المصادر:  


شذا (لسان العرب) [253]


شَذا كلِّ شيءٍ: حَدُّه. الحِدَّةُ، وجمعها شَذَواتٌ وشَذاً. التهذيب في ترجمة شَدا بالدال المهملة قال: قال أَبو بكر الشَّدا حَدُّ كلِّ شيء، يكتب بالأَلف. قال: والشَّذا من الأَذى؛ وأَنشد: فلوْ كان في ليْلى شَذاً من خُصومَةٍ، للوَّيْتُ أَعْناقَ المطِيِّ المَلاويا وأَنشده الفراء شَداً، بالدال، وأَنشده غيره شَذاً، بالذال المعجمة، وأَكثر الناس على الدال، وهو الحدُّ؛ قال ابن بري: ومنه قول أَوس: أَقولُ فأَمَّا المُنْكَراتِ فأَتَّقي، وأَمَّا الشَّذا، عَنِّي، المُلِمَّ فأَشْذِبُ وقال أَسماء بن خارجة: يا ضَلَّ سَعْيُكَ ما صَنَعْتَ بما جَمَّعْتَ من شُبٍّ إلى دُبِّ؟ فاعْمِدْ إلى أَهْلِ الوَقِير، فَما يَخْشى . . . أكمل المادة شَذاك مُقَرْقَمُ الإزْبِ وضَرِمَ شَذاهُ: اشتَدَّ جُوعُه، يقال ذلك للجائِعِ؛ قال الطرِمَّاح: يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذاهُ، شَجٍ لخُصومَة الذِّئْبِ الشَّنُونِ والشَّذا، مقصورٌ: الأَذى والشرُّ. ذُبابٌ، وقيل: ذبابٌ أَزْرقُ عظيمٌ يقع على الدواب فيُؤْذِيها، والجَمع شَذاً، مقصور، وقيل: هو ذُبابٌ يعضّ الإبلَ، وقيل: الشَّذا ذُبابُ الكلْب، وقيل: كل ذُبابٍ شَذاً؛ وأَنشد ابن بري ليزيد بن الحكم يصف قداحاً: يقيها الشَّذا بالنَّجوِ طَوراً، وتارةً يُقَلِّبها فيكفِّه ويَذوقُ يقول: لا يترك الذباب يسقُطُ عليها؛ وقال آخر: عَرْكَ الجِمالِ جُنُوبَهنَّ من الشَّذا قال: وقد يقع هذا الذُّبابُ على البعير، الواحدة شذاةٌ. الرجلُ: آذى، ومنه قيل للرجل: آذيْتَ وأَشْذيْتَ. ابن الأَعرابي: شَذا إذا آذى، وشَذا إذا تطيَّبَ بالشَّذْوِ وهو المِسْكُ، ويقال: وهو رائحة المسك.
وفي حديث علي، عليه السلام: أَوْصَيْتُهم بما يجب عليهم من كفِّ الأَذى وصرف الشَّذا؛ هو بالقصر الشَّرُّ والأَذى.
وكل شيءٍ يُؤْذي فهو شَذاً؛ وأَنشد: حَكَّ الجِمال جُنوبَهنَّ من الشَّذا ويقال: إني لأَخشى شَذاة فلان أَي شَرَّه.
وقال الليث: شَذاتهُ شدَّتهُ وجَرْأَته. بقية القوَّة والشِّدَّة؛ قال الراجز: فاطِمَ رُدِّي لي شَذاً من نَفْسي، وما صَريمُ الأَمر مثلُ اللَّبْسِ والشَّذا: كِسَر العود الصغار، منه. كِسَر العود الذي يُتَطيَّب به. شِدَّةُ ذكاءِ الريح الطَّيِّبة، وقيل: شِدَّة ذكاءِ الريح؛ قال ابن الإطْنابة: إذا ما مَشَتْ نادى بما في ثِيابها ذكيُّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطَيَّرُ قال ابن بري: ويقال البيتُ للعُجَير السَّلولي، ويروى: إذا اتَّكأَتْ. قال: وقال ابن ولاَّد الشَّذا المِسك في بيت العُجَير. المِسْك؛ عن ابن جني، وهو الشَّذْوُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: إن لك الفَضلَ على صُحْبَتي، والمِسكُ قد يَسْتَصحِبُ الرَّامِكا حتى يظلَّ الشَّذْوُ، من لوْنهِ، أَسْودَ مَضْنوناً به حالِكا وقال الأَصمعي: الشَّذا من الطيب يكتَبُ بالأَلف؛ وأَنشد: ذكيُّ الشَّذا والمندليُّ المطيَّرُ قال: وقال أَبو عمرو بن العلاء الشَّذْوُ لونُ المِسك؛ وأَنشد: حتى يظلِّ الشَّذْوُْ من لونهِ قال ابن بري: والشِّذْيُ، بكسر الشين، لونُ المسك؛ عن أَبي عمرو وعيسى بن عمر؛ وأَنشد: حتى يظلَّ الشِّذْيُ من لوْنهِ قال: وذكره ابن ولاَّدٍ بفتح الشين وغُلِّط فيه، وصحح ابن حمزة كسر الشين. الجرب. القطْعة من الملحِ، والجمع شَذاً. شجرٌ ينبُت بالسَّراةِ يُتَّخذ منه المَساوِيك وله صمغٌ. ضربٌ من السُّفن؛ عن الزجاجي، الواحدة شَذاةٌ؛ قال أَبو منصور: هذا معروف ولكنه ليس بعربي. قال ابن بري: الشَّذاةُ ضرْبٌ من السُّفُن، والجمع شَذَواتٌ.

شذا (الصّحّاح في اللغة) [223]


الشَذا مقصورٌ: الأذى والشرّ. يقال: قد آذَيْتَ وأَشْذَيْتَ. ذباب الكلب، وقد يقع على البعير، الواحدة شَذاةٌ. الخليل: يقال للجائع إذا اشتدَّ جوعُه: ضَرِمَ شَذاهُ. الملحُ. حِدّة ذكاء الرائحة. بقية القوّة والشِدّة. قال الراجز:
      وما صَريمُ الأمرِ مثل اللَبْسِ


والشَذا: ضرب من السفن، الواحدة شَذاةٌ. شجرٌ. كِسَرُ العودِ. قال ابن الإطنابة:
ذَكِيُّ الشَذا والمَنْدَليُّ المُطـيَّرُ      إذا ما مَشَتْ نادى بما في ثيابها

شذذ (لسان العرب) [223]


شَذَّ عنه يَشِذُّ ويَشُذُّ شذوذاً: انفرد عن الجمهور وندر، فهو شاذٌّ، وأَشذُّه غيره. ابن سيده: شَذَّ الشَّيءُ يَشِذُّ شَذّاً وشُذوذاً: ندر عن جمهوره؛ وشَذَّه هو يَشُذُّه لا غير، وأَشَذَّهُ؛ أَنشد أَبو الفتحبن جني: فَأَشَذَّني لمرورهم، فَكَأَنني غُصْنٌ لأَوَّل عاضدٍ أَو عاسِفِ قال: وأَبى الأَصمعي شذه.
وسمى أَهلُ النحو ما فارق ما عليه بقية بابه وانفرد عن ذلك إِلى غيره شاذّاً، حملاً لهذا الموضع على حكم غيره، وجاؤوا شُذَّاذاً أَي قِلالاً.
وقوم شُذَّاذ إِذا لم يكونوا في منازلهم ولا حيهم. الناس: ما تفرّق منهم. الناس: الذين يكونون في القوم ليسوا في قبائلهم ولا منازلهم. الناس: . . . أكمل المادة متفرقوهم.
وفي حديث قتادة وذكر قوم لوط فقال: ثم أَتبع شُذَّانَ القوم صَخْراً مَنْضُوداً أَي من شذ منهم وخرج عن جماعته. قال: وشُذَّان جمع شاذّ مثل شاب وشُبَّان، ويروى بفتح الشين، وهو المتفرق من الحصى وغيره.
ويقالُ: من قال شُذَّان، فهو جمع شاذ، ومن قال شَذَّان، فهو فَعْلانُ، وهو ما شذ من الحصى.
ويقالُ: شُذَّان وإِنما يقال شُذَّان، بالضم، لا يجمع (* قوله «وانما يقال شذان بالضم لا يجمع إلخ» كذا بالنسخة المعتمد عليها عندنا، ولعل فيها سقطاً والأصل والله أعلم.
وإنما يقال شذان بالضم لأن فاعلاً لا يجمع على فعلان يعني بفتح الفاء.) على فَعلان. ابن سيده: وشُذَّان الحصى ونحوه ما تطاير منه.
وحكى ابن جني: شَذَّان الحصى؛ قال امروء القيس: تُطاير شَذَّانَ الحَصى بِمَناسِم صِلاب العُجى، مَلْثومها غَيرُ أَمعرا الجوهري: شَذان الحصى، بالفتح والنون، المتفرق منه؛ وقال: يتركن شَذَّانَ الحَصى جَوافِلا وشَذَّانُ الإِبل وشُذَّانُها: ما افترق منها؛ أَنشد ابن الأَعرابي: شُذَّانُها رائعة لِهَدْرِه رائعة: مرتاعة. الليث: شذ الرجل إِذا انفرد عن أَصحابه؛ وكذلك كل شيء منفرد، فهو شاذ؛ وكلمة شاذة.
ويقال: أَشْذَذْتَ يا رجل إِذا جاء بقول شاذٍّ نادٍّ. ابن الأَعرابي: يقال ما يدع فلان شاذّاً ولا نادّاً إِلا قتله إِذا كان شجاعاً لا يلقاه أَحد إِلا قتله.
ويقال: شاذّ أَي متنحٍّ.

ذ - ش - ش (جمهرة اللغة) [210]


استُعمل من معكوسه: شَذَّ يَشُذُّ شذًّا وشُذوذاً إذا تفرّق. وشَذذته أنا وأشذذته، وقال: ولم يُجِزِ الأصمعي شَذَذْت لا أعرف إلا شاذّاً أي متفرِّقاً. وشَذًّ عنّي الشيء شَذًّا، إذا أنسيته. وشُذّاذ الناس: فِرَقُهم. قال الراجز: يَضُمُّ شذّاذاً إلى شُذّاذِ ... من الرَّباب دائمَ التِّلْواذِ ؟؟ذ - ص - ص أهملت الذال مع الصاد والضاد والطاء والظاء. ؟؟

شَذَّ (القاموس المحيط) [207]


شَذَّ يَشُذُّ ويَشِذُّ شَذًّا وشُذوذاً: نَدَرَ عن الجُمْهورِ، وشَذَّهُ هو، كمَدَّهُ لا غَيْرُ، وشَذَّذَهُ وأشَذَّهُ.
والشُّذَّاذُ: القُلالُ، والَّذِينَ لم يَكُونوا في حَيِّهِمْ ومنازِلِهِم.
والشِّذَّانُ، بالكسر: السِّدْرُ، وبالفتح والضم: ما تَفَرَّقَ من الحَصَى وغَيْرِهِ.
وشَاذُّ بنُ فَيَّاضٍ: محَدِّثٌ، واسْمُهُ: هِلالٌ.
وأشَذَّ: جاءَ بِقَوْلٍ شاذٍّ،
و~ الشيءَ: نَحَّاهُ وأقْصاهُ.

شذا (المعجم الوسيط) [50]


 الْمسك شذوا قويت رَائِحَته وانتشرت وَفُلَان تطيب بالمسك 

شذي (مقاييس اللغة) [12]



الشين والذال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الحَدّ والحِدّة. يقال إنّ فيه شَذَاةً، أي حِدّةً وجُرأة.
وقال الخليل: يقال للجائع إذا اشتد جُوعه: ضَرِم شَذاهُ. الأذى والشّرّ.
ويقال إنّ الشَّذَا ذُباب الكَلْب. كِسَرُ العُود، وأحسَبُه سمِّي بذلك لحِدّة رائحته. قال الشّاعر:
      رياحُ الشَّذا والمَنْدَليُّ المَطَّيرُ

فأمّا الذي من السُّفُن يُعرف بالشَّذَا فما أُراه عربيّاً.

الشَّذْوُ (القاموس المحيط) [11]


الشَّذْوُ: المِسْكُ، أَو رِيحُه، أَو لَوْنُه.
والشَّذَا: شَجَرٌ للمَساويكِ، والجَرَبُ، والمِلْحُ، وقُوَّةُ ذَكاءِ الرائحةِ، وضَرْبٌ من السُّفُنِ، وذُبابُ الكَلْبِ، أو عامٌّ، والأذَى،
وة بالبَصْرَةِ، منها: أحمدُ بنُ نَصْرٍ الشَّذائِيُّ المُقْرِئُ، وأبو الطَّيِّب محمدُ بنُ أحمدَ الشَّذائِيُّ الكاتِبُ، وكِسَرُ العُودِ، وبهاءٍ: بَقيَّةُ القُوَّةِ، والشيءُ الخَلَقُ.
وشَذَا: آذَى، وتَطَيَّبَ بالمِسْكِ.
وأشْذاهُ عنه: نَحَّاهُ وأقْصاهُ.
وشَذا بالخَبَرِ: عَلِمَ به فأفْهَمَه.
ويُوسُفُ ابنُ أيُّوبَ بنِ شاذِي، السُّلْطانُ صَلاحُ الدينِ، وأقارِبُهُ: حَدَّثُوا.
ومحمدُ بنُ شاذِي: بُخارِيٌّ محدِّثٌ.

ش ذ و (المصباح المنير) [10]


 الشَّذَا: مقصور: كسر العود الواحدة "شَذَاةٌ" مثل حصى وحصاة، و "الشَّذَى" الأذى والشرّ يقال "أَشْذَيْتُ" وآذيت، و "الشَّذَاوَاتُ" سفن صغار كالزبازب الواحدة شذاوةٌ

ج - د - ن (جمهرة اللغة) [7]


وبعير داجن، إذا ألِفَ المكانَ وأقام به، وكذلك شاة داجن: ملزومة في البيت لا ترعى، والجمع دَواجن. وقد سمَّت العرب دُجانة، وهو مأخوذ من الدَّجْن. والدُّجْنة: الظُّلمة. وليلة مِدجان: مُظلمة. وقد جمعوا دَجْناً دُجوناً وأدجاناً. والنَّجْد من قولهم: رجل نَجْدٌ بَيِّنُ النجْدَة، إذا كان جَلْداً قويّاً، وكذلك رجل نَجيد. قال الشاعر: بحُسام أو رَزَّة من نَحيض ... ذو شَذاةٍ على الشُّجاع النَّجيدِ الشَّذاة: الحِدَّة والشر. والشَّذاة أيضاً: البَعوضة والذباب. واستنجدتُ فلاناً فأنجدني، أي استعنتُه فأعانني. ونَجْد: بلد معروف، وإنما سُمِّي نَجْداً لعلوّه عن انخفاض تِهامة. وأصل النَّجد العُلُوّ من الأرض، والجمع أنجاد ونُجود. والنجَد: الكَرْب والغمّ. يقال: نُجِد . . . أكمل المادة الرجلُ فهو منجود، إذا كُرِبَ من حرّ أو غمّ أو ضيق أو وجع. قال الشاعر: صَادِياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ ... ولقد كان عُصرَة المنجودِ والنَّجَد: العَرَق أيضاً. وقال الآخر: يَظَلُّ من خوفه المَلاّحُ معتصِماً ... بالخَيْزُرانة، بعد الأَين والنَّجَدِ ويروى: النَّجُد. وجاء في التنزيل: " وهَدَيناه النَّجْدَين " . قال المفسِّرون: الطريقين، طريق الخير وطريق الشر، واللّه أعلم. وقوم أنجاد: جمع نَجْد. والنِّجاد: ما وقع على العاتق من حِمالة السيف. قال الشاعر: أعَاذِلُ إنّما أفنى تِلادي ... وأقْرَحَ عاتقي حَمْلُ النِّجادِ ويقال: نجّدت البيتَ تنجيداً، إذا زيّنته وزخرفته. وقد سمَّت العرب نَجْداً ونُجيداً ومُناجِداً. وكان عِمران بن حُصين يُكْنى أبا نُجيد. وقد سمَّت العرب: نَجْدة وناجِداً.

ندل (الصّحّاح في اللغة) [4]


النَدْلُ: النَقْلُ والاختلاس. يقال: نَدَلْتُ الشيء وندلتُ الدلوَ، إذا أخرجتهما من البئر.
والرجلُ مِنْدلٌ بالكسر.
والمِنْديلُ معروف. تقول منه: تَنَدَّلْتُ بالمنديلِ وتمنْدَلْتُ.
والمَندِلِيُّ: عِطرٌ يُنسب إلى المَنْدَلِ، وهي من بلاد الهند. قال الشاعر:
ذكِيُّ الشذا والمَنْدَلِيُّ المُطَـيَّرُ      إذا ما مشتْ نادى بما في ثيابها

والنيْدَلانُ، بفتح الدال وقد تضم: الكابوسُ.
والنَوْدَلانِ: الثَدْيان.
والمُنوْدِلُ: الشيخ المضطرب من الكِبر.
وقد نَوْدَلَتْ خَصياهُ، أي استرختا. الأصمعيّ: مشى الرجلُ مُنَوْدِلاً، أي مشى مُسْترخياً.
وانْدالَ بطنُ الإنسان والدابَّةِ، إذا سالَ.

صلخم (لسان العرب) [3]


بعير صِلَّخْم صِلَّخْدٌ وصَلْخَمٌ مثل سَلْهَبٍ ومُصْلَخِمٌّ، كل ذلك: جَسِيمٌ شديدٌ ماضٍ؛ وأَنشد: وأَتْلَعَ صِلَّخْمٍ صِلَخْدٍ صَلَخْدَمِ وقال آخر: إن تسْأَلِيني: كيفَ أَنْتَ؟ فإنَّنِي صَبُورٌ على الأعداءِ جَلْدٌ صَلَخْدَم والصَّلَخْدَمُ: خماسي أَصله من الصَّلْخم والصَّلْخد، ويقال: بل هو كلمة خماسية أصلية فاشتبهت الحروف والمعنى واحد؛ قال الفرَّاء: ومن نادر كلامهم: مُسْتَرْعِلات لِصِلَّلْخم سامي يريد لِصِلَّخْم فزاد لاماً؛ وقال أبو نخيلة: لِبَلْخَ مَخْشيّ الشذا مُصْلَخْمِمِ فضاعف الميم كما ترى. أبو عمرو: المُصلَخِمُّ والمُصْلَخِدُّ المُنْتَصِبُ القائم، والمُصْطَخِمُ خفيف الميم في معناهما؛ وقال رؤبة: إذا اصْلَخَمَّ لم يُرَمْ مُصْلَخْمَمُهْ أي غضب، قاله شمر، وقال غيره: انتصب.
وجبل صِلَّخْمٌ ومُصْلَخِمٌّ: صُلْبٌ ممتنع؛ . . . أكمل المادة قال الشاعر: عن صائلٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَما وفي الحديث: عُرِضَتِ الأَمانةُ على الجبال الصُّمِّ الصَّلاخِمِ أي الصِّلابِ المانعةِ، الواحدُ صَلْخَمٌ؛ قال: ورَأْس عِزٍّ راسِياً صِلَّخْمَا والمُصْلَخِمُّ: الغَضْبان.
واصْلَخَمَّ اصْلِخْماماً إذا انتصب قائماً.
وقال الباهلي: المُصْلَخِمُّ المُسْتَكبر؛ قال ذو الرمة يصف حميراً: فظَلَّتْ بمَلْقَى واجِفٍ جَزِع المَعَى قِياماً، تُفالي مُصْلَخِمّاً أمِيرَها أي مستكبراً لا يحركها ولا ينظر إليها.
وقال: المُصْلَخِمُّ والمُطْلَخِمُّ والمُطْرَخِمُّ واحد.

عنظ (لسان العرب) [3]


العُنْظُوان والعِنْظِيانُ: الشِّرِّير المُتَسمِّع البَذِيُّ الفحّاش؛ قال الجوهري: هو فُعْلوان، وقيل: هو الساخِر المُغْرِي، والأُنثى من كل ذلك بالهاء. الفراء: العُنْظُوان الفاحش من الرجال والمرأَة عُنْظُوانة. قال ابن بري: المعروف عِنْظِيانٌ.
ويقال للفحّاش: حِنْظِيانٌ وخِنْظِيانٌ وحِنْذيانٌ وخِنْذِيانٌ وعِنْظِيان. يقال: هو يُعَنْظِي ويُحنْذِي ويُخَنْذِي ويُحَنْظِي ويُخَنْظِي، بالحاء والخاء معاً، ويقال للمرأَة البَذِيّة: هي تُعَنْظي وتُخنظي إِذا تسَلَّطت بلسانها فأَفْحشت.
وعَنْظَى به: سَخِر منه وأَسمعه القبيح وشتمه؛ قال جَنْدَل بن المُثَنَّى الطُّهَوِي يُخاطب امرأَته: لقد خَشِيتُ أَن يَقُومَ قابِري، ولم تُمارِسْكِ، من الضَّرائرِ كلُّ شَذاةٍ جَمّةِ الصَّرائرِ، شِنْظِيرةٍ سائلةِ الجَمائرِ حتى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائرِ، قامَتْ تُعَنْظِي بكِ سَمْع الحاضِرِ، تُوفِي . . . أكمل المادة لَكِ الغَيْظَ بمُدٍّ وافِرِ، ثم تُغادِيكِ بصُغْرٍ صاغِرِ، حتى تَعُودِي أَخْسَرَ الخَواسِرِ تُعَنْظِي بك أَي تُغْرِي وتُفْسِد وتُسَمِّع بك وتَفْضَحُك بشَنِيع الكلام، بِمَسْمَع من الحاضر وتذْكُركِ بسُوء عند الحاضرين وتُنَدِّدُ بك وتُسمعكِ كلاماً قبيحاً.
وقال أَبو حنيفة: العُنْظوانة الجرادة الأُنثى، والعُنْظَّبُ الذكر. قال: والعُنْظُوان شجر، وقيل: نبت أَغبرُ ضخْم، وربما استظَلَّ الإِنسان في ظلِّه.
وقال أَبو عمرو: كأَنه الحُرْضُ والأَرانِبُ تأْكله، وزقيل: هو ضرب من النبات إِذا أَكثر منه البعير وَجِعَ بطنُه، وقيل: هو ضرب من الحَمْض معروف يشبه الرِّمْثَ غير أَنّ الرّمْث أَبْسَطُ منه ورَقاً وأَنْجَعُ في النَّعَم، قال الأَزهري: ونونه زائدة وأَصل الكلمة عين وظاء وواو؛ قال الراجز: حَرَّقَها وارِسُ عُنْظُوانِ، فاليومُ منها يوْمُ أَرْوَنانِ واحدته عُنْظُوانة.
وعُنْظوان: ماء لبني تَميم معروف.

شدا (لسان العرب) [2]


الشَّدْوُ: كلُّ شيءٍ قليلٍ من كثيرٍ. شَدا من العِلْمِ والغِناءِ وغيرهما شيئاً شَدْواً: أَحْسَنَ منه طَرَفاً، وشَدا بصوته شَدْواً: مَدَّه بغِناءٍ أَو غيره.
وشدَوْتُ الإبِل شَدْواً: سُقْتُها. ابن الأَعرابي: الشادي المُغَنِّي، والشادي الذي تعَلَّم شيئاً من العِلْم والأَدَبِ والغِناءِ ونحوِ ذلك أَي أَخَذ طَرَفاً منه، كأَنه ساقه وجَمَعَه.
وشَدَوْتُ إذا أَنشَدْتَ بيتاً أَو بيتين تمُدُّ بهما صوتَك كالغِناءِ.
ويقال للمغني الشادي.
وقد شَدا شِعْراً أَو غِناءً إذا غَنَّى أَو ترَنَّم به.
ويقال: شَدَوْتُ منه بعضَ المعرفة إذا لم تعرفه معرفة جيِّدة؛ قال الأَخطل:فهُنَّ يَشْدُونَ مِنِّي بعضَ مَعْرِفةٍ، وهُنَّ بالوَصْلِ لا بُخْلٌ ولا جُودُ عَهِدْنَه شابّاً حَسَناً ثم رأَيْتَه بعد كِبَرهِ فأَنكَرْنَ معرفته. قال . . . أكمل المادة أَبو منصور: وأَصل هذا من الشَّدا وهو البقيَّة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: فلو كانَ في ليْلى شَداً منْ خُصُومَةٍ أَي بَقىَّةٌ؛ قال أَبو بكر: الشدا حَدُّ كلِّ شيءٍ يكتَبُ بالأَلف، قال: والشَّدا من الأَذى؛ وأَنشد: فلو كان في لَيْلى شَداً من خُصومَةٍ، لَلَوَّيْتُ أَعْناقَ المَطِيِّ المَلاوِيا وقال: المَلاوي جمعُ مَلْوىً، قال: وهو مصدر، أَنشده الفراء شَذا، بالذالِ، وأَنشده غيره بالدال، وأَكثر الناس على أَنه بالدال، وهو الحَدُّ، وأَورده ابن بري بالدال شاهداً على قوله الشَّدا طَرَفٌ من الشيءِ، قال: ومنه قولُ المجْنُون، وقال ابن خالَوَيْه: الشَّدا البقيةُ، وأَنشد هذا البيت. ابن الأَعرابي: شَدا إذا قَوِيَ في بَدَنهِ، وشَدا إذا أَبْقى بقيةً، وشدا تعلَّم شيئاً من خصومةٍ أَو عِلْمٍ.
ويقال للمريض إذا أَشْفى على الموتِ: لم يَبق منه إلاَّ شَداً؛ قال مصبح بن منظورٍ الأَسَدي: ولو أَنَّ لَيْلى أَرْسَلَتْ، بشفاعةٍ، من الودِّ شيئاً، لم نَجِدْ ما نَزِيدُها وما تَسْتَزيد الآن منْ حَجْمِ أَعْظُمٍ، ونَفْسٍ شَداً لمْ يَبْقَ إلاْ شَدِيدُها وشدَوْتُ الرجلَ فلاناً: شَبَّهْته إيِّاه.
والشَّدا: بَقِيَّةُ الشيءِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: وارْتَحَلَ الشيبُ شَداً كالفَلِّ والشَّدا أَيضاً: الشيءُ القلِيلُ، والمْعْنَيان مُقْتَرِبان.
وشدَوانُ: موضع؛ قال: فَلَيْتَ لنا، من ماءٍ زَمْزَم، شَرْبةً مُبَرَّدَةً باتَتْ على شَدَوانِ

فظظ (لسان العرب) [2]


الفظُّ: الخَشِنُ الكلام، وقيل: الفظ الغليظ؛ قال الشاعر رؤبة: لما رأَينا منهمُ مُغتاظا، تَعْرِف منه اللُّؤْمَ والفِظاظا والفَظَظُ: خشونة في الكلام.
ورجل فَظٌّ: ذو فَظاظةٍ جافٍ غليظٌ، في مَنطقِه غِلَظٌ وخشونةٌ.
وإِنه لَفَظٌّ بَظٌّ: إِتباع؛ حكاه ثعلب ولم يشرح بَظّاً؛ قال ابن سيده: فوجهناه على الإِتباع، والجمع أَفظاظ؛ قال الراجز أَنشده ابن جني: حتى تَرى الجَوَّاظَ من فِظاظِها مُذْلَوْلِياً، بعد شَذا أَفظاظِها وقد فَظِظْتَ، بالكسر، تَفَظُّ فَظاظةً وفَظَظاً، والأَول أَكثر لثقل التضعيف، والاسم الفَظاظةُ والفِظاظ؛ قال: حتى ترى الجَوّاظ من فِظاظِها ويقال: رجل فَظٌّ بَيِّنُ الفَظاظةِ والفِظاظِ والفَظَظِ؛ قال رؤبة: تَعْرِفُ منه اللُّؤْمَ والفِظاظا وأَفْظَظْت الرجلَ وغيرَه: ردَدته عما . . . أكمل المادة يريد.
وإِذا أَدْخَلْتَ الخيطَ في الخَرْتِ، فقد أَفْظَظْتَه؛ عن أَبي عمرو.
والفَظُّ: ماء الكرش يُعتصر فيُشرب منه عند عَوَزِ الماء في الفلوات، وبه شبه الرجل الفظ الغليظ لغِلَظِه.
وقال الشافعي: إِن افتظَّ رجل كرش بعير نحره فاعتصر ماءه وصَفَّاه لم يجز أَن يتطهر به، وقيل: الفَظُّ الماءُ يخرج من الكرش لغلظ مَشْرَبِه، والجمع فُظوظ؛ قال: كأَنهُمُ، إِذْ يَعْصِرون فُظوظَها، بدَجْلةَ، أَو ماءُ الخُرَيبةِ مَوْرِدُ أَراد أَو ماء الخُرَيْبةِ مَوْرِدٌ لهم؛ يقول: يستبيلون خيلَهم ليشربوا أَبوالها من العطش، فإِذاً الفُظوظُ هي تلك الأَبوال بعينها.
وفظَّه وافْتَظَّه: شقَّ عنه الكرش أَو عصره منها، وذلك في المفاوز عند الحاجة إِلى الماء؛ قال الراجز: بَجَّك كِرْشَ النابِ لافتظاظها الصحاح: الفَظُّ ماء الكرش؛ قال حسان بن نُشْبة: فكونوا كأَنْفِ اللَّيثِ، لا شَمَّ مَرْغَماً، ولا نال فَظَّ الصيدِ حتى يُعَفِّرا يقول: لا يَشُمُّ ذِلَّةً فتُرْغِمَه ولا يَنال من صيده لحماً حتى يصرعه ويُعَفِّره لأَنه ليس بذي اختلاس كغيره من السباع.
ومنه قولهم: افتظَّ الرجلُ، وهو أَن يسقي بَعيرَه ثم يَشُدَّ فمه لئلا يجتَرَّ، فإِذا أَصابه عطش شق بطنه فقطر فَرْثَه فشربه.
والفَظِيظُ: ماء المرأَة أَو الفحل زعموا، وليس بثَبَتٍ؛ وأَما كراع فقال: الفظيظ ماء الفحل في رحم الناقة، وفي المحكم: ماء الفحل؛ قال الشاعر يصف القطا وأَنهن يحملن الماء لفراخهن في حواصلهن: حَمَلْنَ لها مِياهاً في الأَداوَى، كما يَحْمِلْنَ في البَيْظ الفَظِيظا والبَيْظُ: الرحم.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنتَ أَفَظُّ وأَغلظ من رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم؛ رجل فظٌّ أَي سيِّء الخُلق.
وفلان أَفظٌّ من فلان أَي أَصعب خلُقاً وأَشرس.
والمراد ههنا شدة الخُلُقِ وخشونةُ الجانب، ولم يُرَدْ بهما المفاضلةُ في الفَظاظةِ والغِلْظةِ بينهما، ويجوز أَن يكون للمفاضلة ولكن فيما يجب من الإِنكار والغلظة على أَهل الباطل، فإِن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان رؤوفاً رحيماً، كما وصفه اللّه تعالى، رَفيقاً بأُمته في التبليغ غيرَ فَظٍّ ولا غليظٍ؛ ومنه أَن صفته في التوراة: ليس بفظ ولا غليظ.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت لمروان: إِن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لعن أَباك وأَنت فُظاظةٌ من لعنةِ اللّه، بظاءين، من الفَظِيظ وهو ماء الكرش؛ قال ابن الأَثير: وأَنكره الخطابي.
وقال الزمخشري: أَفْظَظْتُ الكرشَ اعتصرتُ ماءها، كأَنه عُصارةٌ من اللعنة أَو فُعالة من الفَظيظِ ماء الفحل أَي نُطفةٌ من اللعنة، وقد روي فضض من لعنة اللّه، بالضاد، وقد تقدم.

بعض (لسان العرب) [1]


بَعْضُ الشيء: طائفة منه، والجمع أَبعاض؛ قال ابن سيده: حكاه ابن جني فلا أَدري أَهو تسمُّح أَم هو شيء رواه، واستعمل الزجاجي بعضاً بالأَلف واللام فقال: وإِنما قلنا البَعْض والكل مجازاً، وعلى استعمال الجماعة لهُ مُسامحة، وهو في الحقيقة غير جائر يعني أَن هذا الاسم لا ينفصل من الإضافة. قال أَبو حاتم: قلت للأصمعي رأَيت في كتاب ابن المقفع: العِلْمُ كثيرٌ ولكن أَخْذُ البعضِ خيرٌ مِنْ تَرْكِ الكل، فأَنكره أَشدَّ الإِنكار وقال: الأَلف واللام لا يدخلان في بعض وكل لأَنهما معرفة بغير أَلف ولامٍ.
وفي القرآن العزيز: وكلٌّ أَتَوْه داخِرين. قال أَبو حاتم: ولا تقول العرب الكل ولا البعض، . . . أكمل المادة وقد استعمله الناس حتى سيبويه والأَخفش في كُتُبهما لقلة علمهما بهذا النحو فاجْتَنِبْ ذلك فإِنه ليس من كلام العرب.
وقال الأَزهري: النحويون أَجازوا الأَلف واللام في بعض وكل، وإِنَّ أَباهُ الأَصمعيُّ.
ويقال: جارية حُسّانةٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضاً، وبَعْضٌ مذكر في الوجوه كلها.
وبَعّضَ الشيء تَبْعِيضاً فتبَعَّضَ: فرّقه أَجزاء فتفرق.
وقيل: بَعْضُ الشيء كلُّه؛ قال لبيد: أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفوسِ حِمامُها قال ابن سيده: وليس هذا عندي على ما ذهب إِليه أَهل اللغة من أَن البَعْضَ في معنى الكل، هذا نقض ولا دليل في هذا البيت لأَنه إِنما عنى ببعض النفوس نَفْسَه. قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: أَجمع أَهل النحو على أَن البعض شيء من أَشياء أَو شيء من شيء إِلاّ هشاماً فإِنه زعم أَن قول لبيد:أَو يعتلق بعض النفوس حمامها فادعى وأَخطأَ أَن البَعْضَ ههنا جمع ولم يكن هذا من عمله وإِنما أَرادَ لَبِيدٌ ببعض النفوس نَفْسَه.
وقوله تعالى: تَلْتَقِطه بَعْضُ السيّارة، بالتأْنيث في قراءة من قرأ به فإِنه أَنث لأَنّ بَعْضَ السيّارة سَيّارةٌ كقولهم ذهَبتْ بَعْضُ أَصابعه لأَن بَعْض الأَصابع يكون أُصبعاً وأُصبعين وأَصابع. قال: وأَما جزم أَو يَعْتَلِقْ فإِنه رَدَّهُ على معنى الكلام الأَول، ومعناه جزاء كأَنه قال: وإِن أَخرجْ في طلب المال أُصِبْ ما أَمَّلْت أَو يَعْلَق الموتُ نفسي.
وقال: قوله في قصة مؤمن آلِ فرعون وما أَجراه على لسانه فيما وعظ به آل فرعون: إِن يَكُ كاذباً فعليه كَذِبُه وإِن يَكُ صادقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الذي يَعِدُكم، إِنه كان وَعَدَهم بشيئين: عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فقال: يُصِبْكم هذا العذاب في الدنيا وهو بَعْضُ الوَعْدَينِ من غير أَن نَفى عذاب الآخرة.
وقال الليث: بعض العرب يَصِلُ بِبَعْضٍ كما تَصِلُ بما، من ذلك قوله تعالى: وإِن يَكُ صادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الذي يعدكم؛ يريد يصبكم الذي يعدكم، وقيل في قوله بَعْضُ الذي يعدكم أَي كلُّ الذي يعدكم أَي إِن يكن موسى صادقاً يصبكم كل الذي يُنْذِرُكم به وبتوَعّدكم، لا بَعْضٌ دونَ بَعضٍ لأَن ذلك مِنْ فعل الكُهَّان، وأَما الرسل فلا يُوجد عليهم وَعْدٌ مكذوب؛ وأَنشد: فيا ليته يُعْفى ويُقرِعُ بيننا عنِ المَوتِ، أَو عن بَعْض شَكواه مقْرعُ ليس يريد عن بَعْضِ شكواه دون بَعْضٍ بل يريد الكل، وبَعْضٌ ضدُّ كلٍّ؛ وقال ابن مقبل يخاطب ابنتي عَصَر: لَوْلا الحَياءُ ولولا الدِّينُ، عِبْتُكما بِبَعْضِ ما فِيكُما إِذْ عِبْتُما عَوَري أٌَّاد بكل ما فيكما فيما يقال.
وقال أَبو إِسحق في قوله بَعْضُ الذي يعدكم: من لطيف المسائل أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِذا وَعَدَ وعْداً وقع الوَعْدُ بأَسْرِه ولم يقع بَعْضُه، فمن أَين جاز أَن يقول بَعْضُ الذي يَعدكم وحَقُّ اللفظ كلُّ الذي يعدكم؟ وهذا بابٌ من النظر يذهب فيه المناظر إِلى إِلزام حجته بأَيسر ما في الأَمر.
وليس في هذا معنى الكل وإِنما ذكر البعض ليوجب له الكل لأَن البَعْضَ هو الكل؛ ومثل هذا قول الشاعر: قد يُدْرِكُ المُتَأَنّي بَعْضَ حاجتِه، وقد يكونُ مع المسْتَعْجِل الزَّلَلُ لأَن القائل إِذا قال أَقلُّ ما يكون للمتأَني إِدراكُ بَعْضِ الحاجة، وأَقلُّ ما يكون للمستعجل الزَّلَلُ، فقد أَبانَ فضلَ المتأَني على المستعجل بما لا يَقْدِرُ الخصمُ أَن يَدْفَعَه، وكأَنّ مؤمنَ آل فرعون قال لهم: أَقلُّ ما يكون في صِدْقه أَن يُصِيبَكم بعضُ الذي يَعِدكم، وفي بعض ذلك هلاكُكم، فهذا تأْويل قوله يُصِبْكم بَعْضُ الذي يَعِدُكم.
والبَعُوض: ضَرْبٌ من الذباب معروف، الواحدة بَعُوضة؛ قال الجوهري: هو البَقّ، وقوم مَبْعُوضُونَ.
والبَعْضُ: مَصْدر بَعَضَه البَعُوضُ يَبْعَضُه بَعْضاً: عَضَّه وآذاه، ولا يقال في غير البَعُوض؛ قال يمدح رجلاً بات في كِلّة: لَنِعْم البَيْتُ بَيْتُ أَبي دِثارٍ، إِذا ما خافَ بَعْضُ القومَ بَعْضا قوله بَعْضا: أَي عَضّاً.
وأَبو دِثَار: الكِّلة.
وبُعِضَ القومُ: آذاهم البَعُوضُ.
وأَبْعَضُوا إِذا كان في أَرضهم بَعُوضٌ.
وأَرض مَبْعَضة ومَبَقّة أَي كثيرة البَعُوضِ والبَقّ، وهو البَعُوضُ؛ قال الشاعر: يَطِنُّ بَعُوضُ الماء فَوْقَ قَذالها، كما اصطَخَبَتْ بعدَ النَجِيِّ خُصومُ وقال ذو الرمة: كما ذبّبَتْ عَذْراء، وهي مُشِيحةٌ، بَعُوض القُرى عن فارِسيٍّ مُرَفّل مُشيحة: حَذِرة.
والمُشِحُ في لغة هذيل: المُجدُّ؛ وإِذا أَنشد الهذلي هذا البيت أَنشده: كما ذببت عذراء غير مشيحة وأَنشد أَبو عبيداللّه محمد بن زياد الأَعرابي: ولَيْلة لم أَدْرِ ما كراها، أُسامِرُ البَعُوضَ في دجاها كلّ زجُولٍ يُتَّقَى شَذاها، لا يَطْرَبُ السامعُ من غِناها وقد ورد في الحديث ذكرُ البَعُوض وهو البقّ.
والبَعُوضة: موضع كان للعرب فيه يوم مذكور؛ قال متمم بن نويرة يذكر قتلى ذلك اليوم: على مثل أَصحابِ البعوضة فاخْمُشِي، لَكِ الويلُ حُرَّ الوجه أَو يَبْكِ مَن بكى ورَمْل البَعُوضة: معروفة بالبادية.

ندل (لسان العرب) [1]


النَّدْل: نَقْل الشيء واحتِجانُه. الجوهري: النَّدْل النَّقْل والاختلاس. المحكم: نَدَل الشيءَ نَدْلاً نقَله من موضع إِلى آخر، ونَدَل التمرَ من الجُلَّة، والخُبزَ من السُّفْرة يَنْدُله نَدْلاً غرَف منهما بكفِّه جمعاء كُتَلاً، وقيل: هو الغَرْف باليدين جميعاً، والرجل مِنْدَل، بكسر الميم؛ وقال يصف رَكْباً ويمدح قوم دارِين بالجُود: يَمُرُّون بالدَّهْنا خِفافاً عِيابُهم، ويَخْرُجْن من دارِينَ بُجْرَ الحَقائب على حينَ أَلهى الناسَ جُلُّ أُمورِهم، فَنَدْلاً زُرَيقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالب يقول: انْدُلي يا زُرَيْقُ، وهي قبيلة، نَدْلَ الثعالِب، يريد السُّرْعة؛ والعرب تقول: أَكْسَبُ من ثعلب؛ قال ابن بري: وقيل في هذا الشاعر إِنه يصِف قوماً لُصوصاً يأْتون من دارِين فيسرقون ويَمْلؤُون . . . أكمل المادة حَقائبهم ثم يفرِّغونها ويعودون إِلى دارين، وقيل: يصف تُجَّاراً، وقوله على حين أَلهى الناسَ جُلُّ أُمورهم: يريد حين اشتغل الناس بالفِتَن والحروب، والبُجْرُ: جمع أَبْجَر وهو العظيم البطن، والنَّدْل: التَّناوُل؛ وبه فسر بعضهم قوله: فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ.
ويقال: انتَدَلْت المال وانْتَبَلْته أَي احتملته. ابن الأَعرابي: النُّدُل (* قوله «الندل» في القاموس بضمتين، وفي خط الصاغاني بفتحتين). خَدَم الدعوة؛ قال الأَزهري: سُمُّوا نُدُلاً لأَنهم ينقُلون الطعام إِلى مَنْ حضر الدَّعْوة.
ونَدَلْت الدَّلْوَ إِذا أَخرجتها من البئر.
والنَّدْلُ: شبه الوَسَخ (* قوله «والندل شبه الوسخ» ضبط في القاموس بسكون الدال وكذا في المحكم في كل موضع إلا المصدر، وفي الأصل بالسكون في قوله بعد يجوز أن يكون من الندل الذي هو الوسخ، وضبط في مصدر الفعل هنا بالتحريك) ونَدِلَت يدُه نَدَلاً غمِرت.
والمِنْدِيلُ والمَنْديلُ نادر والمِنْدَل، كله: الذي يُتَمَسَّح به، قيل: هو من النَّدْل الذي هو الوسخ، وقيل: إِنما اشتقاقه من النَّدْل الذي هو التناول؛ قال الليث: النَّدْل كأَنه الوسخ من غير استعمال في العربية، وقد تَنَدَّل به وتَمَنْدَل؛ قال أَبو عبيد: وأَنكر الكسائي تَمَنْدَل.
وتَنَدَّلْت بالمِنْدِيل وتَمَنْدَلْت أَي تمسَّحت به من أَثر الوَضوء أَو الطَّهور؛ قال: والمِنْدِيلُ، على تقدير مِفْعِيل، اسم لما يمسَح به، قال: ويقال أَيضاً تَمَنْدَلْت.
والمَنْدَل (* قوله «والمندل إلخ» كذا في القاموس وضبطهما الصاغاني بخطه بالكسر).
والمَنْقَل: الخُفّ؛ عن ابن الأَعرابي، يجوز أَن يكون من النَّدْل الذي هو الوسخ لأَنه يَقِي رجل لابسه الوسخ، ويجوز أَن يكون من النَّدْل الذي هو التَّناوُل لأَنه يُتناوَل لِلُّبْس؛ قال ابن سيده: وقوله أَنشده أَبو زيد: بِتْنا وباتَ سقِيطُ الطَّلِّ يضرِبُنا، عند النَّدُولِ، قِرانا نَبْحُ دِرْواسِ قال: يجوز أَن يعني به امرأَة فيكون فَعُولاً من النَّدْل الذي هو شبيه الوسخ، وإِنما سماها بذلك لوسخها، وقد يجوز أَن يكون عنى به رجلاً، وأَن يكون عنى به الضبُع، وأَن يكون عنى كلبة أَو لَبُوءَةً، أَو أَن يكون موضعاً.
والمُنَوْدِل: الشيخ المُضْطَرِب من الكِبَر.
ونَوْدَل الرجلُ: اضطرب من الكِبَر.
ومَنْدَل: بلدٌ بالهند.
والمَنْدَلِيُّ من العُود: أَجودُه نُسِب إِلى مَنْدَل، هذا البلدِ الهِنْدِيِّ، وقيل: المَنْدَل والمَنْدَلِيُّ عودُ الطيب الذي يُتبخَّر به من غير أَن يُخَصَّ ببلد؛ وأَنشد الفراء للعُجير السلولي: إِذا ما مَشَتْ نادى بما في ثِيابها ذَكِيُّ الشَّذَا، والمَنْدَلِيُّ المُطَيَّر (* قوله «المطير» كذا في الأصل والجوهري والأزهري، والذي في المحكم: المطيب). يعني العُود. قال المبرّد: المَنْدَل العود الرطْب وهو المَنْدَلِيُّ؛ قال الأَزهري: هو عندي رباعي لأَن الميم أَصلية لا أَدري أَعربيّ هو أَو معرب، والمُطَيَّر: الذي سطعتْ رائحته وتفَرَّقت.
والمَنْدَلِيُّ: عِطْر ينسب إِلى المَنْدَل، وهي من بلاد الهند؛ قال ابن بري: الصواب أَن يقول والمَنْدَليُّ عود يُنْسَب إِلى مَنْدَل لأَن منْدَلَ اسم علم لموضع بالهند يُجْلَب منه العود، وكذلك قَمارِ؛ قال ابن هرمة: كأَنَّ الركْبَ، إِذ طَرَقَتْك، باتُوا بِمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قَمارِ (* قوله «كأن الركب إلخ» هكذا في الأصل بجر القافية، وفي ياقوت: قماراً بألف بعد الراء، وقبله: أحب الليل، إن خيال سلمى * إذا نمنا ألمّ بنا فزارا) وقَمارِ عُوده دون عُودِ مَنْدَل؛ قال: وشاهده قول كثيِّر يصف ناراً: إِذا ما خَبَتْ من آخِر الليل خَبْوَةً، أُعِيد إِليها المَنْدَلِيّ فَتثقُب وقد يقع المَنْدَل على العود، على إِرادة ياءي النسب وحذفهما ضرورة، فيقال: تبخَّرت بالمَنْدَل وهو يريد المَنْدَليَّ على حدّ قول رؤبة: بل بَلَدٍ مِلْءُ الفِجاجِ قَتَمُهْ، لا يُشْتَرى كَتَّانُه وجَهْرَمُه يريد جَهْرَميُّه، قال: ويدلك على صحة ذلك دخول الأَلف واللام في المَنْدَل؛ قال عمر بن أَبي ربيعة: لِمَنْ نارٌ، قُبَيْلَ الصُّبـ ـحِ عندَ البيت، ما تَخْبُو؟ إِذا ما أُوقِدَتْ يُلْقَى، عليها، المَنْدَلُ الرَّطْبُ ويروى: إِذا أُخْمِدَتْ؛ وقال كثير: بأَطْيَبَ من أَرْدان عَزَّة مَوْهِناً، وقد أُوقِدَتْ بالمَنْدَل الرَّطْبِ نارُها قال ابن بري: وحكى زبير أَن مدنية قالت لكُثيِّر: فضَّ الله فاك أَنت القائل: بأَطْيَبَ من أَرْدان عَزَّة مَوْهِناً، وقد أُوقِدَتْ بالمَنْدَل الرَّطْبِ نارُها فقال: نعم قالت: أَرأَيت لو أَن زِنْجِيَّة بخَّرت أَردانَها بمَنْدَل رطْب أَما كانت تَطِيب؟ هلاَّ قلت كما قال سيدكم امرؤ القيس: أَلم تَرَياني كلَّما جئتُ طارقاً، وجدتُ بها طِيباً، وإِن لم تَطَيَّب؟ والنَّيْدُلانُ والنَّيْدَلانُ: الكابوسُ؛ عن الفارسي، وقيل: هو مثل الكابوس؛ وأَنشد ثعلب: تِفْرِجة القَلْب قليل النَّيْلْ، يُلْقى عليه النَّيْدُلان باللَّيْلْ وقال آخر: أُنْجُ نَجاء من غَرِير مَكْبولْ، يُلْقَى عليه النَّيْدُلانُ والغُولْ والنِّئْدُلان: كالنَّيْدُلان؛ قال ابن جني: همزته زائدة؛ قال: حدَّثني بذلك أَبو علي، قال ابن بري: ومن هذا الفصل النَّأْدَل والنِّئْدَل الكابوس، قال: والهمزة زائدة لقولهم النَّيْدُلان (* قوله «النيدلان إلخ» هكذا ضبط في الأصل هنا وفيما يأتي، وعبارة القاموس: والنيدلان، بكسر النون والدال وتضم الدال، والنيدل بكسر النون وفتحها وتثليث الدال وبفتح النون وضم الدال، والنئدلان مهموزة بكسر النون والدال وتضم الدال والنئدل بكسر النون وفتحها وضم الدال الكابوس أو شيء مثله). أبو زيد في كتابه في النوادر: نَوْدَلَتْ خْصْياه نَوْدَلةً إِذا استرختا، يقال: جاء مُنَوْدِلاً خُصْياه؛ قال الراجز: كأَنَّ خُصْيَيْهِ، إِذا ما نَوْدَلا، أُثْفِيَّتانِ تَحْمِلان مِرْجَلا الأَصمعي: مشَى الرجل مُنَوْدِلاً إِذا مشى مُسْترخِياً؛ وأَنشد: مُنَوْدِل الخُصْيَيْن رِخْو المشْرَجِ ابن بري: ويقال رجل نَوْدَل (* قوله «ويقال رجل نودل» هكذا في الأصل، والظاهر أن يقول ونودل رجل كما يأتي له بعد) ، قال الشاعر: فازَتْ خليلةُ نَوْدَلٍ بِهَبَنْقَعٍ رِخْوِ العِظام، مُثَدَّنٍ، عَبْلِ الشوَّى واندالَ بطنُ الإِنسان والدابةِ إِذا سال؛ قال ابن بري: انْدال وزنه انْفَعَل، فنونه زائدة وليست أَصلية، قال: فحقه أَن يذكر في فصل دول، وقد ذكر هناك.
ويقال للسقاء إِذا تمخّض: هو يُهَوْذِل ويُنَوْدِل، الأُولى بالذال والثانية بالدال.
والنَّوْدَلان: الثَّدْيان.
وابنُ مَنْدَلةَ: رجل من سادات العرب؛ قال عمرو بن جوين فيما زعم السيرافي (* قوله «فيما زعم السيرافي» في المحكم: الفارسي) ، أَو امرؤ القيس فيما حكى الفراء: وآلَيْتُ لا أُعطي مَلِيكاً مَقادَتي، ولا سُوقةً، حتى يؤُوبَ ابنُ مَنْدَلَه ونَوْدَل: اسم رجل؛ أَنشد يعقوب في الأَلفاظ: فازت خَليلةُ نَوْدَلٍ بمُكَدَّنٍ رَخْصِ العِظام، مُثَدَّنٍ، عَبْلِ الشَّوى (* قوله «بمكدن» كذا في الأصل وشرح القاموس بنون، والذي في المحكم باللام).
والله أَعلم.

شنن (لسان العرب) [1]


الشَّنُّ والشَّنَّةُ: الخَلَقُ من كل آنية صُنِعَتْ من جلد، وجمعها شِنَانٌ.
وحكى اللحياني: قِرْبةٌ أَشْنانٌ، كأَنهم جعلوا كل جزء منها شَنَّاً ثم جمعوا على هذا، قال: ولم أَسمع أَشْناناً في جمع شنٍّ إلاّ هُنا.
وتَشَنَّنَ السّقَاءُ واشْتَنَّ واسْتَشَنَّ: أَخلَق.
والشَّنُّ: القربة الخَلَق، والشَّنَّةُ أَيضاً، وكأَنها صغيرة، والجمع الشِّنانُ.
وفي المثل: لا يُقَعْقَعُ لي بالشِّنان؛ قال النابغة: كأَنك من جمالِ بَني أُقَيْش، يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيه بشَنِّ.
وتَشَنَّنَتِ القربةُ وتَشَانَّتْ: أَخْلَقَتْ.
وفي الحديث: أَنه أَمر بالماء فقُرِّسَ في الشِّنَانِ؛ قال أَبو عبيد: يعني الأَسْقِية والقِرَبَ الخُلْقانَ.
ويقال للسقاء شَنٌّ وللقربة شَنٌّ، وإنما ذكر الشِّنَانَ دون الجُدُدِ لأَنها أَشَدُّ تبريداً للماء من الجُدُدِ.
وفي حديث قيام الليل: فقام إلى . . . أكمل المادة شَنٍّ معلقة أَي قربة؛ وفي حديث آخر: هل عندكم ماءٌ بات في شَنَّةٍ؟ وفي حديث ابن مسعود أَنه ذكر القرآن فقال: لا يَتْفَهُ ولا يَتَشَانُّ؛ معناه أَنه لا يَخْلَقُ على كثرة القراءة والتَّرْداد.
وقد اسْتَشَنَّ السقاءُ وشَنَّنَ إذا صارَ خَلَقاً (* قوله «وشنن إذا صار خلقاً» كذا بالأصل والتهذيب والتكملة وفي القاموس: وتشنن).
وفي حديث عمر بن عبد العزيز: إذا اسْتَشَنّ ما بينك وبين الله فابْلُلْه بالإِحسان إلى عباده، أَي إذا أَخْلَقَ.
ويقال: شَنَّ الجَمَلُ من العَطش يَشِنُّ إذا يَبِس.
وشَنَّتِ القربةُ تَشِنُّ إذا يَبِسَت.
وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال: يقال رَفَع فلانٌ الشَّنَّ إذا اعتمد على راحته عند القيام، وعَجَنَ وخبَزَ إذا كرََره.
والتَّشَنُّن: التَّشَنُّجُ واليُبْسُ في جلد الإنسان عند الهَرَم؛ وأَنشد لرُؤْبة: وانْعاجَ عُودِي كالشَّظِيفِ الأَخْشَنِ، بَعْدَ اقْوِرارِ الجِلْدِ والتَّشَنُّنِ.
وهذا الرجز أَنشده الجوهري: عن اقْوِرارِ الجِلْدِ؛ قال ابن بري: وصوابه بعد اقورار، كما أَوردناه عن غيره؛ قال ابن بري: ومنه قول أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ: هُرِيقَ شَبابي واسْتَشَنَّ أَدِيمي.
وتشَانَّ الجلد: يَبِسَ وتَشَنَّجَ وليس بخَلَقٍ.
ومَرَةٌ شَنَّةٌ: خلا من سِنِّها؛ عن ابن الأَعرابي، أَرادَ ذَهَبَ من عمرها كثير فبَلِيَتْ، وقيل: هي العجوز المُسِنَّة البالية.
وقوس شَنَّة: قديمة؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد: فلا صَرِيخَ اليَوْمَ إِلا هُنَّهْ، مَعابِلٌ خُوصٌ وقَوْسٌ شَنَّهْ.
والشَّنُّ: الضعف، وأَصله من ذلك.
وتَشَنَّنَ جلد الإِنسان: تَغَضَّنَ عند الهَرَم.
والشَّنُونُ: المهزول من الدواب، وقيل: الذي ليس بمهزول ولا سمين، وقيل: السمين، وخص به الجوهري الإِبل.
وذئب شَنُونٌ: جائع؛ قال الطِّرِمَّاح: يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذَاه، شَجٍ بخُصُومةِ الذئبِ الشَّنُونِ.
وفي الصحاح: الجائع لأَنه لا يوصف بالسِّمَن والهُزال؛ قال ابن بري: وشاهد الشَّنُونِ من الإِبل قول زهير: منها الشَّنُونُ ومنها الزاهِقُ الزَّهِمُ.
ورأَيت هنا حاشية: إن زهيراً وصف بهذا البيت خيلاً لا إِبلاً؛ وقال أَبو خَيْرَة: إنما قيل له شَنُون لأَنه قد ذهب بعضُ سِمَنِه، فقد اسْتَشَنَّ كما تَسْتَشِنُّ القربة.
ويقال للرجل والبعير إذا هُزِلَ: قد اسْتَشَنَّ. اللحياني: مَهْزُول ثم مُنْقٍ إذا سَمِنَ قليلاً، ثم شَنُون ثم سَمِين ثم ساحٌّ ثم مُتَرَطِّم إذا انتهى سِمَناً.
والشَّنِينُ والتَّشْنِينُ والتَّشْنانُ: قَطَرانُ الماء من الشَّنَّةِ شيئاً بعد شيء؛ وأَنشد: يا مَنْ لدَمْعٍ دائِم الشَّنِين.
وقال الشاعر في التَّشْنَانِ: عَيْنَيَّ جُوداً بالدُّموعِ التوائِم سِجاماً، كتَشْنانِ الشِّنانِ الهَزائم.
وشَنَّ الماءَ على شرابه يَشُنُّه شَنّاً: صَبَّه صَبّاً وفرّقه، وقيل: هو صَبٌّ شبيه بالنَّضْحِ.
وسَنَّ الماءَ على وجهه أَي صبه عليه صبّاً سهلاً.
وفي الحديث: إذا حُمَّ أَحدُكم فَلْيَشُنَّ عليه الماءَ فَلْيَرُشَّه عليه رَشّاً متفرّقاً؛ الشَّنُّ: الصَّبُّ المُتَقَطِّع، والسَّنُّ: الصَّبُّ المتصل؛ ومنه حديث عمر: كان يَسُنُّ الماءَ على وجهه ولا يَشُنُّه أَي يُجْرِيه عليه ولا يُفَرِّقه.
وفي حديث بول الأََعرابي في المسجد: فدعا بدلو من ماء فشَنَّه عليه أَي صبها، ويروى بالسين.
وفي حديث رُقَيْقَةَ: فلْيَشُنُّوا الماءَ ولْيَمَسُّوا الطيبَ.
وعَلَقٌ شَنِينٌ: مصبوب؛ قال عبد مناف بن رِبْعِيٍّ الهذلي: وإنَّ، بعُقْدَةِ الأَنصابِ منكم، غُلاماً خَرَّ في عَلَقٍ شَنِينِ وشَنَّتِ العينُ دَمْعَها كذلك.
والشَّنِينُ: اللبن يُصَبُّ عليه الماء، حَليباً كان أَو حَقِيناً.
وشَنَّ عليه دِرْعَه يَشُنُّها شَنّاً: صبها، ولا يقال سَنِّا.
وشَنَّ عليهم الغارةَ يَشُنُّها شَنّاً وأَشَنَّ: صَبَّها وبَثَّها وفَرَّقها من كل وجه؛ قالت ليلى الأَخْيَلِيَّة: شَنَنّا عليهم كُلَّ جَرْداءَ شَطْبَةٍ لَجُوجٍ تُبارِي كلَّ أَجْرَدَ شَرْحَبِ وفي الحديث: أَنه أَمره أَن يَشُنَّ الغارَةَ على بني المُلَوِّحِ أَي يُفَرِّقَها عليهم من جميع جهاتهم.
وفي حديث علي: اتَّخَذْتُموه وراءَكم ظِهْرِيّاً حتى شُنَّت عليكم الغاراتُ.
وفي الجبين الشَّانَّانِ: وهما عرقان ينحدران من الرأْس إلى الحاجبين ثم إلى العينين؛ وروى الأَزهري بسنده عن أَبي عمرو قال: هما الشَّأْنَانِ، بالهمز، وهما عرقان؛ واحتج بقوله: كأَنَّ شَأْنَيْهِما شَعِيبُ والشَّانَّةُ من المسايل: كالرَّحَبَةِ، وقيل: هي مَدْفَعُ الوادي الصغير. أَبو عمرو: الشَّوَانُّ من مَسايل الجبال التي تَصُبُّ في الأَوْدِيةِ من المكان الغليظ، واحدتها شانَّة.
والشُّنانُ: الماء البارد؛ قال أَبو ذؤيب: بماءٍ شُنانٍ زَعْزَعَتْ مَتْنَه الصَّبَا، وجادَتْ عليه ديمةٌ بَعْدَ وابِلِ.
ويروى: وماء شُنانٌ، وهذا البيت استشهد به الجوهري على قوله ماء شُنانٌ، بالضم، متفرِّق، والماء الذي يقطر من قربة أَو شجرة شُنَانة أَيضاً.
ولبن شَنينٌ: مَحْضٌ صُبَّ عليه ماء بارد؛ عن ابن الأَعرابي. أَبو عمرو: شَنَّ بسَلْحِه إذا رمى به رقيقاً، والحُبَارَى تَشُنُّ بذَرْقِها؛ وأَنشد لمُدْرِك بن حِصْن الأَسَدِيِّ: فشَنَّ بالسَّلْح، فلما شَنّا بَلَّ الذُّنابَى عَبَساً مُبِنّاْ.
وشَنٌّ: قبيلة.
وفي المثل: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وفي الصحاح: وشَنٌّ حيٌّ من عَبْد القَيْس، ومنهم الأَعْوَرُ الشَّنِّيُّ؛ قال ابن السكيت: هو شَنُّ بنُ أَفْصى بن عبد القَيْس بن أَفْصى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلَةَ بن أَسَدِ بن رَبيعة بن نِزارٍ، وطَبَقٌ: حيٌّ من إِياد، وكانت شَنٌّ لا يُقامُ لها، فواقَعَتْها طَبَقٌ فانْتَصَفَتْ منها، فقيل: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وافَقَه فاعْتَنَقَه؛ قال: لَقِيَتْ شَنٌّ إِياداً بالقَنَا طَبَقاً، وافَقَ شَنٌّ طَبَقهْ.
وقيل: شَنٌّ قبيلة كانت تُكْثِرُ الغارات، فوافقهم طَبَقٌ من الناسِ فأَبارُوهم وأَبادُوهم، وروي عن الأَصمعي: كان لهم وعاء من أَدَم فتَشَنَّن عليهم فجعلوا له طَبَقاً فوافقه، فقيل: وافق شَنٌّ طبقه.
وشَنٌّ: اسم رجل.
وفي المثل: يَحْملُ شَنٌّ ويُفَدَّى لُكَيْزٌ.
والشِّنْشِنَة: الطبيعة والخَلِيقَة والسَّجِيَّة.
وفي المثل: شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَم. التهذيب: وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه قال لابن عباس في شيء شاوَرَه فيه فأَعجبه كلامه فقال: نِشْنِشَة أَعْرِفُها من أَخْشَن؛ قال أَبو عبيد: هكذا حَدَّثَ به سُفْيان، وأَما أَهل العربية فيقولون غيره. قال الأَصمعي: إنما هو شِنْشِنَة أَعْرِفُها من أَخْزم، قال: وهذا بيت رجز تمثل به لأَبي أَخْزَمَ الطائي وهو: إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُوني بالدَّمِ، شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَمِ، مَنْ يَلْقَ آسادَ الرِّجالِ يُكْلَمِ قال ابن بري: كان أَخْزَمُ عاقّاً لأَبيه، فمات وترك بَنِينَ عَقُّوا جَدَّهم وضربوه وأَدْمَوْه، فقال ذلك؛ قال أَبو عبيدة: شِنْشِنة ونِشْنِشَة، والنِّشْنِشَة قد تكون كالمُضْغَة أَو كالقطْعة تقطع من اللحم، وقال غير واحد: الشِّنْشِنةُ الطبيعة والسَّجِيَّةُ، فأَراد عمر إني أَعرف فيك مَشَابِهَ من أَبيك في رأْيِه وعَقْله وحَزْمه وذَكائه.
ويقال: إنه لم يكن لِقُرَشِيٍّ مثلُ رأْي العباس.
والشِّنْشِنة: القطعة من اللحم. الجوهري: والشَّنَان، بالفتح، لغة في الشَّنَآنِ؛ قال الأَحْوَصُ: وما العَيْشُ إلا ما تَلَذُّ وتَشْتَهي، وإنْ لامَ فيه ذُو الشَّنانِ وفَنَّدا. التهذيب في ترجمة فقع: الشَّنْشَنَةُ والنَّشْنَشة حركة القِرْطاسِ والثواب الجديد.

ذبب (لسان العرب) [1]


الذَّبُّ: الدَّفْعُ والـمَنْعُ.
والذَّبُّ: الطَّرْدُ.
وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ ومنع، وذَبَبْت عنه.
وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم؛ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ، إِلا ما ذُبَّ عنه؛ قال: مَنْ ذَبَّ منكم، ذَبَّ عَنْ حَمِـيمِهِ، * أَو فَرَّ منكم، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ.
ويقال: طِعانٌ غيرُ تَذْبِـيبٍ إِذا بُولِغَ فيه.
ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ.
وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم.
والذَّبِّـيُّ: الجِلْوازُ.
وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ.
وبعيرٌ ذَبٌّ: لا يَتَقارُّ في مَوْضِع؛ قال: فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ، * أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار فقوله ذَبَّةٌ، . . . أكمل المادة بالهاءِ، يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالـمَصْدر إِذ لو كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ، كقولك رِجالٌ عَدْلٌ.
والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِـيُّ، ويقال له أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غير مهموزٍ، وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ؛ وقيل: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِـيءُ؛ قال ابن مقبل: يُـمشّي بها ذَبُّ الرِّياد، كأَنه * فَـتىً فارِسِـيٌّ، في سَراويلَ، رامِحُ وقال النابغة: كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ، * ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ.
وقال غيره: قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِـه في مكانٍ واحدٍ، ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً.
وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِـيَّ الأَذبَّ؛ قال: بِلاداً، بها تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، * بها، سابِريٌّ لاحَ، منه، البَنائِقُ أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فقال الأَذَبَّ لحاجته.
وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هذه عن كُراع. أَبو عمرو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه: ما للْكَواعبِ، يا عَيْسَاءُ، قد جَعَلَتْ * تَزْوَرُّ عنّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الـحُجَرُ؟ قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، * ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش، أَو لغيرِه.
وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كذلك؛ قال: هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ، * مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً: وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ به * لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: اليابِسَ.
وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ.
وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوَى.
وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، في آخرِ الجَزْءِ، عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد: مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، * إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها يروى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى.
وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ لَوْنُه.
وذَبَّ: جَفَّ.
وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِـية عَطَشٍ.
وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِـيتُه.
وقيل: ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِـيتُه.
والذُّبابةُ: البقِـية من الدَّيْن ونحوِه؛ قال الراجز: أَو يَقْضِـيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ أَبو زيد: الذُّبابة بقِـيَّةُ الشيء؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة: لَـحِقْنا، فراجَعْنا الـحُمولَ، وإِنما * يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، الـمُراجِعُ يقول: إِنما يُدْرِكُ بقايا الـحَوائج من راجَع فيها.
والذُّبابة أَيضاً: البقِـية من مِـياه الأَنهارِ.
وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِـية، وقال: وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّـبا والذُّبابُ: الطَّاعون.
والذُّبابُ: الجُنونُ.
وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شمر: وفي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، * وفي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ أَي جُنونٌ.
والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ، يَسْقُط في الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، ولا تَقُلْ ذِبَّانة.
والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة؛ هكذا وقع في كتاب الـمُصَنَّف، رواية أَبي عليّ؛ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة، فَحَكى عن الكسائي: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِـيَ عن الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط على الدَّوابِّ، وأَثْـبت الهاءَ فيهما، والصَّواب ذُبابٌ، هو واحدٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايـتِها، إِنْ أَدَّى ما كان يُـؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ له، فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ. قال ابن الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ، وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ الـمَطَر حيثُ كان، ولأَنه يَعِـيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ ومعنى حِماية الوادي له: أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ، فإِذا حُمِـيَتْ مَراعِـيها، أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَـثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لم تُحْمَ مَراعِـيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ الـمَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وقيل: معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل الـمُباحِ سبيلُ الـمِـياهِ والـمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه، وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه، عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة.التهذيب: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بغير هاءٍ. قال: ولا يُقال ذُبَابة.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً؛ فسَّروه للواحد، والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قال النابغة: ضَرَّابة بالـمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سيبويه، ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ، ولو كان مـمَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف، لم يُكسَّر على ذلك البناءِ، كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه، لـمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِـي به إِلى التَّضْعِـيف، كسروه على أَفعلة؛ وقد حكى سيبويه، مع ذلك، عن العرب: ذُبٌّ، في جمع ذُبابٍ، فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِـيمِـيَّة، كما يَرْجِعون إِليها، فيما كان ثانِـيه واواً، نحو خُونٍ ونُورٍ.
وفي الحديث: عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً، والذُّبابُ في النار؛ قيل: كَوْنُه في النار ليس لعذاب له، وإِنما لِـيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم، والعرب تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وبعضهم يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه؛ قال الشاعر: لَعَلِّـيَ، إِنْ مالَتْ بِـيَ الرِّيحُ مَيلةً * على ابنِ أَبي الذِّبّانِ، أَن يَتَنَدّما يعني هشامَ بنَ عبدالملك.
وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّـبه: نَحَّاه.
ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ.
وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ.
وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ.
وقال الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبة، كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ.
وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ: أَصابه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كذلك، قاله أَبو عبيد في كتاب أَمراضِ الإِبل؛ وقيل: الأَذَبُّ والـمَذْبوبُ جميعاً: الذي إِذا وَقَع في الرِّيفِ، والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ، اسْتَوْبَـأَهُ، فمات مكانَه؛ قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء: كأَنـَّكَ، مِن جِمالِ بني تَـمِـيمٍ، * أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا يقول: كأَنـَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْـتَوَتْ عُنُقُه، فمات.
والـمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بها الذُّبابُ؛ وفي الحديث: أَنّ النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر، فقال: ذُبابٌ؛ الذُّبابُ الشُّـؤْم أَي هذا شُؤْمٌ.
ورجل ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ من الذُّبابِ، وهو الشُّؤْمُ.
وقيل: الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم، يقال: أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ.
وفي حديث المغيرة: شَرُّها ذُبابٌ.
وذُبابُ العَينِ: إِنْسانُها، على التَّشبِـيهِ بالذُّباب.
والذُّبابُ: نُكْـتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، والجمع كالجمع.
وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قال المثَقّب العبدي: وتَسْـمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، * كَتَغْريدِ الـحَمَامِ على الغُصُونِ وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ؛ وما حَوْلَه من حَدَّيْهِ: ظُبَتَاه؛ والعَيْرُ: النَّاتـئُ في وَسَطِه، من باطنٍ وظاهرٍ؛ وله غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ منهما، ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ، وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره؛ وقيل: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه الـمُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به، وقيل حَدُّه.
وفي الحديث: رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْـتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِل حَمْزَةُ.
والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس: ما حَدَّ من طَرَفِها. أَبو عبيد: في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن.
وذُبابُ الـحِنَّاء: بادِرةُ نَوْرِه.
وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قال عنترة: يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ، * وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب، وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِـيباً، فحذف للضرورة.
وذَبَّـبْنا لَيْـلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير.
ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قال ذو الرُّمة: مُذَبِّـبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي * وتَهْجِـيري، إِذا اليَعْفُورُ قالا اليَعْفُورُ: الظَّبيُ.
وقال: من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الـحَرِّ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ، فيُعَجَّل بالسَّيرِ.
وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لا فُتُورَ فيه.
وذَبَّبَ: أَسْرَع في السَّيرِ؛ وقوله: مَسِـيرَة شَهْرٍ للبَعِـيرِ الـمُذَبْذِبِ أَرادَ الـمُذَبِّبَ.
وأَذَبُّ البعيرِ: نابُهُ؛ قال الراجز: كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِّ والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ .
والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، والواحد ذُبْذُبٌ.
والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر.
وفي الحديث: مَنْ وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فقد وُقـيَ. فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه.
وفي رواية: مَن وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ؛ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه.
والذَّباذِبُ: المذاكِيرُ.
والذَّباذِبُ: ذكر الرجلِ، لأَنـَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وقيل الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ.
ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين، ولا تَـثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما.
وفي التنزيل العزيز في صفة المنافقين: مُذَبْذَبِـين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء. المعنى: مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء.
وفي الحديث: تَزَوَّجْ، وإِلاَّ فأَنتَ من الـمُذَبذِبِـينَ أَي الـمَطْرُودين عن المؤْمنين لأَنـَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم، وعن الرُّهْبانِ لأَنـَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه من الذَّبِّ، وهو الطَّرْدُ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ.
والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ.
والذَّبْذَبةُ: نَوْسُ الشيءِ الـمُعَلَّقِ في الهواءِ.
وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ ، وذَبْذَبَهُ هو؛ أَنشد ثعلب: وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِـيفُ، * ظَلَّ ،لأَعْلَى رأْسِهِ، رَجِـيفُ وفي الحديث: فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يريد كُـمَّيْهِ.
وفي حديث جابر: كان عليَّ بُرْدَة لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّـيَتْ بذلك لأَنـَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى؛ وقول أَبي ذؤَيب: ومِثْل السَّدُوسِـيَّـيْن، سادَا وذَبْذَبا * رِجال الـحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ قيل: ذَبْذَبا عَلَّقَا . يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ .
وفي الطَّعام ذُبَيْباءُ ، ممدودٌ ،حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ، ولم يفسِّره ؛ وقد قيل : إِنها الذُّنَيْناءُ، وستُذْكر في موضِعِها .
وفي الحديث : أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ ، هو جبلٌ بالمدينة.

ندي (لسان العرب) [1]


النَّدَى: البَلَلُ.
والنَّدَى: ما يَسْقُط بالليل، والجمع أَنْداءِ وأَندِيةٌ ، على غير قياس؛ فأَما قول مُرَّة بن مَحْكانَ: في لَيْلةٍ من جُمادى ذاتِ أَنْدِيةٍ لا يُبْصِرُ الكلبُ ، من ظَلْمائِها ، الطُّنُبا قال الجوهري: هو شاذٌ لأَنه جَمْعُ ما كان ممدوداً مثل كِساء وأَكْسية ؛ قال ابن سيده: وذهب قوم إلى أنه تكسير نادر ، وقيل: جَمَعَ نَدًى على أَنداء، وأَنداءً على نِداء ، ونِداء على أَنْدِية كرِداء وأَرْدِية، وقيل: لا يريد به أَفْعِلةً نحو أَحْمِرةٍ وأَقْفِزَةٍ كما ذهب إليه الكافَّة ، ولكن يجوز أَن يريد أَفْعُلة، بضم العين تأْنيث أَفْعُل، وجَمَعَ فَعَلا على أَفْعُلٍ كما قالوا أَجْبُلٌ وأَزْمُنٌ . . . أكمل المادة وأَرْسُنٌ، وأَما محمد بن يزيد فذهب إلى أَنه جمع نَدِيٍّ ، وذلك أَنهم يجتمعون في مجالِسهم لِقرَى الأَضْياف.
وقد نَدِيَتْ لَيْلتُنا نَدًى ، فهي نَدِيَّةٌ ، وكذلك الأَرض ، وأَنداها المطر ؛ قال: أَنْداهُ يومٌ ماطِرٌ فَطَلاَّ (* قوله «فطلا» كذا ضبط في الأصل بفتح الطاء، وضبط في بعض نسخ المحكم بضمها.) والمصدر النُّدُوَّةُ. قال سيبويه: هو من باب الفُتوَّة، فدل بهذا على أَن هذا كله عنده ياء، كما أَن واو الفتوّة ياء.
وقال ابن جني : أَما قولهم في فلان تَكرُّمٌ ونَدًى، فالإِمالة فيه تدل على أَن لام النُّدُوَّة ياء، وقولهم النَّداوة، الواو فيه بدل من ياء، وأَصله نَدايةٌ لما ذكرناه من الإمالة في النَّدَى ، ولكن الواو قلبت ياء لضرب من التوسع .
وفي حديث عذاب القَبْر: وجَريدَتَي النَّخْل لَنْ يَزال يُخفِّفُ عنهما ما كان فيهما نُدُوٌّ، يريد نَداوةً ؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في مسند أَحمد بن حنبل ، وهو غريب ، إنما يقال نَدِيَ الشيءُ فهو نَدٍ، وأَرضٌ نَدِيةٌ وفيها نَداوةٌ.
والنَّدَى على وجوه: نَدَى الماءِ، ونَدى الخَيرِ، ونَدى الشَّرِّ ، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدَى الحُضْر، ونَدَى الدُّخْنةِ ، فأَمَّا نَدَى الماء فمنه المطر ؛ يقال: أَصابه نَدًى من طَلٍّ ، ويومٌ نَدِيٌّ وليلة نَدِيَّةٌ.
والنَّدَى: ما أَصابَك من البَلَلِ .
ونَدَى الخَيْر: هو المعرُوف .
ويقال: أَنْدَى فلان علينا نَدًى كثيراً ، وإنَّ يده لَنَدِيَّةٌ بالمعروف ؛ وقال أَبو سعيد في قول القطامي : لَوْلا كَتائبُ مِنْ عَمْروٍ يَصُولُ بها، أُرْدِيتُ يا خَيْرَ مَنْ يَنْدُو له النَّادِي قال: معناه مَن يحوُل له شخصٌ أَو يَتَعَرَّض له شَبَحٌ. تَقول : رَمَيْتُ ببصري فما نَدَى لي شيء أَي ما تحرَّك لي شيء.
ويقال : ما نَدِيَني من فلان شيء أَكْرَهُه أَي ما بلَّني ولا أَصابني ، وما نَدِيَتْ كفِّي له بشَّرٍ وما نَدِيتُ بشيء تَكْرَهُه؛ قال النابغة : ما إن نَدِيتُ بِشيء أَنْتَ تَكْرَهُه، إذاً فَلا رَفَعَتْ صَوْتي إليَّ يَدِي (* رواية الديوان ، وهي المعوّلُ عليها : ما قُلتُ من سيّءٍ ممَّا أُتِيتَ به، * إذاً فلا رفعت سوطي إليَّ يدي) وفي الحديث: مَن لَقِيَ الله ولم يَتَنَدَّ من الدمِ الحَرامِ بشيء دخل الجنة أَي لم يُصِبْ منه شيئاً ولم يَنَلْه منه شيء، فكأَنه نالَتْه نَداوةُ الدمِ وبَلَلُه.
وقال القتيبي: النَّدَى المَطر والبَلَل، وقيل للنَّبْت نَدًى لأَنه عن نَدَى المطرِ نبَتَ، ثم قيل للشَّحْم نَدًى لأَنه عن ندَى النبت يكون؛ واحتج بقول عَمرو بن أَحمر: كثَوْر العَداب الفَرْدِ يَضْرِبهُ النَّدَى، تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنهِ وتَحَدَّرا أَراد بالنَّدى الأَوّل الغَيْث والمطر ، وبالنَّدَى الثاني الشَّحْمَ ؛ وشاهِدُ النَّدى اسم النبات قول الشاعر: يَلُسُّ النَّدَى ، حتى كأَنَّ سَراتَه. غَطاها دِهانٌ ، أَو دَيابِيجُ تاجِرِ ونَدى الحُضْر: بقاؤه؛ قال الجعدي أَو غيره: كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُفْضِي فَرَقاً إلى نَدَى العَقْبِ ، وشدًّا سَحْقا ونَدى الأَرض: نَداوتها وبَلَلُها .
وأَرض نَدِيَةٌ، على فَعِلة بكسر العين ، ولا تقل نَدِيَّةٌ ، وشجر نَدْيانُ.
والنَّدَى: الكَلأ ؛ قال بشر: وتِسْعةُ آلافٍ بحُرِّ بِلادِه تَسَفُّ النَّدَى مَلْبُونة ، وتُضَمَّرُ ويقال: النَّدَى نَدَى النهار، والسَّدَى نَدَى الليل؛ يُضربان مثلاً للجود ويُسمى بهما .
ونَدِيَ الشيء إذا ابْتلَّ فهو نَدٍ، مثال تَعِبَ فهو تِعِبٌ.
وأَنْدَيْته أَنا ونَدَّيْته أَيضاً تَنْدِيةً.
وما نَدِيَني منه شيء أَي نالَني ، وما نَدِيت منه شيئاً أَي ما أَصَبْت ولا علِمت ، وقيل: ما أَتَيْت ولا قارَبْت.
ولا يَنداك مني شيء تكرهه أَي ما يَصِيبك ؛ عن ابن كيسان.
والنَّدَى: السَّخاء والكرم.
وتندَّى عليهم ونَدِيَ : تَسَخَّى ، وأَنْدى نَدًى كثيراً كذلك .
وأَنْدَى عليه: أَفضل .
وأَنْدَى الرَّجلُ: كثر نداه أَي عَطاؤه، وأَنْدَى إذا تَسَخَّى ، وأَنْدَى الرجلُ إذا كثر نَداه على إخوانه، وكذلك انْتَدى وتَنَدَّى .
وفلان يَتَنَدَّى على أَصحابه: كما تقول هو يَتَسخَّى على أَصحابه، ولا تقل يُنَدِّي على أَصحابِه.
وفلان نَدِي الكَفَّ إذا كان سَخِيًّا.
ونَدَوتُ من الجُود.
ويقال سَنَّ للناس النَّدَى فنَدَوْا.
والنَّدَى: الجُود.
ورجل نَدٍ أَي جَوادٌ.
وفلانٌ أَنْدَى من فلان إذا كان أَكثر خيراً منه.
ورجلٌ نَدِي الكفِّ إذا كان سخيًّا ؛ وقال: يابِسُ الجنْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ بُوسٍ، ونَدِي الكَفَّيْنِ شَهْمٌ مُدِلُّ وحكى كراع: نَدِيُّ اليد ، وأَباه غيره .
وفي الحديث: بَكْرُ بن وائلٍ نَدٍ أَي سَخِيٌّ .
والنَّدى: الثَّرى .
والمُنْدِية: الكلمة يَعْرَق منها الجَبين.
وفلان لا يُنْدِي الوَتَرَ، بإسكان النون، ولا يُنَّدّي الوتر أي لا يُحسِنُ شيئاً عَجْزاً عن العمل وعِيًّا عن كل شيء ، وقيل: إذا كان ضعيف البدن .
والنَّدى: ضَرْب من الدُّخَن .
وعُود مُنَدًّى ونَدِيٌّ: فُتِقَ بالنَّدى أَو ماء الورد ؛ أَنشد يعقوب: إلى مَلِكٍ له كَرَمٌ وخِيرٌ ، يُصَبَّحُ باليلَنْجُوجِ النَّديِّ ونَدَتِ الإبلُ إلى أَعْراقٍ كَريمةٍ: نَزَعَت. الليث: يقال إنَّ هذه الناقة تَنْدُو إلى نُوقٍ كِرامٍ أَي تَنْزِع إليها في النسب ؛ وأَنشد : تَنْدُو نَواديها إلى صَلاخِدا ونَوادِي الإبلِ: شَوارِدها .
ونَوادي النّوى: ما تَطايرَ منها تحت المِرْضَخة.
والنَّداءُ والنُّداء: الصوت مثل الدُّعاء والرُّغاء ، وقد ناداه ونادى به وناداه مُناداة ونِداء أَي صاح به.
وأَنْدى الرجلُ إذا حسُن صوته.
وقوله عز وجل: يا قومِ إني أَخافُ عليكم يومَ التَّنادِ ؛ قال الزجاج: معنى يومِ التَّنادي يوم يُنادي أَصحابَ الجنةِ أَصحابُ النار أَن أَفِيضُوا علينا من الماء أَو مِما رزَقَكُمُ اللهُ، قال: وقيل يومَ التَّنادِّ ، بتشديد الدال، من قولهم نَدَّ البعيرُ إذا هَرَب على وجهه يَفِرّ بعضكم من بعض ، كما قال تعالى: يومَ يَفِرُّ المرءُ من أَخيه وأُمِّه وأَبيه .
والنَّدى: بُعد الصوت .
ورجل نَدِيُّ الصوتِ: بَعِيدُه.
والإنْداء: بُعْدُ مَدى الصوت.
ونَدى الصوتِ : بُعْدُ مَذْهَبه .
والنِّداءِ ، ممدود: الدُّعاءِ بأَرفع الصوت، وقد نادَيْته نِداء ، وفلان أَنْدى صوتاً من فلان أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرفع صوتاً وأَنشد الأَصمعي لِمِدْثارِ بن شَيْبان النَّمَري : تقولُ خَلِيلَتي لمّا اشْتَكَيْنا : سَيُدْرِكنا بَنْو القَرْمِ الهِجانِ فقُلْتُ: ادْعِي وأَدْعُ، فإِنَّ أَنْدى لِصَوْتٍ أَنْ يُنادِيَ داعِيانِ وقول ابن مقبل : أَلا ناديا ربعي كبسها للوى بحاجةِ مَحْزُونٍ ، وإنْ لم يُنادِيا (* قوله «ألا ناديا» كذا في الأصل .) معناه: وإن لم يُجيبا .
وتنَادَوْا أَي نادى بعضُهم بعضاً .
وفي حديث الدعاء: ثنتان لا تُردّان عند النّداء وعند البَأْس أَي عند الأَذان للصلاة وعند القتال.
وفي حديث يأْجوجَ ومأْجوج: فبينما هم كذلك إذ نُودُوا نادِيةً أَتى أَمْرُ اللهِ ؛ يريد بالنَّادِيةِ دَعْوةً واحدةً ونِداء واحداً ، فقَلب نِداءَة إلى نادِيةٍ وجعل اسم الفاعل موضع المصدر ؛ وفي حديث ابن عوف: وأَوْدَى سَمْعَه إلاَّ نِدايا (* قوله «سمعه» كذا ضبط في الأصل بالنصب ويؤيده ما في بعض نسخ النهاية من تفسير أودى بأهلك ، وسيأْتي في مادة ودي للمؤلف ضبطه بالرفع ويؤيده ما في بعض نسخها من تفسير أودى بهلك.) أراد إلا نِداء، فأَبدل الهمزة ياء تخفيفاً ، وهي لغة بعض العرب .
وفي حديث الأَذان: فإِنه أَندى صوتاً أَي أَرْفَعُ وأَعلى ، وقيل: أَحْسَنُ وأَعْذَب، وقيل: أَبعد .
ونادى بسرِّه: أَظهَره؛ عن ابن الأَعرابي ؛ وأَنشد : غَرَّاء بَلْهاء لا يَشْقى الضَّجِيعُ بها ، ولا تُنادي بما تُوشِي وتَسْتَمِعُ قال: وبه يفسر قول الشاعر : إذا ما مَشَتْ ، نادى بما في ثِيابها ذَكِيُّ الشَّذا ، والمَنْدَليُّ المُطَيَّرُ أَي أَظهره ودل عليه.
ونادى لك الطريقُ وناداكَ: ظهر ، وهذا الطريقُ يُناديك ؛ وأَما قوله: كالكَرْمِ إذ نادى من الكافُورِ فإنما أَراد: صاح. يقال: صاحَ النَّبْتُ إذا بَلَغ والْتَفَّ، فاستقبح الطَّيَّ في مستفعلن، فوضَع نادى موضع صاحَ لِيكْمُل به الجزء، وقال بعضهم: نادى النبتُ وصاحَ سواء معروف من كلام العرب.
وفي التهذيب: قال : نادى ظَهَر ، ونادَيْتُه أَعْلَمْتَه، ونادى الشيء رآه وعلمه ؛ عن ابن الأَعرابي.
والنَّداتان من الفَرَس: الغرُّ الذي يَلي باطنَ الفائل، الواحدة نَداةٌ.
والنَّدى: الغاية مثل المَدى ، زعم يعقوب أَن نونه بدل من الميم. قال ابن سيده: وليس بقويّ.
والنَّادِياتُ من النخل: البعيدةُ الماء.
ونَدا القومُ نَدْواً وانْتَدَوْا وتَنادَوا: اجْتَمعوا؛ قال المُرَقِّشُ: لا يُبْعِدِ اللهُ التَّلَبُّبَ والْـ ـغاراتِ ، إذْ قال الخَمِيسُ نَعَمْ والعَدَوَ بَيْنَ المَجْلِسَيْنِ إذا آدَ العَشِيُّ ، وتَنادَى العَمُّ والنَّدْوةُ: الجَماعة.
ونادى الرجلَ: جالَسَه في النَّادى ، وهو من ذلك ؛ قال: أُنادي به آلَ الوَلِيدِ وجعْفَرا والنَّدى: المُجالسة.
ونادَيْتُه: جالَسْته.
وتنادَوْا أَي تَجالَسُوا في النَّادي.
والنَّدِيُّ: المجلس ما داموا مجتمعين فيه ، فإذا تفرقوا عنه فليس بنَدِيٍّ ، وقيل: النَّدِيُّ مجلس القوم نهاراً ؛ عن كراع.
والنَّادي: كالنَّديّ. التهذيب: النَّادي المَجْلِس يَنْدُو إليه مَن حَوالَيْه، ولا يَسمى نادياً حتى يكون فيه أَهلُه، وإذا تفرَّقوا لم يكن نادِياً ، وهو النَّدِيُّ، والجمع الأَنْدِيةُ .
وفي حديث أُمّ زرع: قريبُ البيتِ من النَّادي ؛ النادي: مُجْتَمعُ القومِ وأَهلُ المجلس، فيقع على المجلس وأَهلِه، تقول: إنَّ بيته وسَطَ الحِلَّة أَو قريباً منه لِيَغْشاه الأَضيافُ والطُّرَّاقُ.
وفي حديث الدُّعاء: فإن جارَ النَّادي يَتَحَوَّل أَي جار المجلس، ويروى بالباء الموحدة من البَدْوِ.
وفي الحديث : واجعلني في النَّدِيِّ الأَعْلى ؛ النَّدِيُّ، بالتشديد: النَّادي أَي اجعلني مع المَلإ الأَعلى من الملائكة ، وفي رواية: واجعلني في النِّداء الأَعلى؛ أَراد نداءِ أَهل الجنةِ أَهلَ النار أَنْ قد وجَدْنا ما وعَدنا ربُّنا حقًّا.
وفي حديث سَرِيَّة بني سُلَيْم: ما كانوا ليَقْتُلُوا عامِراً وبَني سُلَيْمٍ وهم النَّدِيُّ أَي القومُ المُجْتَمِعُون.
وفي حديث أَبي سعيد: كنا أَنْداءِ فخرج علينا رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ الأَنْداء: جمع النادي وهم القوم المجتمعون ، وقيل: أَراد أَنَّا كنا أَهل أَنْداء ، فحذف المضاف .
وفي الحديث: لو أَن رجلاً نَدَى الناسَ إلى مَرْماتَيْن أَو عَرْقٍ أَجابوه أَي دَعاهم إلى النَّادِي . يقال: نَدَوْتُ القومَ أَنْدوهم إذا جَمَعْتَهم في النَّادِي، وبه سُمِّيت دارُ النَّدْوة بمكة التي بَناها قُصَيٌّ، سُمِّيت بذلك لاجتماعهم فيها. الجوهري: النَّدِيُّ، على فَعِيل، مجلس القوم ومُتَحَدَّثُهم، وكذلك النَّدْوةُ والنَّادِي والمُنْتَدَى والمُتَنَدَّى .
وفي التنزيل العزيز: وتأْتُونَ في نادِيكُمُ المُنْكَرَ؛ قيل: كانوا يَحْذفون الناس في مَجالِسِهم فأَعْلَم اللهُ أَن هذا من المنكر ، وأَنه لا ينبغي أَن يَتَعاشَرَ الناسُ عليه ولا يَجْتَمِعُوا على الهُزُؤ والتَّلَهِّي، وأَن لاَ يَجْتَمعوا إلا فيما قَرَّب من الله وباعَدَ من سَخَطه؛ وأَنشدوا شعراً زعموا أَنه سُمع على عَهْد سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم: وأَهْدَى لَنا أَكْبُشاً تَبَخْبَخُ في المِرْبَدِ وروحك في النادي ويَعْلَمُ ما في غَدِ (*قوله « وروحك» كذا في الأصل .) فقال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: لا يعلم الغَيبَ إلاَّ اللهُ .
ونَدَوْتُ أَي حَضَرْتُ النَّدِيَّ، وانْتَدَيتُ مثله.
ونَدَوْتُ القوم: جمعتهم في النَّدِيِّ.
وما يَنْدُوهم النَّادِي أَي ما يَسَعُهم ؛ قال بشر بن أبي خازم : وما يَنْدُوهمُ النَّادي ، ولكنْ بكلِّ مَحَلَّةٍِ مِنْهم فِئامُ أَي ما يَسَعُهم المجلس من كثرتهم، والاسم النَّدْوةُ، وقيل : النَّدْوةُ الجماعة، ودارُ النَّدْوةِ منه أَي دارُ الجماعةِ، وسُميت من النَّادي، وكانوا إذا حَزَبهم أَمْرٌ نَدَوْا إليها فاجتمعوا للتَّشاورِ، قال وأُناديكَ أُشاوِرُك وأُجالِسُك ، من النَّادي.
وفلان يُنادي فلاناً أَي يُفاخِرُه؛ ومنه سميت دارُ النَّدْوة، وقيل للمفاخَرةُ مُناداة، كما قيل مُنافَرة؛ قال الأَعشى : فَتىً لو يُنادِي الشمسَ أَلْقَتْ قِناعَها، أَو القَمَرَ السَّارِي لأَلْقَى القَلائِدا (* قوله «القلائدا» كذا في الأصل، والذي عَشِيرتَه في التكملة : المقالدا.) أَي لو فاخَر الشمس لَذَلَّتْ له، وقٍِناعُ الشمسِ حُسْنُها.
وقوله تعالى: فَلْيَدْعُ نادِيَه؛ يريد عَشِرَته، وإنما هم أَهلُ النَّادِي، والنَّادي مكانه ومجلسه فسماه به، كما يقال تَقَوَّضَ المجلس . الأَصمعي: إذا أَورَدَ الرجُلُ الإِبلَ الماء حتى تشرب قليلاً ثم يَجيء بها حتى تَرْعَى ساعةً ثم يَرُدّها إلى الماءِ ، فذلك التَّنْدِيةُ.
وفي حديث طلحة: خرجتُ بفَرَسٍ لي أُنَدِّيه (* قوله«أنديه» تبع في ذلك ابن الاثير ، ورواية الازهري: لأندّيه.) ؛ التَّنْدِيةُ: أَن يُورِدَ الرجُلُ فرسَه الماء حتى يَشْرَبَ، ثم يَرُدَّه إلى المَرْعَى ساعة، ثم يُعيده إلى الماء، وقد نَدا الفرسُ يَنْدُو إذا فَعَل ذلك؛ وأَنشد شمر: أَكلْنَ حَمْضاً ونَصِيًّا يابِسا ، ثمَّ نَدَوْنَ فأَكلْنَ وارِسا أَي حَمْضاً مُثْمِراً. قال أَبو منصور: وردَّ القتيبي هذا على أَبي عُبيد روايتَه حديثَ طَلحَة لأُنَدِّيَه، وزعم أَنه تَصْحيف ، وصوابه لأُبَدِّيَه، بالباء أَي لأُخْرِجه إلى البَدْوِ، وزعم أَن التَّنْدِيةَ تكون للإبل دون الخيل ، وأَن الإبل تُنَدَّى لطُول ظَمَئِها، فأَما الخيل فإَنها تُسْقَى في القَيْظ شَربتين كلّ يوم؛ قال أَبو منصور: وقد غَلِط القتيبي فيما قال، والصواب الأوّل ، والتَّندِيةُ تكون للخيل والإبل، قال : سمعت العرب تقول ذلك، وقد قاله الأصمعي وأَبو عمرو ، وهما إمامان ثقتان.
وفي هذا الحديث: أَنَّ سَلمَة بن الأَكْوَع قال كنت أَخْدُمُ طلحة وأَنه سأَلني أَن أَمْضِيَ بفرسه إلى الرِّعْي وأَسْقِيَه على ما ذكره ثم أُنَدِّيه، قال: وللتَّنْدِيةِ معنى آخر، وهو تَضْمِيرُ الخيلِ وإجْراؤها حتى تَعْرَقَ ويَذْهَبَ رَهَلُها، ويقال للعَرَق الذي يسِيل منها النَّدَى، ومنه قولُ طُفيل : نَدَى الماء مِنْ أَعْطافِها المُتَحَلِّب قال الأزهري: سمعت عَريفاً من عُرفاء القَرامِطة يقول لأصحابه وقد نُدِبُوا في سَرِيَّةٍ اسْتُنْهِضَتْ أَلا ونَدُّوا خيلَكم؛ المعنى ضَمِّرُوها وشُدُّوا عليها السُّرُوج وأَجْرُوها حتى تَعرَق.
واخْتصَم حَيّانِ مِن العرب في موضع فقال أَحدهما: مَرْكَزُ رِماحِنا ومَخْرَجُ نِسائنا ومَسْرَحُ بَهْمِنا ومُنَدَّى خَيْلنا أَي موضع تَنْدِيتها ، والاسم النَّدْوة .
ونَدَت الإبلُ إذا رَعَتْ فيما بين النَّهَلِ والعَلَل تَنْدُو نَدْواً ، فهي نادِيةٌ ، وتَنَدَّت مثله، وأَنْدَيْتها أنا ونَدَّيْتُها تَنْدِيةً.
والنُّدْوةُ، بالضم: موضع شرب الإبل ؛ وأَنشد لهِمْيان: وقَرَّبُوا كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ، قرِيبةٍ نُدْوتُه مِنْ مَحمَضِه، بَعِيدةٍ سُرَّتُه مِنْ مَغْرِضِهْ يقول: موْضِع شربه قريب لا يُتعب في طلَب الماء.
ورواه أَبو عبيد : نَدوَتُه من مُحْمَضِهْ، بفتح نون النَّدوة وضم ميم المُحمض. ابن سيده : ونَدَتِ الإبلُ نَدْواً خرجت من الحَمْض إلى الخُلَّةِ ونَدَّيْتُها ، وقيل: التَّنْدِية أَن تُوردها فتَشْرب قليلاً ثم تَجيء بها تَرْعَى ثم تَردّها إلى الماء ، والمَوضعُ مُنَدًّى ؛ قال علقمة بن عَبْدَة: تُرادَى على دِمْنِ الحِياضِ ، فإنْ تَعَفْ ، فإنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فَرُكُوب (* قوله «فركوب » هذه رواية ابن سيده ، ورواية الجوهري بالواو مع ضم الراء أَيضاً. ) ويروى: وَرَكُوب ؛ قال ابن بري: في تُرادَى ضمير ناقة تقدَّم ذكرها في بيت قبله، وهو: إليكََ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَعْمَلْتُ ناقتي، لِكَلْكَلِها والقُصْرَيَيْنِ وجيبُ وقد تقدّم أَن رِحلة ورَكُوب هضبتان ، وقد تكون التَّنْدِية في الخيل . التهذيب: النَّدْوَةُ السَّخاءُ ، والنّدْوةُ المُشاورة، والنَّدْوةُ الأَكْلة بين السَّقَْيَتَينِ، والنَّدَى الأَكلة بين الشَّرْبتين. أَبو عمرو: المُنْدِياتُ المُخْزِياتُ؛ وأَنشد ابن بري لأَوسْ بن حَجَر:طُلْس الغِشاء، إذا ما جَنَّ لَيْلُهُمُ بالمُنْدِياتِ، إلى جاراتِهم ، دُلُف قال: وقال الراعي : وإنَّ أَبا ثَوْبانَ يَزْجُرُ قَوْمَهُ عن المُنْدِياتِ ، وهْوَ أَحْمَقُ فاجِرُ ويقال: إنه ليَأْتِيني نَوادي كلامك أَي ما يخرج منك وقتاً بعد وقت ؛ قال طرفة: وبَرْكٍ هُجُودٍ قد أَثارت مَخافَتي نَوادِيَهُ ، أَمْشِي بعَضْبٍ مُجَرَّدِ (* رواية الديوان: بواديَها أي أوائلها ، بدل نواديَه ، ولعلها نواديَها لأن الضمير يعود إلى البرك جماعة الابل وهي جمع بارك.) قال أَبو عمرو: النّوادي النَّواحي ؛ أَراد أَثارَتْ مخافَتي إبلاً في ناحية من الإبل مُتَفَرِّقةً ، والهاء في قوله نَوادِيَه راجعة على البَرْكِ.
ونَدا فلان يَنْدُو نُدُوًّا إذا اعْتزلَ وتَنحَّى ، وقال: أَراد بنَواديَه قَواصِيَه . التهذيب: وفي النوادر يقال ما نَدِيتُ هذا الأَمْرَ ولا طَنَّفْته أَي ما قَرِبْتُه أَنْداه ويقال: لم يَندَ منهم نادٍ أَي لم يبق منهم أَحد.
ونَدْوةُ: فرس لأبي قَيْد بن حَرْمَل (* قوله « قيد بن حرمل » لم نره بالقاف في غير الأصل.)

طير (لسان العرب) [1]


الطَّيَرانُ: حركةُ ذي الجَناج في الهواء بِجَنَاحِهِ، طارَ الطائرُ يَطِيرُ طَيْراً وطَيراناً وطَيْرورة؛ عن اللحياني وكراع وابن قتيبة، وأَطارَه وطيَّره وطارَ بِه، يُعَدى بالهمزة وبالتضعيف وبحرف الجر. الصحاح: وأَطارَه غيرُه وطيَّره وطايَرَه بمعنى.
والطَّيرُ: معروف اسم لِجَماعةِ ما يَطِيرُ، مؤنث، والواحد طائِرٌ والأُنثى طائرةٌ، وهي قليلة؛ التهذيب: وقَلَّما يقولون طائرة للأُنثى؛ فاَّما قوله أَنشده الفارسي: هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في نُحورِهمْ، وبِيضاً تقِيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُ فإِنه عَنى بالطائرِ الدِّماغَ وذلك من حيثُ قيل له فرخٌ؛ قال: ونحنُ كَشَفْنا، عن مُعاوِيةَ، التي هي الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق عَنى بالفرْخ الدماغَ كما قلنا.
وقوله مُْنَقْنِق إِقراطاً من القول: ومثله . . . أكمل المادة قولُ ابن مقبل: كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهَامِ، بَيْنهُمُ، نَزْوُ القُلاتِ، زَهاها قالُ قالِينا وأَرضٌ مَطَارةٌ: كَثيرةُ الطَّيْرِ. فأَما قوله تعالى: إِنِّي أَخْلُقُ لكم من الطِّينِ كهَيْئَةِ الطَّيْرِ فأَنْفُخُ فيه فيكون طائراً بإِذن الله؛ فإِن معناه أَخلُق خَلْقاً أَو جِرْماً؛ وقوله: فأَنفخ فيه، الهاء عائدة إِلى الطَّيْرِ، ولا يكون منصرفاً إِلى الهيئة لوجهين: أَحدهما أَن الهَيْةَ أُنثى والضمير مذكر، والآخر أَنَّ النَّفْخَ لا يقع في الهَيْئَةَ لأَنها نوْعٌ من أَنواع العَرَضِ، والعَرَضُ لا يُنْفَخُ فيه، وإِنما يقع النَّفْخُ في الجَوْهَر؛ قال: وجميع هذا قول الفارسي، قال: وقد يجوز أَن يكون الطائرُ اسماً للجَمْع كالجامل والباقر، وجمعُ الطائر أَطْيارٌ، وهو أَحدُ ما كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه؛ فأَما الطُّيُورُ فقد تكون جمعَ طائر كساجِدِ وسُجُودٍ، وقد تكون جَمْعَ طَيْرٍ الذي هو اسمٌ للجَمع، وزعم قطرب أَن الطَّيْرَ يقَعُ للواحد؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك إِلا أَن يَعْني به المصدرَ، وقرئ: فيكون طَيْراً بإِذْنِ الله، وقال ثعلب: الناسُ كلُّهم يقولون للواحد طائرٌ وأَبو عبيدة معَهم، ثم انْفَرد فأَجازَ أَن يقال طَيْر للواحد وجمعه على طُيُور، قال الأَزهري: وهو ثِقَةٌ. الجوهري: الطائرُ جمعُه طَيرٌ مثل صاحبٍ وصَحْبٍ وجمع الطَّيْر طُيُورٌ وأَطْيارٌ مثل فَرْخ وأَفْراخ.
وفي الحديث: الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ وهي على رِجْلِ طائرٍ؛ قال: كلُّ حَرَكَةٍ من كلمة أَو جارٍ يَجْرِي، فهو طائرٌ مَجازاً، أَرادَ: على رِجْل قَدَرٍ جار، وقضاءٍ ماضٍ، من خيرٍ أَو شرٍّ، وهي لأَوَّلِ عابِرٍ يُعَبّرُها، أَي أَنها إِذا احْتَمَلَتْ تأْوِيلَين أَو أَكثر فعبّرها مَنْ يَعْرِفُ عَباراتها، وقَعَتْ على ما أَوّلَها وانْتَفَى عنها غيرُه من التأْويل؛ وفي رواية أُخرى: الرُّؤْيا على رِجْل طائرٍ ما لم تُعَبَّرْ أَي لا يستقِرُّ تأْوِيلُها حتى تُعَبِّر؛ يُرِيد أَنها سَرِيعةُ السقُوط إِذا عُبِّرت كما أَن الطيرَ لا يستَقِرُّ في أَكثر أَحوالِه، فكيف ما يكون على رِجْلِه؟ وفي حديث أَبي بكر والنسّابة: فمنكم شَيْبةُ الحمدِ مُطْعِم طَيْر السماءِ لأَنه لَمَّا نَحَرَ فِدَاءَ ابنهِ عبدِاللهِ أَبي سيِّدِنا رسول الله، «صلى الله عليه وسلم » مائةَ بعير فَرّقَها على رُؤُوس الجِبالِ فأَكَلَتْها الطيرُ.
وفي حديث أَبي ذَرٍّ: تَرَكَنَا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وما طائر يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلاَّ عِنْدَنا منه عِلْمٌ، يعني أَنه استوفى بَيانَ الشَّرِيعةِ وما يُحتاج إِليه في الدِّين حتى لم يَبْقَ مُشْكِلٌ، فضَرَبَ ذلك مَثَلاً، وقيل: أَراد أَنه لم يَتْرك شيئاً إِلا بَيَّنه حتى بَيَّن لهم أَحكامَ الطَّيْرِ وما يَحِلّ منه وما يَحْرُم وكيف يُذْبَحُ، وما الذي يفْدِي منه المُحْرِمُ إِذا أَصابه، وأَشْباه ذلك، ولم يُرِدْ أَن في الطيرِ عِلْماً سِوى ذلك عَلَّمهم إِيّاه ورَخّصَ لهم أَن يَتَعاطَوا زَجْرَ الطَّيْرِ كما كان يفعله أَهلُ الجاهلية.
وقوله عز وجل: ولا طائرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه؛ قال ابن جني: هو من التطوع المُشَامِ للتوكيد لأَنه قد عُلِم أَن الطَّيَرانَ لا يكون إِلا بالجَناحَيْنِ، وقد يجوز أَن يكون قوله بِجناحَيْه مُفِيداً، وذلك أَنه قد قالوا: طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها وقال العنبري: طارُوا إِليه زَرَافاتٍ ووُحْدانا ومن أَبيات الكتاب: وطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ فاستعملوا الطَّيَرانَ في غير ذي الجناح. فقوله تعالى: ولا طائرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه؛ على هذا مُفِيدٌ، أَي ليس الغرَضُ تَشْبِيهَه بالطائر ذي الجناحَيْنِ بل هو الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ.
والتَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ والذهابُ، ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم في الدار والمرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ منها في السماء وشِقَّةٌ في الأَرض أَي كأَنها تفَرَّقَتْ وتقَطَّعَتْ قِطَعاً من شِدّة الغَضَبِ.
وفي حديث عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه أَي تَفَرَّقَتْ فصارت قِطَعاً.
وفي حديث ابن مسعود: فَقَدْنا رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ أَي ذُهِبَ به بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَهُ أَحَدٌ.
والاسْتِطارَةُ والتَّطايُرُ: التفرُّقُ والذهابُ.
وفي حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن وقَسّمتها فيهن. قال ابن الأَثير: وقيل الهمزة أَصلية، وقد تقدم.
وتطايَرَ الشيءُ: طارَ وتفرَّقَ.
ويقال للقوم إِذا كانوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛ وأَصله أَن الطَّيرَ لا يَقَع إِلا على شيء ساكن من المَوَاتِ فضُرِبَ مثَلاً للإِنسان ووَقارِه وسكُونِه.
وقال الجوهري: كأَنَّ على رؤوسِهم الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا من هَيْبةٍ، وأَصله أَن الغُراب يقَعُ على رأْسِ البَعيرِ فيلتقط منه الحَلَمَةَ والحَمْنانة، فلا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه لئلاَّ يَنْفِر عنه الغُرابُ.
ومن أَمثالهم في الخصْب وكثرةِ الخير قولهم: هو في شيء لا يَطِيرُ غُرَابُه.
ويقال: أُطِيرَ الغُرابُ، فهو مُطارٌ؛ قال النابغة: ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقِدٍّ سَوْرةٌ في المَجْدِ، ليس غرابُها بمُطارِ وفلان ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لا حركة له من وَقارِه، حتى كأَنه لو وَقَعَ عليه طائرٌ لَسَكَنَ ذلك الطائرُ، وذلك أَن الإِنسان لو وقع عليه طائرٌ فتحرك أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذلك الطائرُ ولم يسْكُن؛ ومنه قول بعض أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنّا كنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، وكأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن ولا نتحرّك خَشْيةً من نِفارِ ذلك الطَّيْرِ.
والطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيّر، ومنه قولهم: لا طَيْرَ إِلاَّ طَيْرُ اللهِ، كما يقال: لا أَمْرَ إِلاَّ أَمْرُ الله؛ وأَنشد الأَصمعي، قال: أَنشدناه الأَحْمر: تَعَلَّمْ أَنه لا طَيرَ إِلاَّ على مُتَطيِّرٍ، وهو الثُّبورُ بلى شَيءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شيءٍ، أَحايِيناً، وباطلُه كَثِيرُ وفي صفة الصحابة، رضوان الله عليهم: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ؛ وصَفَهم بالسُّكون والوقار وأَنهم لم يكن فيهم طَيْشٌ ولا خِفَّةٌ.
وفي فلان طِيْرةٌ وطَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ وطَيْشٌ؛ قال الكميت: وحِلْمُك عِزٌّ، إِذا ما حَلُمْت، وطَيْرتُك الصابُ والحَنْظَلُ ومنه قولهم: ازجُرْ أَحْناءَ طَيْرِك أَي جوانبَ خِفّتِك وطَيْشِك.
والطائرُ: ما تيمَّنْتَ به أَو تَشاءَمْت، وأَصله في ذي الجناح.
وقالوا للشيء يُتَطَيَّرُ به من الإِنسان وغيرِه. طائرُ اللهِ لا طائرُك، فرَفَعُوه على إِرادة: هذا طائرُ الله، وفيه معنى الدعاء، وإِن شئت نَصَبْتَ أَيضاً؛ وقال ابن الأَنباري: معناه فِعْلُ اللهِ وحُكْمُه لا فِعْلُك وما تَتخوّفُه؛ وقال اللحياني: يقال طَيْرُ اللهِ لا طَيْرُك وطَيْرَ الله لا طَيرَك وطائرَ الله لا طائرَك وصباحَ اللهِ لا صَباحَك، قال: يقولون هذا كلَّه إِذا تَطَيَّرُوا من الإِنسانِ، النصبُ على معنى نُحِبّ طائرَ الله، وقيل بنصبهما على معنى أَسْأَلُ اللهَ طائرَ اللهِ لا طائِرَك؛ قال: والمصدرُ منه الطِّيَرَة؛ وجَرَى له الطائرُ بأَمرِ كذا؛ وجاء في الشر؛ قال الله عز وجل: أَلا إِنَّما طائرُهم عند الله؛ المعنى أَلا إِنَّما الشُّؤْم الذي يَلْحَقُهم هو الذي وُعِدُوا به في الآخرة لا ما يَنالُهم في الدُّنْيا، وقال بعضهم: طائرُهم حَظُّهم قال الأَعشى: جَرَتْ لَهُمْ طَيرُ النُّحوسِ بأَشْأَم وقال أَبو ذؤيب: زَجَرْت لهم طَيْرَ الشمالِ، فإِن تَكُن هَواكَ الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها وقد تَطَيَّر به، والاسم الطيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطُّورةُ.
وقال أَبو عبيد: الطائرُ عند العرب الحَظُّ، وهو الذي تسميه العرب البَخْتَ.
وقال الفراء: الطائرُ معناه عندهم العمَلُ، وطائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الذي قُلِّدَه، وقيل رِزْقُه، والطائرُ الحَظُّ من الخير والشر.
وفي حديث أُمّ العَلاء الأَنصارية: اقْتَسَمْنا المهاجرين فطارَ لنا عثمانُ بن مَظْعُون أَي حَصَل نَصِيبنا منهم عثمانُ؛ ومنه حديث رُوَيْفِعٍ: إِنْ كان أَحَدُنا في زمان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لَيَطِير له النَّصْلُ وللآخَر القِدْح؛ معناه أَن الرجُلين كانا يَقْتَسِمانِ السَّهْمَ فيقع لأَحدهما نَصْلُه وللآخر قِدْحُه.
وطائرُ الإِنسانِ: ما حصَلَ له في علْمِ الله مما قُدّرَ له.
ومنه الحديث: بالمَيْمونِ طائِرُه؛ أَي بالمُبارَكِ حَظُّه؛ ويجوز أَن يكون أَصله من الطَّيْرِ السانحِ والبارِحِ.
وقوله عز وجل: وكلَّ إِنْسانٍ أَلْزَمْناه طائرَه في عُنُقِه؛ قيل حَظُّه، وقيل عَمَلُه، وقال المفسرون: ما عَمِل من خير أَو شرّ أَلْزَمْناه عُنُقَه إِنْ خيراً فخيراً وإِن شرّاً فشرّاً، والمعنى فيما يَرَى أَهلُ النّظر: أَن لكل امرئ الخيرَ والشرَّ قد قَضاه الله فهو لازمٌ عُنُقَه، وإِنما قيل للحظِّ من الخير والشرّ طائرٌ لقول العرب: جَرَى له الطائرُ بكذا من الشر، على طريق الفَأْلِ والطِّيَرَةِ على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سبباً، فخاطَبَهُم اللهُ بما يستعملون وأَعْلَمَهم أَن ذلك الأَمرَ الذي يُسَمّونه بالطائر يَلْزَمُه؛ وقرئ طائرَه وطَيْرَه، والمعنى فيهما قيل: عملُه خيرُه وشرُّه، وقيل: شَقاؤه وسَعادتُه؛ قال أَبو منصور: والأَصل في هذا كله أَن الله تبارك وتعالى لما خَلَقَ آدمَ عَلِم قبْل خَلْقِه ذُرِّيَّتَه أَنه يأْمرهم بتوحيده وطاعتِه وينهاهم عن معْصيته، وعَلِم المُطِيعَ منهم والعاصيَ الظالمَ لِنفْسه، فكتَبَ ما علِمَه منهم أَجمعين وقضى بسعادة من عَلِمَه مُطِيعاً، وشَقاوةِ من عَلِمَه عاصياً، فصار لكلِّ مَنْ عَلِمه ما هو صائرٌ إِليه عند حِسَابِه، فذلك قولُه عز وجل: وكلَّ إِنسان أَلْزَمْناه طائرَه؛ أَي ما طار له بَدْأً في عِلْم الله من الخير والشر وعِلْمُ الشَّهادةِ عند كَوْنِهم يُوافقُ علْمَ الغيب، والحجةُ تَلْزَمهُم بالذي يعملون، وهو غيرُ مُخالف لما عَلِمَه اللهُ منهم قبل كَوْنِهم.
والعرب تقول: أَطَرْتُ المال وطَيَّرْتُه بينَ القومِ فطارَ لكلٍّ منهم سَهْمُه أَي صارَ له وخرج لَدَيْه سَهْمُه؛ ومنه قول لبيد يذكرُ ميراثَ أَخيه بين ورَثَتِه وحِيازةَ كل ذي سهمٍ منه سَهْمَه: تَطيرُ عَدائِد الأَشْراكِ شَفْعاً ووَتْراً، والزَّعامةُ لِلْغُلام والأَشْرَاكُ: الأَنْصباءُ، واحدُها شِرْكٌ.
وقوله شفعاً ووتراً أَي قُسِم لهم للذكر مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وخَلَصَت الرِّياسةُ والسِّلاحُ للذكور من أَولاده.
وقوله عز وجل في قصة ثمود وتَشاؤُمهم بِنَبِيّهم المبعوث إِليهم صالحٍ، عليه السلام: قالوا اطَّيَّرنا بك وبِمَنْ معك، قال طائركم عند الله؛ معناه ما أَصابَكم من خير وشر فمن الله، وقيل: معنى قولهم اطَّيَّرْنا تَشَاءَمْنا، وهو في الأَصل تَطَيَّرنا، فأَجابَهم الله تعالى فقال: طائرُكُم مَعَكم؛ أَي شُؤْمُكم معَكم، وهو كُفْرُهم، وقيل للشُؤْم طائرٌ وطَيْرٌ وطِيَرَة لأَن العرب كان من شأْنها عِيافةُ الطَّيْرِ وزَجْرُها، والتَّطَيُّرُ بِبَارِحها ونَعِيقِ غُرابِها وأَخْذِها ذَاتَ اليَسارِ إِذا أَثارُوها، فسمّوا الشُّؤْمَ طَيْراً وطائراً وطِيرَةً لتشَاؤُمهم بها، ثم أَعْلَم الله جل ثناؤه على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم أَن طِيَرَتَهم بها باطِلَةٌ.
وقال: لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ ولا هامةَ؛ وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يَتفاءَلُ ولا يَتَطَيَّرُ، وأَصْلُ الفَأْلِ الكلمةُ الحسَنةُ يَسْمعُها عَلِيلٌ فَيَتأَوَّلُ منها ما يَدُلّ على بُرْئِه كأَن سَمِع منادياً نادى رجلاً اسمه سالم، وهو عَليل، فأَوْهَمَه سلامَتَه من عِلّته، وكذلك المُضِلّ يَسْمع رجلاً يقول يا واجدُ فيَجِدُ ضالّته؛ والطِّيَرَةُ مُضادّةٌ للفَأْلِ، وكانت العربُ مَذهبُها في الفَأْلِ والطِّيَرَةِ واحدٌ فأَثبت النبي، صلى الله عليه وسلم، الفَأْلَ واسْتَحْسَنه وأَبْطَلَ الطِّيَرَةَ ونَهَى عنها.
والطِّيَرَةُ من اطَّيَّرْت وتطَيَّرت، ومثل الطِّيَرة الخِيَرَةُ. الجوهري تطَيَّرْت من الشيء وبالشيء، والاسم منه الطِّيَرَةُ، بكسر الطاء وفتح الياء، مثال العِنَبةِ، وقد تُسَكَّنُ الياءُ، وهو ما يُتَشاءمُ به من الفَأْل الردِيء.
وفي الحديث: أَنه كان يُحِبُّ الفأَلَ ويَكْرَهُ الطِّيَرَةَ؛ قال ابن الأَثير: وهو مصدرُ تطَيَّر طِيَرَةً وتخَيَّر خِيَرَةً، قال: ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما، قال: وأَصله فيما يقال التطَيُّرُ بالسوانح والبوارِح من الظبَاءِ والطَّيْرِ وغيرهما، وكان ذلك يَصُدُّهم عن مقاصِدِهم فنَفاه الشْرعُ وأَبْطَلَه ونهى عنه وأَخْبَر أَنه ليس له تأْثيرٌ في جَلْب نَفْع ولا دَفْع ضَرَرٍ؛ ومنه الحديث: ثلاثة لا يَسْلَم منها أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ والحَسَدُ: والظنُّ، قيل: فما نصْنعُ؟ قال: إِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، وإِذا حَسَدْتَ فلا تَبْغِ، وإِذا ظَنَنْتَ فلا تُصَحِّحْ.
وقوله تعالى: قالوا اطَّيّرْنا بِك وبِمَنْ معَك؛ أَصله تَطَيّرنا فأُدْغمَتِ التاء في الطاء واجْتُلِبَت الأَلفُ لِيصحَّ الابتداءُ بها.
وفي الحديث: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وما مِنّا إِلاَّ.
ولكن اللهَ يُذْهِبُه بالتَّوَكُّل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء الحديث مقطوعاً ولم يذكر المستثنى أَي إِلا قد يَعْتَرِيه التَّطيُّرُ ويَسْبِقُ إِلى قَلْبه الكراهةُ، فحذف اختصاراً واعتماداً على فهم السامع؛ وهذا كحديثه الآخر: ما فينا إِلا مَنْ هَمَّ أَوْ لَمَّ إِلا يحيى بن زكَرِيّا، فأَظْهَر المستثنى، وقيل: إِن قولَه وما منّا إِلا من قول ابن مسعود أَدْرَجَه في الحديث، وإِنما جَعَل الطِّيَرَة من الشِّرك لأَنهم كانوا يعتقدون أَن الطَّيْرَ تجْلُب لهم نفعاً أَو تدفع عنهم ضرَراً إِذا عَمِلُوا بِمُوجَبه، فكأَنهم أَشركوه مع الله في ذلك، وقولُه: ولكن الله يُذْهبُه بالتوكل معناه أَنه إِذا خَطَرَ له عارضُ التَّطيُّرِ فتوكل على الله وسلم إِليه ولم يعمل بذلك الخاطرِ غفَره الله له ولم يُؤاخِذْه به.
وفي الحديث: أَباكَ وطِيراتِ الشَّباب؛ أَي زلاَّتهم وعَثَراتهِم؛ جمع طِيرَة.
ويقال للرجل الحَدِيد السريع الفَيْئَةِ: إِنه لَطَيُّورٌ فَيُّورٌ.
وفرس مُطارٌ: حديدُ الفُؤاد ماضٍ.
والتَّطايُر والاسْتِطارةُ: التفرُّق.
واسْتَطارَ الغُبارُ إِذا انْتَشر في الهواء.
وغُبار طيّار ومُسْتَطِير: مُنْتَشر.
وصُبْحٌ مُسْتَطِير. ساطِعٌ منتشر، وكذلك البَرْق والشَّيْب والشرُّ.
وفي التنزيل العزيز: ويَخافُون يوماً كان شَرُّه مُسْتَطِيراً.
واسْتَطارَ الفجرُ وغيره إِذا انتشر في الأُفُق ضَوءَهُ، فهو مُسْتَطِير، وهو الصُّبْح الصادق البيّنُ الذي يُحَرِّم على الصائم الأَكلَ والشربَ والجماعَ، وبه تحلّ صلاة الفجر، وهو الخيط الأَبيض الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز، وأَما الفجر المستطيل، باللام، فهو المُسْتَدقّ الذي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان، وهو الخيط الأَسود ولا يُحَرِّم على الصائم شيئاً، وهو الصبح الكاذب عند العرب.
وفي حديث السجود والصلاة ذكرُ الفجر المُسْتَطِير، هو الذي انتشر ضوءه واعْتَرض في الأُفُقِ خلاف المستطيل؛ وفي حديث بني قريظة: وهانَ على سَراةِ بني لُؤَيٍّ حَرِيقٌ، بالبُوَيْرةِ، مُسْتَطِيرُ أَي منتشر متفرّق كأَنه طارَ في نواحيها.
ويقال للرجل إِذا ثارَ غضبُه: ثارَ ثائِرُه وطارَ طائِرُه وفارَ فائِرُه.
وقد اسْتطارَ البِلى في الثوب والصَّدْعُ في الزُّجاجة: تَبَيّن في أَجزائهما.
واسْتَطارَت الزُّجاجةُ: تبيّن فيها الانصداعُ من أَوّلها إِلى آخرها.
واسْتطارَ الحائطُ: انْصدَع من أَوله إِلى آخره؛ واسْتطارَ فيه الشَّقّ: ارتفع.
ويقال: اسْتطارَ فلانٌ سَيْفَه إذا انْتَزَعه من غِمْدِه مُسْرعاً؛ وأَنشد: إِذا اسْتُطِيرَتْ من جُفون الأَغْمادْ، فَقَأْنَ بالصَّقْع يَرابِيعَ الصادْ واسْتطارَ الصَّدْعُ في الحائط إِذا انتشر فيه.
واسْتطارَ البَرْقُ إِذا انتشر في أُفُقِ السماء. يقال: اسْتُطِيرَ فلانٌ يُسْتَطارُ اسْتِطارةً، فهو مُسْتَطار إِذا ذُغِرَ؛ وقال عنترة: متى ما تَلْقَني، فَرْدَينِ، تَرْجُفْ رَوانِفُ أَلْيَتَيكَ وتُسْتطارا واسْتُطِير الفرسُ، فهو مُسْتَطارٌ إِذا أَسْرَع الجَرْيَ؛ وقول عدي: كأَنَّ رَيِّقَه شُؤْبُوبُ غادِيةٍ، لما تَقَفَّى رَقِيبَ النَّقْعِ مُسْطارا قيل: أَراد مُسْتَطاراً فحذف التاء، كما قالوا اسْطَعْت واسْتَطَعْت.
وتَطايَرَ الشيءُ: طال.
وفي الحديث: خُذْ ما تَطايَرَ من شَعرِك؛ وفي رواية: من شَعرِ رأْسِك؛ أَي طال وتفرق.
واسْتُطِير الشيءُ أَي طُيِّر؛ قال الراجز: إِذا الغُبارُ المُسْتطارُ انْعَقّا وكلبٌ مُسْتَطِير كما يقال فَحْلٌ هائِجٌ.
ويقال أَجْعَلَت الكلبةُ واسْتطارت إِذا أَرادت الفحلَ.
وبئر مَطارةٌ: واسعةُ الغَمِ؛ قال الشاعر:كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها، هُوِيّ الرِّيحِ في جَفْرٍ مَطارِ وطَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، وقيل: إِنما ذلك إِذا أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ وقد طَيَّرَت هي لَقَحاً ولَقاحاً كذلك أَي عَجِلت باللِّقاح، وقد طارَتْ بآذانها إِذا لَقِحَتْ، وإِذا كان في بطن الناقة حَمْل، فهي ضامِنٌ ومِضْمان وضَوامِنُ ومَضامِينُ، والذي في بطنها ملقوحةٌ وملقوح؛ وأَنشد: طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح، في الهَيْجِ، قبل كلَبِ الرِّياحِ وطارُوا سِراعاً أَي ذهبوا.
ومَطارِ ومُطارٌ، كلاهما: موضع؛ واختار ابن حمزة مُطاراً، بضم الميم، وهكذا أَنشد، هذا البيت: حتى إِذا كان على مُطار والروايتان جائزتان مَطارِ ومُطار، وسنذكر ذلك في مطر.
وقال أَبو حنيفة: مُطار واد فيما بين السَّراة وبين الطائف.
والمُسْطارُ من الخمر: أَصله مُسْتَطار في قول بعضهم.
وتَطايَرَ السحابُ في السماء إِذا عَمّها.
والمُطَيَّرُ: ضَرْبٌ من البُرود؛ وقول العُجَير السلولي: إِذا ما مَشَتْ، نادى بما في ثِيابها، ذَكِيٌّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطيَّرُ قال أَبو حنيفة: المُطَيَّر هنا ضربٌ من صنعته، وذهب ابن جني إِلى أَن المُطَيَّر العود، فإِذا كان كذلك كان بدلاً من المَنْدليِّ لأَن المندلي العُود الهندي أَيضاً، وقيل: هو مقلوب عن المُطَرَّى؛ قال ابن سيده: ولا يُعْجِبني؛ وقيل: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قال ابن بري: المَنْدَليّ منسوب إِلى مَنْدَل بلد بالهند يجلب منه العود؛ قال ابن هَرْمَة:أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى، إِذا نِمْنا، أَلمَّ بنا فَزارا كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، باتوا بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قِمَارا وقِمار أَيضاً: موضع بالهند يجلب منه العُود.
وطارَ الشعر: طالَ؛ وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي: طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه سَلِيمُ رِماحٍ، لم تَنَلْه الزَّعانِفُ طِيرِي أَي اعْلَقي به.
ومِخْراق: كريم لم تنله الزعانف أَي النساء الزعانف، أَي لم يَتزوّج لئيمةً قط. سَلِيم رِماح أَي قد أَصابته رماحٌ مثل سَلِيم الحيّة.
والطائرُ: فرس قتادة بن جرير.
وذو المَطارة: جبل.
وقوله في الحديث: رجل مُمْسِكٌ بَعِنانِ فَرسه في سبيل الله يَطِير على مَتْنِه؛ أَي يُجْرِيه في الجهاد فاستعار له الطَيرانَ.
وفي حديث وابِصَة: فلما قُتل عثمان طارَ قَلْبي مَطارَه أَي مال إِلى جهة يَهواها وتعلّق بها.
والمَطارُ: موضع الطيَرانِ.

الشذا (المعجم الوسيط) [0]


 قُوَّة الرَّائِحَة وَكسر الْعود الصغار يتطيب بهَا 

الشذاة (المعجم الوسيط) [0]


 بَقِيَّة الْقُوَّة والشدة