المصادر:  


خسف (الصّحّاح في اللغة) [50]


 خَسَفَ المكان يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَبَ في الأرض. الله به الأرض خَسْفاً، أي غاب به فيها.
ومنه قوله تعالى: "فَخَسَفْنا به وبدارِهِ الأرضَ. في الأرض وخُسِفُ به.
وخُسوفُ العين: ذَهابها في الرأس.
وخُسوفُ القمر: كسوفه. قال ثعلبٌ: كَسَفِتِ الشمسُ وخَسَفَ القمر هذا أجود الكلام. النقصانُ. يقال رضي فلانٌ بالخَسْفِ، أي بالنقيصة، وبات فلانُ الخَسْفَ، أي جائعاً.
ويقال سامه الخَسْفَ، وسامه خَسْفاً، وخُسْفاً أيضاً بالضم، أي أَوْلاهُ ذُلاً، ويقال كلّفه المشقّة والذلَّ. الرَكيَّة: مَخْرجُ مائها.
والخاسِفُ: المهزولُ. قال أبو عمرو: الخَسيفُ: البئر التي تحفر في حجارةٍ فلا ينقطع ماؤها كثْرةً، والجمع . . . أكمل المادة خُسُفٌ. وقعوا في أَخاسيفَ من الأرض، وهي اللَيِّنة.

خسف (لسان العرب) [50]


الخسف: سُؤُوخُ الأَرض بما عليها. خَسَفَتْ تَخْسِفُ خَسْفاً وخُسوفاً وانْخَسَفَتْ وخَسَفَها اللّه وخَسَف اللّه به الأَرضَ خَسْفاً أَي غابَ به فيها؛ ومنه قوله تعالى: فَخَسَفْنا به وبدارِه الأَرضَ. هو في الأَرض وخُسِفَ به، وقرئ: لخُسِف بنا، على ما لم يسمَّ فاعله.
وفي حرف عبد اللّه: لا نْخُسِفَ بنا كما يقال انْطُلِقَ بنا، وانْخَسَفَ به الأَرضُ وخَسَفَ اللّه به الأَرضَ وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَب في الأَرض، وخَسَفَه اللّه تعالى. الأَزهري: وخُسِفَ بالرجل وبالقومِ إذا أَخذته الأَرضُ ودخل فيها. إلْحاقُ . . . أكمل المادة الأَرض الأُولى بالثانية. غُؤُورُ العينِ، وخُسوفُ العينِ: ذَهابُها في الرأْس. ابن سيده: خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ، وخسَفَها يَخْسِفُها خَسْفاً وهي خَسِيفةٌ: فَقَأَها.
وعين خاسِفةٌ: وهي التي فُقِئَتْ حتى غابت حَدَقَتاها في الرأْس.
وعينٌ خاسِفٌ إذا غارَتْ، وقد خَسَفَتِ العينُ تَخْسِفُ خُسُوفاً؛ وأَنشد الفراء: مِن كلِّ ملْقى ذَقَنٍ جَحُوفِ، يَلِحُّ عِنْدَ عَيْنِها الخَسِيفِ وبعضهم يقول: عينٌ خَسِيفٌ والبئر خَسِيفٌ لا غير. الشمسُ وكسَفَتْ بمعنًى واحد. ابن سيده: خَسَفَتِ الشمسُ تَخْسِفُ خُسوفاً ذهب ضَوْؤُها، وخسَفَها اللّه وكذلك القمر. قال ثعلب: كسَفتِ الشمسُ وخسَف القمر هذا أَجودُ الكلام، والشمسُ تَخْسِفُ يوم القيامةِ خُسوفاً، وهو دخولها في السماء كأَنها تَكَوَّرَتْ في جُحْر. الجوهري: وخُسوفُ القمرِ كُسوفُه.
وفي الحديث: إن الشمسَ والقمرَ لا يَخْسِفانِ (* قوله «لا يخسفان» في النهاية: لا ينخسفان.) لموْتِ أَحَدٍ ولا لِحَياتِه. يقال: خَسَفَ القمرُ بوزن ضرَب إذا كان الفعل له، وخُسِفَ على ما لم يسمّ فاعله. قال ابن الأَثير: وقد ورد الخُسوفُ في الحديث كثيراً للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوفُ لا الخُسوفُ، فأَما إطلاقُه في مثل هذا فتغليباً للقمر لتذكيره على تأْنيث الشمس، فجمع بينهما فيما يَخُصّ القمر، وللمعاوضة أَيضاً فإنه قد جاء في رواية أُخرى: إن الشمس والقمر لا يَنْكَسِفانِ، وأَما إطلاقُ الخُسوفِ على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما.
والانْخِسافُ: مُطاوِعُ خَسَفْتُه فانْخَسَفَ. الشيءَ يَخْسِفُه خَسْفاً: خَرَقَه. السقْف نفْسُه وانْخَسَفَ: انْخَرَقَ.
وبئر خَسُوفٌ وخَسِيفٌ: حُفِرَتْ في حجارة فلم ينقطع لها مادّة لكثرة مائها، والجمع أَخْسِفةٌ وخُسُفٌ، وقد خَسَفَها خَسْفاً، وخَسْفُ الرَّكِيَّةِ: مَخْرَجُ مائها.
وبئرٌ خَسِيفٌ إذا نُقِبَ جَبَلُها عن عَيْلَمِ الماء فلا يَنْزَحُ أَبداً. أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إلى ماء عِدٍّ. أَبو عمرو: الخَسِيفُ البئر التي تُحْفَرُ في الحجارة فلا ينقطع ماؤها كثرةً؛ وأَنشد غيره: قد نَزَحَتْ، إنْ لم تَكُنْ خَسِيفا، أَو يَكُنِ البَحرُ لها حليفا وقال آخر: من العَيالِمِ الخُسْفُ، وما كانت البئر خَسِيفاً، ولقد خُسِفَتْ، والجمع خُسُفٌ. حديث عمر أَن العباس، رضي اللّه عنهما، سأَله عن الشعراء فقال: امرؤ القيس سابِقُهم خَسَفَ لهم عَيْن الشعر فافْتَقَرَ (* قوله «فافتقر إلخ» فسره ابن الأثير في مادة فقر فقال: أَي فتح عن معان غامضة.) عن معانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ أَي أَنْبَطَها وأَغْزَرها لهم، من قولهم خَسَفَ البئرَ إذا حَفَرَها في حجارة فنبعت بماء كثير، يريد أَنه ذَلَّلَ لهم الطريق إليه وبَصَّرَهُم بمَعاني الشِّعْر وفَنَّن أَنواعه وقَصَّدَه، فاحْتَذَى الشعراء على مثاله فاستعار العين لذلك.
ومنه حديث الحجاج قال لرجل بعثه يَحفِرُ بئراً: أَخَسَفْتَ أَم أَوشَلْتَ؟ أَي أَطْلَعْتَ ماء كثيراً أَم قلِيلاً.
والخَسِيفُ من السَّحابِ: ما نَشَأَ من قِبَلِ العَيْنِ حامِلَ ماء كثير والعينُ عن يمين القبلة. الهُزالُ والذُّلُّ.
ويقال في الذُّلِّ خُسْفٌ أَيضاً، والخَسْفُ والخُسْفُ: الإذْلالُ وتَحْمِيلُ الإنسان ما يَكْرَه؛ قال الأَعشى: إذْ سامَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال له: اعْرِضْ عليَّ كذا أَسْمَعْهما، حارِ (* في قصيدة الأعشى: قلْ ما تشاء، فاني سامعٌ حارِ) والخَسْفُ: الظلم؛ قال قَيس بن الخطيم: ولم أَرَ كامْرئٍ يَدْنُو لِخَسْفٍ، له في الأَرض سَيْرٌ وانْتِواء وقال ساعِدةُ بن جُؤيّةَ: أَلا يا فَتًى، ما عَبْدُ شَمْسٍ بِمِثْلِه يُبَلُّ عل العادِي وتُؤْبَى الـمَخاسِفُ الـمَخاسِفُ: جمع خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشابهَ ومَلامِحَ.
ويقال: سامَه الخَسْفَ وسامَه خَسْفاً وخُسْفاً، أَيضاً بالضم، أَي أَوْلاه ذُلاًّ.
ويقال: كلَّفه الـمَشَقَّةَ والذُّلَّ.
وفي حديث عليّ: مَنْ تَرَكَ الجِهادَ أَلْبَسَه اللّهُ الذِّلَّةَ وسيمَ الخَسْفَ؛ الخَسْفُ: النُّقْصانُ والهَوانُ، وأَصله أَن تُحْبَسِ الدابةُ على غير عَلَفٍ ثم استعير فوضع موضع الهَوان، وسِيمَ: كُلِّفَ وأُلزِمَ. الجُوعُ؛ قال بِشْر بن أَبي خازم: بضَيْفٍ قد أَلَّم بِهِمْ عِشاءً، على الخَسْفِ الـمُبَيَّنِ والجُدُوبِ أَبو الهيثم: الخاسفُ الجائعُ؛ وأَنشد قول أَوس: أَخُو قُتُراتٍ قد تَبَيَّنَ أَنه، إذا لم يُصِبْ لَحْماً من الوَحْشِ، خاسِفُ أَبو بكر في قولهم شربنا على الخَسْفِ أَي شربنا على غير أَكل.
ويقال: بات القوم على الخَسْف إذا باتوا جياعاً ليس لهم شيء يتقوَّتونه.
وباتت الدابةُ على خَسْف إذا لم يكن لها عَلَف؛ وأَنشد: بِتْنا على الخَسْفِ، لا رِسْلٌ نُقاتُ به، حتى جَعَلْنا حِبالَ الرَّحْلِ فُصْلانا أَي لا قُوتَ لنا حتى شَدَدْنا النُّوقَ بالحِبالِ لِتَدِرَّ علينا فَنَتَقَوَّتَ لبَنها. الجوهري: بات فلان الخَسْفَ أَي جائعاً. في الدَّوابّ: أَن تُحْبَسَ على غير عَلَف. النُّقْصانُ. يقال: رَضِيَ فلان بالخَسْفِ أَي بالنَّقِيصة؛ قال ابن بري: ويقال الخَسِيفَةُ أَيضاً؛ وأَنشد: ومَوْتُ الفَتى، لم يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً، أَعَفُّ وأَغْنَى في الأَنامِ وأَكْرَمُ والخاسِف: الـمَهْزولُ.
وناقة خَسِيفٌ: غَزيرَةٌ سرِيعةُ القَطْعِ في الشّتاء، وقد خَسَفَتْ خَسْفاً. النُّقَّهُ من الرِّجال. ابن الأَعرابي: ويقال للغلام الخَفِيف النَّشِيطِ خاسِفٌ وخاشِفٌ ومَرّاقٌ ومُنْهَمِكٌ. الجَوْزُ الذي يؤكل، واحدته خَسْفةٌ، شِحْرِيّةٌ؛ وقال أَبو حنيفة: هو الخُسْفُ، بضم الخاء وسكون السين؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح.
والخَسِيفانُ: رَدِيءُ التمْرِ؛ عن أَبي عمرو الشيباني، حكاه أَبو عليّ في التذكرة وزعم أَن النون نون التثنية وأَنّ الضم فيها لغة، وحكى عنه أَيضاً: هما خليلانُ، بضم النون.
والأَخاسِيفُ: الأَرضُ اللَّيِّنَةُ. يقال: وقَعُوا في أَخاسِيفَ من الأَرض وهي اللينة.

خ س ف (المصباح المنير) [50]


 خَسَفَ: المكان "خَسْفًا" من باب ضرب و "خُسُوفًا" أيضا: غار في الأرض، و "خَسَفَهُ" الله يتعدى ولا يتعدى، و "خَسَفَ" القمر ذهب ضوءه أو نقص وهو "الكُسُوفُ" أيضا وقال ثعلب: أجود الكلام "خَسَفَ" القمر و "كَسَفَتِ" الشمس، وقال أبو حاتم في الفرق: إذا ذهب بعض نور الشمس فهو الكسوف، وإذا ذهب جميعه فهو "الخُسُوفُ" ، و "خَسَفَتِ" العين إذا ذهب ضوءها، وخسفت عين الماء غارت، و "خَسَفْتُهَا" أنا وأَسَامَهُ "الخسف" أولاه الذلّ والهوان. 

خ - س - ف (جمهرة اللغة) [50]


الخَسْف: خَسْف الأرض حتى يغيب ظاهرها، وخَسَفَ اللهّ بهم الأرض يخسِفها خَسْفاً. وخَسَفَ القمرُ، إذا انكسف، ويقال: خَسَفَ القمرُ وانكسفتِ الشمسُ قال بعض أهل اللغة: لا يقال انكسف القمر أصلاً، إنما يقال خَسَفَ القمر،، وَكسَفَتِ الشمسُ وكَسَفَها اللّه. قال جرير: الشمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ ... تبكي عليك نجومَ الليل والقَمَرا قال أبو بكر: المعنى: الشمس طالعة تبكي عليك وليس في ضوئها من القوة ما يَكْسِف النجومَ والقمرَ. وقال النحويون: ليست بكاسفةٍ نجومَ الليل ولا القمرَ. يقول: هي طالعة مظلمة والنجوم والقمر تستبين لأن الشمس إذا أضاءت كسفت النجوم والقمر وأذهبت ضوءها. وبئر خَسيف . . . أكمل المادة وخَسوف، إذا كُسر جِيلُها فلم يُنتزح ماؤها، والجمع خُسُف. وخُسَاف: مفازة بين الحجاز والشام. ويقال: انخسفت العين، إذا عَمِيَت وذهب حجمُها حتى تَغْمُض. ويقال: خَسَفَ الرجلُ والدابة، إذا باتا جائعين، ويقال: باتا على الخسْف أيضاً. وربما استُعمل الخَسْف في معنى الدَّنيئة فيقولون: رضي بالخَسْف، أي بالدَّنيئة. والسَّخافة: خفّة الشيء، ثوب سخيف: قليلِ الغزل. ومن ذلك: عقل سخيف، ورجل سخيف إذا كان نزِقاً خفيفاً. والسَّخْف: موضع. وفَسَخْتُ الأمرَ أفسَخه فَسْخاً، إذا نقضته. وانفسخ اللحم، إذا انخضد من وَهْن يصيبه. ورجل فيه فَسْخَة وفَسَخ وفَكَّة، إذا كان ضعيف العقل والبدن.

خسف (العباب الزاخر) [50]


خسف المكان يخسف خسوفاً: ذهب في الأرض. اله به الأرض خسفاً: أي غيبة فيها، ومنه قوله تعالى: (فَخَسَفْنا به وبدارِه الأرْضَ).
وقرأ حفص ويعقوب وسهل قوله تعالى: (لَخَسَفَ بنا) الباقون: (لَخُسِفَ بنا). وخسوف العين: ذهابها في الرأس. وخسوف القمر: كسوفه، وقال ثعلب: كسفت الشمس وخسف القمر؛ هذا أجود الكلام، وقال أو حاتم في الفرق بين الخسوف والكسوف: إذا ذهب بعضها فهو الكسوف؛ وإذا ذهب كلها فهو الخسوف. والخسف النقصان، يقال: رضي فلان بالخسف: أي بالنقصية. وبات فلان الخسف: أي جائعاً، قال:
بِتْنا على الخَسْفِ لا رِسْلٌ نُقَاتُ به      حتّى جَعَلْنا حِبَالَ الرَّحْلِ . . . أكمل المادة فصلانا

أي: لا قوت لنا حتى شددنا النوق بالحبال لتدر علينا فنتقوت لبنها. وخسف الركية: مخرج مائها، حكاه أبو زيد. والخاسف: المهزول. وقال أبن الأعرابي: يقال للغلام الخفيف: خاسف وخاشف. وشربنا على الخسف: أي شبنا على غير أكل. قال: والخسف: الحوز الذي يؤكل، وقال أبو عمرو: هو الخسف والخسف -بالفتح والضم- وهي لغة أهل الشحر. قال: والخسف -بضمتين-: النقه من الرجال، الواحد: خاسف. ودع الأمر بخسف: أي دعه كما هو. وخساف: برية بين بالس وحلب، وقال أبن دريد: خساف مفازة بين الحجاز والشام. وخسف إذا خرج من المرض. وقال أبن عباد: يقال رايته خاسفاً: أي متغير اللون. وقال الليث: الخسف من السحاب: ما نشأ من قبل المغرب الأقصى عن يمين القبلة. قال: والخسف: أن يحملك الإنسان ما تكره، قال جثامة:
وتلك التي رامَـهَـا خُـطَّةٌ      من الخَصْمِ تَسْتَجْهِلُ المحفِلا

ويقال: سامه الخسف وسامه خسفاً وخسفاً -أيضاً بالضم-: أي أولاه ذلا؛ ويقال: كلف المشقة والذل.
ومنه حديث علي -رضي الله عنه-: من ترك الجهاد ألبسه الله الذلة وسيم الخسف. قال القتبي: الخسف: أن تحبس الدابة على غير علف؛ ثم يستعار فيوضع موضع التذليل. وفي حديث عمر: أن العباس بن عبد المطلب -رض الله عنهما- سأله عن الشعراء فقال: امرؤ القيس سابقهم خسف لهم عين الشعر فافتقر عن معان عور أصح بصر. أي أنبطها وأغرزها؛ من قولهم: خسف البئر إذا حفرها في حجارة فنبعت بماء كثير؛ فلا ينقطع ماؤها كثرة، فهي خسيف ومخسوفة، قال:
قد نُزِحَتْ إنْ لم تكُنْ خسِيْفا      أوْ يَكُنِ البضحْرُ لها حُلِيْفا

وقال صخر الغي الهذلي:
له مـائحٌ ولـه نــازِعٌ      يَجُشّانِ بالدَّلْوِ ماءً خَسِيْفا

والجمع: أخسفه وخسف: قال أبو نواس يرثي خلفاً الأحمر:
مَنْ لا يُعَدُّ العِلْمُ إلاّ ما عَرضفْ      قَلَيْذَمٌ من العَيَالِيْمِ الخُـسُـفْ

والخسيف من السحاب: ما نشأ من قبل العين حامل ماء كثيراً؛ كالخسف، والعين: عن يمين القبلة.
وعَيْنٌ خَسِيْفٌ وخاسِفٌ     

بلا هاء: أي غائرة، وأنشد الفراء:
من كُلِّ مُلْقي ذَقَنٍ جَحُوْفِ      يُلحُّ عِنْدَ عَيْنها الخَسِيْفِ

وناقة خسيف: غزيرة سريعة القطع في الشتاء، وقد خسفت خسفاً. ويقال وقعوا في أخاسيف من الأرض: وهي اللَّينة. والخيسفان: النخلة التي يقل حملها ويتغير بسرها.
وقال أبو عمرو: الخيسفان: الردي من التمر ويقال: حفر فلان فأخسف: أي وجد بئره خسيفاً، ومنه حديث الحجاج: أأخسفت أم أوشلت وقد كتب الحديث بتمامه في تركيب ن و ط. العين وانخسفت: أي عميت. وقرأ أبن مسعود -رضي الله عنه- والأعمش وطلحة بن مصرف وأبن قطيب وأبان بن تغلب وطاوس: (لَوْلا أنْ مَنَّ اللهُ علينا لانْخُسِفَ بنا) على ما لم يسم فاعله؛ كما يقال: انطلق بنا. والتركيب يدل على غموض وغؤور.

خَسَفَ (القاموس المحيط) [50]


خَسَفَ المَكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذَهَبَ في الأرْضِ،
و~ القَمَرُ: كَسَفَ، أو كَسَفَ: للشَّمْسِ، وخَسَفَ: للقَمَرِ، أو الخُسُوفُ: إذا ذَهَبَ بَعْضُهُما، والكُسوفُ: كُلُّهُما،
و~ عَيْنَ فُلانٍ: فَقَأَها، فهي خَسيفَةٌ،
و~ الشيءَ: خَرَّقَهُ، فَخَسَفَ هو: انْخَرَقَ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ
و~ الشيءَ: قَطَعَه،
و~ العَيْنُ: ذَهَبَتْ، أو ساخَتْ،
و~ الشيءُ خَسْفاً: نَقَصَ،
و~ فلانٌ: خَرَجَ من المَرَضِ،
و~ البِئْرَ: حَفَرَهَا في حِجَارَةٍ فَنَبَعَتْ بماءٍ كثيرٍ، فلا يَنْقَطِعُ، فهي خَسيفٌ وخَسوفٌ ومَخْسُوفَةٌ وخَسيفَةٌ،
ج: أخْسِفَةٌ وخُسُفٌ،
و~ الله بفُلانٍ الأرضَ: غَيَّبَه فيها.
والخَسْفُ: النَّقيصَةُ، . . . أكمل المادة ومَخْرَجُ ماءِ الرَّكِيَّةِ، وعُموقُ ظاهِر الأرضِ، والجَوْزُ الذي يُؤكَلُ، ويُضَمُّ فيهما،
و~ من السَّحابِ: ما نَشَأَ من قِبَل المَغْرِبِ الأقْصَى عن يَمِين القِبْلَةِ، والإِذْلالُ، وأنْ يُحَمِّلَكَ الإِنْسان ما تَكْرَهُ،
يُقالُ: سامَهُ خَسْفاً، ويُضَمُّ: إذا أوْلاهُ ذُلاًّ، وأن تَحْبِسَ الدابَّةَ بِلا عَلَفٍ.
وشَرِبْنَا على الخَسْفِ: على غَيْرِ أكْلٍ.
وباتَ فلانٌ الخَسْفَ، أي جائِعاً.
والخَسْفَةُ: ماءٌ غَزيرٌ، وهو رأسُ نَهْرِ مُحَلِّمٍ بِهَجَرَ.
والخاسِفُ: المَهْزُولُ، والمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، والغُلامُ الخَفيفُ، والرجُلُ الناقِهُ،
ج: ككُتُبٍ،
ودَعِ الأمْرَ يَخْسُفُ، بالضم: دَعْهُ كما هو.
وكغُرابٍ: بَرِّيَّةٌ بين الحِجازِ والشامِ.
وكأميرٍ: الغائِرَةُ من العُيونِ، كالخاسِفِ،
و~ من النُّوقِ: الغَزيرَةُ السَّريعَةُ القَطْعِ في الشِّتاءِ، وقد خَسَفَتْ تَخْسِفُ، وخَسَفَها الله خَسْفاً،
و~ من السَّحابِ: ما نَشَأَ من قِبَل العَيْنِ حامِلاً ماءً كثيراً،
(كالخِسْفِ، بالكسر).
والأخاسِيفُ: الأرضُ اللَّيِّنَةُ.
والخَيْسَفَانُ، بفتح السِّينِ وضَمِّها: التَّمْرُ الرَّدِيءُ، أو النَّخْلَةُ يَقِلُّ حَمْلُها وَيَتَغَيَّرُ بُسْرُها.
وحَفَرَ فأخْسَفَ: وجَدَ بِئْرَهُ خَسيفاً،
و~ العَيْنُ: عَمِيَتْ،
كانْخَسَفَتْ، وقُرِئَ: {لولا أنْ مَنَّ الله علينا لانْخُسِفَ بنا} على بناءِ المَفْعولِ.
وكمعَظَّمٍ: الأسَدُ.

خسف (مقاييس اللغة) [50]



الخاء والسين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غموض وغُؤور، وإليه يرجعُ فُروع الباب. فالخَسْف والخَسَف. غموضُ ظاهرِ الأرض. قال الله تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص 81].ومن الباب خُسوفُ القَمَر.
وكان بعضُ أهل اللُّغة يقول: الخُسوف للقمر، والكُسوف للشمس.
ويقال بئرٌ خَسِيفٌ، إذا كُسِرَ جِيلُها فانهارَولم يُنتَزَحْ ماؤُها. قال:وانخسفَت العينُ: عمِيَتْ.
والمهزول يسمَّى خاسفاً؛ كأنّ لحمَه غارَ ودخَل.
ومنه: بات على الخَسْفِ، إذا باتَ جائعاً، كأنّه غاب عنه ما أرادَه مِن طعام.
وَرضِيَ بالخَسْفِ، أي الدنِيّة.
ويقال: وقَع النّاسُ في أخاسِيفَ من الأرض، وهي اللّينة تكاد تَغْمُِضُ لِلينها.وممّا حُمِل على الباب قولُهم للسحاب الذي [يأتي] بالماء الكثير . . . أكمل المادة خَسِيفٌ، كأنَّه شُبِّه بالبئر التي ذكرناها.
وكذلك قولهم ناقة خَسِيفة، أي غزيرة. فأمّا قولهم إنّ الخَسْفَ الجَوزُ المأكول* فما أدري ما هُو.

الْخَسْف (المعجم الوسيط) [0]


 يُقَال سَام فلَانا الْخَسْف وسامه خسفا أولاه ذلا وَشرب على الْخَسْف على الْجُوع وَبَات فلَان الْخَسْف وعَلى الْخَسْف جائعا وَالظُّلم والنقيصة وَفِي حَدِيث عَليّ (من ترك الْجِهَاد ألبسهُ الله الذلة وسيم الْخَسْف) ومخرج مَاء الْبِئْر والجوز الَّذِي يُؤْكَل الْوَاحِدَة خسفة 

خسفت (المعجم الوسيط) [0]


 الأَرْض خسفا وخسوفا غارت بِمَا عَلَيْهَا وَيُقَال خسف الله بهم الأَرْض غيبهم فِيهَا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض} وَعين المَاء غارت وَيُقَال خسفت عين فلَان انقلعت وَخسف عين فلَان قلعهَا وَالْقَمَر ذهب ضوءه أَو نقص وَالشَّيْء انخرق وَيُقَال خسف الشَّيْء خرقه وَالشَّيْء خسفا نقص وبدنه هزل ولونه تغير وَفُلَان جَاع ونقه من الْمَرَض فَهُوَ خاسف (ج) خسف وَهِي خاسفة (ج) خواسف وَفُلَانًا أذله وَحمله مَا يكره وَالشَّيْء قطعه والبئر حفرهَا فِي حِجَارَة فنبعت بِمَاء كثير لَا يَنْقَطِع فَهِيَ خسيف (ج) أخسفة وَخسف وَهِي خُسُوف أَيْضا (ج) خسف وللشعراء عين الشّعْر ذلل لَهُم الطَّرِيق إِلَيْهِ وبصرهم بمعانيه . . . أكمل المادة وفنونه 

القِذَمُّ (القاموس المحيط) [0]


القِذَمُّ، كهِجَفٍّ: السَّريعُ الشديدُ، والسيِّدُ المِعْطاءُ،
كالقُذَمِ، كزُفَرَ، وبضمتينِ: الآبارُ الخُسُفُ. وقَذَمَ له من المالِ: قَثَمَ.
وقَذِمَ قُذْمَةً: كَجَرِعَ جُرْعَةً، زِنَةً ومَعْنًى.

إلاَّ (القاموس المحيط) [0]


إلاَّ: للاِسْتِثناءِ: {فَشَرِبُوا منه إلاَّ قَليلاً}.
ونَصْبُ ما بعدَها بها: {ما فَعَلوهُ إلاَّ قَليلٌ منهم} ورَفْعُ ما بعدَها على أنَّهُ بَدَلُ بَعْضٍ.
وتكونُ صِفَةً بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ، فَيُوصفُ بها وبِتالِيها جَمْعٌ مُنَكَّرٌ أو شِبْهُهُ، نحوُ: {لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتَا} وقولُه:
أُنِيخَتْ فألْقَتْ بَلْدَةً فَوْقَ بَلْدَةٍ **** قَليلٌ بها الأصْواتُ إلاَّ بُغامُها
وتكونُ عاطِفَةً بِمَنْزِلَةِ الواوِ: {لِئَلاَّ يكونَ للناسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلاَّ الذينَ ظَلَمُوا}، {لا يَخافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ إلاَّ مَنْ ظَلَمَ}، أي: ولا الذين ظَلَمُوا، وزائدَةً:
حَراجيجُ ما تَنْفَكُّ إلاَّ مُناخَةً **** على الخَسْفِ أو نَرْمِي بها بَلَدًا قَفْرَا

كسف (لسان العرب) [0]


كسَف القمرُ يَكْسِفُ كُسوفاً، وكذلك الشمس كسَفَتْ تَكْسِف كسوفاً: ذهب ضوءُها واسْوَدَّت، وبعض يقول انكسف وهو خطأٌ، وكسفها اللّه وأَكسفها، والأَول أَعلى، والقمر في كل ذلك كالشمس.
وكسف القمر: ذهب نوره وتغيَّر إلى السواد.
وفي الحديث عن جابر، رضي اللّه عنه. قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في حديث طويل؛ وكذلك رواه أَبو عبيد: انكسفت.
وكسَف الرجلُ إذا نكَّس طَرْفه.
وكسَفَت حالُه: ساءت، وكَسفَت إذا تغيَّرت.
وكسفت الشمس وخسَفت بمعنى واحد، وقد تكرر في الحديث ذكر الكُسوف والخُسوف للشمس والقمر فرواه جماعة فيهما بالكاف، ورواه جماعة فيهما بالخاء، ورواه جماعة في الشمس بالكاف وفي القمر بالخاء، وكلهم . . . أكمل المادة روَوا أَن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه لا يَنْكسفان لموت أَحد ولا لحياته، والكثير في اللغة وهو اختيار الفراء أَن يكون الكسوف للشمس والخسوف للقمر، يقال: كسَفت الشمس وكسفها اللّه وانكسفت، وخسف القمر وخسَفه اللّه وانخسف؛ وورد في طريق آخر: إنَّ الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أَحد ولا لحياته؛ قال ابن الأَثير: خسف القمر بوزن فَعَل إذا كان الفعل له، وخُسِف على ما لم يسمَّ فاعله، قال: وقد ورد الخسوف في الحديث كثيراً للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوف لا الخسوف، قال: فأَما إطلاقه في مثل هذا فتغليباً للقمر لتذكيره على تأَنيث الشمس يجمع بينهما فيما يخص القمر، وللمعارضة أَيضاً لما جاء في الرواية الأُولى لا ينكسفان، قال: وأَما إطلاق الخسوف على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما.
والانخِساف: مطاوع خسَفْته فانخَسَف، وقد تقدم عامة ذلك في خسف. أَبو زيد: كسفت الشمس إذا اسْودَّت بالنهار، وكسفت الشمسُ النجومَ إذا غلب ضوءُها على النجوم فلم يبدُ منها شي، فالشمس حينئذ كاسفة النجوم، يتعدَّى ولا يتعدى؛ قال جرير: فالشمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ، تَبكي عليك، نُجومَ الليلِ والقَمرا قال: ومعناه أَنها طالعة تبكي عليك ولم تكسِف ضوء النجوم ولا القمر لأَنها في طلوعها خاشعةً باكيةً لا نور لها، قال: وكذلك كسف القمرُ إلا أَن الأَجود فيه أَن يقال خسَف القَمرُ، والعامة تقول انكسفت الشمس، قال: وتقول خشَعَت الشمس وكسَفت وخسَفت بمعنى واحد؛ وروى الليث البيت: الشمسُ كاسفةٌ ليست بطالعةٍ، تبكي عليك نجومَ الليلِ والقَمرا فقال: أَراد ما طلع نجم وما طلع قمر، ثم صرفه فنصبه، وهذا كما تقول: لا آتيك مطْرَ السماء أَي ما مَطَرَت السماء، وطُلوعَ الشمسِ أَي ما طَلعت الشمسُ، ثم صرفته فنصبته.
وقال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول تبكي عليك نجومَ الليل والقمرا أَي ما دامت النجوم والقمر، وحكي عن الكسائي مثله، قال: وقلت للفراء: إنهم يقولون فيه إنه على معنى المغالبة باكيته فبكيته فالشمس تغلب النجوم بكاء، فقال: إن هذا الوجه حسن، فقلت: ما هذا بحسن ولا قريب منه.
وكسَف بالُه يَكْسف إذا حدثته نفسه بالشرّ، وأَكْسفه الحزنُ؛ قال أَبو ذؤيب: يَرْمِي الغُيُوبَ بعَينَيْه ومَطْرِفُه مُغْضٍ، كما كسَف المُسْتأْخذُ الرَّمِدُ وقيل: كُسوف باله أَن يَضِيق عليه أَمله.
ورجل كاسفُ البال أَي سيِّء الحال.
ورجل كاسفُ الوجه: عابسُه من سوء الحال؛ يقال: عبَس في وجهي وكسَفَ كُسوفاً.
والكُسوف في الوجه: الصفرة والتغير.
ورجل كاسف: مهموم قد تغير لونه وهُزل من الحزن.
وفي المثل: أَكَسْفاً وإمْساكاَ؟ أَي أَعبوساً مع بُخل.
والتكسيف: التقطيع.
وكسَف الشيءَ يكْسِفه كسْفاً وكسَّفه، كلاهما: قطعه، وخص بعضهم به الثوب والأَديم.
والكِسْف والكِسْفةُ والكَسِيفة: القِطْعة مما قطَعْت.
وفي الحديث: أَنه جاء بثريدة كِسْفٍ أَي خبز مكسّر، وهي جمع كِسْفة للقطعة من الشيء.
وفي حديث أَبي الدرداء، رضي اللّه عنه: قال بعضهم رأَيته وعليه كِسافٌ أَي قطعة ثوب؛ قال ابن الأَثير: وكأَنها جمع كِسْفة أَو كِسْف.
وكِسْف السحاب وكِسَفُه: قِطَعُه، وقيل إذا كانت عريضة فهي كِسْف.
وفي التنزيل: وإن يروا كِسْفاً من السماء؛ الفراء في قوله تعالى: أَو تسقط السماء كما زعمت علينا كِسَفاً، قال: الكِسْفُ والكِسَفُ وجهان، والكِسْفُ: الجِماعُ، قال: وسمعت أَعرابياً يقول أَعطني كِسْفة من ثوبك يريد قِطْعة، كقولك خَرْقة، وكُسِفَ فعل، وقد يكون الكِسْف جماعاً للكِسفة مثل عُشْبة وعُشْب؛ وقال الزجاج: قرئ كِسْفاً وكِسَفاً، فمن قرأَ كِسَفاً جعلها جمع كِسْفة وهي القِطْعة، ومن قرأَ كِسْفاً جعله واحداً، قال: أَو تسقطها طَبَقاً علينا، واشتقاقه من كسَفْت الشيء إذا غطَّيته.
وسئل أَبو الهيثم عن قولهم كسَفْت الثوبَ أَي قطعته فقال: كلُّ شيء قطعتَه فقد كسفته. أَبو عمرو: يقال لخِرَق القميص قبل أَن تؤلَّف الكِسَفُ والكِيَف والحِذَف، واحدتها كِسْفة وكِيفةٌ وحِذْفةٌ. ابن السكيت: يقال كسَف أَملُه فهو كاسف إذا انقطع رجاؤه مما كان يأْمل ولم ينبسط، وكسَف بالُه يكسِف حدَّثته نفسه بالشر.
والكَسْفُ: قَطع العُرْقُوب وهو مصدر كسَفْت البعير إذا قطعت عُرْقوبه.
وكسَف عرقوبه يكْسِفُه كَسْفاً: قطَع عصَبَته دون سائر الرِّجل.
ويقال: استدبَر فرَسَه فكسَف عرقوبيه.
وفي الحديث: أَن صفْوان كسَف عُرقوبَ راحِلَتِه أَي قطَعه بالسيف.

كسف (الصّحّاح في اللغة) [0]


الكِسْفَةُ: القطعة من الشيء. يقال: أعطني كِسْفَةً من ثوبك؛ والجمع كِسْفٌ وكِسَفٌ.
ويقال: الكِسْفُ والكِسْفَةُ واحدٌ.
وقال الأخفش: من قرأ: "كِسْفاً من السماء" جعله واحداً.
ومن قرأ: "كِسَفاً" جعله جميعاً.
والكَسْفُ بالفتح: مصدر كَسَفْتُ البعير، إذا قطعت عرقوبَه.
وكذلك كَسَفْتُ الثوب، إذا قطعته.
والتَكْسيفُ: التقطيعُ.
وكَسَفَتِ الشمسُ تَكْسِفُ كُسوفاً.
وكَسَفَها الله كَسْفاً، يتعدَّى ولا يتعدَّى. قال الشاعر:
تبكي عليك نجومَ الليلِ والقَمَرا      الشمسُ طالِعةً ليست بكاسـفةٍ

أي ليست تَكْسِفُ ضوءَ النجوم مع طلوعها لقلَّة ضوئها وبكائها عليك.
وكذلك كَسَفَ القمرُ، إلاَّ أنَّ الأجود فيه أن يقال خَسَفَ القمر.
وكُسِفَتْ حال الرجل، أي ساءتْ.
ورجلٌ كاسِفُ البالِ: سيِّء الحال.
وكاسِفُ الوجه؛ أي عابس.
وفي المثل: "أَكَسْفاً وإمْساكاً" أي أَعُبوساً مع بخلٍ.

الكِسْفَةُ (القاموس المحيط) [0]


الكِسْفَةُ، بالكسر: القِطْعَةُ من الشيءِ،
ج: كِسْفٌ وكِسَفٌ،
جج: أكْسافٌ وكُسوفٌ.
وكَسَفَهُ يَكْسِفُه: قَطَعَه،
و~ عُرْقُوبَهُ: عَرْقَبَهُ،
و~ الشمسُ، والقمرُ كُسوفاً: احْتَجَبا،
كانْكَسَفا،
و~ اللُّه تعالى إياهُما: حَجَبَهُما، والأحْسَنُ في القمرِ: خَسَفَ، وفي الشمسِ: كَسَفَتْ،
و~ حالُهُ: ساءَتْ،
و~ فلانٌ: نَكَّسَ طَرْفَهُ.
ورجلٌ كاسِفُ البالِ: سَيِّئُ الحالِ.
وكاسِفُ الوَجْهِ: عابِسٌ،
وفي المَثَلِ: "أكَسْفاً وإمْساكاً": يُضْرَبُ للمُتَعَبِّسِ البَخيلِ.
ويومٌ كاسِفٌ: عَظيمُ الهَوْلِ، شديدُ الشَّرِّ.
والكَسْفُ في العَروضِ: أن يكونَ آخِرُ الجُزْءِ منه مُتَحَرِّكاً، فَيَسْقُطَ الحَرْفُ رأساً، وبالمعجمة: تَصْحيفٌ،
وبالتحريكِ: ة بالصُّغْدِ.
وكَشْفَةُ: ماءَةٌ لبني . . . أكمل المادة نَعامَةَ، بالشينِ المعجمةِ.
وقولُ جَريرٍ يَرْثِي عُمَرَ بنَ عبدِ العزيزِ، رحمهُ الله تعالى:
فالشمسُ كاسِفَةٌ ليستْ بطالعَةٍ **** تَبْكِي عليك نجومَ الليلِ والقَمَرا
أي: كاسِفَةٌ لمَوْتِكَ، تَبْكي أبَداً، ووَهِمَ الجوهريُّ، فَغَيَّر الرِوايَةَ بقولِهِ: فالشمسُ طالعةٌ، ليستْ بكاسِفةٍ، وتَكَلَّفَ لمَعْناهُ.

قذم (لسان العرب) [0]


قَذِمَ من الماء قُذْمةً أَي جَرِعَ جُرْعة؛ قال أَبو النجم: يَقْذَمْنَ جَرْعاً يَقْصَعُ الغَلائِلا وقَذَمَ له من العطاء يَقْذِمُ قَذْماً: أَكثر مثل قَثَم وغَذَمَ وغَثَمَ إِذا أَكثر.
ورجل قُذَمٌ، مثل قُثَمٍ، ومُنْقَذِم: كثير العطاء؛ حكاه ابن الأَعرابي.
ورجل قِذَمٌّ، مثل خِضَمٍّ، إِذا كان سيِّداً يعطي الكثير من المال ويأْخذ الكثير. النضر: القِذَمُّ السيد الرغيب الخُلُق الواسع البلدة.
والقُذُم والقُثُم: الأَسخِياءُ.
والقَذِيمةُ: قِطعة من المال يعطيها الرجل، وجمعها قَذائم.
والقِذَمُّ، على وزن الهِجَفِّ: الرجل الشديد، وقيل: الشديد السريع.
وقد انقَذَم أَي أَسرع.
وبئر قِذَمٌّ؛ عن كراع، وقُذامٌ وقَذُوم: كثيرة الماء؛ قال: قد صَبَّحَتْ قَلَيْذَماً قَذُوما وكذلك فرج المرأَة؛ قال ابن خالويه: القُذام هَنُ المرأَة؛ قال جرير: . . . أكمل المادة إِذا ما الفَعْلُ نادََمَهُنَّ يوماً، على الفِعِّيل، وانفَتَحَ القُذامُ ويروى: وافتخَّ القُذام.
ويقال: القُذام الواسع. يقال: جَفْر قُذام أَي واسع الفم كثير الماء يَقْذِم بالماء أَي يدفعه.
وقالوا: امرأَة قُذُم فوصفوا به الجملة؛ قال جرير: وأَنتُم بنو الخَوَّارِ يُعرفُ ضَربُكم، وأُمُّكُمُ فُجٌّ قُذامٌ وخَيْضَفُ ابن الأَعرابي: القُذُم الآبار الخُسُف، واحدها قَذوم.

توق (لسان العرب) [0]


التَّوْقُ: تُؤُوق النفس إلى الشيء وهو نِزاعها إليه. تاقَت نفْسي إلى الشيء تَتُوق توْقاً وتُؤوقاً: نزَعَت واشتاقت، وتاقَت الشيءَ كتاقت إليه؛ قال رؤبة: فالحمدُ لِله على ما وفَّقا مَرْوانَ، إذْ تاقُوا الأُمورَ التُّوَّقا والمُتَوَّقُ: المُتَشَهَّى.
وفي حديث عليّ: ما لك تَتَوَّقُ في قُريش وتَدعُنا؟ تَتَوَّقُ، تفعَّل من التَّوْقِ: وهو الشَّوقُ إلى الشيء والنُّزوعُ إليه، والأَصل تَتَتوّق بثلاث تاءات فحذف تاء الأَصل تخفيفاً، أراد لِمَ تتزوّجُ في قريش غيرنا وتدعُنا يعني بني هاشم، ويروى تَنَوَّقُ، بالنون، من التنوُّقِ في الشيء إذا عُمل على استحسان وإعجاب به. يقال: تنوَّق وتأَنَّق.
وفي الحديث الآخر: ما لك تَتَوِّقُ في قريش وتدعُ سائرهم.
والمُتَوَّقُ: الكلام الباطل.
ونفْس . . . أكمل المادة توَّاقةٌ: مُشْتاقةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:جاء الشِّتاء وقَميصي أَخْلاقْ شَراذِمٌ يَضْحَكُ مني التَّوّاقْ قيل: التَّوّاق اسم ابنه، ويروى النَّوَّاق بالنون.
ويقال في المثل: المرْء تَوَّاقٌ إلى ما لم ينَل.
وقيل: التوّاق الذي تَتُوق نفْسُه إلى كل دَناءة. ابن الأَعرابي: التَّوَقةُ الخُسَّفُ جمع خاسِفٍ وهو الناقِهُ، والتَّوْقُ نفْس النزْع، والتُّوقُ العَوَج في العصا ونحوها.
وتاقَ الرجلُ يتُوق: جاد بنفْسه عند الموت.
وفي حديث عبيد الله بن عمر، رضي الله عنهما: كانت ناقةُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُتوّقةً؛ كذا رواه بالتاء، فقيل له: ما المتوّقة؟ فقال: مثل قولك فرس تَئِقٌ أَي جواد؛ قال الحربي: وتفسيره أَعْجبُ من تَصحِيفه، وإِنما هي مُنَوَّقة، بالنون، هي التي قد رِيضَت وأُدِّبَت.

فكك (لسان العرب) [0]


الليث: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما.
وفَكَكْتُ الشيء: خَلَّصْته.
وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما، وكذلك التَّفْكِيك. ابن سيده: فَكَّ الشيءَ يفُكُّه فَكّاً فانْفَكَّ فصله.
وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّه فَكّاً وافْتَكَّه: بمعنى خَلَّصه.
وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه، بالكسر: ما فُكَّ به. الأَصمعي: الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة.
وفَكَّ يدَه فَكّاً إذا أزال المَفْصِلَ، يقال: أَصابه فَكَكٌ؛ قال رؤبة: هاجَكَ من أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ وفَكُّ الرقبة: تخليصُها من إسار الرِّق.
وفَكُّ الرهن وفَكاكُه: تخليصه من غَلَق الرهن.
ويقال: هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك.
وكل شيء أَطلقته فقد فَكَكْتَه.
وفلان يسعى في فِكاكِ رَقبته، وانْفَكَّت رقبته من الرق، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّها فَكّاً: أَعتقها، وهو . . . أكمل المادة من ذلك لأَنها فصلت من الرق.
وفي الحديث: أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرقبة، تفسيره في الحديث: أَن عتق النسمة أَن ينفرد بعتقها، وفَكّ الرقبةِ: أَن يُعِينَ في عتقها، وأَصل الفَك الفصلُ بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض.
وفَكَّ الأَسيرَ فَكّاً وفَكاكَةً: فصله من الأَسْر.
والفِكاكُ والفَكاكُ: ما فُكَّ به.
وفي الحديث: عُودُوا المريض وفُكُّوا العانيَ أَي أَطْلقُوا الأَسير، ويجوز أَن يريد به العتق.
وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً، وفَكَّ يدَه: فتحها عما فيها.
والفَكُّ في اليد: دون الكسر.
وسقط فلان فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه إذا انفرجت وزالت.
والفَكَكُ: انفساخ القَدَم، وأَنشد قول رؤبة: كمنهاض الفكك؛ قال الأَصمعي: إنما هو الفَكُّ من قولك فَكه يَفُكُّه فَكّاً، فأَظهر التضعيف ضرورة.
وفي الحديث: أَنه ركب فرساً فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ فانْفَكَّتْ قَدَمُه؛ الانْفِكاكُ: ضرب من الوَهْنِ والخَلْع، وهو أَن يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عن بعض.
والفَكَكُ، وفي المحكم: والفَكُّ انفراجُ المَنْكِب عن مفصله استرخاء وضعفاً؛ وأَنشد الليث: أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِّ ويقال: في فلان فَكَّة أَي استرخاء في رأيه؛ قال أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ: الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الـ إشْفاقِ والفَكَّةِ والهاعِ ورجل أَفَكُّ المَنْكِب وفيه فَكَّة أَي استرخاء وضعف في رأيه.
والأَفَكُّ: الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفاً واسترخاء، تقول منه: ما كنتَ أَفَكَّ ولقد فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً.
والفَكَّة أيضاً: الحُمْق مع استرخاء.
ورجل فاكٌّ: أَحمق بالغ الحُمْق، ويُتْبَع فيقال: فاكٌّ تاكٌّ، والجمع فِكَكَة وفِكاكٌ؛ عن ابن الأعَرابي.
وقد فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وقد حَمُقْتَ وفَكُكْتَ، وبعضهم يقول فَكِكْتَ، ويقال: ما كنت فاكّاً ولقد فَكِكْتَ، بالكسر، تَفَكُّ فَكَّةً.
وفلان يتَفَكَّكُ إذا لم يكن به تماسك من حُمْقٍ.وقال النضر: الفاكُّ المُعْيي هُزالاً. ناقة فاكَّة وجمل فاكّ، والفاكُّ: الهَرِمُ من الإبل والناس، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً.
وشيخ فاكّ إذا انفرج لَحْياه من الهَرَم.
ويقال للشيخ الكبير: قد فَكَّ وفَرَّجَ، يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ، وذلك في الكبر إذا هَرِم.
وفكَكْتُ الصبيَّ: جعلت الدواء في فيه.
وحكى يعقوب: شيخ فاكٌّ وتاكّ، جعله بدلاً ولم يجعله إتباعاً؛ قال: وقال الحُصَيْني: أَحمق فاكُّ وهاكّ، وهو الذ ي يتكلم بما يَدْري وخطؤه أكثر من صوابه، وهو فَكَّاكٌ هَكَّاك.
والفَكُّ: اللَّحْيُ.
والفَكَّان: اللِّحْيانِ، وقيل: مجتمع اللحيين عند الصُّدغ من أَعلى وأَسفل يكون من الإنسان والدابة. قال أَكْثَمُ بن صَيْفِيّ: مَقْتَلُ الرجل بين فَكَّيْهِ، يعني لسانه.
وفي التهذيب: الفَكَّان ملتقى الشِّدْقين من الجانبين.
والفَكُّ: مجتمع الخَطْم.
والأَفَكُّ: هو مَجْمع الخَطْم، وهو مَجْمع الفَكَّيْنِ على تقدير أَفعل.
وفي النوادر: أَفَكَّ الظبيُ من الحبالة إذا وقع فيها تم انفلت، ومثله: أَفْسَحَ الظبيُ من الحبالة.
والفَكَكُ: انكسار الفَكِّ أَو زواله.
ورجل أَفَكُّ: مكسور الفَكِّ، وانكسر أَحدُ فَكّيْهِ أي لَحْييه؛ وأَنشد: كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ فَأرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ في سُكِّ والفَكَّةُ: نجوم مستديرة بحِيال بنات نَعْش خلف السماك الرَّامِح تسميها الصبيان قصعة المساكين، وسميت قَصْعة المساكين لأَن في جانبها ثُلْمَةً، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء.
ويقال: ناقة مُتَفَكِّكةٌ إذا أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها ودنا نِتاجها، شبهت بالشيء يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وينفرج، وكذلك ناقة مُفِكَّة قد أَفَكَّتْ، وناقة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِةٌ بمعناها، قال: وذهب بعضهم بتَفَكُّكِ الناقة إلى شدة ضَبعَتها؛ وروى الأَصمعي: أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنـ ـيا، وقامَتْ تَتَفَكَّكْ انفِشاحَ النَّابِ للسَّقـ ـب، متى ما يَدْنُ تحْشِك أَبو عبيد: المُتَفَكِّكةُ من الخيل الوَدِيقُ التي لا تمتنع عن الفحل.
وما انْفَكَّ فلان قائماً أَي ما زال قائماً.
وقوله عز وجل: لم يَكُنِ الذين كفروا من أَهل الكتاب والمشركين مُنْفَكِّينَ حتى تأتيهم البيِّنةُ؛ قال الزجاج: المشركين في موضع نسق على أَهل الكتاب، المعنى لم يكن الذين كفروا من أَهل الكتاب ومن المشركين، وقوله مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا مُنْفَكِّينَ من كفرهم أَي منتهين عن كفرهم، وهو قول مجاهد، وقال الأَخفش: مُنْفَكِّينَ زائلين عن كفرهم، وقال مجاهد: لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبيَّن لهم الحقُّ، وقال أَبو عبد الله نفطويه: معنى قوله مُنْفَكِّين يقول لم يكونوا مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أُبِينَتْ لهم في التوارة من صفة محمد، صلى الله عليه وسلم، ونبوّته؛ وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه الماضي، وأَكد ذلك فقال تعالى: وما تَفَرَّق الذين أُوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة، ومعناه أَن فِرَقَ أَهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا مُقرِّين قبل مَبْعَث محمد، صلى الله عليه وسلم، أَنه مَبعوث، وكانوا مجتمعين على ذلك، فلما بُعث تفرقوا فِرْقتين كل فرقة تنكره، وقيل: معنى وما تفرّق الذين أُوتُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أَنه لم يكن بينهم اختلاف في أمده، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحَرَّفُوا في أَمره، فلما بُعثَ آمن به بعضهم وجَحَد الباقون وحَرَّفُوا وبَدَّلوا ما في كتابهم من صفته ونبوّته؛ قال الفراء: قد يكون الانْفِكاكُ على جهة يَزالُ، ويكون على الانْفِكاكُ الذي نعرفه، فإذا كان على جهة يَزالُ فلا بدَّ لها من فِعْلٍ وأَن يكون معناها جَحْداً، فتقول ما انْفَكَكْتُ أَذكركَ، تريد ما زِلْتُ أَذكرك، وإذا كانت على غير جهة يَزالُ قلت قد انْفَكَكْتُ منك وانْفَكَّ الشيءُّ من الشيء، فتكون بلا جَحْدٍ وبلا فِعْل؛ قال ذو الرمة: قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلا مُناخَةً على الخَسْفِ، أَو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا فلم يدخل فيها إلاّ: إلاّ، وهو ينوي به التمام، وخلافَ يَزال لأَنك لا تقول ما زِلْت إلا قائماً.
وأَنشد الجوهري هذا البيت حَرَاجِيج ما تَنْفكُّ؛ وقال: يريد ما تَنْفكّ مناخه فزاد إلا، قال ابن بري: الصواب أَن يكون خبر تَنْفَكُّ قوله على الخَسْف، وتكون إلا مُناخةً نصباً على الحال، تقديره ما تَنْفَكُّ على الخسف والإِهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح؛ قال الأَزهري: وقول الله تعالى مُنْفَكِّين ليس من باب ما انْفَكَّ وما زَالَ، إنما هو من انْفِكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه، كما فسره ابن عرفة، والله أَعلم.
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: فُكَّ فلانٌأَي خُلّص وأُريح من الشيء، ومنه قوله مُنْفَكِّين، قال: معناه لم يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما جاءهم ما عَرَفوا كفروا به.

خشف (لسان العرب) [0]


الخَشْفُ: الـمَرُّ السريعُ.
والخَشُوفُ من الرجال: السريعُ.
وخَشَفَ في الأَرض يَخْشُفُ ويَخْشِفُ خُشوفاً وخَشَفاناً، فهو خَاشِفٌ وخَشوفٌ وخَشِيفٌ: ذَهَب. أَبو عمرو: رجل مِخَشٌّ مُخْشَفٌ وهو الجَريءُ على هَوْلِ الليل.
ورجل خَشُوفٌ ومِخْشَفٌ: جريء على الليل طُرَقَةٌ.
وحكى ابن بري عن أَبي عمرو: الخَشُوفُ الذاهبُ في الليل أَو غيره بجُرْأَةٍ؛ وأَنشد لأَبي الـمُساوِرِ العَبْسِيّ: سرينا، وفِينا صارِمٌ مُتَغَطْرِسٌ، سَرَنْدَى خَشُوفٌ في الدُّجى، مُؤْلِفُ القفرِ وأَنشد لأَبي ذؤيب: أُتِيحَ له من الفِتْيانِ خِرْقٌ أَخُو ثِقةٍ وخِرّيقٌ خَشُوفُ ودليلٌ مِخْشَفٌ: ماضٍ.
وقد خَشَفَ بهم يَخشِفُ خَشافةً وخَشَّفَ وخَشَفَ في الشيء وانْخَشَفَ، كلاهما: دَخَل فيه؛ قال: وأَقْطَعُ الليلَ، إذا ما أَسْدَفا، وقَنَّعَ الأَرضَ قِناعاً مُغْدَفا وانْغَضَفَتْ لِمُرْجَحِنٍّ . . . أكمل المادة أَغْضَفا جَوْنٍ، تَرى فيه الجِبالَ خُشَّفا والخُشّافُ: طائر صغيرُ العَيْنَينِ. الجوهري: الخُشّافُ الخُفّاشُ، وقيل الخُطَّافُ. الليث: الخَشَفانُ الجَوَلانُ بالليل، وسُمّي الخُشّافُ به لخَشَفانِه، وهو أَحْسَنُ من الخُفّاشِ. قال: ومن قال خُفّاشٌ فاشْتِقاقُ اسمه من صِغَر عَينيه.
والخَشْفُ والخِشْفُ: ذُبابٌ أَخْضر.
وقال أَبو حنيفة: الخُشْفُ الذبابُ الأَخضر، وجمعه أَخْشافٌ.
والخِشْفُ: الظَّبْيُ بعد أَن يكون جَِدايةً، وقيل: هو خِشْفٌ أَوَّلَ ما يولد، وقيل: هو خشف أَوَّل مَشْيِه، والجمع خِشَفةٌ، والأَنثى بالهاء. الأَصمعي: أَوَّلَ ما يولد الظبيُ فهو طَلاً، وقال غير واحد من الأَعراب: هو طَلاً ثم خشْفٌ.
والأَخْشَفُ من الإبل: الذي عَمَّه الجَرَبُ. الأَصمعي: إذا جَرِبَ البعيرُ أَجْمَعُ فيقال: أَجْرَبُ أَخْشَفُ، وقال الليث: هو الذي يَبِسَ عليه جَرَبَهُ؛ وقال الفرزدق: على الناسِ مَطْلِيُّ الـمَساعِرِ أَخْشَفُ والخُشَّفُ من الإبل: التي تسير في الليل، الواحد خَشُوفٌ وخاشِفٌ وخاشِفةٌ؛ وأَنشد: باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقطا عَجَمْجَماتٍ، خُشَّفاً تحْتَ السُّرى قال ابن بري: الواحد من الخُشَّفِ خاشِفٌ لا غير، فأَمّا خَشُوفٌ فجمعه خشُفٌ، والوَرِشاتُ: الخِفافُ من النوقِ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ، وهو الذُّلُّ.
والأَخاشِفُ، بالشين: العَزازُ الصُّلْبُ من الأَرض، وأَما الأَخاسِفُ فهي الأَرض اللَّيِّنةُ.
وفي النوادر: يقال خَشَفَ به وخَفَشَ به وحَفَشَ به ولَهَطَ به إذا رَمَى به.
وخَشَفَ البرْدُ يَخْشُفُ خَشْفاً: اشْتَدَّ.
والخَشَفُ: اليُبْسُ.
والخَشَفُ والخَشِيفُ: الثلْجُ، وقيل: الثلج الخَشِنُ، وكذلك الجَمْدُ الرِّخْو، وقد خَشَفَ يَخْشِفُ ويَخْشُفُ خُشُوفاً.
وقال الجوهري: خَشَفَ الثلْجُ وذلك في شدَّةِ البَرْدِ تَسْمَعُ له خَشْفة عند الـمَشْيِ؛ قال: إذا كَبَّدَ النَّجْمُ السماءَ بشَتْوةٍ، على حِينَ هَرَّ الكلبُ والثلْجُ خاشِفُ قال: إنما نَصَبَ حين لأَنه جَعَلَ على فَضْلاً في الكلام وأَضافَه إلى جملة فتُركت الجملة على إعرابها كما قال الآخر: على حِينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أُمُورِهم، فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثْعالِبِ ولأَنه أُضِيفَ إلى ما لا يضاف إلى مثله وهو الفعل، فلم يوفَّرْ حظُّه من الإعرابِ؛ قال ابن بري: البيت للقطامي والذي في شعره: إذا كبَّدَ النجمُ السماء بسُحْرةٍ قال: وبنى حين على الفتح لأَنه أَضافه إلى هرَّ وهو فعل مبني فبُني لإضافته إلى مبني؛ ومثله قول النابغة: على حينَ عاتَبْتُ الـمَشِيبَ على الصِّبا وماءٌ خاشِفٌ وخَشْفٌ: جامِدٌ.
والخَشِيفُ من الماء: ما جرى في البَطْحاء تحتَ الحَصى يومين أَو ثلاثةً ثم ذهب. قال: وليس للخشيف فعل، يقال: أَصبح الماءُ خَشِيفاً؛ وأَنشد: أَنـْتَ إذا ما انْحَدَرَ الخَشِيفُ ثَلْجٌ، وشَفَّانٌ له شَفِيفُ والخَشَفُ: اليُبْسُ؛ قال عمرو بن الأَهتم: وشَنَّ مائِحةً في جِسْمِها خَشَفٌ، كأَنـَّه بِقِباصِ الكَشْحِ مُحْتَرِقُ والخَشْفُ والخَشْفةُ والخَشَفةُ: الحركة والحِسُّ.
وقيل: الحِسُّ الخَفِيُّ.
وخَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً إِذا سُمع له صَوت أَو حَركة.
وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: ما دَخَلْتُ مَكاناً إلا سمعت خشفة فالتَفَتُّ فإذا بلال.
ورواه الأَزهري: أَنه صلى اللّه عليه وسلم، قال لِبلالٍ: ما عَمَلُك؟ فإني لا أَراني أَدخلُ الجنة فأَسْمَعُ الخَشْفَةَ فأَنظُرُ إلا رأَيتُكَ؛ قال أَبو عبيد: الخَشْفةُ الصوت ليس بالشديد، وقيل: الصوتُ، ويقال خَشْفةٌ وخَشَفَةٌ للصوت.
وروى الأَزهري عن الفراء أَنه قال: الخَشْفةُ، بالسكون، الصوتُ الواحدُ.
وقال غيره: الخشَفة، بالتحريك، الحِسُّ والحركة، وقيل: الحِسُّ إذا وقَع السيفُ على اللحم قلتَ سمعت له خَشْفاً، وإذا وقَع السيفُ على السِّلاح قال: لا أَسمع إلا خَشْفاً.
وفي حديث أَبي هريرة: فسَمِعَتْ أُمـّي خَشْفَ قَدَمَيَّ.
والخَشْفُ: صوت ليس بالشديد.
وخَشْفَةُ الضَبُعِ: صَوْتُها.
والخَشْفةُ: قُفٌّ قد غَلَبَتْ عليه السُّهُولةُ.
وجِبالٌ خُشَّفٌ: مُتواضِعةٌ؛ عن ثعلب، وأَنشد: جَوْنٍ تَرى فيه الجِبالَ الخُشَّفا، كما رأَيتَ الشَّارِفَ الـمُوَحَّفا وأُمُّ خَشَّافٍ: الدّاهِيةُ؛ قال: يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا، وأُمّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا ويقال لها أَيضاً: خَشّاف، بغير أُم.
ويقال: خاشَفَ فلان في ذِمَّته إذا سارَعَ في إخْفارِها، قال: وخاشَفَ إلى كذا وكذا مِثْلُه.
وفي حديث معاوية: كان سَهْم بن غالِبٍ من رُؤوس الخَوارِج، خرج بالبصرة فآمَنَه عبدُ اللّه بن عامر فكتب إليه معاويةُ: لو كنتَ قَتَلْتَه كانت ذِمّةً خاشَفْتَ فيها أَي سارَعْتَ إلى إخْفارها. يقال: خاشَفَ إلى الشرِّ إذا بادَرَ إليه؛ يريد: لم يكن في قَتْلِكَ له إلا أَن يقالَ قد أَخْفَرَ ذِمَّتَه.
والـمَخْشَفُ: النَّجْرانُ (* قوله «والمخشف النجران» كذا بالأصل.
وفي القاموس مع شرحه: والمخشف كمقعد: اليخدان؛ عن الليث، قال الصاغاني: ومعناه موضع الجمد. قلت: واليخ بالفارسية الجمد، ودان موضعه. هذا هو الصواب وقد غلط صاحب اللسان فقال هو النجران.) الذي يَجْري فيه البابُ، وليس له فعل.وسيف خاشِفٌ وخَشِيفٌ وخَشُوفٌ: ماضٍ.
وخَشَفَ رأْسَه بالحجر: شَدَخَه، وقيل: كل ما شُدِخَ، فقد خُشِفَ.
والخَشَفُ: الخَزَفُ (* قوله «والخشف الخزف» في شرح القاموس الصواب: الخسف، بالسين المهملة.)، يمانية؛ قال ابن دريد: أَحْسَبُهم يَخُصُّون به ما غَلُظَ منه.
وفي حديث الكعبة: إنها كانت خَشَفةً على الماء فدُحِيَتْ عنها الأَرضُ. قال ابن الأَثير: قال الخطابي الخَشَفةُ واحدة الخَشَف، وهي حجارة تنبت في الأَرض نباتاً، قال: وتروى بالحاء المهملة وبالعين بدل الفاء، وهي مذكورة في موضعها.

غسق (لسان العرب) [0]


غَسَقَتْ عينه تَغْسِقُ غَسْقاً وغَسَقاناً: دمعت، وقيل: انصبَّت، وقيل: أَظلمت.
والغَسَقان: الانصباب.
وغَسَق اللبنُ غَسْقاً: انصب من الضَّرْع.
وغَسَقت السماء تَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً: انصبَّت وأَرَشَّتْ؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه: حين غَسَق الليل على الظِّراب أي انصب الليل على الجبال.
وغَسَق الجرحُ غَسْقاً وغَسَقاناً أي سال منه ماء أَصفر؛ وأَنشد شمر في الغاسق بمعنى السائل: أَبْكِي لفَقْدِهُم بعَينٍ ثَرَّة، تَجْري مَساربُها بعينٍ غاسِق أي سائل وليس من الظلمة في شيء. أَبو زيد: غَسَقت العين تَغْسِق غَسْقاً، وهو هَمَلان العين بالعَمَش والماء.
وغَسَق الليل يَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً وأَغْسَقَ؛ عن ثعلب: انصبّ وأَظلم؛ ومنه قول ابن الرُّقَيّات: إن هذا الليل قد غَسَقا، واشْتَكَيْتُ الهَمَّ . . . أكمل المادة والأَرَقا قال: ومنه حديث عمر حين غَسق الليل على الظُِّراب؛ وغَسَقُ الليل: ظلمته، وقيل أَول ظلمته، وقيل غَسَقُه إذا غاب الشِّفَقُ.
وأَغسَقَ المؤذِّن أي أَخَّر المغرب إلى غَسَق الليل.
وفي حديث الربيع بن خثيم: أنه قال لمؤذنه يوم الغيم أَغْسِقْ أَغْسِق أَي أَخِّر المغرب حتى يَغْسِق الليل، وهو إظلامه، لم نسمع ذلك في غير هذا الحديث.
وقال الفراء في قوله تعالى: إلى غَسَقِ الليل، هو أَول ظلمته، الأخفش: غَسَقُ الليل ظلمته.
وقوله تعالى: ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ؛ قيل: الغاسِقُ هذا الليل إذا دخل في كل شيء، وقيل القمر إذا دخل في ساهورِه، وقيل إذا خَسَفَ. ابن قتيبة: الغاسِقُ القمر سمي به لأنه يُكْسَفُ فيَغْسِقُ أي يذهب ضوءُه ويسودّ ويُظلم. غَسَقَ يَغْسِقُ غُسوقاً إذا أَظلم. قال ثعلب: وفي الحديث أن عائشة، رضي الله عنها، قالت: أَخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيدي لما طلع القمر ونظر إليه فقال: هذا الغاسِقُ إذا وَقَبَ فتعوَّذي بالله من شره أي من شره إذا كُسِفَ.
وروي عن أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ، قال: الثُّرَيّا؛ وقال الزجاج: يعني به الليل، وقيل لِلَّيل غاسِقٌ، والله أعلم، لأنه أَبرد من النهار.
والغاسِق: البارد. غيره: غَسَقُ الليل حين يُطَخْطِخُ بين العشاءين. ابن شميل: غَسَقُ الليل دخول أَوَّله؛ يقال: أَتيته حين غَسَق الليل أي حين يختلط ويعتكر ويسدّ المَناظرَ، يغْسِقُ غَسْقاً.
وفي الحديث: فجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعدما أَغْسَقَ أي دخل في الغَسَق وهي ظلمة الليل.
وفي حديث أبي بكر: أَنه أَمر عامر بن فُهَيْرة وهما في الغار أَن يُرَوِّح عليهما غنمه مُغْسِقاً.
وفي حديث عمر: لا تفطروا حتى يَغْسِق الليل على الظِّراب أي حتى يغشى الليل بظلمته الجبال الصغار.
والغاسِقُ: الليل؛ إذا غاب الشفق أَقبل الغَسَقُ.
وروي عن الحسن أَنه قال: الغاسِقُ أَول الليل.
والغَسَّاقُ: كالغاسِقِ وكلاهما صفة غالبة؛ وقول أبي صخر الهذلي: هِجانٌ فَلا في الكَوْنِ شَامٌ يَشِينُهُ، ولا مَهَقٌ يَغْشى الغَسِيقاتِ مُغْرَبُ قال السكري: الغَسِيقاتُ الشديدات الحمرة.
والغَسَّاق: ما يَغْسِقُ ويسيل من جلود أَهل النار وصديدهم من قيح ونحوه.
وفي التنزيل: هذا فليذوقوه حَميم وغَساقٌ، وقد قرأَه أَبو عمرو بالتخفيف، وقرأَه الكسائي بالتشديد، ثقلها يحيى بن وَثَّاب وعامة أَصحاب عبد الله، وخففها الناس بعد، واختار أَبو حاتم غَساق، بتخفيف السين، وقرأَ حفص وحمزة والكسائي وغَسَّاق مشدَّدة، ومثله في عَمَّ يتساءلون، وقرأَ الباقون وغَسَاقاً، خفيفاً في السورتين، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أَنهما قرآ غَسّاق، وبالتشديد، وفسَّراه الزَّمْهَرِير.
وفي الحديث عن أبي سعيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لو أن دَلْواً من غَساق يُهَراقُ في الدنيا لأَنْتَنَ أَهل الدنيا؛ الغَساق، بالتخفيف والتشديد: ما يسيل من صَدِيد أَهل النا وغُسالتهم، وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: الغَسَاق والغَسَّاق المنتن البارد الشديد البرد الذي يُحْرِقُ من برده كإحراق الحميم، وقيل: البارد فقط؛ قال الفراء: رُفِعَت الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بهذا مقدَّماً ومؤخراً، والمعنى هذا حَميم وغَسَّاق فليذوقوه. الفراء: الغَسَق من قُماشِ الطَّعام.
ويقال: في الطَّعام زَوَانٌ وزُوَانٌ وزُؤَانٌ، بالهمز، وفيه غَسَقٌ وغَفاً، مقصور، وكَعابِير ومُرَيْراء وقَصَلٌ كلُّه من قُماش الطَّعام.

أفك (لسان العرب) [0]


لإِفْك: الكذب.
والأَفِيكةُ: كالإِفْك، أَفَكَ يَأْفِك وأَفِكَ إِفْكاً وأُفُوكاً وأَفْكاً وأَفَكاً وأَفَّكَ؛ قال رؤْبة: لا يأْخُذُ التَأْفِيكُ والتَّحَزِّي فِينَا، ولا قول العِدَى ذُو الأَزِّ التهذيب: أَفَكَ يأُْفِكُ وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كذب.
ويقال: أَفَكَ كذب.
وأَفَكَ الناسَ: كذبهم وحدَّثهم بالباطل، قال: فيكون أَفَكَ وأَفَكْتُه مثل كَذَب وكَذَبْته.
وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: حين قال فيها أَهلُ الإِفْكِ ما قالوا؛ الإِفْكُ في الأَصل الكذب وأَراد به ههنا ما كُذِبَ عليها مما رميت به.
والإِفْك: الإِثم.
والإِفْكُ: الكذب، والجمع الأَفَائكُ.
ورجل أَفَّاك وأَفِيك وأَفُوك: كذاب.
وآفَكَهُ: جعله يَأْفِكُ، وقرئَ: وذلك إِفْكُهُمْ (* قوله «وقرئ وذلك إفكهم إلخ» هكذا بضبط الأصل، وهي ثلاث قراءات ذكرها الجمل وزاد قراءات أخر: . . . أكمل المادة أفكهم بالفتح مصدراً وأفكهم بالفتحات ماضياً وأفكهم كالذي قبله لكن بتشديد الفاء وآفكهم بالمد وفتح الفاء والكاف وآفكهم بصيغة اسم الفاعل.) وأَفَكُهُمْ وآفَكُهُمْ.
وتقول العرب: يا لَلأَفِيكةِ ويا لِلأَفِيكة، بكسر اللام وفتحها، فمن فتح اللام فهي لام استغاثة، ومن كسرها فهو تعجب كأَنه قال: يا أَيها الرجل اعجب لهذه الأَفيكة وهي الكَذْبة العظيمة.
والأَفْكُ، بالفتح: مصدر قولك أَفَكَهُعن الشيء يَأْفِكُه أَفْكاً صرفه عنه وقلبه، وقيل: صرفه بالإِفك؛ قال عمرو بن أُذينة (* قوله «عمرو بن أُذينة» الذي في الصحاح وشرح القاموس: عروة). إِن تَكُ عن أَحْسَنِ المُروءَة مَأْ فُوكاً، ففي آخِرِىنَ قد أُفِكُوا (* قوله «أحسن المروءة» رواية الصحاح: أحسن الصنيعة). يقول: إِن لم تُوَفَّقْ للإِحسان فأَنت في قوم قد صرفوا من ذلك أَيضاً.
وفي حديث عرض نفسه على قبائل العرب: لقد أُفِكَ قومٌ كذَّبوك ظاهروا عليك أَي صُرِفوا عن الحق ومنعوا منه.
وفي التنزيل: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال الفراء: يريد يُصْرَفُ عن الإِيمان من صُرِف كما قال: أَجئتَنا لتَأْفكَنَا عن آلهتنا؛ يقول: لتصرفنا وتصدنا.
والأَفَّاك: الذي يَأْفِكُ الناس أَي يصدهم عن الحق بباطله.
والمَأْفوك: الذي لا زَوْرَ له. شمر: أُفِك الرجلُ عن الخير قلب عنه وصرف.
والمُؤْتفِكات: مَدائن لوط، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، سميت بذلك لانقلابها بالخَسْف. قال تعالى: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوى، وقوله تعالى: والمُؤْتِفكات أَتتهم رسلهم بالبينات؛ قال الزجاج: المؤْتفكات جمع مُؤْتَفِكة، ائْتَفَكَتْ بهم الأَرض أَي انقلبت. يقال: إِنهم جمع من أَهلك كما يقال للهالك قد انقلبت عليه الدنيا.
وروى النضر بن أَنس عن أَبيه أَنه قال: أَي بنيّ لا تنزلنَّ البصرة فإِنها إِحدى المُؤْتَفِكات قد ائْتَفَكَت بأَهلها مرتين هي مُؤْتَفِكة بهم الثالثة قال شمر: يعني بالمُؤتفكة أَنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها.
والائْتِفاك عند أَهل العربية: الانقلاب كقريات قوم لوط التي ائْتَفَكتْ بأَهلها أَي انقلبت، وقيل: المُؤْتَفِكاتُ المُدُن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط، عليه السلام.
وفي حديث سعيد بن جبير وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: فمن أَصابته تلك الافكة أَهلكته، يريد العذاب الذي أَرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم. يقال: ائْتَفَكَت البلدة بأَهلها أَي انقلبت، فهي مُؤتَفِكة.
وفي حديث بشير بن الخصَّاصية: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ممن أَنت؟ قال: من ربيعة، قال: أَنتم تزعمون لولا ربيعةُ لائْتَفَكت الأَرضُ بمن عليها أَي انقلبت.
والمُؤْتَفِكاتُ: الرِّياح تختلف مَهابّهُا.
والمُؤْتَفِكات: الرياح التي تقلب الأَرض، تقول العرب: إِذا كثرت المؤْتفكات زَكَتِ الأَرضُ أَي زكازرعها؛ وقول رؤبة: وجَوْن خَرقٍ بالرياح مُؤتَفك أَي اختلفت عليه الرياح من كل وجه.
وأَرض مَأْفوكة: وهي التي لم يصبها المطر فأَمحلت. ابن الأَعرابي: ائْتَفَكت تلك الأَرضُ أَي احترَقتْ من الجدب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: كأَنها، وهي تَهاوَى تَهْتَلِك، شَمْسٌ بِظلٍّ، ذا بهذا يَأْتَفِك قال يصف قَطاةً باطِن جناحيها أَسود وظاهره أَبيض فشبه السواد بالظلمة وشبه البياض الشمس، يَأْتَفِك: ينقلب.
والمَأْفوك: المأْفون وهو الضعيف العقل والرأْي.
وقوله تعالى: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال مجاهد: يُؤْفن عنه من أُفِنَ.
وأُفِنَ الرجل: ضعف رأْيه، وأَفَنَهُ الله.
وأُفِكَ الرجل: ضعف عقله ورأْيه، قال: ولم يستعمل أَفَكه الله بمعنى أَضعف عقله وإِنما أَتى أَفَكه بمعنى صرفه، فيكون المعنى في الآية يصرف عن الحق من صرفه الله.
ورجل أَفِيكٌ ومَأْفوك: مخدوع عن رأْيه؛ الليث: الأَفِيكُ الذي لا حَزْم له ولا حيلة؛ وأَنشد: ما لي أَراكَ عاجزاً أَفِيكا؟ ورجل مَأْفوك: لا يصيب خيراً.
وأَفكهُ: بمعنى خدعة.

خشف (العباب الزاخر) [0]


شمر: الخشفة والخشفة: الصوت والحركة، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: يا بلال: ما عملك فإني لا أراني أدخل الجنة فأسمع الخشفة فأنظر إلا رأيتك. يقال: خشف الإنسان يخشف -بالكسر- خشفاً، وخشف الثلج وذلك في شدة البرد فتسمع له خشفة، قال القطامي:
إذا كَبَّدَ النَّجْمُ السَّـمَـاءَ بِـشَـتْـوَةٍ      على حِيْنَ هَرَّ الكَلْبُ والثَّلْجُ خاشِفُ

إنما نصب "حين" لأنه جعل "على" فصلاً في الكلام وأضافه إلى جملة؛ فتركت الجملة على إعرابها، كما أنشد سيبويه لشاعر من همدان:
على حِيْنَ ألهى النّاسَ جُلُّ أمُوْرِهِمْ      فضنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعَالِبِ

ولأنه أضيف إلى ما لا يضاف إلى مثله وهو الفعل؛ . . . أكمل المادة فلم يوفر حظه من الإعراب. وخشفت رأسه بالحجر: أي فضخته. والخشاف: الخفاش؛ على القلب، وهو أفصح من الخفاش، ويقال: هو الخطاف. وطلق بن خشاف: من التابعين. وخشاف: غير منسوب، حدث عن أمه. وخشاف -بالتخفيف-: موضع، قال الأعشى:
ظَبْيَةٌ من ظِبَاءِ بَطْنِ خُشَـافٍ      أُمُّ طفْلٍ بالجَوِّ غَيْرش رَبِيْبِ

وخشف يخشف -بالضم- خشوفاً: ذهب في الأرض. ورجل مخشف -بكسر الميم-: جريء على السرى.
وقال الليث: دليل مخشف: يخشف باليل، وأنشد:
تَنَحَّ سُعَارَ الحَرْبِ لا تَصْطَلي بها      فانَّ لها من القَبِيْليْنِ مِخْشَـفـا

ومصدره الخشفان: وهو الجولان بالليل. وقال أبو عمرز: الخشف من أقبل: التي تسير بالليل، الواحدة: خاشف وخاشفة وخشوف وأنشد:
باتَ يُبَاري وَرِشاتٍ كالقَـطـا      عَجَمْجَمَاتٍ خُشَّفاً تَحْتَ السُّرى

والخشاف -بالفتح ولتشديد- والخاشف والمخشف: من صفات الأسد. قال أبو سهل الهروي: أما الخشاف فهو الأسد الذي يقشر كل شيء يجده، وهو فعال من الخشف وهو القشر، قال:
أغْضَفُ خَشّافٌ شَتِيْمٌ أزْهَرُ     

وأما الخاشف: فهو الأسد الذي يسرع عند افتراس الفريسة، والجمع: خواشف، قال ساعدة بن جؤية الهذلي:
ومَشْرَبِ ثَغْرٍ للرِّجالِ كأنَّهمْ      بِعَيْقاِتِهِ هَدْءً سِبَاعٌ خَوَاشِفُ

يقال: مر يخشف: أي يسرع، وقال أبن حبيب: "خواشف": سراع لمرهم صوت، وقال غيره: خواشف: أي تسير بالليل. وأما المخشف: فهو الجريء الذي يركب الليل. وأم خشاف: الداهية. وزمل بن عمروبن العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة بن هند بن حرام بن ضنة بن عبد كبير بن عذرة العذري -رضي الله عنه-: وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكتب له كتاباً، وعقد له لواء. وفاطمة بنت خشاف: من التابعيات. وقال الأصمعي: إذا جرب البعير أجمع قيل: هو أجرب أخشف.
وقال الليث: الأخشف: الذي عمه الجرب فهو يمشي مشية الشنج، قال: وخشف يخشف خشفاً: إذا يبس جلده عليه من العر والجرب وفوق الجرب جلدة يابسة، قال الفرزدق:
كِلانـا بـه عَـرُّ يُخَـافُ قِـرَافُــهُ      على النّاسِ مَطْليُّ المَسَاعِرش أخْشَفُ

وقال أبن دريد: يسمي بعض أهل اليمن الخزف الخشف، وأحسبهم يخصون بذلك ما غلظ منه. والخشف: الذباب الأخضر، والجمع: أخشاف. والخشف: الذل، مثل الخسف -بالسين المهملة-. وخشف به وخفش به: إذا رمى به. ورجل خشوف: يخشف في الأمور: أي يدخل فيها، والذي لا يهاب بالليل كالمخشف. وقال الفراء: الأخاشف: العزاز الصلب من الرض، وأما الأخاسف -بالسين المهملة- فهي الأرض اللينة؛ وقد مرت في موضعها، يقال: وقع في أخاشف من الأرض. والخشف -بالتحريك- والخشيف: الثلج الخشن، وكذلك الجمد الرخو، وليس للخشيف فعل، يقال: أصبح الماء خشيفاً، وأنشد الليث:
جَمُّ السَّحَابِ مِدْفَقُ غرُوْفُ     


ويقال: إن الخشيف يبيس الزعفران. وسيف خشيف: أي ماض. والمخشف -بالفتح-: اليخدان؛ عن الليث، ومعناه: موضع الجمد.  وقال أبن دريد: الخشف -بالكسر-: ولد الظبي، والأنثى: خشفة.
وقال الأصمعي: أول ما يولد الظبي: طلى؛ ثم خشف.
وظبية مخشف: لها خشف. وانخشف في الشيء: أي دخل فيه. ومخاشفة السهم: أن تصيب فتسمع له خشفة. وخاشف فلان في ذمته: إذا سارع إلى إخفارها.
وكان سهم بن غالب من رؤوس الخوارج خرج بالبصرة عند الجسر؛ فآمنه عبد الله بن عامر، فكتب إلى معاوية رضي الله عنه-: قد جعلت لهم ذمتك، فكتب إليه معاوية -رضي الله عنه-: لو كنت قتلته كانت ذمة خاشفت فيها، فلما قدم زياد صلبه على باب داره. أي سارعت إلى إخفارها، يقال: خاشف فلان في الشر، وخاشف الإبل ليلته: إذا سارها، يريد: لم يكن في قتلك إياه إلا أن يقال قد أخفر ذمته؛ يعني أن قتله كان الرأي. والتركيب يدل على الغموض والتستر وعلى الهشم والكسر.

قيس (العباب الزاخر) [0]


قِسْتُ الشَّيءَ بالشَّيْءِ أقِيْسُه قَيْساً وقِياساً: أي قَدَّرْتُه على مثاله.
وفي المَثَل: تَقِيْسُ الملائِكَة إلى الحدَّادين: وقد مضى أصْلُ المَثَل في تركيب ح د د. والمِقْدار: مِقْياس، وهو داخِل في التركيبَيْن الواوِيّ واليائيّ، قال جَرير:
يَخْزى الوَشِيظ إذا قال الصَّمِيْمُ لهم:      عُدُّوا الحَصى ثمِّ قِيْسُوا بالمَقايِيْسِ

الوَشِيْظ: الأتباع والأحلاف. ويقال: بينهما قِيْسُ رُمْحٍ وقاسُ رُمْحٍ وقِيْبُ رُمْحٍ وقابُ رُمْحٍ وقِيْدُ رُمْحٍ وقادُ رُمْحٍ: أي قَدْرُ رُمْحٍ. وقَيْسُ عَيْلان: أبو قَبيلة، وقيسٌ لَقَبُه، واسْمه النّاسُ بن مُضَرَ بن نِزار، هكذا هو في بعض كُتِب اللُّغَة، وقال ابن الكَلْبيّ في جَمْهَرَةِ نَسَبِ قَيْسِ عَيْلان: وَلَدَ قَيْسُ عَيْلان وهو النّاسُ بن مُضَرَ، وإنَّما عَيْلان عَبْدُ مُضَرَ . . . أكمل المادة حَضَنَ النّاسَ فَغَلَبَ عليه ونُسِبَ إلَيْه. والقَيْسَان من طَيِّئٍ: قَيس بن عَتّاب بن أبي حارِثَة بن جُدَيِّ بن تَدُوْلَ ابن بُحْتُرِ بن عَتُوْدٍ، وقيس بن هَذَمَة بن عَتّاب بن أبي حارِثَة. وعَبْدُ القَيْس: أبو قَبيلَة من أسد، وهو عبد القَيْس بن أفْصى بن دُعْميِّ بن جَدِيْلَة بن أسد بن رَبيعَة. والقَيْس: التَبَخْتُر. والقَيْس: الشِّدَّة، قال:
وأنْتَ على الأعداء قَيْسٌ ونَجْدَةٌ      وللطّارِقِ العافي هِشَامٌ ونَوْفَلُ

ويجوز أن يُرادَ بالألفاظ الثّلاثة أسامي الناس. والقَيْس: الجوع. والقَيْس: الذَّكَرُ.
وقال أبو العَبّاس: هوَ يَخْطو قَيْساً: أي يَجْعَل هذه الخُطْوَة بمِيزان هذه.
ومنه حديث أبي الدَرْداء -رضي الله عنه-: خَيرُ نِسائكم التي تَدْخُلُ قَيْساً وتَخْرُجُ مَيْساً وتَمْلأُ بَيْتَها أقِطاً وحَيْسا، وشَرُّ نسائكم السَّلْفَعَةُ البَلْقَعَةُ التي تَسْمَعُ لأضْراسِها قَعْقَعَة ولا تزال جارَتُها مُفَزَّعَةً. أي تأتي بِخُطاها مُسْتَوِيَة لأنَاتها ولا تَعْجَلُ كالخَرْقاء، والسَّلْفَعَةُ: الجَرِيْئةُ، والبَلْقَعَةُ: الخالِيَةُ من الخَيْر. وجزيرَة قَيْس:في بحر عُمان، مَعروفة، وهي مُعَرَّبُ كِيْش. وقَيْس: كورة من كُوَر مِصْرَ، وهي الآن خَرابٌ. وامرؤ القَيْس: الملك الشاعر المشهور، قيل: معناه رجل الشدّة والبأس، واسمه سُلَيْمان؛ وامرؤ القيس لَقَب.
وهو ابن جُحْر؛ بن الحارِث المَلِك، بن عمرو المَقْصور الذي اقْتَصَرَ على مُلْكِ أبيه؛ بن حُجْرٍ آكِلِ المُرَارِ، بن عمرو بن مُعاوِيَة بن الحارِث بن مُعاوِيَة بن الحارِث بن مُعاوِيَة بن ثَوْرِ بن مُرَتِّع -وهو عمرو- بن معاوِيَة بن ثور -وهو كِنْدَة- بن عُفَيْر بن عَدِيِّ بن الحارِث بن مُرَّة بن أُدَدٍ.
وسألَ العبّاس ابن عبد المُطَّلِب عمر -رضي الله عنهما- عن الشُعَراء فقال: امرؤ القَيْس سابِقُهم، خَسَفَ لَهُم عَيْنَ الشِعْرِ، فافْتَقَرَ عن مَعانٍ عُوْرٍ أصَحَّ بَصَرٍ. وامرؤ القَيْس بن عابِس بن المُنذِر بن السِّمْط بن امرئ القَيْس بن عمرو بن مُعاوِيَة بن ثَوْرِ الكِنْديّ: جاهِليّ، وأدْرَكَ الإسلام، رضي الله عنه، وليس في الصَّحابة مَن اسمه امرؤ القَيْس غَيْرُه. وامرؤ القَيْس بن بَكر بن امرئ القَيْس بن الحارِث بن مُعاوِيَة بن الحارث بن معاوِيَة بن ثَوْرٍ الكِنْديّ: جاهِليّ، ولَقَبُه الذَائدُ. وامرؤ القَيْس بن عمرو بن الحارث بن معاوِيَة الأكبَر بن ثَوْر الكِنْديّ: جاهِليّ. وامرؤ القَيْس بن حُمام بن مالك بن عَبيدَة بن هُبَل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عَوْف بن عُذْرَة بن زيد بن رُفَيْدَة بن ثَوْر بن كَلْب بن وَبَرَة: جاهِليّ. وامرؤ القَيْس بن بحر الزُّهَيْريّ: من وَلَدِ زُهَيْر بن جَنَاب الكَلْبيّ. وامرؤ القَيْس بن ربيعة بن الحارِث بن زُهَير بن جُشَم بن بكر بن حُبَيْب بن عمرو بن غَنْم بن تَغْلب، وهو مُهَلْهِل الشاعِر المشهور، ويقال: اسْمُه عَدِيٌّ. وامرؤ القَيْس بن عَدِيّ الكَلْبيّ. وامرؤ القَيْس بن كُلاب بن رِزام العُقَيْليّ ثمَّ الخُوَيْلدِيُّ وهو خُوَيْلِد ابن عوف بن عامِر بن عُقَيْل. وامرؤ القَيْس بن مالِك الحِمْيَرِيّ. هؤلاء كُلُّهم شُعَراء. وقَيْسُوْنُ: مَوْضِع. ومِقْيَس بن صُبَابَة: قَتَلَه نُمَيْلَة بن عبد الله رَجُلٌ من قَوْمِه، قالت أُخْتُه تَرْثيه:
فللّهِ عَيْنا مَنْ رأى مِثْلَ مِقْـيَسٍ      إذا النُّفَسَاءُ أصْبَحَتْ لم تُخَرَّسِ


وتَقَيَّسَ الرَّجُل: إذا تَشَبَّهَ بِقَيْسِ عَيْلانَ؛ أو تَمَسَّكَ منهم بِسَبَبٍ: إمّا بحِلْفٍ وإمّا بجوارٍ أو وَلاءٍ، قال العجّاج:
وقَيْسَ عَيْلانَ ومَنْ تَـقَـيَّسـا      تقاعَسَ العِزُّ بنا فاقْعَنْسَـسـا


وقايَسْتُ بَيْنَ الأمْرَيْن. ويقال أيضاً: قايَسْتُ فلاناً: إذا جارَيْتَه في القِياس. وهو يَقْتَاسُ الشَّيْءَ بِغَيْرِه: أي يَقِيْسُهُ به. ويَقْتَاسُ بأبِيه: أي يَسْلُكُ سَبِيلَه ويَقْتَدي به. وانْقَاسَ: مُطاوِعُ قاسَ. وهاتان -أعْني اقْتاسَ وانْقاسَ- تَدْخُلان في التَّرْكِيْبَيْنِ الواوِيِّ واليائيِّ جَميعاً، وقد ذَكَرْتُهُما في ق و س. والتركيب يدل على تقدير شَيْئٍ بشيئٍ.

كسف (العباب الزاخر) [0]


الكِسْفَةُ: القِطعة، يقال: أعطني كِسْفَةً من ثوبك، والجمع: كِسْفٌ وكِسَفٌ، ومنه قوله تعالى: (أوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كما زعمتَ علينا كِسْفاً) و"كِسَفاً"، قرأها هنا -بفتح السين- أبو جعفر ونافع وأبو بكر وابن ذكوان، وفي الروم -بالإسكان- أبو جعفر وابن ذكوان، وقرأ -بالفتح- إلاّ في الطور حفْصٌ. فمن قرأ مُثقَّلا جعله جمْع كِسْفَةٍ كَفِلْقَةٍ وفِلَقٍ وهي القطعة والجانب، ومن قرأ مُخفَّفا فهو على التوحيد، وجمْعه: أكْسَافٌ وكُسُوْفٌ، كأنه قال: تُسْقِطها طبقاً علينا، من كَسَفْتُ الشيء: إذا غَطَّيته. وقال أبو زيد: كَسَفْتُ الشيء أكْسِفُه كَسْفاً: إذا قطَعْته. والكَسْفُ: مصدر كَسَفْتُ عُرْقُوْبه: إذا عَرْقَبْته.
وفي الحديث: أن صفوان كَسَفَ عُرْقُوب راحلة فقال النبي -صلى الله عليه . . . أكمل المادة وسلم-: أحرج. وأنشد الليث:
ويَكْسِفُ عُرْقُوْبَ الجَوَادِ بمِخْذَمِ     

وكسَفت الشمس تَكْسِفُ كُسوفاً، وكَسَفها الله، يتعدى ولا يتعدى، قال جَرير يَرْثي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:
فالشَّمْسُ كاسِفَةٌ لَيْسَتْ بِطالِـعَةٍ      تَبْكي عليكَ نُجُوْمَ اللَّيْلِ والقَمَرا

هكذا الرواية، أي أن الشمس كاسِفة تبكي عليك الدهر، النُّحاة يرْوُونه مُغيَّراً وهو: "الشمس طالِعةٌ ليست بِكاسِفة" أي ليست تَكْسِف ضوء النجوم مع طلوعها لِقلة ضوئها وبُكائها عليك. وكذلك كسَفَ القمرُ، إلاّ أن الأجَوَد فيه أن يقال خَسَف القمر. وكَسَفَتْ حال الرجال: إذا ساءت، ورجل كاسِف البال: أي سيئ الحال. وكاسِف الوجه: أي عابِس.
وفي المَثل: أكَسْفاً وإمْسَاكاً: يُضربُ لمن يجمع بين العُبوس والإمساك. ويوم كاسِفٌ: عظيم الهول شديد الشر، قال:
يا لَكَ يَوْماً كاسِفاً عَصَبْصَبَا     

وكَسَفَ الرجل: إذا نَكَسَ طَرْفه. الكَسْفُ في العَرُوْض: أن يكون آخر الجزء متحركاً فتُسقط الحرف رأساً، والشين المُعجَمة تصحِيفٌ، قاله جار الله العلاّمة الزمخشري -رحمه الله-. وكَسَفُ: قرية من نواحي الصُّغدِ. وكَسْفَةُ -بالفتح-: ماءةٌ لبني نعامة من بني أسد، وقيل: هي مُعجمَة.
وقال ابن عبّاد: الكِسْفُ: صاحب المنصورية. وقال غيره: كَسَّف بصره عن فلان تَكْسِيفاً: أي خفَّضه. وقال الليث: بعض الناس يقول: انْكَسَفَتِ الشمس، وهو الخطأ. قال الزهري: ليس ذلك بَخطأ؛ لما روى جابر -رضي الله عنه-: انْكَسَفَتِ الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والتركيب يدل على تغير في حال الشيء إلى ما لا يحب، وعلى قَطْع شيء من شيء. الكَشْفُ والكاشِفَةُ: الإظهار. والكاشِفَةُ: من المصادر التي جاءت على فاعِلَةَ كالعافية والكاذبة، قال الله تعالى: (ليسَ لها من دُوْنِ اللهِ كاشِفَةٌ): أي كَشْفٌ وإظْهارٌ. وقال الليث: الكَشْفُ: رفْعُكَ شيئا عمّا يُواريه ويُغطِّيه. والكَشُوْفُ: النّاقة يضْرِبُها الفحل وهي حامل، وربما ضربها وقد عظُم بطنُها.
وقال الأصمعي: فإنْ حَمَل عليها الفحل سنتين متواليتين فذلك الكِشَافُ، والناقة كَشُوفٌ، وقد كَشَفَتْ، قال زُهير بن أبي سُلمى:
فَتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحى بِثِفالِها      وتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمّ تُنْتَجْ فَتَفْطِمِ

ويروى: "فَتُتْئمِ".
وقال اليث: الكِشَافُ: أن تَلْقح حين تُنتج، والكِشَافُ: أن يُحمل عليها في كل سنة وذلك أرد النِّتاج. والكَشَُ: انقلاب من قُصاص الناصية كأنها دائرة، وهي شُعيرات تنبتُ صُعداً، والرجل كشَفُ، وذلك الموضع كشفةٌ، قال الليث: يُتشَأمُ بها. والكَشَفُ في الخيل: التواء في عَسِيْبِ الذنب. والأكْشَفُ: الذي لا تُرْسَ معه في الحرب. والأكْشَفُ: الذي ينهزم في الحرب.
وبِكِلى المعنيين فُسِّر قول كعب بن زهير رضي الله عنه.
زالُوا فما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفٌ      عند اللِّقَاءِ ولا مِيْلٌ مَعَـازِيْلُ

وقال ابن الأعرابي: كَشِفَ القوم: إذا انهزموا، وأنشد:
فما ذَمَّ جـادِيْهِـمْ ولا فـالَ رَأْيُهـم      ولا كَشِفُوا إنْ أفْزَعَ السَّرْبَ صائحُ

أي لم ينهزموا. وقال ابن عبّاد: الكْشَفُ: الذي لا بيضة على رأسه. وكُشَافٌ: موضِع من زابِ الموصل. وقال غيره: كَشَفَتْه الكَواشِفُ: أي فَضحتْه الفضائح. والجبهةُ الكَشْفاء: التي أدبَرت ناصيتها. وأكْشَفَ القوم: كَشَفَتْ إبلُهم. وقال الأصمعي: أكْشَفَ الرجل: إذا ضَحك فانقلبت شَفتُه حتى تبدو دَرادِرُه. وقال الزَّجّاج: أكْشَفَتِ النّاقة: إذا تابعت بين النِّتاجين. وقال ابن عبّاد: أكْشَفْتُ الناقة: جعلتُها كَشُوْفاً. والتَّكْشِيْفُ: مبالغة الكَشْفِ. وقال ابن دريد: كَشَّفْتُ فلاناً عن كذا وكذا: إذا أكْرَهْتُه على إظهاره. والتَّكَشُّفُ: الظهور. وتَكَشَّفَ البرق: إذا كلأ السماء. والانْكِشَافُ: مُطاوَعةُ الكَشْفِ. واسْتَكْشَفَ عن الشيء: سأل أن يُكْشَفَ له عنه. وكاشَفَه بالعداوة: باداه بها. ويقال: لو تَكاشَفْتُمْ ما تَدافنْتُم: أي لو انكشف عيب بعضكم لِبعضٍ. واكتَشَفَتِ المرأة لزوجها: إذا بالغت في التَّكَشُّفِ، قاله ابن الأعرابيِّ، وأنشد:
تقول: دَلِّصْ ساعَةً لا بَلْ نِكِ      فَدَاسَها بأذْلَغِيٍّ بَـكْـبَـكِ


واكتشف الكبش: نزا. والتركيب يدل على سرو عن الشيء كالثوب يُسْرى عن البدن.

عرف (العباب الزاخر) [0]


المَعْرفَةُ والعِرْفانُ: مصدرا عَرَفْتُه أعْرِفُه. وقولهم: ما أعْرفُ لأحد يصرعني: أي ما أعترف. وعَرَفْتُ الفرس أعْرِفُه عَرْفاً: أي جززت عُرْفَه. وعَرَفَه: أي جازاه.
وقرأ الكسائي قوله تعالى: (عَرَفَ بعضه) بالتخفيف: أي جازى حفصة -رضي الله عنها- ببعض ما فعلت، وهذا كما تقول لمن يسيء أو يحسن: أنا أعْرِفُ لأهل الإحسان وأعْرِفُ لأهل الإساءة؛ أي لا يخفى علي ذلك ولا مقابلة بما يكون وفقاً له. والعَرْفُ: الريح؛ طيبة كانت أو منتنة، يقال: ما أطيب عَرْفَه.
وفي المثل: لا يعجز مسك السوء عن عَرْفِ السوء. يضرب للئيم الذي لا ينفك عن قبح فعله؛ شبه بالجلد الذي لم يصلح للدباغ فنبذ جانباً فأنتن. وقال ابن عبّاد: العَرْفُ نبات ليس . . . أكمل المادة بحمض ولا عِضَاه من الثمام. والعَرْفَةُ: قرحة تخرج في بياض الكف؛ عن ابن السكيت، يقال: عُرِفَ الرجل -على ما لم يسم فاعله-: أي خرجت به تلك القرحة. والمَعْرُوْفُ: ضد المنكر، قال الله تعالى: (وأمر بالمَعْروفِ)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صنائع المَعْروفِ تقي مصارع السوء. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: أهل المَعْروفِ في الدنيا هم أهل المَعْروفِ في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة. أي من بذل مَعروفه في الدنيا أعطاه الله جزاء معروفه في دار الآخرة، وقيل: أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود متشفعاً فيهم شفعة الله في الآخرة في أهل التوحيد فكان عند الله وجيهاً كما كان عند الناس وجيهاً.
وقال ثعلب: سألت ابن الأعرابي عن معنى هذا الحديث فقال:روى الشعبي أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم فتبقى حسناتهم جامة فيعطونها لمن زادت سيئاتهم فتزيد حسناته فيغفر له ويدخل الجنة. ومَعْروفٌ: فرس الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، قال يحيى بن عروة بن الزبير:
أب لي آبي الخَسْفِ قد تعلمونـه      وصاحب مَعْرًوْفٍ سِمَامُ الكتائب

أبي الخسف: هو خويلد بن أسد بن عبد العُزّى، وصاحب معروف: هو الزبير رضي الله عنه. ومَعْرُوْفٌ -أيضا-: فرس سلمة بن هند الغاضري. وأبو محفوظ معروف بن فيرزان الكرخي -قدس الله روحه-: قبره الترياق المجرب. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: عرضت لي حاجة أعيتني وحيرتني سنة وخمس عشرة وستمائة فأتيت قبره وذكرت له حاجتي كما تذكر للأحياء معتقدا أن أولياء الله لا يموتون ولكن ينقلون من دار إلى دار، وانصرفت، فقضيت الحاجة قبل أن أصل إلى مسكني. ويوم عَرَفَةَ: التاسع من ذي الحجة، وتقول: هذا يوم عَرَفَةَ -غير منون-، ولا تدخلها الألف واللام. وعَرَفاتٌ: الموضع الذي يقف الحاج به يوم عَرَفَةَ، قال الله تعالى: (فإذا أفَضْتُم من عَرَفَاتٍ)، وهي اسم في لفظ الجمع فلا تجمع.
وقال الفرّاء: لا واحد لها بصحة، وقول الناس: نزلنا عَرَفَةَ شبيه بمُوَلَّدٍ وليس بعربي محض، وهي معرفة وغن كانت جمعا؛ لأن الأماكن لا تزول فصارت كالشيء الواحد وخالفت الزيدين، تقول: هؤلاء عَرَفاتٌ حسنة، تنصب النعت لأنه نكرة، وهي مَصْروفَةٌ.
وقال الأخفش: غنما صُرِفَتْ لأن التاء بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون لأنه تذكيره؛ وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمي به ترك على حاله كما يترك مسلمون إذا سمي به على حاله، وكذلك القول في أذرعات وعانات وعُرَيْتِنَاتٍ. والنسبة إلى عَرَفاتٍ: عَرَفيٌّ، وينسب إليها زَنْفَلُ بن شداد العَرَفيُّ من أباع التابعين، وكان يسكنها. وكقال ابن فارس: أما عَرَفاتٌ فقال قوم سميت بذلك لأن آدم وحواء -عليهما السلام-تعارفا بها، وقال آخرون: بل سميت بذلك لأن جبريل -عليه السلام- لما أعلم إبراهيم -صلوات الله عليه- مناسك الحج قال له: أعَرَفْتَ، وقيل: لأنها مكان مقدس معظم كأنه قد عُرِّفَ: أي طُيِّبَ. والعارِفُ والعَرُوْفُ: الصبور، يقال: أصيب فلان فوجد عارِفاً، وقول عنترة بن شداد العبسي:
فصبرت عارِفَةً لذلك حـرة      ترسو إذا نفس الجبان تطلع

يقول: حسبت نفساً عارِفَةً أي صابرة.
وقال النابغة الذبياني:
على عارِفاتٍ للطِّعَانِ عوابس      بهن كلوم بين دامٍ وجالـب

أي: صابرات. والعارِفَةُ-أيضاً-: المَعْرُوْفُ، والجمع: عَوَارِفُ. والعَرّافُ: الكاهن، ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أتى عَرّافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. والعَرّافُ -أيضاً-: الطبيب، قال عروة بن حزام العذري:
فما بي من سقم ولا طيفِ جِنَّةٍ      ولكن عمي الحميري كذوب


ويقال للقُنَاقِنِ: عَرّافٌ. وقد سموا عَرّافاً. وقال الليث: أمر مَعْروفٌ، وأنكره الأزهري. وقال ابن عباد: عَرَفَ أي استحذى.
وقال ابن الأعرابي: عَرِفَ -بالكسر-: إذا أكثر الطيب، وعَرِفَ: إذا ترك الطيب. والعُرْفُ -بالضم-: ضد النكر، يقال: أولاه عُرْفاً: أي معروفاً، قال الله تعالى: (وأمر بالعُرْفِ)، قال النابغة الذبياني يعتذر إلى النعمان:
أبـى الـلـه إلا عـدلـه ووفــاءه      فلا النكر مَعْروْفٌ ولا العُرْفُ ضائع

والعُرْفُ -أيضاً-: الاسم من الاعتراف، ومنه قولهم: له ألفٌ عُرْفاً: أي اعْتِرافاً، وهو توكيد. والعُرْفُ: عُرْفُ الفرس، والجمع: أعْرَافٌ، قال أمرؤ القيس:
نمشُّ بأعرافْ الجياد أكُـفَّـنـا      إذا نحن قمنا عن شواءٍ مُضَهَّبِ

والعُرْفُ: موضع، قال الحُطَيْئة:
أدار سُلَيْمى بالدَّوانِـكِ فـالـعُـرْفِ      أقامت على الأرواح والديم الوُطْفِ

وقوله تعالى: (والمُرْسَلاتِ عُرْفاً) يقال: هو مستعار من عُرْفِ الفرس؛ أي يتتابعون كعُرْفِ الفرس، ويقال: أرسلت بالعُرْفِ أي بالمَعْروف. والعُرْفُ والعُرُفُ والعُرْفَةُ -والجمع: العُرَفُ والأعْرافُ-: الرمل المرتفع، قال الكميت:
أأبكاك بالعُرَفِ المـنـزل      وما أنت والطَّلل المحول

والعُرَفُ: مواضع يقال لواحدة منها: عُرْفَةُ صارة؛ ولأخرى: عُرْفَةُ القَنَانِ؛ ولأخرى: عُرْفَةَ ساقٍ.
وساقٌ يقال له ساقُ الفروين، وفيه يقول الكميت أيضاً:
رأيت بعُرْفَةَ الفروين ناراً      تُشَبُّ ودوني الفلُّوجتان

ويقال: العًرَفُ في بلاد سعد بن ثعلبة وهم رهط الكميت. والعُرْفَةُ: أرض بارزة مستطيلة تنبت. والعُرْفَةُ: الحد، والجمع: عُرَفٌ. ويقال:الأعراف في قوله تعالى: (ونادى أصحاب الأعْرَافِ) سور بين الجنة والنار. وقال ابن دريد: الأعْرَافُ ضربٌ من النخل، وأنشد:
يغرس فيها الزّاذ والأعْرَافا      والنّابجي مُسْدِفاً إسْدَافـا

وقال الأصمعي: العُرْفُ في كلام أهل البحرين: ضَرْبٌ من النخل. والعُرْفُ: من العلام. وذو العُرْفِ: ربيعة بن وائل ذي طوّافٍ الحضرمي، من ولده ربيعة بن عيدان بن ربيعة ذي الاعُرْفِ -رضي الله عنه-له صحبة، وقال ابن يونس: شَهِدَ فتح مصر. وعُرْفانُ: أبو المعلى بن عُرْفانَ الأسدي، والمُعَلّى من أتباع التابعين. والعُرُفّانُ -مثال جُرُبّانِ القميص-: دويبة صغيرة تكون في رمال عالج ورمال الدَّهْنَاءِ. وعِرِفّانُ -بكسرتين والفاء مشددة-: صاحب الراعي الذي يقول فيه:
فبات يريه عرسه وبـنـاتـه      وبتُّ أريه النجم أين مخافقه


وقال ثعلب: العِرِفّانُ: الرجل إذا اعترف بالشيء ودل عليه، وهذا صفة، وذكر سيبويه أنه لا يَعْرِفُه وصفا، والذي يرويه " عُرُفّانٌ" بضمتين جعله منقولا عن اسم عين. وقال ابن دريد: عُرُفّانُ جبل؛ ويقال دويبة. والعَارفُ والعَريْفُ بمعنى، كالعالم والعليم، قال طريف بن تميم العنبري:
أوَكلما ودرت عكاظ قبيلة      بعثوا إلي عَرِيْفَهُمْ يتوسَّمُ

والعَرِيْفُ: الذي يَعْرِفُ أصحابه، والجمع: العُرَفاءُ.
ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فأرجعوا حتى يرفع إلينا عُرَفاؤكم أمركم.
وهو النقيب، وهو دون الرئيس. وعَرُفَ فلان -بالضم- عَرَافَةً- مثال خَطُبَ خَطَابَةً-: أي صار عَرِيْفاً.
وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت: عَرَفَ فلان علينا سنين يَعْرُفُ عِرَافَةً -مثال كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابَةً-. والعِرْفَةُ -بالكسر-: المَعْرِفَةُ. ويقال: ما عَرَفَ عِرْفي إلا بآخرةٍ: أي ما عَرَفَني إلا أخيراً. وقال ابن الأعرابي: العِرْفُ -بالكسر-: الصبر، وأنشد:
قل لأبن قيسٍ أخـي الـرُّقَـيّاتِ      ما أحسن العِرْفَ في المصيبات

وعَرَفَ: أي اعترف. والمَعْرَفَةُ -بفتح الراء-: موضع العُرْفِ من الفرس.
وشيء أعْرَفُ: له عُرْفٌ، قال:
عَنْجَرِدٌ تحلف حين أحْـلِـفُ      كمثل شيطانِ الحَمَاطِ أعْرِفُ

ويقال للضبع عًرْفاءُ؛ لكثرة شعر رقبتها، قال الشنفرى:
ولي دونكم أهلون سيد عملـس      وأرقط زُهْلُوْلٌ وعَرْفاءُ جيئلُ

وقال متمم بن نويرة رضي الله عنه.
يا لهفَ من عَرْفَاءَ ذاة فلـيلةٍ      جاءت إليَّ على ثلاثٍ تخمع

ويروى: بل لَهْفَ. ورجل عَرُوْفَةٌ بالأمور: أي عارفٌ بها، والهاء للمبالغة. وامرأة حسنة المَعَارِفِ: أي الوجه وما يظهر منها، واحدها: مَعْرَفٌ، قال الراعي:
مُتَلَثِّمِيْنَ على مَعَـارِفِـنـا      نثني لهن حواشي العصب

ويقال: فلان من المَعَارفِ: أي المَعْرُوفينَ، كأنه يراد: من ذوي المَعَارِفِ أي ذوي الوجوه.
ويقال: حيا الله المَعَارِفَ: كما يقال: حيا الله الوجوه. وعِرْفانً -بالكسر-: مغنية مشهورة. وعُرَيْفٌ -مصغراً-: من الأعلام. وأعْرَفَ الفرس: طال عُرْفُه. والتَّعْريْفُ: الإعلام. والتَّعْرِيْفُ: ضد التنكير. وقوله تعالى: (عَرَّفَ بعضه): أي عَرَّفَ حفصة -رضي الله عنها- بعض ذلك. وقوله تعالى: (عَرَّفَها لهم): أي طَيَّبها لهم، قال:
عَرُفْتَ كاتبٍ عَرَّفَتْهُ اللطائم     

ويقال: وصفها لهم في الدنيا فإذا دخلوا عَرَفُوا تلك الصفة، ويقال: جعلهم يَعْرِفُوْنَ فيها منازلهم إذا دخلوها كما كانوا يَعْرِفُوْنَ منازلهم في الدنيا. والتَّعْرِيْفُ: الوقوف بِعَرَفاتٍ، يقال عَرَّفَ الناس: إذا شهدوا عَرَفاتٍ. والمُعَرَّفُ: الموقف. واعْرَوْرَفَ: أي صار ذا عُرْفٍ. واعْرَوْرَفَ الرجل: أي تهيأ للشر. واعْرَوْرَفَ البحر: أي ارتفعت أمواجه. واعْرَوْرَفَ النخل: كثف والتف كأنه عُرْفُ الضبع، قال أحَيْحَةٌ بن الجلاح يصف عَطَنَ أبله.
مُعْرَوْرِفٌ أسبل جبـاره      بحافتيه الشُّوْعُ والغِرْيَفُ

واعْرَوْرِفَ الدم: أي صار له زبد مثل العُرْفِ، قال أبو كبير الهذلي:
مُسْتَنَّةٍ سنن الـفّـلُـوِّ مُـرِشَّةٍ      تنفي التراب بقاحزٍ مُعْرَوْرِفِ

واعْرَوْرَفَ الرجل الفرس: إذا علا على عُرْفِه.
وقال ابن عبّاد: أعْرَوْرَفَ أي ارتفع على الأعْرَافِ. والاعْتِرافُ بالذنب: الإقرار به. واعْتَرَفْتُ القوم: إذا سألتهم عن خبر لِتَعْرِفَه، قال بشر بن أبي خازم في آخر حياته فقيل له وَصِّ فقال:
تُرَجِّي أن أؤوب لها بنـهـبٍ      ولم تعلم بأن السَّهْمَ صـابـا


وربما وضعوا اعْتَرَفَ موضع عَرَفَ كما وضعوا عَرَفَ موضع اعْتَرَفَ، قال أبو ذؤيب الهذلي يصف سحابا:
مرته النُّعَامى فلـم يَعْـتَـرِفْ      خلاف النُّعَامى من الشأم ريحا

أي لم يَعْرِفْ غير الجنوب لأنها أبَلُّ الرياح وأرطبها. وقال ابن الأعرابي: اعْتَرَفَ فلان: إذا ذل وانقاد؛ وانشد الفرّاء في نوادره:
مالكِ ترغبين ولا ترغو الخلف      وتجزعين والمطي يَعْتَـرِفْ

وفي كتاب يافع ويَفَعَةٍ: "وتَضْجَرِيْنَ والمطي مُعْتَرِفْ" أي مُعْتَرِفٌ بالعمل، وقيل: يصبر، وقال مُعْتَرِفٌ ويَعْتَرِفُ لأن المطي مذكر. وتَعَرَّفْتُ ما عند فلان: أي تَطلبت حتى عَرَفْتُ. وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس -رضي الله عنهما-: يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تَعَرَّفْ إلى الله في الرخاء يَعْرِفْكَ في الشدة، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئاً لم يرد الله أن يعطيكه لم يقدروا عليه أو يصرفوا عنك شيئاً أراد الله أن يصيبك به لم يقدروا على ذلك، فإذا سألت فأسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن النصر معه الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا. أي أطعه واحفظه يجازك. وتقول: ائتِ فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى يَعْرِفَكَ. وقد تَعَارَفَ القوم: أي عَرَفَ بعضهم بعضاً، ومنه قوله تعالى: (وجعلناكم شُعُوباً وقبائل لِتَعَارَفُوا). والتركيب يدل على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض وعلى السكون والطمأنينة.

غيل (لسان العرب) [0]


الغَيْلُ: اللبن الذي ترضِعه المرأَة ولدَها وهي تؤْتَى؛ عن ثعلب؛ قالت أُم تأَبَّط شرًّا تُؤَبِّنُه بعد موته: ولا أَرضعْته غَيْلا وقيل: الغَيْل أَن تُرضِع المرأَة ولدَها على حَبَل، واسم ذلك اللبن الغَيْل أَيضاً، وإِذا شربه الولد ضَوِيَ واعْتَلَّ عنه.
وأَغالَتِ المرأَة ولدَها، فهي مُغِيلٌ، وأَغْيَلَتْه فهي مُغْيِل: سقَتْه الغَيْل الذي هو لبن المأْتِيَّة أَو لبن الحبلى، وهي مُغيل ومُغْيِل، والولد مُغالٌ ومُغْيَل؛ قال امرؤ القيس: ومِثْلك حُبْلى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً، فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائم مُغْيَلِ (* في المعلّقة: محوِلِ بدل مُغيِلِ).
وأَنشد سيبويه: ومثلك بكراً قد طرقت وثيِّبا وأَنشد ابن بري للمتنخل الهذلي: كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئِ الـ ـبَرْدِيِّ . . . أكمل المادة تحت الحَفَإِ المُغْيِل وأَغال فلان ولده إِذا غشيَ أُمّه وهي ترضعه، واسْتَغْيَلتْ هي نفسها، والاسم الغِيلة. يقال: أَضرَّت الغيلة بولد فلان إِذا أُتيت أُمّه وهي ترضعه، وكذلك إِذا حَمَلت أُمّه وهي ترضعه.
وفي الحديث: لقد هَمَمْت أَن أَنْهَى عن الغِيلة ثم أُخبرت أَن فارس والرُّومَ تفعل ذلك فلا يَضِيرهم.
ويقال: أَغْيَلَت الغَنم إِذا نُتِجت في السنة مرتين؛ قال: وعليه قول الأَعشى: وسِيقَ إِليه الباقِر الغُيُلُ وقال ابن الأَثير في شرح النَّهْي عن الغِيلة، قال: هو أَن يجامع الرجل زوجته إِذا حملت وهي مرضع، ويقال فيه الغِيلَة والغَيْلة بمعنى، وقيل: الكسر للاسم والفتح للمرّة، وقيل: لا يصح الفتح إِلاَّ مع حذف الهاء.
والغِيلَة: هو الغَيْل، وذلك أَن يجامع الرجل المرأَة وهي مرضع، وقد أَغال الرجل وأَغْيَل.
والغَيْل والمُغْتال: الساعد الريّان الممتلئ؛ قال: لَكاعبٌ مائلة في العِطْفَيْن، بيضاء ذاتُ ساعِدَين غَيْلَيْن أَهْوَنُ من ليلي وليلِ الزَّيْدَين، وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّيْن وقال المتنخل الهذلي: كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ، غُلَّت نَواشِزُه بِوَسْمٍ مُسْتَشاطِ وقال ابن جني: قال الفراء إِنما سمي المِعصم الممتلئ مُغْتالاً لأَنه من الغَوْل، وليس بقويّ لوجُودِنا ساعد غَيْل في معناه.
وغلام غَيْل ومُغْتال: عظيم سمين، والأُنثى غَيْلة.
والغَيْلة، بالفتح: المرأَة السمينة. أَبو عبيدة: امرأَة غَيْلة عظيمة؛ وقال لبيد: ويَبْرِي عِصِيًّا دونها مُتْلَئِبَّةً، يرى دونها غَوْلاً من التُّرْب غائِلا أَي تُرْباً كثيراً يَنْهال عليه، يعني ثوراً وحشيّاً يتَّخِذ كِناساً في أَصل أَرْطاة والتراب والرمل غَلَبه لكثرته؛ وقال آخر: يتبعْنَ هَيْقاً جافِلاَ مُضَلّلا، قعُود حنٍّ مستقرّاً أَغْيَلا (* قوله «قعود حن» هكذا في الأصل). أَراد بالأَغْيل الممتلئ العظيم.
واغْتال الغلامُ أَي غلُظ وسمن.
والغَيْل: الماء الجاري على وجه الأَرض.
وفي الحديث: ما سقي بالغَيْل فيه العُشر، وما سقي بالدَّلْو ففيه نصف العُشر؛ وقيل: الغَيْل، بالفتح، ما جرى من المياه في الأَنهار والسَّواقي وهو الفَتْحُ، وأَما الغَلَلُ فهو الماء الذي يجري بين الشجر.
وقال الليث: الغَيْل مكان من الغَيْضة فيه ماء مَعِين؛ وأَنشد: حِجارةُ غَيْلٍ وارِشات بطُحْلُب والغَيْل: كل موضع فيه ماء من واد ونحوه.
والغَيْل: العلَم في الثوب، والجمع أَغْيال؛ عن أَبي عمرو؛ وبه فسر قول كثيِّر: وحَشاً تَعاوَرُها الرِّياح، كأَنها تَوْشِيح عَصْبِ مُسَهَّم الأَغْيالِ وقال غيره: الغَيْل الواسع من الثياب، وزعم أَنه يقال: ثوب غَيْل؛ قل ابن سيده: وكلا القولين في الغَيْل ضعيف لم أَسمعه إِلا في هذا التفسير.
والغِيلُ: الشجر الكثير الملتفّ، يقال منه: تَغَيَّل الشجر، وقيل: الغِيلُ الشجر الكثير الملتف الذي ليس بشَوك؛ وأَنشد ابن بري لشاعر: أَسَدٌ أَضْبَط، يمشي بين طَرْفاءٍ وغِيلِ وقال أَبو حنيفة: الغِيل جماعة القصَب والحَلْفاء؛ قال رؤبة: في غِيل قَصْباءٍ وخِيس مُخْتَلَق والجمع أَغْيال.
والغِيل، بالكسر: الأَجَمة، وموضع الأَسد غِيل مثل خِيسٍ، ولا تدخلها الهاء، والجمع غُيول؛ قال عبد الله بن عجلان النهدي: وحُقَّة مسك من نِساءٍ لبستها شبابي، وكأْس باكَرَتْني شَمُولُها جَدِيدةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها سَقِيَّةُ بَرْدِيٍّ، نَمَتْها غُيُولُها قال ابن بري: والغُيول ههنا جمع غَيْل، وهو الماء يجري بين الشجر لأَن الماء يسقي والأَجَمة لا تسقي.
وفي حديث قس: أَسدُ غِيِلِ، الغِيل، بالكسر: شجر ملتفّ يستتر فيه كالأَجَمة؛ وفي قصيد كعب: بِبَطْن عَثَّر غِيلٌ دونهُ غِيلُ وقول الشاعر: كَذَوائب الحَفَإِ الرَّطيب عَطابه غِيلٌ، ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ غِيلٌ: الماء الجاري على وجه الأَرض.
والمُغَيِّل: النَّابت في الغِيل؛ قال المتنخل الهذلي يصف جارية: كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئ الـ ـبَرْدِيِّ، تحت الحَفَإِ المُغْيِلِ والمُغَيِّل: كالمُغْيِل، وقيل: كل شجرة كثرت أَفْنانها وتَمَّت والتفَّت فهي مُتَغَيِّلة.
والمِغْيال: الشجرة المُلْتَفَّة الأَفْنان الكثيرة الورق الوافِرَة الظِّلّ.
وأَغْيَل الشجر وتَغَيَّل واسْتَغْيَل: عظُم والتفَّ. ابن الأَعرابي: الغَوائِل خُروق في الحوض، واحدتها غائِلة؛ وأَنشد:وإِذا الذَّنوب أُحِيل في مُتَثَلِّمٍ، شُرِبت غَوائل مائِهِ وهُزُوم والغائلة: الحِقْد الباطن، اسم كالوابِلَة.
وفلان قليل الغائلة والمَغالة أَي الشرّ. الكسائي: الغَوائل الدواهي.
والغِيلة، بالكسر: الخَدِيعة والاغْتِيال.
وقُتِل فلان غِيلة أَي خُدْعة، وهو أَن يخدعه فيذهب به إِلى موضع، فإِذا صار إِليه قتله وقد اغْتِيل. قال أَبو بكر: الغِيلة في كلام العرب إِيصال الشرّ والقتل إِليه من حيث لا يعلم ولا يشعُر. قال أَبو العباس: قتله غِيلة إِذا قتله من حيث لا يعلم، وفَتَك به إِذا قتله من حيث يراه وهو غارٌّ غافِل غير مستعدٍّ.
وغال فلاناً كذا وكذا إِذا وصل إِليه منه شرّ؛ وأَنشد: وغالَ امْرَأً ما كان يخشى غوائِلَه أَي أَوصل إِليه الشرَّ من حيث لا يعلم فيستعدّ.
ويقال: قد اغْتاله إِذا فعل به ذلك.
وفي حديث عمر: أَنّ صبيّاً قُتل بصَنْعاء غِيلة فقَتل به عمر سبعة أَي في خُفْية واغْتيال وهو أَن يُخدَع ويُقتَل في موضع لا يراه فيه أَحد.
والغِيلة: فِعْلة من الاغتيال.
وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن أُغْتال من تحتي أَي أُدْهَى من حيث لا أَشعرُ، يريد به الخَسْف. الشِّقْشِقَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي: أَصْهَبُ هَدّار لكل أَرْكَبِ، بغِيلةٍ تنسلُّ نحو الأَنْيبِ وإِبل غُيُل: كثيرة، وكذلك البقر؛ وأَنشد بيت الأَعشى: إِنِّي لعَمْر الذي خَطَتْ مَنَاشِبُها تَخْدِي، وسِيق إِليه الباقِرُ الغُيُلُ ويروى: خَطَتْ مَناسِمُها، الواحد غَيُول؛ حكى ذلك ابن جني عن أَبي عمرو الشيباني عن جده.
وقال أَبو عمرو: الغَيُول المنفرد من كل شيء، وجمعه غُيُل، ويروى العُيُل في البيت بعين غير معجمة، يريد الجماعة أَي سِيق إِليه الباقر الكثير.
وقال أَبو منصور: والغُيُل السِّمان أَيضاً.
وغَيْلان: اسم رجل.
وغَيْلان بن حُرَيث: من شعرائهم، وكذا وقع في كتاب سيبويه، وقيل: غَيْلان حرب، قال: ولست منه على ثقة.
واسم ذي الرمة: غَيْلان بن عُقْبة؛ قال ابن بري: من اسمه غَيْلان جماعة: منهم غَيْلان ذو الرمة، وغَيْلان بن حريث الراجز، وغَيْلان بن خَرَشة الضَّبي، وغيلان ابن سلمَة الثقفيّ.
وأُمّ غَيْلان: شجر السَّمُر.

علم (لسان العرب) [0]


من صفات الله عز وجل العَلِيم والعالِمُ والعَلاَّمُ؛ قال الله عز وجل: وهو الخَلاَّقُ العَلِيمُ، وقال: عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ، وقال: عَلاَّم الغُيوب، فهو اللهُ العالمُ بما كان وما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه، وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون، لم يَزَل عالِماً ولا يَزالُ عالماً بما كان وما يكون، ولا يخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأشياء باطِنِها وظاهرِها دقيقِها وجليلِها على أتمّ الإمْكان.
وعَليمٌ، فَعِيلٌ: من أبنية المبالغة.
ويجوز أن يقال للإنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم، كما قال يوسف للمَلِك: إني حفيظٌ عَلِيم.
وقال الله عز وجل: إنَّما يَخْشَى اللهَ . . . أكمل المادة من عبادِه العُلَماءُ: فأَخبر عز وجل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه، وأنهمَ هم العُلمَاء، وكذلك صفة يوسف، عليه السلام: كان عليماً بأَمْرِ رَبِّهِ وأَنه واحد ليس كمثله شيء إلى ما عَلَّمه الله من تأْويل الأَحاديث الذي كان يَقْضِي به على الغيب، فكان عليماً بما عَلَّمه اللهُ.
وروى الأزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وإنه لذُو عِلْمٍ لما عَلَّمْناه، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن مِمَّن سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنةَ، قلتُ: حَسْبي.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العِلْم بالخَشْية؛ قال الأزهري: ويؤيد ما قاله قولُ الله عز وجل: إنما يخشى اللهَ من عباده العُلَماءُ.
وقال بعضهم: العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم، قال: وهذا يؤيد قول ابن عيينة.
والعِلْمُ: نقيضُ الجهل، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه، ورجل عالمٌ وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً. قال سيبويه: يقول عُلَماء من لا يقول إلاّ عالِماً. قال ابن جني: لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به بعدَ المُزاوَلة له وطُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ، ولم يكن على أول دخوله فيه، ولو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً، فلما خرج بالغريزة إلى باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه، ثم حملُوا عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء، وصار عُلَماء كَحُلَماء لأن العِلمَ محْلَمةٌ لصاحبه، وعلى ذلك جاء عنهم فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ من ضروب الجهل ونقيضاً للحِلْم، قال ابن بري: وجمعُ عالمٍ عُلماءُ، ويقال عُلاّم أيضاً؛ قال يزيد بن الحَكَم: ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي، سَواءٌ عند عُلاّم الرِّجالِ وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً، والهاء للمبالغة، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلاّمِين، وعُلاّم من قوم عُلاّمين؛ هذه عن اللحياني.
وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه. قال ابن بري: وتقول عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه، وعَلُم وفَقُه أي سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ.
والعَلاّمُ والعَلاّمةُ: النَّسَّابةُ وهو من العِلْم. قال ابن جني: رجل عَلاّمةٌ وامرأة عَلاّمة، لم تلحق الهاء لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه، وإنما لَحِقَتْ لإعْلام السامع أن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ والنهايةَ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما أُريدَ من تأْنيث الغاية والمُبالغَةِ، وسواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفةُ مُذَكَّراً أو مؤنثاً، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة عَلاّمة وفَرُوقة ونحوه إنما لَحِقت لأن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ، كما أن الهاء في قائمة وظَريفة لَمَّا لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم، وهذا واضح.
وقوله تعالى: إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلومِ الذي لا يَعْلَمُه إلا الله، وهو يوم القيامة.
وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه، وفرق سيبويه بينهما فقال: عَلِمْتُ كأَذِنْت، وأَعْلَمْت كآذَنْت، وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم، وليس التشديدُ هنا للتكثير.
وفي حديث ابن مسعود: إنك غُلَيِّمٌ مُعَلَّم أي مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كقوله تعالى: مُعلَّم مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه.
ويقالُ: تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ.
وفي حديث الدجال: تَعَلَّمُوا أن رَبَّكم ليس بأَعور بمعنى اعْلَمُوا، وكذلك الحديث الآخر: تَعَلَّمُوا أنه ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا؛ وقال عمرو بن معد يكرب: تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلاب قال ابن بري: البيت لمعد يكرِب بن الحرث بن عمرو ابن حُجْر آكل المُرار الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل، وليس هو لعمرو بن معد يكرب الزُّبَيدي؛ وبعده: تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ، وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّباب قال: ولا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأمر؛ قال: ومنه قول قيس بن زهير: تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً وقول الحرث بن وَعْلة: فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ قال: واسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ. قال ابن السكيت: تَعَلَّمْتُ أن فلاناً خارج بمنزلة عَلِمْتُ.
وتعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه.
وعالَمَهُ فَعَلَمَه يَعْلُمُه، بالضم: غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه.
وحكى اللحياني: ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه؛ قال الأزهري: وكذلك كل ما كان من هذا الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه فضربته أضْرُبُه.
وعَلِمَ بالشيء: شَعَرَ. يقال: ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت.
ويقال: اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه، واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه.
وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه: أَتقنه.
وقال يعقوب: إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ، وإذا قيل لك تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ؛ وأنشد: تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلاّ عَلى مُتَطَيِّرٍ، وهي الثُّبُور وعَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين، ولذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما قالوا ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني. تقول: عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلاً، ويجوز أن تقول عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته.
وعَلِمَ الرَّجُلَ: خَبَرَه، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه.
وفي التنزيل: وآخَرِين مِنْ دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم.
وأحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ ما هو.
وأما قوله عز وجل: وما يُعَلِّمانِ مِنْ أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة تَكْفُرْ. قال الأزهري: تكلم أهل التفسير في هذه الآية قديماً وحديثاً، قال: وأبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ وغيرهم ما يُسْأَلانِ عنه، ويأْمران باجتناب ما حرم عليهم وطاعةِ الله فيما أُمِروا به ونُهُوا عنه، وفي ذلك حِكْمةٌ لأن سائلاً لو سأل: ما الزنا وما اللواط؟ لوجب أن يُوقَف عليه ويعلم أنه حرام، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ باجتنابه بعد الإعلام.
وذكر عن ابن الأعرابي أنه قال: تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ، قال: ومنه وقوله تعالى وما يُعَلِّمان من أحد، قال: ومعناه أن الساحر يأتي الملكين فيقول: أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي، فيقولان: نَهَى عن الزنا، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول: وعمَّاذا؟ فيقولان: وعن اللواط، ثم يقول: وعَمَّاذا؟ فيقولان: وعن السحر، فيقول: وما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فيحفظه وينصرف، فيخالف فيكفر، فهذا معنى يُعلِّمان إنما هو يُعْلِمان، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً، ولا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً، كما أن من عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل.
وقوله تعالى: الرحمن عَلَّم القرآن؛ قيل في تفسيره: إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأن يُذْكَر، وأما قوله عَلَّمَهُ البيانَ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه بَيانُ كل شيء، ويكون معنى قوله عَلَّمَهُ البيانَ جعله مميَّزاً، يعني الإنسان، حتى انفصل من جميع الحيوان.
والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر، وقد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات، وأورده الجوهري منكراً فقال: والأيام المعلوماتُ عَشْرُ من ذي الحجة ولا يُعْجِبني.
ولقِيَه أَدْنَى عِلْمٍ أي قبلَ كل شيء.
والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة: الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا، وقيل: في أحد جانبيها، وقيل: هو أَن تنشقَّ فتَبينَ. عَلِمَ عَلَماً، فهو أَعْلَمُ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً: شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا، وهو الأَعْلمُ.
ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في مِشْفَرِه الأعلى، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ، وفي الأنف أَخْرَمُ، وفي الأُذُن أَخْرَبُ، وفي الجَفْن أَشْتَرُ، ويقال فيه كلِّه أَشْرَم.
وفي حديث سهيل بن عمرو: أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ؛ قال ابن السكيت: العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً، والشفة عَلْماء.
والعَلَمُ: الشَّقُّ في الشفة العُلْيا، والمرأَة عَلْماء.
وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً: وَسَمَهُ.
وعَلَّمَ نَفسَه وأَعْلَمَها: وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ.
ورجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر؛ ومنه قوله: فَتَعَرَّفوني، إنَّني أنا ذاكُمُ شاكٍ سِلاحِي، في الحوادِثِ، مُعلِمُ وأَعْلَمَ الفارِسُ: جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان، فهو مُعْلِمٌ؛ قال الأخطل: ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً، وفي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ مُعْلِمَةً، بكسر اللام.
وأَعْلَم الفَرَسَ: عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر أو أبيض في الحرب.
ويقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً، وذلك إذا لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك؛ قال الشاعر: ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً دُبَيْرِيَّةً، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما وقَدَحٌ مُعْلَمٌ: فيه عَلامةٌ؛ ومنه قول عنترة: رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ والعَلامةُ: السِّمَةُ، والجمع عَلامٌ، وهو من الجمع الذي لا يفارق واحده إلاَّ بإلقاء الهاء؛ قال عامر بن الطفيل: عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما بِسَلْمَى، أو عَرَفْت بها عَلاما والمَعْلَمُ مكانُها.
وفي التنزيل في صفة عيسى، صلوات الله على نبينا وعليه: وإنَّهُ لَعِلْمٌ للساعة، وهي قراءة أكثر القرّاء، وقرأَ بعضهم: وإنه لَعَلَمٌ للساعة؛ المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض عَلامةٌ تدل على اقتراب الساعة.
ويقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل بها على الطريق: أَعْلامٌ، واحدها عَلَمٌ.
والمَعْلَمُ: ما جُعِلَ عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق والحدود مثل أَعلام الحَرَم ومعالِمِه المضروبة عليه.
وفي الحديث: تكون الأرض يوم القيامة كقْرْصَة النَّقيِّ ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد، هو من ذلك، وقيل: المَعْلَمُ الأثر.
والعَلَمُ: المَنارُ. قال ابن سيده: والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يكون بين الأرْضَيْنِ.
والعَلامة والعَلَمُ: شيء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به الضالَّةُ.
وبين القوم أُعْلُومةٌ: كعَلامةٍ؛ عن أبي العَمَيْثَل الأَعرابي.
وقوله تعالى: وله الجَوارِ المُنْشآتُ في البحر كالأَعلامِ؛ قالوا: الأَعْلامُ الجِبال.
والعَلَمُ: العَلامةُ.
والعَلَمُ: الجبل الطويل.
وقال اللحياني: العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ؛ قال جرير: إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم، حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم، في ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم وفي الحديث: لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم، والجمع أَعْلامٌ وعِلامٌ؛ قال: قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ، واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوَِّضُ قال كراع: نظيره جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال، وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام.
واعْتَلَمَ البَرْقُ: لَمَعَ في العَلَمِ؛ قال: بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه، بَلْ لا يُرى إلاَّ إذا اعْتَلَمَا خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني؛ وحكمه: لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما والعَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه.
وقد أَعْلَمَه: جَعَلَ فيه عَلامةً وجعَلَ له عَلَماً.
وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ، فهو مُعْلِمٌ، والثوبُ مُعْلَمٌ.
والعَلَمُ: الراية التي تجتمع إليها الجُنْدُ، وقيل: هو الذي يُعْقَد على الرمح؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي: يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً، وأَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها فإن ابن جني قال فيه: ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها، فأَشبع الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله: ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ يريد بمُنْتزَح.
وأَعلامُ القومِ: ساداتهم، على المثل، الوحدُ كالواحد.
ومَعْلَمُ الطريق: دَلالتُه، وكذلك مَعْلَم الدِّين على المثل.
ومَعْلَم كلِّ شيء: مظِنَّتُه، وفلان مَعلَمٌ للخير كذلك، وكله راجع إلى الوَسْم والعِلْم، وأَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً.
والمَعْلَمُ: الأثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق، وجمعه المَعالِمُ.
والعالَمُون: أصناف الخَلْق.
والعالَمُ: الخَلْق كلُّه، وقيل: هو ما احتواه بطنُ الفَلك؛ قال العجاج: فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ جاء به مع قوله: يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي فأَسَّسَ هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس، فعابَ رؤبةُ على أبيه ذلك، فقيل له: قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه، إن أَباك كان يهمز العالمَ والخاتمَ، يذهب إلى أَن الهمز ههنا يخرجه من التأْسيس إذ لا يكون التأْسيس إلا بالألف الهوائية.
وحكى اللحياني عنهم: بَأْزٌ، بالهمز، وهذا أَيضاً من ذلك.
وقد حكى بعضهم: قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحَـَّلأْتُ السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بالحج، وهو كله شاذ لأنه لا أصل له في الهمز، ولا واحد للعالَم من لفظه لأن عالَماً جمع أَشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ اسماً منها صار جمعاً لأشياء متفقة، والجمع عالَمُون، ولا يجمع شيء على فاعَلٍ بالواو والنون إلا هذا، وقيل: جمع العالَم الخَلقِ العَوالِم.
وفي التنزيل: الحمد لله ربِّ العالمين؛ قال ابن عباس: رَبِّ الجن والإنس، وقال قتادة: رب الخلق كلهم. قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل: تبارك الذي نَزَّلَ الفُرْقانَ على عبده ليكون للعالمينَ نذيراً؛ وليس النبي، صلى الله عليه وسلم، نذيراً للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خَلق الله، وإنما بُعث محمد، صلى الله عليه وسلم، نذيراً للجن والإنس.
وروي عن وهب بن منبه أنه قال: لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم، الدنيا منها عالَمٌ واحد، وما العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء؛ وقال الزجاج: معنى العالمِينَ كل ما خَلق الله، كما قال: وهو ربُّ كل شيء، وهو جمع عالَمٍ، قال: ولا واحد لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جمع أشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ لواحد منها صار جمعاً لأَشياء متفقة. قال الأزهري: فهذه جملة ما قيل في تفسير العالَم، وهو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ.والعُلامُ: الباشِق؛ قال الأزهري: وهو ضرب من الجوارح، قال: وأما العُلاَّمُ، بالتشديد، فقد روي عن ابن الأعرابي أَنه الحِنَّاءُ، وهو الصحيح، وحكاهما جميعاً كراع بالتخفيف؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا: حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها طارَتْ، وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي قال: العُلام هنا الصَّقْر، قال: وهذا من طَريف الرواية وغريب اللغة. قال ابن بري: ليس أَحد يقول إن العُلاَّمَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلاَّ الطائي؛ قال: .يَشْغَلُها * عن حاجةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ وأَورد ابن بري هذا البيت (* قوله «وأورد ابن بري هذا البيت» أي قول زهير: حتى إذا ما هوت إلخ) مستشهداً به على الباشق بالتخفيف.
والعُلامِيُّ: الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام.
والعَيْلَمُ: البئر الكثيرة الماء؛ قال الشاعر: من العَيالِمِ الخُسُف وفي حديث الحجاج: قال لحافر البئر أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ؛ يقال: أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء وهو دون الخَسْفِ، وقيل: العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا، وقيل: هي الواسعة، وربما سُبَّ الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها .
والعَيْلَم: البحر.
والعَيْلَم: الماء الذي عليه الأرض، وقيل: العَيْلَمُ الماء الذي عَلَتْه الأرضُ يعني المُنْدَفِن؛ حكاه كراع.
والعَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ.
والعَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عن الفارسي.
والعَيْلامُ: الضِّبْعانُ وهو ذكر الضِّباع، والياء والألف زائدتان.
وفي خبر إبراهيم، على نبينا وعليه السلام: أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ؛ وهو ذكر الضِّباع.
وعُلَيْمٌ: اسم رجل وهو أبو بطن، وقيل: هو عُلَيم بن جَناب الكلبي.
وعَلاَّمٌ وأَعلَمُ وعبد الأَعلم: أسماء؛ قال ابن دريد: ولا أَدري إلى أي شيء نسب عبد الأعلم.
وقولهم: عَلْماءِ بنو فلان، يريدون على الماء فيحذفون اللام تخفيفاً.
وقال شمر في كتاب السلاح: العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع؛ قال: ولم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب: جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي، وقِدْماً كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْ وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجْـ ـجَةِ والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ وقد ذكر ذلك في ترجمة عله.

خطط (لسان العرب) [0]


الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ في الشيء، والجمع خُطُوطٌ؛ وقد جمعه العجّاج على أَخْطاطٍ فقال: وشِمْنَ في الغُبارِ كالأَخْطاطِ ويقال: الكَلأُ خُطوطٌ في الأَرض أَي طَرائقُ لم يَعُمَّ الغَيْثُ البلادَ كُلَّها.
وفي حديث عبد اللّه بن عَمرو في صفة الأَرض الخامسةِ: فيها حيّاتٌ كسلاسِلِ الرَّمْلِ وكالخطائط بين الشَّقائِق؛ واحدتها خَطِيطةٌ، وهي طرائقُ تُفارِقُ الشَّقائق في غِلَظِها ولِينِها.
والخَطُّ: الطريق، يقال: الزَمْ ذلك الخَطَّ ولا تَظْلِمْ عنه شيئاً؛ قال أَبو صخر الهذلي: صُدُود القِلاصِ الأُدْمِ في ليلةِ الدُّجَى، عن الخَطِّ لم يَسْرُبْ لها الخَطِّ سارِبُ وخَطَّ القلَمُ أَي كتب.
وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كتبه بقلم أَو غيره؛ وقوله: فأَصْبَحَتْ بَعْدَ، خَطَّ، بَهْجَتِها كأَنَّ، قَفْراً، . . . أكمل المادة رُسُومَها، قَلَما أَراد فأَصبحت بعد بهجتها قفراً كأَنَّ قلماً خَطَّ رُسومَها.
والتَّخْطِيطُ: التَّسْطِيرُ، التهذيب: التخْطيطُ كالتَّسْطِير، تقول: خُطِّطَت عليه ذنوبُه أَي سُطِّرت.
وفي حديث معاوية بن الحكم: أَنه سأَل النبيَّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الخَطِّ فقال: كان نبيٌّ من الأَنبياء يَخُطُّ فمن وافَقَ خَطَّه عَلِمَ مثل عِلْمِه، وفي رواية: فمن وافَق خطَّه فذاكَ.
والخَطُّ: الكتابة ونحوها مما يُخَطُّ.
وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه قال في الطَّرْقِ: قال ابن عباس هو الخَطُّ الذي يَخُطُّه الحازِي، وهو عِلْم قديم تركه الناس، قال: يأْتي صاحِبُ الحاجةِ إِلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً فيقول له: اقْعُدْ حتى أَخُطَّ لك، وبين يدي الحازي غُلام له معَه مِيلٌ له، ثم يأْتي إِلى أَرْضٍ رخْوَةٍ فيَخُطُّ الأُسْتاذ خُطوطاً كثيرة بالعجلة لئلا يَلْحَقها العدَدُ، ثم يرجِعُ فيمحو منها على مَهَلٍ خَطَّيْنِ خطين، فإِن بقي من الخُطوط خَطَّانِ فهما علامة قضاء الحاجة والنُّجْح، قال: والحازِي يمحو وغلامه يقول للتفاؤل: ابْنَيْ عِيان، أَسْرِعا البَيان؛ قال ابن عباس: فإِذا مَحا الحازِي الخُطوطَ فبقي منها خَطٌّ واحد فهي علامة الخَيْبةِ في قضاء الحاجة؛ قال: وكانت العرب تسمي ذلك الخطّ الذي يبقى من خطوط الحازي الأَسْحَم، وكان هذا الخط عندهم مشْؤُوماً.
وقال الحَرْبيُّ: الخطُّ هو أَن يخُطّ ثلاثة خُطوط ثم يَضْرِب عليهن بشعِير أَو نَوىً ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضَرْبٌ من الكَهانة؛ قال ابن الأَثير: الخَطُّ المشار إِليه علم معروف وللناس فيه تَصانِيفُ كثيرة وهو معمول به إِلى الآن، ولهم فيه أَوْضاعٌ واصْطلاحٌ وأَسامٍ، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيراً ما يُصِيبُون فيه.
وفي حديث ابن أُنَيْسٍ: ذهَب بي رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِلى منزله فدَعا بطعام قليل فجعلت أُخَطِّطُ حتى يَشْبَعَ رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي أَخُطُّ في الطعام أُرِيهِ أَني آكُل ولست بآكِلٍ.
وأَتانا بطعام فخَطَطْنا فيه أَي أَكَلْناه، وقيل: فحطَطْنا، بالحاء المهملة غير معجمة، عَذَّرْنا.
ووصف أَبو المَكارم مَدْعاةً دُعِيَ إِليها قال: فحَطَطْنا ثم خَطَطْنا أَي اعتمدنا على الأَكل فأَخذنا، قال: وأَما حَطَطْنا فمعناه التَّعْذِيرُ في الأَكل.
والحَطُّ: ضِدُّ الخَطِّ، والماشي يَخُطُّ برجله الأَرضَ على التشبيه بذلك؛ قال أَبو النجم: أَقْبَلْتُ مِنْ عندِ زِيادٍ كالخَرِفْ، تَخطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ، تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لامَ أَلِفْ والخَطُوط، بفتح الخاء، من بقر الوحش: التي تخُطُّ الأَرض بأَظْلافِها، وكذلك كل دابّة.
ويقال: فلان يخُطّ في الأَرض إِذا كان يفكِّر في أَمره ويدبّره.
والخَطُّ: خَطُّ الزاجر، وهو أَن يخُطّ بإِصْبَعِه في الرمل ويَزْجُر.
وخَطَّ الزاجِرُ في الأَرض يخُطُّ خطّاً: عَمِلَ فيها خَطّاً بإِصْبَعِه ثم زَجَر؛ قال ذو الرمة: عَشِيّةَ ما لي حِيلةٌ غَيْرَ أَنَّنِي، بَلَقْطِ الحصى والخَطِّ في التُّرْبِ، مولَعُ وثوب مُخَطَّطٌ وكِساء مُخَطَّط: فيه خُطوط، وكذلك تمر مُخَطَّط ووَحْشٌ مُخَطَّطٌ.
وخَطَّ وجْهُه واخْتَطَّ: صارَتْ فيه خُطوط.
واخْتَطَّ الغلامُ أَي نبتَ عِذارُه.
والخُطَّةُ: كالخَطِّ كأَنها اسم للطريقة.
والمِخَطُّ، بالكسر: العود الذي يَخُطّ به الحائكُ الثوبَ.
والمِخْطاطُ: عُود تُسَوَّى عليه الخُطوطُ.
والخَطُّ: الطَّرِيقُ؛ عن ثعلب؛ قال سلامةُ بن جَنْدل: حتى تركْنا وما تُثْنَى ظَعائننا، يأْخُذْنَ بينَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ والخَطُّ: ضَربٌ من البَضْعِ (* قوله «البضع» بالفتح والضم بمعنى الجماع.)، خَطَّها يَخُطُّها خَطّاً.
وفي التهذيب: ويقال خَطَّ بها قُساحاً.
والخِطُّ والخِطَّةُ: الأَرض تُنْزَلُ من غير أَن ينزِلها نازِلٌ قبل ذلك.
وقد خَطَّها لنَفْسِه خَطّاً واخْتَطَّها: وهو أَن يُعَلِّم عليها عَلامةً بالخَطِّ ليُعلم أَنه قد احْتازَها (* قوله «احتازها» في النهاية: اختارها.) ليَبْنِيَها داراً، ومنه خِطَطُ الكوفةِ والبصرةِ.
واخْتَطَّ فلان خِطَّةً إِذا تحَجَّر موضعاً وخَطَّ عليه بِجِدار، وجمعها الخِطَطُ.
وكلُّ ما حَظَرْتَه، فقد خطَطْتَ عليه.
والخِطّةُ، بالكسر: الأَرضُ.
والدار يَخْتَطُّها الرَّجل في أَرض غير مملوكةٍ ليَتَحجَّرها ويَبْنيَ فيها، وذلك إِذا أَذِن السلطان لجماعة من المسلمين أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ في موضع بعينه ويتخذوا فيه مَساكِنَ لهم كما فعلوا بالكوفة والبصرة وبغداد، وإِنما كسرت الخاء من الخِطَّة لأَنها أُخرجت على مصدر بُني على فعله (* قوله «على فعله» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون نقط لما بعد اللام، وعبارة المصباح: وإنما كسرت الخاء لأَنها أُخرجت على مصدر افتعل مثل اختطب خطبة وارتد ردّة وافترى فرية.) ، وجمع الخِطَّةِ خِطَطٌ.
وسئل إِبراهيمُ الحَربيّ عن حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه وَرَّث النساء خِطَطَهُنَّ دون الرِّجال، فقال: نَعَم كان النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَعْطَى نِساء خِطَطاً يَسْكُنَّها في المدينة شبْه القَطائِع، منهنَّ أُمُّ عبد، فجعلها لهنَّ دون الرِّجال لا حَظَّ فيها للرجال.
وحكى ابن بري عن ابن دريد أَنه يقال خِطٌّ للمكَان الذي يَخْتَطُّه لنفسه، من غير هاء، يقال: هذا خِطُّ بني فلان. قال: والخُطُّ الطريق، يقال: الزَمْ هذا الخُطَّ، قال: ورأَيته في نسخة بفتح الخاء. ابن شميل: الأَرضُ الخَطيطةُ التي يُمْطَرُ ما حَوْلَها ولا تُمْطَر هي، وقيل: الخَطِيطةُ الأَرض التي لم تمطر بين أَرْضَين مَمْطورَتَين، وقيل: هي التي مُطِر بعضُها.
وروي عن ابن عباس أَنه سئل عن رجل جعل أَمْرَ امْرأَتِه بيدِها فقالت له: أَنتَ طالق ثلاثاً، فقال ابن عباس: خطَّ اللّه نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نفسَها ثلاثاً وروي: خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها، بالهمز، أَي أَخْطأَها المطر؛ قال أَبو عبيد: من رواه خَطَّ اللّه نوْءَها جعله من الخَطِيطةِ، وهي الأَرض التي لم تمطر بين أَرضين ممطورتين، وجمعها خَطائطُ.
وفي حديث أَبي ذرّ في الخَطائطِ: تَرْعَى الخَطائطَ ونَرِدُ المَطائطَ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لهميان بن قُحافةَ: على قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائطَا، يَتْبَعْنَ مَوَّارَ المِلاطِ مائطا وقال البَعِيثُ: أَلا إِنَّما أَزْرَى بحَارَك عامِداً سُوَيْعٌ، كخطَّافِ الخَطِيطةِ، أَسْحَمُ وقال الكميت: قِلاتٌ بالخَطِيطةِ جاوَرَتْها، فَنَضَّ سِمالُها، العَيْنُ الذَّرُورُ القِلاتُ: جمع قَلْتِ للنُّقْرة في الجبل، والسِّمالُ: جمع سَمَلةٍ وهي البقِيَّةُ من الماء، وكذلك النَّضِيضةُ البقيةُ من الماء، وسمالُها مرتفع بنَضَّ، والعينُ مرتفع بجاورَتْها، قال ابن سيده: وأَما ما حكاه ابن الأَعرابي من قول بعض العرب لابنه: يا يُنَيَّ الزم خَطِيطةَ الذُّلِّ مَخافةَ ما هو أَشدُّ منه، فإِنَّ أَصل الخَطِيطةِ الأَرضُ التي لم تمطر، فاستعارها للذلِّ لأَن الخطيطة من الأَرضين ذليلة بما بُخِسَتْه من حقّها.
وقال أَبو حنيفة: أَرض خِطٌّ لم تُمْطَر وقد مُطر ما حولَها.
والخُطَّةُ، بالضم: شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يقال: سُمْتُه خُطَّةَ خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قال تأَبَّط شَرّاً: هُما خُطَّتا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ، وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ أَراد خُطَّتانِ فحذف النون اسْتِخْفافاً.
وفي حديث الحديبية: لا يَسْأَلوني خُطَّةً يُعَظّمون فيها حُرُماتِ اللّه إِلاَّ أَعطَيتهم إِيَّاها، وفي حديثها أَيضاً: إِنه قد عرَض عليكم خُطَّة رُشْدٍ فاقبلوها أَي أَمراً واضحاً في الهُدَى والاسْتِقامةِ.
وفي رأْسِه خُطَّةٌ أَي أَمْرٌ مّا، وقيل: في رأْسه خُطَّةٌ أَي جَهْلٌ وإِقدامٌ على الأُمور.
وفي حديث قيْلةَ: أَيُلامُ ابن هذه أَن يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ من وراء الحَجَزة؟ أَي أَنه إِذا نزل به أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكِلٌ لا يُهْتَدى له إِنه لا يَعْيا به ولكنه يَفْصِلُه حتى يُبْرِمَه ويخرُجَ منه برأْيِه.
والخُطَّةُ: الحالُ والأَمْرُ والخَطْبُ. الأَصمعي: من أَمْثالهم في الاعْتزام على الحاجة: جاءَ فلان وفي رأْسه خُطَّةٌ إِذا جاءَ وفي نفسه حاجةٌ وقد عزَم عليها، والعامَّةُ تقول: في رأْسه خُطْيَةٌ، وكلام العرب هو الأَول.وخَطَّ وجهُ فلان واخْتَطَّ. ابن الأَعرابي: الأَخَطُّ الدَّقِيقُ المَحاسِنِ.
واخْتَطَّ الغُلامُ أَي نبتَ عِذارُه.
ورجل مُخطَّطٌ: جَمِيلٌ.
وخَطَطْتُ بالسيفِ وسطَه، ويقال: خَطَّه بالسيف نِصفين.
وخُطَّةُ: اسم عَنْز، وفي المثل: قَبَّحَ اللّه عَنْزاً خَيْرُها خُطَّةُ. قال الأَصمعي: إِذا كان لبعض القوم على بعض فَضِيلةٌ إِلاَّ أَنها خَسيسةٌ قيل: قَبَّحَ اللّهُ مِعْزَى خيْرُها خُطَّةُ، وخُطةُ اسم عنز كانت عَنز سَوْء؛ وأَنشد: يا قَومِ، مَنْ يَحْلُبُ شاةً مَيِّتهْ؟ قد حُلِبَت خُطَّةُ جَنْباً مُسْفَتهْ ميتة ساكنةٌ عند الحَلب، وجَنْباً عُلْبةٌ، ومُسْفَتةٌ مَدْبوغة. يقال: أَسْفَت الزقّ دَبَغَه. الليث: الخَطُّ أَرض ينسب إِليها الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ، فإِذا جعلت النسبةَ اسماً لازماً قلت خَطِّيَّة، ولم تذكر الرماحَ، وهو خَطُّ عُمانَ. قال أَبو منصور: وذلك السِّيفُ كلُّه يسمى الخَطَّ، ومن قُرى الخَطِّ القَطِيفُ والعُقَيْرُ وقَطَرُ. قال ابن سيده: والخَطُّ سِيفُ البَحْرَينِ وعُمانَ، وقيل: بل كلُّ سِيفٍ خَطٌّ، وقيل: الخَطُّ مَرْفَأُ السفُن بالبحرين تُنْسب إِليه الرماح. يقال: رُمْح خَطِّيٌّ، ورِماح خَطِّيَّة وخِطِّيَّةٌ، على القياس وعلى غير القياس، وليست الخطّ بمنْبِتٍ للرِّماح، ولكنها مَرْفَأُ السفُن التي تحْمِلُ القَنا من الهِنْدِ كما قالوا مِسْكُ دارِينَ وليس هنالك مسك ولكنها مرفأُ السفن التي تحمل المِسك من الهِند.
وقال أَبو حنيفة: الخَطِّيُّ الرِّماح، وهو نِسْبةٌ قد جرَى مَجْرى الاسم العلم، ونِسْبته إِلى الخَطّ خَطِّ البحرين وإِليه ترفأُ الشفن إِذا جاءَت من أََرض الهند، وليس الخَطِّيّ الذي هو الرماح من نبات أَرض العرب، وقد كثر مجيئه في أَشْعارها؛ قال الشاعر في نباته: وهَل يُنْبِتُ الخَطِّيَّ إِلاّ وشِيجهُ، وتُغْرَسُ، إلاَّ في مَنابِتِها، النَّخْلُ؟ وفي حديث أُمِّ زَرْع: فأَخذ خَطِّيّاً؛ الخَطِّيّ، بالفتح: الرمح المنسوب إِلى الخَطّ. الجوهري: الخَط موضع باليمامة، وهو خَطُّ هَجَرَ تُنْسب إِليه الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ لأَنها تحمل من بلاد الهند فتُقوّم به.
وقوله في الحديث: إِنه نام حتى تُسمع غَطِيطُه أَو خَطِيطُه؛ الخَطِيطُ: قريب من الغَطِيطِ وهو صوت النائم، والغين والخاء متقاربتان.
وحِلْسُ الخِطاط: اسم رجل زاجر.
ومُخَطِّطٌ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: إِلاَّ أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِّطٍ، فقد خَبَّرَ الرُّكْبانُ ما أَتَوَدَّدُ وفي النوادر: يقال أَقم على هذا الأَمْرِ بخُطَّةٍ وبحُجَّةٍ معناهما واحد.
وقولهم: خُطَّةٌ نائيةٌ أَي مَقْصِدٌ بعيد.
وقولهم: خذ خُطّةً أَي خذ خُطة الانْتِصاف، ومعناه انتصف.
والخُطَّةُ أَيضاً من الخَطِّ: كالنُّقْطة من النَّقْطِ اسم ذلك.
وقولهم: ما خَطَّ غُبارَه أَي ما شَقَّه.

ها (لسان العرب) [0]


الهاء: بفخامة الأَلف: تنبيهٌ، وبإمالة الأَلف حرفُ هِجاء. الجوهري: الهاء حرف من حروف المُعْجَمِ، وهي من حُروف الزِّيادات، قال: وها حرفُ تنبيه. قال الأَزهري: وأَما هذا إِذا كان تنْبيهاً فإِن أَبا الهيثم قال: ها تَنْبِيهٌ تَفْتَتِحُ العرب بها الكلام بلا معنى سوى الافتتاح، تقولُ: هذا أَخوك، ها إِنَّ ذا أَخُوكَ؛ وأَنشد النابغة: ها إِنَّ تا عِذْرةٌ إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ، فإِنَّ صاحِبَها قد تَاهَ في البَلَدِ (* رواية الديوان، وهي الصحيحة: ها إن ذي عذرة إلا تكن نفعت، * فإن صاحبها مشاركُ النّكَدِ) وتقول: ها أَنتم هَؤلاء تجمع بين التنبيهين للتوكيد، وكذلك أَلا يا هؤلاء وهو غير مُفارق لأَيّ، . . . أكمل المادة تقول: يا أَيُّها الرَّجُل، وها: قد تكون تلبية؛ قال الأَزهري: يكون جواب النداء، يمد ويقصر؛ قال الشاعر: لا بَلْ يُجِيبُك حينَ تَدْعو باسمِه، فيقولُ: هاءَ، وطالَما لَبَّى قال الأَزهري: والعرب تقول أَيضاً ها إِذا أَجابوا داعِياً، يَصِلُون الهاء بأَلف تطويلاً للصوت. قال: وأَهل الحجاز يقولون في موضع لَبَّى في الإِجابة لَبَى خفيفة، ويقولون ايضاً في هذا المعنى هَبَى، ويقولون ها إِنَّك زيد، معناه أَإِنك زيد في الاستفهام، ويَقْصُرُونَ فيقولون: هإِنَّك زيد، في موضع أَإِنك زيد. ابن سيده: الهاء حَرف هِجاءٍ، وهو حرف مَهْمُوس يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً، فالأَصل نحو هِنْدَ وفَهْدٍ وشِبْهٍ، ويبدل من خمسة أَحرف وهي: الهمزة والأَلف والياء والواو والتاء، وقضى عليها ابن سيده أَنها من هـ و ي، وذكر علة ذلك في ترجمة حوي.
وقال سيبويه: الهاء وأَخواتها من الثنائي كالباء والحاء والطاء والياء إِذا تُهجِّيت مَقْصُورةٌ، لأَنها ليست بأَسماء وإِنما جاءَت في التهجي على الوقف، قال: ويَدُلُّك على ذلك أَن القافَ والدال والصاد موقوفةُ الأَواخِر، فلولا أَنها على الوقف لحُرِّكَتْ أَواخِرُهُنَّ، ونظير الوقف هنا الحذفُ في الهاء والحاء وأَخواتها، وإِذا أَردت أَن تَلْفِظَ بحروف المعجم قَصَرْتَ وأَسْكَنْتَ، لأَنك لست تريد أَن تجعلها أَسماء، ولكنك أَردت أَن تُقَطِّع حُروف الاسم فجاءَت كأَنها أَصوات تصَوِّتُ بها، إِلا أَنك تَقِفُ عندها بمنزلة عِهْ، قال: ومن هذا الباب لفظة هو، قال: هو كناية عن الواحد المذكر؛ قال الكسائي: هُوَ أَصله أَن يكون على ثلاثة أَحرف مثل أَنت فيقال هُوَّ فَعَلَ ذلك، قال: ومن العرب من يُخَفِّفه فيقول هُوَ فعل ذلك. قال اللحياني: وحكى الكسائي عن بني أَسَد وتميم وقيسٍ هُو فعل ذلك، بإسكان الواو؛ وأَنشد لعَبيد: ورَكْضُكَ لوْلا هُو لَقِيتَ الذي لَقُوا، فأَصْبَحْتَ قد جاوَزْتَ قَوْماً أَعادِيا وقال الكسائي: بعضهم يُلقي الواور من هُو إِذا كان قبلها أَلف ساكنة فيقول حتَّاهُ فعل ذلك وإِنَّماهُ فعل ذلك؛ قال: وأَنشد أَبو خالد الأَسدي:إِذاهُ لم يُؤْذَنْ له لَمْ يَنْبِس قال: وأَنشدني خَشَّافٌ: إِذاهُ سامَ الخَسْفَ آلَى بقَسَمْ باللهِ لا يَأْخُذُ إِلاَّ ما احْتَكَمْ (* قوله «سام الخسف» كذا في الأصل، والذي في المحكم: سيم، بالبناء لما لم يسم فاعله.) قال: وأَنشدنا أَبو مُجالِدٍ للعُجَير السَّلولي: فبَيَّناهُ يَشْري رَحْلَه قال قائلٌ: لِمَنْ جَمَلٌ رَثُّ المَتاعِ نَجِيبُ؟ قال ابن السيرافي: الذي وجد في شعره رِخْوُ المِلاطِ طَوِيلُ؛ وقبله: فباتتْ هُمُومُ الصَّدْرِ شتى يَعُدْنَه، كما عِيدَ شلْوٌ بالعَراءِ قَتِيلُ وبعده: مُحَلًّى بأَطْواقٍ عِتاقٍ كأَنَّها بَقايا لُجَيْنٍ، جَرْسُهنَّ صَلِيلُ وقال ابن جني: إِنما ذلك لضرورة في الشعر وللتشبيه للضمير المنفصل بالضمير المتصل في عَصاه وقَناه، ولم يقيد الجوهري حذفَ الواو من هُوَ بقوله إِذا كان قبلها أَلف ساكنة بل قال وربما حُذِفت من هو الواو في ضرورة الشعر، وأَورد قول الشاعر: فبيناه يشري رحله؛ قال: وقال آخر: إِنَّه لا يُبْرِئُ داءَ الهُدَبِدْ مِثْلُ القَلايا مِنْ سَنامٍ وكَبِدْ وكذلك الياء من هي؛ وأَنشد: دارٌ لِسُعْدَى إِذْهِ مِنْ هَواكا قال ابن سيده: فإِن قلت فقد قال الآخر: أَعِنِّي على بَرْقٍ أُرِيكَ وَمِيضَهُو فوقف بالواو وليست اللفظة قافيةً، وهذه المَدَّة مستهلكة في حال الوقف؟ قيل: هذه اللفظة وإِن لم تكن قافيةً فيكون البيتُ بها مُقَفًّى ومُصَرَّعاً، فإِن العرب قد تَقِفُ على العَروض نحواً من وُقوفِها على الضَّرْب، وذلك لوقُوفِ الكلام المنثور عن المَوْزُون؛ أَلا تَرَى إِلى قوله أَيضاً:فأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ حَوْلَ كُتَيْفةٍ فوقف بالتنوين خلافاً للوُقوف في غير الشعر. فإِن قلت: فإِنَّ أَقْصَى حالِ كُتَيْفةٍ إِذ ليس قافيةً أَن يُجْرى مُجْرى القافية في الوقوف عليها، وأَنت ترى الرُّواةَ أَكثرَهم على إِطلاقِ هذه القصيدة ونحوها بحرف اللِّين نحو قوله فحَوْمَلي ومَنْزِلي، فقوله كُتَيْفة ليس على وقف الكلام ولا وَقْفِ القافيةِ؟ قيل: الأَمرُ على ما ذكرته من خلافِه له، غير أَنَّ الأَمر أَيضاً يختص المنظوم دون المَنْثُور لاستمرار ذلك عنهم؛ أَلا ترى إِلى قوله: أَنَّى اهْتَدَيْتَ لتَسْلِيمٍ على دِمَنٍ، بالغَمْرِ، غَيَّرَهُنَّ الأَعْصُرُ الأُوَلُ وقوله: كأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ، غُدْوةً، خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ ومثله كثير، كلُّ ذلك الوُقوفُ على عَرُوضِه مخالف للوُقوف على ضَرْبه، ومخالفٌ أَيضاً لوقوف الكلام غير الشعر.
وقال الكسائي: لم أَسمعهم يلقون الواو والياء عند غير الأَلف، وتَثْنِيَتُه هما وجمعُه هُمُو، فأَما قوله هُم فمحذوفة من هُمُو كما أَن مُذْ محذوفة من مُنْذُ، فأَما قولُك رأَيْتُهو فإِنَّ الاسام إِنما هو الهاء وجيء بالواو لبيان الحركة، وكذلك لَهْو مالٌ إِنما الاسم منها الهاء والواو لما قدَّمنا، ودَلِيلُ ذلك أَنَّك إِذا وقفت حذفت الواو فقلت رأَيته والمالُ لَهْ، ومنهم من يحذفها في الوصل مع الحركة التي على الهاء ويسكن الهاء؛ حكى اللحياني عن الكسائي: لَهْ مالٌ أَي لَهُو مالٌ؛ الجوهري: وربما حذفوا الواو مع الحركة. قال ابن سيده: وحكى اللحياني لَهْ مال بسكون الهاء، وكذلك ما أَشبهه؛ قال يَعْلَى بن الأَحْوَلِ: أَرِقْتُ لِبَرْقٍ دُونَه شَرَوانِ يَمانٍ، وأَهْوَى البَرْقَ كُلَّ يَمانِ فظَلْتُ لَدَى البَيْتِ العَتِيقِ أُخِيلُهو، ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهْ أَرِقانِ فَلَيْتَ لَنا، مِنْ ماء زَمْزَمَ، شَرْبةً مُبَرَّدةً باتَتْ على طَهَيانِ قال ابن جني: جمع بين اللغتين يعني إِثْبات الواو في أُخِيلُهو وإِسكان الهاء في لَهْ،وليس إِسكان الهاء في له عن حَذْف لَحِقَ الكلمة بالصنعة، وهذا في لغة أَزْد السَّراة كثير؛ ومثله ما روي عن قطرب من قول الآخر: وأَشْرَبُ الماء ما بي نَحْوَهُو عَطَشٌ إِلاَّ لأَنَّ عُيُونَهْ سَيْلُ وادِيها فقال: نَحْوَهُو عطش بالواو، وقال عُيُونَهْ بإِسكان الواو؛ وأَما قول الشماخ: لَهُ زَجَلٌ كأَنَّهُو صَوْتُ حادٍ، إِذا طَلَبَ الوَسِيقةَ، أَوْ زَمِيرُ فليس هذا لغتين لأَنا لا نعلم رِوايةً حَذْفَ هذه الواوِ وإِبقاء الضمةِ قبلها لُغةً، فينبغي أَن يكون ذلك ضَرُورةً وصَنْعةً لا مذهباً ولا لغة، ومثله الهاء من قولك بِهِي هي الاسم والياء لبيان الحركة، ودليل ذلك أَنك إِذا وقفت قلت بِهْ، ومن العرب من يقول بِهِي وبِهْ في الوصل. قال اللحياني: قال الكسائي سمعت أَعراب عُقَيْل وكلاب يتكلمون في حال الرفع والخفض وما قبل الهاء متحرك، فيجزمون الهاء في الرفع ويرفعون بغير تمام، ويجزمون في الخفض ويخفضون بغير تمام، فيقولون: إِنَّ الإِنسانَ لِرَبِّهْ لَكَنُودٌ، بالجزم، ولِرَبِّه لكَنُودٌ، بغير تمام، ولَهُ مالٌ ولَهْ مالٌ، وقال: التمام أَحب إِليَّ ولا ينظر في هذا إِلى جزم ولا غيره لأَنَّ الإِعراب إِنما يقع فيما قبل الهاء؛ وقال: كان أَبو جعفر قارئ أَهل المدينة يخفض ويرفع لغير تمام؛ وقال أَنشدني أَبو حزام العُكْلِي: لِي والِدٌ شَيْخٌ تَهُضُّهْ غَيْبَتِي، وأَظُنُّ أَنَّ نَفادَ عُمْرِهْ عاجِلُ فخفف في موضعين، وكان حَمزةُ وأَبو عمرو يجزمان الهاء في مثل يُؤدِّهْ إِليك ونُؤْتِهْ مِنها ونُصْلِهْ جَهَنَّمَ، وسمع شيخاً من هَوازِنَ يقول: عَلَيْهُ مالٌ، وكان يقول: عَلَيْهُم وفِيهُمْ وبِهُمْ، قال: وقال الكسائي هي لغات يقال فيهِ وفِيهِي وفيهُ وفِيهُو، بتمام وغير تمام، قال: وقال لا يكون الجزم في الهاء إِذا كان ما قبلها ساكناً. التهذيب: الليث هو كناية تذكيرٍ، وهي كنايةُ تأْنيثٍ، وهما للاثنين، وهم للجَماعة من الرجال، وهُنَّ للنساء، فإِذا وقَفْتَ على هو وَصَلْتَ الواو فقلت هُوَهْ، وإِذا أَدْرَجْتَ طَرَحْتَ هاء الصِّلةِ.
وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: مَرَرْتُ بِهْ ومررت بِهِ ومررت بِهِي، قال: وإِن شئت مررت بِهْ وبِهُ وبِهُو، وكذلك ضَرَبه فيه هذه اللغات، وكذلك يَضْرِبُهْ ويَضْرِبُهُ ويَضْرِبُهُو، فإِذا أَفردت الهاء من الاتصال بالاسم أَو بالفعل أَو بالأَداة وابتدأْت بها كلامك قلت هو لكل مذكَّر غائب، وهي لكل مؤنثة غائبة، وقد جرى ذِكْرُهُما فزِدْتَ واواً أَو ياء استثقالاً للاسم على حرف واحد، لأَن الاسم لا يكون أَقلَّ من حرفين، قال: ومنهم مَن يقول الاسم إِذا كان على حرفين فهو ناقِصٌ قد ذهب منه حَرْفٌ، فإِن عُرف تَثْنِيَتُه وجَمْعُه وتَصْغِيرُه وتَصْريفه عُرِفَ النَّاقِصُ منه، وإِن لم يُصَغَّر ولم يُصَرَّفْ ولم يُعْرَفْ له اشتِقاقٌ زيدَ فيه مثل آخره فتقول هْوَّ أَخوك، فزادوا مع الواو واواً؛ وأَنشد: وإِنَّ لِسانِي شُهْدةٌ يُشْتَفَى بِها، وهُوَّ علَى مَنْ صَبَّه اللهُ عَلْقَمُ كما قالوا في مِن وعَن ولا تَصْرِيفَ لَهُما فقالوا مِنِّي أَحْسَنُ مِن مِنِّكَ، فزادوا نوناً مع النون. أَبو الهيثم: بنو أَسد تُسَكِّن هِي وهُو فيقولون هُو زيدٌ وهِي هِنْد، كأَنهم حذفوا المتحرك، وهي قالته وهُو قاله؛ وأَنشد: وكُنَّا إِذا ما كانَ يَوْمُ كَرِيهةٍ، فَقَدْ عَلِمُوا أَنِّي وهُو فَتَيانِ فأَسكن.
ويقال: ماهُ قالَه وماهِ قالَتْه، يريدون: ما هُو وما هِيَ؛ وأَنشد: دارٌ لسَلْمَى إِذْهِ مِنْ هَواكا فحذف ياء هِيَ. الفراء: يقال إِنَّه لَهْوَ أَو الحِذْلُ (* قوله« أو الحذل» رسم في الأصل تحت الحاء حاء أخرى اشارة إلى عدم نقطها وهو بالكسر والضم الأصل، ووقع في الميداني بالجيم وفسره باصل الشجرة.) عَنَى اثْنَيْنِ، وإِنَّهُمْ لَهُمْ أَو الحُرَّةُ دَبِيباً، يقال هذا إِذا أَشكل عليك الشيء فظننت الشخص شخصين. الأَزهري: ومن العرب من يشدد الواو من هُوّ والياء من هِيَّ؛ قال: أَلا هِيْ أَلا هِي فَدَعْها، فَإِنَّما تَمَنِّيكَ ما لا تَسْتَطِيعُ غُروزُ الأَزهري: سيبويه وهو قول الخليل إِذا قلت يا أَيُّها الرجل فأَيُّ اسم مبهم مبني على الضمّ لأَنه منادى مُفْرَدٌ، والرجل صِفة لأَيّ، تقول يا أَيُّها الرَّجلُ أَقْبِلْ، ولا يجوز يا الرجلُ لأَنَّ يا تَنْبيهٌ بمنزلة التعريف في الرجل ولا يجمع بين يا وبين الأَلف واللام، فتَصِلُ إِلى الأَلف واللام بأَيٍّ، وها لازِمةٌ لأَيٍّ للتنبيه، وهي عِوَضٌ من الإِضافة في أَيٍّ لأَن أَصل أَيٍّ أَن تكون مضافةً إِلى الاستفهام والخبر.
وتقول للمرأَةِ: يا أَيَّتُها المرأَةُ، والقرّاء كلهم قَرَؤُوا: أَيُّها ويا أَيُّها الناسُ وأَيُّها المؤمنون، إِلا ابنَ عامر فإِنه قرأَ أَيُّهُ المؤمنون، وليست بجَيِّدةٍ، وقال ابن الأَنباري: هي لغة؛ وأَما قول جَرير:يقولُ لي الأَصْحابُ: هل أَنتَ لاحِقٌ بأَهْلِكَ؟ إِنَّ الزَّاهِرِيَّةَ لا هِيا فمعنى لا هِيا أَي لا سبيل إِليها، وكذلك إِذا ذكَر الرجل شيئاً لا سبيل إِليه قال له المُجِيبُ: لا هُوَ أَي لا سبيل إِليه فلا تَذْكُرْهُ.
ويقال: هُوَ هُوَ أَي هَوَ مَن قد عرَفْتُهُ.
ويقال: هِيَ هِيَ أَي هِيَ الداهِيةُ التي قد عَرَفْتُها، وهم هُمْ أَي هُمُ الذين عَرَفْتُهم؛ وقال الهذلي: رَفَوْني وقالوا: يا خُوَيْلِدُ لَم تُرَعْ؟ فقُلتُ وأَنْكَرْتُ الوجوهَ: هُمُ هُمُ وقول الشنفرى: فإِنْ يكُ مِن جِنٍّ لأَبْرَحُ طارِقاً، وإِنْ يَكُ إِنْساً ما كَها الإِنْسُ تَفْعَلُ أَي ما هكذا الإِنْسُ تَفْعَل؛ وقول الهذلي: لَنا الغَوْرُ والأَعْراضُ في كلِّ صَيْفةٍ، فذَلِكَ عَصْرٌ قد خَلا ها وَذا عَصْرُ أَدخلَ ها التنبيه؛ وقال كعب: عادَ السَّوادُ بَياضاً في مَفارقِهِ، لا مَرْحَباً ها بذا اللَّوْنِ الذي رَدَفا كأَنه أَراد لا مَرْحَباً بهذا اللَّوْنِ، فَفَرَقَ بين ها وذا بالصِّفة كما يفْرُقون بينهما بالاسم: ها أَنا وها هو ذا. الجوهري: والهاء قد تكون كِنايةً عن الغائبِ والغائِبة، تقول: ضَرَبَه وضَرَبها، وهو للمُذكَّر، وهِيَ للمُؤنثِ، وإِنما بَنَوا الواوَ في هُوَ والياء في هِيَ على الفتح ليَفْرُقُوا بين هذه الواو والياء التي هِيَ مِن نَفْسِ الاسم المَكْنِيِّ وبين الواو والياء اللتين تكونان صلة في نحو قولك رأَيْتُهو ومَرَرْتُ بِهِي، لأَن كل مَبْنِيّ فحقه أَن يُبْنى على السكون، إِلا أَن تَعْرِضَ عِلَّة تُوجِبُ الحَركة، والذي يَعْرِضُ ثلاثةُ أَشياء: أَحَدُها اجتماعُ الساكِنَيْنِ مِثْلُ كيف وأَيْن، والثاني كونه على حَرْف واحد مثل الباء الزائدة، والثالثُ الفَرْقُ بينه وبين غيره مثل الفِعل الماضِي يُبْنى على الفتح، لأَنه ضارَعَ بعضَ المُضارعةِ فَفُرِقَ بالحَركة بينه وبين ما لم يُضارِعْ، وهو فِعْلُ الأَمْرِ المُواجَهِ به نحو افْعَلْ؛ وأَما قولُ الشاعر: ما هِيَ إِلا شَرْبةٌ بالحَوْأَبِ، فَصَعِّدِي مِنْ بَعْدِها أَو صَوِّبي وقول بنت الحُمارِس: هَلْ هِيَ إِلاَّ حِظةٌ أَو تَطْلِيقْ، أَو صَلَفٌ مِنْ بَينِ ذاكَ تَعْلِيقْ؟ فإِنَّ أَهل الكوفة قالوا هي كِنايةٌ عن شيء مجهول، وأَهل البَصرة يَتأَوَّلُونها القِصَّة؛ قال ابن بري: وضمير القصة والشأْن عند أَهل البصرة لا يُفَسِّره إِلا الجماعةُ دون المُفْرَد. قال الفراء: والعرب تَقِفُ على كل هاءِ مؤنَّث بالهاء إِلا طَيِّئاً فإِنهم يَقِفون عليها بالتاء فيقولون هذِ أَمَتْ وجاريَتْ وطَلْحَتْ، وإِذا أَدْخَلْتَ الهاء في النُّدْبة أَثْبَتَّها في الوقْف وحذفْتها في الوصل، ورُبما ثبتت في ضرورة الشعر فتُضَمُّ كالحَرْف الأَصليّ؛ قال ابن بري: صوابه فتُضَمُّ كهاء الضمير في عَصاهُ ورَحاهُ، قال: ويجوز كسره لالتقاء الساكنين، هذا على قول أَهل الكوفة؛ وأَنشد الفراء: يا ربِّ يا رَبَّاهُ إِيَّاكَ أَسَلْ عَفْراء، يا رَبَّاهُ مِنْ قَبْلِ الأَجلْ وقال قيس بنُ مُعاذ العامري، وكان لمَّا دخلَ مكة وأَحْرَمَ هو ومن معه من الناس جعل يَسْأَلُ رَبَّه في لَيْلى، فقال له أَصحابه: هَلاَّ سأَلتَ الله في أَن يُريحَكَ من لَيْلى وسأَلْتَه المَغْفرةَ فقال: دَعا المُحْرمُونَ اللهَ يَسْتَغْفِرُونَه، بِمكَّةَ، شُعْثاً كَيْ تُمحَّى ذُنُوبُها فَنادَيْتُ: يا رَبَّاهُ أَوَّلَ سَأْلَتي لِنَفْسِيَ لَيْلى، ثم أَنْتَ حَسِيبُها فإِنْ أُعْطَ لَيْلى في حَياتِيَ لا يَتُبْ، إِلى اللهِ، عَبْدٌ تَوْبةً لا أَتُوبُها وهو كثير في الشعر وليس شيء منه بحُجة عند أَهل البصرة، وهو خارجٌ عن الأَصل، وقد تزاد الهاء في الوقف لبيان الحركة نحو لِمَهْ وسُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ وثُمَّ مَهْ، يعني ثُمَّ ماذا، وقد أَتَتْ هذه الهاء في ضرورة الشعر كما قال: هُمُ القائلونَ الخَيرَ والآمِرُونَهُ، إِذا ما خَشَوْا مِن مُعْظَمِ الأَمرِ مُفْظِعا (* قوله« من معظم الامر إلخ» تبع المؤلف الجوهري، وقال الصاغاني والرواية: من محدث الأمر معظما، قال: وهكذا أنشده سيبويه.) فأَجْراها مُجْرَى هاء الإِضمار، وقد تكون الهاء بدلاً من الهمزة مثل هَراقَ وأَراقَ. قال ابن بري: ثلاثة أَفعال أَبْدَلوا من همزتها هاء، وهي: هَرَقْت الماء، وهَنَرْتُ الثوب (* قوله «وهنرت الثوب» صوابه النار كما في مادة هرق.) وهَرَحْتُ الدابَّةَ، والعرب يُبْدِلون أَلف الاستفهام هاء؛ قال الشاعر: وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هذا الذي مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا يعني أَذا الذي، وها كلمة تنبيه، وقد كثر دخولها في قولك ذا وذِي فقالوا هذا وهَذِي وهَذاك وهَذِيك حتى زعم بعضهم أَنَّ ذا لما بَعُدَ وهذا لما قَرُبَ.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: ها إِنَّ هَهُنا عِلْماً، وأَوْمَأَ بِيَدِه إِلى صَدْرِه، لو أَصَبْتُ له حَمَلةً؛ ها، مَقْصورةً: كلمةُ تَنبيه للمُخاطَب يُنَبَّه بها على ما يُساقُ إِليهِ مِنَ الكلام.
وقالوا: ها السَّلامُ عليكم، فها مُنَبِّهَةٌ مؤَكِّدةٌ؛ قال الشاعر: وقَفْنا فقُلنا: ها السَّلامُ عليكُمُ فأَنْكَرَها ضَيقُ المَجَمِّ غَيُورُ وقال الآخر: ها إِنَّها إِنْ تَضِقِ الصُّدُورُ، لا يَنْفَعُ القُلُّ ولا الكَثِيرُ ومنهم من يقول: ها اللهِ، يُجْرَى مُجْرى دابَّةٍ في الجمع بين ساكنين، وقالوا: ها أَنْتَ تَفْعَلُ كذا.
وفي التنزيل العزيز: ها أَنْتم هَؤُلاءِ وهأَنْتَ، مقصور.
وها، مقصور: للتَّقْريب، إِذا قيل لك أَيْنَ أَنْتَ فقل ها أَنا ذا، والمرأَةُ تقول ها أَنا ذِهْ، فإِن قيل لك: أَيْنَ فلان؟ قلتَ إِذا كان قريباً: ها هُو ذا، وإِن كان بَعِيداً قلت: ها هو ذاك، وللمرأَةِ إِذا كانت قَريبة: ها هي ذِهْ، وإِذا كانت بعيدة: ها هِيَ تِلْكَ، والهاءُ تُزادُ في كلامِ العرب على سَبْعة أَضْرُب: أَحدها للفَرْقِ بين الفاعل والفاعِلة مثل ضارِبٍ وضارِبةٍ، وكَريمٍ وكَرِيمةٍ، والثاني للفرق بين المُذَكَّر والمُؤَنث في الجنس نحو امْرئٍ وامرأَةٍ، والثالث للفرق بين الواحد والجمع مثل تَمْرة وتَمْر وبَقَرةٍ وبَقَر، والرابع لتأْنيث اللفظة وإِن لم يكن تحتَها حَقيقةُ تَأْنيث نحو قِرْبةٍ وغُرْفةٍ، والخامس للمُبالَغةِ مثل عَلاَّمةٍ ونسّابةٍ في المَدْح وهِلْباجةٍ وفَقاقةٍ في الذَّمِّ، فما كان منه مَدْحاً يذهبون بتأْنيثه إِلى تأْنيث الغاية والنِّهاية والداهِية، وما كان ذَمّاً يذهبون فيه إِلى تأْنيث البَهِيمةِ، ومنه ما يستوي فيه المذكر والمؤنث نحو رَجُل مَلُولةٌ وامرأَةٌ مَلُولةٌ، والسادس ما كان واحداً من جنس يقع على المذكر والأُنثى نحو بَطَّة وحَيَّة، والسابع تدخل في الجمع لثلاثة أَوجه: أَحدها أَن تدل على النَّسب نحو المَهالِبة، والثاني أَن تَدُلَّ على العُجْمةِ نحو المَوازِجةِ والجَوارِبةِ وربما لم تدخل فيه الهاء كقولهم كَيالِج، والثالث أَن تكون عوضاً من حرف محذوف نحو المَرازِبة والزَّنادِقة والعَبادِلةِ، وهم عبدُ اللهِ بن عباس وعبدُ الله بنُ عُمَر وعبدُ الله بنُ الزُّبَيْر. قال ابن بري: أَسقط الجوهري من العَبادِلة عبدَ اللهِ بنَ عَمْرو بن العاص، وهو الرابع، قال الجوهري: وقد تكون الهاء عِوضاً من الواو الذاهِبة من فاء الفعل نحو عِدةٍ وصِفةٍ، وقد تكون عوضاً من الواو والياء الذاهبة من عَيْن الفعل نحو ثُبةِ الحَوْضِ، أَصله من ثابَ الماءُ يَثُوبُ ثَوْباً، وقولهم أَقام إِقامةً وأَصله إِقْواماً، وقد تكون عوضاً من الياء الذاهبة من لام الفعل نحو مائِةٍ ورِئةٍ وبُرةٍ، وها التَّنبيهِ قد يُقْسَمُ بها فيقال: لاها اللهِ ا فَعَلتُ أَي لا واللهِ، أُبْدِلَتِ الهاء من الواو، وإِن شئت حذفت الأَلف التي بعدَ الهاء، وإِن شئت أَثْبَتَّ، وقولهم: لاها اللهِ ذا، بغير أَلفٍ، أَصلُه لا واللهِ هذا ما أُقْسِمُ به، ففَرقْتَ بين ها وذا وجَعَلْتَ اسم الله بينهما وجَرَرْته بحرف التنبيه، والتقدير لا واللهِ ما فعَلْتُ هذا، فحُذِفَ واخْتُصِر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم وقُدِّم ها كما قُدِّم في قولهم ها هُو ذا وهأَنَذا؛ قال زهير: تَعَلَّماً ها لَعَمْرُ اللهِ ذا قَسَماً، فاقْصِدْ بذَرْعِكَ وانْظُرْ أَينَ تَنْسَلِكُ (* في ديوان النابغة: تعلَّمَنْ بدل تعلَّماً) وفي حديث أَبي قَتادةَ، رضي الله عنه، يومَ حُنَينٍ: قال أَبو بكر، رضي الله عنه: لاها اللهِ إِذاً لا يَعْمِدُ إِلى أَسَدٍ من أُسْدِ اللهِ يُقاتِلُ عن اللهِ ورسولِه فيُعْطِيكَ سَلَبَه؛ هكذا جاء الحديث لاها اللهِ إِذاً، (* قوله« لاها الله إِذاً» ضبط في نسخة النهاية بالتنوين كما ترى.) ، والصواب لاها اللهِ ذا بحذف الهمزة، ومعناه لا واللهِ لا يكونُ ذا ولا واللهِ الأَمرُ ذا، فحُذِفَ تخفيفاً، ولك في أَلف ها مَذْهبان: أَحدهما تُثْبِتُ أَلِفَها لأَن الذي بعدها مُدْغَمٌ مثلُ دابةٍ، والثاني أَن تَحْذِفَها لالتقاء الساكنين.
وهاءِ: زَجْرٌ للإِبل ودُعاء لها، وهو مبني على الكسر إِذا مدَدْتَ، وقد يقصر، تقول هاهَيْتُ بالإِبل إِذا دَعَوْتَها كما قلناه في حاحَيْتُ، ومن قال ها فحكى ذلك قال هاهَيْتُ.
وهاءَ أَيضاً: كلمة إِجابة وتَلْبِيةٍ، وليس من هذا الباب. الأَزهري: قال سيبويه في كلام العرب هاءَ وهاكَ بمنزلة حَيَّهلَ وحَيَّهلَك، وكقولهم النَّجاكَ، قال: وهذه الكاف لم تَجِئْ عَلَماً للمأْمورين والمَنْهِيِّينَ والمُضْمَرِين، ولو كانت علماً لمُضْمَرِين لكانت خطأً لأَن المُضْمَرَ هنا فاعِلون، وعلامةُ الفاعلين الواو كقولك افْعَلُوا، وإِنما هذه الكاف تخصيصاً وتوكيداً وليست باسم، ولو كانت اسماً لكان النَّجاكُ مُحالاً لأَنك لا تُضِيفُ فيه أَلفاً ولاماً، قال: وكذلك كاف ذلكَ ليس باسم. ابن المظفر: الهاء حَرْفٌ هَشٌّ لَيِّنٌ قد يَجِيءُ خَلَفاً من الأَلف التي تُبْنَى للقطع، قال الله عز وجل: هاؤُمُ اقْرؤُوا كِتابِيَهْ؛ جاء في التفسير أن الرجل من المؤمنين يُعْطى كِتابه بيَمِينه، فإِذا قرأَه رأَى فيه تَبْشِيرَه بالجنة فيُعْطِيه أَصْحابَهُ فيقول هاؤُمُ اقْرَؤوا كِتابي أَي خُذُوه واقْرؤوا ما فِيه لِتَعْلَمُوا فَوْزي بالجنة، يدل على ذلك قوله: إني ظَنَنْتُ، أَي عَلِمْتُ، أَنِّي مُلاقٍ حسابيَهْ فهو في عِيشةٍ راضِيَةٍ.
وفي هاء بمعنى خذ لغاتٌ معروفة؛ قال ابن السكيت: يقال هاءَ يا رَجُل، وهاؤُما يا رجلانِ، وهاؤُمْ يا رِجالُ.
ويقال: هاءِ يا امرأَةُ، مكسورة بلا ياء، وهائِيا يا امرأَتانِ، وهاؤُنَّ يا نِسْوةُ؛ ولغة ثانية: هَأْ يا رجل، وهاءَا بمنزلة هاعا، وللجمع هاؤُوا، وللمرأَة هائي، وللتثنية هاءَا، وللجمع هَأْنَ، بمنزلة هَعْنَ؛ ولغة أُخرى: هاءِ يا رجل، بهمزة مكسورة، وللاثنين هائِيا، وللجمع هاؤُوا، وللمرأَة هائي، وللثنتين هائِيا، وللجمع هائِينَ، قال: وإِذا قلتُ لك هاءَ قلتَ ما أَهاءُ يا هذا، وما أَهاءُ أَي ما آخُذُ وما أُعْطِي، قال: ونحوَ ذلك قال الكسائي، قال: ويقال هاتِ وهاءِ أَي أَعْطِ وخذ؛ قال الكميت: وفي أَيامِ هاتِ بهاءِ نُلْفَى، إِذا زَرِمَ النَّدَى، مُتَحَلِّبِينا قال: ومن العرب من يقول هاكَ هذا يا رجل، وهاكما هذا يا رجُلان، وهاكُمُ هذا يا رجالُ، وهاكِ هذا يا امرأَةُ، وهاكُما هذا يا امْرأَتان، وهاكُنَّ يا نِسْوةُ. أَبو زيد: يقال هاءَ يا رجل، بالفتح، وهاءِ يا رجل بالكسر، وهاءَا للاثنين في اللغتين جميعاً بالفتح، ولم يَكْسِروا في الاثنين، وهاؤُوا في الجمع؛ وأَنشد: قُومُوا فَهاؤُوا الحَقَّ نَنْزِلْ عِنْدَه، إِذْ لم يَكُنْ لَكُمْ عَليْنا مَفْخَرُ ويقال هاءٍ، بالتنوين؛ وقال: ومُرْبِحٍ قالَ لي: هاءٍ فَقُلْتُ لَهُ: حَيَّاكَ رَبِّي لَقدْ أَحْسَنْتَ بي هائي (* قوله« ومربح» كذا في الأصل بحاء مهملة.) قال الأَزهري: فهذا جميع ما جاز من اللغات بمعنى واحد.
وأَما الحديث الذي جاءَ في الرِّبا: لا تَبيعُوا الذِّهَبَ بالذَّهبِ إِلاَّ هاءَ وهاء، فقد اختُلف في تفسيره، فقال بعضهم: أَن يَقُولَ كلُّ واحد من المُتَبايِعَيْن هاءَ أَي خُذْ فيُعْطِيه ما في يده ثم يَفْترقان، وقيل: معناه هاكَ وهاتِ أَي خُذْ وأَعْطِ، قال: والقول هو الأَولُ.
وقال الأَزهري في موضع آخر: لا تَشْتَرُوا الذَّهب بالذَّهب إِلاَّ هاءَ وهاء أَي إِلاَّ يَداً بيدٍ، كما جاء في حديث الآخر يعني مُقابَضةً في المجلس، والأَصلُ فيه هاكَ وهاتِ كما قال: وجَدْتُ الناسَ نائِلُهُمْ قُرُوضٌ كنَقْدِ السُّوقِ: خُذْ مِنِّي وهاتِ قال الخطابي: أَصحاب الحديث يروونه ها وها، ساكنةَ الأَلف، والصواب مَدُّها وفَتْحُها لأَن أَصلها هاكَ أَي خُذْ، فحُذفَت الكاف وعُوِّضت منها المدة والهمزة، وغير الخطابي يجيز فيها السكون على حَذْفِ العِوَضِ وتَتَنزَّلُ مَنْزِلةَ ها التي للتنبيه؛ ومنه حديث عمر لأَبي موسى، رضي الله عنهما: ها وإِلاَّ جَعَلْتُكَ عِظةً أَي هاتِ منْ يَشْهَدُ لك على قولك. الكسائي: يقال في الاستفهام إِذا كان بهمزتين أَو بهمزة مطولة بجعل الهمزة الأُولى هاء، فيقال هأَلرجُل فَعلَ ذلك، يُريدون آلرجل فَعل ذلك، وهأَنت فعلت ذلك، وكذلك الذَّكَرَيْنِ هالذَّكَرَيْن، فإِن كانت للاستفهام بهمزة مقصورة واحدة فإِن أَهل اللغة لا يجعلون الهمزة هاء مثل قوله: أَتَّخَذْتُم، أَصْطفى، أَفْتَرى، لا يقولون هاتَّخَذْتم، ثم قال: ولو قِيلت لكانتْ.
وطيِّءٌ تقول: هَزَيْدٌ فعل ذلك، يُريدون أَزيدٌ فَعَلَ ذلك.
ويقال: أَيا فلانُ وهَيا فلانُ؛ وأَما قول شَبيب بن البَرْصاء: نُفَلِّقُ، ها مَنْ لم تَنَلْه رِماحُنا، بأَسْيافِنا هامَ المُلوكِ القَماقِمِ فإِنَّ أَبا سعيد قال: في هذا تقديم معناه التأُخر إِنما هو نُفَلِّقُ بأَسيافنا هامَ المُلوك القَماقِمِ، ثم قال: ها مَنْ لم تَنَلْه رِماحُنا، فها تَنْبِيه.

سوم (لسان العرب) [0]


السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ على البيع. الجوهري: السَّوْمُ في المبايعة يقال منه ساوَمْتُهُ سُواماً، واسْتامَ عليَّ، وتساوَمْنا، المحكم وغيره: سُمْتُ بالسلْعةِ أَسومُ بها سَوْماً وساوَمْت واسْتَمْتُ بها وعليها غاليت، واسْتَمْتُه إِياها وعليها غالَيْتُ، واسْتَمْتُهُ إِياها سأَلته سَوْمَها، وسامَنيها ذَكَرَ لي سَوْمَها.
وإِنه لغالي السِّيمَةِ والسُّومَةِ إِذا كان يُغْلي السَّوْمَ.
ويقال: سُمْتُ فلاناً سِلعتي سَوْماً إِذا قلتَ أَتأْخُذُها بكذا من الثمن؟ ومثل ذلك سُمْتُ بسِلْعتي سَوْماً.
ويقال: اسْتَمْتُ عليه بسِلْعتي استِياماً إِذا كنتَ أَنت تذكر ثمنها.
ويقال: اسْتامَ مني بسِلْعتي اسْتِياماً إِذا كان هو العارض عليك الثَّمَن.
وسامني الرجلُ بسِلْعته سَوْماً: وذلك حين يذكر لك هو ثمنها، والاسم من جميع ذلك السُّومَةُ والسِّيمَةُ.
وفي الحديث: نهى . . . أكمل المادة أَن يَسومَ الرجلُ على سَومِ أَخيه؛ المُساوَمَةُ: المجاذبة بين البائع والمشتري على السِّلْعةِ وفصلُ ثمنها، والمنهي عنه أَن يَتَساوَمَ المتبايعانِ في السِّلْعَةِ ويتقارَبَ الانعِقادُ فيجيء رجل آخر يريد أَن يشتري تلك السِّلْعَةَ ويخرجها من يد المشتري الأَوَّل بزيادة على ما اسْتَقَرَّ الأَمرُ عليه بين المُتساوِمَيْنِ ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الإِفساد، ومباح في أَوَّل العَرْضِ والمُساوَمَةِ.
وفي الحديث أَيضاً: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن السَّوْم قبل طلوع الشمس؛ قال أَبو إِسحق: السَّوْمُ أَن يُساوِمَ بسِلْعَتِه، ونهى عن ذلك في ذلك الوقت لأَنه وقت يذكر الله فيه فلا يشتغل بغيره، قال: ويجوز أَن يكون السَّوْمُ من رَعْي الإِبل، لأَنها إِذا رَعَت الرِّعْي قبل شروق الشمس عليه وهو نَدٍ أَصابها منه داء قتلها، وذلك معروف عند أَهل المال من العرب.
وسُمْتُكَ بَعِيرَك سِيمةً حسنة، وإِنه لغالي السِّيمةِ.
وسامَ أَي مَرَّ؛ وقال صخر الهذلي: أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ، إِذا سامَتْ على المَلَقاتِ ساما وسَوْمُ الرياح: مَرُّها، وسامَتِ الإِبلُ والريحُ سَوْماً: استمرّت؛ وقول ذي الرُّمَّةِ: ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ، تُباعُ بِصاحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ يعني أَرضاً تَسُومُ فيها الإِبل، من السَّوْم الذي هو الرَّعْي لا من السَّوْم الذي هو البيع، وتُباعُ: تَمُدُّ فيها الإِبل باعَها، وتَمْسَحُ: من المسح الذي هو القطع، من قول الله عز وجل: فطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوقِ والأَعْناقِ. الأَصمعي: السَّوْمُ سرعة المَرِّ؛ يقال: سامَتِ الناقَةُ تَسُومُ سَوْماً؛ وأَنشد بيت الراعي: مَقَّاء مُنْفَتَقِ الإِبطَيْنِ ماهِرَة بالسَّوْمِ، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ ومنه قول عبد الله ذي النِّجادَيْنِ يخاطب ناقةَ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي، تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ وقال غيره: السَّوْمُ سرعة المَرِّ مع قصد الصَّوْب في السير.
والسَّوَامُ والسائمةُ بمعنى: وهو المال الراعي.
وسامَتِ الراعيةُ والماشيةُ والغنم تَسُومُ سَوْماً: رعت حيث شاءت، فهي سائِمَةٌ؛ وقوله أَنشده ثعلب: ذاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانةٌ غَرْبَةُ العَيْنِ، جِهادُ المَسامْ (* قوله «جهاد المسام» البيت للطرماح كما نسبه إليه في مادة جهد، لكنه أبدل هناك المسام بالسنام وهو كذلك في نسخة من المحكم) وفسره فقال: المَسامُ الذي تَسومُهُ أَي تلزمه ولا تَبْرَحُ منه.
والسَّوامُ والسائمةُ: الإِبل الراعية.
وأَسامَها هو: أَرعاها، وسَوَّمَها، أَسَمْتُها أَنا: أَخرجتها إِلى الرَّعْيِ؛ قال الله تعالى: فيه تُسِيمون.
والسَّوَامُ: كل ما رعى من المال في الفَلَواتِ إِذا خُلِّيَ وسَوْمَهُ يرعى حيث شاء.
والسَّائِمُ: الذاهب على وجهه حيث شاء. يقال: سامَتِ السائمةُ وأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها إِذا رَعًّيْتَها. ثعلب: أَسَمْتُ الإِبلَ إِذا خَلَّيْتَها ترعى.
وقال الأَصمعي: السَّوامُ والسائمة كل إِبل تُرْسَلُ ترعى ولا تُعْلَفُ في الأصل، وجَمْعُ السَّائم والسائِمة سَوائِمُ.
وفي الحديث: في سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ.
وفي الحديث أَيضاً: السائمة جُبَارٌ، يعني أَن الدابة المُرْسَلَة في مَرْعاها إِذا أَصابت إِنساناً كانت جنايتُها هَدَراً.
وسامه الأَمرَ سَوْماً: كَلَّفَه إِياه، وقال الزجاج: أَولاه إِياه، وأَكثر ما يستعمل في العذاب والشر والظلم.
وفي التنزيل: يَسُومونكم سُوءَ العذاب؛ وقال أَبو إِسحق: يسومونكم يُولُونَكم؛ التهذيب: والسَّوْم من قوله تعالى يسومونكم سوء العذاب؛ قال الليث: السَّوْمُ أَن تُجَشِّمَ إِنساناً مشقة أَو سوءاً أَو ظلماً، وقال شمر: سامُوهم أَرادوهم به، وقيل: عَرَضُوا عليهم، والعرب تقول: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ؛ قال الكسائي: وهو بمعنى قول العامة عَرْضٌ سابِريٌّ؛ قال شمر: يُضْرَبُ هذا مثلاً لمن يَعْرِضُ عليك ما أَنت عنه غَنيّ، كالرجل يعلم أَنك نزلت دار رجل ضيفاً فَيَعْرِضُ عليك القِرى.
وسُمْتُه خَسْفاً أَي أَوليته إِياه وأَردته عليه.
ويقال: سُمْتُه حاجةً أَي كلفته إِياها وجَشَّمْتُه إِياها، من قوله تعالى: يَسُومُونكم سُوءَ العذاب؛ أَي يُجَشِّمونَكم أَشَدَّ العذاب.
وفي حديث فاطمة: أَنها أَتت النبي، صلى الله عليه وسلم، بِبُرْمةٍ فيها سَخِينَةٌ فأَكل وما سامني غَيْرَهُ، وما أَكل قَطُّ إِلاَّ سامني غَيْرَهُ؛ هو من السَّوْمِ التكليف، وقيل: معناه عَرَضَ عَليَّ، من السَّوْمِ وهو طلب الشراء.
وفي حديث علي، عليه السلام: مَن ترك الجهادَ أَلْبَسَهُ الله الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْف أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.
والسُّومَةُ والسِّيمةُ والسِّيماء والسِّيمِياءُ: العلامة.
وسَوَّمَ الفرسَ: جعل عليه السِّيمة.
وقوله عز وجل: حجارةً من طينٍ مُسَوَّمَةً عند ربك للمُسْرفين؛ قال الزجاج: روي عن الحسن أَنها مُعَلَّمة ببياض وحمرة، وقال غيره: مُسَوَّمة بعلامة يعلم بها أَنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم بسيماها أَنها مما عَذَّبَ اللهُ بها؛ الجوهري: مُسَوَّمة أَي عليها أَمثال الخواتيم. الجوهري: السُّومة، بالضم، العلامة تجعل على الشاة وفي الحرب أَيضاً، تقول منه: تَسَوَّمَ. قال أَبو بكر: قولهم عليه سِيما حَسَنَةٌ معناه علامة، وهي مأُخوذة من وَسَمْتُ أَسِمُ، قال: والأَصل في سيما وِسْمى فحوّلت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا ما أَطْيَبَهُ وأَيْطَبَه، فصار سِوْمى وجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
وفي التنزيل العزيز: والخيلِ المُسَوَّمَةِ. قال أَبو زيد: الخيل المُسَوَّمة المُرْسَلة وعليها ركبانها، وهو من قولك: سَوَّمْتُ فلاناً إِذا خَلَّيته وسَوْمه أَي وما يريد، وقيل: الخيل المُسَوَّمة هي التي عليها السِّيما والسُّومةُ وهي العلامة.
وقال ابن الأَعرابي: السِّيَمُ العلاماتُ على صُوف الغنم.
وقال تعالى: من الملائكة مُسَوَّمين؛ قرئَ بفتح الواو، أَراد مُعَلَّمين.
والخَيْلُ المُسَوَّمة: المَرْعِيَّة، والمُسَوَّمَةُ: المُعَلَّمةُ.
وقوله تعالى: مُسَوّمين، قال الأَخفش: يكون مُعَلَّمين ويكون مُرْسَلِينَ من قولك سَوَّم فيها الخيلَ أَي أَرسلها؛ ومنه السائمة، وإِنما جاء بالياء والنون لأَن الخيل سُوِّمَتْ وعليها رُكْبانُها.
وفي الحديث: إِن لله فُرْساناً من أَهل السماء مُسَوَّمِينَ أَي مُعَلَّمِينَ.
وفي الحديث: قال يوم بَدْرٍ سَوِّمُوا فإِن الملائكة قد سَوَّمَتْ أَي اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً.
وفي حديث الخوارج: سِيماهُمُ التحليق أَي علامتهم، والأَصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمدّ وتقصر، الليث: سَوَّمَ فلانٌ فرسه إِذا أَعْلَم عليه بحريرة أَو بشيء يعرف به، قال: والسِّيما ياؤها في الأَصل واو، وهي العلامة يعرف بها الخير والشر. قال الله تعالى: تَعْرفُهم بسيماهم؛ قال: وفيه لغة أُخرى السِّيماء بالمد؛ قال الراجز: غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعاً، له سِيماءُ لا تَشُقُّ على البَصَرْ (* قوله سيماء؛ هكذا في الأصل، والوزن مختل، ولعلَّها سيمياء كما سوف يأتي في الصفحة التالية). تأْنيث سِيما غيرَ مُجْرىً. الجوهري: السيما مقصور من الواو، قال تعالى: سِيماهُم في وجوههم؛ قال: وقد يجيء السِّيما والسِّيميَا ممدودين؛ وأَنشد لأُسَيْدِ ابن عَنْقاء الفَزارِيِّ يمدح عُمَيْلَةَ حين قاسمه مالَه:غُلامٌ رَماه الله بالحُسْنِ يافعاً، له سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ، وفي جِيدِه الشِّعْرَى، وفي وجهه القَمَر له سِيمياء لا تشق على البصر أَي يَفْرَح به من ينظر إِليه. قال ابن بري: وحكى عليُّ بنُ حَمْزَة أَن أَبا رِياشٍ قال: لا يَرْوي بيتَ ابن عنقاء الفزاري: غلام رماه الله بالحسن يافعاً إِلا أَعمى البصيرة لأَن الحُسْنَ مَوْلود، وإِنما هو: رماه الله بالخير يافعاً قال: حكاه أَبو رِياشٍ عن أَبي زيد. الأَصمعي: السِّيماءُ، ممدودة، السِّيمِياءُ؛ أَنشد شمر في باب السِّيما مقصورةً للجَعْدِي: ولهُمْ سِيما، إِذا تُبْصِرُهُمْ، بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ والسَّامةُ: الحَفْرُ الذي على الرَّكِيَّة، والجمع سِيَمٌ، وقد أَسامَها، والسَّامَةُ: عِرْقٌ في الجَبل مُخالف لجِبِلَّتِه إِذا أُخذَ من المُشْرِقِ إِلى المغرب لم يُخْلِف أَن يكون فيه مَعْدِنُ فضَّة، والجمع سامٌ، وقيل: السَّامُ عُروق الذهب والفضة في الحَجر، وقيل: السَّامُ عُروق الذهب والفضة، واحدته سامَةٌ، وبه سمي سامَةُ بن لُؤَيِّ بن غالب؛ قال قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ: لَوَ انَّكَ تُلْقِي حَنْظَلاً فَوْقَ بَيْضِنا، تَدَحْرَجَ عن ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ أَي على ذي سامه، وعن فيه بمعنى على، والهاء في سامه ترجع إِلى البيض، يعني البَيْضَ المُمَوَّهَ به أَي البيض الذي له سامٌ؛ قال ثعلب: معناه أَنهم تَراصُّوا في الحرب حتى لو وقع حَنْظَلٌ على رؤوسهم على امِّلاسه واسْتِواءِ أَجزائه لم ينزل إِلى الأَرض، قال: وقال الأَصمعي وابن الأَعرابي وغيره: السامُ الذهب والفضة؛ قال النابغة الذُّبْيانيُّ: كأَنَّ فاها، إِذا تُوَسَّنُ، من طِيبِ رُضابٍ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ رُكِّبَ في السَّامِ والزبيب أَقا حِيُّ كَثِيبٍ، يَنْدَى من الرِّهَمِ قال: فهذا لا يكون إِلا فضة لأَنه إِنما شبه أَسنان الثغر بها في بياضها، والأَعْرَفُ من كل ذلك أَن السَّامَ الذهبُ دون الفضة. أَبو سعيد: يقال للفضة بالفارسية سِيمٌ وبالعربية سامٌ.
والسامُ: المَوْتُ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: في الحَبَّةِ السَّوداء شفاءٌ من كل داء إِلا السَّامَ، قيل: وما السَّامُ؟ قال: المَوْتُ .
وفي الحديث: كانت اليهود إِذا سَلَّموا على النبي، صلى الله عليه وسلم، قالوا السَّامُ عليكم، ويُظْهرون أَنهم يريدون السلام عليكم، فكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يَرُدُّ عليهم فيقول: وعليكم أَي وعليكم مثلُ ما دَعَوْتم.
وفي حديث عائشة: أَنها سمعت اليهود تقول للنبي، صلى الله عليه وسلم: السَّامُ عليك يا أَبا القاسم، فقالت: عليكم السامُ والذامُ واللعنةُ، ولهذا قال، عليه السلام: إِذا سلم عليكم أَهل الكتاب فقولوا وعليكم، يعني الذي يقولون لكم رُدُّوه عليهم؛ قال الخطابي: عامة المُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هذا الحديث يقولون وعليكم، بإِثبات واو العطف، قال: وكان ابن عيينة يرويه بغير واو وهو الصواب لأَنه إِذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً عليهم خاصة، وإِذا أَثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأن الواو تجمع بين الشيئين، والله أَعلم.
وفي الحديث: لكل داءٍ دواءٌ إِلا السَّامَ يعني الموت.
والسَّامُ: شجر تعمل منه أَدْقالُ السُّفُنِ؛ هذه عن كراع؛ وأَنشد شمر قول العجاج: ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ صَعْلٌ من السَّامِ ورُبَّانيُّ أَجْرَدُ يقول الدَّقَلُ لا قِشْر عليه، والصَّعْلُ الدقيق الرأْس، يعني رأْس الدَّقَل، والسَّام شجر يقول الدَّقَلُ منه، ورُبَّانيٌّ: رأْس المَلاَّحين.
وسامَ إِذا رَعى، وسامَ إِذا طَلَبَ، وسامَ إِذا باع، وسامَ إِذا عَذَّبَ. النَّضْرُ: سامَ يَسُوم إِذا مَرَّ.
وسامَتِ الناقةُ إِذا مضت، وخلى لها سَومْها أَي وَجْهها.
وقال شجاع: يقال سارَ القومُ وساموا بمعنىً واحد.ابن الأَعرابي: السَّامَةُ الساقةُ، والسَّامَةُ المَوْتَةُ، والسَّامَةُ السَّبِيكةُ من الذَّهب، والسَّامةُ السَّبِيكة من الفضة، وأَما قولهم لا سِيمَّا فإِن تفسيره في موضعه لأَن ما فيها صلة.
وسامَتِ الطيرُ على الشيء تَسُومُ سَوْماً: حامت، وقيل: كل حَومٍ سَوْمٌ.
وخلَّيْتُه وسَوْمَه أَي وما يريد.
وسَوَّمَه: خَلاَّه وسَوْمَه أَي وما يريد.
ومن أَمثالهم: عَبْدٌ وسُوِّمَ أَي وخُلِّيَ وما يريد.
وسَوَّمه في مالي: حَكَّمَه.
وسَوَّمْتُ الرجلَ تَسْوِيماً إِذا حَكَّمْتَه في مالك.
وسَوَّمْتُ على القوم إِذا أَغَرْتَ عليهم فعِثْتَ فيهم.
وسَوَّمْتُ فلاناً في مالي إِذا حَكَّمْتَه في مالك.
والسَّوْمُ: العَرْضُ؛ عن كراع.
والسُّوامُ: طائر.
وسامٌ: من بني آدم، قال ابن سيده: وقضينا على أَلفه بالواو لأَنِها عين. الجوهري: سامٌ أَحد بني نوح، عليه السلام، وهو أَبو العرب.
وسَيُومُ: جبل (* قوله «وسيوم جبل إلخ» كذا بالأصل، والذي قي القاموس والتكملة: يسوم، بتقديم الياء على السين، ومثلهما في ياقوت). يقولون، والله أَعلم: مَنْ حَطَّها من رأْسِ سَيُومَ؟ يريدون شاة مسروقة من هذاالجبل.

جبر (لسان العرب) [0]


الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي. ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّارُ النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّار من أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار وهو القهر والإِكراه لا من جَبَرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ أَكْثَرُ، وقيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة، ومنه قولهم: نخلة جَبَّارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول.
وفي حديث أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار إِنما أَضافها إِلى . . . أكمل المادة الجبار دون باقي أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي.
وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع الجَبَّار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالجبار ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت: وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّار عنيد، وبالمصوِّرين.
والجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال: جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بكسر الجيم والباء، والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هو بمعنى الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً كان والياً على أُوضَاخ: فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى.
والمتغطرف: المتكبر.
ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَجَبَّرَ الرجل: تكبر.
وفي الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت والمَلَكُوت؛ هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر والقَهْرِ.
وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ وجَبَرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جباراً شقيّاً؛ أَي متكبراً عن عبادة الله تعالى.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: دَعُوها فإِنها جَبَّارَة أَي عاتية متكبرة.
والجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق: الشديد التَّجَبُّرِ.
والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ.
وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة.
وقَلْبٌ جَبَّارٌ: ذو كبر لا يقبل موعظة.
ورجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل: وما أَنتَ عليهم بِجَبَّارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ.
والجَبَّارُ: القَتَّال في غير حق.
وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ؛ وكذلك قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ جَبَّاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن فيها قوماً جَبَّارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل وهو الطويل الذي فات يَدَ المُتَناول.
ويقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلاً عظيماً قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال وفات اليد؛ قال الأَعشى: طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه، عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ ونخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة.
وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت، والجمع جَبَّار؛ قال: فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها، وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ وحكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والجَبْرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن أَحمر: اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به، وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ قال: ولم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك ابن جني قال: وله في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب: أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لم يكن مَلِكاً.
وقال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَحمر: وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ أَي أَيها الرجل.
والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع.
وروي عن ابن عباس في جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو الربوبية فأُضيف جبر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل إِيل.
ويقال: جبر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو جبر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز ولا يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك: شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ، يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛ وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال: ويقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان: وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا، ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ وجَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بالنون.
والجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم والفقير واليتيم يَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عن اللحياني.
وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ.
ويقال: جَبَّرْتُ الكَسِير أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد: لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ، وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ ويقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي انجَبَر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال: قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ واجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم: مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ، ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا تجوروا وتميلوا.
وفي حديث الدعاء: واجْبُرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَرَ الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من جَبْرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والجَبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء، واحدتها جِبارَة وجَبِيرةٌ.
والمُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام المكسورة.والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ والجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام.
وفي حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال: جَبَرْت وأَجْبَرَتُ بمعنى قهرت.
وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو عبيد: الجَبائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَارة وجَبِيرَةٌ؛ وقال الأَعشى: فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا بِ ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ وجَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد قول العجاج: قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر. أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَرَ الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق العبارتين.
وقد استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا مَجْبَرَ منها.
وتَجَبَّرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس: ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً، تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ قوّ: موضع.
واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت.
والرِّبَّةُ: ضَرْبٌ من النبات.
والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ.
وتَجَبَّرَ النبت أَي نبت بعد الأَكل.
وتَجَبَّر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه الرَّطْبُ.
وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال للمريض: يوماً تراه مُتَجَبِّراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً أَي صالح الحال.
وتَجَبَّرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب منه؛ وحكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه. التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده: وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَرَتِ الإِيمانَ.
وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ.
وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى.
وقال اللحياني: جَبَرَه لغة تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ.
والجَبْرُ: تثبيت وقوع القضاء والقدر.
والإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على الحكم إِذا أَكرهه عليه. أَبو الهيثم: والجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم ما العبادُ.
وأَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، وهو كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه.
وتميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة.
وكان الشافعي يقول: جَبَرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح.
وقيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه وأَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد كسره وجَبْرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال: وجائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه، كما قال العجاج: قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ.
والجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة، وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ.
والجُبَارُ من الدَّمِ: الهَدَرُ.
وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ جُبَارٌ؛ قال: حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَار وقال تَأَبَّط شَرّاً: بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ جُبَارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب: والجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً.
ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر، وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ، والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر.
وفي الصحاح: إِذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه.
وفي الحديث: السائمةُ جُبَار؛ أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني.
وجُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم القديمة؛ قال: أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني، فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء.
والجَبَارُ: فِناءُ الجَبَّان.
والجِبَارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل: الجَبَّارُ المَلِكُ واحدهم جَبْرٌ.
والجَبَابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه الذراع.
وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ، أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله أَعلم.

جلل (لسان العرب) [0]


اللهُ الجَليلُ سبحانه ذو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال الله، وجَلالُ الله: عظمتُه، ولا يقال الجَلال إِلا لله.
والجَلِيل: من صفات الله تقدس وتعالى، وقد يوصف به الأَمر العظيم، والرجل ذو القدر الخَطِير.
وفي الحديث: أَلِظُّوا بيا ذا الجَلال والإِكرام؛ قيل: أَراد عَظِّمُوه، وجاء تفسيره في بعض اللغات: أَسْلِمُو؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالحاء المهملة وهو من كلام أَبي الدرداء في الأَكثر؛ وهو سبحانه وتعالى الجَلِيلُ الموصوف بنعوت الجَلال، والحاوي جميعَها، هو الجَلِيلُ المُطْلَق وهو راجع إِلى كمال الصفات، كما أَن الكبير راجع إِلى كمال الذات، والعظيم راجع إِلى كمال الذات والصفات.
وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالاً وجَلالةً وهو جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، . . . أكمل المادة والأُنثى جَلِيلة وجُلالة.
وأَجَلَّه: عَظَّمه، يقال جَلَّ فلان في عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلاً نَبيلاً، وأَجْلَلته في المرتبة، وأَجْللته أَي عَظَّمته.
وجَلَّ فلان يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالة أَي عَظُم قَدْرُه فهو جَلِيل؛ وقول لبيد: غَيْرَ أَن لا تَكْذِبَنْها في التقَى، واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلّ يعني الأَعظم؛ وقول أَبي النجم: الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلل، أَعْطى فلم يَبْخَل ولم يُبَخَّل يريد الأَجَلَّ فأَظهر التضعيف ضرورة.
والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسم كالتَّدْوِرَة والتَّنِهيَة؛ قال بعض الأَغْفال: ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه، تَرى عليهم للندى أَدِلَّه وأَنشد ابن بري لليلى الأَخْيَلية: يُشَبَّهون مُلوكاً في تَجِلَّتِهم، وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: معظمه.
وتَجَلَّل الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
ويقال: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها.
وتَجَالَلْت الشيء تَجَالاً وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وتداققته إِذا أَخذت دُقاقه؛ وقول ابن أَحمر: يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِلادُنا وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ يعني ما أَجَلَّ ما بَعُدت.
والتَّجالُّ: التعاظم. يقال: فلان يَتَجالُّ عن ذلك أَي يترفع عنه.
وفي حديث جابر: تزوّجت امرأَة قد تَجالَّتْ؛ تجالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ.
وفي حديث أُم صِبْيَة: كنا نكون في المسجد نِسْوةً قد تَجالَلن أَي كَبِرْنَ. يقال: جَلَّتْ فهي جَلِيلة، وتَجالَّتْ فهي مُتَجالَّة، وتَجالَّ عن ذلك تَعاظم.
والجُلَّى: الأَمر العظيم؛ قال طَرَفة: وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها، وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد ومنه قول بَشامة بن حَزْن النَّهْشَلي: وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة، يوماً، كِراماً من الأَقْوامِ، فادْعِينا قال ابن الأَنباري: من ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، ومن فتح الجيم مدّه، فقال الجَلاَّء الخصلة العظيمة؛ وأَنشد: كَمِيش الإِزارِ خارج نِصْفُ ساقِه، صَبُور على الجَلاّءِ طَلاَّع أَنْجُد، وقوم جِلَّة: ذوو أَخطار؛ عن ابن دريد.
ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ، والواحد منهم جَلِيل.
وجَلَّ الرجل جَلالاً، فهو جَلِيل: أَسَنَّ واحْتُنِك؛ وأنشد ابن بري: يا مَنْ لِقَلْبٍ عند جُمْلٍ مُخْتَبَلْ عُلِّق جُمْلاً، بعدما جَلَّت وجَلٌّ وفي الحديث: فجاء إِبليس في صورة شيخ جَلِيل أَي مُسنٍّ، والجمع جِلَّة، والأُنثى جَلِيلة.
وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وهو جمع جَلِيل مثل صَبيٍّ وصِبْية؛ قال النمر: أَزْمانَ لم تأْخذ إِليَّ سِلاحَها إِبِلي بجِلَّتِها، ولا أَبْكارِها وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت.
وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد أَي صغرت.
وفي حديث الضحاك بن سفيان: أَخذت جِلَّة أَموالهم أَي العِظام الكِبار من الإِبل، وقيل المَسانُّ منها، وقيل هو ما بين الثَّنِيِّ إِلى البازل؛ وجُلُّ كل شيء، بالضم: مُعْظَمه، فيجوز أَن يكون أَراد أَخذت معظم أَموالهم. قال ابن الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ من الإِبل، يكون واحداً وجمعاً ويقع على الذكر والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وناقة جِلَّة، وقيل الجِلَّة الناقة الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وقيل الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وهذه ناقة قد جَلَّت أَي أَسَنَّت.
وناقة جُلالة: ضَخْمة.
وبَعِير جُلال: مخرج من جليل.
وما له دقيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاة ولا ناقة.
وجُلُّ كل شيء: عُظْمه.
ويقال: ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ أَي لا دقيق ولا جَلِيل.
وأَتيته فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي لم يعطني جَلِيلة ولا حاشية وهي الصغيرة من الإِبل.
وفي المثل: غَلَبَتْ جِلَّتَها حواشيها؛ قال الجوهري: الجَلِيلة التي نُتِجَتْ بطناً واحداً، والحَواشي صغار الإِبل.
ويقال: ما أَجَلَّني ولا أَدَقَّني أَي ما أَعطاني كثيراً ولا قليلاً؛ وقول الشاعر:بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّت أي أَتت بقليل البكاء وكثيره.
وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أَي صغيره وكبيره.
والجَلَل: الشيء العظيم والصغير الهَيِّن، وهو من الأَضداد في كلام العرب، ويقال للكبير والصغير جَلَل؛ وقال امرؤ القيس لما قُتل أَبوه: بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم، أَلا كُلُّ شيء سواه جَلَل أَي يسيرٌ هين؛ ومثله للبيد: كُلُّ شيءٍ، ما خلا الله َ، جَلَل والفتى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل وقال المثقب العبدي: كُلُّ يومٍ كان عَنَّا جَلَلاً، غيرَ يومِ الحِنْو من يقطع قَطَر وأَنشد ابن دريد: إِن يُسْرِ عَنْكَ الله رُونَتَها، فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ والرُّونة: الشدّة؛ قال: وقال زويهر بن الحرث الضبي: وكان عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا، فكلُّ الذي لاقَيْت من بعدِه جَلَل وفي حديث العباس: قال يوم بدر القَتْلى جَلَلٌ ما عدا محمداً أَي هَيِّنٌ يسير.
والجَلَل: من الأَضداد يكون للحقير وللعظيم؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي الأَخوض الرياحي: لو أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي بِذِي نَجَبٍ، وما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ أَي دَخَلت في الجَلَل وهو الأَمر الصغير. قال الأَصمعي: يقال هذا الأَمر جَلَل في جَنْب هذا الأَمر أَي صغير يسير.
والجَلَل: الأَمر العظيم؛ قال الحرث ابن وعلة (* قوله «قال الحرث بن وعلة» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: وعلة بن الحرث) بن المجالد بن يثربي بن الرباب بن الحرث بن مالك بن سنان بن ذهل بن ثعلبة: قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي، فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً، ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي وأَما الجَليل فلا يكون إِلا للعظيم.
والجُلَّى: الأَمر العظيم، وجمعها جُلَل مثل كُبْرى وكُبَر.
وفي الحديث: يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة الرَّحْل في مِثْلِ جُلَّة السَّوْط أَي في مثل غِلْظِه.
وفي حديث أُبيّ بن خَلَف: إِن عندي فرساً أُجِلُّها كل يوم فَرَقاً من ذرة أَقْتُلك عليها، فقال: عليه السلام: بل أَنا أَقْتُلك عليها، إِن شاء الله ؛ قال ابن الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فوضع الإِجْلال موضع الإِعطاء وأَصله من الشيء الجَلِيل؛ وقول أَوس يَرْثي فضالة: وعَزَّ الجَلُّ والغالي فسره ابن الأَعرابي بأَن الجلَّ الأَمر الجَلِيل، وقوله والغالي أَي أَن موته غالٍ علينا من قولك غَلا الأَمر زاد وعَظُم؛ قال ابن سيده: ولم نسمع الجَلَّ في معنى الجَلِيل إِلاَّ في هذا البيت.
والجُلْجُل: الأَمر العظيم كالجَلَل.
والجِلُّ: نقيض الدِّقِّ.
والجُلال: نقيض الدُّقاق.
والجُلال، بالضم: العظيم.
والجُلالة: الناقة العظيمة.
وكل شيء يَدِقُّ فجُلاله خلاف دُقاقه.
ويقال: جِلَّة جَريمة للعِظام الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تجليلاً أَي عَمَّ.
والمُجَلِّل: السحاب الذي يُجَلِّل الأَرض بالمطر أَي يعم.
وفي حديث الاستسقاء: وابِلاً مُجَلِّلاً أَي يُجَلِّل الأَرض بمائه أَو بنباته، ويروى بفتح اللام على المفعول.
والجِلُّ من المتاع: القُطُف والأَكسية والبُسُط ونحوه؛ عن أَبي علي.
والجَلُّ والجِلُّ، بالكسر: قَصَب الزرع وسُوقه إِذا حُصِد عنه السُّنبل.
والجُلَّة: وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيها، عربية معروفة؛ قال الراجز: إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ له، فوق قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه يعني جَمَلاً عليه جُلَّة فهو بها مُوقَر، والجمع جِلال وجُلَل؛ قال: باتوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جارهم، وعندهُمُ البَرْنيُّ في جُلَل دُسْم وقال: يَنْضَح بالبول، والغُبار على فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا وجُلُّ الدابة وجَلُّها: الذي تُلْبَسه لتُصان به؛ الفتح عن ابن دريد، قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جِلال وأَجلال؛ قال كثيِّر: وترى البرق عارضاً مُسْتَطِيراً، مَرَحَ البُلْق جُلْنَ في الأَجْلال وجمع الجِلال أَجِلَّة.
وجِلال كل شيء: غِطاؤه نحو الحَجَلة وما أَشبهها.
وتجليل الفرس: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّله أَي عَلاه.
وفي الحديث: أَنه جَلَّل فرساً له سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً أَي جعل البُرْد له جُلاًّ.
وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ.
وفي حديث علي: اللهم جَلِّل قَتلة عثمان خِزْياً أَي غَطِّهم به وأَلْبِسْهم إِياه كما يتجلل الرجل بالثوب.
وتجَلَّل الفحل الناقة والفرس الحِجْر: علاها.
وتجَلَّل فلان بعيره إِذا علا ظهره.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة.
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها.
والجَلاَّلة: البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة.
والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر.
ويقال: جَلَّت الدابة الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها.
وفي الحديث: فإِنما قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى.
وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة وسَوامّ.
وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلاًّ: جَمعه والتقطعه بيده.
واجتلَّ اجتلالاً: التقط الجِلَّة للوقود، ومنه سميت الدابة التي تأْكل العذرة الجَلاَّلة، واجتللت البعر. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلاًّ إِذا التقط البعر واجْتَلَّه مثله؛ قال ابن لجَإٍ يصف إِبلاً يَكْفي بعرُها من وَقود يُسْتَوقد به من أَغصان الضَّمْران: يحسب مُجْتَلّ الإِماءِ الحرم، من هَدَب الضَّمْران، لم يُحَطَّم (* قوله «يحسب إلخ» كذا في الأصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق ايضاً في المادة المذكورة لم يحزم.) ويقال: خرجت الإِماء يَجْتَلِلْن أي يلتقطن البعر.
ويقال: جَلَّ الرجلُ عن وطنه يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولاً (* قوله «يجل جلولاً» قال شارح القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك وغيره وهو الصواب) وجلا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى موطنِه.
وجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّون، بالضم، جُلولاً أَي جَلَوا وخرجوا إِلى بلد آخر، فهم جالَّة. ابن سيده: وجَلَّ القومُ عن منازلهم يَجُلُّون جُلولاً جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج: كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ، عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ ومنه يقال: اسْتُعْمِل فلان على الجالِيَة والجالَّة، وهم أَهل الذمة، وإِنما لزمهم هذا الاسم لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَجْلى بعض اليهود من المدينة وأَمر بإِجلاء من بقي منهم بجزيرة العرب، فأَجْلاهم عمر بن الخطاب فسُمُّوا جالِية للزوم الاسم لهم، وإِن كانوا مقيمين بالبلاد التي أَوْطَنوها.
وهذه ناقة تَجِلُّ عن الكلال: معناه هي أَجَلُّ من أَن تَكِلّ لصلابتها.
وفعلت ذلك من جَرَّاك ومن جُلِّك؛ ابن سيده: فعله من جُلّك وجَلَلك وجلالك وتَجِلَّتك وإِجلالك ومن أَجْل إِجْلالك أَي من أَجلك؛ قال جميل: رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله، كِدْتُ أَقْضي الغَداة من جَلَله أَي من أَجله؛ ويقال: من عِظَمه في عيني؛ قال ابن بري وأَنشده ابن السكيت: كدت أَقضي الحياة من جَلَله قال ابن سيده: أَراد ربَّ رسم دار فأَضمر رب وأَعملها فيما بعدها مضمرة، وقيل: من جَلَلك أَي من عَظَمتك. التهذيب: يقال فعلت ذلك من جَلل كذا وكذا أَي من عِظَمه في صدري؛ وأَنشد الكسائي على قولهم فعلته من جَلالك أَي من أَجلك قول الشاعر: حَيائيَ من أَسْماءَ، والخَرْقُ بيننا، وإِكْرامِيَ القومَ العِدى من جَلالها وأَنت جَلَلْت هذا على نفسك تجُلُّه أَي جَرَرْته يعني جَنَيته؛ هذه عن اللحياني.
والمَجَلَّة: صحيفة يكتب فيها. ابن سيده: والمَجَلَّة. الصحيفة فيها الحكمة؛ كذلك روي بيت النابغة بالجيم: مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِيُنهم قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب يريد الصحيفة لأَنهم كانوا نصارى فَعَنى الإِنْجيل، ومن روى مَحَلَّتهم أَراد الأَرض المقدّسة وناحية الشام والبيت المقدَّس، وهناك كان بنو جَفْنة؛ وقال الجوهري: معناه أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مواضع مقدسة؛ قال أَبو عبيد: كل كتاب عند العرب مَجَلَّة.
وفي حديث سويد بن الصامت: قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي معي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لقمان؛ كل كتاب عند العرب مَجَلَّة، يريد كتاباً فيه حكمة لقمان.
ومنه حديث أَنس: أُلقي إِلينا مَجالٌ؛ هي جمع مَجَلَّة يعني صُحُفاً قيل إِنها معرَّبة من العبرانية، وقيل: هي عربية، وقيل: مَفْعَلة من الجلال كالمذلة من الذل.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وهو نبت ضعيف يحشى به خَصاص البيوت، واحدته جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حنيفة لبلال: أَلا ليت شعري هل أَبيتَنَّ ليلة بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجَنَّةٍ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيل؟ وقيل: هو الثُّمام إِذا عظم وجَلَّ، والجمع جَلائل؛ قال الشاعر: يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل وذو الجَلِيل: واد لبني تميم يُنبت الجَلِيل وهو الثمام.
والجَلُّ، بالفتح: شراع السفينة، وجمعه جُلول، قال القطامي: في ذي جُلول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه، إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارتَسما قال ابن بري: وقد جمع على أَجْلال؛ قال جرير: رَفَعَ المَطِيّ بها وشِمْت مجاشعاً والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذو الأَجْلال (* قوله «والزنبري إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالاجلال).
وقال شمر في قول العجاج: ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ، جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُّ يعني مَدَّ هذا القُرْقورَ أَي زاد في جَرْيه جَلٌّ، وهو الشِّراع، يقول: مَدَّ في جريه، والصُّرَّاء: جمع صارٍ وهو مَلاَّح مثل غازٍ وغُزَّاء.
وقال شمر: رواه أَبو عدنان الملاح جُلُّ وهو الكساء يُلْبَس السفينة، قال: ورواه الأَصمعي جَلُّ، وهو لغة بني سعد بفتح الجيم.
والجُلُّ: الياسمين، وقيل: هو الورد أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فمنه جَبَليّ ومنه قَرَويّ، واحدته جُلَّة؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وهو كلام فارسي، وقد دخل في العربية؛ والجُلُّ الذي في شعر الأَعشى في قوله: وشاهِدُنا الجُلُّ والياسميـ ن والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها هو الورد، فارسي معرّب؛ وقُصَّابها: جمع قاصب وهو الزامر، ويروى بأَقصابها جمع قُصْب.
وجَلُولاء، بالمد: قرية بناحية فارس والنسبة إِليها جَلُوليٌّ، على غير قياس مثل حَرُورِي في السنة إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلاَّن: حَيَّان من العرب؛ وأَنشد ابن بري: إِنا وجدنا بني جَلاَّن كُلَّهمُ، كساعد الضب لا طُول ولا قِصَر أَي لا كذي طول ولا قِصَر، على البدل من ساعد؛ قال: كذلك أَنشده أَبو علي بالخفض.
وجَلٌّ: اسم؛ قال: لقد أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ، لأَهل حُباحبٍ، حَبْلاً طويلا وجَلُّ بن عَدِيّ: رجل من العرب رَهْط ذي الرمة العَدَوي.
وقوله في الحديث: قال له رجل التقطت شبكة على ظَهْر جَلاَّل؛ قال: هو اسم لطريق نجد إِلى مكة، شرفها الله تعالى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ في الأَرض أَو الحركة والجوَلان.
وتَجَلْجَل في الأَرض أَي ساخ فيها ودخل. يقال: تَجَلْجَلَت قواعدُ البيت أَي تضعضعت.
وفي الحديث: أَن قارون خرج على قومه يتبختر في حُلَّة له فأَمر الله الأَرض فأَخذته فهو يتجلجل فيها إِلى يوم القيامة.
وفي حديث آخر: بينا رجل يَجُرُّ إزاره من الخُيَلاء خُسِفَ به فهو يتَجَلْجل إلى يوم القيامة؛ قال ابن شميل: يتجلجل يتحرك فيها أَي يغوص في الأَرض حين يُخسف به.
والجَلْجَلة: الحركة مع الصوت أَي يَسُوخ فيها حين يُخْسف به.
وقد تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلاً، والجَلجلة: شدة الصوت وحِدَّته، وقد جَلْجَله؛ قال: يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه، بغَيْفَة لَمّا جَلْجَل الصوتَ، جالب والجَلْجَلة: صوت الرعد وما أَشبهه.
والمُجَلْجِل من السحاب: الذي فيه صوت الرعد.
وسحابٌ مُجَلْجِل: لرعده صوت.
وغيث جِلْجال: شديد الصوت، وقد جَلْجَلَ وجَلْجَلَه: حرّكه. ابن شميل: جَلْجَلْت الشيء جَلْجَلَة إِذا حركته بيدك حتى يكون لحركته صوت، وكل شيء تحرَّك فقد تَجَلْجَلَ.
وسمعنا جَلْجَلة السَّبُع: وهي حركته.
وتَجَلْجَل القومُ للسفر إِذا تحرَّكوا له.
وخَمِيسٌ جَلْجال: شديد. شمر: المُجَلْجَل المنخول المغربل؛ قال أَبو النجم: حتى أَجالته حَصىً مُجَلْجَلا أَي لم تترك فيه إِلا الحصى المُجَلْجَل.
وجَلْجَل الفرسُ: صفا صَهِيله ولم يَرِقَّ وهو أَحسن ما يكون، وقيل: صفا صوته ورَقَّ، وهو أَحسن له.
وحمار جُلاجِل، بالضم: صافي النَّهيق.
ورجل مُجَلْجَل: لا يَعْدِله أَحد في الظَّرْف. التهذيب: المُجَلْجِل السيد القوي وإِن لم يكن له حسب ولا شرف وهو الجريء الشديد الدافع (* ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس: والجريء الدفاع المنطيق) . . .
واللسان، وقال شمز: هو السيد البعيد الصوت؛ وأَنشد ابن شميل: جلجل سِنَّك خير الأَسنان، لا ضَرَع السنّ ولا قَحْمٌ فان قال أَبو الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل الجريء إِنه ليُعَلِّق الجُلْجُل؛ قال أَبو النجم: إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل يريد الجريء يخاطر بنفسه؛ التهذيب: وقوله: يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل، إِلاَّ امرأً يَعْقِدُ خيط الجُلْجُل يعني راعيه الذي قام عليه ورباه وهو صغير يعرفه فلا يؤذيه؛ قال الأَصمعي: هذا مثل، يقول: فلا يتقدم عليه إِلاَّ شجاع لا يباليه، وهو صعب مشهور، كما يقال من يُعَلِّق الجُلْجُل في عنقه. ابن الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ إِذا ذهب وجاء.
وغلام جُلْجُل وجُلاجِل: خفيف الروح نَشِيط في عمله.
والمُجَلجَل: الخالص النسب.
والجُلْجُل: الجَرَس الصغير، وصوته الجَلْجَلة.
وفي حديث السفر: لا تصحب الملائكةُ رفقة فيها جُلْجُل؛ هو الجرس الصغير الذي يعلق في أَعناق الدواب وغيرها.
والجَلْجَلة: تحريك الجُلْجُل.
وإِبل مُجَلْجَلة: تعلق عليها الأَجراس؛ قال خالد بن قيس التميمي: أَيا ضَيَاع المائة المُجَلْجَله والجُلْجُل: الأَمر الصغير والعظيم مثل الجَلَل؛ قال: وكنت، إِذا ما جُلْجُل القوم لم يَقُم به أَحد، أَسْمو له وأَسُور والجُلْجُلان: ثمرة الكُزْبُرة، وقيل حَبُّ السِّمسم.
وقال أَبو الغوث: الجُلْجُلان هو السمسم في قشره قبل أَن يحصد.
وفي حديث ابن جريج: وذكر الصدقة في الجُلْجُلان هو السمسم، وقيل: حب كالكُزْبُرة، وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يَدَّهِن عند إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان. ابن الأَعرابي: يقال لما في جوف التين من الحب الجُلْجُلان؛ وأَنشد غيره لوَضّاح: ضحِك الناس وقالوا: شِعْر وضّاح الكباني، إِنما شِعْرِيَ مِلْح قد خُلِطْ بجُلْجُلانِ وجُلْجُلان القلب: حَبَّته ومُنَّته.
وعَلِمَ ذلك جُلْجُلان قلبه أَي عِلْمَ ذلك قلبه.
ويقال: أَصبت حبَّة قلبه وجُلْجُلان قلبه وحَمَاطة قلبه.
وجَلْجَل الشيءَ: خلطه.
وجَلاجِل وجُلاجِل ودارة جُلْجُل، كلها: مواضع، وجَلاجل، بالفتح: موضع، وقيل جبل من جبال الدَّهناء؛ ومنه قول ذي الرمة: أَيا ظبية الوَعْساء، بين جَلاجِل وبين النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سالم؟ ويروى بالحاء المضمومة؛ قال ابن بري: روت الرواة هذا البيت في كتاب سيبويه جُلاجل، بضم الجيم لا غير، والله أَعلم.

عبد (لسان العرب) [0]


العبد: الإِنسان، حرّاً كان أَو رقيقاً، يُذْهَبُ بذلك إِلى أَنه مربوب لباريه، جل وعز.
وفي حديث عمر في الفداء: مكانَ عَبْدٍ عَبْدٌ، كان من مذهب عمر، رضي الله عنه، فيمن سُبيَ من العرب في الجاهلية وأَدركه الإِسلام، وهو عند من سباه، أَن يُرَدَّ حُرّاً إِلى نسبه وتكون قيمته عليه يؤَدّيها إِلى من سباه، فَجَعل مكان كل رأْس منهم رأْساً من الرقيق؛ وأَما قوله: وفي ابن الأَمة عَبْدان، فإِنه يريد الرجل العربي يتزوّج أَمة لقوم فتلد منه ولداً فلا يجعله رقيقاً، ولكنه يُفْدَى بعبدين، وإِلى هذا ذهب الثوري وابن راهويه، وسائرُ الفقهاء على خلافه.
والعَبْدُ: المملوك خلاف الحرّ؛ قال سيبويه: هو . . . أكمل المادة في الأَصل صفة، قالوا: رجل عَبْدٌ، ولكنه استُعمل استعمال الأَسماء، والجمع أَعْبُد وعَبِيد مثل كَلْبٍ وكَليبٍ، وهو جَمْع عَزيزٌ، وعِبادٌ وعُبُدٌ مثل سَقْف وسُقُف؛ وأَنشد الأَخفش: انْسُبِ العَبْدَ إِلى آبائِه، أَسْوَدَ الجِلْدَةِ من قَوْمٍ عُبُدْ ومنه قرأَ بعضُهم: وعُبُدَ الطاغوتِ؛ ومن الجمع أَيضاً عِبْدانٌ، بالكسر، مثل جِحْشانٍ.
وفي حديث عليّ: هؤُلاء قد ثارت معهم عِبْدانُكم.
وعُبْدانٌ، بالضم: مثل تَمْرٍ وتُمْرانٍ.
وعِبِدَّان، مشدّدة الدال، وأَعابِدُ جمع أَعْبُدٍ؛ قال أَبو دواد الإِيادي يصف ناراً: لَهنٌ كَنارِ الرأْسِ، بالْـ ـعَلْياءِ، تُذْكيها الأَعابِدْ ويقال: فلان عَبْدٌ بَيِّن العُبُودَة والعُبودِيَّة والعَبْدِيَّةِ؛ وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل.
والعِبِدَّى، مقصور، والعبدَّاءُ، ممدود، والمَعْبوداء، بالمد، والمَعْبَدَة أَسماءُ الجمع.
وفي حديث أَبي هريرة: لا يَقُل أَحدكم لمملوكه عَبْدي وأَمَتي وليقل فتايَ وفتاتي؛ هذا على نفي الاستكبار عليهم وأَنْ يَنْسُب عبوديتهم إِليه، فإِن المستحق لذلك الله تعالى هو رب العباد كلهم والعَبيدِ، وجعل بعضهم العِباد لله، وغيرَه من الجمع لله والمخلوقين، وخص بعضهم بالعِبِدَّى العَبيدَ الذين وُلِدوا في المِلْك، والأُنثى عَبْدة. قال الأَزهري: اجتمع العامة على تفرقة ما بين عِباد الله والمماليك فقالوا هذا عَبْد من عِباد الله، وهو لاء عَبيدٌ مماليك. قال: ولا يقال عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لمن يَعْبُد الله، ومن عبد دونه إِلهاً فهو من الخاسرين. قال: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه فلا يقال عَبَدَه. قال الليث: ويقال للمشركين هم عَبَدَةُ الطاغوت، ويقال للمسلمين عِبادُ الله يعبدون الله.
والعابد: المُوَحِّدُ. قال الليث: العِبِدَّى جماعة العَبِيد الذين وُلِدوا في العُبودِيَّة تَعْبِيدَةٌ ابن تعبيدة أَي في العُبودة إِلى آبائه، قال الأَزهري: هذا غلط، يقال: هؤلاء عِبِدَّى الله أَي عباده.
وفي الحديث الذي جاء في الاستسقاء: هؤلاء عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك؛ العِبِدَّاءُ، بالمد والقصر، جمع العبد.
وفي حديث عامر بن الطفيل: أَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: ما هذه العِبِدَّى حوْلَك يا محمد؟ أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وكانوا يقولون اتَّبَعَه الأَرذلون. قال شمر: ويقال للعبيد مَعْبَدَةٌ؛ وأَنشد للفرزدق: وما كانت فُقَيْمٌ، حيثُ كانت بِيَثْرِبَ، غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعودِ قال الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جمع العَبْد مَشْيَخَةٌ جمع الشيْخ، ومَسْيَفة جمع السَّيْفِ. قال اللحياني: عَبَدْتُ الله عِبادَة ومَعْبَداً.
وقال الزجاج في قوله تعالى: وما خلقتُ الجنّ والإِنس إِلا ليعبدون، المعنى ما خلقتهم إِلا لأَدعوهم إِلى عبادتي وأَنا مريد للعبادة منهم، وقد علم الله قبل أن يخلقهم من يعبده ممن يكفر به، ولو كان خلقهم ليجبرهم على العبادة لكانوا كلهم عُبَّاداً مؤمنين؛ قال الأَزهري: وهذا قول أَهل السنَّة والجماعة.
والَعبْدَلُ: العبدُ، ولامه زائدة.
والتِّعْبِدَةُ: المُعْرِقُ في المِلْكِ، والاسم من كل ذلك العُبودةُ والعُبودِيَّة ولا فعل له عند أَبي عبيد؛ وحكى اللحياني: عَبُدَ عُبودَة وعُبودِية. الليث: وأَعْبَدَه عبداً مَلَّكه إِياه؛ قال الأَزهري: والمعروف عند أَهل اللغة أَعْبَدْتُ فلاناً أَي استَعْبَدْتُه؛ قال: ولست أُنْكِرُ جواز ما قاله الليث إِن صح لثقة من الأَئمة فإِن السماع في اللغات أَولى بنا من خَبْطِ العَشْواءِ، والقَوْلِ بالحَدْس وابتداعِ قياساتٍ لا تَطَّرِدُ.
وتَعَبَّدَ الرجلَ وعَبَّده وأَعْبَدَه: صيَّره كالعَبْد، وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بالطاعة أَي استعبده؛ وقال الشاعر: حَتَّامَ يُعْبِدُني قَوْمي، وقد كَثُرَت فيهمْ أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعِبْدانُ؟ وعَبَّدَه واعْتَبَده واستعبده؛ اتخذه عَبْداً؛ عن اللحياني؛ قال رؤبة: يَرْضَوْنَ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي أَراد: والتَّأْمِيَةِ. يقال: تَعَبَّدْتُ فلاناً أَي اتخذْتُه عَبْداً مثل عَبَّدْتُه سواء.
وتأَمَّيْتُ فلانة أَي اتخذْتُها أَمَة.
وفي الحديث: ثلاثة أَنا خَصْمُهم: رجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وفي رواية: أَعبَدَ مُحَرَّراً أَي اتخذه عبداً، وهو أَن يُعْتِقَه ثم يكْتمه إِياه، أَو يَعْتَقِلَه بعد العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً، أَو يأْخذ حُرًّا فيدَّعيه عَبداً.
وفي التنزيل: وتلك نِعْمَةٌ تَمُنُّها عليّ أَنْ عَبَّدْتَ بني إِسرائيل؛ قال الأَزهري: وهذه آية مشكلة وسنذكر ما قيل فيها ونخبر بالأَصح الأَوضح. قال الأَخفش في قوله تعالى: وتلك نعمة، قال: يقال هذا استفهام كأَنه قال أَو تلك نعمة تمنها عليّ ثم فسر فقال: أَن عَبَّدْتَ بني إِسرائيل، فجعله بدلاً من النعمة؛ قال أَبو العباس: وهذا غلط لا يجوز أَن يكون الاستفهام مُلْقًى وهو يُطْلَبُ، فيكون الاستفهام كالخبر؛ وقد استُقْبِحَ ومعه أَمْ وهي دليل على الاستفهام، استقبحوا قول امرئ القيس:تروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِرْ قال بعضهم: هو أَتَروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِر فحذفُ الاستفهام أَولى والنفي تام؛ وقال أَكثرهم: الأَوّل خبر والثاني استفهام فأَما وليس معه أَم لم يقله إِنسان. قال أَبو العباس: وقال الفراء: وتلك نعمة تمنها عليّ، لأَنه قال وأَنت من الكافرين لنعمتي أَي لنعمة تربيتي لك فأَجابه فقال: نعم هي نعمة عليّ أَن عبَّدْت بني إسرائيل ولم تستعبدني، فيكون موضع أَن رفعاً ويكون نصباً وخفضاً، من رفع ردّها على النعمة كأَنه قال وتلك نعمة تمنها عليّ تَعْبِيدُك بني إِسرائيل ولم تُعَبِّدْني، ومن خفض أَو نصب أَضمر اللام؛ قال الأَزهري: والنصب أَحسن الوجوه؛ المعنى: أَن فرعون لما قال لموسى: أَلم نُرَبِّك فينا وليداً ولبثت فينا من عُمُرِكَ سنين، فاعْتَدَّ فرعون على موسى بأَنه ربَّاه وليداً منذُ وُلدَ إِلى أَن كَبِرَ فكان من جواب موسى له: تلك نعمة تعتدّ بها عليّ لأَنك عبَّدْتَ بني إِسرائيل، ولو لم تُعَبِّدْهم لكَفَلَني أَهلي ولم يُلْقُوني في اليمّ، فإِنما صارت نعمة لما أَقدمت عليه مما حظره الله عليك؛ قال أَبو إِسحق: المفسرون أَخرجوا هذه على جهة الإِنكار أَن تكون تلك نعمة، كأَنه قال: وأَيّ نعمة لك عليّ في أَن عَبَّدْتَ بني إِسرائيل، واللفظ لفظ خبر؛ قال: والمعنى يخرج على ما قالوا على أَن لفظه لفظ الخبر وفيه تبكيت المخاطب، كأَنه قال له: هذه نعمة أَنِ اتَّخَذْتَ بني إِسرائيلَ عَبيداً ولم تتخذني عبداً.
وعَبُدَ الرجلُ عُبودَةً وعُبودِيَّة وعُبِّدَ: مُلِكَ هو وآباؤَه من قبلُ.
والعِبادُ: قَوْمٌ من قَبَائِلَ شَتَّى من بطونِ العرب اجتمعوا على النصرانية فأَِنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيدِ وقالوا: نحن العِبادُ، والنَّسَبُ إِليه عِبادِيّ كأَنصاِريٍّ، نزلوا بالحِيرَة، وقيل: هم العَباد، بالفتح، وقيل لِعَبادِيٍّ: أَيُّ حِمَارَيْكَ شَرٌّ؟ فقال: هذا ثم هذا.
وذكره الجوهري: العَبادي، بفتح العين؛ قال ابن بري: هذا غلط بل مكسور العين؛ كذا قال ابن دريد وغيره؛ ومنه عَدِيُّ بن زيد العِبادي، بكسر العين، وكذا وجد بخط الأَزهري.
وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه له؛ ورجل عابد من قوم عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ.
والتَّعَبُّدُ: التَّنَسُّكُ.
والعِبادَةُ: الطاعة.
وقوله تعالى: قل هل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ من ذلك مَثُوبَةً عند الله من لعنه الله وغَضِبَ عليه وجعل منهم القِرَدَة والخنازير وعبَدَ الطاغوتَ؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو والكسائي وعَبَدَ الطاغوتَ، قال الفراء: وهو معطوف على قوله عز وجل: وجعل منهم القِرَدَةَ والخنازير ومَن عَبَدَ الطاغوتَ؛ وقال الزجاج: قوله: وعَبدَ الطاغوتَ، نسق على مَن لعنه الله؛ المعنى من لعنه الله ومن عبَدَ الطاغوتَ من دون الله عز وجل، قال وتأْويلُ عبدَ الطاغوتَ أَي أَطاعه يعني الشيطانَ فيما سَوّلَ له وأَغواه؛ قال: والطاغوتُ هو الشيطان.
وقال في قوله تعالى: إِياك نعبد؛ أَي نُطِيعُ الطاعةَ التي يُخْضَعُ معها، وقيل: إِياك نُوَحِّد، قال: ومعنى العبادةِ في اللغة الطاعةُ مع الخُضُوعِ، ومنه طريقٌ مُعَبَّدٌ إِذا كان مذللاً بكثرة الوطءِ.
وقرأَ يحيى بن وَثَّاب والأَعمش وحمزة: وعَبُدَ الطاغوتِ، قال الفراء: ولا أَعلم له وجهاً إِلا أَن يكون عَبُدَ بمنزلة حَذُرٍ وعَجُلٍ.
وقال نصر الرازي: عَبُدَ وَهِمَ مَنْ قرأَه ولسنا نعرف ذلك في العربية. قال الليث: وعَبُدَ الطاغوتُ معناه صار الطاغوتُ يُعْبَدُ كما يقال ظَرُفَ الرجل وفَقُه؛ قال الأَزهري: غلط الليث في القراءة والتفسير، ما قرأَ أَحد من قرَّاء الأَمصار وغيرهم وعَبُدَ الطاغوتُ، برفع الطاغوت، إِنما قرأَ حمزة وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه؛ قال: والمعنى فيما يقال خَدَمُ الطاغوتِ، قال: وليس هذا بجمع لأَن فَعْلاً لا يُجْمَعُ على فَعُلٍ مثل حَذُرٍ ونَدُسٍ، فيكون المعنى وخادِمَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وذكر الليث أَيضاً قراءة أُخرى ما قرأَ بها أَحد قال وهي: وعابدو الطاغوتِ جماعة؛ قال: وكان رحمه الله قليل المعرفة بالقراآت، وكان نَوْلُه أَن لا يَحكي القراآتِ الشاذَّةَ وهو لا يحفظها، والقارئ إِذا قرأَ بها جاهل، وهذا دليل أَن إِضافته كتابه إِلى الخليل بن أَحمد غير صحيح، لأَن الخليل كان أَعقل من أَن يسمي مثل هذه الحروف قراآت في القرآن ولا تكون محفوظة لقارئ مشهور من قراء الأَمصار، ونسأَل الله العصمة والتوفيق للصواب؛ قال ابن سيده: وقُرِئَ وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابِدٍ؛ قال الزجاج: هو جمع عَبيدٍ كرغيف ورُغُف؛ وروي عن النخعي أَنه قرأَ: وعُبْدَ الطاغوتِ، بإِسكان الباء وفتح الدال، وقرئ وعَبْدَ الطاغوتِ وفيه وجهان: أَحدهما أَن يكون مخففاً من عَبُدٍ كما يقال في عَضُدٍ عَضْدٌ، وجائز أَن يكون عَبْدَ اسم الواحد يدل على الجنس ويجوز في عبد النصب والرفع، وذكر الفراء أَن أُبَيًّا وعبد الله قرآ: وعَبَدوا الطاغوتَ؛ وروي عن بعضهم أَنه قرأَ: وعُبَّادَ الطاغوتِ، وبعضهم: وعابِدَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن عباس: وعُبِّدَ الطاغوتُ، وروي عنه أَيضاً: وعُبَّدَ الطاغوتِ، ومعناه عُبَّاد الطاغوتِ؛ وقرئ: وعَبَدَ الطاغوتِ، وقرئ: وعَبُدَ الطاغوتِ. قال الأَزهري: والقراءة الجيدة التي لا يجوز عندي غيرها هي قراءة العامّة التي بها قرأَ القرّاء المشهورون، وعَبَدَ الطاغوتَ على التفسير الذي بينته أَوّلاً؛ وأَما قَوْلُ أَوْسِ بن حَجَر: أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُ مُعْتَرِفاً، لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنْكُمُ أَحَدُ أَبَني لُبَيْنى، إِنَّ أُمَّكُمُ أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ فإِنه أَراد وإِن أَباكم عَبْد فَثَقَّل للضرورة، فقال عَبُدُ لأَن القصيدة من الكامل وهي حَذَّاء.
وقول الله تعالى: وقومهما لنا عابدون؛ أَي دائنون.
وكلُّ من دانَ لملك فهو عابد له.
وقال ابن الأَنباري: فلان عابد وهو الخاضع لربه المستسلم المُنْقاد لأَمره.
وقوله عز وجل: اعبدوا ربكم؛ أَي أَطيعوا ربكم.
والمتعبد: المنفرد بالعبادة.
والمُعَبَّد: المُكَرَّم المُعَظَّم كأَنه يُعْبَد؛ قال: تقولُ: أَلا تُمْسِكْ عليكَ، فإِنَّني أَرى المالَ عندَ الباخِلِينَ مُعَبَّدَا؟ سَكَّنَ آخِرَ تُمْسِكْ لأَنه تَوَهَّمَ سِكُعَ (* هكذا في الأصل.) مَنْ تُمْسِكُ عليكَ بِناءً فيه ضمة بعد كسرة، وذلك مستثقل فسكن، كقول جرير: سِيروا بَني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكم ونَهْرُ تِيرَى، ولا تَعْرِفْكُمُ العَربُ والمُعَبَّد: المُكَرَّم في بيت حاتم حيث يقول: تقولُ: أَلا تُبْقِي عليك، فإِنَّني أَرى المالَ عند المُمْسِكينَ مُعَبَّدا؟ أَي مُعَظَّماً مخدوماً.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّم.
والعَبَدُ: الجَرَبُ، وقيل: الجربُ الذي لا ينفعه دواء؛ وقد عَبِدَ عَبَداً.
وبعير مُعَبَّد: أَصابه ذلك الجربُ؛ عن كراع.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مهنوء بالقَطِران؛ قال طرفة: إِلى أَن تَحامَتْني العَشِيرَةُ كُلُّها، وأُفْرِدْتُ إِفْرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ قال شمر: المُعَبَّد من الإِبل الذي قد عُمَّ جِلدُه كلُّه بالقَطِران؛ ويقال: المُعَبَّدُ الأَجْرَبُ الذي قد تساقط وَبَرهُ فأُفْرِدَ عن الإِبل لِيُهْنَأَ، ويقال: هو الذي عَبَّدَه الجَرَبُ أَي ذَلَّلَهُ؛ وقال ابن مقبل: وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيادِ مُعَبَّداً، إِذا ما ضَرَبْنا رأْسَه لا يُرَنِّحُ قال: المُعَبَّد ههنا الوَتِدُ. قال شمر: قيل للبعير إِذا هُنِئَ بالقَطِرانِ مُعَبَّدٌ لأَنه يتذلل لِشَهْوَتِه القَطِرانَ وغيره فلا يمتنع.
وقال أَبو عدنان: سمعت الكلابيين يقولون: بعير مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّدٌ إِذا امتنع على الناس صعوبة وصار كآبِدَةِ الوحش.
والمُعَبَّدُ: المذلل.
والتعبد: التذلل، ويقال: هو الذي يُترَك ولا يركب.
والتعبيد: التذليل.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُذَلَّلٌ.
وطريق مُعَبَّد: مسلوك مذلل، وقيل: هو الذي تَكْثُرُ فيه المختلفة؛ قال الأَزهري: والمعبَّد الطريق الموطوء في قوله:وَظِيفاً وَظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ وأَنشد شمر: وبَلَدٍ نائي الصُّوَى مُعَبَّدِ، قَطَعْتُه بِذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ قال: أَنشدنيه أَبو عدنانَ وذكر أَن الكلابية أَنشدته وقالت: المعبَّد الذي ليس فيه أَثر ولا علَم ولا ماء والمُعَبَّدة: السفينة المُقَيَّرة؛ قال بشر في سفينة ركبها: مُعَبَّدَةُ السَّقائِفِ ذاتُ دُسْرٍ، مُضَبَّرَةٌ جَوانِبُها رَداحُ قال أَبو عبيدة: المُعَبَّدةُ المَطْلِيَّة بالشحم أَو الدهن أَو القار؛ وقول بشر: تَرى الطَّرَقَ المُعَبَّدَ مِن يَدَيها، لِكَذَّانِ الإِكامِ به انْتِضالُ الطَّرَقُ: اللِّينُ في اليَدَينِ.
وعنى بالمعبَّد الطرََق الذي لا يُبْس يحدث عنه ولا جُسُوءَ فكأَنه طريق مُعَبَّد قد سُهِّلَ وذُلِّلَ.
والتَّعْبِيدُ: الاسْتِعْبَادُ وهو أَن يَتَّخِذَه عَبْداً وكذلك الاعْتِبادُ.
وفي الحديث: ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، والإِعبادُ مِثْلُه وكذلك التَّعَبُّد؛ وقال: تَعَبَّدَني نِمْرُ بن سَعْدٍ، وقد أُرَى ونِمْرُ بن سَعْدٍ لي مُطيعٌ ومُهْطِعُ وعَبِدَ عليه عَبَداً وعَبَدَةً فهو عابِدٌ وعَبدٌ: غَضِب؛ وعدّاه الفرزدق بغير حرف فقال: علام يَعْبَدُني قَوْمي، وقد كَثُرَتْ فيهم أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعُبِدانُ؟ أَنشده يعقوب وقد تقدّمت رواية من روى يُعْبِدُني؛ وقيل: عَبِدَ عَبَداً فهو عَبِدٌ وعابِدٌ: غَضِبَ وأَنِفَ، والاسم العَبَدَةُ.
والعَبَدُ: طول الغضب؛ قال الفراء: عَبِد عليه وأَحِنَ عليه وأَمِدَ وأَبِدَ أَي غَضِبَ.
وقال الغَنَوِيُّ: العَبَدُ الحُزْن والوَجْدُ؛ وقيل في قول الفرزدق:أُولئِكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم، وأَعْبَدُ أَن أَهْجُو كُلَيْباً بِدارِمِ أَعبَدُ أَي آنَفُ؛ وقال ابن أَحمر يصف الغَوَّاص: فأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَبَداً عَلَيها، وكان بنَفْسِه أَرِباً ضَنِينا قيل: معنى قوله عَبَداً أَي أَنَفاً. يقول: أَنِفَ أَن تفوته الدُّرَّة.
وفي التنزيل: قل إِن كان للرحمن ولدٌ فأَنا أَول العابدين، ويُقْرأُ: العَبِدينَ؛ قال الليث: العَبَدُ، بالتحريك، الأَنَفُ والغَضَبُ والحَمِيَّةُ من قَوْلٍ يُسْتَحْيا منه ويُسْتَنْكَف، ومن قرأَ العَبِدِينَ فهو مَقْصُورٌ من عَبِدَ يَعْبَدُ فهو عَبِدٌ؛ وقال الأَزهري: هذه آية مشكلة وأَنا ذاكر أَقوال السلف فيها ثم أُتْبِعُها بالذي قال أَهل اللغة وأُخبر بأَصحها عندي؛ أَما القول الذي قاله الليث في قراءَة العبدين، فهو قول أَبي عبيدة على أَني ما علمت أَحداً قرأَ فأَنا أَول العَبِدين، ولو قرئَ مقصوراً كان ما قاله أَبو عبيدة محتملاً، وإِذ لم يقرأْ به قارئ مشهور لم نعبأْ به، والقول الثاني ما روي عن ابن عيينة أَنه سئل عن هذه الآية فقال: معناه إِن كان للرحمن ولد فأَنا أَوّل العابدين، يقول: فكما أَني لست أَول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد؛ وقال السدي: قال الله لمحمد: قل إِن كان على الشرط للرحمن ولد كما تقولون لكنت أَوّل من يطيعه ويعبده؛ وقال الكلبي: إِن كان ما كان وقال الحسن وقتادة إِن كان للرحمن ولد على معنى ما كان، فأَنا أَوّل العابدين أَوّل من عبد الله من هذه الأُمة؛ قال الكسائي: قال بعضهم إِن كان أَي ما كان للرحمن فأَنا أَول العابدين أَي الآنفين، رجل عابدٌ وعَبِدٌ وآنِف وأَنِفٌ أَي الغِضاب الآنفين من هذا القول، وقال فأَنا أَول الجاحدين لما تقولون، ويقال أَنا أَوَّل من تَعبَّده على الوحدانية مُخالَفَةً لكم.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، وقيل له: أَنت أَمرت بقتل عثمان أَو أَعَنْتَ على قتله فَعَبِدَ وضَمِدَ أَي غَضِبَ غَضَبَ أَنَفَةٍ؛ عَبِدَ، بالكسر، يَعْبَدُ عَبَداً، بالتحريك، فهو عابِدٌ وعَبِدٌ؛ وفي رواية أُخرى عن علي، كرم الله وجهه، أَنه قال: عَبِدْتُ فصَمَتُّ أَي أَنِفْتُ فسَكَتُّ؛ وقال ابن الأَنباري: ما كان للرحمن ولد، والوقف على الولد ثم يبتدئ: فأَنا أَوّل العابدين له، على أَنه ولد له والوقف على العابدين تامّ. قال الأَزهري: قد ذكرت الأَقوال وفيه قول أَحْسَنُ من جميع ما قالوا وأَسْوَغُ في اللغة وأَبْعَدُ من الاستكراه وأَسرع إِلى الفهم. روي عن مجاهد فيه أَنه يقول: إِن كان لله ولد في قولكم فأَنا أَوّل من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون؛ قال الأَزهري: وهذا واضح، ومما يزيده وضوحاً أَن الله عز وجل قال لنبيِّه: قل يا محمد للكفار إِن كان للرحمن ولد في زعمكم فأَنا أَوّل العابدين إِلهَ الخَلْق أَجمعين الذي لم يلد ولم يولد، وأَوّل المُوَحِّدِين للرب الخاضعين المطيعين له وحده لأَن من عبد الله واعترف بأَنه معبوده وحده لا شريك له فقد دفع أَن يكون له ولد في دعواكم، والله عز وجل واحد لا شريك له، وهو معبودي الذي لا ولَدَ له ولا والِدَ؛ قال الأَزهري: وإِلى هذا ذهب إِبراهيم بن السريِّ وجماعة من ذوي المعرفة؛ قال: وهو الذي لا يجوز عندي غيره.
وتَعَبَّدَ كَعَبِدَ؛ قال جرير: يَرَى المُتَعَبَّدُونَ عليَّ دُوني حِياضَ المَوْتِ، واللُّجَجَ الغِمارا وأَعْبَدُوا به: اجتمعوا عليه يضربونه.
وأُعْبِدَ بِفُلانٍ: ماتَتْ راحِلَتُه أَو اعْتَلَّت أَو ذهَبَتْ فانْقُطِعَ به، وكذلك أُبْدِعَ به.
وعَبَّدَ الرجلُ: أَسْرعَ.
وما عَبَدَك عَنِّي أَي ما حَبَسَك؛ حكاه ابن الأَعرابي.
وعَبِدَ به: لَزِمَه فلم يُفارِقْه؛ عنه أَيضاً.
والعَبَدَةُ: البَقاءُ؛ يقال: ليس لِثَوبِك عَبَدَةٌ أَي بَقاءٌ وقوّة؛ عن اللحياني.
والعَبَدَةُ: صَلاءَةُ الطيِّب. ابن الأَعرابي: العَبْدُ نَبات طَيِّبُ الرائحة؛ وأَنشد: حَرَّقَها العَبْدُ بِعُنْظُوانِ، فاليَوْمُ منها يومُ أَرْوَنانِ قال: والعَبْدُ تُكلَفُ به الإِبلُ لأَنه مَلْبَنَة مَسْمَنَةٌ، وهو حارُّ المِزاجِ إِذا رَعَتْهُ الإِبِلُ عَطِشَتْ فطلَبَت الماء.
والعَبَدَةُ: الناقة الشديدة؛ قال معن بن أَوس: تَرَى عَبَداتِهِنَّ يَعُدْنَ حُدْباً، تُناوِلُهَا الفَلاةُ إِلى الفلاةِ وناقةٌ ذاتُ عَبَدَةٍ أَي ذاتُ قوَّةٍ شديدةٍ وسِمَنٍ؛ وقال أَبو دُوادٍ الإِيادِيُّ: إِن تَبْتَذِلْ تَبْتَذِلْ مِنْ جَنْدَلٍ خَرِسٍ صَلابَةً ذاتَ أَسْدارٍ، لهَا عَبَدَه والدراهمُ العَبْدِيَّة: كانت دراهمَ أَفضل من هذه الدراهم وأَكثر وزناً.
ويقال: عَبِدَ فلان إِذا نَدِمَ على شيء يفوته يلوم نفسه على تقصير ما كان منه.
والمِعْبَدُ: المِسْحاةُ. ابن الأَعرابي: المَعَابِدُ المَساحي والمُرورُ؛ قال عَدِيّ بن زيد العِبَادِي: إِذ يَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ (* قوله «إذ يحرثنه إلخ» في شرح القاموس: وملك سليمان بن داود زلزلت * دريدان إذ يحرثنه بالمعابد) وقال أَبو نصر: المَعَابِدُ العَبيدُ.
وتَفَرَّقَ القومُ عَبادِيدَ وعَبابيدَ؛ والعَباديدُ والعَبابيدُ: الخيل المتفرقة في ذهابها ومجيئها ولا واحد له في ذلك كله، ولا يقع إِلا في جماعة ولا يقال للواحد عبْدِيدٌ. الفراء: العباديدُ والشَّماطِيطُ لا يُفْرَد له واحدٌ؛ وقال غيره: ولا يُتكلم بهما في الإِقبال إِنما يتكلم بهما في التَّفَرُّق والذهاب. الأَصمعيُّ: يقال صاروا عَبادِيدَ وعَبابيدَ أَي مُتَفَرِّقِين؛ وذهبوا عَباديدَ كذلك إِذا ذهبوا متفرقين.
ولا يقال أَقبلوا عَبادِيدَ. قالوا: والنسبة إِليهم عَبَادِيدِيُّ؛ قال أَبو الحسن ذهَبَ إِلى أَنه لو كان له واحدٌ لَرُدَّ في النسب إِليه.
والعبادِيدُ: الآكامُ.
والعَبادِيدُ: الأَطرافُ البعيدة؛ قال الشماخ: والقَوْمُ آتَوْكَ بَهْزٌ دونَ إِخْوَتِهِم، كالسَّيْلِ يَرْكَبُ أَطرافَ العَبَادِيدِ وبَهْزٌ: حيٌّ من سُلَيمٍ. قال: هي الأَطرافُ البعيدة والأَشياء المتفَرِّقةُ. قال الأَصمعي: العَبابيدُ الطُّرُقُ المختلفة.
والتَّعْبيدُ: من قولك ما عَبَّدَ أَن فعَلَ ذلك أَي ما لَبِثَ؛ وما عَتَّمَ وما كَذَّبَ كُلُّه: ما لَبِثَ.
ويقال انثَلَّ يَعْدُو وانْكَدَرَ يَعْدُو وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أَسْرَع بعضَ الإِسْراعِ.
والعَبْدُ: واد معروف في جبال طيء.
وعَبُّودٌ: اسم رجل ضُرِبَ به المَثَلُ فقيل: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ، وكان رجلاً تَماوَتَ على أَهله وقال: انْدُبِيني لأَعلم كيف تَنْدبينني، فندبته فمات على تلك الحال؛ قال المفضل بن سلمة: كان عَبُّودٌ عَبْداً أَسْوَدَ حَطَّاباً فَغَبَر في مُحْتَطَبِه أُسبوعاً لم ينم، ثم انصرف وبقي أُسبوعاً نائماً، فضرب به المثل وقيل: نام نومةَ عَبُّودٍ.
وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ وعَبَدَةُ: أَسماءٌ.
ومنه علقمةُ بن عَبَدَة، بالتحريك، فإِما أَن يكون من العَبَدَةِ التي هي البَقاءُ، وإِما أَن يكون سمي بالعَبَدَة التي هي صَلاءَةُ الطِّيبِ، وعَبْدة بن الطَّبيب، بالتسكين. قال سيبويه: النَّسب إِلى عَبْدِ القيس عَبْدِيٌّ، وهو من القسم الذي أُضيف فيه إِلى الأَول لأَنهم لو قالوا قيسي، لالتبس بالمضاف إِلى قَيْس عَيْلانَ ونحوه، وربما قالوا عَبْقَسِيٌّ؛ قال سويد بن أَبي كاهل: وهْمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ، فلا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلاَّ بِأَجْدَعَا قال ابن بري: قوله بِأَجْدَعَا أَي بأَنْفٍ أَجْدَعَ فحَذَفَ الموصوف وأَقام صفته مكانه.
والعَبيدتانِ: عَبيدَةُ بنُ معاوية وعَبيدَةُ بن عمرو.
وبنو عَبيدَة: حيٌّ، النسب إِليه عُبَدِيٌّ، وهو من نادر معدول النسب.
والعُبَيْدُ، مُصَغَّرٌ: اسم فرس العباس بن مِرْداسٍ؛ وقال: أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْـ ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ؟ وعابِدٌ: موضع.
وعَبُّودٌّ: موضع أَو جبلُ.
وعُبَيْدانُ: موضع.
وعُبَيْدانُ: ماءٌ منقطع بأَرض اليمن لا يَقْرَبُه أَنِيسٌ ولا وَحْشٌ؛ قال النابغة: فهَلْ كنتُ إِلاَّ نائياً إِذْ دَعَوْتَني، مُنادَى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ وقيل: عُبَيْدانُ في البيت رجل كان راعياً لرجل من عاد ثم أَحد بني سُوَيْدٍ وله خبر طويل؛ قال الجوهري: وعُبَيْدانُ اسم واد يقال إِن فيه حيَّة قد مَنَعَتْه فلا يُرْعَى ولا يؤتى؛ قال النابغة: لِيَهْنَأْ لكم أَنْ قد نَفَيْتُمْ بُيوتَنا، مُنَدَّى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ يقول: نفيتم بيوتنا إِلى بُعْدٍ كبُعْدِ عُبَيْدانَ؛ وقيل: عبيدان هنا الفلاة.
وقال أَبو عمرو: عبيدان اسم وادي الحية؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده: المُحَلِّئِ باقِرَه، بكسر اللام من المُحَلِّئِ وفتح الراء من باقِرَه، وأَوّل القصيدة: أَلا أَبْلِغَا ذُبيانَ عَنِّي رسالة، فقد أَصْبَحَتْ عن مَنْهَجِ الحَقِّ جائِرَهْ وقال: قال ابن الكلبي: عُبَيْدانُ راع لرجل من بني سُوَيْدِ بن عاد وكان آخر عاد، فإِذا حضر عبيدان الماء سَقَى ماشيته أَوّل الناس وتأَخر الناس كلهم حتى يسقي فلا يزاحمه على الماء أَحد، فلما أَدرك لقمان بن عاد واشتدّ أَمره أَغار على قوم عبيدان فقتل منهم حتى ذلوا، فكان لقمان يورد إِبلهُ فَيَسْقِي ويَسْقِي عُبَيْدانُ ماشيته بعد أَن يَسْقِيَ لقمان فضربه الناس مثلاً.
والمُنَدَّى: المَرْعَى يكون قريباً من الماء يكون فيه الحَمْضُ، فإِذا شربت الإِبلُ أَوّل شربة نُخِّيَتْ إِلى المُنَدَّى لترعى فيه، ثم تعاد إِلى الشرب فتشرب حتى تَرْوَى وذلك أَبقى للماءِ في أَجوافها.
والباقِرُ: جماعة البَقَر.
والمُحَلِّئُ: المانع. الفرَّاء: يقال صُكَّ به في أُمِّ عُبَيْدٍ، وهي الفلاةُ، وهي الرقَّاصَةُ. قال: وقلت للعتابي: ما عُبَيْدٌ؟ فقال: ابن الفلاة؛ وعُبَيْدٌ في قول الأَعشى: لم تُعَطَّفْ على حُوارٍ، ولم يَقْـ ـطَعْ عُبَيْدٌ عُرُوقَهَا مِن خُمالِ اسم بَيْطارٍ.
وقوله عز وجل: فادْخُلِي في عِبادي وادْخُلي جَنَّتي؛ أَي في حِزْبي.
والعُبَدِيُّ: منسوب إِلى بَطْنٍ من بني عَدِيِّ بن جَنابٍ من قُضاعَةَ يقال لهم بنو العُبَيْدِ، كما قالوا في النسبة إِلى بني الهُذَيْل هُذَلِيٌّ، وهم الذين عناهم الأَعشى بقوله: بَنُو الشَّهْرِ الحَرامِ فَلَسْتَ منهم، ولَسْتَ من الكِرامِ بَني العُبَيْدِ قال ابن بَرِّيٍّ: سَبَبُ هذا الشعر أَن عَمْرو بنَ ثعلبةَ بنِ الحَرِث بنِ حضْرِ بنِ ضَمْضَم بن عَدِيِّ بن جنابٍ كان راجعاً من غَزاةٍ، ومعه أُسارى، وكان قد لقي الأَعشى فأَخذه في جملة الأُسارى، ثم سار عمرو حتى نزل عند شُرَيْحِ بنِ حصْنِ بن عمران بن السَّمَوْأَل بن عادياء فأَحسن نزله، فسأَل الأَعشى عن الذي أَنزله، فقيل له هو شريح بن حِصْنٍ، فقال: والله لقد امْتَدَحْتُ أَباه السَّمَوْأَل وبيني وبينه خلَّةٌ، فأَرسل الأَعشى إِلى شريح يخبره بما كان بينه وبين أَبيه، ومضى شريح إِلى عمرو بن ثعلبة فقال: إِني أُريد أَنْ تَهَبَنِي بعضَ أُساراكَ هؤلاء، فقال: خذ منهم مَنْ شِئتَ، فقال: أَعطني هذا الأَعمى، فقال: وما تصنع بهذا الزَّمِنِ؟ خذ أْسيراً فِداؤُه مائةٌ أَو مائتان من الإِبل، فقال: ما أُريدُ إِلا هذا الأَعمى فإِني قد رحمته، فوهبه له، ثم إِنَّ الأَعشى هجا عمرو بن ثعلبة ببيتين وهما هذا البيت «بنو الشهر الحرام» وبعده: ولا مِنْ رَهْطِ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ، ولا مِن رَهْطِ حارثَةَ بنِ زَيْدِ فبلغ ذلك عمرو بن ثعلبة فأَنْفَذ إِلى شريح أَنْ رُدَّ عليَّ هِبَتي، فقال له شريح: ما إِلى ذلك سبيل، فقال: إِنه هجاني، فقال شُرَيْحٌ: لا يهجوك بعدها أَبداً؛ فقال الأَعشى يمدح شريحاً: شُرَيْحُ، لا تَتْرُكَنِّي بعدما عَلِقَتْ، حِبالَكَ اليومَ بعد القِدِّ، أَظْفارِي يقول فيها: كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ به في جَحْفَلٍ، كَسَوادِ الليلِ، جَرَّارِ بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِن تَيْماءَ مَنْزِلهُ، حِصْنٌ حَصِينٌ، وجارٌ غيرُ غدَّارِ خَيَّرَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال له: مَهْمَا تَقُلْه فإِني سامِعٌ حارِي فقال: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أَنتَ بينهما، فاخْتَرْ، وما فيهما حَظٌّ لمُخْتارِ فَشَكَّ غيرَ طويلٍ ثم قال له: أُقْتُلْ أَسِيرَكَ إِني مانِعٌ جاري وبهذا ضُرِبَ المثلُ في الوفاء بالسَّمَوْأَلِ فقيل: أَوفى مِنَ السَّمَوْأَل.
وكان الحرث الأَعرج الغساني قد نزل على السموأَل، وهو في حصنه، وكان ولده خارج الحصن فأَسره الغساني وقال للسموأَل: اختر إِمّا أَن تُعْطِيَني السِّلاحَ الذي أَوْدَعك إِياه امرُؤُ القيس، وإِمّا أَن أَقتل ولدك؛ فأَبى أَن يعطيه فقتل ولده.
والعَبْدانِ في بني قُشَيْرٍ: عبد الله بن قشير، وهو الأَعور، وهو ابن لُبَيْنى، وعبد الله بن سَلَمَةَ بن قُشَير، وهو سَلَمَةُ الخير.
والعَبيدَتانِ: عَبيدَةُ ابن معاويةَ بن قُشَيْر، وعَبيدَةُ بن عمرو بن معاوية.
والعَبادِلَةُ: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص.طرد: الطَّرْدُ: الشَّلُّ؛ طَرَدَه يَطْرُدُه طَرْداً وطَرَداً وطَرَّده؛ قال: فأُقْسِمُ لولا أَنَّ حُدْباً تَتابَعَتْ عليَّ، ولم أَبْرَحْ بِدَيْنٍ مُطَرَّدا حُدْباً: يعني دَواهِيَ، وكذلك اطَّرَدَه؛ قال طريح: أَمْسَتْ تُصَفِّقُها الجَنُوب، وأَصْبَحَتْ زَرْقاءَ تَطَّرِدُ القَذَى بِحِباب والطَّرِيدُ: المَطْرُودُ من الناس، وفي المحكم المَطْرُود، والأُنثى طَريدٌ وطَريدة؛ وجمعهما مَعاً طَرائِدُ.
وناقة طَريدٌ، بغير هاء: طُرِدَتْ فَذُهِبَ بها كذلك، وجمعها طَرائِدُ.
ويقال: طَردْتُ فلاناً فَذَهَبَ، ولا يقال فاطَّرَدَ. قال الجوهري: لا يُقالُ مِن هذا انْفَعَلَ ولا افْتَعَلَ إِلا في لغة رديئة.
والطَّرْدُ: الإِبْعَادُ، وكذلك الطَّرَدُ، بالتحريك.
والرجل مَطْرُودٌ وطَريدٌ.
ومرَّ فُلانٌ يَطْرُدُهم أَي يَشُلُّهم ويَكْسَو هُمْ.
وطَرَدْتُ الإِبِلَ طَرْداً وطَرَداً أَي ضَمَمْتُها من نواحيها، وأَطْرَدْتُها أَي أَمرتُ بِطَرْدِها.
وفلانٌ أَطْرَدَه السلطان إِذا أَمر بإِخْراجه عن بَلَده. قال ابن السكيت: أَطْرَدْتُه إِذا صَيَّرْتَه طريداً، وطَرَدْتُه إِذا نَفَيْتَه عنك وقلتَ له: اذهب عنا.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَطْرَدْنا المُعْتَرفِينَ. يقال: أَطْرَدَه السلطانُ وطَرَدَه أَخرجه عن بَلدِه، وحَقِيقَتُه أَنه صيَّره طريداً.
وطَرَدْتُ الرجل طَرْداً إِذا أَبْعَدته، وطَرَدْتُ القومَ إِذا أَتَيْتَ عليهم وجُزْتَهُم.
وفي حديث قيام الليل: هو قُرْبَةٌ إِلى الله تعالى ومَطْرَدَةُ الداء عن الجَسَد أَي أَنها حالةٌ من شأْنها إِبْعادُ الداء أَو مكانٌ يَخْتَصُّ به ويُعْرَفُ، وهي مَفْعَلة من الطَّرْدِ.
والطَّريدُ: الرجل يُولَدُ بعدَ أَخيه فالثاني طَريدُ الأَول؛ يقال: هو طريدُه.
والليل والنهار طَريدان، كلُّ واحد منهما طريد صاحبه؛ قال الشاعر: يُعيدانِ لي ما أَمضيا، وهما معاً طَريدانِ لاَ يَسْتَلْهِيان قَرارِي وبَعِيرٌ مُطَّرِدٌ: وهو المتتابع في سيره ولا يَكْبو؛ قال أَبو النجم: فَعُجْتُ مِنْ مُطَّرِدٍ مَهْديّ وطَرَدْتُ الرجل إِذا نَحَّيْتَهُ.
وأَطْرَدَ الرجلَ: جعله طَريداً ونفاه. ابن شميل: أَطرَدْتُ الرجل جعلته طريداً لا يأْمن.
وطَرَدْتُه: نَحَّيْتُه ثم يَأْمَنُ.
وطَرَدَتِ الكِلابُ الصَّيْدَ طَرْداً: نَحَّتْه وأَرهَقَتْه. قال سيبويه: يقال طَرَدْتُه فذهب، لا مضارع له من لفظه.
والطريدة: ما طَرَدْتَ من صَيْدٍ وغيره. طَرَّادٌ: واسع يَطَّرِدُ فيه السَّرابُ.
ومكان طَرَّادٌ أَي واسعٌ.
وسَطْحُ طَرَّادٌ: مستو واسع؛ ومنه قول العجاج: وكم قَطَعْنا من خِفافٍ حُمْسِ، غُبْرِ الرِّعانِ ورِمالٍ دُهْسِ، وصَحْصَحَانٍ قَذَفٍ كالتُّرْسِ، وعْرٍ، نُسامِيها بِسَيْرٍ وَهْسِ، والوَعْسِ والطَّرَّادِ بَعْدَ الوَعْسِ قوله نُسامِيها أَي نُغالبها. بسَيْرٍ وهْسٍ أَي ذي وَطْءٍ شديد. يقال: وهسه أَي وَطِئَه وَطْأً شديداً يَهِسُه وكذلك وعَسَه؛ وخَرَج فلان يَطْرُد حمر الوحش.
والريح تَطْرُد الحصَى والجَوْلانَ على وجْه الأَرض، وهو عَصْفُها وذَهابُها بِها.
والأَرضُ ذاتُ الآلِ تَطْرُد السَّرابَ طَرْداً؛ قال ذو الرمة: كأَنه، والرَّهاءُ المَرْتُ يَطْرُدُه، أَغراسُ أَزْهَر تحتَ الريح مَنْتوج واطَّرَدَ الشيءُ: تَبِعَ بعضُه بعضاً وجرى.
واطَّرَدَ الأَمرُ: استقامَ.
واطَّرَدَتِ الأَشياءُ إِذا تَبِعَ بعضُها بعضاً.
واطَّرَدَ الكلامُ إِذا تتابَع.
واطَّرَدَ الماءُ إِذا تتابَع سَيَلانُه؛ قال قيس بن الخطيم:أَتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذاهِبِ أَراد بالمَذاهب جلوداً مُذْهَبَةً بخطوط يرى بعضها في إِثر بعض فكأَنها مُتَتابعَة؛ وقولُ الراعي يصف الإِبل واتِّباعَها مواضع القطر: سيكفيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ، كَجَنْدَلِ لُبْنَ، تَطّرِدُ الصِّلالا أَي تَتَتابَعُ إِلى الارَضِين الممطورة لتشرب منها فهي تُسْرِعُ وتَسْتَمرُّ إِليها، وحذَفَ فأَوْصَلَ الفعل وأَعْمَلَه.
والماءُ الطَّرِدُ: الذي تَخُوضه الدوابُّ لأَنها تَطَّرِدُ فيه وتدفعه أَي تتتابع.
وفي حديث قتادة في الرجل يَتَوَضَّأُ بالماءِ الرَّمَلِ والماءِ الطَّرِدِ؛ هو الذي تَخُوضه الدوابُّ.
ورَمْلٌ مُتَطارِد: يَطْرُدُ بعضُه بعضاً ويتبعه؛ قال كثير عزة: ذَكَرتُ ابنَ ليْلى والسَّماحَةَ، بعدَما جَرَى بينَنا مُورُ النَّقَا المُتطَارِد وجَدْوَلٌ مُطَّرِدٌ: سريعُ الجَرْيَة.
والأَنهارُ تطَّرِدُ أَي تَجْري.
وفي حديث الإِسراء: وإِذا نَهْران يَطَّرِدان أَي يَجْرِيان وهما يَفْتَعِلان.
وأَمرٌ مُطَّردٌ: مستقيم على جهته.
وفلان يَمْشي مَشْياً طِراداً أَي مستقيماً.
والمُطارَدَة في القتال: أَن يَطْرُدَ بعضُهم بعضاً.
والفارس يَسْتَطْرِدُ لِيَحْمِلَ عليه قِرْنُه ثم يَكُرُّ عليه، وذلك أَنه يَتَحَيَّزُ في اسْتِطْرادِه إِلى فئته وهو يَنْتَهِزُ الفُرْصة لمطاردته، وقد اسْتَطْرَدَ له وذلك ضَرْب من المَكِيدَة.
وفي الحديث: كنت أُطارِدُ حيَّةً أَي أَخْدَعُها لأَصِيدَها؛ ومنه طِرادُ الصَّيْد.
ومُطارَدَة الأَقران والفُرْسان وطِرادُهم: هو أَن يَحْمِلَ بعضهم على بعض في الحرب وغيرها. يقال: هم فرسان الطِّرادِ.
والمِطْرَدُ: رُمْحٌ قصير تُطْعَنُ به حُمُر الوحش؛ وقال ابن سيده: المِطْرَد، بالكسر، رمح قصير يُطْرَد به، وقيل: يُطْرَد به الوحش.
والطِّرادُ: الرمح القصير لأَن صاحبه يُطارِدُ به. ابن سيده: والمِطْرَدُ من الرمح ما بين الجُبَّةِ والعالية.
والطَّرِيدَةُ: ما طَرَدْتَ من وحش ونحوه.
وفي حديث مجاهد: إِذا كان عند اطِّراد الخيل وعند سَلِّ السيوف أَجزأَ الرجلَ أَن تكون صلاتُهُ تكبيراً. الاضْطِرادُ: هو الطِّرادُ، وهو افتِعالٌ، من طِرادِ الخَيْل، وهو عَدْوُها وتتابعها، فقلبت تاء الافتعال طاء ثم قلبت الطاء الأَصلية ضاداً.
والطَّريدة: قَصَبَة فيها حُزَّة تُوضَع على المَغازِلِ والعُودِ والقِداح فَتُنْحَتُ عليها وتُبْرَى بها؛ قال الشماخُ يصف قوساً: أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها، كما قَوَّمَت ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهامِزُ أَبو الهيثم: الطَّرِيدَةُ السَّفَن وهي قَصَبة تُجَوَّفُ ثم يُغْفَرُ منها مواضع فَيُتَّبَعُ بها جَذْب السَّهْم.
وقال أَبو حنيفة: الطَّرِيدَة قِطْعَةُ عُودٍ صغيرة في هيئة المِيزابِ كأَنها نصف قَصَبة، سَعَتُها بقدر ما يَلزمُ القَوْسَ أَو السَّهْمَ.
والطَّرِيدَةُ: الخِرْقَة الطويلة من الحرير.
وفي حديث مُعاوية: أَنه صَعِدَ المنبر وبيده طَرِيدَةٌ؛ التفسير لابن الأَعرابي حكاه الهرويّ في الغريبين. أَبو عمرو: الجُبَّةُ الخِرْقَة المُدَوَّرَة، وإِن كانت طويلة، فهي الطَّرِيدَة.
ويقال للخِرْقَة التي تُبَلُّ ويُمْسَحُ بها التَّنُّورُ: المِطْرَدَةُ والطَّرِيدَة.
وثَوْبٌ طَرائد، عن اللحياني، أَي خَلَقٌ.
ويوم طَرَّادٌ ومُطَرَّدٌ: كاملٌ مُتَمَّم؛ قال: إِذا القَعُودُ كَرَّ فيها حَفَدَا يَوْماً، جَديداً كُلَّه، مُطَرَّدا ويقال: مَرَّ بنا يومٌ طَرِيدٌ وطَرَّادٌ أَي طويلٌ.
ويومٌ مُطَرَّدٌ أَي طَرَّادٌ؛ قال الجوهري: وقول الشاعر يصف الفرس: وكأَنَّ مُطَّرِدَ النَّسِيم، إِذا جرى بَعْدَ الكَلالِ، خَلِيَّتَا زُنْبُورِ يعني به الأَنْفَ.
والطَّرَدُ: فِراخُ النحلِ، والجمع طُرُود؛ حكاه أَبو حنيفة.
والطَّرِيدَةُ: أَصلُ العِذْق.
والطَّرِيدُ: العُرْجُون.
والطَّرِيدَةُ: بُحَيْرَةٌ من الأَرضِ قلِيلَة العَرْضِ إِنما هي طَريقَة.
والطَّرِيدَةُ: شُقَّةٌ من الثَّوب شُقَّتْ طولاً.
والطَّرِيدَة: الوَسيقَة من الإِبل يُغِيرُ عليها قومٌ فَيَطْرُدُونها؛ وفي الصحاح: وهو ما يُسْرَقُ من الإِبل.
والطَّرِيدَة: الخُطَّة بين العَجْبِ والكاهِلِ؛ قال أَبو خراش: فَهَذَّبَ عنها ما يَلي البَطْنَ، وانْتَحَى طَرِيدَةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ والطَّريدَةُ: لُعْبَةُ الصِّبْيانِ، صِبْيانِ الأَعراب، يقال لها المَاسَّةُ والمَسَّةُ، وليست بِثَبَت؛ وقال الطِّرِمَّاح يَصِفُ جَواري أَدرَكْنَ فَتَرَفَّعْن عن لَعِب الصّغار والأَحداث: قَضَتْ من عَيَافٍ والطَّريدَةِ حاجةً، فهُنَّ إِلى لَهْوِ الحديث خُضُوعُ وأَطْرَدَ المُسابِقُ صاحِبَه: قال له إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا.
وفي الحديثِ: لا بأْسَ بالسِّباق ما لم تُطْرِدْه ويُطْرِدْك. قال الإِطْرادُ أَن تقولَ: إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُكَ فلي عليك كذا. قال ابن بُزُرج: يقال أَطْرِدْ أَخاك في سَبَقٍ أَو قِمارٍ أَو صِراعٍ فإِن ظَفِرَ كان قد قضى ما عليه، وإِلا لَزِمَه الأَوَّلُ والآخِرُ. ابن الأَعرابي: أَطْرَدْنا الغَنَم وأَطْرَدْتُمْ أَي أَرْسَلْنا التُّيوس في الغنم. قال الشافعي: وينبغي للحاكم إِذا شَهِدَ الشهودُ لرجل على آخر أَن يُحْضِرَ الخَصْم، ويَقْرأَ عليه ما شهدوا به عليه، ويُنْسِخَه أَسماءَهم وأَنسابهم ويُطْرِدَه جَرْحَهم فإِن لم يأْتِ به حَكَمَ عليه؛ قال أَبو منصور: معنى قوله يُطْرِدَه جرحهم أَن يقول له: قد عُدِّلَ هؤُلاءِ الشهودُ، فإِن جئتَ بجرحهم وإِلا حَكَمْتُ عليك بما شهدوا به عليك؛ قال: وأَصله من الإِطْرادِ في السِّباق وهو أَن يقول أَحد المتسابقين لصاحبه: إِن سبقْتني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُ فلي عليك كذا، كأَنَّ الحاكم يقول له: إِن جئت بجرح الشُّهودِ وإِلا حكمت عليك بشهادتهم.
وبنو طُرُودٍ: بَطْن وقد سَمَّتْ طَرَّاداً ومُطَرِّداً.