسُّرسور-: الأصلُ.
وبَعَثَ عَليٌّ -رضي الله عنه- بذُهَيبَةٍ في تُربَتِها من اليمَن فقسمها النبيُّ- صلّى اللهُ عليه وسلَّم- بين الأقرع وعُيَيْنَةَ وعَلقمةَ وزيد الخيل، فقال ذو الخويصرة: اتقِ اللهَ يا محمد، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ من ضِئضييءِ هذا قوماً يَقرأونَ القرآنَ لا يجاوِز حناجرَهم يَقتلونَ أهلَ الإسلام ويَدَعونَ أهلَ الأوثان يمرُقونَ من الإسلام كما يمرُقونَ من الإسلام كما يمرُقُ السهمُ من الرمِيَّةِ لَئن أدركتُهُم لأقتُلَنَّهُم قَتلَ عادٍ.
وقال الكُمَيتُ:
وَجَدتُكَ في الضِّنءِ من ضئضيءٍ      أحَلَّ الأكابِرُ منه الصِّـغـارا

"46-أ" والضُّؤضُؤُ -مِثالُ هُدهُدِ-: طائرٌ، وهو الأَخيَلُ. وقال أبو عمرو: الضَّأضاءُ: . . . أكمل المادة أصواتُ الناس في الحربِ؛ مثل الضَّوضاء.

برس (لسان العرب) [0]


البِرْسُ والبُرْسُ: القُطْنُ؛ قال الشاعر: تَرْمِي اللُّغامَ على هاماتها قَزَعاً، كالبُِرْسِ طَيَّرَه ضَرْبُ الكَرابِيلِ الكرابيل: جمع كِرْبالٍ، وهو مِنْدَفُ القطن.
والقَزَعُ: المتفرِّق قِطَعاً،وقيل: البُرْسُ شبيه بالقطن، وقيل: البرس قُطْنُ البَرْدِيِّ؛ وأَنشد:كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ والنِّبْرَاسُ: المصباح؛ قال ابن سيده، رحمه اللَّه تعالى: وإِنما قَضَينا بزيادة النون لأَن بعضهم ذهب إِلى أَن اشتقاقه من البُرْسِ الذي هو القطن، إذ الفتيلة في الأَغلب إِنما تكون من قطن، وذكره الأَزهري في الرباعي قال: ويقال للسِّنانِ نِبْرَاسٌ، وجمعه النَّبَارِسُ؛ قال ابن مقبل:إِذ رَدَّها الخَيْلُ تَعْدُو وهي خافِضَةٌ، حَدَّ النَّبَارِسِ مَطْرُوراً نَواحِيها أَي خافضة الرماح.
والبَِرْسُ: حَذَاقَة الدليل.
وبَرَسَ إِذا اشتد على غريمه.
وبُرْسَانُ: قبيلة من العرب.
والبَرْنَساءُ: . . . أكمل المادة الناسُ، وفيه لغات: بَرْنَسَاءُ ممدود غير مصروف مثل عَقْرباءَ، وبَرْناساءُ وبَراساءُ.وفي حديث الشعبي: هو أَحل من ماءِ بُرْسٍ؛ بُرْس: أَجَمَةٌ معروفة بالعراق، وهي الآن قرية، واللَّه أَعلم.

جرح (لسان العرب) [0]


الجَرْح: الفعلُ: جَرَحه يَجْرَحُه جَرْحاً: أَثَّرَ فيه بالسلاح؛ وجَرَّحَه: أَكثر ذلك فيه؛ قال الحطيئة: مَلُّوا قِراه، وهَرَّتْه كلابُهُمُ، وجَرَّحُوه بأَنْيابٍ وأَضْراسِ والاسم الجُرْح، بالضم، والجمع أَجْراح وجُرُوحٌ وجِراحٌ؛ وقيل: لم يقولوا أَجْراح إِلا ما جاء في شعر، ووجدت في حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها: قال الشيخ، ولم يسمِّه، عنى بذلك قوله (* قوله «عنى بذلك قوله» أي قول عبدة بن الطبيب كما في شرح القاموس.): وَلَّى، وصُرِّعْنَ، من حيثُ التَبَسْنَ به، مُضَرَّجاتٍ بأَجْراحٍ، ومَقْتُولِ قال: وهو ضرورة كما قال من جهة السماع.
والجِراحَة: اسم الضربة أَو الطعنة، والجمع جِراحاتٌ وجِراحٌ، على حدّ دِجاجَة ودِجاج، فإِما أَن يكون مكسَّراً . . . أكمل المادة على طرح الزائد، وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاء. الأَزهري: قال الليث الجِراحَة الواحدة من طعنة أَو ضربة؛ قال الأَزهري: قول الليث الجراحة الواحدة خطأٌ، ولكن جُرْحٌ وجِراحٌ وجِراحة، كما يقال حجارة وجِمالة وحِبالة لجمع الحَجَرِ والجَمَل والحبل.
ورجل جَريح من قوم جَرْحى، وامرأَة جَريح، ولا يجمع جمع السلامة لأَن مؤنثة لا تدخله الهاء، ونِسْوة جَرْحى كرجال جَرْحى.
وجَرَّحَه: شُدِّد للكثرة.
وجَرَحَه بلسانه: شتمه؛ ومنه قوله: لا تَمْضَحَنْ عِرْضي، فإِني ماضِحُ عِرْضَك، إِن شاتمتني، وقادِحُ في ساقِ من شاتَمَني، وجارِحُ وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: العَجْماءُ جَرْحُها جُبار؛ فهو بفتح الجيم لا غير على المصدر؛ ويقال: جَرَح الحاكمُ الشاهدَ إِذا عَثر منه على ما تَسْقُطُ به عدالته مِن كذب وغيره؛ وقد قيل ذلك في غير الحاكم، فقيل: جَرَحَ الرجلَ غَضَّ شهادته؛ وقد اسْتُجْرحَ الشاهدُ.
والاستجراحُ: النقصانُ والعيب والفساد، وهو مِنه، حكاه أَبو عبيد قال: وفي خطبة عبد الملك: وَعَظْتُكم فلم تَزْدادُوا على الموعظة إِلا استجراحاً أَي فساداً؛ وقيل: معناه إِلا ما يُكْسِبُكُم الجَرْحَ والطعن عليكم؛ وقال ابن عَوْن: اسْتَجْرَحَتْ هذه الأَحاديثُ؛ قال الأَزهري: ويروى عن بعض التابعين أَنه قال: كثرت هذه الأحاديث واسْتَجْرَحَتْ أَي فَسَدَت وقلَّ صِحاحُها، وهو اسْتَفْعَل من جَرَح الشاهدَ إِذا طعن فيه ورَدَّ قوله؛ أَراد أَن الأَحاديث كثرت حتى أَحوجت أَهل العلم بها إِلى جَرْحِ بعض رواتها، ورَدِّ روايته.
وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه: كَسَبه؛ وفي التنزيل: وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جَرَحْتُمْ بالنهار. الأَزهري: قال أَبو عمرو: يقال لإِناث الخيل جَوارِحُ، واحدتها جارِحَة لأَنها تُكسب أَربابَها نِتاجَها؛ ويقال: ما له جارِحَة أَي ما له أُنثى ذاتُ رَحِمٍ تَحْمِلُ؛ وما له جارحة أَي ما له كاسِبٌ.
وجَوارحُ المال: ما وَلَد؛ يقال: هذه الجارية وهذه الفرس والناقة والأَتان من جوارح المال أَي أَنها شابَّة مُقْبِلَة الرَّحِم والشباب يُرجَى وَلدُها.
وفلان يَجْرَحُ لعياله ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ، بمعنى؛ وفي التنزيل: أَم حَسِبَ الذين اجْتَرَحُوا السيِّئات؛ أَي اكتسبوها. فلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم أَي كاسِبُهم.
والجوارح من الطير والسباع والكلاب: ذواتُ الصيد لأَنها تَجْرَحُ لأَهلها أَي تَكْسِبُ لهم، الواحدة جارحة؛ فالبازي جارحة، والكلب الضاري جارحة؛ قال الأَزهري: سمِّيت بذلك لأَنها كواسِبُ أَنفُسِها مِن قولك: جَرَح واجْترَح؛ وفي التنزيل: يسأَلونك ماذا أُحلَّ لهم قل أُحلَّ لكم الطيباتُ وما عَلَّمْتُمْ من الجوارح مُكَلِّبينَ؛ قال الأَزهري: فيه محذوف، أَراد الله عز وجل: وأُحِلَّ لكم صيدُ ما علمتم من الجوارح، فحذف لأَن في الكلام دليلاً عليه.
وجَوارِحُ الإِنسان: أَعضاؤُه وعَوامِلُ جسده كيديه ورجليه، واحدتها جارحة. لأَنهن يَجْرَحْن الخير والشر أَي يكسبنه.
وجَرَح له من ماله: قطَع له منه قطعة؛ عن ابن الأَعرابي، ورَدَّ عليه ثعلبٌ ذلك فقال: إِنما هو جَزَح، بالزاي، وكذلك حكاه أَبو عبيد.
وقد سَمَّوْا جَرَّاحاً، وكَنَوْا بأَبي الجَرَّاح.

وحل (لسان العرب) [0]


الوَحَل، بالتحريك: الطينُ الرَّقيق الذي ترتَطِمُ فيه الدوابّ، والوَحْل، بالتسكين، لغة رديَّة، والجمع أَوْحالٌ ووُحُولٌ. بالفتح المصدر، وبالكسر المكان. المكان: صار فيه الوَحَل. بالكسر، يَوْحَل وَحَلاً، فهو وَحِلٌ: وقع في الوَحَل؛ قال لبيد:فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ، كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ وأَوْحَله غيرُه إِذا أَوقعَه فيه.
وفي حديث سُراقة: فوَحِل بي فَرَسي وإِنني لَفي جَلَدٍ من الأَرض أَي أَوقعني في الوَحَل؛ يريد كأَنه يسِير بي في طِينٍ وأَنا في صُلْب من الأَرض.
وفي حديث أَسْرِ عُقْبة بن أَبي مُعَيْط: فوَحِل به فرسُه في جَدَدٍ من الأَرض، والجَدَدُ: ما . . . أكمل المادة استوى من الأَرض. فوحَلته أَحِلُه: كنتُ أَخْوَضَ للوَحَل منه، وواحَلَه فوَحَلَه. الموضع الذي فيه الوَحَل؛ قال المتنخل الهُذلي: فأَصْبَحَ العِينُ رُكوداً على الـ أَوْشاذِ أَن يَرْسَخْنَ في المَوْحَلِ يروى بالفتح والكسر من المصدر والمكان، يقول: وقفتْ بقَرُ الوَحْش على الرَّوابي مَخافة الوَحَل لكثرة الأَمطار. فلانٌ فلاناً شرّاً: أَثقله به. موضع (* قوله «وموحل موضع» كذا في الأصل مضبوطاً) ؛ قال: من قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَيْ مَوْحَل

مقد (لسان العرب) [0]


مَقَدٌ: من قُرَى البَثَنِيَّةِ.
والمَقدِيَّة، خفيفة الدال: قرية بالشام من عمل الأُرْدُنّ، والشرابُ منسوب إِليها. غيره: المَقَدِي، مخفف الدال: شراب منسوب إِلى قرية بالشام يتخذ من العسل؛ وقال الشاعر: عَلِّلِ القَوْمَ، قَلِيلاً، بابنِ بِنْتِ الفارِسِيَّة إِنَّهُمْ قد عاقَرُوا، اليَوْ مَ، شَراباً مَقَدِيَّهْ وأَنشد الليث: مَقَدِيًّا أَحَلَّهُ اللَّهُ للنا سِ شَراباً، وما تَحِلُّ الشَّمُولُ وروى الأَزهري بسنده عن منذر الثوري قال: رأَيت محمد بن عليّ يشربُ الطِّلاءَ المَقَدِيَّ الأَصفر، كان يرزقه إِياه عبد الملك، وكان في ضيافته يرْزُقه الطِّلاءَ وأَرطالاً من لحم. قال شمر: سمعت أَبا عبيد يروي عن أَبي عمرو: المَقَدِيُّ ضَرْب من الشراب، بتخفيف الدال؛ قال: . . . أكمل المادة والصحيح عندي أَن الدال مشدّدة؛ قال: وسمعت رجاء بن سلمة يقول المَقَدِّيُّ، بتشديد الدال، الطِّلاءُ المُنَصَّف مشبه بما قُدَّ بنصفين؛ قال: ويصدقه قول عمرو بن معديكرب: وهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسلَحِبّاً، وهُمْ شغَلوه عَنْ شُرْبِ المَقَدِّ قال ابن سيده: أُنشد بغير ياء، قال: وقد يجوز أَن يكون أَراد المَقَدّي فحذف الياء. قال ابن بري: وجعل الجوهري المَقَدي مخففاً، وهو المشهور عند أَهل اللغة، وقد حكاه أَبو عبيد وغيره مشدّد الدال، رواه ابن الأَنباري واستشهد على صحته ببيت عمرون بن معديكرب، حكى ذلك عن أَبيه عن أحمد بن عبيد، وأَن المَقَدِّيّ منسوب إِلى مَقَدّ، وهي قرية بِدِمَشْق في الجبل المشرف على الغَوْر؛ وقال أَبو الطيب اللغوي: هو بتخفيف الدال لا غير منسوب إلى مَقَد؛ قال: وإِنما شدّده عمرو بن معديكرب للضرورة؛ قال: وكذا يقتضي أَن يكون عنده قول عدي بن الرقاع في تشديد الدال أَنه للضرورة وهو: فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ، لَعِبَتْ به عُقارٌ، ثَوَتْ في سِجْنِها حِجَجاً تِسْعَا مَقَدِّيَّةٌ صَهْباءُ باكَرْتُ شُرْبَها، إِذا ما أَرادُوا أَن يَرُوحوا بها صَرْعَى قال: والذي يشهد بصحة قول أَبي الطيب أَنها منسوبة إِلى مقد، بالتخفيف، قول الأَحوص: كأَنَّ مُدامَةً مِمَّا حَوَى الحانُوتُ مِنْ مَقَدِ، يُصَفَّقُ صَفْوُها بالمِسْـ ـكِ والكافُورِ والشَّهَدِ قال: وكذلك قول العرجي: كأَنَّ عُقاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً، أَبى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خادِعُ وكذلك قول الآخر: مَقَدِيّاً أَحَلَّه اللَّهُ للناس قال: زعم قائل هذا البيت أَنّ المَقَدِيَّة شراب من العسل كانت الخلفاء من بني أُمَيَّة تشربه.
والمَقَدِيّ: ضَرْبٌ من الثياب.

ألف (الصّحّاح في اللغة) [0]


الألْفُ عددٌ، وهو مذكر، يقال: هذا ألْفٌ واحدٌ، ولا يقال: واحدة.
وهذا أَلْفٌ أَقرعُ، أي تامٌّ، ولا يقال: قرعاءُ.
وقال ابن السكيت: لو قلت هذه أَلْفٌ بمعنى هذه الدراهم أَلْفٌ؛ لجاز.
والجمع أُلوفٌ وآلافٌ.
وأَلَفَهُ يَأْلِفُهُ بالكسر: أعطاه أَلْفاً.
وآلَفْتُ القومَ إيلافاً، أي كمّلتهم أَلْفاً، وآلَفوهُمْ أيضاً بأنفسهم.
وكذلك آلَفْتُ الدراهم وآلَفَتْ هي.
والإلْفُ: الأَليْفُ. يقال: حَنَّتِ الإلْفُ إلى الإلْفِ.
وجمع الأَليفِ آلائِفُ. قال ذو الرمة:
يرتاد أَحْلِيَةً أَعْجازُها شَذَبُ      فأصبح البَكْرُ فرداً من أَلائِفِهِ

والأُلاّفُ: جمعُ آلِفٍ.
وفلان قد أَلِفَ هذا الموضع بالكسر يَأْلَفُهُ إلْفاً، وآلَفَهُ إيّاهُ غيرُه.
ويقال أيضاً: آلَفْتُ الموضعَ أُولِفهْ إيلافاً، وكذلك آلَفْتُ الموضعَ أُؤْالِفُهُ مُؤّالَفَةً وَإلافاً، وأَلّفْتُ بين الشيئين تَأْليفاً، فتَتَأَلّفا وأْتَلَفا.
ويقال أيضاً أَلْفٌ . . . أكمل المادة مُؤَلَّفَةٌ، أي مكمَّلَةٌ.
وتَأَلّفْتُهُ على الإسلام.
ومنه المُؤَلَّفَةُ قلوبُهم.
وقوله تعالى: "لإيلافِ قريشٍ إيلافِهِمْ" يقول تعالى: أهلكت أصحاب الفيل لأُولِفَ قريشاَ مكّة، ولِتُؤَلِّفَ قريشٌ رحلَة الشتاء والصيف، أي تجمَعَ بينهما، إذا فرغوا من ذِهِ أخذوا في ذِهِ.

ضأضأ (لسان العرب) [0]


الضِّئْضِئُ والضُّؤْضُؤُ: الأَصل والـمَعْدِنُ. قال الكميت: وَجَدْتُك في الضِّنْءِ من ضِئْضِئٍ، * أَحَلَّ الأَكابِرُ منه الصِّغارا وفي الحديث: أَن رجلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم، وهو يَقْسِمُ الغنائم، فقال له: اعْدِلْ فإِنك لم تَعْدِلْ. فقال: يخرج من ضِئْضِئي هذا قوم يَقْرَؤُون القرآن لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ. الضئْضِئُ: الأَصْلُ.
وقال الكميت: بأَصل الضِّنْوِ ضئْضِئِه الأَصِيل (2) (2 قوله «بأصل الضنو إلخ» صدره كما في ضنأ من التهذيب: وميراث ابن آجر حيث ألقت.) وقال ابن السكيت مثله، وأَنشد: أَنا من ضِئْضِئِ صِدْقٍ، * بَخْ وفي أَكْرَمِ جِذْلِ ومعنى قوله يَخْرُج . . . أكمل المادة من ضِئْضِئي هذا أَي من أَصلِه ونَسْلِه. قال الراجز: غَيْران من ضِئضِئِ أَجْمالٍ غُيُرْ تقول: ضِئْضِئُ صِدْقٍ وضُؤْضُؤُ صِدْقٍ.
وحكي: ضِئْضِيءٌ مثل قِنْدِيلٍ؛ يريد أَنه يخرج مِن نَسْلِه وعَقِبه.
ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو بمعناه.
وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه: أَعطَيْتُ ناقةً في سبيل اللّه، فأَردتُ أَن أَشترِيَ مِن نَسْلِها، أَو قال: من ضِئْضِئها، فسأَلْتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: دعْها حتى تَجيءَ يومَ القيامة هي وأَولادُها في ميزانِكَ.
والضِّئْضِئُ: كثرة النَّسْل وبَرَكَتُه، وضِئْضِئُ الضَّأْنِ ، من ذلك. أَبو عمرو: الضأْضاءُ صَوْتُ الناسِ، وهو الضَّوْضاءُ.
والضُّؤْضُؤُ: هذا الطائرُ الذي يسمى الأَخْيَلَ.قال ابن دريد: ولا أَدري ما صحته.

توت (لسان العرب) [0]


التُّوتُ: الفِرْصادُ، واحدته تُوتَةٌ، بالتاء المثناة، ولا تقل التُّوثُ، بالثاء. قال ابن بري: ذكر أَبو حنيفة الدينوري أَنه بالثاء؛ وحكي عن بعض النحويين أَيضاً، أَنه بالثاء. قال أَبو حنيفة: ولم يُسمع في الشعر إِلاّ بالثاء، وأَنشد لمحبوب بن أَبي العَشنَّطِ النَهْشَلِيِّ. لَرَوْضَةٌ من رياضِ الحَزْنِ، أَوْ طَرَفٌ من القُرَيَّةِ، جَرْدٌ غيرُ مَحْروثِ لِلنَّوْرِ فيه، إِذا مَجَّ النَّدَى، أَرَجٌ يَشْفي الصُّداعَ، ويُنْقي كلَّ مَمْغُوثِ أَحْلى وأَشْهَى لِعيني، إِن مَررتُ به، مِنْ كَرْخِ بَغْدَادَ، ذي الرُّمَّانِ والتُّوثِ واللَّيْلُ نِصْفانِ: نِصْفٌ للهُمُومِ، فما أَقْضِي الرُّقادَ، ونِصْفٌ للبراغِيثِ أَبِيتُ حَيْثُ تُسامِيني أَوائِلُها، أَنْزُو، وأَخْلِطُ تَسبيحاً بتَغْوِيثِ سُودٌ مَدالِيجُ في الظَّلْمَاء، مُؤْدَنَةٌ، . . . أكمل المادة وليسَ مُلْتَمَسٌ منها بمَنْبُوثِ المُؤْدَنُ، بالهمز: القصير العُنق.
والمُودَنُ، بغير الهمز: الذي يُولدُ ضاوِيّاً؛ نقلته من حواشي ابن بري ومن حواشٍ عليها. قال ابن بري: وحكي عن الأَصمعي أَنه بالثاء في اللغة الفارسية، وبالتاء في اللغة العربية. التهذيب: التُّوثُ كأَنه فارسي، والعرب تقول: التُّوتُ، بتاءين.
وفي حديث ابن عباس: أَن ابن الزبير آثَرَ عَليَّ التُّوَيتَاتِ، والحُمَيْدَاتِ، والأُساماتِ؛ قال شمر: هم أَحْياءٌ من بني أَسَدٍ: حُمَيْدُ بن أُسامةَ بنِ زُهَيرِ بن الحارث بنِ أَسَدِ ابن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ، وتُوَيتُ بنُ حَبيب بنِ أَسدِ بن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ، وأُسامةُ بنُ زُهير بن الحارث بن أَسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ.
والتُّوتِياءُ: معروف، حَجَر يُكْتَحَلُ به، وهو مُعَرَّب.

طرث (لسان العرب) [0]


الطَّرْثُ: الاسترخاء.
والطُّرْثُوثُ: نبتٌ يُؤْكل؛ وفي المحكم: نَبْتٌ رَمْلِيٌّ طَويلٌ مُسْتَدِقٌّ كالفُطْر، يَضْرِبُ إِلى الحُمْرةِ يَيْبَسُ، وهو دباغٌ للمَعِدَةِ،واحدتُه طُرْثُوثة؛ عن أَبي حنيفة، وقال أَبو حنيفة أَيضاً: الطُّرْثُوثُ يُنَقِّضُ الأَرضَ تنقيضاً، وليس فيه شيءٌ أَطْيَبَ من سُوقَتِه، ولا أَحْلى، وربما طال، وربما قَصُر، ولا يخرج إِلاَّ في الحَمْضِ، وهو ضربان: فمنه حُلْوٌ، وهو الأَحمر، ومنه مُرٌّ، وهو الأَبيض؛ قال: وقال أَبو زياد: الطَّراثِيثُ تُتَّخَذُ للأَدْوية، ولا يأْكلها إِلاّ الجائعُ، لمَرارتها؛ قال: وقال ابن الأَعرابي: الطُّرْثُوثُ يَنْبُتُ على طول الذراع، لا ورق له، كأَنه من جنس الكَمْأَة.
وتَطَرْثَثَ القومُ: خرجوا يَجْتَنُونَ الطَّراثِيثَ، وخَرجوا يَتَطَرْثَتُون أَي يَجْتَنُونه. قال الأَزهري: الطُّرْثوثُ . . . أكمل المادة ليس بالرِّيباسِ الذي عندنا، ورأَيتُ الطُّرْثوثَ الذي وَصَفَه الليثُ في البادية، وأَكَلْتُ منه، وهو كما وَصَفَه، وليس بالطُّرْثوثِ الحامضِ الذي يكون فلي جبال خُراسان، لأَن الطُّرْثوثَ الذي عندنا، له وَرَقٌ عريض، مَنْبِتُه الجبالُ.
وطُرْثُوثُ البادية لا وَرَق له ولا ثمر، ومَنْبِتُه الرمالُ وسُهولةُ الأَرض، وفي حلاوةٌ مُشْرَبَةٌ عُفُوصةً، وهو أَحمر، مستدير الرأْس، كأَنه ثُومةُ ذَكَرِ الرجل.
والعربُ تقول: طَراثِيثُ لا أَرْطَى لها، وذآنينُ لا رِمْثَ لها، لأَنهما لا يَنْبُتانِ إِلاَّ معهما، يُضْرَبانِ مثلاً للذي يُسْتَأْصَلُ، فلا تَبْقَى له بقيةٌ، بعدما كان له أَصلٌ وقَدْرٌ ومال؛ وأَنشد الأَصمعي: فالأَطْيَبانِ بها الطُّرْثوثُ والضَّرَبُ قال شمر: لا أَعرف للرِّيباس والكَمْءِ اسماً عربيّاً قال: وفي رُسْتاق نَيْسابور قريةٌ يقال لها طُرْشِيزُ، وتُكْتب طُرَيْثيثُ.
وفي حديث حذيفة: حتى يَنْبُتَ اللحم على أَجسادهم، كما تَنْبُتُ الطَّراثِيثُ على وجه الأَرض، هي جمع طُرْثُوثٍ، وهو نبت يَنْبَسِطُ على وجه الأَرض كالفُطْر.

مصطر (لسان العرب) [0]


المُصْطارُ والمُصْطارَةُ: الحامض من الخمر؛ قال عديّ بن الرقاع: مُصْطارَة ذهَبَتْ في الرأْسِ نَشْوَتُها، كأَنَّ شارِبَها مما به لَمَمُ أَي كأَنّ شاربها مما به ذو لمم، أَو يكون التقدير: كأَنّ شاربها من النوع الذي به لمم، وأَوقع ما على من يعقل كما حكاه أَبو زيد من قول العرب: سبحان ما يُسَبِّح الرعدُ بحمده، وكما قالت كفار قريش للنبي، صلى الله عليه وسلم، حين تلا عليهم: إِنكم وما تعبدون من دون الله حصَبُ جهنم أَنتم لها واردون؛ قالوا: فالمسيح معبود فهل هو في جهنم؟ فأَوقعوا ما على من يعقل، فأَنزل الله تعالى: إِن الذين سبقت لهم منا الحسنى أُولئك . . . أكمل المادة عنها مبعدون. قال: والقياس أَن يكون أَراد بقوله: وما تعبدون، الأَصنام المصنوعة؛ وقال أَيضاً فاستعاره للبن: نَقْري الضُّيُوفَ، إِذا ما أَزْمَةٌ أَزَمَتْ، مُصْطار مَاشِيَةٍ لم يَعْدُ أَنْ عُصِرا قال أَبو حنيفة: جعل اللبن بمنزلة الخمر فسماه مصطاراً؛ يقول: إِذا أَجدب الناس سقيناهم اللبن الصَّرِيفَ وهو أَحْلى اللبَنِ وأَطيَبُه كما نسقي المُصْطارَ. قال أَبو حنيفة: إِنما أُنْكِر قول من قال إِن المُصْطارَ الحامِضُ لأَن الحامض غير مختار ولا ممدوح، وقد اختير المصطار كما ترى من قول عدي بن الرقاع وغيره؛ وأَنشد الأَزهري للأَخطل يصف الخمر: تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فيها بِجائِفَةٍ، فَوْقَ الزُّجاجِ، عتِيقٌ غيرُ مُصْطارِ (* في ديوان الأخطل: غير مسطار، بالسين، والمعنى هوَ هوَ في كلتا اللَّفظتين.) قالوا: المصطار الحديثة المتغيرة الطعم، قال الأَزهري: وأَحسب الميم فيها أَصلية لأَنها كلمة رومية ليست بعربية محضة وإِنما يتكلم بها أَهل الشام ووجد أَيضاً في أَشعار من نشأَ بتيك الناحية.

حلو (مقاييس اللغة) [0]



الحاء واللام وما بعدها معتلٌّ، ثلاثة أصول: فالأوّل طِيب الشيء في مَيْل من النّفس إليه، والثاني تحسين الشيء، والثالث-وهو مهموز- تَنْحِيَة الشيء.فالأوّل الحُلْو، وهو خلاف المرّ. يقال استحليت الشيءَ، وقد حلا في فمي يحلو، والحَلْوَاء الذي يؤكل يمدّ ويقصر.
ويقال حَلِيَ بعيني يَحْلَى. المرأة إذا أظهرت حلاوةً، كما يقال تباكى وتعالى، وهو إبداؤه للشَّيء لا يخفَى مثلُه. قال أبو ذؤيب:
فشأنَكَها إنِّي أمينٌ وإنَّني      إذا ما تَحَالَى مِثْلُها لا أَطُورُها

ومن الباب حَلَوْتُ الرجلَ حُلْوَاناً، إذا أعطيتَه ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حُلوان الكاهن، وما . . . أكمل المادة يُجعل له على كِهانته. قال أوس:
كَأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يومَ مدحتُه      صَفَا صخْرةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها

والحُلوان
أيضاً *أن يأخذ الرجلُ من مَهر ابنتِه لنفْسه.
وذلك عارٌ عند العرب. قالت امرأةٌ تمدح زوجها:والأصل الثاني: الحُلِيّ حُلِيُّ المرأة، وهو جمع حَلْيٍ، كما يقال ثَدْيٌ وَثُدِيٌّ، وظَبْيٌ وظُبِيٌّ. المرأة.
وهذه حِلية الشيءِ أي صفتُه.
ويقال حِلْية السيف، ولا يقال حُلِيّ السيف.والأصل الثالث: وهو تنحية الشيء، يقال حَلأّتُ الإبل عن الماء؛ إذا طردتَها عنه. قال:ويقال لما قُشِر عن الجلد الحُلاءة مثل فُعالة؛ يقال منه حَلأتُ الأديم قشرتُه. على فَعول: أن تَحُكّ حجراً [على حجرٍ] يَكتحِل بحُكاكتهما الأرْمد.
ويقال منه أحلأْت الرّجُل.
ويقال حلأت الأرض، إذا ضربتَها.ومما شذ عن الباب حَلأَه مائةَ دِرهم، إذ نَقَده إيّاها؛ وحلأَه مائةَ سَوط.

العَفْوُ (القاموس المحيط) [0]


العَفْوُ: عَفْوُ اللّهِ، جَلَّ وعَزَّ عن خَلْقِهِ، والصَّفْحُ، وتَرْكُ عُقُوبَةِ المُسْتَحِقِّ. عَفا عنه ذَنْبَهُ، وعَفَا لَهُ ذَنْبَهُ،
و~ عن ذَنْبِهِ، والمَحْو، والإِمْحاءُ، وأحَلُّ المالِ وأطْيَبُهُ، وخِيارُ الشيءِ وأجْوَدُهُ، والفَضْلُ، والمعروفُ،
و~ من الماءِ: ما فَضَلَ عن الشاربَةِ،
و~ من البِلادِ: ما لا أثَرَ لأَحَدٍ فيها بِمِلْكٍ، وَوَلَدُ الحِمارِ، ويُثَلَّثُ،
كالعَفا فيهما
ج: عَفْوَةٌ وعِفاءٌ.
والعَفْوَةُ: الدِيَةُ.
ورَجُلٌ عَفُوٌّ عن الذَّنبِ: عافٍ.
وأعْفاهُ من الأمْرِ: بَرَّأَهُ.
وعَفَتِ الإِبِلُ المَرْعَى: تَنَاوَلَتْهُ قَرِيباً،
و~ شَعَرُ البَعِيرِ: كَثُرَ، وطالَ فَغَطَّى دُبُرَهُ، وقد عَفَّيْتُهُ وأعْفَيْتُهُ،
و~ أثَرُهُ عفاءً: هَلَكَ،
و~ الماءُ: لم يَطَأْهُ ما يُكَدِّرُهُ،
و~ عليه في العِلمِ: زاد،
و~ الأرضُ: . . . أكمل المادة غَطَّاها النَّباتُ،
و~ الصُّوفَ: جَزَّهُ.
والعافِي: الرائِدُ، والوارِدُ، والطَّويلُ الشَّعَرِ، وما يُرَدُّ في القِدْرِ من مَرَقَةٍ إذا اسْتُعِيرَتْ، والضَّيْفُ، وكُلُّ طالِبِ فَضْلٍ أو رِزْقٍ،
كالمُعْتَفِي.
والعَفاءُ، كسَماءٍ: التُّرابُ، والبَياضُ على الحَدَقَةِ، والدُّرُوسُ،
كالعُفُوِّ والتَّعَفِّي، والمَطَرُ، وبالكسر: ما كَثُرَ من رِيش النَّعامِ، والشَّعَرُ الطويلُ الوافِي.
وأبو العِفاءِ: الحمارُ.
والاسْتِعفاءُ: طَلَبُكَ ممن يُكَلِّفُكَ أن يُعْفِيَكَ منه.
وأعْفَى: أنْفَقَ العَفْوَ من مالِهِ،
و~ اللِّحْية: وفَّرَها.
وأعْطَيْتُهُ عَفْواً: بغيرِ مسألةٍ.
وعَفْوَةُ القِدْرِ،
وعَفاوَتُها، مُثَلَّثَيْنِ: زَبَدُها.
وناقَةٌ عافِيَةُ اللحْمِ: كثِيرَتُهُ
ج: عافِياتٌ.
والمُعَفِّي، كمُحَدِّثٍ: مَن يَصْحَبُكَ ولا يَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوفِكَ.
والعافِيةُ: دِفاعُ اللّه عن العبدِ.
عافاهُ اللّهُ تعالى من المَكْرُوهِ عِفاءً ومعافاةً وعافِيةً: وَهَبَ له العافِيَةَ من العِلَلِ والبَلاءِ،
كأَعْفَاهُ.
والمُعافاةُ: أن يُعافِيَكَ اللّهُ من الناسِ، ويُعافِيَهُمْ منكَ.
وعَفَّى عليهم الخَيالُ تَعْفِيَةً: ماتُوا.
واسْتَعْفَت الإِبِلُ اليَبِيسَ،
واعْتَفَتْه: أخذَتْهُ بمشافِرِها مُسْتَصْفِيَةً.

ثخن (لسان العرب) [0]


ثَخُنَ الشيءُ ثُخونةً وثَخانةً وثِخَناً، فهو ثَخِينٌ: كثُفَ وغُلظ وصلُبَ.
وحكى اللحياني عن الأَحمر: ثَخُنَ وثَخَنَ.
وثوب ثخينٌ: جيّدُ النَّسْج والسَّدى كثيرُ اللُّحْمةِ.
ورجل ثَخينٌ: حَليمٌ رَزِينٌ ثَقيلٌ في مجلسه.
ورجل ثَخينُ السِّلاحِ أَي شاكٍ.
والثَّخَنةُ والثَّخَنُ: الثِّقْلةُ؛ قال العجاج: حتى يَعِجَّ ثَخَناً مَنْ عَجْعَجاً.
وقد أَثْخَنَه وأَثْقَله.
وفي التنزيل العزيز: حتى إذا أَثْخَنْتُموهم فشُدُّوا الوَثاق؛ قال أَبو العباس: معناه غلَبْتُموهم وكثُر فيهم الجِراحُ فأَعْطَوْا بأَيديهم. ابن الأَعرابي: أَثخَنَ إذا غلَبَ وقهَرَ. أَبو زيد: يقال أَثْخَنْتُ فلاناً معرفةً ورَصَّنْتُه معرفةً، نحوُ الإثْخان، واسْتَثْخَنَ الرجلُ: ثقُلَ من نَومٍ أَو إعْياءٍ.
وأَثْخَنَ في العَدُوِّ: بالَغَ.
وأَثْخَنَتْه الجِراحةُ: أَوْهَنَتْه.
ويقال: أَثْخَنَ فلانٌ في الأرض قَتْلاً إذا أَكثره.
وقال أَبو إِسحق في . . . أكمل المادة قوله تعالى: حتى يُثْخِنَ في الأَرض؛ معناه حتى يُبالِغَ في قَتْلِ أَعدائه، ويجوز أَن يكون حتى يتمكن في الأَرض.
والإثْخانُ في كلّ شيء: قُوَّتُه وشدَّتُه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، في قوله تعالى: حتى يُثْخِنَ في الأَرض ثم أَحَلَّ لهم الغنائمَ؛ قال: الإثْخانُ في الشيء المبالغةُ فيه والإكثارُ منه. يقال: قد أَثْخَنَه المرضُ إذا اشتدَّ قُوَّتُه عليه ووَهَنَه، والمراد به ههنا المبالغةُ في قَتْل الكفار، وأَثْخَنَه الهَمُّ.
ويقال: اسْتُثْخِنَ من المرض والإعْياءِ إذا غلَبَه الإعْياءُ والمرضُ، وكذلك اسْتُثْخن في النَّوْم.
وفي حديث أَبي جهل: وكان قد أُثْخِنَ أَي أُثْقِلَ بالجراح.
وفي حديث عليّ، كرّم الله وجهه: أَوْطأَكم إِثخانُ الجِراحةِ.
وفي حديث عائشة وزينب: لم أَنْشَبْها حتى أَثْخَنْتُ عليها أَي بالَغْتُ في جَوابِها وأَفْحَمْتها؛ وقولُ الأَعشى: عليه سِلاحُ امْرِئٍ حازِمٍ، تَمهَّلَ في الحربِ حتى اثَّخَنْ. أَصله اثْتَخَنَ فأَدْغم؛ قال ابن بري: اثَّخَنَ في البيت افْتَعَلَ من الثَّخانة أَي بالَغ في أَخذ العُدَّة، وليس هو من الإثْخانِ في القَتْل.

ثوب (مقاييس اللغة) [0]



الثاء والواو والباء قياسٌ صحيحٌ من أصلٍ واحد، وهو العَوْدُ والرُّجوع. يقال ثاب يثُوب إذا رَجَع.
والمَثَابةُ: المكان يَثُوب إليه النّاس. قال الله تعالى: وَإذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً [البقرة 125]. قال أهل التفسير: مثابة: يثُوبون إليه لا يَقْضُون منه وَطَراً أبداً.
والمَثَابة: مَقام المُستَقِي على فَمِ البِئرْ.
وهو مِنْ هذا، لأنّه يثُوب إليه، والجمع مَثَابات. قال:
وما لـمَثَاباتِ العُروشِ بَقيَّةٌ      إذا استُلَّ من تحت العُرُوشِ الدَّعائمُ

وقال قَوم: المَثَابة العدد الكبير. فإنْ كان صحيحاً فهو من الباب، لأنهم الفئة التي يُثَابُ إليها.
ويقال ثَابَ الحوضُ، إذا امتلأ. قال:وهكذا كأنّه خلا ثم ثاب إليه الماء، أو عاد ممتلئاً بعد أنْ خلا.
والثّوابُ من . . . أكمل المادة الأجْر والجزاء أمرٌ يُثابُ إليه.
ويقال إنّ المَثابة حِبالةُ الصَّائد، فإن كان هذا صحيحاً فلأنّه مَثَابة الصَّيد، على معنى الاستعارة والتّشبيه. قال الراجز:
مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثَابَا      لعلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا

يعني بالشّيخِ الوَعِلَ يَصِيدُه.
ويقال إنّ الثَّوابَ العَسَلُ؛ وهو من الباب، لأنّ النّحلَ يثُوبُ إليه. قال:
فهو أحْلَى مِنَ الثَّوابِ إذا      ذُقْتَُ فَاهَا وبَارِئِ النَّسَمِ

قالوا: والواحدُ ثَوَابة.
وثَوَابٌ: اسمُ رجلٍ كان يُضْرَب به المثل في الطَّوَاعِيَة، فيقال: "أطْوَعُ مِنْ ثواب". قال:
وكنتُ الدّهر لَستُ أُطِيعُ أنْثَى      فصرْتُ اليومَ أطْوَعَ مِن ثَوابِ

والثوب الملبوس محتملٌ أن يكون من هذا القياس؛ لأنّه يُلْبَس ثم يُلبَس ويثاب إليه.
وربَّما عبَّروا عن النفس بالثَّوب، فيقال هو طاهر الثِّياب.

رفث (لسان العرب) [0]


الرَّفَثُ: الجماعُ وغيره مما يكون بين الرجل وامرأَته، يعني التقبيل والمُغازلة ونحوهما، مما يكون في حالة الجماع، وأَصله قول الفُحْش.
والرَّفَثُ أَيضاً: الفُحْشُ من القول، وكلام النساءِ في الجماع؛ تقول منه: رَفَثَ الرجل وأَرْفَثَ؛ قال العجاج: ورُبَّ أَسرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ عن اللَّغَا، ورَفَثِ التَكَلُّم وقد رَفَثَ بها ومَعها.
وقوله عز وجل: أُحِلَّ لكم، ليلةَ الصيام، الرَّفَثُ إِلى نسائكم؛ فإِنه عدَّاه بإِلى، لأَنه في معنة الإِفْضاءِ، فلما كُنْتَ تُعَدِّي أَفْضَيْتُ بإِلى كقولك: أَفْضَيتُ إِلى المرأَة، جئتَ بإِلى مع الرَّفَثِ، إِيذاناً وإِشعاراً أَنه بمعناه.
ورَفَثَ في كلامه (* قوله «ورفث في كلامه إلخ» من باب نصر وفرح وكرم كما في القاموس وغيره.) . . . أكمل المادة يَرْفُثُ رَفْثاً، ورَفِثَ رَفَثاً، ورَفُثَ، بالضم عن اللحياني، وأَرْفَثَ، كلُّه: أَفْحَشَ؛ وقيل: أَفْحَشَ في شأْنِ النساءِ.
وقولُه تعالى: فلا رَفَثَ، ولا فُسوقَ، ولا جِدالَ في الحج؛ يجوز أَن يكونَ الإِفْحاشَ؛ وقال الزجاج: أَي لا جِماعَ، ولا كَلِمة من أَسباب الجماع، وأَنشد: عن اللَّغا، ورَفَثِ التكلُّمِ وقال ثعلب: هو أَن لا يأْخُذَ ما عليه من القَشَفِ، مثل تقليم الأَظفار، ونَتْفِ الإِبطِ، وحَلْق العانة، وما أَشبهه، فإِن أَخذ ذلك كله فليس هنالك رَفَثٌ.
والرَّفَثُ: التعريض بالنكاح.
وقال غيره: الرَّفَثُ كلمة جامعة لكل ما يريده الرجلُ من المرأَة؛ وروي عن ابن عباس أَنه كان مُحْرِماً، فأَخَذَ بذَنَبِ ناقة من الرِّكابِ، وهو يقول: وهُنَّ يَمْشِينَ بنا هَميسا، إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسا فقيل له: يا أَبا العباس، أَتقول الرَّفَثَ وأَنت مُحْرِمٌ؟ وفي رواية: أَثَرْفُثُ وأَنتَ مُحْرم؟ فقال: إِنما الرَّفَثُ ما رُوجِعَ به النساءُ (* قوله «ما روجع به إلخ» الذي في الصحاح ما ووجه به النساء.). فرأَى ابنُ عباس الرَّفَثَ الذي نَهى اللهُ عنه ما خُوطِبَتْ به المرأَة؛ فأَما أَنْ يَرْفُثَ في كلامه، ولا تَسْمَع امرأَةٌ رَفَثَه، فغير داخلٍ في قوله: فلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ.

دلس (العباب الزاخر) [0]


الدُّلْسَة -بالضم- والدَّلَسُ -بالتحريك-: الظُّلمَة، يقال: أتانا دَلَسَ الظَّلامِ ومَلَسَ الظَّلامِ ومَلثَ الظَّلامِ: أي عِندَ اختِلاطِه. والدَّلَسُ -أيضاً-: النَّبات الذي يورِق في آخر الصيف. والأدْلاس: من الرِّبَب وهي ضَرب من النَّبْتِ.
وقال الفَرّاء: الأدْلاس: بَقايا البقل والنَّبت، واحِدُها دَلَسٌ، وأنشد:
بَدَّلْنَنا من قَهْوَسٍ قِنْعـاسـا      ذا صَهَواتٍ يَرْتَعُ الأدلاسا

ويقال: ما لي في هذا الأمر ولْسٌ ولا دَلْسٌ: أي ما لي فيه خيانة ولا خَديعَة. والدَّوْلَسِي: الأمر الذي فيه تَدْليس، ومنه قول سعيد بن المُسَيَّب: رَحِمَ الله عمر؛ لو لم يَنْهَ عن المتعة لاتَّخذها الناس دَوْلَسِيّاً. أي ذريعةً وعِلَّةً مُدَلّسَةً للزنى، والمُراد مُتْعَة النِّكاح، كان الرجل يُشارِط المرأة بأجَلٍ مَعلوم علي شيء يُمَتِّعُها به . . . أكمل المادة يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَها ثُمَّ يُفارِقُها من غير تَزَّوُّجٍ ولا طلاق، وانَّما كان أُحِلَّ ذلك للمسلمين بمَكَّةَ ثلاثة أيّام حِيْنَ حجُّوا مع النبي -صلى الله عليه وسلَّم- ثُمَّ حُرِّمَ. فالمعنى: لو لم يَنْهَ عنها لكان أصحاب الرِّيَبِ يَتَّخِذونَها سَبَباً وسُلَّمَاً إلى الزِنا مُدَلِّسِيْنَ به على الناس. وأدْلَسْنا: أي وَقَعْنا بالنَّبات الذي يورِقُ في آخِر الصَّيف. وأدْلَسَتِ الأرضُ: إذا اخْضَرَّتْ بالدَّلَسِ. والتَّدْليس في البَيْعِ: كِتمان عَيب السِلُعَة عن المُشْتَري، يقال: دَلَّسَ لي سِلْعَةً سَوْء.
ودَلَّسَ في البَيْع وفي كلِّ شيء: إذا لم يُبَيُّن عَيْبَه. قال الأزهري: ومن هذا أُخِذَ التَّدْليس في الإسناد: وهو أن يُحَدِّثَ به عن الشيخ الأكبر ولعلَّه قد رآه، وإنَّما سَمِعَه مِمَّن دُوْنَه مِمَّن سَمِعَه منه.
وفَعَلَ ذلك جماعة من الثِّقات، حتى قال بعضهم:
دَلَّسَ للنَاس أحاديثَه      واللهُ لا يَقْبَل تَدْلِيْسا

ويقال: دَلَّسَه فَتَدَلَّسَ، وتَدَلُّسُه ألاّ يُشْعَرَ به. وتَدَلَّسْتُ الطَّعام: إذا أخذتُ منه قليلاً قليلا. وقال ابن عبّاد: يقال تَدَلَّسَ المالُ دَلَساً: وهو لَحْسُ الشيء القليل في المَرْتَعِ. وادْلاسَّتِ الأرض: وذلك أن يصيب المالُ منها. وفلان لا يُدالِس ولا يُوالِس: أي لا يَظْلِم ولا يخون ولا يُؤارِب. والتركيب يدلُّ على سَتْرٍ وظُلْمَة.

هتر (لسان العرب) [0]


الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْراً وهَتَّرَه.
ورجل مُسْتَهْتَرٌ: لا يبالي ما قيل فيه ولا ما قيل له ولا ما شُتِمَ به. قال الأَزهري: قول الليث الهَتْرُ مَزْقُ العرض غير محفوظ، والمعروف بهذا المعنى الهَرْت إِلا أَن يكون مقلوباً كما قالوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما الاسْتِهْتارُ فهو الوُلوعُ بالشيء والإِفراط فيه حتى كأَنه أُهْتِرَ أَي خَرِفَ.
وفي الحديث: سبق المُفْرِدُونَ؛ قالوا: وما المُفْرِدُونَ؟ قال: الذين أُهْتِرُوا في ذكر الله يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثْقالَهُمْ فيأْتون يوم القيامة خِفافاً؛ قال: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، معناه أَنهم كَبِرُوا في طاعة الله وماتت لذاتهم وذهب القَرْنُ الذين كانوا فيهم، قال: ومعنى أُهْتِرُوا في ذكر الله أَي . . . أكمل المادة خَرِفُوا وهم يذكرون الله. يقال: خرف في طاعة الله أَي خَرِفَ وهو يطيع الله؛ قال: والمُفْرِدُونَ يجوز أَن يكون عني بهم المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لذكر الله، والمُسْتَهْتَرُونَ المُولَعُونَ بالذكر والتسبيح.
وجاء في حديث آخر: هم الذين اسْتُهْتِرُوا بذكر الله أَي أُولِعُوا به. يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا أَي أُولِعَ به لا يتحدّثُ بغيره ولا يفعلُ غيرَه.
وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ.
والهِتْرُ، بالكسر: السَّقَطُ من الكلام والخطأُ فيه. الجوهري: يقال هِتْرٌ هاتِرٌ، وهو توكيد له؛ قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ: أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِناً من تُماضِرٍ هُدُوّاً، ولم يَطْرُقْ من الليل باكرا وكان، إِذا ما الْتَمَّ منها بِحاجَةٍ، يُراجِعُ هِتْراً من تُماضِرَ هاتِرَا قوله هُدُوّاً أَي بعد هَدْءٍ من الليل.
ولم يطرق من الليل باكراً أَي لم يطرق من أَوله.
والْتَمَّ: افْتَعَلَ من الإِلمام، يريد أَنه إِذا أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ.
وقوله يُراجِعُ هِتْراً أَي يعود إِلى أَن يَهْذِيَ بذكرها.
ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ في كلامه.
والهُتْرُ، بضم الهاء: ذهاب العقل من كبر أَو مرض أَو حزن.
والمُهْتَرُ: الذي فَقَدَ عقلَه من أَحد هذه الأَشياء، وقد أَهْتَرَ، نادرٌ.
وقد قالوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فهو مُهْتَرٌ إِذا فقد عقله من الكِبَرِ وصار خَرِفاً.
وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد أَنه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من الكِبَرِ قيل أُهْتِرَ، فهو مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مثله. قال يعقوب: قيل لامرأَة من العرب قد أُهْتِرَتْ: إِن فلاناً قد أَرسل يَخْطُبُكِ، فقالت: هل يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ ما لَه؟ أُلَّ وغُلَّ معنى قولها: أَن أَحلَّ أَن أَنزل، وذلك لأَنها كانت على ظهر طريق راكبة بعيراً لها وابنها يقودها.
ورواه أَبو عبيد: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، من قوله تعالى: وتَلَّهُ للجبين.
وفلان مُسْتَهْتَرٌ بالشراب أَي مُولَعٌ به لا يبالي ما قيل فيه.
وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال من ذلك، وهذا البناء يجاء به لتكثير المصدر.
والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ.
وقال ابن الأَنباري في قوله: فلان يُهاتِرُ فلاناً معناه يُسابُّه بالباطل من القول، قال: هذا قول أَبي زيد، وقال غيره: المُهاتَرَةُ القول الذي يَنْقُضُ بعضُه بعضاً.
وأُهْتِرَ الرجلُ فهو مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بالقول في الشيء.
واسْتُهْتِرَ فهو مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذهب عقله فيه وانصرفت هِمَمُه إِليه حتى أَكثر القول فيه بالباطل.
وقال النبي، صلي الله عليه وسلم: المُسْتَبَّانِ شيطانان يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ في القول، من الهِتْرِ، بالكسر، وهو الباطل والسَّقَطُ من الكلام.
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكون من المُسْتَهْتَرين. يقال: اسْتُهْتِر فلان، فهو مُسْتَهْتَر إِذا كان كثير الأَباطيل، والهِتْرُ: الباطلُ. قال ابن الأَثير: أَي المُبْطِلينَ في القول والمُسْقِطِينَ في الكلام، وقيل: الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به، وقيل: أَراد المُسْتَهْتَرِينَ بالدنيا. ابن الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تصغير الهِتْرَةِ، وهي الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ من الحُمْقِ والجهل؛ وأَنشد: إِن الفَزارِيَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً، من النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قال: ولغة العرب في هذه الكلمة خاصة دَهْداراً بِدَهْدارِ، وذلك أَن منهم من يجعل بعض التاءات في الصدور دالاً، نحو الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لغة في التِّخْرِيص، وهما معرّبان.
والهِتْرُ: العَجَبُ والداهية.
وهِتْرٌ هاتِرٌ: على المبالغة؛ وأَنشد بيت أَوس بن حَجَرٍ: يراجع هتراً من تماضر هاترا وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي داهية دَواهٍ. الأزهري: ومن أَمثالهم في الداهي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ.
وتَهاتَرَ القومُ: ادّعى كل واحد منهم على صاحبه باطلاً.
ومضى هِتْرٌ من الليل إِذا مضى أَقَلُّ من نصفه؛ عن ابن الأَعرابي.

مرر (الصّحّاح في اللغة) [0]


المَرارَة: ضد الحلاوة. التي فيها المِرَّةُ.
وشيءٌ مرٌّ، والجمع أمْرارٌ. قال الشاعر:
يرى بيَبيس الدَوِّ أمْـرارَ عَـلْـقَـم      رَعى الرَوْضَ في الوَسْميِّ حتَّى كأنما

ويقال: رِعْيُ بني فلانٍ المُرَّتانِ، أي الألاءُ والشيحُ.
وهذا أمَرُّ من كذا. قالت امرأة من العرب: صُغراها مُرَّاها.
والأمَرَّانِ: الفقر والهَرَم.
والمارورةُ والمُرَيْراءُ: حَبٌّ مُرٌّ يختلط بالبُرِّ.
والمُرِّيُّ: الذي يُؤْتَدَمُ به، كأنَّه منسوب إلى المَرارَةِ.
والعامَّة تخففه.
وأبو مُرَّة: كنية إبليس.
والمُرارُ، بضم الميم: شجرٌ مُرٌّ، إذا أكلت منه الإبل قلصَت عنه مَشافِرُها، الواحدة مُرارةٌ.
والمَرُّ بالفتح: الحبلُ.
والمَرَّة: واحدة المَرِّ والمِرارِ. قال ذو الرمّة:
مَرًّا شَمالٌ ومَرًّا بارحٌ تَـرِبُ      لا بلْ هو الشوقُ من دارٍ تَخَوَّنَها

 يقال: فلانٌ يصنع ذلك الأمر ذاتَ المِرارِ، أي . . . أكمل المادة يصنعه مِراراً ويدعه مِراراً.
والمِرَّةُ: إحدى الطبائع الأربع.
والمِرَّةُ: القوّة وشدةُ العَقل أيضاً.
ورجلٌ مَريرٌ، أي قويٌّ ذو مِرَّةٍ.
والمَمْرورُ: الذي غلبت عليه المِرَّةُ.
والمَريرُ والمَريرَةُ: العزيمةُ. قال الشاعر:
إذا الأخْطَبُ الداعي على الدَوْحِ صَرَصَرا      ولا أنْثَـنـي مـن طَـيْرَةٍ عـن مَـريرَةٍ

والمَريرُ من الحبال: ما لَطُفَ وطال واشتدَّ فَتْلُه، والجمع المرائِرُ.
والأمَرُّ: المصارينُ يجتمع فيها الفَرْثُ. قال الشاعر:
ولا تُهْدِنَّ مَعْروقَ العِظامِ      فلا تُهْدي الأمَرَّ وما يَليهِ

أبو زيد: لقيتُ منه الأمَرِّينَ بنون الجمع، وهي الدواهي.
ومَرَّ عليه وبه يَمُرُّ مَرًّا ومُروراً: ذهَب.
واسْتَمَرَّ مثله.
ويقال أيضاً: اسْتَمَرَّ مَريرُهُ، أي استحكم عزْمُه.
وقولهم: لَتَجِدَنَّ فلاناً ألْوى بَعيدَ المُسْتَمَرِّ، أي أنه قويّ في الخصومة لا يسأم المِراسَ.
وأنشد أبو عبيدة:
      أحْمِلُ ما حُمِّلْتُ من خيرٍ وشَرِّ


والمَمَرُّ: موضعُ المُرورِ، والمصدر.
وأمَرَّ الشيء، أي صار مُرًّا، وكذلك مَرَّ الشيء يَمَرُّ بالفتح مَرارَةً، فهو مُرٌّ.
وأمَرَّهُ غيره ومَرَّرَهُ.
وأمْرَرْتُ الحبلَ فهو مُمَرٌّ، إذا فتلْته فتلاً شديداً.
ومنه قولهم: ما زال فلان يُمِرُّ فلاناً ويَمارُّهُ أيضاً، أي يعالجه ويلتوي عليه ليصرعَه.
وفلان أمَرُّ عَقْداً من فلان، أي أحكم أمْراً منه وأوفى ذِمَّةً.
وقولهم: ما أمَرَّ فلانٌ وما أحلى، أي ما قال مُرًّا ولا حلواً. شجرُ الرِماحِ.

قرق (لسان العرب) [0]


القَرِقُ، بكسر الراء: المكان المستوي. يقال قاعٌ قَرِقٌ مستوٍ؛ قال يصف إبلاً بالسرعة: كأنَّ أيْديهُنَّ، بالقَاعِ القَرِقْ، أيدي نساءٍ يتعاطين الورِقْ قال ابن بري: ويقال فيه أيضاً القِرْق، بكسر القاف؛ قال المرار: وأحَلَّ أقوامٌ بيوتَ بَنِيهِمُ قِرْقاً، مَدَافعُها بعادُ الأرْؤسِ والقرَق والقَرَق: القاع الطيب لا حجارة فيه. التهذيب: واد قَرِقٌ وقَرْقَر وقَرَقُوس أي أملس، والقَرَقُ المصدر؛ وأنشد: تَرَبَّعَتْ من صُلْبِ رَهْبَى أَنَقَا ظَواهراً مَرّاً، ومَرّاً غَدَقَا ومِنْ قَيَاقي الصُّوَّتَيْنِ قِيَقَا صُهْباً، وقرباناً تُناصِي قَرَقَا قال أبو نصر: القَرّقُ شبيه بالمصدر، ويروي على وجهين: قَرِقٌ وقَرَقٌ، وقال ابن خالويه: القِرَقُ الجماعة، وجمعه أقْراقٌ. يقال: جاء قِرْقٌ من الناس . . . أكمل المادة وقِرْقٌ من النساء.
والقِرقَان: أخَوَانِ من ضرتين.
وقال ابن السكيت: يقال هو لئيم القِرْق أي الأصل.
والقِرْقُ: الأصل؛ قال دُكَيْن السَّعدي يصف فرساً: ليْسَت من القِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ، قد سَبَقَتْ قَيْساً، وأنت تَنْظُرُ هكذا أنشده يعقوب، ورواه كراع: ليست من الفُرْقِ، جمع فرس أفْرَق وهو الناقص إحدى الوركين؛ ويقوي روايته قول الآخر: طَلَبْت بنات أعْوَجَ، حيث كانت، كَرِهْت تَنَاتُجَ الفُرْقِ البِطَاءِ مع أنه قال من القِرْقِ البِطاءِ فقد وصف القِرْقَ، وهو واحد، بالبِطاء وهو جمع.
والقِرْقُ: الأصل الرديء.
والقِرْقُ: الذي يُلْعَبُ به؛ عن كراع. التهذيب: والقِرْقُ لعب السُّدَّرِ.
والقَرْقُ: صوت الدجاجة إذا حضنت. أبو عمرو: قَرقَ إذا هذى وقَرقَ إذا لعب بالسُّدِّر.
ومن كلامهم: استوىَ القِرْقُ فقوموا بنا أي استوينا في اللعب فلم يَقْمُرْ واحد منا صاحبه، وقيل: القِرْقُ لعبة للصبيان يخطُّون في في الأرض خطّاً ويأخذون حصيات فيَصُفُّونها؛ قال ابن أبي الصلث: وأعْلاقُ الكواكِبِ مُرْسلاتٌ، كحَبْل القِرْقِ، غايتُها النِّصاب (* قوله «كحبل القرب» هكذا في الأصل، وفي هامش نسخة صحيحة من النهاية: كخيل القرق، وضرها بقوله خيلها هي الحصيات التي تصف). شبَّه النجوم بهذه الحصيات التي تُصَفّ، وغايتها النِّصابُ أي المَغْرب الذي تغرب فيه. أبو إسحق الحربي في القِرْق الذي جاءَ في حديث أبي هريرة: إنه كان ربما يراهم يلعبون بالقِرْق فلا ينهاهم؛ قال: القِرْقُ، بكسر القاف، لعبة يلعب بها أهل الحجاز وهو خطٌّ مُرَبَّع، في وسطه خط مربع، في وسطه خط مربع، ثم يخط من كل زاوية من الخط الأول إلى الخط الثالث، وبين كل زاويتين خط فيصير أربعة وعشرين خطّاً، وقال أبو إسحق: هو شيء يلعب به، قال: وسميِّت الأربعة عشر.

قحل (لسان العرب) [0]


القاحِل: اليابس من الجلود.
وسِقاءٌ قاحِل وشيخ قاحِل وشيخ قَحْل، بالسكون، وقد قَحَل، بالفتح، يَقْحَل قُحُولاً، فهو قاحِل؛ وفي حديث وَقْعة الجمل: كيف نردُّ شَيْخَكم وقد قَحَل؟ أَي مات وجف جلده؛ قال ابن الأَثير: أَخرجه الهروي في يومِ صِفِّين، والخبر إِنما هو في يوم الجمل؛ والشِّعرُ: نحنُ بنو ضَبَّة أَصحاب الجملْ، الموتُ أَحْلى عندنا من العَسَلْ، رُدُّوا علينا شيخَنا ثم بَجَلْ فأُجيب: كيف نردُّ شيخَكم وقد قَحَلْ؟ ابن سيده: قَحَل الشيءُ يَقْحَل قُحولاً وقُحِل قُحُولاً كلاهما يَبِس، فهو قاحِل. الجوهري: قَحِل، بالكسر، قَحْلاً . . . أكمل المادة مثله، فهو قَحِلٌ. جلده وتَقَحَّل وتَقَهَّل على البدل: يَبِسَ من العبادة خاصة؛ عن يعقوب.
وقال أَبو عبيد: قَحِل الرجل وقَفَِل قُحُولاً وقُفُولاً إِذا يَبِس وقَبَّ قُبُوباً وقَفَّ قُفُوفاً؛ وقال الراجز في صفة الذئب: صبَّ عليها، في الظلام الغَيْطَلِ، كلَّ رَحِيب شِدْقُه مُسْتَقْبَلِ يَدُقُّ أَوساطَ العِظام القُحَّلِ، لا يَدْخَرُ العامَ لعامٍ مُقْبِلِ ويقال: تقحَّل الشيخ تقحُّلاً وتقهَّل تقهُّلاً إِذا يَبس جلده على عظمه من البُؤْس والكِبَر.
وقال ابن الأَعرابي: لا أَقول قَحِل ولكن قَحَل وفي الحديث: قَحَل الناس على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي يَبِسوا من شدة القَحْط.
وقد قَحِل يَقْحل قَحَلاً إِذا التزق جلده بعظمه من الهزال والبِلَى، وأَقْحَلْته أَنا؛ ومنه حديث استسقاء عبدِ المطلب: تتابعتْ على قريش سِنُو جدْب قد أَقْحَلَت الظِّلْف أَي أَهزلت الماشية وأَلصقت جلودَها بعِظامها، وأَراد ذات الظِّلفِ؛ ومنه حديث أُمِّ ليلى: أَمرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن لا نُقْحِل أَيديَنا من خِضاب.
وفي حديث: لأَنْ يَعْصُبه أَحدُكم بقِدٍّ حتى يَقْحَل خيرٌ من أَن يسأَل الناس في نكاح، يعني الذكر أَي حتى يَيْبَس.
والقُحَال: داء يصيب الغنم فتجفّ جلودها فتموت.
ورجل قَحْل وامرأَة قَحْلة: مُسِنَّان.
ورجل إِنْقَحْل وامرأَة إِنْقَحْلة، بكسر الهمزة: مُخْلَقان من الكِبَر والهَرَم؛ أَنشد الأَصمعي: لمَّا رأَتْني خَلَقاً انْقَحْلا وقد يقال الإِنْقَحْل في البعير؛ قال ابن جني: ينبغي أَن تكون الهمزة في إِنْقَحْل للإِلحاق بما اقْترن بها من النون من باب جِرْدَحْل، ومثله ما روي عنهم من قولهم إِنْزَهْوٌ، وامرأَة إِنْزَهْوَة إِذا كانا ذوَي زَهْوٍ، ولم يَحْك سيبويه من هذا الوزن إِلاّ إِنْقَحْلاً وحده. الجوهري: المُتَقَحِّل الرجل اليابس الجِلْد السيّء الحال. الشيء: أَيْبَسْته.

عكل (لسان العرب) [0]


عَكَلَ الشيءَ يَعْكِلُه ويَعْكُله عَكْلاً جَمَعَه.
وعَكَلْتُ المَتاع أَعْكُله، بالضم، أَي نَضَدْت بعضَه على بعض.
وعَكَل السائقُ الخَيْلَ والإِبل يَعْكُلُها عَكْلاً: حازَها وساقَها وضَمَّ قَواصِيَها؛ وأَنشد للفرزدق: وَهُمُ على صَدَفِ الأَمِيل تَدَارَكُوا نَعَماً، تُشَلُّ إِلى الرَّئيسِ وتُعْكَل وعَكَلَ البعيرَ يَعْكُله ويَعْكِلُه عَكْلاً: شَدَّ رُسْغَ يده إِلى عَضُده بحبل، وفي الصحاح: هو أَن يُعْقَل بحبل، واسمُ ذلك الحبل العِكَالُ.
وإِبِلٌ مَعْكُولة أَي مَعْقُولة.
والمَعْكُول: المحبوس؛ عن يعقوب.
وعَكَلَه: حَبَسه؛ يقال: عَكَلُوهم مَعْكَل سَوْءٍ.
والعَكَلُ من الإِبل: كالعَكَر، لغة، والراء أَحسن.
والعِكْلُ والعُكْل: اللئيم، وخصصه الأَزهري فقال: من الرجال، والجمع أَعكال.
وعَكَل في الأَمر يَعْكُلُ عَكْلاً: قال فيه برأْيه.
وعَكَل برأْيه يَعْكُلُ عَكْلاً: مثل حَدَسَ يَحْدِسُ.
والعاكِلُ والمُعْكِلُ والغَيْذَانُ والمُخَمَّنُ: . . . أكمل المادة الذي يَظُنُّ فيصيب.
وعَكَلَ عليه الأَمرُ وأَعْكَلَ واعتَكَلَ: الْتَبسَ واشتبه.
وفي حديث عمرو بن مُرَّة: عند اعْتِكال الضَّرَائر أَي عند اختلاط الأُمور، ويروى بالراء، وقد تقدم.
والعَوْكَلَة: الأَرْنَب، وقيل: الأَرنب العَقُور.
والعَوْكَلُ: ظهر الكَثِيب؛ قال: بكُلِّ عَقَنْقَلٍ أَو رَأْسِ بَرْثٍ، وعَوْكَلِ كلِّ قَوْزٍ مُسْتَطِير وقيل: هو الكَثِيب العظيم إِلاَّ أَنه دون العَقَنْقَل، وقيل: هو الكثيب المُترَاكِب المُتَداخِل، وقيل: عَوْكَلُ كلِّ رَمْلةٍ رأْسُها.
والعَوْكَلَة: العظِيمة من الرَّمْل؛ قال ذو الرمة: وقد قابَلَتْه عَوْكَلاتٌ عوانِكٌ، رُكَامٌ نَفَيْنَ النَّبْتَ غيرَ المَآزِر أَي ليس بها نبتٌ إِلاَّ ما حَوْلَها.
والعَوْكَل: المرأَة الحَمْقاء.
والعَوْكَل: الرَّجل القصير الأَفْحَج؛ قال: ليسَ براعي نَعَجاتٍ عَوْكَلِ، أَحَلَّ يَمْشِي مِشْيَةَ المُحَجَّلِ ورَجلٌ عاكِلٌ: وهو القصير البخيل المشؤُوم، وجمعه عُكُلٌ.
وقَلَّدْتُه قَلائِدَ عَوْكَلٍ: يعني الفَضائح؛ عن كراع.
والعَوْكلانِ: نجمان.
وعُكْلٌ وتَيْمٌ وَعدِيٌّ: قبائل من الرَّباب.
وعُكْلٌ: بلد.
وعُكْلٌ: قبيلة فيهم غَباوةٌ وقِلَّةُ فَهْمٍ، ولذلك يقال لكل مَنْ فيه غَفْلةٌ ويُسْتَحْمَق: عُكْلِيٌّ؛ قال: جَاءتْ به عُجُزٌ مُقابَلَةٌ، ما هُنَّ من جَرْمٍ ولا عُكْل قال ابن الكلبي (* قوله «قال ابن الكلبي إلخ» كذا في الأصل وهي عبارة المحكم، وعبارة ياقوت: وعكل قبيلة من الرباب وهو اسم امرأة حضنت بني عوف بن وائل فغلبت عليهم وسموا باسمها): هو أَبو بطن منهم، حَضَنَتْه أَمَةٌ تُسمَّى عُكْل فسُمِّيت القبيلة بها.
وعَكَلَه: صَرَعَه.
وعَكَلَ في الأَمر: جَدَّ.
وعَكَلَ فلان: مات.
واعْتَكَل الثَّوْرانِ: تَناطَحا.
والاعْتِكالُ: الاعْتِلاجُ والاصْطِراع؛ قال البَوْلانيُّ: واعْتَكَلا وأَيَّما اعْتِكالِ وعَكِلَت المِسْرَجَةُ، بالكسر، أَي اجتمع فيها الدُّرْدِيُّ مثل عَكِرَتْ.
وقد سموا عَكَّالاً وعاكِلاً وعُكَيْلاً.
وبَنُو عَوْكَلان: بطن من العرب.
وعَوْكَلانُ: موضع.
والعَوْكَلُ: القصير.

بيي (لسان العرب) [0]


حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ، قيل: حَيَّاكَ مَلَّكَكَ، وقيل: أَبقاكَ، ويقال: اعْتَمدك بالمُلْك، وقيل: أَصْلَحك، وقيل: قَرَّبَكَ؛ الأَخيرة حكاها الأَصمعي عن الأَحمر.
وقال أَبو مالك أَيضاً: بَيَّاكَ قَرَّبَك؛ وأَنشد: بَيَّا لهم، إذ نزلوا، الطَّعامَا الكِبْدَ والمَلْحاءَ والسَّنامَا وقال الأَصمعي: معنى حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ أَي أَضحكك.
وفي الحديث عن آدم، عليه السلام: أَنه اسْتَحْرَمَ بعد قَتْلِ ابنه مائةَ سنة فلم يضحك حتى جاءه جبريل، عليه السلام، فقال: حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ فقال: وما بَيَّاكَ؟ قيل: أَضْحكَك؛ رواه بإسناد له عن سعيد بن جبير، وقيل: عجَّلَ لكَ ما تُحِبُّ، قال أَبو عبيدة: بعض الناس يقول إنه إتباع، قال: وهو عندي على ما جاء تفسيره في . . . أكمل المادة الحديث أَنه ليس بإتباع، وذلك أَن الإتباع لا يكاد يكون بالواو، وهذا بالواو، وكذلك قول العباس في زمزم: إني لا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وهي لشاربٍ حِلُّ وبِلٌّ.
وقال الأَحمر: بَيَّاكَ اللهُ معناه بَوَّأَك منزلاً، إلاَّ أَنها لما جاءت مع حَيَّاكَ تركت همزتها وحُوِّلَتْ واوها ياء أَي أَسكنك منزلاً في الجنة وهَيَّأَكَ له. قال سلمة بن عاصم: حَكَيْتُ للفراء قولَ خَلَفٍ فقال: ما أَحسنَ ما قال وقيل: يقال بَيَّاكَ لازدواج الكلام.
وقال ابن الأَعرابي: بَيَّاكَ قَصَدَكَ واعتَمَدَك بالمُلْكِ والتحية، من تَبَيَّيْتُ الشيءَ: تَعَمَّدْتُه؛ وأَنشد:لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخا تَمِيمِ، أَعْطى عَطاءَ اللَّحِزِ اللَّئيمِ قال: وهذه الأَبيات تحتمل الوجهين معاً؛ وقال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ: باتَتْ تَبَيَّا حَوْضَها عُكُوفا مِثْلَ الصُّفُوفِ لاقَتِ الصُّفُوفَا، وأَنْتِ لا تُغْنِينَ عَنِّي فُوفا أَي تعتمد حَوْضَها؛ وقال آخر: وعَسْعَسٌ، نِعْمَ الفَتى، تَبَيَّاهْ مِنَّا يَزيدٌ وأَبو مُحَيَّاهْ قال ابن الأَثير: أَبو مُحَيَّاةٍ كنية رجل، واسمه يحيى بن يعلى.
وقيل: بَيَّك جاءَ بكَ.
وهو هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّانُ بنُ بَيَّانَ أَي لا يعرف أَصله ولا فصله، وفي الصحاح: إذا لم يعرف هو ولا أَبوه؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر يصف حرباً مهلكة: فأَقْعَصَتْهُم وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ، وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ الجوهري: ويقال ما أَدري أَيّ هَيِّ بنِ بَيٍّ هُوَ أَي أَيُّ الناس هو. ابن الأَعرابي: البَيُّ الخسيس من الرجال، وكذلك ابن بَيّان وابن هَيّان، كله الخسيس من الناس ونحو ذلك. قال الليث: هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّان بن بَيّانَ.
ويقال: إنَّ هَيَّ بنَ بَيٍّ من ولد آدم ذهب في الأَرض لمَّا تفرق سائر ولد آدم فلم يُحَسَّ منه عَين ولا أَثر وفقد.
ويقال: بَيَّنْتُ الشيء وبَيَّيْتُه إذا أَوضحته.
والتَّبْييُ: التبيين من قرب.

دبس (العباب الزاخر) [0]


ابن دريد: الدِّبْسُ: عسل التمر؛ معروف، يقال: دِبْسٌ ودِبِسٌ، ويسمِّيه أهل المدينة على ساكنيها السلام-: الصَّقْر. قال: وربَّما سُمِّيَ عسل النحل دِبِساً -بكسر الدال والباء-، قال أبو زُبَيد حرملة بن المنذر الطائيّ:
فَنُهزَةٌ مَنْ لَقُوا حَـسْـبَـتُـهُـم      أحلى وأشْهى من بارِدِ الدَّبِـسِ


وقال ابن الأعرابي: الدِّبس -بالكسر-: الجمع الكثير من الناس. والدَّبس -بالفتح-: الأسْوَد من كل شيء. وقال الليث: الدُّبُوس: خِلاص تَمر يُلقى في مَسْلإ السَّمن فيذوب فيه، وهو مَطيَبَة للسَّمْنِ. والأدْبَسُ من الخيل والطير: الذي لونه بين السواد والحُمْرَة، ولونه الدُّبْسَة -بالضم-. والدُّبْسِيُّ: طائر، وهو منسوب إلى طيرٍ دُبْسٍ؛ ويقال: إلى دِبْسِ التَّمرِ، لأنَّهم يُغَيِّرون في النَّسَب كالدُّهريُّ والسُّهْليِّ.
وقال أبو حاتم . . . أكمل المادة في كتاب الطير. الدُّبْسِيُّ -والأنثى دُبْسِيَّة، والجمع: الدَّبَاسِيُّ-: يُقَرقِر ولَونُه الدُّكنَة، ولم يَزِد. وقال ابن الأعرابي: يُقال للسماء إذا أخالتْ للمَطَر: دُرِّي دُبَسُ- مثال زُفَرَ-. ودُباس -بالضم-: فرس جبّار بن قُرْط الكَلْبي، وهو القائل فيه:
يُراخيني إذا ما شِئتُ منهـم      ويُدْنيني إذا كَرِهوا جَنَاحي

ويُدْنيني إذا كَرِهوا جَنَاحي 

والدَّبُّوس -مثال تنّور-: واحِد الدبابيس أي المَقامِع، وأُراهُ مُعَرَّباً، قال لقيط بن زُرَارَة:
لو سَمِعوا وَقْعَ الدبابيسِ     

ودَبُّوسيَّة: قرية من صُغْدِ سَمَرْ قَنْد. والدَّبْساء: فرس سابقة كانت لمجاشع بن مسعود -رضي الله عنه-. وقال ابن دريد: الدِّباساء -فِعالاء؛ يعني بكسر الفاء-: الإناث من الجراد، الواحدة دِباساءة، وأنشد:
أقسمتُ لا أجعَلُ فيها حُنْظُبا      إلاّ دِباساء تُوَفّي المِقْنَبـا

المِقْنَب: الكِساء ها هنُا الذي يُجمَع فيه الجراد. وأدْبَسَتِ الأرض: وذلك أوَّل ما يُرى فيها سَوَادَ النَّبْتِ. ودَبَّسْتُهُ تدبيسا: وارَيْتُه. وقال ابن الأعرابي في نوادِرِه: كان الرَّكَّاض يتحدث إلى حُبّى الفَقْعَسِيَّة، وكان يأتيها -أيضاً- عُروَة الدُّبَيْريّ يتحدَّثُ إليها، فَواطَأتْ رَكّاضاً على أن تأخذ حمار عُروَة فتبيعَهُ، فسقته من اللبن حتى تخثّر فنام، ثم أخذت حماره فوارَته ثمَّ باعَته، فبلغ عَروَة أنَّه واطَأها على ذلك فكانَ منه بعضُ الكلام، فقال الرَّكَّاضُ:
فلا ذنبَ لي أنْ بِنْتُ زُهرَةَ دَبَّسَت      بَعيرِكَ ألْوى يُشْبِهُ الحقَّ باطِلُه

 ودَبَّسْتُ خُفّي: لَدَّمْتُه. وقال ابن عبّاد: التَّدْبيس: التَّواري، لازِمٌ ومتعَدٍ. قال:
قومٌ إذا رآهُ فَحْلٌ دَبَّسا     

وادْبَسَّ الفَرَسُ ادْبِساساً: صار أدْبَسَ. والتركيب يدل على عُصارة ولونٍ ليس بناصِعٍ.

ثلج (لسان العرب) [0]


الثَّلْجُ: الذي يسقط من السماء، معروف.
وفي حديث الدعاء: واغْسِلْ خَطايَ بماء الثَّلْجِ والبَرَدِ، إِنما خصهما بالذكر تأْكيداً للطهارة ومبالغةً فيها لأَنهما ماءَان مفطوران على خلقتهما، لم يُستعملا ولم تنلهما الأَيدي ولم تخضهما الأَرجل، كسائر المياه التي خالطت التراب وجرت في الأَنهار وجمعت في الحياض، فكانا أَحق بكمال الطهارة.
وقد أَثْلَجَ يَومُنا.
وأَثْلَجُوا: دخلوا في الثَّلْجِ.
وثُلِجُوا: أَصابهم الثَّلْجُ.
وأَرضٌ مَثْلُوجَةٌ: أَصابها ثَلْجٌ.
وماءٌ مَثْلُوجٌ: مُبَرَّدٌ بالثَّلج؛ قال: لو ذُقْتَ فاها، بَعْدَ نَوْمِ المُدْلِجِ، والصُّبْحِ لمَّا هَمَّ بالتَّبَلُّجِ، قُلْتَ: جَنى النَّحْلِ بماء الحَشْرَجِ، يُخالُ مَثْلُوجاً، وإِنْ لمْ يُثْلَجِ وثُلِجَتِ الأَرضُ وأُثْلِجَتْ (* قوله «وثلجت الأَرض وأَثلجت» كذا بالأصل بهذا الضبط على البناء للمفعول.
وعبارة . . . أكمل المادة المصباح: وثلجتنا السماء من باب قتل: أَلقت علينا الثلج، ومنه يقال: ثلجت الأَرض، بالبناء للمفعول، فهي مثلوجة.): أَصابها الثَّلْجُ.
وثَلَجَتْنا السماءُ تَثْلُجُ، بالضم: كما يقال مَطَرَتْنا.
وأَثْلَجَ الحافرُ: بَلَغَ الطينَ.
وثَلِجَتْ نفسي بالشيء ثَلَجاً، وثَلَجَتْ تَثْلُجُ وتَثْلَجُ ثُلُوجاً: اشتفت به واطمأَنت إِليه؛ وقيل: عرفَته وسُرَّت به. الأَصمعي: ثَلِجَتْ نفسي، بكسر اللام، لغة فيه. ابن السكيت: ثَلِجْتُ بما خبرتني أَي اشتفيت به وسكن قلبي إِليه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: حتى أَتاه الثَّلَجُ واليقينُ. يقال: ثَلَجَتْ نفسي بالأَمر إِذا اطمأَنت إِليه وسكنت وثبت فيها ووَثِقَتْ به؛ ومنه حديث ابن ذي يَزَن: وثَلَجَ صدْرُك؛ ومنه حديث الأَحوض: أُعطيك ما تَثْلُجُ إِليه.
وثَلَجَ قَلْبُه وثَلِجَ: تيَقَّن.
وثُلِجَ قَلْبُه: بَلُدَ وذَهَبَ.
ورجل مَثْلُوجُ الفؤاد: بليد؛ قال أَبو خراش الهذلي: ولَمْ يَكُ مَثْلوجَ الفؤادِ مُهَيَّجاً، أَضاعَ الشَّبابَ في الرَّبِيلَةِ والخَفْضِ وقال كعب بن لؤَي لأَخيه عامر بن لؤي: لَئِنْ كُنْتَ مَثْلُوجَ الفُؤادِ، لَقَدْ بَدا، لِجَمْعِ لُؤَيٍّ مِنْكَ، ذِلَّةُ ذي غَمْضِ ابن الأَعرابي: ثُلِجَ قَلْبُه إِذا بَلُدَ.
وثَلِجَ به إِذا سُرَّ به وسَكَنَ إِليه؛ وأَنشد: فلو كنتُ مَثْلُوجَ الفؤادِ، إِذا بَدَتْ بلادُ الأَعادي، لا أُمِرُّ ولا أُحْلِي أَي لو كنت بليد الفؤاد، كنت لا آتي بحلو ولا مرٍّ من الفعل. شمر: ثَلِجَ صدري لذلك الأَمر أَي انشرح ونَقَعَ به، يَثْلَجُ ثَلَجاً.
وقد ثَلَجْتهُ إِذا نَقَعْتَه وبللته؛ وقال عبيد: في رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرارَها، مَوْلِيَّةٍ، لم يَسْتَطِعْها الرُّوَّدُ وماءٌ ثَلْجٌ: باردٌ. قال الفارسي: وهو كما قالوا بارد القلْب؛ وأَنشد: ولكنَّ قَلْباً، بين جَنْبَيْكَ، باردُ والثُّلْجُ: البُلَداءُ من الرجال.
والثُّلَجُ: فَرْخُ العُقابِ. ابن الأَعرابي: الثُّلْجُ الفرِحون بالأَخبار.
وثُلِجَ الرجل إِذا برد قلبه عن شيء، وإِذا فرح أَيضاً: فقد ثُلِجَ.
وحَفَرَ حتى أَثْلَجَ أَي بلَغَ الطين.
وحَفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بلغ الثرى والنَّبَطَ.
ويقال: قد أَثْلَجَ صدري خَبَرٌ واردٌ أَي شفاني وسكنني فَثَلَجْتُ إِليه.
ونَصْلٌ ثُلاجِيٌّ إِذا اشتدَّ بياضه. أَبو عمرو: إِذا انتهى الحافر إِلى الطين في النهر قال: أَثْلَجْتُ.

نحب (لسان العرب) [0]


النَّحْبُ والنَّحِـيبُ: رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ، وفي المحكم: أَشدُّ البكاءِ. نحَبَ يَنْحِبُ بالكسر (2) (2 قوله «نحب ينحب، بالكسر» أي من باب ضرب كما في المصباح والمختار والصحاح، وكذا ضبط في المحكم.
وقال في القاموس النحب أشد البكاء وقد نحب كمنع.) ، نحِـيباً، والانْتِحابُ مثله، وانتَحَبَ انتِحاباً.
وفي حديث ابن عمر لما نُعِـيَ إِليه حُجْرٌ: غَلَب عليه النَّحِـيبُ؛ النَّحِـيبُ: البكاءُ بصَوْتٍ طَويلٍ ومَدٍّ.
وفي حديث الأَسْوَدِ بن الـمُطَّلِبِ: هل أُحِلَّ النَّحْبُ؟ أَي أُحِلَّ البُكاءُ.
وفي حديث مجاهدٍ: فنَحَبَ نَحْبَةً هاجَ ما ثَمَّ من البَقْل.
وفي حديث عليٍّ: فهل دَفَعَتِ الأَقاربُ، ونَفَعَتِ النَّواحِبُ؟ أَي البواكي، جمع ناحِـبةٍ؛ وقال ابن مَحْكان: زَيَّافَةٌ لا . . . أكمل المادة تُضِـيعُ الـحَيَّ مَبْرَكَها، * إِذا نَعَوها لراعي أَهْلِها انْتَحَبا ويُرْوَى: لما نَعَوْها؛ ذكَر أَنه نَحَر ناقةً كريمةً عليه، قد عُرِفَ مَبرَكُها، كانت تُؤتى مراراً فتُحْلَبُ للضَّيْف والصَّبـيِّ.
والنَّحْبُ: النَّذْرُ، تقول منه: نَحَبْتُ أَنْحُبُ، بالضم؛ قال: فإِني، والـهِجاءَ لآِلِ لأْمٍ، * كذاتِ النَّحْبِ تُوفي بالنُّذورِ وقد نَحَبَ يَنْحُبُ؛ قال: يا عَمْرُو يا ابنَ الأَكْرَمينَ نسْبا، * قد نَحَبَ الـمَجْدُ عليك نحْبا أَراد نَسَباً، فخَفَّفَ لمكان نَحْبٍ أَي لا يُزايِلُك، فهو لا يَقْضي ذلك النَّذْرَ أَبَداً.
والنَّحْبُ: الخطَرُ العظيم.
وناحَبَهُ على الأَمر: خاطَرَه؛ قال جرير: بِطَخْفَة جالَدْنا الـمُلوكَ، وخَيْلُنا، * عَشِـيَّةَ بَسْطامٍ، جَرَينَ على نَحْبِ أَي على خَطَر عظيم.
ويقال: على نَذْرٍ.
والنَّحْبُ: الـمُراهَنة والفعل كالفعل (1) (1 قوله «والفعل كالفعل» أي فعل النحب بمعنى المراهنة كفعل النحب بمعنى الخطر والنذر وفعلهما كنصر وقوله والنحب الهمة إلخ. هذه الأربعة من باب ضرب كما في القاموس.) .
والنَّحْبُ: الـهِمَّة.
والنَّحْبُ: البُرْهانُ.
والنَّحْبُ: الحاجة.
والنَّحْبُ: السعال. الأَزهري عن أَبي زيد: من أَمراض الإِبل النُّحابُ، والقُحابُ، والنُّحازُ، وكل هذا من السُّعال.
وقد نَحَبَ البعيرُ يَنحِبُ نُحاباً إِذا أَخَذه السُّعال. أَبو عمرو: النَّحْبُ النَّومُ؛ والنَّحْبُ: صَوْتُ البكاءِ؛ والنَّحْبُ: الطُّولُ؛ والنَّحْبُ: السِّمَنُ؛ والنَّحْبُ: الشِّدَّة؛ والنَّحْبُ: القِمارُ، كلها بتسكين الحاءِ.
وروي عن الرِّياشيِّ: يومٌ نَحْبٌ أَي طويلٌ.
والنَّحْبُ: الموتُ.
وفي التنزيل العزيز: فمنهم مَن قَضَى نَحْبَه؛ وقيل معناه: قُتِلوا في سبيل اللّه، فأَدْرَكوا ما تَمَنَّوْا، فذلك قَضاءُ النَّحْب.
وقال الزجاج والفراء: فمنهم مَنْ قَضَى نَحْبَه أَي أَجَلَه.
والنَّحْبُ: المدَّةُ والوقت. يقال قَضى فلانٌ نَحْبَه إِذا مات.
وروى الأَزهري عن محمد بن إِسحق في قوله: فمنهم من قَضَى نَحْبَه، قال: فَرَغَ من عَمَلِه، ورجع إِلى ربه؛ هذا لِـمَنْ اسْتُشْهِدَ يومَ أُحُدٍ، ومنهم من يَنتَظِرُ ما وَعَدَه اللّه تعالى مِن نَصْرِه، أَو الشهادة، على ما مَضَى عليه أَصْحابُه؛ وقيل: فمنهم من قَضى نحْبه أَي قَضى نَذْره، كأَنه أَلْزَم نَفْسَه أَن يموتَ، فوَفَّى به.
ويقال: تَناحَبَ القومُ إِذا تواعدوا للقتال أَيَّ وقتٍ، وفي غير القتال أَيضاً.
وفي الحديث: طَلْحةُ ممن قَضى نَحْبَه؛ النَّحْبُ: النَّذْرُ، كأَنه أَلزم نفسه أَن يَصْدُقَ الأَعْداءَ في الحرْب، فوفَّى به ولم يَفْسَخْ؛ وقيل: هو من النَّحْبِ الموت، كأَنه يُلْزِمُ نفسه أَن يُقاتِلَ حتى يموتَ.
وقال الزجاج: النَّحْبُ النَّفْسُ، عن أَبي عبيدة.
والنَّحْبُ: السَّيرُ السريع، مثل النَّعْبِ.
وسَيرٌ مُنَحِّبٌ: سريع، وكذلك الرجل.
ونَحَّبَ القومُ تَنْحِـيباً: جَدُّوا في عَمَلهم؛ قال طُفَيْلٌ: يَزُرْنَ أَلالاً، ما يُنَجِّبْنَ غَيرَه، * بكُلِّ مُلَبٍّ أَشْعَثِ الرَّأْسِ مُحْرِمِ وسارَ فلانٌ على نَحْبٍ إِذا سار فأَجْهَدَ السَّيرَ، كَـأَنه خاطَرَ على شيء، فَجَدَّ؛ قال الشاعر: ورَدَ القَطا منها بخَمْسٍ نَحْبِ أَي دَأَبَتْ.
والتَّنْحِـيبُ: شِدَّةُ القَرَبِ للماءِ؛ قال ذو الرمة: ورُبَّ مَفازةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ، * تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ اغْتِـيالا والقَذَفُ: البرِّيَّةُ التي تَقاذَفُ بسالكها.
وتَغول: تُهْلِكُ.
وسِرْنا إِليها ثلاثَ ليالٍ مُنَحِّباتٍ أَي دائباتٍ.
ونحَّبْنا سَيْرَنا: دَأَبناهُ؛ ويقال: سارَ سَيراً مُنَحِّباً أَي قاصداً لا يُريد غيرَه، كأَنه جَعَلَ ذلك نَذراً على نفسه لا يريد غيره؛ قال الكُمَيْت: يَخِدْنَ بنا عَرْضَ الفَلاةِ وطولَها، * كما صارَ عن يُمْنى يَدَيه الـمُنَحِّبُ الـمُنَحِّبُ: الرجلُ؛ قال الأَزهري: يقول إِن لم أَبْلُغْ مَكانَ كذا وكذا، فلك يَمِـيني. قال ابن سيده في هذا البيت: أَنشده ثعلب وفسره، فقال: هذا رَجُلٌ حَلَف إِن لم أَغْلِبْ قَطَعْتُ يدي، كأَنه ذهَبَ به إِلى معنى النَّذْرِ؛ قال: وعندي أَنّ هذا الرَّجُلَ جَرَتْ له الطَّيرُ مَيامينَ، فأَخَذ ذات اليمينِ عِلْماً منه أَن الخَيرَ في تلك الناحية. قال: ويجوز أَن يريدَ كما صارَ بيُمْنى يَدَيه أَي يَضْرِبُ يُمْنى يَدَيْه بالسَّوْط للناقة؛ التهذيب، وقال لبيد: أَلا تَسْـأَلانِ الـمَرْءَ ماذا يحاوِلُ: * أَنَحْبٌ فيُقْضَى أَمْ ضلالٌ وباطِلُ يقول: عليه نَذْرٌ في طُول سَعْيه.
ونَحَبَه السَّيرُ: أَجْهَدَه.
وناحَبَ الرجلَ: حاكمَه وفاخَرَهُ.
وناحَبْتُ الرجلَ إِلى فلانٍ، مثلُ حاكمْتُه.
وفي حديث طلحة ابن عُبَيْدِاللّه أَنه قال لابن عباس: هل لكَ أَن أُناحِـبَكَ وتَرْفَعَ النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم؟ قال أَبو عبيد، قال الأَصمعي: ناحَبْتُ الرَّجلَ إِذا حاكمْتَه أَو قاضيتَه إِلى رجل. قال، وقال غيره: ناحَبْتُه، ونافَرْتُه مثلُه. قال أَبو منصور: أَراد طلحةُ هذا المعنى، كأَنه قال لابن عباس: أُنافِرك أَي أُفاخِرك وأُحاكمُكَ، فَتَعُدُّ فَضائِلَكَ وحَسَبَكَ، وأَعُدُّ فَضائلي؛ ولا تَذْكُرْ في فضائلك النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وقُرْبَ قرابتك منه، فإِن هذا الفضلَ مُسَلَّم لك، فارْفَعْه من الرأْس، وأُنافرُكَ بما سواه؛ يعني أَنه لا يَقْصُرُ عنه، فيما عدا ذلك من الـمَفاخر.
والنُّحْبَةُ: القُرْعة، وهو مِن ذلك لأَنها كالحاكمة في الاسْتِهامِ.
ومنه الحديث: لو عَلِمَ الناس ما في الصفِّ الأَوَّل، لاقْتَتَلوا عليه، وما تَقَدَّموا إِلاَّ بِنُحْبَةٍ أَي بقُرْعةٍ.
والـمُناحَبَةُ: الـمُخاطَرَة والمراهَنة.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه، في مُناحَبَةِ: أَلم غُلِـبَت الرُّومُ؛ أَي مُراهَنَتِه لقُرَيْشٍ، بين الروم والفُرْس.
ومنه حديث الأَذان (1) (1 قوله «ومنه حديث الأذان استهموا عليه إلخ» كذا بالأصل ولا شاهد فيه الا أن يكون سقط منه محل الشاهد فحرره ولم يذكر في النهاية ولا في التهذيب ولا في المحكم ولا في غيرها مما بأيدينا من كتب اللغة.): اسْتَهَموا عليه. قال: وأَصله من الـمُناحبَة، وهي الـمُحاكمة. قال: ويقال للقِمار: النَّحْب، لأَنه كالـمُساهَمَة.التهذيب، أَبو سعيد: التَّنْحِـيبُ الإِكْبابُ على الشيءِ لا يفارقه، ويقال: نَحَّبَ فُلان على أَمْره. قال: وقال أَعرابي أَصابته شَوكةٌ، فَنَحَّبَ عليها يَسْتَخْرِجُها أَي أَكَبَّ عليها؛ وكذلك هو في كل شيءٍ، وهو مُنَحِّبٌ في كذا، واللّه أَعلم.

شذب (لسان العرب) [0]


الشَّذَبُ: قِطَعُ الشَّجَرِ، الواحدة شَذَبةٌ؛ وهو أَيضاً قِشْرُ الشجر؛ والشَّذْبُ المصدر، والفعل يَشْذُبُ، وهو القَطْعُ عن الشجر.
وقد شَذَب اللِّحاءَ يَشْذُبُه ويَشْذِبُه، وشَذَّبَه: قَشَره.
وشَذَبَ العُودَ، يَشْذُبُه شَذْباً: أَلقَى ما عليه من الأَغْصانِ حتى يَبْدُوَ؛ وكذلك كلُّ شيءٍ نُحِّي عن شيءٍ، فقد شُذِبَ عنه؛ كقوله: نَشْذِبُ عن خِنْدِفَ، حتى تَرْضَى أَي ندفع عنها العِدا؛ وقال رؤبة: يَشْذِبُ أُولاهُنَّ عن ذاتِ النَّهَقْ(1) (1 قوله «أُولاهن» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة أُخراهن.) أَي يَطْرد.
والشَّذَبةُ، بالتحريك: ما يُقْطَعُ مما تفرَّق من أَغصان الشجر ولم يكن في لُبّه، والجمع الشَّذَبُ؛ قال الكميت: بَلْ أَنتَ في ضِئْضِـئِ النُّضارِ مِنَ * النَّبْعَةِ، . . . أكمل المادة إِذ حَظُّ غيرِك الشَّذَبُ الشَّذَبُ: القُشورُ، والعِـيدانُ المتفرّقةُ.
وشَذَّبَ الشجرةَ تَشذِيباً.وجِذْعٌ مُشَذَّبٌ أَي مُقَشَّر، إِذا قَشَرْتَ ما عليه من الشَّوْكِ؛ ومنه قولهم: رجلٌ شاذِبٌ إِذا كان مُطَّرَحاً، مَـأْيوساً من فَلاحِه، كأَنه عَرِيَ من الخَير، شُبِّهَ بالشَّذَبِ، وهو ما يُلْقَى من النخلةِ من الكَرانِـيفِ وغير ذلك.
وقال شمر: شَذَبْتُه أَشْذِبُه شَذْباً، وشلَلْتُه شَلاًّ، وشَذَّبْتُه تَشْذِيباً، بمعنى واحد؛ وقال بُرَيقٌ الـهُذليُّ: يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقرانَه، * إِذْ فَرَّ ذُو اللِّـمَّةِ الفَيْلَمُ وأَنشد شمر قول ابن مقبل: تَذُبُّ عنه بلِـيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ، * يَحْمِـي أَسِرَّةَ، بَين الزَّوْرِ والثَّفَنِ بِلِـيفٍ أَي بذَنَبٍ.
والشَّمِلُ: الرَّقِـيقُ.
والأَسِرَّةُ: الخُطوطُ، واحدها سِرَرٌ.
وشَذَّبَ الجِذْعَ: أَلقَى ما عليه من الكَرَبِ.
والـمِشْذَبُ: الـمِنْجَلُ الذي يُشَذَّبُ به.
وقال أَبو حنيفة: التَّشْذيبُ في القِدْحِ العَملُ الأَوَّلُ، والتهذيبُ العملُ الثاني؛ وهو مذكور في موضعه.
وشَذَّبَه عن الشيء: طَرَده؛ قال: أَنـــا أَبو ليْلى وسَيْفِـي الـمَعْلُوبْ، هل يُخْرِجَنْ ذَوْدَكَ ضَرْبٌ تَشْذيبْ، ونَسَــــبٌ، في الـحَـيِّ، غَيرُ مَـأْشُوبْ أَراد: ضَرْبٌ ذو تَشْذيبٍ؛ والتَّشْذِيبُ: التَّفريقُ والتَّمزيقُ في المال ونحوه. القتيبي: شذَّبْتُ المالَ إِذا فرَّقْته، وكأَنَّ الـمُفْرِطَ في الطُّول، فُرِّقَ خَلْقُه ولم يُجْمَع، ولذلك قيل له: مُشَذَّبٌ؛ وكلُّ شيء تَفَرَّقَ شُذِّبَ، قال ابن الأَنباري: غلط القتيبي في الـمُشَذّب، أَنه الطويلُ البائنُ الطُّول، وأَن أَصله من النخلة التي شُذِّبَ عنها جَريدها أَي قُطِّعَ وفُرِّقَ؛ قال: ولا يقال للبائنِ الطُّول إِذا كان كثير اللحم مُشذَّبٌ حتى يكون في لحمه بعضُ النُّقْصان؛ يقال: فرسٌ مُشَذَّبٌ إِذا كان طويلاً، ليس بكثير اللحم.
وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه، شَذَّبهم عَنا تَخَرُّم الآجال.
وشَذَبَ عنه شَذْباً أَي ذَبَّ.
والشَّاذِبُ: الـمُتَنَحِّي عن وطنه.
ويقال: الشَّذَبُ الـمُسَنَّاة.
ورجل شَذْبُ العُروقِ أَي ظاهِرُ العُرُوقِ.
وأَشْذابُ الكلإِ وغيرِه، بَقاياه، الواحد شَذَبٌ، وهو المأْكول؛ قال ذوالرمة: فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه، * يَرْتادُ أَحْلِـيَـةً، أَعْجازُها شَذَبُ والشَّذَبُ: مَتاعُ البيتِ، من القُماشِ وغيره.
ورجل مُشَذَّبٌ: طَويلٌ، وكذلك الفَرس؛ أَنشد ثعلب: دَلوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالـحُلَّبِ، * بَلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ والشَّوْذَبُ من الرجال: الطويلُ الـحَسَنُ الخَلْقِ.
وفي صفة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان أَطْولَ من الـمَرْبوعِ وأَقصَرَ من الـمُشَذَّبِ؛ قال أَبو عبيد: الـمُشَذَّبُ الـمُفْرِطُ في الطُّول؛ وكذلك هو من كل شيء، قال جرير: أَلوى بها شَذْبُ العُروقِ مُشَذَّبٌ، * فكأَنها وكَنَتْ على طِرْبالِ رواه شمر: أَلوَى بها شَنِقُ العُروقِ مُشَذَّبٌ.
والشَّوْذَبُ: الطويلُ النَّجِـيبُ من كل شيء.
وشَوْذبٌ: اسم.

حلا (لسان العرب) [0]


الحُلْو: نقيض المُرّ، والحَلاوَة ضدُّ المَرارة، والحُلْوُ كل ما في طعمه حَلاوة، وقد حَلِيَ وحَلا وحَلُوَ حَلاوةً وحَلْواً وحُلْواناً واحْلَوْلى، وهذا البناء للمبالغة في الأَمر. ابن بري: حكى قول الجوهري، واحْلَوْلى مثلُه؛ وقال قال قيس بن الخطيم: أَمَرُّ على البَاغي ويَغْلُظ جَانِبي، وذو القَصْدِ أَحْلَوْلي له وأَلِينُ وحَلِيَ الشيءَ واسْتَحْلاهُ وتَحَلاَّه واحْلَوْلاهُ، قال ذو الرمة: فلمَّا تَحَلَّى قَرْعَها القاعَ سَمْعُه بانَ له، وَسْطَ الأَشَاءِِ، انْغِلالُها يعني أَنّ الصائد في القُتْرَة إذا سمع وَطْءَ الحمير فعلم أَنه وطْؤُها فرح به . . . أكمل المادة class="baheth_marked">وتحَلَّى سمعُه ذلك؛ وجعل حميد بن ثور احْلَوْلى متعدّياً فقال: فلمَّا أَتى عامانِ بعدَ انْفِصالِه عن الضَّرْعِ، واحْلَولى دِثاراً يَرودُها (* قوله «واحلولى دثاراً» كذا بالأصل، والذي في الجوهري: دمائاً).
ولم يجئ افْعَوْعَل متعدّياً إلا هذا الحرف وحرف آخر وهو اعْرَوْرَيْت الفَرَسَ. الليث: قد احْلَوْلَيْت الشيءَ أَحْلَوْلِيهِ احْلِيلاءً إذا اسْتَحْلَيْتَه، وقَوْلٌ حَلِيٌّ يَحْلَوْلي في الفَم؛ قال كثَيِّر عزة: نُجِدُّ لكَ القَوْلَ الحَلِيَّ، ونَمْتَطِي إلَيْك بَنَاتِ الصَّيْعَرِيِّ وشَدْقَمِ وحَلِيَ بقَلْبي وعَيْنِي تَجْلَى وحَلا يَحْلُو حَلاوةً وحُلْواناً إذا أَعْجبك، وهو من المقلوب، والمعنى يَحلى بالعَين، وفصل بعضهم بينهما فقال: حَلا الشيءُ في فَمِي، بالفتح، يَحْلُو حَلاوة وحَلِيَ بعيني، بالكسر، إلا أَنهم يقولون: هو حُلْوٌ في المعنيين؛ وقال قوم من أَهل اللغة: ليس حَلِيَ من حَلا في شيء، هذه لغة على حِدَتِها كأَنها مشتقة من الحَلْيِ المَلْبوسِ لأَنه حَسُن في عينك كحُسْن الحَلْيِ، وهذا ليس بقويّ ولا مرضيّ. الليث: وقال بعضهم حَلا في عَيْني وحَلا في فمي وهو يَحْلُو حَلْواً، وحَلِيَ بصدري فهو يَحْلَى حُلْواناً (* قوله «فهو يحلى حلواناً» هذه عبارة التهذيب، وقال عقب ذلك: قلت حلوان في مصدر حلي بصدري خطأ عندي). الأَصمعي: حَلِيَ في صدري يَحْلى وحلا في فمي يَحْلُو، وحَلِيتُ العيشَ أَحْلاهُ أَي اسْتَحْلَيْته، وحَلَّيْتُ الشيءَ في عَين صاحِبه، وحَلَّيْت الطعام: جعَلْتُه حُلْواً، وحَلِيتُ بهذا المكان.
ويقال: ما حَلِيت منه حَلْياً أَي ما أَصَبت. منه بخيرٍ وحلا: أَصاب منه خيراً. قال ابن بري: وقولهم لم يَحْلَ بطائل أَي لم يظفر ولم يستفد منها كبيرَ فائدة، لا يُتكَلَّم به إلا مع الجَحْد، وما حَلِيتُ بطائل لا يُستعمل إلا في النفي، وهو من معنى الحَلْيِ والحِلْية، وهما من الياء لأَن النفس تَعْتَدُّ الحِلْية ظَفَراً، وليس هو من حَلِيَ بعيْني بدليل قولهم حَلِيَ بعيني حَلاوَة، فهذا من الواو والأَول من الياء لا غير. الشيء وحَلأَه، كلاهما: جعله ذا حلاوة، همزوه على غير قياس. الليث: تقول حَلَّيْت السويقَ، قال: ومن العرب من همزة فقال حَلأْتُ السويقَ، قال: وهذا منهم غلط. قال الأَزهري: قال الفراء توهمت العربُ فيه الهمز لمَّا رأَوْا قوله حَلأْتُه عن الماء أَي منعته مهموزاً. الجوهري: أَحْلَيْتُ الشيءَ جعلته حُلْواً، وأَحْلَيْتُه أَيضاً وجدته حُلْواً؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن الهُذيل العَبْديّ: ونحن أَقَمْنا أَمْرَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ، وأَنتَ بِثأْجٍ لا تُمِرُّ ولا تُحْلِي قلت: وهذا فيه نظر، ويشبه أَن يكون هذا البيت شاهداً على قوله لا يُمِرُّ ولا يُحْلي أَي ما يتكلم بحُلْوٍ ولا مُرٍّ.
وحالَيْتُه أَي طايَبْتُه؛ قال المرَّار الفقعسي: فإني، إذا حُولِيتُ، حُلْوٌ مَذاقتي، ومُرٌّ، إذا ما رامَ ذو إحْنةٍ هَضْمي والحُلْوُ من الرجال: الذي يَسْتخفه الناسُ ويَسْتَحْلُونه وتستَحْلِيه العينُ؛ أَنشد اللحياني: وإني لَحُلْوٌ تَعْتَريني مَرَارَةٌ، وإني لَصَعْبُ الرأْسِ غيرُ ذَلُولِ والجمع حُلْووُنَ ولا يُكسَّر، والأُنثى حُلْوَة والجمع حُلْواتٌ ولا يُكسَّر أَيضاً.
ويقال: حَلَتِ الجاريةُ بعيني وفي عيني تَحْلُو حَلاوَةً. من الحَلاوة كما يقال استجاده من الجَوْدة. الأَزهري عن اللحياني: احْلَوْلَتِ الجاريةُ تَحْلَوْلي إذا استُحْلِيَتْ واحْلَوْلاها الرجلُ؛ وأَنشد: فلو كنتَ تُعطي حين تُسْأَلُ سامحَتْ لك النَّفْسُ، واحْلَوْلاكَ كلُّ خليلِ ويقال: أَحْلَيْتُ هذا المكانَ واستَحْليتُه وحَلِيتُ به بمعنى واحد. ابن الأَعرابي: احْلَوْلى الرجل إذا حسُنَ خلُقه، واحلَوْى إذا خرَجَ من بلد إلى بلد. فرس عبيدِ بن معاوية.
وحكى ابن الأَعرابي: رجل حَلُوٌّ، على مثال عَدُوٍّ، حُلْوٌ، ولم يحكها يعقوب في الأَشياء التي زعم أَنه حَصَرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ. الحَلالُ: الرجل الذي لا ريبة فيه، على المَثل، لأَن ذلك يُسْتَحلَى منه؛ قال: أَلا ذهَبَ الحُلْوُ الحَلالُ الحُلاحِلُ، ومَنْ قولُه حُكْمٌ وعَدْلٌ ونائِلُ والحَلْواءُ: كلُّ ما عُولج بحُلْو من الطعام، يمدّ ويقصر ويؤنث لا غير. التهذيب: الحَلْواء اسم لما كان من الطعام إذا كان مُعالَجاً بحَلاوة. ابن بري: يُحْكى أَن ابنَ شُبْرُمَة عاتَبه ابنه على إتيان السلطان فقال: يا بُنيّ، إن أَباك أَكل من حَلْوائِهم فحَطَّ في أَهْوائِهم. الجوهري: الحَلْواء التي تؤكل، تمد وتقصر؛ قال الكميت: من رَيْبِ دَهْرٍ أَرى حوادِثَه تَعْتَزُّ، حَلْواءَها، شدائِدُها والحَلْواءُ أَيضاً: الفاكهة الحُلْوة. التهذيب: وقال بعضهم يقال للفاكهة حَلْواءُ. حَلُوَتِ الفاكهةُ تَحْلُو حَلاوةً. قال ابن سيده: وناقة حَلِيَّة عَلِيَّة في الحَلاوة؛ عن اللحياني، هذا نصُّ قوله، وأَصلها حَلُوَّة. يُمِرُّ ولا يُحْلي وما أَمَرَّ ولا أَحْلَى أَي ما يتكلم بحُلْوٍ ولا مُرٍّ ولا يَفْعل فعلاً حُلْواً ولا مُرّاً، فإن نفَيْتَ عنه أَنه يكون مُرّاً مَرَّةً وحُلْواً أُخرى قلتَ: ما يَمَرُّ ولا يَحْلُو، وهذا الفرق عن ابن الأَعرابي. نقيضُ المُرَّى، يقال: خُذِ الحُلْوَى وأَعْطِه المُرَّى. قالت امرأَة في بناتِها: صُغْراها مُرّاها.
وتَحالَتِ المرأَة إذا أَظْهَرَت حَلاوَةً وعُجْباً؛ قال أَبو ذؤيب: فشأْنَكُما، إنِّي أَمِينٌ وإنَّني، إذا ما تَحالى مِثْلُها، لا أَطُورُها وحَلا الرجلَ الشيءَ يَحْلُوه: أَعطاه إياه؛ قال أَوْسُ ابن حُجْرٍ: كأَنَي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، يومَ مَدَحْتُه، صفَا صَخْرَةٍ صَمّاءَ يَبْسٍ بِلالُها فجعل الشِّعْرَ حُلْواناً مِثلَ العطاء. أَن يأْخذ الرجلُ من مَهْرِ ابنتهِ لنفْسهِ، وهذا عارٌ عند العرب؛ قالت امرأَة في زوجها: لا يأْخُذُ الحُلْوانَ من بَناتِنا ويقال: احْتَلى فلان لنفقة امرأَته ومهرها، وهو أَن يتَمَحَّلَ لها ويَحْتالَ، أُخِذَ من الحُلْوانِ. يقال: احْتَلِ فتزوَّجْ، بكسر اللام، وابتَسِلْ من البُسْلة، وهو أَجْرُ الراقي. الجوهري: حَلَوْتُ فلاناً على كذا مالاً فأَنا أَحْلُوه حَلْواً وحُلْواناً إذا وهبتَ له شيئاً على شيء يفعله لك غيرَ الأُجرة؛ قال عَلْقمةُ ابن عَبَدَة: أَلا رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلي وناقتي يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إذ ماتَ قائلُهْ؟ أَي أَلا ههنا رجلٌ أَحْلُوه رَحْلي وناقتي، ويروى أَلا رجلٍ، بالخفض، على تأْويل أَمَا مِنْ رجلٍ؛ قال ابن بري: وهذا البيت يروى لضابئٍ البُرْجُمِيّ. الرجلَ حَلْواً وحُلْواناً: وذلك أَن يزوجه ابنتَه أَو أُختَه أَو امرأَةً مَّا بمهرٍ مُسَمّىً، على أَن يجعل له من المهر شيئاً مُسمّىً، وكانت العرب تُعَيِّرُ به. المرأَة: مَهْرُها، وقيل: هو ما كانت تُعْطى على مُتْعَتِها بمكة. أَيضاً: أُجْرة الكاهِن.
وفي الحديث: أَنه نهى عن حُلْوانِ الكاهِنِ؛ قال الأَصمعي: الحُلْوانُ ما يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ له على كهَانَتهِ، تقول منه: حَلَوْتُه أَحْلوه حُلواناً إذا حَبَوْته.
وقال اللحياني: الحُلْوان أُجْرة الدَّلاَّلِ خاصةً. ما أَعْطَيْتَ من رَشْوة ونحوها. حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك؛ عن ابن الأَعرابي. مصدر كالغُفْران، ونونه زائدة وأَصله من الحَلا. الرَّشْوة. يقال: حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ؛ وأَنشد بيت علقمة: فَمَنْ راكبٌ أَحْلُوه رَحْلاَ وناقةً يُبَلِّغُ عني الشِّعْرَ، إذ ماتَ قائِلُه؟ وحَلاوةُ القفا وحُلاوَتُه وحَلاواؤُه وحُلاواهُ وحَلاءَتُه؛ الأَخيرة عن اللحياني: وَسَطُه، والجمع حَلاوى. الأَزهري: حَلاوَةُ القَفا حاقٌّ وَسَطِ القفا، يقال: ضربه على حَلاوَةِ القَفا أَي على وسط القفا. القفا: فَأْسُه.
وروى أَبو عبيد عن الكسائي: سَقَط على حُلاوَةِ القفا وحَلاواءِ القفا، وحَلاوةُ القفا تَجُوزُ وليست بمعروفة. قال الجوهري: ووقع على حُلاوة القفا، بالضم، أَي على وسط القفا، وكذلك على حُلاوَى وحَلاواءِ القَفا، إذا فَتَحت مددت وإذا ضممت قصرت.
وفي حديث المبعث: فَسَلَقني لِحُلاوَة القفا أَي أَضْجَعَني على وسط القَفا لم يَمِلْ بي إلى أَحد الجانبين، قال: وتضم حاؤه وتفتح وتكسر؛ ومنه حديث موسى والخَضِر، عليهما السلام: وهو نائم على حَلاوةِ قفاهُ. حَفٌّ صغير يُنسَجُ به؛ وشَبَّه الشماخ لسان الحمار به فقال: قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ كأَنَّ لسانَه، إذا صاح، حِلْوٌ زَلَّ عن ظَهْرِ مِنْسَجِ ويقال: هي الخشبة التي يُديرها الحائك وأَرضٌ حَلاوَةٌ: تُنْبِت ذُكُورَ البَقْلِ. من الجَنْبة: شجَرة تدوم خُضْرتَها، وقيل: هي شجرة صغيرة ذات شوك. نَبْتة زَهْرتها صفراء ولها شوك كثير وورق صغار مستدير مثل ورق السذاب، والجمع حُلاوَيات، وقيل: الجمع كالواحد. التهذيب: الحَلاوى ضرب من النبات يكون بالبادية، والواحدة حَلاوِيَة على تقدير رَباعِية. قال الأَزهري: لا أَعرف الحَلاوى ولا الحَلاوِية، والذي عرفته الحُلاوى، بضم الحاء، على فُعالى، وروي أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب فُعالى خُزامى ورُخامى وحُلاوى كلُّهن نبت، قال: وهذا هو الصحيح. اسم بلد؛ وأَنشد ابن بري لقيس الرُّقَيَّات: سَقْياً لِحُلْوانَ ذِي الكُروم، وما صَنَّفَ من تينهِ ومِنْ عِنَبِهْ وقال مُطِيعُ بن إياس: أَسْعِداني يا نَخْلَتَيْ حُلْوانِ، وابْكِيا لي من رَيْبِ هذا الزَّمانِ وحُلوانُ: كورة؛ قال الأَزهري: هما قريتان إحْداهما حُلْوان العراق والأُخْرى حُلْوان الشام. ابن سيده: والحُلاوة ما يُحَكُّ بين حجرين فيُكتحل به، قال: ولست من هذه الكلمة على ثقة لقولهم الحَلْوُ في هذا المعنى.
وقولهم حَلأْتُه أي كحلته. ما تُزُيِّنَ به من مَصوغِ المَعْدِنِيَّاتِ أَو الحجارةِ؛ قال: كأَنها من حُسُنٍ وشارهْ، والحَلْيِ حَلْيِ التِّبْر والحِجارهْ، مَدْفَعُ مَيْثاءَ إلى قَرارهْ والجمع حُلِيٌّ؛ قال الفارسي: وقد يجوز أَن يكون الحَلْيُ جمعاً، وتكون الواحدة حلْيَةٌ كشَرْيَةٍ وشَرْيٍ وهَدْيَةٍ وهَدْيٍ. كالحَلْيِ، والجمع حِلىً وحُلىً. الليث: الحَلْيُ كلّ حِلْيةٍ حَلَيت بها امرأَةً أَو سيفاً ونحوَه، والجمع حُلِيٌّ. قال الله عز وجل: من حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً له خُوار. الجوهري: الحَلْيُ حَلْيُ المرأَةِ، وجمعه حُلِيٌّ مثل ثَدْيٍ وثُدِيٍّ، وهو فُعُولٌ، وقد تكسر الحاء لمكان الياء مثل عِصيٍّ، وقرئ: من حُلِيِّهِم عِجْلاً جَسَداً، بالضم والكسر. المرأَةَ أَحْلِيها حَلْياً وحَلَوْتُها إذا جعلت لها حُلِيّاً. الجوهري: حِلْيَةُ السيفِ جمْعها حِلىً مثل لِحْيةٍ ولِحىً، وربما ضم.
وفي الحديث: أَنه جاءه رجل وعليه خاتم من حديد فقال: ما لي أَرى عليكَ حِلْيَة أَهلِ النارِ؟ هو اسم لكل ما يُتَزَيَّن به من مصاغ الذهب والفضة، وإنما جعلها حلية لأَهل النار لأَن الحديد زِيٌّ بعض الكفار وهم أَهل النار، وقيل: إنما كرهه لأَجل نَتْنِه وزُهوكَتهِ، وقال: في خاتَمِ الشِّبْهِ ريحُ الأَصْنام، لأَن الأَصنام كانت تُتَّخَذ من الشَّبَهِ.
وقال بعضهم: يقال حِلْيةُ السيف وحَلْيهُ، وكره آخرون حَلْيَ السيف، وقالوا: هي حِلْيَتُه ؛ قال الأَغْلَبُ العِجْلِي: جارِيةٌ من قيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ، بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبَهْ، كأَنها حِلْيَةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ وحكى أَبو علي حَلاة في حِلْيَةٍ، وهذا في المؤنث كشِبْهٍ وشَبَهٍ في المذكر.
وقوله تعالى: ومن كلٍّ تأْكلون لحماً طريّاً وتستخرجون حِلْيَةً تلبسونها؛ جاز أَن يخبر عنهما بذلك لاختلاطهما، وإلا فالحِلْيَةُ إنما تُسْتَخرج من المِلْح دون العَذْب. المرأَةُ حَلْىاً وهي حالٍ وحالِيَةٌ: استفادت حَلْياً أَو لبسته، وحَلِيَتْ: صارت ذات حَلْيٍ، ونسوة حَوالٍ. لبست حَلْىاً أَو اتخذت. أَلبسها حَلْياً أَو اتخذه لها، ومنه سيف مُحَلّىً. بالحَلْي أَي تزيَّن، وقال: ولغةٌ حَلِيَت المرأَةُ إذا لَبِسَتْه؛ وأَنشد: وحَلْي الشَّوَى منها، إذا حَلِيَتْ به، على قَصَباتٍ لا شِخاتٍ ولا عُصْلِ قال: وإنما يقال الحَلْيُ للمرأَة وما سواها فلا يقال إلا حِلْيةٌ للسيفِ ونحوه.
ويقال: امرأَة حالية ومتحلية. الرجلَ: وصفتُ حِلْيَته. تعالى: يُحَلَّوْنَ فيها من أَساور من ذهب؛ عدَّاه إلى مفعولين لأَنه في معنى يَلْبَسُون.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كان يُحَلِّينا رِعاثاً من ذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ، وحَلَّى السيفَ كذلك.
ويقال للشجرة إذا أَورقت وأَثمرت: حاليةٌ، فإذا تناثر ورقها قيل: تعطَّلت؛ قال ذو الرمة:وهاجَتْ بَقايا القُلْقُلانِ، وعَطَّلَت حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِّياحِ الحَواصِد أَي أَيْبَسَتْها الرياح فتناثرت.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: كان يَتَوضَّأُ إلى نصف ساقَيْه ويقول إن الحِلْية تبلغ إلى مواضِع الوضوء؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالحلية ههنا التحجيل يوم القيامة من أَثر الوضوء من قوله، صلى الله عليه وسلم: غُرٌّ مُحَجَّلون. ابن سيده في معتل الياء: وحَلِيَ في عيني وصَدْرِي قيل ليس من الحَلاوة، إنما هي مشتقة من الحَلْي الملبوس لأَنه حَسُنَ في عينك كَحُسْنِ الحَلْيِ، وحكى ابن الأَعرابي: حَلِيَتْه العَيْنُ؛ وأَنشد: كَحْلاءُ تَحْلاها العُيونُ النُّظَّرُ التهذيب: اللحياني حَلِيَتِ المرأَة بعَيْني وفي عَيْني وبِقَلْبي وفي قَلْبي وهي تَحْلَى حَلاوة، وقال أَيضاً: حَلَتْ تَحْلُو حَلاوة. الجوهري: ويقال حَلِيَ فلان بعيني، بالكسر، وفي عيني وبصدري وفي صدري يَحْلَى حَلاوة إذا أَعجبك؛ قال الراجز: إنَّ سِرَاجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، تَحْلَى به العَيْن إذا ما تَجْهَرُهْ قال: وهذا شيء من المقلوب، والمعنى يَحْلَى بالعَين.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: لكنهم حَلِيَت الدنيا في أَعْينُهم. يقال: حَلِيَ الشيءُ بعَيْني يَحْلى إذا استَحْسَنْته، وحَلا بفَمِي يَحْلُو. الخِلْقة. الصفة والصُّورة. الوَصْف. عَرَفَ صِفَته. تَحْلِيَتُك وجهَ الرجلِ إذا وصَفْته. ابن سيده: والحَلَى بَثْرٌ يخرج بأَفواه الصبيان؛ عن كُراع، قال: وإنما قضينا بأَن لامه ياء لما تقدم من أَن اللام ياء أَكثر منها واواً. ما ابيضَّ من يَبِيسِ السِّبَطِ والنَّصِيِّ، واحدته حَلِيَّةٌ؛ قال: لما رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّهْ، ولِمَّتِي كأَنَّها حَلِيَّهْ، تقول هَذِي قرَّةٌ عَلَيَّهْ التهذيب: والحَلِيُّ نبات بعَيْنه، وهو من خير مراتع أَهل البادية للنَّعَم والخيل، وإذا ظهرت ثمرته أَشبه الزرع إذا أَسبل؛ وقال الليث: هو كل نبت يشبه نبات الزرع؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ إنما الحَلِيُّ اسم نبت بعينه ولا يشبهه شيء من الكلإ. الجوهري: الحَلِيُّ على فَعيل يبيس النَّصِيِّ، والجمع أَحْلِية؛ قال ابن بري: ومنه قول الراجز: نَحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ، ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ وقد يُعَبَّر بالحَلِيِّ عن اليابس كقوله: وإنْ عِنْدِي، إن رَكِبْتُ مِسْحَلِي، سَمَّ ذَراريحَ رطابٍ وحلِي وفي حديث قُسٍّ: وحَلِيٍّ وأَقَاحٍ؛ هو يَبِيسُ النَّصِيِّ من الكَلإ، والجمع أَحْلِية. موضع؛ قال الشَّنْفَرَى: بِرَيْحانةٍ من بطنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ، لها أَرَجٌ، ما حَوْلَها غَيرُ مُسْنِتِ وقال بعض نساء أَزدِ مَيْدَعانَ: لَوْ بَيْنَ أَبْياتٍ بِحَلْيَةَ ما أَلْهاهُمُ، عَنْ نَصْرِكَ، الجُزُرُ وحُلَيَّة: موضع؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي: أَو مُغْزِلٌ بالْخَلِّ، أَو بِحُلَيَّةٍ تَقْرُو السلامَ بِشَادِنٍ مِخْماصِ قال ابن جني: تحتمل حُلَيَّة الحرفين جميعاً، يعني الواو والياء، ولا أُبعِد أَن يكون تحقير حَلْية، ويجوز أَن تكونَ همزةً مخففةً من لفظ حلأْت الأَديم كما تقول في تخفيف الحُطَيْئة الحُطَيَّة. موضع؛ قال الشماخ: فأَيْقَنَتْ أَنَّ ذا هاشٍ مَنِيَّتُها، وأَنَّ شَرْقِيَّ إحْلِياءَ مَشْغُولُ الجوهري: حَلْية، بالفتح، مأْسَدة بناحية اليمن؛ قال يصف أَسداً: كأَنَّهُمُ يَخْشَوْنَ منْك مُدَرِّباً، بِحَلْيةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْن مِهْزَعَا الأَزهري: يقال للبعير إذا زجرته حَوْبُ وحَوْبَ وحَوْبِ، وللناقة حَلْ جَزْمٌ وحَلِيْ جَزْم لا حَلِيتِ وحَلٍ، قال: وقال أَبو الهيثم يقال في زجر الناقة حَلْ حَلْ، قال: فإذا أَدخلت في الزجر أَلِفاً ولاماً جرى بما يصيبه من الإعراب كقوله: والحَوْبُ لمَّا لم يُقَلْ والحَلُّ فرفعه بالفعل الذي لم يسم فاعله.

ميس (لسان العرب) [0]


المَيْس: التَبَخْتُر، ماسَ يَمِيسُ ميساً ومَيَساناً: تَبَخْتَر واخْتالَ.
وغصن ميَّاسٌ: مائِلٌ.
وقال الليث: المَيْسُ ضَرْب من المَيَسانِ في تَبَخْتُرٍ وتَهادٍ كما تَمِيس العَروس والجمَل، وربما ماس بهَوْدَجِه في مَشْيِه، فهو يمِيس مَيَساناً، وتَمَيَّس مثله؛ قال الشاعر:وإِني لَمِن قُنْعانِها حِينَ أَعْتَزِي، وأَمْشي بها نحْوَ الوَغَى أَتَمَيَّس ورجلٌ ميَّاسٌ وجارِية ميَّاسة إِذا كانا يَتَبختران في مِشْيَتِهِما.
وفي حديث أَبي الدرداء: تَدْخل قَيْساً وتَخْرج ميْساً؛ ماسَ يَمِيسُ ميْساً إِذا تبختر في مَشْيِه وتَثَنَّى.
وامرأَة مُومِس ومُومِسَة: فاجِرَةٌ جِهاراً؛ قال ابن سيده: وإِنما اخترت وضعه في ميس بالياء، وخالفت ترتيب اللغويين في ذلك لأَنها صيغة فاعِل، قال: ولم أَجد لها فعلاً البَتَّة يجوز أَن يكون هذا . . . أكمل المادة الاسم عليه إِلا أَن يكون هذا الاسم عليه إلا أَن يكون من قولهم أَمَاسَتْ جِلْدها، كما قالوا: فيها خَريعٌ، من التَخرُّع، وهو التَّثَنِّي، قال: فكان يجب على هذا مُمِيسٌ ومُمِيسَة لكنهم قلبوا موضع العين إِلى الفاء فكأَنه أَيْمَسَتْ، ثم صِيغ اسم الفاعل على هذا، وقد يكون مُفْعِلاً من قولهم أَوْمَسَ العنبُ إِذا لانَ، قال: وهو مذكور في الواو؛ قال ابن جني: وربما سمَّوا الإِمَاءَ اللَّواتي للخدمة مومِسات.
والمَيْسُونُ: الميَّاسة من النساء، وهي المُخْتالة، قال: وهذا البناء على هذا الاشتقاق غير معلوم، وهو من المثل الذي لم يحكه سيبويه كزيتون، وحان كراع في باب فَيْعُول واشتقه من المَيْس، قال: ولا أَدري كيف ذلك لأَنه لا ينبغي كونه فَيْعُولاً وكونه مشتقّاً من المَيْسِ.
ومَيْسُونُ: اسم امرأَة، منه؛ قال الحرث بن حِلِّزَة: إِذْ أَحَلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيْسُو نَ، فأَدْنى دِيارِها العَوصاءُ وقد تقدم في ترجمة مَسَنَ، فهو على هذا فَيْعُولٌ صحيح، قال: وباب مَيَسَ أَولى به لما جاء من قولهم مَيْسُونُ تَمِيسُ في مِشيتها. ابن الأَعرابي: مَيسانُ كوكب يكون بين المَعَرَّةِ والمَجَرَّةِ. أَبو عمرو: المَياسِينُ النجوم الزاهرة. قال: والمَيْسُونُ من الغلمان الحسَنُ الوجْهِ والحسن القدِّ. قال أَبو منصور: أَما مَيْسانُ اسم الكوكب، فهو فَعْلانُ، من ماسَ يَمِيسُ إِذا تبختر.
والمَيْس: شجر تُعمل منه الرحال؛ قال الراجز: وشُعْبَتَا مَيسٍ بَراها إِسْكاف قال أَبو حنيفة: المَيْسُ شجر عظام شبيه في نباته وورقه بالغَرَبِ، وإِذا كان شابّاً فهو أَبيض الجَوْف، فإِذا تقادم اسْوَدَّ فصار كالآبِنُوس ويَغْلُظُ حتى تُتَّخذ منه الموائد الواسعة وتتخذ منه الرحال؛ قال العجاج ووصف المَطايا: يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ، مِنَ التَّزَعُّلِ، مَيْسَ عُمانَ ورِحالَ الإِسْحِلِ قال ابن سيده: وأَخبرني أَعرابي أَنه رآه بالطائف، قال: وإِليه ينسب الزبيب الذي يسمى المَيْسَ.
والمَيْسُ أَيضا: ضَرْبٌ من الكَرْمِ يَنْهَضُ على ساق بعض النهوض لم يَتَفَرَّع كلُّه؛ عن أَبي حنيفة.
وفي حديث طَهْفَةَ: بأَكْوارِ المَيْسِ، هو شجر صُلْب تعمل منه أَكوار الإِبل ورحالها.
والمَيْسُ أَيضاً: الخشبة الطويلة التي بين الثورين؛ قال: هذه عن أَبي حنيفة.
ومَيَّاسٌ: فرس شَقِيقِ بنِ جَزْءٍ.
ومَيْسانُ: ليلة أَرْبَعَ عَشرَةَ.
ومَيْسانُ: بلد من كُوَرِ دَجْلَةَ أَو كُورَةٌ بسَواد العراق، النسب إِليه مَيْسانيٌّ، ومَيْسَنانيٌّ، الأَخيرة نادرة؛ وقال العجاج: خَوْدٌ تخالُ رَيْطَها المُدَقْمَسا، ومَيْسَنانيّاً لها مُمَيَّسَا يعني ثياباً تُنسج بِمَيْسانَ. مُمَيَّسٌ: مُذَيَّل له ذَيْل؛ وقول العبد: ومَا قَرْيَةٌ، مِنْ قُرَى مَيْسَنا نَ، مُعْجِبَةٌ نَظَراً واتِّصافَا إِنما أَراد مَيْسانَ فاضطر فزاد النون. النضر: يسمى الوشب المَيْسُ، شجرة مدورة تكون عندنا ببلخ فيها البعوض، وقيل: المَيْسُ شجرة وهو من أَجود الشجر وأَصْلبِه وأَصْلحِه لصنعة الرّحال ومنها تتخذ رحال الشأْم، فلما كثر ذلك قالت العرب: المَيْسُ الرَّحْلُ. النوادر: ماسَ اللَّه فيهم المرض يَمِيسُه وأَمَاسَه، فهو يُمِيسُه، وبَسَّه وثَنَّه أَي كثَّره فيهما.

سرف (العباب الزاخر) [0]


السَّرَفْ: ضد القصد. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا ينتَهِبُ الرجل نهبة ذاة سَرَفٍ وهو مؤمن. أي ذاة شَرَفٍ، أي ذاة قدر كثير يُنكِر ذلك الناس ويتشرفون إليه ويستعظمونه، ويُروى بالشين المعجمة. والسَّرَفُ -أيضاً-: الإغفال والخطأ، وقد سَرِفْتُ الشيء -بالكسر-: إذا أغفلته وجهلته.
وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم؛ فقيل له في ذلك فقال: مررت بكم فَسَرِفْتُكُم: أي أغْفَلْتُكم، ومنه قول جرير:
أعطوا هُنيدة يحدوها ثمـانـية      ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَفُ

أي إغفال ولا خطأ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المُسْتَحِقَّ. ورجل سَرِفُ الفؤاد: أي مُخْطِئ الفؤاد غافلُهُ، . . . أكمل المادة قال طرفة بن العبد:
إن إمرءً سَرِفَ الفؤاد يرى      عَسَلا بماء سَحَابَةٍ شتمي

والسَّرَفُ -أيضاً-: الضراوة، ومنه حديث عائشة -رضي الله عنها-: إن لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخمر.
والمعنى: أن مَن اعتاده ضري بأكله فأسرف فيه فعل المعاقر في ضراوته بالخمر وقلة صبره عنها.
ووجه آخر: أن تريد بالسَّرَفِ الغَفلَةَ.
ويجوز أن يكون من سَرِفَتِ المرأة صبيها إذا أفسدته بكثرة اللبن، تعني الفساد الحاصل من جهة غلظة القلب وقسوته والجرأة على المعصية والانبعاث للشهوة. وسَرِفُ -مثال كَتِفٍ-: موضع قريب من التنعيم، وتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية -رضي الله عنها- بِسَرِفَ سنة سبعٍ من الهجرة في عمر القضاء، وبنى بها بِسَرِفَ، وكانت وفاتها-أيضا-بِسَرِفَ، ودفنت هنالك. قال خداش بن زهير:
فإن سمعتم بجيشٍ سـالـك سـرفـاً      أو بطن مرَّ فأخفوا الجرس واكتتموا

وقال عبيد الله بن قيس الرُّقيات:
سَرِفٌ منزل لسلمةَ فالظه      ران منها منازل فالقصيمُ

والسُّرْفَةُ: دويبة تتخذ لنفسها بيتا مربعا من دُقَاقِ العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناوُوْسِ ثم تدخل فيه وتموت.
وفي المثل: هو أصنع من سُرْفَةٍ.
وقد سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشجرة تَسْرُفُها سَرْفاً: إذا أكلت ورقها؛ عن ابن السكيت.
وسُرِفَتِ الشجرة فهي مَسْرُوْفَةٌ.
وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ولم تُسْرَفْ، وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ج ر د.
وأرض سَرِفَةٌ: كثيرة السُّرْفَةِ. وقال ابن عبّاد: السًّرُفُ: شيء أبيض كأنه نسج دود القز. والسَّرُوْفُ: الشديد العظيم، يقال يوم سَرُوْفٌ: أي عظيم. وقال غيره: الأُسْرُفُ: الآنُكُ، فارسي معرب، وهو تعريب سُرُبْ. وذهب ماء الحوض سرفاً: إذا فاض من نواحيه. والسَّرِيْفُ: سطر من كَرْمٍ. واسرافيل: اسم أعجمي كأنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة: اسْرَافِيْنُ؛ كما قالوا جبرين واسماعين واسْرَائينُ.
والإسراف في النفقة: التبذير، قال الله تعالى: (ولا تُسْرِفُوا) الإسراف: أكل ما لا يحل أكله، وقيل: هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله الله، وقال سفيان: الإسْرَافُ ما أُنْفِقَ في غير طاعة الله، وقال إياس بن معاوية: ما قُصِرَ به عن حق الله. وقوله تعالى: (مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي كافرٌ شاك. ومُسْرِفٌ: لقب مسلم بن عقبة المُرِّيِّ صاحب وقعة الحرة؛ لأنه قد أسْرَفَ فيها، قال علي بن عبد الله بن العباس:
هم منعوا ذِماري يوم جاءت      كتائب مُسْرِفٍ وبنو اللَّكِيْعَه

والتركيب يدل على تعدي الحد وعلى الإغفال للشيء.

مسك (لسان العرب) [0]


المَسْكُ، بالفتح وسكون السين: الجلد، وخَصَّ بعضهم به جلد السَّخْلة، قال: ثم كثر حتى صار كل جلد مَسْكاً، والجمع مُسُكٌ ومُسُوك؛ قال سلامة بن جَنْدل: فاقْنَيْ لعلَّكِ أن تَحْظَيْ وتَحْتَبِلي في سَحْبَلٍ، من مُسُوك الضأْن، مَنْجُوب ومنه قولهم: أنا في مَسْكِك إن لم أفعل كذا وكذا.
وفي حديث خيبر: أَين مَسْكُ حُيَيِّ بن أَخْطَب كان فيه ذخيرة من صامِتٍ وحُليّ قُوِّمت بعشرة آلاف دينار، كانت أَوَّلاً في مَسْك جَمَل ثم مَسْك ثور ثم مَسْك جَمَل.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: ما كان على فِراشي إلاّ مَسْكُ كَبْشٍ أي جلده. ابن الأعرابي: والعرب تقول نحن في مُسُوك الثعالب إذا . . . أكمل المادة كانوا خائفين؛ وأنشد المُفَضَّل: فيوماً تَرانا في مُسُوك جِيادنا ويوماً تَرانا في مُسُوك الثعالِبِ قال: في مسوك جيادنا معناه أنَّا أُسِرْنا فكُتِّفْنا في قُدودٍ من مُسُوك خيولنا المذبوحة، وقيل في مُسُوك أي على مسوك جيادنا أي ترانا فرساناً نُغِير على أَعدائنا ثم يوماً ترانا خائفين.
وفي المثل: لا يَعْجِزُ مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ أي لا يَعْدَم رائحة خبيثة؛ يضرب للرجل اللئيم يكتم لؤمه جُهْدَه فيظهر في أفعاله.
والمَسَكُ: الذَّبْلُ.
والمَسَكُ: الأَسْوِرَة والخلاخيل من الذَّبْلِ والقرون والعاج، واحدته مَسَكة. الجوهري: المَسَك، بالتحريك، أَسْوِرة من ذَبْلٍ أو عاج؛ قال جرير:تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْباً بكُوعِها لها مسَكاً، من غير عاجٍ ولا ذَبْلِ وفي حديث أبي عمرو النَّخَعيّ: رأَيت النعمان بن المنذر وعليه قُرْطان ودُمْلُجانِ ومَسَكتَان، وحديث عائشة، رضي الله عنها: شيء ذَفِيفٌ يُرْبَطُ به المَسَكُ.
وفي حديث بدر: قال ابن عوف ومعه أُمية بن خلف: فأحاط بنا الأنصار حتى جعلونا في مثل المَسَكَةِ أي جعلونا في حَلْقةٍ كالسِّوارِ وأحدقوا بنا؛ واستعاره أَبو وَجْزَة فجعل ما تُدخِلُ فيه الأُتُنُ أَرجلَها من الماء مَسَكاً فقال: حتى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ، من نَسْلِ جدَّابةِ الآفاقِ مِهْداجِ التهذيب: المَسَكُ الذَّبْلُ من العاج كهيئة السِّوار تجعله المرأَة في يديها فذلك المَسَكُ، والذَّبْلُ القُرون، فإن كان من عاج فهو مَسَك وعاج ووَقْفٌ، وإذا كان من ذَبْلٍ فهو مَسَكٌ لا غير.
وقال أَبو عمرو المَسَكُ مثل الأَسْوِرة من قُرون أو عاج؛ قال جرير: ترى العبس الحوليّ جوناً بكوعها لها مسكاً، من غير عاج ولا ذبل وفي الحديث: أنه رأى على عائشة، رضي الله عنها، مَسَكَتَيْن من فضة، المَسَكةُ، بالتحريك: الوسار من الذَّبْلِ، وهي قُرون الأَوْعال، وقيل: جلود دابة بحرية، والجمع مَسَكٌ. الليث: المِسْكُ معروف إلا أَنه ليس بعربي محض. ابن سيده: والمِسْكُ ضرب من الطيب مذكر وقد أَنثه بعضهم على أنه جمع، واحدته مِسْكة. ابن الأعرابي: وأصله مِسَكٌ محرّكة؛ قال الجوهري: وأما قول جِرانِ العَوْدِ: لقد عاجَلَتْني بالسِّبابِ وثوبُها جديدٌ، ومن أَرْدانها المِسْكُ تَنْفَحُ فإنما أَنثه لأنه ذهب به إلى ريح المسك.
وثوب مُمَسَّك: مصبوغ به؛ وقول رؤبة: إن تُشْفَ نَفْسي من ذُباباتِ الحَسَكْ، أَحْرِ بها أَطْيَبَ من ريحِ المِسِكْ فإنه على إرادة الوقف كما قال: شُرْبَ النبيذ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ ورواه الأصمعي: أَحْرِ بها أَطيب من ريح المِسَك وقال: هو جمع مِسْكة.
ودواء مُمَسَّك: فيه مِسك. أَبو العباس في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، في الحيض: خُذِي فِرْصةً فَتَمَسَّكي بها، وفي رواية: خذي فَرِصَة مُمَسّكة فَتَطَيَّبي بها؛ الفِرصَةُ: القِطْعة يريد قطعة من المسك، وفي رواية أُخرى: خذي فِرْصَةً من مِسْكٍ فتطيبي بها، قال بعضهم: تَمَسَّكي تَطَيَّبي من المِسْك، وقالت طائفة: هو من التَّمَسُّك باليد، وقيل: مُمَسَّكة أي مُتَحَمَّلة يعني تحتملينها معك، وأَصل الفِرْصة في الأصل القطعة من الصوف والقطن ونحو ذلك؛ قال الزمخشري: المُمَسَّكة الخَلَقُ التي اُمْسِكَتْ كثيراً، قال: كأنه أراد أن لا يستعمل الجديد من القطن والصوف للارْتِفاق به في الغزل وغيره، ولأن الخَلَقَ أصلح لذلك وأَوفق؛ قال ابن الأثير: وهذه الأقوال أكثرها مُتَكَلَّفَة والذي عليه الفقهاء أنا الحائض عند الاغتسال من الحيض يستحب لها أن تأْخذ شيئاً يسيراً من المِسْك تتطيب به أو فِرصةً مطيَّبة من المسك.
وقال الجوهري: المِسْك من الطيب فارسي معرب، قال: وكانت العرب تسميه المَشْمُومَ.
ومِسْكُ البَرِّ: نبت أطيب من الخُزامى ونباتها نبات القَفْعاء ولها زَهْرة مثل زهرة المَرْوِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وقال مرة: هو نبات مثل العُسْلُج سواء.
ومَسَكَ بالشيءِ وأَمْسَكَ به وتَمَسَّكَ وتَماسك واسْتمسك ومَسَّك، كُلُّه: احْتَبَس.
وفي التنزيل: والذي يُمَسِّكون بالكتاب؛ قال خالد بن زهير: فكُنْ مَعْقِلاً في قَوْمِكَ، ابنَ خُوَيْلدٍ، ومَسِّكْ بأَسْبابٍ أَضاعَ رُعاتُها التهذيب في قوله تعالى: والذين يُمْسِكُون بالكتاب؛ بسكون وسائر القراء يُمَسِّكون بالتشديد، وأَما قوله تعالى: ولا تُمَسِّكوا بعِصَم الكوافر، فإن أَبا عمرو وابن عامر ويعقوب الحَضْرَمِيَّ قرؤُوا ولا تُمَسِّكوا، بتشديدها وخففها الباقون، ومعنى قوله تعالى: والذي يُمَسِّكون بالكتاب، أي يؤْمنون به ويحكمون بما فيه. الجوهري: أَمْسَكْت بالشيء وتَمَسَّكتُ به واسْتَمْسَكت به وامْتَسَكْتُ كُلُّه بمعنى اعتصمت، وكذلك مَسَّكت به تَمْسِيكاً، وقرئَ ولا تُمَسِّكوا بعِصَمِ الكَوافرِ.
وفي التنزيل: فقد اسْتمسكَ بالعُرْوَة الوُثْقى؛ وقال زهير: بأَيِّ حَبْلِ جِوارٍ كُنْتُ أَمْتَسِكُ ولي فيه مُسْكة أي ما أَتَمَسَّكُ به.
والتَّمَسُّك: اسْتِمْساكك بالشيء، وتقول أَيضاً: امْتَسَكْت به؛ قال العباس: صَبَحْتُ بها القومَ حتى امْتَسكْـ تُ بالأرْضِ، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيءِ فإني لا أُحِلُّ إلا ما أَحَلَّ الله ولا أُحرِّم إلاّ ما حَرَّم الله؛ قال الشافعي: معناه إن صحَّ أنَّ الله تعالى أَحل للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَشياء حَظَرَها على غيره من عدد النساء والموهوبة وغير ذلك، وفرض عليه أَشياء خففها عن غيره فقال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيء، يعني بما خصِّصْتُ به دونهم فإن نكاحي أَكثر من أَربع لا يحل لهم أَن يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى أَربع، ولا يجب عليهم ما وجب عليَّ من تخيير نسائهم لأنه ليس بفرض عليهم.
وأَمْسَكْتُ عن الكلام أي سكت.
وما تَماسَكَ أن قال ذلك أي ما تمالك.
وفي الحديث: من مَسَّك من هذا الفَيْءِ بشيءٍ أي أَمسَك.
والمُسْكُ والمُسْكةُ: ما يُمْسِكُ الأبدانَ من الطعام والشراب، وقيل: ما يتبلغ به منهما، وتقول: أَمْسَك يُمْسِكُ إمْساكاً.
وفي حديث ابن أَبي هالَة في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: بادنٌ مُتَماسك؛ أراد أَنه مع بدانته مُتَماسك اللحم ليس بمسترخيه ولا مُنْفَضِجه أي أنه معتدل الخلق كأَن أعضاءَه يُمْسِك بعضها بعضاً.
ورجل ذو مُسْكةٍ ومُسْكٍ أي رأْي وعقل يرجع إليه، وهو من ذلك.
وفلان لا مِسُكة له أي لا عقل له.
ويقال: ما بفلان مُسْكة أي ما به قوَّة ولا عقل.
ويقال: فيه مُسْكَةٌ من خير، بالضم، أي بقية.
وأَمْسَكَ الشيءَ: حبسه.
والمَسَكُ والمَسَاكُ: الموضع الذي يُمْسِك الماءَ؛ عن ابن الأعرابي.
ورجل مَسِيكٌ ومُسَكَةٌ أي بخيل.
والمِسِّيك: البخيل، وكذلك المُسُك، بضم الميم والسين، وفي حديث هند بنت عُتْبة: أن أَبا سفيان رجل مَسِيكٌ أي بخيل يُمْسِكُ ما في يديه لا يعطيه أَحداً وهو مثل البخيل وزناً ومعنى.
وقال أَبو موسى: إنه مِسِّيكٌ، بالكسر والتشديد، بوزن الخِمَّير والسِّكِّير أي شديد الإمْساك لماله، وهو من أَبنية المبالغة، قال: وقيل المِسِّيك البخيل إلاَّ أن المحفوظ الأول؛ ورجل مُسَكَةٌ، مثل هُمَزَة، أي بخيل؛ ويقال: هو الذي لا يَعْلَقُ بشيء فيتخلص منه ولا يُنازِله مُنازِلٌ فيُفْلِتَ، والجمع مُسَكٌ، بضم الميم وفتح السين فيهما؛ قال ابن بري: التفسير الثاني هو الصحيح، وهذا البناء أعني مُسَكة يختص بمن يكثر منه الشيء مثل الضُّحكة والهُمَزَة.
وفي حديث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، حين قال له ابن عُرَانَةَ: أَما هذا الحَيُّ من بَلْحرث بن كعب فَحَسَكٌ أَمْراسٌ، ومُسَكٌ أَحْماس، تَتَلَظَّى المَنايا في رِماحِهِم؛ فوصفهم بالقوَّة والمَنَعةِ وأَنهم لِمَنْ رامهم كالشوك الحادِّ الصُّلْب وهو الحَسَك، وإذا نازَلوا أَحداً لم يُفْلِتْ منهم ولم يتخلص؛ وأما قول ابن حِلِّزة: ولما أَن رأَيتُ سَراةَ قَوْمِي مَسَاكَى، لا يَثُوبُ لهم زَعِيمُ قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مساكى في بيته اسماً لجمع مَسِيك، ويجوز أن يتوهم في الواحد مَسْكان فيكون من باب سَكَارَى وحَيَارَى.
وفيه مُسْكةٌ ومُسُكةٌ؛ عن اللحياني، ومَسَاكٌ ومِساك ومَسَاكة وإمْساك: كل ذلك من البخل والتَّمَسُّكِ بما لديه ضَنّاً به؛ قال ابن بري: المِسَاك الاسم من الإمْساك؛ قال جرير: عَمِرَتْ مُكَرَّمةَ المَساكِ وفارَقَتْ، ما شَفَّها صَلَفٌ ولا إقْتارُ والعرب تقول: فلان حَسَكة مَسَكة أي شجاع كأَنه حَسَكٌ في حَلْق عدوِّه.
ويقال: بيننا ماسِكة رحِم كقولك ماسَّة رحم وواشِجَة رحم.
وفرس مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَقُ الأياسر: مُحَجَّلُ الرجل واليد من الشِّقِّ الأيمن وهم يكرهونه، فإن كان مُحَجَّل الرجل واليد من الشِّقِّ الأيسر قالوا: هو مُمْسَكُ الأياسر مُطْلَق الأيامن، وهم يستحبون ذلك.
وكل قائمة فيها بياض، فهي مُمْسَكة لأنها أُمسِكت بالبياض؛ وقوم يجعلون الإمْسَاك أن لا يكون في القائمة بياض. التهذيب: والمُطْلَق كل قائمة ليس بها وَضَحٌ، قال: وقوم يجعلون البياض إطلاقاً والذي لا بياض فيه إمساكاً؛ وأَنشد؛ وجانب أُطْلِقَ بالبَياضِ، وجانب أُمْسك لا بَياض وقال: وفيه من الاختلاف على القلب كما وصف في الإمْساك.
والمَسَكةُ والمَاسِكة: قِشْرة تكون على وجه الصبي أَو المُهْر، وقيل: هي كالسَّلى يكونان فيها.
وقال أَبو عبيدة: المَاسِكة الجلدة التي تكون على رأْس الولد وعلى أطراف يديه، فإذا خرج الولد من الماسِكة والسَّلى فهو بَقِير، وإذا خرج الولد بلا ماسِكة ولا سَلىً فهو السَّلِيل.
وبلغ مَسَكة البئر ومُسْكَتَها إذا حفر فبلغ مكاناً صُلْباً. ابن شميل: المَسَكُ الواحد مَسَكة وهو أن تَحْفِر البئر فتبلغ مَسَكةً صُلْبةً وإن بِئارَ بني فلان في مَسَك؛ قال الشاعر: اللهُ أَرْواكَ وعَبْدُ الجَبَّارْ، تَرَسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المِنْقارْ، في مَسَكٍ لا مُجْبِلٍ ولا هارْ الجوهري: المُسْكَةُ من البئر الصُّلْبةُ التي لا تحتاج إلى طَيّ.
ومَسَك بالنار. فَحَصَ لها في الأرض ثم غطاها بالرماد والبعر ودفنها. أبو زيد: مَسَّكْتُ بالنار تَمْسِيكاً وثَقَّبْتُ بها تَثْقْيباً، وذلك إذا فَحَصت لها في الأَرض ثم جعلت عليها بعراً أو خشباً أو دفنتها في التراب.والمُسْكان: العُرْبانُ، ويجمع مَساكينَ، ويقال: أَعطه المُسْكان.
وفي الحديث: أنه نهى عن بيع المُسْكانِ؛ وهو بالضم بيع العُرْبانِ والعَرَبُونِ، وهو أن يشتري السِّلعة ويدفع إلى صاحبها شيئاً على أنه إن أَمضى البيع حُسب من الثمن وإن لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري، وقد ذكر في موضعه. ابن شميل: الأرض مَسَكٌ وطرائق: فَمَسَكة كَذَّانَةٌ ومَسَكة مُشاشَة ومَسَكة حجارة ومَسَكة لينة، وإنما الأرض طرائق فكل طريقة مَسَكة، والعرب تقول للتَّناهي التي تُمْسِك ماء السماء مَساك ومَساكة ومَساكاتٌ، كل ذلك مسموع منهم.
وسقاءٌ مَسِيك: كثير الأخذ للماء.
وقد مَسَك، بفتح السين، مَساكة، رواه أَبو حنيفة. أبو زيد: المَسِيك من الأَساقي التي تحبس الماء فلا يَنْضَحُ.
وأرض مَسِيكة: لا تُنَشِّفُ الماءَ لصلابتها.
وأَرض مَساك أيضاً.
ويقال للرجل يكون مع القوم يخوضون في الباطل: إن فيه لَمُسْكةً عما هم فيه.
وماسِكٌ: اسم.
وفي الحديث ذكر مَسْك (* قوله «ذكر مسك إلخ» كذا بالأصل والنهاية، وفي ياقوت: ان الموضع الذي قتل به مصعب والذي كانت به وقعة الحجاج مسكن بالنون آخره كمسجد وهو المناسب لقول الأصل وكسر الكاف وليس فيه ولا في القاموس مسك؛) هو بفتح الميم وكسر الكاف صُقْع بالعراق قتل فيه مُصْعَب ابن الزبير، وموضع بدُجَيْل الأهْواز حيث كانت وقعة الحجاج وابن الأشعث.

فزر (لسان العرب) [0]


الفَزْر، بالفتح: الفسخ في الثوب.
وفَزَرَ الثوب فَزْراً: شقه.
والفِزَرُ: الشقوق.
وتَفَزَّر الثوب والحائط: تشقق وتقطع وبَلِيَ.
ويقال: فَزَرْت الجُلَّة وأَفْزَرْتها وفَزَّرْتها إِذا فَتَّتَّها. شمر: الفَزْر الكسر؛ قال: وكنت بالبادية فرأَيت قِباباً مضروبة، فقلت لأَعرابي: لمن هذه القِبابففقال: لبني فَزارَةَ، فَزَر اللهُ ظهورهم فقلت: ما تَعْني به؟ فقال: كسر الله.
والفُزُورُ: الشقوق والصُّدوع.
ويقال: فَزَرْتُ أَنف فلان فَزْراً أَي ضربته بشيء فشققته، فهو مَفْزُورُ الأَنف.
وقال بعض أَهل اللغة: الفَرْز قريب من الفَزْر؛ تقول: فَرَزْت الشيء من الشيء أَي فَصَلته، وفَزَرْت الشيءَ صَدَعْته.
وفي الحديث: أَن رجلاً من الأَنصار أَخذ لَحْيَ جَزورٍ فضرب به أَنف سعد فَفَزَره أَي شقه.
وفي حديث طارق بن شهاب: خرجنا حُجَّاجاً فأَوطأَ . . . أكمل المادة رجل راحلته ظبياً فَفَزَر ظهره أَي شقه وفسخه.
وفَزَرَ الشيء يَفْزُره فَزْراً: فرقه.
والفَزْرُ: الضرب بالعصا، وقيل: فَزَرَه بالعصا ضربه بها على ظهره.
والفَزَر: ريح الحَدبة.
ورجل أَفْزَرُ بيِّن الفَزَر: وهو الأَحدب الذي في ظهره عُجْرة عظيمة، وهو المَفْزور أَيضاً.
والفُزْرة: العُجْرة العظيمة في الظهر والصدر. فَزِرَ فَزَراً، وهو أَفْزَر.
والمَفْزور: الأَحدب.
وجارية فَزْراء: ممتلئة شحماً ولحماً، وقيل: هي التي قاربت الإِدراك؛ قال الأَخطل: وما إِن أَرى الفَزْراءَ إِلا تَطَلُّعاً، وخِيفةَ يَحْمِيها بنو أُم عَجْرَدِ أَراد: وخيفة أَن يحميها.
والفِزْرُ، بالكسر: القَطِيع من الغنم.
والفِزرُ من الضأْن: ما بين العشرة إِلى الأَربعين، وقيل: ما بين الثلاثة إِلى العشرين، والصُّبَّةُ: ما بين العشر إلى الأَربعين من المِعْزَى.
والفِزْرُ الجدي؛ يقال: لا أَفعله ما نَزَا فِزْرٌ وقولهم في المثل: لا آتيك مِعْزَى الفِزْر؛ الفزر لقب لسعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وكان وَافى الموسم بمِعْزَى فأَنْهَبَها هناك وقال: من زَخذ منها واحدة فهي له، ولا يؤخذ منها فِزْرٌ، وهو الاثنان فأَكثر، وقال أَبو عبيدة نحو ذلك إلا أَنه قال: الفِزْرُ هو الجدي نفسه، فضربوا به المثل فقالوا: لا آتيك مِعْزَى الفِزْرِ أَي حتى تجتمع تلك، وهي لا تجتمع أَبداً؛ هذا قول ابن الكلبي؛ وقال أَبو الهيثم: لا أَعرفه، وقال الأَزهري: وما رأَيت أَحداً يعرفه. قال ابن سيده: إِنما لُقِّب سعد بن زيد مناة بذلك لأَنه قال لولده واحداً بعد واحد: ارْعَ هذه المِعْزَى، فأَبوا عليه فنادى في الناس أَن اجتمعوا فاجتمعوا، فقال: انتهبوها ولا أُحِلُّ لأَحد أَكثر من واحدة، فتقطَّعوها في ساعة وتفرقت في البلاد، فهذا أَصل المثل، وهو من أَمثالهم في ترك الشيء. يقال: لا أَفعل ذلك مِعْزَى الفِزْرِ؛ فمعناه في مِعْزَى الفِزْر أَن يقولوا حتى تجتمع تلك وهي لا تجتمع الدهر كله. الجوهري: الفِزْرُ أَبو قبيلة من وهو تميم سعد بن زيد مناة بن تميم.
والفَزارةُ: الأُنثى من النِّمِر، والفِزْرُ: ابن النمر.
وفي التهذيب: ابن البَبْرِ والفَزارةُ أُمه والفِزْرَةُ أُخته والهَدَبَّسُ أَخوه. التهذيب: والبَبْرُ يقال له الهَدَبَّس ،أُنثاه الفَزارةُ؛ وأَنشد المبرد:ولقد رأَيتُ هَدَبَّساً وفَزارةً، والفِزْرُ يَتْبَعُ فِزْرَه كالضَّيْوَنِ قال أَبو عمرو: سأَلت ثعلباً عن البيت فلم يعرفه؛ قال أَبو منصور: وقد رأَيت هذه الحروف في كتاب الليث وهي صحيحة.
وطريقٌ فازِرٌ: بَيِّن واسع؛ قال الراجز: تَدُقُّ مَعْزَاءَ الطريقِ الفازِرِ، دَقَّ الدَّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ والفازِرةُ: طريق تأْخذ في رملة في دَكادِكَ لينةٍ كأَنها صدع في الأَرض منقاد طويل خلقة. ابن شميل: الفَازِرُ الطريق تعلو النَّجَافَ والقُورَ فتَفْزِرُها كأَنها تَخُدُّ في رؤوسها خُدُوداً. تقول: أَخَذْنا الفازِرَ وأَخذنا طريقَ فازِرٍ، وهو طريق أَثَّرَ في رؤوس الجبال وفَقَرها.
والفِزْرُ: هنة كَنَبْخَةٍ تخرج في مَغْرِز الفخذ دُوَيْنَ منتهى العانة كغُدَّةٍ من قرحة تخرج بالرجل (*قوله «تخرج بالرجل» عبارة القاموس تخرج بالانسان). أَو جراحة.
والفازِرُ: ضرب من النمل فيه حمرة وفَزَارة.وبنو الأَفْرَرِ: قبيلة؛ وقيل: فَزَارةُ أَبو حيّ من غَطَفان، وهو فَزارَةُ بن ذُبْيان ين بَغِيض بن رَيْث ابن غَطَفان.

بعث (لسان العرب) [0]


بَعَثَهُ يَبْعَثُه بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه، وبَعَثَ به: أَرسله مع غيره.
وابْتَعَثَه أَيضاً أَي أَرسله فانْبعَثَ.
وفي حديث عليّ يصف النبي، صلى الله عليه وسلم، شَهِيدُك يومَ الدين، وبَعِيثُك نعْمة؛ أَي مَبْعُوثك الذي بَعَثْته إِلى الخَلْق أَي أَرسلته، فعيل بمعنى مفعول.
وفي حديث ابن زَمْعَة: انْبَعَثَ أَشْقاها؛ يقال: انْبَعَثَ فلانٌ لشأْنه إِذا ثار ومَضَى ذاهباً لقضاء حاجَته.
والبَعْثُ: الرسولُ، والجمع بُعْثانٌ، والبَعْثُ: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى الغَزْو.
والبَعَثُ: القومُ المَبْعُوثُونَ المُشْخَصُونَ، ويقال: هم البَعْثُ بسكون العين.
وفي النوادر: يقال ابْتَعَثْنا الشامَ عِيراً إِذا أَرسَلوا إِليها رُكَّاباً للميرة.
وفي حديث القيامة: يا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النار؛ أَي المَبْعُوث إِليها من أَهلها، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر.
وبَعَثَ الجُنْدَ . . . أكمل المادة يَبْعَثُهم بَعْثاً: وجَّهَهُمْ، وهو من ذلك، وهو البَعْثُ والبَعِيثُ، وجمع البَعْثِ: بُعُوث؛ قال: ولكنَّ البُعُوثَ جَرَتْ علينا، فَصِرْنا بينَ تَطْوِيحٍ وغُرْمِ وجمع البَعِيثِ: بُعُثٌ.
والبَعْثُ: يكون بَعْثاً للقوم يُبْعَثُون إِلى وَجْهٍ من الوجوه، مثل السَّفْر والرَّكْب.
وقولهم: كنتُ في بَعْثِ فلانٍ أَي في جيشه الذي بُعِثَ معه.
والبُعُوثُ: الجُيوش.
وبَعَثَه على الشيء: حمله على فِعْله.
وبَعَثَ عليهم البَلاء: أَحَلَّه. التنزيل العزيز: بَعَثْنا عليكم عِباداً لنا أُولي بأْس شديد.
وفي الخبر: أَنَّ عبد المَلِك خَطَبَ فقال: بَعَثْنا عليكم مُسلِمَ بن عُقْبة، فَقَتلَكم يوم الحَرَّة.
وانْبَعَثَ الشيءُ وتَبَعَّثَ: انْدَفَع.
وبَعَثَه من نَوْمه بَعَثاً، فانْبَعَثَ: أَيْقَظَه وأَهَبَّه.
وفي الحديث: أَتاني الليلةَ آتِيانِ فابْتَعَثَاني أَي أَيقَظاني من نومي.
وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ ما كان يَحْبِسُه عن التَّصَرُّف والانْبِعاثِ.
وانْبَعَثَ في السَّيْر أَي أَسْرَع.
ورجلٌ بَعِثٌ: كثير الانْبِعاثِ من نومه.
ورجل بَعْثٌ وبَعِثٌ وبَعَثٌ: لا تزال هُمُومه تؤَرِّقُه، وتَبْعَثُه من نومه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْر: تَعْدُو بأَشْعَثَ، قد وَهَى سِرْبالُه، بَعْثٍ تُؤَرِّقُه الهُمُوم، فيَسْهَرُ والجمع: أَبْعاث: وفي التنزيل: قالوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا من مَرْقَدِنا؟ هذا وَقْفُ التَّمام، وهو قول المشركين يوم النُّشور.
وقولُه عز وجل: هذا ما وَعَدَ الرحمنُ وصَدَقَ المُرْسَلون؛ قَوْلُ المؤْمِنين؛ وهذا رَفْعٌ بالابتداء، والخَبَرُ ما وَعَدَ الرحمنُ؛ وقرئ: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِن مَرْقَدِنا؟ أَي مِن بَعْثِ الله إِيَّانا من مَرْقَدِنا.
والبَعْثُ في كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِرْسال، كقوله تعالى: ثم بَعَثْنا من بعدهم موسى؛ معناه أَرسلنا.
والبَعْثُ: إِثارةُ باركٍ أَو قاعدٍ، تقول: بَعَثْتُ البعير فانبَعَثَ أَي أَثَرْتُه فَثار.
والبَعْثُ أَيضاً: الإِحْياء منالله للمَوْتى؛ ومنه قوله تعالى: ثم بَعَثْناكم من بَعْدِ موتِكم: أَي أَحييناكم.
وبَعَثَ اللمَوْتى: نَشَرَهم ليوم البَعْثِ.
وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُم بَعْثاً: نَشَرَهم؛ من ذلك.
وفتح العين في البعث كله لغة.
ومن أَسمائه عز وجل: الباعِثُ، هو الذي يَبْعَثُ الخَلْقَ أَي يُحْييهم بعد الموت يوم القيامة.
وبَعَثَ البعيرَ فانْبَعَثَ: حَلَّ عِقالَه فأَرسله، أَو كان باركاً فَهاجَهُ.
وفي حديث حذيفة: إِنَّ للفِتْنةِ بَعَثاتٍ ووَقَفاتٍ، فمن اسْتَطاعَ أَن يَمُوتَ في وَقَفاتِها فَلْيَفعل. قوله: بَعَثات أَي إِثارات وتَهْييجات، جمع بَعْثَةٍ.
وكلُّ شيء أَثَرْته فقد بَعَثْته؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: فبَعَثْنا البَعيرَ، فإِذا العِقْدُ تحته.
والتَّبْعاثُ تَفْعال، مِن ذلك: أَنشد ابن الأَعرابيّ: أَصْدَرها، عن كَثْرَةِ الدَّآثِ، صاحبُ لَيْلٍ، حَرِشُ التَّبْعاثِ وتَبَعَّثَ مني الشِّعْرُ أَي انْبَعَثَ، كأَنه سالَ.
ويومُ بُعاثٍ، بضم الباء: يوم معروف، كان فيه حرب بين الأَوْسِ والخَزْرج في الجَاهلية، ذكره الواقدي ومحمد بن إِسحق في كتابيهما؛ قال الأَزهري: وذكَرَ ابن المُظَفَّر هذا في كتاب العين، فجعلَه يومَ بُغَاث وصَحَّفَه، وما كان الخليلُ، رحمه الله، لِيَخفَى عليه يومُ بُعاثٍ، لأَنه من مشاهير أَيام العرب، وإِنما صحَّفه الليثُ وعزاه إِلى الخَليل نفسِه، وهو لسانُه، والله أَعلم.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندها جاريتان تُغَنِّيانِ بما قِيل يومَ بُعَاثٍ؛ هو هذا اليوم.
وبُعاثٌ: اسم حِصن للأَوْس.
وباعِثٌ وبَعِيثٌ: اسمان.
والبَعِيثُ: اسم شاعر معروف من بني تميم، اسمه خِدَاشُ بن بَشيرٍ، وكنيته أَبو مالك، سمي بذلك قوله: تَبَعَّثَ مني ما تَبَعَّثَ، بعدما اسْـ ـتَمرَّ فؤَادي، واسْتَمَرَّ مَرِيري قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا البيت على ما رواه ابن قُتَيْبة وعيره: واستَمَرَّ عَزِيمي، قال: وهو الصحيح؛ ومعنى هذا البيت: أَنه قال الشعر بعدما أَسَنَّ وكَبِرَ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لما صالَحَ نصارَى الشام، كتبوا له؛ إِنَّا لا نُحْدِثُ كنيسةً ولا قَلِيَّة، ولا نُخْرِج سَعانِينَ، ولا باعوثاً؛ الباعوثُ للنَّصارى: كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سرياني؛ وقيل: هو بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان.
وباعِيثا: موضع معروف.

عوض (لسان العرب) [0]


العِوَضُ: البَدَلُ؛ قال ابن سيده: وبينهما فَرْقٌ لا يليق ذكره في هذا المكان، والجمع أَعْواضٌ، عاضَه منه وبه.
والعَوْضُ: مصدر قولك عاضَه عَوْضاً وعِياضاً ومَعُوضةً وعَوَّضَه وأَعاضَه؛ عن ابن جني.
وعاوَضَه، والاسم المَعُوضةُ.
وفي حديث أَبي هريرة: فلما أَحل اللّه ذلك للمسلمين، يعني الجزية، عرفوا أَنه قد عاضَهم أَفضل مما خافُوا. تقول: عُضْتُ فلاناً وأَعَضْتُه وعَوَّضْتُه إِذا أَعطيته بدل ما ذهب منه، وقد تكرر في الحديث.
والمستقبل التعويض (* قوله «والمستقبل التعويض» كذا بالأصل.).
وتَعَوَّضَ منه، واعْتاضَ: أَخذ العِوَضَ، واعْتاضَه منه واسْتَعاضَه وتَعَوَّضَه، كلُّه: سأَلَه العِوَضَ.
وتقول: اعْتاضَني فلان إِذا جاء طالباً للعوض والصِّلة، واستعاضني كذلك؛ وأَنشد: نِعْمَ الفَتى ومَرْغَبُ المُعْتاضِ، واللّهُ يَجْزِي . . . أكمل المادة القَِرِْضَ بالاقْراضِ وعاضَه: أَصاب منه العِوَضَ.
وعُضْتُ: أَصَبْتُ عِوَضاً؛ قال أَبو محمد الفقعسي: هل لكِ، والعارِضُ مِنْكِ عائِضُ، في هَجْمةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟ ويروى: في مائة، ويروى: يُغْدِرُ أَي يُخَلِّفُ. يقال: غَدَرَتِ الناقةُ إِذا تَخَلَّفَتْ عن الإِبل، وأَغْدَرَها الراعي.
والقابض: السائق الشديد السوق. قال الأَزهري: أَي هل لك في العارِضِ منك على الفضل في مائة يُسْئِرُ منها القابض؟ قال: هذا رجل خطب امرأَة فقال أُعطيك مائة من الإِبل يَدَعُ منها الذي يقبضها من كثرتها، يدع بعضها فلا يطيق شَلَّها، وأَنا مُعارِضُك أُعطي الإِبل وآخُذُ نفسَكِ فأَنا عائض أَي قد صار العوض منك كله لي؛ قال الأَزهري: قوله عائض من عِضْتُ أَي أَخذت عوضاً، قال: لم أَسمعه لغير الليث.
وعائضٌ من عاضَ يَعوض إِذا أَعطى، والمعنى هل لك في هجمة أَتزوّجك عليها.
والعارضُ منكِ: المُعْطي عِوَضاً، عائِضٌ أَي مُعَوِّضٌ عِوَضاً تَرْضَيْنَه وهو الهجمة من الإِبل، وقيل: عائض في هذا البيت فاعل بمعنى مفعول مثل عيشة راضِية بمعنى مَرْضِيَّة.
وتقول: عَوَّضْتُه من هِبَتِه خيراً.
وعاوَضْتُ فلاناً بعوض في المبيع والأَخذ والإِعطاء، تقول: اعْتَضْتُه كما تقول أَعطيته، وتقول: تعاوَضَ القومُ تعاوُضاً أَي ثابَ مالُهم وحالُهم بعد قِلَّةٍ.
وعَوْض يبنى على الحركات الثلاث: الدَّهْر، معرفة، علم بغير تنوين، والنصب أَكثر وأَفشَى؛ وقال الأَزهري: تفتح وتضم، ولم يذكر الحركة الثالثة.
وحكي عن الكسائي عوضُ، بضم الضاد غير منون، دَهْرٌ، قال الجوهري: عَوْضُ معناه الأَبد وهو للمستقبل من الزمان كما أَنَّ قَطّ للماضي من الزمان لأَنك تقول عوض لا أُفارقك، تريد لا أُفارقك أَبداً، كما تقول قطّ ما فارقتك، ولا يجوز أَن تقول عوض ما فارقتك كما لا يجوز أَن تقول قطّ ما أُفارقك. قال ابن كيسان: قط وعوض حرفان مبنيان على الضم، قط لما مضى من الزمان وعوض لما يستقبل، تقول: ما رأَيته قطّ يا فتى، ولا أُكلمك عوض يا فتى؛ وأَنشد الأَعشى، رحمه اللّه تعالى: رضِيعَيْ لِبانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تَحالَفا بأَسْحَمَ داجٍ، عَوْضَ لا نَتَفرَّقُ أَي لا نتفرق أَبدأً، وقيل: هو بمعنى قَسَم. يقال: عَوْض لا أَفْعَله، يحلف بالدهر والزمان.
وقال أَبو زيد: عوض في بيت الأَعشى أَي أَبداً، قال: وأَراد بأَسْحَمَ داجٍ الليل، وقيل: أَراد بأَسْحم داج سواد حَلَمَةِ ثدي أُمه، وقيل: أَراد بالأَسحم هنا الرَّحِمَ، وقيل: سواد الحلمة؛ يقول: هو والنَّدَى رضَعا من ثدي واحد؛ وقال ابن الكلبي: عَوْض في بيت الأَعشى اسم صنم كان لبكر بن وائل؛ وأَنشد لرُشَيْدِ بن رُمَيْضٍ العنزي: حَلَفْتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ وأَنْصابٍ تُرِكْنَ لدَى السَّعِيرِ قال: والسعِيرُ اسم صنم لعنزةَ خاصَّة، وقيل: عوض كلمة تجري مجرى اليمين.
ومن كلامهم: لا أَفْعَلُهُ عَوْضَ العائضينَ ولا دَهْرَ الدَّاهِرينَ أَي لا أَفعله أَبداً. قال: ويقال ما رأَيت مثله عَوْض أَي لم أَرَ مثله قَط؛ وأَنشد: فَلَمْ أَرَ عاماً عَوْضُ أَكْثَرَ هالِكاً، ووَجْهَ غُلامٍ يُشْتَرَى وغُلامَهْ ويقال: عاهَدَه أَن لا يُفارِقَه عَوْضُ أَي أَبداً.
ويقول الرجل لصاحبه: عوض لا يكون ذلك أَبداً، فلو كان عوض اسماً للزمان إِذاً لجرى بالتنوين، ولكنه حرف يراد به القسم كما أَن أَجَلْ ونحوها مما لم يتمكن في التصريف حُمِلَ على غير الإِعراب.
وقولهم: لا أَفعلُه من ذي عوضِ أَي أَبداً كما تقول من ذي قبْلُ ومن ذي أُنُفٍ أَي فيما يُسْتَقْبَلُ، أَضاف الدهر إِلى نفسه. قال ابن جني: ينبغي أَن تعلم أَنَّ العِوَضَ من لفظ عَوْضُ الذي هو الدهر، ومعناه أَن الدهر إِنما هو مرور النهار والليل والتقاؤُهما وتَصَرُّمُ أَجزائهما، وكلَّما مضَى جزء منه خلفه جزء آخر يكون عوَضاً منه، فالوقت الكائن الثاني غير الوقت الماضي الأَوّل، قال: فلهذا كان العِوَضُ أَشدّ مخالفة للمُعَوَّضِ منه من البدل؛ قال ابن بري: شاهد عوضُ، بالضم، قول جابر بن رَأْلانَ السِّنْبسِيّ: يَرْضَى الخَلِيطُ ويَرْضَى الجارُ مَنْزِلَه، ولا يُرَى عَوْضُ صَلْدا يَرْصُدُ العَلَلا قال: وهذا البيت مع غيره في الحماسة.
وعَوْضُ: صنم.
وبنو عَوْضٍ: قبيلة.
وعياضٌ: اسم رجل، وكله راجع إِلى معنى العِوَضِ الذي هو الخلَفُ. قال ابن جني في عياض اسم رجل: إِنما أَصله مصدر عُضْتُه أَي أَعطيته.
وقال ابن بري في ترجمة عوص: عَوْصٌ: قبيلة، وعَوْضٌ، بالضاد، قبيلة من العرب؛ قال تأَبط شرّاً: ولَمَّا سَمِعْتُ العَوْضَ تَدْعُو، تَنَفَّرَتْ عَصافِيرُ رأْسي مِنْ نَوىً وتَوانِيا

فضا (لسان العرب) [0]


الفَضاءُ: المكان الواسع من الأَرض، والفعل فَضا يَفْضُو فُضُوّاً (* قوله «يفضو فضوّاً» كذا بالأصل وعبارة ابن سيده يفضو فضاء وفضوّاً وكذا في القاموس فالفضاء مشترك بين الحدث والمكان) فهو فاضٍ؛ قال رؤبة: أَفْرَخَ فَيْضُ بَيْضِها المُنْقاضِ، عَنكُم، كِراماً بالمَقام الفاضي وقد فَضا المكان وأَفْضى إِذا اتسع.
وأَفْضى فلان إِلى فلان أَي وَصَل إِليه، وأصله أَنه صار في فُرْجَته وفَضائه وحَيِّزه؛ قال ثعلب بن عبيد يصف نحلاً: شَتَتْ كثَّةَ الأَوْبارِ لا القُرَّ تتَّقي، ولا الذِّئْب تَخْشى، وهي بالبَلدِ المُفْضي أَي العَراء الذي لا شيء فيه، وأَفْضى إِليه الأَمْرُ كذلك.
وأَفْضى الرجل: دخل على أَهله.
وأَفْضى إِلى المرأَة: غَشِيها، وقال بعضهم: . . . أكمل المادة إِذا خلا بها فقد أَفْضى، غَشِيَ أَو لم يَغْشَ، والإِفضاء في الحقيقة الانتهاء؛ ومنه قوله تعالى: وكيف تأْخُذونه وقد أَفضى بعضُكم إِلى بعض؛ أَي انْتَهى وأَوى، عدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى وصَل، كقوله تعالى: أُحلّ لكم ليلة الصِّيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم.
ومَرَة مُفْضاة: مجموعة المَسْلَكين.
وأَفضى المرأَةَ فهي مُفضاة إِذا جامَعها فجعلَ مَسْلَكَيْها مَسْلَكاً واحداً كأَفاضها، وهي المُفْضاة من النساء. الجوهري: أَفضى الرجلُ إِلى امرأَته باشَرها وجامعها.
والمُفضاةُ: الشَّريمُ.
وأَلقى ثَوبه فَضاً: لم يُودعْه.
وفي حديث دُعائه للنابغة: لا يُفْضي اللهُ فاك؛ هكذا جاء في رواية، ومعناه أَن لا يجعله فَضاء لا سنَّ فيه.
والفَضاء: الخالي الفارغ الواسع من الأَرض.
وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضربه بِمرْضافةٍ وسَط رأْسه حتى يُفْضِيَ كلُّ شيء منه أَي يصير فَضاء.
والفَضاء: الساحةُ وما اتسع من الأَرض. يقال: أَفضيت إِذا خرجت إِلى الفضاء.
وأَفْضَيت إِلى فلان بسرّي. الفراء: العرب تقول لا يُفْضِ اللهُ فاك من أَفْضَيْت. قال: والإِفضاء أَن تَسقط ثناياه من فوق ومن تحت وكل أَضراسه؛ حكاه شمر عنه؛ قال أَبو منصور: ومن هذا إِفْضاء المرأَة إِذا انقطع الحِتار الذي بين مسلكيها؛ وقال أَبو الهيثم في قول زهير: ومَنْ يوفِ لا يذمم، ومَنْ يُفْضِ قَلْبه إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ أَي مَن يَصر قلبُه إِلى فَضاء من البر ليس دونه ستر لم يَشتبه أَمره عليه فيتجَمجم أَي يتردّد فيه.
والفَضى، مقصور: الشيء المختلط، تقول: طعام فَضًى أَي فَوْضى مختلط. شمر: الفَضاء ما استوى من الأَرض واتسع، قال: والصحراء فَضاء. قال أَبو بكر: الفِضاء، ممدود، كالحِساء وهو ما يجري على وجه الأَرض، واحدته فَضِيَّةٌ (* قوله «واحدته فضية» هذا ضبط التكملة، وفي الأصل فتحة على الياء فمقتضاه أنه من باب فعلة وفعال.) ؛ قال الفرزدق: فصَبَّحْن قَبْلَ الوارِداتِ من القَطا، ببَطْحاءِ ذِي قارٍ، فِضاءً مُفَجَّرا والفَضْيةُ: الماء المُسْتَنْقِع، والجمع فِضاء، ممدود؛ عن كراع؛ فأَما قول عدي بن الرَّقاع: فأَوْرَدها، لَمَّا انْجَلى الليلُ أَوْ دَنا، فِضًى كُنَّ للجُونِ الحَوائِم مَشْرَبا قال ابن سيده: يروى فَضًى وفِضًى، فمن رواه فَضًى جعله من باب حَلْقةٍ وحَلَقٍ ونَشْفةٍ ونَشَفٍ، ومن رواه فِضًى جعله كَبَدْرَةٍ وبِدَرٍ.
والفَضا: جانِب (* قوله « والفضا جانب إلخ» كذا بالأصل، ولعله الضفا بتقديم الضاد إذ هو الذي بمعنى الجانب وبدليل قوله: ويقال في تثنيته ضفوان، وبعد هذا فايراده هنا سهو كما لا يخفى) الموضع وغيره، يكتب بالأَلف، ويقال في تثنيته ضَفَوانِ؛ قال زهير: قَفْراً بِمُنْدَفِع النَّحائِتِ مِنْ ضَفَوَيْ أُلاتِ الضّالِ والسِّدْرِ النحائت: آبار معروفة.
ومكان فاضٍ ومُفْضٍ أَي واسع.
وأَرض فَضاء وبَرازٌ، والفاضِي: البارِزُ؛ قال أَبو النجم يصف فرسه: أَمّا إِذا أَمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُه، نَجْعَلُه في مَرْبَطٍ ،نَجْعَلُه مُفْضٍ: واسع.
والمُفْضَى: المُتَّسَع؛ وقال رؤبة: خَوْقاء مُفْضاها إِلى مُنْخاقِ أَي مُتَّسَعُها؛ وقال أَيضاً: جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفْضَى بهِم، وأَمْضىَ سَفَرٌ ما أَمْضَى (* قوله« ما أمضى» كذا في الأصل، والذي في نسخة التهذيب: ما أفضى.) قال: أَفْضَى بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفْضَى بهم إِليه حتى انقطع ذلك الطريق إِلى شيء يعرفونه.
ويقال: قد أَفْضَيْنا إِلى الفَضاء، وجمعه أَفْضِية.
ويقال: تركت الأَمر فَضاً أَي تركته غيرَ مُحْكَم.
وقال أَبو مالك: يقال ما بقي في كِنانته إِلاَّ سهم فَضاً؛ فَضاً أَي واحد.
وقال أَبو عمرو: سهم فَضاً إِذا كان مُفْرداً ليس في الكِنابة غيره.
ويقال: بَقِيت من أَقْراني فَضاً أَي بقيت وحدي، ولذلك قيل للأَمر الضعيف غير المحكم فَضاً، مقصور.
وأَفْضَى بيده إِلى الأَرض إِذا مَسَّها بباطن راحته في سُجوده.
والفَضا: حب الزَّبيب.
وتمر فَضاً: منثور مختلط، وقال اللحياني: هو المختلط بالزبيب؛ وأَنشد: فَقُلْتُ لهَا: يا خالتي لَكِ ناقَتي، وتمرٌ فَضاً، في عَيْبَتي، وزَبيبُ أَي منثور، ورواه بعض المتأَخرين: يا عَمَّتي.
وأَمرُهم بينهم فَضاً أَي سواء.
ومَتاعُهم بينهم فَوْضَى فَضاً أَي مختلط مشترك. غيره: وأَمرهم فَوْضَى وفَضاً أَي سواء بينهم؛ وأَنشد للمُعَذِّل البَكْريِّ: طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً في رِحالِهم، ولا يُحْسِنُون الشَّرَّ إِلاَّ تَنادِيا ويقال: الناسُ فَوْضَى إِذا كانوا لا أَميرَ عليهم ولا مَنْ يجمعهم.
وأَمرُهُم فَضاً بينهم أَي لا أَمير عليهم.
وأَفْضَى إِذا افْتَقَرَ.

حلأ (لسان العرب) [0]


حَلأْتُ له حَلُوءاً، على فَعُولٍ: إِذا حَكَكْتَ له حجَراً على حجَر ثم جَعَلْتَ الحُكاكةَ على كفِّك وصَدَّأْتَ بها المِرآةَ ثم كَحَلْتَه بها. بمنزلة فُعالةٍ، بالضم. الذي يُحَكُّ بين حجرين ليُكتَحَل به؛ وقيل الحَلُوءُ: حجر بعينه يُسْتَشْفَى من الرَّمد بحُكاكتِه؛ وقال ابن السكِّيت: الحَلُوءُ: حجر يُدْلَكُ عليه دواءٌ ثم تُكْحَلُ به العين. حَلأَه يَحْلَؤُه حَلأ وأَحْلأَه: كَحَله بالحَلُوء. ضَرْب من الحَيَّات تَحْلأُ لِمَنْ تَلْسَعُه السَّمَّ كما يَحْلأُ الكَحَّالُ الأَرْمَدَ حُكاكةً فيَكْحُله بها.
وقال الفرَّاء: احْلِئْ لي حَلُوءاً؛ وقال أَبو زيد: . . . أكمل المادة أَحْلأْت للرَّجل إِحْلاءً إِذا حكَكْتَ له حُكاكةَ حَجَرَين فَداوَى بِحُكاكَتِهما عينيه إِذا رَمِدَتا. أَبو زيد، يقال: حَلأْتُه بالسوط حَلأ إِذا جلدته به. بالسَّوْط والسَّيف حَلأ: ضرَبَه به؛ وعَمَّ به بعضُهم فقال: حَلأَه حَلأ: ضَرَبه.
وحَـَّلأَ الإِبلَ والماشِيةَ عن الماء تَحْلِيئاً وتَحْلِئةً: طَرَدها أَو حبَسَها عن الوُرُود ومَنَعَها أَن تَرِده، قال الشاعر إِسحقُ بنُ ابراهيم الـمَوْصلِي: يا سَرْحةَ الماءِ، قد سُدَّتْ مَوارِدُه، * أَما إِليْكِ سَبيلٌ غَيْرُ مَسْدُودِ لِحائمٍ حامَ، حتَّى لا حَوامَ به، * مُحَلإٍ عن سَبِيلِ الماءِ، مَطْرودِ هكذا رواه ابن بري، وقال: كذا ذكره أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه، وكذلك حَلأَ القَوْمَ عن الماء؛ وقال ابن الأَعرابي: قالت قُرَيْبةُ: كان رجل عاشق لمرأَة فتزوجها فجاءَها النساءُ فقال بعضهن لبعض: قَدْ طالما حَلأْتُماها لا تَرِدْ، * فخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ وقال امرؤ القيس: وأَعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ، خالِدٍ، * كَمَشْيِ أَتانٍ حُلِّئت عَن مَناهِلِ وفي الحديث: يَرِدُ عليَّ يومَ القِيامةِ رَهْطٌ فيُحَلَّؤُونَ عن الحَوْضِ أَي يُصَدُّون عنه ويُمْنَعُون من وُروده؛ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه: سأَل وَفْداً فقال: ما لإِبلكُم خِماصاً؟ فقالوا: حَلأَنا بنو ثعلبة. فأَجْلاهم أَي نفاهم عن موضعهم؛ ومنه حديث سلمة بن الأَكوع: فأَتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو على الماء الذي حَلَّيتُهُمْ عنه بذي قَرَدٍ، هكذا جاء في الرواية غير مهموز، فقُلبت الهمزة ياءً وليس بالقياس لأَن الياءَ لا تبدل من الهمزة الاَّ أَن يكون ما قبلها مكسوراً نحو بيرٍ وإيلافٍ، وقد شذ قَرَيْتُ في قَرأْت، وليس بالكثير، والأَصل الهمز. الأَديم إِذا قَشَرْت عنه التِّحْلِئ. والتِّحْلِئُ: القِشْر على وجه الأَديم مـما يلي الشَّعَر. الجِلْدَ يَحْلَؤُه حَلأ وحَلِيئة(1) (1 قوله «حلأ وحليئة» المصدر الثاني لم نره إلا في نسخة المحكم ورسمه يحتمل أن يكون حلئة كفرحة وحليئة كخطيئة.
ورسم شارح القاموس له حلاءة مـما لا يعوّل عليه ولا يلتفت إليه.): قشره وبشره. قشرة الجلد التي يَقْشُرُها الدَّبَّاغ مـما يلي اللحم.والتِّحْلِئُ، بالكسر: ما أَفسده السكين من الجلد إِذا قُشِرَ. تقول منه: حَلِئَ ديمُ حَلأ، بالتحريك إِذا صار فيه التِّحْلِئُ، وفي المثل: لا يَنْفَعُ الدَّبْغُ على التِّحْلِئ. والتِّحْلِئةُ: شعر وَجْه الأَدِيم ووَسَخُه وسَواده. ما حُلِئَ به.
وفي المثل في حَذَر الإِنسان على نفسه ومُدافَعَتِه عنها: حَلأَتْ حالِئةٌ عن كُوعها أَي إِنَّ حَلأَها عن كُوعها إِنما هو حذَرَ الشَّفْرة عليه لا عَنِ الجلد، لأَنَّ المرأَة الصَّناعَ ربما اسْتَعْجَلَتْ فَقَشَرَتْ كُوعَها؛ وقال ابن الأَعرابي: حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعِها معناه أَنها إِذا حَلأَت ما على الإِهاب أَخذَت مِحْلأَةً من حديد، فُوها وقَفاها سَواء، فَتَحْلأُ ما على الإِهاب من تِحْلئة، وهو ما عليه من سَواده ووسخه وشعره، فان لم تُبالِغ المِحْلأَةُ ولم تَقْلَع ذلك عن الإِهاب، أَخذت الحالِئةُ نَشْفةً، وهو حجر خَشِن مُثَقَّب، ثم لَفَّت جانباً من الإِهابِ على يدها، ثم اعتَمَدَتْ بتلك النَّشْفة عيه لتَقْلَعَ عنه ما لم تُخرج عنه المِحلأَةُ، فيقال ذلك للذي يَدْفَع عن نفسه ويَحُضُّ على إِصلاح شأْنه، ويُضْربُ هذا المثل له، أَي عن كُوعِها عَمِلَتْ ما عَمِلَتْ وبِحِيلتِها وعَمَلِها نالتْ ما نالتْ، أَي فهي أَحقُّ بشَيْئِها وعَمَلِها، كما تقول: عن حِيلتي نِلتُ ما نِلتُ، وعن عملي كان ذلك. قال الكميت: كَحالِئةٍ عن كُوعِها، وهْيَ تَبْتَغِي * صَلاحَ أَدِيمٍ ضَيَّعَتْه، وتَعْمَلُ وقال الأَصمعي: أَصله أَن المرأَة تَحْلأُ الأَديم، وهو نَزْعُ تِحْلِئِه، فإِن هي رَفَقَتْ سَلِمَتْ، وإِن هي خَرُقَتْ أَخْطأَت، فقطَعَت بالشَّفْرَة كُوعها؛ وروي عن الفرَّاء يقال: حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعها أَي لِتَغْسِلْ غاسِلةٌ عن كوعها أَي ليَعْمَلْ كلُّ عامل لنفسه؛ قال: ويقال اغْسِلْ عن وجهك ويدك، ولا يقال اغْسِلْ عن ثوبك. به الأَرضَ: ضَرَبها به، قال الأَزهري: ويجوز جَلأْتُ به الأَرضَ بالجيم؛ ابن الأَعرابي: حَلأْتُه عشرين سَوْطاً ومتَحْتُه ومَشَقْتُه ومَشَنْتُه بمعنى واحد؛ وحَلأَ المرأَة: نَكَحَها. العُقْبُولُ. شَفَتِي تَحْلأُ حَلأ إِذا بَثُرَتْ(2) (2 قوله «بثرت» الثاء بالحركات الثلاث كما في المختار.) أَي خرج فيها غِبَّ الحُمَّى بُثُورُها؛ قال: وبعضهم لا يهمز فيقول: حَلِيَتْ شَفَتُه حَلًى، مقصور. ابن السكيت في باب المقصور المهموز، الحَلأُ: هو الحَرُّ الذي يَخرج على شَفةِ الرَّجلِ غِبَّ الحُمَّى. مائة درهم إِذا أَعْطَيْته. التهذيب: حكى أَبو جعفر الرُّؤَاسي: ما حَلِئتُ منه بطائل، فهمز؛ ويقال: حَّلأْت السَّوِيقَ؛ قال الفرَّاء: همزوا ما ليس بمهموز لأَنه من الحلْواء. أَرضٌ، حكاه ابن دريد، قال: وليس بِثَبَتٍ؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه ثَبَتٌ؛ وقيل: هو اسم ماء؛ وقيل: هو اسم موضع. قال صخر الغي: كأَنِّي أَراهُ، بالحَلاءة، شاتِياً، * تُقَفِّعُ، أَعْلَى أَنْفِه، أُمُّ مِرزَمِ(1) (1 قوله «كأني اراه إلخ» في معجم ياقوت الحلاءة بالكسر ويروى بالفتح ثم قال وهو موضع شديد البرد وفسر أم مرزم بالريح البارد.) أُمُّ مِرْزم هي الشَّمالُ، فأَجابه أَبو الـمُثَلَّم: أَعَيَّرْتَني قُرَّ الحِلاءة شاتِياً، * وأَنْت بأَرْضٍ، قُرُّها غَيْر مُنْجِمِ أَي غير مُقْلِعٍ. قال ابن سيده: وانما قضينا بأَن همزتها وضعية مُعاملة للفظ إِذا لم تَجْتَذِبْه مادَّة ياء ولا واو.

عقد (لسان العرب) [0]


العَقْد: نقيض الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً وعَقَّده؛ أَنشد ثعلب: لا يَمْنَعَنَّكَ، مِنْ بِغا ءِ الخَيْرِ، تَعْقادُ التمائمْ واعتَقَدَه كعَقَدَه؛ قال جرير: أَسِيلَةُ معْقِدِ السِّمْطَيْنِ منها، وَرَيَّا حيثُ تَعْتَقِدُ الحِقابا وقد انعَقَد وتعَقَّدَ.
والمعاقِدُ: مواضع العَقْد.
والعَقِيدُ: المُعَاقِدُ. قال سيبويه: وقالوا هو مني مَعْقِدَ الإِزار أَي بتلك المنزلة في القرب، فحذفَ وأَوْصَلَ، وهو من الحروف المختصة التي أُجريت مُجْرى غير المختصة لأَنه كالمكان وإِن لم يكن مكاناً، وإِنما هو كالمثل، وقالوا للرجل إِذا لم يكن عنده غناء: فلان لا يَعْقِدُ الحَبْلَ أَي أَنه يَعْجِزُ عن هذا على هَوانِهِ وخفَّته؛ قال: فإِنْ تَقُلْ يا ظَبْيُ حَلاً حَلاً، تَعْلَقْ . . . أكمل المادة وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلاَّ أَي تجِدُّ وتَتَشَمَّرُ لإِغْضابِه وإِرْغامِهِ حتى كأَنها تَعْقِدُ على نفسه الحبْل.
والعُقْدَةُ: حَجْمُ العَقْد، والجمع عُقَد.
وخيوط معقَّدة: شدّد للكثرة.
ويقال: عقدت الحبل، فهو معقود، وكذلك العهد؛ ومنه عُقْدَةُ النكاح؛ وانعقَدَ عَقْدُ الحبل انعقاداً.
وموضع العقد من الحبل: مَعْقِدٌ، وجمعه مَعاقِد.
وفي حديث الدعاء: أَسأَلك بِمَعاقِدِ العِزِّ من عَرْشِك أَي بالخصال التي استحق بها العرشُ العِزَّ أَو بمواضع انعقادها منه، وحقيقة معناه: بعز عرشك؛ قال ابن الأَثير: وأَصحاب أَبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء.
وجَبَرَ عَظْمُه على عُقْدَةٍ إِذا لم يَسْتَوِ.
والعُقْدَةُ: قلادة.
والعِقْد: الخيط ينظم فيه الخرز، وجمعه عُقود.
وقد اعتقَدَ الدرَّ والخرَزَ وغيره إِذا اتخذ منه عِقْداً، قال عديَّ بن الرقاع: وما حُسَيْنَةُ، إِذ قامَتْ تُوَدِّعُنا لِلبَيْنِ، واعَتَقَدتْ شَذْراً ومَرْجاناً والمِعْقادُ: خيط ينظم فيه خرزات وتُعَلَّق في عنق الصبي.
وعقَدَ التاجَ فوق رأْسه واعتقده: عَصَّبَه به؛ أَنشد ثعلب لابن قيس الرقيات: يَعْتَقِدُ التاجَ فوقَ مَفْرَقِه على جَبينٍ، كأَنه الذَّهَبُ وفي حديث قيس بن عَبَّاد قال: كنتُ آتي المدينةَ فأَلقى أَصحابَ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وأَحَبُّهم إِليّ عمرُ بن الخطاب، رضي الله عنه، وأُقيمت صلاة الصبح فخرج عمر وبين يديه رجل، فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري، فدفعني من الصف وقام مقامي ثم قعد يحدّثنا، فما رأَيت الرجال مدت أَعناقها متوجهةً إِليه فقال: هلَك أَهلُ العُقَدِ وربِّ الكعبةِ، قالها ثلاثاً، ولا آسَى عليهم إِنما آسى على من يَهْلِكون من الناس؛ قال أَبو منصور: العُقَدُ الوِلاياتُ على الأَمصار، ورواه غيره: هلك أَهلُ العَقَدِ، وقيل: هو من عَقْدِ الولاية للأُمراء.
وفي حديث أُبَيّ: هلكَ أَهلُ العُقْدَة وربِّ الكعبة؛ يريد البَيْعَة المعقودة للولاية.
وعَقَدَ العَهْدَ واليمين يَعْقِدهما عَقْداً وعَقَّدهما: أَكدهما. أَبو زيد في قوله تعالى: والذين عقَدت أَيمانكم وعاقدت أَيمانكم؛ وقد قرئ عقدت بالتشديد، معناه التوكيد والتغليظ، كقوله تعالى: ولا تَنْقُضوا الأَيمانَ بعد توكيدها، في الحلف أَيضاً.
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: والذين عاقَدَت أَيمانُكم؛ المُعاقَدَة: المُعاهَدة والميثاق.
والأَيمانُ: جمع يمين القَسَمِ أَو اليد. فأَما الحرف في سورة المائدة: ولكن يُؤاخذُكُم بما عَقَّدْتُم الأَيمان، بالتشديد في القاف قراءة الأَعمش وغيره، وقد قرئ عقدتم بالتخفيف؛ قال الحطيئة: أُولئك قوم، إِن بَنَوْا أَحْسَنُوا البنا، وإِن عاهدوا أَوفَوْا، وإِن عاقَدوا شَدُّوا وقال آخر: قوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم وقال في موضع آخر: عاقدوا، وفي موضع آخر: عَقَّدوا، والحرف قرئ بالوجهين؛ وعَقَدْتُ الحبْلَ والبيع والعهد فانعقد.
والعَقْد: العهد، والجمع عُقود، وهي أَوكد العُهود.
ويقال: عَهِدْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا، وتأْويله أَلزمته ذلك، فإِذا قلت: عاقدته أَو عقدت عليه فتأْويله أَنك أَلزمته ذلك باستيثاق.
والمعاقدة: المعاهدة.
وعاقده: عهده.
وتعاقد القوم: تعاهدوا.
وقوله تعالى: يا أيُها الذين آمنوا أَوفوا بالعُقود؛ قيل: هي العهود، وقيل: هي الفرائض التي أُلزموها؛ قال الزجاج: أَوفوا بالعُقود، خاطب الله المؤمنين بالوفاءِ بالعقود التي عقدها الله تعالى عليهم، والعقُودِ التي يعقِدها بعضهم على بعض على ما يوجبه الدين.
والعَقِيدُ: الحَليفُ؛ قال أَبو خراش الهذلي: كم مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ، ومِن مُجارٍ بِعَهْدِ اللهِ قد قَتَلُوا وعَقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُه عَقْداً: أَلْزَقَهُ.
والعَقْدُ: ما عَقَدْتَ من البِناءِ، والجمع أَعْقادٌ وعُقودٌ.
وعَقَدَ: بنى عَقْداً.
والعَقْدُ: عَقْدُ طاقِ البناءِ، وقد عَقَّدَه البَنَّاءُ تَعْقِيداً.
وتَعَقَّدَ القوْسُ في السماء إِذا صار كأَنه عَقْد مَبْنّي.
وتَعَقَّدَ السَّحابُ: صار كالعقد المبني.
وأَعقادُه: ما تعَقَّدَ منه، واحدها عَقْد.
والمَعْدِدُ: المَفْصِلُ.
والأَعْقَدُ من التُّيوس: الذي في قَرْنِه الْتِواء، وقيل: الذي في قرنه عُقْدة، والاسم العَقَد.
والذئبُ الأَعْقَدُ: المُعْوَجُّ. أَعْقَدُ إِذا رفع ذَنَبَه، وإِنما يفعل ذلك من النشاط.
وظبية عاقد: انعقد طرَفُ ذنبها، وقيل: هي العاطف، وقيل: هي التي رفعت رأْسها حذراً على نفسها وعلى ولدها.
والعَقْداءُ من الشاء: التي ذنبها كأَنه معقود.
والعَقَدُ: التواءٌ في ذنَب الشاة يكون فيه كالعُقْدة؛ شاةٌ أَعْقَدُ وكَبْشٌ أَعْقد وكذلك ذئب أَعقد وكلب أَعقد؛ قال جرير: تَبُول على القَتادِ بناتُ تَيْمٍ، مع العُقَدِ النَّوابحِ في الدِّيار وليس شيءٌ أَحَبَّ إِلى الكلب من أَن يبول على قَتادةٍ أَو على شُجَيْرَةٍ صغيرة غيرها.
والأَعْقَدُ: الكلب لانعقاد ذنبه جعلوه اسماً له معروفاً.
وكلُّ مُلْتَوي الذنَب أَعْقَدُ.
وعُقْدَة الكلب: قضيبه وإِنما قيل عُقدة إِذا عَقَدَت عليه الكلبةُ فانتفخ طَرَفه.
والعَقَدُ: تَشبُّثُ ظبيةِ اللَّعْوَةِ ببُسْرَة قَضِيبِ له الثَّمْثَم، والثمثمُ كلب الصَّيْد، واللعوة: الأُنثى، وظَبْيَتَهُا: حَياؤُها.
وتعاقدت الكلابُ: تَعاظَلَتْ؛ وسمى جرير الفرزدقَ عُقْدانَ، إِما على التشبيه له بالكلب الأَعْقَدِ الذنبِ، وإِما على التشبيه بالكلب المُتعَقِّدِ مع الكلبة إِذا عاظَلَها، فقال: وما زِلْتَ يا عُقْدانُ صاحِبَ سَوْأَةٍ، تُناجِي بها نَفْساً لَئِيماً ضَمِيرُها وقال أَبو منصور: لقبه عُقْدانَ لِقِصَرِه؛ وفيه يقول: يا لَيْتَ شِعْرى ما تَمَنَّى مُجاشِعٌ، ولم يَتَّرِكْ عُقْدانُ لِلقَوْسِ مَنْزَعا أَي أَعرَقَ في النَّزْع ولم يَدَعْ للصلح موضعاً.
وإِذا أَرْتَجَتِ الناقةُ على ماءِ الفحل فهي عاقِدٌ، وذلك حين تَعْقِدُ بذنبها فَيُعْلَمُ أَنها قد حملت وأَقرت باللِّقاحِ.
وناقة عاقد: تعقد بذَنَبِها عند اللِّقاح؛ أَنشد ابن الأَعرابي: جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ، وبُزْلٌ عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ وظَبْيٌ عاقِدٌ: واضِعً عُنَقَه على عَجُزه، قد عطَفَه للنوم؛ قال ساعدة بن جؤية: وكأَنما وافاكَ، يومَ لَقِيتَها، من وحشِ مكةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ والجمع العَواقِدُ؛ قال النابغة الذبياني: حِسان الوُجوهِ كالظباءِ العَواقِد وهي العواطِفُ أَيضاً.
وجاءَ عاقِداً عُنُقَه أَي لاوياً لها من الكِبْر.
وفي الحديث: من عَقَدَ لِحْيَتَه فإِن محمداً بَرِيءٌ منه؛ قيل: هو معالجتها حتى تَنْعَقِد وتَتَجَعَّد، وقيل: كانوا يَعْقِدونها في الحروب فأَمرهم بإِرسالها، كانوا يفعلون ذلك تكبراً وعُجْباً.
وعقدَ العسلُ والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ وانعَقَدَ وأَعْقَدْتُه فهو مُعْقَدٌ وعَقِيد: غَلُظَ؛ قال المتلمس في ناقة له: أُجُدٌ إِذا اسْتَنْفَرْتَها مِن مَبْرَكٍ حَلَبَتْ مَغَابِنَها بِرُبٍّ مِعْقَدِ وكذلك عَقيدُ عَصير العنب.
وروى بعضهم: عَقَّدْتُ العسلَ والكلامَ أَعْقَدْتُ؛ وأَنشد: وكان رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُعْقَدا قال الكسائي: ويقال للقطران والربّ ونحوه: أَعْقَدْتُه حتى تَعَقَّد.
واليَعْقِيدُ: عسل يُعْقَدُ حتى يَخْثُرَ، وقيل: اليَعْقِيدُ طعامٌ يُعْقَدُ بالعسل.
وعُقْدَةِ اللسان. ما غُلظَ منه.
وفي لسانه عُقْدَةٌ وعَقَدٌ أَي التِواء.
ورجل أَعْقَدُ وعَقِدٌ: في لسانه عُقْدَة أَو رَتَجٌ؛ وعَقِدَ لسانهُ يَعْقَدُ عَقَداً.
وعَقَّد كلامَه: أَعوَصَه وعَمَّاه.
وكلامٌ مُعَقَّدٌ أَي مُغَمَّضٌ.
وقال إِسحق بن فرج: سمعت أَعرابيّاً يقول: عَقَدَ فلانُ بن فلان عُنقَه إِلى فلان إِذا لجأَ إِليه وعَكَدَها.
وعَقَدَ قَلْبه على الشيء: لَزِمَه، والعرب تقول: عَقَد فلان ناصيته إِذا غضب وتهيأَ للشر؛ وقال ابن مقبل: أَثابُوا أَخاهُمْ، إِذْ أَرادُوا زِيالَه بأَسْواطِ قِدٍّ، عاقِدِينَ النَّواصِيا وفي حديث: الخيلُ مَعقودٌ في نواصيها الخيْرُ أَي ملازم لها كأَنه معقود فيها.
وفي حديث الدعاء: لك من قلوبنا عُقْدَةُ النَّدم؛ يريد عَقْدَ العزم على الندامة وهو تحقيق التوبة.
وفي الحديث: لآمُرَنَّ براحلتي تُرْحَلُ ثم لا أَحُلُّ لها عُقْدةً حتى أَقدَمَ المدينة أَي لا أَحُلُّ عزمي حتى أَقدَمَها؛ وقيل: أَراد لا أَنزل عنها فأَعقلها حتى أَحتاج إِلى حل عقالها.
وعُقْدَة النكاحِ والبيعِ: وجوبهما؛ قال الفارسي: هو من الشدّ والربط، ولذلك قالوا: إِمْلاكُ المرأَةِ، لأَن أَصل هذه الكلمة أَيضاً العَقْدُ، قيل إِملاك المرأَة كما قيل عقدة النكاح؛ وانعَقدَ النكحُ بين الزوجين والبيعُ بين المتبابين.
وعُقْدَةُ كلِّ شيءٍ: إِبرامه.
وفي الحديث: مَن عقدَ الجِزْية في عنقه فقد بَرِيءَ مما جاءَ به رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ عَقْدُ الجِزْيةِ كناية عن تقريرها على نفسه كما تعقد الذمة للكتابي عليها.
واعتقدَ الشيءُ: صَلُبَ واشتد.
وتَعَقَّد الإِخاءُ: استحكم مثل تَذَلَّلَ.
وتَعَقَّدَ الثَّرَى: جَعُدَ.
وثَرًى عَقِدٌ على النسَبِ: مُتجَمِّدٌ.
وعقدَ الشحمُ يعقِدُ: انبنى وظهر.
والعَقِدُ: المتراكِمُ من الرمل، واحده عَقِدَة والجمع أَعقادٌ.
والعَقَدُ لغة في العَقِدِ؛ وقال هميان: يَفْتَحُ طُرْقَ العَقِدِ الرَّواتِجا لكثرة المطر.
والعَقدُ: ترطُّبُ الرمل من كثرة المطر.
وجمل عَقِدٌ: قويّ. ابن الأَعرابي: العَقِدُ الجمل القصير الصبور على العمل.
ولئيم أَعقد: عسر الخُلُق ليس بسهل؛ وفلان عَقِيدُ الكرَم وعَقِيدُ اللُّؤْمِ.
والعَقَدُ في الأَسنان كالقادِحِ.
والعاقِدُ: حريم البئر وما حوله.
والتَّعَقُّدُ في البئر: أَن يَخْرخَ أَسفَلُ الطيِّ ويدخل أَعلاه إِلى جِرابها، وجِرابُها اتساعها.
وناقة مَعْقُودَةُ القَرا: مُوَثَّقَهُ الظهر؛ وجمل عَقْدٌ؛ قال النابغة: فكيْفَ مَزارُها إِلا بِعَقْدٍ مُمَرٍّ، ليس يَنْقُضُه الخَو ون؟ المراد الحَبْلُ وأَراد به عَهْدَها.
والعُقْدَةُ: الضَّيْعَةُ.
واعتَقَدَ أَيضاً: اشتراها.
والعُقْدة: الأَرض الكثيرة الشجر وهي تكون من الرِّمْثِ والعَرْفَجِ، وأَنكرها بعضهم في العرفج، وقيل: هو المكان الكثير الشجر والنخل؛ وفي الحديث: فعدلت عن الطريق فإِذا بعقدة من شجر أَي بقعة كثيرة الشجر؛ وقيل: العقدة من الشجر ما يكفي الماشية؛ وقيل: هي من الشجر ما اجتمع وثبت أَصله يريد الدوامَ.
وقولهم؛ آلَفُ من غُرابِ عُقْدَة؛ قال ابن حبيب: هي أَرض كثيرة النخيل لا يطيرُ غُرابُها.
وفي الصحاح: آلفُ من غُراب عُقْدة لأَنه لا يُطَيَّرُ.
والعُقْدَة: بقية المَرْعَى، والجمع عُقَدٌ وعِقادٌ.
وفي أَرض بني فلان عَقْدة تكفيهم سنتهم، يعني مكاناً ذا شجر يرعونه.
وكل ما يعتقده الإِنسان من العقار، فهو عقدة له.
واعتقد ضَيْعة ومالاً أَي اقتناهما.
وقال ابن الأَنباري: في قولهم لفلان عُقْدة، العقدة عند العرب الحائط الكثير النخل.
ويقال للقَرْية الكثيرة النخل: عُقْدة، وكأَنّ الرجل إِذا اتخذ ذلك فقد أَحكم أَمره عند نفسه واستوثق منه، ثم صيروا كل شيء يستوثق الرجل به لنفسه ويعتمد عليه عُقْدة.
ويقال للرجل إِذا سكن غضبه: قد تحللت عُقَدُه.
واعتقد كذا بقلبه وليس له معقودٌ أَي عقدُ رأْي.
وفي الحديث: أَن رجلاً كان يبايع وفي عُقْدته ضعف أَي في رأْيه ونظره في مصالح نفسه.
والعَقَدُ والعَقَدانُ: ضرب من التمر.
والعَقِدُ، وقيل العَقَد: قبيلة من اليمن ثم من بني عبد شمس بن سعد.
وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من قريش.
وبنو عَقِيدَةَ: قبيلة من العرب.
والعُقُدُ: بطون من تميم.
وقيل: العَقَدُ قبيلة من العرب يُنْسَبُ إِليهم العَقَدِيُّ.
والعَقَدُ: من بني يربوع خاصة؛ حكاه ابن الأَعرابي. قال: واللبَّكُ بنو الحرث بن كعب ما خلا مِنْقَراً، وذِئابُ الغضا بنو كعب بن مالك بن حَنْظَلَة.
والعُنْقُودُ: واحد عناقِيدِ العنب، والعِنقادُ لغة فيه؛ قل الراجز: إِذ لِمَّتي سَوْداء كالعِنْقادِ والعُقْدَةُ من المَرْعَى: هي الجَنْبَةُ ما كان فيها من مَرْعَى عام أَوّلَ، فهو عُقْدَةٌ وعُرْوَةٌ فهذا من الجَنْبَة، وقد يضطرُّ المالُ إلى الشجر، ويسمى عقدة وعروة فإِذا كانت الجنبة لم يقل للشجر عقدة ولا عروة؛ قال: ومنه سميت العُقْدَة؛ وقال الرقاع العاملي: خَضَبَتْ لها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها، مِن عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها وفي حديث ابن عمرو: أَلم أَكن أَعلم السباعَ ههنا كثيراً؟ قيل: نعم ولكنها عُقِدَت فهي تخالط البهائم ولا تَهِيجُها أَي عُولِجَتْ بالأُخَذِ والطلمسات كما يعالج الرومُ الهوامَّ ذواتِ السموم، يعني عُقِدت ومُنِعتْ أَن تضر البهائم.
وفي حديث أَبي موسى: أَنه كسا في كفَّارة اليمين ثوبين ظَهْرانِيًّا ومُعَقَّداً؛ المُعَقَّدُ: ضرب من برودِ هَجَرَ.

نسس (لسان العرب) [0]


النَّسُّ: المَضاءُ في كل شيء، وخص بعضهم به السرعة في الوِرْدِ؛ قال سَوْقي حُدائي وصَفيري النَّسُّ الليث: النس لزوم المَضاء في كل أَمر وهو سرعة الذهاب لوِرْدِ الماء خاصة: وبَلَد تُمْسي قَطاهُ نُسَّا قال الأَزهري: وهم الليث فيما فَسَّر وفيما احتج به، أَما النَّسُّ (* قوله «أَما النس إلخ» لم يأت بمقابل أَما، وهو بيان الوهم فيما احتج به وسيأتي بيانه عقب إِعادة الشطر المتقدم.) فإِن شمراً قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول: النَّس السوق الشديد، والتَّنْساس السير الشديد؛ قال الحطيئة:وقَدْ نَظَرْتُكمُ إِيناءَ صادِرَةٍ لِلْخِمْسِ، طال بها حَوْزي وتَنْساسي لَمّا بَدا ليَ مِنْكُم عَيْبُ أَنْفُسِكُمْ، ولم يَكُنْ لِجِراحي عِنْدَكُمْ . . . أكمل المادة آسِي، أَزْمَعْتُ أَمْراً مُرْيِحاً من نَوالِكُمُ ولَنْ تَرى طارِداً لِلْمَرْءِ كالْياسِ (* لهذه الأبيات رواية أِخرى تختلف عن هذه الرواية.) يقول: انتظرتكم كما تَنْتظر الإِبلُ الصادرة التي ترد الخِمْس ثم تُسْقى لتَصْدُر.
والإِيناءُ: الانتظار.
والصادرة، الراجعة عن الماء؛ يقول: انتظرتكم كما تَنْتظرُ هذه الإِبلُ الصادرةُ الإِبل الخوامسَ لتشرب معها.
والحَوْز: السوق قليلاً قليلاً.
والتَّنْساس: السوق الشديد، وهو أَكثر من الحَوْز.
ونَسْنَس الطائر إِذا أَسرع في طَيَرانِه.
ونَسَّ الإِبل يَنُسُّها نَسّاً ونَسْنَسَها: ساقها؛ والمِنَسَّةُ منه، وهي العصا التي تَنُسُّها بها، على مِفْعَلةٍ بالكسر، فإِن همزت كان من نَسَأْتُها، فأَما المِنْسَأَة (* قوله «فان همزت إلخ، وقوله فأَما المنسأة إلخ» كذا بالأَصل.) التي هي العصا فمن نَسَأْتُ أُ سُقْتُ.
وقال أَبو زيد: نَسَّ الإِبلَ أَطلقها وحَلَّها. الكسائي: نَسَسْتُ الناقةَ والشاة أَنُسُّها نَسّاً إِذا زجرتها فقلت لها: إِسْ إِسْ؛ وقال غيره: أَسَسْتُ؛ وقال ابن شميل: نَسَّسْتُ الصبي تَنْسِيساً، وهو أَن تقول له: إِسْ إِسْ ليبولَ أَو يَخْرَأَ. الليث: النَّسِيسَةُ في سرعة الطَيران. يقال: نَسْنَسَ ونَصْنَصَ.
والنَّسُّ: اليُبْس، ونَسَّ اللحمُ والخبزُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نُسُوساً ونَسِيساً: يبس؛ قال: وبَلَد تُمْسِي قَطاهُ نُسَّا أَي يابسة من العطش.
والنَّسُّ ههنا ليس من النَّسِّ الذي هو بمعنى السوق ولكنها القطا التي عطشت فكأَنها يَبِست من شدة العطش.
ويقال: جاءنا بخبز ناسٍّ وناسَّةٍ (* قوله «ناس وناسة» كذا بالأصل.) وقد نَسَّ الشيءُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نَسّاً.
وأَنْسَسْتُ الدابة: أَعطشتها.
وناسَّةٌ والنَّاسَّة؛ الأَخيرة عن ثعلب: من أَسماء مكة لقلة مائها، وكانت العرب تسمي مكة النَّاسَّة لأَن من بغى فيها أَو أَحدث فيها حدثاً أَخرج عنها فكأَنها ساقته ودفعته عنها؛ وقال ابن الأَعرابي في قول العجاج:حَصْبَ الغُواةِ العَوْمَجَ المَنْسُوسا قال: المَنْسُوسُ المطرود والعَوْمَجُ الحية.
والنَّسِيسُ: المَسوق؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه كان يَنُسُّ أَصحابه أَي يمشي خلفهم.
وفي النهاية: وفي ضفته، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يَنُسُّ أَصحابه أَي يسوقهم يقدِّمهم ويمشي خلفهم.
والنَّسُّ: السوق الرقيق.
وقال شمر: نَسْنَسَ ونَسَّ مثل نَشَّ ونَشْنَشَ، وذلك إِذا ساق وطرد، وحديث عمر: كان يَنُسُّ الناس بعد العشاء بالدِّرَّة ويقول: انصرفوا إِلى بيوتكم؛ ويروى بالشين، وسيأْتي ذكره.
ونَسَّ الحطبُ يَنِسُّ نُسُوساً: أَخرجت النار زَبَدَه على رأْسه، ونَسِيسه: زَبَدُه وما نَسَّ منه.
والنَّسِيسُ والنَّسِيسَة: بقية النَّفْسِ ثم استعمل في سِواه؛ وأَنشد أَبو عبيد لأَبي زبيد الطائي يصف أَسداً: إِذا عَلِقَتْ مَخالِبُه بِقِرْنٍ، فَقَدْ أَوْدى، إِذا بَلَغَ النَّسِيس كأَنَّ، بنحره وبمنكبيه، غَبِيراً باتَ تَعْبَؤُهُ عَرُوس وقال: أَراد بقية النفس بقية الروح الذي به الحياة، سمي نَسيساً لأَنه يساق سوقاً، وفلان في السِّياق وقد ساق يَسُوق إِذا حَضَرَ رُوحَه الموتُ.
ويقال: بلغ من الرجل نَسِيسُه إِذا كان يموت، وقد أَشرف على ذهاب نَكِيثَتِه وقد طُعِنَ في حَوْصِه مثله.
وفي حديث عمر: قال له رجل شَنَقْتُها بِجَبُوبَة حتى سكن نَسِيسُها أَي ماتت.والنَّسِيسُ: بقية النفس.
ونَسِيس الإِنسانِ وغيره ونَسْناسه، جميعاً: مجهوده، وقيل: جهده وصبره؛ قال: ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أَطْباقْ، قَطَعْتُها بِذاتِ نَسناسٍ باقْ النَّسْناسُ: صبرها وجهدها؛ قال أَبو تراب: سمعت الغنوي يقول: ناقة ذات نَسْناسٍ أَي ذات سير باقٍ، وقيل: النَّسِيسُ الجهد وأَقصى كل شيء. الليث: النَّسِيسُ غاية جهد الإِنسان؛ وأَنشد: باقي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْنِ ونَسَّت الجُمَّةُ: شَعِثَتْ.
والنَّسْنَسَةُ: الضعف.
والنِّسْناس والنَّسْناس: خَلْقٌ في صورة الناس مشتق منه لضعف خلقهم. قال كراع: النِّسْناسُ والنَّسناس فيما يقال دابة في عِدادِ الوحش تصاد وتؤكل وهي على شكل الإِنسان بعين واحدة ورجل ويد تتكلم مثل الإِنسان. الصحاح: النِّسْناس والنَّسْناس جنس من الخلق يَثبُ أَحَدُهم على رِجْلٍ واحدةٍ. التهذيب: النِّسْناسُ والنَّسْناس خَلْق على صورة بني آدم أَشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بني آدم، وقيل: هم من بني آدم.
وجاء في حديثٍ: أَنَّ حَيّاً من قوم عاد عَصَوْا رسولهم فمسخهم اللَّه نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يد ورجل من شِقٍّ واحد، يَنْقُزُون كما يَنْقُزُ الطائر ويَرْعَوْن كما ترعى البهائم، ونونها مكسورة وقد تفتح.
وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: ذهب الناس وبقي النِّسْناسُ، قيل: مَنِ النِّسْناسُ؟ قال: الذين يتشبهون بالناس وليسوا من الناس، وقيل: هم يأْجوج ومأْجوج. ابن الأَعرابي: النُّسُسُ الأُصول الرديّئَة.
وفي النوادر: ريح نَسْناسَةٌ وسَنْسَانَةٌ بارِدَةٌ، وقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ إِذا هبت هبوباً بارداً.
ويقال: نَسْناسٌ مِن دُخان وسَنْسانٌ يريد دخان نار.
والنَّسِيسُ: الجوع الشديد.
والنِّسْناسُ، بكسر النون: الجوع الشديد؛ عن ابن السكيت، وأَما ابن الأَعرابي فجعله وصفاً وقال: جُوعٌ نِسْناسٌ، قال: ونعني به الشديد؛ وأَنشد: أَخْرَجَها النِّسْناسُ من بَيْت أَهْلِها وأَنشد كراع: أَضَرَّ بها النِّسْناسُ حتى أَحَلَّها بِدارِ عَقِيلٍ، وابْنُها طاعِمٌ جَلْدُ أَبو عمرو: جوع مُلَعْلِعٌ ومُضَوِّرٌ ونِسْناسٌ ومُقَحِّزٌ ومُمَشْمِش بمعنى واحد.
والنَّسِيسَةُ: السعي بين الناس. الكلابي: النَّسِيسة الإيِكالُ بين الناس.
والنَّسائسُ: النَّمائم. يقال: آكَلَ بين الناس إِذا سعى بينهم بالنَّمائم، وهي النَّسائِسُ جمع نَسِيسة.
وفي حديث الحجاج: من أَهل الرَّسِّ والنَّسِّ، يقال: نَسَّ فلان لفلان إِذا تَخَبَّر.
والنَّسِيسَة: السِّعاية.

بتل (لسان العرب) [0]


البَتْل: القَطْع. بَتَله يَبْتِله ويَبْتُله بَتْلاً وبَتَّله فانْبَتَل وتَبَتَّل: أَبانَه من غيره، ومنه قولهم: طلقها بَتَّةً بَتْلَةً؛ وقول ذي الرمة: رَخِيمات الكَلام مُبَتَّلات، جواعل في البَرَى قَصَباً خِدَالا قال ابن سيده: زعم الفارسي أَن الكسر رواية وجاء به شاهداً على حذف المفعول؛ أَراد مُبَتِّلات الكلام مُقَطَّعات له.
وفي حديث حذيفة: أُقيمت الصلاة فَتَدافَعُوها وأَبَوْا إِلا تقديمَه، فلما سَلَّم قال: لَتَبْتِلُنَّ لها إِماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً، معناه لتَنْصِبُنَّ لكم إِماماً وتَقْطَعُنَّ الأَمرَ بإِمامته من البَتْلِ القَطْعِ؛ قال ابن الأَثير: أَورده أَبو موسى في هذا الباب وأَورده الهروي في باب الباء واللام والواو، وشَرَحَه بالامتحان والاختبار من الابتلاء، فتكون التاءَان فيها . . . أكمل المادة عند الهروي زائدتين الأُولى للمضارعة والثانية للافتعال، وتكون الأُولى عند أَبي موسى زائدة للمضارعة والثانية أَصلية، قال: وشرحه الخطابي في غريبه على الوجهين معاً. التهذيب: الأَصمعي المُبْتِل النَّخْلة يكون لها فَسِيلة قد انفردت واستغنت عن أُمّها فيقال لتلك الفَسِيلة البَتُول. ابن سيده: البَتُول والبَتِيل والبَتِيلة من النخْل الفَسِيلة المُنْقَطِعةُ عن أُمها المستغنيةُ عنها.
والمُبْتِلةُ: أُمُّها، يستوي فيه الواحد والجمع؛ وقول المتنخل الهذلي: ذَلِكَ ما دِينُكَ، إِذ جُنِّبَتْ أَجْمالُها كالبُكُرِ المُبْتل إِنما أَراد جمع مُبْتِلة كتَمْرة وتَمْر، وقوله ذلك ما دينك أَي ذلك البكاء دينك وعادتك، والبُكُر: جمع بَكُور وهي التي تُدرك أَوّلَ النَّخْل، وقد انْبتَلَت من أُمِّها وتَبَتَّلت واسْتَبْتَلَتْ، وقيل: البَتْلَة من النخل الوَدِيَّة، وقال الأَصمعي: هي الفَسِيلة التي بانت عن أُمها، ويقال للأُم مُبْتِل.
والبَتْل: الحَقُّ، بَتْلاً أَي حقّاً؛ ومنه: صَدَقَة بَتْلة أَي منقطعة عن صاحبها كبَتَّة أَي قَطَعها من ماله، وأَعطيته عطاء بَتْلاً أَي مُنْقَطعاً، إِما أَن يريد الغاية أَي أَنه لا يشبهه عطاء، وإِما أَن يريد أَنه لا يعطيه عطاءً بعده. يميناً بَتْلَة أَي قَطَعَها.
وتَبَتَّلَ إِلى الله تعالى: انقطع وأَخلص.
وفي التنزيل: وتَبَتّل إِليه تبتيلاً؛ جاء المصدر فيه على غير طريق الفعل، وله نظائر، ومعناه أَخْلِصْ له إِخْلاصاً.
والتَّبَتُّلُ: الانقطاع عن الدنيا إِلى الله تعالى، وكذلك التبتيل. يقال للعابد إِذا ترك كل شيء وأَقبل على العبادة: قد تَبَتَّل أَي قطع كُلَّ شيء إِلا أَمْرَ الله وطاعتَه.
وقال أَبو إِسحق: وتَبَتَّلْ إِليه، أَي انقطِعْ إِليه في العبادة؛ وكذلك صدقة بَتْلَة أَي مُنْقَطِعة من مال المتصدّق بها خارجة إِلى سبيل الله؛ والأَصل في تبتل أَن تقول تبتلت تبتلاً، فتبتيلاً محمول على معنى بَتِّل إِليه تبتيلاً.
وانْبَتَل، فهو مُنْبَتِل أَي انقطع، وهو مثل المُنْبَتِّ؛ وأَنشد: كأَنَّه تيسُ إِرانٍ مُنْبَتِل ورجل أَبْتَل إِذا كان بعيدَ ما بَين المَنْكِبَينِ.
وقد بتل يبتل بتلاً.والبَتُول من النساء: المنقطعة عن الرجال لا أَرَبَ لها فيهم؛ وبها سُمِّيت مريمُ أُمُّ المَسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقالوا لمريم العَذْراء البَتُول والبَتِيل لذلك، وفي التهذيب: لتركها التزويج.
والبَتُول من النساء: العَذْراء المنقطعة من الأَزواج، ويقال: هي المنقطعة إِلى الله عز وجل عن الدنيا.
والتَّبَتُّل: ترك النكاح والزهدُ فيه والانقطاع عنه. التهذيب: البتول كل امرأَة تنقبض من الرجال لا شهوة لها ولا حاجة فيهم، ومنه التبتل وهو ترك النكاح؛ وقال ربيعة بن مقروم الضبي: لو أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ، عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَبَتِّل وروى سعيد بن المسيب أَنه سمع سعد بن أَبي وقاص يقول: لقد ردَّ رسول الله،صلى الله عليه وسلم، على عثمان بن مظعون التَّبَتُّل ولو أَحَلَّه لاخْتَصَيْنا، وفسر أَبو عبيد التَّبَتُّل بنحو ما ذكرنا.
وفي الحديث: لا رَهْبانيَّة ولا تَبَتُّل في الإِسلام؛ والتَّبَتُّلُ: الانقطاع عن النساء وترك النكاح، وأَصل البَتْلِ القَطْع.
وسئل أَحمد بن يحيى عن فاطمة، رضوان الله عليها، بنت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لم قيل لها البَتُول؟ فقال: لانقطاعها عن نساء أَهل زمانها ونساء الأُمة عفافاً وفضلاً وديناً وحسباً، وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إِلى الله عز وجل.
وامرأَة مُبَتَّلة الخَلْق أَي منْقطعة الخَلْق عن النساء لها عليهن فضل؛ من ذلك قول الأَعشى: مُبَتَّلة الخَلْقِ مِثْل المَهَا ةِ، لمْ تَرَ شَمْساً ولا زَمْهَرِيرا وقيل: المُبَتَّلة التامة الخَلْقِ؛ وأَنشد لأَبي النجم: طَالَتْ إِلى تَبْتِيلِها في مَكْرِ أَي طالت في تمام خَلْقِها؛ وقيل: تَبْتِيل خَلْقِها انفراد كل شيء منها بحسنه لا يتكل بعضُه على بعض. قال ابن الأَعرابي: المبتلة من النساء الحسَنة الخَلْقِ لا يَقْصُر شيء عن شيء، لا تكون حَسَنة العين سَمِجَة الأَنف، ولا حَسَنة الأَنف سَمِجَة العين، ولكن تكون تامَّة؛ قال غيره: هي التي تفرّد كل شيء منها بالحسن على حِدَتِه.
والمُبَتَّلة من النساء: التي بُتِّلَ حسنها على أَعضائها أَي قُطِّع، وقيل: هي التي لم يَرْكَبْ بعضُ لحمها بعضاً فهو لذلك مُنْماز؛ وقال اللحياني: هي التي في أَعضائها استرسال لم يركب بعضه بعضاً، والأَول أَقرب إِلى الاشتقاق، وجمل مُبَتَّل كذلك. الجوهري: امرأَة مُبَتَّلة، بتشديد التاء مفتوحةً، أَي تامَّة الخَلْق لم يركب لحمها بعضه بعضاً، ولا يوصف به الرجل؛ وأَنشد بيت ذي الرمة: رَخِيمات الكَلامِ مُبَتَّلات ويقال للمرأَة إِذا تزينت وتحسنت: إِنها تتبتل، وإِذا تركت النكاح فقد تبتلت، وهذا ضدّ الأَول، والأَول مأْخوذ من المُبَتَّلة التي تم حسن كل عضو منها.
والبَتِيلة: كل عضو مكتنز مُنْمازٍ. الليث: البَتِيلَةُ كل عضو بلحمه مُكْتَنز من أَعضاء اللحم على حِيَاله، والجمع بتائل؛ وأَنشد: إِذا المُتُونُ مَدَّتِ البَتَائلا وفي الحديث: بَتَل رسول الله،صلى الله عليه وسلم، العُمْرَى أَي أَوجبها ومَلَّكَها مِلْكاً لا يتطرق إِليه نقض، والعُمْرَى بَتَاتٌ (* قوله «والعمرى بتات» هكذا في الأصل).
وفي حديث النضر بن كَلدة: والله، يا مَعْشر قريش، لقد نزل بكم أَمر ما أَبْتَلْتم بَتْله. يقال: مَرَّ على بَتِيلة من رأْيه ومُنْبَتِلة أَي عَزِيمة لا تُرَدُّ.
وانْبَتَل في السير: مضى وجدّ؛ قال الخطابي: هذا خطأ، والصواب ما انْتَبَلْتم نَبْله أَي ما انتبهتم له ولم تعلموا عِلْمَه. تقول العرب: أَنْذرْتُكَ الأَمرَ فلم تَنْتَبِلْ نَبْله أَي لم تَنْتَبه له، قال: فحينئذ يكون من باب النون لا من باب الباء.
والبَتِيلة: العَجُز في بعض اللغات لانقطاعه عن الظهر؛ قال: إِذا الظهور مَدَّتِ البَتَائِلا والبَتْل: تمييز الشيء من غيره.
والبُتُل: كالمَسايل في أَسفل الوادي، واحدها بَتِيلٌ.
وبَتِيلُ اليَمامة: جَبَل هنالك، وهو البَتِيل أَيضاً؛ قال: فإِنَّ بني ذُبْيان حيث عَلِمْتُمُ، بجِزْعِ البَتِيلِ، بَينَ بادٍ وحاضِرِ

الف (العباب الزاخر) [0]


الألف: عدد، وهو مذكر؛ يقال: هذا ألف، بدليل قولهم: ثلاثة الآف؛ ولم يقولوا ثلاث الآف، ويقال: هذا ألف واحد؛ ولا يقال واحدة، وهذا ألف أقرع أي تام؛ ولا يقال قرعاء، وقال أبن السكيت: لو قلت هذه ألف بمعنى هذه الدراهم ألف نجاز.
والجمع: ألوف وآلاف، قال الله تعالى: (وهم ألوف). وألفة يألفه ألفا -مثال كسره يكسره كسراً- أي أعطاه إلفاً، قال:
وكَرِيْمَةٍ من آلِ قَيْسَ ألَفْتُـهُ      حّتى تَبَذَّخَ فارْتَقَى الأعْلامِ

أي: ورب كريمة، والهاء للمبالغة، ومعناه: فارتقى إلى الأعلام؛ فحذف "إلى " وهو يريده. والإلف -بالكسر-: الأليف، تقول: حَنَّ فلان إلى فلانٍ حنين الإلف إلى الإلف، وجمع الأليف: ألائف -مثال تبيع وتبائع . . . أكمل المادة وأفيل وأفائل-، قال ذو الرمَّة:
فأصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من ألائفِهِ      يَرْتادُ أحْلِيَةً أعْجَازُها شَذَبُ

وفلان قد ألف هذا الموضع -بالكسر- يألفه إلفاً -بالكسر-، ومنه قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لإِلْفِ قُرَيْشٍ إلْفِهِمْ) بغير ياء ولا ألف.
ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: المؤمن آلف مألوف.
وجمع الآلف: آلاف -مثال عامل وعمال-، قال العجاج يصفُ الدَّهر:
يَخْتَرِمُ الإِلْفَ عن الأُلاّفِ     

وقال رُؤْبة يرد على أبيه:
تاللهِ لو كُنْتُ مَعَ الأُلاّفش     

وقال ذو الرمَّة:
أكُنْ مِثْلَ ذي الأُلاّفِ لُزَّتْ كـراعُـهُ      إلى أخْتشها الأخرى ووَلى صَواحِبُهْ


وجمع الآلفة: آلفات وأوالف، قال العجاج:
ورَبِّ هذا البَلَدِ الـمُـحَـرَّمِ      والقاطِناتِ البَيْتَ غَيْرِ الرُّيَّمِ

أوَ الِفاً مَكَّةَ من وُرْقِ الحَمِ والمَأْلف: الموضع الذي يألفه الإنسان أو الإبل.
وقال أبو زيد: المألف: الشجر المورق الذي يدنو إليه الصيد لإلفه إياه. والألفة -بالضمَّ-: الاسم من الائتلاف. والألف -مثال كتف-: الإلف أيضاً. والألف -فيما يقال-: الرَّجل العزب. وآلفت القوم: أي كملتهم ألفاً؛ وآلفوا هم أيضا، وكذلك آلفت الدراهم؛ وآلفت هي. وآلفت الرجل مكان كذا: أي جعلته يألفه، وآلفت الموضع أيضاً: ألفته، قال ذو الرمة:
من المُؤْلِفاتِ الرَّمْلَ أدْمَاءُ حُـرَّةٌ      شُعَاعُ الضُّحى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُ

أي: من الإبِلِ التي ألِفَتِ الرَّمْلَ واتَّخَذَتْه مأْلَفاً. وقوله تعالى: (لإيْلافِ قُرَيْشٍ) الإيلاف: شبه الإجازة بالخفارة.
والتَّأويل: أنَّ قريشاً كانوا سكان الحرم ولم يكن لهم زرع ولا ضرع، وكانوا يمتارون في الصيف والشتاء آمنين والناس يتخطفون من حولهم، فكانوا إذا عرض لهم عارض قالوا نحن أهل حرم الله فلا يتعرض لهم.
وقيل: اللام في "لإيلافِ" لام التعجب؛ أي اعجبوا لإيلاف قريش، وقال بعضهم: معناها متصل بما بعد؛ المعنى؛ فليعد هو هؤلاء ربَّ هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف لامتيار، وقال بعضهم: هي موصولة بما قبلها؛ المعنى: فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش؛ أي أهلك الله أصحاب الفيل لكي تأمن قريش كعصف مأكول لإيلاف قريش؛ أي أهلك الله أصحاب الفيل لكي تأمن قريش فتؤلف رحلتهما، وقال أبن عرفة: هذا قول لا أحبه من وجهين: أحدهما أن بين السورتين "بسم الله الرحمن الرحيم" وذلك دليل على انقضاء السورة وافتتاح الأخرى، والآخر: أنَّ الإيلاف إنَّما هو العهود التي كانوا يأخذونها إذا خرجوا في التجارات فيأمنون بها، وقوله تعالى: (فَلْيَعْبُدوا رَبَّ هذا البَيْتِ الذي أطعمهم من جُوْعٍ وآمَنَهُم من خَوْفٍ) أي الذي دفع عنهم العدو وآمنهم من خوف؛ الذي كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك وجعلهم يتصرفون في البلاد كيف شاءوا.
وقال أبن الأعرابي: كان هاشم يؤلف إلى الشام؛ وعبد شمس إلى الحبشة؛ والمطلب إلى اليمين؛ ونوفل إلى فارس، وكان هؤلاء الأخوة يسمون المجيزين، وكان تجار قريش يختلفون إلى هذه المصار بحبال هؤلاء الأخوة فلا يتعرض لهم، فأما هاشم فانه أخذ حبلاً من ملك الروم، وإما عبد شمس فإنه أخذ حبلاً من النجاشي، وأما المطلب فانه أخذ حبلاً من أقبال حمير، وأما نوفل فأنه أخذ حبلاً من كسرى. قال أبو ذؤيب الهذلي يصف الخمر:  
تَوَصَّلُ بالرُّكبانِ حِيْناً ويُؤْلِفُ ال      جِوَارَ ويُغْشِيْها الأمَانَ رِبابُها

وآلَفَتِ الإبل: إذا جمعت بين شجر وماءٍ. والفت بين الشيئين تأليفاً، قال الله تعالى: (لَوْ أنْفَقْتَ ما في الأرضِ جَميعاً ما ألَّفْتَ بين قُلوبِهم ولكنَّ اللهَ ألَّفَ بينهم). ويقال: ألف مؤلفة: أي مكملة. وألفت ألفاً: كتبتها، كما يقال: جيمت جيماً. وقوله تعالى: (وِالمُؤلَّفَةِ قُلوبُهم) هم قوم من سادات العرب أمر الله عز وجل نبيه -صلى الله عليه وسلم- بتألفهم، أي بمقاربتهم وإعطائهم من الصدقات ليرغبوا من وراءهم في الإسلام وهم: الأقرع بن حابس بن عقال المجاشعي الدارمي، وجبير بن مطعم بن عدي، والجد بن قيس، والحرث بن هشام المخزومي، وحكيم بن حزام الأسدي، وحكيم بن طليق بن سفيان، وحويطب بن عبد العزى العامري، وخالد بن أسيد بن أبي العيص، وخالد بن قيس، وزيد الخيل الطائي، وسعيد بن يربوع بن عنكثة، وسهيل بن عمرو بن عبد شمس العامري، وسهيل بن عمرو الجمحي، وصخر بن حرب بن أمية، وصفوان بن أمية الجمحي والعباس بن مرداس السلمي، وعبد الرحمن بن يربوع، والعلاء بن جارية الثقفي، وعلقمة بن علاثة العامري، وأبو السنابل عمرو بن بعكك، وعمرو بن مرداس السلمي، وعمير بن وهب الجمحي، وعيينة بن حصن الفزاري، وقيس بن عدي السهمي، وقيس بن مخرمة بن المطلب، ومالك بن عوف النصري، ومخرمة بن نوفل الزهري، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن الحارث بن عبد المطلب، والنضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة، وهشام بن عمرو أخو بني عامر بن لوي رضي الله عنهم أجمعين وتألف القوم وائتلفوا: أي اجتمعوا. وتألفت الرجل: إذا قاربته ووصلته حتى تستميله إليك. وآلفت الموضع مؤالفة: بمعنى الإيلاف. والتركيب يدل على انضمام الشيء إلى والأشياء.

بسل (لسان العرب) [0]


بسَل الرجلُ يَبسُل بسولاً، فهو باسل وبَسْل وبَسيل وتَبَسَّل، كلاهما: عَبَس من الغضب أَو الشجاعة، وأَسَد باسل.
وتَبَسَّلَ لي فلان إِذا رأَيته كريه المَنْظَر.
وبَسَّل فلان وَجْهَه تبسيلاً إِذا كَرَّهه.
وتَبَسَّل وجههُ: كَرُهَتْ مَرْآته وفَظُعَتْ؛ قال أَبو ذؤَيب يصف قبراً:فكُنْتُ ذَنُوبَ البئر لما تَبَسَّلَتْ، وسُرْبِلْتُ أَكفاني ووُسِّدْتُ ساعدي لما تَبَسَّلَت أَي كَرُهت؛ وقال كعب بن زهير: إِذا غَلَبَتْه الكأْسُ لا مُتَعَبِّس حَصُورٌ، ولا مِن دونِها يتَبَسَّلُ ورواه علي بن حمزة: لما تَنَسَّلَتْ، وكذلك ضبطه في كتاب النبات؛ قال ابن سيده: ولا أَدري ما هو.
والباسل: الأَسَد لكراهة مَنْظَره وقبحه.
والبَسَالة: الشجاعة.
والباسل: الشديد.
والباسل: الشجاع، والجمع بُسَلاء وبُسْل، وقد بَسُل، بالضم، بَسَالة وبَسَالاً، فهو باسل . . . أكمل المادة أَي بَطُل؛ قال الحطيئة: وأَحْلى من التَّمْر الحَلِيِّ، وفيهمُ بَسَالةُ نَفْس إِن أُريد بَسَالُها قال ابن سيده: على أَن بسالاً هنا قد يجوز أَن يعني بسالتها فحذف كقول أَبي ذؤَيب: أَلا ليْتَ شِعْري هل تَنَظَّر خالدٌ عِيَادي على الهِجْرانِ، أَم هو يائس؟ أَي عيادتي.
والمُباسَلة: المصاولة في الحرب.
وفي حديث خَيْفان: قال لعثمان أَمَّا هذا الحي من هَمْدانَ فأَنْجادٌ بُسْلٌ أَي شُجعان، وهو جمع باسل، وسمي به الشجاع لامتناعه ممن يقصده.
ولبن باسل: كَريه الطَّعم حامض، وقد بَسَلَ، وكذلك النبيذ إِذا اشتدّ وحَمُض. الأَزهري في ترجمة حذق: خَلٌّ باسل وقد بَسَل بُسولاً إِذا طال تركه فأَخْلَفَ طَعْمُه وتَغَيَّر، وخَلٌّ مُبَسَّل؛ قال ابن الأَعرابي: ضاف أَعرابي قوماً فقال: ائتوني بكُسَعٍ جَبِيزات وببَسِيل من قَطَاميُّ ناقس؛ قال: البَسيلُ الفَضْلة، والقَطَاميُّ النَّبِيذ، والناقس الحامض، والكُسَعُ الكِسَرُ، والجَبِيزات اليابسات.
وباسِلُ القول: شَدِيدُه وكَرِيهه؛ قال أَبو بُثَيْنَة الهُذَلي:نُفَاثَةَ أَعْني لا أُحاول غيرهم، وباسِلُ قولي لا ينالُ بني عَبْد ويوم باسل: شديد من ذلك؛ قال الأَخطل: نَفْسِي فداءُ أَمير المؤْمنين، إِذا أَبْدَى النواجِذَ يَوْمٌ باسِلٌ ذَكَرُ والبَسْل: الشِّدّة.
وبَسَّلَ الشيءَ: كَرَّهه.
والبَسِيل: الكَريه الوجه.
والبَسِيلة: عُلَيْقِمَة في طَعْم الشيء.
والبَسِيلة: التُّرْمُس؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: وأَحسبها سميت بَسِيلة للعُلَيْقِمة التي فيها.
وحَنْظَلٌ مُبَسَّل: أُكِل وحده فتُكُرِّه طَعْمُه، وهو يُحْرِق الكَبِد؛ أَنشد ابن الأَعرابي: بِئْس الطَّعامُ الحَنْظل المُبَسَّلُ، تَيْجَع منه كَبِدِي وأَكْسَلُ والبَسْلُ: نَخْل الشيء في المُنْخُل.
والبَسِيلة والبَسِيل: ما يبقى من شراب القوم فيبيت في الإِناء؛ قال بعض العرب: دعاني إِلى بَسِيلة له.
وأَبْسَل نَفْسَه للموتِ واسْتَبْسَل: وَطَّن نفسه عليه واسْتَيْقَن.
وأَبْسَله لعمله وبه: وَكَلَه إِليه.
وأَبْسَلْت فلاناً إِذا أَسلمتَه للهَلَكة، فهو مُبْسَل.
وقوله تعالى: أُولئك الذين أُبْسِلوا بما كسبوا؛ قال الحسن: أُبْسِلوا أُسلِموا بجَرائرهم، وقيل أَي ارْتُهِنوا، وقيل أُهلِكوا، وقال مجاهد فُضِحوا، وقال قتادة حُبِسوا.
وأَن تُبْسَل نفس بما كسَبَت؛ أَي تُسْلَم للهلاك؛ قال أَبو منصور أَي لئلا تُسْلم نفس إِلى العذاب بعَملها؛ قال النابغة الجعدي: ونَحْن رَهَنَّا بالأُفَاقَةِ عامراً، بما كان في الدَّرْداءِ، رهناً فأُبْسِلا والدَّرْداء: كَتيبة كانت لهم.
وفي حديث عمر: مات أُسَيْد بن حُضَيْر وأُبْسِل ماله أَي أُسْلِم بدَيْنِه واسْتَغْرَقه وكان نَخْلاً فردّه عُمَر وباع ثمره ثلاث سنين وقَضى دينه.
والمُسْتَبْسِل: الذي يقع في مكروه ولا مَخْلَص له منه فيَسْتَسْلم مُوقِناً للهَلَكة؛ وقال الشَّنْفَرَى: هُنَالكَ لا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّني، سَمِيرَ الليَّالي مُبْسَلاً لجَرائري أَي مُسْلَماً. الجوهري: المُسْتَبْسِل الذي يُوَطِّن نَفسه على الموت والضرب.
وقد اسْتَبْسَل أَي اسْتَقْتَل وهو أَن يطرح نفسه في الحرب، يريد أَن يَقْتل أَو يُقْتَل لا محالة. ابن الأَعرابي في قوله أَن تُبسل نفس بما كسَبت: أَي تُحْبَس في جهنم. أَبو الهيثم: يقال أَبْسَلْته بجَرِيرته أَي أَسْلمته بها، قال: ويقال جَزَيْته بها: ابن سيده: أَبْسَله لكذا رَهِقه وعَرَّضه؛ قال عَوْف بن الأَحوص بن جعفر: وإِبْسَالي بَنِيَّ بغير جُرْمٍ بَعَوْناه، ولا بِدَمٍ قِراض وفي الصحاح: بدم مُراق. قال الجوهري: وكان حمل عن غَنِيٍّ لبني قُشَير دَم ابْني السجفية فقالوا لا نرضى بك، فرهنهم بَنِيه طلباً للصلح.
والبَسْل من الأَضداد: وهو الحَرام والحَلال، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء؛ قال الأَعْشَى في الحرام: أَجارَتُكم بَسْلٌ علينا مُحَرَّمٌ، وجارَتُنا حِلٌّ لَكُم وحَلِيلُها؟ وأَنشد أَبو زيد لضَمْرة النهشليّ: بَكَرَتْ تَلُومُك، بَعْدَ وَهْنٍ في النَّدَى، بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتي وعِتَابي وقال ابن هَمَّام في البَسْل بمعنى الحَلال: أَيَثْبُت ما زِدْتُمْ وتُلْغَى زِيادَتي؟ دَمِي، إِنْ أُحِلَّتْ هذه، لَكُمُ بَسْلُ أَي حَلال، ولا يكون الحرام هنا لأَن معنى البيت لا يُسَوِّغُنا ذلك.
وقال ابن الأَعرابي: البَسْل المُخَلَّى في هذا البيت. أَبو عمرو: البَسْل الحلال، والبَسْل الحرام.
والإِبْسال: التحريم.
والبَسْل: أَخْذ الشيء قليلاً قليلاً.
والبَسْل: عُصارة العُصْفُر والحِنَّاء.
والبَسْل: الحَبْس.
وقال أَبو مالك: البسل يكون بمعنى التوكيد في المَلام مثل قولِك تَبًّا. قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لابن له عَزَم عليه فقال له: عَسْلاً وبَسْلاً أَراد بذلك لَحْيَه ولَومَه.
والبَسْل: ثمانية أَشهر حُرُمٍ كانت لقوم لهم صِيتٌ وذِكْر في غَطَفان وقيس، يقال لهم الهَبَاءَات، من سِيَرِ محمد بن إِسحق.
والبَسْل: اللَّحيُ واللَّوْمُ.
والبَسْل أَيضاً في الكِفاية، والبَسْل أَيضاً في الدعاء. ابن سيده: قالوا في الدعاء على الإِنسان: بَسْلاً وأَسْلاً كقولهم: تَعْساً ونُكْساً وفي التهذيب: يقال بَسْلاً له كما يقال ويْلاً له وأَبْسَل البُسْرَ: طَبَخَهُ وجَفَّفَهُ.
والبُسْلة، بالضم: أُجْرَة الرَّاقي خاصة.
وابْتَسَل: أَخذ بُسْلَتَه.
وقال اللحياني: أَعْطِ العامل بُسْلَته، لم يَحْكِها إِلا هو. الليث: بَسَلْت الراقي أَعطيته بُسْلَته، وهي أُجرته.
وابْتَسَل الرجلُ إِذا أَخذ على رُقْيته أَجراً.
وبَسَل اللحمُ: مثل خَمَّ.
وبَسَلني عن حاجتي بَسْلاً: أَعجلني.
وبَسْلٌ في الدعاء: بمعنى آمين؛ قال المتلمس: لا خاب مِنْ نَفْعك مَنْ رَجَاكا بَسْلاً، وعادَى الله ُ مَنْ عاداكا وأَنشده ابن جني بَسْلٌ، بالرفع، وقال: هو بمعنى آمين. أَبو الهيثم: يقول الرجل بَسْلاً إِذا أَراد آمين في الاستجابة.
والبَسْل: بمعنى الإِيجاب.
وفي الحديث: كان عمر يقول في آخر دعائه آمين وبَسْلاً أَي إِيجاباً يا ربّ.
وإِذا دعا الرجل على صاحبه يقول: قطع الله مَطَاه، فيقول الآخر: بَسْلاً بَسْلاً أَي آمين آمين.
وبَسَلْ: بمعنى أَجَلْ.
وبَسيل: قرية بحَوْرَان؛ قال كثيِّر عزة: فَبِيدُ المُنَقَّى فالمَشارِبُ دونه، فَروضَةُ بُصْرَى أَعْرَضَتْ، فَبسِيلُها (* «فالمشارب» كذا في الأصل وشرح القاموس، ولعلها المشارف بالفاء جمع مشرف: قرى قرب حوران منها بصرى من الشام كما في المعجم)

عفا (لسان العرب) [0]


في أَسماءِ الله تعالى: العَفُوُّ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ. يقال: عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ، قال الليث: العَفْوُ عَفْوُ اللهِ، عز وجل، عن خَلْقِه، والله تعالى العَفُوُّ الغَفُور.
وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ عنه. قال ابن الأَنباري في قوله تعالى: عَفَا الله عنكَ لمَ أَذِنْتَ لهُم؛ مَحا اللهُ عنكَ، مأْخوذ من قولهم عفَت الرياحُ الآثارَ إِذا دَرَسَتْها ومَحَتْها، وقد عَفَت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً، لفظُ اللازم والمُتَعدِّي سواءٌ. قال الأَزهري: قرأْت بخَطّ شمر لأَبي زيد عَفا الله تعالى عن العبد عَفْواً، وعَفَتِ الريحُ . . . أكمل المادة الأَثر عفاءً فعَفَا الأَثَرُ عُفُوّاً.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: سَلُوا اللهَ العَفْو والعافية والمُعافاة، فأَما العَفْوُ فهو ما وصفْناه من مَحْو الله تعالى ذُنوبَ عبده عنه، وأَما العافية فهو أَن يُعافيَهُ الله تعالى من سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وهي الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض. يقال: عافاهُ الله وأَعْفاه أَي وهَب له العافية من العِلَل والبَلايا.
وأَما المُعافاةُ فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ من الناس ويُعافِيَهم منكَ أَي يُغْنيك عنهم ويغنيهم عنك ويصرف أَذاهم عنك وأَذاك عنهم، وقيل: هي مُفاعَلَة من العفوِ، وهو أَن يَعْفُوَ عن الناس ويَعْفُوا هُمْ عنه.
وقال الليث: العافية دِفاعُ الله تعالى عن العبد. يقال: عافاه اللهُ عافيةً، وهو اسم يوضع موضِع المصدر الحقيقي، وهو المُعافاةُ، وقد جاءَت مصادرُ كثيرةٌ على فاعلة، تقول سَمعْت راغِيَة الإِبل وثاغِيَة الشاءِ أَي سمعتُ رُغاءَها وثُغاءَها. قال ابن سيده: وأَعْفاهُ الله وعافاهُ مُعافاةً وعافِيَةً مصدرٌ، كالعاقِبة والخاتِمة، أَصَحَّه وأَبْرأَه.
وعَفا عن ذَنْبِه عَفْواً: صَفَح، وعَفا الله عنه وأَعْفاه.
وقوله تعالى: فمَن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتِّباعٌ بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسانٍ؛ قال الأَزهري: وهذه آية مشكلة، وقد فسَّرها ابن عباس ثم مَنْ بعدَه تفسيراً قَرَّبوه على قَدْر أَفْهام أَهل عصرهم، فرأَيتُ أَن أَذكُر قولَ ابن عباس وأُؤَيِّدَه بما يَزيدهُ بياناً ووُضوحاً، روى مجاهد قال: سمعت ابنَ عباسٍ يقول كان القصاصُ في بني إِسرائيلَ ولم تكن فيهم الدِّيَة، فقال الله عز وجل لهذه الأُمَّة: كتِب عليكم القِصاصُ في القَتْلى الحرُّ بالحُرِّ والعبدُ بالعبدِ والأُنثْى بالأُنْثى فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباع بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسان؛ فالعَفْوُ: أَن تُقْبَلَ الديَةُ في العَمْدِ، ذلك تخفيفٌ من ربِّكم مما كُتِبَ على من كان قَبْلَكم، يطلُب هذا بإِحسانٍ ويُؤَدِّي هذا بإحسانٍ. قال الأَزهري: فقول ابن عباس العَفْوُ أَن تُقْبَل الديَة في العَمْد، الأَصلُ فيه أَنَّ العَفْو في موضوع اللغة الفضلُ، يقال: عَفا فلان لفلان بماله إِذا أَفضَلَ له، وعفَا له عَمَّا له عليه إِذا تَرَكه، وليس العَفْو في قوله فمن عُفِيَ له من أَخيه عَفْواً من وليِّ الدَّمِ، ولكنه عفوٌ من الله عز وجل، وذلك أَنَّ سائرَ الأُمَم قبلَ هذه الأُمَّة لم يكن لهم أَخذُ الدِّية إِذا قُتِلَ قتيل، فجعَله الله لهذه الأُمة عَفْواً منه وفَضْلاً مع اختيار وَليِّ الدمِ ذلك في العمْد، وهو قوله عز وجل: فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباعٌ بالمعروف؛ أَي مَن عَفا اللهُ جَلَّ اسمُه بالدّية حين أَباحَ له أَخْذَها، بعدما كانت مَحْظُورةً على سائر الأُمم مع اختياره إِيَّاها على الدَّمِ، فعليه اتِّباع بالمعروف أَي مطالبَة للدِّية بمعرُوف، وعلى القاتل أَداءُ الديَةِ إِليه بإحْسانٍ، ثم بَيَّنَ ذلك فقال: ذلك تخفيفٌ من ربكم لكم يا أُمَّة محمدٍ، وفَضْل جعله الله لأَوْلِياءِ الدم منكم، ورحمةٌ خصَّكم بها، فمن اعْتَدَى أَي فمن سَفَك دَمَ قاتل وليِّه بعدَ قبولِه الدِّيَة فله عذاب أَليم، والمعنى الواضح في قوله عز وجل: فمن عُفِيَ له من أَخيه شيء؛ أي من أُحِلَّ لَه أَخذُ الدِّية بدلَ أَخيه المَقتول عفْواً من الله وفَضْلاً مع اختياره، فلْيطالِبْ بالمَعْروف، ومِن في قوله مِنْ أَخيه معناها البدل، والعَرَبُ تقولُ عرَضْتُ له من حَقِّه ثَوْباً أَي أَعْطَيْته بدَل حقّه ثوباً؛ ومنه قول الله عز وجل: ولو نَشاءُ لَجَعَلْنا منكُم ملائكَة في الأَرض يَخْلُقُون؛ يقول: لو نشاء لجعلنا بدلكم ملائكة في الأَرض، والله أَعلم. قال الأَزهري: وما علمت أَحداً أَوضَح من مَعْنى هذه الآية ما أَوْضَحْتُه.
وقال ابن سيده: كان الناسُ من سائِر الأُمَمِ يَقْتُلون الواحدَ بالواحدِ، فجعل الله لنا نحنُ العَفْوَ عَمَّن قتل إِن شِئْناه، فعُفِيَ على هذا مُتَعَدٍّ، أَلا تراه مُتَعَدِّياً هنا إِلى شيء؟ وقوله تعالى: إِلاَّ أَنْ يَعْفُون أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النِّكاح؛ معناه إِلا أَن يَعْفُوَ النساء أَو يعفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاح، وهو الزَّوْجُ أَو الوَليُّ إِذا كان أَباً، ومعنى عَفْوِ المَرْأَة أَن تَعْفُوَ عن النِّصْفِ الواجبِ لها فتَتْرُكَه للزوج، أَو يَعْفُوَ الزوج بالنّصفِ فيُعْطِيَها الكُلَّ؛ قال الأَزهري: وأَما قولُ الله عزَّ وجلَّ في آية ما يجبُ للمرأَة من نصف الصَّداق إِذا طُلِّقَت قبل الدخول بها فقال: إِلاَّ أَن يعفُونَ أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاحِ، فإن العَفْوَ ههنا معناهُ الإِفْضالُ بإعْطاء ما لا يَجبُ عليه، أَو تركُ المرأَة ما يَجبُ لها؛ يقال: عَفَوْتُ لِفلان بمالي إِذا أَفْضَلْت له فأَعْطَيْته، وعَفَوْت له عمَّا لي عليه إِذا تركْتَه له؛ وقوله: إِلاَّ أَن يَعْفُونَ فِعْلٌ لجَماعَةِ النِّساءِ يطلِّقُهُنَّ أَزْواجُهُنَّ قبل أَن يَمَسُّوهُنَّ مع تسمية الأَزْواجِ لهنَّ مُهورَهُنَّ، فيَعْفُون لأَزْواجِهِنَّ بما وَجَب لهن من نِصفِ المْهرِ ويَتْرُكْنَه لَهُم، أَو يَعْفُوَ الذي بيدِه عُقْدةُ النكاحِ، وهو الزوج، بأَن يُتَمِّمَ لها المَهْر كله ، وإِنما وَجَبَ لها نصْفُه، وكلُّ واحد من الزَّوْجين عافٍ أَي مُفْضِلٌ، أَما إِفْضالُ المرأَةِ فأَن تتركَ للزوج المُطَلِّق ما وجَبَ لها عليه من نِصف المَهْر، وأَما إِفْضاله فأَنْ يُتِمَّ لها المَهْرَ كَمَلاً، لأَنَّ الواجِبَ عليه نصْفُه فيُفْضِلُ مُتَبَرِّعاً بالكلِّ، والنونُ من قوله يعفُون نونُ فِعلِ جماعةِ النساءِ في يَفْعُلْنَ، ولو كان للرجال لوجَبَ أَن يقال إِلاَّأَن يعفُوا، لأَنَّ أَن تنصب المستقبلَ وتحذف النونَ، وإِذا لم يكن مع فعلِ الرجال ما ينْصِب أَو يجزِم قيل هُم يَعْفُونَ، وكان في الأَصل يَعْفُوُون، فحُذِفت إِحْدى الواوينِ استثقالاً للجمع بينهما، فقيل يَعْفُونَ، وأَما فِعلُ النساء فقِيلَ لهُنَّ يَعْفُونَ لأَنه على تقدير يَفْعُلْنَ.
ورجل عَفُوٌّ عن الذَّنْبِ: عافٍ.
وأَعْفاهُ من الأَمرِ: بَرَّأَه.
واسْتَعْفاه: طَلَب ذلك منه.
والاسْتِعْفاءُ: أَن تَطْلُب إِلى مَنْ يُكَلِّفُكَ أَمراً أَن يُعْفِيَكَ مِنْه. يقال: أَعْفِني منَ الخرُوجِ مَعَك أَي دَعْني منه.
واسْتَعْفاهُ من الخُروجِ مَعَه أَي سأَله الإِعفاءَ منه.
وعَفَت الإِبلُ المَرعى: تَناولَتْه قَريباً.
وعَفاه يَعْفُوه: أَتاه، وقيل: أَتاه يَطْلُب معروفه، والعَفْوُ المَعْروف، والعَفْوُ الفضلُ.
وعَفَوْتُ الرجلَ إذا طَلَبْتَ فضلَه.
والعافية والعُفاةُ والعُفَّى: الأَضْيافُ وطُلاَّب المَعْرُوف، وقيل: هم الذين يَعْفُونك أي يأْتونك يَطْلبُون ما عندك.
وعافيةُ الماء: وارِدَتُه، واحدهم عافٍ.
وفلان تَعْفُوه الأَضْيافُ وتَعْتَفيه الأَضْيافُ وهو كثير العُفَاةِ وكثيرُ العافية وكثيرُ العُفَّى.
والعافي: الرائدُ والوارِدُ لأَن ذلك كلَّه طلبٌ؛ قال الجُذامي يصف ماءً : ذا عَرْمَضٍ تَخْضَرُّ كَفُّ عافِيهْ أَي وارِدِه أَو مُسْتَقِيه.
والعافيةُ: طُلاَّبُ الرزقِ من الإِنسِ والدوابِّ والطَّيْر؛ أَنشد ثعلب: لَعَزَّ عَلَيْنا، ونِعْمَ الفَتى مَصِيرُك يا عَمْرُو، والعافِيهْ يعني أَنْ قُتِلْتَ فصِرْتَ أُكْلةً للطَّيْر والضِّباعِ وهذا كلُّه طَلَب.
وفي الحديث: مَن أَحْيا أَرضاً مَيِّتَةً فهي له، وما أَكَلَتِ العافيةُ منها فهو له صَدقةٌ، وفي رواية: العَوافي.
وفي الحديث في ذكرِ المدينة: يتْرُكُها أَهلُها على أَحسنِ ما كانت مُذَلَّلة للعَوافِي؛ قال أَبو عبيد: الواحدُ من العافية عافٍ، وهو كلُّ من جاءَك يطلُب فضلاً أَو رزقاً فهو عافٍ ومُعْتَفٍ، وقد عَفَاك يَعْفُوكَ، وجمعه عُفاةٌ ؛ وأَنشد قول الأَعشى: تطوفُ العُفاةُ بأَبوابِه، كطَوْفِ النصارى ببَيْتِ الوَثنْ قال: وقد تكونُ العافيةُ في هذا الحديث من الناسِ وغيرهم، قال: وبيانُ ذلك في حديث أُمّ مُبَشِّرٍ الأَنصارية قالت: دخل عَليَّ رسُول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَنا في نَخْلٍ لي فقال: مَن غَرَسَه أَمُسْلِمٌ أَم كافرٌ؟قلت: لا بَلْ مُسْلِمٌ، فقال: ما من مُسْلِمٍ يَغْرِس غَرْساً أَو يزرَع زرعاً فيأْكلُ منه إِنسانٌ أَو دابَةٌ أَو طائرٌ أَو سَبُعٌ إِلا كانت له صدقةً .
وأَعطاه المالَ عَفْواً بغير مسألةٍ؛ قال الشاعر: خُذِي العَفْوَ مني تَسْتَديمي مَوَدّتي، ولا تَنْطِقِي في سَوْرَتي حين أَغضَبُ وأَنشدَ ابن بري: فتَمْلأُ الهَجْمَ عَفْواً، وهْي وادِعَة، حتى تكادَ شِفاهُ الهَجْمِ تَنْثَلِمُ وقال حسان بن ثابت: خُذْ ما أَتى منهمُ عَفْواً، فإن مَنَعُوا، فلا يَكُنْ هَمَّكَ الشيءُ الذي مَنَعُوا قال الأَزهري: والمُعْفِي الذي يَصْحَبُكَ ولا يَتَعَرَّضُ لمَعْروفِك، تقولُ: اصْطَحَبْنَا وكلُّنا مُعْفٍ؛ وقال ابن مقبل: فإنَّكَ لا تَبْلُو امْرَأً دونَ صُحْبةٍ، وحتى تَعيشا مُعْفِيَيْنِ وتَجْهَدا وعَفْوُ الملِ: ما يُفْضُلُ عن النَّفَقة.
وقوله تعالى: ويَسْأَلونك ماذا يُنُفِقون قُلِ العَغْوَ؛ قال أَبو إسحق: العَفْوُ الكثرة والفَضْلُ، فأُمِرُوا أَن يُنُفِقوا الفَضْل إلى أَن فُرِضَت الزكاةُ.
وقوله تعالى: خُذِ العَفْوَ؛ قيل: العَفْو الفَضْلُ الذي يجيءُ بغيرِ كُلْفَةٍ، والمعنى اقْبَلِ المَيْسُورَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ ولا تَسْتَقْصِ عليهم فيَسْتَقْصِيَ اللهُ عليك مع ما فيه من العَداوة والبَغْضاءِ.
وفي حديث ابن الزبير: أَمَرَ اللهُ نَبيَّه أَن يأَخُذ العَفْوَ من أَخْلاقِ الناسِ؛ قال: هو السَّهْل المُيَسَّر، أَي أَمرَه أَن يَحْتَمِل أَخْلاقَهُم ويَقْبَلَ منها ما سَهُل وتَيَسَّر ولا يستَقْصِيَ عليهم.
وقال الفراء في قوله تعالى: يسأَلونك ماذا يُنْفِقون قل العَفْو؛ قال: وجه الكلام فيه النصبُ، يريدُ قل يُنْفِقُون العَفْوَ، وهو فضلُ المال؛ وقال أَبو العباس: مَنْ رَفَع أَراد الذي يُنْفِقون العَفْوُ، قال: وإنما اختار الفراء النصبَ لأن ماذا عندنا حَرْفٌ واحد أَكثرُ في الكلام، فكأنه قال: ما يُنْفِقُون، فلذلك اخْتِيرَ النَّصبُ، قال: ومَنْ جَعلَ ذا بمَعْنى الذي رَفَعَ، وقد يجوز أن يكونَ ماذا حرفاً، ويُرْفَع بالائتناف ؛ وقال الزجاج: نَزَلَت هذه الآية قبلَ فرض الزكاة فأُمروا أَن يُنْفِقوا الفَضْلَ إلى أَن فُرضَت الزكاةُ، فكان أَهلُ المَكاسِب يأْخذُ الرجلُ ما يُحْسِبه في كل يوم أَي ما يَكْفِيه ويَتَصَدَّقُ بباقيِه، ويأخذُ أَهلُ الذَّهَب والفِضَّة ما يَكْفِيهم في عامِهِمْ وينفِقُون باقيَهُ، هذا قد روي في التفسير، والذي عليه الإجماع أَنَّ الزَّكاةَ في سائرِ الأشياء قد بُيِّنَ ما يَجْبُ فيها، وقيل: العَفْوُ ما أَتَى بغَيرِ مسألةٍ.
والعافي: ما أَتى على ذلك من غير مسأَلةٍ أَيضاً؛ قال: يُغْنِيكَ عافِيه وعِيدَ النَّحْزِ النَّحْزُ: الكَدُّ والنَّخْس، يقول: ما جاءَكَ منه عَفْواً أَغْناكَ عن غيره.
وأَدْرَكَ الأَمْرَ عَفْواً صَفْواً أَي في سُهُولة وسَراحٍ.
ويقال: خُذْ من مالِه ما عَفا وصَفا أَي ما فَضَل ولم يَشُقَّ عليه.
وابن الأعرابي: عَفا يَعْفُو إذا أَعطى، وعَفَا يَعْفُو إذا تَرَكَ حَقّاً، وأَعْفَى إذا أَنْفَقَ العَفْوَ من ماله، وهو الفاضِلُ عن نَفَقَتِه.
وعَفا القومُ: كَثُرُوا.
وفي التنزيل: حتى عَفَوْا؛ أَي كَثُرُوا.
وعَفا النَّبتُ والشَّعَرُ وغيرُه يَعْفُو فهو عافٍ: كثُرَ وطالَ.
وفي الحديث : أَنهصلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بإعْفاء اللِّحَى؛ هو أَن يُوفَّر شَعَرُها ويُكَثَّر ولا يُقَصَر كالشَّوارِبِ، من عَفا الشيءُ إذا كَثُرَ وزاد. يقال: أَعْفَيْتُه وعَفَّيْتُه لُغتان إذا فعَلتَ به كذلك.
وفي الصحاح: وعَفَّيْتُه أَنا وأَعْفَيْتُه لغتان إذا فعَلْتَ به ذلك؛ ومنه حديث القصاص: لا أَعْفَى مَنْ قَتَل بعدَ أَخْذِ الدِّيَةِ؛ هذا دُعاء عليه أَي لا كَثُر مالُه ولا اسْتَغنى؛ ومنه الحديث: إذا دخَل صَفَرُ وعَفا الوَبَرُ وبَرِئَ الدَّبَر حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، أَي كَثُرَ وبرُ الإبلِ، وفي رواية: وعَفا الأَثَرُ، بمعنى دَرَس وامَّحَى.
وفي حديث مُصْعَبِ بن عُمَير: إنه غلامٌ عافٍ أَي وافي اللَّحم كثيرُه.
والعافي: الطويلُ الشَّعَر.
وحديث عمر، رضي الله عنه: إنَّ عامِلَنا ليسَ بالشَّعِثِ ولا العافي، ويقال للشَّعَرِ إذا طال ووَفى عِفاءٌ؛ قال زهير: أَذلِكَ أَمْ أَجَبُّ البَطْنِ جَأْبٌ، عَلَيْهِ، مِنْ عَقِيقَتِهِ، عِفاءُ؟ وناقةٌ ذاتُ عِفاءٍ: كثيرةُ الوَبَر.
وعَفا شَعْرُ ظَهْرِ البعيرِ: كَثُرَ وطالَ فغَطَّى دَبَرَه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: هَلاَّ سَأَلْت إذا الكَواكِبُ أَخْلَفَت، وعَفَتْ مَطِيَّة طالِبِ الأَنْسابِ فسره فقال: عَفَت أَي لم يَجِد أَحدٌ كريماً يرحلُ إليه فعَطَّل مَطِيَّته فسَمِنت وكَثُر وَبَرُها.
وأَرضٌ عافيةٌ: لم يُرْعَ نَبْتُها فوَفَرَ وكثر.
وعَفْوَةُ المَرْعَى: ما لم يُرْعَ فكان كثيراً.
وعَفَتِ الأَرضُ إذا غَطَّاها النبات؛ قال حُمَيْد يصف داراً: عَفَتْ مثلَ ما يَعْفُو الطَّلِيحُ فأَصْبَحَتْ بها كِبرياءُ الصَّعْبِ، وهيَ رَكُوبُ يقول: غَطاها العشْبُ كما طَرَّ وَبَرُ البعيرِ وبَرَأَ دَبَرُه.
وعَفْوَةُ الماءِ: جُمَّتُه قبل أَن يُسْتَقَى منه، وهو من الكثرة. قال الليث: ناقةٌ عافيةُ اللَّحْمِ * كثيرةُ اللحم، ونوقٌ عافياتٌ؛ وقال لبيد: بأَسْوُقِ عافياتِ اللحمِ كُوم ويقالُ: عَفُّوا ظَهْرَ هذا البعيرِ أَي دَعُوه حتى يَسْمَن.
ويقال: عَفَا فلانٌ على فلان في العلمِ إذا زاد عليه؛ قال الراعي: إذا كان الجِراءُ عَفَتْ عليه أَي زادت عليه في الجَرْيِ؛ وروى ابن الأعرابي بيت البَعيث: بَعِيد النَّوَى جالَتْ بإنسانِ عَيْنه عِفاءَةُ دَمْعٍ جالَ حتى تَحَدَّرا يعني دَمْعاً كَثُرَ وعَفَا فسالَ.
ويقال: فلانٌ يعفُو على مُنْيةِ المتَمَنِّي وسؤالِ السائلِ أَي يزيد عطاؤُه عليهما؛ وقال لبيد: يَعْفُو على الجهْدِ والسؤالِ، كما يَعْفُو عِهادُ الأمْطارِ والرَّصَد أَي يزيدُ ويُفْضُلُ.
وقال الليث: العَفْوُ أَحلُّ المالِ وأَطْيَبُه.
وعَفْوُ كلِّ شيءٍ: خِيارُه وأَجْوَدُه وما لا تَعَب فيه، وكذلك عُفاوَتُه وعِفاوتُه.
وعَفا الماءُ إذا لم يَطأْهُ شيءٌ يُكَدِّرُه.
وعَفْوةُ المالِ والطعامِ والشَّرابِ وعِفْوَتُه؛ الكسر عن كراعٍ: خياره وما صفا منه وكَثُرَ، وقد عَفا عَفْواً وعُفُوّاً.
وفي حديث ابن الزبير أَنه قال للنابغة: أَمَّا صَفْوُ أَموالِنا فلآلِ الزُّبَيْرِ، وأما عَفْوُه فإن تَيْماً وأَسَداً تَشْغَلُه عنكَ. قال الحَرْبي: العَفْوُ أَحَلُّ المالِ وأَطيَبُه، وقيل: عَفْوُ المالِ ما يَفْضُلُ عن النَّفَقة؛ قال ابن الأثير: وكِلاهما جائزٌ في اللغة، قال : والثاني أشبَه بهذا الحديث.
وعَفْوُ الماءِ: ما فَضَل عن الشَّارِبَةِ وأُخذَ بغيرِ كُلْفةٍ ولا مزاحمة عليه.
ويقال: عفَّى على ما كان منه إذا أَصلَح بعد الفساد. أبو حنيفة: العُفْوَة، بضم العين، من كل النبات لَيِّنُه وما لا مَؤُونة على الراعية فيه.
وعَفْوة كلّ شيء وعِفَاوتُه؛ الضم عن اللحياني: صَفْوُه وكثرَتُه، يقال: ذَهَبَتْ عِفْوَة هذا النَّبْت أَي لِينُه وخَيرُه؛ قال ابن بري: ومنه قول الأخطل : المانعينَ الماءَ حتى يَشْرَبوا عِفْواتِه، ويُقَسِّمُوه سِِجالا والعِفاوةُ: ما يرفع للإنسان من مَرَقٍ.
والعافي: ما يُرَدُّ في القِدْرِ من المَرَقةِ إذا اسْتُعِيرَتْ. قال ابن سيده: وعافِي القِدْرِ ما يُبْقِي فيها المُسْتَعِير لمُعِيرِها؛ قال مُضَرِّس الأَسَدي: فلا تَسْأَليني، واسأَ ما خَلِيقَتي، إذا رَدَّ عافي القِدْرِ مَن يَسْتَعيرُها قال ابن السكيت: عافي في هذا البيت في موضع الرَّفْع لأَنه فاعل، ومَن في موضع النَّصْب لأنه مفعول به، ومعناه أَنَّ صاحبَ القِدرِ إذا نَزَلَ به الضَّيْفُ نَصَبَ لهم قِدْراً، فإذا جاءهُ مَنْ يستعير قِدْرهُ فرآها منصوبَةً لهُم رجَعَ ولم يَطْلُبْها، والعافي: هو الضَّيْفُ، كأَنه يرُدُّ المُسْتَعِير لارْتِدادِه دونَ قضاءِ حاجَته، وقال غيرُه: عافي القِدْرِ بقِيَّة المَرَقة يردُّها المستَعيرُ، وهو في موضع النَّصْبِ، وكانَ وجه الكلام عافِيَ القدر فترَك الفتح للضرورة. قال ابن بري: قال ابن السكيت العافي والعَفْوة والعِفاوة ما يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ من مَرَقٍ وما اخْتَلَط به، قال: وموضِعُ عافي رَفْعٌ لأَنه هو الذي رَدَّ المُسْتَعِير، وذلك لكلَب الزمان وكونه يمنَع إعارَة القِدْرِ لتِلك البَقِيَّة.
والعِفاوةُ: الشيءُ يُرْفَع من الطَّعام للجارية تُسَمَّنُ فَتُؤثَرُ به؛ وقال الكميت: وظَلَّ غُلامُ الحَيّ طَيّانَ ساغِباً، وكاعِبُهُم ذاتُ العِفاوَةِ أَسْغَبُ قال الجوهري: والعِفارة، بالكسر، ما يُرْفَعُ من المَرَقِ أَوَّلاً يُخَصُّ به مَنْ يُكْرَم، وأَنشد بيت الكميت أَيضاً، تقول منه: عَفَوْت له منَ المَرَق إذا غَرَفْتَ له أَوَّلاً وآثَرْتَهُ به، وقيل: العفاوة، بالكسر، أَوّل المَرَقِ وأَجودُه، والعُفاوة، بالضم، آخِرهُ يردُّها مُسْتَعِيرُ القِدْرِ مع القِدْرِ؛ يقال منه: عَفَوْت القِدْرَ إذا تركت ذلك في أَسفلها.
والعِفاء، بالمدِّ والكَسْر: ما كَثُر من الوَبَر والرِّيشِ،الواحِدَةُ عِفاءَةٌ؛ قال ابن بري: ومنه قول ساعدة بن جؤية يصف الضبع: كمَشْيِ الأَفْتَلِ السَّارِي عليه عِفاءٌ، كالعَباءَةِ، عَفْشَلِيلُ وعِفَاءُ النَّعام وغيره: الريشُ الذي على الزِّفِّ الصِّغار، وكذلك عِفاءُ الدِّيكِ ونحوه من الطير، الواحدة عِفاءَةٌ، ممدودة.
وناقةٌ ذاتِ عِفاءٍ، وليست همزة العِفاءِ والعِفاءَةِ أَصْلِيَّة، إنما هي واو قلبتْ أَلِفاً فمُدَّت مثل السماء، أَصلُ مَدَّتِها الواو، ويقال في الواحدة: سَماوَة وسَماءَة، قال: ولا يقال للرِّيشة الواحدة عِفاءَةٌ حتى تكون كثيرة كَثيفة؛ وقال بعضُهم في همزة العِفاء: إنَّها أَصلِيَّة؛ قال الأزهري: وليست همزتها أَصليَّة عند النحويين الحُذَّاقِ، ولكنها همزةٌ ممدودة، وتصغيرها عُفَيٌّ.
وعِفاءُ السَّحابِ: كالخَمْل في وجْهِه لا يَكادُ يُخْلِفُ.
وعِفْوَةُ الرجُل وعُفْوَتُه: شَعَر رَأْسِه.
وعَفا المَنزِلُ يَعْفُو وعَفَت الدارُ ونحوُها عَفاءً وعُفُوّاً وعَفَّت وتَعَفَّت تَعَفِّياً: دَرَسَت، يَتَعدَّى ولا يَتَعَدَّى، وعَفَتْها الرِّيحُ وعَفَّتْها، شدّد للمبالغة؛ وقال: أَهاجَكَ رَبْعٌ دارِسُ الرَّسْمِ، باللِّوَى، لأَسماءَ عَفَّى آيَةُ المُورُ والقَطْرُ؟ ويقال: عَفَّى اللهُ على أَثَرِ فلان وعَفا الله عليه وقَفَّى الله على أَثَرِ فلانٍ وقَفا عليه بمعنًى واحدٍ.
والعُفِيُّ: جمع عافٍ وهو الدارسُ.
وفي حديث الزكاة: قد عَفَوْتُ عن الخَيل والرَّقيقِ فأَدُّوا زَكَاةَ أَموالِكم أَي ترَكْتُ لكم أَخْذَ زكاتها وتجاوَزْت عنه، من قولهم عَفَت الريحُ الأَثَرَ إذا طَمَسَتْه ومَحَتْه؛ ومنه حديث أَُم سلمة: قالت لعثمان، رضي الله عنهما: لا تُعَفِّ سبيلاً كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم ، لَحَبَها أَي لا تَطْمِسْها؛ ومنه الحديث: تَعافَوُا الحُدُود فيما بينكم؛ أَي تجاوَزُوا عنها ولا تَرْفَعُوها إ فإني متى علمْتُها أَقَمْتُها.
وفي حديث ابن عباس: وسُئل عما في أَموال أَهلِ الذِّمَّةِ فقال العَفْو أَي عُفِيَ لهم عَمَّا فيها من الصَّدَقَة وعن العُشْرِ في غَلاَّتهم.
وعَفا أَثَرهُ عَفاءً: هَلَك، على المَثَل؛ قال زهير يذكر داراً: تَحَمَّلَ أَهلُها منها فبانُوا، على آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ والعَفاءُ، بالفتح: التُرابُ؛ روى أَبو هريرة، رضي الله عنه، عن النبيِّ،صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إذا كان عندك قوتُ يومِكَ فعَلى الدنيا العَفاءُ. قال أَبو عبيدة وغيرُه: العَفاءُ التراب، وأَنشد بيتَ زهير يذكر الدارَ، وهذا كقولهم: عليه الدَّبارُ إذا دَعا عليه أَنْ يُدْبِرَ فلا يَرْجِع.
وفي حديث صفوانَ ابنِ مُحْرِزٍ: إذا دَخَلْتُ بَيْتي فأَكَلْتُ رغيفاً وشَرِبْتُ عليه ماءً فعَلى الدُّنْيا العَفاءُ.
والعَفاءُ: الدُّرُوس والهَلاكُ وذهاب الأَثَر .
وقال الليث: يقال في السَّبِّ بِفيِهِ العَفاءُ،وعليه العَفاءُ، والذئبُ العَوّاءُ؛ وذلك أَنَّ الذئب يَعْوِي في إثْرِ الظاعِنِ إذا خَلَت الدار عليه، وأَما ما ورد في الحديث: إنَّ المُنافِقَ إذا مَرِضَ ثم أُعْفِيَ كان كالبعير عَقَلَه أَهلُه ثم أَرْسَلوه فلم يَدْرِ لِمَ عَقَلُوه ولا لِمَ أَرسَلوه؛ قال ابن الأثير: أَُعْفِيَ المريض بمعنى عُوفِيَ.
والعَفْوُ: الأَرضُ الغُفْل لم تُوطَأْ وليست بها آثارٌ. قال ابن السكيت: عَفْوُ البلاد ما لا أَثَرَ لأَحدٍ فيها بِمِلْكٍ.
وقال الشافعي في قول النبي،صلى الله عليه وسلم من أَحْيا أَرْضاً ميتَة فهي له: إنما ذلك في عَفْوِ البلادِ التي لم تُمْلَكْ؛ وأَنشد ابن السكيت: قَبيلةٌ كَشِراكِ النَّعْلِ دارِجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهم أَثَرُ قال ابن بري: الشِّعْر للأَخطَل؛ وقبله: إنَّ اللَّهازِمَ لا تَنْفَكُّ تابِعَةً، هُمُ الذُّنابَى وشِرْبُ التابِع الكَدَرُ قال: والذي في شعره: تَنْزُو النِّعاجُ عليها وهْي بارِكة، تَحْكي عَطاءَ سُويدٍ من بني غُبَرا قبيلةٌ كشِراكِ النَّعْل دارجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا عَفْوَ أَرضٍ لا ترى أَثرَا قال الأزهري: والعَفَا من البلاد، مقصورٌ، مثلُ العَفْو الذي لا ملْك لأَحد فيه.
وفي الحديث: أَنه أَقْطَعَ من أَرض المدينة ما كان عَفاً أَي ما ليس لأحد فيه أَثَرٌ، وهو من عَفا الشيءُ إذا دَرَس أو ما ليس لأحد فيه مِلْكٌ، من عفا الشيءُ يَعْفُو إذا صَفا وخلُص.
وفي الحديث: ويَرْعَوْن عَفاها أَي عَفْوَها.
والعَفْوُ والعِفْو والعَفا والعِفا، بقصرهما: الجَحشُ، وفي التهذيب: وَلَد الحِمار: وَلَد الحِمار؛ وأَنشد ابن السكيت والمُفَصَّل لأَبي الطَّمحان حَنْظَلة بن شَرْقيِّ: بضَرْبٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناتِه، وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ والجمع أَعْفاءٌ وعِفاءٌ وعِفْوةٌ.
والعِفاوة، بكسر العين: الأَتانُ بعَينِها؛ عن ابن الأعرابي. أَبو زيد: يقال عِفْوٌ وثلاثة عِفَوَةٍ مثلُ قِرَطَةٍ، قال: وهو الجَحْشُ والمُهْرُ أَيضاً، وكذلك العِجَلَة والظِّئَبة جمع الظَّأْبِ، وهو السلْفُ. أَبو زيد: العِفَوَةُ أَفْتاءُ الحُمُر، قال: ولا أَعلم في جميع كلام العرب واواً متحركة بعد حرف متحرك في آخر البناء غيرَ واوِ عِفَوَةٍ، قال: وهي لغة لقَيس، كَرهُوا أَن يقولوا عفاة في موضع فِعَلة، وهم يريدون الجماعة، فتَلْتَبس بوُحْدانِ الأَسماء، وقال : ولو متكَلِّف أَن يَبنيَ من العفو اسماً مفْرداً على بناء فِعَلة لقال عِفاة.
وفي حديث أبي ذرّ، رضي الله عنه: أَنه ترك أَتانَيْن وعِفْواً؛ العِفْو، بالكسر والضم والفتح: الجَحْش، قال ابن الأثير: والأُنثى عُفٌوة وعِفْوَة.
ومعافًى: اسم رجل؛ عن ثعلب.

كثر (لسان العرب) [0]


الكَثْرَةُ والكِثْرَةُ والكُثْرُ: نقيض القلة. التهذيب: ولا تقل الكِثْرَةُ، بالكسر، فإِنها لغة رديئة، وقوم كثير وهم كثيرون. الليث: الكَثْرَة نماء العدد. يقال: كَثُرَ الشيءُ يَكْثُر كَثْرَةً، فهو كَثِيرٌ.
وكُثْرُ الشيء: أَكْثَرُه، وقُلُّه: أَقله.
والكُثْرُ، بالضم، من المال: الكثيرُ؛ يقال: ما له قُلٌّ ولا كُثْرٌ؛ وأَنشد أَبو عمرو لرجل من ربيعة:فإِنَّ الكُثْرَ أَعياني قديماً، ولم أُقْتِرْ لَدُنْ أَنِّي غُلامُ قال ابن بري: الشعر لعمرو بن حَسَّان من بني الحرث ابن هَمَّام؛ يقول: أَعياني طلبُ الكثرة من المال وإِن كنتُ غيرَ مُقْتِرٍ من صِغَرِي إِلى كِبَرِي، فلست من المُكْثِرِين ولا المُقْتِرِين؛ قال: وهذا يقوله لامرأَته وكانت لامته في نابين عقرهما لضيف نزل . . . أكمل المادة به يقال له إِساف فقال: أَفي نابين نالهما إِسافٌ تَأَوَّهُ طَلَّتي ما أَن تَنامُ؟ أَجَدَّكِ هل رأَيتِ أَبا قُبَيْسٍ، أَطالَ حَياتَه النَّعَمُ الرُّكامُ؟ بَنى بالغَمْرِ أَرْعَنَ مُشْمَخِرًّا، تَغَنَّى في طوئقِه الحَمامُ تَمَخَّضَت المَنُونُ له بيَوْمٍ أَنَى، ولكلِّ حامِلَةٍ تَمامُ وكِسْرى، إِذ تَقَسَّمَهُ بَنُوهُ بأَسيافٍ، كما اقْتُسِمَ اللِّحامُ قوله: أَبا قبيس يعني به النعمان بن المنذر وكنيته أَبو قابوس فصغره تصغير الترخيم.
والركام: الكثير؛ يقول: لو كانت كثرة المال تُخْلِدُ أَحداً لأَخْلَدَتْ أَبا قابوس.
والطوائق: الأَبنية التي تعقد بالآجُرِّ.
وشيء كَثِير وكُثارٌ: مثل طَويل وطُوال.
ويقال: الحمد على القُلِّ والكُثْرِ والقِلِّ والكِثْرِ.
وفي الحديث: نعم المالُ أَربعون والكُثْرُ سِتُّون؛ الكُثْرُ، بالضم: الكثير كالقُلِّ في القليل، والكُثْرُ معظم الشيء وأَكْثَرُه؛ كَثُرَ الشيءُ كَثارَةً فهو كَثِير وكُثارٌ وكَثْرٌ.
وقوله تعالى: والْعَنْهم لَعْناً كثيراً، قال ثعلب: معناه دُمْ عليه وهو راجع إِلى هذا لأَنه إِذا دام عليه كَثُرَ.
وكَثَّر الشيءَ: جعله كثيراً.
وأَكْثَر: أَتى بكَثِير، وقيل: كَثَّرَ الشيء وأَكْثَره جعله كَثيراً.
وأَكْثَر اللهُ فينا مِثْلَكَ: أَدْخَلَ ؛ حكاه سيبويه.
وأَكثَر الرجلُ أَي كَثُر مالُه.
وفي حديث الإِفْك: ولها ضَرائِرُ إِلا كَثَّرْنَ فيها أَي كَثَّرْنَ القولَ فيها والعَنَتَ لها؛ وفيه أَيضاً: وكان حسانُ ممن كَثَّرَ عليها، ويروى بالباء الموحدة، وقد تقدّم.
ورجل مُكْثِرٌ: ذو كُثْرٍ من المال؛ ومِكْثارٌ ومِكْثير: كثير الكلام، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال سيبويه: ولا يجمع بالواو والنون لأَن مؤنثه لا تدخله الهاء.
والكاثِرُ: الكَثِير.
وعَدَدٌ كاثِرٌ: كَثِير؛ قال الأَعشى: ولَسْتُ بالأَكْثَرِ منهم حَصًى، وإِنما العِزَّةُ للكاثِرِ الأَكثر ههنا بمعنى الكثير، وليست للتفضيل، لأَن الأَلف واللام ومن يتعاقبان في مثل هذا؛ قال ابن سيده: وقد يجوز أَن تكون للتفضيل وتكون من غير متعلقة بالأَكثر، ولكن على قول أَوْسِ بن حَجَرٍ: فإِنَّا رَأَيْنا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً، إِلى الصِّدْقِ من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ ورجل كَثِيرٌ: يعني به كَثْرَة آبائه وضُرُوبَ عَلْيائة. ابن شميل عن يونس: رِجالٌ كَثير ونساء كَثِير ورجال كَثيرة ونساء كَثِيرة.
والكُثارُ، بالضم: الكَثِيرُ.
وفي الدار كُثار وكِثارٌ من الناس أَي جماعات، ولا يكون إِلا من الحيوانات.وكاثَرْناهم فَكَثَرناهم أَي غلبناهم بالكَثْرَةِ.
وكاثَرُوهم فَكَثَرُوهُمْ يَكْثُرونَهُمْ: كانوا أَكْثَرَ منهم؛ ومنه قول الكُمَيْتِ يصف الثور والكلاب: وعاثَ في غابِرٍ منها بعَثْعَثَةٍ نَحْرَ المُكافئِ، والمَكْثورُ يَهْتَبِلُ العَثْعَثَة: اللَّيِّنْ من الأَرض.
والمُكافئُ: الذي يَذْبَحُ شاتين إِحداهما مقابلة الأُخرى للعقيقة.
ويَهْتَبِلُ: يَفْتَرِصُ ويَحْتال.
والتَّكاثُر: المُكاثَرة.
وفي الحديث: إِنكم لمع خَلِيقَتَيْنِ ما كانتا مع شيء إِلا كَثَّرتاه؛ أَي غَلَبناه بالكَثْرَةِ وكانَتا أَكْثَر منه. الفراء في قوله تعالى: أَلهاكم التكاثر حتى زُرْتُم المقابر؛ نزلت في حَيَّيْنِ تَفاخَرُوا أَيُّهم أَكْثَرُ عَدداً وهم بنو عبد مناف وبنو سَهْم فكَثَرَتْ بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم: إِن البَغْيَ أَهلكنا في الجاهلية فعادُّونا بالأَحياء والأَموات. فكَثَرَتْهم بنو سَهْم، فأَنزل الله تعالى: أَلهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر؛ أَي حتى زرتم الأَموات؛ وقال غيره: أَلهاكم التفاخر بكثرة العدد والمال حتى زرتم المقابر أَي حتى متم؛ قال جرير للأَخطل: زَارَ القُبورَ أَبو مالكٍ، فأَصْبَحَ أَلأَمَ زُوَّارِها (* وفي رواية أخرى: فكان كأَلأَمِ زُوّارِها) فجعل زيارةَ القبور بالموت؛ وفلان يَتَكَثَّرُ بمال غيره.
وكاثَره الماءَ واسْتَكْثَره إِياه إِذا أَراد لنفسه منه كثيراً ليشرب منه، وإِن كان الماء قليلاً.
واستكثر من الشيء: رغب في الكثير منه وأَكثر منه أَيضاً.
ورجل مَكْثُورٌ عليه إِذا كَثُرَ عليه من يطلب منه المعروفَ، وفي الصحاح: إِذا نَفِدَ ما عنده وكَثُرَتْ عليه الحُقوقُ مِثْل مَثْمُودٍ ومَشْفوهٍ ومَضْفوفٍ.
وفي حديث قَزَعَةَ: أَتيتُ أَبا سعيد وهو مَكْثُور عليه. يقال: رجل مكثور عليه إِذا كَثُرَتْ عليه الحقوقُ والمطالَباتُ؛ أَراد أَنه كان عنده جمع من الناس يسأَلونه عن أَشياء فكأَنهم كان لهم عليه حقوق فهم يطلبونها.
وفي حديث مقتل الحسين، عليه السلام: ما رأَينا مَكْثُوراً أَجْرَأَ مَقْدَماً منه؛ المكثور: المغلوب، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه، أَي ما رأَينا مقهوراً أَجْرَأَ إِقْداماً منه.
والكَوْثَر: الكثير من كل شيء.
والكَوْثَر: الكثير الملتف من الغبار إِذا سطع وكَثُرَ، هُذَليةٌ؛ قال أُمَيَّةُ يصف حماراً وعانته: يُحامي الحَقِيقَ إِذا ما احْتَدَمْن، وحَمْحَمْنَ في كَوْثَرٍ كالجَلالْ أَراد: في غُبار كأَنه جَلالُ السفينة.
وقد تَكَوْثَر الغُبار إِذا كثر؛ قال حَسّان بن نُشْبَة: أَبَوْا أَن يُبِيحوا جارَهُمْ لعَدُوِّهِمْ، وقد ثارَ نَقْعُ المَوْتِ حتى تَكَوْثَرا وقد تَكَوْثَرَ.
ورجل كَوْثَرٌ: كثير العطاء والخير.
والكَوْثَرُ: السيد الكثير لخير؛ قال الكميت: وأَنتَ كَثِيرٌ،يا ابنَ مَرْوانَ، طَيِّبٌ، وكان أَبوك ابنُ العقائِل كَوْثَرا وقال لبيد: وعِنْدَ الرِّداعِ بيتُ آخرَكَوْثَرُ والكَوْثَرُ: النهر؛ عن كراع.
والكوثر: نهر في الجنة يتشعب منه جميع أَنهارها وهو للنبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة.
وفي حديث مجاهد: أُعطِيتُ الكَوْثَر، وهو نهر في الجنة، وهو فَوْعَل من الكثرة والواو زائدة، ومعناه الخير الكثير.
وجاء في التفسير: أَن الكوثر القرآن والنبوّة.
وفي التنزيل العزيز: إِنا أَعطيناك الكوثر؛ قيل: الكوثر ههنا الخير الكثير الذي يعطيه الله أُمته يوم القيامة، وكله راجع إِلى معنى الكثرة.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن الكوثر نهر في الجنة أَشد بياضاً من اللبن وأَحلى من العسل، في حافَتَيه قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، وجاء أَيضاً في التفسير: أَن الكوثر الإِسلام والنبوّة، وجميع ما جاء في تفسير الكوثر قد أُعطيه النبي، صلى الله عليه وسلم، أُعطي النبوّة وإِظهار الدين الذي بعث به على كل دين والنصر على أَعدائه والشفاعة لأُمته، وما لا يحصى من الخير، وقد أُعطي من الجنة على قدر فضله على أَهل الجنة، صلى الله عليه وسلم.
وقال أَبو عبيدة: قال عبد الكريم أَبو أُمية: قَدِمَ فلانٌ بكَوْثَرٍ كَثير، وهو فوعل من الكثرة. أَبو تراب: الكَيْثَرُ بمعنى الكَثِير؛ وأَنشد: هَلِ العِزُّ إِلا اللُّهى والثَّرَا ءُ والعَدَدُ الكَيْثَرُ الأَعْظَمُ؟ فالكَيْثَرُ والكَوْثَرُ واحد.
والكَثْرُ والكَثَرُ، بفتحتين: جُمَّار النخل، أَنصارية، وهو شحمه الذي في وسط النخلة؛ في كلام الأَنصار: وهو الجَذَبُ أَيضاً.
ويقال: الكَثْرُ طلع النخل؛ ومنه الحديث: لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولا كَثَرٍ، وقيل: الكَثَرُ الجُمَّارُ عامَّةً، واحدته كَثَرَةٌ.
وقد أَكثر النخلُ أَي أَطْلَعَ.
وكَثِير: اسم رجل؛ ومنه كُثَيِّرُ بن أَبي جُمْعَةَ، وقد غلب عليه لفظ التصغير.
وكَثِيرَةُ: اسم امرأَة.
والكَثِيراءُ: عِقِّيرٌ معروف.

سرف (لسان العرب) [0]


السَّرَف والإسْرافُ: مُجاوزةُ القَصْدِ.
وأَسرفَ في ماله: عَجِلَ من غير قصد، وأَما السَّرَفُ الذي نَهَى اللّه عنه، فهو ما أُنْفِقَ في غير طاعة اللّه، قليلاً كان أَو كثيراً.
والإسْرافُ في النفقة: التبذيرُ.
وقوله تعالى: والذين إذا أَنْفَقُوا لم يُسْرِفُوا ولم يَقْتُروا؛ قال سفيان: لم يُسْرِفُوا أَي لم يضَعُوه في غير موضعه ولم يَقْتُروا لم يُقَصِّروا به عن حقه؛ وقوله ولا تُسْرِفوا، الإسْرافُ أَكل ما لا يحل أَكله، وقيل: هو مُجاوزةُ القصد في الأَكل مما أَحلَّه اللّه، وقال سفيان: الإسْراف كل ما أُنفق في غير طاعة اللّه، وقال إياسُ بن معاوية: الإسرافُ ما قُصِّر به عن حقّ اللّه.
والسَّرَفُ: ضدّ القصد.
وأَكَلَه . . . أكمل المادة سَرَفاً أَي في عَجَلة.
ولا تأْكلُوها إسْرافاً وبِداراً أَن يَكْبَرُوا أَي ومُبادَرة كِبَرهِم، قال بعضهم: إِسْرافاً أَي لا تَأَثَّلُوا منها وكلوا القوت على قدر نَفْعِكم إياهم، وقال بعضهم: معنى من كان فقيراً فليأْكل بالمعروف أَي يأْكل قَرْضاً ولا يأْخذْ من مال اليتيم شيئاً لأَن المعروف أَن يأْكل الإنسان ماله ولا يأْكل مال غيره، والدليل على ذلك قوله تعالى: فإذا دفعتم إليهم أَموالهم فأَشْهِدُوا عليهم.
وأَسْرَفَ في الكلام وفي القتل: أَفْرَط.
وفي التنزيل العزيز: ومَن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سُلطاناً فلا يُسرِف في القتل؛ قال الزجاج: اخْتُلِفَ في الإسراف في القتل فقيل: هو أَنْ يقتل غير قاتل صاحبه، وقيل: أَن يقتل هو القاتلَ دون السلطان، وقيل: هو أَن لا يَرْضى بقتل واحد حتى يقتل جماعةً لشرف المقتول وخَساسة القاتل أَو أَن يقتل أَشرف من القاتل؛ قال المفسرون: لا يقتل غير قاتله وإذا قتل غير قاتله فقد أَسْرَفَ، والسَّرَفُ: تجاوُزُ ما حُدَّ لك.
والسَّرَفُ: الخطأُ، وأَخطأَ الشيءَ: وَضَعَه في غير حَقِّه؛ قال جرير يمدح بني أُمية: أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدوها ثمانِيةٌ، ما في عَطائِهمُ مَنٌّ ولا سَرَفُ أَي إغْفالٌ، وقيل: ولا خطأ، يريد أَنهم لم يُخْطِئوا في عَطِيَّتِهم ولكنهم وضَعُوها موضعها أَي لا يخْطِئون موضع العَطاء بأَن يُعْطُوه من لا يَسْتَحقُّ ويحرموه المستحق. شمر: سَرَفُ الماء ما ذهَب منه في غير سَقْي ولا نَفْع، يقال: أَروت البئرُ النخيلَ وذهب بقية الماء سَرَفاً؛ قال الهذلي: فكأَنَّ أَوساطَ الجَدِيّةِ وَسْطَها، سَرَفُ الدِّلاء من القَلِيبِ الخِضْرِم وسَرِفْتُ يَمينَه أَي لم أَعْرِفْها؛ قال ساعِدةُ الهذلي: حَلِفَ امْرِئٍ بَرٍّ سَرِفْتُ يَمِينَه، ولِكُلِّ ما قال النُّفُوسُ مُجَرّبُ يقول: ما أَخْفَيْتُك وأَظْهَرْت فإنه سيظهر في التَّجْرِبةِ.
والسَّرَفُ: الضَّراوةُ.
والسَّرَفُ: اللَّهَجُ بالشيء.
وفي الحديث: أَنَّ عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: إنَّ للَّحْم سَرَفاً كسَرَفِ الخمر؛ يقال: هو من الإسْرافِ، وقال محمد بن عمرو: أَي ضَراوةً كضراوةِ الخمر وشدّة كشدَّتها، لأَن من اعتادَه ضَرِيَ بأَكله فأَسْرَفَ فيه، فِعْلَ مُدَمِن الخمر في ضَراوته بها وقلة صبره عنها، وقيل: أَراد بالسرَفِ الغفلة؛ قال شمر: ولم أَسمع أَن أحداً ذَهب بالسَّرَفِ إلى الضراوة، قال: وكيف يكون ذلك تفسيراً له وهو ضدّه؟ والضراوة للشيء: كثرةُ الاعتِياد له، والسَّرَف بالشيء: الجهلُ به، إلا أَن تصير الضراوةُ نفسُها سَرَفاً، أَي اعتيادُه وكثرة أَكله سرَفٌ، وقيل: السّرَفُ في الحديث من الإسرافِ والتبذير في النفقة لغير حاجة أَو في غير طاعة اللّه، شبهت ما يَخْرج في الإكثار من اللحم بما يخرج في الخمر، وقد تكرر ذكر الإسراف في الحديث، والغالب على ذكره الإكثار من الذُّنُوب والخطايا واحْتِقابِ الأَوْزار والآثام.
والسَّرَفُ: الخَطَأُ.
وسَرِفَ الشيءَ، بالكسر، سَرَفاً: أَغْفَلَه وأَخطأَه وجَهِلَه، وذلك سَرْفَتُه وسِرْفَتُه.
والسَّرَفُ: الإغفالُ.
والسَّرَفُ: الجَهْلُ.وسَرِفَ القومَ: جاوَزهم.
والسَّرِفُ: الجاهلُ ورجل سَرِفُ الفُؤاد: مُخْطِئُ الفُؤادِ غافِلُه؛ قال طَرَفةُ: إنَّ امْرأً سَرِفَ الفُؤاد يَرى عَسَلاً بماء سَحابةٍ شَتْمِي سَرِفُ الفؤاد أَي غافل، وسَرِفُ العقل أَي قليل. أَبو زيادٍ الكلابي في حديث: أَرَدْتكم فسَرِفْتُكم أَي أَغْفَلْتُكم.
وقوله تعالى: من هو مُسْرِفٌ مُرْتاب؛ كافر شاكٌّ.
والسرَفُ: الجهل.
والسرَفُ: الإغْفال. ابن الأَعرابي: أَسْرَفَ الرجل إذا جاوز الحَدَّ، وأَسْرَفَ إذا أَخْطأَ، وأَسْرَفَ إذا غَفَل، وأَسرف إِذا جهِلَ.
وحكى الأَصمعي عن بعض الأعرابي وواعده أَصحاب له من المسجد مكاناً فأخلفهم فقيل له في ذلك فقال: مررت فسَرِفْتُكم أَي أَغْفَلْتُكم.
والسُّرْفةُ: دُودةُ القَزِّ، وقيل: هي دُوَيْبَّةٌ غَبْراء تبني بيتاً حسَناً تكون فيه، وهي التي يُضرَبُ بها المثل فيقال: أَصْنَعُ من سُرْفةٍ، وقيل: هي دُويبة صغيرة مثل نصف العَدَسة تثقب الشجرة ثم تبني فيها بيتاً من عِيدانٍ تجمعها بمثل غزل العنكبوت، وقيل: هي دابة صغيرة جدّاً غَبْراء تأْتي الخشبة فَتَحْفِرُها، ثم تأْتي بقطعة خشبة فتضعها فيها ثم أُخرى ثم أُخرى ثم تَنْسِج مثل نَسْج العنكبوت؛ قال أَبو حنيفة: وقيل السُّرْفةُ دويبة مثل الدودة إلى السواد ما هي، تكون في الحَمْض تبني بيتاً من عيدان مربعاً، تَشُدُّ أَطراف العيدان بشيء مثل غَزْل العنكبوت، وقيل: هي الدودة التي تنسج على بعض الشجر وتأْكل ورقه وتُهْلِكُ ما بقي منه بذلك النسج، وقيل: هي دودة مثل الإصبع شَعْراء رَقْطاء تأْكل ورق الشجر حتى تُعَرِّيَها، وقيل: هي دودة تنسج على نفسها قدر الإصْبع طولاً كالقرطاس ثم تدخله فلا يُوصل إليها، وقيل: هي دويبة خفيفة كأَنها عنكبوت، وقيل: هي دويبة تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من دقاق العيدان تضم بَعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناووس ثم تدخل فيه وتموت.
ويقال: أَخفُّ من سُرْفة.
وأَرض سَرِفةٌ: كثيرة السُّرْفةِ، ووادٍ سَرِفٌ كذلك.
وسَرِفَ الطعامُ إذا ائْتَكل حتى كأَنَّ السرفة أَصابته.
وسُرِفَتِ الشجرةُ: أَصابتها السُّرْفةُ.
وسَرِفَةِ السُّرْفةُ الشجرةَ تَسْرُفها سَرْفاً إذا أَكلت ورَقها؛ حكاه الجوهري عن ابن السكيت.
وفي حديث ابن عمر أَنه قال لرجل: إذا أَتيتَ مِنًى فانتهيت إلى موضع كذا فإن هناك سَرْحةً لم تُجْرَدْ ولم تُسْرَفْ، سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً فانزل تحتها؛ قال اليزيدي: لم تُسْرَفْ لم تُصِبْها السُّرْفةُ وهي هذه الدودة التي تقدَّم شرحها. قال ابن السكيت: السَّرْفُ، ساكن الراء، مصدر سُرِفَتِ الشجرةُ تُسْرَفُ سَرْفاً إذا وقعت فيها السُّرْفةُ، فهي مَسْرُوفةٌ.
وشاة مَسروفَةٌ: مقطوعة الأُذن أَصلاً.
والأَُسْرُفُّ: الآنُكُ، فارسية معرَّبة.
وسَرِفٌ: موضع؛ قال قيس بن ذَريحٍ: عَفا سَرِفٌ من أَهْله فَسُراوِعُ وقد ترك بعضهم صَرْفَه جعله اسماً للبقعة؛ ومنه قول عيسى بن أَبي جهمة الليثي وذكر قيساً فقال: كان قَيْسُ بن ذَريحٍ منَّا، وكان ظريفاً شاعراً، وكان يكون بمكة ودونها من قُدَيْدٍ وسَرِف وحولَ مكة في بواديها. غيره: وسَرِف اسم موضع.
وفي الحديث: أَنه تزوّج مَيْمُونةً بِسَرِف، هو بكسر الراء، موضع من مكة على عشرة أَميال، وقيل: أَقل وأكثر.
ومُسْرِفٌ: اسم، وقيل: هو لقب مسلم بن عُقْبَةَ المُرِّي صاحب وقْعةٍ الحَرَّة لأَنه قد أَسْرفَ فيها؛ قال عليّ بن عبد اللّه بن العباس: هُمُ مَنَعُوا ذِمارِي، يومَ جاءتْ كتائِبُ مُسْرِفٍ، وبنو اللَّكِيعَهْ وإسرافيلُ: اسم أعْجمي كأَنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة إسْرافِينُ كما قالوا جِبْرِينَ وإِسْمعِينَ وإسْرائين، واللّه أَعلم.

طيب (لسان العرب) [0]


الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت.
وفي الصحاح: الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث؛ قال ابن بري: الأَمر كما ذكر، إِلا أَنه قد تتسع معانيه، فيقال: أَرضٌ طَيِّـبة للتي تَصْلُح للنبات؛ ورِيحٌ طَيِّـبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة؛ وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً؛ وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً، ومنه قوله تعالى: الطيباتُ للطَّيِّـبين؛ وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لم يكن فيها مكروه؛ وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الخير، ومنه قوله تعالى: بَلْدَة طَيِّبة ورَبٌّ غَفُور؛ ونَكْهة طَيِّبة إِذا لم يكن فيها نَتْنٌ، وإِن لم يكن فيها ريح طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وغيرهما؛ ونَفْسٌ طَيِّبة بما قُدِّرَ لها أَي راضية؛ وحِنْطة طَيِّبة أَي . . . أكمل المادة مُتَوَسِّطَة في الجَوْدَةِ؛ وتُرْبة طَيِّبة أَي طاهرة، ومنه قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً؛ وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل في مُبايعَته؛ وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْدٍ؛ وطعامٌ طَيِّب للذي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه. ابن سيده: طَابَ الشيءُ طِـيباً وطَاباً: لذَّ وزكَا.
وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِـيبُ طِـيباً وطِـيَبَةً وتَطْياباً؛ قال عَلْقَمة: يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً، نَضْخُ العَبيرِ بها، * كَـأَنَّ تَطْيابَها، في الأَنْفِ، مَشْمومُ وقوله عز وجل: طِبْتم فادخُلوها خالِدين؛ معناه كنتم طَيِّبين في الدنيا فادخُلوها.
والطَّابُ: الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً، يُقالان جميعاً.
وشيءٌ طابٌ أَي طَيِّبٌ، إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وإِما أَن يكون فِعْلاً؛ وقوله: يا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ، * مُقابِلَ الأَعْراقِ في الطَّابِ الطَّابْ بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ، * إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ، يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ، * يَعْدِلُ عندَ الـحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ قال ابن سيده: إِنما ذهب به إِلى التأْكيد والمبالغة.
ويروى: في الطيِّب الطَّاب.
وهو طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَـةٌ.
وهذا الشعر يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ به عمر بن عبدالعزيز.
ومعنى قوله مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هو شريفٌ من قِبَل أَبيه وأُمه، فقد تَقَابلا في الشَّرَفِ والجلالة، لأَنَّ عمر هو ابن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أَبي العاص، وأُمه أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فَجَدُّه من قِـبل أَبيه أَبو العاص جَدُّ جَدِّه، وجَدُّه من قِـبل أُمه عُمَرُ بن الخطاب؛ وقولُ جَنْدَلِ بن المثنى: هَزَّتْ بَراعيمَ طِـيابِ البُسْرِ إِنما جمع طِـيباً أَو طَيِّباً.
والكلمةُ الطَّيِّبةُ: شهادةُ أَنْ لا إِله إِلاّ اللّهُ، وأَنَّ محمداً رسول اللّه. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر الطَّيِّبِ والطَّيِّبات، وأَكثر ما يرد بمعنى الحلال، كما أَن الخبيث كناية عن الحرام.
وقد يَرِدُ الطَّيِّبُ بمعنى الطاهر، ومنه الحديث: انه قال لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ الـمُطَيَّبِ أَي الطاهر الـمُطَهَّرِ؛ ومنه حديث عليّ(1) (1 قوله «ومنه حديث علي الخ» المشهور حديث أبي بكر كذا هو في الصحيح آه. من هامش النهاية.) ، كرم اللّه وجهه، لما مات رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، قال: بأَبي أَنتَ وأُمي، طِبْتَ حَيّاً، وطِبْتَ مَيِّتاً أَي طَهُرتَ.
والطَّيِّباتُ في التحيات أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة والدعاءِ والكلام مصروفاتٌ إِلى اللّه تعالى.
وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كان عفيفاً؛ قال النابغة: رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهم أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عن المحارم.
وقوله تعالى: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القول؛ قال ثعلب: هو الحسن.
وكذلك قولُه تعالى: إِليه يَصْعَدُ الكَلِم الطَّيِّب، والعملُ الصالِـحُ يَرْفَعُه؛ إِنما هو الكَلِمُ الـحَسَنُ أَيضاً كالدعاء ونحوه، ولم يفسر ثعلب هذه الأَخيرة.
وقال الزجاج: الكَلِمُ الطَّيِّبُ توحيدُ اللّه، وقول لا إِله إِلاَّ اللّه، والعملُ الصالح يَرْفَعُه أَي يرفع الكَلِمَ الطَّيِّبَ الذي هو التوحيدُ، حتى يكون مُثبِتاً للموحد حقيقةَ التوحيد.
والضمير في يرفعه على هذا راجع إِلى التوحيد.
ويجوز أَن يكون ضمير العملِ الصالِح أَي العملُ الصالحُ يرفعه الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلاَّ من موحد.
ويجوز أَن يكون اللّهُ تعالى يرفعه.
وقوله تعالى: الطَّيِّباتُ للطَّيِّبين، والطيِّبون للطيِّبات؛ قال الفراء: الطَّيِّبات من الكلام، للطيبين من الرجال؛ وقال غيره: الطيِّبات من النساءِ، للطيِّبين من الرجال.
وأَما قوله تعالى: يسأَلونك ماذا أُحِلَّ لهم؟ قل: أُحِلَّ لكم الطَّيِّباتُ؛ الخطاب للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، والمراد به العرب.
وكانت العرب تستقذر أَشياء كثيرة فلا تأْكلها،وتستطيب أَشياءَ فتأْكلها، فأَحلَّ اللّه لهم ما استطابوه، مما لم ينزل بتحريمه تِلاوةٌ مِثْل لحوم الأَنعام كلها وأَلبانها، ومثل الدواب التي كانوا يأْكلونها، من الضِّباب والأَرانب واليرابيع وغيرها.
وفلانٌ في بيتٍ طَيِّبٍ: يكنى به عن شرفه وصلاحه وطِـيبِ أَعْراقِه.
وفي حديث طاووس: أَنه أَشْرَفَ على عليِّ بن الـحُسَين ساجداً في الـحِجْر، فقلتُ: رجلٌ صالح من بَيْتٍ طَيِّبٍ.
والطُّوبى: جماعة الطَّيِّبة، عن كراع؛ قال: ولا نظير له إِلاَّ الكُوسى في جمع كَيِّسَة، والضُّوقى في جمع ضَيِّقة. قال ابن سيده: وعندي في كل ذلك أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ، لأَنَّ عْلى ليسَت من أَبنية الجموع.
وقال كراع: ولم يقولوا الطِّيبى، كما قالوا الكِـيسَى في الكوسى، والضِّيقَى في الضُّوقى.
والطُّوبى: الطيِّبُ، عن السيرافي.
وطُوبى: فُعْلى من الطِّيبِ؛ كأَن أَصله طُيْبَـى، فقلبوا الياء واواً للضمة قبلها؛ ويقال: طُوبى لَك وطُوبَاك، بالإِضافة. قال يعقوب: ولا تَقُل طُوبِـيكَ، بالياءِ. التهذيب: والعرب تقول طُوبى لك، ولا تقل طُوبَاك.
وهذا قول أَكثر النحويين إِلا الأَخفش فإِنه قال: من العرب من يُضيفها فيقول: طُوباك.
وقال أَبو بكر: طُوباكَ إِن فعلت كذا، قال: هذا مما يلحن فيه العوام، والصواب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا.
وطُوبى: شجرة في الجنة، وفي التنزيل العزيز: طُوبى لهم وحُسْن مآبٍ.
وذهب سيبويه بالآية مَذْهبَ الدُّعاء، قال: هو في موضع رفع يدلّك على رفعه رفعُ: وحُسْنُ مآبٍ. قال ثعلب: وقرئَ طُوبى لهم وحُسْنَ مآبٍ، فجعل طُوبى مصدراً كقولك: سَقْياً له.
ونظيره من المصادر الرُّجْعَى، واستدل على أَن موضعه نصب بقوله وحُسْنَ مآبٍ. قال ابن جني: وحكى أَبو حاتم سهلُ بن محمد السِّجِسْتاني، في كتابه الكبير في القراءَات، قال: قرأَ عليَّ أَعرابي بالحرم: طِـيبَى لهم، فأَعَدْتُ فقلتُ: طُوبى، فقال: طِـيبى، فأَعَدْتُ فقلت: طُوبى، فقال: طِـيبَـى. فلما طال عليَّ قلت: طُوطُو، فقال: طِـي طِـي. قال الزجاج: جاءَ في التفسير عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَن طُوبى شجرة في الجنة.
وقيل: طُوبى لهم حُسْنَى لهم، وقيل: خَيْر لهم، وقيل: خِـيرَةٌ لهم.
وقيل: طُوبى اسم الجنة بالـهِنْدية(1) (1 قوله «بالهندية» قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء.) .
وفي الصحاح: طُوبى اسم شجرة في الجنة. قال أَبو إِسحق: طُوبى فُعْلى من الطِّيبِ، والمعنى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لهم، وكلُّ ما قيل من التفسير يُسَدِّد قولَ النحويين إِنها فُعْلى من الطِّيبِ.
وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال: طُوبى اسم الجنة بالحبشية.
وقال عكرمة: طُوبى لهم معناه الـحُسْنَى لهم.
وقال قتادة: طُوبى كلمة عربية، تقول العرب: طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا؛ وأَنشد: طُوبى لمن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى، * ورِسْلاً بيَقْطِـينِ العِراقِ وفُومها الرِّسْلُ: اللبن.
والطَّوْدُ الجَبلُ.
واليَقْطِـينُ: القَرْعُ؛ أَبو عبيدة: كل ورقة اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فهي يَقطِـينٌ.
والفُوم: الخُبْزُ والـحِنْطَةُ؛ ويقال: هو الثُّومُ.
وفي الحديث: إِن الإِسلام بَدأَ غريباً، وسَيَعُود غريباً كما بدأَ، فطُوبى للغُرباءِ؛ طُوبى: اسم الجنة، وقيل: شجرة فيها، وأَصلها فُعْلى من الطيب، فلما ضمت الطاء، انقلبت الياء واواً.
وفي الحديث: طُوبى للشَّـأْمِ لأَن الملائكة باسطةٌ أَجنحتَها عليها؛ المراد بها ههنا: فُعْلى من الطيب، لا الجنة ولا الشجرة.
واسْتَطَابَ الشيءَ: وجَدَه طَيِّباً.
وقولهم: ما أَطْيَبَه، وما أَيْطَبه، مقلوبٌ منه.
وأَطْيِـبْ به وأَيْطِبْ به، كله جائز.
وحكى سيبويه: اسْتَطْيَبَه، قال: جاءَ على الأَصل، كما جاءَ اسْتَحْوَذَ؛ وكان فعلهما قبل الزيادة صحيحاً، وإِن لم يُلفظ به قبلها إِلا معتلاً.
وأَطَابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه: وجَدَه طَيِّباً.
والطِّيبُ: ما يُتَطَيَّبُ به، وقد تَطَيَّبَ بالشيءِ، وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ، عن ابن الأَعرابي؛ قال: فكأَنـَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة جاءَت على الأَصل كـمَخْيُوطٍ، وهذا مُطَّرِدٌ.
وفي الحديث: شَهِدْتُ، غلاماً، مع عُمومتي، حِلْفَ الـمُطَيَّبِـين. اجتمَع بنو هاشم، وبنو زُهْرَة، وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعانَ في الجاهلية، وجعلوا طِـيباً في جَفْنةٍ، وغَمَسُوا أَيديَهم فيه، وتَحالَفُوا على التناصر والأَخذ للمظلوم من الظالم، فسُمُّوا الـمُطَيَّبين؛ وسنذكره مُسْتَوْفىً في حلف. طَيَّبَ فلانٌ فلاناً بالطِّيب، وطَيَّبَ صَبِـيَّه إِذا قارَبه وناغاه بكلام يوافقه.
والطِّيبُ والطِّيبَةُ: الحِلُّ. أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، حين دخل على عثمان، وهو محصور: الآن طَابَ القِتالُ أَي حَلَّ؛ وفي رواية أُخرى، فقال: الآن طابَ امْضَرْبُ؛ يريد طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ، فأَبدل لام التعريف ميماً، وهي لغة معروفة.
وفي التنزيل العزيز: يا أَيها الرُّسُل كُـلُوا من الطَّيِّباتِ أَي كلوا من الحلال، وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ؛ فهو داخل في هذا.
وإِنما خُوطب بهذا سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وقال: يا أَيها الرُّسُلُ؛ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرسل جميعاً كذا أُمِرُوا. قال الزجاج: ورُوي أَن عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان يأْكل من غَزْلِ أُمـِّه.
وأَطْيَبُ الطَّيِّبات: الغَنائمُ.
وفي حديث هَوازِنَ: من أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذلك منكم أَي يُحَلِّله ويُبِـيحَه. وسَبْيٌ طِـيَبةٌ، بكسر الطاءِ وفتح الياءِ: طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ، وهو سَبْيُ مَنْ يجوز حَرْبُه من الكفّار، لم يكن عن غَدْرٍ ولا نَقْضِ عَهْدٍ. الأَصمعي: سَبْـيٌ طِـيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ، يَحِلُّ سَبْيُه، لم يُسْبَوْا ولهم عَهْدٌ أَو ذمة؛ وهو فِعَلَة من الطِّيبِ، بوزن خِـيَرةٍ وتِوَلةٍ؛ وقد ورد في الحديث كذلك.
والطيِّبُ من كل شيءٍ: أَفضَلُه.
والطَّيِّباتُ من الكلام: أَفضَلُه وأَحسنُه.
وطِـيَبَةُ الكَلإِ: أَخْصَبُه.
وطِـيَبَةُ الشَّرابِ: أَجمُّه وأَصْفاه.وطابَت الأَرضُ طِـيباً: أَخْصَبَتْ وأَكْـلأَتْ.
والأَطْيَبانِ: الطعامُ والنكاحُ، وقيل: الفَمُ والفَرْجُ؛ وقيل: هما الشَّحْمُ والشَّبابُ، عن ابن الأَعرابي.
وذهَبَ أَطْيَباه: أَكْلُه ونِكاحُه؛ وقيل: هما النَّوم والنكاحُ.
وطايَبه: مازَحَه.
وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِـيبُ النفسُ إِذا شربته.
وطعام مَطْيَبةٌ للنفس أَي تَطِـيبُ عليه وبه.
وقولهم: طِبْتُ به نفساً أَي طابَتْ نفسي به.
وطابت نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب.
وقد طابَتْ نفسي عن ذلك تَرْكاً، وطابَتْ عليه إِذا وافقَها؛ وطِـبْتُ نَفْساً عنه وعليه وبه.
وفي التنزيل العزيز: فإِنْ طِـبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً.
وفَعَلْتُ ذلك بِطِـيبةِ نفسي إِذا لم يُكْرِهْك أَحدٌ عليه.
وتقول: ما به من الطِّيبِ، ولا تقل: من الطِّيبَةِ.
وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ، وشيءٌ طُيَّابٌ، بالضم، أَي طَيِّبٌ جِدًّا؛ قال الشاعر: نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا، * إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا واسْتَطَبْناهم: سأَلْناهُم ماءً عذباً؛ وقوله: فلما اسْتَطابُوا، صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَهُ قال ابن سيده: يجوز أَن يكون معناه ذاقُوا الخمر فاسْتَطابوها، ويجوز أَن يكون من قولهم: اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم ماء عذباً؛ قال: وبذلك فسره ابن الأَعرابي.
وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كان عذباً، وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كان سائغاً في الـحَلْق، وفلانٌ طَيِّبُ الأَخْلاق إِذا كان سَهْلَ الـمُعاشرة، وبلدٌ طَيِّبٌ لا سِـباخَ فيه، وماءٌ طَيِّبٌ أَي طاهر.
ومَطايِـبُ اللحْم وغيره: خِـيارُه وأَطْيَبُه؛ لا يفرد، ولا واحد له من لفظه، وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِـحَ؛ وقيل: واحدها مَطابٌ ومَطابةٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: هي من مَطايِـبِ الرُّطَبِ، وأَطَايِـبِ الجَزُور.
وقال يعقوب: أَطْعِمنا من مَطايِـبِ الجَزُور، ولا يقال من أَطايِـبِ.
وحكى السيرافي: أَنه سأَل بعض العرب عن مَطَايِـبِ الجَزُور، ما واحدها؟ فقال: مَطْيَبٌ، وضَحِكَ الأَعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه.
وفي الصحاح: أَطْعَمَنا فلانٌ من أَطايِـبِ الجَزُور، جمع أَطْيَبَ، ولا تَقُلْ: من مَطايِـبِ الجَزُور؛ وهذا عكس ما في المحكم. قال الشيخ ابن بري: قد ذكر الجَرْمِـيُّ في كتابه المعروف بالفَرْق، في بابِ ما جاءَ جَمْعُه على غير واحده المستعمل، أَنه يقال: مَطايِـبُ وأَطايِـبُ، فمن الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت.
وفي الصحاح:. . قال: مَطايِـبُ فهو على غير واحده المستعمل، ومن قال: أَطايب، أَجراه على واحده المستعمل. الأَصمعي: يُقال أَطْعِمْنا من مطايبها وأَطَايِـبها، واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها، وامرأَة حَسَنَة الـمَعاري، والخيلُ تجْري على مَساويها؛ الواحدةُ مَسْواة، أَي على ما فيها من السُّوءِ، كيفما تكون عليه من هُزالٍ أَو سُقوطٍ منه.
والمحاسِنُ والـمَقالِـيدُ: لا يُعرف لهذه واحدة.
وقال الكسائي: واحد الـمَطايِـب مَطْيَبٌ، وواحد الـمَعاري مَعْرًى، وواحد الـمَسَاوي مَسْوًى.
واستعار أَبو حنيفة الأَطايِـبَ للكَلإِ فقال: وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خفيفاً.
والطَّابة: الخَمْر ؛ قال أَبو منصور: كأَنها بمعنى طَيِّبة، والأَصل طَيِّبةٌ.
وفي حديث طاووس: سُئِلَ عن الطابة تُطْبَخُ على النِّصْفِ؛ الطَّابةُ: العَصِـيرُ؛ سمي به لطِـيبِه؛ وإِصلاحه على النصف: هو أَن يُغْلى حتى يَذْهَب نِصْفه.
والـمُطِـيبُ، والـمُسْتَطِـيبُ: المستنجي، مُشتق من الطِّيبِ؛ سمي اسْتِطَابة، لأَنه يَطِـيبُ جَسَدُه بذلك مما عليه من الخبث.
والاسْتِطَابة: الاسْتِنْجاء.
وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِـيبَ الرجل بيمينه؛ الاستطابةُ والإِطَابةُ: كناية عن الاستنجاء؛ وسمي بهما من الطِّيبِ، لأَنه يُطِـيبُ جَسَدَه بإِزالة ما عليه من الخَبَث بالاستنجاءِ أَي يُطَهِّره.
ويقال منه: استطابَ الرجل فهو مُسْتَطِـيب، وأَطابَ نَفْسَه فهو مُطِـيب؛ قال الأَعشى: يا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ، * يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ الـمُطِـيبِ(1) (1 قوله «على مطلوب» كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب.) وفي الحديث: ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِـيبُ بها؛ يريد حَلْقَ العانة، لأَنه تنظيف وإِزالة أَذىً. ابن الأَعرابي: أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا استنجى، وأَزالَ الأَذى.
وأَطابَ إِذا تكلم بكلام طَيِّب.
وأَطابَ: قَدَّمَ طعاماً طَيِّباً.
وأَطابَ: ولَدَ بنين طَيِّبِـين.
وأَطابَ: تزَوَّجَ حَلالاً؛ وأَنشدت امرأَة: لـمَا ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً، * ولا زُرْتَنا، إِلا وأَنتَ مُطِـيبُ أَي متزوّج؛ هذا قالته امرأَة لخِدْنِها. قال: والحرام عند العُشَّاق أَطْيَب؛ ولذلك قالت: ولا زرتنا، إِلا وأَنت مُطِـيب وطِـيبٌ وطَيْبةٌ: موضعان.
وقيل: طَيْبةُ وطَابةُ المدينة، سماها به النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن بري: قال ابن خالويه: سماها النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بعدّةِ أَسماء وهي: طَيْبة، وطَيِّبَّةُ، وطابَةُ، والـمُطَيَّبة، والجابِرةُ، والـمَجْبورة، والـحَبِـيبة، والـمُحَبَّبة؛ قال الشاعر: فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِـيا ولم يذكر الجوهري من أَسمائها سوى طَيْبة، بوزن شَيْبة. قال ابن الأَثير في الحديث: أَنه أَمر أن تُسَمّى المدينة طَيْبةَ وطابَة، هما من الطِّيبِ لأَن المدينة كان اسمها يَثْرِبَ، والثَّرْبُ الفساد، فنَهى أَن تسمى به، وسماها طابةَ وطَيْبةَ، وهما تأْنيثُ طَيْبٍ وطاب، بمعنى الطِّيبِ؛ قال: وقيل هو من الطَّيِّبِ الطاهر، لخلوصها من الشرك، وتطهيرها منه.
ومنه: جُعِلَتْ لي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نظيفة غير خبيثة.
وعِذْقُ ابن طابٍ: نخلةٌ بالمدينة؛ وقيل: ابنُ طابٍ: ضَرْبٌ من الرُّطَبِ هنالك.
وفي الصحاح: وتمر بالمدينة يقال له عِذْقُ ابن طابٍ، ورُطَبُ ابن طابٍ. قال: وعِذْقُ ابن طابٍ، وعِذْقُ ابن زَيْدٍ ضَرْبانِ من التمر.
وفي حديث الرُّؤْيا: رأَيتُ كأَننا في دارِ ابنِ زَيْدٍ، وأُتِـينَا بِرُطَبِ ابنِ طاب؛ قال ابن الأَثير: هو نوعٌ من تمر المدينة، منسوبٌ إِلى ابن طابٍ، رجلٍ من أَهلها.
وفي حديث جابر: وفي يده عُرْجُونُ ابنِ طابٍ.
والطِّيَابُ: نخلة بالبصرة إِذا أَرْطَبَتْ، فَتُؤخّر عن اخْتِرافِها، تَساقَطَ عن نَواه فبَقِـيتِ الكِـباسَةُ ليس فيها إِلا نَـوًى مُعَلَّقٌ بالتَّفاريق، وهو مع ذلك كِـبارٌ. قال: وكذلك إِذا اخْتُرِفَتْ وهي مُنْسَبتَة لم تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ، واللّه أَعلم.

مرط (لسان العرب) [0]


المَرْطُ: نَتْفُ الشعر والرِّيش والصُّوف عن الجسد. مرَطَ شعرَه يَمرُطُه مَرْطاً فانْمَرط: نتفه، ومرَّطه فتَمرَّط؛ والمُراطةُ: ما سقط منه إِذا نُتِف، وخص اللحياني بالمُراطةِ ما مُرِطَ من الإِبْط أَي نُتِف.
والأَمْرَطُ: الخفِيفُ شعر الجسد والحاجبين والعينين من العمَش، والجمع مُرْطٌ على القياس، ومِرَطةٌ نادر؛ قال ابن سيده: وأَراه اسماً للجمع، وقد مَرِطَ مَرَطاً.
ورجل أَمْرَطُ وامرأَة مَرْطاء الحاجِبَيْنِ، لا يُستغنى عن ذكر الحاجبين، ورجل نَمِصٌ، وهو الذي ليس له حاجبان، وامرأَة نَمْصاء؛ يستغنى في الأَنْمَص والنمْصاء عن ذكر الحاجبين.
ورجل أَمرط: لا شعر على جسده وصدره إِلاَّ قليل، فإِذا ذهب كله فهو أَمْلَطُ؛ ورجل أَمْرَطُ بيِّن المَرطِ: وهو الذي قد خَفَّ . . . أكمل المادة عارِضاه من الشعر، وتمَرَّط شعرُه أَي تحاتَّ.
وذِئب أَمْرَطُ: مُنْتَتِفُ الشعر.
والأَمْرَطُ: اللِّصُّ على التشبيه بالذئب.
وتمرَّط الذئب إِذا سقط شعره وبقي عليه شعر قليل، فهو أَمرط.
وسهم أَمرطُ وأَمْلَطُ: قد سقط عنه قُذَذُه.
وسَهْم مُرُطٌ إِذا لم يكن له قَذَذ. الأَصمعي: العُمْرُوطُ اللِّص ومثله الأَمْرطُ. قال أَبو منصور: وأَصله الذئب يتمرَّط من شعره وهو حينئذ أَخبث ما يكون.
وسهم أَمْرَط ومَرِيطٌ ومِراطٌ ومُرُطٌ: لا ريش عليه؛ قال الأَسديّ يصف السَّهم، ونسب في بعض النسخ للبيد: مُرُطُ القِذاذِ فليس فيه مَصْنَعٌ، لا الرِّيشُ يَنْفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ ويجوز فيه تسكين الراء فيكون جميع أَمْرَط، وإِنما صحَّ أَن يوصف به الواحد لما بعده من الجمع كما قال الشاعر: وإِنَّ التي هامَ الفُؤَادُ بذِكْرها رَقُودٌ عن الفَحْشاءِ، خُرْسُ الجَبائر واحدة الجَبائر: جِبارة وجَبيرة، وهي السوارُ ههنا. قال ابن بري: البيت المنسوب للأَسدي مُرُط القِذاذ هو لنافِع بن نُفَيْعٍ الفَقْعَسِيّ، ويقال لنافع بن لَقِيط الأَسدي، وأَنشده أَبو القاسم الزَّجَّاجي عن أَبي الحسن الأَخفش عن ثعلب لنُويْفِع بن نُفيع الفقعسي يصف الشيب وكِبَره في قصيدة له وهي: بانَتْ لِطِيَّتِها الغَداةَ جَنُوبُ، وطََرِيْتَ، إِنَّك ما عَلِمْتُ طَرُوبُ ولقَدْ تُجاوِرُنا فتَهْجُرُ بَيْتَنا، حتَّى تُفارِقَ، أَو يُقالَ مُرِيبُ وزِيارةُ البيْتِ، الذي لا تَبْتَغِي فِيهِ سَواءَ حدِيثِهِنَّ، مَعِيبُ ولقد يَمِيلُ بيَ الضَّبابُ إِلى الصِّبا، حِيناً، فأَحْكَمَ رأْبيَ التَّجْرِيبُ ولقد تُوَسِّدُني الفتاةُ يَمِينَها وشِمالَها البَهْنانةُ الرُّعْبُوبُ نُفُجُ الحَقِيبةِ لا ترى لكعُوبها حدّاً، وليسَ لساقِها ظُنْبوبُ عَظُمَتْ رَوادِفُها وأُكْمِلَ خَلْقُها، والوَالدانِ نَجِيبةٌ ونَجِيبُ لَمَّا أَحلَّ الشيْبُ بي أَثْقالَه، وعَلمتُ أَنَّ شَبابيَ المَسْلُوبُ قالَتْ: كَبِرْتَ وكلُّ صاحِبِ لَذَّةٍ لِبِلىً يَعُودُ، وذلك التَّتْبيبُ هل لي من الكِبَر المُبينِ طَبيبُ فأَعُودَ غِرّاً؟ والشَّبابُ عَجِيبُ ذَهَبَتْ لِداتي والشَّبابُ، فليْسَ لي، فِيمن تَرَيْنَ مِنَ الأَنامِ، ضَرِيبُ وإِذا السِّنُونَ دَأَبْنَ في طَلَب الفَتَى، لحِقَ السِّنُونَ وأُدْرِكَ المَطْلُوبُ فاذْهَبْ إِلَيْكَ، فليْسَ يَعْلَمُ عالمٌ، من أَين يُجْمَعُ حَظُّه المَكْتُوبُ يَسْعَى الفَتَى لِينالَ أَفْضَلَ سَعْيهِ، هيهاتَ ذاكَ ودُون ذاك خُطوبُ يَسْعَى ويَأْمُلُ، والمَنِيَّةُ خَلْفَه، تُوفي الإِكامَ له، عليه رَقِيبُ لا المَوْتُ مُحْتَقِرُ الصَّغِيرِ فعادلٌ عنْه، ولا كِبَرُ الكَبِيرِ مَهِيبُ ولَئِنْ كَبِرْتُ، لقد عَمِرْتُ كأَنَّني غُصْنٌ، تُفَيِّئُه الرِّياحُ، رَطِيبُ وكذاكَ حقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه كَرُّ الزَّمانِ، عليه، والتَّقْلِيبُ حتى يَعُودَ مِنَ البِلى، وكأَنَّه في الكَفِّ أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصُوبُ مُرُطُ القِذاذِ، فليس فيه مَصْنَعٌ، لا الرِّيشُ يَنْفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ ذَهَبَتْ شَعُوبُ بِأَهْلهِ وبِمالهِ، إِنَّ المَنايا لِلرِّجال شَعُوبُ والمَرْءُ مِنْ رَيْبِ الزَّمان كأَنه عَوْدٌ، تَداوَلَه الرِّعاء، رَكُوبُ غَرَضٌ لِكُلِّ مَنِيَّةٍ يُرْمَى بها، حتى يُصابَ سَوادُه المَنْصوبُ وجمع المُرُطِ السَّهْمِ أَمراطٌ ومِراطٌ؛ قال الرَّاجز: صُبَّ، على شاء أَبي رِياطِ، ذُؤالةٌ كالأَقْدُحِ المِراطِ وأَنشد ثعلب: وهُنَّ أَمْثالُ السُّرَى الأَمْراطِ والسُّرَى ههنا: جمع سُرْوةٍ من السّهَام؛ وقال الهذلي: إِلاَّ عَوابِسُ، كالمِراطِ، مُعِيدةٌ باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ (* قوله «عوابس» هو بالرفع فاعل يشرب في البيت قبله كما نبه عليه المؤلف عن ابن بري في مادة صيف، فما تقدم لنا من ضبطه في مادة عود خطأ.) وشرح هذا البيت مذكور في موضعه.
وتمَرَّط السَّهْمُ: خلا من الرِّيش.
وفي حديث أَبي سُفيان: فامَّرَطَ قُذَذُ السهْمِ أَي سقَطَ رِيشُه.
وتمرَّطتْ أَوْبارُ الإِبل: تطايرت وتفرقت.
وأَمْرَطَ الشعرُ: حان له أَن يُمْرَطَ.
وأَمْرطَتِ الناقةُ ولدَها، وهي مُمْرِطٌ: أَلقته لغير تمام ولا شعر عليه، فإِن كان ذلك لها عادة فهي مِمْراطٌ.
وأَمْرطت النخلةُ وهي مُمْرِطٌ: سقط بُسْرُها غَضّاً تشبيهاً بالشعرِ، فإِن كان ذلك عادَتَها فهي مِمْراط أَيضاً.
والمِرْطاوانِ والمُرَيْطاوان: ما عَرِيَ من الشفةِ السُّفلى والسَّبَلةِ فوق ذلك مما يلي الأَنفَ.
والمُرَيْطاوان في بعض اللُّغات: ما اكتنف العَنْفَقةَ من جانبيها، والمُريطاوان: ما بين السُّرّة والعانةِ، وقيل: هو ما خفّ شعره مما بين السرة والعانة، وقيل: هما جانبا عانةِ الرجل اللذان لا شعر عليهما؛ ومنه قيل: شجرة مَرْطاء إِذا لم يكن عليها ورق، وقيل: هي جلدة رقيقة بين السرة والعانة يميناً وشمالاً حيث تَمَرَّطَ الشعرُ إِلى الرُّفْغَين، وهي تمدّ وتقصر، وقيل: المريطاوان عِرْقان في مَراقِّ البطن عليهما يعتمد الصَّائحُ، ومنه قول عمر: رضي اللّه عنه، للمؤذن أَبي مَحْذُورةَ، رضي الله عنه، حين سمع أَذانه ورفع صوته: لقد خشيتُ (* قوله «لقد خشيت» كذا بالأصل، والذي في النهاية: أما خشيت.) أَن تنشقّ مُرَيْطاؤكَ، ولا يُتَكَلم بها إِلاَّ مصغرة تصغير مَرْطاء، وهي المَلْساء التي لا شعر عليها، وقد تقصر.
وقال الأَصمعي: المُرَيْطاء، ممدودة، هي ما بين السرة إِلى العانة، وكان الأحمر يقول هي مقصورة.
والمُرَيْطاء: الإِبْط؛ قال الشاعر: كأَنَّ عُرُوقَ مُرَيْطائها، إِذا لَضَتِ الدِّرْعَ عنها، الحِبال (* قوله «لضت» كذا هو في الأصل، وشرح القاموس باللام ولعله بالنون كأَنه يشبه عروق إِبط امرأَة بالحبال إِذا نزعت قميصها.) والمريطاء: الرِّباط. قال الحسين بن عَيَّاش: سمعت أَعرابيّاً يسبّح فقلت: ما لك؟ قال إِنَّ مُرَيْطاي ليرسى (* قوله «ليرسى» كذا بالأصل على هذه الصورة.)؛ حكى هاتين الأَخيرتين الهرويّ في الغريبين.
والمَرِيطُ من الفرس: ما بين الثُّنّةِ وأُمّ القِرْدانِ من باطن الرُّسْغِ، مكبر لم يصغر.ومَرَطَتْ به أُمّه تَمْرُط مَرْطاً: ولَدتْه.
ومَرَطَ يَمْرُطُ مَرْطاً ومُرُوطاً: أَسْرَع، والاسم المَرَطَى.
وفَرس مَرَطَى: سَرِيعٌ، وكذلك الناقةُ.
وقال الليث: المُرُوطُ سُرْعة المَشْي والعدْو.
ويقال للخيل: هنَّ يمرُطْنَ مُرُوطاً.
وروى أَبو تراب عن مُدْرِك الجعْفريّ: مَرَط فلان فلاناً وهَرَدَه إِذا آذاه.
والمَرَطَى: ضَرْب من العَدْو؛ قال الأَصمعي: هو فوق التقْرِيب ودون الإِهْذابِ؛ وقال يصف فرساً: تَقْرِيبُها المَرَطَى والشَّدُّ إِبْراقُ وأَنشد ابن بري لطُفيل الغَنويّ: تَقْرِيبُها المَرَطَى والجَوْزُ مُعْتَدِلٌ، كأَنها سُبَدٌ بالماء مَغْسُولُ (* قوله «تقريبها إلخ» أَورده في مادة سبد بتذكير الضميرين وهو كذلك في الصحاح.) والمِمْرَطةُ: السريعة من النوق، والجمع ممَارِطُ؛ وأَنشد أَبو عمرو للدُّبَيْري: قَوْداء تَهْدِي قُلُصاً ممَارِطا، يَشْدَخْن بالليلِ الشُّجاعَ الخابِطا الشجاعُ الحيةُ الذكَر، والخابط النائم، والمرْطُ كِساء من خَزّ أَو صُوف أَو كتّان، وقيل: هو الثوب الأَخضر، وجمعه مُرُوطٌ.
وفي الحديث: أَنه، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يصلي في مرُوط نسائه أَي أَكْسِيَتِهنّ؛ الواحد مِرْط يكون من صوف، وربما كان من خز أَو غيره يؤتَزر به.
وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يُغَلِّس بالفجر فينصرف النساء مُتَلَفِّعات بمرُوطهنّ ما يُعرفْن من الغَلَس؛ وقال الحكم الخُضْري: تَساهَمَ ثَوْباها ففي الدِّرْعِ رَأْدةٌ، وفي المِرْطِ لَفّاوانِ، رِدْفُهما عَبْلُ قوله تساهم أَي تَقارَعَ.
والمِرْط: كل ثوب غير مَخِيط.
ويقال للفالُوذ المِرِطْراطُ والسِّرِطْراط، واللّه أَعلم.

صيد (لسان العرب) [0]


صاد الصَّيْدَ يَصِيدُه ويَصادُه صَيْداً إِذا أَخذه وتَصَيَّدَه واصْطادَه وصادَه إِياه. يقال: صِدْتُ فلاناً صَيْداً إِذا صِدْتَه له، كقولك بَغيتُه حاجة أَي بَغَيْتُها له. صادَ المكانَ واصْطادَه: صادَ فيه؛ قال: أَحَبُّ ما اصْطادَ مكانُ تَخْلِيَه وقيل: إِنه جَعَلَ المكانَ مُصْطاداً كما يُصْطادُ الوَحْش. قال سيبويه: ومن كلام العرب صِدْنا قَنَوَيْن؛ يريد صدنا وحْشَ قَنَوَيْن، وإِنما قَنوان اسم أَرض.
والصَّيْدُ: ما تُصُيِّدَ.
وقوله تعالى: أُحِلَّ لكم صَيْدُ البحرِ وطَعامُهُ؛ يجوز أَن يُعْنَى به عَيْنُ المُتَصيَّد، ويجوز أَن يكون على قوله صِدْنا قَنَوَين أَي صِدْنا وَحش قنوين. قال ابن سيده: قال ابن جني: وُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَ المَفْعُول، وقيل: كلُّ وحش صَيْدٌ، . . . أكمل المادة صِيدَ أَو لم يُصَدْ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وهذا قول شاذ.
وقد تكرر في الحديث ذِكْر الصَّيْد اسماً وفِعْلاً ومصدراً، يقال: صادَ يَصِيدُ صَيْداً، فهو صائِد ومَصِيد.
وقد يَقَعُ الصَّيْدُ على المَصِيد نَفْسِه تَسْمِيَةً بالمصدر؛ كقوله تعالى: لا تقتلوا الصَّيْدَ وأَنتم حُرُم؛ قيل: لا يقال للشيء صَيْدٌ حتى يكون ممتنعاً حلالاً لا مالك له.
وفي حديث أَبي قتادة قال له: أَصَدْتُمْ؛ يقال: أَصَدْتُ غيري إِذا حَمَلْتَه على الصَّيْدِ وأَغْرَيْتَه به.
وفي الحديث: إِنا اصَّدْنا حِمار وَحْش؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى بصاد مشدّدة، وأَصلُه اصْطَدنْا فقلبت الطاء صاداً وأُدغمت مثل اصْطَبر، وأَصل الطاء مبدلة من تاء افْتَعَل.
والمَصِيدَةُ والمِصْيَدَةُ والمَصْيَدَة كله: التي يُصادُ بها، وهي من بنات الياء المعتلة، وجمعها مَصايِدُ، بلا همز، مثل معايِشَ جمع مَعِيشَة. المِصيَدُ والمِصْيَدة، بالكسر: ما يُصادُ به.
وبخط الأَزهري: المَصْيَدُ والمَصْيَدَة، بالفتح.
وحكى ابن الأَعرابي: صِدْنا كَمْأَةً، قال: وهو من جيد كلام العرب، ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه يريد استَثَرْنا كما يُسْتَثارُ الوحش.
وحكى ثعلب: صِدْنا ماءَ السماءِ أَي أَخَدْناه. التهذيب: والعرب تقول خَرَجْنا نَصِيدُ بَيْضَ النعام ونَصِيدُ الكَمْأَةَ والافْتِعالُ منه الاصْطِيادُ. يقال: اصْطادَ يَصْطادُ فهو مُصْطاد، والمَصِيدُ مُصْطادٌ أَيضاً.
وخرج فلان يَتَصَيَّدُ الوَحْش أَي يطلب صيدها؛ قال ابن سيده: وأَما قول الشاعر: إِلى العَلَمَيْن أَدْهَمَ الهَمُّ والمُنى، يُرِيدُ الفُؤَادُ وَحْشَها فُيصَادُها قال: فسره ثعلب فقال: العَلَمان اسم امرأَة؛ يقول: أُريد أَن أَنساها فلا أَقْدِرُ على ذلك، ولم يزد على هذا التفسير.
وكلب وصقر صَيُود وكذلك الأُنثى والجمع صُيُد. قال: وحكى سيبويه عن يونس صِيدٌ أَيضاً، وكذلك فيمن قال رُسْل مخففاً؛ قال: وهي اللغة التميمية وتُكْسَرُ الصاد لتسلم الياء.والصَّيُودُ من النساء: السيئة الخُلُق.
وفي حديث الحجاج: قال لامرأَةٍ: إِنَّك كَنُونٌ كَفُوتٌ صَيُودٌ؛ أَراد أَنها تَصِيدُ شيئاً من زوجها، وفَعُولٌ من أَبْنِية المُبالغة.
والأَصْيَد: الذي لا يَسْتَطِيعُ الالتفاتَ، وقد صَيِدَ صَيَداً وصادَ، ومَلِكٌ أَصْيَدُ، وأَصْيَدَ الله بَعيرَهُ؛ قال ابن سيده: قال سيبويه: لم يُعِلُّوا الياء حين لحقته الزيادة وإِن لم يقولوا اصْيَدَّ تشبيهاً له بعَوِرَ.
والصادُ: عِرْق بين الأَنف والعين. ابن السكيت: الصادُ والصِّيد والصَّيَدُ داءٌ يصيب الإِبل في رؤُوسها فيسيل من أُنوفِها مِثْلُ الزَّبَد وتَسْمُو عند ذلك برؤُوسها.
وفي الحديث أَنه قال لعليّ: أَنتَ الذائِدُ عن حَوْضِي يومَ القيامةِ، تَذُودُ عنه الرجال كما يُذادُ البَعِيرُ الصادُ؛ يعني الذي به الصَّيَدُ وهو داء يصيب الإِبل في رؤُوسها فَتَسهيلُ أُنوفها وترفَعُ رؤُوسَهَا ولا تقدر أَن تَلْوِيَ معه أَعناقها. يقال: بعير صادٌ أَي ذو صادٍ، كما يقال: رجل مالٌ ويومٌ راحٌ أَي ذو مالٍ وريح.
وقيل: أَصلُ صادٍ صَيِد، بالكسر. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يروى صادٍ، بالكسر، على أَنه اسم فاعل من الصَّدَى العطش. قال: والصِّيدُ أَيضاً جمع الأَصْيَدِ.
وقال الليث وغيره: الصَّيَدُ مصْدَر الأَصْيَد، وهو الذي يرفع رأْسه كِبْراً؛ ومنه قيل للمَلِك: أَصْيَدُ لأَنه لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، وكذلك الذي لا يستطيع الالتفات من داء، والفعل صَيِدَ، بالكسر، يَصْيدُ؛ قال: أَهل الحجاز يُثْبتون الياء والواو نحو صَيِدَ وعَوِرَ، وغيرهم يقول صادَ يَصادُ وعار يعار. قال الجوهري: وإِنما صحت الياء فيه لصحتها في أَصله لتدل عليه، وهو اصْيَدَّ، بالتشديد، وكذلك اعْوَرَّ لأَن عَوِرَ واعْوَرَّ معناهما واحد، وإِنما حذفت منه الزوائد للتخفيف ولولا ذلك لقلت صادَ وعارَ وقَلَبْتَ الواو أَلفاً كما قلبتها في خاف؛ قال: والدليل على أَنه افْعَلَّ مجيءُ أَخواته على هذا في الأَلوان والعيوب نحو اسْوَدَّ واحْمَرَّ، ولذا قالوا عَوِرَ وعَرِجَ للتخفيف، وكذلك قياس عَمِيَ وإِن لم يسمع، ولهذا لا يقال من هذا الباب ما أَفعله في التعجب، لأَن أَصله يزيد على الثلاثيّ ولا يمكن بناء الرباعيّ من الرباعيّ، وإِنما يبنى الوزن الأَكثر من الأَقل.
وفي حديث ابن الأَكوع: قلت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِني رجل أَصْيَدُ، أَفَأُصَلِّي في القميص الواحد؟ قال: نعم وازْرُره عليك ولو بشَوْكَةٍ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو الذي في رقبته علة لا يمكنه الالتفات معها. قال: والمشهور إِني رجل أَصْيَدُ من الاصطياد. قال: ودواءُ الصَّيَد أَن يُكْوَى مَوْضِعٌ بين عينيه فيذهب الصَّيَد؛ وأَنشد: أَشْفي المَجانِينَ وأَكْوي الأَصْيَدا والصَّادُ: النحاسُ؛ قال أَبو عبيد: الصادُ قدُور الصُّفْرِ والنحاس؛ قال حسان بن ثابت: رَأَيْتُ قُدوُرَ الصادِ حَوْلَ بُيُوتِنا، قبَائِلَ سُحْماً في المَحِلة صُيَّما (* قوله «قبائل» في الأساس قنابل.) والجمع صِيدانٌ، والصادِيُّ منسوب إِليه، وقيل: الصادُ الصُّفْرُ نَفْسُه.
وقال بعضهم: الصَّيْدانُ النُّحاس؛ وقال كعب: وقِدْراً تَغْرَقُ الأَوْصالُ فِيه، من الصَّيْدانِ، مُتْرَعَةً رَكودا والصَّيْدانُ والصَّيْداءُ: حجر أَبيض تُعْمَلُ منه البِرامُ. غيره: والصِّيْدان، بالفتح، بِرامُ الحجارة؛ قال أَبو ذؤيب: وسُودٍ منَ الصَّيْدانِ فيها مَذانِبٌ نُضارٌ، إِذا لم نَسْتَفِدها نُعارُها قال ابن بري: ويروى هذا البيت بفتح الصاد من الصَّيْدان وكسرها، فمن فتحها جعل الصَّيْدان جمع صَيْدانة، فيكون من باب تمر وتمرة، ومن كسرها جعلها جمع صاد للنحاس، ويكون صادٌ وصيدانٌ بمنزلة تاج وتيجان.
وقوله فيها مذانِبُ نُضارٌ، يريد فيها مغارِفُ معمولة من النُّضار، وهو شجر معروف. قال: وأَما الحجارة التي تُعمل منها القُدور فهي الصَّيْداءُ، بالمدّ.
وقال النضر: الصَّيداءُ الأَرض التي تُرْبتها حمراء غليظة الحجارة مستوية بالأَرض.
وقال أَبو وَجُزةَ: الصَّيْداء الحصى؛ قال الشماخ: حَذاها مِنَ الصَّيْداءِ نَعْلاً طِراقُها حَوامي الكُراع المُؤْيَداتِ المعاور أَي حذاها حوّة (* قوله «حوة» كذا بالأصل المعوّل عليه والذي لياقوت في معجمه حرة، بالراء.) نِعالها الصخور. أَبو عمرو: الصَّيْداءُ الأَرض المستوية إِذا كان فيها حصر فهي قاع؛ قال: ويكون في البُرْمَةِ صَيْدانٌ وصيداء يكون فيها كهيئة بريق الذهب والفضة، وأَجوده ما كان كالذهب؛ وأَنشد:طِلْحٌ كَضاحِيَة الصَّيْداء مَهْزُولُ وصَيْدان الحصى: صغارها.
والصَّيْداء: أَرْضٌ عَليظَةٌ ذاتُ حجارة.
وبنو الصَّيْداءِ: حيّ من بني أَسَد.
وصَيْداء: موضع؛ وقيل: ماء بعينه.
والصائد: السّاقُ بلغة أَهل اليمن. ابن السكيت: والصَّيْدانَةُ الغول.
والصَّيْدانَةُ من النساء: السَّيّئَةُ الخُلُق الكثيرة الكلام.
وفي حديث جابر: كان يحلف أَنَّ ابنَ صَيَّادٍ الدجالُ، وقد اختلف الناس فيه كثيراً.
وهو رجل من اليهود أَو دَخِيلٌ فيهم، واسمه صافُ فيما قيل، وكان عنده شيء من الكَهانَة أَو السِّحْر، وجملة أَمره أَنه كان فِتْنَةً امْتَحَن اللهُ به عباده المؤمنين ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيّنَة ويحيا مَنْ حَيَّ عن بينة، ثم إِنه مات بالمدينة في الأَكثر، وقيل إِنه فُقِدَ يوم الحَرَّة فلم يجدوه، والله أَعلم.

طهر (لسان العرب) [0]


الطُّهْرُ: نقيض الحَيْض.
والطُّهْر: نقيض النجاسة، والجمع أَطْهار.
وقد طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عن سيبويه، وفي الصحاح: طَهَر وطَهُر، بالضم، طَهارةً فيهما، وطَهَّرْته أَنا تطهيراً وتطَهَّرْت بالماء، ورجل طاهِر وطَهِرٌ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد: أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حتى خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ قال ابن جني: جاء طاهِرٌ على طَهُر كما جاء شاعرٌ على شَعُر، ثم استغنَوْا بفاعل عن فَعِيل، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصورهم، يَدُلُّك على ذلك تسكيرُهم شاعراً على شُعَراء، لَمّا كان فاعلٌ هنا واقعاً موقع فَعِيل كُسِّر تكسِيرَه ليكون ذلك أَمارةً ودليلاً على إِرادته وأَنه مُغْنٍ عنه وبَدَلٌ منه؛ قال ابن سيده: قال أَبو . . . أكمل المادة الحسن: ليس كما ذكر لأَن طَهِيراً قد جاء في شعر أَبي ذؤيب؛ قال: فإِن بني، لِحْيان إِمَّا ذكرتهم، نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ قال: كذا رواه الأَصمعي بالطاء ويروى ظهير بالظاء المعجمة، وسيُذكر في موضعه، وجمع الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نادرة، وثيابٌ طَهارَى على غير قياس، كأَنهم جمعوا طَهْرانَ؛ قال امرؤ القيس: ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ، وأَوْجهُهم، عند المَشَاهِد، غُرّانُ وجمع الطَّهِر طهِرُونَ ولا يُكسّر.
والطُّهْر: نقيض الحيض، والمرأَة طاهِرٌ من الحيض وطاهِرةٌ من النجاسة ومن العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ ورجال طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابن سيده: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغتسلت من الحيض وغيرِه، والفتح أَكثر عند ثعلب، واسمُ أَيام طُهْرها (* هنا بياض في الأصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار) . . .
وطَهُرت المرأَة، وهي طاهرٌ: انقطع عنها الدمُ ورأَت الطُّهْر، فإِذا اغتسلت قيل: تَطَهَّرَت واطَّهَّرت؛ قال الله عز وجل: وإِن كنتم جُنُباً فاطَّهَّروا.
وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قوله عز وجل: ولا تَقْرَبُوهنّ حتى يَطْهُرن فإِذا تَطَهَّرْن فأْتُوهنّ من حيث أَمَرَكم الله؛ وقرئ: حتى يَطَّهَّرْن؛ قال أَبو العباس: والقراءة يطَّهَّرن لأَن من قرأَ يَطْهُرن أَراد انقطاع الدم، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلن، فصَيَّر معناهما مختلفاً، والوجه أَن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يُريد بهما جميعاً الغسل ولا يَحِلُّ المَسِيسُ إِلا بالاغتسال، ويُصَدِّق ذلك قراءةُ ابن مسعود: حتى يَتَطَهَّرْن؛ وقال ابن الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هو الكلام، قال: ويجوز طَهُرت، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، وقد تَطَهَّرت المرأَةُ واطّهّرت، فإِذا انقطع عنها الدم قيل: طَهُرت تَطْهُر، فهي طاهرٌ، بلا هاء، وذلك إِذا طَهُرَت من المَحِيض.
وأَما قوله تعالى: فيه رجال يُحِبُّون أَن يَتَطَهَّرُوا؛ فإِن معناه الاستنجاء بالماء، نزلت في الأَنصار وكانوا إِذا أَحْدَثوا أَتْبَعُوا الحجارة بالماء فأَثْنَى الله تعالى عليهم بذلك، وقوله عز وجل: هُنَّ أَطْهَرُ لكم؛ أَي أَحَلُّ لكم.
وقوله تعالى: ولهم فيها أَزواجٌ مُطَهَّرَة؛ يعني من الحيض والبول والغائط؛ قال أَبو إِسحق: معناه أَنهنّ لا يَحْتَجْنَ إِلى ما يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدنيا بعد الأَكل والشرب، ولا يَحِضْن ولا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُتَطَهَّرُ به، وهُنَّ مع ذلك طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كلها لأَن مُطَهَّرة أَبلغ في الكلام من طاهرة.
وقوله عز وجل: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ للطَّائِفينَ والعاكِفِين؛ قال أَبو إِسحق: معناه طَهِّراهُ من تعليق الأَصْنام عليه؛ الأَزهري في قوله تعالى: أَن طَهِّرَا بيتي، يعني من المعاصي والأَفعال المُحَرَّمة.
وقوله تعالى: يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرة؛ من الأَدْناس والباطل.
واستعمل اللحياني الطُّهْرَ في الشاة فقال: إِن الشاة تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر؛ قال ابن سيده: وهذا طَريفٌ جِدّاً، لا أَدْرِي عن العرب حكاه أَمْ هو أَقْدَمَ عليه.
وتَطَهَّرت المرأَة: اغتسلت.
وطَهَّره بالماء: غَسَلَه، واسمُ الماء الطَّهُور.
وكلُّ ماء نظيف: طَهُورٌ، وماء طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ به، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وليس كلُّ طاهرٍ طَهوراً. قال الأَزهري: وكل ما قيل في قوله عز وجل: وأَنْزَلْنا من السماء ماءً طهوراً؛ فإِن الطَّهُورَ في اللغة هو الطاهرُ المُطَهِّرُ، لأَنه لا يكون طَهوراً إِلا وهو يُتَطهّر به، كالوَضُوء هو الماء الذي يُتَوضَّأُ به، والنَّشُوق ما يُسْتَنْشق به، والفَطُور ما يُفْطَر عليه منْ شراب أَو طعام.
وسُئِل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ماء البحر فقال: هو الطَّهُور ماؤه الحِلُّ مَيْتَتُه؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه طاهر يُطَهِّر.
وقال الشافعي، رضي الله عنه: كلُّ ماء خَلَقَه الله نازلاً من السماء أو نابعاً من عين في الأَرض أَو بحْرٍ لا صَنْعة فيه لآدَميٍّ غير الاسْتِقاء، ولم يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه ولم يتغيّر طعمُه منه، فهو طَهُور، كما قال الله عز وجل وما عدا ذلك من ماء وَرْدٍ أَو وَرَقٍ شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل من كَرْم فإِنه، وإِن كان طاهراً، فليس بطَهُور.
وفي الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُورٍ، قال ابن الأَثير: الطُّهور، بالضم، التطهُّرُ، وبالفتح: الماءُ الذي يُتَطَهَّرُ به كالوَضُوء.
والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وقال سيبويه: الطَّهور، بالفتح، يقع على الماء والمَصْدر معاً، قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون الحديث بفتح الطاء وضمها، والمراد بهما التطهر.
والماء الطَّهُور، بالفتح: هو الذي يَرْفَعُ الحدَث ويُزِيل النَجَسَ لأَن فَعُولاً من أَبنية المُبالَغة فكأَنه تَنَاهى في الطهارة.
والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل في الوُضوء والغُسْل.
والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الذي يُتَوَضَّأُ به ويُتَطَهَّر به.
والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، على التشبيه بذلك، والجمع المَطَاهِرُ؛ قال الكميت يصف القطا: يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ جِي في أَساقٍ كالمَطاهِرْ وكلُّ إِناء يُتَطَهَّر منه مثل سَطْل أَو رَكْوة، فهو مِطْهَرةٌ. الجوهري: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، والفتح أَعلى.
والمِطْهَرَةُ: البيت الذي يُتَطَهّر فيه.
والطَّهارةُ، اسمٌ يقوم مقام التطهّر بالماء: الاستنجاءُ والوُضوءُ.
والطُّهارةُ: فَضْلُ ما تَطَهَّرت به.
والتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عن الإِثم وما لا يَجْمُل.
ورجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه؛ ومنه قول الله عز وجل في ذكر قوم لوط وقَوْلِهم في مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهم أُناسٌ يَتَطَهَّرُون؛ أَي يتنزَّهُون عن إِتْيان الذكور، وقيل: يتنزّهون عن أَدْبار الرجال والنساء؛ قالهُ قوم لوط تهكُّماً.
والتطَهُّر: التنزُّه عما لا يَحِلُّ؛ وهم قوم يَتَطَهَّرون أَي يتنزَّهُون من الأَدناسِ.
وفي الحديث: السِّواكُ مَطْهرةٌ للفم.
ورجل طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طاهرة، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ أَي ليس بذي دَنَسٍ في الأَخْلاق.
ويقال: فلان طاهر الثِّياب إِذا لم يكن دَنِسَ الأَخْلاق؛ قال امرؤ القيس: ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ وقوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ؛ معناه وقَلْبَك فَطهِّر؛ وعليه قول عنترة: فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه، ليس الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ أَي قَلْبَه، وقيل: معنى وثيابك فطهر، أَي نَفْسَك؛ وقيل: معناه لا تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الغادر دَنِسُ الثِّياب. قال ابن سيده: ويقال للغادر دَنِسُ الثياب، وقيل: معناه وثيابك فقَصِّر فإِن تقصير الثياب طُهْرٌ لأَن الثوب إِذا انْجرَّ على الأَرض لم يُؤْمَنْ أَن تصيبَه نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه من النجاسة؛ والتَّوْبةُ التي تكون بإِقامة الحدّ كالرَّجْمِ وغيره: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وقيل معنى قوله: وثيابك فطهِّرْ، يقول: عَملَك فأَصْلِح؛ وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله: وثيابك فطهّر، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على معصية ولا على فجُورٍ وكُفْرٍ؛ وأَنشد قول غيلان: إِني بِحَمْد الله، لا ثوبَ غادِرٍ لَبِستُ، ولا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع الليث: والتوبةُ التي تكون بإِقامة الحُدُود نحو الرَّجْم وغيره طَهُورٌ للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، وقد طَهّرَه الحدُّ وقوله تعالى: لا يَمسُّه إِلا المطَهَّرون؛ يعني به الكِتَابَ لا يمسّه إِلا المطهرون عنى به الملائكة، وكلُّه على المَثَل، وقيل: لا يمسُّه في اللوح المحفوظ إِلا الملائكة.
وقوله عز وجل: أُولئك الذين لم يُرِد اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهم؛ أَي أَن يَهدِيَهم.
وأَما قوله: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فالهاء فيه بدل من الحاء في طَحَره؛ كما قالوا مدَهَه في معنى مَدَحَه.
وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سمّاه المسلمون تطهيراً لأَن النصارى لما تركوا سُنَّةَ الخِتانِ غَمَسُوا أَوْلادَهم في ماء صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ المولود وقالوا: هذه طُهْرَةُ أَوْلادِنا التي أُمِرْنا بها، فأَنْزل الله تعالى: صِبْغةَ الله ومَنْ أَحْسَنُ مِن اللهِ صِبْغةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه لا صِبْغَةَ النصارى، فالخِتانُ هو التطهِيرُ لا ما أَحْدَثَه النصارى من صِبْغَةِ الأَوْلادِ.
وفي حديث أُم سلمة: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي في المكان القَذِر، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يُطَهِّرُه ما بعده؛ قال ابن الأَثير: هو خاص فيما كان يابساً لا يَعْلَقُ بالثوب منه شيء، فأَما إِذا كان رَطْباً فلا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وقال مالك: هو أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثم يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ فإِنَّ بعضها يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مثل البول ونحوه تُصِيب الثوب أَو بعضَ الجسد، فإِن ذلك لا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قال ابن الأَثير: وفي إِسناد هذا الحديث مَقالٌ.

بلل (لسان العرب) [0]


البَلَل: النَّدَى. ابن سيده. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قال بعض الأَغْفال: وقِطْقِطُ البِلَّة في شُعَيْرِي أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فقلب.
والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّه بالماء وغيره يَبُلُّه بَلاًّ وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قال ذو الرمة: وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى، سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا والبَلُّ: مصدر بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلاًّ. الجوهري: بَلَّه يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ.
والبِلال: الماء.
والبُلالة: البَلَل.
والبِلال: جمع بِلَّة نادر.
واسْقِه على بُلَّتِه أَي ابتلاله.
وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى.
والبَلِيل والبَلِيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِيل، وقد بَلَّتْ تَبِلُّ بُلولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم: إِنِّي . . . أكمل المادة رأَيتُ عِدَاتِكم كالغَيْث، ليس له بَلِيل فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت معه ريح بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: البَلِيلة الريح المُمْغِرة، وهي التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَبَلُّ الرِّياح.
وريح بَلَّة أَي فيها بَلَل.
وفي حديث المُغيرة: بَلِيلة الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الريح فيها نَدى، جعل الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم.
ويقال: ما سِقَائك بِلال أَي ماء.
وكُلُّ ما يُبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن مروان بن زِنْبَاع: كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه، صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً: وصلها.
وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة. قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا البَلَّ لمعنى الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً سأَبُلُّها بِبلالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.
والبِلال: جمع بَلَل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال، أَراد به اللبن، وقيل المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَلاً من عَيْش أَي خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى: إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها، ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلالَها وقول الشاعر: والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلاَّن، فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن قال ابن سيده: يجوز أَن يكون البُلاَّن اسماً واحداً كالغُفْران والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض.
ويقال: ما في سِقَائك بِلال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلال. ابن الأَعرابي: البُلْبُلة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن الأَعرابي: التَّبَلُّل (* قوله «التبلل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس). الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري: أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه، وتَبْلالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو له.
والبِلَّة: الخَيْر والرزق.
والبِلُّ: الشِّفَاء.
ويقال: ما قَدِمَ بِهِلَّة ولا بِلَّة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّة؛ قال ابن السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلل والخير.
وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّة أَي شيئاً.
وفي الحديث: من قَدَّر في مَعِيشته بَلَّه الله أَي أَغناه.
وبِلَّة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّة لسانه وما يقع لسانه إِلا على بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي: يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد، ومن جانب الوادي الحَمام المُبَلِّلا وقال: المبَلِّل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّة لسانه أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.
وبَلَّ يَبُلُّ بُلولاً وأَبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد: من صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده.
وبَلَّ من مرضه يَبِلُّ بَلاًّ وبَلَلاً وبُلولاً واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال الشاعر: إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً: صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها، ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ الكسائي والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت من المرض، بفتح اللام، من بَلَلْت.
والبِلَّة: العافية.
وابْتَلَّ وتَبَلَّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.
والبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شفاء من قولهم بَلَّ فلان من مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق، يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث: هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل، فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن بِلاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلاًّ مباح في لغة حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان الواو.
والبُلَّة، بالضم: ابتلال الرُّطْب.
وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة الرُّطْب.
وذهبت بُلَّة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد لإِهاب ابن عُمَيْر: حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل، وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ، والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: البُلَّة بقية الكَلإِ.
وطويت الثوب على بُلُلَته وبُلَّته وبُلالته أَي على رطوبته.
ويقال: اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته أَي اطوه وهو نديّ قبل أَن يتكسر.
ويقال: أَلم أَطْوك على بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ بن عامر الأَسدي: ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُلاتِكم، وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة.
وبُلُلات، بضم اللام: جمع بُلُلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَلاتكم، بفتح اللام، الواحدة بُلَلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على بُلُلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَله لم يَتَكسَّر ولم يَتَباين.
وانصرف القوم ببَلَلتهم وبُلُلتهم وبُلولتهم أَي وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا ببَلَلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه بِلال الرَّحِم.
وبَلَلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُلته وبُلولته وبَلَّته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛ وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلولتَه، طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق قال: وتميم تقول البُلولة من بِلَّة الثرى، وأَسد تقول: البَلَلة.
وقال الليث: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّته وبُلالته وبُلُوله وبُلُولته وبُلُلته وبُلَلته إِذا احتملته على ما فيه من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر: طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُلاتهم، وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع البُلَّة بِلال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال الراجز: وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه، على بِلال نَفْسه طَوَيْتُه وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على بُلَّته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.
وبَلِلْتُ به بَلَلاَ: ظَفِرْتُ به.
وقيل: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت به؛ حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِلْت من فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص.
وبَلِلْت به بَلَلاً: صَلِيت وشَقِيت.
وبَلِلْت به بَلَلاَ وبَلالة وبُلولاً وبَلَلْت: مُنِيت به وعُلِّقْته.
وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قال: دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب، بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب، فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام على صحبته، وبَلَّ يَبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر: فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا ويروى فبَلِّي يا غنيّ. الجوهري: بَلِلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري: بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص، بَلَّ بها أَحمر ذو دريص يقال: لئن بَلَّتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر: البَذْرُ والبُلَل واحد، يقال: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل.
ورجل بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال: وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ، وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم ولا تَبُلُّك عندي بالَّة وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك.
ويقال: لا تُبَلُّ لفلان عندي بالَّة وبَلالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير.
وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه: فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية: نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه، كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل، تَبُلُّك بعدها فينا بَلالِ فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ، وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه.
والبَلَّة: الغنى بعد الفقر.
وبَلَّت مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر: فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها، وكان لها باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ وأَبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض.
وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.
والأَبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد الأَسدي: ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا جدالَك في الدَّيْن بَلاًّ حَلوفا (* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلفظ: «جدالك مالاً وبلا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل الغني).وقال الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً إِذا امتنع وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَبَلُّ؛ وقال الشاعر: أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟ وهل يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟ وقيل: الأَبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلاَّء وقد بَلَّ بَلَلاً في كل ذلك؛ عن ثعلب. الكسائي: رجل أَبَلُّ وامرأَة بَلاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما عنده من اللؤم، ورجل أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.
وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛ وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّيٍّ، وهو مِنْ بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة أُخرى بذي بِلِّيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي: يَنام ويذهب الأَقوام حتى يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّيان يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا يَعْرِف مكانَهم من طول نومه.
وأَبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة: أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله يُبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ الباء في بمثله متعلقة بقوله يُبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم وتفخيم.
وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك (* قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على ما تريد؛ وأَنشد: أَبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه وصَفاة بَلاَّء أَي مَلْساء.
ورجل بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: جِدَالَكَ مالاً وبَلاًّ حَلُوفا والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط.
وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ تَرْعى بَلَّتَها؟ البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قبل أَن ينعقد. التهذيب: البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم أَول ما يخرج من بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة عِراض.
وبِلال: اسم رجل.
وبِلال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الحبشة.
وبِلال آباد: موضع. التهذيب: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: البُلْبُل طائر حَسَن الصوت يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر.
والبُلْبُل: قَناةُ الكوز الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: البُلْبلة ضرب من الكيزان في جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء.
وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه وبدَّده.والمُبَلِّل: الطاووس الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت.
والبَلْبلة: تفريق الآراء.
وتَبَلْبَلت الأَلسن: اختلطت.
والبَلْبَلة: اختلاط الأَلسنة. التهذيب: البَلْبلة بَلْبلة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم تلك الريح في البلاد.
والبَلْبلة والبَلابل والبَلْبال: شدَّة الهم والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر.
وفي حديث سعيد بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة، إِنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري: البلابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي: سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك، أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْبالها؟ ويروى: سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟ ووائل: أَخو باعث بن صُرَيم.
وبَلْبَل القومَ بَلْبلة وبِلْبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم، والاسم البَلْبال، وجمعه البَلابِل.
والبَلْبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك البَلْبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد: فبات منه القَلْبُ في بَلْبالَه، يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله ورجل بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم: قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف.
ورجل بُلابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء.
والبُلْبُل من الرجال: الخَفِيفُ؛ قال كثير بن مُزَرِّد: سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.
والبُلْبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس.
وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وهما الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد: إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَليل أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلالة ولا عُلالة أَي ما فيه بَقِيَّة.
وبُلْبُول: اسم بلد.
والبُلْبُول: اسم جَبَل؛ قال الراجز: قد طال ما عارَضَها بُلْبُول، وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.
ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول، وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلى: بَلى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ بربكم قالوا بَلى؛ قال: وإِنما صارت بَلى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع (* قوله «كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو إِيجاب، قال: وبَلى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها، وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ. الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز: بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر: بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛ قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم الشعر فيقول: . . . . . . بل ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا ويقول: . . . . . . بل وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها، تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها، كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما قبله؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو: أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ، بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو: بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ، يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها واواً قلت بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء.
ومنهم من يجعل نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل رُبَيْبٌ، والله أَعلم.

فجر (لسان العرب) [0]


الفَجْر: ضوء الصباح وهو حُمْرة الشمس في سواد الليل، وهما فَجْرانِ: أَحدهما المُسْتطيل وهو الكاذب الذي يسمى ذَنَبَ السِّرْحان، والآخر المُسْتطير وهو الصادق المُنتَشِر في الأُفُقِ الذي يُحَرِّم الأَكل والشرب على الصائم ولا يكون الصبحُ إِلا الصادقَ. الجوهري: الفَجْر في آخر الليل كالشَّفَقِ في أَوله. ابن سيده: وقد انْفَجَر الصبح وتَفَجَّر وانْفَجَر عنه الليلُ.
وأَفْجَرُوا: دخلوا في الفَجْر كما تقول: أَصبحنا، من الصبح؛ وأَنشد الفارسي:فما أَفْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بسُدْفةٍ عَلاجيمُ، عَيْنُ ابْنَيْ صُباحٍ تُثيرُها وفي كلام بعضهم: كنت أَحُلّ إِذا أَسحرْت، وأَرْحَلُ إِذا أَفْجَرْت.
وفي الحديث: أُعَرّسُ إِذا أَفْجَرْت، وأَرْتَحِل إِذا أَسْفَرْت أَي أَنزل للنوم والتعريس إِذا . . . أكمل المادة قربت من الفجر، وأَرتحل إِذا أَضاء. قال ابن السكيت: أَنت مُفْجِرٌ من ذلك الوقت إِلى أَن تطلع الشمس.
وحكى الفارسي: طريقٌ فَجْرٌ واضح: والفِجار: الطُّرُقُ مثل الفِجاج.
ومُنْفَجَرُ الرمل: طريق يكون فيه.
والفَجْر: تَفْجيرُكَ الماء، والمَفْجَرُ: الموضع يَنْفَجِرُ منه.
وانْفَجَر الماءُ والدمُ ونحوهما من السيّال وتَفَجَّرَ: انبعث سائلاً.
وفَجَرَه هو يَفْجُره، بالضم، فَجْراً فانْفَجَرَ أَي بَجَسه فانْبَجَس.
وفَجَّره: شُدّد للكثرة؛ وفي حديث ابن الزبير: فَجَّرْت بنفسك أَي نسبتها إِلى الفُجورِ كما يقال فَسَّقْته وكَفَّرْته.
والمَفْجَرةُ والفُجْرةُ، بالضم: مُنْفَجَر الماء من الحوض وغيره، وفي الصحاح: موضع تَفَتُّح الماء.
وفَجْرَة الوادي: مُتَّسعه الذي ينفجر إِليه الماء كثُجْرتَه.
والمَفْجَرة: أَرض تطمئنّ فتنفجر فيها أَوْدِية.
وأَفْجَرَ يَنْبُوعاً من ماء أَي أَخرجه.
ومَفاجر الوادي: مَرَافضه حبث يرفضُّ إِليه السيل.
وانْفَجَرَتْ عليهم الدواهي: أَتتهم من كل وجه كثيرة بَغْتة؛ وانْفَجَر عليهم القومُ، وكله على التشبيه.
والمُتَفَجِّر: فرس الحرث بن وَعْلَةَ كأَنه يَتَفَجَّرُ بالعرق.
والفَجَر: العطاء ولكرم والجود والمعروف؛ قال أَبو ذؤيب: مَطاعيمُ للضَّيْفِ حين الشِّتا ءِ، شُمُّ الأُنوفِ، كثِيرُو الفَجَرْ وقد تَفَجَّرَ بالكَرم وانْفَجَرَ. أَبو عبيدة: الفَجَر الجود الواسع والكرم، من التَّفَجُّرِ في الخير؛ قال عمرو بن امرئ القيس الأَنصاري يخاطب مالك بن العجلان: يا مالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قد يُبْطِرُه، بَعْدَ رأْيهِ، السَّرَفُ نَحْنُ بما عندنا، وأَنت بما عِندك راضٍ، والرأْي مختلفُ يا مالِ، والحَقُّ إِن قَنِعْتَ به، فالحقُّ فيه لأَمرِنا نَصَفُ خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ، والحقُّ، يا مالِ، غيرُ ما تَصِفُ إِنَّ بُجَيْراً مولىً لِقَوْمِكُمُ، والحَقُّ يُوفى به ويُعْتَرَفُ قال ابن بري: وبيت الاستشهاد أَورده الجوهري: خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ، والبَغْيُ، يا مالِ، غيرُ ما تَصفُ قال: وصواب إِنشاده: والحق، يا مال، غير ما تصف قال: وسبب هذا الشعر أَنه كان لمالك بن العَجْلان مَوْلى يقال له بُجَيْر، جلس مع نَفَرٍ من الأَوْس من بني عمرو بن عوف فتفاخروا، فذكر بُجَيْر مالك بن العجلان وفضله على قومه، وكان سيد الحيَّيْنِ في زمانه، فغضب جماعة من كلام بُجير وعدا عليه رجل من الأَوس يقال له سُمَيْر بن زيد ابن مالك أَحد بني عمرو بن عوف فقتله، فبعث مالك إِلى عمرو بن عوف أَن ابعثوا إِليَّ بسُمَيْر حتى أَقتله بَمَوْلايَ، وإِلا جَرَّ ذلك الحرب بيننا، فبعثوا إِليه: إِنا نعطيك الرضا فخذ منا عَقْله، فقال: لا آخذ إِلا دِيَةَ الصَّريحِ، وكانت دية الصَّريح ضعف دية المَوْلى، وهي عشر من الإِبل، ودِيةُ المولى خمس، فقالوا له: إِن هذا منك استذلال لنا وبَغْيٌ علينا، فأَبى مالك إِلا أَخْذَ دِيَةِ الصريح، فوقعت بينهم الحرب إِلى أَن اتفقوا على الرضا بما يحكم به عمرو بن امرئ القيس، فحكم بأَن يُعْطى دية المولى، فأَبى مالك، ونَشِبَت الحرب بينهم مدة على ذلك. ابن الأَعرابي: أَفْجَر الرجلُ إِذا جاء بالفَجَرِ، وهو المال الكثير، وأَفْجَرَ إِذا كذب، وأَفْجَرَ إِذا عصى، وأَفْجَرَ إِذا كفر.
والفَجَرُ: كثرة المال؛ قال أَبو مِحْجن الثقفي: فقد أَجُودُ، وما مَالي بذي فَجَرٍ، وأَكْتُم السرَّ فيه ضَرْبَةُ العُنُقِ ويروى: بذي قَنَعٍ، وهو الكثرة، وسيأْتي ذكره.
والفَجَر: المال؛ عن كراع.
والفَاجرُ: الكثير المالِ، وهو على النسب.
وفَجَرَ الإِنسانُ يَفْجُرُ فَجْراً وفُجوراً: انْبَعَثَ في المعاصي.
وفي الحديث: إِن التُّجَّار يُبْعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى الله؛ الفُجَّار: جمع فاجِرٍ وهو المْنْبَعِث في المعاصي والمحارم.
وفي حديث ابن عباس، رضي عنهما، في العُمْرة: كانوا يَرَوْنَ العمرة في أَشهر الحج من أَفْجَرِ الفُجورِ أَي من أَعظم الذنوب؛ وقول أَبي ذؤيب: ولا تَخْنُوا عَلَيَّ ولا تَشِطُّوا بقَوْل الفَجْرِ، إِنَّ الفَجْر حُوبُ يروى: الفَجْر والفَخْر، فمن قال الفَجْر فمعناه الكذب، ومن قال الفَخر فمعناه التَّزَيُّد في الكلام.
وفَجَرَ فُجُوراً أَي فسق.
وفَجَر إِذا كذب، وأَصله الميل.
والفاجرُ: المائل؛ وقال الشاعر: قَتَلْتُم فتًى لا يَفْجُر اللهَ عامداً، ولا يَحْتَويه جارُه حين يُمْحِلُ أَي لا يَفْجُر أَمرَ الله أَي لا يميل عنه ولا يتركه. الهوزاني: الافْتِجارُ في الكلام اخْتِراقُه من غير أَن تَسْمعه من أَحد فَتَتَعَلَّمَهُ؛ وأَنشد: نازِعِ القومَ، إِذا نازَعْتَهُمْ، بأَرِيبٍ أَو بِحَلاَّفٍ أَيَلْ يَفْجُرُ القولَ ولم يَسْمَعْ به، وهو إِنْ قيلَ: اتَّقِ اللهَ، احْتَفَلْ وفَجَرَ الرجلُ بالمرأَة يَفْجُر فُجوراً: زنا.
وفَجَرَت المرأَة: زنت.
ورجل فاجِرٌ من قوم فُجَّارٍ وفَجَرَةٍ، وفَجورٌ من قوم فُجُرٍ، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ وقوله عز وجل: بل يريد الإِنسان ليَفْجُرَ أَمامَهُ؛ أَي يقول سوف أَتوب؛ ويقال: يُكْثرُ الذنوبَ ويؤخّر التوبة، وقيل: معناه أَنه يسوِّف بالتوبة ويقدم الأَعمال السيئة؛ قال: ويجوز، والله أَعلم، ليَكْفُر بما قدّامه من البعث.
وقال المؤرج: فَجَرَ إِذا ركب رأْسه فمضى غير مُكْتَرِثٍ. قال: وقوله ليَفْجُرَ، ليمضي أَمامه راكباً رأْسه. قال: وفَجَرَ أَخطأَ في الجواب، وفَجَرَ من مرضه إِذا برأَ، وفَجَرَ إِذا كلَّ بصرُه. ابن شميل: الفُجورُ الركوب إِلى ما لا يَحِلُّ. فلان على فَجْرَةَ واشتمل على فَجْرَةَ إِذا ركب أَمراً قبيحاً من يمين كاذبة أَو زِناً أَو كذب. قال الأَزهري: فالفَجْرُ أَصله الشق، ومنه أُخِذَ فَجْرُ السِّكْرِ، وهو بَثْقُه، ويسمى الفَجْرُ فَجْراً لانْفِجارِه، وهو انصداع الظلمة عن نور الصبح.
والفُجورُ: أَصله الميل عن الحق؛ قال لبيد يخاطب عمه أَبا مالك: فقلتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِكَ، واعْلَمَنْ بأَنك، إِنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ فأَصْبَحْتَ أَنَّى تأْتِها تَبْتَئِسْ بها، كِلا مَرْكَبَيها، تحتَ رِجْلِكَ، شاجِرُ فإِن تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدِّماً غليظاً، وإِن أَخَّرْتَ فالكِفْلُ فاجِرُ يقول: مَقْعد الرديف مائل.
والشاجر: المختلف.
وأَحْناءَ طَيرِك أَي جوانب طَيْشِكَ.
والكاذب فاجرٌ والمكذب فاجرٌ والكافر فاجرٌ لميلهم عن الصدق والقصد؛ وقول الأَعرابي لعمر: فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ أَي مال عن الحق، وقيل في قوله: ليَفْجُرَ أَمامه: أَي ليُكَذِّبَ بما أَمامه من البعث والحساب والجزاء.
وقول الناس في الدعاء: ونَخْلَع ونترك مَنْ يَفْجُرُك؛ فسره ثعلب فقال: مَنْ يَفْجُرُك من يعصيك ومن يخالفك، وقيل: من يضع الشيء في غير موضعه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً استأْذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه، فقال له: إِن أَطلقتني وإِلا فَجَرْتُكَ؛ قوله: وإِلا فَجَرْتُكَ أَي عصيتك وخالفتك ومضيت إِلى الغَزْوِ، يقال: مال من حق إِلى باطل. ابن الأَعرابي: الفَجُور والفاجِرُ المائل والساقط عن الطريق.
ويقال للمرأَة: يا فَجارِ معدول عن الفاجِرةِ، يريد: يا فاجِرةُ.
وفي حديث عائشة (* قوله« وفي حديث عائشة» كذا بالأصل.
والذي في النهاية: عاتكة،) رضي اللَّه عنها: يا لَفُجَر هو معدول عن فاجِرٍ للمبالغة ولا يستعمل إِلا في النداء غالباً.
وفَجارِ: اسم للفَجْرَة والفُجورِ مثل قَطامِ، وهو معرفة؛ قال النابغة: إِنا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بيننا: فَحَمَلْتُ بَرَّةَ، واحتملتَ فَجارِ قال ابن سيده: قال ابن جني: فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ علم غير مصروف، كما أَن بَرَّةَ كذلك؛ قال: ووقول سيبويه إِنها معدولة عن الفَجْرَةِ تفسير على طريق المعنى لا على طريق اللفظ، وذلك أَن سيبويه أَراد أَن يعرِّف أَنه معدول عن فَجْرَةَ علماً فيريك ذلك فعدل عن لفظ العلمية المراد إِلى لفظ التعريف فيها المعتاد، وكذلك لو عدلتَ عن بَرَّةَ قلت بَرَارِ كما قلت فَجارِ، وشاهد ذلك أَنهم عدلوا حَذام وقَطام عن حاذمة وقاطمة، وهما علمان، فكذلك يجب أَن تكون فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ علماً أَيضاً.
وأَفْجَرَ الرجلَ: وجده فاجِراً.
وفَجَرَ أَمرُ القوم: فسد.
والفُجور: الرِّيبة، والكذب من الفُجُورِ.
وقد ركب فلان فَجْرَةَ وفَجارِ، لا يُجْرَيان، إِذا كذب وفَجَرَ.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِياكم والكذب فإِنه مع الفُجُورِ، وهما في النار؛ يريد الميل عن الصدق وأَعمال الخير.
وأَيامُ الفِجارِ: أَيامٌ كانت بين قَيْسٍ وقريش.
وفي الحديث: كنت أَيام الفِجارِ أَنْبُلُ على عمومتي، وقيل: أَيام الفِجارِ أَيام وقائع كانت بين العرب تفاجروا فيها بعُكاظَ فاسْتَحَلُّوا الحُرُمات. الجوهري: الفِجارُ يوم من أَيام العرب، وهي أَربعة أَفْجِرَةٍ كانت بين قريش ومَن معها من كِنانَةَ وبين قَيْس عَيْلان في الجاهلية، وكانت الدَّبْرة على قيس، وإِنما سَمَّتْ قريش هذه الحرب فِجاراً لأَنها كانت في الأَشهر الحرم، فلما قاتلوا فيها قالوا: قد فَجَرْنا فسميت فِجاراً.
وفِجاراتُ العرب: مفاخراتها، واحدها فِجارٌ.
والفِجاراتُ أَربعة: فِجار الرجل، وفِجار المرأَة، وفِجار القِرْد، وفِجار البَرَّاضِ، ولكل فِجار خبر.
وفَجَرَ الراكبُ فُجوراً: مال عن سرجه.
وفَجَرَ؛ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اسْتَحْمَلَه أَعرابي وقال: إِن ناقتي قد نَقِبتْ، فقال له: كذبتَ، ولم يحمله، فقال: أَقْسَمَ بال أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ، فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ أَي كذب ومال عن الصدق.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لأَن يُقَدَّمَ أَحدُكم فتُضْرَب عُنُقُه خير له من أَن يَخُوض غَمَراتِ الدنيا، يا هادي الطريق جُرْتَ، إِنما الفَجْر أَو البحر؛ يقول: ان انتظرت حتى يضيء لك الفجرُ أَبْصَرْتَ قصدك، وإِن خَبَطت الظلماء وركبت العَشْواء هجما بك على المكروه؛ يضرب الفَجْر والبحر مثلاً لغمرات الدنيا، وقد تقدم البحرُ في موضعه.

ألف (لسان العرب) [0]


الأَلْفُ من العَدَد معروف مذكر، والجمع آلُفٌ؛ قال بُكَيْر أَصَمّ بني الحرث بن عباد: عَرَباً ثَلاثَة آلُفٍ، وكَتِيبةً أَلْفَيْنِ أَعْجَمَ من بَني الفَدّامِ وآلافٌ وأُلُوفٌ، يقال ثلاثةُ آلاف إلى العشرة، ثم أُلُوفٌ جمع الجمع. قال اللّه عز وجل: وهم أُلُوفٌ حَذَرَ الـمَوْتِ؛ فأَما قول الشاعر: وكان حامِلُكُم مِنّا ورافِدُكُمْ، وحامِلُ المِينَ بعد المِينَ والأَلَفِ إنما أَراد الآلافَ فحذف للضرورة، وكذلك أَراد المِئِين فحذف الهمزة.
ويقال: أَلْفٌ أَقْرَعُ لأَن العرب تُذَكِّرُ الأَلفَ، وإن أُنّث على أَنه جمع فهو جائز، وكلام العرب فيه التذكير؛ قال الأَزهري: وهذا قول جميع النحويين.
ويقال: هذا أَلف واحد ولا يقال واحدة، وهذا أَلف أَقْرَعُ أَي تامٌّ . . . أكمل المادة ولا يقال قَرْعاءُ. قال ابن السكيت: ولو قلت هذه أَلف بمعنى هذه الدراهمُ أَلف لجاز؛ وأَنشد ابن بري في التذكير: فإنْ يَكُ حَقِّي صادِقاً، وهو صادِقي، نَقُدْ نَحْوَكُمْ أَلْفاً من الخَيْلِ أَقْرَعا قال: وقال آخر: ولو طَلَبُوني بالعَقُوقِ، أَتَيْتُهُمْ بأَلْفٍ أُؤَدِّيهِ إلى القَوْمِ أَقْرَعا وأَلَّفَ العَدَدَ وآلَفَه: جعله أَلْفاً.
وآلَفُوا: صاروا أَلفاً.
وفي الحديث: أَوَّلُ حَيّ آلَفَ مع رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، بنو فلان. قال أَبو عبيد: يقال كان القوم تِسْعَمائة وتِسْعةً وتسعين فآلفْتُهم، مَـمْدُود، وآلَفُوا هم إذا صاروا أَلفاً، وكذلك أَمـْأَيْتُهم فأَمـْأَوْا إذا صاروا مائةً. الجوهري: آلَفْتُ القومَ إيلافاً أَي كَمَّلْتُهم أَلفاً، وكذلك آلَفْتُ الدراهِمَ وآلَفَتْ هي.
ويقال: أَلْفٌ مؤَلَّفَةٌ أَي مُكَمَّلةٌ.
وأَلَفَه يأْلِفُه، بالكسر، أَي أَعْطاه أَلفاً؛ قال الشاعر: وكَريمةٍ مِنْ آلِ قَيْسَ أَلَفْتُه حتى تَبَذَّخَ فارْتَقى الأَعْلامِ أَي ورُبَّ كَريمةٍ، والهاء للمبالغة، وارْتَقى إلى الأعْلام، فحَذَف إلى وهو يُريده.
وشارَطَه مُؤَالَفةً أَي على أَلف؛ عن ابن الأعرابي.
وألِفَ الشيءَ أَلْفاً وإلافاً ووِلافاً؛ الأَخيرة شاذّةٌ، وأَلَفانا وأَلَفَه: لَزمه، وآلَفَه إيّاه: أَلْزَمَه.
وفلان قد أَلِفَ هذا الموْضِعَ، بالكسر، يأْلَفُه أَلفاً وآلَفَه إيّاه غيرُه، ويقال أَيضاً: آلَفْتُ الموضع أُولِفُه إيلافاً، وكذلك آلَفْتُ الموضِعَ أُؤالِفُه مُؤَالَفة وإلافاً، فصارت صُورةُ أَفْعَلَ وفاعَلَ في الماضي واحدة، وأَلَّفْتُ بين الشيئين تأْلِيفاً فتأَلَّفا وأْتَلَفا.
وفي التنزيل العزيز: لإيلافِ قُريش إيلافِهم رِحْلةَ الشِّتاء والصَّيْفِ؛ فيمن جعل الهاء مفعولاً ورحلةَ مفعولاً ثانياً، وقد يجوز أَن يكون المفعول هنا واحداً على قولك آلَفْتُ الشيء كأَلِفْتُه، وتكون الهاء والميم في موضع الفاعل كما تقول عجبت من ضَرْبِ زيدٍ عمراً، وقال أَبو إسحَق في لإيلافِ قريس ثلاثة أَوجه: لإيلاف، ولإِلاف، ووجه ثالث لإلْفِ قُرَيْشٍ، قال: وقد قُرئ بالوجهين الأَولين. أَبو عبيد: أَلِفْتُ الشيء وآلَفْتُه بمعنى واحد لزمته، فهو مُؤْلَفٌ ومأْلُوفٌ.
وآلَفَتِ الظّباءُ الرَّمْلَ إذا أَلِفَتْه؛ قال ذو الرمة: مِنَ الـمُؤْلِفاتِ الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٌ، شُعاعُ الضُّحَى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُّ أَبو زيد: أَلِفْتُ الشيءَ وأَلِفْتُ فلاناً إذا أَنِسْتَ به، وأَلَّفْتُ بينهم تأْلِيفاً إذا جَمَعْتَ بينهم بعد تَفَرُّقٍ، وأَلَّفْتُ الشيء تأْلِيفاً إذا وصلْت بعضه ببعض؛ ومنه تأْلِيفُ الكتب.
وأَلَّفْتُ الشيءَ أَي وصَلْتُه.
وآلَفْتُ فلاناً الشيء إذا أَلزمته إياه أُولِفُه إيلافاً، والمعنى في قوله تعالى لإِيلافِ قُرَيْشٍ لِتُؤْلَفَ قُريش الرِّحْلَتَيْن فتتصلا ولا تَنْقَطِعا، فاللام متصلة بالسورة التي قبلها، أَي أَهلكَ اللّه أَصحابَ الفِيلِ لِتُؤْلَفَ قريشٌ رِحْلَتَيْها آمِنِين. ابن الأَعرابي: أَصحاب الإيلافِ أَربعةُ إخوةٍ: هاشمٌ وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف، وكانوا يُؤَلِّفُون الجِوارَ يُتْبِعُون بعضَه بعضاً يُجِيرون قريشاً بمِيَرِهِم وكانوا يُسَمَّوْنَ الـمُجِيرينَ، فأَمـّا هاشم فإنه أَخذ حَبْلاً من ملك الروم، وأَخذ نَوْفَلٌ حَبْلاً من كِسْرى، وأَخذ عبد شمس حبلاً من النجاشي، وأَخذ المطلب حبلاً من ملوك حِمْير، قال: فكان تُجّار قريش يختلفون إلى هذه الأَمصار بحِبال هؤُلاء الإخوة فلا يُتَعَرَّضُ لهم؛ قال ابن الأَنباري: من قرأَ لإِلافِهم وإلْفِهِم فهما من أَلِفَ يأْلَف، ومن قرأَ لإيلافهم فهو من آلَفَ يُؤْلِفُ، قال: ومعنى يُؤَلِّفُون يُهَيِّئوُن ويُجَهِّزُون. قال أَبو منصور: وهو على قول ابن الأَعرابي بمعنى يُجِيرُون، والإلْفُ والإلافُ بمعنى؛ وأَنشد حبيب بن أَوس في باب الهجاء لـمُساور بن هند يهجو بني أَسد: زَعَمْتُمْ أَن إخْوَتَكم قُرَيْشٌ، لَهُمْ إلْفٌ، وليس لَكُمْ إلافُ وقال الفراء: من قرأَ إلْفِهِمْ فقد يكون من يُؤَلِّفُون، قال: وأَجود من ذلك أَن يُجْعَلَ من يأْلَفون رِحْلةَ الشتاء والصيف.
والإيلافُ: من يُؤْلِفُون أَي يُهَيِّئُونَ ويُجَهِّزُون، قال ابن الأَعرابي: كان هاشمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشام، وعبدُ شمس يُؤَلِّف إلى الحَبَشةِ، والمطلبُ إلى اليَمن، ونَوْفَلٌ إلى فارِسَ. قال: ويتأَلَّفُون أَي يَسْتَجِيرون؛ قال الأَزهري: ومنه قول أَبي ذؤيب: تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً، وتُؤْلِفُ الـ ـجِوارَ، ويُغْشِيها الأَمانَ ذِمامُها وفي حديث ابن عباس: وقد عَلِمَتْ قريش أَن أَول من أَخَذ لها الإيلافَ لَهاشِمٌ؛ الإيلافُ: العَهْدُ والذِّمامُ، كان هاشم بن عبد مناف أَخذه من الملوك لقريش، وقيل في قوله تعالى لإيلاف قريش: يقول تعالى: أَهلكت أَصحاب الفيل لأُولِف قريشاً مكة، ولِتُؤَلِّف قريش رحلة الشتاء والصيف أَي تَجْمَعَ بينهما، إذا فرغوا من ذه أَخذوا في ذه، وهو كما تقول ضربته لكذا لكذا، بحذف الواو، وهي الأُلْفةُ.
وأْتَلَفَ الشيءُ: أَلِفَ بعضُه بعضاً، وأَلَّفَه: جمع بعضه إلى بعض، وتَأَلَّفَ: تَنَظَّمَ.
والإلْف: الأَلِيفُ. يقال: حَنَّتِ الإلْفُ إلى الإلْفِ، وجمع الأَلِيف أَلائِفُ مثل تَبِيعٍ وتَبائِعَ وأَفِيلٍ وأَفائِلَ؛ قال ذو الرمة: فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه، يَرْتادُ أَحْلِيةٍ اعْجازُها شَذَبُ والأُلاَّفِ: جمع آلِفٍ مثل كافِرٍ وكُفّارٍ.
وتأَلَّفَه على الإسْلام، ومنه المؤَلَّفة قلوبُهم. التهذيب في قوله تعالى: لو أَنـْفَقْتَ ما في الأَرض جميعاً ما أَلَّفْت بين قلوبهم، قال: نزلت هذه الآية في الـمُتَحابِّينَ في اللّه، قال: والمؤَلَّفةُ قلوبهم في آية الصَّدَقات قومٌ من سادات العرب أَمر اللّه تعالى نبيه، صلى اللّه عليه وسلم، في أَول الإسلام بتَأَلُّفِهم أَي بمُقارَبَتِهم وإعْطائهم ليُرَغِّبوا مَن وراءهم في الإسلام، فلا تَحْمِلهم الحَمِيَّةُ مع ضَعْف نِيّاتِهم على أَن يكونوا إلْباً مع الكفار على المسلمين، وقد نَفَّلهم النبي، صلى اللّه عليه وسلم، يوم حُنَيْن بمائتين من الإبل تأَلُّفاً لهم، منهم الأَقْرَعُ بن حابِسٍ التميمي، والعباسُ بن مِرْداسٍ السُّلَمِيّ، وعُيَيْنةُ بن حِصْن الفَزارِيُّ، وأَبو سفيانَ بن حَرْبٍ، وقد قال بعض أَهل العلم: إن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، تأَلَّفَ في وقتٍ بعض سادةِ الكفار، فلما دخل الناس في دين اللّه أَفْواجاً وظهر أَهلُ دين اللّه على جميع أَهل المِلَل، أَغنى اللّه تعالى، وله الحمد، عن أَن يُتَأَلَّف كافرٌ اليومَ بمال يُعْطى لظهور أَهل دينه على جميع الكفار، والحمد للّه رب العالمين؛ وأَنشد بعضهم: إلافُ اللّه ما غَطَّيْت بَيْتاً، دَعائِمهُ الخِلافةُ والنُّسُورُ قيل: إلافُ اللّه أَمانُ اللّه، وقيل: منزِلةٌ من اللّه.
وفي حديث حنين: إني أُعْطِي رجالاً حدِيثي عهد بكُفْرٍ أَتأَلَّفُهم؛ التأَلُّفُ: الـمُداراةُ والإيناسُ ليَثْبُتُوا على الإسلام رَغْبةً فيما يَصِلُ إليهم من المال؛ ومنه حديثُ الزكاةِ: سَهْمٌ للمؤلَّفة قلوبهم.
والإلْفُ: الذي تأْلَفُه، والجمع آلافٌ، وحكى بعضهم في جمع إلْفٍ اُُلُوفٌ. قال ابن سيده: وعندي أَنه جمع آلِفٍ كشاهِدٍ وشُهودٍ، وهو الأَلِيفُ، وجمعه أُلَفاءُ والأُنثى آلِفةٌ وإلْفٌ؛ قال: وحَوْراء الـمَدامِعِ إلْف صَخْر وقال: قَفْرُ فَيافٍ، تَرى ثَوْرَ النِّعاجِ بها يَروحُ فَرْداً، وتَبْقى إلْفُه طاوِيهْ وهذا من شاذ البسيط لأَن قوله طاوِيهْ فاعِلُنْ وضربُ البسيط لا يأْتي على فاعلن، والذي حكاه أَبو إسحَق وعزاه إلى الأَخفش أن أَعرابيّاً سئل أَن يصنع بيتاً تامـّاً من البسيط فصنع هذا البيت، وهذا ليس بحُجة فيُعْتَدَّ بفاعلن ضرباً في البسيط، إنما هو في موضوع الدائرة، فأَمـّا المستعمل فهو فعِلن وفَعْلن.
ويقال: فلان أَلِيفي وإلْفي وهم أُلاَّفي، وقد نَزَعَ البعير إلى أُلاَّفه؛ وقول ذي الرمة: أَكُنْ مِثْلَ ذي الأُلاَّف، لُزَّتْ كُراعُه إلى أُخْتِها الأُخْرى، ووَلَّى صَواحِبُهْ يجوزُ الأُلاَّف وهو جمع آلِف، والآلاف جمع إلْفٍ.
وقد ائتَلَفَ القومُ ائتِلافاً وأَلَّفَ اللّه بينهم تأْليفاً.
وأَوالِفُ الطير: التي قد أَلِفَتْ مكةَ والحرمَ، شرفهما اللّه تعالى.
وأَوالِفُ الحمام: دَواجِنُها التي تأْلَفُ البيوتَ؛ قال العجاج: أَوالِفاً مكةَ من وُرْقِ الحِمى أَراد الحَمام فلم يستقم له الوزن فقال الحِمى؛ وأَما قول رؤبة: تاللّهِ لو كنت من الأَلاَّفِ قال ابن الأعرابي: أَراد بالأُلاَّف الذين يأْلَفُون الأَمْصارَ، واحدهم آلِفٌ.
وآلَفَ الرجلُ: تَجِرَ.
وأَلَّفَ القومُ إلى كذا وتَأَلَّفُوا: استجاروا.
والأَلِفُ والأَلِيفُ: حرف هجاء؛ قال اللحياني: قال الكسائي الأَلف من حروف المعجم مؤنثة، وكذلك سائر الحروف، هذا كلام العرب وإن ذكَّرت جاز؛ قال سيبوبه: حروف المعجم كلها تذكر وتؤنث كما أَنَّ الإنسان يذكّر ويؤنث.وقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتاب، وأَلمص، وأَلمر؛ قال الزجاج: الذي اخترنا في تفسيرها قول ابن عباس إن أَلم: أَنا اللّه أَعلم، وأَلمص: أَنا اللّه أَعلم وأَفْصِلُ، وأَلمر: أَنا اللّه أَعلم وأرى؛ قال بعض النحويين: موضع هذه الحروف رفع بما بعدها، قال: أَلمص كتاب، فكتاب مرتفع بأَلمص، وكأَنّ معناه أَلمص حروف كتاب أُنزل إليك، قال: وهذا لو كان كما وصف لكان بعد هذه الحروف أَبداً ذكر الكتاب، فقوله: أَلم اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيوم، يدل على أَن الأَمر مرافع لها على قوله، وكذلك: يس والقرآن الحكيم، وقد ذكرنا هذا الفصل مستوفى في صدر الكتاب عند تفسير الحروف الـمُقَطَّعةِ من كتاب اللّه عز وجل.

نسأ (لسان العرب) [0]


نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ، على الصفة بالمصدر. يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل: قد نُسِئَتْ.
ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً، والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ.
ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه: أَخَّره.
وحكى ابن دريد: مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه. قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا، والاسم النَّسَاءُ.
وأَنسَأَه اللّهُ أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه، بمعنى.
وفي الصحاح: ونَسَأَ في أَجَلِه، بمعنى.
وفي الحديث عن أَنس بن مالك: مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه. النَّسْءُ: التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ.
وقوله . . . أكمل المادة يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر.
ومنه الحديث: صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر؛ هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع.
وفي حديث ابن عوف: وكان قد أُنْسِئَ له في العُمُرِ.
وفي الحديث: لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ، أَي إِذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً، فلا تُؤَخِّرُوه إِلى غَدٍ، ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ. يريد: أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان.
والنُّسْأَة، بالضم مثل الكُلأَةِ: التأْخيرُ.
وقال فَقِيهُ العرب: مَنْ سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء، فليُخَفِّفِ الرِّداءَ، ولْيُباكِر الغَداءَ، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ، وفي نسخة: وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ؛أَي تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء.
وقرأَ أَبو عمرو: ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها، المعنى: ما نَنْسَخْ لك مِن اللَّوْحِ الـمَحْفُوظ، أَو نَنْسَأْها: نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها.
وقال أَبو العباس: التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها، وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ.
ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً: باعه بتأْخيرٍ، والاسم النَّسِيئةُ. تقول: نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ.
والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية، فنَهى اللّه عز وجل، عنه.
وقوله، عز وجل: إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر. قال الفرّاءُ: النَّسِيءُ المصدر، ويكون الـمَنْسُوءَ، مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ، فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته، ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل.
ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ، مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ، وذلك أَن العرب كانوا إِذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول: أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ، فيقولون: صَدَقْتَ !أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة الـمُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ الـمُحرَّمَ، لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ، لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة، فيُحِلُّ لهم المحرَّم، فذلك الإِنساءُ. قال أَبو منصور: النَّسِيءُ في قوله، عز وجل: إِنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر؛ بمعنى الإِنْسَاءِ، اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ.
وقد قال بعضهم: نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ.
وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان: أَلَسْنا النَّاسِئِينَ، على مَعَدٍّ، * شُهُورَ الحِلِّ، نَجْعَلُها حَراما وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ. النُسْأَةُ، بالضم وسكون السين: النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأْخير الشهور بعضها إِلى بعض.
وانْتَسَأْتُ عنه: تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ.
وكذلك الإِبل إِذا تَباعَدَتْ في المرعى.
ويقال: إِنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً.
وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع: أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخَّراً، كأَنه جعله له بأَخَرةٍ.
واسم ذلك الدَّيْن: النَّسيئةُ.
وفي الحديث: إِنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إِلى أَجل معلوم، يريد: أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا، وإِن كان بغير زيادة.قال ابن الأَثير: وهذا مذهب ابن عباس، كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً، وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة.
واسْتَنْسأَه: سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه.
وأَنشد ثعلب: قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا، * وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ وإنَّ قَضاءَ الـمَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً، * من الـمُخِّ، في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم قال: هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه. قال: فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ. فقال: إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إِذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ.
وتقول: اسْتَنْسَأْتُه الدَّينَ، فأَنْسَأَني، ونَسَأْت عنه دَيْنَه: أَخَّرْته نَساءً، بالمد. قال: وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر، ممدود.
وإِذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت: أَنْسَأْتُه، فإِذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت: قد نَسَأْت في أَيامك، ونَسَأْت في أَجَلك.
وكذلك تقول للرجل: نَسَأَ اللّه في أَجَلك، لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه، ولذلك قيل للَّبنِ: النَّسيءُ لزيادة الماء فيه.
وكذلك قيل: نُسِئَتِ المرأَةُ إِذا حَبِلَتْ، جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن.
ويقال للناقة: نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها.
وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه.
ويقال: أَخَّره اللّه، وإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه.
ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، على ما لم يُسمَّ فاعِلُه، إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها، وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى.
وهي امرأَة نَسِيءٌ.
وقال الأَصمعي: يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ.
وفي الحديث: كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع، فلما خرج رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى المدينة أَرسَلَها إِلى أَبيها، وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل. يقال: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فهو من التأْخير ، وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به، والحَمْلُ زيادةٌ. قال الزمخشري: النَّسُوءُ، على فَعُول، والنَّسْءُ، على فَعْلٍ، وروي نُسُوءٌ، بضم النون. فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ، والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر.
وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ، وهي نَسُوءٌ، وفي رواية نَسْءٌ، فقال لها ابْشِري بعبدِاللّه خَلَفاً مِن عبدِاللّه، فولَدت غلاماً، فسمَّتْه عبداللّه.
وأَنْسَأَ عنه: تأَخَّر وتباعَدَ، قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ: إِذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ * عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ تُطِيرُها وفي رواية: إِذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح.
وناساهُ إِذا أَبعده، جاؤُوا به غير مهموز، وأَصله الهمز.
وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ.
وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدُوا.
وفي حديث عُمَر، رضي اللّه عنه: ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْيَ جَلادةٌ، وإِذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت، أَي تأَخَّرُوا. قال ابن الأَثير: هكذا يروى بلا همز، والصواب: فانْتَسِئُوا، بالهمز؛ ويروى: فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا.
ويقال: بَنَّسْتُ إِذا تأَخَّرْت.
وقولهم: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي. قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إِلى الغَزْو، وأَنهم أبْعَدُوا الـمَذْهَب: غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ، * وبَيْنَ الحَشا، هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي ويروى: أَنْشَأَتُ، بالشين المعجمة. فالسُّرْبةُ في روايته بالسين المهملة: المذهب، وفي روايته بالشين المعجمة: الجماعة، وهي رواية الأَصمعي والمفضل.
والمعنى عندهما: أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزًى بَعيِد. قال ابن بري: أَورده الجوهري: غَدَوْنَ من الوادي، والصواب غَدَوْنا. لأَنه يصف أَنه خرج هو وأَصحابه إِلى الغزو، وأَنهم أَبعدوا المذهب. قال: وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً: غدونا، في فصل سرب.
والسُّرْبة: المذهب، في هذا البيت.
ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً: زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته.
ونَسَأَها: دَفَعها في السَّيْر وساقَها.
ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إِذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك.
ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إِذا أَخَّرْتها عنه.
والمِنْسَأَةُ: العَصا، يهمز ولا يهمز، يُنْسَأُ بها.
وأَبدلوا إِبدالاً كلياً فقالوا: مِنْساة، وأَصلها الهمز، ولكنها بدل لازم، حكاه سيبويه.
وقد قُرئَ بهما جميعاً. قال الفرَّاءُ في قوله، عز وجل: تأْكل مِنْسَأَتَهُ، هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي، يقال لها المِنْسأَة، أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه. قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في الهمز: أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه * بِمِنْسَأَةٍ، قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا هكذا أَنشد الجوهري منصوباً. قال: والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل، ويروى وأَحبلُ، بالرفع، ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ، بتقديم المفعول.
وبعده بأَبيات: هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّه * سَيَحْكُم فيما بَيْنَنا، ثمَّ يَعْدِلُ كما كان يَقْضي في أُمُورٍ تَنُوبُنا، * فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل، ويَفْصِلُ وقال الشاعر في ترك الهمز: إِذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ، * فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً: زَجَرَها وساقَها. قال: وعَنْسٍ، كأَلْواحِ الإِرانِ، نَسَأْتُها، * إِذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ: هُما هُما الـمَشْبُوبتان: الشِّعْرَيانِ.
وكذلك نَسَّأَها تَنْسِئةً: زجَرها وساقَها.
وأَنشد الأَعشى: وما أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايَةِ، شادِنٍ، * تُنَسِّئُ، في بَرْدِ الظِّلالِ، غَزالَها وخبر ما في البيت الذي بعده: بِأَحْسَنَ منها، يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ، * فَأَنْكَرْنَ، لَمـَّا واجَهَتْهُنَّ، حالَها ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً: سَمِنَتْ، وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه. يقال: جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ. قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً: به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما، * فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها أَبَلَتْ: جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء.
ومارَ: جَرَى.
والنَّسْءُ: بَدْءُ السِّمَنِ.
والاقْتِرَارُ: نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ.
وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ.
والنَّسْءُ، بالهمز، والنَّسِيءُ: اللبن الرقيق الكثير الماء.
وفي التهذيب: الـمَمْذُوق بالماء.
ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إِياه: خَلَطْته له بماء، واسمه النَّسْءُ. قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ: سَقَوْنِي النَّسْءَ، ثم تَكَنَّفُوني، * عُداةَ اللّهِ، مِنْ كَذِبٍ وزُورِ وقيل: النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل، وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا. قال: إِنما سَقَوْه الخَمْر، ويقوّي ذلك رواية سيبوبه: سَقَوْني الخمر.
وقال ابن الأَعرابي مرة: هو النِّسِيءُ، بالكسر، وأَنشد: يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً، فإِنَّه * عَلَيْكَ، إِذا ما ذُقْتَه، لَوخِيمُ وقال غيره: النَّسِيءُ، بالفتح، وهو الصواب. قال: والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ، لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق، وما أَطْرفَ قَوْلَه.
ولا يقال نَسِيءٌ، بالفتح، مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه، فهذا خَطأٌ من وجهين، فصحَّ أَن النَّسِيءَ، بالفتح، هو الصحيح.
وكذلك رواية البيت: لا تشرب نَسِيئاً، بالفتح، واللّه أَعلم.

سكر (لسان العرب) [0]


السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي.
والسُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ.
والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم، وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وقوله تعالى: وترى الناسَ سُكَارَى وما هم بِسُكَارَى؛ وقرئ: سَكْرَى وما هم بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب والخوف وما هم بِسُكَارَى من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: ولكنَّ عذاب الله شديد، ولم يقرأْ أَحد من القراء سَكَارَى، . . . أكمل المادة بفتح السين، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأَن القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلاَنَ يجمع على فُعَالى وفَعَالى مثل أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وقوم غُيَارَى وغَيَارَى، وإِنما قالوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر ما تجيء جمعاً لفَعِيل بمعنى مفعول مثل قتيل وقَتْلى وجريح وجَرْحَى وصريع وصَرْعَى، لأَنه شبه بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، وقال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ وأَنشد بعضهم: أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ، إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ ولا باسُ وقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصلاة وأَنتم سُكارَى؛ قال ثعلب: إِنما قيل هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، وقال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى.
ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر.
ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وأَنشد لعمرو ابن قميئة: يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ وجمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ وفَعْلان كثيراً على الكلمة الواحدة.
ورجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، وقد أَسكره الشراب.
وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ واستعمله؛ قال الفرزدق: أَسَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذا هجا تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ،أَم مُتَساكِرُ؟ تقديره: أَكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال: كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران ومتساكر وخبرها ابن المراغة؛ وقوله: وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه قال: أَكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر.
وقولهم: ذهب بين الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل ولا يعقل.
والمُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق: أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ، ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا وسَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ.
وقوله تعالى: وجاءت سَكْرَةُ الموت بالحق؛ سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت.
وقوله بالحق أَي بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.
والسَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب.
والسَّكَرُ: الخمر نفسها.
والسَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر والكَشُوثِ والآسِ، وهو محرّم كتحريم الخمر.
وقال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر والكُشُوث يطرحان سافاً سافاً ويصب عليه الماء. قال: وزعم زاعم أَنه ربما خلط به الآس فزاده شدّة.
وقال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل: إِنه الخَلُّ وهذا شيء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه سَكَراً ورزقاً حسناً، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم والرزق الحسن الزبيب والتمر وما أَشبهها.
وقال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه النار، وكان إِبراهيم والشعبي وأَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ.
وروي عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر، وقال أَبو عبيدة وحده: السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر: جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك.
وقال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، وهو أَبين مما يقال للذي يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس.
وروى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال: السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، والرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها. ابن الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الامتلاء، والسَّكَرُ الخمر، والسَّكَرُ النبيذ؛ وقال جرير: إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا وفي الحديث: حرمت الخمرُ بعينها والسَّكَرُ من كل شراب؛ السَّكَر، بفتح السين والكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه الأَثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا يسكر، والمشهور الأَول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ وأَنكر أَهل اللغة هذا والعرب لا تعرفه.
وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّقَرُ فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ.
وسَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، وكذلك سَكْرَةُ الهَمِّ والنوم ونحوهما؛ وقوله: فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا، فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صاحي أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب سَكَرٌ.
وقال اللحياني: ومن قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأَعرابي: سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً إِذا غضب، وأَنشد البيت.
وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه.
وفي التنزيل العزيز: لقالوا إِنما سُكِّرَتْ أَبصارُنا؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر وحُيِّرَتْ.
وقال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها الحسن مخففة وفسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت وسُكِّرت، بالتخفيف والتشديد، ومعناهما أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ وقال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ أَبصارُنا مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت وسَكنت عن النظر، وسكَرَ الحَرُّ يَسْكُرُ؛ وأَنشد: جاء الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ، وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع وتقبَّض.
والتَّسْكِيرُ للحاجة: اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير، وقد سُكِرَ.
وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّفاه.
وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ، فقد سُكِرَ، والسِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ.
والسَّكْرُ: سَدُّ الشق ومُنْفَجِرِ الماء، والسِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق ونحوه.
وفي الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه، أَي سُدِّيه بخرقة وشُدِّيه بعضابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، والسَّكْرُ المصدر. ابن الأَعرابي: سَمَرْتُه ملأته.
والسِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ.
والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، والجمع سُكُورٌ.
وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب.
وليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ: تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها، فَلَيْسَتُ بِطَلْقٍ ولا ساكِرَهْ وفي التهذيب قال أَوس: جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ، فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكرهْ أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ وقد سَكَر سُكُوراً.
وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر: يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، وفسره بيركد على صيغة فعل الفاعل.والسُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال: يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ والسُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ.
وقول أَبي زياد الكلابي في صفة العُشَرِ: وهو مُرُّ لا يأْكله شيء ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل السُّكَّرِ في الحلاوةِ. أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلاَّ أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ، هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، ويُزَبَّبُ أَيضاً.
والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: ولم يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ. المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة.
والسَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً: وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال: وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ من النَّبْتِ، إِلاَّ سَيْكَراناً وحُلَّبَا قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ قال: وسأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ ونحن نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: وله حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج.
ويقال للشيء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى يكاد يقتله. التهذيب: روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ خمر الحبشة؛ قال أَبو عبيد: وهي من الذرة؛ قال الأَزهري: وليست بعربية، وقيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف والراء مضمومة.
وفي الحديث: أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، ونهى عنها؛ قال مالك: فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بضم السين والكاف وسكون الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، وهي لفظة حبشية قد عرّبت، وقيل: السُّقُرْقَع.
وفي الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة؛ هي، بضم السين والكاف والراء والتشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدْمِ، وهي فارسية، وأَكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.

خدع (لسان العرب) [0]


الخَدْعُ: إظهار خلاف ما تُخْفيه. أبو زيد: خَدَعَه يَخْدَعُه خِدْعاً، بالكسر، مثل سَحَرَه يَسْحَرُه سِحْراً؛ قال رؤْية: وقد أُداهِي خِدْعَ مَن تَخَدَّعا وأجاز غيره خَدْعاً، بالفتح، وخَدِيعةً وخُدْعةً أَي أَراد به المكروه وختله من حيث لا يعلم.
وخادَعَه مُخادَعة وخِداعاً وخَدَّعَه واخْتَدَعه: خَدَعه. قال الله عز وجل: يُخادِعون اللهَ؛ جازَ يُفاعِلُ لغير اثنين لأَن هذا المثال يقع كثيراً في اللغة للواحد نحو عاقَبْتُ اللِّصَّ وطارَقْت النعلَ. قال الفارسي: قرئَ يُخادِعون الله ويَخْدَعُون الله؛ قال: والعرب تقول خادَعْت فلاناً إذا كنت تَرُوم خَدْعه وعلى هذا يوجه قوله تعالى: يُخادِعون الله وهو خادِعُهم؛ معناه أَنهم يُقدِّرون في أَنفسهم أَنهم يَخْدَعون اللهَ، . . . أكمل المادة والله هو الخادع لهم أَي المُجازي لهم جَزاءَ خِداعِهم؛ قال شمر: روي بيت الراعي: وخادَعَ المَجْدَ أَقْوامٌ، لهم وَرَقٌ راح العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخُول قال: خادَعَ ترك، ورواه أَبو عمرو: خادَع الحَمْد، وفسره أَي ترك الحمدَ أَنهم ليسوا من أَهله.
وقيل في قوله يُخادعون الله: أَي يُخادعون أَولياء الله.
وخدعته: ظَفِرْت به؛ وقيل: يخادعون في الآية بمعنى يخدعون بدلالة ما أَنشده أَبو زيد: وخادَعْت المَنِيَّةَ عنكَ سِرّاً أَلا ترى أَن المنيَّة لا يكون منها خداع؟ وكذلك قوله: وما يخادعون إلاّ أَنفسهم، يكون على لفظ فاعَل وإن لم يكن الفعل إلاّ من واحد كما كان الأوَّل كذلك، وإذا كانوا قد استجازُوا لتشاكُلِ الأَلفاظ أَن يُجْزوا على الثاني ما لا يصح في المعنى طلباً للتشاكل، فأَنْ يَلْزَم ذلك ويُحافَظَ عليه فيما يصح به المعنى أَجْدَرُ نحو قوله: أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ علينا، فنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجاهِلِينا وفي التنزيل: فمن اعْتَدَى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم؛ والثاني قِصاص ليس بعُدْوان.
وقيل: الخَدْع والخَدِيعة المصدر، والخِدْعُ والخِداعُ الاسم، وقيل الخَدِيعَةُ الاسم.
ويقال: هو يَتخادَعُ أَي يُري ذلك من نفسه.
وتَخادَع القومُ: خدَع بعضُهم بعضاً.
وتخادع وانْخَدَعَ: أَرى أَنه قد خُدع، وخَدَعْتُه فانْخَدَع.
ويقال: رجل خَدَّاع وخَدُوعٌ وخُدَعةٌ إِذا كان خَِبّاً.
والخُدْعةُ: ما تَخْدَعُ به.
ورجل خُدْعة، بالتسكين، إِذا كان يُخْدَع كثيراً، وخُدَعة: يَخْدَع الناس كثيراً.
ورجل خَدَّاعٌ وخَدِعٌ؛ عن اللحياني، وخَيْدَعٌ وخَدُوعٌ: كثير الخِداعِ، وكذلك المرأَة بغير هاء؛ وقوله: بِجِزْعٍ من الوادي قَلِيلٍ أَنِيسُه عَفا، وتَخَطَّتْه العُيون الخَوادِعُ يعني أَنها تَخْدَع بما تسْتَرِقُه من النظر.
وفي الحديث: الحَرْبُ خَدْعةٌ وخُدْعةٌ، والفتح أَفصح، وخُدَعةٌ مثل هُمَزة. قال ثعلب: ورويت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، خَدْعة، فمن قال خَدْعة فمعناه من خُدِع فيها خَدْعةً فزَلَّت قدَمُه وعَطِبَ فليس لها إِقالة؛ قال ابن الأَثير: وهو أَفصح الروايات وأَصحها، ومن قال خُدْعةٌ أَراد هي تُخْدَعُ كما يقال رجل لُعْنةٌ يُلْعَن كثيراً، وإِذا خدَعَ القريقين صاحبه في الحرب فكأَنما خُدعت هي؛ ومن قال خُدَعة أَراد أَنها تَخْدَعُ أَهلها كما قال عمرو بن مَعْدِيكرب: الحَرْبُ أَوَّلُ ما تكونُ فَتِيَّةً، تَسْعَى بِبِزَّتِها لكلِّ جَهُول ورجل مُخَدَّعٌ: خُدِع في الحَرْب مرة بعد مرة حتى حَذِقَ وصار مُجَرَّباً، والمُخَدَّعُ أَيضاً: المُجَرِّبُ للأُمور؛ قال أَبو ذؤَيب: فتَنازَلا وتواقَفَتْ خَيْلاهما، وكِلاهُما بَطَلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ ابن شميل: رجل مُخَدَّع أَي مُجَرَّس صاحب دَهاء ومَكر، وقد خُدِع؛ وأَنشد: أُبايِعُ بَيْعاً من أَرِيبٍ مُخَدَّع وإِنه لذو خُدْعةٍ وذو خُدُعات أَي ذو تجريب للأُمور.
وبعير به خادِعٌ وخالِعٌ: وهو أَن يزول عصَبُه في وَظِيف رجله إِذا برَك، وبه خُوَيْدِعٌ وخُوَيْلِعٌ، والخادِعُ أَقل من الخالع.
والخَيْدع: الذي لا يوثَق بمودَّته.
والخيْدَعُ: السَّراب لذلك، وغُولٌ خَيْدَعٌ منه، وطريق خَيْدَع وخادع: جائر مخالف للقصد لا يُفْطَن له؛ قال الطرمَّاح: خادِعةُ المَسْلَكِ أَرْصادُها، تُمْسِي وُكُوناً فوقَ آرامِها وطريقٌ خَدُوع: تَبِين مرة وتَخْفَى أُخرى؛ قال الشاعر يصف الطريق: ومُسْتَكْرَه من دارِسِ الدَّعْس داثِرٍ، إِذا غَفَلَتْ عنه العُيونُ خَدُوع والخَدُوع من النوق: التي تَدِرُّ مرة وترفع لبنها مرة.
وماء خادِعٌ: لا يُهْتَدَى له.
وخَدَعْتُ الشيءَ وأَخْدَعْته: كتمته وأَخْفَيْته.
والخَدْع: إِخفاءُ الشيء، وبه سمي المِخْدَعُ، وهو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير، وتضم ميمه وتفتح.
والمِخدع: الخِزانة.
والمُخْدَع: ما تحت الجائز الذي يوضع على العرش، والعرشُ: الحائطُ يُبْنَى بين حائطي البيت لا يبلغ به أَقْصاه، ثم يوضع الجائز من طَرف العَرْش الداخل إِلى أَقْصى البيت ويُسْقف به؛ قال سيبويه: لم يأْت مُفْعل اسماً إِلا المُخْدَع وما سواه صفة.
والمَخْدَع والمِخْدَع: لغة في المُخْدع، قال: وأَصله الضم إِلا أَنهم كسروه اسْتِثقالاً، وحكى الفتح أَبو سليمان الغَنَويّ، واختلف في الفتح والكسر القَنانيّ وأَبو شَنْبَل، ففتح أَحدُهما وكسر الآخر؛ وبيت الأَخطل: صَهْباء قد كَلِفَتْ من طُول ما حُبِستْ في مخْدَعٍ، بين جَنَّاتٍ وأَنهارِ يروى بالوجوه الثلاثة.
والخِداعُ: المَنْع.
والخِداعُ: الحِيلة.
وخدَع الضَّبُّ يخْدَع خَدْعاً وانْخَدع: اسْتَرْوَح رِيحَ الإِنسانِ فدَخل في جُحْره لئلاّ يُحْتَرَشَ، وقال أَبو العَمَيْثل: خدَع الضبُّ إِذا دخل في وِجاره مُلتوياً، وكذلك الظبيُ في كِناسه، وهو في الضبّ أَكثر. قال الفارسي: قال أَبو زيد وقالوا إِنك لأَخْدَع من ضَبّ حَرَشْتَه، ومعنى الحَرْش أَن يَمسح الرجلُ على فم جُحْر الضب يتسمَّع الصوت فربما أَقبل وهو يرى أَن ذلك حية، وربما أَرْوَحَ ريح الإِنسان فخَدَعَ في جُحره ولم يخرج؛ وأَنشد الفارسي: ومُحْتَرِشٍ ضَبَّ العَداوةِ منهمُ، بحُلْوِ الخَلا، حَرْشَ الضِّبابِ الخَوادِع حُلْوُ الخَلا: حُلْوُ الكلامِ.
وضب خَدِعٌ أَي مُراوِغٌ.
وفي المثل: أَخْدَعُ من ضب حَرَشْتَه، وهو من قولك: خَدَعَ مني فلان إِذا توارى ولم يَظْهَر.
وقال ابن الأَعرابي: يقال أَخْدَعُ من ضب إِذا كان لا يُقدر عليه، من الخَدْع؛ قال ومثله: جعل المَخادِعَ للخِداعِ يُعِدُّها، مما تُطِيفُ ببابِه الطُّلاَّبُ والعرب تقول: إِنه لضَبُّ كَلَدةٍ لا يُدْرَك حَفْراً ولا يُؤخَذُ مُذَنِّباً؛ الكَلَدةُ: المكانُ الصُّلْب الذي لا يَعمل فيه المِحْفار؛ يضرب للرجل الدَّاهيةِ الذي لا يُدْرك ما عنده.
وخدَع الثعلبُ إِذا أَخذ في الرَّوَغانِ.
وخدَع الشيءُ خَدْعاً: فسَد.
وخدَع الرِّيقُ خَدْعاً: نقَص، وإِذا نقَص خَثُرَ، وإِذا خثر أَنْتَنَ؛ قال سويد بن أَبي كاهل يصف ثغْر امرأَة: أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُه، طيِّبُ الرِّيقِ، إِذا الرِّيقُ خَدَعْ لأَنه يَغْلُظ وقت السَّحَر فيَيْبَس ويُنْتِنُ. ابن الأَعرابي: خدَعَ الريقُ أَي فسَد.
والخادِعُ: الفاسد من الطعام وغيره. قال أَبو بكر: فتأْويل قوله: يخادعون الله وهو خادِعُهم، يُفسدون ما يُظهرون من الإِيمان بما يُضمرون من الكفر كما أَفسد اللهُ نِعمَهم بأَن أَصدرهم إِلى عذاب النار. قال ابن الأَعرابي: الخَدْعُ منع الحقّ، والخَتْمُ مَنْع القلب من الإِيمان.
وخدَعَ الرجلُ: أَعطى ثم أَمسك. يقال: كان فلان يُعطي ثم خدَع أَي أَمسَك ومنَعَ.
وخدَع الزمانُ خَدْعاً: قَلَّ مطَرُه.
وفي الحديث: رَفَع رجل إِلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ما أَهَمَّه من قَحْطِ المطر فقال: قَحَط السَّحابُ وخَدَعتِ الضِّبابُ وجاعتِ الأَعْراب؛ خدَعَت أَي اسْتَترتْ وتَغَيَّبَتْ في جِحرَتها. قال الفارسي: وأَما قوله في الحديث: إِنَّ قبْل الدَّجّال سِنِينَ خَدَّاعةً، فيرون أَنّ معناه ناقصة الزكاة قليلة المطر، وقيل: قليلة الزَّكاء والرَّيْع من قولهم خدَعَ الزمانُ قلّ مطره؛ وأَنشد الفارسي: وأَصبحَ الدهْرُ ذو العلاَّتِ قد خَدَعا وهذا التفسير أَقرب إِلى قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله: سِنين خدَّاعة، يريد التي يَقِلُّ فيها الغيْث ويَعُمُّ بها المَحْلُ. ابن الأَثير في قوله: يكون قبل الساعة سِنُون خدَّاعة أَي تكثر فيها الأَمطار ويقل الرَّيْع، فذلك خِداعُها لأَنها تُطمِعُهم في الخِصْب بالمطر ثم تُخْلِف، وقيل: الخَدَّاعة القليلة المطر من خَدَع الريقُ إِذا جَفَّ.
وقال شمر: السِّنون الخَوادِعُ القليلة الخير الفواسدُ.
ودينار خادِعٌ أَي ناقصٌ.
وخدَع خيرُ الرجل: قلّ.
وخدع الرجلُ: قلّ مالُه.
وخدَع الرجلُ خَدْعاً: تخلَّق بغير خُلُقِه.
وخُلُقٌ خادِعٌ أَي مُتلوِّن.
وخلُق فلان خادِعٌ إِذا تَخَلَّق بغير خُلُقه.
وفلان خادِعُ الرأْي إِذا كان مُتلوِّناً لا يثبُت على رأْي واحد.
وخدَع الدهْر إِذا تلوَّن.
وخدَعتِ العينُ خَدْعاً: لم تَنم.
وما خَدَعتْ بعَيْنه نَعْسةٌ تَخْدَعُ أَي ما مَرَّت بها؛ قال المُمَزّق العَبْدي: أَرِقْتُ، فلم تَخْدَعْ بعَيْنَيَّ نَعْسَةٌ، ومَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بُدَّ يَأْرَقُ أَي لم تدخل بعَيْنيَّ نعْسة، وأَراد ومن يلق ما لاقيت يأْرَقُ لا بدّ أَي لا بدّ له من الأَرَقِ.
وخدَعَت عينُ الرجل: غارَتْ؛ هذه عن اللحياني.
وخَدَعَتِ السُّوقُ خَدْعاً وانخدعت: كسَدَت؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وكلُّ كاسدٍ خادِعٌ.
وخادَعْتُه: كاسَدْتُه.
وخدَعتِ السوقُ: قامت فكأَنه ضِدّه.
ويقال: سُوقهم خادِعةٌ أَي مختلفة مُتلوِّنة. قال أَبو الدينار في حديثه: السوق خادعةٌ أَي كاسدة. قال: ويقال السوق خادعة إِذا لم يُقدر على الشيء إِلا بغَلاء. قال الفراء: بنو أَسد يقولون إِنَّ السعْر لمُخادِع، وقد خدَع إِذا ارتفع وغَلا.
والخَدْعُ: حَبْس الماشِية والدوابّ على غير مَرْعًى ولا عَلَفٍ؛ عن كراع.
ورجُل مُخدَّع: خُدِع مراراً؛ وقيل في قول الشاعر: سَمْح اليَمِين، إِذا أَرَدْتَ يَمِينَه، بسَفارةِ السُّفَراء غَيْر مُخَدَّعِ أَراد غير مَخْدُوع، وقد روى جِدّ مُخَدَّع أَي أَنه مُجَرَّب، والأَكثر في مثل هذا أَن يكون بعد صفة من لفظ المضاف إِليه كقولهم أَنت عالِمٌ جِدُّ عالم.
والأَخْدَعُ: عِرْق في موضع المِحْجَمتين وهما أَخدعان.
والأَخْدَعانِ: عِرْقان خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق، وربما وقعت الشَّرْطةُ على أَحدهما فيَنْزِفُ صاحبه لأَن الأَخْدَع شُعْبَةٌ مِنَ الوَرِيد.
وفي الحديث: أَنه احْتَجَمَ على الأَخْدَعَين والكاهِل؛ الأَخدعانِ: عرقان في جَانِبَي العُنق قد خَفِيا وبَطَنا، والأَخادِعُ الجمع؛ وقال اللحياني: هما عِرقان في الرقبة، وقيل: الأَخدعانِ الوَدَجانِ.
ورجل مَخْدُوع: قُطِع أَخْدَعُه.
ورجلٌ شديدُ الأَخْدَع أَي شديدُ موضع الأَخدع، وقيل: شديد الأَخْدعِ، وكذلك شديدُ الأَبْهَر.
وأَمّا قولهم عن الفَرس: إِنه لشَديد النَّسا فيراد بذلك النَّسا نفسُه لأَنَّ النَّسا إِذا كان قصيراً كان أَشدَّ للرِّجْل، وإِذا كان طويلاً اسْترخَت الرّجْل.
ورجل شديد الأَخْدَع: مُمتنِع أَبِيّ، ولَيِّنُ الأَخْدَعِ: بخلاف ذلك.
وخَدَعَه يَخْدَعُه خَدْعاً: قطع أَخْدَعَيْه، وهو مَخْدُوعٌ.
وخَدَعَ ثوبَه خَدْعاً وخُدْعاً: ثناه؛ هذه عن اللحياني.
والخُدْعةُ: قبيلة من تَمِيم. قال ابن الأَعرابي: الخُدَعةُ رَبيعة بن كَعْب بن زيدِ مَناةَ بن تميم؛ وأَنشد غيره في هذه القبيلة من تميم: أَذُودُ عن حَوْضِه ويَدْفَعُنِي؛ يا قَوْمِ، مَن عاذِرِي مِنَ الخُدَعَهْ؟ وخَدْعةُ: اسم رجل، وقيل: اسم ناقة كان نَسَب بها ذلك الرجل؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد: أَسِير بِشَكْوَتِي وأَحُلُّ وحْدِي، وأَرْفَعُ ذِكْرَ خَدْعةَ في السَّماعِ قال: وإِنما سمي الرجل خَدْعةَ بها، وذلك لإِكثاره من ذكرها وإِشادَته بها. قال ابن بري، رحمه الله: أَهمل الجوهري في هذا الفصل الخَيْدَعَ، وهو السِّنَّوْرُ.

مرر (لسان العرب) [0]


مَرَّ عليه وبه يَمُرُّ مَرًّا أَي اجتاز.
ومَرَّ يَمُرُّ مرًّا ومُروراً: ذهَبَ، واستمرّ مثله. قال ابن سيده: مرَّ يَمُرُّ مَرًّا ومُروراً جاء وذهب، ومرَّ به ومَرَّه: جاز عليه؛ وهذا قد يجوز أَن يكون مما يتعدَّى بحرف وغير حرف، ويجوز أَن يكون مما حذف فيه الحرف فأَُوصل الفعل؛ وعلى هذين الوجهين يحمل بيت جرير: تَمُرُّون الدِّيارَ ولَمْ تَعُوجُوا، كَلامُكُمُ عليَّ إِذاً حَرَامُ وقال بعضهم: إِنما الرواية: مررتم بالديار ولم تعوجوا فدل هذا على أَنه فَرقَ من تعدّيه بغير حرف.
وأَما ابن الأَعرابي فقال: مُرَّ زيداً في معنى مُرَّ به، لا على الحذف، ولكن على التعدّي الصحيح، أَلا ترى أَن ابن جني . . . أكمل المادة قال: لا تقول مررت زيداً في لغة مشهورة إِلا في شيء حكاه ابن الأَعرابيف قال: ولم يروه أَصحابنا.
وامْتَرَّ به وعليه: كَمَرّ.
وفي خبر يوم غَبِيطِ المَدَرَةِ: فامْتَرُّوا على بني مالِكٍ.
وقوله عز وجل: فلما تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِه؛ أَي استمرّت به يعني المنيّ، قيل: قعدت وقامت فلم يثقلها.
وأَمَرَّهُ على الجِسْرِ: سَلَكه فيه؛ قال اللحياني: أَمْرَرْتُ فلاناً على الجسر أُمِرُّه إِمراراً إِذا سلكت به عليه، والاسم من كل ذلك المَرَّة؛ قال الأَعشى: أَلا قُلْ لِتِيَّا قَبْلَ مَرَّتِها: اسْلَمي تَحِيَّةَ مُشْتاقٍ إِليها مُسَلِّمِ وأَمَرَّه بِه: جَعَله يَمُرُّه.
ومارَّه: مَرَّ معه.
وفي حديث الوحي: إِذا نزل سَمِعَتِ الملائكةُ صَوْتَ مِرَارِ السِّلْسِلَةِ على الصَّفا أَي صوْتَ انْجِرارِها واطِّرادِها على الصَّخْرِ.
وأَصل المِرارِ: الفَتْلُ لأَنه يُمَرُّ (* قوله« لأنه يمرّ» كذا بالأصل بدون مرجع للضمير ولعله سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف بعد قوله على الصخر، والمرار الحبل.) أَي يُفْتل.
وفي حديث آخر: كإِمْرارِ الحدِيدِ على الطَّسْتِ الجَدِيدِ؛ أَمْرَرْتُ الشيءَ أُمِرُّه إِمْراراً إِذا جعلته يَمُرُّ أَي يذهب، يريد كجَرِّ الحَدِيدِ على الطسْتِ؛ قال: وربما رُوِيَ الحديثُ الأَوّلُ: صوتَ إِمْرارِ السلسة.
واستمر الشيءُ: مَضى على طريقة واحدة.
واستمرَّ بالشيء: قَوِيَ على حَمْلِه.
ويقال: استمرّ مَرِيرُه أَي استحك عَزْمُه.
وقال الكلابيون: حَمَلَتْ حَمْلاً خَفيفاً فاسْتَمَرَّتْ به أَي مَرَّتْ ولم يعرفوا. فمرتْ به؛ قال الزجاج في قوله فمرّت به: معناه استمرتّ به قعدت وقامت لم يثقلها فلما أثقلت أَي دنا وِلادُها. ابن شميل: يقال للرجل إِذا استقام أَمره بعد فساد قد استمرّ، قال: والعرب تقول: أَرْجَى الغِلْمانِ الذي يبدأُ بِحُمْقٍ ثم يستمر؛ وأَنشد للأَعشى يخاطب امرأَته: يا خَيْرُ، إِنِّي قد جَعَلْتُ أَسْتَمِرّْ، أَرْفَعُ مِنْ بُرْدَيَّ ما كُنْتُ أَجُرّْ وقال الليث: كلُّ شيء قد انقادت طُرْقَتُه، فهو مُسْتَمِرٌّ. الجوهري: المَرَّةُ واحدة المَرِّ والمِرارِ؛ قال ذو الرمة: لا بَلْ هُو الشَّوْقُ مِنْ دارٍ تَخَوَّنَها، مَرًّا شَمالٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ يقال: فلان يَصْنَعُ ذلك الأَمْرَ ذاتَ المِرارِ أَي يصنعه مِراراً ويدعه مراراً.
والمَمَرُّ: موضع المُرورِ والمَصْدَرُ. ابن سيده: والمَرَّةُ الفَعْلة الواحدة، والجمع مَرٌّ ومِرارٌ ومِرَرٌ ومُرُورٌ؛ عن أَبي علي ويصدقه قول أَبي ذؤيب: تَنَكَّرْت بَعدي أَم أَصابَك حادِثٌ من الدَّهْرِ، أَمْ مَرَّتْ عَلَيك مُرورُ؟ قال ابن سيده: وذهب السكري إِلى أَنّ مرُوراً مصدر ولا أُبْعِدُ أَن يكون كما ذكر، وإِن كان قد أَنث الفعل، وذلك أَنّ المصدر يفيد الكثرة والجنسية.
وقوله عز وجل: سنُعَذِّبُهُمْ مرتين؛ قال: يعذبون بالإِيثاقِ والقَتْل، وقيل: بالقتل وعذاب القبر، وقد تكون التثنية هنا في معنى الجمع، كقوله تعالى: ثم ارجع البصر كَرَّتَيْنِ؛ أَي كَرَّاتٍ، وقوله عز وجل: أُولئك يُؤْتَوْنَ أَجْرَهم مَرَّتَيْنِ بما صبروا؛ جاء في التفسير: أَن هؤلاء طائفة من أَهل الكتاب كانوا يأْخذون به وينتهون إِليه ويقفون عنده، وكانوا يحكمون بحكم الله بالكتاب الذي أُنزل فيه القرآن، فلما بُعث النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، وتلا عليهم القرآنَ، قالوا: آمنَّا به، أَي صدقنا به، إِنه الحق من ربنا، وذلك أَنّ ذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مكتوباً عندهم في التوارة والإِنجيل فلم يعاندوا وآمنوا وصدَّقوا فأَثنى الله تعالى عليهم خيراً، ويُعْطَون أَجرهم بالإِيمان بالكتاب قبل محمد، صلى الله عليه وسلم، وبإِيمانهم بمحمد، صلى الله عليه وسلم.
وَلَقِيَه ذات مرَّةٍ؛ قال سيبويه: لا يُسْتَعْمَلُ ذات مَرةٍ إِلا ظرفاً.
ولقِيَه ذاتَ المِرارِ أَي مِراراً كثيرة.
وجئته مَرًّا أَو مَرَّيْنِ، يريد مرة أَو مرتين. ابن السكيت: يقال فلان يصنع ذلك تارات، ويصنع ذلك تِيَراً، ويَصْنَعُ ذلك ذاتَ المِرارِ؛ معنى ذلك كله: يصنعه مِراراً ويَدَعُه مِراراً.
والمَرَارَةُ: ضِدُّ الحلاوةِ، والمُرُّ نَقِيضُ الخُلْو؛ مَرَّ الشيءُ يَمُرُّ؛ وقال ثعلب: يَمَرُّ مَرارَةً، بالفتح؛ وأَنشد: لَئِنْ مَرَّ في كِرْمانَ لَيْلي، لَطالَما حَلا بَيْنَ شَطَّيْ بابِلٍ فالمُضَيَّحِ وأَنشد اللحياني: لِتَأْكُلَني، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي، فأَذْرَقَ مِنْ حِذارِي أَوْ أَتاعَا وأَنشده بعضهم: فأَفْرَقَ، ومعناهما: سَلَحَ.
وأَتاعَ أَي قاءَ.
وأَمَرَّ كَمَرَّ: قال ثعلب: تُمِرُّ عَلَيْنا الأَرضُ مِنْ أَنْ نَرَى بها أَنيساً، ويَحْلَوْلي لَنا البَلَدُ القَفْرُ عدّاه بعلى لأَنَّ فيه مَعْنى تَضِيقُ؛ قال: ولم يعرف الكسائي مَرَّ اللحْمُ بغر أَلفٍ؛ وأَنشد البيت: لِيَمْضغَني العِدَى فأَمَرَّ لَحْمي، فأَشْفَقَ مِنْ حِذاري أَوْ أَتاعا قال: ويدلك على مَرَّ، بغير أَلف، البيت الذي قبله: أَلا تِلْكَ الثَّعالِبُ قد تَوالَتْ عَلَيَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعَا لِتَأْكُلَنى، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي ابن الأَعرابي: مَرَّ الطعامُ يَمَرُّ، فهومُرٌّ، وأَمَرَّهُ غَيْرُهُ ومَرَّهُ، ومَرَّ يَمُرُّ من المُرُورِ.
ويقال: لَقَدْ مَرِرْتُ من المِرَّةِ أَمَرُّ مَرًّا ومِرَّةً، وهي الاسم؛ وهذا أَمَرُّ من كذا؛ قالت امرأَة من العرب: صُغْراها مُرَّاها.
والأَمَرَّانِ: الفَقْرُ والهَرَمُ؛ وقول خالد بن زهير الهذلي: فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ خَدْعُها، حِينَ أَزْمَعَتْ صَرِيمَتَها، والنَّفْسُ مُرٌّ ضَمِيرُها إِنما أَراد: ونفسها خبيثة كارهة فاستعار لها المرارة؛ وشيء مُرٌّ والجمع أَمْرارٌ.
والمُرَّةُ: شجَرة أَو بقلة، وجمعها مُرٌّ وأَمْرارٌ؛ قال ابن سيده: عندي أَنّ أَمْراراً جمعُ مُرٍّ، وقال أَبو حنيفة: المُرَّةُ بقلة تتفرّش على الأَرض لها ورق مثل ورق الهندبا أَو أَعرض، ولها نَوْرة صُفَيْراء وأَرُومَة بيضاء وتقلع مع أَرُومَتِها فتغسل ثم تؤكل بالخل والخبز، وفيها عليقمة يسيرة؛ التهذيب: وقيل هذه البقلة من أَمرار البقول، والمرّ الواحد.
والمُرارَةُ أَيضاً: بقلة مرة، وجمعها مُرارٌ.
والمُرارُ: شجر مُرٌّ، ومنه بنو آكِلِ المُرارِ قومٌ من العرب، وقيل: المُرارُ حَمْضٌ، وقيل: المُرارُ شجر إِذا أَكلته الإِبل قلَصت عنه مَشافِرُها، واحدتها مُرارَةٌ، هو المُرارُ، بضم الميم.
وآكِلُ المُرارِ معروف؛ قال أَبو عبيد: أَخبرني ابن الكلبي أَن حُجْراً إِنما سُمِّي آكِلَ المُرارِ أَن ابنةً كانت له سباها ملك من ملوك سَلِيحٍ يقال له ابن هَبُولَةَ، فقالت له ابنة حجر: كأَنك بأَبي قد جاء كأَنه جملٌ آكِلُ المُرارِ، يعني كاشِراً عن أَنيابه، فسمي بذلك، وقيل: إِنه كان في نفر من أصحابه في سَفَر فأَصابهم الجوع، فأَما هو فأَكل من المُرارِ حتى شبع ونجا، وأَما أَصحابه فلم يطيقوا ذلك حتى هلك أَكثرهم فَفَضَلَ عليهم بصبره على أَكْلِه المُرارَ.
وذو المُرارِ: أَرض، قال: ولعلها كثيرة هذا النبات فسمِّيت بذلك؛ قال الراعي: مِنْ ذِي المُرارِ الذي تُلْقِي حوالِبُه بَطْنَ الكِلابِ سَنِيحاً، حَيثُ يَنْدَفِقُ الفراء: في الطعام زُؤانٌ ومُرَيْراءُ ورُعَيْداءُ، وكله ما يُرْمَى به ويُخْرَجُ منه.
والمُرُّ: دَواءٌ، والجمع أَمْرارٌ؛ قال الأَعشى يصف حمار وحش: رَعَى الرَّوْضَ والوَسْمِيَّ، حتى كأَنما يَرَى بِيَبِيسِ الدَّوِّ أَمْرارَ عَلْقَمِ يصف أَنه رعى نبات الوسْمِيِّ لطِيبه وحَلاوتِه؛ يقول: صار اليبيس عنده لكراهته إِياه بعد فِقْدانِه الرطْبَ وحين عطش بمنزلة العلقم.
وفي قصة مولد المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: خرج قوم معهم المُرُّ، قالوا نَجْبُرُ به الكَسِيرَ والجُرْحَ؛ المُرُّ: دواء كالصَّبرِ، سمي به لمرارته.
وفلان ما يُمِرُّ وما يُحْلِي أَي ما يضر ولا ينفع.
ويقال: شتمني فلان فما أَمْرَرْتُ وما أَحْلَيْتُ أَي ما قلت مُرة ولا حُلوة. ما أَمَرَّ فلان وما أَحْلى؛ أَي ما قال مُرًّا ولا حُلواً؛ وفي حديث الاسْتِسْقاءِ: وأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الفَتِيُّ اسْتِكانَةً من الجُوعِ ضَعْفاً، ما يُمِرُّ وما يُحْلي أَي ما ينطق بخير ولا شر من الجوع والضعف، وقال ابن الأَعرابي: ما أُمِرُّ وما أُحْلِي أَي ما آتي بكلمة ولا فَعْلَةٍ مُرَّة ولا حُلوة، فإِن أَردت أَن تكون مَرَّة مُرًّا ومَرَّة حُلواً قلت: أَمَرُّ وأَحْلو وأَمُرُّ وأَحْلو. مُرٌّ، على المثل، كما قالوا حُلْو. منه الأَمَرَّينِ والبُرَحَينِ والأَقْوَرَينِ أَي الشرَّ والأَمْرَ العظيم.
وقال ابن الأَعرابي: لقيت منه الأَمَرَّينِ، على التثنية، ولقيت منه المُرَّيَيْنِ كأَنها تثنية الحالة المُرَّى. قال أَبو منصور: جاءت هذه الحروف على لفظ الجماعة، بالنون، عن العرب، وهي الدواهي، كما قالوا مرقه مرقين (* قوله« مرقه مرقين» كذا بالأصل.) وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم: ماذا في الأَمَرَّينِ من الشِّفاء، فإِنه مثنى وهما الثُّفَّاءُ والصَّبِرُ، والمَرارَةُ في الصَّبِرِ دون الثُّفَّاءِ، فغَلَّبَه عليه، والصَّبِرُ هو الدواء المعروف، والثُّفَّاءُ هو الخَرْدَلُ؛ قال: وإِنما قال الأَمَرَّينِ، والمُرُّ أَحَدُهما، لأَنه جعل الحُروفةَ والحِدَّةَ التي في الخردل بمنزلة المرارة وقد يغلبون أَحد القرينين على الآخر فيذكرونهما بلفظ واحد، وتأْنيث الأَمَرِّ المُرَّى وتثنيتها المُرَّيانِ؛ ومنه حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، في الوصية: هما المُرَّيان: الإِمْساكُ في الحياةِ والتَّبْذِيرُ عنْدَ المَمات؛ قال أَبو عبيد: معناه هما الخصلتان المرتان، نسبهما إِلى المرارة لما فيهما من مرارة المأْثم.
وقال ابن الأَثير: المُرَّيان تثنية مُرَّى مثل صُغْرى وكبرى وصُغْرَيان وكُبْرَيانِ، فهي فعلى من المرارة تأْنيث الأَمَرِّ كالجُلَّى والأَجلِّ، أَي الخصلتان المفضلتان في المرارة على سائر الخصال المُرَّة أَن يكون الرجل شحيحاً بماله ما دام حيّاً صحيحاً، وأَن يُبَذِّرَه فيما لا يُجْدِي عليه من الوصايا المبنية على هوى النفس عند مُشارفة الموت.
والمرارة: هَنَةٌ لازقة بالكَبد وهي التي تُمْرِئُ الطعام تكون لكل ذي رُوحٍ إِلاَّ النَّعامَ والإِبل فإِنها لا مَرارة لها.
والمارُورَةُ والمُرَيرَاءُ: حب أَسود يكون في الطعام يُمَرُّ منه وهو كالدَّنْقَةِ، وقيل: هو ما يُخرج منه فيُرْمى به.
وقد أَمَرَّ: صار فيه المُرَيْراء.
ويقال: قد أَمَرَّ هذا الطعام في فمي أَي صار فيه مُرّاً، وكذلك كل شيء يصير مُرّاً، والمَرارَة الاسم.
وقال بعضهم: مَرَّ الطعام يَمُرّ مَرارة، وبعضهم: يَمَرُّ، ولقد مَرَرْتَ يا طَعامُ وأَنت تَمُرُّ؛ ومن قال تَمَرُّ قال مَرِرْتَ يا طعام وأَنت تَمَرُّ؛ قال الطرمَّاح: لَئِنْ مَرَّ في كِرْمانَ لَيْلي، لرُبَّما حَلا بَيْنَ شَطَّي بابِلٍ فالمُضَيَّحِ والمَرارَةُ: التي فيها المِرَّةُ، والمِرَّة: إِحدى الطبائع الأَربع؛ ابن سيده: والمِرَّةُ مِزاجٌ من أَمْزِجَةِ البدن. قال اللحياني: وقد مُررْتُ به على صيغة فعل المفعول أُمَرُّ مَرًّا ومَرَّة.
وقال مَرَّة: المَرُّ المصدر، والمَرَّة الاسم كما تقول حُمِمْتُ حُمَّى، والحمى الاسم.
والمَمْرُور: الذي غلبت عليه المِرَّةُ، والمِرَّةُ القوّة وشده العقل أَيضاً.
ورجل مرير أَي قَوِيُّ ذو مِرة.
وفي الحديث: لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغَنِيٍّ ولا لِذي مِرَّةَ سَوِيٍّ؛ المِرَّةُ: القُوَّةُ والشِّدّةُ، والسَّوِيُّ: الصَّحيحُ الأَعْضاءِ.
والمَرِيرُ والمَرِيرَةُ: العزيمةُ؛ قال الشاعر: ولا أَنْثَني مِنْ طِيرَةٍ عَنْ مَرِيرَةٍ، إِذا الأَخْطَبُ الدَّاعي على الدَّوحِ صَرْصَرا والمِرَّةُ: قُوّةُ الخَلْقِ وشِدّتُهُ، والجمع مِرَرٌ، وأَمْرارٌ جمع الجمع؛ قال: قَطَعْتُ، إِلى مَعْرُوفِها مُنْكراتِها، بأَمْرارِ فَتْلاءِ الذِّراعَين شَوْدَحِ ومِرَّةُ الحَبْلِ: طاقَتُهُ، وهي المَرِيرَةُ، وقيل: المَرِيرَةُ الحبل الشديد الفتل، وقيل: هو حبل طويل دقيق؛ وقد أمْرَرْتَه.
والمُمَرُّ: الحبل الذي أُجِيدَ فتله، ويقال المِرارُ والمَرُّ.
وكل مفتول مُمَرّ، وكل قوّة من قوى الحبل مِرَّةٌ، وجمعها مِرَرٌ.
وفي الحديث: أَن رجلاً أَصابه في سيره المِرَارُ أَي الحبل؛ قال ابن الأَثير: هكذا فسر، وإِنما الحبل المَرُّ، ولعله جمعه.
وفي حديث عليّ في ذكر الحياةِ: إِنّ الله جعل الموت قاطعاً لمَرائِر أَقرانها؛ المَرائِرُ: الحبال المفتولة على أَكثَر من طاق، واحدها مَريرٌ ومَرِيرَةٌ.
وفي حديث ابن الزبير: ثم اسْتَمَرَّتْ مَريرَتي؛ يقال: استمرت مَرِيرَتُه على كذا إِذا استحكم أَمْرُه عليه وقويت شَكِيمَتُه فيه وأَلِفَه واعْتادَه، وأَصله من فتل الحبل.
وفي حديث معاوية: سُحِلَتْ مَريرَتُه أَي جُعل حبله المُبْرَمُ سَحِيلاً، يعني رخواً ضعيفاً.
والمَرُّ، بفتح الميم: الحبْل؛ قال: زَوْجُكِ ا ذاتَ الثَّنايا الغُرِّ، والرَّبَلاتِ والجَبِينِ الحُرِّ، أَعْيا فَنُطْناه مَناطَ الجَرِّ، ثم شَدَدْنا فَوْقَه بِمَرِّ، بَيْنَ خَشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ الرَّبَلاتُ: جمع رَبَلَة وهي باطن الفخذ.
والحَرُّ ههنا: الزَّبيلُ.
وأَمْرَرْتُ الحبلَ أُمِرُّه، فهو مُمَرٌّ، إِذا شَدَدْتَ فَتْلَه؛ ومنه قوله عز وجل: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ؛ أَي مُحْكَمٌ قَوِيٌّ، وقيل مُسْتَمِرٌّ أَي مُرٌّ، وقيل: معناه سَيَذْهَبُ ويَبْطُلُ؛ قال أَبو منصور: جعله من مَرَّ يَمُرُّ إِذا ذهَب.
وقال الزجاج في قوله تعالى: في يوم نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، أَي دائمٍ، وقيل أَي ذائمِ الشُّؤْمِ، وقيل: هو القويُّ في نحوسته، وقيل: مستمر أَي مُر، وقيل: مستمر نافِذٌ ماضٍ فيما أُمِرَ به وسُخّر له.
ويقال: مَرَّ الشيءُ واسْتَمَرَّ وأَمَرَّ من المَرارَةِ.
وقوله تعالى: والساعة أَدْهَى وأَمَرُّ؛ أَي أَشد مَرارة؛ وقال الأَصمعي في قول الأَخطل: إِذا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوقَه حَمَلا وصف رجلاً يَتَحَمَّلُ الحِمَالاتِ والدِّياتِ فيقول: إِذا اسْتُوثِقَ منه بأَن يحمِل المِئينَ من الإِبل ديات فأُمِرَّتْ فوق ظهره أَي شُدَّتْ بالمِرارِ وهو الحبل، كما يُشَدُّ على ظهر البعير حِمْلُه، حَمَلَها وأَدّاها؛ ومعنى قوله حَمَلا أَي ضَمِنَ أَداءَ ما حَمَل وكفل. الجوهري: والمَرِيرُ من الحبال ما لَطُفَ وطال واشتد فَتْلُه، والجمع المَرائِرُ؛ ومنه قولهم: ما زال فلان يُمِرُّ فلاناً ويُمارُّه أَي يعالجه ويَتَلَوَّى عليه لِيَصْرَعَه. ابن سيده: وهو يُمارُّه أَي يَتَلَوَّى عليه؛ وقول أَبي ذؤيب: وذلِكَ مَشْبُحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ خَشُوفٌ، إِذا ما الحَرْبُ طالَ مِرارُها فسره الأَصمعي فقال: مِرارُها مُداوَرَتُها ومُعالجتُها.
وسأَل أَبو الأَسود (* قوله« وسأل أبو الاسود إلخ» كذا بالأصل.) الدؤلي غلاماً عن أَبيه فقال: ما فَعَلَتِ امْرأَةُ أَبيك؟ قال: كانت تُسارُّه وتُجارُّه وتُزارُّه وتُهارُّه وتُمارُّه، أَي تَلتَوي عليه وتخالِفُه، وهو من فتل الحبل.
وهو يُمارُّ البعيرَ أَي يريده ليصرعه. قال أَبو الهيثم: مارَرْت الرجلَ مُمارَّةً ومِراراً إِذا عالجته لتصرعه وأراد ذلك منك أَيضاً. قال: والمُمَرُّ الذي يُدْعى لِلبَكْرَةِ الصَّعْبَةِ لِيَمُرَّها قَبْلَ الرائِضِ. قال: والمُمَرُّ الذي يَتَعَقَّلُ (* قوله« يتعقل» في القاموس: يتغفل.) البَكْرَةَ الصعْبَةَ فيَسْتَمْكِنُ من ذَنَبِها ثم يُوَتِّدُ قَدَمَيْهِ في الأَرض كي لا تَجُرَّه إِذا أَرادتِ الإِفلاتَ، وأَمَرَّها بذنبها أَي صرفها شِقًّا لشِقٍّ حتى يذللها بذلك فإِذا ذلت بالإِمرار أَرسلها إِلى الرائض.
وفلان أَمَرُّ عَقْداً من فلان أَي أَحكم أَمراً منه وأَوفى ذمةً.
وإِنه لذو مِرَّة أَي عقل وأَصالة وإِحْكامٍ، وهو على المثل.
والمِرَّةُ: القوّة، وجمعها المِرَرُ. قال الله عز وجل: ذو مِرَّةٍ فاسْتَوَى، وقيل في قوله ذو مِرَّةٍ: هو جبريل خلقه الله تعالى قويّاً ذا مِرَّة شديدة؛ وقال الفراء: ذو مرة من نعت قوله تعالى: علَّمه شدِيدُ القُوى ذو مِرَّة؛ قال ابن السكيت: المِرَّة القوّة، قال: وأَصل المِرَّةِ إِحْكامُ الفَتْلِ. يقال: أَمَرَّ الحبلَ إِمْراراً.
ويقال: اسْتَمَرَّت مَريرَةُ الرجل إِذا قويت شَكِيمَتُه.
والمَريرَةُ: عِزَّةُ النفس.
والمَرِيرُ، بغير هاء: الأَرض التي لا شيء فيها، وجمعها مَرائِرُ.
وقِرْبة مَمْرورة: مملوءة.
والمَرُّ: المِسْحاةُ، وقيل: مَقْبِضُها، وكذلك هو من المِحراثِ.
والأَمَرُّ: المصارِينُ يجتمع فيها الفَرْثُ، جاء اسماً للجمع كالأَعَمِّ الذي هو الجماعة؛ قال: ولا تُهْدِي الأَمَرَّ وما يَلِيهِ، ولا تُهْدِنّ مَعْرُوقَ العِظامِ قال ابن بري: صواب إِنشاد هذا البيت ولا، بالواو، تُهْدِي، بالياء، لأَنه يخاطب امرأَته بدليل قوله ولا تهدنّ، ولو كان لمذكر لقال: ولا تُهْدِيَنَّ، وأَورده الجوهري فلا تهد بالفاء؛ وقبل البيت: إِذا ما كُنْتِ مُهْدِيَةً، فَأَهْدِي من المَأْناتِ، أَو فِدَرِ السَّنامِ يأْمُرُها بمكارِم الأَخلاقِ أَي لا تْهدي من الجَزُورِ إِلا أَطايِبَه.
والعَرْقُ: العظم الذي عليه اللحم فإِذا أُكِلَ لحمه قيل له مَعْرُوقٌ.
والمَأْنَةُ: الطَّفْطَفَةُ.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كره من الشَّاءِ سَبْعاً: الدَّمَ والمَرارَ والحَياءَ والغُدّةَ والذَّكَرَ والأُنْثَيَيْنِ والمَثانَةَ؛ قال القتيبي: أَراد المحدث أَن يقول الأَمَرَّ فقال المَرارَ، والأَمَرُّ المصارِينُ. قال ابن الأَثير: المَرارُ جمع المَرارَةِ، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء أَخضر مُرٌّ، قيل: هي لكل حيوان إِلاَّ الجمل. قال: وقول القتيبي ليس بشيء.
وفي حديث ابن عمر: أَنه جرح إِصبعه فأَلْقَمَها مَرارَةً وكان يتوضأُ عليها.
ومَرْمَرَ إِذا غَضِبَ، ورَمْرَمَ إِذا أَصلح شأْنَه. ابن السكيت: المَرِيرَةُ من الحبال ما لَطُف وطال واشتد فتله، وهي المَرائِرُ.
واسْتَمَرَّ مَرِيرُه إِذا قَوِيَ بعد ضَعْفٍ.
وفي حديث شريح: ادّعى رجل دَيْناً على ميِّت فأَراد بنوه أَن يحلفوا على عِلْمِهِم فقال شريح: لَتَرْكَبُنَّ منه مَرَارَةَ الذَّقَنِ أَي لَتَحْلِفُنَّ ما له شيء، لا على العلم، فيركبون من ذلك ما يَمَرُّ في أَفْواهِهم وأَلسِنَتِهِم التي بين أَذقانهم.
ومَرَّانُ شَنُوءَةَ: موضع باليمن؛ عن ابن الأَعرابي.
ومَرَّانُ ومَرُّ الظَّهْرانِ وبَطْنُ مَرٍّ: مواضعُ بالحجاز؛ قال أَبو ذؤَيب: أَصْبَحَ مِنْ أُمِّ عَمْرٍو بَطْنُ مَرَّ فأَكْـ ـنافُ الرَّجِيعِ، فَذُو سِدْرٍ فأَمْلاحُ وَحْشاً سِوَى أَنّ فُرَّاطَ السِّباعِ بها، كَأَنها مِنْ تَبَغِّي النَّاسِ أَطْلاحُ ويروى: بطن مَرٍّ، فَوَزْنُ« رِنْ فَأَكْ» على هذا فاعِلُنْ.
وقوله رَفَأَكْ، فعلن،وهو فرع مستعمل، والأَوّل أَصل مَرْفُوض.
وبَطْنُ مَرٍّ: موضع، وهو من مكة، شرفها الله تعالى، على مرحلة. الرجلُ (* قوله« وتمرمر الرجل إلخ» في القاموس وتمرمر الرمل): مارَ.
والمَرْمَرُ: الرُّخامُ؛ وفي الحديث: كأَنَّ هُناكَ مَرْمَرَةً؛ هي واحدةُ المَرْمَرِ، وهو نوع من الرخام صُلْبٌ؛ وقال الأَعشى: كَدُمْيَةٍ صُوِّرَ مِحْرابُها بِمُذْهَبٍ ذي مَرْمَرٍ مائِرِ وقال الراجز: مَرْمارَةٌ مِثْلُ النَّقا المَرْمُورِ والمَرْمَرُ: ضَرْبٌ من تقطيع ثياب النساء.
وامرأَة مَرْمُورَةٌ ومَرْمارَةٌ: ترتَجُّ عند القيام. قال أَبو منصور: معنى تَرْتَجُّ وتَمَرْمَرُ واحد أَي تَرْعُدُ من رُطوبتها، وقيل: المَرْمارَةُ الجارية الناعمة الرَّجْراجَةُ، وكذلك المَرْمُورَةُ.
والتَّمَرْمُرُ: الاهتزازُ.
وجِسْمٌ مَرْمارٌ ومَرْمُورٌ ومُرَامِرٌ: ناعمٌ.
ومَرْمارٌ: من أَسماء الداهية؛ قال:قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَةُ بالغَمِيسِ، لَيْلَةَ مَرْمارٍ ومَرْمَرِيسِ والمرْمارُ: الرُّمانُ الكثير الماء الذي لا شحم له.
ومَرَّارٌ ومُرَّةُ ومَرَّانُ: أَسماء.
وأَبو مُرَّةَ: كنية إِبليس.
ومُرَيْرَةٌ والمُرَيْرَةُ: موضع؛ قال: كأَدْماءَ هَزَّتْ جِيدَها في أَرَاكَةٍ، تَعاطَى كَبَاثاً مِنْ مُرَيْرَةَ أَسْوَدَا وقال: وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُه، ولو وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرَةِ آجِما أَراد آجنا، فأَبدل.
وبَطْنُ مَرٍّ: موضعٌ.
والأَمْرَارُ: مياه معروفة في ديار بني فَزَارَةَ؛ وأَما قول النابغة يخاطب عمرو بن هند: مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ آيةً؟ ومِنَ النَّصِيحَةِ كَثْرَةُ الإِنْذَارِ لا أَعْرِفَنَّك عارِضاً لِرِماحِنا، في جُفِّ تَغْلِبَ وارِدِي الأَمْرَارِ فهي مياه بالبادِيَة مرة. قال ابن بري: ورواه أَبو عبيدة: في جف ثعلب، يعني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، وجعلهم جفّاً لكثرتهم. يقال للحي الكثير العدد: جف، مثل بكر وتغلب وتميم وأَسد، ولا يقال لمن دون ذلك جف.
وأَصل الجف: وعاء الطلع فاستعاره للكثرة، لكثرة ما حوى الجف من حب الطلع؛ ومن رواه: في جف تغلب، أَراد أَخوال عمرو بن هند، وكانت له كتيبتان من بكر وتغلب يقال لإِحداهما دَوْسَرٌ والأُخرى الشَّهْباء؛ قوله: عارضاً لرماحنا أَي لا تُمَكِّنها من عُرْضِكَ؛ يقال: أَعرض لي فلان أَي أَمكنني من عُرْضِه حتى رأَيته.
والأَمْرارُ: مياهٌ مَرَّةٌ معروفة منها عُِراعِرٌ وكُنَيْبٌ والعُرَيْمَةُ.
والمُرِّيُّ: الذي يُؤْتَدَمُ به كأَنَّه منسوب إِلى المَرارَةِ، والعامة تخففه؛ قال: وأَنشد أَبو الغوث: وأُمُّ مَثْوَايَ لُباخِيَّةٌ، وعِنْدَها المُرِّيُّ والكامَخُ وفي حديث أَبي الدرداء ذكر المُرِّيِّ، هو من ذلك.
وهذه الكلمة في التهذيب في الناقص: ومُرامِرٌ اسم رجل. قال شَرْقيُّ بن القُطَامي: إِن أَوّل من وضع خطنا هذا رجال من طيء منهم مُرامِرُ بن مُرَّةَ؛ قال الشاعر: تَعَلَّمْتُ باجاداً وآلَ مُرامِرٍ، وسَوَّدْتُ أَثْوابي، ولستُ بكاتب قال: وإِنما قال وآل مرامر لأَنه كان قد سمى كل واحد من أَولاده بكلمة من أَبجد وهي ثمانية. قال ابن بري: الذي ذكره ابن النحاس وغيره عن المدايني أَنه مُرامِرُ بن مَرْوَةَ، قال المدايني: بلغنا أَن أَوَّل من كتب بالعربية مُرامِرُ بن مروة من أَهل الأَنبار، ويقال من أَهل الحِيرَة، قال: وقال سمرة بن جندب: نظرت في كتاب العربية فإِذا هو قد مَرَّ بالأَنبار قبل أَن يَمُرَّ بالحِيرَةِ.
ويقال إِنه سئل المهاجرون: من أَين تعلمتم الخط؟ فقالوا: من الحيرة؛ وسئل أَهل الحيرة: من أَين تعلمتم الخط؟ فقالوا: من الأَنْبار.
والمُرّانُ: شجر الرماح، يذكر في باب النون لأَنه فُعَّالٌ.
ومُرٌّ: أَبو تميم، وهو مُرُّ بنُ أُدِّ بن طابِخَةَ بنِ إِلْياسَ بنِ مُضَرَ.
ومُرَّةُ: أَبو قبيلة من قريش، وهو مُرّة بن كعب بن لُؤَيِّ بن غالبِ بن فهر بن مالك بن النضر ومُرَّةُ: أَبو قبيلة من قَيْسِ عَيْلانَ، وهو مُرَّةُ بن عَوْف بن سعد بن قيس عيلانَ. مُرَامِراتٌ: حروف وها (* قوله« حروف وها» كذا بالأصل.) قديم لم يبق مع الناس منه شيء، قال أَبو منصور: وسمعت أَعرابيّاً يقول لَهِمٌ وَذَلٌ وذَلٌ، يُمَرْمِرُ مِرْزةً ويَلُوكُها؛ يُمَرْمِرُ أَصلُه يُمَرِّرُ أَي يَدْحُوها على وجه الأَرض.
ويقال: رَعَى بَنُو فُلانٍ المُرَّتَيْنِ (* في القاموس: المريان بالياء التحتية بعد الراء بدل التاء المثناة) وهما الأَلاءُ والشِّيحُ.
وفي الحديث ذكر ثنية المُرارِ المشهور فيها ضم الميم، وبعضهم يكسرها، وهي عند الحديبية؛ وفيه ذكر بطن مَرٍّ ومَرِّ الظهران، وهما بفتح الميم وتشديد الراء، موضع بقرب مكة. الجوهري: وقوله لتَجِدَنَّ فُلاناً أَلْوى بَعيدَ المُسْتَمَرِّ، بفتح الميم الثانية، أَي أَنه قَوِيٌّ في الخُصُومَةِ لا يَسْأَمُ المِراسَ؛ وأَنشد أَبو عبيد: إِذا تَخازَرْتُ، وما بي من خَزَرْ، ثم كَسَرْتُ العَيْنَ مِنْ غَيْرِ عَوَرْ وجَدْتَني أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرّْ، أَحْمِلُ ما حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وشَرّْ قال ابن بري: هذا الرجز يروى لعمرو بن العاص، قال: وهو المشهور؛ ويقال: إِنه لأَرْطاةَ بن سُهَيَّةَ تمثل به عمرو، رضي الله عنه.

سوق (لسان العرب) [0]


السَّوق: معروف. ساقَ الإبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً، وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد للمبالغة؛ قال الخطم القيسي، ويقال لأبي زغْبة الخارجي: قد لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ وقوله تعالى: وجاءت كلُّ نَفْسٍ معها سائقٌ وشَهِيد؛ قيل في التفسير: سائقٌ يَسُوقها إلى محشرها، وشَهِيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثعلب: لولا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ، واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ وسَوَّقَها: كساقَها؛ قال امرؤ القيس: لنا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ، كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُّ وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قَحْطان يَسُوق الناس بعَصاه؛ هو كناية عن استقامةِ الناس وانقيادِهم إليه واتِّفاقِهم عليه، ولم . . . أكمل المادة يُرِدْ نفس العصا وإنما ضربها مثلاً لاستيلائه عليهم وطاعتهم له، إلاّ أن في ذكرها دلالةً على عَسْفِه بهم وخشونتِه عليهم.
وفي الحديث: وسَوَّاق يَسُوق بهن أي حادٍ يَحْدُو الإبلَ فهو يسُوقهن بحُدائِه، وسَوَّاق الإبل يَقْدُمُها؛ ومنه: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير.
وقد انْساقَت وتَساوَقَت الإبلُ تَساوُقاً إذا تتابعت، وكذلك تقاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة.
وفي حديث أُم معبد: فجاء زوجها يَسُوق أعْنُزاً ما تَساوَقُ أي ما تتابَعُ.
والمُساوَقة: المُتابعة كأنّ بعضَها يسوق بعضاً، والأصل في تَساوَقُ تتَساوَق كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بعضها عن بعض.
وساقَ إليها الصَّداق والمَهرَ سِياقاً وأَساقَه، وإن كان دراهمَ أَو دنانير، لأن أَصل الصَّداق عند العرب الإبلُ، وهي التي تُساق، فاستعمل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما.
وساقَ فلانٌ من امرأته أي أعطاها مهرها.
والسِّياق: المهر.
وفي الحديث: أنه رأى بعبد الرحمن وَضَراً مِنْ صُفْرة فقال: مَهْيَمْ، قال: تزوَّجْتُ امرأة من الأَنصار، فقال: ما سُقْتَ إليها؟ أَي ما أَمْهَرْتَها، قيل للمهر سَوْق لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مهراً لأَنها كانت الغالبَ على أموالهم، وضع السَّوق موضع المهر وإن لم يكن إبلاً وغنماً؛ وقوله في رواية: ما سُقْتُ منها، بمعنى البدل كقوله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم ملائكة في الأرض يََخْلفقون؛ أي بدلكم.
وأَساقه إبلاً: أَعطاه إياها يسُوقها.
والسَّيِّقةُ: ما اختَلَس من الشيء فساقَه؛ ومنه قولهم: إنما ابنُ آدم سَيِّقةٌ يسُوقُه الله حيث شاء وقيل: السَّيِّقةُ التي تُساقُ سوْقاً؛ قال: وهل أنا إلا مثْل سَيِّقةِ العِدا، إن اسْتَقْدَمَتْ نَجْرٌ، وإن جبّأتْ عَقْرُ؟ ويقال لما سِيقَ من النهب فطُرِدَ سَيِّقة، وأَنشد البيت أيضاً: وهل أنا إلا مثل سيِّقة العدا الأَزهري: السِّيَّقة ما اسْتاقه العدوُّ من الدواب مثل الوَسِيقة. الأَصمعي: السَّيقُ من السحاب ما طردته الريح، كان فيه ماء أَو لم يكن، وفي الصحاح: الذي تَسوقه الريح وليس فيه ماء.
وساقةُ الجيشُ: مؤخَّرُه.
وفي صفة مشيه، عليه السلام: كان يَسُوق أَصحابَه أَي يُقَدِّمُهم ويمشي خلفم تواضُعاً ولا يَدع أحداً يمشي خلفه.
وفي الحديث في صفة الأَولياء: إن كانت الساقةُ كان فيها وإن كان في الجيش (* قوله «في الجيش» الذي في النهاية: في الحرس، وفي ثابتة في الروايتين). كان فيه الساقةُ؛ جمع سائق وهم الذين يَسُوقون جيش الغُزاة ويكونون مِنْ ورائه يحفظونه؛ ومنه ساقةُ الحاجّ.
والسَّيِّقة: الناقة التي يُسْتَتَرُ بها عن الصيد ثم يُرْمَى؛ عن ثعلب.
والمِسْوَق: بَعِير تستتر به من الصيد لتَخْتِلَه.
والأساقةُ: سيرُ الرِّكابِ للسروج.
وساقَ بنفسه سياقاً: نَزَع بها عند الموت. تقول: رأيت فلاناً يَسُوق سُوُقاً أي يَنْزِع نَزْعاً عند الموت، يعني الموت؛ الكسائي: تقول هو يَسُوق نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وقد فاظت نفسُه وأَفاظَه الله نفسَه.
ويقال: فلان في السِّياق أي في النَّزْع. ابن شميل: رأيت فلاناً بالسَّوْق أي بالموت يُساق سوقاً، وإنه نَفْسه لتُساق.
والسِّياق: نزع الروح.
وفي الحديث: دخل سعيد على عثمان وهو في السَّوْق أي النزع كأَنّ روحه تُساق لتخرج من بدَنه، ويقال له السِّياق أيضاً، وأَصله سِواق، فقلبت الواو ياء لكسرة السين، وهما مصدران من ساقَ يَسُوق.
وفي الحديث: حَضَرْنا عمرو بن العاصِ وهو في سِياق الموت.
والسُّوق: موضع البياعات. ابن سيده: السُّوق التي يُتعامل فيها، تذكر وتؤنث؛ قال الشاعر في التذكير: أَلم يَعِظِ الفِتْيانَ ما صارَ لِمَّتي بِسُوقٍ كثيرٍ ريحُه وأَعاصِرُهْ عَلَوْني بِمَعْصوبٍ، كأَن سَحِيفَه سَحيفُ قُطامِيٍّ حَماماً يُطايِرُهْ المَعْصوب: السوط، وسَحِيفُه صوته؛ وأَنشد أَبو زيد: إنِّي إذالم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه، ورَكَدَ السَّبُّ فقامت سُوقُه، طَبٌّ بِإهْداء الخنا لبِيقُه والجمع أسواق.
وفي التنزيل: إلا إِنَّهم ليأكلون الطعام ويَمْشُون في الأَسْواق؛ والسُّوقة لغة فيه.
وتَسَوَّق القومُ إذا باعوا واشتَروا.
وفي حديث الجُمعة: إذا جاءت سُوَيْقة أي تجارة، وهي تصغير السُّوق، سميت بها لأن التجارة تجلب إليها وتُساق المَبيعات نحوَها.
وسُوقُ القتالِ والحربِ وسوقَتُه: حَوْمتُه، وقد قيل: إن ذلك مِنْ سَوْقِ الناس إليها. الليث: الساقُ لكل شجرة ودابة وطائر وإنسان.
والساقُ: ساقُ القدم.
والساقُ من الإنسان: ما بين الركبة والقدم، ومن الخيل والبغال والحمير والإبل: ما فوق الوَظِيف، ومن البقر والغنم والظباء: ما فوق الكُراع؛ قال: فَعَيْناكِ عَيْناها، وجِيدُك جِيدُها، ولكنّ عَظْمَ السَّاقِ منكِ رَقيقُ وامرأة سوْقاء: تارّةُ الساقين ذات شعر.
والأَسْوَق: الطويل عَظْمِ الساقِ، والمصدر السَّوَق؛ وأَنشد: قُبُّ من التَّعْداءِ حُقْبٌ في السَّوَقْ الجوهري: امرأة سَوْقاء حسنَة الساقِ.
والأَسْوَقُ: الطويل الساقين؛ وقوله: للْفَتى عَقْلٌ يَعِيشُ به، حيث تَهْدِي ساقَه قَدَمُهْ فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه إن اهتدَى لرُشْدٍ عُلِمَ أنه عاقل، وإن اهتدى لغير رشدٍ علم أَنه على غير رُشْد.
والساقُ مؤنث؛ قال الله تعالى: والتفَّت الساقُ بالساق؛ وقال كعب بن جُعَيْل: فإذا قامَتْ إلى جاراتِها، لاحَت الساقُ بُخَلْخالٍ زَجِلْ وفي حديث القيامة: يَكْشِفُ عن ساقِه؛ الساقُ في اللغة الأمر الشديد، وكَشْفُه مَثَلٌ في شدة الأمر كما يقال للشحيح يدُه مغلولة ولا يدَ ثَمَّ ولا غُلَّ، وإنما هو مَثَلٌ في شدّة البخل، وكذلك هذا. لا ساقَ هناك ولا كَشْف؛ وأَصله أَن الإنسان إذا وقع في أمر شديد يقال: شمَّر ساعِدَه وكشفَ عن ساقِه للإهتمام بذلك الأمر العظيم. ابن سيده في قوله تعالى: يوم يُكشَف عن ساقٍ، إنما يريد به شدة الأمر كقولهم: قامت الحربُ على ساق، ولسنا ندفع مع ذلك أَنَ الساق إذا أُريدت بها الشدة فإنما هي مشبَّهة بالساق هي التي تعلو القدم، وأَنه إنما قيل ذلك لأن الساقَ هذه الحاملة للجُمْلة والمُنْهِضَةُ لها فذُكِرت هنا لذلك تشبيهاً وتشنيعاً؛ وعلى هذا بيت الحماسة لجدّ طرفة: كَشَفَتْ لهم عن ساقِها، وبدا من الشرَّ الصُّراحْ وقد يكون يُكْشَفُ عن ساقٍ لأن الناس يَكِشفون عن ساقِهم ويُشَمِّرون للهرب عند شدَّة الأَمر؛ ويقال للأَمر الشديد ساقٌ لأن الإنسان إذا دَهَمَتْه شِدّة شَمّر لها عن ساقَيْه، ثم قيل للأَمر الشديد ساقٌ؛ ومنه قول دريد: كَمِيش الإزار خارِجِ نصْفُ ساقِه أَراد أَنه مشمر جادٌّ، ولم ييرد خروج الساق بعينها؛ ومنه قولهم: ساوَقَه أي فاخَرة أَيُّهم أَشدّ.
وقال ابن مسعود: يَكْشِفُ الرحمنُ جلّ ثناؤه عن ساقِه فَيَخِرّ المؤمنون سُجَّداً، وتكون ظهورُ المنافقين طَبَقاً طبقاً كان فيها السَّفافيد.
وأَما قوله تعالى: فَطِفقَ مَسْحاً بالسُّوق والأَعْناق، فالسُّوق جمع ساقٍ مثل دارٍ ودُورٍ؛ الجوهري: الجمع سُوق، مثل أَسَدٍ وأُسْد، وسِيقانٌ وأَسْوقٌ؛ وأَنشد ابن بري لسلامة بن جندل: كأنّ مُناخاً، من قُنونٍ ومَنْزلاً، بحيث الْتَقَيْنا من أَكُفٍّ وأَسْوُقِ وقال الشماخ: أَبَعْدَ قَتِيلٍ بالمدينة أَظْلَمَتْ له الأَرضُ، تَهْتَزُّ العِضاهُ بأَسْوُقِ؟ فأَقْسَمْتُ لا أَنْساك ما لاحَ كَوكَبٌ، وما اهتزَّ أَغصانُ العِضاهِ بأَسْوُقِ وفي الحديث: لا يسْتَخرجُ كنْزَ الكعبة إلا ذو السُّوَيْقَتَيْنِ؛ هما تصغير الساق وهي مؤنثة فذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنما صَغَّر الساقين لأن الغالب على سُوق الحبشة الدقَّة والحُموشة.
وفي حديث الزِّبْرِقان: الأَسْوَقُ الأَعْنَقُ؛ هو الطويل الساق والعُنُقِ.
وساقُ الشجرةِ: جِذْعُها، وقيل ما بين أَصلها إلى مُشَعّب أَفنانها، وجمع ذلك كله أَسْوُقٌ وأَسْؤُقٌ وسُوُوق وسؤوق وسُوْق وسُوُق؛ الأَخيرة نادرة، توهموا ضمة السين على الواو وقد غلب ذلك على لغة أبي حيَّة النميري؛ وهَمَزَها جرير في قوله:أَحَبُّ المُؤقدانِ إليك مُؤسي وروي أَحَبُّ المؤقدين وعليه وجّه أَبو علي قراءةَ من قرأَ: عاداً الأؤْلى.
وفي حديث معاوية: قال رجل خاصمت إليه ابنَ أخي فجعلت أَحُجُّه، فقال: أَنتَ كما قال: إني أُتيحُ له حِرْباء تَنْضُبَةٍ، لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكاً ساقا (* قوله «إِني أُتيح له إلخ» هو هكذا بهذا الضبط في نسخة صحيحة من النهاية). أَراد بالساق ههنا الغصن من أَغصان الشجرة؛ المعنى لا تَنْقضِي له حُجّة إلا تَعَلَّق بأُخرى، تشبيهاً بالحِرْباء وانتقاله من غُصنٍ إلى غصن يدور مع الشمس.
وسَوَّقَ النَّبتُ: صار له ساقٌ؛ قال ذو الرمة: لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ، كأنه مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍغَمْرِ وساقَه: أَصابَ ساقَه.
وسُقْتُه: أصبت ساقَه.
والسَّوَقُ: حُسْن الساقِ وغلظها، وسَوِق سَوَقاً وهو أَسْوَقُ؛ وقول العجاج: بِمُخْدِرٍ من المَخادِير ذَكَرْ، يَهْتَذُّ رَدْمِيَّ الحديدِ المُسْتَمرْ، هذَّك سَوَّاقَ الحَصادِ المُخْتَضَرْ الحَصاد: بقلة يقال لها الحَصادة.
والسَّوَّاقُ: الطويل الساق، وقيل: هو ما سَوَّقَ وصارعلى ساقٍ من النبت؛ والمُخْدِرُ: القاطع خِدْرَه، وخَضَرَه: قَطَعه؛ قال ذلك كله أَبو زيد، سيف مُخْدِر. ابن السكيت: يقال ولدت فلانةُ ثلاثةَ بنين على ساقٍ واحدة أي بعضهم على إثر بعض ليس بينهم جارية؛ ووُلِدَ لفلان ثلاثةُ أولاد ساقاً على ساقٍ أي واحد في إثر واحد، وولَدَتْ ثلاثةً على ساقٍ واحدة أي بعضُهم في إثر بعض ليست بينهم جارية، وبنى القوم بيوتَهم على ساقٍ واحدة، وقام فلانٌ على ساقٍ إذا عُنِيَ بالأَمر وتحزَّم به، وقامت الحربُ على ساقٍ، وهو على المَثَل.
وقام القوم على ساقٍ: يراد بذلك الكد والمشقة.
وليس هناك ساقٌ، كما قالوا: جاؤوا على بَكْرة أَبيهم إذا جاؤوا عن آخرِهم، وكما قالوا: شرٌّ لا يُنادى وَليدُه.
وأَوهت بساق أي كِدْت أَفعل؛ قال قرط يصف الذئب: ولكِنّي رَمَيْتُك منْ بعيد، فلم أَفْعَلْ، وقد أَوْهَتْ بِساقِ وقيل: معناه هنا قربت العدّة.
والساق: النَّنْفسُ؛ ومنه قول عليّ، رضوان الله عليه، في حرب الشُّراة: لا بُدَّ لي من قتالهم ولو تَلِفَت ساقي؛ التفسير لأَبي عمر الزاهد عن أَبي العباس حكاه الهروي.
والساقُ: الحمام الذكر؛ وقال الكميت: تغْريد ساقٍ على ساقٍ يُجاوِبُها، من الهَواتف، ذاتُ الطَّوْقِ والعُطُل عنى بالأَول الوَرَشان وبالثاني ساقَ الشجرة، وساقُ حُرٍّ: الذكر من القَمارِيّ، سمي بصوته؛ قال حميد بن ثور: وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إلا حمامةٌ دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحةً وتَرنُّما ويقال له أيضاً السَّاق؛ قال الشماخ: كادت تُساقِطُني والرَّحْلَ، إذ نَطَقَتْ حمامةٌ، فَدَعَتْ ساقاً على ساقِ وقال شمر: قال بعضهم الساقُ الحمام وحُرٌّ فَرْخُها.
ويقال: ساقُ حُرٍّ صوت القُمْريّ. قال أَبو منصور: السُّوقة بمنزلة الرعية التي تَسُوسُها الملوك، سُمُّوا سُوقة لأن الملوك يسوقونهم فينساقون لهم، يقال للواحد سُوقة وللجماعة سُوقة. الجوهري: والسُّوقة خلاف المَلِك، قال نهشل بن حَرِّيٍّ: ولَمْ تَرَعَيْني سُوقةً مِثْلَ مالِكٍ، ولا مَلِكاً تَجْبي إليه مَرازِبُهْ يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر؛ قالت بنت النعمان بن المنذر: فَبينا نَسُوس الناسَ والأمْرُ أَمْرُنا، إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ أَي نخْدُم الناس، قال: وربما جمع على سُوَق.
وفي حديث المرأة الجَوْنيَّة التي أَراد النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يدخل بها: فقال لها هَبي لي نَفْسَك، فقالت: هل تَهَبُ المَلِكةُ نَفْسَها للسُّوقة؟ السُّوقةُ من الناس: الرعية ومَنْ دون الملِك، وكثير من الناس يظنون أَن السُّوقة أَهل الأَسْواق.
والسُّوقة من الناس: من لم يكن ذا سُلْطان، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، والجمع السُّوَق، وقيل أَوساطهم؛ قال زهير: يَطْلُب شَأو امْرأَين قَدَّما حَسَناً، نالا المُلوكَ وبَذَّا هذه السُّوَقا والسَّوِيق: معروف، والصاد فيه لغة لمكان المضارعة، والجمع أَسْوِقة. غيره: السَّوِيق ما يُتَّخذ من الحنطة والشعير.
ويقال: السَّويقُ المُقْل الحَتِيّ، والسَّوِيق السّبِق الفَتِيّ، والسَّوِيق الخمر، وسَوِيقُ الكَرْم الخمر؛ وأَنشد سيبويه لزياد الأَعْجَم: تُكَلِّفُني سَوِيقَ الكَرْم جَرْمٌ، وما جَرْمٌ، وما ذاكَ السَّويقُ؟ وما عرفت سَوِيق الكَرْمِ جَرْمٌ، ولا أَغْلَتْ به، مُذْ قام، سُوقُ فلما نُزِّلَ التحريمُ فيها، إذا الجَرْميّ منها لا يُفِيقُ وقال أَبو حنيفة: السُّوقةُ من الطُّرْثوث ما تحت النُّكَعة وهو كأَيْرِ الحمار، وليس فيه شيء أَطيب من سُوقتِه ولا أَحلى، وربما طال وربما قصر.
وسُوقةُ أَهوى وسُوقة حائل: موضعان؛ أَنشد ثعلب: تَهانَفْتَ واسْتَبْكاكَ رَسْمُ المَنازِلِ، بسُوقةِ أَهْوى أَو بِسُوقةِ حائِلِ وسُوَيْقة: موضع؛ قال: هِيْهاتَ مَنْزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ، كانت مُباركةً من الأَيّام وساقان: اسم موضع.
والسُّوَق: أَرض معروفة؛ قال رؤبة: تَرْمِي ذِراعَيْه بجَثْجاثِ السُّوَقْ وسُوقة: اسم رجل.

حرم (لسان العرب) [0]


الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال الأَعشى: مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ، وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم، حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً، وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ.
والمُحَرَّمُ: الحَرامُ.
والمَحارِمُ: ما حَرَّم اللهُ.
ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ، حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ (* قوله «المحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي . . . أكمل المادة المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله.
وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ.
والحَريمُ: ما كان المُحْرِمون يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال: كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر: لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛ كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب: اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ، وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم.
والحَريمُ: ثوب المُحْرم، وكانت العرب تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف.
وفي الحديث: أَن عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري، قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء. يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله.
والحَرَمانِ: مكة والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ.
وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ.
ورجل حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام.
وقوم حُرُمٌ ومُحْرِمون.
والمُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم: وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى: لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به، بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو: لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به، يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ، والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني: كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي، بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا: هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟ وقال أَبو ذؤيب: لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا.
وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ.
وفي التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال: فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والمُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في هذه الشهور، وجمع المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية؛ وأَنشد شمر قول حميد بن ثَوْر: رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ، شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما قال: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما، وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبان.
والمُحَرَّم: أَول الشهور.
وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في الشهر الحرام؛ قال: وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً، فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛ الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج، وبالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ.
والإِحْرامُ: مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء.
ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ.
والمَحارِمُ: ما لا يحل إستحلاله. حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛ يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن صائده مُحْرِماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه.
وأَما المواقيت التي يُهَلُّ منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ، وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى: بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ.
وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ، وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد والنساء.
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛ وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي: قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ، أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه (* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن نبيح الحصن). قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها، وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة مَحْرُمة.
ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قال: وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا كما بَراها الله، إلا إنما مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا كما بَراها الله أَي كما جعلها.
وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ: ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم يحل له نكاحُها.
وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ منها، وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ.
وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي: قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً، ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً.
ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر: قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً، غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن وجب عليه حَقُّه.
ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك، معناه أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدارميّ: أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ، وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ: لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ، فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ، إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ: إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها.
وتَحَرَّم منه بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ.
وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر الحَرامِ؛ قال زهير: جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ، وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير: وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه.
والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير: إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ، من الناس، إلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى: إذا شَرِبوا بالغَيْثِ والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله.
وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ.
وفلان مُحْرِمٌ بنا أَي في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد.
وحكي عن ابن واصل الكلابي: حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها.
وحَريمُ البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها.
وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك.
وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً، هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها، وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره التصرفُ فيه. الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ ومَرْزوق.
وحَرَمهُ الشيءَ يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً (* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً، وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة: وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه.
ويقال: مُسلم مُحْرِمٌ وهو الذي لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. مَحْروم: ممنوع من الخير.
وفي التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً.
وقوله تعالى: في أَموالهم حقٌّ معلوم للسائل والمَحْروم؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال، وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ.
وحَرِيمةُ الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه.
وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد: ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ ويُخَطُّ خَطٌّ فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ.
وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ ومَحَكَ.
وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك في الإبل.
وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً.
والحِرْمَةُ، بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال: اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ إذا أَرادت الفحل. حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط (* قوله «وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه.
وناقة مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ.
وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد مُحَرَّم: لم تتم دِباغته.
وسوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال الأَعشى: تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها، تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ، يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛ وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها.
وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: وحرامٌ على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال: وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛ وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها، قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون، وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ: فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ.
وحَرامٌ: اسم.
وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل حَرامٍ (* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل.
وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ: فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها، وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل: حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها، بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر: تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَحمر، وله نظائر مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها، وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإما أَن يكون شيئاً أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإن الأَعرابي إذا قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ، ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله: بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني، عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر.
والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء، وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة: ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا (* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها) قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال: ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي، فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا، وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء، إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة، تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ، وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ، تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه، إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا كأَن المَساويكَ في شِدْقِه، إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء.
والحَرِمُ، بكسر الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير: وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى.
والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال: وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل، معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال: وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال: ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل: قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ وجعل في اليمين الكفارةَ.
وفي حديث عليّ (* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها.
والإحْرامُ والتَّحْريمُ بمعنى؛ قال يصف بعيراً: له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ، فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم أَي مَطْمع.
وقوله تعالى: للسائل والمَحْرُوم؛ قال ابن عباس: هو المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على الحوض.
والحَرامُ: المُحْرِمُ.
والحَرامُ: الشهر الحَرامُ.
وحَرام: قبيلة من بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق: فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي، فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة: دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب.
وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ.
وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة مُحَرَّمةٌ؟ أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر: حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه كالشيء المُحَرَّم على الناس.
وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً.
وفي حديث ابن عباس: وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين: حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت، ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.

طعم (لسان العرب) [0]


الطَّعامُ: اسمٌ جامعٌ لكل ما يُؤكَلُ، وقد طَعِمَ يَطْعَمُ طُعْماً، فهو طاعِمٌ إذا أَكَلَ أَو ذاقَ، مثال غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْماً، فهو غانِمٌ.
وفي التنزيل: فإذا طَعِمْتم فانْتَشِرُوا.
ويقال: فلان قَلَّ طُعْمُه أَي أَكْلُه.
ويقال: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَماً وإنه لَطَيّبُ المَطْعَمِ كقولك طَيِّبُ المَأْكَلِ.
وروي عن ابن عباس أَنه قال في زمزم: إنها طَعَامُ طُعْمٍ وشِفاءُ سُقْمٍ أَي يَشْبَعُ الإنسانُ إذا شَرب ماءَها كما يَشْبَعُ من الطعام.
ويقال: إنِّي طاعِمٌ عن طَعامِكُمْ أَي مُسْتَغُنٍ عن طَعامكم.
ويقال: هذا الطَّعامُ طَعامُ طُعْمٍ أَي يَطْعَمُ مَنْ أَكله أَي يَشْبَعُ، وله جُزْءٌ من الطَّعامِ ما لا جُزْءَ له.
وما يَطْعَم آكِلُ هذا الطعام أَي ما يَشْبَعُ، وأَطْعَمْته الطعام.
وقوله تعالى: . . . أكمل المادة أُحِلَّ لكم صَيْدُ البحر وطَعامُه مَتاعاً لكم وللسَّيَّارةِ؛ قال ابن سيده: اختلف في طعام البحر فقال بعضم: هو ما نَضَب عنه الماء فأُخِذَ بغير صيد فهو طَعامُه، وقال آخرون: طعامُه كُلُّ ما سُقِي بمائة فَنَبَتَ لأَنه نَبَتَ عن مائه؛ كلُّ هذا عن أَبي إِسحق الزجاج، والجمع أَطْعِمَةٌ، وأَطْعِماتٌ جمع الجمع، وقد طَعِمَه طَعْماً وطَعاماً وأَطْعَم غيرَه، وأَهلُ الحجاز إذا أطْلَقُوا اللفظَ بالطَّعامِ عَنَوْا به البُرَّ خاصةً، وفي حديث أَبي سعيد: كنا نُخْرِجُ صدقةَ الفطرِ على عهدِ رسول الله، صلى الله علي وسلم، صاعاً من طَعامٍ أَو صاعاً من شعير؛ قيل: أَراد به البُرَّ، وقيل: التمر، وهو أَشبه لأَن البُرَّ كان عندهم قليلاً لا يَتَّسِعُ لإخراج زكاة الفطر؛ وقال الخليل: العالي في كلام العرب أَن الطَّعامَ هو البُرُّ خاصة.
وفي حديث المُصَرَّاةِ: مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فهو بخير النظرين، إنْ شاء أَمْسَكها، وإن شاء رَدَّها ورَدَّ معها صاعاً من طَعامٍ لا سَمْراء. قال ابن الأثير: الطَّعامُ عامٌّ في كلِّ ما يُقْتات من الحنطة والشعير والتمر وغير ذلك، وحيث اسْتَثْنى منه السَّمْراء، وهي الحنطة، فقد أَطْلَق الصاعَ فيما عداها من الأَطعمة، إلاَّ أَن العلماء خَصُّوه بالتمر لأَمرين: أَحدهما أَنه كان الغالبَ على أَطَْعمتهم، والثاني أَن مُعْظَم روايات هذا الحديث إنما جاءت صاعاً من تمر، وفي بعضها قال صاعاً من طعام، ثم أَعقبه بالاستثناء فقال لا سَمْراء، حتى إن الفقهاء قد ترَدَّدُوا فيما لو أَخرج بدل التمر زبيباً أَو قوتاً آخر، فمنهم من تَبِعَ التَّوقِيفَ، ومنهم من رآه في معناه إجراءً له مُجْرى صَدَقةِ الفطر، وهذا الصاعُ الذي أَمَرَ برَدِّه مع المُصَرّاة هو بدل عن اللبن الذي كان في الضَّرْع عند العَقْد، وإِنما لم يَجِبْ رَدُّ عينِ اللبنِ أَو مثلِه أَو قيمته لأَنَّ عينَ اللبن لا تَبْقى غالباً، وإن بقيت فتَمْتَزِجُ بآخرَ اجْتَمع في الضَّرْعِ بعد العقد إلى تمام الحَلْب، وأَما المِثْلِيَّةُ فلأَن القَدْرَ إذا لم يكن معلوماً بمِعْيار الشرعِ كانت المُقابلةُ من باب الربا، وإنما قُدِّرَ من التمر دون النَّقْد لفَقْدِه عندهم غالباً، ولأَن التمر يُشارك اللبنَ في المالِيَّة والقُوتِيَّة، ولهذا المعنى نص الشافعي، رضي الله عنه، أَنه لو رَدَّ المُصَرَّاة بعَيْبٍ آخرَ سوى التَّصْرِيَةِ رَدَّ معها صاعاً من تمر لأَجل اللبن.
وقولُه تعالى: ما أُريدُ منهم من رِزْقٍ وما أُريدُ أَن يُطْعِمُونِ؛ معناه ما أَُريدُ أَن يَرْزُقُوا أَحداً من عبادي ولا يُطْعِمُوه لأَني أَنا الرَّزَّاقُ المُطْعمُ.
ورجل طاعِمٌ: حَسَنُ الحال في المَطْعِمِ؛ قال الحُطَيْئَةُ: دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها، واقْعُدْ فإنَّك أَنتَ الطاعِمُ الكاسي ورجل طاعِمٌ وطَعِمٌ على النَّسَبِ؛ عن سيبويه، كما قالوا نَهِرٌ.
والطَّعْمُ: الأَكْلُ.
والطُّعْم: ما أُكِلَ.
وروى الباهِليُّ عن الأَصمعي: الطُّعْم الطَّعام، والطَّعْمُ الشَّهْوةُ، وهو الذَّوْقُ؛ وأَنشد لأَبي خراش الهُذَلي: أَرُدُّ شُجاعَ الجُوعِ قد تَعْلَمِينَه، وَأُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِك بالطُّعْم أَي بالطعامِ، ويروى: شُجاعَ البَطْنِ، حَيَّةٌ يُذْكَرُ أَنها في البَطْنِ وتُسَمَّى الصَّفَر، تُؤْذي الإنسانَ إذا جاع؛ ثم أَنشد قول أَبي خِراش في الطَّعْمِ الشَّهْوة: وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ فأَنْتَهي، إذا الزادُ أَمْسى للمُزَلَّجِ ذا طَعْمِ ذا طَعْمٍ أَي ذا شَهْوَةٍ، فأَراد بالأَول الطعامَ، وبالثاني ما يُشْتَهى منه؛ قال ابن بري: كَنَى عن شِدَّةِ الجُوع بشُجاعِ البَطْنِ الذي هو مثل الشُّجاع.
ورجل ذو طَعْمٍ أَي ذو عَقْلٍ وحَزْمٍ؛ وأَنشد: فلا تَأْمُري، يا أُمَّ أَسماءَ، بالتي تُجِرُّ الفَتى ذا الطَّعْمِ أَن يتَكَلَّما أَي تُخْرِسُ، وأَصله من الإِجْرارِ، وهو أَن يُجْعَلَ في فَمِ الفَصيل خشَبةٌ تمنعه من الرَّضاعِ.
ويقال: ما بفلان طَعْمٌ ولا نَويصٌ أَي ليس له عَقْل ولا به حَراكٌ. قال أَبو بكر: قولُهم ليس لما يَفْعَلُ فلانٌ طَعْمٌ، معناه ليس له لَذَّة ولا مَنْزِلَةٌ من القلب، وقال في قوله للمُزَلَّجِ ذا طَعْم في بيت أَبي خِراش: معناه ذا منزلة من القلب، والمُزَلَّجُ البخيلُ، وقال ابن بَرِّي: المُزَلَّجُ من الرجال الدونُ الذي ليس بكامل؛ وأَنشد: أَلا ما لِنَفْسٍ لا تموتُ فَيَنْقَضِي شَقاها، ولا تَحْيا حَياةً لها طَعْمُ معناه لها حلاوةٌ ومنزلة من القلب.
وليس بذي طَعْم أَي ليس له عقْلٌ ولا نفْسٌ.
والطَّعْمُ: ما يُشْتَهى. يقال: ليس له طَعْم وما فلانٌ بذي طَعْمٍَ إذا كان غَثّاً.
وفي حديث بدرٍ: ما قَتَلْنا أَحداً به طَعْمٌ، ما قَتَلْنا إلاّ عجائزَ صُلْعاً؛ هذه استعارة أَي قَتَلْنا من لا اعْتِدادَ به ولا مَعْرفةَ ولا قَدْرَ، ويجوز فيه فتح الطاء وضمها لأَن الشيء إذا لم يكن فيه طُعم ولا له طَعْم فلا جَدوى فيه للآكل ولا منفَعة.
والطُّعْمُ أَيضاً: الحَبُّ الذي يُلْقى للطير، وأَما سيبويه فسَوَّى بين الاسم والمصدر فقال: طَعِمَ طُعْماً وأَصاب طُعْمَه، كلاهما بضم أَوّله.
والطُّعْمة: المَأْكَلة، والجمع طُعَمٌ؛ قال النابغة: مُشَمِّرينَ على خُوصٍ مُزَمَّمةٍ، نَرْجُو الإلَه، ونَرْجُو البِرَّ والطُّعَما ويقال: جعَلَ السلطانُ ناحيةَ كذا طُعْمةً لفلان أَي مَأْكَلَةً له.
وفي حديث أَبي بكر: إن الله تعالى إذا أَطْعَمَ نبيّاً طُعْمةً ثم قَبَضَه جعَلَها للذي يَقومُ بعده؛ الطُّعْمةُ، بالضَّم: شبْهُ الرِّزْق، يريدُ به ما كان له من الفَيْء وغيره، وجَمْعُها طُعَمٌ.
ومنه حديثُ ميراثِ الجَدّ: إن السدسَ الآخرَ طُعْمةٌ له أَي أَنه زيادة على حقّه.
ويقال فلانٌ تُجْبَى له الطُّعَمُ أَي الخَراجُ والإتاواتُ؛ قال زهير: مما يُيَسَّرُ أَحياناً له الطُّعَمُ (* قوله «قال زهير مماييسر إلخ» صدره كما في التكملة: ينزع إمة أقوام ذوي حسب).
وقال الحسن في حديثه: القِتالُ ثلاثةٌ: قِتالٌ على كذا وقتالٌ لكذا وقِتالٌ على كَسْبِ هذه الطُّعْمةِ، يعني الفَيْءَ والخَراجَ.
والطُّعْمة والطِّعْمة، بالضم والكسر: وَجْهُ المَكْسَبِ. يقال: فلانٌ طَيِّب الطُِّعْمة وخبيثُ الطِىُّعْمة إذا كان رَديءَ الكَسْبِ، وهي بالكسر خاصَّةً حالةُ الأَكل؛ ومنه حديث عُمَر ابن أَبي سَلَمَة: فما زالَتْ تلك طِعْمَتي بعدُ أَي حالتي في الأَكل. أَبو عبيد: فلان حسَنُ الطِّعْمةِ والشِّرْبةِ، بالكسر.
والطُّعْمَةُ: الدَّعْوَةُ إلى الطعام.والطِّعْمَةُ: السِّيرَةُ في الأَكل، وهي أَيضاً الكِسْبَةُ، وحكى اللحياني: إنه لخبيث الطِّعْمَةِ أَي السِّيرةِ، ولم يقل خبيثُ السّيرة في طَعامٍ ولا غيره.
ويقال: فلانٌ طَيِّبُ الطَّعْمَةِ وفلان خبيثُ الطِّعْمَةِ إذا كان من عادته أَنْ لا يأْكل إلا حَلالاً أَو حراماً.
واسْتَطْعَمَه: سأله أَن يُطْعِمه.
وفي الحديث: إذا اسْتَطْعَمَكُمُ الإمامُ فأَطْعِمُوه أَي إذا أُرْتِجَ عليه في قراءة الصلاةِ واسْتَفْتَحكُم فافْتَحُوا عليه ولَقِّنُوهُ، وهو من باب التمثيل تشبيهاً بالطعام، كأنهم يُدْخِلُون القراءة في فيه كما يُدْخَلُ الطعامُ؛ ومنه قولهم: فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ أَي طلبت منه أن يُحَدِّثَني وأَن يُذِيقَني حديثه، وأَما ما ورد في الحديث: طعامُ الواحدِ يكفي الاثنين، وطعامُ الاثنين يكفي الأَربعة، فيعني شِبَعُ الواحد قُوتُ الإثنين وشِبَعُ الاثنين قوتُ الأَربعة؛ ومثلُه قول عمر، رضي الله عنه، عامَ الرَّمادةِ: لقد هَمَمْتُ أَن أُنزِلَ على أهلِ كلِّ بيت مثلَ عددِهم فإنَّ الرجلَ لا يَهْلِكُ على نصفِ بَطْنه.
ورجل مِطْعَمٌ: شَديدُ الأَكل، وامرأةٌ مِطْعَمة نادرٌ ولا نظير له إلاَّ مِصَكَّة.
ورجل مُطْعَمٌ، بضم الميم: مرزوق.
ورجل مِطْعامٌ: يُطْعِمُ الناسَ ويَقْرِيهم كثيراً، وامرأَة مِطْعامٌ، بغير هاء.
والطَّعْم، بالفتح: ما يُؤَدِّيه. الذَّوْقُ. يقال: طَعْمُه مُرٌّ.
وطَعْمُ كلِّ شيءٍ: حَلاوتُه ومَرارتُه وما بينهما، يكون ذلك في الطعام والشراب، والجمع طُعُومٌ.
وطَعِمَه طَعْماً وتَطَعَّمَه: ذاقَه فوجد طَعْمَهُ.
وفي التنزيل: إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكم بنَهَرٍ فمن شرِبَ منه فليس مِني ومن لم يَطْعَمْه فإنه مِني؛ أَي مَن لم يَذُقْه. يقال: طَعِمَ فلانٌ الطَّعامَ يَطْعَمه طَعْماً إذا أَكله بمُقَدَّمِ فيه ولم يُسْرِفْ فيه، وطَعِمَ منه إذا ذاقَ منه، وإذا جعلتَه بمعنى الذَّوْقِ جاز فيما يُؤْكل ويُشْرَبُ.
والطعام: اسم لما يؤْكل، والشراب: اسم لما يُشْرَبُ؛ وقال أَبو إسحق: معنى ومن لم يَطْعَمْه أَي لم يَتَطَعَّمْ به. قال الليث: طَعْمُ كلِّ شيءٍ يُؤْكلُ ذَوْقُه، جَعَلَ ذواقَ الماء طَعْماً ونَهاهم أَن يأْخذوا منه إلاّ غَرْفَةً وكان فيها رِيُّهم ورِيُّ دوابهم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: فأَما بنَوُ عامِرٍ بالنِّسار، غَدَاةَ لَقُونا، فكانوا نَعَاما نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدو دِ، لا تَطْعَمُ الماءَ إلا صِيَاما يقول: هي صائمة منه لا تَطْعَمُه، قال: وذلك لأَن النَّعامَ لا تَرِدُ الماءَ ولا تَطْعَمُه؛ ومنه حديث أَبي هريرة في الكِلابِ: إذا وَرَدْنَ الحَكَرَ الصَّغيرَ فلا تَطْعَمْه؛ أَي لا تَشْرَبه.
وفي المثل: تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ تَشَهَّ؛ قال الجوهري: قولهم تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ حتى تَسْتَفِيقَ أَي تشْتَهِيَ وتأْكلَ. قال ابن بري: معناه ذق الطَّعامَ فإنه يدعوك إلى أَكْلِه، قال: فهذا مَثَلٌ لمن يُحْجِمُ عن الأَمْرِ فيقال له: ادْخُلْ في أَوَّلِه يدعُوك ذلك إلى دُخولِكَ في آخِرِه؛ قاله عَطاءُ بن مُصْعَب.
والطَّعْمُ: الأَكْلُ بالثنايا.
ويقال: إن فلاناً لحَسَنُ الطَّعْمِ وإنه ليَطْعَمُ طَعْماً حسناً.
واطَّعَمَ الشيءُ: أَخَذَ طَعْماً.
ولبنٌ مُطِّعِمٌ ومُطَعِّمٌ: أَخَذَ طَعْمَ السِّقَاء.
وفي التهذيب: قال أَبو حاتم يقال لبنٌ مُطَعِّم، وهو الذي أَخَذَ في السِّقاء طَعْماً وطِيباً، وهو ما دام في العُلْبة مَحْضٌ وإن تغير، ولا يأخُذُ اللبنُ طَعْماً ولا يُطَعِّمُ في العُلْبةِ والإناء أَبداً، ولكن يتغَيَّرُ طَعْمُه في الإنْقاعِ.
واطَّعَمَتِ الشجرة، على افْتَعلَتْ: أَدْرَكَتْ ثمرَتُها، يعني أَخذَت طَعْماً وطابتْ.
وأَطْعَمَتْ: أَدْرَكَتْ أَن تُثْمِرَ.
ويقال: في بُستانِ فلانٍ من الشجر المُطْعِمِ كذا أَي من الشجر المُثْمِر الذي يُؤْكلُ ثمرُه.
وفي الحديث: نَهى عن بيع الثّمرةِ حتى تُطْعِمَ. يقال: أَطْعَمَتِ الشجرةُ إِذا أَثْمرَتْ وأَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذا أَدرَكتْ أَي صارت ذاتَ طَعْمٍ وشيئاً يُؤْكل منها، وروي: حتى تُطْعَم أَي تُؤْكلَ، ولا تُؤْكلُ إِلا إِذا أَدرَكتْ.
وفي حديث الدَّجّال: أَخْبِرُوني عن نخلِ بَيْسانَ هل أَطْعَمَ أَي هل أَثْمَرَ؟ وفي حديث ابن مسعود: كرِجْرِجةِ الماء لا تُطْعِمُ أَي لا طَعْمَ لها، ويروى: لا تَطَّعِمُ، بالتشديد، تَفْتَعِلُ من الطَّعْمِ.
وقال النَّضْرُ: أَطْعَمْتُ الغُصْنَ إِطْعاماً إِذا وصَلْتَ به غُصْناً من غير شجره، وقد أَطْعَمْتُه فطَعِمَ أَي وصَلْتُه به فقَبِلَ الوَصْلَ.ويقال للحَمَامِ الذَّكرِ إِذا أَدخلَ فمه في فمِ أُنْثاه: قد طاعَمَها وقد تطاعَما؛ ومنه قول الشاعر: لم أُعْطِها بِيَدٍ، إِذْ بتُّ أَرْشُفُها، إِلاَّ تَطاوُلَ غُصْنِ الجِيدِ بالجِيدِ كما تَطاعَمَ، في خَضْراءَ ناعمةٍ، مُطَوَّقانِ أَصاخَا بعد تَغْريدِ وهو التَّطاعُم والمُطاعَمةُ، واطَّعَمَتِ البُسْرَةُ أَي صار لها طَعْمٌ وأَخذَتِ الطَّعْمَ، وهو افتعَلَ من الطَّعْم مثلُ اطَّلَبَ من الطَّلَب، واطَّرَدَ من الطَّرْدِ.
والمُطْعِمةُ: الغَلْصَمة؛ قال أَبو زيد: أَخذَ فلانٌ بِمُطْعِمَة فلان إِذا أَخذَ بحَلْقِه يَعْصِرُه ولا يقولونها إِلا عند الخَنْقِ والقِتالِ.
والمُطْعِمةُ: المِخْلَبُ الذي تَخْطَفُ به الطيرُ اللحمَ.
والمُطْعِمةُ: القوْسُ التي تُطْعِمُ الصيدَ؛ قال ذو الرمة: وفي الشِّمالِ من الشِّرْيانِ مُطْعَمةٌ كَبْداءٌ، في عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْويمُ كَبْداءُ: عريضةُ الكَبِدِ، وهو ما فوقَ المَقْبِضِ بِشِبْرٍ؛ وصواب إِنشاده: في عُودِها عَطْفٌ (* قوله «وصواب إنشاده في عودها إلخ» عبارة التكملة: والرواية في عودها، فإن العطف والتقويم لا يكونان في العجز وقد أخذه من كتاب ابن فارس والبيت لذي الرمة) يعني موضع السِّيَتَيْنِ وسائرُه مُقوَّم، البيتُ بفتح العين، ورواه ابن الأَعرابي بكسر العين، وقال: إِنها تُطْعِمُ صاحبَها الصَّيْدَ.
وقوسٌ مُطْعِمةٌ: يُصادُ بها الصيدُ ويَكْثُر الضِّرابُ عنها.
ويقال: فلانٌ مُطْعَمٌ للصَّيْدِ ومُطْعَمُ الصَّيْدِ إِذا كان مرزوقاً منه؛ ومنه قول امرئ القيس: مُطْعَمٌ للصَّيْدِ، ليسَ له غيْرَها كَسْبٌ، على كِبَرِهْ وقال ذو الرمة: ومُطْعَمُ الصيدِ هَبَّالٌ لِبُغْيتِه وأَنشد محمد بن حبيب: رَمَتْني، يومَ ذاتِ الغِمِّ، سلمَى بسَهْمٍ مُطْعَمٍ للصَّيْدِ لامِي فقلتُ لها: أَصَبْتِ حصاةَ قَلْبي، ورُبَّتَ رَمْيةٍ من غير رامي ويقال: إِنك مُطْعَمٌ مَوَدَّتي أَي مرزوقٌ مودَّتي؛ وقال الكميت: بَلى إِنَّ الغَواني مُطْعَماتٌ مَوَدَّتَنا، وإِن وَخَطَ القَتِيرُ أَي نُحِبُّهُنَّ وإِن شِبْنا.
ويقال: إِنه لمُتَطاعِمُ الخَلْقِ أَي مُتَتابِعُ الخَلْق.
ويقال: هذا رجل لا يَطَّعِمُ، بتثقيل الطاء، أَي لا يَتأَدَّبُ ولا يَنْجَعُ فيه ما يُصْلِحه ولا يَعْقِلُ.
والمُطَّعِمُ والمُطَعِّمُ من الإِبل: الذي تَجِدُ في لَحْمه طَعْمَ الشَّحْمِ من سِمَنِه، وقيل: هي التي جَرى فيها المُخُّ قليلاً.
وكُلُّ شيء وُجِدَ طَعْمُه فقد اطَّعَم.
وطَعَّمَ العظمُ: أَمَخَّ؛ أَنشد ثعلب: وَهُمْ تَرَكُوكُمْ لا يُطَعِّمُ عَظْمُكُم هُزالاً، وكان العَظْمُ قبلُ قَصِيدا ومُخٌّ طَعُومٌ: يُوجَدُ طَعْمُ السِّمَن فيه.
وقال أَبو سعيد: يقالُ لَكَ غَثُّ هذا وطَعُومُه أَي غَثُّه وسَمِينُه.
وشاةٌ طَعُومٌ وطَعِيم: فيها بعض الشَّحْم، وكذلك الناقةُ.
وجَزورٌ طَعُومٌ: سَمِينَةٌ، وقال الفراء: جَزُورٌ طَعُومٌ وطَعِيمٌ إِذا كانت بين الغَثَّةِ والسَّمِينَةِ.
والطَّعُومَةُ: الشاةُ تُحْبَسُ لتُؤكَلَ.
ومُسْتَطْعَمُ الفَرَسِ: جَحافِلُه، وقيل: ما تحتَ مَرْسِنِه إِلى أَطراف جَحافِله؛ قال الأَصمعي: يُسْتَحَبُّ من الفرس أَن يَرِقَّ مُسْتَطْعَمُه.
والطُّعْمُ: القُدْرة. يقال: طَعِمْتُ عليه أَي قَدَرْتُ عليه، وأَطْعَمْتُ عَيْنَه قَذىً فَطَعِمَتْهُ واسْتَطْعَمْتُ الفرسَ إِذا طَلَبْتَ جَرْيَه؛ وأَنشد أَبو عبيدة: تَدارَكهُ سَعْيٌ ورَكْضُ طِمِرَّةٍ سَبُوحٍ، إِذا اسْتَطْعَمْتَها الجَرْيَ تَسْبَحُ والمُطْعِمتانِ من رِجْل كلِّ طائرٍ: هما الإِصْبَعانِ المُتَقَدّمتانِ المُتقابلَتانِ.
والمُطْعِمَةُ من الجَوارحِ: هي الإِصْبَعُ الغَلِيظَةُ المُتَقَدِّمَةُ، واطَّرَدَ هذا الاسمُ في الطير كُلِّها.
وطُعْمَةُ وطِعْمَةُ وطُعَيْمَةُ ومُطْعِمٌ، كُلُّها: أَسماء؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: كَسانيَ ثَوْبَيْ طُعْمةَ المَوْتُ، إِنما الـ ـتُّراثُ، وإِنْ عَزَّ الحَبيبُ، الغَنائِمُ

متع (لسان العرب) [0]


مَتَعَ النبيذُ يَمْتَعُ مُتوعاً: اشتدَّت حمرته.
ونبي ماتِعٌ أَي شديدُ الحمْرةِ.
ومَتَعَ الحبْلُ: اشتد.
وحَبْل ماتِعٌ: جيِّدُ الفَتْلِ.
ويقال للجبل الطويل: ماتِعٌ؛ ومنه حديث كعب والدَّجّال: يُسَخَّرُ معه جَبَلٌ ماتعٌ خِلاطُه ثَريدٌ أَي طويل شاهِقٌ.
ومَتَعَ الرجُلُ ومَتُعَ: جادَ وظَرُفَ، وقيل: كا ما جادَ فقد مَتُعَ، وهو ماتِعٌ.
والماتِعُ من كل شيء: البالغُ في الجَوْدةِ الغاية في بابه؛ وأَنشد: خُذْه فقد أُعْطِيتَه جَيِّداً، قد أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه، ماتِعا وقد ذكر الله تعالى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ في مواضعَ من كتابه، ومعانيها وإِن اختلفت راجعة إِلى أَصل واحد. قال الأَزهري: فأَما المَتاعُ في الأَصل فكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا.
والمُتْعةُ . . . أكمل المادة والمِتْعَةُ: العُمْرةُ إِلى الحج، وقد تَمَتَّعَ واسْتَمْتَعَ.
وقوله تعالى: فمن تمتَّع بالعُمرة إِلى الحج؛ صورة المُسْتَمْتِعِ بالعمرة إِلى الحجِّ أَنْ يُحْرِمَ بالعمرة في أَشهر الحج فإِذا أَحرم بالعمرة بعد إِهْلالِه شَوّالاً فقد صار متمتعاً بالعمرة إِلى الحج، وسمي متمتعاً بالعمرة إِلى الحج لأَنه إِذا قدم مكة وطاف بالبيت وسعَى بين الصفا والمَرْوَةِ حلّ من عمرته وحلق رأْسه وذبح نُسُكَه الواجب عليه لتمتعه، وحلّ له كل شيء كان حَرُمَ عليه في إِحْرامه من النساء والطِّيبِ، ثم يُنْشِئ بعد ذلك إِحراماً جديداً للحج وقت نهوضه إِلى مِنًى أَو قبل ذلك من غير أَن يجب عليه الرجوع إِلى الميقات الذي أَنشأَ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إِلى الحج أَي انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حِلاق وطيب وتَنَظُّفٍ وقَضاء تَفَثٍ وإِلمام بأَهله، إِن كانت معه، وكل هذه الأَشياء كانت محرَّمة عليه فأُبيح له أَن يحل وينتفع بإِحلال هذه الأَشياء كلها مع ما سقط عنه من الرجوع إِلى الميقات والإِحرام منه بالحج، فيكون قد تمتع بالعمرة في أَيام الحج أَي انتفع لأَنهم كانوا لا يرون العمرة في أَشهر الحج فأَجازها الإِسلام، ومن ههنا قال الشافعي: إِنّ المتمتع أَخَفُّ حالاً من القارنِ فافهمه؛ وروي عن ابن عمر قال: من اعتمر في أَشهر الحج في شوّال أَو ذي القعدة أَو ذي الحِجّةِ قبل الحج فقد استمتع.
والمُتْعةُ: التمتُّع بالمرأَة لا تريد إِدامَتها لنفسك، ومتعة التزويج بمكة منه، وأَما قول الله عز وجل في سورة النساء بعقب ما حرم من النساء فقال: وأَحلّ لكم ما وراء ذلكم أَن تبتغوا بأَموالكم مُحْصِنين غير مُسافِحينَ! أَي عاقدي النكاح الحلال غير زناة! فما استمتعتم به منهن فآتوهن أُجورهن فريضة؛ فإِن الزجاج ذكر أَنّ هذه آية غلط فيها قوم غلطاً عظيماً لجهلهم باللغة، وذلك أَنهم ذهبوا إِلى قوله فما استمتعتم به منهن من المتعة التي قد أَجمع أَهل العلم أَنها حرام، وإِنما معنى فما استمتعتم به منهن، فما نكحتم منهن على الشريطة التي جرى في الآية أَنه الإِحصان أَن تبتغوا بأَموالكم محصنينَ أَي عاقِدينَ التزويجَ أَي فما استمتعتم به منهن على عقد التزويج الذي جرى ذكره فآتوهنّ أُجورهن فريضة أَي مهورهن، فإِن استمتع بالدخول بها آتى المهر تامّاً، وإِن استمتع بعقد النكاح اتى نصف المهر؛ قال الأَزهري: المتاع في اللغة كل ما انتفع به فهو متاع، وقوله: ومَتِّعُوهُنّ على المُوسِع قَدَرُه، ليس بمعنى زوّدوهن المُتَعَ، إِنما معناه أَعطوهن ما يَسْتَمْتِعْنَ؛ وكذلك قوله: وللمطلَّقات متاع بالمعروف، قال: ومن زعم أَن قوله فما استمتعتم به منهن التي هي الشرط في التمتع الذي يفعله الرافضة، فقد أَخطأَ خطأً عظيماً لأَن الآية واضحة بينة؛ قال: فإِن احتج محتج من الروافض بما يروى عن ابن عباس أَنه كان يرها حلالاً وأَنه كان يقرؤها فما استمتعتم به منهن إِلى أَجل مسمى، فالثابت عندنا أَن ابن عباس كان يراها حلالاً، ثم لما وقف على نهي النبي، صلى الله عليه وسلم، رجع عن إِحلالها؛ قال عطاء: سمعت ابن عباس يقول ما كانت المتعة إِلا رحمة رحم الله بها أُمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فلولا نهيه عنها ما احتاج إِلى الزنا أَحد إِلا شَفًى والله، ولكأَني أَسمع قوله: إِلا شفًى، عطاء القائل، قال عطاء: فهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إِلى كذا وكذا من الأَجل على كذا وكذا شيئاً مسمى، فإِن بدا لهما أَن يتراضيا بعد الأَجل وإِن تفرقا فهم وليس بنكاح هكذا الأصل، قال الأَزهري: وهذا حديث صحيح وهو الذي يبين أَن ابن عباس صح له نهي النبي، صلى الله عليه وسلم ، عن المتعة الشرطية وأَنه رجع عن إِحلالها إِلى تحريمها، وقوله إِلا شفًى أَي إِلا أَن يُشْفِيَ أَي يُشْرِفَ على الزنا ولا يوافقه، أَقام الاسم وهو الشَّفَى مُقام المصدر الحقيقي، وهو الإِشْفاءُ على الشيء، وحرف كل شيء شفاه؛ ومنه قوله تعالى: على شَفَى جُرُفٍ هارٍ، وأَشْفَى على الهَلاكِ إِذا أَشْرَفَ عليه، وإِنما بينت هذا البيان لئلا يَغُرَّ بعضُ الرافِضةِ غِرًّا من المسلمين فيحل له ما حرّمه الله عز وجل على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإِن النهي عن المتعة الشرطية صح من جهات لو لم يكن فيه غير ما روي عن أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب، رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافياً، وهي المتعة كانت ينتفع بها إِلى أَمد معلوم، وقد كان مباحاً في أَوّل الإِسلام ثم حرم، وهو الآن جائز عند الشيعة.
وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قبل الزوال؛ ومنه قول الشاعر: وأَدْرَكْنا بها حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو، وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا وقيل: ارتفع وطال؛ وأَنشد ابن بري قول سويد ابن أَبي كاهل: يَسْبَحُ الآلُ على أَعْلامِها وعلى البِيدِ، إِذا اليَوْمُ مَتَعْ ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وبلغت الغاية وذلك إِلى أَوّل الضّحى.
وفي حديث ابن عباس: أَنه كان يُفْتي الناس حتى إِذا مَتَعَ الضحى وسَئِمَ؛ مَتَعَ النهارُ: طالَ وامتدَّ وتعالى؛ ومنه حديث مالك بن أَوس: بينا أَناجالس في أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رسول عمَرَ، رضي الله عنه، فانطلقت إِليه.
ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً: ارتفع في أَوّل النهار؛ وقول جرير: ومِنّا، غَداةَ الرَّوْعِ، فِتْيانُ نَجْدةٍ، إِذا مَتَعَتْ بعد الأَكُفِّ الأَشاجِعُ أَي ارتفعت من وقولك مَتَعَ النهارُ والآلُ، ورواه ابن الأَعرابي مُتِعَتْ ولم يفسره، وقيل قوله إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احمرّت الأَكُفُّ والأَشاجِعُ من الدم.
ومُتْعةُ المرأَة: ما وُصِلَتْ به بعدَ الطلاقِ، وقد مَتَّعَها. قال الأَزهريّ: وأَما قوله تعالى وللمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بالمَعْروفِ حَقّاً على المتقين، وقال في موضع آخر: لا جُناح عليكم إِن طلقتم الناساء ما لم تمسوهن أَو تفرضوا لهن فريضة ومَتّعُوهُنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنين؛ قال الأَزهريّ: وهذا التمتيع الذي ذكره الله عز وجل للمطلقات على وجهين: أَحدهما واجب لا يسعه تركه، والآخر غير واجب يستحب له فعله، فالواجب للمطلقة التي لم يكن زوجها حين تزوّجها سمَّى لها صداقاً ولم يكن دخل بها حتى طلقها، فعليه أَن يمتعها بما عز وهان من متاع ينفعها به من ثوب يُلبسها إِياه، أَو خادم يَخْدُمُها أَو دراهم أَو طعام، وهو غير مؤقت لأَن الله عز وجل لم يحصره بوقت، وإِنما أَمر بتمتيعها فقط، وقد قال: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف؛ وأَما المُتْعةُ التي ليست بواجبة وهي مستحبة من جهة الإِحسان والمحافظة على العهد، فأَن يتزوّج الرجل امرأَة ويسمي لها صداقاً ثم يطلقها قبل دخوله بها أَو بعده، فيستحب له أَن يمتعها بمتعة سوى نصف المهر الذي وجب عليه لها، إِن لم يكن دخل بها، أَو المهر الواجب عليه كله، إِن كان دخل بها، فيمتعها بمتعة ينفعها بها وهي غير واجبة عليه، ولكنه استحباب ليدخل في جملة المحسنين أَو المتقين، والعرب تسمي ذلك كله مُتْعةً ومَتاعاً وتَحْميماً وحَمّاً.
وفي الحديث: أَنّ عبد الرحمن طلق امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة أَي أَعطاها أَمةً، هو من هذا الذي يستحب للمطلق أَن يُعْطِيَ امرأَته عند طلاقها شيئاً يَهَبُها إِيّاه.
ورجلٌ ماتِعٌ: طويل.
وأَمْتَعَ بالشيء وتَمَتَّعَ به واسْتَمْتَع: دام له ما يسْتَمِدُّه منه.
وفي التنزيل: واسْتَمْتَعْتُمْ بها؛ قال أَبو ذؤَيب: مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ هْلِها جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ يريد أَن الناس كلهم مُتْعةٌ للمَنايا، والأَنسُ كالإِنْسِ والجبْلُ الكثير.
ومَتَّعه الله وأَمْتَعه بكذا: أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع به. يقال: أَمْتَعَ الله فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع به فيما يُحِبُّ من الانْتفاعِ به والسُّرور بمكانه، وأَمْتَعه الله بكذا ومَتَّعَه بمعنًى.
وفي التنزيل: وأَن استغفِروا ربكم ثم توبوا إِليه يُمَتّعكم مَتاعاً حسَناً إِلى أَجلٍ مُسمًّى، فمعناه أَي يُبْقِكم بَقاء في عافِيةٍ إِلى وقت وفاتكم ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعذاب كما استأْصل القُرى الذين كفروا.
ومَتَّعَ الله فلاناً وأمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن يَنْتَهِيَ شَبابُه؛ ومنه قول لبيد يصف نخلاً نابتاً على الماء حتى طالَ طِوالُه إِلى السماء فقال: سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصّفا وسَرِيُّه، عُمٌّ نواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرُومُ والصَّفا والسَّرِيُّ: نهرانِ مُتَخَلِّجانِ من نهر مُحَلِّمٍ الذي بالبحرين لسقي نخيل هَجَرَ كلّها.
وقوله تعالى: مَتاعاً إِلى الحوْلِ غيرَ إِخْراجٍ؛ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تمتيعاً فوضع متاعاً موضع تمتيع، ولذلك عدَّاه بإِلى؛ قال الأَزهري: هذه الآية منسوخة بقوله: والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويَذَرُونَ أَزواجاً يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفسهن أَربعة أَشهر وعشراً؛ فَمُقامُ الحولِ منسوج باعتداد أَربعة أَشهر وعشر، والوصية لهن منسوخة بما بين الله من ميراثها في آية المواريث، وقرئ: وصيَّةٌ لأَزواجهم، ووصيةً، بالرفع والنصب، فمن نصب فعلى المصدر الذي أُريد به الفعل كأَنه قال لِيُوصُوا لهن وصية، ومن رفع فعلى إِضمار فعليهم وصية لأَزواجهم، ونصب قوله متاعاً على المصدر أَيضاً أَراد متِّعوهن متاعاً، والمَتاعُ والمُتْعةُ اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ المصدر الحقيقي وهو التمتيع أَي انفعوهن بما تُوصُونَ به لهن من صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الحول.
وقوله تعالى: أَفرأَيت إِنْ مَتَّعْناهُم سِنينَ ثم جاءهم ما كانوا يُوعَدُونَ؛ قال ثعلب: معناه أَطلنا أَعمارهم ثم جاءهم الموت.والماتِعُ: الطويل من كل شيء ومَتَّعَ الشيءَ: طَوَّله؛ ومنه قول لبيد البيت المقدّم وقول النابغة الذبياني: إِلى خَيْرِ دِينٍ سُنَّةٍ قد عَلِمْته، ومِيزانُه في سُورةِ المَجْدِ ماتِعُ أَي راجِحٌ زائِدٌ.
وأَمْتَعَه بالشيء ومَتَّعَه: مَلأَه إِياه.
وأَمْتَعْتُ بالشيء أَي تَمَتَّعْتُ به، وكذلك تَمَتَّعْتُ بأَهلي ومالي؛ ومنه قول الراعي: خَلِيلَيْنِ من شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجاوَرا قليلاً، وكانا بالتَّفَرُّقِ أَمْتَعا (* قوله «خليلين» الذي في الصحاح وشرح القاموس خليطين.) أَمتَعا ههنا: تَمتَّعا، والاسم من كل ذلك المَتاعُ، وهو في تفسير الأَصمعي مُتَعَدّ بمعن مَتَّعَ؛ وأَنشد أَبو عمرو للراعي: ولكِنَّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه بِفِرْقٍ يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه أَي تَمَتَّعَ جَدُّه بِفِرْقٍ من الغنم، وخالف الأَصمعي أَبا زيد وأَبا عمرو في البيت الأَوّل ورواه: وكانا للتفَرُّقِ أَمْتَعا، باللام؛ يقول: ليس من أَحد يفارق صاحبه إِلا أَمْتَعَه بشيء يذكره به، فكان ما أَمتَعَ كل واحد من هذين صاحبه أَن فارَقه أَي كانا مُتجاوِرَيْن في المُرْتَبَعِ فلما انقضى الرَّبِيعُ تفرقا، وروي البيت الثاني: وأَمْتَعَ جَدَّه، بالنصب، أَي أَمتعَ الله جَدَّه.
وقال الكسائي: طالما أُمْتِعَ بالعافية في معنى مُتِّعَ وتَمَتَّعَ.
وقول الله تعالى: فاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاقِكم؛ قال الفراء: اسْتَمْتَعُوا يقول رَضُوا بنصيبهم في الدنيا من أَنصبائهم في الآخرة وفعلتم أَنتم كما فعلوا.
ويقال: أَمْتَعْتُ عن فلان أَي اسْتَغْنَيْتُ عنه.
والمُتْعةُ والمِتْعةُ والمَتْعةُ أَيضاً: البُلْغةُ؛ ويقول الرجل لصاحبه: ابْغِني مُتْعةً أَعِيشُ بها أَي ابْغِ لي شيئاً آكُلُه أَو زاداً أَتَزَوَّدُه أَو قوتاً أَقتاته؛ ومنه قول الأَعشى يصف صائداً: مِنْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه مُتَعا أَي يَبْغِي لأَصحابه صيداً يعيشون به، والمُتَعُ جمع مُتْعةٍ. قال الليث: ومنهم من يقول مِتْعةٌ، وجمعها مِتَعٌ، وقيل: المُتْعةُ الزاد القليل، وجمعها مُتَعٌ. قال الأَزهري: وكذلك قوله تعالى: يا قوم إِنما هذه الحياة الدنيا مَتاعٌ؛ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به لا بقاء له.
ويقال: لا يُمْتِعُني هذا الثوبُ أَي لا يَبْقى لي، ومنه يقال: أَمْتَعَ الله بك. أَبو عبيدة في قوله فأُمَتِّعُه أي أُؤخره، ومنه يقال: أَمْتَعَك الله بطول العمر؛ وأَما قول بعض العرب يهجو امرأَته: لو جُمِعَ الثلاث والرُّباعُ وحِنْطةُ الأَرضِ التي تُباعُ، لم تَرَهُ إِلاّ هُوَ المَتاعُ فإِنه هجا امرأَته.
والثلاث والرباع: أَحدهما كيل معلوم، والآخر وزن معلوم؛ يقول: لو جُمِعَ لها ما يكالُ أَو بوزن لم تره المرأَة إِلا مُتْعةً قليلة. قال الله عز وجل: ما هذه الحياة الدنيا إِلاّ متاع، وقول الله عز وجلّ: ليس عليكم جُناح أَن تدخلا بيوتاً غير مسكونة فيها متاعٌ لكم؛ جاء في التفسير: أَنه عنى ببيوت غير مسكونة الخانات والفنادِقَ التي تنزلها السابِلةُ ولا يُقيمون فيها إِلا مُقامَ ظاعن، وقيل: إِنه عنى بها الخَراباتِ التي يدخلها أَبناء السبيل للانتِفاصِ من بول أَو خَلاء، ومعنى قوله عز وجل: فيها متاعٌ لكم، أَي مَنْفَعةٌ لكم تَقْضُون فيها حوائجكم مسترين عن الأَبْصارِ ورُؤية الناس، فذلك المَتاعُ، والله أَعلم بما أَراد.
وقال ابن المظفر: المَتاعُ من أَمْتِعةِ البيت ما يَسْتَمْتِعُ به الإِنسان في حَوائِجه،وكذلك كل شيء، قال: والدنيا متاع الغرور، يقول: إنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام.
والمَتاعُ: السَّلْعةُ.
والمَتاعُ أَيضاً: المنفعة وما تَمَتَّعْتَ به.
وفي حديث ابن الأَكْوَعِ: قالوا يا رسول الله لولا مَتَّعْتنا به أَي تركتنا ننتفع به.
وفي الحديث: أَنه حرّم المدينة ورخّص في متاعِ الناصح، أَراد أَداة البعير التي تؤخذ من الشجر فسماها متاعاً.
والمتاعُ: كل ما يُنْتَفعُ به من عُروضِ الدنيا قليلِها وكثيرِها.
ومَتَعَ بالشيء: ذهب به يَمْتَعُ مَتْعاً. يقال: لئن اشتريت هذا الغلام لتَمْتَعَنّ منه بغلام صالح أَي لتَذْهَبَنَّ به؛ قال المُشَعَّثُ: تَمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ، إِنَّ شيئاً، سَبَقْتَ به المَماتَ، هو المَتاعُ وبهذا البيت سمي مُشَعَّثاً.
والمَتاعُ: المالُ والأَثاث، والجمع أَمْتعةٌ، وأَماتِعُ جمع الجمع، وحكى ابن الأَعرابي أَماتِيعَ، فهو من باب أَقاطِيعَ.
ومتاعُ المرأَةِ: هَنُها.
والمَتْعُ والمُتْعُ: الكيْدُ؛ الأَخيرة عن كراع، والأُولى أَعلى؛ قال رؤبة: من مَتْعِ أَعْداءٍ وحوْضٍ تَهْدِمُه وماتِعٌ: اسم.

حدد (لسان العرب) [0]


الحَدُّ: الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا يتعدى أَحدهما على الآخر، وجمعه حُدود.
وفصل ما بين كل شيئين: حَدٌّ بينهما.
ومنتهى كل شيء: حَدُّه؛ ومنه: أَحد حُدود الأَرضين وحُدود الحرم؛ وفي الحديث في صفة القرآن: لكل حرف حَدّ ولكل حَدّ مطلع؛ قيل: أَراد لكل منتهى نهاية.
ومنتهى كل شيءٍ: حَدّه.
وفلان حديدُ فلان إِذا كان داره إِلى جانب داره أَو أَرضه إِلى جنب أَرضه.
وداري حَديدَةُ دارك ومُحادَّتُها إِذا كان حدُّها كحدها.
وحَدَدْت الدار أَحُدُّها حدّاً والتحديد مثله؛ وحدَّ الشيءَ من غيره يَحُدُّه حدّاً وحدَّدَه: ميزه.
وحَدُّ كل شيءٍ: منتهاه لأَنه يردّه ويمنعه عن التمادي، والجمع كالجمع.
وحَدُّ السارق وغيره: ما يمنعه عن . . . أكمل المادة المعاودة ويمنع أَيضاً غيره عن إِتيان الجنايات، وجمعه حُدُود.
وحَدَدْت الرجل: أَقمت عليه الحدّ.
والمُحادَّة: المخالفة ومنعُ ما يجب عليك، وكذلك التَّحادُّ؛ وفي حديث عبدالله بن سلام: إِن قوماً حادّونا لما صدقنا الله ورسوله؛ المُحادَّة: المعاداة والمخالفة والمنازعة، وهو مُفاعلة من الحدّ كأَنّ كل واحد منهما يجاوز حدّه إِلى الآخر.
وحُدُود الله تعالى: الأَشياء التي بيَّن تحريمها وتحليلها، وأَمر أَن لا يُتعدى شيء منها فيتجاوز إِلى غير ما أَمر فيها أَو نهى عنه منها، ومنع من مخالفتها، واحِدُها حَدّ؛ وحَدَّ القاذفَ ونحوَه يَحُدُّه حدّاً: أَقام عليه ذلك. الأَزهري: والحدّ حدّ الزاني وحدّ القاذف ونحوه مما يقام على من أَتى الزنا أَو القذف أَو تعاطى السرقة. قال الأَزهري: فَحُدود الله، عز وجل، ضربان: ضرب منها حُدود حَدَّها للناس في مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وغيرها مما أَحل وحرم وأَمر بالانتهاء عما نهى عنه منها ونهى عن تعدّيها، والضرب الثاني عقوبات جعلت لمن ركب ما نهى عنه كحد السارق وهو قطع يمينه في ربع ديناءِ فصاعداً، وكحد الزاني البكر وهو جلد مائة وتغريب عام، وكحدّ المحصن إِذا زنى وهو الرجم، وكحد القاذف وهو ثمانون جلدة، سميت حدوداً لأَنها تَحُدّ أَي تمنع من إِتيان ما جعلت عقوبات فيها، وسميت الأُولى حدوداً لأَنها نهايات نهى الله عن تعدّيها؛ قال ابن الأَثير: وفي الحديث ذكر الحَدِّ والحدُود في غير موضع وهي محارم الله وعقوباته التي قرنها بالذنوب، وأَصل الحَدِّ المنع والفصل بين الشيئين، فكأَنَّ حُدودَ الشرع فَصَلَت بين الحلال والحرام فمنها ما لا يقرب كالفواحش المحرمة، ومنه قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها؛ ومنه ما لا يتعدى كالمواريث المعينة وتزويج الأَربع، ومنه قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها؛ ومنها الحديث: إِني أَصبحت حدّاً فأَقمه عليّ أَي أَصبت ذنباً أَوجب عليّ حدّاً أَي عقوبة.
وفي حديث أَبي العالية: إِن اللَّمَمَ ما بين الحَدَّيْن حَدِّ الدنيا وحَدِّ الآخرة؛ يريد بِحِدِّ الدنيا ما تجب فيه الحُدود المكتوبة كالسرقة والزنا والقذف، ويريد بِحَدِّ الآخرة ما أَوعد الله تعالى عليه العذاب كالقتل وعقوق الوالدين وأَكل الربا، فأَراد أَن اللمم من الذنوب ما كان بين هذين مما لم يُوجِبْ عليه حدّاً في الدنيا ولا تعذيباً في الآخرة.
وما لي عن هذا الأَمر حَدَدٌ أَي بُدٌّ.
والحديد: هذا الجوهر المعروف لأَنه منيع، القطعة منه حديدة، والجمع حدائد، وحَدائدات جمع الجمع؛ قال الأَحمر في نعت الخيل: وهن يَعْلُكْن حَدائِداتها ويقال: ضربه بحديدة في يده.
والحدّاد: معالج الحديد؛ وقوله: إِنِّي وإِيَّاكمُ، حتى نُبِيءَ بهِ مِنْكُمُ ثمانَيةً، في ثَوْبِ حَدَّادِ أَي نغزوكم في ثياب الحَديد أَي في الدروع؛ فإِما أَن يكون جعل الحدّاد هنا صانع الحديد لأَن الزرّاد حَدّادٌ، وإِما أَن يكون كَنَى بالحَدَّادِ عن الجوهر الذي هو الحديد من حيث كان صانعاً له.
والاسِتحْداد: الاحتلاق بالحديد.
وحَدُّ السكين وغيرها: معروف، وجمعه حُدودٌ.
وحَدَّ السيفَ والسِّكِّينَ وكلَّ كليلٍ يَحُدُّها حدّاً وأَحَدَّها إِحْداداً وحَدَّدها: شَحَذَها ومَسَحها بحجر أَو مِبْرَدٍ، وحَدَّده فهو مُحدَّد، مثله؛ قال اللحياني: الكلام أَحدَّها، بالأَلف، وقد حَدَّثْ تَحِدُّ حِدَّةً واحتَدَّتْ.
وسكين حديدة وحُدادٌ وحَديدٌ، بغير هاء، من سكاكين حَديداتٍ وحَدائدَ وحِدادٍ؛ وقوله: يا لَكَ من تَمْرٍ ومن شِيشاءِ، يَنْشَبُ في المَسْعَلِ واللَّهاءِ، أَنْشَبَ من مآشِرٍ حِداءِ فإِنه أَراد حِداد فأَبدل الحرف الثاني وبينهما الأَلف حاجزة، ولم يكن ذلك واجباً، وإِنما غير استحساناً فساغ ذلك فيه؛ وإِنها لَبَيِّنَةُ الحَدِّ.
وحَدَّ نابُهُ يَحِدُّ حِدَّة ونابٌ حديدٌ وحديدةٌ كما تقدّم في السكين ولم يسمع فيها حُدادٌ.
وحَدّ السيفُ يَحِدُّ حِدَّة واحتدّ، فهو حادّ حديدٌ، وأَحددته، وسيوفٌ حِدادٌ وأَلْسِنَةٌ حِدادٌ، وحكى أَبو عمرو: سيفٌ حُدّادٌ، بالضم والتشديد، مثل أَمر كُبَّار.
وتحديدُ الشَّفْرة وإِحْدادُها واسِتحْدادُها بمعنى.
ورجل حَديدٌ وحُدادٌ من قوم أَحِدَّاءَ وَأَحِدَّةٍ وحِدادٍ: يكون في اللَّسَنِ والفَهم والغضب، والفعل من ذلك كله حَدَّ يَحِدُّ حِدّةً، وإِنه لَبَيِّنُ الحَدِّ أَيضاً كالسكين.
وحَدَّ عليه يَحدُّ حَدَداً، واحْتَدَّ فهو مُحْتَدٌّ واستَحَدَّ: غَضِبَ.
وحاددته أَي عاصيته.
وحادَّه: غاصبه مثل شاقَّه، وكأَن اشتقاقه من الحدِّ الذي هو الحَيّزُ والناحية كأَنه صار في الحدّ الذي فيه عدوّه، كما أَن قولهم شاقَّه صار في الشّق الذي فيه عدوّه.
وفي التهذيب: استحَدَّ الرجلُ واحْتَدَّ حِدَّةً، فهو حديد؛ قال الأَزهري: والمسموع في حِدَّةِ الرَّجلِ وطَيْشِهِ احْتَدَّ؛ قال: ولم أَسمع فيه استَحَدَّ إِنما يقال استحدّ واستعان إِذا حلق عانته. قال الجوهري: والحِدَّةُ ما يعتري الإِنسان من النَّزقِ والغضب؛ تقول: حَدَدْتُ على الرجل أَحِدُّ حِدَّةً وحَدّاً؛ عن الكسائي: يقال في فلان حِدَّةٌ؛ وفي الحديث: الحِدَّةُ تعتري خيار أُمتي؛ الحِدَّةُ كالنشاط والسُّرعة في الأُمور والمَضاءة فيها مأْخوذ من حَدِّ السيف، والمراد بالحِدَّةِ ههنا المَضاءُ في الدين والصَّلابة والمَقْصِدُ إِلى الخير؛ ومنه حديث عمر: كنت أُداري من أَبي بكر بعضَ الحَدِّ؛ الحَدُّ والحِدَّةُ سواء من الغضب ، وبعضهم يرويه بالجيم، من الجِدِّ ضِدِّ الهزل، ويجوز أَن يكون بالفتح من الحظ.
والاستحدادُ: حلقُ شعر العانة.
وفي حديث خُبيبٍ: أَنه استعار موسى استحدّ بها لأَنه كان أَسيراً عندهم وأَرادوا قتله فاستَحَدَّ لئلا يظهر شعر عانته عند قتله.
وفي الحديث الذي جاء في عَشْرٍ من السُّنَّةِ: الاستحدادُ من العشر، وهو حلق العانة بالحديد؛ ومنه الحديث حين قدم من سفر فأَراد الناس أَن يطرقوا النساء ليلاً فقال: أَمْهِلوا كي تَمْتَشِذَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ أَي تحلق عانتها؛ قال أَبو عبيد: وهو استفعال من الحديدة يعني الاستحلاف بها، استعمله على طريق الكناية والتورية. الأَصمعي: استحدَّ الرجلُ إِذا أَحَدَّ شَفْرته بحديدة وغيرها.
ورائحة حادَّةٌ: ذَكِيَّةً، على المثل.
وناقة حديدةُ الجِرَّةِ: توجد لِجِرَّتها ريح حادّة، وذلك مما يُحْمَدُ.
وَحَدُّ كل شيء: طَرَفُ شَبَاتِهِ كَحَدِّ السكين والسيف والسّنان والسهم؛ وقيل: الحَدُّ من كل ذلك ما رق من شَفْرَتِهِ، والجمع حُدُودٌ.
وحَدُّ الخمر والشراب: صَلابَتُها؛ قال الأَعشى: وكأْسٍ كعين الديك باكَرْت حَدَّها بِفتْيانِ صِدْقٍ، والنواقيسُ تُضْرَبُ وحَدُّ الرجُل: بأْسُه ونفاذُهُ في نَجْدَتِهِ؛ يقال: إِنه لذو حَدٍّ؛ وقال العجاج: أَم كيف حدّ مطر الفطيم وحَدَّ بَصَرَه إِليه يَحُدُّه وأَحَدَّه؛ الأُولى عن اللحياني: كلاهما حَدَّقَهُ إِليه ورماه به.
ورجل حديد الناظر، على المثل: لا يهتم بريبة فيكون عليه غَضاضَةٌ فيها، فيكون كما قال تعالى: ينظرون من طرف خفيّ؛ وكما قال جرير: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنك من نُمَيْرٍ قال ابن سيده: هذا قول الفارسي.
وحَدَّدَ الزرعُ: تأَخر خروجه لتأَخر المطر ثم خرج ولم يَشْعَبْ.
والحَدُّ: المَنْعُ.
وحدَّ الرجلَ عن الأَمر يَحُدُّه حَدّاً: منعه وحبسه؛ تقول: حَدَدْتُ فلاناً عن الشر أَي منعته؛ ومنه قول النابغة: إِلاَّ سُلَيْمانَ إِذْ قال الإِلهُ لَهُ: قُمْ في البرية فاحْدُدْها عن الفَنَدِ والْحَدَّادُ: البَوَّابُ والسَّجَّانُ لأَنهما يمنعان من فيه أَن يخرج؛ قال الشاعر: يقول ليَ الحَدَّادُ، وهو يقودني إِلى السجن: لا تَفْزَعْ، فما بك من باس قال ابن سيده: كذا الرواية بغير همز باس على أَن بعده: ويترك عُذْري وهو أَضحى من الشمس وكان الحكم على هذا أَن يهمز بأْساً لكنه خفف تخفيفاً في قوّة فما بك من بأْس، ولو قلبه قلباً حتى يكون كرجل ماش لم يجز مع قوله وهو أَضحى من الشمس، لأَنه كان يكون أَحد البيتين بردف، وهو أَلف باس، والثاني بغير ردف، وهذا غير معروف؛ ويقال للسجان: حَدَّادٌ لأَنه يمنع من الخروج أَو لأَنه يعالج الحديد من القيود.
وفي حديث أَبي جهل لما قال في خزَنة النار وهم تسعة عشر ما قال، قال له الصحابة: تقيس الملايكة بالْحَدَّادين؛ يعني السجانين لأَنهم يمنعون المُحْبَسينَ من الخروج، ويجوز أَن يكون أَراد به صُنَّاع الحديد لأَنهم من أَوسخ الصُّنَّاع ثوباً وبدناً؛ وأَما قول الأَعشى يصف الخمر والخَمَّار: فَقُمْنَا، ولمَّا يَصِحْ ديكُنا، إِلى جُونَةٍ عند حَدَّادِها فإِنه سمى الخَمَّار حَدَّاداً، وذلك لمنعه إِياها وحفظه لها وإِمساكه لها حتى يُبْدَلَ له ثمنها الذي يرضيه.
والجونة: الخابية.
وهذا أَمر حَدَدٌ أَي منيع حرام لا يحل ارتكابه.
وحُدَّ الإِنسانُ: مُنِعَ من الظفَر.
وكلُّ محروم. محدودٌ.
ودون ما سأَلت عنه حَدَدٌ أَي مَنْعٌ.
ولا حَدَدَ عنه أَي لا مَنْعَ ولا دَفْعَ؛ قال زيد بن عمرو بن نفيل:لا تَعْبُدُنّ إِلهاً غيرَ خالقكم، وإِن دُعِيتُمْ فقولوا: دونَهُ حَدَدُ أَي مَنْعٌ.
وأَما قوله تعالى: فبصرك اليوم حديد؛ قال: أَي لسان الميزان.
ويقال: فبصرك اليوم حديد أَي فرأْيك اليوم نافذ.
وقال شمر: يقال للمرأَة الحَدَّادَةُ.
وحَدَّ الله عنا شر فلان حَدّاً: كفه وصرفه؛ قال: حِدَادِ دون شرها حِدادِ حداد في معنى حَدَّه؛ وقول معقل بن خويلد الهذلي: عُصَيْمٌ وعبدُ الله والمرءُ جابرٌ، وحُدِّي حَدادِ شَرَّ أَجنحةِ الرَّخَم أَراد: اصرفي عنا شر أَجنحة الرخم، يصفه بالضعف، واستدفاع شر أَجنحة الرخم على ما هي عليه من الضعف؛ وقيل: معناه أَبطئي شيئاً، يهزأُ منه وسماه بالجملة.
والحَدُّ: الصرف عن الشيء من الخير والشر.
والمحدود: الممنوع من الخير وغيره.
وكل مصروف عن خير أَو شر: محدود.
وما لك عن ذلك حَدَدٌ ومَحْتَدٌ أَي مَصْرَفٌ ومَعْدَلٌ. أَبو زيد: يقال ما لي منه بُدُّ ولا محتد ولا مُلْتَدٌّ أَي ما لي منه بُدٌّ.
وما أَجد منه مَحتداً ولا مُلْتَدّاً أَي بُدٌّاً. الليث: والحُدُّ الرجلُ المحدودُ عن الخير.
ورجل محدود عن الخير: مصروف؛ قال الأَزهري: المحدود المحروم؛ قال: لم أَسمع فيه رجل حُدٌّ لغير الليث وهو مثل قولهم رجل جُدٌّ إِذا كان مجدوداً.
ويدعى على الرجل فيقال: اللهم احْدُدْهُ أَي لا توقفه لإِصابة.
وفي الأَزهري: تقول للرامي اللهم احْدُدْهُ أَي لا توقفه للإِصابة.
وأَمر حَدَدٌ: ممتنع باطل، وكذلك دعوة حَدَدٌ.
وأَمر حَدَدٌ: لا يحل أَن يُرْتَكَبَ. أَبو عمرو: الحُدَّةُ العُصبةُ.وقال أَبو زيد: تَحَدَّدَ بهم أَي تَحَرَّشَ ،.
ودعوةٌ حَدَدٌ أَي باطلة.والحِدادُ: ثياب المآتم السُّود.
والحادُّ والمُحِدُّ من النساء: التي تترك الزينة والطيب؛ وقال ابن دريد: هي المرأَة التي تترك الزينة والطيب بعد زوجها للعدة. حَدَّتْ تَحِدُّ وتَحُدُّ حدّاً وحِداداً، وهو تَسَلُّبُها على زوجها، وأَحَدَّتْ، وأَبى الأَصمعي إِلا أَحَدَّتْ تُحِدُّ، وهي مُحِدٌّ، ولم يَعْرِفْ حَدَّتْ؛ والحِدادُ: تركُها ذلك.
وفي الحديث: لا تُحِدُّ المرأَةُ فوق ثلاث ولا تُحِدُّ إِلاَّ على زوج.
وفي الحديث: لا يحل لأَحد أَن يُحِدَّ على ميت أَكثر من ثلاثة أَيام إِلا المرأَة على زوجها فإِنها تُحِدُّ أَربعة أَشهر وعشراً. قال أَبو عبيد: وإِحدادُ المرأَة على زوجها ترك الزينة؛ وقيل: هو إِذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة والخضاب؛ قال أَبو عبيد: ونرى أَنه مأْخوذ من المنع لأَنها قد منعت من ذلك، ومنه قيل للبوّاب: حدّادٌ لأَنه يمنع الناس من الدخول. قال الأَصمعي: حَدَّ الرجلُ يَحُدُّه إِذا صرفه عن أَمر أَراده.
ومعنى حَدَّ يَحدُّ: أَنه أَخذته عجلة وطَيْشٌ.
وروي عنه، عليه السلام، أَنه قال: خيار أُمتي أَحِدّاؤها؛ هو جمع حديد كشديد وأَشداء.
ويقال: حَدَّد فلان بلداً أَي قصد حُدودَه؛ قال القطامي: مُحدِّدينَ لِبَرْقٍ صابَ مِن خَلَلٍ، وبالقُرَيَّةِ رَادُوه بِرَدَّادِ أَي قاصدين.
ويقال: حدداً أَن يكون كذا كقوله معاذ الله؛ قال الكميت: حَدَداً أَن يكون سَيْبُك فينا وتَحاً، أَو مُجَبَّناً مَمْصُورَا أَي حراماً كما تقول: معاذ اللهُ قد حَدَّدَ اللهَ ذلك عنا.
والحَدَّادُ: البحر، وقيل: نهر بعينه، قال إِياس بن الأَرَتِّ: ولم يكونُ على الحَدَّادِ يملكه، لو يَسْقِ ذا غُلَّةٍ من مائه الجاري وأَبو الحَديدِ: رجل من الحرورية قتل امرأَة من الإِجْماعِيين كانت الخوارج قد سبتها فغالوا بها لحسنها، فلما رأَى أَبو الحَديد مغالاتهم بها خاف أَن يتفاقم الأَمر بينهم فوثب عليها فقتلها؛ ففي ذلك يقول بعض الحرورية يذكرها: أَهابَ المسلمون بها وقالوا، على فَرْطِ الهوى: هل من مزيد؟ فزاد أَبو الحَدِيدِ بِنَصْل سيف صقيل الحَدّ، فِعْلَ فَتىً رشيد وأُم الحَديدِ: امرأَةُ كَهْدَلٍ الراجز؛ وإِياها عنى بقوله: قد طَرَدَتْ أُمُّ الحَديدِ كَهْدَلا، وابتدر البابَ فكان الأَوّلا، شَلَّ السَّعالي الأَبلقَ المُحَجَّلا، يا رب لا ترجع إِليها طِفْيَلا، وابعث له يا رب عنا شُغَّلا، وَسْوَاسَ جِنٍّ أَو سُلالاً مَدْخَلا، وجَرَباً قشراً وجوعاً أَطْحَلا طِفْيَلٌ: صغير، صغره وجعله كالطفل في صورته وضعفه، وأَراد طُفَيْلاً، فلم يستقم له الشعر فعدل إِلى بناء حِثْيَلٍ، وهو يريد ما ذكرنا من التصغير. الذي يأْخذه منه الطحل، وهو وجع الطحال.
وحُدٌّ: موضع، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: فلو أَنها كانت لِقَاحِي كَثِيرةً، لقد نَهِلَتْ من ماء حُدٍّ وَعَلَّت وَحُدَّانُ: حَيٌّ من الأَزد؛ وقال ابن دريد: الحُدَّانُ حي من الأَزد فَأُدْخِلَ عليه اللامُ؛ الأَزهري: حُدَّانُ قبيلة في اليمن.
وبنو حُدَّان، بالضم (* قوله «وبنو حدان بالضم إلخ» كذا بالأصل والذي في القاموس ككتان.
وقوله وبنو حداد بطن إلخ كذا به أيضاً والذي في الصحاح وبنو احداد بطن إلخ): من بني سعد.
وينو حُدَّاد: بطن من طيّ.
والحُدَّاء: قبيلة؛ قال الحرث بن حِلِّزة: ليس منا المُضَرّبُون، ولا قَيـ ـس، ولا جَنْدَلٌ، ولا الحُدَّاءُ وقيل: الحُدَّاء هنا اسم رجل، ويحتمل الحُدَّاء أَن يكون فُعَّالاً من حَدَأَ، فإِذا كان ذلك فبابه غير هذا.
ورجل حَدْحَدٌ: قصير غليظ.

تبع (لسان العرب) [0]


تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً في الأَفعال وتَبِعْتُ الشيءَتُبوعاً: سِرْت في إِثْرِه؛ واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه مُتَّبعاً له وكذلك تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً؛ قال القُطامي: وخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ منه، وليس بأَن تتَبَّعَه اتِّباعا وضَع الاتِّباعَ موضع التتبُّعِ مجازاً. قال سيبويه: تتَبَّعَه اتِّباعاً لأَن تتَبَّعْت في معنى اتَّبَعْت.
وتَبِعْت القوم تَبَعاً وتَباعةً، بالفتح، إِذا مشيت خلفهم أَو مَرُّوا بك فمضَيْتَ معهم.
وفي حديث الدعاء: تابِعْ بيننا وبينهم على الخيْراتِ أَي اجْعَلْنا نَتَّبِعُهم على ما هم عليه.
والتِّباعةُ: مثل التَّبعةِ والتِّبعةِ؛ قال الشاعر: أَكَلَت حَنِيفةُ رَبَّها، زَمَنَ التقَحُّمِ والمَجاعهْ لم يَحْذَرُوا، من ربِّهم، سُوء العَواقِبِ والتِّباعهْ لأَنهم كانوا قد اتخذوا إِلهاً من حَيْسٍ . . . أكمل المادة فعَبَدُوه زَماناً ثم أَصابتهم مَجاعة فأَكلوه.
وأَتْبَعه الشيءَ: جعله له تابعاً، وقيل: أَتبَعَ الرجلَ سبقه فلَحِقَه.
وتَبِعَه تَبَعاً واتَّبَعه: مرَّ به فمضَى معه.
وفي التنزيل في صفة ذي القَرْنَيْنِ: ثم اتَّبَع سبَباً، بتشديد التاء، ومعناها تَبِعَ، وكان أَبو عمرو بن العلاء يقرؤُها بتشديد التاء وهي قراءة أَهل المدينة، وكان الكسائي يقرؤُها ثم أَتبع سبباً، بقطع الأَلف، أَي لَحِقَ وأَدْرك؛ قال ابن عبيد: وقراءة أَبي عمرو أَحبُّ إِليَّ من قول الكسائي.
واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه.
وفي خبر الطَّسْمِيِّ النافِر من طَسمٍ إِلى حَسَّان الملك الذي غَزا جَدِيساً: أَنه اسْتَتْبَع كلبة له أَي جعلها تَتبعه.
والتابِعُ: التَّالي، والجمع تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة.
والتَّبَعُ: اسم للجمع ونظيره خادِمٌ وخَدَم وطالبٌ وطلَبٌ وغائبٌ وغَيَبٌ وسالِفٌ وسَلَفٌ وراصِدٌ ورَصَدٌ ورائحٌ ورَوَحٌ وفارِطٌ وفرَطٌ وحارِسٌ وحَرَسٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ وقافِلٌ من سفَره وقَفَلٌ وخائلٌ وخَوَلٌ وخابِلٌ وخَبَلٌ، وهو الشيطان، وبعير هامِلٌ وهَمَلٌ، وهو الضالُّ المهمل؛ قال كراع: كل هذا جمع والصحيح ما بدأْنا به، وهو قول سيبويه فيما ذَكر من هذا وقياس قوله فيما لم يَذكره منه: والتَّبَعُ يكون واحداً وجماعة.
وقوله عز وجل: إِنَّا كُنا لكم تَبَعاً، يكون اسماً لجمع تابِع ويكون مصدراً أَي ذَوِي تَبَعٍ، ويجمع على أَتْباع.
وتَبِعْتُ الشيءَ وأَتْبَعْتُه: مثل رَدِفْتُه وأَرْدَفْتِه؛ ومنه قوله تعالى: إِلاَّ مَن خَطِفَ الخَطْفةَ فأَتْبعه شِهاب ثاقِب؛ قال أَبو عبيد: أَتْبَعْت القوم مثل أَفْعلت إِذا كانوا قد سبقوك فَلَحِقْتَهم، قال: واتَّبَعْتُهم مثل افْتَعَلْت إِذا مرُّوا بك فمضيتَ؛ وتَبِعْتُهم تَبَعاً مثله.
ويقال: ما زِلْتُ أَتَّبِعُهم حتى أَتْبَعْتُهم أَي حتى أَدركْتُهم.
وقال الفراء: أَتْبَعَ أَحسن من اتَّبَع لأَن الاتِّباع أَن يَسِير الرجل وأَنت تسير وراءَه، فإِذا قلت أَتْبَعْتُه فكأَنك قَفَوْته.
وقال الليث: تَبِعْت فلاناً واتَّبَعْته وأَتْبعْته سواء.
وأَتْبَعَ فلان فلاناً إِذا تَبِعَه يريد به شرّاً كما أَتْبَعَ الشيطانُ الذي انسلَخَ من آيات الله فكان من الغاوِين، وكما أَتْبَع فرعونُ موسى.
وأَمَّا التتَبُّع: فأَن تتتَبَّعَ في مُهْلةٍ شيئاً بعد شيء؛ وفلان يتَتبَّعُ مَساوِيَ فلان وأَثرَه ويَتتبَّع مَداقَّ الأُمور ونحو ذلك.
وفي حديث زيد بن ثابت حين أَمره أَبو بكر الصديقُ بجمع القرآن قال: فَعَلِقْتُ أَتَتَبَّعه من اللِّخافِ والعُسُبِ، وذلك أَنه اسـَقْصَى جميعَ القرآن من المواضع التي كُتِب فيها حتى ما كُتِب في اللِّخاف، وهي الحجارة، وفي العُسُب، وهي جريد النخل، وذلك أَنَّ الرَّقَّ أَعْوَزَهم حين نزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأُمِر كاتبُ الوَحْي فيما تيسَّر من كَتِف ولوْحٍ وجِلْد وعَسُيب ولَخْفة، وإِنما تَتبَّع زيد بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التي كُتِب فيها ولم يقتصر على ما حَفِظ هو وغيره، وكان من أَحفظ الناس للقرآن اسْتِظهاراً واحْتِياطاً لئلا يَسْقُط منه حرف لسُوء حِفْظ حافِظه أَو يتبدَّل حرف بغيره، وهذا يدل على أَن الكتابة أَضْبَطُ من صدور الرجال وأَحْرَى أَن لا يسقط منه شيء، فكان زيد يَتتبَّع في مُهلة ما كُتب منه في مواضعه ويَضُمُّه إَلى الصُّحف، ولا يُثْبِتُ في تلك الصحف إِلاَّ ما وجده مكتوباً كما أُنزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَمْلاه على مَن كَتبه.
واتَّبَعَ القرآنَ: ائْتَمَّ به وعَمِلَ بما فيه.
وفي حديث أَبي موسى الأَشعري، رضي الله عنه: إِنَّ هذا القرآن كائنٌ لكم أَجراً وكائن عليكم وِزْراً فاتَّبِعوا القرآن ولا يَتَّبِعنَّكُم القرآنُ، فإِنه من يَتَّبِعِ القرآن يَهْبِطْ به على رِياضِ الجنة، ومَن يَتَّبِعْه القرآنُ يَزُخّ في قَفاه حتى يَقْذِفَ به في نار جهنم؛ يقول: اجعلوه أَمامكم ثم اتلوه كما قال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يَتْلُونه حقَّ تِلاوته أَي يَتَّبِعونه حقَّ اتِّباعه، وأَراد لا تَدَعُوا تِلاوته والعملَ به فتكونوا قد جعلتموه وراءَكم كما فَعل اليهود حين نَبَذُوا ما أُمروا به وراء ظهورهم، لأَنه إِذا اتَّبَعَه كان بين يديه، وإِذا خالفه كان خَلْفَه، وقيل: معنى قوله لا يتبعنكم القرآن أَي لا يَطْلُبَنَّكُم القرآنُ بتضييعكم إِياه كما يطلُب الرجلُ صاحبَه بالتَّبِعة؛ قال أَبو عبيد: وهذا معنى حسن يُصَدِّقه الحديث الآخر: إِن القرآن شافِع مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، فجعله يَمْحَل صاحبَه إِذا لم يَتَّبِعْ ما فيه.
وقوله عز وجل: أَو التابعينَ غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ فسره ثعلب فقال: هم أَتباع الزوج ممن يَخْدُِمُه مثل الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة.
وفي حديث الحُدَيْبية: وكنت تَبِيعاً لطَلْحةَ بن عُبيدِ الله أَي خادماً.
والتَّبَعُ كالتابِعُ كأَنه سمي بالمصدر.
وتَبَعُ كلِّ شيءٍ: ما كان على آخِره.
والتَّبَعُ: القوائم؛ قال أَبو دُواد في وصف الظَّبَّية: وقَوائم تَبَع لها، مِن خَلْفِها زَمَعٌ زَوائدْ وقال الأَزهري: التَّبَعُ ما تَبِعَ أَثَرَ شيء فهو تَبَعةٌ؛ وأَنشد بيت أَبي دواد الإيادي في صفة ظبية: وقوائم تَبَع لها، من خلفها زمع مُعَلَّقْ وتابَع بين الأُمور مُتابَعةً وتِباعاً: واتَرَ ووالَى؛ وتابعْتُه على كذا مُتابعةً وتِباعاً.
والتِّباعُ: الوِلاءُ. يقال: تابَعَ فلان بين الصلاة وبين القراءة إِذا والَى بينهما ففعل هذا على إِثْر هذا بلا مُهلة بينهما، وكذلك رميته فأَصبته بثلاثة أَسهم تِباعاً أَي وِلاء.
وتَتابَعَتِ الأَشياءُ: تَبِعَ بعضُها بعضاً.
وتابَعه على الأَمر: أَسْعدَه عليه.
والتابِعةُ: الرَّئِيُّ من الجنّ، أَلحقوه الهاء للمبالغة أَو لتَشْنِيع الأَمْرِ أَو على إِرادة الداهِيةِ.
والتابعةُ: جِنِّيَّة تَتْبع الإِنسان.
وفي الحديث: أَوَّلُ خَبرٍ قَدِمَ المدينةَ يعني من هجرة النبي، صلى الله عليه وسلم، امرأَة كان لها تابِعٌ من الجن؛ التابِعُ ههنا: جِنِّيٌّ يَتْبَع المرأَة يُحِبُّها.
والتابعةُ: جِنية تتْبع الرجلَ تحبه.
وقولهم: معه تابعة أَي من الجن.
والتَّبِيعُ: الفَحل من ولد البقر لأَنه يَتْبع أُمه، وقيل: هو تَبيع أَولَ سنة، والجمع أَتْبِعة، وأَتابِعُ وأَتابِيعُ كلاهما جمعُ الجمعِ، والأَخيرة نادرة، وهو التِّبْعُ والجمع أَتباع، والأُنثى تَبِيعة.
وفي الحديث عن معاذ بن جبل: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعثه إِلى اليمين فأَمرَه في صدَقةِ البقر أَن يأْخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً، ومن كل أَربعين مُسِنَّةً؛ قال أَبو فَقْعَس الأَسَدي: ولد البقَر أَول سنة تَبِيع ثم جزَع ثم ثنيّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم صالِغٌ. قال الليث: التَّبِيعُ العِجْل المُدْرِك إِلا أَنه يَتْبَع أُمه بعدُ؛ قال الأَزهري: قول الليث التَّبِيع المدرك وهَم لأَنه يُدْرِكُ إِذا أَثنى أَي صار ثَنِيًّا.
والتبيع من البقر يسمى تبيعاً حين يستكمل الحَوْل، ولا يسمى تَبِيعاً قبل ذلك، فإِذا استكمل عامين فهو جَذَع، فإِذا استوفى ثلاثة أَعوام فهو ثَنِيٌّ، وحينئذ مُسِنٌّ، والأُنثى مُسِنَّة وهي التي تؤخذ في أَربعين من البقر.وبقرة مُتْبِعٌ: ذاتُ تَبِيع.
وحكى ابن بري فيها: مُتْبِعة أَيضاً.
وخادم مُتْبِع: يَتْبَعُها ولدها حيثما أَقبلت وأَدبرت، وعمَّ به اللحياني فقال: المُتْبِعُ التي معها أَولاد.
وفي الحديث: أَن فلاناً اشترى مَعْدِناً بمائة شاة مُتْبِع أَي يَتْبَعها أَولادها.
وتَبِيعُ المرأَةِ: صَدِيقُها، والجمع تُبَعاء، وهي تَبِيعته.
وهو تِبْعُ نِساء، والجمع أَتباع، وتُبَّع نساء؛ عن كراع حكاها في المُنَجَّذ، وحكاها أَيضاً في المُجَرَّد إِذا جدَّ في طَلَبِهِنّ؛ وحكى اللحياني: هو تِبْعُها وهي تِبْعَتُه؛ قال الأَزهري: تِبْعُ نساء أَي يَتْبَعُهُنَّ، وحِدْثُ نساء يُحادِثُهنَّ، وزِيرُ نساء أَي يَزُورُهُنَّ، وخِلْب نساء إِذا كان يُخالِبهنَّ.
وفلان تِبْعُ ضِلَّةٍ: يَتْبَع النساءَ، وتِبْعٌ ضِلَّةٌ أَي لا خَيْرَ فيه ولا خير عنده؛ عن ابن الأَعرابي.
وقال ثعلب: إِنما هو تِبْعُ ضِلَّةٍ مضاف.
والتَّبِيعُ: النَّصِير.
والتَّبِيعُ: الذي لك عليه مال. يقال: أُتْبِعَ فلان بفلان أَي أُحِيلَ عليه، وأَتْبَعَه عليه: أَحالَه.
وفي الحديث: الظُّلْم لَيُّ الواجِدِ، وإِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ؛ معناه إِذا أُحِيلَ أَحدكم على مَلِيءٍ قادِرٍ فلْيَحْتَلْ من الحَوالةِ؛ قال الخطابي: أَصحاب الحديث يروونه اتَّبع، بتشديد التاء، وصوابه بسكون التاء بوزن أُكْرِمَ، قال: وليس هذا أَمراً على الوجوب وإِنما هو على الرِّفْق والأَدب والإِياحةِ.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: بَيْنا أَنا أَقرأُ آية في سِكَّة من سَكَكِ المدية إِذ سمعت صوتاً من خَلفي: أَتْبِعْ يا ابن عباس، فالتَفَتُّ فإِذا عُمر، فقلت: أُتْبِعُك على أُبَيّ بن كعب أَي أَسْنِدْ قراءتك ممن أَخذتها وأَحِلْ على من سَمِعْتها منه. قال الليث: يقال للذي له عليك مال يُتابِعُك به أَي يُطالبك به: تَبِيع.
وفي حديث قيس بن عاصم، رضي الله عنه، قال: يا رسول الله ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعةٌ من طالب ولا ضَيْفٍ؟ قال: نِعْم المال أَربعون والكثير ستون؛ يريد بالتَّبِعةِ ما يَتْبَع المالَ من نوائب الحُقوق وهو من تَبِعْت الرجل بحقّي.
والتَّبِيعُ: الغَرِيمُ؛ قال الشماخ: تَلُوذُ ثَعالِبُ الشَّرَفَيْن منها، كما لاذَ الغَرِيمُ من التَّبِيعِ وتابَعَه بمال أَي طَلَبه.
والتَّبِعُ: الذي يَتْبَعُكَ بحق يُطالبك به وهو الذي يَتْبع الغريم بما أُحيل عليه.
والتبيع: التابع.
وقوله تعالى: فيُغْرِقَكم بما كفرتم ثم لا تَجِدُوا لكم علينا به تَبِيعاً؛ قال الفراء: أَي ثائراً ولا طالباً بالثَّأْرِ لإِغْراقِنا إِيّاكم، وقال الزجاج: معناه لا تجدوا من يَتْبَعُنا بإِنكار ما نزل بكم ولا يتبعنا بأَن يصرفه عنكم، وقيل: تَبِيعاً مُطالِباً؛ ومنه قوله تعالى: فاتِّباعٌ بالمَعْروف وأَداء إِليه بإِحْسان؛ يقول: على صاحب الدَّمِ اتِّباع بالمعروف أَي المُطالَبَةُ بالدِّية، وعلى القاتِل أَداء إِليه بإِحسان، ورفع قوله تعالى فاتباع على معنى قوله فعليه اتِّباع بالمعروف، وسيُذْكَرُ ذلك مُستوفى في فصل عفا، في قوله تعالى: فَمن عُفِيَ له من أَخِيه شيء.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما اتَّبَعْتَ به صاحبَك من ظُلامة ونحوها.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما فيه إِثم يُتَّبَع به. يقال: ما عليه من الله في هذا تَبِعة ولا تِباعة؛ قال وَدّاك بن ثُمَيل: هِيمٌ إِلى الموتِ إِذا خُيِّرُوا، بينَ تِباعاتٍ وتَقْتالِ قال الأَزهري: التِّبِعة والتَّباعة اسم الشيء الذي لك فيه بُغْية شِبه ظُلامة ونحو ذلك.
وفي أَمثال العرب السائرة: أَتْبِعِ الفَرَس لِجامَها، يُضرب مثلاً للرجل يؤْمر بردِّ الصَّنِيعةِ وإِتْمامِ الحاجة.
والتُّبّعَُ والتُّبُّع جميعاً: الظل لأَنه يَتْبَع الشمس؛ قالت سُعْدَى الجُهَنِيَّةُ تَرْثي أَخاها أَسْعَدَ: يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً، وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ التُّبَّعُ: الظل، واسْمِئْلاله: بُلوغه نصف النهار وضُمورُه.
وقال أَبو سعيد الضرير: التُّبَّع هو الدَّبَرانُ في هذا البيت سُمي تُبَّعاً لاتِّباعِه الثُّرَيّا؛ قال الأَزهري: سمعت بعض العرب يسمي الدبران التابع والتُّوَيْبِع، قال: وما أَشبه ما قال الضرير بالصواب لأَن القَطا تَرِدُ المياه ليلاً وقلما تردها نهاراً، ولذلك يقال: أَدَلُّ من قَطاة؛ ويدل على ذلك قول لبيد: فَوَرَدْنا قبلَ فُرَّاطِ القَطا، إِنَّ مِن وَرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ قال ابن بري: ويقال له التابِعُ والتُّبَّعُ والحادِي والتالي؛ قال مُهَلْهل: كأَنَّ التابِعَ المَسْكِينَ فيها أَجِيرٌ في حُداياتِ الوَقِير (* رواية اخرى: حدابات بدل حدايات.) والتَّبابِعةُ: ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، سموا بذلك لأَنه يَتْبَع بعضُهم بعضاً كلما هَلك واحد قام مَقامه آخر تابعاً له على مثل سِيرته، وزادوا الهاء في التبابعة لإِرادة النسب؛ وقول أَبي ذؤيب: وعليهِما ماذِيَّتانِ قَضاهُما داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ سَمِعَ أَن داودَ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان سُخِّر له الحديدُ فكان يَصْنع منه ما أَراد، وسَمِعَ أَنَّ تُبَّعاً عَمِلَها وكان تُبع أَمَر بعملها ولم يَصْنعها بيده لأَنه كان أَعظمَ شأْناً من أَن يصنع بيده.
وقوله تعالى: أَهم خَيْر أَم قومٌ تُبَّعٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن تُبَّعاً كان مَلِكاً من الملوك وكان مؤْمناً وأَن قومه كانوا كافرين وكان فيهم تَبابِعةٌ، وجاء أَيْضاً أَنه نُظِر إِلى كتاب على قَبْرَين بناحية. حِمْيَر: هذا قبر رَضْوى وقبر حُبَّى، ابنتي تُبَّع، لا تُشركان بالله شيئاً، قال الأَزهري: وأَمّا تبع الملِك الذي ذكره الله عز وجل في كتابه فقال:وقومُ تبع كلٌّ كذَّب الرسُلَ، فقد روي عن النبيي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدري تُبَّعٌ كان لعِيناً أَم لا (* قوله« تبع كان لعيناً أم لا» هكذا في الأصل الذي بأيدينا ولعله محرف، والأصل كان نبياً إلخ. ففي تفسير الخطيب عند قوله تعالى في سورة الدخان أهم خير أم قوم تبع، وعن النبي،صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم.
وعنه صلى الله عليه وسلم: ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي، وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: لا تسبوا تبعاً فانه كان رجلاً صالحاً) ؛ قال: ويقال إِن تُبَّتَ اشْتُقَّ لهم هذا الاسمُ من اسم تُبَّع ولكن فيه عُجْمة.
ويقال: هم اليوم من وَضائِع تُبَّع بتلك البلاد.
وفي الحديث: لا تَسُبُّوا تُبَّعاً فإِنه أَول من كَسا الكعبة؛ قيل: هو ملك في الزمان الأَول اسْمه أَسْعَدُ أَبو كَرِب، وقيل: كان مَلِكُ اليمنِ لا يسمى تُبَّعاً حتى يَمْلِكَ حَضْرَمَوْتَ وسَبأ وحِمْيَرَ.
والتُّبَّعُ: ضرب من الطير، وقيل: التُّبَّع ضرب من اليَعاسِيب وهو أَعظمها وأحسنها، والجمع التبابِعُ تشبيهاً بأُولئك الملوكُ، وكذلك الباء هنا ليشعروا بالهاء هنالك.
والتُّبَّعُ: سيِّد النحل: وتابَعَ عَمَلَه وكلامَه: أَتْقَنَه وأَحكمه؛ قال كراع: ومنه حديث أَبي واقد الليثي: تابَعْنا الأَعمال فلم نَجِد شيئاً أَبلغ في طلَب الآخرة من الزُّهْد في الدنيا أَي أَحْكَمْناها وعَرَفْناها.
ويقال: تابَعَ فلان كلامَه وهو تبيع للكلام إِذا أَحكمه.
ويقال: هو يُتابِعُ الحديث إِذا كان يَسْرُدُه، وقيل: فلان مُتتابِعُ العِلم إِذا كان عِلْمه يُشاكل بعضُه بعضاً لا تَفاوُتَ فيه.
وغصن مُتتابعٌ إِذا كان مستوياً لا أُبَن فيه.
ويقال: تابَعَ المَرْتَعُ المالَ فَتتابَعَت أي سَمَّن خَلْقَها فسَمِنَت وحَسُنت؛ قال أَبو وجْزةَ السعْدي: حَرْفٌ مُلَيْكِيةٌ كالفَحْلِ تابَعَها، في خِصْبِ عامَينِ، إِفْراقٌ وتَهْمِيلُ (* قوله« مليكية» كذا بالأصل مضبوطاً وفي الاساس بياء واحدة قبل الكاف.) وناقة مُفْرِقٌ: تَمْكُث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَحُ؛ وأَما قول سَلامان الطائي: أَخِفْنَ اطِّنانِي إِن شُكِينَ، وإِنَّني لفي شُغُلٍ عن ذَحْليَ اليتَتَبَّعُ فإِنه أَرادَ ذَحْليَ يتَتَبَّع فطرح الذي وأَقام الأَلف واللام مُقامه، وهي لغة لبعض العرب؛ وقال ابن الأَنباري: وِإِنما أَقحم الأَلف واللام على الفعل المضارع لمضارعة الأَسماء. قال ابن عون: قلت للشعبي: إِنَّ رُفَيْعاً أَبا العاليةِ أَعتقَ سائبةً فأَوصَى بماله كله، فقال: ليس ذلك له إِنما ذلك للتابعة، قال النضر: التابعةُ أَن يتبع الرجلُ الرجلَ فيقول: أَنا مولاك؛ قال الأَزهري: أَراد أَن المُعْتَقَ سائبةً مالُه لمُعْتِقِه.
والإِتْباعُ في الكلام: مثل حَسَن بَسَن وقَبِيح شَقِيح.

جمل (لسان العرب) [0]


الجَمَل: الذَّكَر من الإِبل، قيل: إِنما يكون جَمَلاً إِذا أَرْبَعَ، وقيل إِذا أَجذع، وقيل إِذا بزَل، وقيل إِذا أَثْنَى؛ قال: نحن بنو ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل، الموت أَحلى عندنا من العسل الليث: الجَمَل يستحق هذا الاسم إِذا بَزَل، وقال شمر: البَكْر والبَكْرة بمنزلة الغلام والجارية، والجَمَل والناقة بمنزلة الرجل والمرأَة.
وفي التنزيل العزيز: حتى يَلِج الجَمَل في سَمِّ الخِياط؛ قال الفراء: الجَمَل هو زوج الناقة.
وقد ذكر عن ابن عباس أَنه قرأَ: الجُمَّل، بتشديد الميم، يعني الحِبَال المجموعة، وروي عن أَبي طالب أَنه قال: رواه القراء الجُمَّل، بتشديد الميم، قال: ونحن نظن أَنه أَراد التخفيف؛ قال أَبو طالب: وهذا لأَن . . . أكمل المادة الأَسماء إِنما تأْتي على فَعَل مخفف، والجماعة تجيء على فُعَّل مثل صُوَّم وقُوَّم.
وقال أَبو الهيثم: قرأَ أَبو عمرو والحسن وهي قراءة ابن مسعود: حتى يلج الجُمَل، مثل النُّغَر في التقدير.
وحكي عن ابن عباس: الجُمَّل، بالتثقيل والتخفيف أَيضاً، فأَما الجُمَل، بالتخفيف، فهو الحَبْل الغليظ، وكذلك الجُمَّل، مشدد. قال ابن جني: هو الجُمَل على مثال نُغَر، والجُمْل على مثال قُفْل، والجُمُل على مثال طُنُب، والجَمَل على مثال مَثَل؛ قال ابن بري: وعليه فسر قوله حتى يلج الجَمَل في سَمِّ الخياط، فأَما الجُمْل فجمع جَمَل كأَسَد وأُسْد.
والجُمُل: الجماعة من الناس.
وحكي عن عبد الله وأُبَيٍّ: حتى يلج الجُمَّل. الأَزهري: وأَما قوله تعالى: جِمَالات صُفْر، فإِن الفراء قال: قرأَ عبد الله وأَصحابه جِمَالة، وروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أَنه قرأَ: جِمَالات، قال: وهو أَحَبُّ إِليَّ لأَن الجِمَال أَكثر من الجِمَالة في كلام العرب، وهو يجوز كما يقال حَجَر وحِجَارة وذَكَر وذِكَارة إِلاّ أَن الأَول أَكثر، فإِذا قلت جِمالات فواحدها جِمَال مثل ما قالوا رِجَال ورِجَالات وبُيُوت وبُيُوتات، وقد يجوز أَن يكون واحد الجِمَالات جِمَالة، وقد حكي عن بعض القراء جُمَالات، برفع الجيم، فقد يكون من الشيء المجمل، ويكون الجُمَالات جمعاً من جمع الجِمال كما قالوا الرَّخْل والرُّخال؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن عباس أَنه قال الجِمَالات حِبَال السُّفن يجمع بعضها إِلى بعض حتى تكون كأَوساط الرجال؛ وقال مجاهد: جِمَالات حِبال الجُسور، وقال الزجاج: من قَرأَ جِمَالات فهو جمع جِمالة، وهو القَلْس من قُلوس سُفُن البحر، أَو كالقَلْس من قُلوس الجُسور، وقرئت جِمالة صُفْر، على هذا المعنى.
وفي حديث مجاهد: أَنه قرأَ حتى يلج الجُمَّل، بضم الجيم وتشديد الميم، قَلْس السفينة. قال الأَزهري: كأَن الحَبْل الغليظ سمي جِمَالة لأَنها قُوىً كثيرة جُمِعت فأُجْمِلَت جُمْلة، ولعل الجُمْلة اشتقت من جُمْلة الحَبْل. ابن الأَعرابي: الجامِل الجِمَال. غيره: الجامِل قَطِيع من الإِبل معها رُعْيانها وأَربابها كالبَقَر والباقِر؛ قال الحطيئة: فإِن تكُ ذا مالٍ كثيرٍ فإِنَّهم لهم جامِل، ما يَهْدأُ الليلَ سامِرُه الجامل: جماعة من الإِبل تقع على الذكور والإِناث، فإِذا قلت الجِمَال والجِمَالة ففي الذكور خاصة، وأَراد بقوله سامره الرِّعاء لا ينامون لكثرتهم.
وفي المثل: اتَّخَذَ الليلَ جَمَلاً، يضرب لمن يعمل بالليل عمله من قراءة أَو صلاة أَو غير ذلك.
وفي حديث ابن الزبير: كان يسير بنا الأَبْرَدَيْن ويتخذ الليل جَمَلاً، يقال للرجل إِذا سَرَى ليلته جَمْعاء أَو أَحياها بصلاة أَو غيرها من العبادات: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً؛ كأَنه رَكِبه ولم ينم فيه.
وفي حديث عاصم: لقد أَدركت أَقواماً يتخذون هذا الليل جَمَلاً يشربون النَّبِيذَ ويلبسون المُعَصْفَر، منهم زِرُّ بن حُبَيْش وأَبو وائل. قال أَبو الهيثم: قال أَعرابي الجامِل الحَيّ العظيم، وأَنكر أَن يكون الجامل الجِمَال؛ وأَنشد: وجامل حَوْم يَرُوح عَكَرهُ، إِذا دنا من جُنْحِ ليل مَقْصِرهُ، يُقَرْقِر الهَدْرَ ولا يُجَرْجِرُه قال: ولم يصنع الأَعرابي شيئاً في إِنكاره أَن الجامل الجِمَال؛ قال الأَزهري: وأَما قول طرفة: وجاملٍ خَوَّعَ مِن نِيبِه زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيح فإِنه دل على أَن الجامل يجمع الجِمَال والنُّوق لأَن النِّيب إِناث، واحدتها ناب.
ومن أَمثال العرب: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً إِذا سَرَى الليل كله.
واتخذ الليل جَمَلاً إِذا ركبه في حاجته، وهو على المثل؛ وقوله: إِني لِمَنْ أَنْكَرَني ابنْ اليَثْرِبي، قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي إِنما أَراد رجلاً كان من أَصحاب عائشة، واَّصل ذلك أَن عائشة غَزَت عَلِيّاً على جَمَل، فلما هزم أَصحابها ثبت منهم قوم يَحْمُون الجَمَل الذي كانت عليه.
وجَمَل: أَبو حَيٍّ من مَذْحِجٍ، وهو جَمَل بن، سعد العشيرة منهم هند بن عمرو الجَمَليُّ، وكان مع علي، عليه السلام، فَقُتِل؛ وقال قاتله: قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي قال ابن بري: هو لعمرو بن يثربي الضَّبِّي، وكان فارس بني ضَبَّة يوم الجَمَل، قتله عمار بن ياسر في ذلك اليوم؛ وتمام رجزه: قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي، وابْناً لصُوحانَ على دين علي وحكى ابن بري: والجُمَالة الخيل؛ وأَنشد: والأُدْم فيه يَعْتَرِكْـ نَ، بجَوِّه، عَرْكَ الجُمَاله ابن سيده: وقد أَوقعوا الجَمَل على الناقة فقالوا شربت لبن جَمَلي، وهذا نادر، قال: ولا أُحِقُّه، والجَمْع أَجْمال وجِمَال وجُمْل وجِمَالات وجِمالة وجَمَائل؛ قال ذو الرمة: وقَرَّبْنَ بالزُّرْق الجَمَائل، بعدما تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْراكها، الخَطْرُ وفي الحديث: هَمَّ الناس بنَحْر بعض جَمَائلهم؛ هي جمع جَمَل، وقيل: جمع جِمَالة، وجِمَالة جمع جَمَل كرِسالة ورَسائل. ابن سيده: وقيل الجَمَالة الطائفة من الجِمَال، وقيل: هي القطعة من النوق لا جَمَل فيها، وكذلك الجَمَالة والجُمَالة؛ عن ابن الأَعرابي. قال ابن السكيت: يقال للإِبل إِذا كانت ذُكورة ولم يكن فيها أُنثى هذه جِمالة بني فلان، وقرئ: كأَنه جِمَالة صُفْر.
والجامِلُ: اسم للجمع كالباقر والكالِب، وقالوا الجَمّال والجَمّالة كما قالوا الحَمّار والحَمّارة والخَيَّالة.
ورَجُل جامِل: ذو جَمَل.
وأَجْمَل القومُ إِذا كثُرت جِمالهم.
والجَمَّالة: أَصحاب الجِمال مثل الخَيّالة والحَمّارة؛ قال عبد مناف بن رِبْع الهذلي: حتى إِذا أَسْلكوهم في قُتَائدة شَلاًّ، كما تَطْرُد الجَمّالةُ الشُّرُدا واسْتَجْمَل البَعِيرُ أَي صار جَمَلاً.
واسْتَقْرَم بَكْر فلان أَي صار قَرْماً.
وفي الحديث: لكل أُناس في جَمَلهم خُبْر، ويروى جُمَيْلهم، على التصغير، يريد صاحبهم؛ قال ابن الأَثير: هو مثل يُضْرب في معرفة كل قوم بصاحبهم يعني أَن المُسَوَّد يُسَوَّد لمعنى، وأَن قومه لم يُسَوِّدوه إِلا لمعرفتهم بشأْنه؛ ويروى: لكل أُناس في بَعِيرهم خُبْر، فاستعار البعير والجَمَل للصاحب.
وفي حديث عائشة: وسأَلتها امرأَة أَأُوَخِّذ جَمَلي؟ تريد زوجها أَي أَحبسه عن إِتيان النساء غيري، فكَنَتْ بالجَمَل عن الزَّوج لأَنه زوج الناقة.
وجَمَّلَ الجَمَلَ: عَزَله عن الطَّرُوقة.
وناقة جُمَالية: وَثيقة تشبه الجَمَل في خِلْقتها وشدَّتها وعِظَمها؛ قال الأَعشى:جُمَالِيَّة تَغْتَلي بالرِّدَاف، إِذا كَذَّبَ الآثِماتُ الهَجِيرا وقول هميان: وقَرَّبُوا كلَّ جُمَالِيٍّ عَضِه، قَرِيبَة نُدْوَتُه من مَحْمَضِه، كأَنما يُزْهَم عِرْقا أَبْيَضِه (* قوله «كأنما يزهم» تقدم في ترجمة بيض: ييجع بدل يزهم). يُزْهَم: يُجْعل فيهما الزَّهَم، أَراد كل جُمَاليَّة فحَمَل على لفظ كُلّ وذكَّر، وقيل: الأَصل في هذا تشبيه الناقة بالجمل، فلما شاع ذلك واطَّرد صار كأَنه أَصل في بابه حتى عادوا فشَبَّهوا الجَمَل بالناقة في ذلك؛ وهذا كقول ذي الرمة: ورَمْلٍ، كأَوْراك النِّساءِ، قَطَعْتُه، إِذا أَظلمته المُظْلِمات الحَنادِسُ وهذا من حملهم الأَصل على الفرع فيما كان الفرع أَفاده من الأَصل، ونظائره كثيرة، والعرب تفعل هذا كثيراً، أَعني أَنها إِذا شبهت شيئاً بشيء مكَّنَتْ ذلك الشبه لهما وعَمَّت به وجه الحال بينهما، أَلا تراهم لما شبهوا الفعل المضارع بالاسم فأَعربوه تمموا ذلك المعنى بينهما بأَن شبهوا اسم الفاعل بالفعل فأَعملوه؟ ورجل جُمَاليٌّ، بالضم والياء مشددة: ضَخْم الأَعضاء تامُّ الخَلْق على التشبيه بالجَمَل لعظمه.
وفي حديث فضالة: كيف أَنتم إِذا قَعَد الجُمَلاءُ على المَنابر يَقْضون بالهَوَى ويَقْتلون بالغَضَب؛ الجُمَلاءُ: الضِّخَام الخَلْق كأَنه جمع جَمِيل.
وفي حديث الملاعنة: فإِن جاءَت به أَوْرَق جَعْداً جُمَالِيّاً فهو لفلان؛ الجُمَاليّ، بالتشديد: الضَّخم الأَعضاء التامُّ الأَوصال؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة عن ابن الأَعرابي: إِنَّ لنا من مالنا جِمَالا، من خير ما تَحْوِي الرجالُ مالا، يُنْتَجْن كل شَتْوَة أَجْمالا إِنما عَنى بالجَمَل هنا النَّخل، شبهها بالجَمَل في طولِها وضِخَمها وإِتَائها. ابن الأَعرابي: الجَمَل الكُبَع؛ قال الأَزهري: أَراد بالجَمَل والكُبَع سمكة بَحريَّة تدعى الجَمَل؛ قال رؤْبة: واعْتَلَجتْ جِماله ولُخْمُه قال أَبو عمرو: الجَمَل سمكة تكون في البحر ولا تكون في العَذْب، قال: واللُّخْمُ الكَوْسَجُ، يقال إِنه يأْكل الناس. ابن سيده: وجَمَل البحر سمكة من سمكه قيل طوله ثلاثون ذراعاً؛ قال العجاج: كجَمَل البحر إِذا خاض حَسَر وفي حديث أَبي عبيدة: أَنه أَذن في جَمَل البحر؛ قيل: هو سمكة ضخمة شبيهة بالجَمَل يقال لها جَمَل البحر.
والجُمَيل والجُمْلانة والجُمَيلانة: طائر من الدخاخيل؛ قال سيبويه: الجُمَيل البُلْبل لا يتكلم به إِلاَّ مصغَّراً فإِذا جمعوا قالوا جِمْلان. الجوهري: جُمَيل طائر جاءَ مصغراً، والجمع جِمْلان مثل كُعَيْت وكِعْتان.والجَمَال: مصدر الجَمِيل، والفعل جَمُل.
وقوله عز وجل: ولكم فيها جَمَال حين تُريحون وحين تسرحون؛ أَي بهاء وحسن. ابن سيده: الجَمَال الحسن يكون في الفعل والخَلْق.
وقد جَمُل الرجُل، بالضم، جَمَالاً، فهو جَمِيل وجُمَال، بالتخفيف؛ هذه عن اللحياني، وجُمَّال، الأَخيرة لا تُكَسَّر.
والجُمَّال، بالضم والتشديد: أَجمل من الجَمِيل.
وجَمَّله أَي زَيَّنه.
والتَّجَمُّل: تَكَلُّف الجَمِيل. أَبو زيد: جَمَّل الله ُ عليك تَجْميلاً إِذا دعوت له أَن يجعله الله جَمِيلاً حَسَناً.
وامرأَة جَمْلاء وجَميلة: وهو أَحد ما جاءَ من فَعْلاء لا أَفْعَل لها؛ قال: وَهَبْتُه من أَمَةٍ سوداء، ليست بِحَسْناء ولا جَمْلاء وقال الشاعر: فهي جَمْلاء كَبدْرٍ طالع، بَذَّتِ الخَلْق جميعاً بالجَمَال وفي حديث الإِسراءِ: ثم عَرَضَتْ له امرأَة حَسْناء جَمْلاء أَي جَمِيلة مليحة، ولا أَفعل لها من لفظها كدِيمة هَطْلاء.
وفي الحديث: جاءَ بناقة حَسْناء جَمْلاء. قال ابن الأَثير: والجَمَال يقع على الصُّوَر والمعاني؛ ومنه الحديث: إِن الله جَمِيل يحب الجَمَال أَي حَسَن الأَفعال كامل الأَوصاف؛ وقوله أَنشده ثعلب لعبيد الله بن عتبة: وما الحَقُّ أَن تَهْوَى فتُشْعَفَ بالذي هَوِيتَ، إِذا ما كان ليس بأَجْمَل قال ابن سيده: يجوز أَن يكون أَجمل فيه بمعنى جَمِيل، وقد يجوز أَن يكون أَراد ليس بأَجمل من غيره، كما قالوا الله أَكبر، يريدون من كل شيء.
والمُجاملة: المُعاملة بالجَمِيل، الفراء: المُجَامِل الذي يقدر على جوابك فيتركه إِبقاءً على مَوَدَّتك.
والمُجَامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقد عليك إِلى وقت مّا؛ وقول أَبي ذؤَيب: جَمَالَك أَيُّها القلبُ القَرِيحُ، سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ يريد: الزم تَجَمُّلَك وحياءَك ولا تَجْزَع جَزَعاً قبيحاً.
وجامَل الرجلَ مُجامَلة: لم يُصْفِه الإِخاءَ وماسَحَه بالجَمِيل.
وقال اللحياني: اجْمُل إِن كنت جامِلاً، فإِذا ذهبوا إِلى الحال قالوا: إِنه لجَمِيل: وجَمَالَك أَن لا تفعل كذا وكذا أَي لا تفعله، والزم الأَمر الأَجْمَل؛ وقول الهذلي أَنشده ابن الأَعرابي: أَخُو الحَرْب أَمّا صادِراً فَوَسِيقُه جَمِيل، وأَمَّا واراداً فمُغَامِس قال ابن سيده: معنى قول جَمِيل هنا أَنه إِذا اطَّرد وسيقة لم يُسْرع بها ولكن يَتَّئد ثِقَةً منه ببأْسه، وقيل أَيضاً: وَسِيقُه جَمِيل أَي أَنه لا يطلب الإِبل فتكون له وَسِيقة إِنما وسيقته الرجال يطلبهم ليَسْبِيَهم فيجلُبهم وَسَائق.
وأَجْمَلْت الصَّنِيعة عند فلان وأَجْمَل في صنيعه وأَجْمَل في طلب الشيء: اتَّأَد واعتدل فلم يُفْرِط؛ قال: الرِّزق مقسوم فأَجْمِلْ في الطَّلَب وقد أَجْمَلْت في الطلب.
وجَمَّلْت الشيءَ تجميلاً وجَمَّرْته تجميراً إِذا أَطلت حبسه.
ويقال للشحم المُذَاب جَمِيل؛ قال أَبو خراش: نُقابِلُ جُوعَهم بمُكَلَّلاتٍ، من الفُرْنيِّ، يَرْعَبُها الجَمِيل وجَمَل الشيءَ: جَمَعَه.
والجَمِيل: الشَّحم يُذَاب ثم يُجْمَل أَي يُجْمَّع، وقيل: الجَمِيل الشحم يذاب فكُلما قَطَر وُكِّفَ على الخُبْزِ ثم أُعِيد؛ وقد جَمَله يَجْمُله جَمْلاً وأَجمله. أَذابه واستخرج دُهْنه؛ وجَمَل أَفصح من أَجْمَلَ.
وفي الحديث: لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشحوم فَجَملوها وباعوها وأَكلوا أَثمانها.
وفي الحديث: يأْتوننا بالسِّقَاء يَجْمُلون فيه الوَدَك. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، ويروى بالحاء المهملة، وعند الأَكثر يجعلون فيه الودك.
واجْتَمَل: كاشْتَوَى.
وتَجَمَّل: أَكل الجَمِيل، وهو الشحم المُذاب.
وقالت امرأَة من العرب لابنتها: تَجَمَّلي وتَعَفَّفِي أَي كُلي الجَمِيل واشربي العُفَافَةَ، وهو باقي اللبن في الضَّرْع، على تحويل التضعيف.
والجَمُول: المرأَة التي تُذيب الشحم، وقالت امرأَة لرجل تدعو عليه: جَمَلك الله أَي أَذابك كما يُذاب الشحم؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر: إِذ قالت النَثُّول للجَمُولِ: يا ابْنة شَحْمٍ؛ في المَرِيءِ بُولي فإِنه فسر الجَمُول بأَنه الشحمة المُذابة، أَي قالت هذه المرأَة لأُختها: أَبشري بهذه الشَّحمة المَجْمولة التي تذوب في حَلْقك؛ قال ابن سيده: وهذا التفسير ليس بقويّ وإِذا تُؤُمِّل كان مستحيلاً.
وقال مرَّة: الجَمُول المرأَة السمينة، والنَّثُول المرأَة المهزولة.
والجَمِيل: الإِهالة المُذابة، واسم ذلك الذائب الجُمَالة، والاجْتِمال: الادِّهَان به.
والاجْتِمال أَيضاً: أَن تشوي لحماً فكلما وَكَفَتْ إِهَالته اسْتَوْدَقْتَه على خُبْز ثم أَعدته. الفراء: جَمَلْت الشحم أَجْمُله جَمْلاً واجْتَملته إِذا أَذَبْته، ويقال: أَجْمَلته وجَمَلْت أَجود، واجْتمل الرجُل؛ قال لبيد: فاشْتَوَى لَيْلة رِيحٍ واجْتَمَل والجُمْلة: واحدة الجُمَل.
والجُمْلة: جماعي الشيء.
وأَجْمَل الشيءَ: جَمَعه عن تفرقة؛ وأَجْمَل له الحساب كذلك.
والجُمْلة: جماعة كل شيء بكماله من الحساب وغيره. يقال: أَجْمَلت له الحساب والكلام؛ قال الله تعالى: لولا أُنزل عليه القرآن جُمْلة واحدة؛ وقد أَجْمَلت الحساب إِذا رددته إِلى الجُمْلة.
وفي حديث القَدَر: كتاب فيه أَسماء أَهل الجنة والنار أُجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص؛ وأَجْمَلت الحساب إِذا جمعت آحاده وكملت أَفراده، أَي أُحْصوا وجُمِعوا فلا يزاد فيهم ولا ينقص.
وحساب الجُمَّل، بتشديد الميم: الحروفُ المقطعة على أَبجد، قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً، وقال بعضهم: هو حساب الجُمَل، بالتخفيف؛ قال ابن سيده: ولست منه على ثِقَة.
وجُمْل وجَوْمَل: اسم امرأَة.
وجَمَال: اسم بنت أَبي مُسافر.
وجَمِيل وجُمَيْل: اسمان.
والجَمَّالان: من شعراء العرب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وقال: أَحدهما إِسْلامي وهو الجَمَّال بن سَلَمة العبدي، والآخر جاهلي لم ينسبه إِلى أَب.
وجَمَّال: اسم موضع؛ قال النابغة الجعدي: حَتَّى عَلِمْنا، ولولا نحن قد عَلِمُوا، حَلَّت شَلِيلاً عَذَاراهم وجَمَّالا

طرف (لسان العرب) [0]


الطَّرْفُ: طرْفُ العين.
والطرْفُ: إطْباقُ الجَفْنِ على الجفْن. ابن سيده: طَرَفَ يَطْرِفُ طَرْفاً: لَحَظَ، وقيل: حَرَّكَ شُفْره ونَظَرَ.
والطرْفُ: تحريك الجُفُون في النظر. يقال: شَخَصَ بصرُه فما يَطْرِفُ.
وطرفَ البصرُ نفسُه يَطْرِفُ وطَرَفَه يَطرِفُه وطَرَّفه كلاهما إذا أَصاب طرْفَه، والاسم الطُّرْفةُ.
وعين طَريفٌ: مَطْروفة. التهذيب وغيره: الطَّرْفُ اسم جامع للبصر، لا يثنى ولا يُجمع لأَنه في الأَصل مصدر فيكون واحداً ويكون جماعة.
وقال تعالى: لا يَرْتدّ إليهم طَرْفُهُم.
والطرْفُ: إصابَتُك عَيناً بثوب أَو غيره. يقال: طُرِفَتْ عينُه وأَصابَتْها طُرْفةٌ وطَرَفَها الحزنُ بالبكاء.
وقال الأَصمعي: طُرِفَتْ عينُه فهي تُطْرَفُ طَرْفاً إذا حُرِّكَتْ جُفونُها بالنظر.
ويقال: هو بمكان لا تراه الطَّوارِفُ، يعني العيون.
وطَرَف بصَره يَطْرِفُ طرْفاً إذا أطْبَقَ . . . أكمل المادة أَحدَ جَفْنيهِ على الآخر، الواحدة من ذلك طَرْفَةٌ. يقال: أَسْرَعُ من طرْفةِ عين.
وفي حديث أُم سَلَمة: قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: حُمادَياتُ النساء غَضُّ الأَطْرافِ؛ أَرادتْ بغَضِّ الأَطْرافِ قَبْضَ اليدِ والرِّجْلِ عن الحَركةِ والسيْر، تعني تسكين الأَطْرافِ وهي الأَعْضاء؛ وقال القُتيبي: هي جمع طرْف العين، أَرادت غضّ البصر.
وقال الزمخشري: الطرف لا يثنى ولا يجمع لأَنه مصدر، ولو جمع لم يسمع في جمعه أَطْرافٌ، قال: ولا أَكاد أَشُكُّ في أَنه تصحيف، والصواب غَضُّ الإطْراق أَي يَغْضُضْن من أَبْصارِهن مُطْرِقاتٍ رامِياتٍ بأَبصارهن إلى الأَرض.
وجاء من المال بطارِفةِ عين كما يقال بعائرةِ عين. الجوهري: وقولهم جاء فلان بطارفة عين أَي جاء بمال كثير.
والطِّرْف، بالكسر، من الخيل: الكريمُ العَتِيقُ، وقيل: هو الطويل القوائم والعُنُق المُطَرَّفُ الأُذنينِ، وقيل: هو الذي ليس من نِتاجكو والجمع أَطرافٌ وطُرُوفٌ، والأَُنثى بالهاء. يقال: فرس طِرْفٌ من خيل طُرُوفٍ، قال أَبو زيد: وهو نعت للذكور خاصّة.
وقال الكسائي: فرس طِرْفةٌ، بالهاء للأُنثى، وصارمةٌ وهي الشديدة.
وقال الليث: الطِّرْفُ الفَرَسُ الكريمُ الأَطرافِ يعني الآباء والأُمّهات.
ويقال: هو المُسْتَطْرِفُ ليس من نتاج صاحِبه، والأَنثى طِرْفةٌ؛ وأَنشد: وطِرفة شَدَّتْ دِخالاً مُدْمَجا والطِّرْفُ والطَّرْفُ: الخِرْقُ الكريم من الفِتْيان والرّجال، وجمعهما أَطْراف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لابن أَحمر: عليهنَّ أَطرافٌ من القوْمِ لم يكن طَعامُهُمُ حَبّاً، بِزُغْمَةَ، أَسْمَرا يعني العَدَس لأَن لونه السُّمْرَةُ.
وزُغْمَةُ: موضع وهو مذكور في موضعه؛ وقال الشاعر: أَبْيَض من غَسّانَ في الأَطْرافِ الأَزهري: جعل أَبو ذؤيب الطِّرْفَ الكريم من الناس فقال: وإنَّ غلاماً نِيلَ في عَهْدِ كاهلٍ لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمهَرِيِّ صريحُ (* قوله «صريح» هو بالصاد المهملة هنا، وأَنشده في مادة قرح بالقاف، وفسره هناك، والقريح والصريح واحد.) وأَطْرَفَ الرجلَ: أَعْطاه ما لم يُعْطِه أَحداً قبله.
وأَطْرفت فلاناً شيئاً أَي أَعطيته شيئاً لم يَمْلِك مثله فأَعجبه، والاسم الطُّرفةُ؛ قال بعض اللُّصوص بعد أَن تابَ: قُلْ للُّصُوص بَني اللَّخْناء يَحْتَسِبُوا بُرَّ العِراق، ويَنْسَوْا طُرْفةَ اليَمنِ وشيء طَريفٌ: طَيِّب غريب يكون؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقال خالد بن صفوان خيرُ الكلامِ ما طَرُفَتْ معانيه، وشَرُفَت مَبانِيه، والتَذّه آذانُ سامعِيه.
وأَطْرَفَ فلان إذا جاء بطُرْفةٍ.
واسْتَطرَف الشيءَ أَي عَدَّه طَريفاً.
واسْتَطْرَفْت الشيءَ: استحدثته.
وقولهم: فعلت ذلك في مُسْتطرَفِ الأَيام أَي في مُسْتَأْنَف الأَيام.
واسْتَطْرَفَ الشيءَ وتَطَرَّفه واطَّرَفَه: اسْتفادَه.
والطَّرِيفُ والطارِفُ من المال: المُسْتَحْدثُ، وهو خِلافُ التَّالِد والتَّلِيدِ، والاسم الطُّرْفةُ، وقد طَرُفَ، بالضم، وفي المحكم: والطِّرْفُ والطَّرِيفُ والطارفُ المال المُسْتَفاد؛ وقول الطرماح: فِدًى لِفَوارِسِ الحَيَّيْنِ غَوْثٍ وزِمَّانَ التِّلادُ مع الطِّرافِ يجوز أَن يكون جمع طَريف كظَريفٍ وظِرافٍ، أَو جمع طارِفٍ كصاحِبٍ وصِحابٍ، ويجوز أَن يكون لغة في الطَّريف، وهو أَقيس لاقترانه بالتلاد، والعرب تقول: ما له طارِفٌ ولا تالدٌ ولا طرِيفٌ ولا تليدٌ؛ فالطارفُ والطريفُ: ما اسْتَحْدَثْت من المالِ واسْتَطْرفته، والتِّلادُ والتلِيدُ ما ورِئْتَه عن الآباء قديماً.
وقد طَرُفَ طَرافةً وأَطْرَفَه: أَفاده ذلك؛ أَنشد ابن الأعرابي: تَئِطُّ وتَأْدُوها الإفال مُرِبَّةً بأَوْطانِها من مُطرَفاتِ الحَمائِل (* قوله «تئط» هو في الأصل هنا بهمز ثانيه مضارع أط، وسيأتي تفسيره في أدي.) مُطْرَفاتٌ: أَطْرِفُوها غنيمةً من غيرهم.
ورجل طِرْفٌ ومُتَطَرِّفٌ ومُسْتَطْرِفٌ: لا يثبت على أَمْرٍ.
وامرأَة مَطْرُوفةٌ بالرجال إذا كانت لا خير فيها، تَطْمَحُ عَيْنُها إلى الرجال وتَصْرف بَصَرَها عن بعلها إلى سواه.
وفي حديث زياد في خُطبته: إنَّ الدنيا قد طَرَفَتْ أَعْيُنكم أَي طَمَحتْ بأَبصاركم إليها وإلى زُخْرُفِها وزينتها.
وامرأَة مَطْروفَةٌ: تَطْرِفُ الرجالَ أَي لا تَثْبُت على واحد، وُضِع المفعول فيه موضع الفاعل؛ قال الحُطيئة: وما كنتُ مِثْلَ الهالِكِيِّ وعِرْسِه، بَغَى الودَّ من مَطْرُوفةِ العينِ طامِح وفي الصحاح: من مطروفة الودّ طامح؛ قال أَبو منصور: وهذا التفسير مخالف لأَصل الكلمة.
والمطروفة من النساء: التي قد طَرفها حبُّ الرِّجال أَي أَصاب طَرْفَها، فهي تَطْمَحُ وتُشْرِفُ لكل من أَشْرَفَ لها ولا تَغُضُّ طَرْفَها، كأَنما أَصابَ طرْفَها طُرفةٌ أَو عُود، ولذلك سميت مطروفة؛ الجوهري: ورجل طَرْفٌ (* قوله «ورجل طرف» أورده في القاموس فيما هو بالكسر، وفي الأصل ونسخ الصحاح ككتف، قال في شرح القاموس: وهو القياس.) لا يَثبتُ على امرأَة ولا صاحب؛ وأَنشد الأَصمعي: ومَطْروفةِ العَيْنَينِ خَفَّاقةِ الحَشَى، مُنَعَّمةٍ كالرِّيمِ طابتْ فَطُلَّتِ وقال طَرَفة يذكر جارية مُغَنِّية: إذا نحنُ قلنا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لنا على رِسْلِها مَطْروفةً لم تَشَدَّدِ (* قوله «مطروفة» تقدم انشاده في مادة شدد: مطروقة بالقاف تبعاً للاصل.) قال ابن الأَعرابي: المَطروفةُ التي أَصابتها طُرفة، فهي مطروفة، فأَراد كأَنَّ في عينيها قَذًى من اسْتِرْخائها.
وقال ابن الأعرابي: مَطْروفة منكسرة العين كأَنها طُرِفَتْ عن كل شيء تنظر إليه.
وطَرَفْتُ عينه إذا أَصَبْتها بشيء فَدَمِعَتْ، وقد طُرِفَتْ عينه، فهي مطروفة.
والطَّرْفةُ أَيضاً: نقطة حمراء من الدم تحدُث في العين من ضربة وغيرها.
وفي حديث فُضَيْلٍ: كان محمد بن عبد الرحمن أَصْلع فَطُرِفَ له طرْفة؛ أَصل الطَّرْفِ: الضرب على طرَف العين ثم نقل إلى الضرب على الرأْس. ابن السكيت: يقال طَرَفْتُ فلاناً أَطرِفه إذا صَرَفْتَه عن شيء، وطَرفه عنه أَي صَرفه وردّه؛ وأَنشد لعمر ابن أَبي ربيعة: إنك، واللّهِ، لَذُو مَلَّةٍ، يَطْرِفُك الأَدنى عن الأَبْعَدِ أَي يَصْرِفك؛ الجوهري: يقول يَصْرِفُ بصرَك عنه أَي تَسْتَطرِفُ الجَديد وتَنْسى القديم؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده: يَطْرِفك الأَدنى عن الأَقْدَمِ قال: وبعده: قلتُ لها: بل أَنت مُعْتَلّةٌ في الوَصْلِ، يا هِند، لكي تَصْرِمي وفي حديث نظر الفجأَة: وقال اطْرِفْ بصرك أَي اصْرِفْه عما وقع عليه وامْتَدَّ إليه، ويروى بالقاف، وسيأْتي ذكره.
ورجل طَرِفٌ وامرأَة طَرِفةٌ إذا كانا لا يثبتان على عهد، وكلُّ واحد منهما يُحِبُّ أَن يَسْتَطْرِفَ آخر غير صاحبه ويَطَّرِفَ غير ما في يده أَي يَسْتَحْدِثَ.
واطَّرَفْت الشيء أَي اشتريته حديثاً، وهو افْتَعَلْت.
وبعير مُطَّرَفٌ: قد اشترى حديثاً؛ قال ذو الرّمّة: كأَنَّني من هَوى خَرْقاء مُطَّرَفٌ، دامي الأَظلِّ بعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ أَراد أَنه من هَواها كالبعير الذي اشتُري حديثاً فلا يزال يَحِنُّ إلى أُلاَّفِه. قال ابن بري: المُطَّرف الذي اشتري من بلد آخر فهو يَنْزِعُ إلى وطنه، والسَّأْوُ: الهِمّة، ومَهْيُومٌ: به هُيامٌ.
ويقال: هائم القلب.
وطَرَفه عنا شُغل: حبسه وصَرَفه.
ورجل مَطْروف: لا يثبت على واحدة كالمَطْروفةِ من النساء؛ حكاه ابن الأعرابي: وفي الحَيِّ مَطْروفٌ يُلاحظُ ظِلّه، خَبُوطٌ لأَيْدي اللاَّمِساتِ، رَكُوضُ والطِّرْفُ من الرجال: الرَّغِيبُ العين الذي لا يرى شيئاً إلا أَحَبَّ أَن يكون له. أَبو عمرو: فلان مَطْروف العين بفلان إذا كان لا ينظر إلا إليه.
واسْتَطْرَفَتِ الإبلُ المَرْتَع: اختارتْه، وقيل: اسْتأْنَفَتْه.
وناقة طَرِفةٌ ومِطْرافٌ: لا تَكاد تَرْعى حتى تَسْتَطْرِفَ. الأَصمعي: المِطْرافُ التي لا تَرْعى مَرْعًى حتى تَسْتَطْرِفَ غيرَه. الأَصمعي: ناقة طَرِفةٌ إذا كانت تُطْرِفُ الرِّياضَ رَوْضةً بعد رَوْضةٍ؛ وأَنشد: إذا طَرِفَتْ في مَرْتَعٍ بَكَراتُها، أَو اسْتَأْخَرَتْ عنها الثِّقالُ القَناعِسُ ويروى: إذا أَطْرَفَتْ.
والطرَفُ: مصدر قولك طَرِفَتِ الناقة، بالكسر، إذا تَطَرَّفت أَي رَعَتْ أَطرافَ المرعى ولم تَخْتَلِطْ بالنوق.
وناقة طَرِفة: لا تثبت على مرعى واحد.
وسِباعٌ طوارِفُ: سوالِبُ.
والطريفُ في النسب: الكثير الآباء إلى الجدّ الأَكبر. ابن سيده: رجل طَرِفٌ وطَريف كثير الآباء إلى الجدّ الأَكبر ليس بذي قُعْدُدٍ، وفي الصحاح: نَقِيضُ القُعدد، وقيل: هو الكثير الآباء في الشرف، والجمع طُرُفٌ وطُرَفٌ وطُرّافٌ؛ الأَخيران شاذان؛ وأَنشد ابن الأعرابي في الكثير الآباء في الشرَف للأَعشى:أَمِرُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ، طَرِفُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ وقد طَرُفَ، بالضم، طَرافةً. قال الجوهري: وقد يُمْدَحُ به.
والإطْرافُ: كثرة الآباء.
وقال اللحياني: هو أَطْرَفُهم أَي أَبْعَدُهم من الجد الأَكبر. قال ابن بري: والطُّرْفى في النسب مأْخوذ من الطرف، وهو البُعْدُ، والقُعْدى أَقرب نسباً إلى الجد من الطُّرفى، قال: وصحَّفه ابن ولاَّد فقال: الطُّرْقى، بالقاف.
والطرَفُ، بالتحريك: الناحية من النواحي والطائفة من الشي، والجمع أَطراف.
وفي حديث عذاب القبر: كان لا يَتَطَرَّفُ من البَوْلِ أَي لا يَتباعَدُ؛ من الطرَف: الناحية.
وقوله عز وجل: أَقِمِ الصلاةَ طَرَفي النهارِ وزُلَفاً من الليل؛ يعني الصلوات الخمس فأَحدُ طَرَفي النهار صلاة الصبح والطرَفُ الآخر فيه صلاتا العَشِيِّ، وهما الظهر والعصر، وقوله وزُلَفاً من الليل يعني صلاة المغرب والعشاء.
وقوله عز وجل: ومن الليل فسَبِّحْ وأَطْراف النهارِ؛ أَراد وسبح أَطراف النهار؛ قال الزجاج: أَطْرافُ النهار الظهر والعصر، وقال ابن الكلبي: أَطراف النهار ساعاته.
وقال أَبو العباس: أَراد طرفيه فجمع.
ويقال: طَرَّفَ الرجل حول العسكر وحول القوم، يقال: طرَّف فلان إذا قاتل حول العسكر لأنه يحمل على طَرَف منهم فيردُّهم إلى الجُمْهور. ابن سيده: وطرَّف حول القوم قاتَل على أَقصاهم وناحيتهم، وبه سمي الرجل مُطَرِّفاً.
وتطرَّفَ عليهم: أَغار، وقيل: المُطَرِّف الذي يأْتي أَوائل الخيل فيردُّها على آخرها، ويقال: هو الذي يُقاتِل أَطراف الناس؛ وقال ساعِدةُ الهذلي: مُطَرِّف وَسْطَ أُولى الخَيْلِ مُعْتَكِر، كالفَحْلِ قَرْقَرَ وَسْطَ الهَجْمةِ القَطِم وقال المفضَّل: التطريفُ أَن يردّ الرجل عن أُخْريات أَصحابه.
ويقال: طرَّفَ عنا هذا الفارسُ؛ وقال متمم: وقد عَلِمَتْ أُولى المغِيرة أَنَّنا نُطَرِّفُ خَلْفَ المُوقصاتِ السَّوابقا وقال شمر: أَعْرِفُ طَرَفَه إذا طَرَدَه. ابن سيده: وطَرَفُ كل شي مُنتهاه، والجمع كالجمع، والطائفة منه طَرَفٌ أَيضاً.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: عليكم بالتَّلْبِينةِ، وكان إذا اشْتكى أَحدُهم لم تُنْزَلِ البُرمة حتى يأْتي على أَحد طَرَفَيْه أَي حتى يُفِيق من عِلَّتِه أَو يموت، وإنما جَعَل هذين طرفيه لأَنهما منتهى أَمر العليل في علته فهما طرَفاه أَي جانباه.
وفي حديث أَسماء بنت أَبي بكر: قالت لابنها عبداللّه: ما بي عَجَلة إلى الموت حتى آخُذَ على أحد طَرَفَيْكَ: إما أَن تُسْتَخْلَفَ فتَقَرَّ عيني، وإمَّا أَن تُقْتَل فأَحْتَسِبَك.
وتَطَرَّف الشيءُ: صار طرَفاً.
وشاةٌ مُطرَّفةٌ: بيضاء أَطرافِ الأُذنين وسائرها أَسود، أَو سَوْداؤها وسائرها أَبيض.
وفرس مُطرَّف: خالَفَ لونُ رأْسِه وذنبه سائر لَونه.
وقال أَبو عبيدة: من الخيل أَبْلَقُ مُطرَّف، وهو الذي رأْسه أَبيض، وكذلك إن كان ذنبه ورأْسه أَبيضين، فهو أَبلق مطرَّف، وقيل: تَطْريفُ الأُذنين تأْلِيلُهما، وهي دِقّة أَطْرافهما. الجوهري: المُطَرَّف من الخيل، بفتح الراء، هو الأَبيض الرأْس والذنب وسائره يخالف ذلك، قال: وكذلك إذا كان أَسود الرأْس والذنب، قال ويقال للشاة إذا اسْوَدَّ طرفُ ذَنبها وسائرها أَبيض مُطرَّفة.
والطَّرَفُ: الشَّواةُ، والجمع أَطْراف.
والأَطْرافُ: الأَصابع، وفي التهذيب: اسم الأَصابع، وكلاهما من ذلك، قال: ولا تفرد الأَطْرافُ إلا بالإضافة كقولك أَشارت بَطرَفِ إصبَعِها ؛ وأَنشد الفراء:يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمَهْ قال الأزهري: جعل الأَطراف بمعنى الطرَف الواحد ولذلك قال عَنَمَه.
ويقال: طَرَّفَت الجارية بَنانَها إذا خضَبت أَطْراف أَصابعها بالحِنَّاء، وهي مُطَرَّفة، وفي الحديث: أَنَّ إبراهيم الخليل، عليه السلام، جُعل في سَرَبٍ وهو طِفْل وجُعِل رِزْقه في أَطْرافه أَي كان يَمَصُّ أَصابعه فيجد فيها ما يُغَذِّيه.
وأَطرافُ العَذارَى: عِنب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط يشبَّه بأَصابع العذارى المُخَضَّبة لطوله، وعُنقودُه نحو الذراع، وقيل: هو ضرب من عنب الطائف أَبيض طوال دقاق.
وطَرَّفَ الشيءَ وتَطَرَّفه: اخْتاره؛ قال سويد بن كراع العُكلِيُّ: أُطَرِّفُ أَبكاراً كأَنَّ وُجوهَها وجُوهُ عَذارى، حُسِّرَتْ أَن تُقَنَّعا وطرَفُ القومِ: رئيسهم، والجمعُ كالجمع.
وقوله عز وجل: أَوَلم يَرَوْا أَنَّا نأْتي الأَرضَ نَنْقُصها من أَطرافها؛ قال: معناه موتُ علمائها، وقيل: موت أَهلها ونقصُ ثمارها، وقيل: معناه أَوَلم يروا أَنَّا فتحنا على المسلمين من الأَرض ما قد تبيَّن لهم، كما قال: أَوَلم يروا أَنَّا نأْتي الأَرض ننقصها من أَطرافها أَفَهُم الغالبون؛ الأَزهري: أَطرافُ الأَرض نواحِيها، الواحد طَرَف وننقصها من أَطرافها أَي من نواحِيها ناحيةً ناحيةً، وعلى هذا من فسّر نقْصَها من أَطرافها فُتوح الأَرضين، وأَما من جعل نقصها من أَطرافها موت علمائها، فهو من غير هذا، قال: والتفسير على القول الأَوَّل.
وأَطراف الرجال: أَشرافُهم، وإلى هذا ذهب بالتفسير الآخر؛ قال ابن أَحمر: عليهنَّ أَطرافٌ من القومِ لم يكنْ طَعامهُمُ حَبّاً، بِزغْبةَ أَغْبَرَا وقال الفرزدق: واسْأَلْ بنا وبكم، إذا ورَدَتْ مِنًى، أَطرافَ كلِّ قَبِيلةٍ مَنْ يُمْنَعُ يريد أَشْراف كل قبيلة. قال الأَزهري: الأَطراف بمعنى الأَشراف جمع الطرَفِ أَيضاً؛ ومنه قول الأَعشى: هم الطُّرُفُ البادُو العدوِّ، وأَنتُمُ بقُصْوَى ثلاثٍ تأْكلون الرَّقائِصا قال ابن الأَعرابي: الطُّرُفُ في هذا البيت بيت الأَعشى جمع طَرِيفٍ، وهو المُنْحَدِر في النسب، قال: وهو عندهم أَشرف من القُعْدُد.
وقال الأَصمعي: يقال فلان طَريفُ النسب والطَّرافة فيه بَيِّنة وذلك إذا كان كثير الآباء إلى الجدّ الأَكبر، وفي الحديث: فمال طَرَفٌ من المشركين على رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي قِطعة منهم وجانب؛ ومنه قوله تعالى: ليقطع طَرَفاً من الذين كفروا.
وكلُّ مختار طَرَف، والجمع أَطراف؛ قال: ولمَّا قَضَيْنا مِنْ مِنًى كلَّ حاجةٍ، ومَسَّحَ بالأَرْكانِ منْ هو ماسِحُ أَخَذْنا بأَطْرافِ الأَحاديثِ بَينَنا، وسالتْ بأَعْناقِ المَطِيِّ الأباطِحُ قال ابن سيده: عنَى بأَطراف الأَحاديث مُختارها، وهو ما يتعاطاه المحبون ويتَفاوَضُه ذوو الصبابة المُتَيَّمون من التعريض والتَّلْوِيحِ والإيماء دون التصريح، وذلك أَحْلى وأَخفُّ وأَغْزَل وأَنسبُ من أَن يكونَ مشافَهة وكشْفاً ومُصارَحة وجهراً.
وطَرائفُ الحديث: مُختاره أَيضاً كأَطرافه؛ قال: أَذْكُرُ مِن جارَتي ومَجْلِسِها طَرائفاً من حديثها الحَسَنِ ومن حديثٍ يَزِيدُني مِقَةً، ما لِحَدِيثِ المَوْموقِ من ثَمَنِ أَراد يَزِيدُني مِقة لها.
والطَّرَفُ: اللحمُ.
والطرَفُ: الطائفةُ من الناس. تقول: أَصَبْتُ طَرَفاً من الشيء؛ ومنه قوله تعالى: ليَقْطَعَ طرَفاً من الذين كفروا؛ أي طائفة.
وأَطرافُ الرجلِ: أَخوالُه وأَعمامه وكلُّ قَرِيبٍ له مَحْرَمٍ.
والعرب تقول: لا يُدْرَى أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ، ومعناه لا يُدْرى أَيُّ والدَيْه أَشرف؛ قال: هكذا قاله الفراء.
ويقال: لا يُدرى أَنَسَبُ أَبيه أَفضل أَم نسَبُ أُمّه.
وقال أَبو الهيثم: يقال للرجل ما يَدرِي فلان أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ أَي أَيُّ نصفَيه أَطول، أَلطَّرَفُ الأَسفل من الطَّرَف الأَعلى، فالنصف الأَسفلُ طَرَف، والأَعْلى طرَف، والخَصْرُ ما بين مُنْقَطع الضُّلُوع إلى أَطراف الوَرِكَيْنِ وذلك نصف البدن، والسّوْءةُ بينهما، كأَنه جاهل لا يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْ نفسِه أَطولُ. ابن سيده: ما يَدْرِي أَي طرفيه أَطول يعني بذلك نسَبه من قِبَل أَبيه وأُمه، وقيل: طرَفاه لِسانُه وفَرجُه، وقيل: اسْتُه وفمُه لا يَدرِي أَيُّهما أَعفُّ؛ ويُقَوِّيه قول الراجز: لو لم يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ، في صَدْرِه، مَثْلُ قَفا الكَبْشُ الأَجَمّ يقول: لولا أَنه سَلَحَ وقاء لقامَ في صَدْرِه من الطعام الذي أَكل ما هو أَغْلظُ وأَضْخَمُ من قَفا الكَبْشِ الأَجَمِّ .
وفي حديث طاووسٍ: أَنَّ رجلاً واقَعَ الشرابَ الشدِيد فَسُقِي فَضَريَ فلقد رأْيتُه في النِّطَع وما أَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْه أَسْرَعُ؛ أَراد حَلْقَه ودُبرَه أَي أَصابه القَيْء والإسْهال فلم أَدرِ أَيهما أَسرع خروجاً من كثرته.
وفي حديث قَبِيصةَ ابن جابر: ما رأَيتُ أَقْطَعَ طرَفاً من عمرو بن العاص؛ يريد أَمْضَى لساناً منه.
وطرَفا الإنسان: لسانه وذَكرُه؛ ومنه قولهم: لا يُدرى أَيُّ طرفيه أَطول.
وفلان كريم الطرَفين إذا كان كريم الأَبوَيْن، يراد به نسَبُ أَبيه ونسب أُّمه؛ وأَنشد أَبو زيد لعَوْن ابن عبداللّه بن عُتْبة بن مسعود: فكيفَ بأَطرافي، إذا ما شَتَمْتَني، وما بعدَ شَتْمِ الوالِدِينَ صُلُوحُ (* قوله «فكيف بأطرافي إلخ» تقدم في صلح كتابته باطراقي بالقاف والصواب ما هنا.) جمعهما أَطرافاً لأَنه أَراد أَبويه ومن اتصل بهما من ذويهما، وقال أَبو زيد في قوله بأَطرافي قال: أَطْرافُه أَبواه وإخوته وأَعمامه وكل قريب له محرم؛ الأَزهري: ويقال في غير هذا فلان فاسد الطرَفين إذا كان خَبيثَ اللسان والفرج، وقد يكون طرَفا الدابة مُقدّمَها ومؤخّرها؛ قال حُمَيد بن ثور يصف ذئباً وسُرعته: تَرى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما، كما اهْتَزَّ عُودُ الساسَمِ المتتايِعُ أَبو عبيد: ويقال فلان لا يَملِك طرَفيه، يعنون اسْته وفمه، إذا شَرِب دواءً أَو خمراً فقاء وسَكِر وسَلَحَ.
والأَسودُ ذو الطَّرَفين: حَيّة له إبرتان إحداهما في أَنفه والأُخرى في ذنبه، يقال إنه يضرب بهما فلا يُطْني الأَرض. ابن سيده: والطرَفانِ في المَديد حذف أَلف فاعلاتن ونونِها؛ هذا قول الخليل وإنما حكمه أَن يقول: التَّطْريفُ حذف أَلف فاعلاتن ونونها، أَو يقول الطرَفانِ الأَلف والنون المحذوفتان من فاعلاتن.
وتَطَرَّفَتِ الشمسُ: دَنَت للغروب؛ قال: دَنا وقَرْنُ الشمس قد تَطَرَّفا والطِّرافُ: بَيْت من أَدَم ليس له كِفاء وهو من بيوت الأَعراب؛ ومنه الحديث: كان عَمرو لمعاوية كالطِّراف المَمدود.
والطوارفُ من الخِباء: ما رَفَعْت من نواحيه لتنظر إلى خارج، وقيل: هي حِلَقٌ مركبة في الرُّفوف وفيها حِبال تُشدُّ بها إلى الأَوتاد.
والمِطْرَفُ والمُطْرَفُ: واحد المَطارِفِ وهي أَرْدِية من خز مُرَبَّعة لها أَعْلام، وقيل: ثوب مربع من خزّ له أَعلام. الفراء: المِطْرَفُ من الثياب ما جعل في طَرَفَيْه عَلمانِ، والأَصل مُطرَف، بالضم، فكسروا الميم ليكون أَخف كما قالوا مِغْزَل وأَصله مُغْزَل من أُغْزِلَ أَي أُدير، وكذلك المِصْحَفُ والمِجْسَد؛ وقال الفراء: أَصله الضم لأَنه في المعنى مأْخوذ من أُطرِفَ أَي جُعل في طرَفه العَلَمان، ولكنهم اسْتَثْقَلوا الضمة فكسروه.
وفي الحديث: رأَيت على أبي هريرة، رضي اللّه عنه، مِطْرَفَ خزٍّ؛ هو بكسر الميم وفتحها وضمها، الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة. الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لآخر قَدِمَ من سفَر: هل وراءك طَريفةُ خَبَرٍ تُطْرِفُناه؟ يعني خبراً جديداً، ومُغَرِبَّةُ خبَرٍ مثله.
والطُّرْفةُ: كل شيء استحدَثْته فأَعجبك وهو الطريفُ وما كان طَريفاً، ولقد طَرُفَ يَطْرُفُ.
والطَّريفةُ: ضَرب من الكلإِ، وقيل: هو النَّصِيُّ إذا يَبِسَ وابْيَضَّ، وقيل: الطَّريفةُ الصِّلِّيانُ وجميع أَنواعهما إذا اعْتَمَّا وتَمَّا، وقيل: الطريفة من النبات أَوَّل شيء يَسْتَطرِفه المالُ فيرعاه، كائناً ما كان، وسميت طريفة لأَن المالَ يَطَّرِفُه إذا لم يجد بقلاً.
وقيل: سميت بذلك لكرمها وطَرافَتِها واسْتطراف المال إياها.
وأُطْرِفَتِ الأَرضُ: كثرت طريفتها.
وأَرض مطروفة: كثيرة الطريفة.
وإبل طَرِفَةٌ: تَحاتَّتْ مَقادِمُ أَفواهِها من الكِبَر، ورجل طريفٌ بَيِّنُ الطَّرافة: ماضٍ هَشٌّ.
والطَّرَفُ: اسم يُجْمع الطَّرْفاء وقلما يستعمل في الكلام إلا في الشعر، والواحدة طَرَفةٌ، وقياسه قَصَبة وقصَب وقَصْباء وشجرة وشجر وشَجْراء. ابن سيده: والطرَفةُ شجرة وهي الطَّرَفُ، والطرفاء جماعةُ الطرَفةِ شجرٌ، وبها سمي طَرَفَةُ بن العَبْد، وقال سيبويه: الطرْفاء واحد وجمع، والطرفاء اسم للجمع، وقيل: واحدتها طرفاءة.
وقال ابن جني: من قال طرفاء فالهمزة عنده للتأنيث، ومن قال طرفاءة فالتاء عنده للتأْنيث، وأَما الهمزة على قوله فزائدة لغير التأْنيث قال: وأَقوى القولين فيها أَن تكون همزة مُرْتَجَلَةً غير منقلبة، لأنها إذا كانت منقلبة في هذا المثال فإنها تنقلب عن أَلف التأْنيث لا غير نحو صَحْراء وصَلْفاء وخَبْراء والخِرْشاء، وقد يجوز أَن تكون عن حرف علة لغير الإلحاق فتكون في الألف لا في الإلحاق كأَلف عِلباء وحِرْباء، قال: وهذا مما يؤكِّد عندك حالَ الهاء، أَلا ترى أَنها إذا أَلحَقت اعتَقَدت فيما قبلها حُكماً ما فإذا لم تُلْحِقْ جاز الحكم إلى غيره؟ والطَّرْفاء أَيضاً: مَنْبِتُها، وقال أَبو حنيفة: الطرْفاء من العضاه وهُدْبُه مثل هدب الأَثْلِ، وليس له خشب وإنما يُخرج عِصِيّاً سَمْحة في السماء، وقد تتحمض بها الإبل إذا لم تجد حَمْضاً غيره؛ قال: وقال أَبو عمرو الطرفاء من الحَمْض، قال وبها سمي الرجل طَرَفة.
والطَّرْفُ من مَنازِل القمر: كوكبان يَقْدُمانِ الجَبهةَ وهما عَينا الأَسد ينزلهما القمر.
وبنو طَرَفٍ: قوم من اليمن.
وطارِفٌ وطَريفٌ وطُرَيْفٌ وطَرَفةُ ومُطَرِّفٌ: أَسماء.
وطُرَيْف: موضع، وكذلك الطُّرَيْفاتُ؛ قال: رَعَتْ سُميراء إلى إرْمامِها، إلى الطُّرَيْفات، إلى أَهْضامِها وكان يقال لبني عَدِيّ بن حاتم الطَّرَفاتُ قُتِلوا بِصِفِّينَ، أَسماؤهم: طَريفٌ وطَرَفةُ ومُطَرِّفٌ.

حمل (لسان العرب) [0]


حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل، واحْتَمَله؛ وقول النابغة: فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول أَبي ذؤيب: ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره، عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا تراه قال بعد هذا: بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، . . . أكمل المادة فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها إِنما تُصْبح فيرزقها الله.
والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله على الدابة يَحْمِله حَمْلاً.
والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل.
وحَمَلْت الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً.
وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل.
وفي حديث عبد الملك في هَدْم الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها.
وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها، والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى: ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر: إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة، وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا تُؤَدِّيها.
وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع.
وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها شيئاً.
وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه (* قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل.
وحَمَلَ فلاناً وتَحَمَّل به وعليه (* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ.
وتَحامل عليه: كَلَّفَه ما لا يُطِيق.
واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال زهير: ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه، ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به.
وتَحامَلْت الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة.
وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت الشيءَ على مشقة.
وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل.
وفي حديث الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور الشَّنِّي: مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً.
وشهر مُسْتَحْمِل: يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال: والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً (* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً.
وما عليه مَحْمِل أَي موضع لتحميل الحوائج.
وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. حَمُول: صاحِب حِلْم. بالفتح: ما يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال.
وفي التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن.
وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت.
وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي: حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل وحامِلة إِذا كانت حُبْلى.
وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو بن حسان ويروى لخالد بن حقّ: تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده.
والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس شجرة، وجمعه أَحمال.
والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال: وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال.
وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال، بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان.
وشجرة حامِلَة: ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله.
وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله، فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب.
والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته الحِمالة.
وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل، يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن.
وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من الغُثاء والطين.
وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار: فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد: مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة، كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل مَحْمول فهو حَمِيل.
والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح: الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده: والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة.
والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين بنسبهم: عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر، ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟ والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل المِرْجَل، قال: على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه (* قوله: سمَّاه؛ هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر فقال: تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل والجمع الحَمائِل.
وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل مَحامل؛ قال الشاعر: دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج (* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج» ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان مقود.
وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها، وتمام البيت: أخزاه ربي عاجلاً وآجلا). قال الراجز: أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ.
والمِحْمَل والحاملة: الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. بالفتح: الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به.
وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية، قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة.
وفي حديث قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة.
وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما فوقه.
والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال (* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح) بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال.
والحَمُولة: ما أَطاق العَمل والحَمْل.
والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء: الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة.
والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة والحُمُول واحد؛ وأَنشد: أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي تُحْمَل عليها الأَثقال.
والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة: أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ، حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ وقال أَيضاً: تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن: الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب: يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً، كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة في الأَحمال وجعلها كالحُمُول: ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال، مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال وقال المتنخل: ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ، جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً: وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم، كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر: أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ، مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟ وقال آخر: أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم، ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء وقول أَوس: وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك.
وأَحْمَله الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به.
ويجيء الرجلُ إِلى الرجل إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي على حَمْل ما أَحْمِله.
وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد تطرح منها الهاء.
وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي: الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛ قال الأَعشَى: فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس. الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل.
وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل أَي الكَفِيل ضامن.
وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛ هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها.
وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل.
وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر، ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره.
وحَمَل به حمالة: كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه واضْطَغَنَه.
ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل.
ويقال للذي يَحْلُم عمن يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي: كلبابى حس ما مسه، وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل (* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط). أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون بمعنى حَلُم. به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر: أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ، لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك، والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم.
والحَمَل: السحاب الكثير الماء.
والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه. المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً، تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه.
والحَمَل: النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي: كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء: السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه، واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر لأَن الحَشَف نوع منه.
وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ بينهم.
وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه.
وحَمَّلْته الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها.
واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني.
وفي حديث تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم: ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير: أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا، أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟ قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق (* قوله «وقفيرة جدّة الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن عِقَال.
وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول الراجز: أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال: كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان، ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان، صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهذلي: من الطَّاويات، خِلال الغَضَا، بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي وقول امريء القيس: بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ إِنما صَرَفه ضرورة.
وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل، يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة.
وقد سَمَّتْ حَمَلاً وحُمَيلاً.
وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم: ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر.
والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها: عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً، ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن مِرْدَاس: أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل

رأي (لسان العرب) [0]


الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى مفعول واحد، وبمعنى العِلْم تتعدَّى إلى مفعولين؛ يقال: رأَى زيداً عالماً ورَأَى رَأْياً ورُؤْيَةً ورَاءَةً مثل راعَة.
وقال ابن سيده: الرُّؤيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب.
وحكى ابن الأَعرابي: على رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ، وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ واواً إبدالاً صحيحاً فقال رُويَتِك، ثم أَدغَمَ لأَنَّ هذه الواوَ قد صارت حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عليها من البَدَل فقال رُيَّتِك، ثم كَسَرَ الراءَ لمجاورة الياء فقال رِيَّتِكَ.
وقد رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وليست الهاءُ في رَأْية هنا للمَرَّة الواحدة إنما هو مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلاَّ أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الواحدة فيكون رَأَيْته رَأْية كقولك ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذا لم تُردْ . . . أكمل المادة هذا فرأْية كرؤْية ليست الهاءُ فيها للوَحْدَة.
ورَأَيْته رِئْيَاناً: كرُؤْية؛ هذه عن اللحياني، وَرَيْته على الحَذْف؛ أَنشد ثعلب: وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رأْيَةً جَمَلا حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ، فانْشَمَلا خَلْقُ أَربعةٍ: يعني ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ كانْشمرَ، يقول: من لم يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلاً لِعظَمها حتي يَدلَّ ضُمورُ أَخْلافِها فيَعْلَم حينئذ أَنها ناقة لأَن الجمل ليس له خِلْفٌ؛ وأَنشد ابن جني: حتى يقول من رآهُ إذْ رَاهْ: يا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ ما أَشْقاهْ أَراد كلَّ من رآهُ إذْ رآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الهمزة؛ وقوله: مَنْ رَا مِثْلَ مَعْمدانَ بنِ يَحْيَى، إذا ما النِّسْعُ طال على المَطِيَّهْ؟ ومَنْ رَامثلَ مَعْدانَ بن يَحْيَى، إذا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ؟ أَصل هذا: من رأَى فخفَّف الهمزة على حدّ: لا هَناك المَرْتَعُ، فاجتمعت أَلفان فحذف إحداهما لالتقاء الساكنين؛ وقال ابن سيده: أَصله رأَى فأَبدل الهمزة ياء كما يقال في سأَلْت سَيَلْت، وفي قرأْت قَرَيْت، وفي أَخْطأْت أَخْطَيْت، فلما أُبْدِلت الهمزة التي هي عين ياء أَبدلوا الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل لسكونها وسكون الأَلف التي هي عين الفعل؛ قال: وسأَلت أَبا علي فقلت له من قال: مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى فكيف ينبغي أَن يقول فعلت منه فقال رَيَيْت ويجعله من باب حييت وعييت؟ قال: لأَن الهمزة في هذا الموضع إذا أُبدلت عن الياء تُقلب، وذهب أَبو علي في بعض مسائله أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كما حذفها من أَرَيْت ونحوه، وكيف كان الأَمر فقد حذفت الهمزة وقلبت الياء أَلفاً، وهذان إعلالان تواليا في العين واللام؛ ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: جَا يَجِي، فهذا إبدال العين التي هي ياء أَلفاً وحذف الهمزة تخفيفاً، فأَعلّ اللام والعين جميعاً.
وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ، حذَفوا الهمزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتها على ما قبلَها. قال سيبويه: كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائدةٌ سوى أَلف الوصل من رأَيْت فقد اجتمعت العرب على تخفيف همزه، وذلك لكثرة استعمالهم إياه، جعلوا الهمزةَ تُعاقِب، يعني أَن كل شيءٍ كان أَوّلُه زائدةً من الزوائد الأَربع نحو أَرَى ويَرَى ونرَى وتَرَى فإن العرب لا تقول ذلك بالهمز أَي أَنَّها لا تقول أَرْأَى ولا يَرْأَى ولا نَرْأَى ولا تَرْأَى، وذلك لأَنهم جعلوا همزة المتكلم في أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ التي هي عين الفعل، وهي همزةُ أَرْأَى حيث كانتا همزتين، وإن كانت الأُولى زائدةً والثانية أَصليةً، وكأَنهم إنما فرُّوا من التقاء همزتين، وإن كان بينهما حرف ساكن، وهي الراء، ثم أَتْبعوها سائرَ حروفِ المضارعة فقالوا يَرَى ونَرَى وتَرَى كما قالوا أَرَى؛ قال سيبويه: وحكى أَبو الخطاب قدْ أَرْآهم، يَجيءُ به على الأَصل وذلك قليل؛ قال: أَحِنُّ إذا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ، ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا وقال بعضهم: ولا أَرَى على احتمال الزَّحافِ؛ قال سُراقة البارقي: أُرِي عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ، كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ وقد رواه الأَخفش: ما لم تَرَياهُ، على التخفيف الشائع عن العرب في هذا الحرف. التهذيب: وتقول الرجلُ يَرَى ذاكَ، على التخفيف، قال: وعامة كلام العرب في يَرَى ونَرَى وأرَى على التخفيف، قال: ويعضهم يحقِّقُه فيقول، وهو قليل، زيدٌ يَرْأَى رَأْياً حَسَناً كقولك يرعى رَعْياً حَسَناً، وأَنشد بيت سراقة البارقي.
وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت: كرَأَيْت أَعني من رُؤية العَين. قال اللحياني: قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأََيْت في رُؤْية العين، وبعضهم يَترُك الهمز وهو قليل، قال: وكل ما جاء في كتاب الله مَهمُوزٌ؛ وأَنشد فيمن خفف: صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ بِراعٍ رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الحِلابِ؟ قال الجوهري: وربما جاء ماضيه بلا هَمزٍ، وأَنشد هذا البيت أَيضاً: صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ ويروى: في العلاب؛ ومثله للأَحوص: أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَكْرُمَةٍ مَضَى، ولم يَثْنِه ما رَا وما سَمِعا وكذلك قالوا في أَرَأَيْتَ وأَرَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَرَيْتَك، بلا همز؛ قال أَبو الأَسود: أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لم أَبْلُهُ أَتاني فقال: اتَّخِذْني خَلِيلا فترَك الهمزةَ، وقال رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري: فقُولا صادِقَيْنِ لزَوْجِ حُبَّى جُعلْتُ لها، وإنْ بَخِلَتْ، فِداءَ أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ حُبَّى، أَتَمْنَعُني على لَيْلى البُكاءَ؟ والذي في شعره كلام حبَّى، والذي رُوِيَ كلام لَيْلى؛ ومثله قول الآخر: أَرَيْتَ، إذا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً، وأَنتَ على بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طائِلِ قال: وأَنشد ابن جني لبعض الرجاز: أَرَيْتَ، إنْ جِئْتِ به أُمْلُودا مُرَجَّلا ويَلْبَسُ البُرُودا، أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا قال ابن بري: وفي هذا البيت الأَخير شذوذ، وهو لحاق نون التأكيد لاسم الفاعل. قال ابن سيده: والكلامُ العالي في ذلك الهمزُ، فإذا جئتَ إلى الأَفعال المستقبلة التي في أَوائلها الياء والتاء والنون والأَلف إجتمعت العرب، الذين يهمزون والذين لا يهمزون، على ترك الهمز كقولك يَرَى وتَرَى ونَرَى وأَرَى، قال: وبها نزل القرآن نحو قوله عز وجل: فتَرَى الذين في قُلُوبِهِم مَرَض، وقوله عز وجل: فتَرَى القَوْمَ فيها صَرْعَى، وإنِّي أَرَى في المَنامِ، ويَرَى الذين أُوتوا العلم؛ إلا تَيمَ الرِّباب فإنهم يهمزون مع حروف المضارعة فتقول هو يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى، وهو الأَصل، فإذا قالوا متى نَراك قالوا متى نَرْآكَ مثل نَرْعاك، وبعضٌ يقلب الهمزة فيقول متى نَراؤكَ مثل نَراعُك؛ وأَنشد: أَلا تلك جاراتُنا بالغَضى تقولُ: أَتَرْأَيْنَه لنْ يضِيقا وأَنشد فيمن قلب: ماذا نَراؤُكَ تُغْني في أَخي رَصَدٍ من أُسْدِ خَفَّانَ، جأْبِ الوَجْه ذي لِبَدِ ويقال: رأَى في الفقه رأْياً، وقد تركت العرب الهمز في مستقبله لكثرته في كلامهم، وربما احتاجت إليه فهَمَزَته؛ قال ابن سيده: وأَنشد شاعِرُ تَيْمِ الرِّباب؛ قال ابن بري: هو للأَعْلم بن جَرادَة السَّعْدي: أَلَمْ تَرْأَ ما لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ، ومن يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمََعِ قال ابن بري: ويروى ويَسْمَعُ، بالرفع على الاستئناف، لأَن القصيدة مرفوعة؛ وبعده: بأَنَّ عَزِيزاً ظَلَّ يَرْمي بحوزه إليَّ، وراءَ الحاجِزَينِ، ويُفْرِعُ يقال: أَفْرَعَ إذا أَخذَ في بطن الوادي؛ قال وشاهد ترك الهمزة ما أَنشده أَبو زيد: لمَّا اسْتَمَرَّ بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ بالبَيْنِ عَنْك بما يَرْآكَ شَنآنا قال: وهو كثير في القرآن والشعر، فإذا جِئتَ إلى الأَمر فإن أَهل الحجاز يَتْركون الهمز فيقولون: رَ ذلك، وللإثنين: رَيا ذلك، وللجماعة: رَوْا ذلك، وللمرأَة رَيْ ذلك، وللإثنين كالرجلين، وللجمع: رَيْنَ ذاكُنَّ، وبنو تميم يهمزون جميع ذلك فيقولون: ارْأَ ذلك وارْأَيا ولجماعة النساء ارْأَيْنَ، قال: فإذا قالوا أَرَيْتَ فلاناً ما كان من أَمْرِه أَرَيْتَكُم فلاناً أَفَرَيْتَكُم فلاناً فإنّ أَهل الحجاز بهمزونها، وإن لم يكن من كلامهم الهمز، فإذا عَدَوْت أَهلَ الحجاز فإن عامَّة العَرب على ترك الهمز، نحو أَرأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ، وبه قرأَ الكسائي تَرَك الهمز فيه في جميع القرآن، وقالوا: ولو تَرَ ما أَهلُ مكة، قال أَبو علي: أَرادوا ولو تَرى ما فَحَذَفُوا لكثرة الاسْتِعْمال. اللحياني: يقال إنه لخَبِيثٌ ولو تَر ما فلانٌ ولو تَرى ما فلان، رفعاً وجزماً، وكذلك ولا تَرَ ما فلانٌ ولا تَرى ما فُلانٌ فيهما جميعاً وجهان: الجزم والرفع، فإذا قالوا إنه لَخَبِيثٌ ولم تَرَ ما فُلانٌ قالوه بالجزم، وفلان في كله رفع وتأْويلُها ولا سيَّما فلانٌ؛ حكى ذلك عن الكسائي كله.
وإذا أَمَرْتَ منه على الأَصل قلت: ارْءَ، وعلى الحذف: را. قال ابن بري: وصوابه على الحذف رَهْ، لأَن الأَمر منه رَ زيداً، والهمزة ساقطة منه في الاستعمال. الفراء في قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُم، قال: العرب لها في أَرأَيْتَ لغتان ومعنيان: أَحدهما أَنْ يسأَلَ الرجلُ الرجلَ: أَرأَيتَ زيداً بعَيْنِك؟ فهذه مهموزة، فإذا أَوْقَعْتَها على الرجلِ منه قلت أَرَأَيْتَكَ على غيرِ هذه الحال، يريد هل رأَيتَ نَفْسَك على غير هذه الحالة، ثم تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ للرجلين أَرَأَيْتُماكُما، وللقوم أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وللنسوة أَرأَيْتُنَّ كُنَّ، وللمرأَة أَرأََيْتِكِ، بخفض التاءِ لا يجوز إلا ذلك، والمعنى الآخر أَنْ تقول أَرأَيْتَكَ وأَنت تقول أَخْبِرْني، فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ منها وتَتركُ الهمزَ إن شئت، وهو أَكثر كلام العرب، وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً مفتوحة للواحد والواحدة والجمع في مؤَنثه ومذكره، فنقول للمرأَة: أَرَأَيْتَكِ زيداً هل خَرج، وللنسوة: أَرَأَيْتَكُنَّ زيداً ما فَعَل، وإنما تركت العرب التاءَ واحدةً لأَنهم لم يريدوا أَن يكون الفعل منها واقعاً على نفسها فاكتفوا بذكرها في الكاف ووجهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفعل واقعاً، قال: ونحو ذلك قال الزجاج في جميع ما قال، ثم قال: واختلف النحويون في هذه الكاف التي في أَرأَيتَكُمْ فقال الفراء والكسائي: لفظها لفظُ نصبٍ وتأْويلُها تأْويلُ رَفْعٍ، قال: ومثلها الكاف التي في دونك زيداً لأَنَّ المعنى خُذْ زيداً قال أَبو إسحق: وهذا القول لم يَقُلْه النحويون القُدَماء، وهو خطَأٌ لأَن قولك أَرأَيْتَكَ زيداً ما شأْنُه يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قد تَعَدَّتْ إلى الكاف وإلى زيدٍ، فتصيرُ (* قوله «فتصير إلخ» هكذا بالأصل ولعلها فتنصب إلخ). أَرأَيْتَ اسْمَيْن فيصير المعنى أَرأَيْتَ نفْسَكَ زيداً ما حالُه، قال:وهذا محال والذي إليه النحويون الموثوق بعلمهم أَن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى أَرأَيْتَ زيداً ما حالُه، وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب، وهي المعتمد عليها في الخطاب فتقول للواحد المذكر: أَرَأَيْتَكَ زيداً ما حاله، بفتح التاء والكاف، وتقول في المؤنث: أَرَأَيْتَك زيداً ما حالُه يا مَرْأَةُ؛ فتفتح التاء على أَصل خطاب المذكر وتكسر الكاف لأَنها قد صارت آخرَ ما في الكلمة والمُنْبِئَةَ عن الخطاب، فإن عدَّيْتَ الفاعل إلى المفعول في هذا الباب صارت الكافُ مفعولةً، تقول: رأَيْتُني عالماً بفلان، فإذا سألت عن هذا الشرط قلتَ للرجل: أَرَأَيْتَكَ عالماً بفلان، وللإثنين أَرأَيتُماكما عالَمْنِ بفلان، وللجمع أَرَأَيْتُمُوكُمْ، لأَن هذا في تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم، وتقول للمرأَة: أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ، بكسر التاء، وعلى هذا قياس هذين البابين.
وروى المنذري عن أَبي العباس قال: أَرأَيْتَكَ زيداً قائماً، إذا اسْتَخْبَر عن زيد ترك الهمز ويجوز الهمز، وإذا استخبر عن حال المخاطب كان الهمز الاختيار وجاز تَرْكُه كقولك: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي ما حالُك ما أَمْرُك، ويجوز أَرَيْتَكَ نَفْسَك. قال ابن بري: وإذا جاءت أَرأَيْتَكُما وأَرأَيْتَكُمْ بمعنى أَخْبِرْني كانت التاء موَحَّدة، فإن كانت بمعنى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت، قُلْتَ: أَرأَيْتُماكُما خارِجَيْنِ وأَرأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ، وقد تكرر في الحديث أَرأَيْتَكَ وأَرأيْتَكُمْ وأَرأَيْتَكما، وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني، وتاؤُها مفتوحة أَبداً.
ورجل رَءَّاءٌ: كَثيِرُ الرُّؤيَةِ؛ قال غيلان الرَّبَعي: كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءٌ ويقال: رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حيث يقع البصر عليه.
ويقال: من رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ؛ وأَنشد: ألا أَيُّها المُرْتَئِي في الأُمُور، سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُها وقال أَبو زيد: إذا أَمرْتَ من رأَيْتَ قلت ارْأَ زيداً كأنَّكَ قلت ارْعَ زيداً، فإذا أَردت التخفيف قلت رَ زيداً، فتسقط أَلف الوصل لتحريك ما بعدها، قال: ومن تحقيق الهمز قولك رأَيْت الرجل، فإذا أَردت التخفيف قلت رأَيت الرجل، فحرَّكتَ الأَلف بغير إشباع الهمز ولم تسقط الهمزة لأَن ما قبلها متحرك.
وفي الحديث: أَن أَبا البَخْترِي قال ترَاءَيْنا الهِلالَ بذاتِ عِرْق، فسأَلنا ابنَ عباسٍ فقال: إنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَدَّهُ إلى رُؤْيَتِه فإنْ أُغْمِيَ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّة، قال شمر: قوله تَراءَيْنا الهلالَ أَي تَكَلَّفْنا النَّظَر إليه هل نَراهُ أَم لا، قال: وقال ابن شميل انْطَلِقْ بنا حتى نُِهِلَّ الهلالَ أَي نَنْظُر أَي نراهُ.
وقد تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه.
وقال الفراء: العرب تقول راءَيْتُ ورأَيْتُ، وقرأَ ابن عباس: يُرَاوُون الناس.
وقد رأَيْتُ تَرْئِيَةً: مثل رَعَّيْت تَرْعِيَةً.
وقال ابن الأَعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً وإرايَةً وإرءَاءَةً. الجوهري: أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله أَرْأَيْتُه.
والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ: المَنْظَر، وقيل: الرِّئْيُ والرُّواءُ، بالضم، حُسْنُ المَنْظر في البَهاء والجَمال.
وقوله في الحديث: حتى يتَبيَّنَ له رئيْهُما، وهو بكسر الراء وسكون الهمزة، أَي مَنْظَرُهُما وما يُرَى منهما.
وفلان مِنِّي بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بحيث أَراهُ وأَسْمَعُ قولَه.
والمَرْآةُ عامَّةً: المَنْظَرُ، حَسَناً كان أَو قَبِيحاً.
وما لهُ رُواءٌ ولا شاهِدٌ؛ عن اللحياني لم يَزِدْ على ذلك شيئاً.
ويقال: امرأَةٌ لها رُواءٌ إذا كانت حَسَنةَ المَرْآةِ والمَرْأَى كقولك المَنْظَرَة والمَنْظر. الجوهري: المَرْآةُ، بالفتح على مَفْعَلةٍ، المَنْظر الحَسن. يقال: امرأَةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى، وفلان حسنٌ في مَرْآةِ العَين أَي في النَّظَرِ.
وفي المَثل: تُخْبِرُ عن مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه يدلُّ على باطِنِه.
وفي حديث الرُّؤْيا: فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ أَي قَبِيحُ المَنْظرِ. يقال: رجل حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حسن في مَرْآةِ العين، وهي مَفْعَلة من الرؤية.
والتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ المنظرِ، اسم لا مصدر؛ قال ابن مقبل: أَمَّا الرُّواءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ، مِثل الجِبالِ التي بالجِزْعِ منْ إضَمِ وقوله عز وجل: هم أَحسن أَثاثاً ورِئْياً؛ قرئت رِئْياً؛ بوزن رِعْياً، وقرئت رِيّاً؛ قال الفراء: الرِّئْيُ المَنْظَر، وقال الأَخفش: الرِّيُّ ما ظَهَر عليه مما رأَيْت، وقال الفراء: أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه جيد من رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ مهموزاتِ الأَواخِر.
وذكر بعضهم: أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يهمز ونحو ذلك. قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً، بغير همز، فله تفسيران أَحدهما أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ من النِّعْمة كأَن النَّعِيم بِّيِّنٌ فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت، وقال الجوهري: من همزه جعله من المنظر من رأَيت، وهو ما رأَتْهُ العين من حالٍ حسَنة وكسوة ظاهرة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمحمد بن نُمَير الثقفي: أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا بذي الرِّئْيِ الجمِيلِ منَ الأَثاثِ؟ ومن لم يهمزه إما أَن يكون على تخفيف الهمز أَو يكون من رَوِيَتْ أَلْوانهم وجلودهم رِيّاً أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ.
وتقول للمرأَة: أَنتِ تَرَيْنَ، وللجماعة: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ، لأَن الفعل للواحدة والجماعة سواء في المواجهة في خَبَرِ المرأَةِ من بنَاتِ الياء، إلا أَن النون التي في الواحدة علامة الرفع والتي في الجمع إنما هي نون الجماعة، قال ابن بري: وفرق ثان أَن الياءَ في تَرَيْن للجماعة حرف، وهي لام الكلمة، والياء في فعل الواحدة اسم، وهي ضمير الفاعلة المؤنثة.
وتقول: أَنْتِ تَرَيْنَني، وإن شئت أَدغمت وقلت تَرَيِنِّي، بتشديد النون، كما تقول تَضْرِبِنِّي.
واسْتَرْأَى الشيءَ: اسْتَدْعَى رُؤيَتَه.
وأَرَيْتُه إياه إراءَةً وإراءً؛ المصدر عن سيبويه، قال: الهاء للتعويض، وتركها على أَن لا تعوَّض وَهْمٌ مما يُعَوِّضُونَ بعد الحذف ولا يُعَوِّضون.
وراءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً: أَرَيْته أَنِّي على خلاف ما أَنا عليه.
وفي التنزيل: بَطَراً ورِئاءَ الناسِ، وفيه: الذين هُمْ يُراؤونَ؛ يعني المنافقين أَي إذا صَلَّى المؤمنون صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم أَنَّهم على ما هم عليه.
وفلان مُراءٍ وقومٌ مُراؤُونَ، والإسم الرِّياءُ. يقال: فَعَلَ ذلك رِياءً وسُمْعَةً.
وتقول من الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ، كما تقول يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ؛ عن أَبي عمرو.
ويقال: راءَى فلان الناسَ يُرائِيهِمْ مُراآةً، وراياهم مُراياةً، على القَلْب، بمعنىً، وراءَيْته مُراآةً ورياءً قابَلْته فرَأَيْته، وكذلك تَرَاءَيْته؛ قال أَبو ذؤيب: أَبَى اللهُ إلا أَن يُقِيدَكَ، بَعْدَما تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ يقول: أَقاد الله منك عَلانيَةً ولم يُقِدْ غِيلَة.
وتقول: فلان يتَراءَى أَي ينظر إلى وجهه في المِرْآةِ أَو في السيف.
والمِرْآة: ما تَراءَيْتَ فيه، وقد أَرَيْته إياها.
ورأَيْتُه تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها عليه أَو حبستها له ينظر نفسَه وتَراءَيْت فيها وترَأَيْتُ.
وجاء في الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكم في الماء لا يَنْظُر وَجْهَه فيه، وَزْنُه يتَمَفْعَل من الرُّؤْية كما حكاه سيبويه من قول العرب: تَمَسْكَنَ من المَسْكَنة، وتَمدْرَع من المَدْرَعة، وكما حكاه أَبو عبيد من قولهم: تَمَنْدَلْت بالمِندِيل.
وفي الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكُم في الدنيا أَي لا يَنْظُر فيها، وقال: وفي رواية لا يتَمَرْأَى أَحدُكم بالدُّنيا من الشيء المَرْئِيِّ.
والمِرآةُ، بكسر الميم: التي ينظر فيها، وجمعها المَرائي والكثير المَرايا، وقيل: من حوَّل الهمزة قال المَرايا. قال أَبو زيد: تَراءَيْتُ في المِرآةِ تَرائِياً ورَأيْتُ الرجل تَرْئِيَةً إذا أَمْسَكْتَ له المِرآةَ لِيَنْظُر فيها.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تراءَى في المِرآة؛ وأَنشد ابن بري لشاعر: إِذا الفَتى لم يَرْكَبِ الأَهْوالا، فأَعْطِه المِرآة والمِكْحالا، واسْعَ له وعُدَّهُ عِيالا والرُّؤْيا: ما رأَيْته في منامِك، وحكى الفارسي عن أَبي الحسن رُيَّا، قال: وهذا على الإِدغام بعد التخفيف البدلي، شبهوا واو رُويا التي هي في الأَصل همزة مخففة بالواو الأَصلية غير المقدَّر فيها الهمز، نحو لوَيْتُ لَيّاً وشَوَيْتُ شَيّاً، وكذلك حكى أَيضاً رِيَّا، أَتبع الياء الكسرة كما يفعل ذلك في الياء الوضعية.
وقال ابن جني: قال بعضهم في تخفيف رُؤْيا رِيَّا، بكسر الراء، وذلك أَنه لما كان التخفيف يصيِّرها إِلى رُويَا ثم شبهت الهمزة المخففة بالواو المخلصة نحو قولهم قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ لُيٌّ وأَصلها لُويٌ، فقلبت الواو إِلى الياء بعدها ولم يكن أَقيسُ القولين قَلْبَها، كذلك أَيضاً كسرت الراء فقيل رِيَّا كما قيل قُرون لِيٌّ، فنظير قلب واو رؤيا إِلحاقُ التنوين ما فيه اللامُ، ونظير كسر الراءِ إِبدالُ الأَلف في الوقف على المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العِتابا، وهي الرُّؤَى.
ورأَيتُ عنك رُؤىً حَسَنَةً: حَلَمتها. الرجلُ إِذا كثرت رُؤَاهُ، بوزن رُعاهُ، وهي أَحْلامه، جمعُ الرُّؤْيا.
ورأَى في منامه رُؤْيا، على فُعْلى بلا تنوين، وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً، بالتنوين، مثل رُعىً؛ قال ابن بري: وقد جاء الرُّؤْيا في اليَقَظَة؛ قال الراعي: فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُؤادُه، وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها وعليه فسر قوله تعالى: وما جعلنا الرُّؤْيا التي أَرَيْناكَ إِلا فِتْنةً للناس؛ قال وعليه قول أَبي الطَّيِّبِ: ورُؤْياكَ أَحْلى، في العُيون، من الغَمْضِ التهذيب: الفراء في قوله، عز وجل: إِن كنتم للرُّؤْيا تَعْْبُرُونَ؛ إِذا تَرَكَتِ العربُ الهمز من الرؤيا قالوا الرُّويا طلباً للخفة، فإِذا كان من شأْنهم تحويلُ الواو إِلى الياء قالوا: لا تقصص رُيَّاك، في الكلام، وأَما في القرآن فلا يجوز؛ وأَنشد أَبو الجراح: لَعِرْضٌ من الأَعْراض يُمْسِي حَمامُه، ويُضْحي على أَفنانهِ الغِينِ يَهْتِفُ أَحَبُّ إِلى قَلْبي من الدِّيكِ رُيَّةً (* قوله «رية» تقدم في مادة عرض: رنة، بالراء المفتوحة والنون، ومثله في ياقوت).
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ أَراد رُؤْيةً، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة، كما يقال لَوَيْتُه لَيّاً وكَوَيْتُه كَيّاً، والأَصل لَوْياً وكَوْياً؛ قال: وإِن أَشرتَ فيها إِلى الضمة فقلت رُيَّا فرفعت الراء فجائز، وتكون هذه الضمة مثل قوله وحُيِلَ وسُيِق بالإِشارة.
وزعم الكسائي أَنه سمع أَعربيّاً يقرأ: إِن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون.
وقال الليث: رأَيتُ رُيَّا حَسَنة، قال: ولا تُجْمَعُ الرُّؤْيا، وقال غيره: تجمع الرُّؤْيا رُؤىً كما يقال عُلْياً وعُلىً.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الجِنِّيُّ يراه الإِنسانُ.
وقال اللحياني: له رَئيٌّ من الجن ورِئِيٌّ إِذا كان يُحِبه ويُؤَالِفُه، وتميم تقول رِئِيٌّ، بكسر الهمزة والراء، مثل سِعيد وبِعِير. الليث: الرَّئِيُّ جَنِّيّ يتعرض للرجل يُريه كهانة وطِبّاً، يقال: مع فلان رَئِيُّ. قال ابن الأَنباري: به رَئِيٌّ من الجن بوزن رَعِيّ، وهو الذي يعتاد الإِنسان من الجنّ. ابن الأَعرابي: أَرْأَى الرجلُ إِذا صار له رَئِيٌّ من الجنّ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قال لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي أَتاكَ رَئِيُّكَ بِظُهور رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ. يقال للتابع من الجن: رَئِيٌّ بوزن كَمِيٍّ، وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي به لأَنه يَتَراءى لمَتْبوعه أَو هو من الرَّأْيِ، من قولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ إِذا كان صاحب رأْيِهِم، قال: وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها؛ ومنه حديث الخُدْري: فإِذا رَئِيٌّ مثل نحْيٍ، يعني حية عظِيمَةً كالزِّقِّ، سمّاها بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يزعمون أَن الحيَّاتِ من مَسْخِ الجِنِّ، ولهذا سموه شيطاناً وحُباباً وجانّاً.
ويقال: به رَئِيٌّ من الجنّ أَي مَسٌّ.
وتَراءى له شيء من الجن، وللاثنين تراءيا، وللجمع تَراءَوْا.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة في وجْهِه، وهي الحَماقة. اللحياني: يقال على وجهه رَأْوَةُ الحُمْقِ إِذا عَرَفْت الحُمْق فيه قبل أَن تَخْبُرَهُ.
ويقال: إِن في وجهه لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً؛ قال ابن بري: صوابه رَأْوَةَ الحُمْقِ. قال أَبو علي: حكى يعقوب على وجهه رَأْوَةٌ، قال: ولا أَعرف مثلَ هذه الكلمة في تصريف رَأْى.
ورَأْوَةُ الشيء: دلالَتُه.
وعلى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ أَي دَلالَته.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الثوب يُنْشَر للبَيْع؛ عن أَبي عليّ. التهذيب: الرِّئْيُ بوزن الرِّعْيِ، بهمزة مسَكَّنَةٍ، الثوبُ الفاخر الذي يُنشَر ليُرى حُسْنُه؛ وأَنشد: بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ من الأَثاثِ وقالوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذلك، وهو من نادِرِ المصادِرِ عند سيبويه، ونظيره سَمْعَ أُذُنِي، ولا نظير لهما في المُتَعَدِّيات. الجوهري: قال أَبو زيد بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ.
وفي حديث حنَظلة: تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ. تقول: جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك وبمَرْأَىً مِنْكَ أَي حِذاءَكَ ومُقابِلَك بحيث تراه، وهو منصوب على المصدر أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ العَيْنِ.
والتَّرْئِيَةُ، بوزن التَّرْعِيةِ: الرجلُ المُخْتال، وكذلك التَّرائِيَة بوزْنِ التَّراعِيَة.
والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة، الأَخيرة نادرة: ما تراه المرأَة من صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عند الحيض، وقد رَأَتْ، وقيل: التَّرِيَّة الخِرْقَة التي تَعَْرِفُ بها المرأَةُ حَيْضَها من طهرها، وهو من الرُّؤْيَةِ.
ويقال للمَرْأَةِ: ذاتُ التَّرِيَّةِ، وهي الدم القليل، وقد رَأَتْ تَرِيَّةً أَي دَماً قليلاً. الليث: التَّرِّيَّة مشدَّدة الراء، والتَّرِيَّة خفيفة الراء، والتَّرْية بجَزْمِ الراء، كُلُّها لغات وهو ما تراه المرأَةُ من بَقِيَّة مَحِيضِها من صُفْرة أَو بياض؛ قال أَبو منصور: كأَنّ الأَصل فيه تَرْئِيَةٌ، وهي تَفْعِلَةٌ من رأَيت، ثم خُفِّفَت الهَمْزة فقيل تَرْيِيَةٌ، ثم أُدْغِمَت الياءُ في الياء فقيل تَرِيَّة. أَبو عبيد: التَّرِيَّةُ في بقية حيض المرأَة أَقَلُّ من الصفرة والكُدْرَة وأَخْفَى، تَراها المرأَةُ عند طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ طَهُرَت من حَيْضِها، قال شمر: ولا تكون التَّرِيّة إِلا بعد الاغتسال، فأَما ما كان في أَيام الحيض فليس بتَرِيَّة وهو حيض، وذكر الأَزهري هذا في ترجمة التاء والراء من المعتل. قال الجوهري: التَّرِيَّة الشيءُ الخَفِيُّ اليَسيِرُ من الصُّفْرة والكْدْرة تَراها المرأَةُ بعد الاغْتِسال من الحَيْضِ.
وقد رَأَتِ المرأَة تَرِيئَةً إِذا رَأَت الدم القليلَ عند الحيض، وقيل: التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر الذي يكون عند انقطاع الحيض. قال ابن بري: الأَصل في تَرِيَّة تَرْئِيَة، فنقلت حركة الهمزة على الراء فبقي تَرِئْيَة، ثم قلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها كما فعلوا مثل ذلك في المَراة والكَماة، والأَصل المَرْأَة، فنقلت حركة الهمزة إِلى الراء ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً لانفتاح ما قبلها.
وفي حديث أُمّ عطية: كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شيئاً، وقد جمع ابن الأَثير تفسيره فقال: التَّرِيَّة، بالتشديد، ما تراه المرأَة بعد الحيض والاغتسال منه من كُدْرة أَو صُفْرة، وقيل: هي البياض الذي تراه عند الطُّهْر، وقيل: هي الخِرْقة التي تَعْرِف بها المرأَة حيضَها من طُهْرِها، والتاءُ فيها زائدة لأَنه من الرُّؤْية، والأَصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه وشدَّدوا الياءَ فصارت اللفظة كأَنها فعيلة، قال: وبعضهم يشدّد الراءَ والياء، ومعنى الحديث أَن الحائض إِذا طَهُرت واغْتَسَلت ثم عادت رَأَتْ صُفْرة أَو كُدْرة لم يُعْتَدَّ بها ولم يُؤَثِّر في طُهْرها.
وتَراءَى القومُ: رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وتَراءَى لي وتَرَأَّى؛ عن ثعلب: تَصَدَّى لأَرَاهُ.
ورَأَى المكانُ المكانَ: قابَلَه حتى كَأَنَّه يَراهُ؛ قال ساعدة: لَمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِرْفِئٍ عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ وقرأَ أَبو عمرو: وأَرْنا مَنَاسِكَنا، وهو نادِرٌ لما يلحق الفعلَ من الإِجْحاف.
وأَرْأَتِ الناقَةُ والشاةُ من المَعَز والضَّأْنِ، بتَقْدِير أَرْعَتْ، وهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ: رؤِيَ في ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ وعَظُمَ ضَرْعُها، وكذلك المَرْأَة وجميعُ الحَوامِل إِلا في الحَافِر والسَّبُع.
وأَرْأَت العَنْزُ: وَرِمَ حَياؤُها؛ عن ابن الأَعرابي، وتَبَيَّنَ ذلك فيها. التهذيب: أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة، ولا يقال لِلنَّعْجة أَرْأَتْ، ولكن يقال أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لا يَظْهَر.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ.
وتَرَاءَى النَّحْلُ: ظَهَرَت أَلوانُ بُسْرِهِ؛ عن أَبي حنيفة، وكلُّه من رُؤْيَةِ العين.
ودُورُ القوم مِنَّا رِثَاءٌ أَي مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم.
وهُمْ مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ، وإِن شئتَ نَصَبْتَ، وهو من الظروف المخصوصة التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غير المخصوصة عند سيبويه، قال: وهو مثل مَناطَ الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول، ومعناه هو مِنِّي بحيثُ أَرَاهُ وأَسْمَعُه.
وهُمْ رِئَاءُ أَي أَلْفٍ زُهَاءُ أَلْفٍ فيما تَرَى العَيْنُ.
ورأَيت زيداً حَلِيماً: عَلِمْتُه، وهو على المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن.
وقوله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب؛ قيل: معناه أَلَمْ تَعْلَم أَي أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء، ومَعْناه اعْرِفْهُم يعني علماء أَهل الكتاب، أَعطاهم الله عِلْم نُبُوّةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، بأَنه مكتوب عندهم في التوراة والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عن المُنْكر، وقال بعضهم: أَلَمْ ترَ أَلَمْ تُخْبِرْ، وتأْويلُهُ سُؤالٌ فيه إِعْلامٌ، وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ قِصَّتَهُم، وقد تكرر في الحديث: أَلَمْ تَرَ إِلى فلان، وأَلَمْ تَرَ إِلى كذا، وهي كلمة تقولها العربُ عند التَّعَجُّب من الشيء وعند تَنْبِيهِ المخاطب كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى الذينَ خَرجُوا من دِيارِهْم، أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتوا نَصِيباً من الكتاب؛ أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم، وأَلَمْ يَنْتَه شأْنُهُم إِليك.
وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً ورَأْيٌ رَأْياً أَي حينَ اختَلَطَ الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا.
وارْتَأَيْنا في الأَمْرِ وتَراءَيْنا: نَظَرْناه.
وقوله في حديث عمر، رضي الله عنه، وذَكَر المُتْعَة: ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذلك ما شاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ أَي فكَّر وتَأَنَّى، قال: وهو افْتَعَل من رُؤْيَة القَلْب أَو من الرَّأْيِ.
ورُوِي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: أَنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لا تَراءَى نَارَاهُما؛ قال ابنُ الأَثِير: أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ ويجب عليه أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عن مَنْزِل المُشْرِك ولا يَنْزِل بالموضع الذي إِذا أُوقِدَتْ فيه نارُه تَلُوح وتَظْهَرُ لِنَارِ المُشْرِكِ إِذا أَوْقَدَها في مَنْزِله، ولكنه يَنْزِل معَ المُسْلِمِين في دَارِهِم، وإِنما كره مُجاوَرَة المشركين لأَنهم لا عَهْدَ لهم ولا أَمانَ، وحَثَّ المسلمين على الهِجْرة؛ وقال أَبو عبيد: معنى الحديث أَنَّ المسلم لا يَحِلُّ له أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم بقْدر ما يَرَى كلُّ واحدٍ منهم نارَ صاحِبه.
والتَّرَائِي: تفاعُلٌ من الرؤية. يقال: تَراءَى القومُ إِذا رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وتَراءى لي الشيءُ أَي ظَهَر حتى رَأَيْته، وإِسناد التَّرائِي إِلى النَّارَيْن مجازٌ من قولهم دَارِي تَنْظُر إِلى دارِ فلان أَي تُقابِلُها، يقول ناراهما مُخْتَلِفتانِ، هذه تَدْعو إِلى الله وهذه تدعو إِلى الشيطان، فكيف تَتَّفِقانِ؟ والأَصل في تَراءَى تَتَراءَى فحذف إِحدى التاءين تخفيفاً.
ويقال: تَراءَينا فلاناً أَي تَلاقَيْنا فَرَأَيْتُه ورَآني.
وقال أَبو الهيثم في قوله لا تَراءَى نارَاهُما: أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيِه وشَكْلِهِ ولا يَتَخَلّق بأَخْلاقِه، من قولك ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي ما سِمةُ بعِيرِكَ.
وقولهم: دَارِي تَرَى دارَ فلانٍ أَي تُقابِلُها؛ وقال ابن مقبل: سَلِ الدَّار مِنْ جَنْبَيْ حَبِيرٍ، فَواحِفِ، إِلى ما رأَى هَضْبَ القَلِيبِ المصَبَّحِ أَراد: إِلى ما قابَلَه.
ويقال: مَنازِلُهم رِئَاءٌ على تقدير رِعَاء إِذا كانت مُتَحاذِيةً؛ وأَنشد: لَيالِيَ يَلْقَى سرْبُ دَهْماء سِرْبَنَا، ولَسْنا بِجِيرانٍ ونَحْنُ رِئَاءُ ويقال: قَوْمِ رِئَاءٌ يقابلُ بعضُهُم بعضاً، وكذلك بُيوتُهُم رِئَاءٌ.
وتَرَاءَى الجَمْعانِ: رَأَى بعضُهُم بعضاً.
وفي حديث رَمَلِ الطَّوافِ: إِنما كُنَّا راءَيْنا به المشركين، هو فاعَلْنا من الرُّؤْية أَي أَرَيْناهم بذلك أَنَّا أَقْوِياء.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ ليَتَراءَوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكَوْكَب الدُّرِّيَّ في كَبِدِ السماء؛ قال شمر: يتَراءَوْنَ أَي يتَفاعَلون أَي يَرَوْنَ، يَدُلُّ على ذلك قولُه كما تَرَوْن.
والرَّأْيُ: معروفٌ، وجمعه أَرْآءٌ، وآراءٌ أَيضاً مقلوب، ورَئِيٌّ على فَعِيل مثل ضَأْنٍ وضَئِينٍ.
وفي حديث الأَزرق بن قيس: وفِينا رجُلٌ له رَأْيٌ. يقال: فلانٌ من أَهل الرَّأْي أَي أَنه يَرَى رَأْيَ الخوارج ويقول بمَذْهَبِهم، وهو المراد ههنا، والمُحَدِّثون يُسَمُّون أَصحابَ القياسِ أَصحابَ الرَّأْي يَعْنُون أَنهم يأْخذون بآرائِهِم فيما يُشْكِلُ من الحديث أَو ما لم يَأْتِ فيه حديث ولا أَثَرٌ.
والرَّأْيُ: الاعتِقادُ، اسمٌ لا مصدرٌ، والجمع آراءٌ؛ قال سيبويه: لم يكَسَّر على غير ذلك، وحكى اللحياني في جمعه أَرْءٍ مثل أَرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيُّ.
ويقال: فلان يتَراءَى بِرَأْيِ فلان إِذا كان يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إِليه ويَقْتَدي به؛ وأَما ما أَنشده خَلَفٌ الأَحمر من قول الشاعر: أَما تَراني رَجُلاً كما تَرَى أَحْمِلُ فَوْقي بِزَّنِي كما تَرَى على قَلُوص صعبة كما تَرَى أَخافُ أَن تَطْرَحَني كما تَرَى فما تَرى فيما تَرَى كما تَرَى قال ابن سيده: فالقول عندي في هذه الأَبيات أَنها لو كانت عدَّتُها ثلاثة لكان الخطب فيها أَيسر، وذلك لأَنك كنت تجعل واحداً منها من رُؤْية العَيْنِ كقولك كما تُبْصِر، والآخر من رُؤْية القَلْبِ في معنى العلم فيصير كقولك كما تَعْلم، والثالث من رأَيْت التي بمعنى الرَّأْي الاعتقاد كقولك فلان يرَى رَأْي الشُّراةِ أَي يعتَقِدُ اعْتِقادَهم؛ ومنه قوله عز وجل: لتَحْكُم بين الناسِ بما أَرَاكَ اللهُ؛ فحاسَّةُ البَصَر ههنا لا تتَوَجَّه ولا يجوز أَن يكون بمعنى أَعْلَمَك الله لأَنه لو كان كذلك لوَجَب تعدِّيه إِلى ثلاثة مَفْعولِين، وليس هناك إِلا مفعولان: أَحدهما الكاف في أَراك، والآخر الضمير المحذوف للغائب أَي أَراكَه، وإِذا تعدَّت أَرى هذه إلى مفعولين لم يكن من الثالث بُدُّ، أَوَلا تَراكَ تقول فلان يَرَى رأْيَ الخوارج ولا تَعْني أَنه يعلم ما يَدَّعون هُمْ عِلْمَه، وإِنما تقول إِنه يعتقد ما يعتقدون وإِن كان هو وهم عندك غير عالمين بأَنهم على الحق، فهذا قسم ثالث لرأَيت، قال ابن سيده: فلذلك قلنا لو كانت الأَبيات ثلاثة لجاز أَن لا يكون فيها إِيطاء لاختلاف المعاني وإِن اتفقت الأَلفاظ، وإِذْ هِي خمسة فظاهر أَمرها أَن تكون إِيطاء لاتفاق الأَلفاظ والمعاني جميعاً، وذلك أَن العرب قد أَجرت الموصول والصلة مُجْرى الشيء الواحد ونَزَّلَتْهما منزلة الخبر المنفرد، وذلك نحو قول الله عز وجل: الذي هو يُطْعِمُني ويَسْقِينِ وإِذا مَرِضْتُ فهُو يَشْفِينِ والذي يُميتُني ثم يُحْيِينِ والذي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خطيئَتي يومَ الدِّينِ؛ لأَنه سبحانه هو الفاعل لهذه الأَشياء كلها وحده، والشيء لا يُعْطَف على نفسِه، ولكن لما كانت الصلة والموصول كالخبر الواحد وأَراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأَنهما كأَنهما كلاهما شيء واحد مفرد؛ وعلى ذلك قول الشاعر: أَبا ابْنَةَ عبدِ الله وابْنَةَ مالِكٍ، ويا ابْنَةَ ذي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ إِذا ما صَنَعْتِ الزَّادَ، فالْتَمِسي لهُ أَكِيلاً، فإِني لسْتُ آكُلُه وَحْدي فإِنما أَراد: أَيا ابْنة عبدِ الله ومالِكٍ وذي الجَدّين لأَنها واحدةٌ، أَلا تَراهُ يقول صنعتِ ولم يَقُلْ صنعتُنَّ؟ فإِذا جازَ هذا في المضاف والمضاف إِليه كان في الصِّلَةِ والموصولِ أَسْوَغَ، لأَنَّ اتِّصالَ الصِّلَةِ بالموصول أَشدُّ من اتصال المضافِ إِليه بالمُضاف؛ وعلى هذا قول الأَعرابي وقد سأَله أَبو الحسن الأَخفشُ عن قول الشاعر: بَناتُ وَطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْل فقال له: أَين القافية؟ فقال: خدّ الليلْ؛ قال أَبو الحسن الأَخفش: كأَنه يريد الكلامَ الذي في آخر البيت قلَّ أَو كَثُر، فكذلك أَيضاً يجعل ما تَرَى وما تَرَى جميعاً القافية، ويجعل ما مَرَّةً مصدراً ومرة بمنزلة الذي فلا يكون في الأَبيات إِيطاء؛ قال ابن سيده: وتلخيص ذلك أَن يكون تقديرها أَما تراني رجلاً كُرؤْيَتِك أَحمل فوقي بزتي كمَرْئِيِّك على قلوص صعبة كعِلْمِكَ أَخاف أَن تطرحني كمَعْلُومك فما ترى فيما ترى كمُعْتَقَدِك، فتكون ما ترى مرة رؤية العين، ومرة مَرْئِيّاً، ومرة عِلْماً ومرة مَعلوماً، ومرة مُعْتَقَداً، فلما اختلفت المعاني التي وقعت عليها ما واتصلت بها فكانت جزءاً منها لاحقاً بها صارت القافية وما ترى جميعاً، كما صارت في قوله خدّ الليل هي خدّ الليل جميعاً لا الليل وحده؛ قال: فهذا قياس من القوّة بحيث تراه، فإِن قلت: فما رويّ هذه الأَبيات؟ قيل: يجوز أَن يكون رَوّيها الأَلفَ فتكون مقصورة يجوز معها سَعَى وأتى لأَن الأَلف لام الفعل كأَلف سَعَى وسَلا، قال: والوجه عندي أَن تكون رائِيَّة لأَمرين: أَحدهما أَنها قد التُزِمَت، ومن غالب عادة العرب أَن لا تلتزم أَمراً إِلا مع وجوبه، وإِن كانت في بعض المواضع قد تتَطوَّع بالتزام ما لا يجب عليها وذلك أَقل الأَمرين وأَدْوَنُهما، والآخر أَن الشعر المطلق أَضعاف الشعر المقيد، وإِذا جعلتها رائية فهي مُطْلقة، وإذا جعلتها أَلِفِيَّة فهي مقيدة، أَلا ترى أَن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا تجد العرب تلتزم فيه ما قبل الأَلف بل تخالف ليعلم بذلك أَنه ليس رَوِيّاً؟ وأَنها قد التزمت القصر كما تلتزم غيره من إِطلاق حرف الروي، ولو التزمت ما قبل الأَلف لكان ذلك داعياً إِلى إِلْباس الأَمر الذي قصدوا لإِيضاحِه، أَعني القصرَ الذي اعتمدوه، قال: وعلى هذا عندي قصيدة يزيدَ بنِ الحَكَم، التي فيها مُنْهَوي ومُدَّوي ومُرْعَوي ومُسْتَوي، هي واويَّة عندنا لالتزامه الواو في جميعها والياءاتُ بعدها وُصُول لما ذكرنا. التهذيب: اليث رَأْي ا لقَلْب والجمعُ الآراءُ.
ويقال: ما أَضلَّ آراءَهم وما أَضلَّ رأْيَهُمْ.
وارْتَآهُ هو: افْتَعَل من الرَّأْي والتَّدْبِير.
واسْتَرْأَيْتُ الرُّجلَ في الرَّأْيِ أَي اسْتَشَرْتُه وراءَيْته.
وهو يُرائِيهِ أَي يشاوِرُه؛ وقال عمران بن حطَّان: فإِن تَكُنْ حين شاوَرْناكَ قُلْتَ لَنا بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيما نُرائِيكا أَي نستشيرك. قال أَبو منصور: وأَما قول الله عزَّ وجل: يُراؤُونَ الناسَ، وقوله: يُراؤُونَ ويَمْنَعُون الماعونَ، فليس من المشاورة، ولكن معناه إِذا أَبْصَرَهُم الناس صَلَّوا وإِذا لم يَرَوْهم تركوا الصلاةَ؛ ومن هذا قول الله عزَّ وجل: بَطَراً ورِئَاءَ الناسِ؛ وهو المُرَائِي كأَنه يُرِي الناس أَنه يَفْعَل ولا يَفْعَل بالنية.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا أَظْهَر عملاً صالِحاً رِياءً وسُمْعَة؛ وأَما قول الفرزدق يهجو قوماً ويَرْمِي امرأَة منهم بغير الجَمِيلِ: وبات يُراآها حَصاناً، وقَدْ جَرَتْ لَنا بُرَتَاهَا بِالَّذِي أَنَا شَاكِرُه قوله: يُراآها يظن أَنها كذا، وقوله: لنا بُرَتاها معناه أَنها أَمكنته من رِجْلَيْها.
وقال شمر: العرب تقول أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى اللهُ الناسَ بفلان العَذَابَ والهلاكَ، ولا يقال ذلك إِلاَّ في الشَّرِّ؛ قال الأَعشى: وعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَمْـ ـداً خَسَّها، وأَرَى بِهَا يَعْنِي قبيلة ذكَرَها أَي أَرَى اللهُ بها عَدُوَّها ما شَمِتَ به.
وقال ابن الأَعرابي: أَي أَرَى الله بها أَعداءَها ما يَسُرُّهم؛ وأَنشد:أَرَانَا اللهُ بالنَّعَمِ المُنَدَّى وقال في موضع آخر: أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى به ما يَشْمَتُ به عَدُوُّه.
وأَرِنِي الشَّيءَ: عاطِنيهِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، وحكى اللحياني: هو مَرآةً أَنْ يَفْعَلَ كذا أَي مَخْلَقة، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، قال: هو أَرْآهُمْ لأَنْ يَفَعَلَ ذلك أَي أَخْلَقُهُم.
وحكى ابن الأَعرابي: لَوْ تَرَ ما وأَو تَرَ ما ولَمْ تَرَ ما، معناه كله عنده ولا سِيَّما.
والرِّئَة، تهمز ولا تهمز: مَوْضِع النَّفَس والرِّيحِ من الإِنْسانِ وغيره، والجمع رِئَاتٌ ورِئُون، على ما يَطّرِد في هذا النحو؛ قال: فَغِظْنَاهُمُ، حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُمُ قُلوباً، وأَكْباداً لهُم، ورِئِينَا قال ابن سيده: وإِنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأَنها أَسماء مَجْهودة مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرب في أَوَّلِيَّته ولا في حد التسمية، وتصغيرها رُؤيَّة، ويقال رُويَّة؛ قال الكميت: يُنازِعْنَ العَجاهِنَةَ الرِّئِينَا ورَأَيْته: أَصَبْت رِئَته.
ورُؤِيَ رَأْياً: اشْتكى رِئَته. غيره: وأَرْأَى الرجلُ إِذا اشْتَكى رِئَته. الجوهري: الرِّئَة السَّحْرُ، مهموزة، ويجمع على رِئِينَ، والهاءُ عوضٌ من الياء المَحْذوفة.
وفي حديث لُقْمانَ بنِ عادٍ: ولا تَمْلأُ رِئَتِي جَنْبِي؛ الرِّئَة التي في الجَوْف: مَعْروفة، يقول: لست بِجَنان تَنْتَفِخُ رِئَتي فَتَمْلأُ جَنْبي، قال: هكذا ذكرها الهَرَوي.
والتَّوْرُ يَرِي الكَلْبَ إِذا طَعَنَه في رِئَتِه. قال ابن بُزُرج: ورَيْته من الرِّئَةِ، فهو مَوْرِيّ، ووَتَنْته فهو مَوْتونٌ وشَويْته فهو مَشْوِيّ إِذا أَصَبْت رِئَتَه وشَوَاتَه ووَتِينِه.
وقال ابن السكيت: يقال من الرِّئة رَأَيْته فهو مَرْئيٌّ إِذا أَصَبْته في رِئَته. قال ابن بري: يقال للرجل الذي لا يَقْبَل الضَّيم حامِضُ الرِّئَتَين؛ قال دريد: إِذا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخاهُ، فَلَيْسَ بحامِضِ الرِّئَتَيْن مَحْضِ ابن شميل: وقد وَرَى البعيرَ الدَّاءُ أَي وقع في رِئَتِه وَرْياً.
ورَأَى الزندُ: وَقَدَ؛ عن كراع، ورَأَيْته أَنا؛ وقول ذي الرمة: وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ أَوَاخِيُّها بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ يعني أَواخِيَّ الأَمْراسِ، وهذا مثل، وقيل في تفسيره: رَأْسٌ مُرْأىً بوزن مُرْعًى طويلُ الخَطْمِ فيه شبِيةٌ بالتَّصْويب كهَيْئة الإِبْرِيقِ؛ وقال نصير: رُؤُوسٌ مُرْأَياتٌ كَأَنَّها قَراقِيرُ قال: وهذا لا أَعرف له فعلاً ولا مادَّة.
وقال النضر: الإِرْآءُ انْتِكابُ خَطْمِ البعيرِ على حَلْقِه، يقال: جَمَلٌ مُرأىً وجِمال مُرْآةٌ. الأَصمعي: يقال لكل ساكِنٍ لا يَتَحَرَّك ساجٍ ورَاهٍ ورَاءٍ؛ قال شمر: لا أَعرف راء بهذا المعنى إِلاَّ أَن يكون أَراد رَاه، فجعل بدل الهاء ياءً.
وأَرأَى الرجلُ إِذا حَرَّك بعَيْنَيْه عند النَّظَرِ تَحْرِيكاً كَثِيراً وهو يُرْئي بِعَيْنَيْه.
وسَامَرَّا: المدينة التي بناها المُعْتَصِم، وفيها لغات: سُرَّ مَنْ رَأَى، وسَرَّ مَنْ رَأَى، وسَاءَ مَنْ رأَى، وسَامَرَّا؛ عن أَحمد بن يحيى ثعلب وابن الأَنباري، وسُرَّ مَنْ رَاءَ، وسُرَّ سَرَّا، وحكي عن أَبي زكريا التبريزي أَنه قال: ثقل على الناس سُرَّ مَنْ رأَى فَغَيَّروه إِلى عكسه فقالوا سامَرَّى؛ قال ابن بري: يريد أَنَّهُمْ حذفوا الهمزة من سَاءَ ومن رَأَى فصار سَا مَنْ رَى، ثم أُدغمت النون في الراء فصار سَامَرَّى، ومن قال سَامَرَّاءُ فإِنه أَخَّر همزة رأَى فجعلها بعد الأَلف فصار سَا مَنْ رَاءَ، ثم أَدغم النون في الراء.
ورُؤَيَّة: اسم أَرْضٍ؛ ويروى بيت الفرزدق: هل تَعْلَمون غَدَاةً يُطْرَدُ سَبْيُكُم بالسَّفْحِ، بين رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ؟ وقال في المحكم هنا: رَاءَ لغة في رَأَى، والاسم الرِّيءُ.
ورَيَّأَهُ تَرْيِئَة: فَسَّحَ عنه من خِناقهِ.
وَرَايا فلاناً: اتَّقاه؛ عن أَبي زيد؛ ويقال رَاءَهُ في رَآه؛ قال كثير: وكلُّ خَلِيل رَاءَني، فهْوَ قَائِلٌ منَ اجْلِك: هذا هامَةُ اليَومِ أَو غَدِ وقال قيس بن الخطيم: فَلَيْت سُوَيْداً رَاءَ فَرَّ مَنْ مِنْهُمُ، ومَنْ جَرَّ، إِذْ يَحْدُونَهُم بالرَّكَائِبِ وقال آخر: وما ذاكِ من أَنْ لا تَكُوني حَبِيبَةً، وإِن رِيءَ بالإِخْلافِ مِنْكِ صُدُودُ وقال آخر: تَقَرَّبَ يَخْبُو ضُوْءُهُ وشُعاعُه، ومَصَّحَ حتى يُسْتَراءَ، فلا يُرى يُسْتَراءَ: يُسْتَفْعَل من رأَيت. التهذيب: قال الليث يقال من الظنِّ رِيْتُ فلاناً أَخاكَ، ومن همز قال رؤِِيتُ، فإِذا قلت أَرى وأَخَواتها لم تهمز، قال: ومن قلب الهمز من رأَى قال راءَ كقولك نأَى وناءَ.
وروي عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه بَدأَ بالصَّلاة قبل الخُطْبة يومَ العِيدِ ثم خَطَبَ فَرُؤِيَ أَنه لم يُسْمِعِ النساءَ فأَتاهُنَّ ووعَظَهُنَّ؛ قال ابن الأَثير: رُؤِيَ فِعْلٌ لم يسَمّ فاعله من رَأَيْت بمعنى ظَنَنْت، وهو يَتَعَدَّى إِلى مفعولين، تقول رأَيتُ زيداً عاقِلاً، فإِذا بَنَيْتَه لما لم يُسَمّ فاعلُه تعدَّى إِلى مفعول واحد فقلت رُؤِيَ زيدٌ عاقلاً، فقوله إِنه لم يُسَمِع جملة في موضع المفعول الثاني والمفعول الأَول ضميره.
وفي حديث عثمان: أَراهُمُني الباطِلُ شَيْطاناً؛ أَراد أَنَّ الباطِلَ جَعَلَني عندهم شيطاناً. قال ابن الأَثير: وفيه شذوذ من وجهين: أَحدهما أَن ضمير الغائب إِذا وقع مُتَقَدِّماً على ضمير المتكلم والمخاطب فالوجه أَن يُجاء بالثاني منفصلاً تقول أَعطاه إِياي فكان من حقه أَن يقول أَراهم إِياي، والثاني أَن واو الضمير حقها أَن تثبت مع الضمائر كقولك أَعطيتموني، فكان حقه أَن يقول أَراهُمُوني، وقال الفراء: قرأَ بعض القراء: وتُرَى الناسَ سُكارى، فنصب الراء من تُرى، قال: وهو وجه جيد، يريد مثلَ قولك رُؤِيتُ أَنَّك قائمٌ ورُؤِيتُك قائماً، فيجعل سُكارى في موضع نصب لأَن تُرى تحتاج إِلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن. قال أَبو نصور: رُؤِيتُ مقلوبٌ، الأَصلُ فيه أُريتُ، فأُخرت الهمزة، وقيل رُؤِيتُ، وهو بمعنى الظن.