المصادر:  


سبل (لسان العرب) [304]


السَّبيلُ: الطريقُ وما وَضَحَ منه، يُذَكَّر ويؤنث.
وسَبِيلُ الله: طريق الهُدى الذي دعا إِليه.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَرَوْا سَبيلَ الرُّشْد لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ، فأُنِّث.
وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها جائرٌ أَي ومنها سَبيلٌ جائر.
وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند أَسْبُله أَي طُرُقه، وهو جمع قِلَّة للسَّبلِ . . . أكمل المادة إِذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. عز وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في الجهاد؛ وكُلُّ ما أَمَرَ الله به من الخير فهو من سَبيل الله أَي من الطُّرُق إِلى الله، واستعمل السَّبيل في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله في سَبيل الله أُريد به الذي يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبِيل أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسلَك بما سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم. ضَيْعته: جَعَلها في سَبيل الله.
وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقَفْتها عليه. الشيء إِذا أَبَحْته كأَنك جعلت إِليه طَرِيقاً مَطْروقة. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل، والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ، فأُنِّث.
وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها جائرٌ أَي ومنها سَبيل جائر.
وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند أَسْبُله أَي طُرُقُه، وهو جمع قِلَّة للسَّبيلِ إِذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. عز وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في الجهاد؛ وكُلُّ ما ايمَرَ الله به من الخير فهو من سَبيل الله أَي من الطُّرُق إِلى الله، واستعمال السَّبيل في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله في سَبيل الله أُريد به الذي يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبيل أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسْلَك بما سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم. ضَيْعته: جَعَلها في سبيل الله.
وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقَفْتها عليه.
وسَبصلت الشيء إِذا أَبَحَتْه كأَنك جعلت إِليه طَريقاً مَطْروقة. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل، والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا أُطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثْرة الاستعمال كأَنه مقصور عليه، وأَما ابن السَّبيل فهو المسافر الكثير السفر، سُمِّي ابْناً لها لمُلازَمته إِياها.
وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً من حَوالَيْها لأَعْطان الإِبل والغنم، وابن السَّبيل أَوْلى شارب منها أَي عابِرُ السَّبيل المجتازُ بالبئر أَو الماء أَحَقُّ به من المقيم عليه، يُمَكَّن من الوِرْد والشرب ثم يَدَعه للمقيم عليه.
وقوله عز وجل: والغارِمِين وفي سَبيل الله وابن السَّبيل؛ قال ابن سيده: ابنُ السَّبيل ابنُ الطريق، وتأْويله الذي قُطِع عليه الطريقُ، والجمع سُبُلٌ. سابلةٌ: مَسْلوكة.
والسابِلَة: أَبناء السَّبيل المختلفون على الطُّرُقات في حوائجهم، والجمع السوابل؛ قال ابن بري: ابن السبيل الغريب الذي أَتى به الطريقُ؛ قال الراعي: على أَكْوارِهِنَّ بَنُو سَبِيلٍ، قَلِيلٌ نَوْمُهُم إِلاّ غِرَارا وقال آخر: ومَنْسوب إِلى مَنْ لم يَلِدْه، كذاك اللهُ نَزَّل في الكتاب وأَسْبَلَتِ الطريقُ: كَثُرت سابِلَتُها.
وابن السَّبِيل: المسافرُ الذي انْقُطِع به وهو يريد الرجوع إِلى بلده ولا يَجِد ما يَتَبَلَّغ به فَلَه في الصَّدَقات نصيب.
وقال الشافعي: سَهْمُ سَبيل الله في آيةِ الصدقات يُعْطَى منه من أَراد الغَزْو من أَهل الصدقة، فقيراً كان أَو غنيّاً؛ قال: وابن السَّبيل عندي ابن السَّبيل من أَهل الصدقة الاذي يريد البلد غير بلده لأَمر يلزمه، قال: ويُعْطَى الغازي الحَمُولة والسِّلاح والنَّفقة والكِسْوة، ويُعْطَى ابنُ السَّبِيل قدرَ ما يُبَلِّغه البلدَ الذي يريده في نَفَقته وحَمُولته. ابزاره. أَرخاه.
وامرأَة مُسْبِلٌ: أَسْبَلَتْ ذيلها. الفرسُ ذَنِبَه: أَرسله. التهذيب: والفرس يُسْبِل ذَنَبه والمرأَة تُسْبِل ذيلها. يقال: أَسْبَل فلان ثيابه إِذا طوّلها وأَرسلها إِلى الأَرض.
وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة لا يُكَلِّمهم اللهُ يوم القيامة ولا يَنْظُر إِليهم ولا يُزَكِّيهم، قال: قلت ومَنْ هم خابُوا وخَسِرُوا؟ فأَعادها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرات: المُسْبِلُ والمَنّانُ والمُنَفِّقُ سِلْعته بالحَلِف الكاذب؛ قال ابن الأَعرابي وغيره: المُسْبِل الذي يُطَوِّل ثوبه ويُرْسِله إِلى الأَرض إِذا مَشَى وإِنما يفعل ذلك كِبْراً واخْتِيالاً.
وفي حديث المرأَة والمَزَادَتَينِ: سابِلَةٌ رِجْلَيْها بَيْنَ مَزَادَتَينِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والصواب في اللغة مُسْبِلة أَي مُدَلِّيَة رجليها، والرواية سادِلَةٌ أَي مُرْسِلة.
وفي حديث أَبي هريرة: من جَرَّ سَبَلَه من الخُيَلاء لم يَنْظُر الله إِليه يوم القيامة؛ السَّبَل، بالتحريك: الثياب المُسْبَلة كالرَّسَل والنَّشَر في المُرْسَلة والمَنْشورة.
وقيل: إِنها أَغلظ ما يكون من الثياب تُتَّخَذ من مُشاقة الكَتَّان؛ ومنه حديث الحسن: دخلت على الحَجّاج وعليه ثِيابٌ سَبَلةٌ؛ الفراء في قوله تعالى: فَضَلُّوا فلا يستطيعون سَبيلاً؛ قال: لا يستطيعون في أَمرك حِيلة.
وقوله تعالى: لَيْسَ علينا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ؛ كان أَهل الكتاب إِذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض: ليس للأُمِّيِّين يعني العرب حُرْمَة أَهل ديننا وأَموالُهم تَحِلُّ لنا.
وقوله تعالي: يا ليتني اتَّخَذْتُ مع الرسول سَبيلاً؛ أَي سَبَباً ووُصْلة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لجرير: أَفَبَعْدَ مَقْتَلِكُم خَلِيلَ مُحَمَّدٍ، تَرْجُو القُيونُ مع الرَّسُول سَبِيلا؟ أَي سَبَباً ووُصْلَةً. بالتحريك: المَطَر، وقيل: المَطَرُ المُسْبِلُ. أَسْبَلَت السماءُ، وأَسْبَلَ دَمْعَه، وأَسْبَلَ المطرُ والدمعُ إِذا هَطَلا، والاسم السَّبَل، بالتحريك.
وفي حديث رُقَيْقَةَ: فَجادَ بالماء جَوْنيٌّ له سَبَل أَي مطَرٌ جَوْدٌ هاطِلٌ.
وقال أَبو زيد: أَسْبَلت السماءُ إِسْبالاً، والاسم السَّبَلُ، وهو المطر بين السحاب والأَرض حين يَخْرج من السحاب ولم يَصِلْ إِلى الأَرض.
وفي حديث الاستسقاء: اسْقِنا غَيْثاً سابِلاً أَي هاطِلاً غَزِيراً. السحابةُ إِذا أَرْخَتْ عثانِينَها إِلى الأَرض. ابن الأَعرابي: السُّبْلَة المَطْرَة الواسعة، ومثل السَّبَل العَثانِينُ، واحدها عُثْنُون.
والسَّبُولةُ والسُّبولةُ والسُّنْبُلة: الزَّرْعة المائلة. كالسُّنْبُل، وقيل: السَّبَل ما انْبَسَطَ من شَعاع السُّنْبُل، والجمع سُبُول، وقد سَنْبَلَتْ وأَسْبَلَتْ. الليث: السَّبولة هي سُنْبُلة الذُّرَة والأَرُزِّ ونحوه إِذا مالت.
وقد أَسْبَل الزَّرْعُ إِذا سَنْبَل. أَطراف السُّنْبُل، وقيل السَّبَل السُّنْبُل، وقد سَنْبَل الزَّرْعُ أَي خرج سُنْبُلة.
وفي حديث مسروق: لا تُسْلِمْ في قَراحٍ حتى يُسْبِل أَي حتى يُسَنْبِل. السُّنْبُل، والنون زائدة؛ وقول محمد بن هلال البكري: وخَيْلٍ كأَسْراب القَطَا قد وزَعْتُها، لها سَبَلٌ فيه المَنِيَّةُ تَلْمَعُ يعني به الرُّمْح. الرَّجُل: الدائرةُ التي في وسَط الشفة العُلْيا، وقيل: السَّبَلة ما على الشارب من الشعر، وقيل طَرَفه، وقيل هي مُجْتَمَع الشاربَين، وقيل هو ما على الذَّقَن إِلى طَرَف اللحية، وقيل هو مُقَدَّم اللِّحية خاصة، وقيل: هي اللحية كلها بأَسْرها؛ عن ثعلب.
وحكى اللحياني: إِنه لَذُو سَبَلاتٍ، وهو من الواحد الذي فُرِّق فجُعل كل جزء منه سَبَلة، ثم جُمِع على هذا كما قالوا للبعير ذو عَثَانِين كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُثْنُوناً، والجمع سِبَال. التهذيب: والسَّبَلة ما على الشَّفَة العُلْيا من الشعر يجمع الشاربَين وما بينهما، والمرأَة إِذا كان لها هناك شعر قيل امرأَة سَبْلاءُ. الليث: يقال سَبَلٌ سابِلٌ كما يقال شِعْرٌ شاعِرٌ، اشتقوا له اسماً فاعلاً.
وفي الحديث: أَنه كان وافِرَ السَّبَلة؛ قال أَبو منصور: يعني الشعرات التي تحت اللَّحْي الأَسفل، والسَّبَلة عند العرب مُقَدَّم اللحية وما أَسْبَل منها على الصدر؛ يقال للرجل إِذا كان كذلك: رجل أَسْبَلُ ومُسَبَّل إِذا كان طويل اللحية، وقد سُبِّل تَسْبيلاً كأَنه أُعْطِيَ سَبَلة طويلة.
ويقال: جاء فلان وقد نَشَر سَبَلِته إِذا جاءَ يَتَوَعَّد؛ قال الشَّمَّاخ: وجاءت سُلَيْمٌ قَضُّها بقَضِيضِها، تُنَشِّرُ حَوْلي بالبَقِيع سَبالَها ويقال للأَعداء: هم صُهْبُ السِّبال؛ وقال: فظِلالُ السيوف شَيَّبْنَ رأْسي، واعْتِناقي في القوم صُهْبَ السِّبال وقال أَبو زيد: السَّبَلة ما ظهر من مُقَدَّم اللحية بعد العارضَيْن، والعُثْنُون ما بَطَن. الجوهري: السَّبَلة الشارب، والجمع السِّبال؛ قال ذو الرمة: وتَأْبَى السِّبالُ الصُّهْبُ والآنُفُ الحُمْرُ وفي حديث ذي الثُّدَيَّة: عليه شُعَيْراتٌ مثل سَبَالة السِّنَّوْر. البعير: نَحْرُه.
وقيل: السَّبَلة ما سال من وَبَره في مَنْحره. التهذيب: والسَّبَلة المَنْحَرُ من البعير وهي التَّريبة وفيه ثُغْرة النَّحْر. يقال: وَجَأَ بشَفْرَته في سَبَلَتها أَي في مَنْحَرها.
وإِنَّ بَعِيرَك لَحَسنُ السَّبَلة؛ يريدون رِقَّة جِلْده. قال الأَزهري: وقد سمعت أَعرابيّاً يقول لَتَمَ، بالتاء، في سَبَلة بعيره إِذا نَحَرَه فَطَعَن في نحره كأَنها شَعَراتٌ تكون في المَنْحَر.
ورجل سَبَلانيٌّ ومُسْبِلٌ ومُسْبَلٌ ومُسَبِّلٌ وأَسْبَلُ: طويل السَّبَلة. سَبْلاء: طويلة الهُدْب.
ورِيحُ السَّبَل: داءٌ يُصِيب في العين. الجوهري: السَّبَل داءٌ في العين شِبْه غِشاوة كأَنها نَسْج العنكبوت بعروق حُمْر.
ومَلأَ الكأْس إِلى أَسبالِها أَي حروفها كقولك إِلى أَصْبارِها.
ومَلأَ الإِناءَ إِلى سَبَلته أَي إِلى رأْسه.
وأَسْبالُ الدَّلْوِ: شِفاهُها؛ قال باعث بن صُرَيم اليَشْكُري: إِذ أَرْسَلُوني مائحاً بدِلائِهِمْ، فَمَلأْتُها عَلَقاً إِلى أَسْبالِها يقول: بَعَثُوني طالباً لتِراتِهم فأَكْثَرْت من القَتْل، والعَلَقُ الدَّمُ. الذَّكَرُ.
وخُصْية سَبِلةٌ: طويلة. الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: هو السادس وهو المُصْفَح أَيضاً، وفيه ستة فروض، وله غُنْم ستة أَنْصِباء إِن فاز، وعليه غُرْم ستة أَنْصباء إِن لم يَفُزْ، وجمعه المَسابل.
وبنو سَبَالة (* قوله «بنو سبالة» ضبط بالفتح في التكملة، عن ابن دريد، ومثله في القاموس، قال شارحه: وضبطه الحافظ في التبصير بالكسر): قبيلة.
وإِسْبِيلٌ: موضع، قيل هو اسم بلد؛ قال خَلَف الأَحمر: لا أَرضَ إِلاَّ إِسْبِيل، وكلُّ أَرْضٍ تَضْلِيل وقال النمر بن تولب: بإِسْبِيلَ أَلْقَتْ به أُمُّه على رأْس ذي حُبُكٍ أَيْهَما والسُّبَيْلة: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: قَبَحَ الإِلهُ، ولا أُقَبِّح مُسْلِماً، أَهْلَ السُّبَيْلة من بَني حِمَّانا وسَبْلَلٌ: موضع؛ قال صَخْر الغَيِّ: وما انْ صَوْتُ نائحةٍ بلَيْلٍ بسَبْلَل لا تَنامُ مع الهُجود جَعَله اسماً للبُقْعة فَتَرك صَرْفه. من أَسماء ذي الحِجَّة عاديَّة. اسم فرس قديمة. الجوهري: سَبَل اسم فرس نجيب في العرب؛ قال الأَصمعي: هي أُمُّ أَعْوَج وكانت لِغَنيٍّ، وأَعْوَجُ لبني آكل المُرَار، ثم صار لبني هِلال بن عامر؛ وقال: هو الجَوَادُ ابن الجَوَادِ ابنِ سَبَل قال ابن بري: الشعر لجَهْم بن شِبْل؛ قال أَبو زياد الكلابي: وهو من بني كعب بن بكر وكان شاعراً لم يُسْمَع في الجاهلية والإِسلام من بني بكر أَشعرُ منه؛ قال: وقد أَدركته يُرْعَد رأْسه وهو يقول: أَنا الجَوَادُ ابنُ الجَوَاد ابنِ سَبَل، إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِنْ جادُوا وَبَل قال ابن بري: فثبت بهذا أَن سَبَل اسم رجل وليس باسم فرس كما ذكر الجوهري.

سبل (الصّحّاح في اللغة) [221]


السَبَلُ بالتحريك: المطر. أيضاً: السُنْبُلُ.
وقد أَسْبَلَ الزرعُ، أي خرج سُنْبُلُهُ.
وقولُ الشاعر:
لها سَبَلٌ فيه المَنِيَّةُ تَـلْـمَـعُ      وخَيْلٍ كأسرابِ القَطا قد وَزَعْتُها

يعني به الرمحَ. المطرُ والدمعُ، إذا هطل.
وقال أبو زيد: أَسْبَلَتِ السماءُ؛ والاسمُ السَبَلُ، وهو المطر بين السحاب والأرض حينُ يخرجُ من السحاب ولم يصلْ إلى الأرض. إزارَه، أي أرخاه. داءٌ في العين شِبه غِشاوةٍ كأنَّها نسج العنكبوت بعروقٍ حمرٍ.
والسَبيلُ: الطريق، يذكر ويؤنث. قال الله تعالى: "قُلْ هذه سَبِيلي". فأنّث.
وقال: "وإنْ يَرَوْا سَبيلَ الرُشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبيلاً" فذكّر. ضيعتَه، أي جعلَها في سَبيلِ الله.
وقوله تعالى: "يا لَيْتَني اتَّخَذْتُ مَعَ . . . أكمل المادة الرَّسُول سَبيلاً" أي سبباً ووُصْلَةً.
وأنشد أبو عبيدة لجَرير:
يرجو القيونُ مع الرسول سَبيلاَ      أَفَبَعْدَ مَقْتِلَكُمْ خَلـيلَ مـحـمـدٍ

أي سبباً ووُصْلَةً.
والسابِلَةُ: أبناءُ السَبيلَ المختلفةُ في الطُرقات.
وأَسْبالُ الدلوِ: شِفاهُها. قال الشاعر:
فملاتها عَلْقاً إلى أَسْبالِها      إذ أرسلوني مائِحاً بِدَلائِهِمْ

يقول: بعثوني طالباً لِتَراتِهمْ فأكثرتُ من القتل.
والعَلَقُ: الدمُ. السادسُ من سهام الميسر، وهو المُصْفَحُ أيضاً. الشاربُ؛ والجمع السِبالُ.

س ب ل (المصباح المنير) [219]


 السَّبِيلُ: الطريق ويذكر ويؤنث كما تقدم في الزقاق، قال ابن السكيت: والجمع على التأنيث "سُبُولٌ" كما قالوا عنوق، وعلى التذكير "سُبُلٌ" و "سُبْلٌ" وقيل للمسافر: ابن السبيل؛ لتلبسه به قالوا: والمراد بابن السبيل في الآية من انقطع عن ماله، و "السَّبِيلُ" السبب ومنه قوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} أي سبباً ووصلة، و "السَّابِلَةُ" الجماعة المختلفة في الطرقات في حوائجهم، و "سَبَّلْتُ" الثمرة بالتشديد جعلتها في "سُبُلِ" الخير وأنواع البرّ. و "سُنْبُلُ" الزرع فنعل بضم الفاء والعين الواحدة "سُنْبُلَةٌ" و "السَّبَلُ" مثله الواحدة "سَبَلَةٌ" مثل قصب وقصبة و "سَنْبَلَ" الزرع أخرج "سُنْبُلَهُ" و "أَسْبَلَ" بالألف أخرج "سَبَلَهُ" و "أَسْبَلَ" الرجل الماء صبه و "أَسْبَلَ" الستر أرخاه. 

ب - س - ل (جمهرة اللغة) [220]


والسَّبَلَة، سَبَلَة الرجل: معروفة فمن العرب من يجعلها طرف اللحية فيقولون: رجل أسْبَلُ وسَبَلاني، إذا كان طويل اللحية، ومنهم من يجعل السَّبَلَة ما أسْبَلَ من شعر الشارب في اللحية. والرجل الأسبل: ذو السَّبَلَة. وامرأة سَبْلاء، إذا كان لها شَعَر في موضع شاربها. ويقال: لَتَبَ في سَبَل الناقة، إذا طعن في ثُغْرة نَحْرِها لينحرَها. وأسبلت السترَ إسبالاً، إذا أرخيته. وأسبلَ الرجلُ إزارَه، إذا أرخاه من الخُيَلاء. قال الشاعر: فاشرَبْ هنيئاً عليك التاجُ مرتفقاً ... في رأس غُمْدانَ داراً منك مِحلالا واشرَبْ هنيئاً فقد شالت نَعامتُهم ... واسْبِلَ اليومَ في . . . أكمل المادة بُردَيكَ إسبالا والسَّبيل: معروف، تذكر وتؤنَّث، والجمع سُبُل، وهي الطرُق. والسابلة هم الذين يسلكون السبُل. وبنو سبالة: قبيلة من العرب. وأسبل الزرعُ وسَنْبَلَ، إذا صار فيه السنْبُل. وإسْبِيل: موضع معروف. وسلبتُ الرجلَ وغيرَه أسلُبه سَلَباً، وقالوا سَلْباً، فهو سَليب ومسلوب. وقال قوم من أهل اللغة: السَّلْب مصدر، والسَّلَب ما يؤخذ من المسلوب. والسلَبَة: خيط يُشَدّ على خَطم البعير دون الخِطام. والسِّلاب: الثياب السود تلبسها النساء في المأتم. يقال: تَسَلَّبَ النساءُ، إذا فعلنَ ذلك. قال الراجز: في السُّلُب السود وفي الأمساحِ والمرأة مُسلَبة. ورجل سَلِب، أي طويل، وكذلك الرمح إذا كان طويلاً. وناقة سَلوب، إذا فقدت ولدها بنحر أو بموت. قال: والجمع السلائب. وأنف فلان في أُسْلوب، إذا كان متكبراً. قال الراجز: يا عَجَباً للعَجَبِ العجيبِ إن بني قِلابةَ القَلُّوبِ أنوفُهم مِلْفَخْرِ في أسْلُوبِ وشَعَرُ الأستاهِ بالجَبُوب الجَبوب: وجه الأرض الغليظ. والأسلوب: الطريق، والجمع أساليب. ويقال: أخذ فلان فى أساليبَ من القول، أي فنونٍ منه. ولَبِست الثوبَ ألبَسه لُبْساً. وثوب لبيس: قد لبس فأخلق. واللَبوس من كل شيء: ما لبسته من ثوب أو غيره. واللبوس: ما تحصَّنت به من درع أو غيرها، وكذلك فُسِّر في التنزيل: " وعلَمناه صَنْعَةَ لَبوس لكم " ، والله أعلم. ولَبَستُ الأمر على فلان ألبِسه لَبْساً ولبَّسته تلبيساً، إذا عمَّيته عليه. وكذلك فُسِّر في التنزيل: " ولَلَبَسْنا عليهم ما يَلْبِسون " . وفي أمر فلان لُبسَة، أي ليس بواضح. ويقال: لابستُ الرجلَ ملابسةً، إذا عرفت دِخْلته. والمَلابس جمع مَلْبَس. وفي فلان مَلْبَس، إذا كان فيه مستمتَع. قال الشاعر: ألا إنّ بَعْدَ الفقر للمرء قِنْوَةً ... وبعد المَشيب طولَ عُمْر ومَلْبَسا ولَسِبتُ العسلَ ألسَبه لَسْباً، إذا لَعِقْتَه. ولَسَبَتْه العقربُ تلسِبه لسباً، إذا لسعته.

سبل (مقاييس اللغة) [217]



السين والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على إرسال شيءٍ من عُلو إلى سُفل، وعلى امتداد شيء.فالأوّل من قِيلِكَ: أسبلتُ السِّتْرَ، وأسبلَتِ السَّحابةُ ماءَها وبمائِها. المطر الجَوْد.
وسِبال الإنسان من هذا، لأنّه شعر منسدل.
وقولهم لأعالي الدَّلو أسبْال، من هذا، كأنَّها شُبِّهَت بالذي ذكرناه من الإنسان. قال:
إِذْ أرسَلوني ماتحاً بدلائهمْ      فملأْتُها عَلَقَاً إلى أسبالِها

والممتدُّ طولاً: السّبيل، وهو الطَّريق، سمِّي بذلك لامتداده.
والسَّابلة: المختلِفَةُ في السُّبُل جائيةً وذاهبة.
وسمِّي السُّنْبُل سُنْبُلا لامتداده. يقال أَسبَلَ الزّرعُ، إذا خَرَج سُنبله. قال أبو عبيد: سَبَلُ الزَّرعِ وسُنْبُلُه سواء.
وقد سَبَلَ وأَسْبَلَ.

سبل (المعجم الوسيط) [50]


 الشَّيْء أَبَاحَهُ وَجعله فِي سَبِيل الله 

السَّبيلُ (القاموس المحيط) [23]


السَّبيلُ والسَّبيلَةُ: الطَّريقُ، وما وَضَحَ منه، ويُؤَنَّثُ،
ج: ككُتُبٍ،
و{على اللهِ قَصْدُ السَّبيلِ}: اسمُ جِنْسٍ لقولهِ {ومنها جائِرٌ}.
و{أنْفقوا في سَبيل الله}، أي: الجِهادِ، وكلِّ ما أمَرَ الله به من الخَيْرِ، واسْتِعْمالُهُ في الجِهادِ أكثَرُ.
وابنُ السَّبيلِ: ابنُ الطَّريقِ، أَي: الذي قُطِعَ عليه الطَّريقُ.
والسابِلَةُ من الطُّرُقِ: المَسْلوكَةُ، والقومُ المُخْتَلِفَةُ عليها.
وأَسْبَلَتِ الطَّريقُ: كثُرَتْ سابِلَتُها،
و~ الإِزارَ: أرْخاهُ،
و~ الدَّمْعَ: أرْسَلَهُ،
و~ السماءُ: أمْطَرَتْ.
والسَّبولَةُ، ويُضَمُّ،
والسَّبَلَةُ، محرَّكةً،
والسُّنْبُلَةُ، بالضم: الزَّرْعَةُ المائِلَةُ.
والسَّبَلُ، محرَّكةً: المَطَرُ، والأَنْفُ، والسَّبُّ والشَّتْمُ، والسُّنْبُلُ، وغِشاوَةُ العَيْنِ من . . . أكمل المادة انْتِفاخِ عُروقِها الظاهِرَةِ في سَطْحِ المُلْتَحِمَةِ، وظُهورُ انْتِساجِ شيءٍ فيما بينهما كالدُّخانِ.
والسَّبَلَةُ، محرَّكةً: الدائِرةُ في وَسَطِ الشَّفَةِ العُلْيا، أو ما على الشارِبِ منَ الشَّعَرِ، أو طَرَفُهُ، أَو مُجْتَمَعُ الشارِبَيْنِ، أَو ما على الذَّقَنِ إلى طَرَفِ اللِحْيَةِ كُلِّها، أو مُقَدَّمُها خاصَّةً،
ج: سِبالٌ، وما سالَ من وبَرِ البَعيرِ في مَنْحَرِه.
وجَرَّ سَبَلَتَه: ثِيابَهُ.
وذُو السَّبَلَةِ: خالدُ بنُ عَوْفِ بنِ نَضْلَةَ من رُؤسائِهِم.
وبَعيرٌ حَسَنُ السَّبَلَةِ، أَي: رِقَّةِ جِلْدِهِ.
وكتَبَ في سَبَلَةِ الناقَةِ: طَعَنَ في ثُغْرَةِ نَحْرِها.
ونَشَرَ سَبَلَتَه، أَي: جاءَ مُتَوَعِّداً.
ورجُلٌ سَبَلانِيٌّ، محرَّكةً، وكمُحْسِنٍ ومُكْرَمِ ومحدِّثٍ ومُعَظَّمٍ وأحمدَ: طَويلُ السَّبَلَةِ. وعيْنٌ سَبْلاءُ: طَويلَةُ الهُدْبِ.
ومَلأَهَا إلى أسْبالِها، أي: حُروفها وشِفاهِها.
وكمُحْسِنٍ: الذَّكَرُ، والضَّبُّ، والسادِسُ أَو الخامِسُ منِ قداحِ المَيْسِرِ، واسمُ ذِي الحِجَّةِ.
وكمُعَظَّمٍ: الشيخُ السَّمِجُ.
وخُصْيَةٌ سَبِبَةٌ، كفرِحةٍ: طويلَةٌ.
وبنُو سَبالَة: قبيلةٌ.
والسُّبْلَةُ، بالضم: المَطَرَةُ الواسِعةُ.
وإِسْبِيلٌ، كإِزْمِيلٍ: د.
وككتابٍ: ع بين البَصْرَةِ والمدينةِ.
وكجَبَلٍ: ع قُرْبَ اليمامةِ، وفرسٌ، وابنُ العَجْلانِ: صحابيٌّ طائِفيٌّ، ووالِدُ هُبَيْرَةَ المُحَدِّثِ، أَو هو بالشينِ.
وذو السَّبَلِ بنُ حَدَقَةَ بنِ بَطَّةَ.
وسَبَلٌ من رِماحٍ: طائفةٌ منها، قليلةٌ أو كثيرةٌ.
وسَبْلَلٌ: ع.
وسَبَّلَهُ تَسْبيلاً: جعله في سبيلِ اللهِ تعالى.
وذو السِّبالِ، ككِتابٍ: سعدُ بنُ صُفَيْحٍ، خالُ أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه.
وكشَدَّادٍ: جَدُّ والِدِ أزْدادِ بنِ جَميلِ ابن موسى المُحَدِّثِ.
سَلْسَبيلُ: عَيْنٌ في الجنةِ، مَعْرفَةٌ، زِيدَتِ الألِفُ في الآيةِ للازْدِواجِ، وسيأتي.
وبنُو سُبَيلَةَ، كجُهَيْنَةَ: قبيلةٌ.
وسَبَلانُ، محرَّكةً: جَبَلٌ، ولَقَبُ المُحدِّثِينَ سالِمٍ مولى مالِكِ بنِ أوسٍ، وإبراهيمَ ابنِ زِيادٍ، وخالِدِ بنِ عبدِ اللهِ، وأبي عبدِ اللهِ شَيخِ خالدِ ابنِ دِهْقانَ.
وأسْبَلَ عليه: أكثَرَ كلامَهُ عليه،
و~ الدَّمْعُ، والمطرُ: هَطَلاَ،
و~ السماءُ: أمطرتْ،
و~ إِزارَهُ: أرخاهُ،
و~ الزَّرْعُ: خَرَجَتْ سُبولَتُه.

السبلة (المعجم الوسيط) [17]


 سبلة الزَّرْع سنبله وسبلة الرجل الدائرة الَّتِي فِي وسط شفته الْعليا وطرف الشَّارِب من الشّعْر ومقدم اللِّحْيَة وسبلة الْإِنَاء رَأسه يُقَال ملأَهُ إِلَى سبلته وجر فلَان سبلته ثِيَابه المسبلة وَجَاء وَقد نشر سبلته جَاءَ متوعدا وَهُوَ أصهب السبلة عَدو وهم صهب السبال (ج) سبال 

أسبلت (المعجم الوسيط) [9]


 الطَّرِيق كثرت سابلتها وَالزَّرْع خرج سبله وَالسَّمَاء أمْطرت وَالْعين سَالَ دمعها وَعَلِيهِ أَكثر كَلَامه وَالشَّيْء أرْسلهُ وأرخاه يُقَال أسبل الثَّوْب وأسبل السّتْر وأسبل الْفرس ذَنبه 

ديم (لسان العرب) [10]


الديمةُ: المطر الذي ليس فيه رَعْد ولا برق، أقله ثلث النهار أو ثلث الليل، وأَكثره ما بلغ من العِدَّة، والجمع دِيَمٌ؛ قال لبيد: باتَتْ وأَسْبَلَ والِفٌ من دَيمَةٍ تَرْوي الخَمائِلَ، دائماً تَسْجامُها ثم يُشَبَّه به غيره.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، وسئلت عن عمل سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعبادته فقالت: كان عملُه دِيمةً؛ الدِّيمةُ المطر الدائم في سكون، شَبَّهَتْ عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر الدائم، قال: وأَصله الواو فانقلبت ياء للكسرة قبلها.
وفي حديث حُذَيْفَةَ: وذكر الفتن فقال إنها لآتِيَتُكُم دِيَماً دِيَماً أي أنها تملأُ الأرض في دَوامٍ، ودِيَمٌ جمع دِيَمةِ المطر، وقد . . . أكمل المادة دَيَّمَت السماءُ تَدْيِيماً؛ قال جَهْم بن سَبَلٍ يمدح رجلاً بالسَّخاء: أنا الجَواد ابن الجَواد ابن سَبَلْ، إن دَيَّمُوا جادَ، وإن جادوا وَبَل (* قوله «أنا الجواد ابن الجواد إلخ» قد تقدم في المادة قبل هذه هو الجواد.
وكذلك الجوهري أورده في مادة سبل وقال: ان سبلاً فيه اسم فرس، وقد تقدم للمؤلف هناك عن ابن بري ان الشعر لجهم بن سبل وأن ابا زياد الكلابي ادركه يرعد رأسه وهو يقول: أنا الجواد إلخ اهـ. فظهر من هذا ان سبلاً ليس اسم فرس بل اسم لوالد جهم القائل هذا الشعر يمدح به نفسه لا رجلاً آخر).
والدَّيامِيمُ: المفاوِزُ.
ومفازة دَيْمومَةٌ أي دائمة البعد.
وفي حديث جُهَيْشِ بن أَوْس: ودَيْمومَةٍ سَرْدَحٍ؛ هي الصحراء البعيدة، وهي فَعْلُولة من الدَّوامِ، أَي بعيدة الأرْجاء يَدُومُ السير فيها، وياؤها منقلبة عن واو، وقيل: هي فَيْعُولة من دَمَمْتُ القدر إذا طليتها بالرماد أي أنها مشتبهة لا عَلَمَ بها لسالكها.
وحكى أبو حنيفة عن الفراء: ما زالت السماء دَيْماً دَيْماً أي دائمة المطر، قال: وأَراها معاقبة لمكان الخفة، فإذا كان هذا لم يُعْتَدّ به في الياء، وقد روي: دامَتِ السماء تَديمُ مطرت دِيمةً، فإن صح هذا الفعل اعتد به في الياء.
وأَرض مَديمةٌ ومُدَيَّمةٌ: أصابتها الدِّيمةُ، وقد ذكر في دوم؛ قال ابن مقبل: رَبيبةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ رَخاخَ الثَّرى، والأُقحُوانَ المُدَيَّما وقال كراع: اسْتَدامَ الرجل إذا طأْطأَ رأْسه يَقْطُرُ منه الدم، مقلوب عن اسْتَدْمى.

الأسبل (المعجم الوسيط) [7]


 الطَّوِيل السبلة (ج) سبل 

انسدل (المعجم الوسيط) [6]


 أرْخى وأسبل 

اعتذب (المعجم الوسيط) [5]


 فلَان أسبل لعمامته عذبتين من خلفهَا 

سنبل (المعجم الوسيط) [5]


 الزَّرْع أخرج سنبله وثوبه أسبله وجر لَهُ ذيلا من خَلفه 

المختتئة (المعجم الوسيط) [5]


 يُقَال مفازة مختتئة طَوِيلَة وَاسِعَة لَا يسمع فِيهَا صَوت وَلَا يهتدى فِيهَا للسبل 

السبلاء (المعجم الوسيط) [5]


 من النِّسَاء مَا كَانَ لَهَا شعر على شفتها الْعليا وَمن الْعُيُون الطَّوِيلَة الهدب (ج) سبل 

تراخوما (المعجم الوسيط) [5]


 الرمد الحبيبي مرض معد يُصِيب الملتحمة والقرنية يميزه التهاب واحمرار الجريبات والسبل (مج) 

السديل (المعجم الوسيط) [5]


 مَا أسبل على الهودج وَشَيْء يعرض فِي شقَّه الخباء أَو هُوَ ستر حجلة الْمَرْأَة (ج) أسدال وسدل وسدائل 

السَّبِيل (المعجم الوسيط) [6]


 الطَّرِيق وَمَا وضح مِنْهُ (يذكر وَيُؤَنث) وَالسَّبَب والوصلة وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَقُول يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا} وَالْحِيلَة (ج) سبل وأسبلة وسبيل الله الْجِهَاد وَالْحج وَطلب الْعلم وكل مَا أَمر الله بِهِ من الْخَيْر واستعماله فِي الْجِهَاد أَكثر والحرج يُقَال لَيْسَ عَليّ فِي كَذَا سَبِيل وَالْحجّة يُقَال لَيْسَ لَك عَليّ سَبِيل وَابْن السَّبِيل الْمُسَافِر الْمُنْقَطع بِهِ وَهُوَ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى بَلَده وَلَا يجد مَا يتبلغ بِهِ 

الذلول (المعجم الوسيط) [5]


 السهل الانقياد وَيُقَال ركبُوا كل صَعب وَذَلُول فِي أَمرهم اتَّخذُوا كل سَبِيل وَالطَّرِيق الممهد وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فاسلكي سبل رَبك ذللا} 

أغدف (المعجم الوسيط) [5]


 اللَّيْل أرْخى ستوره وَالْبَحْر اعتكرت أمواجه والخاتن استأصل الغرلة وَالْمَرْأَة قناعها أَرْسلتهُ على وَجههَا والصياد الشبكة على الصَّيْد أسبلها عَلَيْهِ 

الْوَارِدَة (المعجم الوسيط) [5]


 الْقَوْم يردون المَاء والجادة وأرنبة وَارِدَة مقبلة على السبلة وشفة وَارِدَة ولثة وَارِدَة مسترسلتان وشجرة وَارِدَة الأ غصان تدلت أَغْصَانهَا 

السبل (المعجم الوسيط) [5]


 الْمَطَر الهاطل والسنبل وداء فِي الْعين شبه غشاوة كَأَنَّهَا نسج العنكبوت بعروق حمر والمسبل من الثِّيَاب 

لتب (مقاييس اللغة) [5]



اللام والتاء والباء كلمةٌ تدلُّ على ملازمةٍ ومخالطة. يقولون: لتَبَ ثوبَه: لَبِسه.
واللاتِب: المُلازِم للشَّيء لا يفارقُه.
ويقولون: لَتَبَ في سَبلَةِ الناقة، إذا وجأ.

دغرق (المعجم الوسيط) [4]


 المَاء دفقه وصبه صبا شَدِيدا يُقَال دغرق عَلَيْهِ المَاء وَيُقَال دغرق مَاله أنفقهُ فِي سرف وتبذير وَالْمَاء كدره يُقَال دغرقت قدمه المَاء أَو دغرق التخويض المَاء وَالشَّيْء أسبل السّتْر عَلَيْهِ 

الوترة (المعجم الوسيط) [4]


 من كل شَيْء مَا اسْتَدَارَ من حُرُوفه ومجرى السهْم من الْقوس الْعَرَبيَّة وغريضيف فِي أَعلَى الْأذن وَمَا بَين كل إِصْبَعَيْنِ وجليدة بَين السبابَة والإبهام وعصبة تَحت اللِّسَان وَمَا بَين الأرنبة والسبلة وحجاب مَا بَين المنخرين وعصبة بَين أَسْفَل الْفَخْذ وَبَين الصفن (ج) وتر ووترات 

بوب (مقاييس اللغة) [4]



الباء والواو والباء أصلٌ واحد، وهو قولك تَبَوَّبْتُ بَوَّاباً، أي اتَّخَذْتَ بَوَّاباً والباب أصلُ ألفهِ واوٌ، فانقلبت ألفاً. فأمَّا البَوْبَاةُ فمكانٌ، وهو أوّلُ ما يَبدُو من قَرْنٍ إلى الطَّائف. قال المتلمّس:
لن تسلكي سْبُلَ البَوْباةِ مُنجِدةً      ما عِشْت عَمْرُو وَما عُمِّرْتَ قابوسُ

تمن (لسان العرب) [4]


تَيْمَن: اسمُ موضع؛ قال عبدة بن الطبيب: سَمَوْتُ له بالرَّكْبِ، حتى وجَدْتُه بتَيْمَنَ يَبْكِيه الحمامُ المُغَرِّدُ وترَكَ صرفه لما عنى به البُقْعة.
وفي حديث سالمٍ سَبَلانَ قال: سمعت عائشة، رضي الله تعالى عنها، وهي بمكان من تَمَنِّ بسفْح هرْشى، بفتح التاء والميم وكسر النون المشددة، اسم ثنِيّة هَرْشى بين مكة والمدينة.

الهيشر (المعجم الوسيط) [4]


 الرخو الطَّوِيل من الرِّجَال وعشب معمر شائك من الفصيلة المركبة ينْبت فِي مصر وبلاد الْبَحْر الْمُتَوَسّط يسمو إِلَى مَا بَين ثَلَاثِينَ وَمِائَة سنتيمتر سَاقه رخوة ذَات أخاديد طولية وأوراقه مشرفة الحافة سطحها السفلي شائك مزغب والعلوي أملس وأزهاره كَثِيرَة لَوْنهَا أَزْرَق لَهَا كأس زغبية وَالثَّمَرَة سبلة تشبه حب القرطم (مج) 

ختأ (العباب الزاخر) [4]


مَفازة مُختتئة: لا يُسمع فيها صوت ولا يُهتدى فيها للسبل. واخْتَتأْتُ من فلان: أي اخْتَتأْتُ منه واسْتَترْت خوفا أو حياء، وأنشد الأخفش لعمرو بن الطفيل:
وإني إذا أوْعَدْتُـه أو وَعَـدْتُـه      لَمُخْلِفُ ايعادي ومُنْجِزُ مَوْعِدي


قال: إنما ترك همزة ضرورة. أبو عبيد: اخْتَتَأْتُ له: إذا خَتَلْتَه. الليث: إذا تغير لون الرجل من مخافة شيء نحو السلطان وغيره فقد اخْتَتَأَ.

الثُّجْرَةُ (القاموس المحيط) [3]


الثُّجْرَةُ، بالضم: الوَهْدَةُ من الأرضِ، ومُعْظَمُ الوادِي، ومُجْتَمَعُ أعْلَى الحَشا، أو وسَطُهُ، وما حَوْلَ الثُّغْرَةِ،
و~ من البَعيرِ: السَّبَلَةُ، والقِطْعَةُ المُتَفَرِّقَةُ من النَّباتِ وغيرِهِ.
وثَجَرَ التَّمْرَ: خَلَطَهُ بثَجِيرِ البُسْرِ، أي: ثُفْلِهِ.
والأَثْجَرُ: الغَليظُ العَريضُ،
كالثَّجْرِ والثَّجِرِ، والسَّهْمُ الغَليظُ الأَصْلِ القصيرُ.
والتَّثْجيرُ: التَّوْسيعُ والتَّعْريضُ.
وثَجْرٌ: ماءٌ قُرْبَ نَجْرانَ، أو بينَ وادِي القُرَى والشامِ.
والثُّجَرُ، كصُرَدٍ: جماعاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وسِهامٌ غِلاظُ الأُصولِ عِراضٌ.
وانْثَجَرَ: انْفَجَرَ،
و~ الماءُ: فاضَ كثيراً.
وخَيْزُرانٌ مُثَجَّرٌ، كمُعَظَّمٍ: ذُو أنابيبَ.
ومَثْجورُ بنُ غَيْلانَ: مَهْجُوُّ جريرٍ.
وفي لحْمِهِ تَثْجيرٌ: رَخاوَةٌ.

فتح (المعجم الوسيط) [3]


 بَين الْخَصْمَيْنِ فتحا قضى وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ} وَعَلِيهِ هداه وأرشده يُقَال فتح على الْقَارئ لقنه مَا نَسيَه فقرأه وهيأ لَهُ سبل الْخَيْر والمغلق أَزَال إغلاقه يُقَال فتح الْبَاب والصندوق والقفل وَيُقَال فتح الْكتاب نشر طيه وَفتح الطَّرِيق هيأه وَأذن بالمرور فِيهِ وَفتح الجلسة بَدَأَ عَملهَا وَفتح فِي الميزانية اعْتِمَادًا خصص مبلغا من المَال للصرف مِنْهُ على عمل معِين (وَهَذِه الْمعَانِي الثَّلَاثَة مولدة) وَفتح لفُلَان قلبه اطْمَأَن إِلَيْهِ وباح لَهُ بسره والبلد غلب عَلَيْهِ وتملكه وَالله قلبه لِلْأَمْرِ شَرحه لَهُ 

فلسط (لسان العرب) [3]


فِلَسْطِين: اسم موضع، وقيل: فِلَسْطُون، وقيل: فِلَسْطِين اسم كُورة بالشام. ابن الأَثير: فِلَسْطين، بكسر الفاء وفتح اللام، الكُورة المعروفة فيما بين الأُرْدُنّ وديار مصر وأُمّ بلادها بيت المقدس، صانها اللّه تعالى، التهذيب: نونها زائدة وتقول: مررنا بفِلَسْطين وهذه فِلَسْطون. قال أَبو منصور: وإِذا نسبوا إِلى فِلَسْطين قالوا فِلَسْطِيّ؛ قال: تَقُلْه فِلَسْطِيّاً إِذا ذُقْتَ طَعْمَهُ وقال ابن هَرْمة: كَأْسٌ فِلَسْطِيَّةٌ مُعَتَّقةٌ، شُجَّتْ بماءٍ من مُزْنة السَّبَل وفِلَسْطين: بلد ذكرها الجوهري في ترجمة طين؛ قال ابن بري: حقها أَن تذكر في فصل الفاء من باب الطاء لقولهم فِلَسْطون.

نهج (الصّحّاح في اللغة) [3]


النَهْجُ: الطريق الواضح.
وكذلك المَنْهَجُ والمِنْهاجُ.
وأَنْهَجَ الطريقُ، أي استبانَ وصار نَهْجاً واضحاً بَيِّناً. قال يزيد بن الحذَّاق العبديّ:
سُبُلُ المَسالِكِ والهُدى تُـعْـدي      ولقد أضاءَ لك الطريقُ وأَنْهَجَتْ

أي تُعين وتقوِّي.
ونَهَجْتُ الطريق، إذا أَبَنْتَهُ وأوْضحته. يقال: اعْمَلْ على ما نَهَجْتُهُ لك.
ونَهَجْتُ الطريق أيضاً: إذا سلكته.
وفلان يَسْتَنْهِجُ سَبيلَ فلان، أي يسلك مسلكَهُ.
والنَهَجُ بالتحريك: البهْر وتتابعُ النَفَس.
وقد نَهِجَ بالكسر يَنْهَجُ. يقال: فلان يَنْهَجُ في النَفَس فما أدري ما أَنْهَجَهُ.
وفي الحديث أنَّه رأى رجلاً يَنْهَجُ، أي يَرْبو من السِمَنِ ويَلْهَثُ.
ونَهَجْتُ الدابَّة: سِرْتُ عليها حتَّى انْبَهَرَتْ.
وأَنْهَجَ الثوبُ، إذا أخذ في البِلى. قال عبدُ بني الحَسْحاسِ:
إلى الحَوْلِ حتَّى أَنْهَجَ الثوبُ باليا      فما زالَ بُرْدي . . . أكمل المادة طَيِّباً من ثِيابِـهـا

شأب (لسان العرب) [3]


الشَّـآبِـيبُ مِن الـمَطر: الدُّفعاتُ.
وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مثله. ابن سيده: الشُّـؤْبُوبُ: الدُّفْعةُ من المطر وغيره.
وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر أَهاضيبِه ودُفَعَ شَآبيبِه؛ الشَّـآبيبُ: جمع شُـؤْبُوبٍ، وهو الدُّفْعةُ من الـمَطر وغيره. أَبو زيد: الشُّـؤْبُوبُ: المطر يُصيبُ المكان ويُخْطئُ الآخر، ومثله النَّجوُ والنَّجاءُ.
وشُـؤْبُوبُ كُل شيءٍ: حَدُّه، والجمع الشَّـآبِـيب؛ قال كعب بن زُهير، يذكر الـحِمار والأُتُن: إِذا ما انتحاهُنَّ شُـؤْبُوبُه، * رأَيْتَ، لجاعِرَتَيه، غُضونا شُؤْبُوبه: دُفْعَتُه. يقول: إِذا عَدا واشتَدَّ عَدوُه، رأَيتَ لجاعِرَتَيْهِ تَكَسُّراً.
ولا يقال للـمَطر شُـؤْبُوبٌ إِلا وفيه بَرَدٌ.
ويقال للجارية: إِنها لَـحَسنة شآبيب الوجه، وهو أَول ما يَظْهَر من حُسْنِها، في عين النّاظر إِليها. التهذيب في . . . أكمل المادة ترجمة غفر: قالت الغَنويَّةُ ما سالَ من الـمُغْفُر، فبَقِـيَ شبه الخُيُوطِ، بين الشَّجَرِ والأَرض، يقال له شآبِـيب الصَّمْغِ؛ وأَنشدت: كأَنَّ سَبْلَ مَرْغِه الـمُلعْلعِ، * شُـؤْبُوبُ صَمْغٍ، طَلْحُه لم يُقْطعِ

شَرِبَ (القاموس المحيط) [4]


شَرِبَ، كَسَمِعَ، شَرْباً، ويُثَلَّثُ، ومَشْرَباً وتَشْراباً: جَرَعَ، وأشْرَبْتُهُ أنا، أو الشَّرْبُ: مَصْدَرٌ، وبالضم والكسر: اسْمانِ، وبالفتح: القَوْمُ يَشْرَبونَ،
كالشُّروبِ، وبالكسر: الماءُ،
كالمَشْرَبِ، والحَظُّ مِنْهُ، والمَوْرِدُ، ووقْتُ الشُّرْبِ.
والشَّرابُ: ما يُشْرَبُ،
كالشَّريبِ والشَّروبِ، أو هُما الماءُ دونَ العَذْبِ.
وأَشْرَبَ: سَقَى، وعَطِشَ، ورَوِيَتْ إبِلُهُ، وعَطِشَتْ، ضِدُّ، وحانَ أَنْ تَشْرَبَ،
و~ اللَّوْنَ: أَشْبَعَهُ.
والشَّريبُ: مَنْ يَسْتَقي أو يُسْقَى مَعَكَ، ومَنْ يُشارِبُكَ.
وكَسِكِّيتٍ: المُولَعُ بالشَّرابِ.
والشَّارِبَةُ: القَوْمُ يَسْكنونَ على ضَفَّةِ النَّهْرِ.
والشَّرْبَةُ: النَّخْلَةُ تَنْبُتُ مِنَ النَّوَى، وبالضم: حُمْرَةٌ في الوَجْهِ،
و ع، ويُفْتَحُ، ومِقْدارُ الرِّيِّ مِنَ الماءِ كالحُسْوَةِ.
وكَهُمَزَةٍ: الكَثيرُ الشُّرْبِ،
كالشَّروبِ والشَّرَابِ، وبالتَّحْريكِ: كَثْرَةُ الشُّرْبِ، والحُوَيْضُ حَوْلَ النَّخْلَةِ يَسَعُ رِيَّها، وكُرْدُ الدَّبْرَةِ، والعَطَش، . . . أكمل المادة وشِدَّةُ الحَرِّ.
والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ في الحَلْقِ، ومَجَارِي الماءِ في العُنقِ، وما سالَ على الفَمِ مِنَ الشَّعَرِ، وما طال مِنْ ناحِيَة السَّبَلَةِ، أو السَّبَلَةُ كُلُّها شارِبٌ.
وأُشْرِبَ فُلانٌ حُبَّ فُلانٍ: خالَطَ قَلْبَهُ.
وتَشَرَّبَ: سَرَى،
و~ الثَّوْبُ العَرَقَ: نَشِفَهُ.
واسْتَشْرَبَ لَوْنُهُ: اشْتَدَّ.
والمَشْرَبَةُ، وتُضَمُّ الرَّاءُ: أرضٌ لَيِّنَةٌ دائِمَةُ النَّباتِ،
والغُرْفَةُ، والعِلِّيَّةُ، والصُّفَّةُ، والمَشْرَعَةُ.
وكَمِكْنَسَةٍ: الإِناءُ يُشْرَبُ فيه.
والشَّروبُ: التي تَشْتَهِي الفَحْلَ.
وتَشْريبُ القِرْبَةِ: تَطْييبُها بالطِينِ.
وشَرِبَ به، كَسَمِعَ،
وأُشْرِبَ به: كَذَبَ عليه.
وأشْرَبَ إبِلَهُ: جَعَلَ لِكُلِّ جَمَلٍ قَريناً،
و~ الخَيْلَ: جَعَلَ الحِبال في أعْناقِها،
و~ فُلاناً الحَبْلَ: جَعَلَهُ في عُنُقِهِ.
واشْرَأَبَّ إليه: مَدَّ عُنُقَهُ لِيَنْظُرَ، أو ارْتَفَعَ، والاسْمُ: الشُّرَأْبيبَةُ، كالطُّمَأْنينَةِ.
والشَّرَبَّةُ، كَجَرَبَّةٍ، ولا ثالِثَ لَهُما: الأرضُ المُعْشِبَةُ لا شَجَرَ بِها،
و ع، والطَّريقَةُ.
وشَرَبَ، كَنَصَرَ: فَهِمَ، وكَفَرِحَ: عَطِشَ،
وشَرِبَ أيضاً: ضَعُفَ بَعيرُهُ، أو عَطِشَتْ إبِلُهُ، ورَوِيَتْ، ضِدُّ.
وشِرْبٌ، بالكسرِ: ع، وبالفتحِ: ع بقُرْبِ مَكَّةَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تعالى.
وشَرِيبٌ: د بَيْنَ مَكَّةَ والبَحْرَيْنِ، وجَبَلٌ نَجْدِيُّ.
وشَوْرَبانُ: ة بِكِشَ.
وشَرِبٌ، كَكَتِفٍ،
وشُرَيْبٌ وشُرْبُبٌ (وشُرْبُبَةٌ) وشُرْبوبٌ وشُرْبَةٌ، بِضَمِّهِنَّ: مَواضِعُ.
والشارِبُ: الخَوَرُ والضَّعْفُ في الحَيَوانِ.
والشَّارِبانِ: أنفانِ طَويلانِ في أسْفَلِ قائِمِ السَّيْفِ.
و"أشْرَبْتَنِي ما لَمْ أشْرَبْ": ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أفْعَلْ.
وذُو الشَّوَيْرب: شاعِرٌ.
والشُّرْبُبُ، كَقُنْفُذٍ: الغَمْلِيُّ مِنَ النَّباتِ.

ذلل (لسان العرب) [4]


الذُّلُّ: نقيض العِزِّ، ذلَّ يذِلُّ ذُلاًّ وذِلَّة وذَلالة ومَذَلَّة، فهو ذلِيل بَيِّن الذُّلِّ والمَذَلَّة من قوم أَذِلاّء وأَذِلَّة وذِلال؛ قال عمرو بن قَمِيئة: وشاعر قومٍ أُولي بِغْضة قَمَعْتُ، فصاروا لثاماً ذِلالا وأَذَلَّه هو وأَذَلَّ الرجلُ: صار أَصحابه أَذِلاَّءَ.
وأَذَلَّه: وجده ذَلِيلاً.
واسْتَذَلُّوه: رأَوه ذَلِيلاً، ويُجْمَع الذَّلِيل من الناس أَذِلَّة وذُلاَّناً.
والذُّلُّ: الخِسَّة.
وأَذَلَّه واسْتَذَلَّه كله بمعنى واحد.
وتَذَلَّل له أَي خَضَعَ.
وفي أَسماء الله تعالى: المُذِلُّ؛ هو الذي يُلْحِق الذُّلَّ بمن يشاء من عباده وينفي عنه أَنواع العز جميعها.
واسْتَذَلَّ البعيرَ الصَّعْبَ: نَزع القُراد عنه ليستلذَّ فيأْنس به ويَذِلّ؛ وإِياه عَنى الحُطَيئة بقوله: لَعَمْرُك ما قُراد بني قُرَيْع، إِذا نُزِع القُرادُ، بمستطاع وقوله أَنشده ابن . . . أكمل المادة الأَعرابي: ليَهْنِئْ تُرَاثي لامرئٍ غير ذِلَّةٍ، صَنَابِرُ أُحْدانٌ لهُنَّ حَفِيف أَراد غير ذَلِيل أَو غير ذي ذِلَّة، ورفع صَنَابر على البدل من تُرَاث.
وفي التنزيل العزيز: سَيَنالهم غَضَبٌ من ربهم وذِلَّة في الحياة الدنيا؛ قيل: الذِّلَّة ما أُمِروا به من قتل أَنفسهم، وقيل: الذِّلَّة أَخذ الجزية؛ قال الزجاج: الجزية لم تقع في الذين عبدوا العِجْل لأَن الله تعالى تاب عليهم بقتل أَنفسهم.
وذُلٌّ ذَلِيل: إِما أَن يكون على المبالغة، وإِما أَن يكون في معنى مُذِلّ؛ أَنشد سيبويه لكعب بن مالك: لقد لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ ما سآها، وحَلَّ بدارهم ذُلٌّ ذَلِيل والذِّلُّ، بالكسر: اللِّين وهو ضد الصعوبة.
والذُّلُّ والذِّلُّ: ضد الصعوبة. ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاًّ وذِلاًّ، فهو ذَلُولٌ، يكون في الإِنسان والدابة؛ وأَنشد ثعلب: وما يَكُ من عُسْرى ويُسْرى، فإِنَّني ذَلولٌ بحاجِ المُعْتَفِينَ، أَرِيبُ عَلَّق ذَلُولاً بالباء لأَنه في معنى رَفِيق ورؤُوف، والجمع ذُلُلٌ وأَذِلَّة.
ودابة ذَلُولٌ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، وقد ذَلَّله. الكسائي. فرس ذَلُول بيِّن الذِّلِّ، ورجل ذَلِيلٌ بيِّنُ الذِّلَّةِ والذُّلِّ، ودابة ذَلولٌ بيِّنة الذُّلِّ من دواب ذُلُل.
وفي حديث ابن الزبير: بعض الذُّلِّ أَبْقَى للأَهل والمال؛ معناه أَن الرجل إِذا أَصابته خُطَّة ضَيْم يناله فيها ذُلٌّ فصبَر عليها كان أَبْقَى له ولأَهله وماله، فإِذا لم يصبر ومَرَّ فيها طالباً للعز غَرَّر بنفسه وأَهله وماله، وربما كان ذلك سبباً لهلاكه.
وعَيْرُ المَذَلَّة: الوتِدُ لأَنه يُشَجُّ رأْسه؛ وقوله: ساقَيْتُهُ كأْسَ الرَّدَى بأَسِنَّة ذُلُلٍ، مُؤَلَّلة الشِّفار، حِدَاد إِنما أَراد مُذَلّلة بالإِحداد أَي قد أُدِقَّت وأُرِقَّت؛ وقوله أَنشده ثعلب: وذَلَّ أَعْلى الحَوْض من لِطَامها أَراد أَن أَعلاه تَثَلَّم وتهدَّم فكأَنه ذَلَّ وقَلَّ.
وفي الحديث: اللهم اسْقِنا ذُلُل السحاب؛ هو الذي لا رعد فيه ولا بَرْق، وهو جمع ذَلُول من الذِّلّ، بالكسر، ضد الصعب؛ ومنه حديث ذي القرنين: أَنه خُيِّر في ركوبه بين ذُلُل السحاب وصِعابه فاختار ذُلُله.
والذُّلُّ والذِّلُّ: الرِّفْقُ والرحمة.
وفي التنزيل العزيز: واخْفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرحمة.
وفي التنزيل العزيز في صفة المؤمنين: أَذِلَّة على المؤْمنين أَعِزَّة على الكافرين؛ قال ابن الأَعرابي فيما روى عنه أَبو العباس: معنى قوله أَذِلَّة على المؤمنين رُحَماء رُفَقاء على المؤمنين، أَعِزَّة على الكافرين غِلاظ شِداد على الكافرين؛ وقال الزجاج: معنى أَذِلَّة على المؤمنين أَي جانبهم لَيِّنٌ على المؤمنين ليس أَنهم أَذِلاَّء مُهانون، وقوله أَعِزَّة على الكافرين أَي جانبهم غليظ على الكافرين.
وقوله عز وجل: وذُلِّلَت قُطوفُها تَذْليلاً، أَي سُوَّيت عناقيدها وذُلِّيَت، وقيل: هذا كقوله: قطوفها دانية، كلما أَرادوا أَن يَقْطِفُوا شيئاً منها ذُلِّل ذلك لهم فدَنا منهم، قُعوداً كانوا أَو مضطجعين أَو قياماً، قال أَبو منصور: وتذليل العُذُوق في الدنيا أَنها إِذا انشقَّت عنها كَوَافيرها التي تُغَطِّيها يَعْمِد الآبِر إِليها فيُسَمِّحُها ويُيَسِّرها حتى يُذلِّلها خارجة من بين ظُهْران الجريد والسُّلاَّء، فيسهل قِطافها عند يَنْعها؛ وقال الأَصمعي في قول امرئ القيس: وكَشْحٍ لَطِيف كالجَدِيل مُخَصَّرٍ، وساقٍ كأُنْبوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّل قال: أَراد ساقاً كأُنبوب بَرْديٍّ بين هذا النخل المُذَلَّل، قال: وإِذا كان أَيام الثمرة أَلَحَّ الناس على النخل بالسَّقْي فهو حينئذ سَقِيٌّ، قال: وذلك أَنعم للنخيل وأَجْوَد للثمرة.
وقال أَبو عبيدة: السَّقِيُّ الذي يسقيه الماء من غير أَن يُتَكلَّف له السقي. قال شمر: وسأَلت ابن الأَعرابي عن المُذلَّل فقال: ذُلِّلَ طريقُ الماء إِليه، قال أَبو منصور: وقيل أَراد بالسَّقِيِّ العُنْقُر، وهو أَصل البَرْدِيِّ الرَّخْص الأَبيض، وهو كأَصل القَصَب؛ وقال العَجّاج: على خَبَنْدَى قَصَب ممكور، كعُنْقُرات الحائر المسكور وطريق مُذَلَّل إِذا كان مَوْطُوءاً سَهْلاً.
وذِلُّ الطريق: ما وُطْئَ منه وسُهِّل.
وطريق ذَلِيلٌ من طُرُق ذُلُل، وقوله تعالى: فاسْلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً؛ فسره ثعلب فقال: يكون الطريق ذَليلاً وتكون هي ذَلِيلة؛ وقال الفراء: ذُلُلاً نعت السُّبُل، يقال: سبيل ذَلُولٌ وسُبُل ذُلُلٌ، ويقال: إِن الذُّلُل من صفات النحل أَي ذُلِّلت ليخرج الشراب من بطونها.
وذُلِّل الكَرْمُ: دُلِّيت عناقيده. قال أَبو حنيفة: التدْليل تسوية عناقيد الكرْم وتَدْلِيتها، والتذْليل أَيضاً أَن يوضع العِذْق على الجريدة لتحمله؛ قال امرؤ القيس: وساق كأُنبوب السَّقِيِّ المُذَلَّل وفي الحديث: كم من عِذْق مُذَلَّل لأَبي الدَّحْداح؛ تذليل العُذوق تقدم شرحه، وإِن كانت العين (* قوله «وإن كانت العين» أي من واحد العذوق وهو عذق) مفتوحة فهي النخلة، وتذليلها تسهيل اجتناء ثمرتها وإِدْناؤها من قاطفها.
وفي الحديث: تتركون المدينة على خير ما كانت عليه مُذَلَّلة لا يغشاها إِلاَّ العوافي، أَي ثمارها دانية سهلة التناول مُخَلاَّة غير مَحْمِيَّة ولا ممنوعة على أَحسن أَحوالها، وقيل أَراد أَن المدينة تكون مُخَلاَّة أَي خالية من السكان لا يغشاها إِلاَّ الوحوش.
وأُمور الله جارية على أَذلالها، وجارية أَذلالَها أَي مَجاريها وطرقها، واحدها ذِلٌّ؛ قالت الخنساء: لتَجْرِ المَنِيَّةُ بعد الفتى الـ ـمُغادَر بالمَحْو أَذْلالَها أَي لتَجْر على أَذلالها فلست آسى على شيءٍ بعده. قال ابن بري: الأَذلال المَسالك.
ودَعْه على أَذْلاله أَي على حاله، لا واحد له.
ويقال: أَجْرِ الأُمور على أَذلالها أَي على أَحوالها التي تَصْلُح عليها وتَسْهُل وتَتَيسر. الجوهري: وقولهم جاءَ على أَذلاله أَي على وجهه.
وفي حديث عبدالله: ما من شيءٍ من كتاب الله إِلاَّ وقد جاءَ على أَذلاله أَي على وجوهه وطرُقه؛ قال ابن الأَثير: هو جمع ذِلٍّ، بالكسر. يقال: ركبوا ذِلَّ الطريق وهو ما مُهِّد منه وذُلِّل.
وفي خُطبة زياد: إِذا رأَيتموني أُنْفِذ فيكم الأَمرَ فأَنْفِذُوه على أَذلالِه.
ويقال: حائط ذَلِيل أَي قصير.
وبيت ذَلِيلٌ إِذا كان قريب السَّمْك من الأَرض.
ورمح ذَلِيل أَي قصير.
وذَلَّت القوافي للشاعر إِذا سَهُلت.
وذَلاذِلُ القميص: ما يَلي الأَرض من أَسافله، الواحد ذُلذُلٌ مثل قُمْقُم وقَماقِم؛ قال الزَّفَيانُ يَنْعَت ضِرْغامة: إِنَّ لنا ضِرْغامةً جُنادِلا، مُشَمِّراً قد رَفَع الذَّلاذِلا، وكان يَوْماً قَمْطَرِيراً باسِلا وفي حديث أَبي ذرّ: يَخرج من ثَدْيِهِ يَتَذَلْذَل أَي يَضْطرِب مِن ذَلاذِل الثوب وهي أَسافله، وأَكثر الروايات يتزلزل، بالزاي.
والذُّلْذُلُ والذِّلْذِل والذِّلْذِلةُ والذُّلَذِلُ والذُّلَذِلةُ، كله: أَسافل القميص الطويل إِذا ناسَ فأَخْلَق.
والذَّلَذِلُ: مقصور عن الذَّلاذِل الذي هو جمع ذلك كله، وهي الذّناذِنُ، واحدها ذُنْذُنٌ.

قهم (لسان العرب) [3]


القَهِمُ: القليل الأَكل من مرض أَو غيره.
وقد أَقْهَمَ عن الطعام وأَقْهى أي أَمْسَكَ وصارلا يشتهيه، وقَهِيَ لبعض بني أَسد.
وحكى ابن الأَعرابي: أَقْهَمَ عن الشراب والماء تركه.
ويقال للقليل الطُّعْم: قد أَقْهَى وأَقْهَمَ.
وقال أَبو زيد في نوادره: المُقْهِمُ الذي لا يَطْعَمُ من مرض أَو غيره، وقيل: الذي لا يشتهي الطعام من مرض أَو غيره.
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَقْهَمَ فلان إلى الطعام إقْهاماً إذا اشتهاه، وأَقْهَمَ عن الطعام إذا لم يَشتَهه؛ وأَنشد في الشهوة: وهْو إلى الزّادِ شَدِيدُ الإقْهامُ وأَقْهَمتِ الإبل عن الماء إذا لم تُرده؛ وأَنشد لجَهْم ابن سَبَل: ولو أَنّ لُؤْمَ ابْنَيْ سُلَيمانَ في الغَضى أَو الصِّلِّيانِ، . . . أكمل المادة لم تَذُقْه الأَباعِرُ أَو الحَمْضِ لاقْوَرَّتْ، أَو الماءِ أَقْهَمَتْ عن الماء، حِمْضِيَّاتُهُنَّ الكَناعِرُ قال الأَزهري: من جعل الإقْهام شهوة ذهب به إلى الهَقِمِ، وهو الجائع، ثم قلبه فقال قَهِم، ثم بَنى الإقْهام منه.
وقال أَبو حنيفة: أَقْهَمَت الحُمُر عن اليبيس إذا تركته بعد فِقدان الرَّطْب، وأَقهَمَ الرجلُ عنك إذا كَرِهَك، وأقهَمَت السماءُ إذا انقَشَعَ الغَيمُ عنها.

المِرْطُ (القاموس المحيط) [3]


المِرْطُ، بالكسر: كساءٌ من صُوفٍ أو خَزٍّ
ج: مُرُوطٌ، وبالفتح: نَتْفُ الشَعَرِ.
والمُراطة، كثُمامةٍ: ما سَقَطَ في التَّسْريحِ أو النَّتْفِ.
ومَرَطَ: أسْرَعَ، وجَمَعَ،
و~ بسَلْحِه: رَمَى،
و~ بولَدِها: رَمَتْ.
والأَمْرَطُ: الخفيفُ شَعَرِ الجَسَدِ والحاجبِ والعَيْنِ عَمَشًا
ج: مُرْطٌ، بالضم وكعِنَبةٍ، وقد مَرِطَ، كفرِحَ، والذئْبُ المُنْتَتِفُ الشَّعَرِ، واللِّصُّ،
و~ من السِّهام: ما لا رِيشَ عليه،
كالمَريطِ، كأَميرٍ وكتابٍ وعُنقٍ
ج: أمْراطٌ.
ومِراطٌ، ككتابٍ وكأَميرٍ: ما بينَ الثُّنَّةِ وأمِّ القِرْدانِ من الرُّسْغِ، وعِرْقانِ في الجَسَدِ وهُما مَريطانِ.
وكزُبَيْرٍ: ع، وجَدٌّ لهاشِمِ بنِ حَرْمَلَةَ.
وكجَمَزَى: ضَرْبٌ من العَدْوِ.
والمُرَيْطاءُ، . . . أكمل المادة كالغُبَيْراءِ: ما بين السُّرَّةِ أو الصَّدْرِ إلى العانَةِ، أو جِلْدَةٌ رَقيقَةٌ بينهُما، أو عِرْقانِ يَعْتَمِدُ عليهما الصائِحُ، وما عَرِيَ من الشَّفَةِ السُّفْلَى والسَّبَلَةِ فَوْقَ ذلك، وما اكْتَنَفَ العَنْفَقَةَ من جانِبَيْها،
كالمِرْطاوانِ، بالكسر، والإِبْطُ، وبالقَصْر: اللَّهاةُ.
وأمْرَطَت النَّخْلَةُ: سَقَطَ بُسْرُها، وهي مُمْرِطٌ،
ومُعْتادَتُها: مِمْراطٌ،
و~ الناقةُ: أسْرَعَتْ، وتَقَدَّمَتْ، وهي مُمْرِطٌ ومِمْراطٌ،
و~ الشَّعَرُ: حانَ له أن يُمْرَطَ.
ومَرَّطَ الثوبَ تَمْريطًا: قَصَّرَ كُمَّيْهِ فجَعَلَه مِرْطًا،
و~ الشَّعَرَ: نَتَفَه.
وامتَرَطَهُ: اخْتَلَسَه، أو جَمَعَه.
وتَمَرَّطَ الشَّعَرُ وامَّرَطَ، كافْتَعَلَ: تَساقَطَ، وتَحاتَّ.
ومارَطَه: مَرَّطَ شَعَرَهُ، وخَدَشَه.

جثر (لسان العرب) [2]


ورَقٌ جِثْرٌ: واسع.
وثَجَّرَ الشيءَ (* قوله: «وثجر الشيء إلخ» من هنا إلى قوله ومكان جثر حقه أن يذكر في ثجر بل ذكر معظمه هناك).
وَسَّعَه.
وانثَجر الماء: صار كثيراً.
وانْثَجَر الدَّمُ: خرج دُفعَاً، وقيل: انْثَجَر كانْفَجَر؛ عن ابن الأَعرابي، فإِما أَن يكون ذهب إِلى تسويتهما في المعنى فقط، وإِما أَن يكون أَراد أَنهما سواء في المعنى، وأَن الثاء مع ذلك بدل من الفاء.
وثُجْرَةُ الوادي: حيث يتفرق الماء ويتسع، وهو معظمه.
وثُجْرَةُ الإِنسان وغيره: وسَطُه، وقيل: مُجْتَمَعُ أَعلى جسده، وقيل: هي اللَّبَّةُ وهي من البعير السَّبَلَةُ. أَثْجَرُ: عريض واسع الجَرْحِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لهذلي وذكر رجلاً احتمى بنبله: وأَحْصَنَه ثُجْرُ الظُّبَاتِ . . . أكمل المادة كأَنَّها، إِذا لم يُغَيِّبْها الجَفِيرُ، جَحِيمُ وقيل: سهامٌ ثُجْرٌ غِلاظ الأُصول قصار.
والثُجْرَة: القِطْعَةُ المتفرِّقة من النبات.
والثَّجِيرُ: ثُفْلُ عصير العنب والتمر، وقيل: هو ثفل التمر وقشر العنب إِذا عصر.
وثَجَر التمرَ: خلطه بِثَجِير البُسْرِ.
وثَجْرٌ: موضع قريب من نجْرانَ؛ من تذكرة أَبي علي، وأَنشد: هَيْهَاتَ، حَتَّى غَدَوْا مِنْ ثَجْر، مَنْهَلُهم حِسْيٌ بِنَجْرانَ، صاحَ الدِّيكُ فاحْتَملُوا جعله اسماً للبقعة فترك صرفه.
ومكان جَثْرٌ: فيه ترابٌ يخالطه سَبَخٌ.

حبس (لسان العرب) [3]


حَبَسَه يَحْبِسُه حَبْساً، فهو مَحْبُوس وحَبِيسٌ، واحْتَبَسَه وحَبَّسَه: أَمسكه عن وجهه.
والحَبْسُ: ضدّ التخلية.
واحْتَبَسَه واحْتَبَسَ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى.
وتَحَبَّسَ على كذا أَي حَبَس نفسه على ذلك.
والحُبْسة، بالضم: الاسم من الاحْتِباس. يقال: الصَّمْتُ حُبْسَة. سيبويه: حَبَسَه ضبطه واحْتَبَسَه اتخذه حَبيساً، وقيل: احْتِباسك إِياه اختصاصُك نَفْسَكَ به؛ تقول: احْتَبَسْتُ الشيء إِذا اختصصته لنفسك خاصة.والحَبْسُ والمَحْبَسَةُ والمَحْبِسُ: اسم الموضع.
وقال بعضهم: المَحْبِسُ يكون مصدراً كالحَبْس، ونظيره قوله تعالى: إِلى اللَّه مَرْجِعُكم؛ أَي رُجُوعكم؛ ويسأَلونك عن المَحِيضِ؛ أَي الحَيْضِ؛ ومثله ما أَنشده سيبويه للراعي: بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فوقَ مَزَلَّةٍ، لا يَسْتَطِيعُ بها القُرادُ مَقِيلا أَي قَيْلُولة. قال ابن سيده: وليس هذا بمطرد إنما يقتصر منه . . . أكمل المادة على ما سمع. قال سيبويه: المَحْبِسُ على قياسهم الموضع الذي يُحْبَس فيه، والمَحْبَس المصدر. الليث: المَحْبِسُ يكون سجناً ويكون فِعْلاً كالحبس.
وإِبل مُحْبَسَة: داجِنَة كأَنها قد حُبِسَتْ عن الرَّعْي.
وفي حديث طَهْفَةَ: لا يُحْبَسُ دَرُّكُم أَي لا تُحْبَسُ ذواتُ الدَّرِّ، وهو اللبن، عن المَرْعَى بحَشْرِها وسَوْقِها إِلى المُصَدِّقِ ليأْخذ ما عليها من الزكاة لما في ذلك من الإِضرار بها.
وفي حديث الحُدَيبِية: حَبَسها حابِسُ الفيل؛ هو فيل أَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ الذي جاء يقصد خراب الكعبة فَحَبَس اللَّه الفيلَ فلم يدخل الحرم ورَدَّ رأْسَه راجعاً من حيث جاء، يعني أَن اللَّه حبس ناقة رسوله لما وصل إِلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم لأَنه أَراد أَن يدخل مكة بالمسلمين.
وفي حديث الحجاج: إِن الإِبل ضُمُر حُبْسٌ ما جُشِّمَتْ جَشِمَتْ؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه الزمخشري وقال: الحُبُسُ جمع حابس من حَبَسَه إِذا أَخره، أَي أَنها صوابر على العطش تؤخر الشُّرْبَ، والرواية بالخاء والنون.
والمَِحْبَسُ: مَعْلَفُ الدابة.
والمِحْبَسُ: المِقْرَمَةُ يعني السِّتْرَ، وقد حَبَسَ الفِراشَ بالمِحْبَس، وهي المِقْرَمَةُ التي تبسط علة وجه الفِراشِ للنوم.
وفي النوادر: جعلني اللَّه رَبيطَةً لكذا وحَبِيسَة أَي تذهب فتفعل الشيء وأُوخَذُ به.
وزِقٌّ حابِسٌ: مُمْسِك للماء، وتسمى مَصْنَعَة الماءِ حابِساً، والحُبُسُ، بالضم: ما وُقِفَ.
وحَبَّسَ الفَرَسَ في سبيل اللَّه وأَحْبَسَه، فهو مُحَبَّسٌ وحَبيسٌ، والأُنثى حَبِيسَة، والجمع حَبائس؛ قال ذو الرمة: سِبَحْلاً أَبا شِرْخَيْنِ أَحْيا بَنانِه مَقالِيتُها، فهي اللُّبابُ الحَبائِسُ وفي الحديث: ذلك حَبيسٌ في سبيل اللَّه؛ أَي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد، والحَبِيسُ فعيل بمعنى مفعول.
وكل ما حُبِسَ بوجه من الوجوه حَبيسٌ. الليث: الحَبيسُ الفرس يجعل حَبِيساً في سبيل اللَّه يُغْزى عليه. الأَزهري: والحُبُسُ جمع الحَبِيس يقع على كل شيء، وقفه صاحبه وقفاً محرّماً لا يورث ولا يباع من أَرض ونخل وكرم ومُسْتَغَلٍّ، يُحَبَّسُ أَصله وقفاً مؤبداً وتُسَبَّلُ ثمرته تقرباً إِلى اللَّه عز وجل، كما قال النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لعمر في نخل له أَراد أَن يتقرب بصدقته إِلى اللَّه عز وجل فقال له: حَبِّسِ الأَصلَ وسَبِّل الثمرة؛ أَي اجعله وقفاً حُبُساً، ومعنى تحبيسه أَن لا يورث ولا يباع ولا يوهب ولكن يترك أَصله ويجعل ثمره في سُبُلِ الخير، وأَما ما روي عن شُرَيْح أَنه قال: جاءَ محمد، صلى اللَّه عليه وسلم، بإِطلاق الحُبْس فإِنما أَراد بها الحُبُسُ، هو جمع حَبِيسٍ، وهو بضم الباء، وأَراد بها ما كان أَهل الجاهلية يَحْبِسُونه من السوائب والبحائر والحوامي وما أَشبهها، فنزل القرآن بإِحلال ما كانوا يحرّمون منها وإِطلاق ما حَبَّسوا بغير أَمر اللَّه منها. قال ابن الأَثير: وهو في كتاب الهروي باسكان الباء لأَنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف، فإِن صح فيكون قد خفف الضمة، كما قالوا في جمع رغيف رُغْفٌ، بالسكون، والأَصل الضم، أَو أَنه أَراد به الواحد. قال الأَزهري: وأَما الحُبُسُ التي وردت السنَّة بتحبيس أَصلها وتسبيل ثمرها فهي جارية على ما سَنَّها المصطفى، صلى اللَّه عليه وسلم، وعلى ما أَمر به عمر، رضي اللَّه عنه، فيها.
وفي حديث الزكاة: أَن خالداً جَعَلَ رَقِيقَه وأَعْتُدَه حُبُساً في سبيل اللَّه؛ أَي وقفاً على المجاهدين وغيرهم. يقال: حَبَسْتُ أَحْبِسُ حَبْساً وأَحْبَسْتُ أُحْبِسُ إِحْباساً أَي وقفت، والاسم الحُبس، بالضم؛ والأَعْتُدُ: جمع العَتادِ، وهو ما أَعَدَّه الإِنسان من آلة الحرب، وقد تقدم.
وفي حديث ابن عباس: لما نزلت آية الفرائض قال النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: لا حُبْسَ بعد سورة النساء، أَي لا يُوقَف مال ولا يُزْوَى عن وارثه، إِشارة إِلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حَبْس مال الميت ونسائه، كانوا إِذا كرهوا النساء لقبح أَو قلة مال حبسوهن عن الأَزواج لأَن أَولياء الميت كانوا أَولى بهن عندهم. قال ابن الأَثير: وقوله لا حبس، يجوز بفتح الحاء على المصدر ويضمها على الاسم.
والحِبْسُ: كلُّ ما سدَّ به مَجْرى الوادي في أَيّ موضع حُبِسَ؛ وقيل: الحِبْس حجارة أَو خشب تبنى في مجرى الماء لتحبسه كي يشرب القومُ ويَسقوا أَموالَهُم، والجمع أَحْباس، سمي الماء به حِبْساً كما يقال له نِهْيٌ؛ قال أَبو زرعة التيمي: من كَعْثَبٍ مُسْتَوْفِز المَجَسِّ، رَابٍ مُنِيفٍ مثلِ عَرْضِ التُّرْسِ فَشِمْتُ فيها كعَمُود الحِبْسِ، أَمْعَسُها يا صاحٍ، أَيَّ مَعْسِ حتى شَفَيْتُ نَفْسَها من نَفْسي، تلك سُلَيْمَى، فاعْلَمَنَّ، عِرْسِي الكَعْثَبُ: الرَّكَبُ.
والمَعْسُ: النكاح مثل مَعْسِ الأَديم إِذا دبغ ودُلِكَ دَلْكاً شديداً فذلك مَعْسُه.
وفي الحديث: أَنه سأَل أَين حِبْسُ سَيَل فإِنه يوشك أَن يخرج منه نار تضيء منها أَعناق الإِبل ببصري؛ هو من ذلك.
وقيل: هو فلُوقٌ في الحَرَّة يجتمع فيها ماء لو وردت عليه أُمَّة لوسعهم.
وحِبْسُ سَيَل: اسم موضع بِحَرَّةِ بني سليم، بينها وبين السَّوارِقيَّة مسيرة يوم، وقيل: حُبْسُ سَيَل، بضم الحاء، الموضع المذكور.والحُباسَة والحِباسَة كالحِبْس؛ أَبو عمرو: الحَِبْس مثل المَصْنَعة يجعل للماء، وجمعه أَحْباسٌ.
والحِبْس: الماء المستنقع، قال الليث: شيء يحبس به الماء نحو الحُِباسِ في المَزْرَفَة يُحْبَس به فُضول الماء، والحُباسة في كلام العرب: المَزْرَفَة، وهي الحُِباسات في الأَرض قد أَحاطت بالدَّبْرَةِ، وهي المَشارَةُ يحبس فيها الماء حتى تمتلئَ ثم يُساق الماء إِلى غيرها. ابن الأَعرابي: الحَبْسُ الشجاعة، والحِبْسُ، بالكسر (* قوله «والحبس بالكسر» حكى المجد فتح الحاء أَيضاً)، حجارة تكون في فُوْهَة النهر تمنع طُغْيانَ الماءِ.
والحِبْسُ: نِطاق الهَوْدَج.
والحِبْسُ: المِقْرَمَة.
والحِبْسُ: سوار من فضة يجعل في وسط القِرامِ، وهو سِتْرٌ يُجْمَعُ به ليُضِيء البيت.
وكَلأٌ حابسٌ: كثير يَحْبِسُ المالَ.
والحُبْسَة والاحْتِباس في الكلام: التوقف.
وتحَبَّسَ في الكلام: توقَّفَ. قال المبرد في باب علل اللسان: الحُبْسَةُ تعذر الكلام عند إِرادته، والعُقْلَة التواء اللسان عند إِرادة الكلام. ابن الأَعرابي: يكون الجبل خَوْعاً أَي أَبيض ويكون فيه بُقْعَة سوداء، ويكون الجبلُ حَبْساً أَي أَسودَ ويكون فيه بقعة بيضاء.
وفي حديث الفتح: أَنه بعث أَبا عبيدة على الحُبْسِ؛ قال القُتَيبي: هم الرَّجَّالة، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان وتأَخرهم؛ قال: وأَحْسِبُ الواحد حَبيساً، فعيل بمعنى مفعول، ويجوز أَن يكون حابساً كأَنه يَحْبِسُ من يسير من الرُّكبان بمسيره. قال ابن الأَثير: وأَكثر ما يروى الحُبَّس، بتشديد الباء وفتحها، فإِن صحت الرواية فلا يكون واحدها إِلا حابساً كشاهد وشُهَّد، قال: وأَما حَبيس فلا يعرف في جمع فَعِيل فُعَّلٌ، وإِنما يعرف فيه فُعُل كنَذِير ونُذُر، وقال الزمخشري: الحُبُسُ، بضم الباء والتخفيف، الرَّجَّالة، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببُطْءِ مشيهم، كأَنه جمع حَبُوس، أَو لأَنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم كأَنه جمع حَبِيسٍ؛ الأَزهري: وقول العجاج: حَتْف الحِمام والنُّحُوسَ النُّحْسا التي لا يدري كيف يتجه لها.
وحابَسَ الناسُ الأُمُورَ الحُبَّسا أَراد: وحابَسَ الناسَ الحُبَّسُ الأُمورُ، فقلبه ونصبه، ومثله كثير.
وقد سمت حابِساً وحَبِيساً، والحَبْسُ: موضع.
وفي الحديث ذكر ذات حَبِيس، بفتح الحاء وكسر الباء، وهو موضع بمكة.
وحَبِيس أَيضاً: موضع بالرَّقَّة به قبور شهداء صِفِّينَ.
وحابِسٌ: اسم أَبي الأَقرع التميمي.

عثل (لسان العرب) [2]


العَثَلُ والعَثِلُ: الكثير من كل شيء؛ قال الأَعْشَى: إِنِّي لَعَمْرُ الذي حَطَّتْ مَناسِمُها تَهْوِي، وسِيقَ إِليه الباقِرُ العَثَلُ وقد عَثِلَ عَثَلاً.
والعِثْوَلُّ من الرجال: الجافي الغليظُ.
والعِثْوَلُّ والعَثَوْثَلُ: الكثيرُ اللحم الرِّخْوُ.
ونَخْلة عَثُولٌ: جافيةٌ غليظةٌ.
ورَجُلٌ عِثْوَلٌّ أَي عَيٌّ فَدْمٌ ثَقِيلٌ مُسْتَرْخٍ مثل القِثْوَلِّ؛ وأَنشد ابن بري للراجز: هاجَ بعِرْس حَوْقَلٍ عِثْوَلِّ قال أَبو الهيثم: قال لي أَعرابي ولصاحب لي كان يَسْتَثْقِله وكُنَّا معاً نختلف إِليه فقال لي: أَنت قُلْقُلٌ بُلْبُلٌ، وصاحبُك هذا عِثْوَلٌّ قِثْوَلٌّ.
والعَثُولُ: الأَحْمق، وجمعه عُثُلٌ.
والعِثْوَلُّ: الكثيرُ شَعَر الجسد والرأْس.
ولِحْيَةٌ عِثْوَلَّة: ضَخْمة؛ قال: وأَنْتَ في الحَيِّ قَلِيلُ العِلَّه، ذو سَبَلاتٍ ولِحىً عِثْوَلَّه الفراء: عَثَمَتْ يدُه وعَثَلَتْ تَعْثُل إِذا جَبَرتْ . . . أكمل المادة على غير استواء؛ وأَنشد: تَرَى مُهَجَ الرِّجالِ على يَدَيْه، كأَنَّ عِظامَهُ عَثَلَتْ بجَبْر وقد رُوي حديثٌ للنخعي في الأَعضاء: إِذا انْجَبَرَت على غير عَثْلٍ صُلْحٌ (* قوله «إذا انجبرت على غير عثل صلح» أورده ابن الأثير في حرف الميم على رواية عثم بالميم وتمامه: وإذا انجبرت على عثم الدية) باللام، وأَصله عثْم بالميم.
والعَثَل: ثَرْبُ الشاة وهو الخِلْمُ والسِّمْحاق. قال الجوهري (* قوله «قال الجوهري» أي ناقلاً من كتاب سيبويه كما هي عبارته): ويقال للضَّبُع أُمُّ عِثْيَل. قال ابن بري: الذي في كتاب سيبويه أُمُّ عَنْثَل.
ويقال للضَّبُع عَنْثَل، وكذا ذكره أَهل اللغة أُمُّ عَنْثَل لا غير، وقال: قد وسع القَزَّاز في هذا الفصل

أَخذ (المعجم الوسيط) [2]


 الشَّيْء أخذا وتأخاذا ومأخذا حازه وحصله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} وتناوله يُقَال أَخذنَا المَال وَقَبله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وأخذتم على ذَلِكُم إصري} وَفُلَانًا حَبسه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فَخذ أَحَدنَا مَكَانَهُ} وعاقبه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة} وَقَتله وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه} وأسره وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وخذوهم} وغلبه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} وَأمْسك بِهِ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَأخذ بِرَأْس أَخِيه يجره إِلَيْهِ} وَفُلَانًا بِذَنبِهِ جازاه وَفُلَانًا بِالْأَمر ألزمهُ وَالله فلَانا أهلكه وعَلى يَد فلَان مَنعه عَمَّا يُرِيد أَن يَفْعَله وعَلى فَمه مَنعه من الْكَلَام وَعَلِيهِ الأَرْض ضيق عَلَيْهِ سبلها وَأخذ فلَان . . . أكمل المادة ومأخذه سَار سيرته وتخلق بأخلاقه وَعَن فلَان تلقى عَنهُ علما وَفُلَانًا الدَّاء وَالْعَذَاب نزل بِهِ وَيُقَال أخذت فِيهِ الْخمر أثرت وَالشَّيْء حَده استوفى مَا يَنْبَغِي لَهُ وَعَلِيهِ كَذَا عده عَلَيْهِ وَنَفسه بِكَذَا ألزمها إِيَّاه وَاللَّبن حمضه وَيُقَال أَخذ فِي الْأَمر وَأخذ يَفْعَله شرع فِيهِ وَالْأَمر مِنْهُ خُذ (أَصله أؤخذ) الْفَاعِل آخذ وَالْمَفْعُول مَأْخُوذ وأخيذ وَيُقَال مَا أَنْت إِلَّا أخاذ نباذ لمن يَأْخُذ الشَّيْء حَرِيصًا عَلَيْهِ ثمَّ ينبذه سَرِيعا وَقَالُوا فِي أخذت كَذَا أُخْت بإدغام الذَّال فِي التَّاء تَخْفِيفًا وَهُوَ أَكثر من أخذت بِلَا إدغام أَخذ:  الرَّضِيع أخذا اتخم من كَثْرَة اللَّبن وَالْعين رمدت فَهُوَ أَخذ وَالْحَيَوَان اعتراه مثل الْجُنُون أَخذ:  اللَّبن وَنَحْوه أخوذة حمض 

شرب (لسان العرب) [3]


الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده: شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين.
وفي حديث أَيـّامِ التَّشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الشَّرْبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِبْتُ.
والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قول أَبي . . . أكمل المادة ذؤيب: شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1) (1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.) فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الشِّرْبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الشَّرْبُ المصدر، والشِّرْبُ الاسم.
والشِّرْبُ: الماء، والجمع أَشرابٌ.
والشَّرْبةُ من الماءِ: ما يُشْرَبُ مَرَّةً.
والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ.
والشِّرْبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر.
وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها شِرْباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ الحوْضُ؛ وقيل: الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ. قال أَبو زيد: الشِّرْبُ الـمَوْرِد، وجمعه أَشْرابٌ. قال: والـمَشْرَبُ الماء نَفسُه.
والشَّرابُ: ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان.
وقال أَبو حنيفة: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ، كخِمِّيرٍ. التهذيب: الشَّرِيبُ الـمُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ الشُّرْبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب.
وفي الحديث: مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَشْرَبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ الجنةَ.والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون على الشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الشَّرْبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع.
وأَما الشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى: هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الشُّرُو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ وقوله أَنشده ثعلب: يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَشرُبا(1) (1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.) يكون جمع شَرْبٍ، كقول الأَعشى: لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار؛ الشَّرْبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ.
والشِّرْبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والشَّرِيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة.
وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ معه، وهو شَرِيبـي؛ قال: رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي والشَّرِيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو شَرِيبُك؛ قال الراجز: إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ وبه فسر ابن الأَعرابي قوله: رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس قال: الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك.
والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب، وهو شَرِيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله: اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُشْرِب رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله. قال ويروى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التهذيب: الـمُشْرِبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب.
والـمُشْرِبُ: الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي. قال وقال غيره: رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله.
ورجل مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَشْرَبُ: الماء الذي يُشْرَبُ.
والـمَشْرَبةُ: كالـمَشْرَعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ على مَشْرَبةٍ؛ الـمَشْرَبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالـمَشْرَعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَشْرَبُ: الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد: ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ أَي من غير وجه الشُّرْب؛ والـمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛ والـمَشْرَبُ: الـمَشْروبُ نفسُه.
والشَّرابُ: اسم لما يُشْرَبُ.
وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه: يُشْرَبُ.
والشَّرُوبُ: ما شُرِبَ.
والماء الشَّرُوب والشَّريبُ: الذي بَيْنَ العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَشْرَبُه الناس، على ما فيه.
والشَّرِيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَشْرَبُه البهائم؛ وقيل: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ.
والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة: فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه.
والشَّرُوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة.
وقال الليث: ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الشُّرْب؛ وماء شَرُوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد.
وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الشَّرُوبُ من الماءِ: الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ.
وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والشُّرب، عن ابن السكيت.
ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ.
ويومٌ ذو شَرَبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر.
وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب.
وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ.
والـمِشْرَبةُ، بالكسر: إِناءٌ يُشْرَبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى الشُّرْب.
والشَّرَبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَبٌ وشَرَباتٌ؛ قال زهير: يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا وأَنشد ابن الأَعرابي: مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه. الشَّرَبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ ماء لِتَشْرَبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ إِلى الشَّرَبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ.
وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَشْرَفْتُ عليها، وهي شَرْبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك شَرَباتٌ وشَرَبٌ.
وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في صفة نخل: مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها وكلُّ ذلك من الشُّرْب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في الـحَلْقِ تَشْرَبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم، وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب: صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ.
والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الشَّرَقُ؛ ويقال: بل هي عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ.
والـمَشْرَبةُ والـمَشْرُبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَشْرَبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ.
والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ. قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا.
وقد طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب.
والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُشْرِبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَشَـرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِشْرابُ: لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ؛ يقال: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ.
ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْبةٌ من الـحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً. الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده:. . الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه.
وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ.
وفي التنزيل العزيز: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُشْرَبَ، لأَنَّ العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه.
وقال الزجاج: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال: معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما قال الشاعر: وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟ أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه.
وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة. قال بعض النحويين: من الـمُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ، وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه. يقال: شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَشَرِبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِـيتَه.
وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ. أَبو عبيد: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها: ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّب هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّبِ؛ إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ.
وشَرِبَ بالرجل، وأَشْرَبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَشْرَبْتَني ما لم أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والشَّرْبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الشَّرَبَّاتُ، والشَّرائِبُ، والشَّرابِـيبُ(1) (1 قوله «والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.). وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال: يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب: وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُشْرِبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ. قال: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد. أَبو عمرو: الشَّرْبُ الفهم.
وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛ ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بالضم، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كلها مواضع.
والشُّرْبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال: هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟ والشُّرْبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والشَّرَبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال زهير: وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ وشَرَبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية: بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الشُّرَأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَأَبَّ.
وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ، وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ.
وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَشْرَئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها: ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.

ذعع (لسان العرب) [2]


الذَّعاعُ والذُّعاعُ: ما تفرّق من النخل؛ قال طرفة: وعَذارِيكمْ مُقَلِّصةٌ، في ذُعاعِ النخل تَجْتَرِمُهْ قال الأَزهري: قرأْت هذا البيت بخط أَبي الهيثم في ذعاع النخل، بالذال المعجمة، قال: ودعاع، بالدال المهملة، قال: ويقال الذُّعاع ما بين النخلتين، بضم الذال.
والذَّعْذَعَةُ: التفريقُ وأَصله من إِذاعة الخبر وذُيوعه، فلما كرّر استعمل كما قالوا من الإِناخة: نَخْنَخ بعيره فتَنَخْنخ.
وذَعذع الشيءَ والمال ذَعْذَعَةً فَتَذَعْذع: حركه وفرَّقه، وقيل: فرَّقه وبدَّده؛ قال علقمةُ بن عبْدة: لَحى اللهُ دَهْراً ذَعذعَ المالَ كلَّه، وسَوَّد أَشْباه الإِماء العَوارِك سَوَّد من السُّودَدِ.
وذَعذعتِ الريحُ الشجر: حركَتْه تحريكاً شديداً.
وذَعذعت الريح التراب: فَرَّقته وذَرَّتْه وسَفَتْه؛ كل ذلك معناه واحد؛ قال النابغة: غَشِيتُ . . . أكمل المادة لها مَنازلَ مُقْوِياتٍ، تُذَعْذِعها مُذَعذِعةٌ حَنونُ قال ابن بري: تَذَعذَع البناء أَي تفرّقتْ أَجزاؤه.
وذَعْذعهم الدهر أَي فَرَّقهم.
وفي حديث علي، رضوان الله عليه، أَنه قال لرجل: ما فعلت بِإبلك؟ وكانت له إِبل كثيرة، فقال: ذَعْذَعَتْها النوائب وفرَّقَّتْها الحُقوق، فقال: ذاك خَير سُبُلِها أَي خَير ما خرجَت فيه، ومنه حديث ابن الزبير: أَنَّ نابغة بني جَعْدة مدَحه مِدْحةً فقال فيها: لنَجْبُرَ منه جانِباً ذَعْذَعَتْ به صُروفُ الليالي، والزَّمانُ المُصَمِّمُ وذَعْذَعةُ السِّرِّ: إِذاعَتُه.
ورجل ذَعْذاعٌ إِذا كان مِذْياعاً للسِّرِّ نَمَّاماً لا يَكْتُمُ سِرًّا.
وتَذَعْذَعَ شعَرُه إِذا تشعَّت وتمرَّط.
والذَّعاعُ: الفِرَقُ، الواحدة ذَعاعةٌ، وربما قالوا تفرَّقوا ذَعاذِعَ.
ورجل مُذَعْذَعٌ إِذا كان دَعِيًّا. قال أَبو منصور: ولم يصح عندي من جهة مَن يوثق به، والصواب مُدَغْدَغٌ، بالغين المعجمة، ولا يبعد أَن يكون المُذَعْذَعُ الدَّعيّ، فإِن ابن الأَثير ذكر في النهاية: وفي حديث جعفر الصادق: لا يُحِبُّنا أَهلَ البيتِ المُذَعْذَعُ، قالوا: وما المُذعذعُ؟ قال: ولد الزنا.

ب - ت - ل (جمهرة اللغة) [2]


بَتَلْتُ الشيءَ أبْتُلُه وأبْتِلُه بَتْلاً، إذا قطعته. قال الشاعر: كأن لها في الأرض نِسْياً تَقُصهُ ... على أمَها وإن تُكَلمْكَ تَبْلِتِ تَبْلِت، أي تنقطع فلا تطيق الكلام إذا تحدَّثتْ وتكلَّمتْ، ولكنها جاءت بالمعنى في كلمة واحدة. قال الراجزْ: وصاحب صاحبْتُهُ زَمِيتِ ... مُقَرْطِسً في قوله بَلِيتِ ليس على الزّادِ بمُسْتَمِيتِ والنِّسْي: ما يُنسى من شيء. يقول: إذا مَشت نظرت إلى الأرض كأنّها تطلب شيئاً سقط منها. وعلى أمَها، أي على قصدها وطريقها، أي تقطِّع كلامَها رويداً رويداً، وهو مقلوب من البَتْل. وحَلَفَ على يمينٍ بتَةً بَتْلَةً، أي قَطَعَها قَطْعاً. وسُمِّيت مريم عليها السلام البَتُولَ لانقطاعها عن الناس. والراهب المتبتِّل: المنقطع عن الناس. وفي التنزيل: . . . أكمل المادة " وتَبَتَّلْ إليه تَبْتيلاً " ، أي انقطِعْ إليه انقطاعاً، هكذا يقول أبو عُبيدة، واللُه أعلم. وانبتلتِ الفَسِيلةُ عن أمها، إذا انقطعت عنها، فالنَّخلة مُبْتِلَة والفَسِيلة بَتِيلة. قال الشاعر: ذلك ما دِينُك إذ جنِّبَت ... أحمالُها كالبُكُرِ المُبْتِل ما: لَغْو، أي ذلك دأبُك. ويُروى: أجمالُها بالجيم، شبَّه الجمال بالنخل المنبتِل، وهو الذي يتفرق عنها فسيلُها. والبُكر: جمع بَكُور، وهي النخلة التي تَعْجَل ثمرتُها. وبَتِيل اليمامة: جبل منقطع عن الجبال. والتَّبْل: الوَغْم في القلب. يقال: تَبَلَتْ فلانة فلاناً، إذا هيَّمته كأنها أصابت قلبَه بتَبْلٍ. وتَبالة: موضع معروف. والتّابِل: الأبزار، والجمع التَوابل. ولَتَبَ في سَبَلَة الناقة، إذا نَحَرَها، يَلْتِب لَتْباً وهو لاتِب. قال: وأحسب أن بني لتْب بطن من العرب، منهم ابن اللُّتْبِية من الأزد له صُحبة. ولَتَبَ بالمكان، إذا أقام به. ولَتَبَ الجُلَّ عن الدّابة، إذا تركه أياماً وألْتَبه.

ب - ل - و (جمهرة اللغة) [2]


رجل بِلْوُ سَفَرٍ، وكذلك البعير، والجمع أبلاء، مثل نِضْو سَفَرٍ سواء. والبَوْل: معروف. والبُوال: داء يصيب الإنسان فيأخذه البولُ. ورجل بُوَلة: كثير البول. واللَّبْوُ بن عبد القيس: قبيلة من العرب. فأما اللّبُؤة من السباع فمهموزة، وليس هذا موضعها. ولاب الإنسانُ، بغير همز، يَلوب لَوْباً ولواباً، إذا عطش فحامَ حول الماء. قال الشاعر: يقاسون جيشَ الهُرْمُزان كأنَّهم ... قواربُ أحواض الكلابِ تَلوبُ القوارب: إبل تَقْرُبُ الماءَ. واللّوبة: الحَرَّة، وهي أرض تركبها حجارة، والجمع لُوب، ويقال لابة أيضاً، والجمع لوبٌ، بغير همز. والملوَّب: المَلْوِيّ، ومنه قيل: حَلَق ملوَّب، أي ملويّ. والوَبْل: المطر الشديد الوقع، وهو الوابل أيضاً. ويقال: وَبَلَتِ السماءُ تَبِلُ وَبْلاً. قال الشاعر: هو الجوادُ ابن . . . أكمل المادة الجواد ابن سَبَلْ إن دَيّموا جادَ وإن جادوا وَبَلْ ويقال: أمر وَبيل، أي شديد. والوابِلة: رأس المَنْكِب. والوَبيلة: العصا الغليظة أو الحُزْمة من الحطب. قال الشاعر: فمرَّت كَهاة ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ ... عقيلةُ شيخٍ كالوَبيل يَلَنْدَدِ وُيروى: ألَنْدَد. ويقال أيضاً للحزمة من الحطب: إبَالة. قال الراجز: لي كلَّ يوم من ذُؤالَهْ ضِغْثٌ يزيد على إبَالَهْ وفي الحديث: " كل مال زُكِّيَ عنه ذهبتْ أبلَتُه " . قال أبو عبيدة: أراد وَبَلَتَه، أي فساده وثِقله من قولهم، كَلأ وَبيل، أي لا يمرىء الراعية. والوَبال: الثِّقْل. والأبيل: الذي يضرب بالناقوس. قال الشاعر: فإنّي وربِّ السّاجدين عَشِيَّةً ... وما صكَّ ناقوس النَّصارى أبيلُها ووَلَبَ الزرعُ يَلِب وَلْباً، إذا صار له والبة، وهي الفراخ في أصوله، ومنه اشتقاق اسم والِبة.

ر - ز - ك (جمهرة اللغة) [2]


الرِّكْز: الحِسّ والصوت. وفي التنزيل: " أو تسمعُ لهم رِكْزاً " ، هكذا فسّره أبو عبيدة، والله أعلم. والرِّكاز: الكَنز يوجد في فلاة أو في معدن. وفي حديث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لوائل بن حُجْر: " وفي الرِّكازِ الخُمُسُ " . ورَكَزْتُ الرمحَ أركُزه وأركِزه رَكْزاً، إذا أثبتّه في الأرض. ومَراكز القوم: مَواضعهم في ثغورهم؛ يقال: زال القومُ عن مراكزهم. والزُّكْرَة: سِقاء صغير. وتزكَّر بطنُ الجدي، إذا امتلأ، وزَكَرِيّ: اسم أعجمي فيه ثلاث لغات: زَكَرِيّ، وزَكَرِيّا مقصور، وزَكَرِيّاء ممدود. والكُرْز: الخُرج الصغير يجعل فيه الراعي مَتاعه ثم يحمله على كبش من غنمه، فذلك الكبش يسمّى الكُرّاز. وبه . . . أكمل المادة سُمّي الرجل كُرَيْزاً، وهو تصغير كُرْز. وربما سُمّي الخُرج الكبير كُرْزاً. ومثل من أمثالهم: " رُبَّ شَدٍّ في الكُرْز " . ولهذا حديث؛ قال ابن الكلبي: هذا حديثُ أعْوَجَ، وهو فرس لبني هلال بن عامر وأمُّه سَبَل فرس كانت لبني آكل المُرار ثم صارت الى بني كِلاب. وقال مرة أخرى: فرس يقال له أعْوجُ نُتِجته أمّه وتحمّل أصحابُه فحملوه في كُرْز فمروا بشيخ فقال: رُبَّ شَدٍّ في الكُرْز، يعني عَدْوَه. وقد سمّت العرب كُرْزاً وكُرَيزاً وكَريزاً وكارزاً ومُكْرِزاً ومِكْرَزاً. والكُرَّز من الطير: الذي قد أتى عليه حَوْلٌ، وهو فارسي معرَّب وقد تلكمت به العرب. قال الراجز: لمّا رأتني راضياً بالإهمادْ لا أتنحّى قاعداً في القُعّادْ كالكُرَّزِ المشدود بين الأوتادْ والكُرَاز: القارورة، وتُجمع كِرْزاناً، ولا أدري أعجميّ هو أم عربيّ، غير أنهم قد تكلّموا بها. ويقال: كارزَ الى المكان، إذا بادر إليه فاختبأ؛ هكذا يقول الخليل. وقال يونس أيضاً: كارزَ الرجلُ الى المكان، إذا اختبأ فيه. وأنشد: فلمّا رأين الماءَ قد حال دونَه ... ذُعافٌ الى جنب الشّريعة كارزُ

الوِتْرُ (القاموس المحيط) [2]


الوِتْرُ، بالكسر ويفتحُ: الفَرْدُ، أو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ، ويومُ عَرفةَ، ووادٍ باليَمامةِ، والذَّحْلُ، أو الظُّلْمُ فيه،
كالتِّرَةِ والوَتِيرَةِ،
وقد وَتَرَهُ يَتِرُهُ وَتْراً وتِرَةً،
و~ القومَ: جَعَلَ شَفْعَهُم وِتْراً،
كأَوْتَرَهُم،
و~ الرجُلَ: أفْزَعَهُ، وأدْرَكَهُ بِمكروهٍ.
ووتَرَهُ مالَه: نَقَصَهُ إِياهُ.
والتَّواتُرُ: التَّتابُعُ، أو مَعَ فَتَراتٍ.
والمُتَواتِرُ: قَافيةٌ فيها حرفٌ مُتَحَرِّكٌ بين ساكنينِ كمفَاعِيلُنْ.
وواتَرَ بين أخبارِهِ ووَاتَرَهُ مُواتَرَةً ووِتاراً: تابَعَ، أو لا تكونُ المُواتَرَةُ بين الأشياءِ إلا إذا وقَعَتْ بينها فَتْرَةٌ، وإلا فهي مُدَارَكَةٌ ومُواصَلَةٌ.
ومُواتَرَةُ الصَّوْمِ: أن تَصومَ يوماً، وتُفْطِرَ يوماً أو يومينِ، وتأتي به وِتْراً وِتْراً، ولا يُرادُ به المُواصَلَةُ، لأَنَّه من الوِتْرِ، وكذلك مُواتَرَةُ الكُتُبِ.
. . . أكمل المادة وجاؤوا تَتْرَى، ويُنَوَّنُ، وأصلُها وَتْرَى: مُتواتِرِينَ.
والوَتِيرَةُ: الطريقةُ، أو طَريقٌ تُلاصِقُ الجبلَ، والفَتْرَةُ في الأمرِ، والغَمِيزَةُ، والتَّواني، والحَبْسُ، والإِبْطاءُ، وحِجابُ ما بينَ المَنخَرينِ، وغُرَيْضِيفٌ في أعلى الأُذُنِ، وجُلَيْدَةٌ بينَ السَّبَّابَةِ والإِبهامِ، وما بينَ كُلِّ إصْبَعَيْنِ، ومايُوَتَّرُ بالأَعْمِدةِ من البيتِ،
كالوَتَرَةِ، محركةً في الأربعةِ الأَخيرةِ، وحَلْقَةٌ يُتَعَلَّمُ عليها الطَّعْنُ، وقِطْعَةٌ تَسْتَدِقُّ، وتَطَّرِدُ، وتَغْلُظُ، وتَنْقادُ من الأرضِ، والقَبْرُ، والأرضُ البَيْضاءُ، والوَرْدَةُ الحمراءُ أو البيضاءُ، وغُرَّةُ الفرسِ المُسْتَدِيرَةُ، ونَوْرُ الوَرْدِ، وماءٌ بأَسْفَلِ مكةَ لخُزاعَةَ، واسمٌ لِعَقْدِ العَشَرَةِ.
والوَتَرَةُ، محرَّكةً: حرفُ المَنْخَرِ، والعِرْقُ في باطن الحَشَفَةِ، والعَصَبَةُ تَضُمُّ مَخْرَجَ رَوْثِ الفرسِ، وحِتارُ كلِّ شيءٍ، وعَصَبَةٌ تحتَ اللِّسانِ، وعَقَبَةُ المَتْنِ، وما بينَ الأَرْنَبَةِ والسَّبَلَةِ، ومَجْرَى السَّهْمِ من القَوْسِ العَربيَّةِ، جمعُ الكلِّ: وَتَرٌ.
والوَتَرُ، محرَّكةً: شِرْعَةُ القَوسِ، ومُعَلَّقُها
ج: أوْتارٌ.
وأوْتَرَها: جَعَلَ لها وَتَرَاً.
وَوَتَّرَها تَوْتيراً: شَدَّ وتَرَها.
ووتَرَها يَتِرُها: عَلَّقَ عليها وتَرَها.
وتَوَتَّرَ العَصَبُ والعُنُقُ: اشْتَدَّ.
والوَتِيرُ: ع.
وأوتَرَ: صلَّى الوِتْرَ،
و~ الشيءَ: أفَذَّهُ، أو وَتَرَ الصلاةَ وأوتَرَها ووتَّرَها بمعنًى.
وناقةٌ مُواتِرَةٌ: تَضَعُ إحْدَى رُكْبَتَيْها أولاً في البُرُوكِ ثم الأُخرى، لا مَعاً، فَيَشُقُّ على الراكِبِ.
والوَتَرَانِ، محرَّكةً: د بِبلادِ هُذَيْلٍ.
والوَتائرُ: ع بين مكةَ والطائِفِ.
والوَتِيرُ: ما بين عرفةَ إلى أدامَ.
والمَوْتُورُ: من قُتِلَ له قَتيلٌ فلم يُدْرِكْ بِدمِه.
والوُتْرَةُ، بالضم: ة بِحَوْرانَ.

قعل (لسان العرب) [2]


القُعال: ما تَناثر عن نَوْرِ العنب وفاغِية الحِنَّاء وشبهِه من كِمامه، واحدته قُعالة.
وأَقعَل النَّوْرُ: انشقت عنه قُعالته.
والاقتِعالُ: تَنْحِية القُعال.
واقتَعَله الرجل إِذا اسْتَنْفَضَه في يده عن شجره.والقَعْل: عود يسمَّى المِشْحَط يجعل تحت سُرُوغ القُطوف لئلا تتَعَفَّر، وخصص الجوهري فقال: القُعال نَوْرُ العنب. أَقعَل الكرمُ: انشقَّ قُعاله وتَناثر.
والقاعِلة: الجبل الطويل.
والقَواعِل: رؤوس الجبال؛ قال امرؤ القيس: عُقاب تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِل (* صدر هذا البيت: كأنّ دِثاراً حلَّقَت بلَبُونِه) وقيل: القَواعِل الجبال الصغار. الجوهري: القاعِلة واحدة القَواعِل، وهي الطِّوال من الجبال؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو واحدة القَواعِل قَوْعَلة؛ وشعر الأَفوَه دليل على أَنه قاعِلة قال: والدهرُ، لا يَبْقى عليه . . . أكمل المادة لِقْوَةٌ في رأْس قاعِلة نَمَتْها أَرْبَعُ قوله نَمَتْها أَربع أَي أَربع لِقْوات.
وعُقاب قَيْعَلة: تأْوِي إِلى القَواعِل أَو تَعلوها؛ أَنشد ثعلب لخالد بن قيس بن منقذ: لَيْتك، إِذ رُهِنْت آلَ مَوْأَلَهْ، حَزُّوا بنَصْل السيف عند السَّبَلَهْ، وحَلَّقَت بك العُقاب القَيْعَلهْ وقيل: عُقاب قَيْعَلةٍ وقَوْعَلةٍ بالإِضافة أَي عُقاب موضع يسمى بهذا.
والقَيْعَلة: المرأَة الجافية العظيمة.
والمُقْتَعَلُ: السهم الذي لم يُبْرَ بَرْياً جيداً؛ قال لبيد: فَرمَيْت القوم رِشْقاً صائباً، ليس بالعُصْل ولا بالمُقْتَعَلْ والاقعِيلالُ: الانتصاب في الركوب.
وصخرةٌ مُقْعالَّة: منتصِبة لا أَصل لها في الأَرض.
والقَعْلُ: الرجل القصير المَشْؤُوم.
والقَعْوَلة في المشي: إِقبال القدَم كلها على الأُخرى، وقيل: هو تباعد ما بين الكعبين وإِقبال كل واحدة من القدَمين بجماعتها على الأُخرى، وقيل: هي مشيٌ ضعيف، وقد قَعْوَل في مشيه قَعْوَلة، وقيل: القَعْوَلة أَن يمشي كأَنه يَغْرِف التراب بقدميه، يقال: قَعْوَل إِذا مَشَى مِشْية قبيحة كأَنه يَغْرف التراب بقدميه.
وقَعْوَل إِذا مشى مِشْية مَنْ يَحْثي الترابَ بإِحدى قدميه على الأُخرى لقَبَلٍ فيهما؛ وقال صخر بن عمير: فإِنْ تَريني في المَشِيب والعَلَهْ، فَصِرْت أَمشِي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ، وتارةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ والفَنْجلة: مثل القَعْوَلة؛ يقال: مَرَّ يُقَعْوِل ويُفَنْجِل؛ والنَّقْثَلة: أَن يُثِير الترابَ إِذا مشى.

قنسر (لسان العرب) [2]


القِنَّسْرُ والقِنَّسْريّ: الكبير المُسِنّ الذي أَتى عليه الدهر؛ قال العجاج: أَطَرَباً وأَنتَ قِنَّسْريُّف والدَّهْرُ بالإِنسان دَوّاريُّ أَفْنْى القرونَ، وهو قَعْسَريُّ وقيل: لم يسمع هذا إِلا في بيت العجاج وذكره الجوهري في ترجمة قسر؛ قال ابن بري: وصوابه أَن يذكر في فصل قنسر لأَنه لا يقوم له دليل على زيادة النون.
والطَّرَبُ: خفة تلحق الإِنسان عند السرور وعند الحزن، والمراد به في هذا البيت السرور، يخاطب نفسه فيقول: أَتَطْرَبُ إِلى اللهو طَرَبَ الشُّبانِ وأَنت شيخ مُسِنّفوقوله دَوَّارِيُّ أَي ذو دَوَرانٍ يَدُورُ بالإِنسان مرة كذا ومرة كذا.
والقَعْسَريّ: القويّ الشديد.
وكل قديم: قِنَّسْرٌ، وقد تَقَنْسَرَ وقَنْسَرَتْه السِّنُّ.
ويقال للشيخ إِذا وَلَّى وعَسَا: قد قَنْسَرَه . . . أكمل المادة الدهرُ؛ ومنه قول الشاعر: وقَنْسَرَتْه أُمورٌ فاقْسَأَنَّ لها، وقد حَنى ظَهْرَه دَهْرٌ وقد كَبِرا ابن سيده: وقِنَّسْرِينُ وقِنِّسْرينُ وقِنَّسْرونُ وقِنِّسْرونَ كُورة بالشام، وهي أَحدُ أَجنادها، فمن قال قِنَّسْرِينُ فالنسب إِليه قِنَّسْرِينيّ، ومن قال قِنَّسْرون فالنسب إِليه قِنَّسْريّ لأَن لفظه لفظ الجمع، ووجه الجمع أَنهم جعلوا كل ناحية من قِنَّسْرِينَ كأَنه قِنَّسْرٌ، وإِن لم ينطق به مفرداً، والناحية والجهة مؤنثتان وكأَنه قد كان ينبغي أَن يكون في الواحد هاء فصار قِنَّسْرٌ المُقَدَّرُ كأَنه ينبغي أَن يكون قِنَّسْرة، فلما لم تظهر الهاء وكان قِنَّسْر في القياس في نية الملفوظ به عَوَّضُوا الجمع بالواو والنون، وأُجري في ذلك مُجْرَى أَرض في قولهم أَرَضُون، والقول في فِلَسْطينَ والسَّيْلَحِيْنَ ويَبْرِينَ ونَصِيبين وصَرِيفِين وعانِديْن (* قوله « وعاندين» في ياقوت: بلفظ المثنى.) كالقول في قِنَّسْرِين. الجوهري في ترجمة قسر: وقِنَّسْرُونُ بلد بالشام، بكسر القاف والنون مشددة تكسر وتفتح؛ وأَنشد ثعلب بالفتح هذا البيت لعَكْرَشَةَ الضَّبِّي يرثي بنيه: سَقَى اللهُ فِتْياناً ورائِي تَرَكْتُهم بِحاضِرِ قِنَّسْرِينَ، من سَبَلِ القَطْرِ قال ابن بري: صواب إِنشاده: سقى الله أَجداثاً ورائي تركتها وحاضِرُ قِنَّسْرِينَ: موضع الإِقامة على الماء من قِنَّسْرِين؛ وبعد البيت: لَعَمْرِي لقد وارتْ وضَمَّتْ قُبورُهُمْ أَكُفًّا شِدادَ القَبْضِ بالأَسَلِ السُّمْرِ يُذكِّرُنِيهِمْ كلُّ خَيْرٍ رأَيتُه وشَرٍّ، فما أَنْفَكُّ منهم على ذُكْرِ يريد أَنهم كانوا يأْتون الخير ويجتنبون الشر، فإِذا رأَيتُ من يأْتي خيراً ذَكَرْتُهم، وإِذا رأَيت من يأْتي شرّاً ولا ينهاه عنه أَحدٌ ذكرتهم.

بوأ (مقاييس اللغة) [2]



الباء والواو والهمزة أصلان: أحدُهما الرُّجوع إلى الشيءِ، والآخر تساوِي الشّيئين.فالأوّل الباءَة والمباءَة، وهي مَنزلة القوم، حيثُ يتبوّؤُون في قُبُلِ وادٍ [أ]و سَنَدِ جبل.
ويقال قد تبوَّؤوا، وبوّأهم اللهُ تعالى مَنْزِلَ صِدْق. قال طرفة:
طيّبُو البَاءةِ سهلٌ ولَهُمْ      سُبُلٌ إنْ شِئْتَ في وَحْشٍ وَعِرْ

وقال ابن هَرْمَة:
وبُوِّئَتْ في صَمِيم مَعْشَرِها      فتَمَّ في قومِها مُبَوَّؤُها

والمَبَاءة أيضاً: منْزِل الإبل حيثُ تُناخُ في الموارد. يقال أبَأْنَا الإبِلَ نُبِيئُهَا إباءةً -ممدودة- إذا أنختَ بعضها إلى بعض. قال:
خليطان بينهما مِئْرَةٌ      يُبِيئانِ في مَعْطِنٍ ضَيِّقِ

وقال:قال الأصمعيّ: يقال قد أباءَها الرَّاعِي إلى مَبَائِها فتبوَّأَتْه، وبوَّأَها إيَّاهُ تَبْوِيئاً. أبو عُبيد: يقال فلانٌ حسن البِيئَةِ على . . . أكمل المادة فِعْلة، من قولك تبوَّأْتُ منْزِلاً.
وبات فلانٌ ببيئة سَوء . قال:
ظَلِلْتُ بذي الأرْطَى فَويْقَ مُثَقَّبٍ      ببيئَةِ سوءٍ هالكاً أو كهَالِكِ

ويقال هو ببيئة سَوْءٍ بمعناه. *قال أبو مهديّ: يقال باءَتْ على القومِ بائِيَتُهم إذا راحَتْ عليهم إبِلُهم.
ومن هذا الباب قولهم أَبِئْ عليه حَقَّه، مثل أرِحْ عليه حَقّه.
وقد أباءَه عليه إذا ردَّه عليه.
ومن هذا الباب قولُهم باءَ فلان بذَنْبِه، كأنّه عاد إلى مَبَاءته محتملاً لذنْبه.
وقد بُؤْت بالذَّنْبِ، وباءَت اليهودُ بغَضَب الله تعالى.والأصل الآخَر قولُ العرب: إنّ فلاناً لَبَوَاءٌ بفلانٍ، أي إنْ قُتِل به كان كُفْواً.
ويقال أَبَأْتُ بفلانٍ قاتِلَه، أي قتَلْتُه.
واستَبَأْتُهُمْ قاتِلَ أخِي، أي طلبْتُ إليهم أنْ يُقِيدُوه.
واستبَأْتُ به مثلُ استقَدْت. قال:
فإنْ تقتُلوا مِنّا الولِيدَ فإنّنا      أبَأْنَا به قَتْلَى تُذِلُّ المَعَاطِسا

وقال زُهير:
فلم أر معشراً أَسَرُوا هَدِيّاً      ولم أرَ جارَ بيتٍ يُسْتَباءُ

وتقول: باءَ فلانٌ بفُلانٍ، إذا قُتِل به. قال:
ألاَ تَنْتَهِي عَنّا ملُوكٌ وتَتَّقِي      مَحارِمَنا لا يَبْوُءِ الدَّمُ بالدَّمِ

أي مِنْ قَبْل أَنْ يَبُوءَ الدِّماء؛ إذا استوَتْ في القَتْل فقد باءتْ.ومن هذا الباب قولُ العرب: كلَّمْناهُمْ فأجابُونا عن بَوَاءٍ واحدٍ: [أجابوا] كلُّهُمْ جواباً واحدا.
وهم في هذا الأمْرِ بَوَاءٌ أي سواءٌ ونُظَراءُ.
وفي الحديث: "أنّه أمَرَهُمْ أَنْ يَتَبَاءَوْا"، أي يتباءَوْن في القِصاص.
ومنه قول مُهلهلٍ لبُجَير بن الحارث: "بُؤْ بِشِسْعِ كُلَيْبٍ".
وأنشد:
فقلت لـه بُؤْ بامْرِئٍ لَسْتَ مِثلَه      وإنْ كُنْت قُنْعاناً لمن يَطْلُبُ الدَّمَا

سرد (مقاييس اللغة) [2]



السين والراء والدال أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على تَوالِي أشياء كثيرةٍ يتّصل بعضُها ببعض. من ذلك السَّرْد؛ اسمٌ جامعٌ للدروع وما أشبهها من عمل الحَِـلَق. قال الله جلَّ جلالُه، في شأن داود عليه السلام: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ [سبأ 11]، قالوا: معناه ليكنْ ذلك مقدَّراً، لا يكونُ الثَّقْب ضيّقاً والمِسمارُ غليظاً، ولا يكون المسمار دقيقاً والثقب واسعاً، بل يكون على تقدير. قالوا: والزّرَّاد إنّما هو السّرّاد.
وقيل ذلك لقُرب الراء من السين.
والمِسْرَد: المِخْرز: قياسُه صحيح.من ذلك المُسْمَقِرُّ: اليوم الشديد الحرّ، فهذا من باب السَّقَرات سَقَراتِ الشَّمسِ، وقد مضى ذكره، فالميم الأخيرة فيه زائدة.ومن ذلك السَّحْبل: الوادي الواسع، . . . أكمل المادة وكذلك القِرْبة الواسعة: سَحْبلة. فهذا منحوت من سحل إذا صبَّ، ومن سَبَل، ومن سَحَبَ إذا جرى وامتدّ.
وهي منحوتةٌ من ثلاث كلمات، تكون الحاء زائدة مرَّة، وتكون الباء زائدة، وتكون اللام زائدة.ومن ذلك السَّمادِيرُ: ضَعف البَصَر، وقد اسمدَرَّ.
ويقال هو الشيء يتراءَى للإنسان من ضَعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيره.
وهذا ممّا زِيدت فيه الميم، وهو من السَّدَرِ وهو تحيُّر البَصر، وقد مضى ذِكْره بقياسه.ومن ذلك فرسٌ سُرْحُوب، وهي الجَوادُ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: من سرح وسرب، وقد مضى ذكرُهما.ومن ذلك ناقة سِرْداحٌ: سريعة كريمة، فالدّال زائدة، وإنّما هي من سَرَحَت.ومن ذلك اسْلَنْطح الشَّيء، إذا انبسط وعَرُض، وإنما أصلُه سطح، وزيدت فيه * اللام والنون تعظيماً ومبالغَة.ومن ذلك اسمَهَدَّ السَّنام، إذا حسُن وامتلأ.
وهذا منحوتٌ من مهد، ومن مهدت الشَّيءَ إذا وثَّرْته، قال أبو النَّجْم:ومن قولهم هو سَهْد مَهْد.
وقد فسَّرناه.ومن ذلك السَّمْهريَّة: الرِّماح الصِّلاب، والهاء فيه زائدة، وإنّما هي من السُّمْرَة.ومن ذلك المُسْلَهِبُّ: الطويل، والهاء فيه زائدة، والأصل السَّلب، وقد مضى.ومن ذلك قولهم اسْلَهَمَّ، إذا تغيَّرَ لونُه. فاللام فيه زائدة، وإنّما هو سَهُمَ وجهه يسْهُم، إذا تغيَّرَ.
والأصل السُّهام.ومن ذلك العجوز السَّمْلَق: السَّيئة الخُلُق، والميم فيه زائدةٌ، وإنّما هي من السِّلْقَة.ومن ذلك السَِّرطَِم: الواسع الحَلْقِ، والميم فيه زائدة، وإنّما هو من سَرَِطَ، إذا بَلِع.ومن ذلك السَّرمَد: الدائم، والميم فيه زائدة، وهو من سَرَدَ، إذا وَصَل، فكأنَّه زمان متّصل بعضُه ببعض.ومن ذلك اسْبَغَلَّ الشّيءُ اسْبِغلالاً، إذا ابتلَّ بالماء.
واللام فيه زائدة، وإنما ذلك من السُّبوغ، وذلك أنَّ الماءَ كثُر عليه حتَّى ابتلَّ.ومما وُضِع وضعاً وليس قياسُه ظاهراً: السِّنَّوْرُ، معروف.
والسَّنَوَّر: السِّلاح الذي يُلبس.
والسَّلْقَع بالقاف: المكان الحزْن.
والسَّلْفَع بالفاء: المرأة الصَّخَّابة.
والسَّلْفَع من الرِّجال: الشجاع الجَسور. قال الشاعر:
بَينا يُعانِقُهُ الكماةُ ورَوْغِهِ      يوماً أُتِيحَ لـه جرِيءٌ سَلْفَعُ

وقال في المرأة:
فما خَلَفٌ عن أُمِّ عِمران سلفع      من السُّود وَرهاء العِنان عَروبُ

كلل (الصّحّاح في اللغة) [2]


الكلُّ: العِيالُ والثِقْلُ. قال الله تعالى: "وهو كلٌّ على مولاه" والجمع الكُلولُ.
والكلُّ: اليتيمُ.
والكَلُّ: الذي لا ولد له ولا والدة. يقال منه: كَلَّ الرجلُ يَكِلُّ كَلالةً.
والعرب تقول: لم يرِثْهُ كلالةً، أي لم يرِثْهُ عن عُرُضٍ، بل عن قُرْبٍ واستحقاقٍ. قال الفرزدق:
عن ابني مُنافٍ عبد شمسٍ وهاشمِ      ورِثْتُمْ قَناةَ المُلْـكِ غـير كـلالةٍ

قال ابن الأعرابي: الكلالةُ: بنو العمّ الأباعدَ.
وحكى عن أعرابيّ أنَّه قال: مالي كثيرٌ ويرِثُني كلالةٌ مُتَراخٍ نسبُهم.
ويقال: هو مصدرٌ من تَكَلَّلَهُ النسبُ، أي تطَرَّفَهُ، كأنَّه أخذ طَرَفَيْهِ من جهة الوالدِ والولدِ وليس له منهما أحدٌ، فسمِّي بالمصدر.
والعرب تقول: هو ابن عمِّ الكَلالَةِ، وابن عمّ كلالَةٍ، إذا لم يكن . . . أكمل المادة لحًّا وكان رجلاً من العشيرةِ.
وكَلَلْتُ من المشي أكِلُّ كلالاً وكَلالَةً، أي أعْيَيْتُ.
وكذلك البعير إذا أعْيا.
وكلَّ السيفُ والريحُ والطرفُ واللسانُ، يَكِلُّ كَلاًّ وكِلَّةً وكَلالَةً وكُلولاً.
وسيفٌ كَليلُ الحدِّ، ورجلٌ كليلُ اللسانِ، وكَليلُ الطرفِ.
وناسٌ يجعلونَ كلاَّءَ البَصْرَةِ اسماً من كلاَّ على فَعْلاءَ لا يصْرفونه.
والمعنى أنَّه موضعٌ تَكِلُّ الريح فيه عن عملها في غير هذا الموضعِ. قال رؤبة:
      يَكِلُّ وفد الريحِ من حيثُ انْخَرَقْ

والكِلَّةُ: السِترُ الرَّقيقُ يُخاطُ كالبيتِ يُتَوَقَّى فيه من البقِّ.
وكلٌّ لفْظه واحدٌ ومعناه جمعٌ فعلى هذا تقول: كلٌّ حضر وكلٌّ حضروا، على اللفظ مرَّةً وعلى المعنى أخرى.
والإكْليلُ: شِبه عِصابَةٍ تُزَيَّنُ بالجوْهر.
ويسمَّى التاجُ إكْليلاً.
والإكْليلُ: منزلٌ من منازل القمر، وهو أربعةُ أنجمٍ مُصْطَفَّةٍ.
والإكْليلُ: السَحابُ الذي تراه كأنَّ غِشاءً ألبسَهُ.
وإكْليلُ المَلِك: نبتٌ يُتداوى به.
وأكلَّ الرجلُ بعيره، أي أعياهُ.
وأكلَّ الرجلُ أيضاً: أي كلَّ بعيرُه.
وأصبحتُ مُكِلاًّ، أي ذا قَراباتٍ وهم عَلَيَّ عِيالٌ.
وسَحابٌ مُكَلَّلٌ، أي مُلَمَّعٌ بالبرق.
ويقال: هو الذي حَوْلَهُ قِطعٌ من السحاب، فهو مُكَلَّلٌ بهنَّ.
وأكَلَّ الغَمامُ بالبرقِ، أي لمعَ.
وكَلَّلَهُ، أي ألبسَهُ الإكليلَ.
وروضةٌ مُكَلَّلَةٌ، أي حُفَّتْ بالنَوْرِ.
والمُكَلَّلُ: الجادُّ. يقال: حَمَلَ فكَلَّلَ، أي مضى قُدُماً ولم يَخِمْ.
وأنشد الأصمعيّ:
      تَكْليلَةِ اللّيْثِ إذا اللَّيْثُ وَثَبْ


وقد يكونُ كَلَّلَ بمعنى جَبُنَ. يقال: حَمَلَ فما كَلَّلَ، أي فما كَذَبَ وما جَبُنَ كأنَّه من الأضداد.
وأنشد أبو زيد لِجَهْم ابن سَبَلٍ:
ولا أُخَدِّرُ للمُلْقِينَ بالسَلَـمِ      ولا أُكَلِّلُ عن حربٍ مُجَلِّحَةٍ

وانكَلَّ الرجلُ انْكِلالاً: تبسَّمَ. قال الأعشى:
جَنى أُقْحُوانٍ نَبْتُهُ مُتناعِـمُ      وتَنْكَلُّ عن غُرٍّ عِذابٍ كأنَّها

يقال: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ، كلّ ذلك تبدو منه الأسنان.
وانْكِلالُ الغيمِ بالبرقِ، هو قَدْرُ ما يُريكَ سوادَ الغيمِ من بياضِه.

ح - د - ر (جمهرة اللغة) [2]


والدَّحْر: دَفْعُك الشيءَ عن نفسك من قولهم: اللهمّ ادْحَرْ عنّا الشيطانَ دَحْراً، والشيطان مدحور. وفي التنزيل: " اخْرُجْ منها مذؤوماً مدحوراً " ، أي مُبْعَداً، واللهّ أعلم. فأما الدِّرْحاية الرجل الضخم فإنك ستراه في بابه إن شاء الله. واشتقاق الدَّرحاية من الدَّرَح، وهو فعل ممات. قال الراجز: عَكَوِّك إذا مَشَى دِرْحايهْ يِحْسِبني لا أعرف الهِدايهْ والرَّدْح من قولهم: ردحتُ البيت بالطين أردَحه رَدْحاً وأردحتُه إرداحاً، لغتان فصيحتان، إذا كاثفت عليه الطّين. قال: بيتَ حتوفٍ مُكْفَأً مردوحا يعني قترة صائد. وقال الآخر: بناءُ صَخْرٍ مُرْدَحٌ بِطينِ أبو جَوارٍ أجلَحُ الجبين وامرأة رَداح: ثقيلة الأوراك، والجمع رُدُح. وجَفنة رَداح: عظيمة. قال الشاعر أميّة بن أبي الصَّلت: له داعٍ بمكّةَ مُشْمَعِلّ . . . أكمل المادة ... وآخرُ عند دارَتِهِ ينادي إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى عليها ... لُبابُ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ جمع شُهْد. وكتيبة رَداح: ثقيلة السير من كثرة من فيها. قال الشاعر لبيد: يا عامراً يا عامرَ القِداحِ وعامرَ الكتيبة الرداحِ وقد سمّت العرب رُديحاً ورَدْحان. ح - د - ز أُهملتَ إلاّ في لغة من قال الحَزْد في معنى الحَصْد حزدتُ الشيء في معنى حصدتُ. وإنما يفعلون ذلك إذا سُكِّنت الصادُ، فإذا حرّكوها ردّوها إلى أصلها. ح - د - س الحَدْس: الظنّ: حَدَسْت أحدِس حَدْساً، إذا ظننت. قال الشاعر: فوقفتُ فيها العَنْسَ أحْدِسُ في ... بعض الأمور وكنت ذا حَدْسِ وحَدَسَ يحدِس ويحدُس. ويقال: حدست بالرَّجل أحدِس به حَدْساً، إذا صرعته. قال الشاعر: ومعترَكٍ شَطَّ الحُبيّا تَرى به ... من القوم محدوساً وآخرَ حادِسا الحُبَيّا هاهنا: موضع، وشطّه: ناحيته. وحدَستُ في سَبَلَة البعير، إذا وَجَات لَبَّتَه. والحَدْس: السير الشديد. وبنو حَدَس: بطن عظيم من العرب. وحدستُ الشيءَ برِجلي، إذا وَطئته. والحَسَد: معروف، حسدت أحسُد حَسداً. ويقال: حسدتُك على الشيءَ وحسدتك الشيء بمعنى واحد. قال الشاعر: فقلت إلى الطّعام فقال منهم ... فريق نحسُد الإنْسَ الطَّعاما ورجل حاسِد وحَسود وحَسّاد. والدَّحْس: إدخالك يدَك بين جِلد الشاة وصِفاقها لتسلخها. وداحِس: اسم فرس من خيل العرب كان سُطِيَ على أُمه وهي حامل فسُمِّي داحِساً: وله حديث، وهو الذي تُنسب إليه حرب داحس. والدَّحْس: الفساد دَحَسَ بين القوم: أفسد بينهم، والدُّحّاس: دُوَيْبّة تغيب في التراب، والجمع دَحاحيس. وبيت دِحاس، إذا كان ممتلئاً ناساً، بالحاء والخاء، والخاء أكثر. وداحِس: موضع. قال الشاعر: وأَقفَرَ منها رَحْرَحانَ فداحِسا أي أصابه قفر. ويقال: ضربه حتى انسدحَ على الأرض، أي انبسط على الأرض، وقالوا بالشين أيضاً وليس بالعالي.

نهج (لسان العرب) [2]


طريقٌ نَهْجٌ: بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْجُ؛ قال أَبو كبير: فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَهُ نَهْجاً، أَبانَ بذي فَريغٍ مَخْرَفِ والجمعُ نَهجاتٌ ونُهُجٌ ونُهوجٌ؛ قال أَبو ذؤَيب: به رُجُماتٌ بينهنَّ مَخارِمٌ نُهوجٌ، كلَبَّاتِ الهَجائِنِ، فِيحُ وطُرُقٌ نَهْجَةٌ، وسبيلٌ مَنْهَجٌ: كَنَهْجٍ.
ومَنْهَجُ الطريقِ: وضَحُه.
والمِنهاجُ: كالمَنْهَجِ.
وفي التنزيل: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنْهاجاً.
وأَنهَجَ الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجاً واضِحاً بَيِّناً؛ قال يزيدُ بنُ الخَذَّاقِ العبدي: ولقد أَضاءَ لك الطريقُ، وأَنْهَجَتْ سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي أَي تُعِينُ وتُقَوِّي.
والمِنهاجُ: الطريقُ الواضِحُ.
واسْتَنْهَجَ الطريقُ: صار نَهْجاً.
وفي حديث العباس: لم يَمُتْ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، حتى تَرَكَكُم على طريقٍ ناهِجةٍ أَي واضحةٍ بَيِّنَةٍ.
ونَهَجْتُ الطريقَ: أَبَنْتُه وأَوضَحتُه؛ . . . أكمل المادة يقال: اعْمَلْ على ما نَهَجْتُه لك.
ونَهَجتُ الطريقَ: سَلَكتُه.
وفلانٌ يَستَنهِجُ سبيلَ فلانٍ أَي يَسلُكُ مَسلَكَه.
والنَّهْجُ: الطريقُ المستقيمُ.
ونَهَجَ الأَمْرُ وأَنهَجَ، لُغتانِ، إِذا وضَحَ.
والنَّهَجةُ: الرَّبْوُ يَعْلو الإِنسانَ والدابَّةَ، قال الليث: ولم أَسمَعْ منه فِعلاً.
وقال غيره: أَنهَجَ يُنْهِجُ إِنهاجاً، ونَهَجْتُ أَنهِجُ نَهْجاً، ونهِجَ الرجلُ نَهَجاً، وأَنْهَجَ إِذا انْبَهَرَ حتى يقع عليه النَّفَسُ من البُهْرِ، وأَنهَجَه غيرُه. يقال: فلانٌ يَنْهَجُ في النفَسِ، فما أَدري ما أَنهَجَه.
وأَنهَجتُ الدابَّةَ: سِرْت عليها حتى انْبَهَرَتْ.
وفي حديث قُدومِ المُسْتَضعَفِينَ بمكة: فنَهِجَ بين يَدَيْ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قَضى. النَّهَجُ، بالتحريك، والنَّهِيجُ: الرَّبْوُ، وتواتُرُ النَّفَسِ من شدَّةِ الحركةِ، وأَفعَلَ مُتَعَدٍّ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فضَرَبَه حتى أُنْهِجَ أَي وقع عليه الرَّبْوُ؛ يعني عمر.
وفي حديث عائشة: فقادني وإِني لأَنْهَجُ.
وفي الحديث: أَنه رأَى رجلاً يَنْهَجُ أَي يَرْبو من السِّمَن ويَلْهَثُ.
وأَنْهَجَتِ الدابةُ: صارتْ كذلك.
وضَرَبَه حتى أَنْهَجَ أَي انْبَسَط، وقيل: بَكى.
ونَهَجَ الثوبُ ونَهُجَ، فهو نَهِجٌ، وأَنهَجَ: بَلِيَ ولم يَتَشَقَّقْ؛ وأَنْهَجَه البِلى، فهو مُنْهَجٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: أَنْهَجَ فيه البِلى: اسْتَطار؛ وأَنشد: كالثوبِ أَنْهَجَ فيه البِلى، أَعْيا على ذي الحِيلَةِ الصانِع (* قوله «كالثوب إلخ» كذا بالأصل.
والشطر الأول منه غير موزون ولعل الأصل اذ أَنهج.) ولا يقال: نَهَجَ الثوبُ، ولكن نَهِجَ.
وأَنْهَجْتُ الثوبَ، فهو مُنْهَجٌ أَي أَخْلَقْتُه. أَبو عبيد: المُنْهَج الثوبُ الذي أَسرعَ فيه البِلَى. الجوهري: أَنْهَجَ الثوبُ إِذا أَخذ في البِلى؛ قال عبدُ بني الحَسْحاسِ: فما زال بُرْدي طَيِّباً من ثِيابِها إِلى الحَوْلِ، حتى أَنْهَجَ البُرْدُ باليا وفي شعر مازِنٍ: حتى آذَنَ الجِسْمُ بالنَّهْجِ وقد نَهِجَ الثوبُ والجسمُ إِذا بَليَ.
وأَنْهَجَه البِلى إِذا أَخْلَقَهُ. الأَزهري: نَهِجَ الإِنسانُ والكلبُ إِذا رَبَا وانْبَهَرَ يَنْهَجُ نَهَجاً. قال ابن بزرج: طَرَدْتُ الدابةَ حتى نَهَجَتْ، فهي ناهِجٌ، في شِدَّةِ نَفَسِها، وأَنْهَجْتُها أَنا، فهي مُنْهَجَةٌ. ابن شميل: إِن الكلبَ لَيَنْهَجُ من الحَرِّ، وقد نَهِجَ نَهْجَةً.
وقال غيرُه: نَهِجَ الفرَسُ حين أَنْهَجْتُه أَي رَبا حين صَيَّرتُه إِلى ذلك.

عضد (مقاييس اللغة) [2]



العين والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء؛ يُستعار في موضع القوّة والمُعين. فالعضد : ما بين المِرْفق إلى الكتف، يقال عَضُدَ وعَضْدَ، وهما عَضُْدان، والجمع أعضاد.
وهي مؤنَّثة.
ويقال: فلانٌ عضُدِي، لمكان القُوّة التي في العَضُد.
ورجلٌ عضديٌّ وعُِضَاديّ. قال الخليل: والعَضْد: المعونة ، يقال: عضَدْتُ فلاناً، أي أعنْتُه. قال الله تعالى: وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف 51]. قال ابنُ الأعرابيّ: عضُد الرجل: قَومُه وعشيرته، ولذلك يقال: يَفُتُّ في عَضُده.
وقال أعرابيٌّ لرجلٍ استعانَه فلم يُعِنه:"أنت والله العَضد الثَّلْماء"، نسبهُ إلى الضَّعف، وإذا قَصُرَت العضُد أو دَقَّت فهي عضِدَة .
وأمَّا العَضَد يفتح الضاد [فهو] داءٌ يأخذُ في العضُد. . . . أكمل المادة قال النابغة:
شَكَّ الفريصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها      شَكَّ المبيطِر إِذْ يَشْفِي من العَضَدِ

قال بعضُهم: لا يكونُ العَضَد إلاّ في الإبل خاصَّة.
وناقَةٌ عضِدَةٌ، اشتكَتْ عضُدَها.
وإبلٌ مُعَضَّدة: موسومة في أعضادها.
ويقال للدُّمْلُج: المِعْضَد والمِعْضَاد، لأنّه في العَضُد يُمْسَك.
ويقال لـه العِضَاد أيضاً.
ويقال ذلك للذي يُشَدّ على الَعضُد للنفقة .قال الخليل: وأعضاد كلِّ شيءٍ: ما يُشَدُّ حوالَيْه من البِناء، وذلك كأعضاد الحوض، وهي صفائح من حجارةٍ يُنْصَبْنَ حول شفيرهِ، الواحد عَضُد. قال لبيد:
راسخُ الدِّمْنِ على أعضادِهِ      ثَلَمَتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ

وعَضُد الرَّحْلِ: خشبتانِ لَزِيقتَانِ بالواسطة.
وعِضادة الباب: مِسَاكاهُ اللذان يُطبَق البابُ عليهما.
والعَضِيد: النَّخْلة تنَاوَلُ ثمرَها بيدك.
وممكنٌ أن يسمَّى بذلك لأجل أنَّ العَضُد تُطَاوِلُها فتنالُها.
والرَّجُلُ العُضاديُّ: الممتلئ العَضدين لحماً. قال:
وأعجبَهَا ذُو شَمْلةٍ وهِرَاوَةٍ      غلامٌ عُضَاديٌّ سمينُ البآدلِ

قال: والعاضد: الذي يلزم جانبَ الإبل، ولابدَّ لها من عاضدين؛ لأن السّوَّاق خلْفَها والعاضِدَين من جانبَيها.
وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
يا ليت لي بصاحِبيَّ صاحبا      إذا مَشَى لم يَعْضُد الرَّكائبا

أي لم يأتِها من قِبَل أعضادها.
والعاضد: السَّهمُ يأخذ ناحيةً من الغَرَضِ لا يصيبُه.
وعَضَد الرَّجلُ عن الطَّريقِ: مالَ.قال ابن السِّكِّيت: العاضد من الجِمال الذي يَعضُد النّاقةَ فيتنوَّخُها. قال:
صَوَّى لها ذا كُدنةٍ جُلاعِدَا      طَوْعَ السِّنانِ ذراعاً وعاضِدا

والأصل الآخَر القَطْع. قال الخليل: العَضْد: قَطْع الشّجرةِ بالمِعْضَد، وهو سيفٌ ممتهَنٌ في قَطْع الشَّجَر.
والعاضد: القاطع.
وفي الحديث في مدينة الرسول: "لا يُعْضَدُ شَجرُها".
وقال في المِعْضد:
حسامٍ إذا ما قمتُ منتصراً به      كفَى العَوْدَ منه البَدءُ ليس بمِعْضَدِ

قال ابنُ الأعرابيّ: سيف مِعْضَدٌ ومِعْضادٌ وَعَضَّادٌ، أي قاطع. يقال عَضّدت الشجرة، واسم ما يقطع منها العَضيد والعَضَد. قال الهذليّ :
الطَّعْنُ شَغشغةٌ والضَّربُ هيقعةٌ      ضَرْبَ المعوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا

ومما شذَّ عن هذين الأصلين: الثَّوب المُعَضَّد، وهو المخطّط قال:

حدس (لسان العرب) [3]


الأَزهري: الحَدْسُ التوهم في معاني الكلام والأُمور؛ بلغني عن فلان أَمر وأَنا أَحْدُسُ فيه أَي أَقول بالظن والتوهم.
وحَدَسَ عليه ظنه يَحْدِسه ويَحْدُسُه حَدْساً: لم يحققه.
وتَحَدَّسَ أَخبارَ الناس وعن أَخبار الناس: تَخَيَّر عنها وأَراغها ليعلمها من حيث لا يعرفون به.
وبَلَغَ به الحِدَاسَ أَي الأَمرَ الذي ظن أَنه الغاية التي يجري إِليها وأَبعد، ولا تقل الإِدَاسَ: وأَصلُ الحَدْسِ الرمي، ومنه حَدْسُ الظن إِنما هو رَجْمٌ بالغيب.
والحَدْسُ: الظنّ والتخمين. يقال: هو يَحْدِس، بالكسر، أَي يقول شيئاً برأَيه. أَبو زيد: تَحَدَّسْتُ ع الأَخبار تَحَدُّساً وتَنَدَّسْتُ عنها تَنَدُّساً وتَوَجَّسْت إِذا كنت تُرِيغُ أَخبار الناس لتعلمها من حيث لا يعلمون.
ويقال: حَدَسْتُ عليه ظني ونَدَسْتُه . . . أكمل المادة إِذا ظننت الظن ولا تَحُقُّه.
وحَدَسَ الكلامَ على عواهِنِه: تَعَسَّفه ولم يَتَوَقَّه.
وحَدَسَ الناقة يَحْدِسُها حَدْساً: أَناخها، وقيل: أَناخها ثم وَجَأَ بشَفْرَتِه في منحرها.
وحَدَس بالناقة: أَناخها، وفي التهذيب؛ إِذا وَجَأَ في سَبَلتها، والسَّبَلَةُ ههنا: نَحْرُها. يقال: ملأ الوادي إِلى أَسبالِه أَي إِلى شفاهِه.
وحَدَسْتُ في لَبَّةٍ البعير أَي وَجَأْتها.
وحَدَس الشاةَ يَحْدِسها حَدْساً: أَضجعها ليذبحها.
وحَدَسَ بالشاة: ذبحها.
ومنه المثل السائر: حَدَسَ لهم بمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ؛ يعني الشاة المهزولة، وقال الأَزهري: معناه أَنه ذبح لأَضيافه شاة سمينة أَطفأَت من شحمها تلك الرَّضْف.
وقال ابن كناسَةَ: تقول العرب: إِذا أَمسى النَّجْمُ قِمَّ الرأْس فَعُظْماها فاحْدِسْ؛ معناه انْحَرْ أَعظم الإِبل.
وحَدَس بالرجل يَحْدِسُ حَدْساً، فهو حَدِيسٌ: صَرَعَه؛ قال معد يكرب: لمن طَلَلٌ بالعَمْقِ أَصْبَحَ دارِسا؟ تَبَدَّلَ آراماً وعِيناً كَوانِسا تَبَدَّلَ أُدْمانَ الظِّباءِ وحَيْرَماً، وأَصْبَحْتُ في أَطلالِها اليومَ جالِسا بمُعْتَرَكٍ شَطَّ الحُبَيَّا تَرَى به، من القوم، مَحْدُوساً وآخر حادِسا العَمْقُ: ما بَعُدَ من طرف المفازة.
والآرام: الظباء البيض البطون.
والعِينُ: بقر الوحش.
والكَوانِسُ: المقيمة في أَكنستها.
وكناس الظبي والبقرة: بينهما.
والحُبَيَّا: موضع.
وشَطُّه: ناحيته.
والحَيْرَمُ: بقر الوحش، الواحدة حَيرمة.
وحَدَسَ به الأَرض حَدْساً: ضربها به.
وحَدَسَ الرجلَ: وَطِئَه.
والحَدْسُ: السرعة والمُضِيُّ على استقامة، ويوصف به فيقال: سَيْرٌ حَدْسٌ؛ قال: كأَنها من بَعْدِس سَيْرٍ حَدْسِ فهو على ما ذكرنا صفة وقد يكون بدلاً.
وحَدَسَ في الأَرض يَحْدِسُ حَدْساً: ذهب.
والحَدْسُ: الذهاب في الأَرض على غير هداية. قال الأَزهري: الحَدْسُ في السير سرعة ومضيٌّ على غير طريقة مستمرة. الأُمَوِيُّ: حَدَس في الأَرض وعَدَسَ يَحْدِسُ ويَعْدِسُ إِذا ذهب فيها.
وبنو حَدَسٍ: حَيٌّ من اليمن؛ قال: لا تَخْبِزا خَبْزاً وبُسّا بَسَّا، مَلْساً بذَوْدِ الحَدَسِيِّ مَلْسا وحَدَسٌ: اسم أَبي حيٍّ من العرب وحَدَسْتُ بسهم: رميت.
وحَدَسْتُ برجلي الشيء أَي وَطِئْتُه.
وحَدَسْ: زجر للبغال كعَدَسْ، وقيل: حَدَسْ وعَدَسْ اسما بَغَّالَيْن على عهد سليمان بن داود، عليهما السلام، كانا يَعْنُفانِ على البِغالِ، فإِذا ذُكِرَا نَفَرَتْ خوفاً مما كانت تلقى منهما؛ قال: إِذا حَمَلْتُ بِزَّتي على حَدَسْ والعرب تختلف في زجر البغال فبعض يقول: عَدَسْ، وبعض يقول: حَدَسْ؛ قال الأَزهري: وعَدَسْ أَكثر من حَدَسْ؛ ومنه قول ابن مُفَرَّع: عَدَسْ ما لعَبَّادٍ عليكِ إِمارَةٌ نَجَوْتُ، وهذا تَحْمِلينَ طَلِيقُ جعل عَدَسْ اسماً للبغلة، سماها بالزَّجْرِ: عَدَسْ.

حدس (العباب الزاخر) [2]


الحَدْس: الظّن والتخمين والتّوهُّم في معاني الكلام والأمور.
وقال ابن دريد: حَدَسَ يَحْدُسُ ويَحْدِسُ، قال الحارث بن حلزة اليشكري يذكُرُ الدِّيارَ:
فوَقَفتُ فيها الرَّكبَ أحْدِسُ في      كُلِّ الأمور وكُنتُ ذا حّدْسٍ

هذه رواية المُفَضَّل بن محمد الضَّبِّي.
ورواية ابن دريد في الجَمهَرة: "فيها العَنْسُ أحْدِسُ في بعض الأمور". وقال: وحَدَسْتُ بالرجل أحدِس به حَدْساً: إذا صَرَعْتَه، قال عمرو بن مَعْدي كَرِب -رضي الله عنه- يَذكُر الديار:
بِمُعتَرَكٍ شَطَّ الحُـبَـيّا تَـرى بِـهِ      من القَومِ مَحْدوساً وآخَرَ حادِسـا


ويُروى: "ضَنْكُ الحُمَيّا".
وقال آخَر:
دَلوَكَ إنَي مُمْسِكٌ دَلاتي      وحادِسُ العَبْدِ بِجَندَلاتي

وقال يعقوب: أصْل الحَدْسِ في اللغة: القصد بأيِّ شيء كان؛ ظناً أو رَمُياً أو ضَرْباً، . . . أكمل المادة يقال حَدَسْتُ به الأرض: أي ضَرَبْتُ به الأرض. وحَدَسْتُ الشيء برِجلي: أي وَطِئتُه. وحَدَسْتُه بسهمٍ أو بِحَجَرٍ: رَمَيتُه به. وقال أبو نَصْر: الحَدْس: الأثر، يقال رأيتُ حَدْسَ البَعير: إذا رأيتَ أثَرَه.
وقال الليث: الحَدْسُ في السير: سُرعَةٌ ومُضِيٌّ على طريقَةٍ مَستَمِرَّة، قال العجّاج يمدح عبد الملك بن مروان:
حتى احتَضَرنا بعد سيرٍ حّدْسِ      إمامَ رغسٍ في نِصابِ رَغْسِ

وقال ابن دريد: حَدَسْت في سَبَلَةِ البعير: إذا وَجَأتَلَبَّتَه. والحَدسُ -أيضاً-: الذبح. وقال اللَّحياني: حَدَسْتُ الشاةَ حَدْسَاً: إذا أضجًعْتَها لِتَذْبَحَها، قال: ومنه المثل: حَدَسَ لهم بِمُطفِئَةِ الرَّضْفِ.
ومعناه: ذبح لهم شاةٍ مهزولة تُطفئ النار ولا تنضَج، وقيل: تُطفئ الرَّضفَ من سِمَنِها. ويقال: حَدَسَ يَحدِسُ: إذا جادَ، والمعنى: جادَ لهم بكذا.
ورَوى أبو زيد: حَدَسَهُم بمُطفِئةِ الرَّضْفِ. وقال القُتَبيُّ: ومما أودعته العرب من أسجاعها في طلوع نجمٍ نجمٍ من الدلائل على الحوادث قولهُم: إذا أمْسَتِ الثُّرَيّا قِمَّ الرأسِ ففي الدارِ فاخْنِسْ؛ وانْهَس. قولُه: "عُظَماهُنَّ فاحْدِسْ" أي تخيَّر عُظمى الإبل للنَّحر، وقولُهُم فاحْدِسْ هاهُنا مِنْ حَدَسْتُه أي تَوَهَّمْتُه؛ كأنّه يريد: تَخَيَّرْ بِوَهمِك عُظْماهُنَّ، ويجوز أن يكون الحَدْسُ هاهُنا الإضجاع والصَّرْع؛ أي التي هي عُظْماهُنَّ عَرْقِبْها حتّى تسقط إلى الأرض. وقال أبو زيد: حَدَسْتُ الناقة وحَدَسْتُ بالناقة -متعدياً وغير مُتعدٍّ- أحْدِسُها وأحْدِس بها: إذا أنَخْتَها. وقال ابنُ أرقَمَ الكوفي: حَدَسٌ -بالتحريك-: قومُ كانوا على عهد سليمان بن داود -صلوات الله عليهما-، وكانوا يَعنفون على البغال، فإذا ذُكِروا نَفَرَتِ البِغال خوفاً لما كانت لقِيَت منهم.
وهذا يقوّي قول من قال حَدَسْ في زَجْرِ البغل؛ مكان عَدَس. وقال ابن دريد: بنو حَدَسٍ: بَطْنٌ عظيم من العرب. ووَكيع بن حُدْس -بضمّتين-: من التابعين، قال يَزيد بن هارون وأحمد بن محمد بن حنبل، وقال غيرهما: عُدُسٌ. وقال ابن السكَّيت: يقال بَلَغَت به الحِداس -بالكسر-: أي الغاية التي يُجرى إليها ويُعدى، ولا تَقُل الإداسَ. والمَحْدِسُ: المَطْلَبُ، قال:
أُهدي ثناءً من بَعيدِ المَحْدِسِ     

وقال أبو زيد: تَحَدَّسْتُ الأخبار وعن الأخبارِ: إذا تَخَبَّرْتَ عنها وأرَدْتَ أنْ تَعْلَمَها من حيث لا يُعْلَمُ بك. والتَّركيب يدلُّ على الرمي والسُّرعة وما أشْبَهَهُما.

روم (لسان العرب) [1]


رام الشيءَ يَرومُهُ رَوْماً ومَراماً: طلبه، ومنه رَوْمُ الحركة في الوقف على المرفوع والمجرور؛ قال سيبويه: أَما الذين راموا الحركة فإنه دعاهم إلى ذلك الحِرْصُ على أَن يُخرجوها من حالِ ما لزمه إسكانٌ على كل حال، وأَن يُعلموا أَن حالها عندهم ليس كحال ما سكن على كل حال، وذلك أَراد الذين أَشَمُّوا إلا أَن هؤلاء أَشد توكيداً؛ قال الجوهري: رَوْمُ الحركة الذي ذكره سيبويه حركة مُخْتَلَسَةٌ مُخْتفاةٌ لضرب من التخفيف، وهي أَكثر من الإشمام لأنها تسمع، وهي بِزِنَةِ الحركة وإن كانت مُخْتلَسة مثل همزة بين بين كما قال: أَأَن زُمَّ أَجْمالٌ وفارقَ جيرة، وصاح غُراب البَيْنِ: أَنتَ حَزِينُ . . . أكمل المادة قوله أَأَن زم: تقطيعه فعولن، ولا يجوز تسكين العين، وكذلك قوله تعالى: شَهْرُ رَمضان، فيمن أَخفى إنما هو بحركة مختلسة، ولا يجوز أَن تكون الراء الأُولى ساكنة لأَن الهاء قبلها ساكن، فيؤدي إلى الجمع بين الساكنين في الوصل من غير أَن يكون قبلها حرف لين، قال: وهذا غير موجود في شيء من لغات العرب، قال: وكذلك قوله تعالى: إنا نحن نزَّلنا الذكر وأَمَّنْ لا يَهِدِّي ويَخَصِّمون، وأَشباه ذلك، قال: ولا مُعْتَبَر بقول القُرَّاء إن هذا ونحوه مدغم لأَنهم لا يُحَصِّلون هذا الباب، ومن جمع بين الساكنين في موضع لا يصح فيه اختلاس الحركة فهو مخطئ كقراءَة حمزة في قوله تعالى: فما اسطاعوا، لأَنَّ سين الاستفعال لا يجوز تحريكها بوجه من الوجوه. قال ابن سيده: والمَرامُ المَطْلَبُ. ابن الأَعرابي: رَوَّمْتُ فلاناً ورَوَّمْتُ بفلان إذا جعلته يطلب الشيء.
والرامُ: ضرب من الشجر.
والرَّوْمُ: شَحْمة الأُذن.
وفي حديث أبي بكر، رضي الله عنه: أنه أَوصى رجلاً في طهارته فقال: تَعَهَّد المَغْفَلَةَ والمَنْشَلَةَ والرَّوْمَ؛ هو شحمة الأُذن.
والرُّومُ: جيل معروف، واحدهم رُوميّ، يَنْتَمون إلى عِِيصُو بن إسحق النبي، عليه السلام.
ورُومانُ، بالضم: اسم رجل، قال الفارسي: رُومٌ ورُومِيّ من باب زَنْجِيّ وَزَنْج؛ قال ابن سيده: ومثله عندي فارِسيّ وفِرْسٌ، قال: وليس بين الواحد والجمع إلا الياء المشددة كما قالوا تمرة وتمر، ولم يكن بين الواحد والجمع إلا الهاء. قال: والرُّومَة بغير همز الغِراء الذي يلصق به ريش السهم؛ قال أَبو عبيد: هي بغير همز، وحكاها ثعلب مهموزة.
ورُومة: بئر بالمدينة.
وبئر رُومَةَ، بضم الراء: التي حفرها عثمان بناحية المدينة، وقيل: اشتراها وسَبَّلها. أَبو عمرو: الرُّومِيُّ شِراعُ السفينة الفارغة، والمُرْبعُ شِراع المَلأَى.
ورامَةُ: اسم موضع بالبادية؛ وفيه جاء المثل: تَسْألُني برامَتَيْنِ سَلْجَما والنسبة إليهم رامِيّ على غير قياس، قال: وكذلك النسبة إلى رامَهُرْمُزَ، وهو بلد، وإن شئت هُرْمُزِيّ؛ قال ابن بري: قال أَبو حنيفة سلجم معرب وأَصله بالشين، قال: والعرب لا تتكلم به إلا بالسين غير المعجمة؛ وقيل لرامِيٍّ: لمَ زرعتم السَّلْجَمَ؟ فقال: معاندة لقوله: تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما، يا مَيُّ، لو سأَلتِ شيئاً أَمَما، جاء به الكَرِيُّ أَو تَجَشَّما قال ابن بري عند قول الجوهري والنسبة إلى رامة رامِيّ على غير القياس، قال: هو على القياس، قال: وكذلك النسب إلى رامَتَيْن رامِيّ، كما يقال في النسب إلى الزَّيْدَيْنِ زَيْدِيّ، قال: فقوله راميّ على غير قياس لا معنى له، قال: وكذلك النسب إلى رامَهُرْمُز رامِيّ على القياس.
ورُومَةُ: موضع، بالسريانية.
ورُوَيْمٌ: اسم.
ورُومانُ: أَبو قبيلة.
ورُوام: موضع، وكذلك رامَةُ؛ قال زهير: لِمَنْ طَلَلٌ برامَةَ لا يَرِيمُ عفا، وخِلالُهُ حُقُبٌ قَدِيمُ؟ فأما إكثارهم من تثنية رامَةَ في الشعر فعلى قولهم للبعير ذو عَثانِينَ، كأنه قسمها جزئين كما قسم تلك أَجزاء؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا على رامَتَيْنِ أنها تثنية سميت بها البلدة للضرورة، لأَنهما لو كانتا أَرْضَين لقيل الرامتين بالألف واللام كقولهم الزيدان، وقد جاء الرامَتان باللام؛ قال كثيرِّ: خليليّ حُثَّا العِيسَ نُصْبِحْ، وقد بَدَتْ، لنا من جبال الرامَتَيْنِ، مَناكِبُ ورامَهُرْمُزَ: موضع، وقد تقدم في هذا الفصل ما فيها من اللغات والنسب إليها.

ضحح (لسان العرب) [1]


الضِّحُّ: الشمس، وقيل: هو ضوؤها، وقيل: هو ضوؤها إِذا استمكن من الأَرض، وقيل: هو قَرْنُها يصيبك، وقيل: كلُّ ما أَصابته الشمس ضِحٌّ؛ وفي الحديث: لا يَقْعُدَنَّ أَحدُكم بين الضِّحِّ والظِّلِّ فإِنه مَقْعَدُ الشيطان أَي نصفه في الشمس ونصفه في الظل؛ قال ذو الرمة يصف الحِرْباء: غدا أَكْهَبَ الأَعلى وراحَ كأَنه، من الضِّحِّ واستقبالهِ الشمسَ، أَخْضَرُ أَي واستقباله عينَ الشمس. الأَزهري: قال أَبو الهيثم: الضِّحُّ نقيض الظل، وهو نور الشمس الذي في السماء على وجه الأَرض، والشمس هو النور الذي في السماء يَطْلُعُ ويَغْرُب، وأَما ضوؤه على الأَرض فضِحٌّ؛ قال: وأَصله الضِّحْيُ فاستثقلوا الياء مع سكون الحاء فَثَقَّلُوها، وقالوا . . . أكمل المادة الضِّحُّ، قال: ومثله العبدُ القِنُّ أَصله قِنْيٌ، من القِنْيَةِ؛ ومن أَمثال العرب: جاء بالضِّحِّ والرّيحِ.
وضَحْضَحَ الأَمرُ إِذا تبين؛ قال الأَصمعي: هو مثلُ الضَّحْضاح يَنْتَشِر على وجه الأَرض.
وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال: الضِّحُّ كان في الأَصل الوِضْحُ، وهو نور النهار وضَوْءُ الشمس، فحذفت الواو وزيدت حاءٌ مع الحاء الأَصلية فقيل: الضِّحُّ؛ قال الأَزهري: والصواب أَن أَصله الضِّحْيُ مِن ضَحِيَتِ الشمسُ؛ قال الأَزهري في كتابه: وكذلك القِحَّةُ أَصلها الوِقْحَةُ فأُسقطت الواو وبُدِّلت الحاء مكانها فصارت قِحَّة بحاءَين.
وجاء فلان بالضِّحِّ والريح إِذا جاء بالمال الكثير؛ يعنون إِنما جاء بما طلعت عليه الشمس وجَرَت عليه الريح يعني من الكثرة، ومن قال: الضِّيح والريح في هذا المعنى فليس بشيء وقد أَخطأَ عند أَكثر أَهل اللغة، وإِنما قلنا عند أَكثر أَهل اللغة لأَن أَبا زيد قد حكاه، وإِنما الضِّيحُ عند أَهل اللغة لغة الضِّحِّ الذي هو الضوء وسيذكر؛ وفي حديث أَبي خَيْثَمة: يكون رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في الضِّحِّ والريح وأَنا في الظل أَي يكون بارزاً لحرّ الشمس وهبوب الرياح؛ قال: والضِّحُّ ضوء الشمس إِذا استمكن من الأَرض، وهو كالقَمْراء للقمر؛ قال ابن الأَثير: هكذا هو أَصل الحديث ومعناه، وذكر الهروي فقال: أَراد كثرة الخيل والجيش؛ ابن الأَعرابي: الضِّحُّ ما ضَحا للشمس، والريحُ ما نالته الريحُ.وقال الأَصمعي: الضِّحُّ الشمس بعينها؛ وأَنشد: أَبيَض أَبْرَزَه للضِّحِّ راقِبُه، مُقَلَّد قُضُبَ الرَّيْحانِ مَفْغُوم وفي حديث عَيَّاش بن أَبي ربيعة: لما هاجر أَقْسَمَتْ أُمُّه بالله لا يُظِلُّها ظِلٌّ ولا تزال في الضِّحِّ والريح حتى يرجع إِليها؛ وفي الحديث: لو مات كَعْبٌ عن الضِّحِّ والريحِ لَوَرِثَه الزبير؛ أَراد: لو مات عما طلعت عليه الشمس وجرت عليه الريح، كَنَى بهما عن كثرة المال؛ وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، قد آخَى بين الزبير وبين كعب بن مالك. قال ابن الأَثير: ويروى عن الضِّيح والريح.
والضِّحُّ: ما بَرَزَ من الأَرض للشمس.
والضِّحُّ: البَراز الظاهرُ من الأَرض، ولا جمع لكل شيء من ذلك.
والضَّحْضَحُ والضَّحْضاحُ: الماء القليل يكون في الغدير وغيره، والضَّحْلُ مثله، وكذلك المُتَضَحْضِحُ؛ وأَنشد شمر لساعدة بن جُؤَيَّة: واسْتَدْبَرُوا كلَّ ضَحْضاحٍ مُدَفِّئَةٍ، والمُحْصَناتِ وأَوزاعاً من الصَرَمِ (* قوله «واستدبروا» أي استاقوا.
والضحضاح: الإبل الكثيرة.
والمدفئة ذات الدفء.
والأَوزاع: الضروب المتفرقة، كما فسره صاحب الأساس.
والصرم جمع صرمة: القطعة من الإبل نحو الثلاثين. فحينئذ حق البيت أن ينشد عند قوله الآتي قريباً وإِبل ضحضاح كثيرة.) وقيل: هو الماء اليسير؛ وقيل: هو ما لا غَرَقَ فيه ولا له غَمْرٌ؛ وقيل: هو الماءُ إِلى الكعبين إِلى أَنصاف السُّوقِ؛ وقول أَبي ذؤيب: يَحُشُّ رَعْداً كَهَدْرِ الفَحْلِ، يَتْبَعُه أُدْمٌ، تَعَطَّفُ حَوْلَ الفَحلِ، ضَحْضاحُ قال خالد بن كُلْثوم: ضَحْضاحٌ في لغة هذيل كثير لا يعرفها غيرهم؛ يقال: عنده إِبل ضَحْضاحٌ، قال الأَصمعي: غَنَمٌ ضَحْضَاحٌ وإِبلٌ ضَحْضاحٌ كثيرة؛ وقال الأَصمعي: هي المنتشرة على وجه الأَرض؛ ومنه قوله: تُرَى بُيوتٌ، وتُرَى رِماحُ، وغَنَمٌ مُزَنَّمٌ ضَحْضاحُ قال: الأَصمعي: هو القليل على كل حال، وأَراد هنا جماعة إِبل قليلة.
وقد تَضَحْضَحَ الماءُ؛ قال ابن مُقْبل: وأَظْهَرش في عِلانِ رَقْدٍ، وسَبْلُه عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ (* قوله «وأَظهر في علان إلخ» أَي نزل السحاب في هذا المكان وقت الظهر.) وماء ضَحْضاحٌ أَي قريب القعر.
وفي حديث أَبي المِنْهال: في النار أَوديةٌ في ضَحْضاح؛ شَبَّه قِلَّةَ النار بالضَّحْضاحِ من الماء فاستعاره فيه؛ ومنه الحديث الذي يروى في أَبي طالب: وجدته في غمرات من النار فأَخْرَجْتُه إِلى ضَحْضاحٍ؛ وفي رواية: إِنه في ضَحْضاحٍ من نار يَغْلي منه دِماغُه.
والضَّحْضاحُ في الأَصل: ما رَقَّ من الماء على وجه الأَرض ما يبلغ الكعبين واستعاره للنار.
والضَّحْضَحُ والضَّحْضَحةُ والتَّضَحْضُحُ: جَرْيُ السَّراب.
وضَحْضَحَ السَّراب وتَضَحْضَحَ إِذا تَرَقْرَقَ.

وشع (لسان العرب) [1]


وشَعَ القُطْنَ وغيرَه، وَوشَّعَه، كِلاهما: لَفَّه.
والوَشِيعةُ: ما وُشِّعَ منه أَو من الغَزْل.
والوَشِيعةُ: كُبَّةُ الغَزْلِ.
والوَشِيعُ: خشَبةُ الحائِكِ التي يُسَمِّيها الناسُ الحَفَّ، وهي عند العرب الحِلْوُ إِذا كانت صغيرة، والوَشِيعُ إِذا كانت كبيرة.
والوَّشِيعةُ: خشَبةٌ أَو قصَبةٌ يُلَفُّ عليها الغَزْلُ، وقيل: قصبة يَجْعلُ فيها الحائِك لُحْمةَ الثوبِ للنسْجِ، والجمع وَشِيعٌ ووَشائِعُ؛ قال ذو الرمة: به مَلْعَبٌ من مُعْصِفاتٍ نَسَجْنَه، كَنَسْجِ اليَماني بُرْدَه بالوَشائِعِ والتوْشِيعُ: لَفُّ القُطْنِ بعد النَّدْفِ، وكلُّ لَفِيفةٍ منه وَشِيعةٌ؛ قال رؤْبة: فانْصاعَ يَكْسُوها الغُبارَ الأَصْيَعا، نَدْفَ القِياسِ القُطنَ المُوَشَّعا الأَصْيَعُ: الغُبارُ الذي يجيءُ ويذهب، يَتَصَيَّع ويَنْصاعُ: مرة ههنا ومرة ههنا.
وقال الأَزهري: هي قصبة يُلْوى عليها الغزلُ من أَلوان . . . أكمل المادة شَتى من الوَشْيِ وغير أَلوان الوشي، ومن هناك سميت قصَبةُ الحائِكِ الوَشِيعة، وجمعها وشائع، لأَن الغزل يُوشَّعُ فيها.
ووَشَّعَتِ المرأَةُ قُطنها إِذا قَرَضَتْه وهَيَّأَتْه للندْفِ بعد الحَلْجِ، وهو التَّزبِيدُ والتَّسْيِيحُ.
ويقال لما كسا الغازِلُ المَغْزُولَ: وشِيعةٌ ووَلِيعةٌ وسَلِيخةٌ ونَضْلةٌ.
ويقال: وَشْعٌ من خير ووُشُوعٌ ووَشْمٌ ووُشُومٌ وشَمْعٌ وشُموعٌ.
والوَشِيعُ: عَلَمُ الثوْبِ ووَشَّعَ الثوبَ: رَقَمَه بعَلَم ونحوه.
والوشِيعةُ: الطريقةُ في البُرْدِ.
وتَوَشَّعَ بالكذِبِ. تَحَسَّنَ وتَكَثَّرَ؛ وقوله: وما جَلْسُ أَبْكارٍ أَطاعَ لِسَرْحِها جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وشُوعُ قيل: وشوع كثيرٌ، وقيل: إِن الواو للعطف، والشُّوعُ: شجر البان، الواحدة شُوعةٌ.
ويروى: وُشُوعُ، بضم الواو، فمن رواه بفتح الواو وَشوع فلواو واو النسَق، ومن رواه وُشوعُ فهو جمع وَشْعٍ، وهو زَهْر البُقول.
والوَشْعُ: شجر البانِ، والجمع الوُشوعُ.
والتَّوشِيعُ: دخولُ الشيء في الشيء.
وتوَشَّعَ الشيءُ: تفَرَّقَ.
والوَشوعُ: المتفرّقة.
ووُشوعُ البقْل: أَزاهِيرُه، وقيل: هو ما اجتمع على أَطرافه منها، واحدها وَشْعٌ.
وأَوشَعَ الشجرُ والبقلُ: أَخرج زهْرَه أَو اجتمع على أَطرافه. قال الأَزهري: وشَعَتِ البقلةُ إِذا انفَرَجَت زَهْرتُها.
والوَشِيعةُ والوَشِيعُ: حظِيرةُ الشجر حول الكَرْم والبُستان، وجمعها وشائِعُ.
ووَشَّعُوا على كرمهم وبستانهم: حَظَرُوا.
والوَشِيعُ: كَرْمٌ لا يكون له حائط فيجعلُ حولَه الشوكُ لِيَمْنَعَ مَن يدخل إِليه.
ووَشَّعَ كرمَه: جعل له وَشِيعاً، وهو أَن يَبْنِيَ جَدارَه بقَصَبٍ أَو سعَف يُشَبِّكُ الجِدارَ به، وهو التَّوشِيعُ.
والمُوَشَّعُ: سَعَفٌ يُجْعَلُ مثل الحظيرة على الجَوْخانِ يُنْسَجُ نَسْجاً؛ وقول العجاج: صافي النّحاسِ لم يُوشَّعْ بكَدَرْ وقيل في تفسيره: لم يُوَشَّعْ لم يُخْلَط وهو مما تقدم، ومعناه لم يُلبس بكدر لأَنَّ السّعَف الذي يسمى النَّسِيجةَ منه المُوَشَّع يُلبس به الجَوخان.
والوَشيع: الخُضُّ، وقيل: الوَشِيعُ شَريجةٌ من السعَف تُلْقى على خَشباتِ السقْفِ، قال: وربما أُقِيمَ كالخص وسُدَّ خَصاصُها بالثُّمامِ، والجمع وشائِعُ؛ ومنه الحديث: والمسجِدُ يومئذٍ وشِيعٌ بسَعَف وخشب؛ قال كثيِّر: دِيارٌ عَفَتْ مِنْ عَزَّةَ، الصَّيْفَ، بَعْدَما تُجِدُّ عَلَيْهِنَّ الوَشِعَ المُثَمَّما أَي تُجِدُّ عزةُ يعني تجعلُه جديداً؛ قال ابن بري: ومثله لابن هَرْمةَ: بِلِوى سُوَيْقةَ، أَو بِبُرْقةِ أَخْزَمٍ، خِيمٌ على آلائِهِنَّ وَشِيعُ وقال: قال السكري الوَشِيعُ الثُّمامُ وغيره، والوَشِيعُ سقف البيت، والوَشِيعُ عَريشٌ يُبْنى للرئيس في العسكر يُشْرِفُ منه على عسكره؛ ومنه الحديث: كان أَبو بكر،رضي الله عنه، مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الوَشِيعِ يوم بَدْرٍ أَي في العْريش.
والوَشْعُ: النَّبْذُ من طَلْع النخل.
والوَشْعُ: الشيء القليلُ من النبْت في الجبل.
والوُشُوعُ: الضُّرُوبُ؛ عن أَبي حنيفة.
ووَشَعَ الجبلَ ووشعَ فيه يَشَعُ، بالفتح، وَشْعاً ووُشوعاً وتوَشَّعه: علاه: وتوَشَّعَتِ الغنمُ في الجبل إِذا ارْتَقَتْ فيه ترْعاه، وإِنه لوَشوعٌ فيه مُتَوَقِّلٌ له؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وكذلك الأُنثى؛ وأَنشد: ويْلُمِّها لِقْحةُ شَيْخٍ قد نَحَلْ، حَوْساءُ في السَّهْلِ، وَشوعٌ في الجبَلْ وتَوَشَّعَ فلان في الجبل إِذا صَعَّدَ فيه.
ووشَعَه الشيءُ أَي عَلاه.
وتَوَشَّعَ الشيْبُ رأْسَه إِذا علاه. يقال: وشَع فيه القَتِيرُ ووَشَّعَ وأَتْلَعَ فيه القتير وسَبَّل فيه الشيْبُ ونَصَلَ بمعنى واحد.
والوَشُوعُ: الوَجُورُ يُوجَرُه الصبيُّ مثل النَّشُوع.
والوَشِيعُ: جِذْعٌ أَو غيره على رأْس البئر إِذا كانت واسعة يقوم عليه الساقي.
والوَشِيعةُ: خشبة غليظة توضع على رأْس البئر يقوم عليها الساقي؛ قال الطرماح يصف صائداً: فأَزَلَّ السَّهْمَ عنها، كما زَلَّ بالساقي وشِيعُ المَقام ابن شميل: تَوَزَّعَ بنو فلان ضُيُوفَهم وتوَشَّعُوا سواء أَي ذهَبوا بهم إِلى بيوتهم، كلُّ رجل منهم بطائفة.
والوَشِيعُ ووَشِيعٌ، كلاهما: ماءٌ معروف؛ وقول عنترة: شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّ يْلَمِ إِنما هو دُحْرُضٌ ووَشِيعٌ ماءَان معروفان فقال الدُّحْرُضَينِ اضْطِراراً، وقد ذكر ذلك في وسيع بالسين المهملة أَيضاً.

عطن (لسان العرب) [1]


العَطَنُ للإِبل: كالوَطَنِ للناس، وقد غَلَبَ على مَبْرَكِها حولَ الحوض، والمَعْطَنُ كذلك، والجمع أَعْطانٌ.
وعَطَنتِ الإِبلُ عن الماءِ تَعْطِنُ وتعْطُنُ عُطُوناً، فهي عَواطِنُ وعُطُونٌ إذا رَوِيَتْ ثم بَرَكتْ، فهي إِبل عاطنة وعَوَاطن، ولا يقال إِبل عُطّانٌ.
وعَطَّنتْ أَيضاً وأَعْطَنَها: سقاها ثم أَناخها وحبسها عند الماء فبركت بعد الورود لتعود فتشرب؛ قال لبيد: عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهما، إنما يُعْطِنُ أَصحابُ العَلَلْ.
والاسم العَطَنةُ.
وأَعْطَنَ القومُ: عَطَنتْ إِبلُهم.
وقوم عُطّانٌ وعُطُونٌ وعَطَنةٌ وعاطِنونَ إذا نزلوا في أَعْطان الإِبل.
وفي حديث الرؤيا: رَأَيْتُني أَنْزِعُ على قَلِيب فجاءَ أَبو بكر فاسْتَقَى وفي نَزْعِه ضعْفٌ والله يغفر له، فجاءَ عمر فَنَزَعَ فاسْتحالَتِ الدَّلْوُ في يده غَرْباً، فأَرْوَى الظَّمِئةَ حتى . . . أكمل المادة ضَرَبَتْ بعَطَنٍ؛ يقال: ضربت الإِبلُ بعطَنٍ إذا رَوِيَتْ ثمَّ بَرَكَتْ حول الماء، أَو عند الحياض، لتُعادَ إلى الشرب مرة أُخرى لتشرب عَلَلاً بعد نَهَلٍ، فإذا استوفت ردَّت إلى المراعي والأَظْماءِ؛ ضَرَب ذلكَ مثلاً لاتساع الناس في زمن عمر وما فتح عليهم من الأَمصار.
وفي حديث الاستِسقَاء: فما مضت سابعة حتى أَعْطَنَ الناسُ في العُشْب؛ أَراد أَن المطر طَبَّقَ وعَمَّ البُطونَ والظُّهورَ حتى أَعْطَنَ الناسُ إِبلَهم في المراعي؛ ومنه حديث أُسامة: وقد عَطَّنُوا مَواشِيَهُم أَي أراحوها؛ سُمِّي المُراحُ، وهو مأْواها، عَطَناً؛ ومنه الحديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى خيراً وانْقُشُوا له عَطَنَه أَي مُرَاحَه.
وقال الليث: كل مَبْرَكٍ يكون مَأْلَفاً للإِبل فهو عَطَنٌ له بمنزلة الوَطَن للغنم والبقر، قال: ومعنى مَعاطِنِ الإِبل في الحديث مواضعُها؛ وأَنشد: ولا تُكَلِّفُني نَفْسي، ولا هَلَعِي، حِرْصاً أُقِيمُ به في مَعْطَنِ الهُونِ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن الصَّلاة في أَعْطان الإِبل.
وفي الحديث: صَلُّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أَعْطان الإِبل؛ قال ابن الأَثير: لم ينه عن الصلاة فيها من جهة النجاسة فإِنها موجودة في مرابض الغنم، وقد أَمر بالصلاة فيها والصلاة مع النجاسة لا تجوز، وإنما أَراد أَن الإِبل تَزْدَحِمُ في المَنْهَل، فإِذا شربت رفعت رؤُوسها، ولا يُؤْمَنُ من نِفارها وتَفَرُّقها في ذلك الموضع، فتُؤْذي المُصَلِّيَ عندها أَو تُلْهيه عن صلاته أَو تنجسه برَشَاشِ أَبوالها. قال الأَزهري: أَعْطان الإِبل ومَعاطِنُها لا تكون إلاَّ مَبارِكَها على الماء، وإِنما تُعْطِنُ العربُ الإِبلَ على الماءِ حين تَطْلُع الثُّرَيَّا ويرجع الناس من النُّجَعِ إلى المَحاضِرِ، وإنما يُعْطِنُونَ النِّعَم يوم وِرْدِها، فلا يزالون كذلك إلى وقت مَطْلَع سُهَيْل في الخريف، ثم لا يُعْطِنُونها بعد ذلك، ولكنها تَرِدُ الماءَ فتشرب شَرْبَتها وتَصْدُر من فورها؛ وقول أَبي محمد الحَذلَمِيّ: وعَطَّنَ الذِّبَّانُ في قَمْقَامِها. لم يفسره ثعلب، وقد يجوز أَن يكون عَطَّنَ اتخذ عَطَناً كقولك: عَشَّش الطائر اتخذ عُشّاً.
والعُطُونُ: أَن تُراحَ الناقة بعد شربها ثم يعرض عليها الماء ثانية، وقيل: هو إذا رَويَتْ ثمَّ بَرَكَتْ؛ قال كعب بن زهير يصف الحُمُرَ: ويَشْرَبْنَ من بارِدٍ قد عَلِمْنَ بأَن لا دِخَالَ، وأَنْ لا عُطونا.
وقد ضَرَبَتْ بعَطَنٍ أَي بَرَكَتْ؛ وقال عُمَرُ ابن لَجَأٍ: تَمْشِي إلى رِوَاءِ عاطِنَاتِها. قال ابن السكيت: وتقول هذا عَطَنُ الغَنم ومَعطِنُها لمَرابضها حولَ الماء.
وأَعْطَنَ الرجلُ بعيرَه: وذلك إذا لم يشرب فَرَدَّه إلى العَطَن ينتظر به؛ قال لبيد: فَهَرَقْنا لهما في دَاثِرٍ، لضَواحِيه نَشِيشٌ بالبَلَلْ راسِخ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ، ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسبَلْ عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهما، إنما يُعْطِنُ من يَرْجُو العَلَلْ.
ورجل رَحْبُ العَطَنِ وواسع العَطَن أَي رَحْبُ الذِّراعِ كثير المال واسع الرَّحْل.
والعَطَنُ: العِرْضُ؛ وأَنشد شَمِرٌ لعَدِيِّ بن زيد: طاهِرُ الأَثوابِ يَحْمِي عِرْضَه من خَنَى الذِّمَّةِ، أَو طَمثِ العَطَنْ. الطَّمْث: الفَسادُ.
والعَطَنُ: العِرْض، ويقال: منزله وناحيته.
وعَطِنَ الجلد، بالكسر، يَعْطَنُ عَطَناً، فهو عَطِنٌ وانْعَطَنَ: وُضِعَ في الدباغ وتُرِكَ حتى فَسَدَ وأَنْتَنَ، وقيل: هو أَن يُنضح عليه الماء ويُلَفَّ ويدفن يوماً وليلة ليسترخي صوفه أَو شعره فينتف ويلقى بعد ذلك في الدباغ، وهو حينئذ أَنتن ما يكون، وقيل: العَطْنُ، بسكون الطاء، في الجلد أَن تُؤخذ غَلْقَةٌ، وهو نبت، أَو فَرْثٌ أَو مِلْحٌ فيلقى الجلد فيه حتى يُنْتِنَ ثمَّ يُلْقَى بعد ذلك في الدِّباغ، والذي ذكره الجوهري في هذا الموضع قال: أَن يؤْخذ الغَلْقَى فيلقى الجلد فيه ويُغَمَّ لينفسخ صوفه ويسترخي، ثم يلقى في الدباغ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الغَلْقَى لا يُعْطَنُ به الجلد، وإنما يعطن بالغَلْقَة نبتٍ معروف.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: أَخذت إِهاباً مَعْطُوناً فأَدخلته عُنُقي؛ المَعْطُون: المُنْتِنُ المَنْمَرِقُ الشعرِ، وفي حديث عمر، رضي الله عنه: دخل على النبي، صلى الله عليه وسلم، وفي البيت أُهُبٌ عَطِنة؛ قال أَبو عبيد: العَطِنَةُ المُنْتِنة الريح.
ويقال للرجل الذي يُسْتَقْذَر: ما هو إلاَّ عَطِنَةٌ من نَتْنِه. قال أَبو زيد: عَطِنَ الأَديمُ إذا أَنتن وسقط صوفه في العَطْنِ، والعَطْنُ: أَن يُجْعَلَ في الدباغ.
وقال أَبو زيد: موضع العَطْنِ العَطَنَةُ.
وقال أَبو حنيفة: انْعَطَنَ الجلد استرخى شعره وصوفه من غير أَن يَفْسُدَ، وعَطَنه يَعْطُنُه عَطْناً، فهو مَعْطُون وعَطِين، وعَطَّنه: فَعَل به ذلك.
والعِطَانُ: فَرْثٌ أَو ملح يجعل في الإهاب كيلا يُنْتِنَ.
ورجل عَطِينٌ: مُنْتِنُ البشرة.
ويقال: إنما هو عَطِينة إذا ذُمَّ في أَمر أَي مُنْتِنٌ كالإِهابِ المَعْطُون.

دمن (لسان العرب) [1]


دِمْنةُ الدار: أَثَرُها.
والدِّمْنة: آثارُ الناس وما سَوَّدوا، وقيل: ما سَوَّدوا من آثار البَعَر وغيره، والجمع دِمَن، على بابه، ودِمْنٌ، الأَخيرة كسِدْرة وسِدْر.
والدِّمْن: البَعَر.
ودَمَّنتِ الماشيةُ المكانَ: بَعَرت فيه وبالت.
ودَمَّن الشاءُ الماء، هذا من البَعَر؛ قال ذو الرمة يصف بقرة وحشية: إذا ما عَلاها راكِبُ الصّيْفِ لم يَزَلْ يَرَى نَعْجةً في مَرْتَع، فيُثيرُها مُوَلَّعةً خَنْساءَ ليْستْ بنعْجة، يُدَمِّن أَجْوافَ المِياه وَقِيرُها.
ودَمّن القومُ الموضعَ: سوّدوه وأَثَّروا فيه بالدِّمْن؛ قال عَبيد بن الأَبرص: مَنْزِلٌ دَمّنه آباؤُنا الـ ـمُورثُون المَجْدَ في أُولى اللَّيالي.
والماء مُتَدَمِّن إذا سقَطَت فيه أَبعار الغَنَم والإِبل.
والدِّمْن: ما تَلَبَّد من السِّرقِينِ وصار كِرْساً على وجه الأَرض.
والدِّمْنة: الموضع الذي يَلْتبدُ فيه . . . أكمل المادة السِّرقِين، وكذلك ما اختلط من البعر والطين عند الحوض فتَلَبَّد. الصحاح: الدِّمْن البَعر؛ قال لبيد: راسِخُ الدِّمْن على أَعضادِه، ثَلَمَتْه كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ. الأَرضُ: مثل دَمَلْتها، وقيل: الدِّمْن اسم للجنس مثل السِّدْر اسم للجنس.
والدِّمَن: جمع دِمْنة، ودِمْنٌ (* قوله «ودمن» بالرفع عطف على والدمن).
ويقال: فلانِ دِمْنُ مالٍ كما يقال إزاءُ مالٍ.
والدِّمْنة: الموضع القريب من الدار.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: إيّاكم وخَضْراءَ الدِّمَن، قيل: وما ذاك؟ قال: المرأَة الحسناء في المَنْبت السُّوء؛ شبه المرأَة بما ينبت في الدِّمَن من الكلأِ يُرى له غَضارة وهو وَبيء المرْعى مُنْتِن الأَصل؛ قال زُفَر بن الحرث: وقد يَنْبُت المَرْعى على دِمَن الثَّرَى، وتَبْقى حَزازاتُ النُّفوسِ كما هيَا والدِّمْنة: الحقد المُدَمِّن للصدر، والجمع دِمن، وقيل: لا يكون الحقد دِمْنة حتى يأْتي عليه الدهر وقد دَمِن عليه.
وقد دَمِنَت قلوبُهم، بالكسر، ودَمِنْت على فلان أَي ضَغِنْت؛ وقال أَبو عبيد في تفسير الحديث: أَراد فسادَ النَّسَب إذا خيف أَن تكون لغير رِشْدة، وإنما جعلها خضراء الدِّمَن تشبيهاً بالبقلة الناضرة في دمنة البعر، وأَصل الدِّمْن ما تُدَمِّنه الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها أَي تُلَبِّده في مرابضها، فربما نبت فيها النباتُ الحسن النَّضِير، وأَصله من دِمْنة، يقول: فَمَنظَرُها أَنيق حسن؛ ومنه الحديث: فيَنْبُتون نباتَ الدِّمْن في السيل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، بكسر الدال وسكون الميم، يريد البعر لسرعة ما ينبت فيه؛ ومنه الحديث: فأَتينا على جُدْجُد مُتَدَمِّن أَي بئر حولها الدِّمْنة.
وفي حديث النخعيّ: كان لا يرى بأْساً بالصلاة في دِمْنة الغنم.
والدِّمنة: بقية الماء في الحوض، وجمعها دِمْن؛ قال علقمة بن عَبْدَة: تُرادى على دِمْن الحِياضِ، فإِن تَعَفْ فإِنّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرُكوبُ.
والدَّمْن والدَّمان: عَفَن النخلة وسوادُها، وقيل: هو أَن يُنسِغَ النخل عن عَفَن وسواد. الأَصمعي: إذا أَنْسَغَت النخلة عن عفن وسواد قيل قد أَصابه الدَّمَان، بالفتح.
وقال ابن أَبي الزِّناد: هو الأَدَمانُ.
وقال شمر: الصحيح إذا انْشَقَّت النخلةُ عن عفن لا أَنْسَغَت، قال: والإِنْساغ أَن تُقْطَع الشجرةُ ثم تَنْبت بعد ذلك.
وفي الحديث: كانوا يَتَبايَعُون الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلاحُها، فإِذا جاء التقاضي قالوا أَصاب الثمرَ الدَّمانُ؛ هو بالفتح وتخفيف الميم فساد الثمر وعفَنُه قبل إدراكه حتى يسودّ، من الدِّمْن وهو السرقين.
ويقال: إذا أَطلعت النخلة عن عَفَن وسواد قيل أَصابها الدَّمانُ، ويقال: الدَّمال أَيضاً، باللام وفتح الدال بمعناه؛ ابن الأَثير: كذا قيده الجوهري وغيره بالفتح، قال: والذي جاء في غريب الخطّابي بالضم، قال: وكأَنه أَشبه لأَن ما كان من الأَدواء والعاهات فهو بالضم كالسُّعال والنُّحاز والزُّكام.
وقد جاء في هذا الحديث: القُشام والمُراض، وهما من آفات الثمرة، ولا خلاف في ضمِّهما، وقيل: هما لغتان، قال الخطابي: ويروى الدَّمار، بالراء، قال: ولا معنى له.
والدَّمان: الرَّماد.
والدَّمان: السّرْجين.
والدَّمان: الذي يُسَرقِنُ الأَرضَ أَي يَدْبِلها ويَزْبِلُها.
وأَدْمَن الشرابَ وغيرَه: لم يُقْلِعْ عنه؛ وقوله أَنشده ثعلب: فَقُلنا: أَمِن قبَرْ خَرَجْتَ سَكَنْتَه؟ لكَ الوَيْلُ أَم أَدْمَنْتَ جُحْرَ الثَّعالب؟ معناه: لزمتَه وأَدْمَنْت سُكناه، وكأَنه أَراد أَدْمنْت سُكنى جُحْر الثعالب لأَن الإِدْمان لا يقع إلا على الأَعراض.
ويقال: فلان يُدْمِنُ الشُّرب والخمر إذا لزِم شربها. يقال: فلان يُدْمِنُ كذا أَي يُديمه.
ومُدْمِن الخمر الذي لا يُقْلع عن شربها. يقال: فلان مُدْمن خمر أَي مُداومُ شربِها. قال الأَزهري: واشتقاقه من دَمْنِ البعر.
وفي الحديث: مُدْمِن الخمر كعابد الوثَن؛ هو الذي يُعاقِر شربها ويلازمه ولا ينفك عنه، وهذا تغليظ في أَمرها وتحريمِهِ.
ويقال: دَمَّن فلان فِناءَ فلان تَدْمِيناً إذا غشيه ولزمه؛ قال كعب بن زهير: أَرْعى الأَمانةَ لا أَخُونُ ولا أُرى، أَبداً، أُدَمِّن عَرْصَة الإِخْوانِ (* قوله «عرصة الإخوان» كذا بالأصل والتهذيب، والذي في التكملة: عرصة الخوَّان.
ودَمَّن الرجلَ: رخَّص له؛ عن كراع.
والمُدَمَّن: أَرض.
ودَمُّون؛ بالتشديد: موضع، وقيل: أَرض؛ حكاه ابن دريد؛ وأَنشد لامرئ القيس: تَطاولَ الليلُ علينا دَمُّون، دَمُّون إنَّا مَعشَرٌ يمانُونْ، وإِنَّنا لأَهْلِنا مُحِبُّونْ.
وعبد الله بن الدُّمَيْنة: من شعرائهم.

كرش (لسان العرب) [1]


الكَرِشُ لكل مُجْتَرٍّ: بمنزلة المَعِدة للإِنسان تؤنثها العرب، وفيها لغتان: كِرْش وكَرِش مثل كِبْد وكَبِد، وهي تُفرّغ في القَطِنةِ كأَنها يَدُ جِرابٍ، تكون للأَرْنب واليَرْبوع وتستعمل في الإِنسان، وهي مؤنثة؛ قال رؤبة: طَلْق، إِذا استكْرَشَ ذو التَّكَرُّشِ، أَبْلَج صدّاف عن التَّحَرُّشِ وفي حديث الحسن: في كل ذات كَرِش شاةٌ أَي كل ما لَه من الصيد كَرِشٌ كالظباء والأَرانب إِذا أَصابه المُحرِم ففي فِدائه شاة.
وقول أَبي المجيب ووصف أَرضاً جدبة فقال: اغْبَرّت جادّتها والتقى سَرْحُها ورَقَّتْ كَرِشُها أَي أَكلت الشجرَ الخشن فضَعُفت عنه كَرِشُها ورقَّت، فاستعار الكَرِش للإِبل، والجمع أَكْراش وكُرُوش.
واسْتَكْرَش الصبيُّ والجَدْيُ: عظُمت كَرِشُه، وقيل: المُسْتكْرِش بعد الفَطِيم، . . . أكمل المادة واستِكْراشُه أَن يشتدّ حَنَكُه ويَجْفُر بطنُه، وقيل: استكرش البَهْمةُ عظُمت إِنفَحتُه؛ عن ابن الأَعرابي. التهذيب: يقال للصبي إِذا عظم بطنه وأَخذ في الأَكْل: قد اسْتَكْرَشَ، قال: وأَنكر بعضهم ذلك في الصبي فقال: يقال للصبي قد اسْتَجْفَرَ، وإِنما يقال اسْتَكْرَشَ الجَدْيُ، وكلُّ سَخْلٍ يَسْتَكْرِش حين يعظم بطنه ويشتدّ أَكله.
واسْتَكْرَشَت الإِنْفَحةُ لأَن الكَرِش يسمى إِنْفحَةً ما لم يأْكل الجدي، فإِذا أَكل يسمى كَرِشاً، وقد اسْتَكْرشَت.
وامرأَة كَرْشاءُ: عظيمةُ البطن واسعتُه.
وأَتانٌ كَرْشاءُ: ضخمة الخواصر.
وكَرّشَ اللحمَ: طَبخه في الكَرِش؛ قال بعض الأَغْفال: لو فَجّعا جِيرَتَها، فشَلاَّ وسِيقةً فكَرَّشا ومَلاَّ وقَدَمُ كَرْشاءُ: كثيرة اللحم.
ودَلْوٌ كَرْشاءُ: عظيمة.
ويقال للدَّلْو المنتفخة النواحي: كَرْشاء.
ورجل أَكْرَشُ: عظيم البطن، وقيل: عظيم المال.
والكَرِشُ: وِعاءُ الطيب والثوب، مؤنث أَيضاً.
والكِرْشُ: الجماعة من الناس؛ ومنه قوله، صلى اللَّه عليه وسلم: الأَنصارُ عَيْبَتي وكَرِشِي؛ قيل: معناه أَنهم جماعتي وصحابتي الذين أُطلعهم على سري وأَثق بهم وأَعتمد عليهم. أَبو زيد: يقال عليه كَرِشٌ من الناس أَي جماعة، وقيل: أَراد الأَنصارُ مَدَدي الذين أَسْتَمِدّ بهم لأَن الخُفَّ والظِّلْف يستمدَّ الجِرَّة من كَرِشه، وقيل: أَراد أَنهم بِطانتُه وموضع سِرّه وأَمانته والذينَ يعتمد عليهم في أُموره، واستعار الكَرِشَ والعَيْبةَ لذلك لأَن المُجْتَرَّ يجمع علَفَه في كَرِشِه، والرجل يضع ثيابه في عيْبتِه.
ويقال: ما وجدتُ إِلى ذلك الأَمر فا كَرِشٍ أَي لم أَجِدْ إِليه سبيلاً.
وعن اللحياني: لو وجدتُ إِليه فا كَرِشٍ وبابَ كَرِشٍ وأَدنى في كَرِشٍ لأَتَيتُه يعني قدر ذلك من السُّبُل؛ ومثله قولهم: لو وجدتُ إِليه فا سَبِيلٍ؛ عنه أَيضاً. الصحاح: وقول الرجل إِذا كلَّفْته أَمراً: إِن وجدت إِلى ذلك فا كَرِشٍ؛ أَصله أَن رجلاً فصّل شاة فأَدخلها في كَرِشِها ليَطْبخَها فقيل له: أَدْخِل الرأْسَ، فقال: إِن وجدتُ إِلى ذلك فَاكَرِشٍ، يعني إِن وجدت إِليه سبيلاً.
وفي حديث الحجاج: لو وجدتُ إِلى دمِك فَا كَرِشٍ لشرِبْتُ البطْحاءَ منك أَي لو وجدتُ إِلى دمِك سبيلاً؛ قال: وأَصله أَن قوماً طبَخُوا شاة في كَرِشِها فضاق فمُ الكَرِش عن بعض الطعام، فقالوا للطَّباخ: أَدخِلْه إن وجدت فَا كَرِشٍ.
وكَرِشُ كل شيء: مُجَمَعُه.
وكَرِشُ القوم: مُعظمُهم، والجمع أَكْراشٌ وكُرُوشٌ؛ قال: وأَفَأْنا السُّبِيَّ من كلِّ حَيٍّ، فأَقَمْنا كَراكِراً وكُرُوشا وقيل: الكُرُوش والأَكْراشُ جمع لا واحد له.
وتَكَرَّشَ القومُ: تجمَّعوا.
وكَرِشُ الرجلِ: عيالُه من صغار ولدِه. يقال: عليه كَرِشٌ منثورة أَي صبيانٌ صغارٌ.
وبينهم رَحِمٌ كَرْشاءُ أَي بعيدةٌ.
وتزوّجَ المرأَةَ فنَثرت له كَرِشَها وبطْنَها أَي كَثُرَ ولدُها له.
وتكرّش وجهُه: تقبّض جلدُه، وفي نسخة: تكَرّشَ جلدُ وجهِه، وقد يقال ذلك في كل جلد، وكَرّشَه هو.
ويقال: كَرِشَ الجلدُ يَكْرَشُ كرَشاً إِذا مسّته النار فانْزَوى. قال شمر: اسْتَكْرَشَ تقبّضَ وقَطّبَ وعبّس. ابن بزرج. ثوبٌ أَكْراشٌ وثوبٌ أَكْباشٌ وهو من بُرُود اليمن. قال أَبو منصور: والمُكَرّشةُ منْ طعام البادية أَن يُؤْخَذ اللحمِ فيُهَرَّم تَهْرِيماً صغاراً، ويُجْعَل فيه شحمٌ مقطَّع، ثم تُقَوّرَ قطعةُ كَرِشٍ من كَرِشِ البعير ويغْسل وينَظّف وجهُه الذي لا فَرْثَ فيه، ويجعلَ فيه تهريمُ اللحمُ والشحم وتُجْمَع أَطرافه، ويُخَلّ عليه بِخلالٍ بعدما يُوكَأ على أَطرافه، وتُحْفَرَ له إِرَةٌ ويطرحَ فيها رِضافٌ ويوقَدَ عليها حتى تَحْمى وتَصيرَ ناراً، ثم يُنَحّى الجمْرُ عنها وتُدْفَنَ المُكَرَّشةُ فيها، ويجعل فوقها مَلَّةٌ حامية، ثم يوقَدَ فوقَها بحطب جَزْل، ثم تُتْرك حتى تَنْضَج فتُخْرَج وقد كابَتْ وصارت قطعة واحدة فتُؤكل طَيّبة. يقال: كَرّشُوا لنا تَكْريشاً.
والكَرْشاءُ: القَدَمُ التي كثُر لحمها واستوى أَخْمَصُها وقصُرت أَصابعُها.والكَرِشُ: من نبات الرياض والقِيعانِ من أَنْجَعِ المراتِع للمال تسْمَنْ عليه الإِبل والخيل، ينبُت في الشتاء ويهيج في الصيف. ابن سيده: الكَرِشُ والكَرِشةُ من عُشْب الربيع وهي نبْتةٌ لاصقة بالأَرض بُطَيْحاء الورَق مُعْرَضّة غُبَيراء، ولا تكاد تنبُت إِلا في السهل وتنبت في الديار ولا تنفع في شيء ولا تُعَدّ إِلا أَنه يُعْرف رَسْمها.
وقال أَبو حنيفة: الكَرِشُ شجرة من الجَنْبَة تنبت في أَرُومٍ وترتفع نحو الذراع ولها ورَقة مُدَوَّرة حَرْشاء شديدة الخُضْرة وهي مرعى من الخُلَّةِ.
والكُرَاشُ: ضربُ من الفِرْدان، وقيل: هو كالقَمْقام يلكَعُ الناسَ ويكون في مبارك الإِبل، واحدته كُرّاشة.
وكُرْشانٌ: بطنٌ من مَهْرةَ بنِ حَيْدان.
والكِرْشانُ: الأَزْدُ وعبدُ القيس.
وكِرْشِمٌ: اسم رجل، ميمه زائدة في أَحد قولي يعقوب.
وكرشاء بن المزدلف: عمر بن أَبي ربيعة.

غيب (لسان العرب) [1]


الغَيْبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِـيابٌ وغُيُوبٌ؛ قال: أَنْتَ نَبـيٌّ تَعْلَمُ الغِـيابا، * لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا والغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يؤمنون بالغَيْبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار.
وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به، فهو غَيْبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: يؤمنون باللّه. قال: والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب.
ويُقال: سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه.
وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، . . . أكمل المادة أَو غير محصل.
وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِـياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِـيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ.
وغَيَّبه هو، وغَيَّبه عنه.
وفي الحديث: لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت: إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا: أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً عَلاَّمة.
وقولهم: غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه. قال شمر: كلُّ مكان لا يُدْرَى ما فيه، فهو غَيْبٌ؛ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما وراءه، وجمعه: غُيُوبٌ؛ قال أَبو ذؤيب: يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه مُغْضٍ، كما كَشَفَ الـمُسْـتَأْخِذُ الرَّمِدُ وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: ولا أَجْعَلُ الـمَعْرُوفَ حِلَّ أَلِـيَّةٍ، ولا عِدَةً، في الناظِرِ الـمُتَغَيَّبِ إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ الـمُتَغَيَّبَ موضعَ الـمُتَغَيِّبِ؛ قال ابن سيده: وهكذا وجدته بخط الحامض، والصحيح الـمُتَغَيِّب، بالكسر.
والـمُغَايَبةُ: خلافُ الـمُخاطَبة.
وتَغَيَّبَ عني فلانٌ.
وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي؛ قال امرؤُ القيس: فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ، * فَقِلْ في مَقِـيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ وقال الفراءُ: الـمُتَغَيِّبُ مرفوع، والشعر مُكْـفَـأٌ.
ولا يجوز أَن يَرِدَ على الـمَقيلِ، كما لا يجوز: مررت برجل أَبوه قائم.
وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ: لا داءَ، ولا خُبْنَة، ولا تَغْييبَ. التَّغْيِـيب: أَن لا يَبيعه ضالَّـةً، ولا لُقَطَة.
وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ: غائِـبُون؛ الأَخيرةُ اسم للجمع، وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ.
وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كان جمعاً، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر.
وفي حديث أَبي سعيد: إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِـيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون.
والغَيَبُ، بالتحريك: جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ.
وامرأَةٌ مُغِـيبٌ، ومُغْيِـبٌ، ومُغِـيبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ ويقال: هي مُغِـيبةٌ، بالهاء، ومُشْهِدٌ، بلا هاء.
وأَغابَتِ المرأَةُ، فهي مُغِـيبٌ: غابُوا عنها.
وفي الحديث: أَمْهِلُوا حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ الـمُغِـيبةُ، هي التي غاب عنها زوجُها.
وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُغِـيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً، فَتَعَرَّضَ لها، فقالتْ له: وَيْحَكَ!إِني مُغِـيبٌ! فتَرَكها.
وهم يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِـيبُون أَحْياناً.
ولا يقال: يَتَغَيَّبُونَ.
وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم، مَغِـيباً، وغِـياباً، وغُيوباً، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عن الـهَجَري: غَرَبَتْ.
وأَغابَ القومُ: دخلوا في الـمَغِـيبِ.
وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه؛ وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من الـمَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه، وما تَغَيَّبَ منه.
وقال أَبو حنيفة: العرب تسمي ما لم تُصِـبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بتخفيف الياء؛ والغَيَابة: كالغَيْبانِ. أَبو زياد الكِلابيُّ: الغَيَّبانُ، بالتشديد والتخفيف، من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِـبْه؛ وكذلك غَيَّبانُ العُروق.
وقال بعضهم: بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض، فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ.
والغَيْبُ من الأَرض: ما غَيَّبك، وجمعه غُيُوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إِذَا كَرِهُوا الجَمِـيعَ، وحَلَّ منهم * أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ والغَيْبُ: ما اطْمَـأَنَّ من الأَرض، وجمعه غُيوب. قال لبيد يصف بقرة، أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه: وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها * عن ظهرِ غَيْبٍ، والأَنِـيسُ سَقامُها تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين، فراعها أَي أَفزعها.
وقوله: والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِـيدُونها، فهم سَقامُها.ووقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ، عن اللحياني.
ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها.
وغَيابةُ كلِّ شيء: قَعْرُه، منه، كالجُبِّ والوادي وغيرهما؛ تقول: وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيَابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض؛ وفي التنزيل العزيز: في غَياباتِ الـجُبِّ.
وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِـيابةً، وغُيُوباً، وغَياباً، وغِـياباً، وغَيْبةً، وفي حرفِ أُبَيٍّ، في غَيْبةِ الجُبِّ. والغَيْبَةُ: من الغَيْبُوبةِ.
والغِـيبةُ: من الاغْتِـيابِ.
واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِـياباً إِذا وَقَع فيه، وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء، أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه، فإِن كان صدقاً، فهو غِـيبةٌ؛ وإِن كان كذباً، فهو البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كذلك جاء عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا يكون ذلك إِلا من ورائه، والاسم: الغِـيبةُ.
وفي التنزيل العزيز: ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً؛ أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه.
وإِذا تناوله بما ليس فيه، فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ.
وجاء الـمَغْيَبانُ، عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم.
ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع: غابه يَغِـيبُهُ إِذا عابه، وذكَر منه ما يَسُوءُه. ابن الأَعرابي: غابَ إِذا اغْتَابَ.
وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ؛ والغِـيبَةُ: فِعْلَةٌ منه، تكون حَسَنةً وقَبِـيحةً.
وغائِبُ الرجلِ: ما غابَ منه، اسْمٌ، كالكاهِل والجامل؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ويُخْبِرُني، عن غَائبِ الـمَرْءِ، هَدْيُه، * كفَى الـهَدْيُ، عَـمَّا غَيَّبَ الـمَرْءُ، مُخبرا والغَيْبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ.
وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين؛ وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً: وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً، * قَلِقَ الخَصِـيلَةِ، مِن فُوَيْقِ المفصل قوله: غَيْباً، يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه، فجرى النَّسا بينهما واسْتَبان.
والخَصِـيلَةُ: كُلُّ لَـحْمة فيها عَصَبة.
والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه.
وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس، قال: إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ غُرورُه، وبدا حَصِـيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه.
والشاكلة: الطِّفْطِفَةُ.
والفرير: موضعُ الـمَجَسَّة من مَعْرَفَتِه.
والـحَصِـيرُ: العَقَبة التي تَبْدُو في الجَنْبِ، بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع. الـهَوَازنيُّ: الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ، وهي الوَهْدَة.
وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ من الناسِ؛ قال وأَنشدني الـهَوَازِنيُّ: إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ، * حَسِـبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي والغابة: الأَجَمَةُ التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة؛ يقال: ليثُ غابةٍ.
والغابُ: الآجام، وهو من الياء.
والغابةُ: الأَجَمة؛ وقال أَبو حنيفة: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قال: وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر، لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ.
وفي الحديث: ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان من أَثْلِ الغابةِ؛ وفي رواية: من طَرْفاءِ الغابة. قال ابن الأَثير: الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلاَّ أَنه أَعظم منه؛ والغابةُ: غَيْضَةٌ ذات شجر كثير، وهي على تسعةِ أَميال من المدينة؛ وقال في موضع آخر: هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة، مِن عَواليها، وبها أَموال لأَهلها. قال: وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق، وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك.
والغابة: الأَجمة ذاتُ الشجر الـمُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها.
والغابةُ من الرِّماحِ: ما طال منها، وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وقيل: هي الـمُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح؛ وقيل: هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قال ابن سيده: وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة؛ والجمعُ من كل ذلك: غاباتٌ وغابٌ.
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهَه: كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ. أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى.
وغابةُ: اسم موضع بالحجاز.

فيض (لسان العرب) [1]


فاض الماء والدَّمعُ ونحوهما يَفِيض فَيْضاً وفُيُوضةً وفُيُوضاً وفَيَضاناً وفَيْضُوضةً أَي كثر حتى سالَ على ضَفّةِ الوادي.
وفاضَتْ عينُه تَفِيضُ فَيْضاً إِذا سالت.
ويقال: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه إِفاضة، وأَفاضَ فلان دَمْعَه، وفاضَ الماء والمطرُ والخيرُ إِذا كثر.
وفي الحديث: ويَفيضُ المالُ أَي يَكْثُر من فاضَ الماء والدمعُ وغيرُهما يَفيض فَيْضاً إِذا كثر، قيل: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هو وأَفاضَ إِناءه أَي مَلأَه حتى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه.
وأَفاضَ الماءَ على نفسه أَي أَفْرَغَه.
وفاض صَدْرُه بسِرِّه إِذا امْتَلأ وباح به ولم يُطِقْ كَتْمَه، وكذلك النهرُ بمائه والإِناء بما فيه.
وماءٌ فَيْضٌ: كثير.
والحَوْضُ فائض أَي ممتلئ.
والفَيْضُ: النهر، والجمع أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم له يدل على أَنه لم . . . أكمل المادة يسمّ بالمصدر.
وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذلك عليه لِعظَمِه. التهذيب: ونهرُ البصرةِ يسمى الفَيْضَ، والفَيْضُ نهر مصر.
ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كثير الماء.
ورَجل فَيّاضٌ أَي وهّاب جَوادٌ.
وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كان فيها ماء يَفِيضُ حتى يعلو.
وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا.
وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كثير العَدْو.
ورجل فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كثير المعروف.
وفي الحديث أَنه قال لطَلحةَ: أَنت الفَيّاضُ؛ سمي به لسَعةِ عَطائه وكثرته وكان قسَمَ في قومه أَربعمائة أَلف، وكان جَواداً.
وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عن اللحياني، قال ابن سيده: وعندي أَنه إِذا ملأه حتى فاض.
وأَعطاه غَيْضاً من فَيْضٍ أَي قليلاً من كثير، وأَفاضَ بالشيء: دَفَع به ورَمَى؛ قال أَبو صخر الهذلي يصف كتيبة: تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ، تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ وفاضَ يَفِيضُ فَيْضاً وفُيوضاً: مات.
وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضاً: خرجت، لغة تميم؛ وأَنشد: تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ، فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ وأَنشده الأَصمعي وقال إِنما هو: وطَنَّ الضِّرْس.
وذهبنا في فَيْض فلان أَي في جَنازَتِه.
وفي حديث الدجال: ثم يكونُ على أَثَرِ ذلك الفَيْضُ؛ قال شمر: سأَلت البَكْراوِيّ عنه فقال: الفَيْضُ الموتُ ههنا، قال: ولم أَسمعه من غيره إِلا أَنه قال: فاضت نفسُه أَي لُعابُه الذي يجتمع على شفتيه عند خروج رُوحه.
وقال ابن الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مات، وكذلك فاظت نفسُه.
وقال أَبو الحسن: فاضَت نفسه الفعل للنفس، وفاضَ الرجلُ يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظاً وفُيوظاً.
وقال الأَصمعي: لا يقال فاظت نفسه ولا فاضت، وإِنما هو فاض الرجل وفاظ إِذا مات. قال الأَصمعي: سمعت أَبا عمرو يقول: لا يقال فاظت نفسه ولكن يقال فاظ إِذا مات، بالظاء، ولا يقال فاض، بالضاد.
وقال شمر: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا. الكسائي: هو يَفِيظُ نفسه (* قوله «يفيظ نفسه» أي يقيؤها كما يعلم من القاموس في فيظ.).
وحكى الجوهري عن الأَصمعي: لا يقال فاض الرجل ولا فاضت نفسه وإِنما يَفِيضُ الدمعُ والماء. قال ابن بري: الذي حكاه ابن دريد عن الأَصمعي خلاف هذا، قال ابن دريد: قال الأَصمعي تقول العرب فاظ الرجل إِذا مات، فإِذا قالوا فاضت نفسُه قالوها بالضاد؛ وأَنشد: فقئت عين وفاضت نفس قال: وهذا هو المشهور من مذهب الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الجوهري لأَن الأَصمعي حكى عن أَبي عمرو أَنه لا يقال فاضت نفسه، ولكن يقال فاظ إِذا مات، قال: ولا يقال فاضَ، بالضاد، بَتَّةً، قال: ولا يلزم مما حكاه من كلامه أَن يكون مُعْتَقِداً له، قال: وأَما أَبو عبيدة فقال فاظت نفسه، بالظاء، لغة قيس، وفاضت، بالضاد، لغة تميم.
وقال أَبو حاتم: سمعت أَبا زيد يقول: بنو ضبة وحدهم يقولون فاضت نفسه، وكذلك حكى المازني عن أَبي زيد، قال: كل العرب تقول فاظت نفسُه إِلا بني ضبة فإِنهم يقولون فاضت نفسه، بالضاد، وأَهل الحجاز وطيِّءٍ يقولون فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس يقولون فاضت نفسُه مثل فاضت دَمْعَتُه، وزعم أَبو عبيد أَنها لغة لبعض بني تميم يعني فاظت نفسه وفاضت؛ وأَنشد: فقئت عين وفاضت نفس وأَنشده الأَصمعي، وقال إِنما هو: وطَنّ الضِّرْسُ.
وفي حديث الدجال: ثم يكون على أَثر ذلك الفَيْضُ؛ قيل: الفَيْضُ ههنا الموت. قال ابن الأَثير: يقال فاضت نفسُه أَي لُعابه الذي يجتمع على شفتيه عند خروج رُوحه.وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وانتشر.
وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ: ذائعٌ، ومُسْتَفاض قد اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فيه، وأَباها أَكثرهم حتى يقال: مُسْتَفاضٌ فيه؛ وبعضهم يقول: اسْتَفاضُوه، فهو مُسْتَفاضٌ. التهذيب: وحديث مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فيه قد استفاضُوه أَي أَخذوا فيه، ومن قال مستفيض فإِنه يقول ذائع في الناس مثل الماء المُسْتَفِيض. قال أَبو منصور: قال الفراء والأَصمعي وابن السكيت وعامة أَهل اللغة لا يقال حديث مستفاض، وهو لحن عندهم، وكلامُ الخاصّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ منتشر شائع في الناس.ودِرْعٌ فَيُوضٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عن ابن جني.
ورجل مُفاضٌ: واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ.
وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: مُفاض البطنِ أَي مُسْتَوي البطنِ مع الصَّدْرِ، وقيل: المُفاضُ أَن يكون فيه امْتِلاءٌ من فَيْضِ الإِناء ويُريد به أَسفلَ بطنِه، وقيل: المُفاضةُ من النساء العظيمة البطن المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وقد أُفِيضَت، وقيل: هي المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عنه.
وأَفاضَ المرأَةَ عند الافْتِضاضِ: جعل مَسْلَكَيْها واحداً.
وامرأَة مُفاضةٌ إِذا كانت ضخمة البطن.
واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فهو مُسْتَفِيضٌ؛ قال ذو الرمة: بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط ويقال: اسْتَفاضَ الوادي شجراً أَي اتَّسع وكثُرَ شجره.
والمُسْتَفِيضُ: الذي يَسأَل إِفاضةَ الماء وغيره.
وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كثيرة، وقيل: هو صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وقال اللحياني: هو إِذا دَفَعَها من جَوْفِه؛ قال الراعي: وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ مِنْ ذي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا ويقال: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عن الجِرَّة.
وأَفاضَ القومُ في الحديث: انتشروا، وقال اللحياني: هو إِذا اندفعوا وخاضُوا وأَكْثَروا.
وفي التنزيل: إِذ تُفِيضُونَ فيه؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فيه وتَنْبَسِطُون في ذكره.
وفي التنزيل أَيضاً: لَمَسَّكُمْ فيما أَفَضْتُم.
وأَفاضَ الناسُ من عَرَفاتٍ إِلى مِنى: اندفعوا بكثرة إِلى مِنى بالتَّلْبية، وكل دَفْعةٍ إِفاضةٌ.
وفي التنزيل: فإِذا أَفضتم من عرفات؛ قال أَبو إِسحق: دلَّ بهذا اللفظ أَن الوقوف بها واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لا تكون إِلا بعد وُقُوف، ومعنى أَفَضْتُم دَفَعْتم بكثرةْ.
وقال خالد بن جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ الرَّكْضِ.
وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دفع بعيره سَيْراً بين الجَهْدِ ودون ذلك، قال: وذلك نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عليها الرُّكْبان، ولا تكون الإِفاضة إِلا وعليها الرُّكْبانُ.
وفي حديث الحج: فأَفاضَ من عَرفةَ؛ الإِفاضةُ: الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السير بكثرة، ولا يكون إِلا عن تفرقٍ وجَمْعٍ.
وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فاستعيرت للدفع في السير، وأَصله أَفاضَ نفْسَه أَو راحلته فرَفَضُوا ذكر المفعول حتى أَشْبه غير المتعدِّي؛ ومنه طَوافُ الإِفاضةِ يوم النحر يُفِيضُ من مِنى إِلى مكة فيطوف ثم يرجع.
وأَفاضَ الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بها لأَنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة، ويجوز أَفاضَ على القداح؛ قال أَبو ذؤيب الهُذلي يصف حماراً وأُتُنه: وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه يَسَرٌ، يُفِيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ يعني بالقِداحِ، وحروفُ الجر يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بعض. التهذيب: كل ما كان في اللغة من باب الإِفاضةِ فليس يكون إِلا عن تفرُّق أَو كثرة.
وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَخرج اللّهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ من ظهره فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ؛ هي الضرْبُ به وإِجالَتُه عند القِمار، والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح التي كانوا يُقامِرُونَ بها؛ ومنه حديث اللُّقَطَةِ: ثم أَفِضْها في مالِكَ أَي أَلْقِها فيه واخْلِطْها به، من قولهم فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فيه.
وفَيّاضٌ: من أَسماء الرجال.
وفَيّاضٌ: اسم فرس من سَوابق خيل العرب؛ قال النابغة الجعدي: وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ نَجْلَ فَيّاضٍ ومن آلِ سَبَلْ وفرس فَيْضٌ وسَكْبٌ: كثير الجَرْي.

مرط (لسان العرب) [1]


المَرْطُ: نَتْفُ الشعر والرِّيش والصُّوف عن الجسد. مرَطَ شعرَه يَمرُطُه مَرْطاً فانْمَرط: نتفه، ومرَّطه فتَمرَّط؛ والمُراطةُ: ما سقط منه إِذا نُتِف، وخص اللحياني بالمُراطةِ ما مُرِطَ من الإِبْط أَي نُتِف.
والأَمْرَطُ: الخفِيفُ شعر الجسد والحاجبين والعينين من العمَش، والجمع مُرْطٌ على القياس، ومِرَطةٌ نادر؛ قال ابن سيده: وأَراه اسماً للجمع، وقد مَرِطَ مَرَطاً.
ورجل أَمْرَطُ وامرأَة مَرْطاء الحاجِبَيْنِ، لا يُستغنى عن ذكر الحاجبين، ورجل نَمِصٌ، وهو الذي ليس له حاجبان، وامرأَة نَمْصاء؛ يستغنى في الأَنْمَص والنمْصاء عن ذكر الحاجبين.
ورجل أَمرط: لا شعر على جسده وصدره إِلاَّ قليل، فإِذا ذهب كله فهو أَمْلَطُ؛ ورجل أَمْرَطُ بيِّن المَرطِ: وهو الذي قد خَفَّ . . . أكمل المادة عارِضاه من الشعر، وتمَرَّط شعرُه أَي تحاتَّ.
وذِئب أَمْرَطُ: مُنْتَتِفُ الشعر.
والأَمْرَطُ: اللِّصُّ على التشبيه بالذئب.
وتمرَّط الذئب إِذا سقط شعره وبقي عليه شعر قليل، فهو أَمرط.
وسهم أَمرطُ وأَمْلَطُ: قد سقط عنه قُذَذُه.
وسَهْم مُرُطٌ إِذا لم يكن له قَذَذ. الأَصمعي: العُمْرُوطُ اللِّص ومثله الأَمْرطُ. قال أَبو منصور: وأَصله الذئب يتمرَّط من شعره وهو حينئذ أَخبث ما يكون.
وسهم أَمْرَط ومَرِيطٌ ومِراطٌ ومُرُطٌ: لا ريش عليه؛ قال الأَسديّ يصف السَّهم، ونسب في بعض النسخ للبيد: مُرُطُ القِذاذِ فليس فيه مَصْنَعٌ، لا الرِّيشُ يَنْفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ ويجوز فيه تسكين الراء فيكون جميع أَمْرَط، وإِنما صحَّ أَن يوصف به الواحد لما بعده من الجمع كما قال الشاعر: وإِنَّ التي هامَ الفُؤَادُ بذِكْرها رَقُودٌ عن الفَحْشاءِ، خُرْسُ الجَبائر واحدة الجَبائر: جِبارة وجَبيرة، وهي السوارُ ههنا. قال ابن بري: البيت المنسوب للأَسدي مُرُط القِذاذ هو لنافِع بن نُفَيْعٍ الفَقْعَسِيّ، ويقال لنافع بن لَقِيط الأَسدي، وأَنشده أَبو القاسم الزَّجَّاجي عن أَبي الحسن الأَخفش عن ثعلب لنُويْفِع بن نُفيع الفقعسي يصف الشيب وكِبَره في قصيدة له وهي: بانَتْ لِطِيَّتِها الغَداةَ جَنُوبُ، وطََرِيْتَ، إِنَّك ما عَلِمْتُ طَرُوبُ ولقَدْ تُجاوِرُنا فتَهْجُرُ بَيْتَنا، حتَّى تُفارِقَ، أَو يُقالَ مُرِيبُ وزِيارةُ البيْتِ، الذي لا تَبْتَغِي فِيهِ سَواءَ حدِيثِهِنَّ، مَعِيبُ ولقد يَمِيلُ بيَ الضَّبابُ إِلى الصِّبا، حِيناً، فأَحْكَمَ رأْبيَ التَّجْرِيبُ ولقد تُوَسِّدُني الفتاةُ يَمِينَها وشِمالَها البَهْنانةُ الرُّعْبُوبُ نُفُجُ الحَقِيبةِ لا ترى لكعُوبها حدّاً، وليسَ لساقِها ظُنْبوبُ عَظُمَتْ رَوادِفُها وأُكْمِلَ خَلْقُها، والوَالدانِ نَجِيبةٌ ونَجِيبُ لَمَّا أَحلَّ الشيْبُ بي أَثْقالَه، وعَلمتُ أَنَّ شَبابيَ المَسْلُوبُ قالَتْ: كَبِرْتَ وكلُّ صاحِبِ لَذَّةٍ لِبِلىً يَعُودُ، وذلك التَّتْبيبُ هل لي من الكِبَر المُبينِ طَبيبُ فأَعُودَ غِرّاً؟ والشَّبابُ عَجِيبُ ذَهَبَتْ لِداتي والشَّبابُ، فليْسَ لي، فِيمن تَرَيْنَ مِنَ الأَنامِ، ضَرِيبُ وإِذا السِّنُونَ دَأَبْنَ في طَلَب الفَتَى، لحِقَ السِّنُونَ وأُدْرِكَ المَطْلُوبُ فاذْهَبْ إِلَيْكَ، فليْسَ يَعْلَمُ عالمٌ، من أَين يُجْمَعُ حَظُّه المَكْتُوبُ يَسْعَى الفَتَى لِينالَ أَفْضَلَ سَعْيهِ، هيهاتَ ذاكَ ودُون ذاك خُطوبُ يَسْعَى ويَأْمُلُ، والمَنِيَّةُ خَلْفَه، تُوفي الإِكامَ له، عليه رَقِيبُ لا المَوْتُ مُحْتَقِرُ الصَّغِيرِ فعادلٌ عنْه، ولا كِبَرُ الكَبِيرِ مَهِيبُ ولَئِنْ كَبِرْتُ، لقد عَمِرْتُ كأَنَّني غُصْنٌ، تُفَيِّئُه الرِّياحُ، رَطِيبُ وكذاكَ حقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه كَرُّ الزَّمانِ، عليه، والتَّقْلِيبُ حتى يَعُودَ مِنَ البِلى، وكأَنَّه في الكَفِّ أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصُوبُ مُرُطُ القِذاذِ، فليس فيه مَصْنَعٌ، لا الرِّيشُ يَنْفَعُه، ولا التَّعْقِيبُ ذَهَبَتْ شَعُوبُ بِأَهْلهِ وبِمالهِ، إِنَّ المَنايا لِلرِّجال شَعُوبُ والمَرْءُ مِنْ رَيْبِ الزَّمان كأَنه عَوْدٌ، تَداوَلَه الرِّعاء، رَكُوبُ غَرَضٌ لِكُلِّ مَنِيَّةٍ يُرْمَى بها، حتى يُصابَ سَوادُه المَنْصوبُ وجمع المُرُطِ السَّهْمِ أَمراطٌ ومِراطٌ؛ قال الرَّاجز: صُبَّ، على شاء أَبي رِياطِ، ذُؤالةٌ كالأَقْدُحِ المِراطِ وأَنشد ثعلب: وهُنَّ أَمْثالُ السُّرَى الأَمْراطِ والسُّرَى ههنا: جمع سُرْوةٍ من السّهَام؛ وقال الهذلي: إِلاَّ عَوابِسُ، كالمِراطِ، مُعِيدةٌ باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ (* قوله «عوابس» هو بالرفع فاعل يشرب في البيت قبله كما نبه عليه المؤلف عن ابن بري في مادة صيف، فما تقدم لنا من ضبطه في مادة عود خطأ.) وشرح هذا البيت مذكور في موضعه.
وتمَرَّط السَّهْمُ: خلا من الرِّيش.
وفي حديث أَبي سُفيان: فامَّرَطَ قُذَذُ السهْمِ أَي سقَطَ رِيشُه.
وتمرَّطتْ أَوْبارُ الإِبل: تطايرت وتفرقت.
وأَمْرَطَ الشعرُ: حان له أَن يُمْرَطَ.
وأَمْرطَتِ الناقةُ ولدَها، وهي مُمْرِطٌ: أَلقته لغير تمام ولا شعر عليه، فإِن كان ذلك لها عادة فهي مِمْراطٌ.
وأَمْرطت النخلةُ وهي مُمْرِطٌ: سقط بُسْرُها غَضّاً تشبيهاً بالشعرِ، فإِن كان ذلك عادَتَها فهي مِمْراط أَيضاً.
والمِرْطاوانِ والمُرَيْطاوان: ما عَرِيَ من الشفةِ السُّفلى والسَّبَلةِ فوق ذلك مما يلي الأَنفَ.
والمُرَيْطاوان في بعض اللُّغات: ما اكتنف العَنْفَقةَ من جانبيها، والمُريطاوان: ما بين السُّرّة والعانةِ، وقيل: هو ما خفّ شعره مما بين السرة والعانة، وقيل: هما جانبا عانةِ الرجل اللذان لا شعر عليهما؛ ومنه قيل: شجرة مَرْطاء إِذا لم يكن عليها ورق، وقيل: هي جلدة رقيقة بين السرة والعانة يميناً وشمالاً حيث تَمَرَّطَ الشعرُ إِلى الرُّفْغَين، وهي تمدّ وتقصر، وقيل: المريطاوان عِرْقان في مَراقِّ البطن عليهما يعتمد الصَّائحُ، ومنه قول عمر: رضي اللّه عنه، للمؤذن أَبي مَحْذُورةَ، رضي الله عنه، حين سمع أَذانه ورفع صوته: لقد خشيتُ (* قوله «لقد خشيت» كذا بالأصل، والذي في النهاية: أما خشيت.) أَن تنشقّ مُرَيْطاؤكَ، ولا يُتَكَلم بها إِلاَّ مصغرة تصغير مَرْطاء، وهي المَلْساء التي لا شعر عليها، وقد تقصر.
وقال الأَصمعي: المُرَيْطاء، ممدودة، هي ما بين السرة إِلى العانة، وكان الأحمر يقول هي مقصورة.
والمُرَيْطاء: الإِبْط؛ قال الشاعر: كأَنَّ عُرُوقَ مُرَيْطائها، إِذا لَضَتِ الدِّرْعَ عنها، الحِبال (* قوله «لضت» كذا هو في الأصل، وشرح القاموس باللام ولعله بالنون كأَنه يشبه عروق إِبط امرأَة بالحبال إِذا نزعت قميصها.) والمريطاء: الرِّباط. قال الحسين بن عَيَّاش: سمعت أَعرابيّاً يسبّح فقلت: ما لك؟ قال إِنَّ مُرَيْطاي ليرسى (* قوله «ليرسى» كذا بالأصل على هذه الصورة.)؛ حكى هاتين الأَخيرتين الهرويّ في الغريبين.
والمَرِيطُ من الفرس: ما بين الثُّنّةِ وأُمّ القِرْدانِ من باطن الرُّسْغِ، مكبر لم يصغر.ومَرَطَتْ به أُمّه تَمْرُط مَرْطاً: ولَدتْه.
ومَرَطَ يَمْرُطُ مَرْطاً ومُرُوطاً: أَسْرَع، والاسم المَرَطَى.
وفَرس مَرَطَى: سَرِيعٌ، وكذلك الناقةُ.
وقال الليث: المُرُوطُ سُرْعة المَشْي والعدْو.
ويقال للخيل: هنَّ يمرُطْنَ مُرُوطاً.
وروى أَبو تراب عن مُدْرِك الجعْفريّ: مَرَط فلان فلاناً وهَرَدَه إِذا آذاه.
والمَرَطَى: ضَرْب من العَدْو؛ قال الأَصمعي: هو فوق التقْرِيب ودون الإِهْذابِ؛ وقال يصف فرساً: تَقْرِيبُها المَرَطَى والشَّدُّ إِبْراقُ وأَنشد ابن بري لطُفيل الغَنويّ: تَقْرِيبُها المَرَطَى والجَوْزُ مُعْتَدِلٌ، كأَنها سُبَدٌ بالماء مَغْسُولُ (* قوله «تقريبها إلخ» أَورده في مادة سبد بتذكير الضميرين وهو كذلك في الصحاح.) والمِمْرَطةُ: السريعة من النوق، والجمع ممَارِطُ؛ وأَنشد أَبو عمرو للدُّبَيْري: قَوْداء تَهْدِي قُلُصاً ممَارِطا، يَشْدَخْن بالليلِ الشُّجاعَ الخابِطا الشجاعُ الحيةُ الذكَر، والخابط النائم، والمرْطُ كِساء من خَزّ أَو صُوف أَو كتّان، وقيل: هو الثوب الأَخضر، وجمعه مُرُوطٌ.
وفي الحديث: أَنه، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يصلي في مرُوط نسائه أَي أَكْسِيَتِهنّ؛ الواحد مِرْط يكون من صوف، وربما كان من خز أَو غيره يؤتَزر به.
وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يُغَلِّس بالفجر فينصرف النساء مُتَلَفِّعات بمرُوطهنّ ما يُعرفْن من الغَلَس؛ وقال الحكم الخُضْري: تَساهَمَ ثَوْباها ففي الدِّرْعِ رَأْدةٌ، وفي المِرْطِ لَفّاوانِ، رِدْفُهما عَبْلُ قوله تساهم أَي تَقارَعَ.
والمِرْط: كل ثوب غير مَخِيط.
ويقال للفالُوذ المِرِطْراطُ والسِّرِطْراط، واللّه أَعلم.

عضد (لسان العرب) [1]


العَضُدُ والعَضْدُ والعُضُدُ والعُضْدُ والعَضِدُ من الإِنسان وغيره؛ الساعدُ وهو ما بين المرفق إِلى الكتف، والكلام الأَكثر العَضُدُ: وحكى ثعلب: العَضَد، بفتح العين والضاد، كلٌّ يذكر ويؤْنث. قال أَبو زيد: أَهل تِهامة يقولون العُضُد والعُجُزُ ويُذكرون. قال اللحياني: العضد مؤنثة لا غير، وهما العَضُدانِ، وجمعها أَعضادٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وفي حديث أُمّ زرع: وملأَ من شَحْمٍ عَضُدَيَّ؛ العضد ما بين الكَتِفِ والمِرْفَقِ ولم ترده خاصة، ولكنها أَرادت الجسد كله فإِنه إِذا سَمِن العضد سمن سائر الجسد؛ ومنه حديث أَبي قتادة والحمارِ الوحشي: فناولْتُه العضدَ فأَكلها، يريد كتفه.وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كان أَبيض مُعَضَّداً؛ هكذا رواه . . . أكمل المادة يحيى بن معين وهو المُوَثَّقُ الخَلْق؛ والمحفوظ في الرواية: مُقَصّداً؛ واستعمل ساعدةُ بنُ جؤيَّةَ الأَعضاد للنحل، فقال: وكأَنَّ ما جَرَسَتْ على أَعضادِها، حَيْثُ اسْتَقَلَّ بها الشرائعُ مَحْلَبُ شبه ما على سوقها من العسل بالمحلب.
ورجل (* قوله «ورجل إلخ» في القاموس ورجل عضادي مثلثة إلخ.) عُضِاديٌّ: عظيم العضد، وأَعْضَدُ: دَقيق العضد.
وعَضَدَه يَعْضِدُه عَضْداً: أَصاب عَضُدَه؛ وكذلك إِذا أَعَنْتَه وكنتَ له عضداً.
وعَضِدَ عَضَداً: أَصابه داءٌ في عَضُدِه.
وعُضِدَ عَضْداً: شكا عَضُدَه، يطَّرد على هذا بابٌ في جميع الأَعضاءِ.
وأَعْضَدَ المطرُ وعَضَّدَ: بلغ ثراه العَضُدَ وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قصيرة.
ويَدٌ عَضِدَةٌ: قصيرة العَضُد.
والعِضادُ: من سِمات الإِبل وَسْمٌ في العضد عرضاً؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي عليّ.
وإِبِلٌ مُعَضَّدَةٌ: موسومة في أَعضادها.
وناقةٌ عَضادٌ: وهي التي لا تَرِدُ النَّضيحَ حتى يَخْلو لهَا، تَنْصرِمُ عن الإِبل ويقال لها القَذُورُ.
والعِضادُ والمِعْضَدُ: ما شُدَّ في العَضُدِ من الحِرْزِ؛ وقيل: المِعْضَدَةُ والمِعْضَد الدُّمْلُجُ لأَنه على العضد يكون؛ حكاه اللحياني، والجمع مَعاضِدُ.
واعْتَضَدْتُ الشيء: جعلته في عضدي.
والمِعْضَدَةُ أَيضاً: التي يشدّها المسافرُ على عضده ويجعل فيها نفقته، عنه أَيضاً.
وثوب مُعَضَّدٌ: مخطط على شكل العضد؛ وقال اللحياني: هو الذي وَشْيُه في جوانبه.
والمُعَضَّدُ: الثوب الذي له عَلَم في موضع العضد من لابسه؛ قال زهير يصف بقرة: فجالَتْ على وحْشِيِّها، وكأَنَّها مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ والعَضُدُ: القوة لأَن الإِنسان إِنما يَقْوى بعضده فسميت القوّة به.
وفي التنزيل: سَنَشُدُّ عضدك بأَخيك؛ قال الزجاج: أَي سنعينك بأَخيك. قال: ولفظ العضد على جهة المثل لأَن اليد قِوامُها عَضُدُها.
وكل مُعين، فهو عَضُدٌ.
والعَضُدُ: المُعين على المثل بالعضد من الأَعضاءِ.
وفي التنزيل: وما كنتَ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً؛ أَي أَعضاداً وإِنما أَفرد لتعتدل رؤوس الآي بالإِفراد.
وما كنتَ متخذ المضلين عضداً؛ أَي ما كنت يا محمد لتتخذ المضلين أَنصاراً.
وعَضُدُ الرجلِ: أَنصاره وأَعوانه.
والعرب تقول: فلانٌ يَفُتُّ في عضد فلان ويقدح في ساقه؛ فالعضد أَهل بيته وساقه نفسه.
والاعْتِضادُ: التَّقَوِّي والاستعانة.
وفلان يَعْضُدُ فلاناً أَي يُعِنيه.
ويقال: فلان عَضُدُ فلانٍ وعِضادَتُه ومُعاضِدُه إِذا كان يعاونه ويرافقه؛ وقال لبيد: أَوْ مِسْحَل سَنِق عِضادَة سَمْحَجٍ، بِسَراتها نَدَبٌ له وكُلومُ واعتضدت بفلان: استعنت.
وعَضَدَه يَعْضُدُه عَضْداً وعاضَدَه: أَعانه.
وعاضدني فلان على فلان أَي عاونني.
والمُعاضدَة: المُعاونة.
وعَضُدُ البِناء وغيره وعَضَدُه وأَعْضاده: ما شُدَّ من حواليه كالصفائح المنصوبة حول شَفِير الحوض.
وعَضُدُ الحوض: من إِزائها إِلى مُؤَخّره، وإِزاؤُه مَصَبُّ الماء فيه، وقيل: عضده جانباه؛ عن ابن الأَعرابي، والجمع أَعضاد؛ قال لبيد يصف الحوض الذي طال عهده بالواردة: راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضادِه، ثَلَمَتْه كلُّ رِيحٍ وسَبَلْ وعُضود؛ قال الراجز: فَارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضودُ مِنْ عَكَراتٍ، وَطْو ها وئِيدُ وعَضُدُ الركائبِ: ما حواليها.
وعَضَدَ الركائبَ يَعْضُدُها عَضْداً: أَتاها من قبَلِ أَعْضادِها فضمَّ بعضها إِلى بعض؛ أَنشد ابن الأَعرابي: إِذا مَشى لم يَعْضُدِ الرَّكائبا والعاضِدُ: الذي يمشي إِلى جانب دابة عن يمينه أَو يساره.
وتقول: هو يَعْضُدُها يكون مرة عن يمينها ومرة عن يسارها لا يفارقها، وقد عَضَدَ يَعْضُدُ عُضُوداً، والبعيرُ معضود؛ قال الراجز: ساقَتُها أَربعةٌ بالأَشْطانْ، يَعْضُدُها اثْنانِ، ويَتْلوها اثنانْ يقال: اعْضُدْ بَعِيرَك ولا تَتْلُه.
وعَضَدَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ بِعَضُدِه فَصَرَعَه، وضَبَعَه إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ.
والعاضِدُ: الجمل يأْخُذُ عَضُدَ الناقة فَيَتَنَوَّخُها.
وحِمارٌ عَضِدٌ وعاضِدٌ إِذا ضَمَّ الأُتنَ من جوانبها.
وعَضُدُ الطريقِ وعِضادَتُه: ناحيته.
وعَضُدُ الإِبْطِ وعَضَدُه: ناحيته؛ وقيل: كلُّ ناحية عَضُدٌ وعَضَدٌ.
وأَعْضادُ البيت: نواحِيه.
ويقال: إِذا نَخَرَتِ الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاك الغيثُ، يعني ناحيةَ اليمن.
وعضُدُ الرَّحْلِ: خشبتان تَلزقان بواسطته؛ وقيل: بأَسفل واسطته.
وعضَدَ القَتَبُ البعيرَ عَضْداً: عَضَّه فَعَقَرَه؛ قال ذو الرمة: وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ وعَضَدَتْها الرِّحالُ إِذا أَلَحَّتْ عليها. أَبو زيد: يقال لأَعْلى ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مما يَلي العَراقي: العَضُدان، الواسِط والمُؤخَّرَةِ.
وعَضُدُ النعل وعِضادَتاها: اللتان تقعان على القدم.
وعِضادتا البابِ والإِبْزيمِ: ناحيتاه.
وما كان نحو ذلك، فهو العِضادة.
وعِضادَتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله.
والعِضادتان: العُودان اللذان في النِّير الذي يكون على عنق ثور العجلة، والواسِطُ: الذي يكون وسط النير.
والعاضِدان: سَطْران من النخل على فَلَج.
والعَضُدُ من النخل: الطريقة منه.
وفي الحديث: أَنّ سَمُرة كانت له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من الأَنصار؛ حكاه الهرويّ في الغريبين؛ أَراد طريقة من النخل، وقيل: إِنما هو عَضِيدٌ من النخل.
ورجل عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ؛ الأَخيرة عن كراع.
وامرأَة عَضادٌ (* قوله «وامرأة عضاد» في القاموس والعضاد كسحاب القصير من الرجال والنساء والغليظة العضد.) قصيرة؛ قال الهذلي: ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِه جَيْدَرِيَّةٌ عَضادٌ، ولا مَكْنوزَةُ اللحمِ ضَمْزَرُ الضمزرُ: الغليظة اللئيمة. قال المؤرّخ: ويقال للرجل القصير عَضادٌ.
وعضَدَ الشجرَ يَعْضِدُه، بالكسر، عَضْداً، فهو مَعْضود وعَضِيدٌ، واسْتَعْضَدَه: قطعه بالمِعْضَد؛ الأَخيرة عن الهرويّ؛ قال: ومنه حديث طهفة: ونَسْتَعْضِدُ البَريرَ أَي نقطعه ونَجْنِيه من شجره للأَكل.
والعَضَدُ: ما عُضِدَ من الشجر أَو قطع بمنزلة المعضود؛ قال عبد مناف بن ربع الهُذَلي:الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعَةٌ، ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمَةِ العَضَدَا الشغشغة: صوت الطَّعْن.
والهيقعة: صوت الضرب بالسيف.
والمُعَوِّلُ: الذي يبني العالَةَ، وهي ظُلَّةٌ من الشجر يُسْتَظَلُّ بها من المطر.
وفي حديث تحريم المدينة: نهى أَن يُعْضَدَ شجرُها أَي يقطع.
وفي الحديث: لوَدِدْتُ أَني شجرةٌ تُعْضَد.
وفي حديث ظبيان: وكان بنو عمرو بن خالد من جَذيمَةَ يخبِطون عَضِيدَها ويأْكلون حَصِيدَها؛ العَضِيدُ والعَضَدُ: ما قُطِع من الشجر أَي يضربونه ليسقط ورقه فيتخذوه عَلَفاً لإِبلهم.
وعَضَدَ الشجرَ: نَثَر ورَقَها لإِبله؛ عن ثعلب، واسم ذلك الورَقِ العَضَدُ.
والمِعْضَدُ والمِعْضادُ من السيوف: المُمْتَهَنُ في قطع الشجر؛ أَنشد ثعلب:سَيْفاً بِرِنْداً لم يكن مِعْضاداً قال: والمِعْضادُ سيف يكون مع القصّابين تقطع به العظام.
والمعضاد: مثل المِنْجل ليس لها أُشُرٌ (* قوله «أشر» كشطب وشطب، بفتح الشين وضمها كما في الصحاح والقاموس، وقوله نصابها كذا فيه وفي شرح القاموس ولعله نصالها باللام لا بالباء). يُرْبَط نِصابُها إِلى عصا أَو قناة ثم يَقْصِمُ الراعي بها على غنمه أَو إِبله فُروعَ غُصونِ الشجر؛ قال: كأَنما تُنْحي، على القَتادِ والشَّوْكِ، حَدَّ الْفَأْسِ والمِعْضادِ وقال أَبو حنيفة: كل ما عُضِد به الشجر فهو مِعْضَد. قال: وقال أَعرابي: المِعْضَدُ عندنا حديدة ثقيلة في هيئة المِنْجل يقطع بها الشجر.
والعَضِيدُ: النخلة التي لها جِذْعٌ يَتناولُ منه المتناول، وجمعه عِضْدانٌ؛ قال الأَصمعي: إِذا صار للنخلة جذع يتناول منه المتناول فتلك النخلة العَضِيدُ، فإِذا فأَتت اليد فهي جَبَّارَةٌ.
والعَواضِدُ: ما ينبت من النخل على جانبي النهر.
وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة، بكسر الضاد: بدا الترطيب في أَحد جانبيها.
وقال النضر: أَعضادُ المزارع حدودها يعني الحدود التي تكون فيما بين الجار والجار كالجُدْران في الأَرضين.
والعضد، بالتحريك: داء يأْخذ الإِبل في أَعضادها فَتُبَطُّ، تقول منه: عَضِدَ البعير، بالكسر؛ قال النابغة: شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى فَأَنْفَذَها، شَكَّ المُبَيْطِر إِذ يَشفِي من العَضَدِ واليَعْضِيدُ: بقلة، وهو الطَّرْخَشْقوق، وفي التهذيب: التَّرْخَجْقوق. قال ابن سيده: واليعضيد بقلة زهرها أَشد صفرة من الوَرْس، وقيل: هي من الشجر، وقيل: هي بقلة من بقول الربيع فيها مَرارة.
وقال أَبو حنيفة: اليعضيد بقلة من الأَحرار مرة، لها زهرة صفراء تشتهيها الإِبل والغنم والخيل أَيضاً تُعْجِبُ بها وتُخْصِبُ عليها؛ قال النابغة ووصف خيلاً: يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْداقِها، صُفْراً مَناخِرُها من الجَرْجارِ

جذا (لسان العرب) [1]


جَذا الشيءُ يَجْذُو جذْواً وجُذُوّاً وأَجْذَى، لغتان كلاهما: ثبت قائماً، وقيل: الجَاذِي كالجَاثي. الجوهري: الجَاذِي المُقْعِي منتصب القدمين وهو على أَطراف أَصابعه؛ قال النعمان بن نَضْلة العدويّ وكان عمر، رضي الله عنه، استعمله على مَيْسان: فَمنْ مُبْلغُ الحَسْناءِ أَنَّ خلِيلَها، بِمَيْسانَ، يُسْقَى في قِلال وحَنْتَمِ؟ إذا شِئْتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ قَرْيةٍ، وصَنَّاجةٌ تَجْذُو على كلّ مَنْسِم فإنْ كنت نَدْماني فبالأَكْبَر اسْقِني، ولا تَسْقِنِي بالأَصْفَرِ المُتَثَلِّمِ لعلَّ أَميرَ المؤمنينَ يسوءُهُ تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ فلما سمع عمر ذلك قال: إي والله يسوءني وأَعزلك ويروى: وصنَّاجة تجذو على حَرْفِ مَنسِم وقال ثعلب: الجُذُوُّ على أَطرف الأَصابع والجُثُوُّ على الرُّكَب. قال ابن . . . أكمل المادة الأَعرابي: الجَاذِي على قدميه، والجاثي على ركبتيه، وأَما الفراء فإنه جعلهما واحداً. الأَصمعي: جثَوْت وجَذَوْت وهو القيام على أَطراف الأَصابع، وقيل: الجاذي القائم على أَطراف الأَصابع؛ وقال أَبو دواد يصف الخيل: جاذِيات على السَّنَابِكِ قد أَنْـ ـحَلَهُنَّ الإسْراجُ والإلْجَامُ والجمع جِذاءٌ مثل نائِم ونِيام؛ قال المَرَّار: أَعَانٍ غَرِيبٌ أَم أَمِيرٌ بأَرْضها، وحَوْلِيَ أَعْدَاءٌ جِذاءٌ خُصُومُها؟ وقال أَبو عمرو: جَذَا وجَثَا لغتان، وأَجْذَى وجَذَا بمعنى إذا ثبت قائماً.
وكل من ثبت على شيء فقد جَذَا عليه؛ قال عمرو بن جميل الأَسدي: لم يُبْقِ منها سَبَلُ الرَّذاذِ غيرَ أَثافي مِرْجَلٍ جَوَاذِ وفي حديث ابن عباس: فجَذَا على ركبتيه أَي جَثا. قال ابن الأَثير: إلا أَنه بالذال أَدلُّ على اللزوم والثبوت منه بالثاء. قال ابن بري: ويقال جَذَا مثل جَثا، واجْذَوَى مثل ارْعَوَى فهو مُجْذَوٍ؛ قال يزيد بن الحَكَم:نَدَاكَ عن المَوْلى ونَصْرُكَ عاتِمٌ، وأَنتَ لهُ بالظُّلْمِ والفُحْشِ مُجْذَوي قال ابن جني: ليست الثاء بدلاً من الذال بل هما لغتان.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ المؤمن كالخامَةِ من الزرع تُفَيِّئُها الريحُ مرة هناك ومرة هنا، ومثَلُ الكافر كالأَرْزَة المُجْذِيَةِ على وجه الأَرض حتى يكونَ انْجِعافُها بمَرَّةٍ، أَي الثابتة المُنْتَصِبة؛ يقال: جَذَتْ تَجْذو وأَجْذَتْ تُجْذي، والخامَةُ من الزرع: الطاقة منه، وتُفَيِّئُها: تَجِيءُ بها وتَذْهب، والأَرْزَةُ: شجرة الصَّنَوْبر، وقيل: هو العَرْعَر، والانْجِعافُ: الانْقِلاعُ والسقوطُ، والمُجْذِيَة: الثابتة على الأَرض. قال الأَزهري: الإجْذاء في هذا الحديث لازم، يقال: أَجْذَى الشيءُ يُجْذي وجَذَا يَجْذُو جُذُوّاً إذا انتصب واستقام، واجْذَوْذَى اجْذِيذاءً مثله.
والمُجْذَوْذي: الذي يلازم الرحل والمنزل لا يفارقه؛ وأَنشد لأَبي الغريب النصْري: أَلسْتَ بمُجْذَوذٍ على الرَّحْلِ دائِبٍ؟ فما لَكَ، إلا ما رُزِقْتَ، نَصيبُ وفي حديث فَضالة: دخلتُ على عبد الملك بن مَرْوان وقد جَذَا منخراه وشَخَصَت عَيْناه فعَرَفْنا منه الموت، أَي انْتَصبَ وامتَدَّ.
وتَجَذَّيْتُ يومي أَجمعَ أَي دَأَبْتُ.
وأَجْذَى الحجرَ: أَشاله، والحجَرُ مُجْذىً.
والتَّجاذي في إشالةِ الحجر: مثل التَّجاثي.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنه: مَرَّ بقومٍ يُجْذُونَ حجَراً أَي يُشِيلونه ويرفعونه، ويروى: وهُمْ يتَجاذَوْنَ مِهْراساً؛ المِهْراس: الحجر العظيم الذي يُمْتَحَن برفعه قُوَّةُ الرجل.
وفي حديث ابن عباس: مَرَّ بقومٍ يتَجاذَبُون حجَراً، ويروى يُجْذُون؛ قال أَبو عبيد: الإجْذاءُ إشالة الحجر لتُعرف به شدَّةُ الرجل، يقال: هم يُجْذُون حجراً ويتَجاذَوْنه. أَبو عبيد: الإجْذاء في حديث ابن عباس واقع؛ وأَما قول الراعي يصف ناقة صُلْبة: وبازِل كعَلاةِ القَيْنِ دَوْسَرَةٍ، لم يُجْذِ مِرْفَقُها في الدَّفِّ منْ زَوَرِ فإنه أَراد لم يتباعد من جنبه منتصباً من زَوَرٍ ولكن خِلْقةً.
وأَجْذَى طرْفَه: نصَبَه ورمى به أَمامه؛ قال أَبو كبير الهذلي: صَدْيان أَجْذَى الطَّرْفَ في مَلْمومة، لوْنُ السَّحابِ بها كَلَوْنِ الأَعْبَل وتَجاذَوْهُ: ترابَعوه ليَرْفَعوه.
وجَذَا القُرادُ في جَنْب البعير جُذُوّاً: لَصِق به ولزمه.
ورجل مُجْذَوْذٍ: مُتَذلِّل؛ عن الهَجَريِّ. قال ابن سيده: وإذا صحَّت اللفظة فهو عندي من هذا كأَنه لَصِقَ بالأَرض لِذُلِّه.
ومِجْذاء الطائر: مِنْقارُه؛ وقول أَبي النجم يصف ظليماً: ومَرَّة بالحَدِّ مِنْ مِجْذائِهِ (* قوله «ومرة بالحد إلخ» عجزه كما في التكملة: عن ذبح التلع وعنصلائه وذبح كصرد، والتلع بفتح فسكون، وعنصلائه بضم العين والصاد). قال: المِجْذاءُ مِنقارُه، وأَراد أَنه ينزع أُصول الحشيش بمنقاره؛ قال ابن الأَنباري، المِجْذاءُ عُودٌ يُضرب به؛ قال الراجز: ومَهْمَهٍ للركب ذي انْجِياذِ، وذي تَبارِيحَ وذي اجْلِوَّاذِ (* قوله «ومهمه إلخ» هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه). ليس بذِي عِدٍّ ولا إخَاذِ، غَلَّسْتُ قبل الأَعْقَدِ الشَّمّاذِ قال: لا أَدري انجياذ أَم انجباذ.
وفي النوادر: أَكلنا طعاماً فجاذَى بينَنا ووالى وتابَع أَي قَتَلَ بعْضَنا على إثْر بعضٍ.
ويقال: جَذَيْتُه عنه وأَجْذَيْتُِ عنه أَي منَعْته؛ وقول ذي الرمة يصف جمالاً: على كلِّ مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه، شُؤُوٌّ لأَبْواعِ الجَواذي الرَّواتِكِ قيل في تفسيره: الجَوَاذي السِّراعُ اللَّواتي لا يَنْبَسِطن من سُرْعتهن.
وقال أَبو ليلى: الجَواذي التي تَجْذُو في سيرها كأَنها تَقْلَع السيرَ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف جَذَا أَسرع ولا جَذَا أَقْلَع.
وقال الأَصمعي: الجَواذي الإبلُ السِّراع اللاتي لا ينبسطن في سيرهن ولكن يَجْذُون ويَنْتَصِبْنَ.
والجِذْوَة والجَذْوة والجُذوة: القَبَسة من النار، وقيل: هي الجَمْرة، والجمع جِذاً وجُذاً، وحكى الفارسي جِذاءٌ، ممدودة، وهو عنده جمع جَذْوَة فيُطابقُ الجمعَ الغالِبَ على هذا النوع من الآحاد. أَبو عبيد في قوله عز وجل: أَو جِذْوَةٍ من النار؛ الجِذْوة مثل الجِذْمَةِ وهي القطعة الغليظة من الخشب ليس فيها لهب.
وفي الصحاح: كأنَّ فيها ناراً ولم يكن.
وقال مجاهد: أَو جَذْوة من النار أَي قطعة من الجمر، قال: وهي بلغة جميع العرب.
وقال أَبو سعيد: الجَذْوة عود غليظ يكون أَحدُ رأْسَيْه جَمْرةً والشهابُ دونها في الدقة. قال: والشُّعْلة ما كان في سراج أو في فتيلة. ابن السكيت: جِذْوَة من النار وجِذًى وهو العود الغليظ يؤخذ فيه نار.ويقال لأَصل الشجرة: جِذْيَة وجَذَاة. الأَصمعي: جِذْمُ كل شيء وجِذْيُه أَصله.
والجِذَاءُ: أُصولُ الشجر العظامُ العادِيَّةُ التي بَلِيَ أَعلاها وبَقِيَ أَسفلُها؛ قال تميم بن مُقْبل: باتَتْ حَوَاطِبُ ليْلى يَلْتَمِسْنَ لها جَزْلَ الجِذَا غَيرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ واحدته جَذَاةٌ؛ قال ابن سيده: قال أَبو حنيفة ليس هذا بمعروف وقد وهم أَبو حنيفة لأَن ابن مقبل قد أَثبته وهُوَ مَنْ هُوَ.
وقال مرَّة: الجَذَاةُ من النبت لم أَسمع لها بتَحْلِيَةٍ، قال: وجمعها جِذَاءٌ؛ وأَنشد لابن أَحمر: وَضَعْنَ بذي الجَذاةِ فُضُولَ رَيْطٍ، لِكَيْما يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا ويروى: لكيما يَجْتَذِينَ. ابن السكيت: ونبت يقال له الجَذَاةُ، يقال: هذه جَذاة كما ترى، قال: فإن أَلقيت منها الهاء فهو مقصور يكتب بالياء لأَن أَوله مكسور.
والحجى: العقل، يكتب بالياء لأَن أَوله مكسور.
واللِّثَى: جمع لِثَةٍ، يكتب بالياء. قال: والقِضَة تجمع القِضِين والقِضُون، وإذا جمعته على مثال البُرَى قلت القُضَى. قال ابن بري: والجِذَاءُ، بالكسر، جمع جَذَاةٍ اسم بنت؛ قال الشاعر: يَدَيْت على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهْبٍ، بأَسفلِ ذِي الجَذَاةِ، يَدَ الكَرِيمِ رأَيت في بعض حواشي نسخة من نسخ أَمالي ابن بري بخط بعض الفضلاء قال: هذا الشاعر عامر بن مؤاله (* قوله «ابن مؤاله إلخ» هكذا في الأصل)، واسمه معقل، وحَسْحاس هو حَسْحاس بن وهْبِ ابنِ أَعْيا بن طَرِيف الأَسَدِي.
والجاذِيَةُ: الناقة التي لا تلبث إذا نُتجت أَن تَغْرِزَ أَي يقِلَّ لبنُها. الليث: رجل جاذٍ وامرأَة جاذِيَة بَيِّنُ الجُذُوِّ وهو قصير الباع؛ وأَنشد لسهم بن حنظلة أَحد بني ضُبَيْعة بن غنيّ بن أَعْصُر: إنّ الخِلافةَ لم تكنْ مَقصورة، أَبَداً، على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ يريد: قصيرهما، وفي الصحاح: مُبَخَّل. الكسائي: إذا حمل ولد الناقة في سنامه شحماً قيل أَجْذَى، فهو مُجْذٍ؛ قال ابن بري: شاهده قول الخنساء: يُجْذِينَ نَيّاً ولا يُجْذِينَ قِرْدانا يُجْذِينَ الأَوَّلُ من السَّمَنِ، ويُجْذِين الثاني من التعلق. يقال: جَذَى القُراد بالجَمَل تعلق.
والجَذَاةُ: موضع.

موه (لسان العرب) [1]


الماءُ والماهُ والماءةُ: معروف. ابن سيده: وحكى بعضهم اسْقِني ماً، مقصور، على أَن سيبويه قد نفى أَن يكون اسمٌ على حرفين أَحدهما التنوين، وهمزةُ ماءٍ منقلبة عن هاء بدلالة ضُروبِ تصاريفه، على ما أَذكره الآن من جَمْعِه وتصغيره، فإن تصغيره مَوَيْه، وجمعُ الماءِ أَمواهٌ ومِياهٌ، وحكى ابن جني في جمعه أَمْواء؛ قال أَنشدني أَبو علي: وبَلْدة قالِصة أَمْواؤُها، تَسْتَنُّ في رَأْدِ الضُّحَى أَفْياؤُها، كأَنَّما قد رُفِعَتْ سَماؤُها أَي مطرُها.
وأَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ وماءةٌ. قال الجوهري: الماءُ الذي يُشْرَب والهمزة فيه مبدلة من الهاء، وفي موضع اللام، وأَصلُه مَوَهٌ، بالتحريك، لأَنه يجمع على أَمْواه في القِلَّة ومِياهٍ في . . . أكمل المادة الكثرة مثل جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ، والذاهبُ منه الهاءُ، لأَن تصغيره مُوَيْه، وإذا أَنَّثْتَه قلتَ ماءَة مثل ماعةٍ.
وفي الحديث: كان موسى، عليه السلام، يغْتَسِلُ عند مُوَيْهٍ؛ هو تصغير ماء. قال ابن الأَثير: أَصل الماء مَوَهٌ.
وقال الليث: الماءُ مدَّتُه في الأَصل زيادة، وإنما هي خلف من هاءٍ محذوفة، وبيان ذلك أَن تصغيرَه مُوَيْهٌ، ومن العرب من يقول ماءة كبني تميم يعْنُون الرَّكِيَّةَ بمائها، فمنهم مَنْ يَرْوِيها ممدوةً ماءة، ومنهم من يقول هذه ماةٌ مقصورة، وماءٌ كثير على قياسِ شاة وشاء.
وقال أَبو منصور: أَصلُ الماء ماهٌ بوزن قاهٍ، فثَقُلَت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدَّةً، فقالوا ماء كما ترى: قال: والدليل على أَن الأَصل فيه الهاء قولهم أَماهَ فلانٌ رَكِيَّتَه، وقد ماهَتِ الرَّكِيَّةُ، وهذه مُوَيْهةٌ عَذْبةٌ، ويجمع مِياهاً.
وقال الفراء: يُوقَفُ على الممدود بالقصر والمدَّ شَرِبْت ماء، قال: وكان يجب أَن يكون فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ، قال: وسمعت هؤلاء يقولون شربت مَيْ يا هذا، وهذه بَيْ يا هذا، وهذه بَ حَسَنة، فشبَّهوا الممدودَ بالمقصور والمقصورَ بالممدود؛ وأَنشد: يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ فقَصَر، وهو ممدود، وشبهه بالمقصور؛ وسَمَّى ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الدمَ ماءَ اللحمِ فقال يهجو امرأَة: شَرُوبٌ لماءِ اللحمِ في كلِّ شَتْوةٍ، وإِن لم تَجِدْ مَنْ يُنْزِل الدَّرَّ تَحْلُبِ وقيل: عَنَى به المَرَق تَحْسُوه دون عِيالِها، وأَراد: وإن لم تجد مَن يَحلُب لها حَلَبتْ هي، وحَلْبُ النساء عارٌ عند العرب، والنسبُ إلى الماء مائِيٌّ، وماوِيٌّ في قول من يقول عَطاوِيّ.
وفي التهذيب: والنسبة إلى الماء ما هِيٌّ. الكسائي: وبئرٌ ماهَةٌ ومَيِّهةٌ أَي كثيرةُ الماء.
والماوِيَّةُ: المِرْآةُ صفة غالبة. كأَنها منسوبة إلى الماء لصفائها حتى كأَنَّ الماءَ يجري فيها، منسوبة إلى ذلك، والجمع ماوِيٌّ؛ قال: ترَى في سَنا الْمَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل والماوِيَّةُ: البقرةُ لبياضِها.
وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَموهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً ومُؤُوهاً وماهَةً ومَيْهةً، فهي مَيِّهةٌ وماهةٌ: ظهر ماؤها وكثر، ولفظةُتَمِيه تأْتي بعدَ هذا في الياء هناك من باب باع يبيع، وهو هنا من باب حَسِبَ يَحْسِبُ كطاحَ يَطِيحُ وتاهَ يَتِيهُ، في قول الخليل، وقد أَماهَتْها مادَّتُها وماهَتْها.
وحَفَر البئرَ حتى أَماهَ وأَمْوَه أَي بلغ الماءَ.
وأَماهَ أَي أَنْبَط الماءَ.
ومَوَّهَ الموضعُ: صارَ فيه الماءُ؛ قال ذو الرمّة: تَمِيميّة نَجْدِيّة دارُ أَهْلِها إذا مَوَّهَ الصَّمَّانُ مِن سَبَلِ القَطْرِ وقيل: مَوَّهَ الصَّمَّانُ صار مُمَوَّهاً بالبَقْل.
ويقال: تَمَوَّهَ ثمرُ النخل والعنبِ إذا امْتلأ ماءً وتَهَيّأَ للنُّضْجِ. أَبو سعيد: شجرٌ مَوَهِيٌّ إذا كانَ مَسْقَوِيَّاً، وشجر جَزَوِيٌّ يشرب بعروقه ولا يُسْقَى.
ومَوَّهَ فلانٌ حَوْضَه تَمْوِيهاً إذا جعل فيه الماءَ.
ومَوَّهَ السحابُ الوَقائعَ.
ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ وماهي الفُؤادِ: جبان كأَن قَلبه في ماء؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: إنَّكَ يا جَهْضَمُ ما هي القلبِ قال: كذا يُنْشِده، والأَصلُ مائِهُ القلبِ لأَنه مِن مُهْتُ.
ورجل ماهٌ أَي كثيرُ ماءِ القلب كقولك رجل مالٌ؛ وقال: إنَّك يا جَهْضَمُ ماهُ القلبِ، ضَخْمٌ عريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْبِ ماهُ القلبِ: بلِيدٌ، والمُجْرئشُّ: المنتفخُ الجَنْبَين.
وأَماهَتِ الأَرضُ: كثُر ماؤها وظهر فيها النَّزُّ.
وماهَتِ السفينةُ تَماهُ وتَموه وأَماهَتْ: دخل فيها الماءُ.
ويقال: أَماهَتِ السفينةُ بمعنى ماهَتْ. اللحياني: ويقال امْهِنِي اسْقِِني.
ومُهْتُ الرجلَ ومِهْتُه، بضم الميم وكسرها: سقَيْتُه الماءَ.
ومَوَّه القِدْرَ: أَكثر ماءَها.
وأَماهَ الرجلَ والسِّكِّينَ وغيرٍَهما: سَقاهُ الماءَ، وذلك حينَ تَسُنُّه به.
وأَمَهْتُ الدواةَ: صَبَبْتُ فيها الماء. ابن بُزُرْج: مَوَّهَت السماءُ أَسالَتْ ماءً كثيراً.
وماهَت البئرُ وأَماهت في كثرة مائها، وهي تَماهُ وتَموه إذا كثُر ماؤها.
ويقولون في حفْر البئر: أَمْهَى وأَماهَ؛ قال ابن بري: وقول امرئ القيس: ثم أَمْهاهُ على حَجَره هو مقلوبٌ من أَماهَه، ووزنه أَفعله.
والمَها: الحجر، مقلوب أَيضاً، وكذلكَ المها ماءُ الفحل في رحم الناقة.
وأَماهَ الفحلُ إذا أَلْقى ماءَه في رَحِم الأُنثى.
ومَوَّهَ الشيءَ: طَلاهُ بذهبٍ أَو بفضةٍ وما تحت ذلك شََبَهٌ أَو نُحاسٌأَو حديدٌ، ومنه التَّمْوِيهُ وهو التلبيسُ، ومنه قيل للمُخادِع: مُمَوِّه.
وقد مَوَّهَ فلانٌ باطِلَه إذا زَيَّنه وأَراه في صورةِ الحقّ. ابن الأَعرابي: المَيْهُ طِلاءُ السيفِ وغيرِه بماء الذهب؛ وأَنشد في نعت فرس: كأَنَّه مِيهَ به ماءُ الذَّهَبْ الليث: المُوهةُ لونُ الماء. يقال: ما أَحسن مُوهَةَ وجْهِهِ. قال ابن بري: يقال وَجْهٌ مُمَوَّهٌ أَي مُزَيَّنٌ بماء الشَّباب؛ قال رؤبة: لَمَّا رَأْْتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ والمُوهةُ: تَرَقْرُقُ الماء في وجه المرأَة الشابة.
ومُوهةُ الشبابِ: حُسْنُه وصَفاؤه.
ويقال: عليه مُوهةٌ من حُسْنٍ ومُواهةٌ ومُوَّهةٌ إذا مُنِحَه.
وتَمَوَّهَ المالُ للسِّمَنِ إذا جرى في لحُومِه الربيعُ.
وتَمَوَّه العنَبُ إذا جرى فيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لَوْنُه.
وكلامٌ عليه مُوهةٌ أَي حُسْنٌ وحلاوةٌ، وفلانٌ مُوهةُ أَهلِ بيتِه. ابن سيده: وثَوْبُ الماء الغِرْسُ الذي يكون على المولود؛ قال الراعي: تَشُقُّ الطَّيْرُ ثَوْبَ الماء عنه، بُعَيْدَ حياتِه، إلا الْوَتِينا وماهَ الشيءَ بالشيء مَوْهاً: خَلَطَه؛ عن كراع.
ومَوَّه عليه الخبرَ إذا أَخْبَره بخلاف ما سَأَلَه عنه.
وحكى اللحياني عن الأَسَدِيَّ: آهَة وماهَة، قال: الآهَةُ الحَصْبةُ، والمَاهَةُ الجُدَرِيُّ.
وماهٌ: موضع، يُذَكَّرُ ويؤنث. ابن سيده: وماهُ مدينةٌ لا تَنْصرف لمكان العُجْمة.
وماهُ دينار: مدينة أَيضاً، وهي من الأَسماء المركبة. ابن الأَعرابي: الْمَاهُ قصَبُ البلدِ، قال: ومنه ضُربَ هذا الدينارُ بماهِ البَصْرة وماهِ فارسَ؛ الأَزهري: كأَنه معرّب.
والْمَاهانِ: الدِّينَوَرُ ونَهاوَنْدُ، أَحدُهما ماهُ الكوفةِ، والآخرُ ماهُ البصرةِ.
وفي حديث الحسن: كانَ أَصحابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَشْتَرُون السَّمْنَ المائيَّ؛ قال ابن الأَثير: هو منسوب إلى مواضعَ تُسَمَّى ماه يُعْملُ بها، قال: ومنه قولهم ماهُ البصرةِ وماهُ الكوفةِ، وهو اسمٌ للأَماكِن المضافة إلى كل واحدة منهما، فقَلَب الهاءَ في النَّسَب همزةً أَو ياءً، قال: وليست اللفظةُ عربية.
وماوَيْهِ: ماءٌ لبني العَنْبرِ ببطن فَلْج؛ أَنشد ابن الأَعرابي: وَرَدْنَ على ماوَيْه بالأَمْسِ نِسْوةٌ، وهُنَّ على أَزْواجِهنَّ رُبوضُ وماوِيَّةُ: اسمُ امرأَة؛ قال طرفة: لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً، ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرْ قال: وتصغيرُها مُوَيّة؛ قال حاتم طيء يخاطب ماوِيَّةَ وهي امرأَته: فضارَتْه مُوَيُّ ولم تَضِرْني، ولم يَعْرَقْ مُوَيّ لها جَبينِي يعني الكَلِمةَ العَوْراء.
وماهانُ: اسمٌ. قال ابن سيده: قال ابن جني لو كان ماهانُ عربيّاً فكان من لفظ هَوَّمَ أَو هَيَّمَ لكان لَعْفانَ، ولو كان من لفظ الوَهْم لكان لَفْعانَ، ولو كان من لفظ هَمَا لكان عَلْفانَ، ولو وجد في الكلام تركيب وم هـ فكان ماهَانُ من لفظه لكان مثاله عَفْلانَ، ولو كان من لفظ النَّهْم لكان لاعافاً، ولو كان من لفظ المُهَيْمِنِ لكان عافالاً، ولو كان في الكلام تركيب م ن هـ فكان ماهانُ منه لكان فاعالاً، ولو كان ن م هـ لكان عالافاً.
وماءُ السماءِ: لقب عامر بن حارثة الأَزْدِيّ، وهو أَبو عمرو مُزَيْقِيَا الذي خرج من اليمن لما أَحَسَّ بسيل العَرِم، فسمي بذلك لأَنه كان إذا أَجْدَبَ قومُه مانَهُمْ حتى يأْتيهم الخِصْبُ، فقالوا: هو ماءُ السماءِ لأَنه خَلَفٌ منه، وقيل لولده: بنو ماء السماء، وهم ملوك الشأْم؛ قال بعض الأَنصار: أَنا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرو، وجَدِّي أَبوه عامرٌ ماءُ السماء وماءُ السماء أَيضاً: لقَبُ أُمّ المُنْذِر بن امْرِئِ القَيْس بن عَمْرو بن عَدِيّ بن ربيعة بن نَصْرٍ اللَّخْمِيّ، وهي ابنة عَوْفِ بن جُشَمَ من النَّمِر بن قاسِطٍ، وسميت بذلك لجمالها، وقيل لولدها بنُو ماءِ السماءِ، وهم ملوك العراق؛ قال زهير: ولازَمْتُ المُلوكَ مِنَ آلِ نَصْرٍ، وبعدَهُمُ بني ماءِ السماءِ وفي حديث أَبي هريرة: أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ منقَلبةٌ عن واو.
وحكى الكسائي: باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه، وهو حكاية صوتها.

عطف (لسان العرب) [1]


عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ.
ورجل عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي المُنْهَزِمين.
وعطَف عليه يَعْطِفُ عَطفاً: رجع عليه بما يكره أَو له بما يريد.
وتعطَّف عليه: وصَلَه وبرَّه.
وتعطَّف على رَحِمه: رَقَّ لها.
والعاطِفةُ: الرَّحِم، صفة غالبة.
ورجل عاطِف وعَطُوف: عائد بفضله حَسَنُ الخُلُق. قال الليث: العطَّاف الرجل الحسَن الخُلُق العطوف على الناس بفضله؛ وقول مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابن الأَعرابي: وجْدِي به وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه بنَخَلةَ، لم تَعْطِفْ عليه العواطِفُ لم يفسر العواطف، وعندي أَنه يريد الأَقْدار العَواطِفَ على الإنسان بما يُحِبُّ.
وعَطَفْت عليه: أَشْفَقْت. يقال: ما يَثْنيني عليك عاطِفةٌ من رَحِم ولا قَرابة.
وتعطَّف عليه: أَشْفَقَ.
وتعاطَفُوا أَي عطَف بعضهم على بعض.
واسْتَعطَفَه فعطَف.
وعَطف الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً فانعطَفَ وعطَّفه . . . أكمل المادة فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة.
ويقال: عطفْت رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى.
وعطفْت أَي مِلْت.
والعَطائف: القِسِيُّ، واحدتها عَطِيفةٌ كما سَمَّوْها حَنِيّة.
وجمعها حَنيٌّ.
وقوس عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إحدى السِّيَتَين على الأُخرى.
والعطيفةُ والعِطافةُ: القوس؛ قال ذو الرمة في العَطائف: وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه، على البِيضِ في أَغمادِها والعَطائِفِ يعني بُرْداً يُظَلَّل به، والبيضُ: السُّيوف، وقد عَطَفَها يَعْطِفُها.
وقوس عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قال أُسامةُ الهذلي: فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه، وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِمدُ (* قوله «مرير إلخ» أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده هناك بالجر والصواب رفعهما.) وكل ذلك لتَعَطُّفِها وانحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة ولفاح مُعطَّفة، وربما عَطَفُوا عِدَّة ذود على فصيل واحد فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن على ذلك ليَدْرِرْن. قال الجوهري: والقوس المعْطوفة هي هذه العربية.
ومُنْعَطَفُ الوادي: مُنْعَرَجُه ومُنْحَناه؛ وقول ساعدة بن جؤية: من كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب يعني بعِطافة هنا مُنْحَنًى، يصف صخرة طويلة فيها نحْل.
وشاة عاطفة بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لغير علة.
وفي حديث الزكاة: ليس فيها عَطْفاء أَي مُلْتَوِيةُ القرن وهي نحو العَقْصاء.
وظَبْية عاطِفٌ: تَعْطِفُ عنقها إذا رَبَضَت، وكذلك الحاقِفُ من الظِّباء.
وتعاطَف في مَشْيه: تَثنَّى. يقال: فلان يتَعاطفُ في مِشْيته بمنزلة يتَهادى ويَتمايلُ من الخُيلاء والتبَخْتُر.
والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عن كراع، والغين المعجمة أَعلى.
وفي حديث أُمّ مَعْبَد: وفي أَشفاره عَطَفٌ أَي طول كأَنه طال وانعطَف، وروي الحديث أَيضاً بالغين المعجمة.
وعطَف الناقةَ على الحُوار والبوّ: ظأَرَها.
وناقة عطوفٌ: عاطِفةٌ، والجمع عُطُفٌ. قال الأَزهري: ناقة عَطُوف إذا عُطِفَت على بَوٍّ فرَئمَتْه.
والعَطُوف: المُحِبَّة لزوجها.
وامرأَة عَطِيفٌ: هَيِّنة ليّنة ذَلول مِطْواع لا كِبر لها، وإذا قلت امرأَة عَطُوف، فهي الحانيةُ على ولدها، وكذلك رجل عَطوف.
ويقال: عَطَفَ فلان إلى ناحية كذا يَعْطِفُ عَطْفاً إذا مال إليه وانعطف نحوه.
وعَطف رأْسَ بعيره إليه إذا عاجَه عَطْفاً.
وعَطفَ اللّه تعالى بقلب السلطان على رَعِيّته إذا جعله عاطفاً رَحِيماً.
وعطَف الرجل وِساده إذا ثناه ليرْتَفِقَ عليه ويَتّكِئ؛ قال لبيد: ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرَى، عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ والعَطُوفُ والعاطُوفُ وبعض يقول العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فيها خشبة مَعطوفة الرأْس، سميت بذلك لانعطاف خشبتها.
والعَطْفةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بها النساء الرجالَ، وأَرى اللحياني حكى العِطْفة، بالكسر.
والعِطْفُ: المَنْكِب. قال الأَزهري: مَنكِب الرجل عِطْفه، وإبْطُه عِطْفُه.
والعُطوف: الآباطُ.
وعِطْفا الرجل والدابة: جانباه عن يمين وشمال وشِقَّاه من لَدُنْ رأْسه وَرِكه، والجمع أَعْطاف وعِطاف وعُطُوف.
وعِطْفا كل شيء: جانباه.
وعطَف عليه أَي كَرَّ؛ وأَنشد الجوهري لأَبي وجزة: العاطِفُون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ، والمُطْعِمُون، زَمان أََيْنَ المُطْعِمُ؟ قال ابن بري: ترتيب إنشاد هذا الشعر: العاطفون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ، والمُنْعِمُون يداً، إذا ما أَنْعَمُوا واللاَّحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى، والمُطْعِمُون، زمان أَينَ المُطعِمُ؟ وثنَى عِطْفَه: أَعْرض.
ومرَّ ثاني عِطْفِه أَي رَخيَّ البالِ.
وفي التنزيل: ثاني عِطْفِه ليُضِلَّ عن سبيل اللّه؛ قال الأَزهري: جاء في التفسير أَن معناه لاوِياً عُنقَه، وهذا يوصف به المتكبِّر، فالمعنى ومِن الناس من يُجادِل في اللّه بغير علم ثانياً عِطفَه أَي متكبراً، ونَصْبُ ثانيَ عطفه على الحال، ومعناه التنوين كقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الكعْبةِ؛ أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وقال أَبو سهم الهذلي يصف حِماراً: يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه حَريقٌ، أُّشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ أَراد أُشِيعَ في الأَباءة فحذف الحرف وقلَب.
وحاصِدٌ أَي يَحْصُِدُ الأَباءة بإِحْراقه إياها.
ومرَّ ينظُر في عِطفَيْه إذا مرَّ مُعجَباً.
والعِطافُ: الإزار.
والعِطافُ: الرِّداء، والجمع عُطُفٌ وأَعْطِفة، وكذلك المِعْطَفُ وهو مثل مئْزر وإزار وملِحَف ولِحاف ومِسْرَد وسِرادٍ، وكذلك مِعْطف وعِطافٌ، وقيل: المَعاطِفُ الأَرْدِيةُ لا واحد لها، واعْتَطَفَ بها وتعطَّف: ارْتدى.
وسمي الرِّداء عِطافاً لوقُوعه على عِطْفَي الرّجل، وهما ناحيتا عنقه.
وفي الحديث: سُبحان مَن تعطَّف بالعِزِّ وقال به، ومعناه سبحان من تَرَدَّى بالعز؛ والتعطُّف في حقِّ اللّه مَجازٌ يُراد به الاتّصاف كأَنَّ العز شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هذا قول ابن الأَثير، ولا يعجبني قوله كأَنّ العز شَمله شمولَ الرِّداء، واللّه تعالى يشمل كل شيء؛ وقال الأَزهري: المراد به عز اللّه وجَماله وجَلاله، والعرب تضع الرِّداء موضع البَهْجة والحُسن وتَضَعُه موضع النَّعْمة والبهاء.
والعُطوفُ: الأَرْدِيةُ.
وفي حديث الاستسقاء: حَوَّل رِداءه وجعل عِطافَه الأَيمنَ على عاتقه الأَيسر؛ قال ابن الأَثير: إنما أَضاف العِطاف إلى الرِّداء لأنه أَراد أَحد شِقّي العِطاف، فالهاء ضمير الرداء، ويجوز أَن يكون للرجل، ويريد بالعِطافِ جانبَ ردائه الأَيمن؛ ومنه حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: خرج مُتَلَفِّعاً بعِطاف.
وفي حديث عائشة: فناولتها عِطافاً كان عليَّ فرأَت فيه تَصْلِيباً فقالت: نَحِّيه عنّي.
والعِطاف: السيف لأَن العرب تسميه رداء؛ قال: ولا مالَ لي إلا عِطافٌ ومِدْرَعٌ، لكم طَرَفٌ منه حَديدٌ، ولي طَرَفْ الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الذي يُضرب به، والطرَف الثاني: مَقْبِضُه؛ وقال آخر: لا مالَ إلا العِطافُ، تُؤْزِرهُ أُمُّ ثلاثين وابنةُ الجَبَلِ لا يَرْتَقي النَّزُّ في ذَلاذِلِه، ولا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ، إن لم يُرِعْها بالماء لم تُنَلِ قال ثعلب: هذا وصَف صُعْلوكاً فقال لا مالَ له إلا العِطافُ، وهو السيف، وأُم ثلاثين: كنانة فيها ثلاثون سهماً، وابنةُ الجبل: قَوسُ نَبْعةٍ في جبل وهو أَصْلَبُ لعُودها ولا يناله نزٌّ لأَنه يأْوي الجبال، والعُصرة: المَلْجأُ، والنُّطفة: الماء، واللِّصْب: شَقُّ الجبل، والوَجْبة: الأَكْلة في اليوم، والأَشْكَلة: شجرة.
واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ والقوس؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: ومَن يَعْتَطِفْه على مِئْزرِ، فنِعْم الرِّداء على المئْزرِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء، وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء إنما عنى به رداء الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابن شميل: العِطاف تَرَدِّيك بالثوب على مَنكِبيك كالذي يفعل الناس في الحرِّ، وقد تعطَّف بردائه.
والعِطافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وكل ثوب تعَطَّفَه أَي تَردَّى به، فهو عِطاف.
والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل من الظِّهارة على البطانة.
والعَطَّاف: في صفة قِداح المَيْسِر، ويقال العَطوف، وهو الذي يَعْطِفُ على القداح فيخرج فائزاً؛ قال الهذلي: فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ في جَمِّه، خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا وقال القُتيبي في كتاب المَيْسِر: العَطوف القِدْح الذي لا غُرْم فيه ولا غُنْم له، وهو واحد الأَغْفال الثلاثة في قِداح الميسر، سمي عَطُوفاً لأنه في كل رِبابة يُضرب بها، قال: وقوله قِدحاً واحد في معنى جميع؛ ومنه قَوله: حتى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كما خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ السَّبِيخُ: ما نَسَل من ريش الطير التي ترد الماء، والقَمِيرُ: المَقْمُور، والطامِعُ: الذي يطمع أَن يَعُود إليه ما قُمِر.
ويقال: إنه ليس يكون أَحد أَطمع من مَقْمُور، وخَصِلٌ: كثر خِصال قَمْرِه؛ وأَما قول ابن مقبل: وأَصْفَرَ عطَّافٍ إذا راحَ رَبُّه، غدا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ فإنه أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عن مآخِذِ القِداح وينفرد، وروي عن المؤرّج أَنه قال في حَلْبة الخيل إذا سُوبق بينها، وفي أَساميها: هو السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي والتالي والعاطِفُ والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قال أَبو عبيد: لا يُعرف منها إلا السابق والمصلِّي ثم الثالث والرابع إلى العاشر، وآخرها السكِّيت والفُِسْكل؛ قال الأَزهري: ولم أَجد الرواية ثابتة عن المؤرّج من جهة من يوثق به، قال: فإن صحت الرواية عنه فهو ثقة.
والعِطْفة: شجرة يقال لها العَصْبةُ وقد ذكرت؛ قال الشاعر: تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي، تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ وقال مرة: العَطَف، بفتح العين والطاء، نبت يَتَلَوَّى على الشجر لا ورق له ولا أَفنان، ترعاه البقر خاصة، وهو مُضِرّ بها، ويزعمون أَن بعض عروقه يؤخذ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح على المرأَة الفارك فتُِحب زوجها. قال ابن بري: العَطَفةُ اللبلاب، سمي بذلك لتلويه على الشجر. قال الأَزهري: العِطْفَةُ والعَطْفَة هي التي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بها من الشجر، وأَنشد البيت المذكور وقال: قال النضر إنما هي عَطَفةٌ فخففها ليستقيم له الشعر. أَبو عمرو: من غريب شجر البر العَطَف، واحدتها عَطَفة. ابن الأَعرابي: يقال تَنَحَّ عن عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه: وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسمان، والأَعرف غُطَيْف، بالغين المعجمة؛ عن ابن سيده.

قفف (لسان العرب) [1]


القُفَّة: الزَّبيل، والقُفَّة: قَرعة يابسة، وفي المحكم: كهيْئةِ القَرْعَة تُتَّخذ من خوص ونحوه تجعل فيها المرأَةُ قُطنها؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على قول الجوهري القُفّة القَرعة اليابسة للراجز: رُبَّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفّهْ تَمْشي بخُفٍّ، معها هِرْشَفَّهْ ويروى كالكُفّه.
ويروى: تحمل خفّاً، قال أَبو عبيدة: القُفْة مثل القُفّة من الخوص. قال الأَزهري: ورأَيت الأَعراب يقولون القُفعة القُفّة ويجعلون لها مَعاليق يُعَلّقونها بها من آخرة الرحل، يلقي الراكب فيها زاده وتمره، وهي مُدوَّرة كالقَرْعة، وفي حديث أَبي ذر: وضَعي قُفَّتك؛ القُفة: شبه زَبيل صغير من خوص يُجْتَنى فيه الرُّطب وتضَع فيه النساء غزلهن ويشبّه به الشيخ والعجوز.
والقُفَّة: الرجل القصير القليل اللحم.
وقيل: . . . أكمل المادة القفة الشيخ الكبير القصير القليل اللحم. الليث: يقال شيخ كالقفة وعجوز كالقفة؛ وأَنشد: كلُّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفّهْ واسْتَقَفّ الشيخ: تَقَبَّض وانضم وتشنج.
ومنه حديث رقيقة: فأَصْبَحْتُ مَذْعورة وقد قَفَّ جلدي أَي تَقَبَّض كأَنه يَبس وتَشَنَّج، وقيل: أَرادت قَفَّ شعري فقام من الفزَع؛ ومنه حديث عائشة، رضي اللّه عنها: لقد تَكَلَّمْتَ بشيء قفَّ له شعري.
والقُفَّة: الشجرة اليابسة البالية، يقال: كَبِرَ حتى صار كأَنه قُفّة. الأَزهري: القفة شجرة مستديرة ترتفع عن الأَرض قدر شبر وتيبس فيشبه بها الشيخ إذا عسا فيقال: كأَنه قُفَّة.
وروي عن أَبي رَجاء العُطارِديّ أَنه قال: يأْتونني فيَحْمِلونني كأَنني قُفة حتى يَضَعُوني في مَقام الإمام، فأَقرأُ بهم الثلاثين والأَربعين في ركعة؛ قال القتيبي: كَبِرَ حتى صار كأَنه قفة أَي شجرة بالية يابسة؛ قال الأَزهري: وجائز أَن يشبه الشيخ بقفة الخوص.
وحكى ابن الأَثير: القَفّة الشجرة، بالفتح، والقُفة: الزَّبيل، بالضم.
وقَفّتِ الأَرض تَقِفُّ قَفّاً وقُفوفاً: يبس بقلها، وكذلك قَفَّ البَقل.
والقَفُّ والقَفِيفُ: ما يبس من البقل وسائر النبت، وقيل ما تم يبسه من أَحرار البقول وذكورها؛ قال: صافَتْ يَبيساً وقَفِيفاً تَلْهَمُهْ وقيل: لا يكون القَفُّ إلا من البقْل والقَفْعاء، واختلفوا في القفعاء فبعض يبَقِّلها وبعض يُعَشِّبُها؛ وكلُّ ما يبس فقد قَفَّ.
وقال الأَصمعي: قفَّ العُشب إذا اشتدّ يُبْسه. يقال الإبل فيما شاءت من جَفيف وقَفِيف. الأَزهري: القَفّ، بفتح القاف، ما يَبس من البُقول وتناثر حبه وورقه فالمال يرعاه ويَسْمَنُ عليه، يقال: له القَفّ والقَفِيف والقَمِيم.
ويقال للثوب إذا جفّ بعد الغَسل: قد قفّ قُفُوفاً. أَبو حنيفة: أَقَفَّت السائمة وجدت المراعي يابسة، وأَقَفَّت عينُ المريض إقْفافاً والباكي: ذهب دمعُها وارتفع سوادها.
وأَقفَّت الدجاجة إقْفافاً، وهي مُقِفٌّ: انقطع بيضها، وقيل: جَمَعت البيض في بطنها.
وفي التهذيب: أَقفَّت الدجاجة إذا أَقطعت وانقطع بيضها.
والقَفَّة من الرجال، بفتح القاف: الصغير الجُثَّة القليل.
والقُفّة: الرِّعدة، وعليه قُفة أَي رِعدة وقُشَعْريرة.
وقفَّ يَقِفُّ قُفوفاً: أَرْعَدَ واقْشَعَرَّ.
وقَفَّ شعري أَي قام من الفزَع. الفراء: قَفَّ جلده يَقِفُّ قُفوفاً يريد اقْشَعَرَّ؛ وأَنشد: وإني لَتَعْرُوني لذِكْراكِ قُفَّةٌ، كما انْتَفَضَ العُصعفُور من سَبَل القَطْرِ وفي حديث سهل بن حُنَيْف: فأَخذته قَفْقَفَة أَي رِعْدة. يقال: تَقَفْقَفَ من البَرد إذا انضمْ وارتعد.
وقُفُّ الشيء: ظهره.
والقُفّة والقُفُّ: ما ارتفع من مُتون الأَرض وصلُبت حجارته، وقيل: هو كالغبيط من الأَرض، وقيل: هو ما بين النَشْزَيْن وهو مَكْرَمة، وقيل: القف أَغلظ من الجَرْم والحَزْن، وقال شمر: القُفُّ ما ارتفع من الأَرض وغلظ ولم يبلغ أَن يكون جبلاً.
والقَفْقَفَة: الرِّعدة من حمّى أَو غضب أَو نحوه، وقيل: هي الرِّعْدة مَغْمُوماً، وقد تَقَفْقَفَ وقَفْقَف؛ قال: نِعْمَ ضَجِيعُ الفتى، إذا بَرَدَ الْـ ـلَيلُ سُحَيْراً، فقَفْقَفَ الصُّرَدُ وسُمع له قَفْقفةٌ إذا تَطَهّر فسُمع لأَضراسه تَقَعْقُع من البرد.
وفي حديث سالم بن عبداللّه: فلما خرج من عند هشام أَخذته قَفْقَفَةٌ؛ الليث: القَفقفة اضطراب الحنكين واصْطِكاك الأَسْنان من الصرْدِ أَو من نافِضِ الحُمَّى؛ وأَنشد ابن بري: قَفْقاف أَلحِي الواعِساتِ العُمَّه (* قوله «الواعسات» كذا في الأصل بالواو ولعله بالراء.) الأَصمعي: تَقَفْقَف من البرد وتَرَفْرف بمعنى واحد. ابن شميل: القُفّة رِعْدة تأْخذ من الحُمَّى.
وقال ابن شميل: القُفُّ حجارة غاصٌّ بعضُها ببعض مُترادِف بعضها إلى بعض حمر لا يخالطها من اللِّين والسهولة شيء، وهو جبل غير أَنه ليس بطويل في السماء فيه إشراف على ما حوله، وما أَشرف منه على الأَرض حجارة، تحت الحجارة أَيضاً حجارة، ولا تلقى قُفّاً إلا وفيه حجارة متقلِّعةٌ عِظام مثل الإبل البُروك وأَعْظم وصِغار، قال: ورُبّ قُفّ حجارته فنادير أَمثال البيوت، قال: ويكون في القف رِياض وقيعان، فالروضة حينئذ من القفّ الذي هي فيه ولو ذهبْت تحفر فيه لغَلبتك كثرة حجارتها، وهي إذا رأَيتها رأَيتها طيناً وهي تُنبت وتُعشِب، قال: وإنما قُفُّ القفِّ حجارته؛ قال رؤبة: وقُفّ أَقفافٍ ورَمْلٍ بَحْوَنِ قال أَو منصور: وقِفافُ الصَّمَّانِ على هذه الصفة، وهي بلاد عريضة واسِعة فيها رِياض وقِيعان وسُلْقان كثيرة، وإذا أَخصبت رَبَّعت العرب جميعاً لسعَتها وكثرة عُشب قِيعانها، وهي من حُزون نجد.
وفي حديث أَبي موسى: دخلت عليه فإذا هو جالس على رأْس البئر وقد تَوَسَّط قُفّها؛ قُفُّ البئر: هو الدَّكَّة التي تُجْعل حولها.
وأَصل القُفِّ ما غلُظ من الأَرض وارتفع، أَو هو من القَفِّ اليابس لأَنَّ ما ارتفع حول البئر يكون يابساً في الغالب.
والقُفّ أَيضاً: وادٍ من أَودية المدينة عليه مال لأَهلها؛ ومنه حديث معاوية: أُعيذك باللّه أَن تنزل وادياً فتدَع أَوله يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُّ أَي يَيْبَس، وقيل: القُف آكام ومَخارِمُ وبِراق، وجمعه قِفاف وأَقفاف؛ عن سيبويه.
وقال في باب معدول النسب الذي يجيء على غير قياس: إذا نسبت إلى قِفاف قلت قُفِّيٌّ، فإن كان عنى جمع قُفّ فليس من شاذ النسب إلا أَن يكون عنى به اسم موضع أَو رجل، فإن ذلك إذا نسبت إليه قلت قِفافي لأَنه ليس بجمع فيرد إلى واحد للنسب.
والقِفّةُ، بالكسر: أَوَّل ما يخرج من بطن الصبي حين يولد: الليث: القُفَّة بُنّة الفأْس؛ قال الأَزهري: بُنّة الفأْس أَصلها الذي فيه خُرْتها الذي يجعل فيه فَعَّالها، والقفة: الأَرنب؛ عن كراع،.
وقَيْسُ قُفّةَ: لَقَبٌ. قال سيبويه: لا يكون في قفةَ التنوين لأَنك أَردت المعرفة التي أَردتها حين قلت قيس، فلو نَوَّنْتَ قفة كان الاسم نكرة كأَنك قلت قفّة معرفة ثم لَصقت قيساً إليها بعد تعريفها.
والقُفّانِ: موضع؛ قال البُرْجميّ: خَرَجْنا من القُفَّينِ، لا حَيّ مِثْلنا، بآيتنا نُزْجي اللِّقاح المَطافِلا والقَفَّانُ: الجماعة.
وقَفَّانُ كل شيء: جُمّاعُه.
وفي حديث عمر: أَن حذيفة، رضي اللّه عنهما، قال له: إنك تستعين بالرجل الفاجر فقال: إني لأَستعين بالرجل لقوته ثم أَكون على قَفّانه؛ قال أَبو عبيد: قَفّان كل شيء جُمّاعه واستقصاء معرفته، يقول: أَكون على تتبع أَمره حتى أَستَقصِيَ علمه وأَعرفه، قال أَبو عبيد: ولا أَحسب هذه الكلمة عربية إنما أَصلها قَبَّان، ومنه قولهم: فلان قبّانٌ على فلان إذا كان بمنزلة الأَمين عليه والرئيس الذي يتتَبع أَمره ويحاسبه، ولهذا قيل للميزان الذي يقال له القَبّان قَبّان. قال ابن الأَثير: يقال أَتيته على قَفّان ذلك وقافيته أَي على أَثره، وقيل في حديث عمر إنه يقول: أَستعين بالرجل الكافي القويّ وإن لم يكن بذلك الثقةِ، ثم أَكون من ورائه وعلى إثره أَتتبَّع أَمره وأَبحث عن حاله، فكفايته لي تنفعني ومُراقبتي له تمنعه من الخيانة.
وقَفَّانٌ: فَعَّالٌ من قولهم في القَفا القَفَنّ، ومن جعل النون زائدة فهو فَعْلان، قال: وذكره الهروي والأَزهري في قفف على أَن النون زائدة، وذكره الجوهري في قفن، وقال: القفّان القَفا والنون زائدة، وقيل: هو معرَّب قَبَّان الذي يوزن به.
وجاء على قَفَّان ذلك أَي على أَثره.
والقَفَّاف: الذي يَسرِق الدراهم بين أَصابعه، وقد قفَّ يقُفُّ، وأَهل العراق يقولون للسُّوقي الذي يَسرِق بكفيه إذا انتقد الدراهم: قَفَّاف.
وقد قَفَّ منها كذا وكذا درهماً؛ وقال: فَقَفَّ، بَكَّفِّه، سبعين منها من السُّود المُرَوَّقةِ الصِّلابِ وفي الحديث أَن بعضهم ضرب مثلاً فقال: إن قَفَّافاً ذهب إلى صَيرَفيّ بدراهم؛ القَفَّافُ: الذي يَسْرِق الدراهم بكفه عند الانتقاد. يقال: قَفَّ فلان دِرْهماً.
والقَفَّان: القرسْطون؛ قال ابن الأَعرابي: هو عربي صحيح لا وضع له في العجمية، فعلى هذا تكون فيه النون زائدة لأن ما في آخره نون بعد ألف فإن فَعْلاناً فيه أَكثر من فَعَّال.
وقدِم وفد على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: من أَنتم؟ فقالوا: بنو غَيّانَ، فقال: بل بنو رَشْدان، فلو تصورت عنده غَيّان فَعَّالاً من الغين وهو النو (* قوله «النو» كذا بالأصل.) والعطش لقال بنو رَشَّاد، فدل قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَن فَعْلاناً مما آخره نون أَكثر من فعّال مما آخره نون.
وأَما الأَصمعي فقال: قَفَّان قبَّان بالباء التي بين الباء والفاء، أُعربت بإخلاصها فاء،وقد يجوز إخلاصها باء لأَن سيبويه قد أَطلق ذلك في الباء التي بين الفاء والباء.
وقَفْقفا الظَّلِيم: جناحاه؛ وقول ابن أَحمر يصف الظَّلِيم والبيض: فَظَلَّ يَحُفُّهنَّ بِقَفْقَفَيْه، ويَلْحَفُهنَّ هَفْهافاً ثَخِينا يصف ظليماً حضن بيضه وقَفْقَف عليه بجناحيه عند الحِضان فيريد أَنه يحُفُّ بيضه ويجعل جناحيه له كاللحاف وهو رقيق مع ثخنه.
وقفقفا الطائر: جناحاه.
والقفقفان: الفَكَّان.
وقفْقَف النَّبْتُ وتَقَفْقفَ وهو قَفْقاف: يبس.

أوب (لسان العرب) [1]


الأَوْبُ: الرُّجُوعُ. آبَ إِلى الشيءِ: رَجَعَ، يَؤُوبُ أَوْباً وإِياباً وأَوْبَةٌ وأَيْبَةً، على الـمُعاقبة، وإِيبَةً، بالكسر، عن اللحياني: رجع.
وأوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه: رَجَعَ وآبَ الغائبُ يَؤُوبُ مآباً إِذا رَجَع، ويقال: لِيَهْنِئْكَ أَوْبةُ الغائِبِ أَي إِيابُه.
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا أَقْبَلَ من سَفَر قال: آيِبُونَ تائِبُون، لربنا حامِدُونَ، وهو جمع سلامة لآيب.
وفي التنزيل العزيز: وإِنّ له عندنا لَزُلْفَى وحُسْنَ مآب أَي حُسْنَ الـمَرجِعِ الذي يَصِيرُ إِليه في الآخرة. قال شمر: كُلُّ شيء رجَعَ إِلى مَكانِه فقد آبَ يَؤُوبُ إِياباً إِذا رَجَع. أَبو عُبَيْدةَ: هو سريع الأَوْبَةِ أي الرُّجُوعِ.
وقوم يحوّلون الواو ياء فيقولون: سَريعُ الأَيْبةِ.
وفي . . . أكمل المادة دُعاءِ السَّفَرِ: تَوْباً لِربِّنا أَوْباً أَي تَوْباً راجعاً مُكَرَّراً، يُقال منه: آبَ يَؤُوبُ أَوباً، فهو آيِبٌ(1) (1 قوله «فهو آيب» كل اسم فاعل من آب وقع في المحكم منقوطاً باثنتين من تحت ووقع في بعض نسخ النهاية آئبون لربنا بالهمز وهو القياس وكذا في خط الصاغاني نفسه في قولهم والآئبة شربة القائلة بالهمز أيضاً.).
وفي التنزيل العزيز: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُم وإِيَّابَهُمْ أَي رُجُوعَهم، وهو فِيعالٌ من أَيَّبَ فَيْعَلَ.
وقال الفرَّاءُ: هو بتخفيف الياء، والتشديدُ فيه خَطَأٌ.
وقال الزجاج: قُرئَ إِيَّابهم، بالتشديد، وهو مصدر أَيَّبَ إِيَّاباً، على معنى فَيْعَلَ فِيعالاً، من آبَ يَؤُوبُ، والأَصل إِيواباً، فأُدغمت الياء في الواو، وانقلبت الواو إِلى الياء، لأَنها سُبِقت بسكون. قال الأَزهريّ: لا أَدري من قرأَ إِيَّابهم، بالتشديد، والقُرّاءُ على إِيابهم مخففاً.
وقوله عز وجل: يا جبالُ أَوِّبي مَعَه، ويُقْرَأُ أُوبِي معه، فمن قرأَ أَوِّبي معه، فمعناه يا جِبالُ سَبِّحي معه وَرَجِّعي التَّسْبيحَ، لأَنه قال سَخَّرْنا الجِبالَ معه يُسَبِّحْنَ؛ ومن قرأً أُوبِي معه، فمعناه عُودي معه في التَسْبيح كلما عادَ فيه.
والـمَآبُ: الـمَرْجِعُ.
وَأْتابَ: مثل آبَ، فَعَلَ وافْتَعَل بمعنى. قال الشاعر: ومَن يَتَّقْ، فإِنّ اللّهَ مَعْهُ، * ورِزْقُ اللّهِ مُؤْتابٌ وغادي وقولُ ساعِدةَ بن عَجْلانَ: أَلا يا لَهْفَ !أَفْلَتَنِي حُصَيْبٌ، * فَقَلْبِي، مِنْ تَذَكُّرِهِ، بَليدُ فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حينَ أَرْمِي، * لآبَكَ مُرْهَفٌ منها حَديدُ يجوز أَن يكون آبَكَ مُتَعَدِّياً بنَفْسه أَي جاءَك مُرْهَفٌ، نَصْلٌ مُحَدَّد، ويجوز أَن يكون أَراد آبَ إِليكَ، فحذف وأَوْصَلَ.
ورجل آيِبٌ من قَوْم أُوَّابٍ وأُيَّابٍ وأَوْبٍ، الأَخيرة اسم للجمع، وقيل: جمع آيِبٍ.
وأَوَّبَه إِليه، وآبَ به، وقيل لا يكون الإِيابُ إِلاّ الرُّجُوع إِلى أَهله ليْلاً. التهذيب: يقال للرجل يَرْجِعُ بالليلِ إِلى أَهلهِ: قد تَأَوَّبَهم وأْتابَهُم، فهو مُؤْتابٌ ومُتَأَوِّبٌ، مثل ائْتَمَره.
ورجل آيِبٌ من قوم أَوْبٍ، وأَوَّابٌ: كثير الرُّجوع إِلى اللّه، عزوجل، من ذنبه. والأَوْبَةُ: الرُّجوع، كالتَّوْ بةِ.
والأَوَّابُ: التائِبُ. قال أَبو بكر: في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ أَقوال: قال قوم: الأَوّابُ الراحِمُ؛ وقال قوم: الأَوّابُ التائِبُ؛ وقال سعيد بن جُبَيْر: الأَوّابُ الـمُسَّبِّحُ؛ وقال ابن المسيب: الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ، وقال قَتادةُ: الأَوّابُ الـمُطيعُ؛ وقال عُبَيد بن عُمَيْر: الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ، فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه، وقال أَهل اللغة: الأَوّابُ الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ، مِن آبَ يَؤُوبُ إِذا رَجَعَ. قال اللّهُ تعالى: لكُلِّ أَوّابٍ حفيظٍ. قال عبيد: وكلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤُوبُ، * وغائِبُ الـمَوتِ لا يَؤُوبُ وقال: تَأَوَّبَهُ منها عَقابِيلُ أَي راجَعَه.
وفي التنزيل العزيز: داودَ ذا الأَيْدِ إِنه أَوّابٌ. قال عُبَيْد بن عُمَيْر: الأَوّابُ الحَفِيظُ (1) (1 قوله «الأوّاب الحفيظ إلخ» كذا في النسخ ويظهر أن هنا نقصاً ولعل الأصل: الذي لا يقوم من مجلسه حتى يكثر الرجوع إِلى اللّه بالتوبة والاستغفار.) الذي لا يَقوم من مجلسه.
وفي الحديث: صلاةُ الأَوّابِينَ حِين ترْمَضُ الفِصالُ؛ هو جَمْعُ أَوّابٍ، وهو الكثيرُ الرُّجوع إِلى اللّه، عز وجل، بالتَّوْبَة؛ وقيل هو الـمُطِيعُ؛ وقيل هو الـمُسَبِّحُ يُريد صلاة الضُّحى عند ارتِفاعِ النهار وشِدَّة الحَرِّ.
وآبَتِ الشمسُ تَؤُوبُ إِياباً وأُيوباً، الأَخيرة عن سيبويه: غابَتْ في مَآبِها أَي في مَغِيبها، كأَنها رَجَعت إِلى مَبْدَئِها. قال تُبَّعٌ: فَرَأَى مَغِيبَ الشمسِ، عندَ مَآبِها، * في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ (2) (2 قوله «حرمد» هو كجعفر وزبرج.) وقال عتيبة (3) (3 قوله «وقال عتيبة» الذي في معجم ياقوت وقالت امية بنت عتيبة ترثي أباها وذكرت البيت مع أبيات.) بن الحرِث اليربوعي: تَرَوَّحْنا، مِنَ اللَّعْباءِ، عَصْراً، * وأَعْجَلْنا الأَلاهة أَنْ تَؤُوبا أَراد: قيل أَن تَغِيبَ.
وقال: يُبادِرُ الجَوْنَةَ أَن تَؤُوبا وفي الحديث: شَغَلُونا عن صَلاَةِ الوُسْطى حتى آبَتِ الشمسُ مَلأَ اللّهُ قُلوبهم ناراً، أَي غَرَبَتْ، من الأَوْبِ الرُّجوعِ، لأَنها تَرجِعُ بالغروب إِلى الموضع الذي طَلَعَتْ منه، ولو اسْتُعْمِلَ ذلك في طُلوعِها لكان وجهاً لكنه لم يُسْتَعْمَلْ.
وتَأَوَّبَه وتَأَيَّبَه على الـمُعاقَبةِ: أَتاه ليلاً، وهو الـمُتَأَوَّبُ والـمُتَأَيَّبُ.
وفلان سَرِيع الأَوْبة.
وقوم يُحوِّلون الواو ياء، فيقولون: سريع الأَيْبةِ.
وأُبْتُ إِلى بني فلان، وتَأَوَّبْتُهم إِذا أَتيتَهم ليلاً.
وتَأَوَّبْتُ إِذا جِئْتُ أَوّل الليل، فأَنا مُتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ.
وأُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُه وأْتَبْتُه: وردته ليلاً. قال الهذليُّ: أَقَبَّ رَباعٍ، بنُزْهِ الفَلا * ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ ائْتِيابَا ومن رواه انْتِيابا، فقد صَحَّفَه.
والآيِبَةُ: أَنَ تَرِد الإِبلُ الماءَ كلَّ ليلة. أَنشد ابن الأَعرابي،رحمه اللّه تعالى: لا تَرِدَنَّ الماءَ، إِلاّ آيِبَهْ، أَخْشَى عليكَ مَعْشَراً قَراضِبَهْ ، سُودَ الوجُوهِ، يأْكُلونَ الآهِبَهْ والآهِبةُ: جمع إِهابٍ.
وقد تقدَّم.
والتَّأْوِيبُ في السَّيْرِ نَهاراً نظير الإِسْآدِ في السير ليلاً.
والتَّأْوِيبُ: أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل.
وقيل: هو تَباري الرِّكابِ في السَّير.
وقال سلامةُ بن جَنْدَلٍ: يَوْمانِ: يومُ مُقاماتٍ وأَنْدِيَةٍ، * ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعْداءِ، تَأْوِيب التَّأْوِيبُ في كلام العرب: سَيرُ النهارِ كلِّه إِلى الليل. يقال: أَوَّبَ القومُ تَأْوِيباً أَي سارُوا بالنهار، وأَسْأَدُوا إِذا سارُوا بالليل.والأَوْبُ: السُّرْعةُ.
والأَوْبُ: سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر. قال: كأَنَّ أوْبَ مائحٍ ذِي أَوْبِ، * أَوْبُ يَدَيْها بِرَقاقٍ سَهْبِ وهذا الرجز أَورد الجوهريُّ البيتَ الثاني منه. قال ابن بري: صوابه أَوْبُ، بضم الباء، لأَنه خبر كأَنّ.
والرَّقاقُ: أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ ليِّنةُ التُّراب صُلْبةُ ما تحتَ التُّراب.
والسَّهْبُ: الواسِعُ؛ وصَفَه بما هو اسم الفَلاةِ، وهو السَّهْبُ.
وتقول: ناقةٌ أَؤُوبٌ، على فَعُولٍ.
وتقول: ما أَحْسَنَ أَوْبَ دَواعِي هذه الناقةِ، وهو رَجْعُها قوائمَها في السير، والأَوْبُ: تَرْجِيعُ الأَيْدِي والقَوائِم. قال كعبُ بن زهير: كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها، وقد عَرِقَتْ، * وقد تَلَفَّعَ، بالقُورِ، العَساقِيلُ أَوْبُ يَدَيْ ناقةٍ شَمْطاءَ، مُعْوِلةٍ، * ناحَتْ، وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ قال: والـمُآوَبةُ: تَباري الرِّكابِ في السير.
وأَنشد: وإِنْ تُآوِبْه تَجِدْه مِئْوَبا وجاؤُوا من كلّ أَوْبٍ أَي مِن كُلِّ مآبٍ ومُسْتَقَرٍّ.
وفي حديث أنس، رضي اللّه عنه: فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ.
وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ.
وقال ذو الرمة يصف صائداً رمَى الوَحْشَ: طَوَى شَخْصَه، حتى إِذا ما تَوَدَّفَتْ، * على هِيلةٍ، مِنْ كُلِّ أَوْبٍ، نِفَالها على هِيلةٍ أَي على فَزَعٍ وهَوْلٍ لما مَرَّ بها من الصَّائِد مرَّةً بعدَ أُخرى. مِنْ كُلِّ أَوْبٍ أَي من كل وَجْهٍ، لأَنه لا مكمن لها من كل وَجْهٍ عن يَمينها وعن شِمالها ومن خَلْفِها.
ورَمَى أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ.
ورَمَيْنا أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي رِشْقاً أَو رِشْقَيْن.
والأَوْبُ: القَصْدُ والاسْتِقامةُ.
وما زالَ ذلك أَوْبَه أَي عادَتَه وهِجِّيراهُ، عن اللحياني.
والأَوْبُ: النَّحْلُ، وهو اسم جَمْع كأَنَّ الواحِدَ آيِبٌ. قال الهذليُّ: رَبَّاءُ شَمَّاء، لا يَأْوِي لِقُلَّتها * إِلاّ السَّحابُ، وإِلاّ الأَوْبُ والسَّبَلُ وقال أَبو حنيفة: سُمِّيت أَوْباً لإِيابِها إِلى الـمَباءة. قال: وهي لا تزال في مَسارِحِها ذاهِبةً وراجِعةً، حتى إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّها، حتى لا يَتَخَلَّف منها شيء.
ومَآبةُ البِئْر: مثل مَباءَتِها، حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ فيها.
وآبـَه اللّهُ: أَبـْعَدَه، دُعاءٌ عليه، وذلك إِذا أَمـَرْتَه بِخُطَّةٍ فَعَصاكَ، ثم وقَع فيما تَكْرَهُ، فأَتاكَ، فأَخبرك بذلك، فعند ذلك تقول له: آبـَكَ اللّهُ، وأَنشد(1): (1 قوله «وأنشد» أي لرجل من بني عقيل يخاطب قلبه: فآبك هلاّ إلخ.
وأنشد في الأساس بيتا قبل هذا: أخبرتني يا قلب أنك ذوعرا * بليلي فذق ما كنت قبل تقول) فآبـَكَ، هَلاَّ، واللَّيالِي بِغِرَّةٍ، * تُلِمُّ، وفي الأَيَّامِ عَنْكَ غُفُولُ وقال الآخر: فآبـَكِ، ألاَّ كُنْتِ آلَيْتِ حَلْفةً، * عَلَيْهِ، وأَغْلَقْتِ الرِّتاجَ الـمُضَبِّبا ويقال لمن تَنْصَحُه ولا يَقْبَلُ، ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه منه: آبـَكَ، مثل وَيْلَكَ.
وأَنشد سيبويه: آبـَكَ، أَيـّهْ بِيَ، أَو مُصَدِّرِ * مِنْ خُمُر الجِلَّةِ، جَأْبٍ حَشْوَرِ وكذلك آبَ لَك.
وأَوَّبَ الأَدِيمَ: قَوَّرَه، عن ثعلب. ابن الأَعرابي: يقال أَنا عُذَيْقُها الـمُرَجَّبُ وحُجَيْرُها الـمُأَوَّبُ. قال: الـمُأَوَّبُ: الـمُدَوَّرُ الـمُقَوَّرُ الـمُلَمْلَمُ، وكلها أَمثال.
وفي ترجمة جلب ببيت للمتنخل: قَدْ حالَ، بَيْنَ دَرِيسَيْهِ، مُؤَوِّبةٌ، * مِسْعٌ، لها، بعِضاهِ الأَرضِ، تَهْزِيزُ قال ابن بري: مُؤَوِّبةُ: رِيحٌ تأْتي عند الليل.
وآبُ: مِن أَسماءِ الشهور عجمي مُعَرَّبٌ، عن ابن الأَعرابي.
ومَآبُ: اسم موضِعٍ(2) (2 قوله «اسم موضع» في التكملة مآب مدينة من نواحي البلقاء وفي القاموس بلد بالبلقاء.) من أَرض البَلْقاء. قال عبدُاللّه بن رَواحةَ: فلا، وأَبي مَآبُ لَنَأْتِيَنْها، * وإِنْ كانَتْ بها عَرَبٌ ورُومُ

ورد (لسان العرب) [2]


وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال: والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر.
وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري: الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ، وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ والأُنثى ورْدة.
وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً.
وفي المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء لكسرة . . . أكمل المادة ما قبلها.
وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة.
واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛ وقوله: تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ، تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً.
ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا عالجته بصبغ القطنة المصبوغة.
وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب.
وقميص مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ.
والوِرْدُ: من أَسماءِ الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر: ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ (* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل.
وحكى قول الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال: الرُّحضاءُ.
وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله.
ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء.
والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة: لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ وقال الآخر: يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ وأَنشد قول جرير في الماء: لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى، إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى.
والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ.
وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي وُرُوداً.
والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء.
والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ.
والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ يومِ الوِرْدِ.
وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ. تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛ وأَنشد: فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده: ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله أَو لم يدخله؛ قال زهير: فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه، وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه.
ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ، وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛ وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر.
وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ الظالمين فيها جُثِيّاً.
وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ.
ويقال إِذا بَلَغْتَ إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق: والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم، دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار.
وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد: ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ.
والوِرْدُ: الوارِدة.
وفي التنزيل العزيز: ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً، والجمع أَوْرادٌ.
والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف قليباً: صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا، يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا وكذكل الإِبل: وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان والوِرْدُ: النصيبُ من الماء.
وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة: كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها، مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة: كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء.
وفي الحديث: اتَّقُوا البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ، وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا حضرته لتشرب.
والوِرد: الماء الذي ترد عليه.
وفي حديث أَبي بكر: أَخذ بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ، واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر: يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله: كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ، وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به.
وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ.
والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛ قال رؤبة: كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ وقول جرير أَنشده ابن حبيب: سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها، إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي.
وفي الحديث أَن الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي. قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد.
ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد.
والوِرْد: الجزء من الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وارد الأَرنبة إِذا كان طويل الأَنف.
وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة: وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ، حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ.
والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها.
وشجرة واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً: يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ، يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر (* قوله «يلقى» في الأساس تلقى). أَي يرمون الطير عنه.
وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة: الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛ ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق.
وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان.
وكل عِرْق يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة.
والوَرِيدُ من العُرُوق: ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ، وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره: والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ.
ويقال للغَضْبَانِ: قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه غَلِيظان.
وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد: ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال جرير: أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ، إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة.
ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة: ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ، صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن (* قوله «ابن» كتب بهامش الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره): رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ.
وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ معروفة.
وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.

دنا (لسان العرب) [1]


دَنا من الشيء دنُوّاً ودَناوَةً: قَرُبَ.
وفي حديث الإيمان: ادْنُهْ؛ هو أَمْرٌ بالدُّنُوِّ والقُرْبِ، والهاء فيه للسكت، وجيءَ بها لبيان الحركة.
وبينهما دناوة أَي قَرابة.
والدَّناوةُ: القَرابة والقُربى.
ويقال: ما تَزْدادُ منِّا إلا قُرْباً ودَناوةً؛ فرق بين مصدرِ دنا ومصدر دَنُؤَ، فجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنُؤَ دَناءَةً؛ وقول ساعدة بن جُؤيَّة يصف جبلاً: إذا سَبَلُ العَماء دَنا عليه، يَزِلُّ بِرَيْدِهِ ماءٌ زَلولُ أَراد: دَنا منه.
وأَدْنَيْته ودَنَّيْته.
وفي الحديث: إذا أكَلْتُم فسَمُّوا الله ودَنُّوا وسَمِّتُوا؛ معنى قوله دَنُّوا كُلُوا مم يَلِيكُم وما دَنا منكم وقرب منكم، وسمِّتُوا أَي ادْعُوا للُمطْعِم بالبركة، ودَنُّوا: فِعْلٌ من دَنا يَدْنُو أَي كُلُوا مما بين أَيدِيكم.
واسْتَدْناه: طلب . . . أكمل المادة منه الدُّنُوَّ، ودنَوْتُ منه دُنُوّاً وأَدْنَيْتُ غيري.
وقال الليث: الدُّنُوُّ غيرُ مهموز مصدرُ دَنا يَدْنُو فهو دانٍ، وسُمِّيت الدُّنْيا لدُنُوِّها، ولأَنها دَنتْ وتأَخَّرَت الآخرة، وكذلك السماءُ الدُّنْيا هي القُرْبَى إلينا، والنسبة إلى الدُّنيا دُنياوِيٌّ، ويقال دُنْيَوِيٌّ ودُنْيِيٌّ؛ غيره: والنسبة إلى الدُّنيا دُنْياوِيٌّ؛ قال: وكذلك النسبة إلى كل ما مُؤَنَّتُه نحو حُبْلَى ودَهْنا وأَشباه ذلك؛ وأَنشد: بوَعْساء دَهْناوِيَّة التُّرْبِ طَيِّب ابن سيده: وقوله تعالى ودَانِيةً عليهم ظِلالُها؛ إنما هو على حذف الموصوف كأنه قال وجزاهم جَنَّة دانيةً عليهم فحذف جنة وأَقام دانية مُقامها؛ ومثله ما أَنشده سيبويه من قول الشاعر: كأنَّكَ من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ، يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ أَراد جَمَلٌ من جمالِ بن أُقَيْشٍ.
وقال ابن جني: دانِيةً عليهم ظِلالُها، منصوبة على الحال معطوفة على قوله: متكئين فيها على الأَرائِك؛ قال: هذا هو القول الذي لا ضرورة فيه؛ قال وأَما قوله: كأَنَّك من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ البيت، فإنما جاز ذلك في ضرورة الشِّعْر، ولو جاز لنا أَن نَجِدَ مِنْ بعض المواضع اسماً لجعلناها اسماً ولم نحمل الكلام على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، لأَنه نوع من الضرورة، وكتاب الله تعالى يَجِلّ عن ذلك؛ فأَما قول الأَعشى: أَتَنْتَهُون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ، كالطَّعْنِ يَذْهَبْ فيه الزَّيْتُ والفُتُلُ فلو حملته على إقامة الصفة موضع الموصوف لكان أَقبح من تأَوُّل قوله تعالى: ودانية عليهم ظلالها؛ على حذف الموصوف لأَن الكاف في بيت الأَعشى هي الفاعلة في المعنى، ودانيةً في هذا القول إنما هي مَفْعول بها، والمفعول قد يكون اسماً غير صريح نحو ظَنَنْتُ زيداً يقوم، والفاعل لا يكون إلا إسماً صريحاً محضاً، فَهُمْ على إمْحاضه إسماً أَشدُّ مُحافظة من جميع الأَسماء، أَلا ترى أَن المبتدأ قد يقع غيرَ اسمٍ محضٍ وهو قوله: تَسْمَعُ بالمُعَيْديِّ خيرٌ مِن أَن تَراهُ؟ فتسمع كما ترى فعل وتقديره أَن تسمع، فحذْفُهم أَنْ ورفْعُهُم تَسمعُ يدل على أَن المبتدأ قد يمكن أَن يكون عندهم غيرَ اسمٍ صريح، وإذا جاز هذا في المبتدأ على قُوَّة شبِهه بالفاعل في المفعول الذي يبعُد عنهما أَجْوَزُ؛ فمن أَجل ذلك ارتفع الفعل في قول طَرَفة: أَلا أَيُّهَذا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى، وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ، هلْ أَنتَ مُخلِدي؟ عند كثير من الناس، لأَنه أَراد أَنْ أَحْضُرَ الوَغَى.
وأَجاز سيبويه في قولهم: مُرْهُ يَحْفِرُها أَن يكون الرفعُ على قوله أَنْ يَحْفِرَها، فلما حُذِفت أَن ارتفع الفعل بعدها، وقد حَمَلَهم كثرةُ حذفِ أَن مع غير الفاعل على أَن اسْتَجازُوا ذلك فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه،وإِن كان ذلك جارياً مَجْرى الفاعل وقائماً مقامه؛ وذلك نحو قول جميل: جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ، يَوْمَ تَحَمَّلُوا، وحُقَّ لِمِثْلي، يا بُثَيْنَةُ، يَجْزَعُ أَراد أَن يَجْزَع، على أَن هذا قليل شاذ، على أَنّ حذف أَنْ قد كثُر في الكلام حتى صار كلا حَذْفٍ، أَلا ترى أَن جماعة استَخَفّوا نصف أَعْبُدَ من قوله عزّ اسمُه: قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تأْمُرُونِّي أَعْبُدَ؟ فلولا أَنهم أَنِسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكلام وإِرادَتِها لَمَا اسْتَخَفُّوا انْتِصابِ أَعْبُدَ.
ودَنَت الشمسُ للغُروبِ وأَدْنَت، وأَدْنَت النَّاقَةُ إِذا دَنا نِتاجُها.
والدُّنْيا: نَقِيضُ الآخرة، انْقَلَبت الواو فيها ياءً لأَن فُعْلى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوُها ياءً، كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلى، فأَدخَلوها عليها في فُعْلى ليَتكافآ في التغيير؛ قال ابن سيده: هذا قول سيبويه، قال: وزدته أَنا بياناً.
وحكى ابن الأَعرابي: ما له دُنْياً ولا آخِرةٌ، فنَوّن دُنْياً تشبيهاً لها بفُعْلَلٍ، قال: والأَصل أَن لا تُصْرَفَ لأَنها فُعْلى، والجمع دُناً مثل الكُبْرى والكُبَر والصُّغْرى والصُّغَر، قال الجوهري: والأَصل دُنَوٌ، فحذفت الواو لاجتماع الساكنين؛ قال ابن بري: صوابه فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف لالتقاء الساكنين، وهما الأَلف والتنوين.
وفي حديث الحج: الجَمْرة الدُّنْيا أَي القَرِيبة إِلى مِنىً، وهي فُعْلى من الدُّنُوِّ.
والدُّنْيا أَيضاً: اسمٌ لهذه الحَياةِ لبُعْدِ الآخرة عَنْها، والسماء الدُّنْيا لقُرْبها من ساكِني الأَرْضِ.
ويقال: سماءُ الدُّنْيا، على الإِضافة.
وفي حديث حَبْسِ الشمسِ: فادَّنى بالقَرْيَةِ؛ هكذا جاء في مسلم، وهو افْتَعَلَ من الدُّنُوِّ، وأَصلُه ادْتَنى فأُدْغِمَتِ التاءُ في الدالِ.
وقالوا: هو ابن عَمّي دِنْيَةً، ودِنْياً، منوَّنٌ، ودِنْيَا، غير مُنَوَّنٍ، ودُنْيَا، مقصور إِذا كان ابنَ عَمِّه لَحّاً؛ قال اللحياني: وتقال هذه الحروف أَيضاً في ابنِ الخالِ والخالَةِ، وتقال في ابن العَمَّة أَيضاً. قال: وقال أَبو صَفْوانَ هو ابنُ أَخِيه وأُخْتِه دِنْيَا، مثل ما قيل في ابنِ العَمِّ وابنِ الخالِ، وإِنما انْقَلَبت الواو في دِنْيةً ودِنْياً ياء لمجاورةِ الكسرةِ وضعفِ الحاجِزِ، ونَظِيرُهُ فِتْيةٌ وعِلْيَةٌ، وكأَنَّ أَصلَ ذلك كلِّه دُنْيا أَي رَحِماً أَدْنى إِليَّ من غيرها، وإِنما قَلَبوا ليَدُلّ ذلك على أَنه ياءُ تأْنيثِ الأَدْنى، ودِنْيَا داخلة عليها. قال الجوهري: هو ابن عَمٍّ دِنْيٍ ودُنْيَا ودِنْيا ودِنْية. التهذيب: قال أَبو بكر هو ابن عمٍّ دِنْيٍ ودِنْيةٍ ودِنْيا ودُنْيا، وإِذا قلت دنيا، إِذا ضَمَمْت الدال لَم يَجُز الإِجْراءُ، وإِذا كسرتَ الدالَ جازَ الإِجْراءُ وتَرك الإِجْراء، فإِذا أَضفت العمَّ إِلى معرفة لم يجز الخفض في دِنْيٍ، كقولك: ابن عمك دِنْيٌ ودِنْيَةٌ وابن عَمِّكَ دِنْياً لأَن دِنْياً نكرة ولا يكون نعتاً لمعرفة. ابن الأَعرابي: والدُّنا ما قرُبَ من خَيْرٍ أَو شَرٍّ.
ويقال: دَنا وأَدْنى ودَنَّى إِذا قَرُبَ، قال: وأَدْنى إِذا عاشَ عَيْشاً ضَيِّقاً بعد سَعَةٍ.
والأَدْنى: السَّفِلُ. أَبو زيد: من أَمثالهم كلُّ دَنِيٍّ دُونَه دَنِيٌّ، يقول: كلُّ قريبٍ وكلُّ خُلْصانٍ دُونَه خُلْصانٌ. الجوهري: والدَّنِيُّ القَريب، غيرُ مهموزٍ.
وقولهم: لقيته أَدْنى دَنيٍّ أَي أَوَّلَ شيء، وأَما الدنيءُ بمعنى الدُّونِ فمهموز.
وقال ابن بري: قال الهروي الدَّنيُّ الخَسِيسُ، بغير همز، ومنه قوله سبحانه: أَتَسْتَبْدِلون الذي هو أَدْنى؛ أَي الذي هو أَخَسُّ، قال: ويقوِّي قوله كونُ فعله بغير همز، وهو دَنِيَ يَدْنى دَناً ودَنايَةً، فهو دَنيٌّ. الأَزهري في قوله: أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى؛ قال الفراءُ هو من الدَّناءَةِ؛ والعرب تقول إِنه لَدَنيٌّ يُدَنِّي في الأُمورِ تَدْنِيَةً، غير مَهموزٍ، يَتْبَع خسيسَها وأَصاغرَها، وكان زُهَير الفُرْقُبيُّ يهمز أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى، قال الفراء: ولم نَرَ العرب تهمز أَدْنى إِذا كان من الخِسَّةِ، وهم في ذلك يقولون: إِنه لَدانئٌ خبيث، فيهمزون.
وقال الزجاج في معنى قوله أَتستبدلون الذي هو أَدْنى ، غير مَهْموزِ: أَي أَقْرَبُ، ومعنى أَقْرَبُ أَقلُّ قيمةً كما تقول ثوب مُقارِبٌ، فأَما الخسيس فاللغة فيه دَنُؤَ دَناءةً، وهو دَنيءٌ بالهمز، وهو أَدْنَأُ منه. قال أَبو منصور: أَهل اللغة لا يهمزون دَنُوَ في باب الخِسَّة، وإِنما يهمزونه في باب المُجون والخُبْثِ. قال أَبو زيد في النوادر: رجل دَنيءٌ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنُؤَ دَناءَةً، وهو الخَبيث البَطْنِ والفَرْجِ.
ورجل دَنيٌّ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنَي يَدْنى ودَنُوَ يَدْنُو دُنوّاً: وهو الضعيف الخَسيسُ الذي لا غَناء عنده المُقَصِّرُ في كلِّ ما أَخَذَ فيه؛ وأَنشد: فلا وأَبِيك ما خُلُقي بوَعْرٍ، ولا أَنا بالدَّنِّي ولا المُدَنِّي وقال أَبو الهيثم: المُدَنِّي المُقَصِّر عما ينبغي له أَن يَفْعَله؛ وأَنشد: يا مَنْ لِقَوْمٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنْ أَراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية. إِن يَسْمَعُوا عَوْراءَ أصَْغَوْا في أَذَنْ ويقال للخسيس: إِنه لَدنيٌّ من أَدْنِياءَ، بغير همز، وما كان دَنِيّاً ولَقَدْ دَنِيَ يَدْنى دَنىً ودَنايَةً.
ويقال للرجل إِذا طَلَب أَمراً خسيساً: قد دَنَّى يُدَنِّي تَدْنِية.
وفي حديث الحُدَيْبِيَة: علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا أَي الخَصْلَة المَذْمُومَة؛ قال ابن الأَثير: الأَصل فيه الهمز، وقد يخفف، وهو غير مهموز أَيضاً بمعنى الضعيف الخسيس.وتَدَنَّى فلان أَي دَنا قَلِيلاً.
وتَدانَوْا أَي دَنا بعضهم من بعض.
وقوله عز وجل: ولَنُذِيقَنَّهم من العَذاب الأَدْنى دون العَذاب الأَكْبَر؛ قال الزجاج: كلُّ ما يُعَذَّبُ به في الدنيا فهو العذابُ الأَدْنى، والعذابُ الأَكْبَر عذابُ الآخِرةِ.
ودانَيْت الأَمْرَ: قارَبْته.
ودانَيْت بَيْنَهما: جَمَعْت.
ودانَيْت بَيْنَ الشَّيْئَيْن: قَرَّبْت بَيْنَهما ودانَيْتُ القَيْدَ في البَعيرِ أَو لِلْبَعير: ضَيَّقْته عليه، وكذلك دَانى القَيْدُ قَيْنَيِ البَعِير؛ قال ذو الرمة: دَانى لهُ القَيْدُ، في دَيْمُومَةٍ قُذُفٍ، قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عَنْه الأَناعِيمُ وقوله: ما لي أَراهُ دانِفاً قدْ دُنْيَ لهْ إِنما أَراد قد دُنِيَ لهُ. قال ابن سيده: وهو من الواو من دَنَوْتُ، ولكن الواو قلبت ياء من دُنِيَ لانكسار ما قبلها، ثم أُسْكِنَت النون فكان يجب، إِذْ زالت الكسرة، أَن تعود الواو، إِلا أَنه لما كان إِسكان النون إِنما هو للتخفيف كانت الكَسْرَة المنويَّة في حكم الملفوظ بها، وعلى هذا قاس النحويون فقالوا في شَقِيَ قد شَقْيَ، فتركوا الواوَ التي هي لامٌ في الشِّقْوة والشَّقاوة مقلوبة، وإِن زالت كسرة القاف من شَقِيَ، بالتخفيف، لما كانت الكسرةُ مَنْويَّةً مقدرة، وعلى هذا قالوا لقَضْوَ الرجلُ، وأَصله من الياء في قَضَيْت، ولكنها قُلِبت في لقَضُو لانضمام الضاد قبلها واواً، ثم أَسكنوا الضاد تخفيفاً فتركوا الواو بحاله ولم يردّوها إِلى الياء، كما تركوا الياء في دنيا بحالها ولم يردّوها إِلى الواو، ومثله من كلامهم رَضْيُوا، قال ابن سيده: حكاه سيبويه بإِسكان الضاد وترك الواو من الرضوان ومر صريحاً لهؤلاء، قال: ولا أَعلم دُنْيَ بالتخفيف إِلا في هذا البيت الذي أَنشدناه، وكان الأَصمعي يقول في هذا الشعر الذي فيه هذا البيت: هذا الرجز ليس بعتيق كأَنه من رَجَز خَلَفٍ الأَحمر الأَحمر أَو غيره من المولدين.
وناقَةٌ مُدْنِيةٌ ومُدْنٍ: دَنا نِتاجُها، وكذلك المرأَة. التهذيب: والمُدَنِّي من الناس الضعيف الذي إِذا آواه الليلُ لم يَبْرَحْ ضعفاً وقد دَنَّى في مَبِيِتِه؛ وقال لبيد: فيُدَنِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ والدَّنِيُّ من الرجال: الساقط الضعيف الذي إِذا آواه الليل لم يَبْرَحْ ضَعْفاً، والجمع أَدْنِياءُ.
وما كان دَنِيّاً ولقد دَنِيَ دَناً ودَنايَة ودِنايَة، الياء فيه منقلبة عن الواو لقرب الكسرة؛ كل ذلك عن اللحياني.
وتَدانَتْ إِبلُ الرجل: قَلَّت وضَعُفَت؛ قال ذو الرمة: تَباعَدْتَ مِني أَنْ رأَيْتَ حَمُولِتي تَدانَتْ، وأَنْ أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ ودَنَّى فلانٌ: طَلَبَ أَمْراً خسِيساً، عنه أَيضاً.
والدَّنا: أَرض لكَلْب؛ قال سَلامة بن جَنْدل: من أَخْدَرِيَّاتِ الدَّنا التَفَعَتْ له بُهْمَى الرِّفاغِ، ولَجَّ في إِحْناقِ الجوهري: والدَّنا موضع بالبادية؛ قال: فأَمْواهُ الدَّنا فعُوَيْرِضاتٌ دَوارِسُ بعدَ أَحْياءٍ حِلالِ والأَدْنيانِ: واديانِ.
ودانِيا: نبيٌّ من بني إِسرائيل يُقال له دانِيالُ.

مطا (لسان العرب) [1]


المَطْوُ: الجِدُّ والنَّجاء في السير، وقد مَطا مَطْواً؛ قال امرؤُ القيس: مَطَوْتُ بهم حتَّى يَكِلَّ غَرِيُّهُمْ، وحتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأَرْسانِ (* قوله« غريهم» كذا في الأصل.
وعبارة القاموس: الغريّ كغني الحسن منا ومن غيرنا، وبعد هذا فالذي في الديوان: حتى تكل مطيهم.) ومَطا إِذا فتح عينيه، وأَصل المَطْو المدّ في هذا.
ومَطا إِذا تَمَطَّى.
ومَطا الشيءَ مَطْواً: مدَّه.
ومَطا بالقوم مَطْواً: مدَّ بهم.
وتَمَطَّى الرجل: تَمدَّد.
والتَّمَطِّي: التبختر ومَدُّ اليدين في المشي، ويقال التَّمَطِّي مأْخوذ من المَطِيطةِ وهو الماءُ الخاثر في أَسفل الحوض لأَنه يَتَمَطَّطُ أَي يتمَدَّد، وهو مثل تَظَنَّيْتُ من الظَّنَّ وتَقَضَّيْتُ من التَّقَضُّض، والمُطَواءُ من التَّمَطِّي على وزن الغُلَواءِ، وذكر ابن . . . أكمل المادة بري المَطا التَّمَطِّي؛ قال ذَرْوةُ بن جُحْفةَ الصَّمُوتي: شَمَمْتُها إِذْ كَرِهَتْ شَمِيمِي، فَهْيَ تَمَطَّى كمَطا المَحْمُومِ وإِذا تَمَطَّى على الحُمَّى فذلك المُطَواءُ، وقد تقدَّم تفسير المَطِيطاء وهو الخُيَلاءُ والتَّبَخْتُر.
وفي الحديث: إِذا مَشَتْ أُمَّتي المُطَيْطا، بالمد والقصر؛ هي مِشْية فيها تَبَخْتُر ومَدُّ اليدين.
ويقال: مَطَوْتُ ومَطَطْتُ بمعنى مدَدْت؛ قال ابن الأَثير: وهي من المصغرات التي لم يستعمل لها مكبر، والله أَعلم.
وقوله تعالى: ثم ذَهَب إِلى أَهله يَتمَطَّى؛ أَي يتبختر، يكون من المَطِّ والمَطْوِ، وهما المدّ، ويقال: مَطَوْتُ بالقوم مَطْواً إِذا مدَدْت بهم في السير.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه مَرَّ على بلال وقد مُطِيَ في الشمس يُعذَّبُ فاشتراه وأَعْتَقه؛ معنى مُطِيَ أَي مُدَّ وبُطحَ في الشمس.
وكلُّ شيءٍ مَدَدْتَه فقد مَطَوْتَه؛ ومنه المَطْوُ في السَّيْر.
ومَطا الرجلُ يَمْطو إِذا سارَ سيراً حسَناً؛ قال رؤبة: به تَمَطَّت غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، بنا حَراجِيجُ المَطِيِّ النُّفَّهِ تَمَطَّتْ بنا أَي سارَتْ بنا سَيْراً طَويلاً ممدوداً؛ ويروى: بنا حراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ وقوله أَنشده ثعلب: تَمَطَّتْ به أُمُّه في النِّفاس، فليسَ بِيَتْنٍ ولا تَوْأَمِ فسَّره فقال: يريد أَنها زادت على تسعة أَشهر حتى نَضَّجَتْهُ وجرَّتْ حَمْلَه؛ وقال الآخر: تَمَطَّتْ به بَيْضاءُ فَرْعٌ نَجِيبةٌ هِجانٌ، وبَعْضُ الوالِداتِ غَرامُ وتَمَتَّى: كَتَمَطَّى على البدل، وقيل لأَعرابي: ما هذا الأَثر بوجهك؟ فقال: من شِدَّة التَّمَتِّي في السجود.
وتمَطَّى النهارُ: امتدَّ وطال، وقيل: كلُّ ما امْتَدَّ وطال فقد تمَطَّى.
وتمَطَّى بهم السَفرُ: امْتَدَّ وطالَ، وتمَطَّى بك العهْدُ كذلك، والاسم من كل ذلك المُطَواءُ.
والمَطاةُ والمَطا أَيضاً: التَّمَطِّي؛ عن الزجاجي، حكاه في الجُمل قرنه بالمَطا الذي هو الظَّهْر.
والمَطِيَّةُ من الدَّوابِّ التي تَمُطُّ في سيرها، وهو مأْخوذ من المَطْوِ أَي المَدّ. قال ابن سيده: المَطِيَّة من الدَّوابِّ التي تَمْطُو في سيرها، وجمعها مطايا ومَطِيٌّ؛ ومن أَبيات الكتاب:متى أَنامُ لا يُؤَرِّقْني الكَرِي ليْلاً، ولا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي قال سيبويه: أَراد لا يُؤَرِّقْني الكَرِيُّ فاحتاجَ فأَشمَّ الساكنَ الضمة، وإِنما قال سيبويه ذلك لأَن بعده ولا أَسمعُ، وهو فعل مرفوع، فحُكْمُ الأَول الذي عُطف عليه هذا الفعل أَن يكون مرفوعاً، لكن لما لم يمكنه أَن يُخلص الحركة في يؤرِّقْني أَشمها وحمل أَسمعُ عليه لأَنه وإِن كانت الحركة مشمة فإِنها في نية الإِشباع، وإِنما قلنا في الإِشمام هنا إِنه ضرورة لأَنه لو قال لا يؤرقني فأَشبع لخرج من الرجز إِلى الكامل، ومحال أَن يجمع بين عروضين مختلفين؛ وأَنشد الأَخفش: أَلم تَكُنْ حَلَفْتَ باللهِ العَلي، أَنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطي؟ جعل التي في موضع ياءٍ فَعِيلٍ القافية وأَلقى المتحركة لما احتاج إِلى إِلقائها، وقد قال قوم: إِنما أَلقى الزائد وذلك ليس بحسن لأَنه مستخفٌّ للأَوَّل، وإِنما يَرْتَدِع عند الثانية، فلما جاءَ لفظ لا يكون مع الأَول تركه كما يقف على الثقيل بالخفة؛ قال ابن جني: ذهب الأَخفش في العلي والمطي إِلى حذف الحرف الأَخير الذي هو لام وتبقية ياء فعيل، وإِن كانت زائدة، كما ذهب في نحو مَقُول ومَبيع إِلى حذف العين وإِقرار واو مفعول، وإِن كانت زائدة، إِلا أَن جهة الحذف هنا وهناك مختلفتان لأَن المحذوف من المَطيّ والعليّ الحرف الآخر، والمحذوف في مقول لعلة ليست بعلة الحذف في المطِيّ والعَليّ، والذي رآه في المَطِيّ حسن لأَنك لا تتناكر الياء الأُولى إِذا كان الوزن قابلاً لها وهي مكلمة له، أَلا ترى أَنها بإِزاءِ نون مستفْعلن؟ وإِنما استغنى الوزن عن الثانية فإِياها فاحذف، ورواه قطرب: أَنّ مطاياك، بفتح أَن مع اللام، وهذا طريق، والوجه الصحيح كسر إِن لتزول الضرورة، إِلا أَنا سمعناها مفتوحة الهمزة.
وقد مَطَتْ مَطْواً.
وامْتَطاها: اتخذها مَطِيَّةً.
وامْتَطاها وأَمْطاها: جعلها مَطِيَّتَه.
والمَطِيَّةُ: الناقة التي يُرْكب مَطاها.
والمَطِيَّةُ: البعير يُمْتَطى ظهره، وجمعه المَطايا، يقع على الذكر والأُنثى. الجوهري: المَطِيَّةُ واحدة المَطِيِّ والمَطايا، والمَطِيُّ واحد وجمع، يذكر ويؤنث، والمَطايا فَعالى، أَصله فَعائلُ إِلا أَنه فُعِل به ما فُعِلَ بخَطايا. قال أَبو العميثل: المطية تذكر وتؤنث؛ وأَنشد أَبو زيد لربيعة بن مَقْرُوم الضَّبِّي جاهلي: ومَطِيّةٍ، مَلَثَ الظَّلامِ، بَعَثْتُه يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ دامي الأَظْلَل قال أَبو زيد: يقال منه امْتَطَيتها أَي اتخذتها مَطِيَّةً.
وقال الأُموي: امتطيناها أَي جعلناها مَطايانا.
وفي حديث خزيمة: تَرَكَتِ المُخَّ راراً والمَطِيَّ هاراً؛ المَطِيّ: جمع مطية وهي الناقة التي يركب مَطاها أَي ظهرها، ويقال: يُمْطى بها في السير أَي يُمَدُّ، والهارُ: الساقطُ الضعيف.
والمَطا، مقصور: الظَّهر لامتداده، وقيل: هو حَبْل المتن من عَصَب أَو عَقَب أَو لحم، والجمع أَمْطاء.
والمَطْوُ: جريدة تُشَقُّ بشِقَّيْنِ ويُحْزَم بها القَتُّ من الزرع، وذلك لامتدادها.
والمَطْوُ: الشِّمراخ، بلغة بَلْحَرثِ بن كعب، وكذلك التَّمطِيةُ، والجمع مِطاء، والمَطا، مقصور: لغة فيه؛ عن ابن الأَعرابي.
وقال أَبو حنيفة: المَطْوُ والمِطْوُ، بالكسر، عِذْق النخلة، والجمع مِطاء مثل جَرْو وجِراء؛ قال ابن بري: شاهد الجمع قول الراجز: تَخَدَّدَ عن كَوافِرِه المِطاء والمَطْوُ والمِطْوُ جميعاً: الكُباسة والعاسي؛ وأَنشد أَبو زياد: وهَتَفُوا وصَرَّحُوا يا أَجْلَحْ، وكان هَمّي كلَّ مُطْوٍ أَمْلَحْ كذا أَنشده مُطو، بالضم، وهذا الرجز أَورده الشيخ محمد بن بري مستشهداً به على المِطو، بالكسر، وأَورده بالكسر، ورأَيت حاشية بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي، رحمه الله: قال علي بن حمزة البصري وقد جاءَ عن أَبي زياد الكلابي فيه الضم.
ومَطا الرجلُ إِذا أَكل الرطب من الكُباسة.
والمِطْوُ: سَبَل الذُّرة.
والأُمْطِيُّ: الذي يُعمل منه العِلْكُ، واللُّبايةُ شجر الأُمْطِيّ.
ومِطْوُ الشيء: نظيره وصاحبه؛ وقال: نادَيْت مِطْوِي، وقد مالَ النهارُ بهمْ، وعَبْرةُ العين جارٍ دَمْعُها سَجمُ ومَطا إِذا صاحبَ صَدِيقاً.
ومِطْو الرجل: صديقُه وصاحبه ونظيره، سَرَوِيَّةٌ، وقيل: مِطْوه صاحبه في السفر لأَنه كان إِذا قُويِس به فقد مُدَّ معه؛ قال يصف سَحاباً، وقال ابن بري: هو لرجل من أَزْد السَّراة يصف برقاً، وذكر الأَصبهاني أَنه ليعلى بن الأَحول: فَظَلْتُ، لدى البَيْتِ الحَرامِ، أُخِيلُه، ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهُ أَرِقانِ (* عجز البيت مختلّ الوزن.) أَي صاحِبايَ، ومعنى أُخِيله أَنظر إِلى مَخِيلته، والهاءُ عائدة على البرق في بيت قبله، وهو: أَرِقْتُ لِبَرْقٍ دُونه شَرَوانِ يَمانٍ، وأَهْوَى البَرْقَ كلَّ يَمانِ والمَطا أَيضاً: لغة فيه، والجمع أَمْطاءٌ ومَطِيٌّ، الأَخيرة اسم للجمع؛ قال أَبو ذؤيب: لقد لاقَ المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ حديثٌ، إِنْ عَجِبْتَ له، عَجِيبُ والأُمْطِيُّ: صمغ يؤكل، سمي به لامتداده، وقيل: هو ضرب من نبات الرمل يمتدّ وينفرش.
وقال أَبو حنيفة: الأُمْطِيُّ شجر ينبت في الرَّمْل قُضْباناً، وله عِلْك يُمْضَغ؛ قال العجاج ووصف ثور وحش: وبالفِرِنْدادِ له أُمطِيُّ وكل ذلك من المَدِّ لأَن العلكَ يَمْتَدّ. الأَصمعي: كما رأَيتَ الوَرَقَ المَمْحِيَّا قال الجوهري: وامْتَحى لغة ضعيفة.
والماحي: من أَسماء سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، مَحا الله به الكفرَ وآثارَه، وقيل: لأَنه يَمحُو الكفرَ ويُعَفِّي آثارَه بإِذن الله.والمَحْوُ: السواد الذي في القمر كأَن ذلك كان نَيِّراً فمُحِي.
والمَحْوة: المَطْرة تمحُو الجَدْبَ؛ عن ابن الأَعرابي.
وأَصبحت الأَرض مَحْوةً واحدة إِذا تَغَطَّى وجْهُها بالماء حتى كأَنها مُحِيَتْ.
وتركتُ الأَرضَ مَحْوةً واحدة إِذا طَبَّقَها المطرُ، وفي المحكم: إِذا جِيدَتْ كلُّها، كانت فيها غُدْرانٌ أَو لم تكن. أَبو زيد: تَرَكْتِ السماءُ الأَرضَ مَحْوةً واحدة إِذا طَبَّقَها المطرُ.
ومَحوَة: الدَّبُورُ لأَنها تمحو السحابَ معرفة، فإِن قلت: إِنَّ الأَعلام أَكثر وقوعها في كلامهم إِنما هو على الأَعيان المرئِيَّاتِ، فالريح وإِن لم تكن مرئية فإِنها على كل حال جسم، أَلا ترى أَنها تُصادِمُ الأَجرام، وكلُّ ما صادَمَ الجِرْم جِرْمٌ لا مَحالة، فإِن قيل: ولم قَلَّتِ الأَعلام في المعاني وكثرت في الأَعيان نحو زيد وجعفر وجميع ما علق عليه علم وهو شخص؟ قيل: لأَن الأَعيان أَظهر للحاسة وأَبدى إِلى المشاهدة فكانت أَشبه بالعَلَمِية مما لا يُرى ولا يشاهد حسّاً، وإِنما يعلم تأَمُّلاً واستدلالاً، وليست من معلوم الضرورة للمشاهدة، وقيل: مَحْوةُ اسم للدَّبُور لأَنها تَمْحُو الأَثَرَ؛ وقال الشاعر: سَحابات مَحَتْهُنَّ الدَّبُورُ وقيل: هي الشَّمال. قال الأَصمعي وغيره: من أَسماء الشَّمال مَحْوةُ، غير مصروفة. قال ابن السكيت: هَبَّتْ مَحْوةُ اسمُ الشَّمال مَعْرِفة؛ وأَنشد: قَدْ بكَرَتْ مَحْوةُ بالعَجَاجِ، فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجَاجِ وقيل: هو الجَنوب، وقال غيره: سُمِّيت الشَّمالُ مَحْوةَ لأَنها تَمْحُو السحابَ وتَذْهَبُ بها.
ومَحْوة: ريح الشَّمَال لأَنها تَذْهَبُ بالسحاب، وهي معرفة لا تنصرف ولا تدخلها أَلف ولام؛ قال ابن بري: أَنكر علي بن حمزة اختصاص مَحْوَة بالشَّمال لكونها تَقْشَعُ السحابَ وتَذْهَب به، قال: وهذا موجود في الجَنوب؛ وأَنشد للأَعشى: ثمَّ فاؤوا على الكَريهَةِ والصَّبْـ رِ، كما تَقْشَعُ الجَنُوبُ الجَهاما ومَحْوٌ: اسم موضع بغير أَلف ولام.
وفي المحكم: والمَحْوُ اسم بلد؛ قالت الخنساء: لِتَجْرِ الحَوادِثُ بَعْدَ الفَتَى الْـ ـمُغَادَرِ، بالمَحْو، أَذْلالهَا والأَذْلالُ: جمع ذِلّ، وهي المسالك والطُّرُق. يقال: أُمورُ الله تَجْري على أَذْلالها أَي على مجَاريها وطُرُقِها.
والمِمْحاةُ: خِرْقة يزال بها المَنيُّ ونحوه.

بوأ (لسان العرب) [1]


باءَ إِلى الشيء يَبُوءُ بَوْءاً: رَجَعَ.
وبُؤْت إِليه وأَبَأْتُه، عن ثعلب، وبُؤْته، عن الكسائي، كأَبَأْتُه، وهي قليلة.
والباءة، مثل الباعةِ، والباء: النِّكاح.
وسُمي النكاحُ باءةً وباءً من المَباءة لأَن الرجل يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يَسْتَمْكِنُ من أَهله، كما يَتَبَوَّأُ من دارِه. قال الراجز يصف الحِمار والأُتُنَ: يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا، أَكرَمُ عِرْسٍ، باءةً، إِذ أعْرَسا وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: مَن استطاع منكم الباءة، فَليْتزوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ، فعليهِ بالصَّومِ، فإِنَّه له؛ وجاء: أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج.
ويقال: فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح.
ويقال: الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ، والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن . . . أكمل المادة تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً.
والهاء في الباءة زائدة، والناسُ يقولون: الباه. قال ابن الأَعرابي: الباءُ والباءةُ والباهُ كُلها مقولات. ابن الأَنباري: الباءُ النِّكاح، يقال: فُلانٌ حريصٌ على الباء والباءة والباهِ، بالهاء والقصر، أَي على النكاح؛ والباءةُ الواحِدةُ والباء الجمع، وتُجمع الباءة على الباءَاتِ. قال الشاعر: يا أَيُّـــها الرّاكِبُ، ذُو الثّباتِ، إِنْ كُنتَ تَبْغِي صاحِبَ الباءَاتِ، فــــاعْمِدْ إِلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ وفي الحديث: عليكم بالباءة، يعني النّكاحَ والتَّزْويج؛ ومنه الحديث الآخر: إِن امرأَة مات عنها زوجُها فمرّ بها رجل وقد تَزَيَّنَت للباءة.وبَوَّأَ الرجلُ: نَكَحَ. قال جرير: تُبَوّئُها بِمَحْنِيةٍ، وحِيناً * تُبادِرُ حَدَّ دِرَّتِها السِّقابا وللبئرِ مَباءَتان: إِحداهما مَرْجِع الماء إِلى جَمِّها، والأُخْرى مَوْضِعُ وقُوفِ سائِق السّانِية.
وقول صخر الغي يمدَح سيفاً له: وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ، * أَبْيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِه رُبَدُ فَلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيحَ، * حَتَّى باءَ كَفّي، ولم أَكَدْ أَجِدُ الخَشِيبةُ: الطَّبْعُ الأَوَّلُ قبل أَن يُصْقَلَ ويُهَيَّأً، وفَلَوْتُ: انْتَقَيْتُ. أَرْيَحُ: مِن اليَمَنِ. باءَ كَفِّي: أَي صارَ كَفِّي له مَباءة أَي مَرْجِعاً.
وباءَ بذَنْبِه وبإِثْمِه يَبُوءُ بَوْءاً وبَواءً: احتمَله وصار المُذْنِبُ مأْوَى الذَّنب، وقيل اعْتَرفَ به.
وقوله تعالى: إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بإِثْمِي وإِثْمِك، قال ثعلب: معناه إِن عَزَمْتَ على قَتْلِي كان الإِثْمُ بك لا بي. قال الأَخفش: وباؤُوا بغَضَبٍ من اللّه: رَجَعُوا به أَي صارَ عليهم.
وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى فباؤُوا بغَضَبٍ على غَضَب، قال: باؤُوا في اللغة: احتملوا، يقال: قد بُؤْتُ بهذا الذَّنْب أَي احْتَمَلْتُه.
وقيل: باؤُوا بغَضَب أَي بإِثْم اسْتَحَقُّوا به النارَ على إِثْمٍ اسْتَحَقُّوا به النارَ أَيضاً. قال الأَصمعي: باءَ بإِثْمِه، فهو يَبُوءُ به بَوْءاً: إِذا أَقَرّ به.
وفي الحديث: أَبُوءُ بِنعْمَتِك عليَّ، وأَبُوءُ بذنبي أَي أَلتزِمُ وأَرْجِع وأُقِرُّ.
وأَصل البَواءِ اللزومُ.
وفي الحديث: فقد باءَ به أَحدُهما أَي التزَمَه ورجَع به.
وفي حديث وائلِ بن حُجْر: انْ عَفَوتَ عنه يَبُوء بإِثْمِه وإِثْم صاحِبِه أَي كانَ عليه عُقُوبةُ ذَنْبِه وعُقوبةُ قَتْلِ صاحِبِه، فأَضافَ الإِثْمَ إِلى صاحبه لأَن قَتلَه سَبَب لإِثْمه؛ وفي رواية: إِنْ قَتَلَه كان مِثْلَه أَي في حُكم البَواءِ وصارا مُتَساوِيَيْن لا فَضْلَ للمُقْتَصِّ إِذا اسْتوْفَى حَقَّه على المُقْتَصِّ منه.
وفي حديث آخر: بُؤْ للأَمِيرِ بذَنْبِك، أَي اعْتَرِفْ به.
وباءَ بدَمِ فلان وبحَقِّه: أَقَرَّ، وذا يكون أَبداً بما عليهِ لا لَه. قال لبيد: أَنْكَرْت باطِلَها، وبُؤْت بحَقِّها * عِنْدِي، ولم تَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها وأَبَأْتُه: قَرَّرْتُه وباءَ دَمُه بِدَمِه بَوْءاً وبَواءً: عَدَلَه.
وباءَ فُلانٌ بِفُلانٍ بَواءً، ممدود، وأَباءَه وباوَأَه: إِذا قُتِل به وصار دَمُه بِدَمِه. قال عبدُاللّه بنُ الزُّبير: قَضَى اللّهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَنا، * ولــمَ نـكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكـُمْ قَبـْلُ والبَواء: السَّواء.
وفُلانٌ بَواءُ فُلانٍ: أَي كُفْؤُهُ ان قُتِلَ به، وكذلك الاثنانِ والجَمِيعُ.
وباءه: قَتَلَه به(1) (1 قوله «وباءه قتله به» كذا في النسخ التي بأيدينا ولعله وأباءه بفلان قتله به.) أَبو بكر، البواء: التَّكافُؤ، يقال: ما فُلانٌ ببَواءٍ لفُلانٍ: أَي ما هو بكُفْءٍ له.
وقال أَبو عبيدة يقال: القوم بُواءٌ: أَي سَواءٌ.
ويقال: القومُ على بَواءٍ.
وقُسِمَ المال بينهم على بَواءٍ: أَي على سواءٍ.
وأَبَأْتُ فُلاناً بفُلانٍ: قَتَلْتُه به.
ويقال: هم بَواءٌ في هذا الأَمر: أَي أَكْفاءٌ نُظَراء، ويقال: دمُ فلان بَواءٌ لدَم فُلان: إِذا كان كُفْأً له. قالت لَيْلى الأَخْيلية في مَقْتَلِ تَوْبةَ بن الحُمَيِّر: فانْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً، فإِنَّكُمْ * فَتىً مَّا قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ وأَبَأْتُ القاتِلَ بالقَتِيل واسْتَبَأْتُه أَيضاً: إِذا قَتَلْته به.
واسْتَبَأْتُ الحَكَمَ واسْتَبَأْتُ به كلاهما: اسْتَقَدْته.
وتَباوَأَ القَتِيلانِ: تَعادَلا.
وفي الحديث: أَنه كان بَيْنَ حَيَّيْنِ من العَربِ قتالٌ، وكان لأَحَدِ الحَيَّينِ طَوْلٌ على الآخَر، فقالوا لا نَرْضَى حتى يُقْتَل بالعَبْدِ مِنَّا الحُرُّ منهم وبالمرأَةِ الرجلُ، فأَمَرهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يَتَباءَوْا. قال أَبو عبيدة: هكذا روي لنا بوزن يَتَباعَوْا، قال: والصواب عندنا أَن يَتَباوَأُوا بوزن يَتباوَعُوا على مثال يَتَقاوَلوا، من البَواءِ وهي المُساواةُ، يقال: باوَأْتُ بين القَتْلى: أَي ساوَيْتُ؛ قال ابن بَرِّي: يجوز أَن يكون يتَباءَوْا على القلب، كما قالوا جاءَاني، والقياس جايَأَني في المُفاعَلة من جاءَني وجِئْتُه؛ قال ابن الاثير وقيل: يَتَباءَوْا صحيحٌ. يقال: باءَ به إِذا كان كُفْأً له، وهم بَواءٌ أَي أَكْفاءٌ، معناه ذَوُوبَواء.
وفي الحديث أَنه قال: الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص، وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الاَّ مِنْ جارِحِه الجاني، ولا يُؤْخَذُ إِلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ، وذلك البَواءُ.
وفي حديث الصَّادِقِ: قيل له: ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ؟ فقال: تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى.
وفي حديث علي رضِي اللّه عنه: فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً.
وباءَ فلان بفلان: إِذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به؛ ومنه قول الـمُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ، معناه: كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه.
وباء الرجلُ بصاحبه: إِذا قُتِلَ به. يقالُ: باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ، وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إِحداهما بالأُخرى؛ ويقال: بُؤْ به أَي كُنْ مـمن يُقْتَل به.
وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه، فقال: فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه، * وإِن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما يقول: أَنتَ، وإِن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر، فلَسْتَ مِثلَ أَخي.
وإِذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل: أَباءَ فلاناً بفلان. قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ: أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم، * وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ قال أَبو عبيد: فان قتله السلطانُ بقَود قيل: قد أَقادَ السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه.
وقد أَبأْتُه أُبيئُه إِباءة. قال ابن السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى: فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا، * ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ قال: الهَديُّ ذو الحُرْمَة؛ وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ، تُتَّخَذ امرأَتُهُ أَهلاً؛ وقال أَبو عمرو الشيباني: يُسْتبَاء، من البَواء، وهو القَوَد.
وذلك أَنه أَتاهم يريد أَن يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه، فقتلوه برجل منهم.
وقول التَّغْلَبي: أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ، وتتَّقي * مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَرادَ: حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم؛ ويروى: لا يَبْؤُءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماءِ مَنْ قتَلوه.
وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوه: قابَله به، وسَدَّدَه نحْوَه.
وفي الحديث: أَنَّ رجلاً بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه، أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه.
وبَوَّأَهُم مَنْزِلاً: نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل.
وأَبَأْتُ بالمَكان: أَقَمْتُ به.وبَوَّأْتُكَ بَيتاً: اتَّخَذْتُ لك بيتاً.
وقوله عز وجل: أَنْ تَبَوَّآ لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً، أَي اتَّخِذا. أَبو زيد: أَبَأْتُ القومَ مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً، وذلك إِذا نزلْتَ بهم إِلى سَنَدِ جبل، أَو قِبَلِ نَهر.
والتبوُّؤُ: أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إِذا أَعجبه لينزله.
وقيل: تَبَوَّأَه: أَصْلَحه وهَيَّأَه.
وقيل: تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً: إِذا نظَر إِلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِهِ، فاتَّخذَه؛ وتَبوَّأَ: نزل وأَقام، والمَعْنَيانِ قَريبان.
والمباءة: مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل، حيث تُناخُ في المَوارِد.
وفي الحديث: قال له رجل: أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم؟ قال: نَعَمْ، أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه، وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً.
وفي الحديث أَنه قال: في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ.
وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إِيَّاهُ وبَوَّأَه له وبَوَّأَهُ فيه، بمعنى هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه. قال: وبُوِّئَتْ في صَمِيمِ مَعْشَرِها، * وتَمَّ، في قَوْمِها، مُبَوَّؤُها أَي نَزَلَت من الكَرم في صَمِيمِ النَّسب.
والاسم البِيئةُ.
واسْتَباءه أَي اتَّخَذَهُ مَباءة.
وتَبَوَّأْتُ منزلاً أَي نَزَلْتُه.
وقوله تعالى: والذِين تَبَوَّأُوا الدارَ والإِيمانَ، جَعلَ الإِيمانَ مَحَلاًّ لهم على المَثَل؛ وقد يكون أَرادَ: وتَبَوَّأُوا مكانَ الإِيمانِ وبَلَدَ الإِيمانِ، فحَذَف.
وتَبَوَّأَ المكانَ: حَلَّه.
وإِنه لَحَسَنُ البِيئةِ أَي هيئة التَّبَوُّءِ.والبيئةُ والباءة والمباءة: المنزل، وقيل مَنْزِل القوم حيث يَتَبَوَّأُونَ من قِبَلِ وادٍ، أَو سَنَدِ جَبَلٍ.
وفي الصحاح: المَباءة: مَنْزِلُ القوم في كل موضع، ويقال: كلُّ مَنْزِل يَنْزِله القومُ. قال طَرَفة: طَيِّبو الباءة ، سَهْلٌ، ولَهُمْ * سُبُلٌ، إِن شئتَ في وَحْش وَعِر(1) (1 قوله «طيبو الباءة» كذا في النسخ وشرح القاموس بصيغة جمع المذكر السالم والذي في مجموعة أَشعار يظن بها الصحة طيب بالأفراد وقبله: ولي الأصل الذي في مثله * يصلح الآبر زرع المؤتبر) وتَبَوَّأَ فلان مَنْزِلاً، أَي اتخذه، وبَوَّأْتُهُ مَنْزِلاً وأَبَأْتُ القَومَ منزلاً.
وقال الفرَّاء في قوله عز وجل: والذين آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَنُبَوِّئنَّهُمْ مِن الجَنَّة غُرَفاً، يقال: بَوَّأْتُه منزلاً، وأَثْوَيْتُه مَنْزِلاً ثُواءً: أَنْزَلْتُه، وبَوَّأْتُه منزلاً أَي جعلته ذا منزل.
وفي الحديث: مَن كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار.
وتكرّرت هذه اللفظة في الحديث ومعناها: لِيَنْزِلْ مَنْزِله مِن النار. يقال: بَوَّأَه اللّهُ منزلاً أَي أَسكَنه إِياه.
ويسمى كِناسُ الثَّوْرِ الوَحْشِيِّ مَبَاءة؛ ومَباءة الإِبل: مَعْطِنها.
وأَبَأْتُ الإِبل مَباءة: أَنَخْتُ بعضَها إِلى بعض. قال الشاعر: حَلِيفان، بَيْنَهما مِيرةٌ * يُبِيئانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ وأَبَأْتُ الإِبلَ، رَدَدْتُها إِلى الـمَباءة، والـمَباءة: بيتها في الجبل؛ وفي التهذيب: وهو الـمُراحُ الذي تَبِيتُ فيه.
والـمَباءة مِن الرَّحِمِ: حيث تَبَوَّأَ الولَدُ. قال الأَعلم: ولَعَمْرُ مَحْبَلِكِ الهَجِينِ على * رَحبِ الـمَباءة، مُنْتِنِ الجِرْمِ وباءَتْ بِبيئةِ سُوءٍ، على مِثالِ بِيعةٍ: أَي بحالِ سُوءٍ؛ وانه لحَسَنُ البِيئةِ؛ وعَمَّ بعضُهم به جميعَ الحال.
وأَباءَ عليه مالَه: أَراحَه. تقول: أَبَأْتُ على فلان ماله: إِذا ارَحْتَ عليه إِبلَه وغَنَمَه، وأَباءَ منه.
وتقول العرب: كَلَّمناهم، فأَجابونا عن بَواءٍ واحدٍ: أَي جوابٍ واحد.
وفي أَرض كذا فَلاةٌ تُبيء في فلاةٍ: أَي تَذْهبُ. الفرَّاء: باءَ، بوزن باعَ: إِذا تكبَّر، كأَنه مقلوب مَن بَأَى، كما قالوا أَرى ورأَى(2) (2 مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى، ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن ان أرى ليس من المقلوب وان اوهم لفظُه ذلك والصواب «كما قالوا راءَ من رأى».(ابراهيم اليازجي)) وسنذكره في بابه.
وفي حاشية بعض نسخ الصحاح: وأَبَأْتُ أَدِيمَها: جَعَلْتُه في الدباغ .

شرط (لسان العرب) [1]


الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ.
والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط.
وفي الحديث: لا يجوز شَرْطانِ في بَيْعٍ، هو كقولك: بعتك هذا الثوب نَقْداً بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين في بَيْعةٍ، ولا فرق عند أَكثر الفقهاء في عقد البيع بين شَرْط واحد أَو شرطين، وفرق بينهما أَحمد عملاً بظاهر الحديث؛ ومنه الحديث الآخر: نهى عن بَيْع وشَرْطٍ، وهو أَن يكون الشرطُ ملازماً في العقد لا قبله ولا بعده؛ ومنه حديث بَرِيرةَ: شَرْطُ اللّهِ أَحَقُّ؛ يريد ما أَظهره وبيَّنه من حُكم اللّه بقوله الولاء لمن أَعْتق، وقيل: هو إِشارة إِلى قوله تعالى: فإِخْوانُكم في الدِّين ومَوالِيكم؛ . . . أكمل المادة وقد شرَط له وعليه كذا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط عليه.
والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وقد شارَطَه وشرَط له في ضَيْعَتِه يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً.
والشَّرَطُ، بالتحريك: العلامة، والجمع أَشْراطٌ.
وأَشْراطُ الساعةِ: أَعْلامُها، وهو منه.
وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أَشْراطُها.
والاشْتِراطُ: العلامة التي يجعلها الناس بينهم.
وأَشْرَطَ طائفةً من إِبله وغنمه: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها للبيع.
والشَّرَطُ من الإِبل: ما يُجْلَبُ للبيع نحو النَّاب والدَّبِرِ. يقال: إِن في إِبلك شَرَطاً، فيقول: لا ولكنها لُبابٌ كلها.
وأَشْرَط فلان نفسَه لكذا وكذا: أَعْلَمها له وأَعَدَّها؛ ومنه سمي الشُّرَطُ لأَنهم جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفُون بها، الواحد شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قال ابن أَحمر:فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عليها، وكان بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا والشُّرْطةُ في السُّلْطان: من العلامة والإِعْدادِ.
ورجل شُرْطِيٌّ وشُرَطِيٌّ: منسوب إِلى الشُّرطةِ، والجمع شُرَطٌ، سموا بذلك لأَنهم أَعَدُّوا لذلك وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بعلامات، وقيل: هم أَول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأُ للموت.
وفي حديث ابن مسعود: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون إِلا غالِبين؛ هم أَوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعة، وقيل: بل صاحب الشُّرْطةِ في حرب بعينها؛ قال ابن سيده: والصواب الأَول؛ قال ابن بري: شاهدُ الشُّرْطِيِّ احد الشُّرَطِ قول الدَّهناء: واللّهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ، وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قال: وقال آخر: أَعُوذُ باللّهِ وبالأَمِيرِ من عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ وأَشْراطُ الشيء: أَوائلُه؛ قال بعضهم: ومنه أَشراطُ الساعةِ وذكرها النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، والاشتقاقان مُتقارِبان لأَن علامة الشيء أَوَّله.
ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي مَشارِيطُ ما الأَوْرادُ عنه صَوادِرُ قال: ولاواحد لها.
وأَشْراطُ كلِّ شيء: ابتداء أَوَّله. الأَصمعي: أَشْراطُ الساعةِ علاماتها، قال: ومنه الاشْتِراط الذي يَشْتَرِطُ الناسُ بعضُهم على بعض أَي هي عَلامات يجعلونها بينهم، ولهذا سميت الشُّرَط لأَنهم جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفون بها.
وحكى الحطابي عن بعض أَهل اللغة أَنه أَنكر هذا التفسير وقال: أَشراطُ الساعةِ ما تُنكِره الناسُ من صغار أُمورها قبل أَن تقوم الساعة.
وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الذين يقدِّمهم على غيرهم من جنده؛ وقول أَوس بن حجر: فأَشْرَط فيها نفْسَه، وهو مُعْصِمٌ، وأَلْقَى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا أَجعل نفْسَه علَماً لهذا الأَمر؛ وقوله: أَشْرَط فيها نفسه أَي هَيَّأَ لهذه النَّبْعةِ.
وقال أَبو عبيدة: سمي الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم أَعِدّاء.
وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها التي هي دون مُعْظَمِها وقِيامِها.والشَّرَطانِ: نَجْمانِ من الحَمَلِ يقال لهما قَرْنا الحملِ، وهما أَوَّل نجم من الرَّبيع، ومن ذلك صار أَوائلُ كل أَمْر يقع أَشْراطَه ويقال لهما الأَشْراط؛ قال العجاج: أَلْجَأَهُ رَعْدٌ من الأَشْراطِ، ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ قال الجوهري: الشرطانِ نجمانِ من الحَمَل وهما قَرْناه، وإِلى جانِب الشَّمالِيِّ منهما كوكب صغير، ومن العرب من يَعُدُّه معهما فيقول هو ثلاثة كواكب ويسميها الأَشراط؛ قال الكميت: هاجَتْ عليه من الأَشْراطِ نافِجةٌ، في فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قد غَلب عليها فصار كالشيء الواحد؛ قال العجاج: من باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُّ أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قال ابن بري: الشَّرَطانِ تثنية شَرَطٍ وكذلك الأَشْراطُ جمع شَرَطٍ؛ قال: والنسبُ إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ كقوله:ومن شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر قال: وكذلك النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قال: وربما تسَبُوا إِليه على لفظ الجمع أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بيت العجاج.
ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة: مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قال ذو الرمة يصف روضة: قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ يعني رَوْضةُ مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قال قرحاء لأَنَّ في وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وقال حوَّاء لخُضْرةِ نباتها.
وحكى ابن الأَعرابي: طلَع الشَّرَطُ، فجاء للشَّرَطَيْنِ بواحد، والتثنيةُ في ذلك أَعْلى وأَشْهر لأَن أَحدهما لا ينفصل عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ في أَنهما يُثْبَتانِ معاً، وتكون حالَتُهما واحدة في كل شيء.
وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رسولاً إِلى أَمر قيل أَشْرَطَه وأَفْرَطَه من الأَشْراط التي هي أَوائل الأَشياء كأَنه (* قوله «كأَنه إلخ» كذا بالأصل ويظهر ان قبله سقطاً.) من قولك فارِطٌ وهو السابق.
والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء؛ قال جرير: تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ، ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ وفي حديث الزكاة: ولا الشَّرَطَ اللَّئيمة أَي رُذالَ المالِ، وقيل: صِغارُه وشِراره.
وشَرَطُ الناس: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قال الكميت: وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ، ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا فالشَّرَطُ: الدُّونُ من الناسِ، والذين هم أَعظم منهم ليسوا بشرَطٍ.
والأَشْراطُ: الأَرْذالُ.
والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قال يعقوب: وهذا الحرف من الأضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بن ثابت: في نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ، نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ فيقال: إِنه أَراد به الحرَسَ وسَفِلةَ الناس؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: أَشارِيطُ من أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِّءٍ، وكان أَبوهمْ أَشْرَطاً وابْن أَشْرَطا وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يأْخُذَ اللّهُ شريطتَه من أَهلِ الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لا يَعْرِفون مَعْروفاً ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً، يعني أَهلَ الخيرِ والدِّينِ.
والأَشْراطُ من الأَضْداد: يقع على الأَشراف والأَرذال؛ قال الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ شمراً كذا رواه.
وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بن بُجْرَة، ذهَبوا في ذلك إِلى اسْتِرْذالِه لأَنه كان يُحَمَّقُ؛ قال خالد بن قيس التيْمي يهجُو مالكاً هذا:لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عند السَّبَلهْ وحَلَّقَتْ بك العُقابُ القَيْعَلَهْ، مُدْبِرةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وليس هناك فِعْل؛ قال ابن سيده: وهذا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تكون من الفعل دون الاسم، وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم أَحْنَكُ الشاتين لأَن ذلك لا فعل له أَيضاً عنده، وكذلك آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ له عند سيبويه.
وشَرَطُ الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، واحدها شَرَطٌ أَيضاً، وناقة شَرَطٌ وإِبل شَرَطٌ. قال: وفي بعض نسخ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ المال، قال: فإِن صح هذا فهو جمع شَرَط. التهذيب: وشَرَطُ المالِ صغارها، وقال: والشُّرَطُ سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كل شيء خِيارُه وهم نُخْبةُ السلطانِ من جُنده؛ وقال الأَخطل: ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ، حَنَّتْ مَثاكِيلُ من أَيْفاعِهمْ نُكُدُ وقال آخر: حتى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ وقال أَوْسٌ: فأَشْرَط فيها أَي استخَفَّ بها وجعلها شَرَطاً أَي شيئاً دُوناً خاطَرَ بها. أَبو عمرو: أَشْرَطْتُ فلاناً لعمل كذا أَي يَسَّرْتُه وجعلته يليه؛ وأَنشد: قَرَّبَ منهم كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ عَجَمْجَمٍ، ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمل.
والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ مثله.
والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط بها. قال ابن الأَعرابي: حدثني بعض أَصحابي عن ابن الكَلْبي عن رجل عن مُجالِد قال: كنت جالساً عند عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أَبي طالب بالكوفة فأُتِيَ برجل فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فقلت: هذا واللّهِ جَهْدُ البَلاء، فقال: واللّه ما هذا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه ولكن جهد البلاء فَقْر مُدْقِعٌ بعد غِنىً مُوسع.
وفي الحديث: نَهى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شَرِيطةِ الشيطانِ، وهي ذبيحة لا تُفْرَى فيها الأَوْداجُ ولا تُقْطَعُ ولا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ من شَرْط الحجام، وكان أَهل الجاهلية يقطعون بعضَ حَلْقِها ويتركونها حتى تموتَ، وإِنما أَضافها إِلى الشيطان لأَنه هو الذي حملهم على ذلك وحسّن هذا الفعلَ لدَيْهِم وسوّلَه لهم.
والشَّرِيطةُ من الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن.
والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ تُفْتل من الخُوص واللِّيفِ، وقيل: هو الحبلُ ما كان، سمي بذلك لأَنه يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثم يفتل، والجمع شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ كشَعيرة وشَعير.
والشَّرِطُ: العَتِيدةُ للنساء تَضَعُ فيها طِيبَها، وقيل: هي عَتيدةُ الطِّيبِ، وقيل: العَيْبةُ؛ حكاه ابن الأَعرابي وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بن مَعْدِ يكَرِب: فَزَيْنُكَ في الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا، وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني يقول: زَيْنُكَ الطِّيبُ الذي في العَتِيدةِ أَو الثيابُ التي في العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذي النُّونين السيفَ كما سماه بعضهم ذا الحَيّاتِ؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ: عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه، فَخَرَّ، كما خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا وقال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد الهُذليّ: وما جَرَّدْتُ ذا الحَيّاتِ، إِلاّ لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ (* قوله «الحباب» ضبط في الأصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك: الحباب اسم سيفه.) كانت امرأَته نظرت إِلى رجل فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف فأَتَرَّ يَدَها فقال فيها هذا، يقول: إِنما كنت ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ لجَدِّكِ: فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً، وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ وقال أَبو حنيفة: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصغير يجيء من قَدر عشرة أَذرُع مِثل شَرَطِ المال رُذالِها، وقيل الأَشْراطُ ما سال من الأَسْلاقِ في الشِّعابِ.
والشَّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ القليل اللحْم الدقيقُ، يكون ذلك من الناس والإِبل، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال: يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ، مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ قال ابن بري: الرجَز لجسَّاسِ بن قُطَيْبٍ والرجز مُغَيَّرٌ؛ وصوابه بكماله على ما أَنشده ثعلب في أَمالِيه: وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ، باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ تَنْجُو إِذا قيل لها يَعاطِ، فلو تَراهُنَّ بذي أُراطِ، وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ، يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ، صاتِ الحُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ، مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ على سَراوِيلَ له أَسْماطِ، ليست له شَمائلُ الضَّفَّاطِ يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ، ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ( ) قوله «ومسرب» كذا في الأَصل بالسين المهملة ولعله بالشين المعجمة. خَوَّى قليلاً، غيرَ ما اغْتِباطِ، على مَباني عُسْبٍ سِباطِ يُصْبِحُ بعد الدَّلَج القَطْقاطِ، وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ الأَلْياطُ: الجُلود.
ومُلَحَّب: طريق.
وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ.
ويَعاطِ: زَجْر.
وأُراطٌ: موضع.
والسُّرَى، جمع سُرْوةٍ: السَّهْم.
والأَمْراطُ: المُتمرِّطةُ الرِّيشِ.
ويُلِحْن: يَفْرَقْنَ.
والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر والسَّوْقِ.
والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ.
والضَّفّاطُ: الكثير اللحم، وهو أَيضاً الذي يُكْرَى من مَنْزِل إِلى منزل.
والمِلاطُ: المِرْفَقُ، وعُسُبٌ قَوائمه.
وسِباطٌ: جمع سَبْطٍ.
والقَطْقاطُ: السريعُ. الليث: ناقة شِرْواطٌ وجمل شِرْواط طويل وفيه دِقّة، الذكر والأُنثى فيه سواء.
ورجل شِرْوَطٌ: طويل.
وبنو شَرِيطٍ: بطن.

أكل (لسان العرب) [1]


أَكَلْت الطعام أَكْلاً ومَأْكَلا. ابن سيده: أَكَل الطعام يأْكُلُه أَكْلاً فهو آكل والجمع أَكَلة، وقالوا في الأمر كُلْ، وأَصله أُؤْكُلْ، فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغنى عن الهمزة الزائدة، قال: ولا يُعْتَدّ بهذا الحذد لقِلَّته ولأَنه إِنما حذف تخفيفاً، لأَن الأَفعال لا تحذف إِنما تحذف الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ وأَخٍ وما جرى مجراه، وليس الفعل كذلك، وقد أُخْرِجَ على الأَصل فقيل أُوكُل، وكذلك القول في خُذْ ومُر.
والإِكْلة: هيئة الأَكْل.
والإِكْلة: الحال التي يأْكُل عليها متكئاً أَو قاعداً مثل الجِلْسة والرَّكْبة. يقال: إِنه لحَسَن الإِكْلة.
والأَكْلة: المرة الواحدة حتى يَشْبَع.
والأُكْلة: اسم للُّقْمة.
وقال اللحياني: الأَكْلة والأُكْلة . . . أكمل المادة كاللَّقْمة واللُّقْمة يُعْنَى بها جميعاً المأْكولُ؛ قال: من الآكِلِين الماءَ ظُلْماً، فما أَرَى يَنالون خَيْراً، بعدَ أَكْلِهِمِ المَاءَ فإِنما يريد قوماً كانوا يبيعون الماءَ فيشترون بثمنه ما يأْكلونه، فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأْكول عن ذكر المأْكول.
وتقول: أَكَلْت أُكْلة واحدة أَي لُقْمة، وهي القُرْصة أَيضاً.
وأَكَلْت أَكلة إِذا أَكَل حتى يَشْبَع.
وهذا الشيء أُكلة لك أَي طُعْمة لك.
وفي حديث الشاة المسمومة: ما زَالَتْ أُكْلة خَيْبَرَ تُعَادُّني؛ الأُكْلة، بالضم: اللُّقمة التي أَكَل من الشاة، وبعض الرُّواة بفتح الأَلف وهو خطأ لأَنه ما أَكَل إِلاّ لُقْمة واحدة.
ومنه الحديث الآخر: فليجعل في يده أُكْلة أَو أُكْلتين أَي لُقْمة أَو لُقْمتين.
وفي الحديث: أَخْرَجَ لنا ثلاثَ أُكَل؛ هي جمع أُكْلة مثل غُرْفة وغُرَف، وهي القُرَص من الخُبْز.
ورجل أُكَلة وأَكُول وأَكِيل: كثير الأَكْلِ.
وآكَلَه الشيءَ: أَطعمه إِياه، كلاهما على المثل (* قوله «وآكله الشيء أطعمه إياه كلاهما إلخ» هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً نظير ما بعده بدليل قوله كلاهما) وآكَلَني ما لم آكُل وأَكَّلَنِيه، كلاهما: ادعاه عليَّ.
ويقال: أَكَّلْتني ما لم آكُلْ، بالتشديد، وآكَلْتَني ما لم آكُل أَيضاً إِذا ادَّعيتَه عليَّ.
ويقال: أَليس قبيحاً أَن تُؤَكِّلَني ما لم آكُلْ؟ ويقال: قد أَكَّل فلان غنمي وشَرَّبَها.
ويقال: ظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب.
والرجل يَسْتأْكِل قوماً أَي يأْكل أَموالَهم من الإِسْنات.
وفلان يسْتَأْكِل الضُّعفاء أَي يأْخذ أَموالهم؛ قال ابن بري وقول أَبي طالب: وما تَرْكُ قَوْمٍ، لا أَبا لَك، سَيِّداً مَحُوطَ الذِّمَارِ غَيْرَ ذِرْبٍ مؤَاكِل أَي يَسْتأْكل أَموالَ الناس.
واسْتَأْكَلَه الشيءَ: طَلَب إِليه أَن يجعله له أُكْلة.
وأَكَلَت النار الحَطَبَ، وآكَلْتُها أَي أَطْعَمْتُها، وكذلك كل شيءٍ أَطْعَمْتَه شيئاً.
والأُكْل: الطُّعْمة؛ يقال: جَعَلْتُه له أُكْلاً أَي طُعْمة.
ويقال: ما هم إِلاَّ أَكَلة رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ ما يُشْبِعهم رأْسٌ واحد؛ وفي الصحاح: وقولهم هم أَكَلة رأْس أَي هم قليل يشبعهم رأْس واحد، وهو جمع آكل.
وآكَلَ الرجلَ وواكله: أَكل معه، الأَخيرة على البدل وهي قليلة، وهو أَكِيل من المُؤَاكلة، والهمز في آكَلَه أَكثر وأَجود.
وفلان أَكِيلي: وهو الذي يأْكل معك. الجوهري: الأَكِيل الذي يُؤَاكِلُكَ.
والإِيكال بين الناس: السعي بينهم بالنَّمائم.
وفي الحديث: من أَكَل بأَخيه أُكْلَة؛ معناه الرجل يكون صَدِيقاً لرجل ثم يذهب إِلى عدوه فيتكلم فيه بغير الجميل ليُجيزه عليه بجائزة فلا يبارك الله له فيها؛ هي بالضم اللقمة، وبالفتح المرَّة من الأَكل.
وآكَلْته إِيكالاً: أَطْعَمْته.
وآكَلْته مُؤَاكلة: أَكَلْت معه فصار أَفْعَلْت وفَاعَلْت على صورة واحدة، ولا تقل واكلته، بالواو.
والأَكِيل أَيضاً: الآكل؛ قال الشاعر: لَعَمْرُك إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْبٍ بَطِيءُ النَّضْج، مَحْشُومُ الأَكِيل وأَكِيلُكَ: الذي يُؤَاكِلك، والأُنثى أَكِيلة. التهذيب: يقال فلانة أَكِيلي للمرأة التي تُؤَاكلك.
وفي حديث النهي عن المنكر: فلا يمنعه ذلك أَن يكون أَكِيلَه وشَرِيبَه؛ الأَكيل والشَّرِيب: الذي يصاحبك في الأَكل والشرب، فعِيل بمعنى مُفاعل.
والأُكْل: ما أُكِل.
وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنها: وبَعَج الأَرضَ فَقاءَت أُكْلَها؛ الأَكْل، بالضم وسكون الكاف: اسم المأْكول، وبالفتح المصدر؛ تريد أَن الأَرض حَفِظَت البَذْر وشَرِبت ماءَ المطر ثم قَاءَتْ حين أَنْبتت فكَنَت عن النبات بالقَيء، والمراد ما فتح الله عليه من البلاد بما أَغْرَى إِليها من الجيوش.
ويقال: ما ذُقْت أَكَالاً، بالفتح، أَي طعاماً.
والأَكَال: ما يُؤْكَل.
وما ذاق أَكَالاً أَي ما يُؤْكَل.
والمُؤْكِل: المُطْعِم.
وفي الحديث: لعن الله آكل الرِّبا ومُؤْكِلَه، يريد به البائع والمشتري؛ ومنه الحديث: نهى عن المُؤَاكَلة؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يكون للرجل على الرجل دين فيُهْدِي إِليه شيئاً ليؤَخِّره ويُمْسك عن اقتضائه، سمي مُؤَاكَلة لأَن كل واحد منهما يُؤْكِل صاحبَه أَي يُطْعِمه.
والمَأْكَلة والمَأْكُلة: ما أُكِل، ويوصف به فيقال: شاة مَأْكَلة ومَأْكُلة.
والمَأْكُلة: ما جُعل للإِنسان لا يحاسَب عليه. الجوهري: المَأْكَلة والمَأْكُلة الموضع الذي منه تَأْكُل، يقال: اتَّخَذت فلاناً مَأْكَلة ومَأْكُلة.
والأَكُولة: الشاة التي تُعْزَل للأَكل وتُسَمَّن ويكره للمصدِّق أَخْذُها. التهذيب: أَكُولة الراعي التي يكره للمُصَدِّق أَن يأْخذها هي التي يُسَمِّنها الراعي، والأَكِيلة هي المأْكولة. التهذيب: ويقال أَكَلته العقرب، وأَكَل فلان عُمْرَه إِذا أَفناه، والنار تأْكل الحطب.
وأَما حديث عمر، رضي الله عنه: دَعِ الرُّبَى والماخِض والأَكُولة، فإِنه أَمر المُصَدِّق بأَن يَعُدَّ على رب الغنم هذه الثلاث ولا يأْخذها في الصدقة لأَنها خِيار المال. قال أَبو عبيد: والأَكولة التي تُسَمَّن للأَكل، وقال شمر: قال غيره أَكولة غنم الرجل الخَصِيُّ والهَرِمة والعاقِر، وقال ابن شميل: أَكولة الحَيِّ التي يَجْلُبون يأْكلون ثمنها (* قوله: التي يجلبون يأكلون ثمنها، هكذا في الأصل) التَّيْس والجَزْرة والكَبْش العظيم التي ليست بقُنْوة، والهَرِمة والشارف التي ليست من جَوارح المال، قال: وقد تكون أَكِيلةً فيما زعم يونس فيقال: هل غنمك أَكُولة؟ فتقول: لا، إِلاَّ شاة واحدة. يقال: هذه من الأَكولة ولا يقال للواحدة هذه أَكُولة.
ويقال: ما عنده مائة أَكائل وعنده مائة أَكولة.
وقال الفراء: هي أَكُولة الراعي وأَكِيلة السبع التي يأْكل منها وتُسْتَنْقذ منه، وقال أَبو زيد: هي أَكِيلة الذِّئب وهي فَريسته، قال: والأَكُولة من الغنم خاصة وهي الواحدة إِلى ما بلغت، وهي القَواصي، وهي العاقر والهَرِمُ والخَصِيُّ من الذِّكارة، صِغَاراً أَو كباراً؛ قال أَبو عبيد: الذي يروى في الحديث دع الرُّبَّى والماخِض والأَكِيلة، وإِنما الأَكيلة المأْكولة. يقال: هذه أَكِيلة الأَسد والذئب، فأَما هذه فإِنها الأَكُولة.
والأَكِيلة: هي الرأْس التي تُنْصب للأَسد أَو الذئب أَو الضبع يُصاد بها، وأَما التي يَفْرِسها السَّبْع فهي أَكِيلة، وإِنما دخلته الهاء وإِن كان بمعنى مفعولة لغلبة الاسم عليه.
وأَكِيلة السبع وأَكِيله: ما أَكل من الماشية، ونظيره فَرِيسة السبع وفَرِيسه.
والأَكِيل: المأْكول فيقال لما أُكِل مأْكول وأَكِيل.
وآكَلْتُك فلاناً إِذا أَمكنته منه؛ ولما أَنشد المُمَزَّق قوله: فإِنْ كنتُ مَأْكولاً، فكُنْ خيرَ آكلٍ، وإِلاَّ فَأَدْرِكْني، ولَمَّا أُمَزَّقِ فقال النعمان: لا آكُلُك ولا أُوكِلُك غيري.
ويقال: ظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاء.
ويقال أَيضاً: فلان أَكَّل مالي وشَرَّبه أَي أَطعمه الناس. نوادر الأَعراب: الأَكاوِل نُشوزٌ من الأَرض أَشباه الجبال.
وأَكل البَهْمة تناول التراب تريد أَن تأْكل (* قوله: وأكل البهمة تناول التراب تريد ان تأكل، هكذا في الأصل) ؛ عن ابن الأَعرابي.
والمَأْكَلة والمَأْكُلة: المِيرة، تقول العرب: الحمد فيفي الذي أَغنانا بالرِّسل عن المأْكلة؛ عن ابن الأَعرابي، وهو الأُكْل، قال: وهي المِيرة وإِنما يمتارون في الجَدْب.
والآكال: مآكل الملوك.
وآكال الملوك: مأْكَلُهم وطُعْمُهم.
والأُكُل: ما يجعله الملوك مأْكَلة.
والأُكْل: الرِّعْي أَيضاً.
وفي الحديث عن عمرو بن عَبْسة: ومَأْكُول حِمْير خير من آكلها المأْكول: الرَّعِيَّة، والآكلون الملوك جعلوا أَموال الرَّعِيَّة لهم مأْكَلة، أَراد أَن عوامّ أَهل اليَمن خير من ملوكهم، وقيل: أَراد بمأْكولهم من مات منهم فأَكلتهم الأَرض أَي هم خير من الأَحياء الآكلين، وهم الباقون.
وآكال الجُنْد: أَطماعُهم؛ قال الأَعْشَى: جُنْدُك التالدُ العتيق من السَّا داتِ، أَهْل القِباب والآكال والأُكْل: الرِّزق.
وإِنه لعَظيم الأُكْل في الدنيا أَي عظيم الرزق، ومنه قيل للميت: انقطع أُكْله، والأُكْل: الحظ من الدنيا كأَنه يُؤْكَل. أَبو سعيد: ورجل مُؤْكَل أَي مرزوق؛ وأَنشد: منْهَرِتِ الأَشْداقِ عَضْبٍ مُؤْكَل، في الآهِلين واخْتِرامِ السُّبُل وفلان ذو أُكْل إِذا كان ذا حَظٍّ من الدنيا ورزق واسع.
وآكَلْت بين القوام أَي حَرَّشْت وأَفسدت.
والأُكل: الثَّمَر.
ويقال: أُكْل بستانِك دائم، وأُكْله ثمره.
وفي الصحاح: والأُكْل ثمر النخل والشجر.
وكُلُّ ما يُؤْكل، فهو أُكْل.
وفي التنزيل العزيز: أُكُلها دائم.
وآكَلَتِ الشجرةُ: أَطْعَمَتْ، وآكَلَ النخلُ والزرعُ وكلُّ شيء إِذا أَطْعَم.
وأُكُل الشجرةِ: جَنَاها.
وفي التنزيل العزيز: تؤتي أُكُلَها كُلَّ حِين بإِذن ربِّها، وفيه: ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ؛ أَي جَنًى خمطٍ.
ورجل ذو أُكْل أَي رَأْي وعقل وحَصَافَة.
وثوب ذو أُكْل: قَوِيٌّ صَفِيق كَثِير الغَزْل.
وقال أَعرابي: أُريد ثوباً له أُكْل أَي نفس وقوّة؛ وقرطاس ذو أُكْل.
ويقال للعصا المحدّدة: آكلة اللحم تشبيهاً بالسكين.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: والله ِ ليَضْربَنَّ أَحدكُم أَخاه بمثل آكِلة اللحم ثم يرى أَني لا أُقِيدُه، والله لأُقِيدَنَّهُ منه؛ قال أَبو عبيد: قال العجاج أَراد بآكلة اللحم عصا محدّدة؛ قال: وقال الأُموي الأَصل في هذا أَنها السكين وإِنما شبهت العصا المحدّدة بها؛ وقال شمر: قيل في آكلة اللحم إِنها السِّيَاط، شَبَّهها بالنار لأَن آثارها كآثارها.
وكثرت الآكلة في بلاد بني فلان أَي الراعية.
والمِئْكَلة من البِرَام: الصغيرةُ التي يَسْتَخِفُّها الحيُّ أَن يطبخوا اللحم فيها والعصيدة، وقال اللحياني: كل ما أُكِل فيه فهو مِئْكَلة؛ والمِئْكلة: ضرب من الأَقداح وهو نحوٌ مما يؤكل فيه، والجمع المآكل؛ وفي الصحاح: المِئْكَلة الصِّحاف التي يستخفُّ الحي أَن يطبخوا فيها اللحم والعصيدة.
وأَكِل الشيءُ وأْتَكَلَ وتَأَكَّل: أَكل بعضُه بعضاً، والاسم الأُكال والإِكال؛ وقول الجعدي: سَأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكوا، شرِبَ الدَّهْرُ عليهم وأَكَل قال أَبو عمرو: يقول مَرَّ عليهم، وهو مَثَل، وقال غيره: معناه شَرِب الناسُ بَعْدَهم وأَكَلوا.
والأَكِلة، مقصور: داء يقع في العضو فيَأْتَكِل منه.
وتَأَكَّلَ الرجلُ وأْتَكَلَ: غضِب وهاج وكاد بعضه يأْكل بعضاً؛ قال الأَعشى: أَبْلِغْ يَزيدَ بَني شَيْبَان مَأْلُكَةً: أَبا ثُبَيْتٍ، أَمَا تَنْفَكُّ تأْتَكِل؟ وقال يعقوب: إِنما هو تَأْتَلِكُ فقلب. التهذيب: والنار إِذا اشتدّ الْتهابُها كأَنها يأْكل بعضها بعضاً، يقال: ائتكلت النار.
والرجل إِذا اشتد غضبه يَأْتَكِل؛ يقال: فلان يَأْتَكِل من الغضب أَي يحترق ويَتَوَهَّج.
ويقال: أَكَلَتِ النارُ الحطبَ وآكَلْتُها أَنا أَي أَطعمتها إِياه.
والتأَكُّل: شدة بريق الكحل إِذا كسِر أَو الصَّبِرِ أَو الفضة والسيفِ والبَرْقِ؛ قال أَوس بن حجر: على مِثْل مِسْحاة اللُّجَينِ تَأَكُّلا (* قوله «على مثل مسحاة إلخ» هو عجز بيت صدره كما في شرح القاموس: إذا سل من غمد تأكل اثره) وقال اللحياني: ائتَكَل السيف اضطرب.
وتأَكَّل السيف تَأَكُّلاً إِذا ما تَوَهَّج من الحدَّة؛ وقال أَوس بن حجر: وأَبْيَضَ صُولِيًّا، كأَنَّ غِرَارَه تَلأْلُؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍٍّّ تَأَكَّلا وأَنشده الجوهري أَيضاً؛ قال ابن بري صواب إِنشاده: وأَبيض هنديّاً، لأَن السيوف تنسب إِلى الهند وتنسب الدُّروع إِلى صُول؛ وقبل البيت: وأَمْلَسَ صُولِيًّا، كَنِهْيِ قَرَارةٍ، أَحَسَّ بِقاعٍ نَفْخَ رِيحٍ فأَحْفَلا وتَأَكَّل السَّيْفُ تَأَكُّلاً وتأَكَّل البرقُ تَأَكُّلاً إِذا تلأْلأَ.
وفي أَسنانه أَكَلٌ أَي أَنها مُتأَكِّلة.
وقال أَبو زيد: في الأَسنان القادحُ، وهو أَن تَتَأَكَّلَ الأَسنانُ. يقال: قُدِحَ في سِنِّه. الجوهري: يقال أَكِلَتْ أَسنانه من الكِبَر إِذا احْتَكَّت فذهبت.
وفي أَسنانه أَكَلٌ، بالتحريك، أَي أَنها مؤْتكِلة، وقد ائْتَكَلَتْ أَسنانُه وتأَكَّلت.
والإِكْلَةُ والأُكال: الحِكَّة والجرب أَيّاً كانت.
وقد أَكَلني رأْسي.
وإِنه ليَجِدُ في جسمه أَكِلَةً، من الأُكال، على فَعِلة، وإِكْلَةً وأُكالاً أَي حكة. الأَصمعي والكسائي: وجدت في جسدي أُكَالاً أَي حكة. قال الأَزهري: وسمعت بعض العرب يقول: جِلْدي يأْكُلُني إِذا وجد حكة، ولا يقال جِلْدي يَحُكُّني.
والآكَال: سادَةُ الأَحياء الذين يأْخذون المِرْباعَ وغيره.
والمَأْكَل: الكَسْب.
وفي الحديث: أُمِرْت بقربة تَأْكُل القُرَى؛ هي المدينة، أَي يَغْلِب أَهلُها وهم الأَنصار بالإِسلام على غيرها من القُرَى، وينصر اللهُ دينَه بأَهلها ويفتح القرى عليهم ويُغَنِّمهم إِياها فيأْكلونها.
وأَكِلَتِ الناقةُ تَأْكَل أَكَلاً إِذا نبت وَبَرُ جَنينها في بطنها فوجدت لذلك أَذى وحِكَّة في بطنها؛ وناقة أَكِلة، على فَعِلة، إِذا وجدت أَلماً في بطنها من ذلك. الجوهري: أَكِلَت الناقةُ أَكالاً مثل سَمِع سَمَاعاً، وبها أُكَال، بالضم، إِذا أَشْعَرَ وَلَدُها في بطنها فحكَّها ذلك وتَأَذَّتْ.والأُكْلة والإِكْلة، بالضم والكسر: الغيبة.
وإِنه لذو أُكْلة للناس وإِكْلة وأَكْلة أَي غيبة لهم يغتابهم؛ الفتح عن كراع.
وآكَلَ بينهم وأَكَّل: حمل بعضهم على بعض كأَنه من قوله تعالى: أَيحب أَحدكم أَن يأْكل لحم أَخيه ميتاً؛ وقال أَبو نصر في قوله: أَبا ثُبَيْتٍ، أَما تَنْفَكُّ تأْتَكِل معناه تأْكل لحومنا وتغتابنا، وهو تَفْتَعِل من الأَكل.

ثوب (لسان العرب) [1]


ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً: رجَع بعد ذَهابه.
ويقال: ثابَ فلان إِلى اللّه، وتابَ، بالثاء والتاء، أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته، وكذلك: أَثابَ بمعناه.
ورجلٌ تَوّابٌ أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ، بمعنى واحد.
ورجل ثَوّابٌ: للذي يَبِيعُ الثِّيابَ.
وثابَ الناسُ: اجْتَمَعُوا وجاؤُوا.
وكذلك الماءُ إِذا اجْتَمَعَ في الحَوْضِ.
وثابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ.قال: وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ، * إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا ويروى وِثابا، وهو مذكور في موضعه.
وثَوَّبَ كثابَ. أَنشد ثعلب لرجل يصف ساقِيَيْنِ: إِذا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا والثَّوابُ: النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ. قالَ ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ: من كل مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ * منها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً، وأَثابَ: أَقْبَلَ، الأَخيرة عن . . . أكمل المادة ابن قتيبة.
وأَثابَ الرَّجلُ : ثابَ إِليه جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ .التهذيب :ثابَ إِلى العَلِيلِ جِسْمُه إِذا حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِليه صِحَّتُه.
وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُوباً: امْتَلأَ أَو قارَبَ، وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه: وَسَطُه الذي يَثُوبُ إِليه الماءُ إِذا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه.
والثُّبةُ: ما اجْتَمع إِليه الماءُ في الوادي أَو في الغائِط. قال: وإِنما سميت ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِليها، والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوّضوا من قولهم أَقام إِقامةً، وأَصله إِقْواماً.
ومَثابُ البئر: وَسَطها.
ومَثابُها: مقامُ السَّاقي من عُرُوشها على فَم البئر. قال القطامي يصف البِئر وتَهَوُّرَها: وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ، * إِذا اسْتُلَّ، مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ، الدَّعائُم ومَثابَتُها: مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها.
ومَثابَتُها: ما أَشْرَفَ من الحجارة حَوْلَها يَقُوم عليها الرَّجل أَحياناً كي لا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ، ومَثابةُ البِئْرِ أَيضاً: طَيُّها، عن ابن الأَعرابي. قال ابن سيده: لا أَدري أَعَنَى بطَيّها موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الذي هو بِناؤُها بالحجارة. قال: وقَلَّما تكون الـمَفْعَلةُ مصدراً.
وثابَ الماءُ: بَلَغ إِلى حاله الأَوّل بعدما يُسْتَقَى. التهذيب: وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذا اسْتُقِيَ منها عادَ مكانَه ماءٌ آخَر.
وثَيّبٌ كان في الأَصل ثَيْوِبٌ. قال: ولا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حتى يَعُودَ مَرَّةً بعد أُخرى.
ويقال: بِئْر لها ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فيها.
والـمَثابُ: صَخْرة يَقُوم السَّاقي عليها يثوب إِليها الماء، قال الراعي: مُشْرفة الـمَثاب دَحُولا. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول: الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل ثائِبِ البحر: يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إِذا فاضَ بعد جزْرٍ.وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إِليه.
ويقال: ثابَ ماءُ البِئر إِذا عادَتْ جُمَّتُها.
وما أَسْرَعَ ثابَتَها.
والمَثابةُ: الموضع الذي يُثابُ إِليه أَي يُرْجَعُ إِليه مرَّة بعد أُخرى.
ومنه قوله تعالى: وإِذ جَعَلْنا البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً.
وإِنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إِليه، والجمع الـمَثابُ. قال أَبو إِسحق: الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إِلى الثاء وتَبِعَت الواوُ الحركةَ، فانقَلَبَتْ أَلفاً. قال: وهذا إِعلال باتباع باب ثابَ، وأَصل ثابَ ثَوَبَ، ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها. قال: لا اختلاف بين النحويين في ذلك.
والـمَثابةُ والـمَثابُ: واحد، وكذلك قال الفرَّاءُ.
وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب: مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها، * تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاَتُ الذَّوامِلُ وقال ثعلب: البيتُ مَثابةٌ.
وقال بعضهم: مَثُوبةٌ ولم يُقرأْ بها.
ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم: مُجتَمَعُهم بعد التَّفَرُّق.
وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة. قال الراجز: مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ الـمَثابا، لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا يعني بالشَّيْخِ الوَعِلَ.
والثُّبةُ: الجماعةُ من الناس، من هذا.
وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى، وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها، فقال بعضهم: هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ، وكان أَصلها ثَوُبةً، فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو، وتصغيرها ثُوَيْبةٌ.
ومن هذا أُخذ ثُبةُ الحَوْض.
وهو وسَطُه الذي يَثُوب إِليه بَقِيَّةُ الماءِ.
وقوله عز وجل: فانْفِرُوا ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً. قال الفرّاءُ: معناه فانْفِرُوا عُصَباً، إِذا دُعِيتم إِلى السَّرايا، أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً.
وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس عن قوله عز وجل: فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً. قال: ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ.
وقال زهير: وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ، * نَشاوَى، واجِدِينَ لِما نَشاءُ قال أَبو منصور: الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ، وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ، وهذا من ثابَ.
وقال آخرون: الثُّبةُ من الأَسْماءِ الناقصة، وهو في الأَصل ثُبَيةٌ، فالساقط لام الفعل في هذا القول، وأَما في القول الأَوّل، فالساقِطُ عين الفعل.
ومَن جعل الأَصل ثُبَيةً، فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إِذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه، وتأْوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ، وإِنما الثُّبةُ الجماعةُ.
وثاب القومُ: أَتَوْا مُتواتِرِين، ولا يقالُ للواحد.
والثَّوابُ: جَزاءُ الطاعةِ، وكذلك الـمَثُوبةُ. قال اللّه تعالى: لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللّهِ خَيْرٌ.
وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ ما عَمِلَه.
وأَثابَه اللّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه: أَعْطاه إِيّاها.
وفي التنزيل العزيز: هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما كانوا يَفْعلون. أَي جُوزُوا.
وقال اللحياني: أَثابَهُ اللّهُ مَثُوبةً حَسَنَةً.
ومَثْوَبةٌ، بفتح الواو، شاذ، منه.
ومنه قراءة مَن قرأَ: لـمَثْوَبةٌ من عند اللّه خَيْرٌ.
وقد أَثْوَبه اللّهُ مَثْوَبةً حسَنةً، فأَظْهر الواو على الأَصل.
وقال الكلابيون: لا نَعرِف الـمَثْوبةَ، ولكن الـمَثابة.
وثَوَّبه اللّهُ مِن كذا: عَوَّضه، وهو من ذلك.
واسْتَثابَه: سأَله أَن يُثِيبَه.
وفي حديث ابن التَّيِّهانِ، رضي اللّه عنه: أَثِيبُوا أَخاكم أَي جازُوه على صَنِيعِهِ. يقال: أَثابَه يُثِيبه إِثابةً، والاسم الثَّوابُ، ويكون في الخير والشرِّ، إِلا أَنه بالخير أَخَصُّ وأَكثر استِعمالاً.
وأَما قوله في حديث عمر، رضي اللّه عنه: لا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ الناسِ إِلى مَثاباتِهم شيئاً. قال ابن شميل: إِلى مَثاباتِهم أَي إِلىمَنازِلهم، الواحد مَثابةٌ، قال: والـمَثابةُ الـمَرْجِعُ.
والـمَثابةُ: الـمُجْتمَعُ والـمَنْزِلُ، لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِليه أَي يرجِعُون.
وأَراد عُمر، رضي اللّه عنه، لا أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شيئاً من طُرُق المسلمين وأَدخله دارَه.
ومنه حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وقولُها في الأَحْنَف: أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه.
وفي حديث عَمْرو ابن العاص، رضي اللّه عنه، قِيلَ له في مَرَضِه الذي مات فيه: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قال: أَجِدُني أَذُوبُ ولا أَثُوبُ أَي أَضْعُفُ ولا أَرجِعُ إِلى الصِّحة. ابن الأَعرابي: يقال لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ. قال: ويقال لتُراب الأَساس النَّثِيل. قال: وثابَ إِذا انْتَبَه، وآبَ إِذا رَجَعَ، وتابَ إِذا أَقْلَعَ.
والـمَثابُ: طَيُّ الحجارة يَثُوبُ بَعْضُها على بعض من أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه.
والـمَثابُ: الموضع الذي يَثُوبُ منه الماءُ، ومنه بِئْر ما لها ثائِبٌ.
والثَّوْبُ: اللِّباسُ، واحد الأَثْوابِ، والثِّيابِ، والجمع أَثْوُبٌ، وبعض العرب يهمزه فيقول أَثْؤُبٌ، لاستثقال الضمة على الواو، والهمزةُ أَقوى على احتمالها منها، وكذلك دارٌ وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ، وجميع ما جاءَ على هذا المثال. قال معروف بن عبدالرحمن: لكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبـــــــــا، حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا، أَمْلَـــــحَ لا لَـــذًّا، ولا مُحَبَّبـــــــا وأَثْوابٌ وثِيابٌ. التهذيب: وثلاثةُ أَثْوُبٍ، بغير همز، وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فمهموزان، لأَنَّ صرف أَدْؤُرٍ على دار، وكذلك أَسْؤُق على ساقٍ، والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَوْب نَفْسِها، والواو تحتمل الصرف من غير انهماز. قال: ولو طرح الهمز من أَدْؤُر وأَسْؤُق لجاز على أَن تردّ تلك الأَلف إِلى أَصلها، وكان أَصلها الواو، كما قالوا في جماعة النابِ من الإِنسان أَنْيُبٌ، همزوا لأَنَّ أَصل الأَلف في الناب ياء(1) (1 قوله «همزوا لأَن أصل الألف إلخ» كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده التعليل بعده.) ، وتصغير نابٍ نُيَيْبٌ، ويجمع أَنْياباً.
ويقال لصاحب الثِّياب: ثَوَّابٌ.
وقوله عز وجل: وثيابَكَ فَطَهِّرْ. قال ابن عباس، رضي اللّه عنهما، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ، ولا على فُجُورِ كُفْرٍ، واحتجَّ بقول الشاعر: إِني بِحَمْدِ اللّهِ، لا ثَوْبَ غادِرٍ * لَبِسْتُ، وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ وقال أَبو العباس: الثِّيابُ اللِّباسُ، ويقال للقَلْبِ.
وقال الفرَّاءُ: وثِيابَك فَطَهِّرْ: أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك، فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ، ويقال: وثِيابَك فطَهِّرْ. يقول: عَمَلَكَ فأَصْلِحْ.
ويقال: وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ، فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ.
وقيل: نَفْسَكَ فطَهِّر، والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ، وقال: فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والـمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض. قال امْرُؤُ القَيْس: ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى، نَقِيّةٌ، * وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ الـمَسافِرِ، غُرّانُ وقال: رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ، ولا تَرَى * لها شَبَهاً، الا النَّعامَ الـمُنَفَّرا. رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم.
ومثله قول الراعي: فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه، * وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه.
وفي حديث الخُدْرِيِّ لَـمَّا حَضَره الـمَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ، فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها. قال الخطابي: أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ، وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ. قال: وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به. يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ.
ومنه قوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ.
وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والـمَذْهبِ. قال: وهذا كالحديث الآَخَر: يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه. قال الهَروِيُّ: وليس قَولُ من ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت.
وفي الحديث: مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ؛ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب.
والشهرة: ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ.
وفي الحديث: المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ. قال ابن الأَثير: الـمُشْكِلُ من هذا الحديث تثنية الثوب. قال الأَزهريّ: معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه كُمَّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد، وهذا إِنما يكونُ فيه أَحدُ الثَّوْبَيْن زُوراً لا الثَّوْبانِ.
وقيل معناه أَن العرب أَكثر ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والـمَقْدُرةِ إِزاراً ورداءً، ولهذا حين سُئل النبي، صلى اللّه عليه وسلم، عن الصلاة في الثوب الواحد قال: أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ وفسره عمر، رضي اللّه عنه، بإِزارٍ ورِداء، وإِزار وقميص، وغير ذلك.
وروي عن إِسحق بن راهُويه قال: سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ، وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة، عن تفسير ذلك، فقال: كانت العربُ إِذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن. فإِن احتاجوا إِلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور، فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْهِ، فيقولون: ما أَحْسَنَ ثِيابَه، وما أَحسنَ هَيْئَتَه، فَيُجيزون شهادته لذلك. قال: والأَحسن أَن يقال فيه إِنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه، فأَمـّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست فيه، يريدُ أَنَّ اللّه تعالى منَحَه إِيّاها، أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به، فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه، أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه، والآخَر الكَذِبُ على الـمُعْطِي، وهو اللّهُ، أَو الناسُ.
وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما، واتَّصفَ بهما، وقد سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة، وحينئذ يصح التشبيه في التثنية لإِنه شَبَّه اثنين باثنين، واللّه أَعلم.
ويقال: ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذا عاد مرَّة بعد أُخرى.
ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إِذا نادَى بالأَذانِ للناس إِلى الصلاة ثم نادَى بعد ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً: رجَع بعد ذَهابه . التأْذين، فقال: الصلاةَ، رَحمكم اللّه، الصلاةَ، يَدْعُو إِليها عَوْداً بعد بَدْء.
والتَّثْوِيبُ: هو الدُّعاء للصلاة وغيرها، وأَصله أَنَّ الرجلَ إِذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر، فكان ذلك كالدُّعاء، فسُمي الدعاء تثويباً لذلك، وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ.
وقيل: إِنما سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إِذا رجَع، فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمر بالـمُبادرة إِلى الصلاة، فإِنّ المؤَذِّن إِذا قال: حَيَّ على الصلاة، فقد دَعاهم إِليها، فإِذا قال بعد ذلك: الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم، فقد رجَع إِلى كلام معناه المبادرةُ إِليها.
وفي حديث بِلال: أَمرَني رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَنْ لا أُثَوِّبَ في شيءٍ من الصلاةِ، إِلاَّ في صلاةِ الفجر، وهو قوله: الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم، مرتين.
وقيل: التَّثْويبُ تثنية الدعاء.
وقيل: التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن بعد قوله حيّ على الفلاح: الصلاةُ خير من النَّوْم، يقولها مرتين، كما يُثوِّب بين الأَذانين: الصلاةَ، رحمكم اللّه، الصلاةَ.
وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة بعدَ اخرى.
وقيل: التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة. يقال: تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بعد المكتُوبة، ولا يكون التَّثْوِيبُ إِلا بعد المكتوبة، وهو العود للصلاة بعد الصلاة.
وفي الحديث: إِذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ. قال ابن الأَثير: التَّثْويبُ ههنا إِقامةُ الصلاة.
وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت لعائشة، رضي اللّه عنها، حين أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة: إِنَّ عَمُودَ الدِّين لا يُثابُ بالنساءِ إِنْ مالَ. تريد: لا يُعادُ إِلى اسْتِوائه، من ثابَ يَثُوبُ إِذا رجَع.
ويقال: ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً.
وقال الكميت: إِنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه، * فتُغِيرُ، وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ: هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ. قال الأَخفش بن شهاب: وكنتُ، الدَّهْرَ، لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى، * فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ التهذيب: في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثابةً إِذا كَفَفْتَ مَخايِطَه، ومَلَلْتُه: خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ.
والثائبُ: الرّيحُ الشديدةُ تكونُ في أَوّلِ الـمَطَر.
وثَوْبانُ: اسم رجل.

وتر (لسان العرب) [1]


الوِتْرُ والوَتْرُ: الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ.
وأَوْتَرَهُ أَي أَفَذَّهُ. قال اللحياني: أَهل الحجاز يسمون الفَرْدَ الوَتْرَ، وأَهل نجد يكسرون الواو، وهي صلاة الوِتْرِ، والوَتْرِ لأَهل الحجاز، ويقرؤُون: والشَّفْعِ والوتْر، والكسر لتميم، وأَهل نجد يقرؤُون: والشفع والوَتْرِ، وأَوْتَرَ: صَلَّى الوتر.
وقال اللحياني: أَوتر في الصلاة فعدّاه بفي.
وقرأَ حمزة والكسائي: والوتِر، بالكسر.
وقرأَ عاصم ونافع وابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر: والوَتر، بالفتح، وهما لغتان معروفتان.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: الوتر آدم، عليه السلام، والشَّفْع شُفِعَ بزوجته، وقيل: الشع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وقيل: الأَعداد كلها شفع ووتر، كثرت أَو قلت، وقيل: الوتر الله الواحد . . . أكمل المادة والشفع جميع الخلق خلقوا أَزواجاً، وهو قول عطاء؛ كان القوم وتراً فَشَفَعْتهم وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم. ابن سيده: وتَرَهُمْ وتْراً وأَوْتَرَهُمْ جعل شفعهم وتراً.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِذا اسْتَجْمَرْتَ فأَوْتِرْ أَي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فرداً، معناه استنج بثلاثة أَحجار أَو خمسة أَو سبعة، ولا تستنج بالشفع، وكذلك يُوتِرُ الإِنسانُ صلاةَ الليل فيصلي مثنى مثنى يسلم بين كل ركعتين ثم يصلي في آخرها ركعة تُوتِرُ له ما قد صَلَّى؛ وأَوْتَر صلاته.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن الله وِتْرٌ يحب الوِتْرَ فأَوْتِرُوا يا أَهل القرآن.
وقد قال: الوتر ركعة واحدة.
والوتر: الفرد، تكسر واوه وتفتح، وقوله: أَوتروا، أَمر بصلاة الوتر، وهو أَن يصلي مثنى مثنى ثم يصلي في آخرها ركعة مفردة ويضيفها إِلى ما قبلها من الركعات.
والوَتْرُ والوِتْرُ والتِّرَةُ والوَتِيرَةُ: الظلم في الذَّحْل، وقيل: عو الذَّحْلُ عامةً. قال اللحياني: أَهل الحجاز يفتحون فيقولون وَتْرٌ، وتميم وأَهل نجد يكسرون فيقولون وِتْرٌ، وقد وَتَرْتُه وَتْراً وتِرَةً.
وكلُّ من أَدركته بمكروه، فقد وَتَرْتَه.
والمَوْتُورُ: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه؛ تقول منه: وتَرَهُ يَتِرُه وَتْراً وتِرَةً.
وفي حديث محمد بن مسلمة: أَنا المَوْتُور الثَّائِرُ أَي صاحب الوَتْرِ الطالبُ بالثأْر، والموتور المفعول. ابن السكيت: قال يونس أَهل العالية يقولون: الوِتْرُ في العدد والوَتْرُ في الذَّحْلِ، قال: وتميم تقول وِتر، بالكسر، في العدد والذحل سواد. الجوهري: الوتر، بالكسر، الفرد، والوتر، بالفتح: الذَّحْلُ، هذه لغة أَهل العالية، فأَما لغة أَهل الحجاز فبالضد منهم، وأَما تميم فبالكسر فيهما.
وفي حديث عبد الرحمن في الشورى: لا تَغْمِدُوا السيوفَ عن أَعدائكم فَتُوتِرُوا ثأْركم. قال الأَزهري: هو من الوَتْرِ؛ يقال: وَتَرْتُ فلاناً إِذا أَصبته بِوَتْرٍ، وأَوْتَرْتُه أَوجدته ذلك، قال: والثَّأْرُ ههنا العَدُوُّ لأَنه موضع الثأْر؛ المعنى لا تُوجِدوا عدوَّكم الوَتْرَ في أَنفسكم.
ووَتَرْتُ الرجلَ: أَفزعتُه؛ عن الفراء.
ووَترَهُ حَقَّه وماله: نَقَصَه إِياه.
وفي التنزيل العزيز: ولن يَتِرَكُمْ أَعمالكم.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأَنما وتر أَهله وماله؛ أَي نقص أَهله وماله وبقي فرداً؛ يقال: وتَرْتُه إِذا نَقَصْتَه فكأَنك جعلته وتراً بعد أَن كان كثيراً، وقيل: هو من الوَتْرِ الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أَو نهب أَو سبي، فشبه ما يلحق من فاتته صلاة العصر بمن قُتِلَ حَمِيمُهُ أَو سُلِبَ أَهله وماله؛ ويروى بنصب الأَهل ورفعه، فمن نصب جعله مفعولاً ثانياً لوُتِرَ وأَضمر فيها مفعولاً لم يسم فاعله عائداً إِلى الذي فاتته الصلاة، ومن رفع لم يضمر وأَقام الأَهل مقام ما لم يسم فاعله لأَنهم المصابون المأْخوذون، فمن ردَّ النقص إِلى الرجل نصبهما، ومن ردّه إِلى الأَهل والمال رفعهما وذهب إِلى قوله: ولم يَتِرَكُمْ أَعمالَكم، يقول: لن يَنْقُصَكُمْ من ثوابكم شيئاً.
وقال الجوهري: أَي لن يَنْتَقِصَكم في أَعمالكم، كما تقول: دخلت البيت، وأَنت تريد في البيت، وتقول: قد وَتَرْتُه حَقَّه إِذا نَقَصْتَه، وأَحد القولين قريب من الآخر.
وفي الحديث: اعمل من وراء البحر فإِن الله لن يَتِرَكَ من عملك شيئاً أَي لن يَنْقُصَك.
وفي الحديث: من جلس مجلساً لم يَذْكُرِ الله فيه كان عليه تِرَةً أَي نقصاً، والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة مثل وَعَدْتُه عِدَةً، ويجوز نصبها ورفعها على اسم كان وخبرها، وقيل: أَراد بالتِّرَةِ ههنا التَّبِعَةَ. الفراء: يقال وَتَرْتُ الرجل إِذا قتلت له قتيلاً وأَخذت له مالاً، ويقال: وَتَرَه في الذَّحْلِ يَتِرُه وَتْراً، والفعل من الوِتْرِ الذَّحْلِ وَتَرَ يَتِرُ، ومن الوِتْرِ الفَرْد أَوْتَرَ يُوتِرُ، بالأَلف.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: قَلِّدوا الخيل ولا تُقَلِّدوها الأَوْتارَ؛ هي جمع وِتر، بالكسر، وهي الجناية؛ قال ابن شميل: معناه لا تَطْلُبوا عليها الأَوْتارَ والذُّحُولَ التي وُتِرْتُمْ عليها في الجاهلية. قال: ومنه حديث عَلِيٍّ يصف أَبا بكر: فأَدْرَكْتَ أَوْتارَ ما طَلَبُوا.
وفي الحديث: إِنها لَخَيْلٌ لو كانوا يضربونها على الأَوْتارِ. قال أَبو عبيد في تفسير وقوله: ولا تُقلدوها الأَوتار، قال: غير هذا الوجه أَشبه عندي بالصواب، قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: معنى الأَوتار ههنا أَوتار القِسِيِّ، وكانوا يقلدونها أَوتار القِسِيِّ فتختنق، فقال: لا تقلدوها.
وروي: عن جابر: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَمر بقطع الأَوْتارِ من أَعناق الخيل. قال أَبو عبيد: وبلغني أَن مالك بن أَنس قال: كانوا يُقَلِّدُونها أَوتار القِسِيِّ لئلا تصيبها العين فأَمرهم بقطعها يُعلمهم أَن الأَوْتارَ لا تَرُدُّ من أَمر الله شيئاً؛ قال: وهذا شبيه بما كره من التمائم؛ ومنه الحديث: من عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَو تَقَلَّدَ وَتَراً، كانوا يزعمون أَن التَّقَلُّدَ بالأَوْتارِ يَرُدُّ العَيْنَ ويدفع عنهم المكاره، فنهوا عن ذلك.
والتَّواتُرُ: التتابُعُ، وقيل: هو تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ وفَتَراتٌ.
وقال اللحياني: تواتَرَت الإِبل والقَطا وكلُّ شيء إِذا جاء بعضه في إِثر بعض ولم تجئ مُصْطَفَّةً؛ وقال حميد بن ثور: قَرِينَةُ سَبْعٍ، وإِن تواتَرْنَ مَرَّةً، ضُرِبْنَ وصَفَّتْ أَرْؤُسٌ وجُنُوبُ وليست المُتَواتِرَةُ كالمُتَدارِكَةِ والمُتَتابِعة.
وقال مرة: المُتَواتِرُ الشيء يكون هُنَيْهَةً ثم يجيء الآخر، فإِذا تتابعت فليست مُتَواتِرَةً، وإِنما هي مُتَدارِكة ومتتابعة على ما تقدّم. ابن الأَعرابي: تَرى يَتْري إِذا تَراخى في العمل فعمل شيئاً بعد شيء. الأَصمعي: واتَرْتُ الخَبَرَ أَتْبَعْتُ وبين الخبرين هُنَيْهَةٌ.
وقال غيره: المُواتَرَةُ المُتابَعَةُ، وأَصل هذا كله من الوَتِرْ، وهو الفَرْدُ، وهو أَني جعلت كل واحد بعد صاحبه فَرْداً فَرْداً.
والمُتَواتِرُ: كل قافية فيها حرف متحرّك بين حرفين ساكنين نحو مفاعيلن وفاعلاتن وفعلاتن ومفعولن وفَعْلُنْ وفَلْ إِذا اعتمد على حرف ساكن نحو فَعُولُنْ فَلْ؛ وإِياه عنى أَبو الأَسود بقوله: وقافيةٍ حَذَّاءَ سَهْلٍ رَوِيُّها، كَسَرْدِ الصَّنَاعِ، ليس فيها تواتُرُ أَي ليس فيها توقف ولا فتور.
وأَوْتَرَ بين أَخباره وكُتُبه وواتَرَها مُواتَرَةً ووِتاراً: تابَعَ وبين كل كتابين فَتْرَةٌ قليلة.
والخَبَرُ المُتَواتِرُ: أَن يحدِّثه واحد عن واحد، وكذلك خبر الواحد مثل المُتواتِرِ.
والمُواتَرَةُ: المتابعة، ولا تكون المُواتَرَةُ بين الأَشياء إِلا إِذا وقعت بينها فترة، وإِلا فهي مُدارَكَة ومُواصَلة.
ومُواتَرَةُ الصوم: أَن يصوم يوماً ويفطر يوماً أَو يومين، ويأْتي به وِتْراً؛ قال: ولا يراد به المواصلة لأَن أَصله من الوِتْرِ، وكذلك واتَرْتُ الكُتُبَ فَتَواتَرَت أَي جاءت بعضُها في إِثر بعض وِتْراً وِتْراً من غير أَن تنقطع.
وناقة مُواتِرَةٌ: تضع إِحدى ركبتيها أَوّلاً في البُرُوكِ ثم تضع الأُخرى ولا تضعهما معاً فتشق على الراكب. الأَصمعي: المُواتِرَةُ من النوق هي التي لا ترفع يداً حتى تستمكن من الأُخرى، وإِذا بركت وضعت إِحدى يديها، فإِذا اطمأَنت وضعت الأُخرى فإِذا اطمأَنت وضعتهما جميعاً ثم تضع وركيها قليلاً قليلاً؛ والتي لا تُواتِرُ تَزُجُّ بنفسها زَجّاً فتشق على راكبها عند البروك.
وفي كتاب هشام إِلى عامله: أَن أَصِبْ لي ناقة مُواتِرَةً؛ هي التي تضع قوائمها بالأَرض وِتْراً وِتْراً عند البُروك ولا تَزُجُّ نفسها زَجّاً فَتَشُقَّ على راكبها، وكان بهشام فَتْقٌ.
وفي حديث الدعاء: أَلِّفْ جَمْعَهُم وواتِرْ بين مِيَرِهم أَي لا تقطع المِيْرَةَ واجْعَلْها تَصِلُ إِليهم مَرَّةً بعد مرة.
وجاؤوا تَتْرى وتَتْراً أَي مُتَواتِرِين، التاء مبدلة من الواو؛ قال ابن سيده: وليس هذا البدل قياساً إِنما هو في أَشياء معلومة، أَلا ترى أَنك لا تقول في وَزِير يَزِيرٌ؟ إِنما تَقِيسُ على إِبدال التاء من الواو في افْتَعَل وما تصرف منها، إِذا كانت فاؤه واواً فإِن فاءه تقلب تاء وتدغم في تاء افتعل التي بعدها، وذلك نحو اتَّزَنَ؛ وقوه تعالى: ثم أَرسلنا رسلنا تَتْرى؛ من تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ وفَتَراتٌ لأَن بين كل رسولين فَتْرَةً، ومن العرب من ينوّنها فيجعل أَلفها للإِلحاق بمنزلة أَرْطى ومِعْزى، ومنهم من لا يصرف، يجعل أَلفها للتأْنيث بمنزلة أَلف سَكْرى وغَضْبى؛ الأَزهري: قرأَ أَبو عمرو وابن كثير: تَتْرًى منوّنة ووقفا بالأَلف، وقرأَ سائر القراء: تَتْرى غير منوّنة؛ قال الفراء: وأَكثر العرب على ترك تنوين تترى لأَنها بمنزلة تَقْوى، ومنهم من نَوَّنَ فيها وجعلها أَلفاً كأَلف الإِعراب؛ قال أَبو العباس: من قرأَ تَتْرى فهو مثل شَكَوْتُ شَكْوى، غير منوّنة لأَن فِعْلى وفَعْلى لا ينوّن، ونحو ذلك قال الزجاج؛ قال: ومن قرأَها بالتنوين فمعناه وَتْراً، فأَبدل التاء من الواو، كما قالوا تَوْلَج من وَلَجَ وأَصله وَوْلَجٌ كما قال العجاج: فإِن يكن أَمْسى البِلى تَيْقُورِي أَرادَ وَيْقُورِي، وهو فَيْعُول من الوَقار، ومن قرأَ تَتْرى فهو أَلف التأْنيث، قال: وتَتْرى من المواترة. قال محمد بن سلام: سأَلت يونس عن قوله تعالى: ثم أَرسلنا رسلنا تترى، قال: مُتَقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةً.
وجاءت الخيل تَتْرى إِذا جاءت متقطعة؛ وكذلك الأَنبياء: بين كل نبيين دهر طويل. الجوهري: تَتْرى فيها لغتن: تنوّن ولا تنوّن مثل عَلْقى، فمن ترك صرفها في المعرفة جعل أَلفها أَلف تأْنيث، وهو أَجود، وأَصلها وَتْرى من الوِتْرِ وهو الفرد، وتَتْرى أَي واحداً بعد واحد، ومن نونها جعلها ملحقة.
وقال أَبو هريرة: لا بأْس بقضاء رمضان تَتْرى أَي متقطعاً.
وفي حديث أَبي هريرة: لا بأْس أَن يُواتِرَ قضاءَ رمضان أَي يُفَرِّقَهُ فيصومَ يوماً ويُفْطِرَ يوماً ولا يلزمه التتابع فيه فيقضيه وِتْراً وِتْراً.
والوتيرة: الطريقة، قال ثعلب: هي من التَّواتُرِ أَي التتابع، وما زال على وَتِيرةٍ واحدة أَي على صفة.
وفي حديث العباس بن عبد المطلب قال: كان عمر بن الخطاب لي جاراً فكان يصوم النهار ويقوم الليل، فلما وَلِيَ قلت: لأَنظرنّ اليوم إِلى عمله، فلم يزل على وَتِيرَةٍ واحدة حتى مات أَي على طريقة واحدة مطردة يدوم عليها. قال أَبو عبيدة:الوَتِيرَةُ المداومة على الشيء، وهو مأْخوذ من التَّواتُرِ والتتابُع.
والوَتِيرَةُ في غير هذا: الفَتْرَةُ عن الشيء والعمل؛ قال زهير يصف بقرة في سيرها: نَجَأٌ مُجِدٌّ ليس فيه وَتِيرَةٌ ويَذُبُّها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ يعني القَرْنَ.
ويقال: ما في عمله وَتِيرَةٌ، وسَيْرٌ ليست فيه وَتِيرَةٌ أَي فتور.
والوَتِيرَةُ: الفَتْرَةُ في الأَمر والغَمِيزَةُ والتواني.
والوَتِيرَةُ: الحَبْسُ والإِبطاء.
ووَتَرَهُ الفخِذِ: عَصَبَةٌ بين أَسفل الفخذ وبين الصَّفنِ.
والوَتِيرَةُ والوَتَرَةُ في الأَنف: صِلَةُ ما بين المنخرين، وقيل: الوَتَرَةُ حرف المنخر، وقيل: الوَتِيرَةُ الحاجز بين المنخرين من مقدّم الأَنف دون الغُرْضُوف.
ويقال للحاجز الذي بين المنخرين: غرضوف، والمنخران: خرقا الأَنف، ووَتَرَةُ الأَنف: حِجابُ ما بين المنخرين، وكذلك الوَتِيرَة.
وفي حديث زيد: في الوَتَرَةِ ثلث الدية؛ هي وَتَرَةُ الأَنف الحاجزة بين المنخرين. اللحياني: الوَترَةُ ما بين الأَرْنَبَةِ والسَّبَلَةِ. الأَصمعي: خِتارُ كل شيء وَتَرُه. ابن سيده: والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ غُرَيضيفٌ في أَعلى الأُذن يأْخُذُ من أَعلى الصِّماخ.
وقال أَبو زيد: الوتيرة غريضيف في جوف الأُذن يأْخذ من أَعلى الصماخ قبل الفَرْع.
والوَتَرَةُ من الفَرَسِ: ما بين الأَرْنَبَةِ وأَعلى الجَحْفَلةِ.
والوَتَرَتان: هَنَتانِ كأَنهما حلقتان في أُذني الفرس، وقيل: الوَتَرَتانِ العَصَبتان بين رؤوس العُرْقُوبين إِلى المَأْبِضَيْنِ، ويقال: تَوَتَّرَ عَصَبُ فرسه.
والوَتَرَة من الذَّكر: العِرْقُ الذي في باطن الحَشَفَة، وقال اللحياني: هو الذي بين الذكر والأُنثيين.
والوترتان: عصبتان بين المأْبضين وبين رؤوس العُرقوبين.
والوَتَرَةُ أَيضاً: العَصَبَةُ التي تضم مَخْرَجَ رَوْثِ الفرس. الجوهري: والوَتَرَةُ العرق الذي في باطن الكَمَرَة، وهو جُلَيْدَةٌ.
ووَتَرَةُ كل شيء: حِتارُه، وهو ما استدار من حروفه كَحِتارِ الظفر والمُنْخُلِ والدُّبُر وما أَشبهه.
والوَتَرَةُ: عَقَبَة المَتْنِ، وجمعها وَتَرٌ.
ووَتَرَةُ اليد ووَتِيرَتُها: ما بين الأَصابع، وقال اللحياني: ما بين كل إِصبعين وَتَرَةٌ، فلم يخص اليد دون الرجل.
والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ: جُلَيْدَة بين السبابة والإِبهام.
والوَتَرَةُ: عصبة تحت اللسان.
والوتِيرَةُ: حَلْقَةٌ يتعلم عليها الطعن، وقيل: هي حَلْقَةٌ تُحَلِّقُ على طَرَفِ قَناةٍ يتعلم عليها الرمي تكون من وَتَرٍ ومن خيط؛ فأَما قول أُم سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم: حامي الحقيقةِ ماجِدٌ، يَسْمُو إِلى طَلَبِ الوَتِيرَهْ قال ابن الأَعرابي: فسر الوَتِرة هنا بأَنها الحَلْقَةُ، وهو غلط منه، إِنما الوتيرة هنا الذَّحْلُ أَو الظلم في الذحلِ.
وقال اللحياني: الوَتِيرة التي يتعلم الطعن عليها، ولم يخص الحَلْقَةَ.
والوَتِيرة: قطعة تستكن وتَغْلُظ وتنقاد من الأَرض؛ قال: لقد حَبَّبَتْ نُعْمٌ إِلينا بوجهها مَنازِلَ ما بين الوَتائِرِ والنَّقْعِ وربما شبهت القبور بها؛ قال ساعدة بن جؤية الهذلي يصف ضَبُعاً نبشت قبراً: فَذاحَتْ بالوَتائِر ثم بَدَّتْ يديها عند جانبها، تَهِيلُ ذَاحَتْ: يعني ضَبُعاً نَبَشَتْ عن قبر قتيل.
وقال الجوهري: ذاحت مَشَتْ؛ قال ابن بري: ذاحَتْ مَرَّتْ مَرّاً سريعاً؛ قال: والوَتائِرُ جمع وَتِيرَةٍ الطريقة من الأَرض؛ قال: وهذا تفسير الأَصمعي؛ وقال أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ: الوتائر ههنا ما بين أَصابع الضبع، يريد أَنها فَرَّجَتْ بين أَصابعها، ومعنى بَدَّتْ يديها أَي فرّقت بين أَصابع يديها فحذف المضاف.
وتَهِيل: تَحْثُو الترابَ. الأَصمعي: الوَتِيرَةُ من الأَرض، ولم يَحُدَّها. الجوهري: الوَتِيرَةُ من الأَرض الطريقة.
والوَتِيرَةُ: الأَرض البيضاء. قال أَبو حنيفة: الوَتِيرُ نَوْرُ الوردِ، واحدته وَتِيرَةٌ.
والوَتِيرَةُ: الوَرْدَةُ البيضاء.
والوتِيرَةُ: الغُرّة الصغيرة. ابن سيده: الوَتِيرَة غرّة الفرس إِذا كانت مستديرة، فإِذا طالت فهي الشَّادِخَة. قال أَبو منصور: شبهت غرّة الفرس إِذا كانت مستديرة بالحلقة التي يتعلم عليها الطعن يقال لها الوتيرة. الجوهري: الوتيرة حَلْقَةٌ من عَقَبٍ يتعلم فيها الطعن، وهي الدَّرِيئَةُ أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً: تُبارِي قُرْحَةً مثل الْـ ـوَتِيرَةِ لم تكن مَغْدَا المَغْدُ: النَّتْفُ، أَي مَمْغُودَةً، وضع المصدر موضع الصفة؛ يقول: هذه القرحة خلقة لم تنتف فتبيضَّ.
والوتر، بالتحريك: واحد أَوتار القوس. ابن سيده: الوَتَرُ شِرْعَةُ القوس ومُعَلَّقُها، والجمع أَوتارٌ.
وأَوْتَرَ القوسَ: جعل لها وَتَراً.
وَوتَرَها وَوتَّرها: شدَّ تَرَها.
وقال اللحياني: وَتَّرَها وأَوْتَرَها شَدَّ وَتَرَها.
وفي المثل: إِنْباضٌ بغير تَوْتِير. ابن سيده: ومن أَمثالهم: لا تَعْجَلْ بالإِنْباضِ قبل التَّوتِيرِ؛ وهذا مثل في استعجال الأَمر قبل بلوغ إِناه. قال: وقال بعضهم وَتَرَها، خفيفة، عَلَّق عليها وترها.
والوَتَرَةُ: مجرى السهم من القوس العربية عنها يزل السهم إِذا أَراد الرامي أَن يرمي.
وتَوَتَّرَ عَصَبُه: اشتدّ فصار مثل الوَتَر.
وتَوَتَّرَتْ عروقه: كذلك. كلُّ وَتَرَة في هذا الباب، فجمعها وتَرٌ؛ وقول ساعدة بن جؤية: فِيمَ نِساءُ الحَيِّ من وَتَرِيَّةٍ سَفَنَّجَةٍ، كأَنَّها قَوْسُ تَأْلَبِ؟ قيل: هجا امرأَة نسبها إِلى الوتائر، وهي مساكن الذين هجا، وقيل: وَتَرِيَّة صُلْبَة كالوَتَرِ.
والوَتِيرُ: موضع؛ قال أُسامة الهذلي: ولم يَدَعُوا، بين عَرْضِ الوَتِير وبين المناقِب، إِلا الذِّئابا

دوم (لسان العرب) [1]


دامَ الشيءُ يَدُومُ ويَدامُ؛ قال: يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا في الحُبِّ، إن الحُبَّ لن يَدامَا قال كراع: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، وليس بقَوِيٍّ، دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً؛ قال أَبو الحسن: في هذه الكلمة نظر، ذهب أهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى أنها نادرة كمِتَّ تَموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وحَضِرَ يَحْضُرُ، وذهب أبو بكر إلى أنها متركبة فقال: دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثم تركبت اللغتان فظنّ قوم أن تَدُومُ على دِمْتَ، وتَدامُ على دُمْتَ، ذهاباً إلى الشذوذ وإيثاراً له، والوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ، وتَدُومُ على دُمْتَ، وما ذهبوا إليه من . . . أكمل المادة تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أخف مما ذهبوا إليه من تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدامُ، إذ الأُولى ذات نظائر، ولم يُعْرَفْ من هذه الأخيرة إلاَّ كُدْتَ تَكادُ، وتركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ يَرْكَنُ، فيحمله جُهَّالُ أهل اللغة على الشذوذ.
وأَدامَهُ واسْتَدامَهُ: تأَنَّى فيه، وقيل: طلب دوَامَهُ، وأَدْومَهُ كذلك.
واسْتَدَمْتُ الأمر إذا تأَنَّيْت فيه؛ وأنشد الجوهري للمَجْنون واسمه قَيسُ بن مُعاذٍ: وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ، وإنَّني، على ذاكَ فيما بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها أي منتظر أن تُعْتِبَني بخير؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه في مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر: تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ بصَكَّتِه، وآخر مُسْتَدِيمِ وأَنشد أَيضاً: إذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ، رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا الليث: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ وأَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ: فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْهُ، فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ وتَصْلِيةُ العصا: إدارتها على النار لتستقيم، واسْتدامتها: التَّأَنِّي فيها، أي ما أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي.
وقال شمر: المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ في الأمر.
واسْتَدِمْ ما عند فلان أي انتظره وارْقُبْهُ؛ قال: ومعنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ من يُعْنى بها ويحب قضاءها.
وأَدامه غيرهُ، والمُداومَةُ على الأمر: المواظبة عليه.
والدَّيُّومُ: الدائِمُ منه كما قالوا قَيُّوم.
والدِّيمةُ: مطر يكون مع سكون، وقيل: يكون خمسة أَيَّامٍ أو ستة وقيل: يوماً وليلة أو أكثر، وقال خالد بن جَنْبَةَ: الدِّيمةُ من المطر الذ لا رَعْدَ فيه ولا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، والجمع دِيَمٌ، غُيِّرَت الواو في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد.
وما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً ودَيْماً دَيْماً، الياء على المعاقبة، أي دائمة المطر؛ وحكى بعضهم: دامَتِ السماءُ تَدِيمُُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ؛ وقال ابن جني: هو من الواو لاجتماع العرب طُرّاً على الدَّوامِ، وهو أَدْوَمُ من كذا، وقال أيضاً: من التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ ودِيَمٌ، واستمرار القلب في العين إلى الكسرة قبلها (* قوله «إلى الكسرة قبلها» هكذا في الأصل)، ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى أن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ، فأَما دَوَّمَتْ فعلى القياس، وأما دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ ودِيَمٍ؛ أَنشد أبو زيد: هو الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل، إنْ دَيَّمُوا جادَ، وإنْ جادُوا وَبَلْ ويروى: دَوَّمُوا. شمر: يقال دِيمةٌ ودِيْمٌ؛ قال الأَغْلَبُ: فَوارِسٌ وحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ، لا تَتَأَنَّى حَذَرَ الكُلُومِ روي عن أبي العَمَيْثَلِ أنه قال: دِيمَة وجمعها دُيومٌ بمعنى الدِّيمةِ.
وأَرض مَدِيمَةٌ ومُدَيَّمَةٌ: أصابتها الدِّيَمُ، وأَصلها الواو؛ قال ابن سيده: وأَرى الياء معاقبة؛ قال ابن مقبل: عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ رَخاخَ الثَّرَى، والأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا وسنذكر ذلك في ديم.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أنها سئلت: هل كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُفَضِّلُ بعض الأَيام على بعض؟ وفي رواية: أنها ذكرَتْ عَمَل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان عَمَلُهُ دِيمَةً؛ شبهتْه بالدِّيمَةِ من المطر في الدَّوامِ والاقتصاد.
وروي عن حُذَيْقَة أنه ذكر الفتن فقال: إنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً، يعني أنها تملأ الأرض مع دَوامٍ؛ وأَنشد: دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ، طَبَّقَ الأَرْضَ، تَحَرَّى وتَدُرّ والمُدامُ: المَطر الدائم؛ عن ابن جني.
والمُدامُ والمُدامَةُ: الخمر، سميت مُدامَةً لأنه ليس شيء تُستطاع إدامَةُ شربه إلا هي، وقيل: لإدامتها في الدَّنِّ زماناً حتى سكنتْ بعدما فارَتْ، وقيل: سُمِّيَتْ مُدامَةً إذا كانت لا تَنْزِفُ من كثرتها، فهي مُدامَةٌ ومُدامٌ، وقيل: سميت مُدامَةً لِعتْقها.
وكل شيء سكن فقد دامَ؛ ومنه قيل للماء الذي يَسْكن فلا يجري: دائِمٌ.
ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يُبالَ في الماء الدائم ثم يُتَوضَّأَ منه، وهو الماء الراكد الساكنُ، من دامَ يَدُومُ إذا طال زمانه.
ودامَ الشيءُ: سكن.
وكل شيء سكَّنته فقد أَدَمْتَه.
وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ: دائم، وصَفُوهُما بالمصدر.
والدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، وقد قيل: أصله دَوْماء، فإعْلاله على هذا شاذ.
ودامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب: فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ، تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ ورواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب.
والدَّيْمومُ والدَّيْمومَةُ: الفلاة يَدُومُ السير فيها لبعدها؛ قال ابن سيده: وقد ذكرت قول أبي عليّ أنها من الدَّوامِ الذي هو السخ (* قوله: السخَّ، هكذا في الأصل).
والدَّيْمُومةُ: الأرض المستوية التي لا أَعلام بها ولا طريق ولا ماء ولا أنيس وإن كانت مُكْلِئَةً، وهنَّ الدَّيامِيمُ. يقال: عَلَوْنا دَيْمومةً بعيدة الغَوْرِ، وعَلَوْنا أرضاً دَيْمومة مُنكَرةً.
وقال أبو عمرو: الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ المتباعدة الأَطرافِ.
ودَوَّمَتِ الكلابُ: أمعنت في السير؛ قال ذو الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض راجَعَهُ كِبْرٌ، ولو شاء نَجّى نفسَه الهَرَبُ أي أمعنت فيه؛ وقال ابن الأعرابي: أدامَتْهُ، والمعنيان مقتربان؛ قال ابن بري: قال الأصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ منه، لا يكون التَّدْويم إلا في السماء دون الأرض؛ وقا الأخفش وابن الأعرابي: دَوَّمَتْ أبعدت، وأصله من دامَ يَدُومُ، والضمير في دَوَّمَ يعود على الكلاب؛ وقال عليُّ بن حمزة: لو كان التَّدْويمُ لا يكون إلا في السماء لم يجز أَن يقال: به دُوامٌ كما يقال به دُوارٌ، وما قالوا دُومَةُ الجَنْدَلِ وهي مجتمعة مستديرة.
وفي حديث الجارية المفقودة: فَحَمَلني على خافيةٍ ثم دَوَّمَ بي في السُّكاك أي أدارني في الجوّ.
وفي حديث قُسٍّ والجارُود: قد دَوَّمُوا العمائم أي أَداروها حول رؤوسهم.
وفي التهذيب في بيت ذي الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ، قال يصف ثوراً وحشيّاً ويريد به الشمس، قال: وكان ينبغي له أن يقول دَوَّتْ فدَوَّمَتْ استكراه منه.
وقال أبو الهيثم: ذكر الأصمعي أن التَّدْويمَ لا يكون إِلا من الطائر في السماء، وعاب على ذي الرمة موضعه؛ وقد قال رؤبة: تَيْماء لا يَنْجو بها من دَوَّما، إذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما أي أَسرع.
ودَوَّمَتِ الشمس في كَبِد السماء.
ودَوَّمَت الشمس: دارت في السماء. التهذيب: والشمس لها تَدْويمٌ كأنها تدور، ومنه اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها؛ قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً: مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ، والشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ تَدْوِيمُ كأَنها لا تمضي أي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، والرَّمَضُ: شدة الحر، مصدر رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، ويركُضُهُ: يضربه برجله، وكذا يفعل الجُندَبُ. قال أبو الهيثم: معنى قوله والشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على المَسير مقدار ستين فرسخاً (* قوله مقدار ستين فرسخاً» عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً). تدور على مكانها.
ويقال: تَحَيَّرَ الماء في الروضة إذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها، قال: والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قال أبو بكر: الدائم من حروف الأضداد، يقال للساكن دائم، وللمتحرِّك دائم.
والظل الدَّوْمُ: الدائم؛ وأَنشد ابن بري للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة: يا قَوْمِ، قدْ أحْرَقْتُموني باللَّوْمْ، ولم أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ شَتَّانَ هذا والعِناقُ والنَّوْم، والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم ويروى: في الظل الدَّوْم.
ودَوَّمَ الطائر إذا تحرك في طَيَرانه، وقيل: دَوَّمَ الطائر إذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم.
ودَوَّمَ الطائرُ واستدامَ: حَلَّقَ في السماء، وقيل: هو أن يُدَوِّمَ في السماء فلا يحرك جناحيه، وقيل: أن يُدَوِّمَ ويحوم؛ قال الفارسي: وقد اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ والتَّدْوِيَةِ فقال بعضهم: التَّدْويمُ في السماء، والتَّدْوِيَةُ في الأَرض، وقيل بعكس ذلك، قال: وهو الصحيح، قال جَوَّاسٌ، وقيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ: بيَوْمٍ ترى الرايات فيه، كأَنها عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع ويقال: دَوَّم الطائرُ في السماء إذا جعل يَدُور، ودَوَّى في الأرض، وهو مثل التَّدْويمِ في السماء. الجوهري: تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُهُ في طَيَرانِهِ ليرتفع في السماء، قال: وجعل ذو الرمة التَّدْوِيمَ في الأَرض بقوله في صفة الثور: حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض (البيت) وأَنكر الأصمعي ذلك وقال: إنما يقال دَوَّى في الأَرض ودَوَّمَ في السماء، كما قدمنا ذكره، قال: وكان بعضهم يُصَوِّبُ التَّدْويم في الأرض ويقول: منه اشتقت الدُّوَّامَةُ، بالضم والتشديد، وهي فَلْكَةٌ يرميها الصبي بخيط فتُدَوِّمُ على الأرض أي تدور، وغيره يقول: إنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ من قولهم دَوَّمْتُ القِدْرَ إذا سكَّنْتَ غليانها بالماء لأنها من سرعة دَورَانها قد سكنتْ وهَدَأَتْ.
والتَّدْوامُ: مثل التَّدْويمِ؛ وأنشد الأحمر في نعت الخيل: فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها، جُنْحَ النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها، كالطير تَبْقي مُتَداوِماتِها قوله تَبْقي أي تنظر إِليها أنت وتَرْقُبُها، وقوله مُتَداوِمات أي مُدَوِّمات دائرات عائفات على شيء.
وقال بعضهم: تَدْويمُ الكلب إمعانُهُ في الهَرَبِ، وقد تقدم.
ويقال للطائ إذا صَفّ جناحيه في الهواء وسَكَّنهما فلم يحركهما كما تفعل الحِدَأُ والرَّخَمُ: قد دَوَّمَ الطائر تَدْوِيماً، وسُمِّي تدويماً لسكونه وتركه الخَفَقان بجناحيه. الليث: التَّدْويمُ تَحْلِيقُ الطائر في الهواء ودَوَرانه.
ودُوَّامة الغلام، برفع الدال وتشديد الواو: وهي التي تلعب بها الصبيان فَتُدار، والجمع دُوَّامٌ، وقد دَوَّمْتُها.
وقال شمر: دُوَّامةٌ الصبي، بالفارسية، دوابه وهي التي تلعب بها الصبيان تُلَفُّ بسير أو خيط ثم تُرْمى على الأرض فتَدور؛ قال المُتَلَمِّسُ في عمرو بن هند: ألَك السَّدِيرُ وبارِقٌ، ومَرابِضٌ، ولَكَ الخَوَرْنَقْ، والقَصْرُ ذو الشُّرُفاتِ من سِنْدادَ، والنَّخْلُ المُنَبَّقْ، والقادِسِيَّةُ كلُّها، والبَدْوُ من عانٍ ومُطْلَقْ؟ وتَظَلُّ، في دُوَّامةِ الـ ـمولودِ يُظْلَمُها، تَحَرَّقْ فَلَئِنْ بَقيت، لَتَبْلُغَنْ أرْماحُنا منك المُخَنَّقْ ابن الأعرابي: دامَ الشيءُ إذا دار، ودام إذا وقَف، ودام إذا تَعِبَ.
ودَوَّمَتْ عينُه: دارت حدقتها كأنها في فَلْكةٍ، وأَنشد بيت رؤبة: تَيْماء لا يَنْجُو بها من دَوَّمَا والدُّوامُ: شبه الدُّوارِ في الرأْس، وقد دِيمَ به وأُدِيمَ إذا أخذه دُوارٌ. الأَصمعي: أخذه دُوَامٌ في رأْسه مثل الدُّوارِ، وهو دُوارُ الرأْس. الأَصمعي: دَوّمَتِ الخمر شاربها إذا سكر فدارَ.
وفي حديث عائشة: أنها كانت تَصِفُ من الدُّوامِ سبع تمرات من عَجْوَةٍ في سبع غَدَواتٍ على الريق؛ الدُّوامُ، بالضم والتخفيف: الدُّوارُ الذي يَعْرِضُ في الرأْس.
ودَوَّمَ المرقةَ إذا أَكثر فيها الإهالة حتى تَدُور فوقها، ومرقة داوِمة نادر، لأن حق الواو في هذا أن تقلب همزة.
ودَوَّمَ الشيء: بَلَّةُ، قال ابن أحمر: هذا الثَّناءُ، وأَجْدِرْ أَن أُصاحِبَهُ وقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ أي يبلُّه؛ قال ابن بري: يقول هذا ثنائي على النُّعْمان ابن بشير، وأجْدر أن أُصاحبه ولا أُفارقه، وأَملي له يُبْقي ثنائي عليه ويُدَوِّمُ ريقي في فمي بالثناء عليه. قال الفراء: والتَّدْويمُ أن يَلُوكَ لسانَه لئلا ييبس ريقُه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف بعيراً يَهْدِرُ في شِقْشِقتِه: في ذات شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا، رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا، دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَدَا قال ابن بري: وقوله في ذات شامٍ يعني في شِقْشِقَةٍ، وشامٌ: جمع شامةٍ، تَضْرب المُقَلَّدَا أي يخرجها حتى تبلغ صفحة عنقه؛ قال: وتَنْتاخُ عندي مثل قول الراجز: يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ على إشباع الفتحة، وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ، يقال: نَتَخَ الشوكة من رجله إذا أَخرجها، والمِنْتاخُ: المِنْقاش، وفي شعره تَمْتاخ أي تخرج، والماتِخُ: الذي يخرج الماء من البئر.
ودَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قال الليث: تَدْوِيمُ الزعفران دَوْفُه وإدارَتُه في دَوْفِه؛ وأَنشد: وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا وأدامَ القِدْرَ ودَوَّمَها إذا غَلَت فنضحها بالماء البارد ليسكن غَلَيانها؛ وقيل: كَسَرَ غليانها بشيء وسكَّنَهُ؛ قال: تَفُورُ علينا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها، ونَفْثَؤُها عَنَّا إذا حَمْيها غلى قوله نُدِيمُها: نُسَكِّنها، ونَفْثَؤُها: نكسرها بالماء؛ وقال جرير: سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها، فهَلأَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها يقال: أَدام القِدْرَ إذا سكَّن غَلَيانها بأن لا يُوقدَ تحتها ولا يُنزِلَها، وكذلك دَوَّمَها.
ويقال للذي تُسَكَّنُ به القدر: مِدْوامٌ.
وقال اللحياني: الإدامةُ أن تترك القدر على الأثافيِّ بعد الفراغ، لا ينزلها ولا يوقدها.
والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عود أو غيره يُسَكَّنُ به غليانها؛ عن اللحياني.
واسْتَدامَ الرجلُ غريمه: رفَق به، واسْتَدْماهُ كذلك مقلوب منه؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا بأَنه مقلوب لأَنَّا لم نجد له مصدراً؛ واسْتَدْمَى مَوَدَّته: ترقبها من ذلك، وإن لم يقولوا فيه اسْتَدام؛ قال كُثَيِّرٌ: وما زِلْتُ أَسْتَدْمِي، وما طَرَّ شارِبي، وِصالَكِ، حتى ضَرَّ نفسي ضَمِيرُها قوله وما طَرَّ شارِبي جملة في موضع الحال.
وقال ابن كَيْسانَ في باب كان وأخواتها: أما ما دامَ فما وَقتٌ، تقول: قُمْ ما دام زيدٌ قائماً، تريد قُمْ مُدَّةَ قيامه؛ وأَنشد: لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا، ما دام فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا أي مدَّة حياة فُصْلانها، قال: وأما صار في هذا الباب فإنها على ضَرْبين: بلوغ في الحال، وبلوغ في المكان، كقولك صار زيد إلى عمرو، وصار زيد رجلاً، فإذا كانت في الحال فهي مثل كان في بابه، فأَما قولهم ما دام فمعناه الدَّوامُ لأن ما اسم موصول بدامَ ولا يُسْتَعْمَلُ إلا ظَرْفاً كما تستعمل المصادر ظروفاً، تقول: لا أَجلس ما دُمْتَ قائماً أي دَوامَ قيامِكَ، كما تقول: ورَدْتُ مَقْدَمَ الحاجّ.
والدَّوْمُ: شجر المُقْلِ، واحدته دَوْمَةٌ، وقيل: الدَّوْمُ شجر معروف ثَمَرُهُ المُقْلُ.
وفي الحديث: رأَيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو في ظل دَوْمة؛ قال ابن الأثير: هي وادة الدَّوْمِ وهو ضخام الشجر، وقيل: شجر المُقْلِ. قال أَبو حنيفة: الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ وتَسْمُو ولها خُوصٌ كخُوصِ النحل وتُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النخلة. قال: وذكر أبو زياد الأعرابي أن من العرب من يسمي النَّبْقَ دَوْماً. قال: وقال عُمَارَةُ الدَّوْمُ العظامُ من السِّدْرِ.
وقال ابن الأَعرابي: الدَّوْمُ ضِخام الشجر ما كان؛ وقال الشاعر: زَجَرْنَ الهِرَّ تحت ظلال دَوْمٍ، ونَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ وقال طُفَيْلٌ: أَظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أم نَخْلُ بَدَتْ لك، أمْ دَومٌ بأَكمامِها حَمْلُ؟ قال ابو منصور: والدَّوْمُ شجر يشبه النخل إلاَّ أنه يُثْمِر المُقْلَ، وله لِيفٌ وخُوص مثل ليف النخل.
ودُومَةُ الجَنْدَلِ: موضع، وفي الصحاح: حِصْنٌ، بضم الدال، ويسميه أهل الحديث دَوْمَة، بالفتح، وهو خطأٌ، وكذلك دُوماء الجَنْدَلِ. قال أَبو سعيد الضرير: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائط من الأرض خمسة فراسِخَ، ومن قِبَلِ مغربه عين تَثُجُّ فتسقي ما به من النخل والزرع، قال: ودَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بين غائطها هذا، واسم حصنها مارِدٌ، وسميت دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأن حصنها مبني بالجندل، قال: والضاحِيةُ من الضَّحْل ما كان بارزاً من هذا الغَوْطِ والعينِ التي فيه، وهذه العين لا تسقي الضاحية، وقيل: هو دُومة، بضم الدال، قال ابن الأثير: وقد وردت في الحديث، وتضم دالها وتفتح، وهي موضع؛ وقول لبيد يصف بنات الدهر: وأَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ من رأْس حِصْنِهِ، وأَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ يعني أُكَيْدِر، صاحب دُومَةِ الجَنْدَلِ.
وفي حديث قصر الصلاة: وذكر دَوْمِين؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الدال وكسر الميم، قرية قريبة من حِمْص.والإدامَةُ: تَنْقيرُ السهم على الإبْهام.
ودُوِّمَ السهم: فُتِل بالأَصابع؛ وأنشد أبو الهيثم للكميت: فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ، عند الإدامَةِ، حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليَهُود عليكم السامُ الدامُ أَي الموت الدائم، فحذفت الياء لأجل السام.
ودَوْمانُ: اسم رجل.
ودَوْمانُ: اسم قبيلة.
ويَدُومُ: جبل؛ قال الراعي: وفي يَدُومَ، إذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ، وذِرْوة الكَوْر عن مَرْوانَ مُعْتزل وذو يَدُومَ: نهر من بلاد مُزَيْنَة يدفع بالعقيق؛ قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ: عَرَفْتُ الدار قد أَقْوَتْ بِرِئْمٍ إلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ وأَدام: موضع؛ قال أَبو المُثَلَّمِ: لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ، وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَداما قال ابن جني: يكون أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ فلا يصرف كما لا يصرف أَخْزَمُ وأَحمر، وأصله على هذا أدْوَم، قال: وقد يكون من د م ي، وهو مذكور في موضعه، والله أعلم.

وأل (لسان العرب) [1]


وَأَلَ إِليه وَأْلاً ووُؤُولاً وَوَئيلاً ووَاءَلَ مُواءَلَةً ووِئالاً: لجأَ.
والْوَأْلُ والمَوْئِلُ: الملجأُ، وكذلك المَوْأَلَةُ مثال المَهْلَكة؛ وقد وأَلَ إِليه يَئِلُ وَأْلاً ووُؤُولاً على فُعول أَي لجأَ، ووَاءل منه على فاعَل أَي طلب النجاة، ووَاءَلَ إِلى المكان مُوَاءَلَةً ووِئالاً: بادر.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَن دِرْعَه كانت صَدْراً بلا ظَهْر، فقيل له: لو احترزتَ من ظَهْرِك، فقال: إِذا أَمْكَنْت من ظهري فلا وَأَلْتُ أَي لا نجوْت.
وقد وَأَلَ يَئِلُ، فهو وائِلٌ إذا التجأَ إِلى موضع ونَجا؛ ومنه حديث البَراء بن مالك: فكأَنَّ نفسي جاشَتْ فقلت: لا وَأَلْتِ أَفِراراً أَوَّل النهار وجُبْناً آخره؟ وفي حديث قَيْلة: فوَأَلْنا إِلى حِواءٍ أَي لجَأْنا إِليه، . . . أكمل المادة والحِواء: البيوتُ المجتمِعة. الليث: المَآلُ والمَوْئلُ المَلْجأُ. يقال من المَوْئل وأَلْتُ مثل وَعَلْت ومن المآل أُلْتُ مثل عُلْت مآلاً، بوزن مَعَالاً؛ وأَنشد: لا يَسْتَطيعُ مآلاً من حَبائِلهِ طيرُ السماء، ولا عُصْم الذُّرَى الوَدِقِ وقال الله تعالى: لن يَجِدوا من دونه مَوْئلاً؛ قال الفراء: الموْئل المَنْجَى وهو المَلْجأُ، والعرب تقول: إِنه لَيُوائل إِلى موضعه يريدون يذهب إِلى موضعه وحرزه؛ وأَنشد: لا واءَلَتْ نفسُك خلَّيتها للعامِرِيَّيْن، ولم تُكْلَم يريد: لا نَجَتْ نفسُك.
وقال أَبو الهيثم: يقال وَأَلَ يَئلُ وأْلاً ووَأْلةً وواءَل يُوائل مُواءلةً ووِئالاً؛ قال ذو الرمة: حتى إِذا لم يَجِدْ وَأْلاً ونَجْنَجَها، مَخافةَ الرَّمْي حتى كلُّها هِيمُ يروى: وَعْلاً: ويروى: وَغْلاً، فالوَأْل المَوْئل، والوَغْل المَلْجَأُ يَغِل فيه أَي يدخل فيه. يقال: وغَل يَغِل فهو واغِل، وكل ملجاءٍ يُلجأ إِليه وَغْل ومَوْغِل، ومَن رواه وَغْلاً فهو مثل الوَأْل سواءً، قُلبت الهمزة عيناً؛ ونَجْنَجَها أَي حَرَّكها وردَّدها مخافة صائد أَن يرميها. الليث: الوَأْلُ والوَعْل الملجأ. التهذيب: شمر قال أَبو عدنان قال لي مَن لا أُحْصِي من أَعْراب قيسٍ وتميم: أَيلةُ الرجل بنو عمه الأَدْنون.
وقال بعضهم: مَن أَطاف بالرجل وحلَّ معه من قَرابته وعشيرته فهو إِيلَتُه.
وقال العكلي: هو من إِيلَتِنا أَي من عشيرتِنا. ابن بُزُرْج: إِلَةُ فلان الذين يَئِلُ إِليهم وهم أَهله دِنْياً، وهؤلاء إِلَتُك وهم إِلَتي الذين وأَلْت إِليهم.
وقالوا: رَدَدْته إِلى إِيلَته أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:ولم يكن في إِلَتي غوالي يريد أَهلَ بيته وهذا من نوادره. قال أَبو منصور: أَمّا إِلَةُ الرجل فهم أَهلُ بيتِه الذين يَئِلُ إِليهم أَي يَلجَأُ إِليهم، من وَأَلَ يئل.
وإِلَةُ: حرف ناقص أَصله وِئْلةٌ مثل صِلةٍ وزِنةٍ أَصلهما وِصْلة ووِزْنة، وأَما إِيلةُ الرجل فهم أَصله الذين يَؤُولُ إِليهم، وكان أَصلُه إِوْلةٌ فقلبت الواو ياء. التهذيب: وأَيْلة قرية عربيَّة كأَنها سميت أَيلة لأَن أَهلها يَؤُولون إِليها، وأَمَّا إِلْيةُ الرجل فقَراباته، وكذلك لِيَتُه.
والمَوْئل: الموضع الذي يستقِرُّ فيه السَّيْل.
والأَوَّل: المتقدّم وهو نقيض الآخِر؛ وقول أَبي ذؤيب: أَدانَ، وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ بأَنَّ المُدَانَ مَلِيٌّ وفِيّ الأَوَّلون: الناس الأَوَّلون والمَشْيخة، يقول: قالوا له إِنَّ الذي بايعته مَلِيٌّ وفِيٌّ فاطمئِن، والأُنثى الأُولى والجمع الأُوَل مثل أُخْرى وأُخَر، قال: وكذلك لجماعة الرجال من حيث التأْنيث؛ قال بَشير ابن النِّكْث: عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقوامٍ أُوَلْ، يَموتُ بالتَّرْكِ ويَحْيا بالعَمَلْ يعني ناقة مسنَّة على طريق قَديم، وإِن شئت قلت الأَوَّلون.
وفي حديث الإِفك: وأَمْرُنا أَمْرُ العرب الأُوَل؛ يروى بضم الهمزة وفتح الواو جمع الأُولى، ويكون صفة للعَرب، ويروى أَيضاً بفتح الهمزة وتشديد الواو صفة للأَمر، وقيل: هو الوجه.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، وأَضيافِهِ: بسم الله الأُولى للشيطان، يعني الحالة التي غضب فيها وحلَف أَن لا يأْكل، وقيل: أَراد اللُّقْمة الأُولى التي أَحنثَ بها نفسَه وأَكَلَ؛ ومنه الصلاةُ الأُولى، فمن قال صلاة الأُولى فهو من إِضافة الشيء إِلى نفسه أَو على أَنه أَراد صلاةَ الساعةِ الأُولى من الزَّوال.
وقوله عز وجل: تَبَرُّجَ الجاهِلِيّة الأُولى؛ قال الزجاج: قيل الجاهلية الأُولى مَن كان من لَدُن آدم إِلى زمن نوح، عليهما السلام؛ وقيل: مُنْذ زمن نوح، عليه السلام، إِلى زمن إِدريس، عليه السلام، وقيل: مُنْذ زمن عيسى إِلى زمن سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: وهذا أَجود الأَقوال لأَنهم الجاهلية المعروفون وهم أَوَّل من أُمة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانوا يتَّخِذون البَغايا يُغْلِلْن لهم؛ قال: وأَما قول عَبيد بن الأَبرص:فاتَّبَعْنا ذاتَ أُولانا الأُولى الْـ ـمُوقِدِي الحرْب، ومُوفٍ بالحِبال فإِنه أَراد الأُوَل فقلَب وأَراد ومنهم مُوفٍ بالحِبال أَي العهود؛ فأَما ما أَنشده ابن جني من قول الأَسْود ابن يَعْفُرَ: فأَلْحَقْتُ أُخْراهُمْ طَريقَ أُلاهُمُ فإِنه أَراد أُولاهم فحذف استخفافاً، كما تحذف الحركة لذلك في قوله: وقَدْ بَدا هَنْكِ من المِئْزَرِ ونحوه، وهم الأَوائل أَجْرَوْه مُجْرى الأَسماء. قال بعض النحويين: أَما قولهم أَوائل، بالهمز، فأَصله أَواوِل، ولكن لما اكتنفت الأَلفَ واوانِ ووَلِيَت الأَخيرةُ منهما الطرَفَ فضعفت، وكانت الكلمة جمعاً والجمع مستثقل، قلبت الأَخيرة منهما همزة وقلبوه فقالوا الأَوالي؛ أَنشد يعقوب لذي الرمة: تَكادُ أَوالِيها تُفَرِّي جُلودَها، ويَكْتَحِل التالي بِمُورٍ وحاصِبِ أَراد أَوائلَها.
والجمع الأُوَل. التهذيب: الليث الأَوائل من الأُول فمنهم من يقول أَوَّلُ تأسيسِ بِنائِه من همزة وواوٍ ولامٍ، ومنهم مَن يقول تأْسيسُه من واوين بعدهما لامٌ، ولكلٍّ حجة؛ وقال في قوله: جَهام تَحُثُّ الوائلاتِ أَواخِرُهْ قال: ورواه أَبو الدُّقَيش الأَوَّلاتِ؛ قال: والأَول والأُولى بمنزلة أَفعَل وفُعْلى، قال: وجمع أَوَّل أَوَّلون وجمع أُولى أُولَيات. قال أَبو منصور: وقد جمع أَوَّل على أُوَل مثل أَكْبَر وكُبَر، وكذلك الأُولى، ومنهم من شدَّد الواوَ من أَوَّل مجموعاً؛ الليث: من قال تأْليف أَوَّل من همزة وواو ولام فينبغي أَن يكون أَفعَل منه أَأْوَل بهمزتين، لأَنك تقول من آبَ يَؤُوب أَأْوَب، واحتج قائل هذا القول أَنَّ الأَصل كان أَأْوَل، فقلبت إِحدى الهمزتين واواً ثم أُدغمت في الواو الأُخرى فقيل أَوَّل، ومَن قال إِنَّ أَصلَ تأْسيسِه واوانِ ولام، جعل الهمزة أَلف أَفْعَل، وأَدغم إِحدى الواوين في الأُخرى وشدَّدهما؛ قال الجوهري: أَصل أَوَّل أَوْأَل على أَفعَل مهموزَ الأَوْسط قلبت الهمزة واواً وأُدغم، يدلُّ على ذلك قولهم: هذا أَوَّل منك، والجمع الأَوائل والأَوالي أَيضاً على القَلْب، قال: وقال قومٌ أَصله وَوَّل على فَوْعَل، فقلبت الواو الأُولى همزة. قال الشيخ أَبو محمد بن بري، رحمه الله: قوله أَصْل أَوَّل أَوْأَل هو قول مَرْغوبٌ عنه، لأَنه كان يجِب على هذا إِذا خفِّفت همزته أَن يقال فيه أَوَل، لأَن تخفيف الهمزة إِذ سكَن ما قبلها أَن تحذَف وتلقى حركتُها على ما قبلها، قال: ولا يصح أَيضاً أَن يكون أَصله وَوْأَل على فَوْعَل، لأَنه يجب على هذا صَرْفه، إِذْ فَوْعَل مصروف وأَوَّل غير مصروف في قولك مررت برجل أَوَّلَ، ولا يصح قلب الهمزة واواً في وَوْأَل على ما قدَّمت ذكرَه في الوجه الأَوَّل، فثبت أَن الصحيح فيها أَنها أَفْعَل من وَوَل، فهي من باب دَوْدَن (* قوله «انها أفعل من وول فهي من باب دودن إلخ» هكذا في الأصل) وكَوْكَب مما جاء فاؤه وعينُه من موضع واحد، قال: وهذا مذهب سيبويه وأَصحابه؛ قال الجوهري: وإِنما لم يُجمع على أَواوِل لاستثقالهم اجتماعَ الواوين بينهما أَلفُ الجمع، قال: وهو إِذا جعلته صفةً لم تصرفه، تقول: لَقِيتُه عاماً أَوَّلَ، وإِذا لم تجعله صفة صرفته، تقول: لقيتُه عاماً أَوَّلاً؛ قال ابن بري: هذا غلط في التمثيل لأَنه صفة لعام في هذا الوجه أَيضاً، وصوابه أَن يمثِّله غير صفة في اللفظ كما مثَّله غيره، وذلك كقولهم ما رأَيت له أَوَّلاً ولا آخِراً أَي قديماً ولا حديثاً؛ قال الجوهري: قال ابن السكيت ولا تَقُلْ عامَ الأَوَّلِ.
وتقول: ما رأَيته مُذْ عامٌ أَوَّلُ ومُذْ عامٍ أَوَّلَ، فمَنْ رفع الأَوَّل جعله صفةً لعامٍ كأَنه قال أَوَّلُ من عامِنا، ومنْ نصبه جعله كالظرْف كأَنه قال مذ عامٍ قبل عامِنا، وإِذا قلت ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ ضَمَمْته على الغاية كقولك: افْعَلْه قبلُ، وإِن أَظهرت المحذوف نصَبت قلت: ابْدَأْ به أَوَّلَ فِعْلك، كما تقول قبلَ فِعْلِك؛ وتقول: ما رأَيته مُذْ أَمْسِ، فإِنْ لم تَره يوماً قبل أَمْس قلت: ما رأَيته مُذْ أَوَّلُ من أَمْس، فإِنْ لم تَره مُذْ يومين قبلَ أَمْس قلت: ما رأَيته مُذْ أَوَّلَ من أَوَّلَ من أَمْس، ولم تُجاوِز ذلك. قال ابن سيده: ولقيته عاماً أَوَّلَ جرى مَجْرى الاسم فجاء بغير أَلف ولام.
وحكى ابن الأَعرابي: لقيته عامٍ الأَوَّلِ بإِضافة العامِ إِلى الأَوَّلِ؛ ومنه قول أَبي العارم الكلابي يذكر بنتَه وامرأَته: فأَبْكل لهم بَكِيلةً فأَكلوا ورَمَوْا بأَنفسهم فكأَنما ماتوا عامَ الأَوَّلِ.
وحكى اللحياني: أَتيْتُك عامَ الأَوَّلِ والعامَ الأَوَّلَ ومضى عامُ الأَوَّلِ على إِضافة الشيء إِلى نفسه.
والعامُ الأَوَّلُ وعامٌ أَوَّلٌ مصروف، وعامُ أَوَّلَ وهو من إِضافة الشيء إِلى نفسه أَيضاً.
وحكى سيبويه: ما لقيته مُذْ عامٌ أَوَّلَ، نصبه على الظرْف، أَراد مُذْ عامٌ وقَع أَوَّل؛ وقوله: يا لَيْتَها كانت لأَهْلي إِبِلا، أَو هُزِلَتْ في جَدْب عامٍ أَوَّلا يكون على الوصف وعلى الظرفِ كما قال تعالى: والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكم. قال سيبويه: وإِذا قلت عامٌ أَوَّلُ فإِنما جاز هذا الكلام لأَنك تعلم أَنك تعني العامَ الذي يَلِيه عامُك، كما أَنك إِذا قلت أَوَّل من أَمْس وبعد غد فإِنما تعني به الذي يليه أَمْس والذي يَلِيه غَد. التهذيب: يقال رأَيته عاماً أَوَّل لأَن أَوَّل على بناء أَفْعَل، قال الليث: ومَنْ نَوَّن حمله على النكرة، ومَنْ لم ينوِّن فهو بابه. ابن السكيت: لَقِيته أَوَّل ذي يَدَيْنِ أَي ساعة غَدَوْت، واعْمَل كذا أَوَّل ذات يَدَيْنِ أَي أَوَّل كل شيء تعمَله.
وقال ابن دريد: أَوَّل فَوْعَل، قال: وكان في الأَصل ووَّل، فقلبت الواوُ الأُولى همزة وأُدغمت إِحدى الواوين في الأُخْرى فقيل أَوَّل. أَبو زيد: لقيته عامَ الأَوَّل ويومَ الأَوَّل، جَرَّ آخِرَه؛ قال: وهو كقولك أَتيت مسجدَ الجامِعِ من إِضافة الشيء إِلى نعتِه. أَبو زيد: يقال جاء في أَوَّلِيَّة الناس إِذا جاء في أَولهم. التهذيب: قال المبرّد في كتاب المقتضب: أَوَّل يكون على ضَرْبين: يكون اسماً، ويكون نعتاً موصولاً به من كذا، فأَما كونه نعتاً فقولك: هذا رجل أَوَّلُ منك، وجاءني زيد أَوَّلَ من مجيئك، وجئتك أَوَّلَ من أَمس، وأَما كونه اسماً فقولك: ما تركت أَوَّلاً ولا آخِراً كما تقول ما تركت له قديماً ولا حديثاً، وعلى أَيِّ الوجهين سميْت به رجلاً انصرف في النكرة، لأَنه في باب الأَسماء بمنزلة أَفْكل، وفي باب النعوت بمنزلة أَحْمَر.
وقال أَبو الهيثم: تقول العرب أَوَّلُ ما أَطْلَع ضَبٌّ ذنَبَه، يقال ذلك للرجل يصنع الخير ولم يكن صنعه قبل ذلك، قال: والعرب ترفع أَوَّل وتنصب ذنَبَه على معنى أَوَّل ما أَطْلَع ذنبَه، ومنهم من يرفع أَوَّل ويرفع ذنبَه على معنى أَوّلُ شيء أَطلعه ذنَبُه، قال: ومنهم مَنْ ينصب أَوَّل وينصب ذَنَبَه على أَن يجعل أَوّل صفة، ومنهم مَنْ ينصب أَوّل ويرفع ذنَبَه على معنى في أَول ما أَطلع ضَبٌّ ذنَبُهُ أَي ذنبُهُ في أَوّل ذلك.
وقال الزجاج في قول الله عز وجل: إِن أَوّل بيت وُضِعَ للناس لَلَّذي بِبَكَّة، قال: أَوَّل في اللغة على الحقيقة ابتداءُ الشيء، قال: وجائز أَن يكون المبتدأ له آخِر، وجائز أَن لا يكون له آخر، فالواحدُ أَوَّل العَدَدِ والعَدد غير متناهٍ، ونعيمُ الجنة له أَوَّل وهو غير منقطع؛ وقولك: هذا أَوَّلُ مال كسَبته جائز أَن لا يكون بعده كَسْب، ولكن أَراد بل هذا ابتداء كَسْبي، قال: فلو قال قائل أَوَّلُ عبدٍ أَملكهُ حُرٌّ فملك عبداً لَعَتَقَ ذلك العبدُ، لأَنه قد ابتدأَ الملك فجائز أَن يكون قول الله تعالى إِنَّ أَوَّلَ بيتٍ وُضِعَ للناس هو البيت الذي لم يكن الحجُّ إِلى غيره؛ قال أَبو منصور ولم يبيّن أَصْل أَوَّل واشتقاقه من اللغة، قال: وقيل تفسير الأَوَّل في صفة الله عز وجل أَنه الأَوَّل ليس قبله شيء والآخِر ليس بعده شيء، قال: وجاء هذا في الخبر عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أَن نَعْدُوَ في تفسير هذين الاسْمين ما رُوي عنه، صلى الله عليه وسلم، قال: وأَقرب ما يَحْضُرني في اشتقاقِ الأَوَّل أَنه أَفْعَل من آل يؤول، وأُولى فُعْلى منه، قال: وكان أَوَّل في الأَصل أَأْوَل فقلبت الهمزة الثانية واواً وأُدغمت في الواو الأُخرى فقيل أَوَّل، قال: وأُراه قول سيبويه، وكأَنه من قولهم آل يَؤُولُ إِذا نجا وسبق؛ ومثله وأَلَ يَئِل بمعناه، قال ابن سيده: وأَما قولهم ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ، فإِنما يريدون أَوَّلَ من كذا ولكنه حذف لكثرته في كلامهم، وبُنِيَ على الحركة لأَنه من المتمكِّن الذي جعل في موضع بمنزلة غير المتمكِّن؛ قال: وقالوا ادخُلُوا الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، وهي من المَعارف الموضوعة موضع الحال، وهو شاذ، والرفع جائز على المعنى أَي ليَدْخُل الأَوَّلُ فالأَوَّلُ.
وحكي عن الخليل: ما ترَك أَوَّلاً ولا آخِراً أَي قديماً ولا حديثاً، جعله اسماً فنكَّر وصرَف، وحكى ثعلب: هنَّ الأَوَّلاتُ دُخولاً والآخِراتُ خروجاً، واحدتها الأَوَّلة والآخرة، ثم قال: ليس هذا أَصل الباب وإِنما أَصل الباب الأَوَّل والأُولى كالأَطْوَل والطُّولى.
وحكى اللحياني: أَما أُولَى بأُولى فإِنِّي أَحمَد الله، لم يزدْ على ذلك.
وتقول: هذا أَوَّلُ بَيّنُ الأَوَّلِيَّة؛ قال الشاعر: ماحَ البِلادَ لنا في أَوْلِيَّتِنا، على حَسُود الأَعادي، مائحٌ قُثَمُ وقول ذي الرمة: وما فَخْرُ مَن لَيْسَتْ له أَوَّلِيَّةٌ تُعَدُّ، إِذا عُدَّ القَديمُ، ولا ذِكْرُ يعني مَفاخِر آبائه.
وأَوَّلُ معرفةً: الأَحَدُ في التَّسمية الأُولى؛ قال: أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمي بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبَارِ وأَهْوَن وجُبَار: الاثنين والثلاثاء وكل منهما مذكور في موضعه.
وقوله في الحديث: الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ أَي إِذا عَبَرها بَرٌّ صادقٌ عالم بأُصولها وفُروعها واجتهدَ فيها وقعتْ له دون غيره ممن فَسَّره بعدَه.
والوَأْلَةُ مثل الوَعْلة: الدِّمْنةُ والسِّرْجِينُ، وفي المحكم: أَبْعارُ الغنم والإِبلِ جميعاً تجتمع وتَتَلَبَّد، وقيل: هي أَبوالُ الإِبل وأَبْعارُها فقط. يقال: إِن بَني فلان وَقُودُهم الوَأْلة. الأَصمعي: أَوْأَلَتِ الماشيةُ في المكان، على أَفْعَلَتْ، أَثَّرت فيه بأَبْوالها وأَبْعارها، واسْتَوْأَلَتِ الإِبلُ: اجتمعت.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: قال لرجل أَنت من بَني فلان؟ قال: نَعَم، قال: فأَنت من وَأْلةَ إِذاً قُمْ فلا تقرَبَنِّي؛ قيل: هي قبيلة خسيسةٌ سميت بالوَأْلةِ وهي البعرة لخسَّتها.
وقد أَوْأَل المكانُ، فهو مُوئِل، وهو الوَأْلُ والوَأْلةُ وأَوْأَلَهُ هو؛ قال في صفة ماء: أَجْنٍ ومُصْفَرِّ الجِمامِ مُوئِل وهذا البيت أَنشده الجوهري: أَجْنٌ ومُصْفَرُّ الجِمامِ مُوأَلُ قال ابن بري: صواب إِنشاده كما أَنشده أَبو عبيد في الغريب المصنَّف أَجْنٍ؛ وقبله بأَبيات: بمَنْهَلٍ تَجْبِينه عن مَنْهَلِ ووَائل: اسم رجل غلَب على حيٍّ معروف، وقد يُجْعَل اسماً للقبيلة فلا يُصرف، وهو وائل بنُ قاسِط بن هِنْب بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيٍّ.
ومَوْأَلةُ: اسم أَيضاً؛ قال سيبويه: جاء على مَفْعَل لأَنه ليس على الفعل، إِذ لو كان على الفعل لكان مَفْعِلاً، وأَيضاً فإِن الأَسماءَ الأَعْلامَ قد يكون فيها ما لا يكون في غيرها؛ وقال ابن جني: إِنما ذلك فيمن أَخذه من وَأَلَ، فأَما من أَخذه من قولهم ما مأَلْت مَأْلَةً، فإِنما هو حينئذ فَوْعَلة، وقد تقدم.
ومَوْأَلةُ بن مالك من هذا الفصل. ابن سيده: وبنُو مَوْأَلةَ بطْن. قال خالد ابنُ قَيْس بنِ مُنْقِذ بن طريف لمالك بن بُحَبره (* قوله «لمالك بن بحبره» هكذا في الأصل من غير نقط): ورَهَنَته بَنُو مَوْأَلَة بن مالك في دِيةٍ ورَجَوْا أَن يقتلوه فلم يَفْعَلوا؛ وكان مالك يحمَّق فقال خالد: لَيْتَك إِذ رُهِنْتَ آلَ مَوْأَلَهْ، حَزُّوا بنَصلِ السيفِ عند السَّبَلهْ، وحَلَّقت بك العُقابُ القَيْعَلهْ قال ابن جني: إِن كان مَوْأَلَة من وَأَل فهو مُغَيَّر عن مَوْئلة للعلميَّة، لأَن ما فاؤه واوٌ إِنما يجيء أَبداً على مَفْعِل بكسر العين نحو مَوْضِع ومَوْقِع، وقد ذكر بعض ذلك في مأَل.

ضلل (لسان العرب) [1]


الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ هذه اللغة الفصيحة، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالاً وضَلالةً؛ وقال كراع: وبنو تميم يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وقال اللحياني: أَهل الحجاز يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نجد يقولون ضَلَلْت أَضِلُّ، قال وقد قرئ بهما جميعاً قوله عز وجل: قُلْ إِن ضَلَلْتُ فإِنما أَضِلُّ على نفسي؛ وأَهل العالية يقولون ضَلِلْتُ، بالكسر، أَضَلُّ، وهو ضالٌّ تالٌّ، وهي الضَّلالة والتَّلالة؛ وقال الجوهري: لغة نجد هي الفصيحة. قال ابن سيده: وكان يحيى بن وَثَّاب يقرأ كلَّ شيء في القرآن ضَلِلْت وضَلِلْنا، بكسر اللام، ورَجُلٌ ضالٌّ. قال: وأَما قراءة من قرأَ ولا الضّأَلِّينَ، بهمز الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء . . . أكمل المادة الساكنين الأَلف واللام فحرَّك الأَلف لالتقائهما فانقلبت همزة، لأَن الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا يَتَحمَّل الحركة، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تحريكه قلبوه إِلى أَقرب الحروف إِليه وهو الهمزة؛ قال: وعلى ذلك ما حكاه أَبو زيد من قولهم شأَبَّة ومَأَدَّة؛ وأَنشدوا: يا عَجَبا لقد رأَيْتُ عَجَبا: حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا، خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا يريد زَامَّها.
وحكى أَبو العباس عن أَبي عثمان عن أَبي زيد قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عن ذَنْبهِ إِنْسٌ ولا جأَنٌّ، بهمز جانٍّ، فظَنَنْتُه قد لَحَن حتى سمعت العرب تقول شأَبَّة ومأَدَّة؛ قال أَبو العباس: فقلت لأَبي عثمان أَتَقِيس ذلك؟ قال: لا ولا أَقبله.
وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قال: لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مالي بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ وأَضَلَّه: جعله ضَالاًّ.
وقوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ على هُداهم فإِنَّ الله لا يَهْدي مَنْ يُضِلُّ، وقرئت: لا يُهْدى من يُضِلُّ؛ قال الزَّجّاج: هو كما قال تعالى: من يُضْلِلِ اللهُ فلا هادِيَ له. قال أَبو منصور: والإِضْلالُ في كلام العرب ضِدُّ الهداية والإِرْشاد. يقال: أَضْلَلْت فلاناً إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عن الطريق؛ وإِياه أَراد لبيد: مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى ناعِمَ البالِ، ومن شاءَ أَضَلّ قال لبيد: هذا في جاهِلِيَّته فوافق قوله التنزيل العزيز: يُضِلُّ من يشاء ويَهْدِي من يشاء؛ قال أَبو منصور: والأَصل في كلام العرب وجه آخر يقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته.
وفي الحديث: سيكُون عليكم أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم، يريد بمعصيتهم الخروجَ عليهم وشَقَّ عَصَا المسلمين؛ وقد يقع أَضَلَّهم في غير هذا الموضع على الحَمْل على الضَّلال والدُّخول فيه.
وقوله في التنزيل العزيز: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس؛ أَي ضَلُّوا بسببها لأَن الأَصنام لا تفعل شيئاً ولا تَعْقِل، وهذا كما تقول: قد أَفْتَنَتْني هذه الدارُ أَي افْتَتَنتُ بسببها وأَحْبَبتُها؛ وقول أَبي ذؤيب: رآها الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه، نِيَافاً من البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل قال السُّكَّري: طُلِبَ منه أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كما يقال جُنَّ جُنونُه، ونِيافاً أَي طويلة، وهو مصدر نافَ نِيَافاً وإِن لم يُسْتعمل، والمستعمل أَناف؛ وقال ابن جني: نِيافاً مفعول ثان لرآها لأَن الرؤية ههنا رؤية القلب لقوله رآها الفُؤَاد.
ويقال: ضَلَّ ضَلاله، كما يقال جُنَّ جُنونُه؛ قال أُمية: لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا، ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ وقال أَوس بن حَجَر: إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ، إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لم تعرف موضعهما، وضَلَلْت الدارَ والمَسْجدَ والطريقَ وكلَّ شيء مقيم ثابت لا تَهْتَدي له، وضَلَّ هو عَنِّي ضَلالاً وضَلالةً؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو بن العلاء إِذا لم تعرف المكانَ قلت ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط من يَدِك شيءٌ قلت أَضْلَلْته؛ قال: يعني أَن المكان لا يَضِلُّ وإِنما أَنت تَضِلُّ عنه، وإِذا سَقَطَت الدراهمُ عنك فقد ضَلَّت عنك، تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أَضْلَلْته، وللشيء الثابت في موضعه إِلا أَنك لم تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قال الفرزدق:ولقد ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً، كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ وفي الحديث: ضالَّة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: وهي الضائعة من كل ما يُقْتَنَى من الحيوان وغيره. الجوهري: الضّالَّة ما ضَلَّ من البهائم للذكر والأُنثى، يقال: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق إِذا جار، قال: وهي في الأَصل فاعِلةٌ ثم اتُّسِعَ فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع على الذكر والأُنثى والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوالَّ؛ قال: والمراد بها في هذا الحديث الضَّالَّةُ من الإِبل والبقر مما يَحْمِي نفسَه ويقدر على الإِبْعاد في طلب المَرْعَى والماء بخلاف الغنم؛ والضّالَّة من الإِبل: التي بمَضْيَعَةٍ لا يُعْرَفُ لها رَبٌّ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء.
وسُئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ضَوالِّ الإِبل فقال: ضالَّةُ المؤمن حَرَقُ النار، وخَرَجَ جوابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على سؤَال السائل لأَنه سأَله عن ضَوالِّ الإِبل فنهاه عن أَخذها وحَذَّره النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لها، ثم قال، عليه السلام: ما لَكَ ولَها، مَعها حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ؛ أَراد أَنها بعيدة المَذهَب في الأَرض طويلة الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دون راعٍ يحفظها فلا تَعَرَّضْ لها ودَعْها حتى يأْتيها رَبُّها، قال: وقد تطلق الضَّالَّة على المعاني، ومنه الكلمة الحكيمةُ: ضالَّةُ المؤمن، وفي رواية: ضالَّةُ كل حكيم أَي لا يزال يَتَطَلَّبها كما يتطلب الرجُلُ ضالَّته.
وضَلَّ الشيءُ: خَفِيَ وغاب.
وفي الحديث: ذَرُّوني في الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ الله، يريد أَضِلُّ عنه أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عليه مكاني، وقيل: لَعَلِّي أَغيب عن عذابه. يقال: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه في مكان ولم تَدْرِ أَين هو، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته.
وضَلَّ الناسي إِذا غاب عنه حفظُ الشيء.
ويقال: أَضْلَلْت الشيء إِذا وَجَدتَه ضالاًّ كما تقول أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه محموداً وبَخيلاً.
ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم أَي وجدهم ضُلاَّلاً غير مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، ومعنى الحديث من قوله تعالى: أََإِذا ضَلَلْنا في الأَرض أَي خَفِينا وغِبْنا.
وقال ابن قتيبة في معنى الحديث: أَي أَفُوتُه، وكذلك في قوله لا يَضِلُّ ربي لا يَفُوتُه.
والمُضِلُّ: السَّراب؛ قال الشاعر: أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ أُنُفٍ، كلائحة المُضِلِّ، جَرُور وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تقول: إِنَّك لتَهْدِي الضالَّ ولا تَهْدِي المُتَضالَّ.
ويقال: ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَب عَني؛ وأَنشد: والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي (* قوله «المبتغي» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة). أَي تذهب عني.
ويقال: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شيء ليس بثابت قائم مما يزول ولا يَثْبُت.
وقوله في التنزيل العزيز: لا يَضِلُّ رَبي ولا يَنْسى؛ أَي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه، وقيل: معناه لا يَغِيب عن شيء ولا يَغِيب عنه شيء.
ويقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا ضاع منك مثل الدابّة والناقة وما أَشبهها إِذا انفَلَت منك، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشيء الثابت مثل الدار والمكان قلت ضَلِلْته وضَلَلْته، ولا تقل أَضْلَلْته. قال محمد بن سَلام: سمعت حَمَّاد بن سَلَمة يقرأُ في كتاب: لا يُضِلُّ ربي ولا يَنْسى، فسأَلت عنها يونس فقال: يَضِلُّ جَيِّدةٌ، يقال: ضَلَّ فلان بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قال أَبو منصور: خالفهم يونس في هذا.
وفي الحديث: لولا أَن الله لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل ما رَزَأْناكم عِقالاً؛ قال ابن الأَثير: أَي بُطْلانَ العمل وضَياعَه مأْخوذ من الضَّلال الضياع؛ ومنه قوله تعالى: ضَلَّ سَعْيُهم في الحياة الدنيا.
وأَضَلَّه أَي أَضاعه وأَهلكه.
وفي التنزيل العزيز: إِنَّ المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ؛ أَي في هلاك.
والضَّلال: النِّسْيان.
وفي التنزيل العزيز: مِمَّنْ تَرْضَوْن من الشُّهَداء أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر إِحداهما الأُخرى؛ أَي تَغِيب عن حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عنها، وقرئ: إِنْ تَضِلَّ، بالكسر، فمن كَسَر إِنْ قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه؛ قال الزجاج: المعنى في إِنْ تَضِلَّ إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذاكرة، قال: وتُذْكِر وتُذَكِّر رَفْعٌ مع كسر إِنْ (* قوله «وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان» كذا في الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل احداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان قراءة اخرى) لا غير، ومن قرأَ أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر، وهي قراءة أَكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أَن المعنى اسْتَشْهِدوا امرأَتين لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قال سيبويه: فإِن قال إِنسان: فَلِمَ جاز أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هذا للإِذكار؟ فالجواب عنه أَنَّ الإِذكار لما كان سببه الإِضلال جاز أَن يُذْكَر أَن تَضِلَّ لأَن الإِضلال هو السبب الذي به وَجَب الإِذكارُ، قال: ومثله أَعْدَدْتُ هذا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لا للميل، ولكن الميل ذُكِر لأَنه سبب الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضلال لأَنه سبب الإِذكار، فهذا هو البَيِّن إِن شاء الله.
ومنه قوله تعالى: قال فَعَلْتُها إِذاً وأَنا من الضّالِّين؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه.
وقوله تعالى: وما كَيْدُ الكافرين إِلا في ضَلالٍ؛ أَي يَذْهب كيدُهم باطلاً ويَحِيق بهم ما يريده الله تعالى.
وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عنه. أَبو عمرو: أَضْلَلْت بعيري إِذا كان معقولاً فلم تَهْتَدِ لمكانه، وأَضْلَلْته إِضْلالاً إِذا كان مُطْلَقاً فذهب ولا تدري أَين أَخَذَ.
وكلُّ ما جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت ضَلَلْته، وما جاء من المفعول به قلت أَضْلَلْته. قال أَبو عمرو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ في اللبن إِذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إِذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي إِذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب منك، وقوله تعالى: أَضَلَّ أَعمالهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه لم يُجازِهم على ما عَمِلوا من خير؛ وهذا كما تقول للذي عمِل عَمَلاً لم يَعُدْ عليه نفعُه: قد ضَلَّ سَعْيُك. ابن سيده: وإِذا كان الحيوان مقيماً قلت قد ضَلَلْته كما يقال في غير الحيوان من الأَشياء الثابتة التي لا تَبْرَح؛ أَنشد ابن الأَعرابي: ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً: ضاع.
وتَضْلِيل الرجل: أَن تَنْسُبَه إِلى الضَّلال.
والتضليل: تصيير الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قال الراعي: وما أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا قال ابن سيده: هكذا قاله الراعي بالوَقْص، وهو حذف التاء من مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذلك ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، على الكمال.
والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل.
وضَلَّ فلان عن القَصْد إِذا جار.
ووقع في وادي تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الباطل. قال الجوهري: وقَع في وادي تُضُلِّلَ مثل تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كله لا ينصرف.
ويقال للباطل: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قال عمرو بن شاس الأَسدي: تَذَكَّرْت ليلى، لاتَ حينَ ادِّكارِها، وقد حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال قال ابن بري: حكاه أَبو علي عن أَبي زيد ضُلاًّ بالنصب؛ قال ومثله للعَجَّاج: يَنْشُدُ أَجْمالاً، وما مِنْ أَجمال يُبْغَيْنَ إِلاَّ ضُلَّة بتَضْلال والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ.
وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فيها ولا يُهْتَدى فيها للطريق.
وفلان يَلومُني ضَلَّةً إِذا لم يُوَفَّق للرشاد في عَذْله.
وفتنة مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وكذلك طريق مَضَلٌّ. الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غيره: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ الناس فيها، والمَجْهَلُ كذلك. يقال: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلاً مَضَلاًّ؛ وأَنشد: أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها، لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق وقال بعضهم: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وهو اسم، ولو كان نعتاً كان بغير الهاء.
ويقال: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى والجمع سواء، كما قالوا الولد مَبْخَلةٌ؛ وقيل: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة وأَرَضون مَضَلاَّت ومَضِلاَّتٌ. أَبو زيد: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابن السكيت: قولهم أَضَلَّ الله ضَلالَك أَي ضَلَّ عنك فذَهب فلا تَضِلُّ. قال: وقولهم مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عنك حتى لا تَمَلَّ.
ورجل ضِلِّيل: كثير الضَّلال.
ومُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّق لخير أَي ضالٌّ جدّاً، وقيل: صاحب غَواياتٍ وبَطالاتٍ وهو الكثير التتبُّع للضَّلال.
والضِّلِّيلُ: الذي لا يُقْلِع عن الضَّلالة، وكان امرؤ القيس يُسَمَّى الملِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل.
وفي حديث عليٍّ وقد سُئل عن أَشعر الشعراء فقال: إِنْ كان ولا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل، يعني امْرَأَ القيس، كان يُلَقَّب به.
والضِّلِّيل، بوزن القِنْدِيل: المُبالِغ في الضَّلال والكثيرُ التَّتبُّع له.
والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قال كعب بن زهير: كانت مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً، وما مَواعِيدُها إِلا الأَضالِيلُ وفلان صاحب أَضَالِيلَ، واحدتها أُضْلُولةٌ؛ قال الكميت: وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْـ ـرِ أَضَالِيلُ من فُنُون الضَّلال الفراء: الضُّلَّة، بالضم، الحَذَاقة بالدَّلالة في السَّفَر.
والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ في خير أَو شَرٍّ.
والضِّلَّة: الضَّلالُ.
وقال ابن الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كذا وكذا أَي لم أَقْدِرْ عليه، وأَنشد: إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني يُريدُ مالي، أَضَلَّني عَلِلي أَي فارَقَتْني فلم أَقْدِرْ عليها.
ويقال للدَّلِيل الحاذق الضُّلاضِل والضُّلَضِلة (* قوله «ويقال للدليل الى قوله الضلضلة» هكذا في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الاعرابي والصواب وعلبط كما هو نص الباب اهـ. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس). قاله ابن الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً أَي ضاع وهَلَك، والاسم الضُّلُّ، بالضم؛ ومنه قولهم: فلان ضُلُّ بن ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ في الضَّلال، وقيل: هو الذي لا يُعْرَف ولا يُعْرَف أَبوه، وقيل: هو الذي لا خير فيه، وقيل: إِذا لم يُدْرَ مَنْ هو ومِمَّنْ هو، وهو الضَّلالُ بْنُ الأَلال والضَّلال بن فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بهذا المعنى. يقال: فلان ضُِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ (* قوله «ضل أضلال وصل أصلال» عبارة القاموس: ضل أضلال بالضم والكسر، واذا قيل بالصاد فليس فيه الا الكسر) بالضاد والصاد إِذا كان داهية.
وفي المثل: يا ضُلَّ ما تَجْرِي به العَصَا أَي يا فَقْدَه ويا تَلَفَه يقوله قَصِير ابن سعد لجَذِيمةَ الأَبْرَش حين صار معه إِلى الزَّبَّاء، فلما صار في عَمَلِها نَدِمَ، فقال له قَصِيرٌ: ارْكَبْ فرسي هذا وانْجُ عليه فإِنه لا يُشَقُّ غُبَارُه.
وفعل ذلك ضِلَّةً أَي في ضَلال.
وهُو لِضِلَّةٍ أَي لغير رشْدةٍ؛ عن أَبي زيد.
وذَهَب ضِلَّةً أَي لم يُدْرَ أَين ذَهَب.
وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لم يُثْأَرْ به.
وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مضاف، أَي لا خَير فيه ولا خير عنده؛ عن ثعلب، وكذلك رواه ابن الكوفي؛ وقال ابن الأَعرابي: إِنما هو تِبْعٌ ضِلَّةٌ، على الوصف، وفَسَّره بما فَسَّره به ثعلب؛ وقال مُرَّة: هو تِبْعُ ضِلَّة أَي داهيةٌ لا خير فيه، وقيل: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصاد.
وضَلَّ الرَّجُلُ: مات وصار تراباً فَضَلَّ فلم يَتَبَيَّنْ شيء من خَلْقه.
وفي التنزيل العزيز: أَإِذا ضَلَلْنَا في الأَرض؛ معناه أَإِذا مِتْنا وصِرْنا تراباً وعِظَاماً فَضَلَلْنا في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا.
وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قال المُخَبَّل: أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها، وفارِسَها في الدَّهْر قَيْسَ بنَ عاصم وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وروي بيت النابغة الذُّبْياني يَرْثي النُّعمان بن الحرث بن أَبي شِمْر الغَسَّانيّ: فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ فما في حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ، وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ يريد بِمُضِلِّيه دافِنيه حين مات، وقوله بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ صادقٍ أَنه مات، والجَوْلانُ: موضع بالشام، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان الحَزْمُ والعطاءُ.
وأَضَلَّتْ به أُمُّه: دَفَنتْه، نادر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: فَتًى، ما أَضَلَّتْ به أُمُّه من القَوْم، لَيْلَة لا مُدَّعَم قوله لا مُدَّعَم أَي لا مَلْجَأَ ولا دِعَامَة.
والضَّلَلُ: الماء الذي يَجرِي تحت الصَّخرة لا تصيبه الشمس، يقال: ماءٌ ضَلَلٌ، وقيل: هو الماء الذي يجري بين الشجر.
وضَلاضِلُ الماء: بقاياه، والصادُ لُغةٌ، واحدتها ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة.
وأَرضٌ ضُلَضِلة وضَلَضِلةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ وضُلاضِلٌ: غليظة؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهي أَيضاً الحجارة التي يُقِلُّها الرجلُ، وقال سيبويه: الضَّلَضِلُ مقصور عن الضَّلاضِل. التهذيب: الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حجر قَدْر ما يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فوق ذلك أَملس يكون في بطون الأَودية؛ قال: وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها. الجوهري: الضُّلَضِلة، بضم الضاد وفتح اللام وكسر الضاد الثانية، حَجَرٌ قَدْر ما يُقِلُّه الرجل، قال: وليس في الكلام المضاعف غيره؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر الغَيِّ: أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه، وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ على الضُّلَضِله؟ وقال الفراء: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وهو الشديد ذو الحجارة؛ قال: أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بناء حَمَصِيص وصَمَكِيك فحذفوا الياء. الجوهري: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلة الأَرض الغليظةُ؛ عن الأَصمعي، قال: كأَنه قَصْر الضَّلاضِل.
ومُضَلَّل، بفتح اللام: اسم رجل من بني أَسد؛ وقال الأَسود بن يعْفُر: وقَبْليَ مات الخالِدَان كِلاهُما: عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ قال ابن بري: صواب إِنشاده فَقَبْلي، بالفاء، لأَن قبله: فإِنْ يَكُ يَوْمِي قد دَنَا، وإِخالُه كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.

عدد (لسان العرب) [1]


العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً وعَدَّةً وعَدَّدَه.
والعَدَدُ في قوله تعالى: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عَدَداً؛ له معنيان: يكون أَحصى كل شيء معدوداً فيكون نصبه على الحال، يقال: عددت الدراهم عدّاً وما عُدَّ فهو مَعْدود وعَدَد، كما يقال: نفضت ثمر الشجر نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، ويكون معنى قوله: أَحصى كل شيء عدداً؛ أَي إِحصاء فأَقام عدداً مقام الإِحصاء لأَنه بمعناه، والاسم العدد والعديد.
وفي حديث لقمان: ولا نَعُدُّ فَضْلَه علينا أَي لا نُحْصِيه لكثرته، وقيل: لا نعتده علينا مِنَّةً له.
وفي الحديث: أَن رجلاً سئل عن القيامة متى تكون، فقال: إِذا تكاملت العِدَّتان؛ قيل: هما عِدّةُ أَهل الجنة وعِدَّةُ أَهلِ النار . . . أكمل المادة أَي إِذا تكاملت عند الله برجوعهم إِليه قامت القيامة؛ وحكى اللحياني: عَدَّه مَعَدّاً؛ وأَنشد: لا تَعْدِلِيني بِظُرُبٍّ جَعْدِ، كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَعَدِّ (* قوله «لا تعدليني» بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا المؤلف في المحلين وان كان الظاهر ما هنا). قوله: مقرف المعد أَي ما عُدَّ من آبائه؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المَعَدَّ هنا الجَنْبُ لأَنه قد قال كز القصيرى، والقصيرى عُضْو، فمقابلة العضو بالعضو خير من مقابلته بالعِدَّة.
وقوله عز وجل: ومَن كان مَريضاً أَو على سَفَرٍ فَعِدّة من أَيام أُخَر؛ أَي فأَفطر فَعليه كذا فاكتفى بالمسبب الذي هو قوله فعدة من أَيام أُخر عن السبب الذي هو الإِفطار.
وحكى اللحياني أَيضاً عن العرب: عددت الدراهم أَفراداً وَوِحاداً، وأَعْدَدْت الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَمن العدد أَم من العدة، فشكه في ذلك يدل على أَن أَعددت لغة في عددت ولا أَعرفها؛ وقول أَبي ذؤيب: رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ يُعَدُّ بها، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل إِنما أَراد تُعَدُّ فَعَدَّاه بالباء لأَنه في معنى احْتُسِبَ بها.
والعَدَدُ: مقدار ما يُعَدُّ ومَبْلغُه، والجمع أَعداد وكذلك العِدّةُ، وقيل: العِدّةُ مصدر كالعَدِّ، والعِدّةُ أَيضاً: الجماعة، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ؛ تقول: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ أَي جماعة كتب.
والعديدُ: الكثرة، وهذه الدراهمُ عَديدُ هذه الدراهم أَي مِثْلُها في العِدّة، جاؤوا به على هذا المثال لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ العَديل، فهو من باب الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابن الأَعرابي: يقال هذا عِدادُه وعِدُّه ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه (قوله «وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه» كذا بالأصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا) أَي مِثْلُه وقِرْنُه، والجمع الأَعْدادُ والأَبْدادُ؛ والعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ.
ويقال: ما أَكْثَرَ عَديدَ بني فلان وبنو فلان عَديدُ الحَصى والثَّرى إِذا كانوا لا يُحْصَوْن كثرة كما لا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هم بعدد هذين الكثيرين.
وهم يَتَعادُّونَ ويَتَعَدَّدُونَ على عَدَدِ كذا أَي يزيدون عليه في العَدَد، وقيل: يَتَعَدَّدُونَ عليه يَزيدون عليه في العدد، ويَتَعَادُّون إِذا اشتركوا فيما يُعادُّ به بعضهم بعضاً من المَكارِم.
وفي التنزيل: واذكروا الله في أَيام معدوداتٍ.
وفي الحديث: فَيَتعادُّ بنو الأُم كانوا مائةً فلا يجدون بَقِيَ منهم إِلا الرجل الواحِدَ أَي يَعُدُّ بعضُهم بعضاً.
وفي حديث أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مائة أَو يزيدون عليها؛ قال: وكذلك يَتَعدّدون.
والأَيام المعدودات: أَيامُ التشريق وهي ثلاثة بعد يوم النحر، وأَما الأَيام المعلوماتُ فعشر ذي الحِجة، عُرِّفَتْ تلك بالتقليل لأَنها ثلاثة، وعُرِّفَتْ هذه بالشُّهْرة لأَنها عشرة، وإِنما قُلِّلَ بمعدودة لأَنها نقيض قولك لا تحصى كثرة؛ ومنه وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ معدودة أَي قليلة. قال الزجاج: كل عدد قل أَو كثر فهو معدود، ولكن معدودات أَدل على القِلَّة لأَن كل قليل يجمع بالأَلف والتاء نحو دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وقد يجوز أَن تقع الأَلف والتاء للتكثير.
والعِدُّ: الكَثْرَةُ. يقال: إِنهم لذو عِدٍّ وقِبْصٍ.
وفي الحديث: يَخْرُجُ جَيْشٌ من المشرق آدَى شيءٍ وأَعَدُّه أَي أَكْثَرُه عِدَّةً وأَتَمُّه وأَشَدُّه استعداداً.
وعَدَدْتُ: من الأَفعال المتعدية إِلى مفعولين بعد اعتقاد حذف الوسيط. يقولون: عددتك المالَ، وعددت لك المال؛ قال الفارسي: عددتك وعددت لك ولم يذكر المال.
وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بينهم فساواهم.
وهم يَتَعادُّون إِذا اشتركوا فيما يُعادُّ فيه بعضهم بعضاً من مكارِمَ أَو غير ذلك من الأَشياء كلها.
والعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ. ابن الأَعرابي: العَدِيدَةُ الحِصَّةُ، والعِدادُ الحِصَصُ في قول لبيد: تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام يعني من يَعُدُّه في الميراث، ويقال: هو من عِدَّةِ المال؛ وقد فسره ابن الأَعرابي فقال: العَدائد المالُ والميراثُ.
والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛ يعني ابن الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يقتسمونها بينهم شَفْعاً وَوِتْراً: سهمين سهمين، وسهماً سهماً، فيقول: تذهب هذه الأَنصباء على الدهر وتبقى الرياسة للولد.
وقول أَبي عبيد: العَدائدُ من يَعُدُّه في الميراث، خطأٌ؛ وقول أَبي دواد في صفة الفرس: وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْـ ـزَابِ، ليسَ لها عَدائدْ فسره ثعلب فقال: شبهها بعصا المسافر لأَنها ملساء فكأَنّ العدائد هنا العُقَدُ، وإِن كان هو لم يفسرها.
وقال الأَزهري: معناه ليس لها نظائر.
وفي التهذيب: العدائد الذين يُعادُّ بعضهم بعضاً في الميراث.
وفلانٌ عَدِيدُ بني فلان أَي يُعَدُّ فيهم.
وعَدَّه فاعْتَدَّ أَي صار معدوداً واعْتُدَّ به.
وعِدادُ فلان في بني فلان أَي أَنه يُعَدُّ معهم في ديوانهم، ويُعَدُّ منهم في الديوان.
وفلان في عِدادِ أَهل الخير أَي يُعَدُّ منهم.
والعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يقال: فلانٌ عِدُّ فلان وبِدُّه أَي قِرْنُه، والجمع أَعْدادٌ وأَبْدادٌ.
والعَدِيدُ: الذي يُعَدُّ من أَهلك وليس معهم. قال ابن شميل: يقال أَتيت فلاناً في يوم عِدادٍ أَي يوم جمعة أَو فطر أَو عيد.
والعرب تقول: ما يأْتينا فلان إِلا عِدادَ القَمَرِ الثريا وإِلا قِرانَ القمرِ الثريا أَي ما يأْتينا في السنة إِلا مرة واحدة؛ أَنشد أَبو الهيثم لأُسَيْدِ بنِ الحُلاحِل: إِذا ما قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا لِثَالِثَةٍ، فقد ذَهَبَ الشِّتاءُ قال أَبو الهيثم: وإِنما يقارنُ القمرُ الثريا ليلةً ثالثةً من الهلال، وذلك أَول الربيع وآخر الشتاء.
ويقال: ما أَلقاه إِلا عِدَّة الثريا القمرَ، وإِلا عِدادَ الثريا القمرَ، وإِلا عدادَ الثريا من القمر أَي إِلا مَرَّةً في السنة؛ وقيل: في عِدَّةِ نزول القمر الثريا، وقيل: هي ليلة في كل شهر يلتقي فيها الثريا والقمر؛ وفي الصحاح: وذلك أَن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة. قال ابن بري: صوابه أَن يقول: لأَن القمر يقارن الثريا في كل سنة مرة وذلك في خمسة أَيام من آذار؛ وعلى ذلك قول أُسيد بن الحلاحل: إِذا ما قارن القمر الثريا البيت؛ وقال كثير: فَدَعْ عَنْكَ سُعْدَى، إِنما تُسْعِفُ النوى قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثمّ تَأْفُِلُ رأَيت بخط القاضي شمس الدين أَحمد بن خلكان: هذا الذي استدركه الشيخ على الجوهري لا يرد عليه لأَنه قال إِن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة، وهذا كلام صحيح لأَن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة، ويكون كل ليلة في منزلة والثريا من جملة المنازل فيكون القمر فيها في الشهر مرة، وما تعرض الجوهري للمقارنة حتى يقول الشيخ صوابه كذا وكذا.
ويقال: فلان إِنما يأْتي أَهلَه العِدَّةَ وهي من العِدادِ أَي يأْتي أَهله في الشهر والشهرين.
ويقال: به مرضٌ عِدادٌ وهو أَن يَدَعَه زماناً ثم يعاوده، وقد عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وكذلك السليم والمجنون كأَنّ اشتقاقه من الحساب من قِبَل عدد الشهور والأَيام أَي أَن الوجع كأَنه يَعُدُّ ما يمضي من السنة فإِذا تمت عاود الملدوغَ.
والعِدادُ: اهتياجُ وجع اللديغ، وذلك إِذا تمت له سنة مذ يوم لُدِغَ هاج به الأَلم، والعِدَدُ، مقصور، منه، وقد جاء ذلك في ضرورة الشعر. يقال: عادّتُه اللسعة إِذا أَتته لِعِدادٍ.
وفي الحديث: ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فهذا أَوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري أَي تراجعني ويعاودني أَلَمُ سُمِّها في أَوقاتٍ معلومة؛ قال الشاعر: يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى، كما يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ العِدادِ وقيل: عِدادُ السليم أَن تَعُدَّ له سبعة أَيام، فإِن مضت رَجَوْا له البُرْءَ، وما لم تمض قيل: هو في عِدادِه.
ومعنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم: تُعادُّني تُؤْذيني وتراجعني في أَوقاتٍ معلومة ويعاودني أَلمُ سمها؛ كما قال النابغة في حية لدغت رجلاً: تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ ويقال: به عِدادٌ من أَلَمٍ أَي يعاوده في أَوقات معلومة.
وعِدادُ الحمى: وقتها المعروفُ الذي لا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالعِدادِ فقال: هو الشيءُ يأْتيك لوقته مثل الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وكذلك السمّ الذي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله من العَدَدِ كما تقدم. أَبو زيد: يقال انقضت عِدَّةُ الرجل إِذا انقضى أَجَلُه، وجَمْعُها العِدَدُ؛ ومثله: انقضت مُدَّتُه، وجمعها المُدَدُ. ابن الأَعرابي قال: قالت امرأَة ورأَت رجلاً كانت عَهِدَتْه شابّاً جَلْداً: أيَن شَبابُك وجَلَدُك؟ فقال: من طال أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَدُه، ذهب جَلَدُه. قوله: رق عدده أَي سِنُوه التي بِعَدِّها ذهب أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ ما بقي فكان عنده رقيقاً؛ وأَما قول الهُذَلِيِّ في العِدادِ: هل أَنتِ عارِفَةُ العِدادِ فَتُقْصِرِي؟ فمعناه: هل تعرفين وقت وفاتي؟ وقال ابن السكيت: إِذا كان لأَهل الميت يوم أَو ليلة يُجْتَمع فيه للنياحة عليه فهو عِدادٌ لهم.
وعِدَّةُ المرأَة: أَيام قُروئها.
وعِدَّتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها على بعلها وإِمساكها عن الزينة شهوراً كان أَو أَقراء أَو وضع حمل حملته من زوجها.
وقد اعتَدَّت المرأَة عِدَّتها من وفاة زوجها أَو طلاقه إِياها، وجمعُ عِدَّتِها عِدَدٌ وأَصل ذلك كله من العَدِّ؛ وقد انقضت عِدَّتُها.
وفي الحديث: لم تكن للمطلقة عِدَّةٌ فأَنزل الله تعالى العِدَّة للطلاق.
وعِدَّةُ المرأَة المطلقة والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هي ما تَعُدُّه من أَيام أَقرائها أَو أَيام حملها أَو أَربعة أَشهر وعشر ليال.
وفي حديث النخعي: إِذا دخلت عِدَّةٌ في عِدَّةٍ أَجزأَت إِحداهما؛ يريد إِذا لزمت المرأَة عِدَّتان من رجل واحد في حال واحدة، كفت إِحداهما عن الأُخرى كمن طلق امرأَته ثلاثاً ثم مات وهي في عدتها فإِنها تعتد أَقصى العدتين، وخالفه غيره في هذا، وكمن مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عدة الوفاة فإِن عدتها تنقضي بالوضع عند الأَكثر.
وفي التنزيل: فما لكم عليهن من عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها؛ فأَما قراءة من قرأَ تَعْتَدُونَها فمن باب تظنيت، وحذف الوسيط أَي تعتدون بها.وإِعْدادُ الشيء واعتِدادُه واسْتِعْدادُه وتَعْدادُه: إِحْضارُه؛ قال ثعلب: يقال: اسْتَعْدَدْتُ للمسائل وتَعَدَّدْتُ، واسم ذلك العُدَّة. يقال: كونوا على عُدَّة، فأَما قراءةُ من قرأَ: ولو أَرادوا الخروج لأَعَدُّوا له عُدَّهُ، فعلى حذف علامة التأْنيث وإِقامة هاء الضمير مُقامها لأَنهما مشتركتان في أَنهما جزئيتان.
والعُدَّةُ: ما أَعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح. يقال: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه بمعنىً. قال الأَخفش: ومنه قوله تعالى: جمع مالاً وعَدَّدَه.
ويقال: جعله ذا عَدَدٍ.
والعُدَّةُ: ما أُعِدَّ لأَمر يحدث مثل الأُهْبَةِ. يقال: أَعْدَدْتُ للأَمر عُدَّتَه.
وأَعَدّه لأَمر كذا: هيَّأَه له.
والاستعداد للأَمر: التَّهَيُّؤُ له.
وأَما قوله تعالى: وأَعْتَدَتْ لهُنَّ مُتَّكَأً، فإِنه إِن كان كما ذهب إِليه قوم من أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ المثلين، كما يُفَرُّ منها إِلى الإِدغام، فهو من هذا الباب، وإِن كان من العَتادِ فظاهر أَنه ليس منه، ومذهب الفارسي أَنه على الإِبدال. قال ابن دريد: والعُدَّةُ من السلاح ما اعْتَدَدْتَه، خص به السلاح لفظاً فلا أَدري أَخصه في المعنى أَم لا.
وفي الحديث: أَن أَبيض بن حمال المازني قدم على النبي، صلى الله عليه وسلم، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فلما ولى قال رجل: يا رسول الله، أَتدري ما أَقطعته؟ إِنما أَقطعت له الماءَ العِدَّ؛ قال: فرَجَعه منه؛ قال ابن المظفر: العِدُّ موضع يتخذه الناس يجتمع فيه ماء كثير، والجمع الأَعْدادُ، ثم قال: العِدُّ ما يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛ قال الأَزهري: غلط الليث في تفسير العِدِّ ولم يعرفه؛ قال الأَصمعي: الماء العِدُّ الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر، وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ.
وفي الحديث: نزلوا أَعْدادَ مياه الحُدَيْبِيَةِ أَي ذَوات المادة كالعيون والآبار؛ قال ذو الرمة يذكر امرأَة حضرت ماء عِدّاً بَعْدَما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ في القَيْظِ فقال: دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ استبدلت بها: يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرة أَعداد المياه فخالفتها إِليها الوحش وأَقامت في منازلها؛ وهذا استعارة كما قال: ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً يَدْعُو الأَنِيسَ بها الغَضِيضُ الأَبْكَمُ وقيل: العِدُّ ماء الأَرض الغَزِيرُ، وقيل: العِدُّ ما نبع من الأَرض، والكَرَعُ، ما نزل من السماء، وقيل: العِدُّ الماءُ القديم الذي لا يَنْتَزِحُ؛ قال الراعي: في كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها، دَيْمُومَةٍ، ما بها عِدٌّ ولا ثَمَدُ قال ابن بري: صوابه خفض ديمومة لأَنه نعت لغبراء، ويروى جَدَّاءَ بدل غبراء، والجداء: التي لا ماء بها، وكذلك الديمومة.
والعِدُّ: القديمة من الرَّكايا، وهو من قولهم: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قال ابن دريد: هو مشتق من العِدِّ الذي هو الماء القديم الذي لا ينتزح هذا الذي جرت العادة به في العبارة عنه؛ وقال بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كثير، تشبيهاً بالماء الكثير وهذا غير قوي وأَن يكون العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قال الشاعر: فَوَرَدَتْ عِدّاً من الأَعْدادِ أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ وقال الحطيئة: أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما أَتَتْهُمْ بها الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ قال أَبو عدنان: سأَلت أَبا عبيدة عن الماءِ العِدِّ، فقال لي: الماءُ العِدُّ، بلغة تميم، الكثير، قال: وهو بلغة بكر بن وائل الماءُ القليل. قال: بنو تميم يقولون الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ لم ينزح قط، وقالت لي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يقال: أَمِنَ العِدِّ هذا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني: وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا ولا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ وقالت: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ.
وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قال العجاج: ولي على عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قال الفرزدق يخاطب مسكيناً الدارمي وكان قد رثى زياد بن أَبيه فقال: أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما جرى في ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا أَقولُ له لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ: به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا أَتَبْكِي امْرأً من آلِ مَيْسانَ كافِراً، كَكِسرى على عِدَّانِه، أَو كَقَيْصَرا؟ قوله: به لا بظبي، يريد: به الهَلَكَةُ، فحذف المبتدأَ. معناه: أَوقع الله به الهلكة لا بمن يهمني أَمره. قال: وهو من العُدَّة كأَنه أُعِدَّ وهُيِّئَ.
وأَنا على عِدَّانِ ذلك أَي حينه وإِبَّانِه؛ عن ابن الأَعرابي.
وكان ذلك على عَدَّانِ فلان وعِدَّانِه أَي على عهده وزمانه، وأَورده الأَزهري في عَدَنَ أَيضاً.
وجئت على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذلك وعَدَّان تَفْعَلُ ذلك أَي حينه.
ويقال: كان ذلك في عِدَّانِ شبابه وعِدَّانِ مُلْكِه وهو أَفضله وأَكثره؛ قال: واشتقاقه من أَن ذلك كان مُهَيَّأً مُعَدّاً.
وعِدادُ القوس: صوتها ورَنِينُها وهو صوت الوتر؛ قال صخر الغيّ: وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْـ ـراءَ هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ والعُدُّ: بَثرٌ يكون في الوجه؛ عن ابن جني؛ وقيل: العُدُّ والعُدَّةُ البَثْرُ يخرج على وجوه المِلاح. يقال: قد اسْتَكْمَتَ العُدُّ فاقْبَحْه أَي ابْيَضَّ رأْسه من القَيْح فافْضَخْه حتى تَمْسَحَ عنه قَيْحَهُ؛ قال: والقَبْحُ، بالباء، الكَسْرُ. ابن الأَعرابي: العَدْعَدَةُ العَجَلَةُ.
وعَدْعَدَ في المشي وغيره عَدْعَدَةً: أَسرع.
ويوم العِدادِ: يوم العطاء؛ قال عتبة بن الوعل: وقائِلَةٍ يومَ العِدادِ لبعلها: أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَعْدِي تَغَيَّرا قال: والعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شمر لجَهْم بنِ سَبَلٍ: مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لم يُقَصِّرْ بها الآباءُ في يَوْمِ العِدادِ قال شمر: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بعضاً.
ويقال: بالرجل عِدادٌ أَي مَسٌّ من جنون، وقيده الأَزهري فقال: هو شِبهُ الجنونِ يأْخذُ الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زيد: يقال للبغل إِذا زجرته عَدْعَدْ، قال: وعَدَسْ مثلُه.
والعَدْعَدةُ: صوتُ القطا وكأَنه حكاية؛ قال طرفة:أَرى الموتَ أَعْدادَ النُّفُوسِ، ولا أَرى بَعِيداً غَداً، ما أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ يقول: لكل إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذهبت النفوس ذهبت مِيَتُهُم كلها.
وأَما العِدّانُ جمع العتُودِ، فقد تقدّم في موضعه.
وفي المثل: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ وهو تصغير مَعَدِّيٍّ مَنْسوب إِلى مَعَدّ، وإِنما خففت الدال استثقالاً للجمع بين الشديدتين مع ياء التصغير، يُضْرَب للرجُل الذي له صيتٌ وذِكْرٌ في الناس، فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه.
وقال ابن السكيت: تسمع بالمعيدي لا أَنْ تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ به ولا تَرَه.
والمَعَدَّانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ.
ومَعَدٌّ: أَبو العرب وهو مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ، وكان سيبويه يقول الميم من نفس الكلمة لقولهم تَمَعْدَدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ في الكلام، وقد خولِفَ فيه.
وتَمَعْدَدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انتسب إِليهم، أَو تَصَبَّرَ على عَيْش مَعَدّ.
وقال عمر، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال هو من الغِلَظِ ومنه قيل للغلام إِذا شبَّ وغلُظ: قد تَمَعْدَدَ؛ قال الراجز: رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا ويقال: تَمَعْدَدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَعَدّ، وكانوا أَهلَ قَشَفٍ وغِلَظ في المعاش؛ يقول: فكونوا مثلَهم ودعوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛ وهكذا هو في حديث آخر: عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة؛ وفي الصحاح: وأَما قول معن بن أَوس: قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بها، وإِن كان مِن ذي وُدِّنا قد تَمَعْدَدَا فإِنه يريد تباعد، قال ابن بري: صوابه أَن يذكر تمعدد في فصل مَعَدَ لأَن الميم أَصلية. قال: وكذا ذكر سيبويه قولَهم مَعَدٌّ فقال الميم أَصلية لقولهم تَمَعْدَدَ. قال: ولا يحمل على تمَفْعل مثل تَمَسْكنَ لقلَّته ونَزَارَتِه، وتمعدد في بيت ابن أَوْس هو من قولهم مَعَدَ في الأَرض إِذا أَبعد في الذهاب، وسنذكره في فصل مَعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وعليه قول الراجز: أَخْشَى عليه طَيِّئاً وأَسَدَا، وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا أَي أَبْعَدَا في الذهاب؛ ومعنى البيت: أَنه يقول لصاحبيه: قفا عليها لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كانت الآن خاليةً، واسمُ كان مضمراً فيها يعود على مَن، وقبل البيت: قِفَا نَبْكِ، في أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ لَنا بَعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا

هدي (لسان العرب) [1]


من أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي؛ قال ابن الأَثير: هو الذي بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده. ابن سيده: الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛ وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ: ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي قال ابن جني: قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال: وقال الكسائي بعض بني أَسد يؤنثه، يقول: هذه هُدًى مستقيمة. قال أَبو إِسحق: قوله عز وجل: قل إِن هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ . . . أكمل المادة الحقّ.
وقوله تعالى: إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال.
وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى.
وقال قتادة في قوله عز وجل: وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى. الليث: لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك.
وقوله تعالى: أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: أَوَلم يُبَيِّنْ لهم.
وفي الحديث: أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية: قل اللهم اهْدِني وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأَنَّ سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي.
وقوله عز وجل: الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه لمَعِيشته، وقيل: ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى. الزجاج في قوله تعالى: قُلِ اللهُ يَهْدِي للحقِّ؛ يقال: هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأَنَّ هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى المَهْدِيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى: قل الله يهدي مَن يشاء للحق.
وفي الحديث: سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين المَهْدِيّينَ؛ المَهْدِيُّ: الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي المهْدِيُّ الذي بَشَّر به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد بالخلفاء المهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى.
وقوله تعالى: ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل: بالناسخ والمنسوخ، وقيل: بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء.
وقوله تعالى: وإِني لَغَفّار لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج: تابَ مِنْ ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى بمعنى.
وقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء: يريد لا يَهْتدِي.
وقوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى، بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال: لا يخلو من أَحد أَمرين: إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء: معنى قوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول: يَعْبُدون ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج: وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي مروية، قال: وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا يَهْتَدِي.
وقرأَ عاصم: أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً. يقال: هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج.
وقال بعضهم: هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق.
وهَدَيْتُه الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول: هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش. قال ابن بري: يقال هديته الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال: هديته إِلى الطريق وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال: ويقال: هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه وتعالى: أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه: اهْدِنا الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه: وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم.
وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ.
وفي حديث محمد بن كعب: بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر: أَكانوا يُصَلُّون هذه الصلاة السَّاعةَ؟ قال: لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة.
وهَدَى: بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون: هَدَيْتُ لك بمعنى بَيَّنْتُ لك.
ويقال بلغتهم نزلت: أَوَلم يَهْدِ لهم.
وحكى ابن الأَعرابي: رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.
وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً.
والهُدى: النَّهارُ؛ قال ابن مقبل: حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا والهُدى: إِخراج شيء إِلى شيء.
والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ.
والهُدى: الهادي في قوله عز وجل: أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ: قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ، كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره.
وخذ في هِدْيَتِك أَي فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه. الأَزهري: أَبو زيد في باب الهاء والقاف: يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أَن يَفْرُغ إِلى غيره: خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه ولا تَعْدِل عنه، وقال: كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه المسموع من شمر: خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف.
ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه.
وضلَّ هِدْيَتَه وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ: نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه، لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش.
ويقال: فلان يَذْهَب على هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه.
ويقال: هَدَيْتُ أَي قصدْتُ.
وهو على مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها.
ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها.
ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه. ابن شميل: اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق: لم تَسْبِقْني فقال السابقُ: فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي أُعاوِدك؛ وتبالحا: وتَجاحَدا، وقال: فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها.
وفلان يَهْدي هَدْيَ فلان: يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته.
وفي الحديث: واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه.
وما أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه.
وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي الطريقة والسِّيرة.
وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ.
وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي فلان أَي سَمْتَه. أَبو عدنان: فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي: ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه، كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره. الفراء: يقال ليس لهذا الأَمر هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ.
وفي حديث عبد الله بن مسعود: إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر: كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛ أَبو عبيد: وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ: وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ، وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ (* قوله« في مخزته» الذي في التهذيب: من مخزاته.) وفي الحديث: الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير: الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة، ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى، ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته.
وكلُّ متقدِّم هادٍ.
والهادي: العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري: جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي، وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ والجمع هَوادٍ.
وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه بَعَثَ إِلى ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ.
والهادِيةُ والهادي: العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد. الأَصمعي: الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل: أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها.
وفي الحديث: طَلَعَتْ هَوادي الخيل يعني أَوائِلَها.
وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ: دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ وهوادي الخيل: أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة.
ويقال: قد هَدَت تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل: وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً، تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه: إِذا كان هادي الفَتى في البلا دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم للطريقِ.
وهادِياتُ الوَحْشِ: أَوائلُها، وهي هَوادِيها.
والهادِيةُ: المتقدِّمة من الإِبل.
والهادِي: الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ.
وهَداه أَي تَقَدَّمه؛ قال طرفة: لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به، حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ وهادي السهمِ: نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس: كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ يعني به أَوائلَ الوَحْشِ.
ويقال: هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه.
والهَدِيَّةُ: ما أَتْحَفْتَ به، يقال: أَهْدَيْتُ له وإِليه.
وفي التنزيل العزيز: وإِني مُرْسِلة إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل: لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام، بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول سليمان: أَتُمِدُّونَنِي بمال؟ يدل على أَن الهدية كانت مالاً.
والتَّهادِي: أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض.
وفي الحديث: تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده: وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين. أَبو زيد: الهَداوي لغة عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا.
ويقال: أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى ومنه:أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي (* قوله« أقول لها إلخ» صدره كما في الاساس: لقد علمت أم الاديبر أنني) وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها.
والمِهْدى، بالقصر وكسر الميم: الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ ونحوه؛ قال: مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حِينَ تَنْسُبُه، فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى.
وامرأَة مِهْداءٌ، بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها.
وفي المحكم: إِذا كانت كثيرة الإِهْداء؛ قال الكميت: وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا (* قوله« اغبررن» كذا في الأصل والمحكم هنا، ووقع في مادة ع ف ر: اعتررن خطأ.) وكذلك الرجل مِهْداءٌ: من عادته أَن يُهْدِيَ.
وفي الحديث: مَنْ هَدَى زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ: أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد.
والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ: العَرُوس؛ قال أَبو ذؤيب: برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ والهِداء: مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ.
وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد: كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير: فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ، فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء ابن بُزُرْج: واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها، وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري: أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ، كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ والهَدِيُّ: الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند إِياه: كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ، ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ قال: وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛ قال الشاعر: كرجع الوشم في كف الهديّ قال: ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول.
والهَدْيُ: ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم.
وفي التنزيل العزيز: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ: حتى يبلغ الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن بري: الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق: حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى، وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة: إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً: حتى يَبْلُغَ الهَدي محله.
ويقال: مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين.
وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء.
وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة. الليث وغيره: ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون: كم هَدِيُّ بني فلان؛ يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت. غيره: وفي حديث طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ، بالتشديد: كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه، أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل.
وفي حديث الجمعة: فكأَنَّما أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر: مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح.
وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل: الهَدْيُ والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير: فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً، ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت: هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء: من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ: هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ، أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ ورجل هِدانٌ وهِداءٌ: للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي: لا أَدري أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي: هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا (* قوله« خلاء» ضبط في الأصل والتهذيب بكسر الخاء.) ابن سيده: الهِداء الرجل الضعيف البَليد.
والهَدْيُ: السُّكون؛ قال الأَخطل: وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا يقول: لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ.
والتَّهادي: مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل وسكون.
وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتَمايُله.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو يُهاديه؛ قال ذو الرمة: يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً، كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها أَحد قيل: تَهادى؛ قال الأَعشى: إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام، تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن ثعلب.
والهادي: الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب: فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء.
والهادِيةُ: الصخرة النابتةُ في الماء.

قرع (لسان العرب) [1]


القَرَعُ: قَرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر، وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِعَ قَرَعاً وهو أَقْرَعُ وامرأَة قَرْعاءُ.
والقَرَعةُ: موضع القَرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْعٌ وقُرْعانٌ.
وقَرِعَتِ النَّعامةُ قَرَعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْرَعُ.
وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْرَعُ: الذي لا شعر له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره، وقيل: سمي أَقرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية: . . . أكمل المادة قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع.
والقَرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق الفُصْلان وقوائمها.
وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَرَعِ.
وقد قَرِع الفَصِيلُ، فهو قَرِعٌ، والجمع قَرْعى.
وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى القَرْعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ.
وتَقَرَّعَ جلده: تَقَوَّبَ عن القَرَعِ.
وقُرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل: لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً، يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير.
ومنه المثل: هو أَحرّ من القَرَع، وربما قالوا: هو أَحرّ من القرْع، بالتسكين، يعنون به قَرْعَ المِيسَمِ وهو المِكْواةُ؛ قال الشاعر: كأَنَّ على كَبِدِي قَرْعةً، حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَرْعَ الذي يؤكل، وإِنما هو بتحريكها.
والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَرْعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل.
وقَرَّعَتِ الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَرَعَ رأْسَه؛ قال لبيد: لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ مِنْ رُؤُوسِه، لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي: لها حَجَلٌ قُرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا وقَرِعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ (* قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك.
والقَرَعُ: قَرَعُ الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر.
واسْتَقْرَعَ الكَرِش إِذا استَوْكَعَ.
والأَكْراشُ يقال لها القُرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها.
وفي الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ الذُّهْليّ: وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا، إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة، فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال المتلمس: لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْرَعُ العَصا، وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما ابن الأَعرابي: وقول الشاعر: قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ، ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا أَي أَذَلَلْته كما تقرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه.
وفي حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ (* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْرَعُ أَنفه؛ وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقرع أَنفه كان الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه، فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَعْتُ البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً.
وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدابة بلجامها يَقْرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي: إِذا البَغْلُ لم يُقْرَعْ له بلِجامِه، عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ وقال رؤْبة: أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَعَ فلان سنَّه نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر: ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ، قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه: مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ ليَ النِّصْفُ منها، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي الله عنه، هذا البيت.
وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد: كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها، إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر: تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِعَ به فهو مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة، والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً: يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ، بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ (* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .) والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في الحرب، وقد تَقارعُوا.
وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُك.
وفي حديث عبد الملك وذكر سيف الزبير: بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة: حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ، أَو مُقْرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ والمِقْراعُ: الساقُورُ.
والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة: وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَرْعِ، وهي القيامة أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله: ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ، إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا يعني حُجّة، وكله من القَرْع الذي هو الضرْبُ.
وقوله تعالى: ولا يزال كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة.
ويقال: قَرَعَتْهم قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه وقَوارِصِ لسانه.
وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَعَه أَمرٌ إِذا أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً عظيماً يَقْرَعُه.
ويقال: أَنزل الله به قَرْعاءَ وقارعةً ومُقْرِعةً، وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا غيره.
وفي الحديث: أُقسم لَتَقْرَعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ.
وبئر قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها.
والقَرُوعُ من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها.
وأَقْرَعَ الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا يزال يَقْرَعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر.
والقَرّاعُ: الصُّلْبُ الشديد.
وتُرْسٌ أَقْرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي: سمي به لصبره على القَرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ: صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه، ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ وقال الآخر: فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا إِلى القُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ.
والقَرّاعُ: التُّرْسُ.
والقَرَّاعانِ: السيفُ والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري.
والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم.
واسْتَقْرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ.
وقَرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْرَعُها قَرْعاً وقِراعاً: ضربها.
وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ لَقاحُها.
ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْرَعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد: تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها، تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْرَعُ وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل قَرْعةٍ يَقْرَعُها الفحلُ.
وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَرِّعُ غَنَمه ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي.
واسْتَقْرَعَتِ البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ، وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ.
وقَرَعَ التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها.
وقرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر أَنشده الفراء: يُقَرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه، وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ أَراد يُقَرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَرِّع يَتَقَرَّعُ.
والتقْرِيعُ: التأْنِيبُ والتعْنِيف.
وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ.
وقَرَّعْتُ الرجلَ إِذا وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر.
ويقال: قَرَّعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به.
وبات بَتَقَرَّعُ ويُقَرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَرَّعُ.
والقُرْعةُ: السُّهْمةُ.
والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ.
وقد اقْتَرَعَ القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَقْرَعَ أَعْلى، وأَقْرَعْتُ بين الشركاء في شيء يقتسمونه.
ويقال: كانت له القُرْعةُ إِذا قرَع أَصحابه.
وقارَعه فقرَعَه يَقْرَعُه أَي أَصابته القُرْعةُ دونه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته لا مال له غيرُهم، فأَقْرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛ وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي: إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه، فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله: فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ، طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت، وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله: فما يذبحون الشاة إِلا بميسر قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت: لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ، أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ ابن الأَعرابي: القَرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع.
واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه.
وأَقْرَعوه خِيارَ مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْرَعَه أَعْطاه خيرَ مالِه.
والقَريعةُ والقُرْعةُ: خيارُ المالِ.
وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَعْناكَ واقْتَرَعْناكَ وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي اخترناك.
وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً.
والقَرِيعُ: الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري: والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب.
والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْرَعُ الناقة؛ قال الفرزدق: وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ وقال ذو الرمة: وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ ويروى: وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ وجمعه أَقْرِعة.
والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛ أَنشد يعقوب: ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة، أَعني لا أَعرف قَرَعَه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل فيَبْسُرها.
ويقال: قَرَّعْ لجملك (* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية بعد الراء وفي القاموس بموحدة.
وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله الصاغاني هكذا.) والمَقْروعُ السيِّدُ.
والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها.
وفي حديث مسروق: إِنكَ قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم.
والقريعُ: المختارُ.
والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب.
واسْتَقْرَعَه جملاً وأَقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه ليضرب أَيْنُقَه.
وقولهم أَلْفٌ أَقْرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك أَلفاً أَقرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر: قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا، بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْرَعا وقال الشاعر: ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْرَعا وقِدْحٌ أَقْرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي طرائِقُه.
وعُود أَقْرَعُ إِذا قُرِعَ من لِحائِه.
وقَرِعَ قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: ارتدع عن الشيء.
والقَرَعُ: مصدر قولك قَرِعَ الرجلُ، فهو قَرِعٌ إِذا كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ.
وفلان لا يُقْرَعَ إِقْراعاً إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة.
وفلان لا يَقْرَعُ أَي لا يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِعٌ.
ويقال: أَقْرَعْتُه أَي كففته؛ قال رؤبة: دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي أَبو سعيد: فلان مُقْرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْرَعْتُه وأَقْرَعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا كففتَه.
وأَقرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي: قَرَعَ الشيءَ قَرْعاً سَكَّنَه، وقَرَعَه صرَفه.
وقَوارِعُ القرآنِ منه: الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ.
وأَقرَع الفَرسَ: كبَحَه.
وأَقرَعَ إِلى الحق إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة: دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ.
وقرَعَه بالحق: اسْتَبْدَلَه (* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله.
وفي اساس البلاغة: رماه.) وقَرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه.
وقَرِعَ مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال ابن أُذينة: إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِعَ المُراحُ ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي: وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما أَتاهُ عائِلاً، قَرِعَ المُراحُ ابن السكيت: قَرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك مكانَ يده من المائدة فارغاً.
ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَعِ الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من مُسْتَوْدعاتها.
وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج.
وفي الحديث: قَرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر (* قوله «النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ أَهلُه كما يَقْرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَرعةِ، أَو هو من قولهم قَرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُرْعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ، وربما قُرِعَ منه قَرْعةً أَو قرْعَتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَرَّعةٌ؛ وقيل: القُرْعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها.
وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه.
وفي الحديث: نَهى عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا نفس الطريق ووجهه.
وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى الخافِينَ؛ القَرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا نباتَ فيها كالقَرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ.
وقَرْعاءُ الدار: ساحَتُها.
وأَرض قَرِعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً.
وأَصبحت الرِّياضُ قُرْعاً: قد جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ.
وفي حديث علي: أَن أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛ القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء.
ومكان أَقْرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة: كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ وقول الراعي: رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ، بما في القُرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي قيل: أَراد بالقُرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض.
والقَرِيعةُ: عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد قَرَعَه به.
وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي.
والمِقْرَعُ: السِّقاءُ يُخْبَأُ فيه السمْن.
والقُرْعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام.
وقال أَبو عمرو: القُرْعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَعٌ.
والمِقْرَعُ: وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ.
وتميم تقول: خُفّانِ مُقَرَعانِ أَي مُثْقَلانِ.
وأَقْرَعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْعةٌ.
وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحبّ القَرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من يسْتعمل القَرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد: بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ، ثَرِيدةٌ بقَرَعٍ وخَلِّ وقال أَبو حنيفة: هو القَرَعُ، واحدته قَرَعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْرَعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض مَقْرَعة.
والقَرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَرْعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي المتكشفة.
ويقال: أَقرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْرَع دارَه آجُرًّا إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ فلان في مِقْرَعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ في النِّضالِ، وقَرِعَ إِذا افتقر، وقَرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَرْعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب.
والأَقْرعانِ: الأَقرع بن حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق: فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً، جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير: مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْرَع؟ ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم: حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ.
ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ: اسمان.
وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وهو أَبو الأَضبط.

كلل (لسان العرب) [1]


الكُلُّ: اسم يجمع الأَجزاء، يقال: كلُّهم منطلِق وكلهن منطلقة ومنطلق، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، وحكى سيبويه: كُلَّتهُنَّ منطلِقةٌ، وقال: العالِمُ كلُّ العالِم، يريد بذلك التَّناهي وأَنه قد بلغ الغاية فيما يصفه به من الخصال.
وقولهم: أَخذت كُلَّ المال وضربت كلَّ القوم، فليس الكلُّ هو ما أُضيف إِليه. قال أَبو بكر بن السيرافي: إِنما الكلُّ عبارة عن أَجزاء الشيء، فكما جاز أَن يضاف الجزء إِلى الجملة جاز أَن تضاف الأَجزاء كلها إِليها، فأَما قوله تعالى: وكُلٌّ أَتَوْه داخِرين وكلٌّ له قانِتون، فمحمول على المعنى دون اللفظ، وكأَنه إِنما حمل عليه هنا لأَن كُلاًّ فيه غير مضافة، فلما لم تُضَفْ . . . أكمل المادة إِلى جماعة عُوِّض من ذلك ذكر الجماعة في الخبر، أَلا ترى أَنه لو قال: له قانِتٌ، لم يكن فيه لفظ الجمع البتَّة؟ ولما قال سبحانه: وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فَرْداً، فجاء بلفظ الجماعة مضافاً إِليها، استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر؟ الجوهري: كُلٌّ لفظه واحد ومعناه جمع، قال: فعلى هذا تقول كُلٌّ حضَر وكلٌّ حضروا، على اللفظ مرة وعلى المعنى أُخرى، وكلٌّ وبعض معرفتان، ولم يجئْ عن العرب بالأَلف واللام، وهو جائز لأَن فيهما معنى الإِضافة، أَضفت أَو لم تُضِف. التهذيب: الليث ويقال في قولهم كِلا الرجلين إِن اشتقاقه من كل القوم، ولكنهم فرقوا بين التثنية والجمع، بالتخفيف والتثقيل؛ قال أَبو منصور وغيره من أَهل اللغة: لا تجعل كُلاًّ من باب كِلا وكِلْتا واجعل كل واحد منهما على حدة، قال: وأَنا مفسر كلا وكلتا في الثلاثيّ المعتلِّ، إِن شاء الله؛ قال: وقال أَبو الهيثم فيما أَفادني عنه المنذري: تقع كُلٌّ على اسم منكور موحَّد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم: ما كُلُّ بيضاء شَحْمةً ولا كلُّ سَوْداء تمرةً، وتمرةٌ جائز أَيضاً، إِذا كررت ما في الإِضمار.
وسئل أَحمد بن يحيى عن قوله عز وجل: فسجد الملائكة كُلُّهم أَجمعون، وعن توكيده بكلهم ثم بأَجمعون فقال: لما كانت كلهم تحتمل شيئين تكون مرة اسماً ومرة توكيداً جاء بالتوكيد الذي لا يكون إِلا توكيداً حَسْب؛ وسئل المبرد عنها فقال: لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أَن يكون سجد بعضهم، فجاء بقوله كلهم لإِحاطة الأَجزاء، فقيل له: فأَجمعون؟ فقال: لو جاءت كلهم لاحتمل أَن يكون سجدوا كلهم في أَوقات مختلفات، فجاءت أَجمعون لتدل أَن السجود كان منهم كلِّهم في وقت واحد، فدخلت كلهم للإِحاطة ودخلت أَجمعون لسرعة الطاعة.
وكَلَّ يَكِلُّ كَلاًّ وكَلالاً وكَلالة؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَعْيا.
وكَلَلْت من المشي أَكِلُّ كَلالاً وكَلالة أَي أَعْيَيْت، وكذلك البعير إِذا أَعيا.
وأَكَلَّ الرجلُ بعيرَه أَي أَعياه.
وأَكَلَّ الرجلُ أَيضاً أَي كَلَّ بعيرُه. ابن سيده: أَكَلَّه السيرُ وأَكَلَّ القومُ كَلَّت إِبلُهم.
والكَلُّ: قَفَا السيف والسِّكِّين الذي ليس بحادٍّ.
وكَلَّ السيفُ والبصرُ وغيره من الشيء الحديد يَكِلُّ كَلاًّ وكِلَّة وكَلالة وكُلولة وكُلولاً وكَلَّل، فهو كَلِيل وكَلٌّ: لم يقطع؛ وأَنشد ابن بري في الكُلول قول ساعدة: لِشَانِيك الضَّراعةُ والكُلُولُ قال: وشاهد الكِلَّة قول الطرماح: وذُو البَثِّ فيه كِلَّةٌ وخُشوع وفي حديث حنين: فما زِلْت أَرى حَدَّهم كَلِيلاً؛ كَلَّ السيفُ: لم يقطع.
وطرْف كَلِيل إِذا لم يحقِّق المنظور. اللحياني: انْكَلَّ السيف ذهب حدُّه.
وقال بعضهم: كَلَّ بصرُه كُلولاً نَبَا، وأَكلَّه البكاء وكذلك اللسان، وقال اللحياني: كلها سواء في الفعل والمصدر؛ وقول الأَسود بن يَعْفُر:بأَظفارٍ له حُجْنٍ طِوالٍ، وأَنيابٍ له كانت كِلالا قال ابن سيده: يجوز أَن يكون جمع كالٍّ كجائع وجِياع ونائم ونِيام، وأَن يكون جمع كَلِيل كشديد وشِداد وحَديد وحِداد. الليث: الكَلِيل السيف الذي لا حدَّ له.
ولسان كَلِيل: ذو كَلالة وكِلَّة، وسيف كَلِيل الحدِّ، ورجل كَلِيل اللسان، وكَلِيل الطرْف. قال: وناس يجعلون كَلاَّءَ للبَصْرة اسماً من كَلَّ، على فَعْلاء، ولا يصرفونه، والمعنى أَنه موضع تَكِلُّ فيه الريحُ عن عمَلها في غير هذا الموضع؛ قال رؤبة: مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ لَمَّاعِ الخَفَقْ، يكِلُّ وَفْد الريح من حيث انْخَرَقْ والكَلُّ: المصيبة تحدث، والأَصل من كَلَّ عنه أَي نبا وضعُف.
والكَلالة: الرجل الذي لا ولد له ولا والد.
وقال الليث: الكَلُّ الرجل الذي لا ولد له ولا والد، كَلَّ الرجل يَكِلُّ كَلالة، وقيل: ما لم يكن من النسب لَحًّا فهو كَلالةٌ.
وقالوا: هو ابن عمِّ الكَلالِة، وابنُ عمِّ كَلالةٍ وكَلالةٌ، وابن عمي كَلالةً، وقيل: الكَلالةُ من تَكَلَّل نسبُه بنسبك كابن العم ومن أَشبهه، وقيل: هم الإِخْوة للأُمّ وهو المستعمل.
وقال اللحياني: الكَلالة من العصَبة من ورِث معه الإِخوة من الأُم، والعرب تقول: لم يَرِِثه كَلالةً أَي لم يرثه عن عُرُض بل عن قرْب واستحقاق؛ قال الفرزدق: ورِثْتم قَناةَ المُلْك، غيرَ كَلالةٍ، عن ابْنَيْ مَنافٍ: عبدِ شمسٍ وهاشم ابن الأَعرابي: الكَلالةُ بنو العم الأَباعد.
وحكي عن أَعرابي أَنه قال: مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالة متراخ نسبُهم؛ ويقال: هو مصدر من تكَلَّله النسبُ أَي تطرَّفه كأَنه أَخذ طَرَفيه من جهة الولد والوالد وليس له منهما أَحد، فسمي بالمصدر.
وفي التنزيل العزيز: وإِن كان رجل يُورَث كَلالةً (الآية)؛ واختلف أَهل العربية في تفسير الكَلالة فروى المنذري بسنده عن أَبي عبيدة أَنه قال: الكَلالة كل مَنْ لم يرِثه ولد أَو أَب أَو أَخ ونحو ذلك؛ قال الأَخفش: وقال الفراء الكَلالة من القرابة ما خلا الوالد والولد، سموا كَلالة لاستدارتهم بنسب الميت الأَقرب، فالأَقرب من تكَلله النسب إِذا استدار به، قال: وسمعته مرة يقول الكَلالة من سقط عنه طَرَفاه، وهما أَبوه وولده، فصار كَلاًّ وكَلالة أَي عِيالاً على الأَصل، يقول: سقط من الطَّرَفين فصار عِيالاً عليهم؛ قال: كتبته حفظا عنه؛ قال الأَزهري: وحديث جابر يفسر لك الكَلالة وأَنه الوارِث لأَنه يقول مَرِضْت مرضاً أَشفيت منه على الموت فأَتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِني رجل ليس يرثني إِلا كَلالةٌ؛ أَراد أَنه لا والد له ولا ولد، فذكر الله عز وجل الكَلالة في سورة النساء في موضعين، أَحدهما قوله: وإِن كان رجل يُورَث كَلالةً أَو امرأَةٌ وله أَخٌ أَو أُختٌ فلكل واحد منهما السدس؛ فقوله يُورَث من وُرِث يُورَث لا من أُورِث يُورَث، ونصب كَلالة على الحال، المعنى أَن من مات رجلاً أَو امرأَة في حال تكَلُّلِه نسب ورثِته أَي لا والد له ولا ولد وله أَخ أَو أُخت من أُم فلكل واحد منهما السدس، فجعل الميت ههنا كَلالة وهو المورِّث، وهو في حديث جابر الوارث: فكل مَن مات ولا والد له ولا ولد فهو كلالةُ ورثِته، وكلُّ وارث ليس بوالد للميت ولا ولدٍ له فهو كلالةُ مَوْرُوثِه، وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل والسُّنة، ويجب على أَهل العلم معرفته لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إِليه منه؛ والموضع الثاني من كتاب الله تعالى في الكَلالة قوله: يَسْتفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إِن امْرُؤٌ هلَك ليس له ولد وله أُخت فلها نصف ما ترك (الآية)؛ فجعل الكَلالة ههنا الأُخت للأَب والأُم والإِخوة للأَب والأُم، فجعل للأُخت الواحدة نصفَ ما ترك الميت، وللأُختين الثلثين، وللإِخوة والأَخوات جميع المال بينهم، للذكر مثل حَظِّ الأُنثيين، وجعل للأَخ والأُخت من الأُم، في الآية الأُولى، الثلث، لكل واحد منهما السدس، فبيّن بسِياق الآيتين أَن الكَلالة تشتمل على الإِخوة للأُم مرَّة، ومرة على الإِخوة والأَخوات للأَب والأُم؛ ودل قول الشاعر أَنَّ الأَب ليس بكَلالة، وأَنَّ سائر الأَولياء من العَصَبة بعد الولد كَلالة؛ وهو قوله: فإِنَّ أَب المَرْء أَحْمَى له، ومَوْلَى الكَلالة لا يغضَب أَراد: أَن أَبا المرء أَغضب له إِذا ظُلِم، وموالي الكلالة، وهم الإِخوة والأَعمام وبنو الأَعمام وسائر القرابات، لا يغضَبون للمرء غَضَب الأَب. ابن الجراح: إِذا لم يكن ابن العم لَحًّا وكان رجلاً من العشيرة قالوا: هو ابن عَمِّي الكَلالةُ وابنُ عَمِّ كَلالةٍ؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن العَصَبة وإِن بَعُدوا كَلالة، فافهمه؛ قال: وقد فسَّرت لك من آيَتَيِ الكَلالة وإِعرابهما ما تشتفي به ويُزيل اللبس عنك، فتدبره تجده كذلك؛ قال: قد ثَبَّجَ الليث ما فسره من الكَلالة في كتابه ولم يبين المراد منه، وقال ابن بري: اعلم أَن الكَلالة في الأَصل هي مصدر كَلَّ الميت يَكِلُّ كَلاًّ وكَلالة، فهو كَلٌّ إِذا لم يخلف ولداً ولا والداً يرِثانه، هذا أَصلها، قال: ثم قد تقع الكَلالة على العين دون الحدَث، فتكون اسماً للميت المَوْروث، وإِن كانت في الأَصل اسماً للحَدَث على حدِّ قولهم: هذا خَلْقُ الله أَي مخلوق الله؛ قال: وجاز أَن تكون اسماً للوارث على حدِّ قولهم: رجل عَدْل أَي عادل، وماءٌ غَوْر أَي غائر؛ قال: والأَول هو اختيار البصريين من أَن الكَلالة اسم للموروث، قال: وعليه جاء التفسير في الآية: إِن الكَلالة الذي لم يخلِّف ولداً ولا والداً، فإِذا جعلتها للميت كان انتصابها في الآية على وجهين: أَحدهما أَن تكون خبر كان تقديره: وإِن كان الموروث كَلالةً أَي كَلاًّ ليس له ولد ولا والد، والوجه الثاني أَن يكون انتصابها على الحال من الضمير في يُورَث أَي يورَث وهو كَلالة، وتكون كان هي التامة التي ليست مفتقرة إِلى خبر، قال: ولا يصح أَن تكون الناقصة كما ذكره الحوفي لأَن خبرها لا يكون إِلا الكَلالة، ولا فائدة في قوله يورَث، والتقدير إِن وقَع أَو حضَر رجل يموت كَلالة أَي يورَث وهو كَلالة أَي كَلّ، وإِن جعلتها للحدَث دون العين جاز انتصابها على ثلاثة أَوجه: أَحدها أَن يكون انتصابها على المصدر على تقدير حذف مضاف تقديره يورَث وِراثة كَلالةٍ كما قال الفرزدق: ورِثْتُم قَناة المُلْك لا عن كَلالةٍ أَي ورثتموها وِراثة قُرْب لا وِراثة بُعْد؛ وقال عامر بن الطُّفَيْل: وما سَوَّدَتْني عامِرٌ عن كَلالةٍ، أَبى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَب ومنه قولهم: هو ابن عَمٍّ كَلالةً أَي بعيد النسب، فإِذا أَرادو القُرْب قالوا: هو ابن عَمٍّ دنْيَةً، والوجه الثاني أَن تكون الكَلالة مصدراً واقعاً موقع الحال على حد قولهم: جاء زيد رَكْضاً أَي راكِضاً، وهو ابن عمي دِنيةً أَي دانياً، وابن عمي كَلالةً أَي بعيداً في النسَب، والوجه الثالث أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف، تقديره وإِن كان المَوْروث ذا كَلالة؛ قال: فهذه خمسة أَوجه في نصب الكلالة: أَحدها أَن تكون خبر كان، الثاني أَن تكون حالاً، الثالث أَن تكون مصدراً على تقدير حذف مضاف، الرابع أَن تكون مصدراً في موضع الحال، الخامس أَن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف، فهذا هو الوجه الذي عليه أَهل البصرة والعلماء باللغة، أَعني أَن الكَلالة اسم للموروث دون الوارث، قال: وقد أَجاز قوم من أَهل اللغة، وهم أَهل الكوفة، أَن تكون الكَلالة اسماً للوارِث، واحتجُّوا في ذلك بأَشياء منها قراءة الحسن: وإِن كان رجل يُورِث كَلالةً، بكسر الراء، فالكَلالة على ظاهر هذه القِراءة هي ورثةُ الميت، وهم الإِخوة للأُم، واحتجُّوا أَيضاً بقول جابر إِنه قال: يا رسول الله إِنما يرِثني كَلالة، وإِذا ثبت حجة هذا الوجه كان انتصاب كَلالة أَيضاً على مثل ما انتصبت في الوجه الخامس من الوجه الأَول، وهو أَن تكون خبر كان ويقدر حذف مضاف ليكون الثاني هو الأَول، تقديره: وإِن كان رجل يورِث ذا كَلالة، كما تقول ذا قَرابةٍ ليس فيهم ولد ولا والد، قال: وكذلك إِذا جعلتَه حالاً من الضمير في يورث تقديره ذا كَلالةٍ، قال: وذهب ابن جني في قراءة مَنْ قرأَ يُورِث كَلالة ويورِّث كَلالة أَن مفعولي يُورِث ويُوَرِّث محذوفان أَي يُورِث وارثَه مالَه، قال: فعلى هذا يبقى كَلالة على حاله الأُولى التي ذكرتها، فيكون نصبه على خبر كان أَو على المصدر، ويكون الكَلالة للمَوْروث لا للوارث؛ قال: والظاهر أَن الكَلالة مصدر يقع على الوارث وعلى الموروث، والمصدر قد يقع للفاعل تارة وللمفعول أُخرى، والله أَعلم؛ قال ابن الأَثير: الأَب والابن طرَفان للرجل فإِذا مات ولم يخلِّفهما فقد مات عن ذهاب طَرَفَيْه، فسمي ذهاب الطرَفين كَلالة، وقيل: كل ما اخْتَفَّ بالشيء من جوانبه فهو إِكْلِيل، وبه سميت، لأَن الوُرَّاث يُحيطون به من جوانبه.
والكَلُّ: اليتيم؛ قال: أَكُولٌ لمال الكَلِّ قَبْلَ شَبابِه، إِذا كان عَظْمُ الكَلِّ غيرَ شَديد والكَلُّ: الذي هو عِيال وثِقْل على صاحبه؛ قال الله تعالى: وهو كَلٌّ على مَوْلاه، أَي عِيال.
وأَصبح فلان مُكِلاًّ إِذا صار ذوو قَرابته كَلاًّ عليه أَي عِيالاً.
وأَصبحت مُكِلاًّ أَي ذا قراباتٍ وهم عليَّ عيال.
والكالُّ: المُعْيي، وقد كَلَّ يَكِلُّ كَلالاً وكَلالةً.
والكَلُّ: العَيِّل والثِّقْل، الذكَر والأُنثى في ذلك سواء، وربما جمع على الكُلول في الرجال والنساء، كَلَّ يَكِلُّ كُلولاً.
ورجل كَلٌّ: ثقيل لا خير فيه. ابن الأَعرابي: الكَلُّ الصنم، والكَلُّ الثقيلُ الروح من الناس، والكَلُّ اليتيم، والكَلُّ الوَكِيل.
وكَلَّ الرجل إِذا تعِب.
وكَلَّ إِذا توكَّل؛ قال الأَزهري: الذي أَراد ابنُ الأَعرابي بقوله الكلُّ الصنَم قوله تعالى: ضَرَب الله مثلاً عبداً مملوكاً؛ ضربه مثلاً للصَّنَم الذي عبدُوه وهو لا يقدِر على شيء فهو كَلٌّ على مولاه لأَنه يحمِله إِذا ظَعَن ويحوِّله من مكان إِلى مكان، فقال الله تعالى: هل يستوي هذا الصَّنَم الكَلُّ ومن يأْمر بالعدل، استفهام معناه التوبيخ كأَنه قال: لا تسوُّوا بين الصنم الكَلِّ وبين الخالق جل جلاله. قال ابن بري: وقال نفطويه في قوله وهو كَلٌّ على مولاه: هو أُسيد بن أَبي العيص وهو الأَبْكم، قال: وقال ابن خالويه ورأْس الكَلّ رئيس اليهود. الجوهري: الكَلُّ العِيال والثِّقْل.
وفي حديث خديجة: كَلاَّ إِنَّك لَتَحْمِل الكَلَّ؛ هو، بالفتح: الثِّقْل من كل ما يُتكلَّف.
والكَلُّ: العِيال؛ ومنه الحديث: مَنْ تَرك كَلاًّ فَإِلَيَّ وعليَّ.
وفي حديث طَهْفة: ولا يُوكَل كَلُّكم أَي لا يوكَل إِليكم عِيالكم وما لم تطيقوه، ويُروى: أُكْلُكم أَي لا يُفْتات عليكم مالكم.
وكَلَّلَ الرجلُ: ذهب وترك أَهلَه وعيالَه بمضْيَعَةٍ.
وكَلَّل عن الأَمر: أَحْجَم.
وكَلَّلَ عليه بالسيف وكَلَّل السبعُ: حمل. ابن الأَعرابي: والكِلَّة أَيضاً حالُ الإِنسان، وهي البِكْلَة؛ يقال: بات فلان بكِلَّة سواء أَي بحال سوء قال: والكِلَّة مصدر قولك سيف كَلِيل بيّن الكِلَّة.
ويقال: ثقُل سمعه وكَلَّ بصره وذَرَأَ سِنُّه.
والمُكَلِّل: الجادُّ، يقال: حَمَل وكَلَّل أَي مضى قُدُماً ولم يَخِم؛ وأَنشد الأَصمعي: حَسَمَ عِرْقَ الداءِ عنه فقَضَبْ، تَكْلِيلَةَ اللَّيْثِ إِذا الليثُ وَثَبْ قال: وقد يكون كَلَّل بمعنى جَبُن، يقال: حمل فما كَلَّل أَي فما كذَب وما جبُن كأَنه من الأَضداد؛ وأَنشد أَبو زيد لجَهْم بن سَبَل: ولا أُكَلِّلُ عن حَرْبٍ مُجَلَّحةٍ، ولا أُخَدِّرُ للمُلْقِين بالسَّلَمِ وروى المنذري عن أَبي الهيثم أَنه يقال: إِن الأَسد يُهَلِّل ويُكَلِّل، وإِن النمر يُكَلِّل ولا يُهَلِّل، قال: والمُكَلِّل الذي يحمِل فلا يرجع حتى يقَع بقِرْنه، والمُهَلِّل يحمل على قِرْنه ثم يُحْجِم فيرجع؛ وقال النابغة الجعدي: بَكَرَتْ تلوم، وأَمْسِ ما كَلَّلْتها، ولقد ضَلَلْت بذاك أَيَّ ضلال ما: صِلة، كَلَّلْتها: أَدْعَصْتها. يقال: كَلَّلَ فلان فلاناً أَي لم يُطِعه.
وكَلَلْتُه بالحجارة أَي علوته بها؛ وقال: وفرحه بِحَصَى المَعْزاءِ مَكْلولُ (* قوله «وفرحه إلخ» هكذا في الأصل).
والكُلَّة: الصَّوْقَعة، وهي صُوفة حمراء في رأْس الهَوْدَج.
وجاء في الحديث: نَهَى عن تَقْصِيص القُبور وتَكْلِيلها؛ قيل: التّكْلِيل رفعُها تبنى مثل الكِلَل، وهي الصَّوامع والقِباب التي تبنى على القبور، وقيل: هو ضَرْب الكِلَّة عليها وهي سِتْر مربَّع يضرَب على القبور، وقال أَبو عبيد: الكِلَّة من السُّتور ما خِيطَ فصار كالبيت؛ وأَنشد (* لبيد في معلقته): من كُلِّ مَحْفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ * زَوْجٌ عليه كِلَّةٌ وقِرامُها والكِلَّة: السِّتر الرقيق يُخاط كالبيت يُتَوَقّى فيه من البَقِّ، وفي المحكم: الكِلَّة السِّتر الرقيق، قال: والكِلَّة غشاءٌ من ثوب رقيق يُتوقَّى به من البَعُوض.
والإِكْلِيل: شبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر، والجمع أَكالِيل على القياس، ويسمى التاج إِكْلِيلاً.
وكَلَّله أَي أَلبسه الإِكْلِيل؛ فأَما قوله (* البيت لحسَّان بن ثابت من قصيدة في مدح الغساسنة) أَنشده ابن جني: قد دَنا الفِصْحُ، فالْوَلائدُ يَنْظِمْـ ـنَ سِراعاً أَكِلَّةَ المَرْجانِ فهذا جمع إِكْلِيل، فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت، فصارت إِلى كَلِيلٍ كَدَلِيلٍ فجمع على أَكِلَّة كأَدِلَّة.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تَبْرُقُ أَكالِيل وَجْهه؛ هي جمع إِكْلِيل، قال: وهو شبه عِصابة مزيَّنة بالجَوْهَر، فجعلتْ لوجهه الكريم، صلى الله عليه وسلم، أَكالِيلَ على جهة الاستعارة؛ قال: وقيل أَرادتْ نواحي وجهه وما أَحاط به إِلى الجَبِين من التَّكَلُّل، وهو الإِحاطة ولأَنَّ الإِكْلِيل يجعل كالحَلْقة ويوضع هنالك على أَعلى الرأْس.
وفي حديث الاستسقاء: فنظرت إِلى المدينة وإِنها لفي مثْل الإِكْليل؛ يريد أَن الغَيْم تَقَشَّع عنها واستدار بآفاقها.
والإِكْلِيل: منزِل من منازل القمر وهو أَربعة أَنجُم مصطفَّة. قال الأَزهري: الإِكْلِيل رأْس بُرْج العقرب، ورقيبُ الثُّرَيَّا من الأَنْواء هو الإِكْلِيل، لأَنه يطلُع بِغُيُوبها.
والإِكْلِيل: ما أَحاط بالظُّفُر من اللحم.
وتَكَلَّله الشيءُ: أَحاط به.
وروضة مُكَلَّلة: محفوفة بالنَّوْر.
وغمام مُكَلَّل: محفوف بقِطَع من السحاب كأَنه مُكَلَّل بهنَّ.
وانْكَلَّ الرجلُ: ضحك.
وانكلَّت المرأَة فهي تَنْكَلُّ انْكِلالاً إِذا ما تبسَّمت؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة: وتَنْكَلُّ عن عذْبٍ شَتِيتٍ نَباتُه، له أُشُرٌ كالأُقْحُوان المُنَوِّر وانْكَلَّ الرجل انْكِلالاً: تبسَّم؛ قال الأَعشى: ويَنْكَلُّ عن غُرٍّ عِذابٍ كأَنها جَنى أُقْحُوان، نَبْتُه مُتَناعِم يقال: كَشَرَ وافْتَرَّ وانْكَلَّ، كل ذلك تبدو منه الأَسنان.
وانْكِلال الغَيْم بالبَرْق: هو قدر ما يُرِيك سواد الغيم من بياضه.
وانْكَلَّ السحاب بالبرق إِذا ما تبسَّم بالبرق.
والإِكْلِيل: السحابُ الذي تراه كأَنَّ غِشاءً أُلْبِسَه.
وسحاب مُكَلَّل أَي ملمَّع بالبرق، ويقال: هو الذي حوله قِطع من السحاب.
واكْتَلَّ الغمامُ بالبرق أَي لمع.
وانكَلَّ السحاب عن البرق واكْتَلَّ: تبسم؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: عَرَضْنا فقُلْنا: إِيهِ سِلْم فسَلَّمتْ كما اكْتَلَّ بالبرقَ الغَمامُ اللوائحُ وقول أَبي ذؤيب: تَكَلَّل في الغِماد فأَرْضِ ليلى ثلاثاً، ما أَبين له انْفِراجَا قيل: تَكَلَّل تبسم بالبرق، وقيل: تنطَّق واستدار.
وانكلَّ البرقُ نفسه: لمع لمعاً خفيفاً. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: الغمام المُكَلَّل هو السحابة يكون حولها قِطَع من السحاب فهي مكَلَّلة بهنَّ؛ وأَنشد غيره لامرئ القيس: أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيك وَمِيضَه، كَلَمْع اليَدَيْن في حَبيٍّ مُكَلَّلِ وإِكْلِيل المَلِك: نبت يُتداوَى به.
والكَلْكَل والكَلْكال: الصدر من كل شيء، وقيل: هو ما بين التَّرْقُوَتَيْن، وقيل: هو باطن الزَّوْرِ؛ قال: أَقول، إِذْ خَرَّتْ على الكَلْكَالِ قال الجوهري: وربما جاء في ضرورة الشعر مشدداً؛ وقال منظور بن مرثد الأَسدي: كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ، موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي قال ابن بري: وصوابه موقِعُ كفَّيْ راهب، لأَن بعد قوله على الكَلْكَلِّ:ومَوْقِفاً من ثَفِناتٍ زُلِّ قال: والمعروف الكَلْكَل، وإِنما جاء الكَلْكَال في الشعر ضرورة في قول الراجز: قلتُ، وقد خرَّت على الكَلْكَالِ: يا ناقَتي، ما جُلْتِ من مَجَالِ (* في الصفحة السابقة: اقول إذ خَرَّت إلخ).
والكَلْكَل من الفرس: ما بين مَحْزِمه إِلى ما مسَّ الأَرض منه إِذا رَبَضَ؛ وقد يستعار الكَلْكَل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة لَيْل:فقلتُ له لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه، وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل (* في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه).
وقالت أَعرابية تَرْثي ابنها: أَلْقَى عليه الدهرُ كَلْكَلَهُ، مَنْ ذا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟ فجعلت للدهر كَلْكَلاً؛ وقوله: مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مع السُّرَى، حتى ذَهَبْنَ كَلاكلاً وصُدوراً وضع الأَسماء موضع الظروف كقوله ذهبن قُدُماً وأُخُراً.
ورجل كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وقيل: الكُلْكُل والكُلاكِل، بالضم، القصير الغليظ الشديد، والأُنثى كُلْكُلة وكُلاكلة، والكَلاكِل الجماعات كالكَراكِر؛ وأَنشد قول العجاج: حتى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا الفراء: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل.
ويقال: ذئب مُكِلّ قد وضع كَلَّهُ على الناس.
وذِئب كَلِيل: لا يَعْدُو على أَحد.
وفي حديث عثمان: أَنه دُخِل عليه فقيل له أَبِأَمْرك هذا؟ فقال: كُلُّ ذلك أَي بعضه عن أَمري وبعضه بغير أَمري؛ قال ابن الأَثير: موضع كل الإِحاطة بالجميع، وقد تستعمل في معنى البعض قال: وعليه حُمِل قولُ عثمان؛ ومنه قول الراجز: قالتْ له، وقولُها مَرْعِيُّ: إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ، وكُلُّ ذاك يَفْعَل الوَصِيُّ أَي قد يفعَل وقد لا يفعَل.
وقال ابن بري: وكَلاّ حرف رَدْع وزَجْر؛ وقد تأْتي بمعنى لا كقول الجعديّ: فقلْنا لهم: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها فقالوا لنا: كَلاَّ فقلْنا لهم: بَلى فكَلاَّ هنا بمعنى لا بدليل قوله فقلنا لهم بلى، وبَلى لا تأْتي إِلا بعد نفي؛ ومثله قوله أَيضاً: قُرَيْش جِهازُ الناس حَيّاً ومَيِّتاً، فمن قال كَلاَّ، فالمُكذِّب أَكْذَبُ وعلى هذا يحمل قوله تعالى: فيقول رَبِّي أَهانَنِي كَلاَّ.
وفي الحديث: تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فقال أَعرابي: كَلاَّ يا رسول الله؛ قال ابن الأَثير: كَلاَّ رَدْع في الكلام وتنبيه ومعناها انْتَهِ لا تفعل، إِلا أَنها آكد في النفي والرَّدْع من لا، لزيادة الكاف؛ وقد ترد بمعنى حَقّاً كقوله تعالى: كَلاَّ لَئِن لم تَنْته لَنَسْفَعنْ بالناصية؛ والظُّلَل: السَّحاب.

عرا (لسان العرب) [1]


عَرَاهُ عَرْواً واعْتَراه، كلاهما: غَشِيَه طالباً معروفه، وحكى ثعلب: أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول إِذا أَتيْت رجُلاً تَطْلُب منه حاجة قلتَ عَرَوْتُه وعَرَرْتُه واعْتَرَيْتُه واعْتَرَرْتُه؛ قال الجوهري: عَرَوْتُه أَعْرُوه إِذا أَلْمَمْتَ به وأَتيتَه طالباً، فهو مَعْرُوٌّ.
وفي حديث أَبي ذرّ: ما لَك لا تَعْتَريهمْ وتُصِيبُ منهم؟ هو من قَصْدِهم وطَلَبِ رِفْدِهم وصِلَتِهِم.
وفلان تَعْرُوه الأَضْيافُ وتَعْتَرِيهِ أَي تَغْشاهُ؛ ومنه قول النابغة: أَتيتُكَ عارِياً خَلَقاً ثِيابي، على خَوْفٍ، تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ وقوله عز وجل: إِنْ نقولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بعض ألِهَتِنا بسُوءٍ؛ قال الفراء: كانوا كَذَّبوه يعني هُوداً، ثم جعَلوه مُخْتَلِطاً وادَّعَوْا أَنَّ آلهَتَهم هي التي خَبَّلَتْه لعَيبِه إِيَّاها، فهُنالِكَ قال: إِني . . . أكمل المادة أُشْهِدُ اللهَ واشْهَدُوا أَني بريء مما تُشْرِكون؛ قال الفراء: معناه ما نقول إِلا مَسَّكَ بعضُ أَصْنامِنا بجُنون لسَبِّكَ إِيّاها.
وعَراني الأَمْرُ يَعْرُوني عَرْواً واعْتَراني: غَشِيَني وأَصابَني؛ قال ابن بري: ومنه قول الراعي: قالَتْ خُلَيْدةُ: ما عَراكَ؟ ولمْ تكنْ بَعْدَ الرُّقادِ عن الشُّؤُونِ سَؤُولا وفي الحديث: كانت فَدَكُ لِحُقوقِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي تَعْرُوه أَي تغشاه وتَنْتابُه.
وأَعْرَى القومُ صاحِبَهُم: تركوه في مكانه وذَهَبُوا عنه.
والأَعْراءُ: القوم الذين لا يُهِمُّهم ما يُهِمُّ أَصحابَهم.ويقال: أعْراه صَدِيقُه إِذا تباعد عنه ولم يَنْصُرْه.
وقال شمر: يقال لكلِّ شيء أَهْمَلْتَه وخَلَّيْتَه قد عَرَّيْته؛ وأَنشد: أَيْجَعُ ظَهْري وأُلَوِّي أَبْهَرِي، ليس الصحيحُ ظَهْرُه كالأَدْبَرِ، ولا المُعَرَّى حِقْبةً كالمُوقَرِ والمُعَرَّى: الجَمَل الذي يرسَلُ سُدًى ولا يُحْمَل عليه؛ ومنه قول لبيد يصف ناقة: فكَلَّفْتُها ما عُرِّيَتْ وتأَبَّدَتْ، وكانت تُسامي بالعَزيبِ الجَمَائِلا قال: عُرِّيت أُلْقي عنها الرحْل وتُرِكت من الحَمْل عليها وأُرْسِلَتْ تَرْعى.
والعُرَواءُ: الرِّعْدَة، مثل الغُلَواء.
وقد عَرَتْه الحُمَّى، وهي قِرَّة الحُمَّى ومَسُّها في أَوَّلِ ما تأْخُذُ بالرِّعْدة؛ قال ابن بري ومنه قول الشاعر: أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ من عُرَوائِه، بمَدَافِعِ الرَّجَّازِأَو بِعُيُون الرَّجَّازُ: واد، وعُيُونٌ: موضعٌ، وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمل فيه صيغة ما لم يُسَمَّ فاعِلُه.
ويقال: عَراه البَرْدُ وعَرَتْه الحُمَّى، وهي تَعْرُوه إِذا جاءَته بنافضٍ، وأَخَذَتْه الحُمَّى بعُرَوائِها، واعْتراهُ الهمُّ، عامٌّ في كل شيء. قال الأَصمعي: إِذا أَخَذَتِ المحمومَ قِرَّةٌ ووَجَدَ مسَّ الحُمَّى فتلك العُرَواء، وقد عُرِيَ الرجلُ، على ما لم يُسَمَّ فاعله،فهو مَعْرُوٌّ، وإِن كانت نافضاً قيل نَفَضَتْه، فهو مَنْفُوضٌ، وإِن عَرِقَ منها فهي الرُّحَضاء.
وقال ابن شميل: العُرَواء قِلٌّ يأْخذ الإِنسانَ من الحُمَّى ورِعدَة.
وفي حديث البراء بن مالك: أَنه كان تُصيبُه العُرَواءُ، وهي في الأَصْل بَرْدُ الحُمَّى.
وأَخَذَتْه الحُمَّى بنافضٍ أَي برِعْدة وبَرْد.
وأَعْرى إِذا حُمَّ العُرَواء.
ويقال: حُمَّ عُرَواء وحُمَّ العُرَواء وحُمَّ عُرْواً (* قوله« وحم عرواً» هكذا في الأصل.) .
والعَراة: شدة البرْد.
وفي حديث أَبي سلمة: كنتُ أَرى الرُّؤْيا أُعْرَى منها أَي يُصيبُني البَرْدُ والرِّعْدَة من الخَوْف.
والعُرَواء: ما بينَ اصْفِرارِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ إِذا اشْتَدَّ البَرْدُ وهاجَتْ رِيحٌ باردةٌ.
ورِيحٌ عَرِيٌّ وعَرِيَّةٌ: بارِدَة، وخص الأَزهري بها الشِّمالَ فقال: شَمال عَرِيَّةٌ باردة، وليلة عَريَّةٌ باردة؛ قال ابن بري: ومنه قول أَبي دُواد: وكُهولٍ، عند الحِفاظ، مَراجِيـ ـح يُبارُونَ كلَّ ريح عَرِيَّة وأَعْرَيْنا: أَصابنا ذلك وبلغنا بردَ العشيّ.
ومن كلامِهم: أَهْلَكَ فقَدْ أَعْرَيْتَ أَي غابت الشمس وبَرَدَتْ. قال أَبو عمرو: العَرَى البَرْد، وعَرِيَت لَيْلَتُنا عَرىً؛ وقال ابن مقبل: وكأَنَّما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ بِعَرًى، تنازعُه الرياحُ زُلال قال: العَرَى مكان بارد.
وعُرْوَةُ الدَّلْوِ والكوزِ ونحوهِ: مَقْبِضُهُ.
وعُرَى المَزادة: آذانُها.
وعُرْوَةُ القَمِيص: مَدْخَلُ زِرِّه.
وعَرَّى القَمِيص وأَعْراه: جَعَلَ له عُرًى.
وفي الحديث: لا تُشَدُّ العُرى إلا إِلى ثلاثة مَساجِدَ؛ هي جمعُ عُرْوَةٍ، يريدُ عُرَى الأَحْمالِ والرَّواحِلِ.
وعَرَّى الشَّيْءَ: اتَّخَذَ له عُرْوةً.
وقوله تعالى: فقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوةِ الوُثْقَى لا انْفِصامَ لها؛ شُبِّه بالعُرْوَة التي يُتَمسَّك بها. قال الزجاج: العُرْوة الوُثْقَى قولُ لا إِلهَ إلا الله، وقيل: معناه فقد عَقَدَ لنَفْسِه من الدِّين عَقْداً وثيقاً لا تَحُلُّه حُجَّة.
وعُرْوَتا الفَرْجِ: لحْمٌ ظاهِرٌ يَدِقُّ فيَأْخُذُ يَمْنَةً ويَسْرةً مع أَسْفَلِ البَطْنِ، وفَرْجٌ مُعَرىً إذا كان كذلك.
وعُرَى المَرْجان: قلائدُ المَرْجان.
ويقال لطَوْق القِلادة: عُرْوةٌ.
وفي النوادر: أَرضٌ عُرْوَةٌ وذِرْوَة وعِصْمة إِذا كانت خَصيبة خصباً يَبْقَى.
والعُرْوة من النِّباتِ: ما بَقِي له خضْرة في الشتاء تَتعلَّق به الإبلُ حتى تُدرِكَ الرَّبيع، وقيل: العُروة الجماعة من العِضاهِ خاصَّةً يرعاها الناسُ إذا أَجْدَبوا، وقيل: العُرْوةُ بقية العِضاهِ والحَمْضِ في الجَدْبِ، ولا يقال لشيء من الشجر عُرْوةٌ إلا لها، غيرَ أَنه قد يُشْتَقُّ لكل ما بَقِيَ من الشجر في الصيف. قال الأَزهري: والعُرْوة من دِقِّ الشجر ما له أَصلٌ باقٍ في الأَرض مثل العَرْفَج والنَّصِيِّ وأَجناسِ الخُلَّةِ والحَمْضِ، فأذا أَمْحَلَ الناسُ عَصَمت العُرْوةُ الماشيةَ فتبلَّغَت بها، ضربها اللهُ مثلاً لما يُعْتَصَم به من الدِّين في قوله تعالى: فقد اسْتمْسَك بالعُرْوة الوُثْقى؛ وأَنشد ابن السكيت: ما كان جُرِّبَ، عندَ مَدِّ حِبالِكُمْ، ضَعْفٌ يُخافُ، ولا انْفِصامٌ في العُرى قوله: انفصام في العُرى أَي ضَعْف فيما يَعْتَصِم به الناس. الأَزهري: العُرى ساداتُ الناس الذين يَعْتَصِم بهم الضُّعفاء ويَعيشون بعُرْفِهم، شبِّهوا بعُرَى الشَّجَر العاصمة الماشيةَ في الجَدْب. قال ابن سيده: والعُروة أَيضاً الشجر المُلْتَفُّ الذي تَشْتُو فيه الإبل فتأْكلُ منه، وقيل: العُروة الشيءُ من الشجرِ الذي لا يَزالُ باقياً في الأرض ولا يَذْهَب، ويُشَبَّه به البُنْكُ من الناس، وقيل: العُروة من الشجر ما يَكْفِي المالَ سَنَته، وهو من الشجر ما لا يَسْقُط وَرَقُه في الشِّتاء مثل الأَراكِ والسِّدْرِ الذي يُعَوِّلُ الناسُ عليه إِذا انقطع الكلأ، ولهذا قال أَبو عبيدة إنه الشجر الذي يَلجأُ إليه المالُ في السنة المُجْدبة فيَعْصِمُه من الجَدْبِ، والجمعُ عُرًى؛ قال مُهَلْهِل: خَلَع المُلوكَ وسارَ تحت لِوائِه شجرُ العُرَى، وعُراعِرُ الأَقوامِ يعني قوماً يُنتَفَع بهم تشبيهاً بذلك الشجر. قال ابن بري: ويروى البيت لشُرَحْبِيل بنِ مالكٍ يمدَحُ معديكرب بن عكب. قال: وهو الصحيح؛ ويروى عُراعِر وْضراعِر، فمن ضَمَّ فهو واحد، ومن فتَح جعله جمعاً، ومثلُه جُوالِق وجَوالِق وقُماقِم وقَماقِم وعُجاهِن وعَجاهِن، قال: والعُراعِرُ هنا السيِّد؛ وقول الشاعر: ولمْ أَجِدْ عُرْوةَ الخلائقِ إلا الدِّينَ، لمَّا اعْتَبَرْتُ، والحَسبَا أَي عِمادَه.
ورَعَيْنا عُرْوة مكَّةَ لِما حولَها.
والعُروة: النفيسُ من المالِ كالفَرَسِ الكريم ونحوه.والعُرْيُ: خلافُ اللُّبْسِ. عَرِيَ من ثَوْبه يَعْرَى عُرْياً وعُرْيَةً فهو عارٍ، وتَعَرَّى هو عُرْوة شديدة أَيضاً وأعراهُ وعرَّاه، وأَعراهُ من الشيءِ وأَعراه إِياهُ؛ قال ابن مُقْبلٍ في صفة قِدْحٍ: به قَرَبٌ أَبْدَى الحَصَى عن مُتونِه، سَفاسقُ أَعراها اللِّحاءَ المُشَبِّحُ ورَجلٌ عُريانٌ، والجمع عُرْيانون، ولا يُكسَّر، ورجل عارٍ من قومٍ عُراةٍ وامرأَة عُرْيانةٌ وعارٍ وعاريةٌ. قال الجوهري: وما كان على فُعْلانٍ فَمُؤَنَّثُه بالهاء.
وجاريةٌ حسَنة العُرْيةِ والمُعَرَّى والمُعَرَّاةِ أي المُجَرَّدِ أَي حَسَنَة عندَ تَجْريدِها من ثيابها، والجمع المَعاري، والمَحاسِرُ من المرأةِ مِثْلُ المَعاري، وعَريَ البَدَن من اللَّحْم كذلك؛ قال قيس بنُ ذَريح: وللحُبِّ آيات تُبَيّنُ بالفَتى شُحوباً، وتَعْرَى من يَدَيْه الأَشاجعُ ويروى: تَبَيَّنُ شُحُوبٌ.
وفي الحديث في صفته، صلى الله عليه وسلم: عارِي الثَّدْيَيْن، ويروى: الثَّنْدُوَتَيْن؛ أَراد أَنه لم يكن عليهما شعر، وقيل: أَرادَ لم يكن عليهما لحم، فإنه قد جاء في صفته، صلى الله عليه وسلم ، أَشْعَر الذراعَيْن والمَنْكِبَين وأَعْلى الصَّدرِ. الفراء: العُرْيانُ من النَّبْتِ الذي قد عَرِيَ عُرْياً إذا اسْتَبانَ لك.
والمَعاري: مبادي العِظامِ حيثُ تُرى من اللَّحْمِ، وقيل: هي الوَجْهُ واليَدَانِ والرِّجْلانِ لأَنها باديةٌ أَبداً؛ قال أَبو كبِيرٍ الهُذَليّ يصف قوماً ضُرِبُوا فسَقَطوا على أَيْديهم وأَرْجُلِهمْ: مُتَكَوِّرِينَ على المَعاري، بَيْنَهُم ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ ويروى: الأَنْجَلِ، ومُتَكَوِّرينَ أَي بعضُهم على بَعْضٍ. قال الأَزهري: ومَعاري رؤوس العظام حيث يُعَرَّى اللحمُ عن العَظْم.
ومَعاري المرأة: ما لا بُدَّ لها من إظْهاره، واحدُها مَعْرًى.
ويقال: ما أَحْسَنَ مَعارِيَ هذه المرأَة، وهي يَدَاها ورِجْلاها ووجهُها، وأَورد بيت أَبي كبير الهذلي.
وفي الحديث: لا يَنْظُر الرجل إلى عِرْيَة المرأَةِ؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في بعض روايات مسلم، يريد ما يَعْرَى منها ويَنْكَشِفُ، والمشهور في الرواية لا يَنْظُر إلى عَوْرَة المرأَةِ؛ وقول الراعي: فإنْ تَكُ ساقٌ من مُزَيْنَة قَلَّصَتْ لِقَيْسٍ بحَرْبٍ لا تُجِنُّ المَعَارِيا قيل في تفسيره: أَراد العورةَ والفَرْجَ؛ وأَما قول الشاعر الهُذَلي: أَبِيتُ على مَعارِيَ واضِحَاتٍ، بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ فإنما نَصَبَ الياءَ لأنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصحيح في ضَرُورةِ الشِّعْرِ، ولم يُنَوّن لأنه لا يَنْصرِف، ولو قال مَعارٍ لم ينكَسر البيتُ ولكنه فرَّ من الزحاف. قال ابن سيده: والمَعَارِي الفُرُش، وقيل: إنَّ الشاعر عَناها، وقيل: عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ على مَعَارٍ لأنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ، ولو قال معارٍ لمَا كُسر الوزن لأنه إنما كان يصير من مُفاعَلَتُن إلى مَفاعِيلن، وهو العَصْب؛ ومثله قول الفرزدق: فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولىً هَجَوْتُه، ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِياَ قال ابن بري: هو للمُتَنَخّل الهذلي. قال: ويقال عَرِيَ زيدٌ ثوبَه وكسِي زيدٌ ثَوْباً فيُعَدِّيه إلى مفعول؛ قال ضَمْرة بنُ ضمرة: أَرَأَيْتَ إنْ صَرَخَتْ بلَيلٍ هامَتي، وخَرَجْتُ مِنْها عارياً أَثْوابي؟ وقال المحدث: أَمَّا الثِّيابُ فتعرْى من مَحاسِنِه، إذا نَضاها ،ويُكْسَى الحُسْنَ عُرْيانا قال: وإذا نَقَلْتَ أَعرَيْت، بالهمز، قُلْتَ أَعْرَيْتُه أَثْوَابَه، قال: وأَما كَسِيَ فتُعَدِّيه من فَعِل فتقول كسوته ثوباً، قال الجوهري:وأَعْرَيْته أَنا وعَرَّيْتُه تَعْرية فتَعَرَّى. أَبو الهيثم: دابة عُرْيٌ وخَيْلٌ أَعْرَاءٌ ورَجلٌ عُرْيان وامرأَةٌ عُرْيانةٌ إذا عَرِيا من أَثوابهما، ولا يقال رجلٌ عُرْيٌ.
ورجلٌ عارٍ إذا أَخْلَقَت أَثوابُه؛ وأَنشد الأزهري هنا بيت التابغة: أَتَيْتُك عارِياً خَلَقاً ثِيابي وقد تقدم.
والعُرْيانُ من الرَّمْل: نقاً أَو عَقِدٌ ليس عليه شجر.
وفَرَسٌ عُرْيٌ: لا سَرْجَ عليه، والجمع أَعْراءٌ. قال الأزهري: يقال: هو عِرْوٌ من هذا الأَمر كما يقال هو خِلْوٌ منه.
والعِرْوُ: الخِلْو، تقول أَنا عِرْوٌ منه، بالكسر، أي خِلْو. قال ابن سيده: ورجلٌ عِرْوٌ من الأَمْرِ لا يَهْتَمُّ به، قال: وأُرَى عِرْواً من العُرْيِ على قولهم جَبَيْتُ جِباوَةً وأَشاوَى في جمع أَشْياء، فإن كان كذلك فبابُه الياءُ، والجمعُ أَعْراءٌ؛ وقول لبيد: والنِّيبُ إنْ تُعْرَ منِّي رِمَّةً خَلَقاً، بَعْدَ المَماتِ، فإني كُنتُ أَتَّئِرُ ويروى: تَعْرُ مِنِّي أَي تَطْلُب لأنها ربما قَضِمت العظامَ؛ قال ابن بري: تُعْرَ منِّي من أَعْرَيْتُه النخلةَ إذا أَعطيته ثمرتها، وتَعْرُ مني تَطْلُب، من عَرَوْتُه، ويروى: تَعْرُمَنِّي، بفتح الميم، من عَرَمْتُ العظمَ إذا عَرَقْت ما عليه من اللحم.
وفي الحديث: أنه أُتيَ بفرس مُعْرَوْرٍ؛ قال ابن الأَثير: أَى لا سَرْجٍ عليه ولا غيره.
واعْرَوْرَى فرسَه: رَكبه عُرْياً، فهو لازم ومتعدّ، أَو يكون أُُتي بفرس مُعْرَوْرىً على المفعول. قال ابن سيده: واعْرَوْرَى الفرسُ صارَ عُرْياً.
واعْرَوْرَاه: رَكبَه عُرْياً، ولا يُسْتَعْمل إلا مزيداً، وكذلك اعْرَوْرى البعير؛ ومنه قوله: واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَرْكُضُه أُمُّ الفوارس بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ وهو افعَوْعَل؛ واسْتَعارَه تأَبَّطَ شرّاً للمَهْلَكة فقال: يَظَلُّ بمَوْماةٍ ويُمْسِي بغيرِها جَحِيشاً، ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المَهالكِ ويقال: نحن نُعاري أَي نَرْكَبُ الخيل أَعْرَاءً، وذلك أَخفُّ في الحرب.
وفي حديث أَنس: أَن أَهل المدينة فَزِعوا ليلاً، فركب النبي، صلى الله عليه وسلم، فرساً لأبي طلحة عُرْياً.
واعْرَوْرَى مِنِّي أَمراً قبيحاً: رَكِبَه، ولم يَجِئ في الكلامِ افْعَوْعَل مُجاوِزاً غير اعْرَ وْرَيْت، واحْلَوْلَيْت المكانَ إذا اسْتَحْلَيْته. ابن السكيت في قولهم أَنا النَّذير العُريان: هو رجل من خَثْعَم، حَمَل عليه يومَ ذي الخَلَصة عوفُ بنُ عامر بن أبي عَوْف بن عُوَيْف بن مالك بن ذُبيان ابن ثعلبة بن عمرو بن يَشْكُر فقَطع يدَه ويد امرأَته، وكانت من بني عُتْوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم ، قال إنما مَثَلي ومَثَلُكم كمثل رجل أَنْذَر قومَه جَيْشاً فقال: أَنا النَّذير العُرْيان أُنْذِركم جَيْشاً؛ خص العُرْيان لأنه أَبْيَنُ للعين وأَغرب وأَشنع عند المُبْصِر، وذلك أَن رَبيئة القوم وعَيْنَهم يكون على مكان عالٍ، فإذا رأى العَدُوَّ وقد أَقبل نَزَع ثوبه وأَلاحَ به ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقى عُرْياناً.
ويقال: فلان عُرْيان النَّجِيِّ إذا كان يُناجي امرأَتَه ويُشاوِرها ويصَدُرُ عن رَأْيها؛ ومنه قوله: أَصاخَ لِعُرْيانِ النَّجِيِّ، وإنَّه لأزْوَرُ عن بَعْض المَقالةِ جانِبُهْ أَي اسْتَمع إلى امرأته وأَهانني.
وأَعْرَيتُ المَكانَ: ترَكْتُ حضُوره؛ قال ذو الرمة: ومَنْهَل أَعْرى حَياه الحضر والمُعَرَّى من الأسماء: ما لمْ يدخُلْ عَلَيه عاملٌ كالمُبْتَدإ.
والمُعَرَّى من الشِّعْر: ما سَلِمَ من الترْفِيلِ والإذالةِ والإسْباغِ.
وعَرَّاهُ من الأمرِ: خَلَّصَه وجَرَّده.
ويقال: ما تَعَرَّى فلان من هذا الأَمر أَي ما تخلَّص.
والمَعاري: المواضع التي لا تُنْبِتُ.
وروى الأزهري عن ابن الأعرابي: العَرَا الفِناء، مقصور، يكتب بالألف لأن أُنْثاه عَرْوَة؛ قال: وقال غيره العَرَا الساحةُ والفِناء، سمي عَراً لأَنه عَرِيَ من الأنبية والخِيام.
ويقال: نزل بِعَراء وعَرْوَتِه وعَقْوَتِه أَي نزَل بساحَتهِ وفنائه، وكذلك نَزَل بِحَراه، وأَما العَراء، ممدوداً، فهو ما اتَّسَع من فضاء الأرض؛ وقال ابن سيده: هو المكانُ الفَضاءُ لا يَسْتَتِرُ فيه شيءٌ، وقيل: هي الأرضُ الواسعة.
وفي التنزيل: فنَبَذْناه بالعَراءِ وهو سَقيمٌ، وجَمْعُه أَعْراءٌ؛ قال ابن جني: كَسَّروا فَعالاً على أَفْعالٍ حتى كأنهم إنما كسَّروا فَعَلاً، ومثله جَوادٌ وأَجوادٌ وعَياءٌ وأَعْياءٌ، وأَعْرَى: سارَ فِيها (* قوله: سار فيها أي سار في الأرض العراء.)؛ وقال أَبو عبيدة: إنما قيل له عَراءٌ لأنه لا شجر فيه ولا شيء يُغَطِّيه، وقيل: إن العَراء وَجْه الأَرض الخالي؛ وأَنشد: وَرَفَعْتُ رِجلاً لا أَخافُ عِثارَها، ونَبَذْتُ بالبَلَدِ العَراء ِثيابي وقال الزجاج: العَراء على وجْهين: مقصور، وممدود، فالمقصور الناحية، والممدود المكان الخالي.
والعَراء: ما اسْتَوَى من ظَهْر الأَرض وجَهَر.
والعَراء: الجَهراء، مؤنثة غير مصروفة.
والعَراء: مُذكَّر مصروف، وهُما الأَرض المستوية المُصْحرة وليس بها شجر ولا جبالٌ ولا آكامٌ ولا رِمال، وهما فَضاء الأرض، والجماعة الأعْراء. يقال: وَطِئْنا عَراءَ الأرض والأَعْراية.
وقال ابن شميل: العَرَا مثل العَقْوَة، يقال: ما بِعَرانا أَحَدٌ أَي مابعَقْوَتنا أَحدٌ.
وفي الحديث: فكَرِهَ أَن يُعْرُوا المدينة، وفي رواية: أَن تَعْرَى أَي تخلو وتصير عَرَاءً، وهو الفضاء، فتصير دُورهُم في العَراء.
والعَراء: كلُّ شيءٍ أُعْرِيَ من سُتْرَتِه.
وتقول: اسُتُرْه عن العَراء.
وأَعْراءُ الأَرض: ما ظَهَر من مُتُونِها وظُهورِها، واحدُها عَرًى؛ وأَنشد: وبَلَدٍ عارِيةٍ أَعْراؤه والعَرَى: الحائطُ، وقبلَ كلُّ ما سَتَرَ من شيءٍ عَرًى.
والعِرْو: الناحيةُ، والجمع أَعْراءٌ.
والعَرى والعَراةُ: الجنابُ والناحِية والفِناء والساحة.
ونزَل في عَراه أَي في ناحِيَتِه؛ وقوله أَنشده ابن جني: أو مُجْزَ عنه عُرِيَتْ أَعْراؤُه (* قوله «أو مجز عنه» هكذا في الأصل، وفي المحكم: أو مجن عنه.) فإنه يكونُ جمعَ عَرىً من قولك نَزَل بِعَراهُ، ويجوز أَن يكون جَمْعَ عَراءٍ وأَن يكون جَمع عُرْيٍ.
واعْرَوْرَى: سار في الأرضِ وَحْدَه وأَعْراه النخلة: وَهَبَ له ثَمرَة عامِها.
والعَرِيَّة: النخلة المُعْراةُ؛ قال سُوَيدُ بن الصامت الأنصاري: ليست بسَنْهاء ولا رُجَّبِيَّة، ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائحِ يقول: إنَّا نُعْرِيها الناسَ.
والعَرِيَّةُ أَيضاً: التي تُعْزَلُ عن المُساومةِ عند بيع النخلِ، وقيل: العَرِيَّة النخلة التي قد أكِل ما عليها.
وروي عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَفِّفوا في الخَرْصِ فإنّ في المال العَرِيَّة والوَصِيَّة، وفي حديث آخر: أنه رَخَّص في العَريَّة والعرايا؛ قال أَبو عبيد: العَرايا واحدتها عَرِيَّة، وهي النخلة يُعْرِيها صاحبُها رجلاً محتاجاً، والإعراءُ: أن يجعلَ له ثَمرَة عامِها.
وقال ابن الأعرابي: قال بعض العرب مِنَّا مَنْ يُعْرِي، قال: وهو أَن يشتري الرجل النخلَ ثم يستثني نخلة أَو نخلتين.
وقال الشافعي: العرايا ثلاثة أَنواع، واحدتها أَن يجيء الرجل إلى صاحب الحائط فيقول له: بِعْني من حائطك ثَمَرَ نَخلاَت بأَعيانها بِخرْصِها من التَّمْر، فيبيعه إياها ويقبض التَّمر ويُسَلِّم إليه النخَلات يأْكلها ويبيعها ويُتَمِّرها ويفعل بها ما يشاء، قال: وجِماعُ العرايا كلُّ ما أُفْرِد ليؤكل خاصَّة ولم يكن في جملة المبيع من ثَمَر الحائط إذا بيعَتْ جُمْلتُها من واحد، والصنف الثاني أَن يَحْضُر رَبَّ الحائط القومُ فيعطي الرجلَ النخلة والنخلتين وأَكثر عرِيَّةً يأْكلها، وهذه في معنى المِنْحة، قال: وللمُعْرَى أَن يبيع ثَمرَها ويُتَمِّره ويصنع به ما يصنع في ماله لأنه قد مَلَكه، والصنف الثالث من العرايا أَن يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخلةَ وأَكثر من حائطه ليأْكل ثمرها ويُهْدِيه ويُتَمِّره ويفعل فيه ما أَحبَّ ويبيع ما بقي من ثمر حائطه منه، فتكون هذه مُفْرَدة من المبيع منه جملة؛ وقال غيره: العَرايا أَن يقول الغنيُّ للفقير ثَمَرُ هذه النخلة أَو النَّخلات لك وأَصلُها لي، وأَما تفسير قوله، صلى الله عليه وسلم، إنه رخَّص في العَرايا، فإن الترخيص فيها كان بعد نهي النبي، صلى الله عليه وسلم عن المُزابَنة، وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر، ورخَّصَ من جملة المزابنة في العرايا فيما دون خمسة أَوسُق، وذلك للرجل يَفْضُل من قوت سَنَته التَّمْرُ فيُدْرِك الرُّطَب ولا نَقْدَ بيده يشتري به الرُّطَب، ولا نخل له يأْكل من رُطَبه، فيجيء إلى صاحب الحائط فيقول له بِعْنِي ثمر نخلة أَو نخلتين أَو ثلاث بِخِرْصِها من التَّمْر، فيعطيه التمر بثَمَر تلك النَّخلات ليُصيب من رُطَبها مع الناس، فرَخَّص النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، من جملة ما حَرَّم من المُزابَنة فيما دون خمسة أَوْسُق، وهو أَقلُّ مما تجب فيه الزكاة، فهذا معنى ترخيص النبي،صلى الله عليه وسلم، في العَرايا لأن بيع الرُّطَب بالتَّمْر محرَّم في الأصل، فأَخرج هذا المقدار من الجملة المُحَرَّمة لحاجة الناس إليه؛ قال الأزهري: ويجوز أَن تكون العَرِيَّة مأْخوذة من عَرِيَ يَعْرَى كأَنها عَرِيَتْ من جملة التحريم أَي حَلَّتْ وخَرَجَتْ منها، فهي عَرِيَّة، فعيلة بمعنى فاعلة، وهي بمنزلة المستثناةِ من الجملة. قال الأزهري: وأَعْرَى فلان فلاناً ثمر نخلةٍ إذا أَعطاه إياها يأْكل رُطَبها، وليس في هذا بيعٌ، وإنما هو فضل ومعروف.
وروى شَمِرٌ عن صالح بن أَحمد عن أَبيه قال: العَرايا أَن يُعْرِي الرجلُ من نخله ذا قرابته أَو جارَه ما لا تجب فيه الصدقة أَي يَهبَها له، فأُرْخص للمُعْرِي في بيع ثمر نخلة في رأسها بِخِرْصِها من التمر، قال: والعَرِيَّة مستثناةٌ من جملة ما نُهِي عن بيعه من المُزابنَة، وقيل: يبيعها المُعْرَى ممن أَعراه إيَّها، وقيل: له أَن يبيعها من غيره.
وقال الأزهري: النخلة العَرِيَّة التي إذا عَرَضْتَ النخيلَ على بَيْع ثَمَرها عَرَّيْت منها نخلة أَي عَزَلْتها عن المساومة.
والجمع العَرايا، والفعل منه الإعراء، وهو أَن تجعل ثمرتها لِمُحْتاج أَو لغير محتاج عامَها ذلك. قال الجوهري: عَرِيَّة فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما أُدخلت فيها الهاء لأنها أُفردت فصارت في عداد الأسماء مثل النَّطِيحة والأكيلة، ولو جئت بها مع النخلة قلت نخلة عرِيٌّ؛ وقال: إن ترخيصه في بيع العَرايا بعد نهيه عن المُزابنة لأنه ربَّما تأَذَّى بدخوله عليه فيحتاج إلى أَن يشتريها منه بتمر فرُخِّص له في ذلك.
واسْتعْرَى الناسُ في كلِّ وجهٍ، وهو من العَرِيَّة: أَكلوا الرُّطَبَ من ذلك، أَخَذَه من العَرايا. قال أبو عدنان: قال الباهلي العَرِية من النخل الفارِدَةُ التي لا تُمْسِك حَمْلَها يَتَناثر عنها؛ وأَنشدني لنفسه: فلما بَدَتْ تُكْنَى تُضِيعُ مَوَدَّتي، وتَخْلِطُ بي قوماً لِئاماً جُدُودُها رَدَدْتُ على تُكْنَى بقية وَصْلِها رَمِيماً، فأمْسَتْ وَهيَ رثٌّ جديدُها كما اعْتكرَتْ للاَّقِطِين عَرِيَّةٌ من النَّخْلِ، يُوطَى كلِّ يومٍ جَريدُها قال: اعْتِكارُها كثرةُ حَتِّها، فلا يأْتي أَصلَها دابَّةٌ إلا وَجَدَ تحتها لُقاطاً من حَمْلِها، ولا يأتي حَوافيها إلا وَجَد فيها سُقاطاً من أَي ما شاءَ.
وفي الحديث: شَكا رجلٌ إلى جعفر بن محمد، رضي الله عنه، وَجَعاً في بطنه فقال: كُلْ على الريق سَبْعَ تَمَرات من نَخْلٍ غير مُعَرّىً؛ قال ثعلب: المُعرَّى المُسَمَّد، وأَصله المُعَرَّر من العُرَّة، وقد ذكر في موضعه في عرر.
والعُرْيان من الخيل: الفَرَس المُقَلِّص الطويل القوائم. قال ابن سيده: وبها أَعراءٌ من الناسِ أَي جماعةٌ، واحدُهُم عِرْوٌ.
وقال أَبو زيد: أَتَتْنا أَعْراؤُهم أَي أَفخاذهم.
وقال الأصمعي: الأعراء الذين ينزلون بالقبائل من غيرهم، واحدهم عُرْيٌ؛ قال الجعدي: وأَمْهَلْت أَهْلَ الدار حتى تَظاهَرُوا عَليَّ، وقال العُرْيُ مِنْهُمْ فأَهْجَرَا وعُرِيَ إلى الشيء عَرْواً: باعه ثم اسْتَوْحَش إليه. قال الأزهري: يقال عُريتُ إلى مالٍ لي أَشدَّ العُرَواء إذا بِعْته ثم تَبِعَتْه نفسُكَ.
وعُرِيَ هَواه إلى كذا أَي حَنَّ إليه؛ وقال أَبو وَجْزة: يُعْرَى هَواكَ إلى أَسْماءَ، واحْتَظَرَتْ بالنأْيِ والبُخْل فيما كان قَد سَلَفا والعُرْوة: الأَسَدُ، وبِه سُمِّي الرجل عُروَة.
والعُرْيان: اسم رجل.
وأَبو عُرْوَةَ: رجلٌ زَعَموا كان يصيح بالسَّبُعِ فيَموت، ويَزْجُرُ الذِّئْبَ والسَّمْعَ فيَموتُ مكانَه، فيُشَقُّ بَطْنُه فيوجَدُ قَلْبُه قد زالَ عن مَوْضِعِهِ وخرَجَ من غِشائه؛ قال النابغة الجعدي: وأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ، إذا اغْـ ـتابَك، زَجْراً مِنِّي على وَضَمِ زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ، إذا أَشْفَقَ أَنْ يَلْتَبِسْنَ بالغَنَمِ وعُرْوَةُ: اسمٌ.
وعَرْوَى وعَرْوانُ: موضعان؛ قال ساعِدَة بن جُؤيَّة: وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها دُفاقٌ ، فعَرْوانُ الكَراثِ، فَضِيمُها؟ وقال الأَزهري: عَرْوَى اسم جبل، وكذلك عَرْوانُ، قال ابن بري: وعَرْوَى اسم أَكَمة، وقيل: موضع؛ قال الجعدي: كَطاوٍ بعَرْوَى أَلْجَأَتْهُ عَشِيَّةٌ، لها سَبَلٌ فيه قِطارٌ وحاصِبُ وأَنشد لآخر: عُرَيَّةُ ليسَ لها ناصرٌ، وعَرْوَى التي هَدَمَ الثَّعْلَبُ قال: وقال عليّ بن حَمزة وعَرْوَى اسم أَرْضٍ؛ قال الشاعر: يا وَيْحَ ناقتي، التي كَلَّفْتُها عَرْوَي ، تَصِرُّ وبِارُها وتُنَجِّم أَي تَحْفِرُ عن النَّجْمِ، وهو ما نَجَم من النَّبْت. قال: وأَنْشَدَه المُهَلَّبي في المَقصور ملَّفْتها عَرَّى، بتشديد الراءِ، وهو غلط، وإنما عَرَّى وادٍ.
وعَرْوى: هَضْبَة.
وابنُ عَرْوانَ: جبَل؛ قال ابن هَرْمة: حِلْمُه وازِنٌ بَناتِ شَمامٍ، وابنَ عَرْوانَ مُكْفَهِرَّ الجَبينِ والأُعْرُوانُ: نَبْتٌ، مثَّل به سيبويه وفسَّره السيرافي.
وفي حديث عروةٍ بن مسعود قال: والله ما كلَّمتُ مسعودَ بنَ عَمْروٍ منذ عَشْرِ سِنين والليلةَ أُكَلِّمُه، فخرج فناداه فقال: مَنْ هذا؟ قال: عُرْوَة، فأَقْبَل مسعودٌ وهو يقول: أَطَرَقَتْ عَراهِيَهْ، أَمْ طَرَقَتْ بِداهِيهْ؟ حكى ابن الأَثير عن الخطابي قال: هذا حرفٌ مُشْكِل، وقد كَتَبْتُ فيه إلى الأَزهري، وكان من جوابه أَنه لم يَجِدْه في كلام العرب، والصوابُ عِنْده عَتاهِيَهْ، وهي الغَفْلة والدَّهَش أَي أَطَرَقْت غَفْلَةً بلا روِيَّة أَو دَهَشاً؛ قال الخطابي: وقد لاح في هذا شيءٌ، وهو أَنْ تكون الكَلِمة مُركَّبةً من اسْمَيْن: ظاهرٍ، ومكْنِيٍّ، وأَبْدَل فيهما حَرْفاً، وأَصْلُها إماَّ من العَراءِ وهو وجه الأَرض، وإِما منَ العَرا مقصورٌ، وهو الناحيَِة، كأَنه قال أَطَرَقْتَ عَرائي أَي فِنائي زائراً وضَيْفاً أَم أَصابتك داهِيَةٌ فجئْتَ مُسْتَغِيثاً، فالهاءُ الأُولى من عَراهِيَهْ مُبدلَة من الهمزة، والثانية هاءُ السَّكْت زيدت لبيان الحركة؛ وقال الزمخشري: يحتمِل أَن يكونَ بالزاي، مصدرٌ من عَزِه يَعْزَهُ فهو عَزِةٌ إذا لم يكن له أَرِبٌ في الطَّرَب، فيكون .معناه أَطَرَقْت بلا أَرَبٍ وحاجةٍ أَم أَصابَتْك داهية أَحوجَتْك إلى الاستغاثة؟ وذكر ابن الأثير في ترجمة عَرَا حديث المَخْزومية التي تَسْتَعِيرُ المَتاع وتَجْحَدُه، وليس هذا مكانَه في ترتيبِنا نحن فذكرناه في ترجمة عَوَر.

عدا (لسان العرب) [1]


العَدْو: الحُضْر. عَدَا الرجل والفرسُ وغيره يعدو عدْواً وعُدُوّاً وعَدَوانًا وتَعْداءً وعَدَّى: أَحْضَر؛ قال رؤبة: من طُولِ تَعْداءِ الرَّبيعِ في الأَنَقْ وحكى سيبويه: أَتيْته عَدْواً، وُضع فيه المصدرُ على غَيْر الفِعْل، وليس في كلِّ شيءٍ قيل ذلك إنما يُحكى منه ما سُمع.
وقالوا: هو مِنِّي عَدْوةُ الُفَرَس، رفعٌ، تريد أَن تجعل ذلك مسافَة ما بينك وبينه، وقد أَعْداه إذا حَمَله على الحُضْر.
وأَعْدَيْتُ فرسي: اسْتَحضَرته.
وأَعْدَيْتَ في مَنْطِقِكَ أَي جُرت.
ويقال للخَيْل المُغِيرة: عادِيَة؛ قال الله تعالى: والعادِياتِ ضَبْحاً؛ قال ابن عباس: هي الخَيْل؛ وقال علي، رضي الله عنه: الإِبل ههنا.
والعَدَوانُ والعَدَّاء، كلاهما: الشَّديدُ العَدْوِ؛ قال: ولو أَّنَّ حيًّا فائتُ المَوتِ فاتَه . . . أكمل المادة أَخُو الحَرْبِ فَوقَ القارِحِ العَدَوانِ وأَنشد ابن بري شاهداً عليه قول الشاعر: وصَخْر بن عَمْرِو بنِ الشَّرِيد، فإِنَّه أَخُو الحَرْبِ فَوقَ السَّابحِ العَدَوانِ وقال الأَعشى: والقارِحَ العَدَّا، وكلّ طِمِرَّةٍ لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطَّويلِ قَذالَها أَراد العَدَّاءِ، فقَصَر للضرورة، وأَراد نيلَ قَذالها فحَذَف للعلم بذلك.
وقال بعضهم: فَرسٌ عَدَوانٌ إذا كت كثير العَدْو، وذئْبٌ عَدَوانٌ إذا كان يَعْدُو على الناس والشَّاءِ؛ وأَنشد: تَذْكُرُ، إذْ أَنْتَ شَديدُ القَفْزِ، نَهْدُ القُصَيْرى عَدَوانُ الجَمْزِ، وأَنْتَ تَعْدُو بِخَرُوف مُبْزِي والعِداء والعَداءَ: الطَّلَق الواحد، وفي التهذيب: الطَّلَق الواحد للفرس؛ وأَنشد: يَصرَعُ الخَمْسَ عَداءً في طَلَقْ وقال: فمن فَتَحَ العينَ قال جازَ هذا إلى ذاك، ومن كَسَر العِدَاء فمعناه أَنه يُعادِي الصيدَ، من العَدْو وهو الحُضْر، حتى يَلْحقَه.
وتَعادىَ القومُ: تَبارَوْا في العَدْو.
والعَدِيُّ: جماعةُ القومِ يَعْدون لِقِتال ونحوه، وقيل: العَدِيّ أَول من يَحْمل من الرَّجَّالة، وذلك لأَنهم يُسْرِعُونَ العَدْوَ، والعَدِيُّ أَولُ ما يَدْفَع من الغارةِ وهو منه؛ قال مالك بن خالد الخُناعِي الهُذلي: لمَّا رأَيتُ عَدِيَّ القَوْمِ يَسْلُبُهم طَلْحُ الشَّواجِنِ والطَّرْفاءُ والسَّلَمُ يَسْلُبهم: يعني يتعلق بثيابهم فيُزِيلُها عنهم، وهذا البيت استشهد به الجوهري على العَدِيِّ الذين يَعْدون على أَقْدامِهم، قال: وهو جمع عادٍ مثل غازٍ وغَزِيٍّ؛ وبعده: كَفَتُّ ثَوْبيَ لا أُلْوي إلى أَحدٍ، إِني شَنِئتُ الفَتَى كالبَكْر يُخْتَطَم والشَّواجِنُ: أَوْدية كثيرةُ الشَّجَر الواحدة شاجِنة، يقول: لمَّا هَرَبوا تَعَلَّقت ثيابُهم بالشَّجَر فَتَرَكُوها.
وفي حديث لُقْمان: أَنا لُقْمانُ بنُ عادٍ لِعاديَةٍ لِعادٍ؛ العاديَة: الخَيْل تَعْدو، والعادي الواحدُ أَي أَنا للجمع والواحد، وقد تكون العاديةُ الرجال يَعْدونَ؛ ومنه حديث خيبر: فَخَرَجَتْ عادِيَتُهم أَي الذين يَعْدُون على أَرجُلِهِم. قال ابن سيده: والعاديةُ كالعَدِيِّ، وقيل: هو من الخَيْلِ خاصَّة، وقيل: العاديةُ أَوَّلُ ما يحمِل من الرجَّالةِ دون الفُرْسان؛ قال أبو ذؤيب: وعادية تُلْقِي الثِّيابَ كأَنما تُزَعْزِعُها، تحتَ السَّمامةِ، رِيحُ ويقال: رأَيْتُ عَدِيَّ القوم مقبلاً أَي مَن حَمَل من الرَّجَّالة دون الفُرْسان.
وقال أَبو عبيد: العَدِيُّ جماعة القَوْم، بلُغةِ هُذَيل.
وقوله تعالى: ولا تَسُبُّوا الذين يَدْعون من دون اللهِ فيَسُبُّوا اللهِ عَدْواً بغير علم، وقرئ: عُدُوّاً مثل جُلُوس؛ قال المفسرون: نُهُوا قبل أَن أَذِن لهم في قتال المشركين أَن يَلْعَنُوا الأَصْنامَ التي عَبَدوها، وقوله: فيَسُبُّوا الله عَدْواً بغير علم؛ أَي فيسبوا الله عُدْواناً وظُلْماً، وعَدْواً منصوب على المصدر وعلى إرادة اللام، لأَن المعنى فيَعْدُون عَدْواً أَي يظْلِمون ظلماً، ويكون مَفْعولاً له أَي فيسُبُّوا الله للظلم، ومن قرأَ فيَسُبُّوا الله عُدُوّاً فهو بمعنى عَدْواً أَيضاً. يقال في الظُّلْم: قد عَدَا فلان عَدْواً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعَدَاءً أَي ظلم ظلماً جاوز فيه القَدْر، وقرئ: فيَسُبُّوا الله عَدُوّاً، بفتح العين وهو ههنا في معنى جماعة، كأَنه قال فيسُبُّوا الله أَعداء، وعَدُوّاً منصوب على الحال في هذا القول؛ وكذلك قوله تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبيٍّ عَدُوّاً شياطينَ الإِنس والجنّ؛ عَدُوّاً في معنى أَعداءً، المعنى كما جعلنا لك ولأُمتك شياطينَ الإنس والجن أَعداء، كذلك جعلنا لمن تَقَدَّمك من الأَنبياء وأُممهم، وعَدُوّاً ههنا منصوب لأَنه مفعول به، وشياطينَ الإِنس منصوب على البدل، ويجوز أَن يكون عَدُوّاً منصوباً على أَنه مفعول ثان وشياطين الإنس المفعول الأول.
والعادي: الظالم، يقال: لا أَشْمَتَ اللهُ بك عادِيَكَ أَي عَدُوَّك الظالم لَكَ. قال أَبو بكر: قولُ العَرَب فلانٌ عَدوُّ فلانٍ معناه فلان يعدو على فلان بالمَكْروه ويَظْلِمُه.
ويقال: فلان عَدُوُّك وهم عَدُوُّك وهما عَدُوُّك وفلانةُ عَدُوَّةُ فلان وعَدُوُّ فلان، فمن قال فلانة عدُوَّة فلانٍ قال: هو خبَر المُؤَنَّث، فعلامةُ التأْنيثِ لازمةٌ له، ومن قال فلانة عدوُّ فلان قال ذكَّرت عدوّاً لأَنه بمنزلة قولهم امرأَةٌ ظَلُومٌ وغَضوبٌ وصَبور؛ قال الأَزهري: هذا إِذا جَعَلْت ذلك كُلَّه في مذهبِ الاسم والمَصْدرِ، فإِذا جَعَلْتَه نعتاً مَحْضاً قلت هو عدوّك وهي عدُوَّتُك وهم أَعداؤك وهُنَّ عَدُوَّاتُك.
وقوله تعالى: فلا عُدْوان إِلاَّ على الظالمين؛ أَي فلا سَبيل، وكذلك قوله: فلا عُدْوانَ عليَّ؛ أَي فلا سبيل عليَّ.
وقولهم: عَدَا عليه فَضَربه بسيفه، لا يُرادُ به عَدْوٌ على الرِّجْلين ولكن مِنَ الظُّلْم.
وعَدَا عَدْواً: ظَلَمَ وجار.
وفي حديث قتادَةَ بنِ النُّعْمان: أَنه عُدِيَ عليه أَي سُرِقَ مالُه وظُلِمَ.
وفي الحديث: ما ذِئبْان عادِيانِ أَصابا فَرِيقَةَ غَنَمٍ؛ العادي: الظَّالِمُ، وأَصله من تجاوُزِ الحَدِّ في الشيء.
وفي الحديث: ما يَقْتُلُه المُحْرِمُ كذا وكذا والسَّبُعُ العادِي أَي الظَّالِمُ الذي يَفْتَرِسُ الناسَ.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: لا قَطْعَ على عادِي ظَهْرٍ.
وفي حديث ابن عبد العزيز: أُتيَ برَجُل قد اخْتَلَس طَوْقاً فلم يَرَ قَطْعَه وقال: تِلك عادِيَةُ الظَّهْرِ؛ العادِية: من عَدَا يَعْدُو على الشيء إِذا اخْتَلَسه، والظَّهْرُ: ما ظَهَرَ مِنَ الأَشْياء، ولم يرَ في الطَّوْق قَطعاً لأَنه ظاهِرٌ على المَرْأَة والصَّبيّ.
وقوله تعالى: فمن اضْطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ قال يعقوب: هو فاعِلٌ من عَدَا يَعْدُو إذا ظَلَم وجارَ. قال: وقال الحسن أَي غيرَ باغٍ ولا عائِدٍ فقلب، والاعْتداءُ والتَّعَدِّي والعُدْوان: الظُّلْم.
وقوله تعالى: ولا تَعاوَنُوا على الإِثم والعُدْوان؛ يقول: لا تَعاوَنوا على المَعْصية والظُّلْم.
وعَدَا عليه عَدْواً وعَدَاءً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعِدْواناً وعُدْوَى وتَعَدَّى واعْتَدَى، كُلُّه: ظَلَمه.
وعَدَا بنُو فلان على بني فلان أَي ظَلَمُوهم.
وفي الحديث: كَتَبَ ليَهُود تَيْماءَ أَن لَهُم الذمَّةَ وعليهم الجِزْيَةَ بلا عَداء؛ العَداءُ، بالفتح والمد: الظُّلْم وتَجاوُز الحدّ.
وقوله تعالى: وقاتِلُوا في سبيل الله الذين يُقاتِلُونَكم ولا تَعْتَدوا؛ قيل: معناه لا تقاتِلُوا غَيْرَ مَن أُمِرْتُم بقِتالِه ولا تَقتلوا غَيْرَهُمْ، وقيل: ولا تَعْتَدوا أَي لا تُجاوزوا إِلى قَتْل النِّساءِ والأَطفال.
وعَدَا الأَمرَ يَعْدُوه وتَعَدَّاه، كلاهما: تَجاوَزَة.
وعَدَا طَوْرَه وقَدْرَهُ: جاوَزَهُ على المَثَل.
ويقال: ما يَعْدُو فلانٌ أَمْرَك أَي ما يُجاوِزه.
والتَّعَدِّي: مُجاوَزَةُ الشيء إِلى غَيْرِه، يقال: عَدَّيْتُه فتَعَدَّى أَي تَجاوزَ.
وقوله: فلا تَعْتَدُوها أَي لا تَجاوَزُوها إِلى غيرها، وكذلك قوله: ومَنْ يَتَعَدَّ حُدودَ الله؛ أَي يُجاوِزْها.
وقوله عز وجل: فمن ابْتَغَى وَرَاء ذلك فأُولئِكَ هم العادُون؛ أَي المُجاوِذُون ما حُدَّ لهم وأُمِرُوا به، وقوله عز وجل: فمن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي غَيْرَ مُجاوِزٍ لما يُبَلِّغه ويُغْنِيه من الضرورة، وأَصل هذا كله مُجاوَزة الحدّ والقَدْر والحَقّ. يقال: تَعَدَّيْت الحَقَّ واعْتَدَيْته وعَدَوْته أَي جاوَزْته.
وقد قالت العرب: اعْتَدى فلانٌ عن الحق واعْتَدى فوقَ الحقِّ، كأَن معناه جاز عن الحق إِلى الظلم.
وعَدَّى عن الأَمر: جازه إِلى غَيْرِه وتَرَكه.
وفي الحديث: المُعْتَدِي في الصَّدَقَةِ كمانِعِها، وفي رواية: في الزَّكاة؛ هُو أَن يُعْطِيَها غَيْرَ مُسْتَحِقِّها، وقيل: أَرادَ أَنَّ الساعِيَ إِذا أَخذَ خِيارَ المال رُبَّما منعَه في السَّنة الأُخرى فيكون الساعي سبَبَ ذلك فهما في الإِثم سواء.
وفي الحديث: سَيكُون قومٌ يَعْتَدُون في الدُّعاءِ؛ هو الخُروج فيه عنِ الوَضْعِ الشَّرْعِيِّ والسُّنَّة المأْثورة.
وقوله تعالى: فمن اعْتَدَى عَلَيكم فاعْتَدُوا عليه بمِثْلِ ما اعْتَدَى عَليكم؛ سَمَّاه اعْتِداء لأَنه مُجازاةُ اعْتِداءٍ بمثْل اسمه، لأَن صورة الفِعْلين واحدةٌ، وإِن كان أَحدُهما طاعةً والآخر معصية؛ والعرب تقول: ظَلَمني فلان فظلَمته أَي جازَيْتُه بظُلْمِه لا وَجْه للظُّلْمِ أَكثرُ من هذا، والأَوَّلُ ظُلْم والثاني جزاءٌ ليس بظلم، وإن وافق اللفظُ اللفظَ مثل قوله: وجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها؛ السيئة الأُولى سيئة، والثانية مُجازاة وإن سميت سيئة، ومثل ذلك في كلام العرب كثير. يقال: أَثِمَ الرجلُ يَأْثَمُ إِثْماً وأَثَمه اللهُ على إِثمه أَي جازاه عليه يَأْثِمُه أَثاماً. قال الله تعالى: ومن يَفعلْ ذلك يَلْق أَثاماً؛ أَي جزاءً لإِثْمِه.
وقوله: إِنه لا يُحِبُّ المُعْتدين؛ المُعْتَدون: المُجاوِزون ما أُمرُوا به.
والعَدْوَى: الفساد، والفعلُ كالفعل.
وعَدا عليه اللِّصُّ عَداءً وعُدْواناً وعَدَواناً: سَرَقَه؛ عن أَبي زيد.
وذئبٌ عَدَوانٌ: عادٍ.
وذِئْبٌ عَدَوانٌ: يَعْدُو على الناسِ؛ ومنه الحديث: السلطانُ ذو عَدَوانٍ وذو بَدَوانٍ؛ قال ابن الأَثير: أَي سريعُ الانصِرافِ والمَلالِ، من قولك: ما عَداك أَي ما صَرَفَك.
ورجلٌ مَعْدُوٌّ عليه ومَعْدِيٌّ عليه، على قَلْب الواوِ ياءً طَلَب الخِّفَّةِ؛ حكاها سيبويه؛ وأَنشد لعبد يَغُوث بن وَقَّاص الحارثِي: وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَة أَنَّني أَنا الليث، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا أُبْدِلَت الياءُ من الواو اسْتِثْقالاً.
وعدا عليه: وَثَب؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي عارِمٍ الكلابي: لقد عَلمَ الذئْب الذي كان عادِياً، على الناس، أَني مائِرُ السِّهم نازِعُ وقد يكون العادي هنا من الفساد والظُّلم.
وعَداهُ عن الأَمْرِ عَدْواً وعُدْواناً وعَدّاه، كلاهما: صَرَفَه وشَغَله.
والعَداءُ والعُدَواءُ والعادية، كلُّه: الشُّغْلُ يَعْدُوك عن الشيء. قال مُحارب: العُدَواءُ عادةُ الشُّغْل، وعُدَواءُ الشُّغْلِ موانِعُه.
ويقال: جِئْتَني وأَنا في عُدَواءَ عنكَ أَي في شُغْلٍ؛ قال الليث: العادِيةُ شُغْلٌ من أَشْغال الدهر يَعْدُوك عن أُمورك أَي يَشْغَلُك، وجمعها عَوَادٍ، وقد عَداني عنك أَمرٌ فهو يَعْدُوني أَي صَرَفَني؛ وقول زهير: وعادَكَ أَن تُلاقِيها العَدَاء قالوا: معنى عادَكَ عَداكَ فقَلبَه، ويقال: معنى قوله عادَكَ عادَ لك وعاوَدَك؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابِي: عَداكَ عن رَيَّا وأُمِّ وهْبِ، عادِي العَوادِي واختلافُ الشَّعْبِ فسره فقال: عادي العوادي أَشدُّها أَي أَشدُّ الأَشغالِ، وهذا كقوله زيدٌ رجُلُ الرجالِ أَي أَشدُّ الرجالِ.
والعُدَواءُ: إِناخةٌ قليلة.
وتعادَى المكانُ: تَفاوَتَ ولم يَسْتوِ.
وجَلَس على عُدَواءَ أَي على غير استقامة.
ومَرْكَبٌ ذُو عُدَواءَ أَي ليس بمُطْمَئِنٍّ؛ قال ابن سيده: وفي بعض نسخ المصنف جئتُ على مركبٍ ذِي عُدَواءٍ مصروف، وهو خطأٌ من أَبي عُبَيد إِن كان قائله، لأَنَّ فُعَلاء بناءٌ لا ينصرف في معرفة ولا نكرة.
والتَّعادِي: أَمكنةٌ غير مستويةٍ.
وفي حديث ابن الزبير وبناء الكعبة: وكان في المسجد جَراثِيمُ وتَعادٍ أَي أَمكنة مختلفة غير مُستوية؛ وأَما قول الشاعر: منها على عُدَواء الدار تَسقِيمُ (* قوله «منها على عدواء إلخ» هو عجز بيت صدره كما في مادة سقم: هام الفؤاد بذكراها وخامره) قال الأَصمعي: عُدَواؤه صَرْفُه واختلافه، وقال المؤرّج: عُدَواء على غير قَصْدٍ، وإذا نام الإنسانُ على مَوْضِعٍ غير مُسْتو فيهِ ارْتفاعٌ وانْخفاضٌ قال: نِمْتُ على عُدَواءَ.
وقال النضر: العُدَواءُ من الأَرض المكان المُشْرِف يَبْرُكُ عليه البعيرُ فيَضْطَجعُ عليه، وإلى جنبه مكانٌ مطمئنٌ فيميل فيه البعير فيتَوهَّنُ، فالمُشْرِف العُدَواءُ، وتَوَهُّنه أَن يَمُدَّ جسمَه إلى المكان الوَطِئ فتبقى قوائمه على المُشْرِف ولا يَسْتَطيع أَن يقومَ حتى يموت، فتَوَهُّنه اضطجاعُه. أَبو عمرو: العُدَواءُ المكان الذي بعضه مرتفع وبعضه مُتطأْطِئٌ، وهو المُتَعادِي.
ومكانٌ مُتَعادٍ: بعضُه وبعضُه مُتطامِن ليس بمُسْتوٍ.
وأَرضٌ مُتعادِيةٌ: ذاتُ جِحَرة ولَخاقِيق.
والعُدَواءُ، على وَزْن الغُُلَواءِ: المكان الذي لا يَطْمَئِنُ مَن قَعَد عليه.
وقد عادَيْتُ القِدْر: وذلك إذا طامَنْتَ إحدى الأَثافيِّ ورَفَعْت الأُخْرَيَيْن لتميل القِدْر على النار.وتعادَى ما بينهم: تَباعَدَ؛ قال الأَعشى يصف ظَبْيَة وغَزالها: وتعادَى عنه النهارَ، فمَا تَعْـ ـجُوه إلا عُفافةٌ أَو فُواقُ يقول: تباعَدُ عن وَلَدها في المَرعى لئلا يَسْتَدِلَّ الذَّئبُ بها على ولدِها.
والعُدَواءُ: بُعْدُ الدار.
والعَداءُ: البُعْد، وكذلك العُدَواءُ.
وقومٌ عِدًى: متَابعدون، وقيل: غُرباءُ، مقصورٌ يكتب بالياء، والمَعْنيان مُتقارِبانِ، وهُم الأَعْداءُ أَيضآً لأن الغَريبَ بَعِيدٌ؛ قال الشاعر: إذا كنتَ في قَوْمٍ عِدًى لستَ منهم، فكُلْ ما عُلِفْتَ من خَبِيثٍ وطَيِّب قال ابن بري: هذا البيتُ يُروى لِزُرارة بنِ سُبَيعٍ الأَسَدي، وقيل: هو لنَضْلة بنِ خالدٍ الأَسَدِي، وقال ابن السيرافي: هو لدُودانَ بنِ سَعْدٍ الأَسَدِي، قال: ولم يأَتِ فِعَلٌ صفَةً إلا قَوْمٌ عِدًى، ومكانٌ سِوًى، وماءٌ رِوًى، وماءٌ صِرًى، ومَلامةٌ ثِنًى، ووادٍ طِوًى، وقد جاء الضمُّ في سُوًى وثُنًى وطُوًى، قال: وجاء على فِعَل من غير المعتلِّ لحمٌ زِيَمٌ وسَبْيٌ طِيَبَة؛ قال عليّ بنُ حمزة: قومٌ عِدًى أَي غُربَاءُ، بالكسرة، لا غيرُ، فأما في الأعداءِ فيقال عِدًى وعُُدًى وعُداةٌ.
وفي حديث حبيب بن مسلَمة لما عَزَله عُمر، رضي الله عنه، عن حِمْصَ قال: رَحِمَ الله عُمَرَ يَنزِعُ قَوْمَه ويَبْعثُ القَوْمَ العِدَىَ (* في النهاية: العدى بالكسر الغرباء والاجانب والأعداء، فأما بالضم قهم الأعداء خاصة.) ؛ العِدَى، بالكسر: الغُرَباءَ، أراد أنه يعزل قَوْمه من الولايات ويوَلي الغُربَاء والأَجانِبَ؛ قال: وقد جاء في الشعر العِدَى بمعنى الأَعْداءِ؛ قال بشر بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأَنصاري: فأَمَتْنا العُداةَ من كلِّ حَيٍّ فاسْتَوَى الرَّكْضُ حِينَ ماتَ العِداءُ قال: وهذا يتوجه على أَنه جمع عادٍ، أَو يكون مَدَّ عِدًى ضرورة؛ وقال ابن الأعرابي في قول الأَخطل: أَلا يا اسْلَمِي يا هِنْدُ، هِنْدَ بَني بَدْرِ، وإنْ كان حَيَّانا عِدًى آخِرَ الدهْرِ قال: العِدَى التَّباعُد.
وقَوْمٌ عِدًى إذا كانوا مُتَباعِدِيِن لا أَرحامَ بينهم ولا حِلْفَ.
وقومٌ عِدًى إذا كانوا حَرْباً، وقد رُوِي هذا البيتُ بالكسر والضم، مثل سِوًى وسُوًى. الأَصمعي: يقال هؤلاء قومِ عدًى ، مقصور، يكون للأعداء وللغُرَباء، ولا يقال قوم عُدًى إلا أَن تدخل الهاء فتقول عُداة في وزن قضاة، قال أَبو زيد: طالتْ عُدَواؤهُمْ أَي تباعُدُهم وتَفَرُّقُهم.
والعَدُوُّ: ضِدُّ الصَّدِيق، يكون للواحد والاثنين والجمع والأُنثى والذكَر بلفظٍ واحد. قال الجوهري: العَدُوُّ ضِدُّ الوَلِيِّ، وهو وصْفٌ ولكِنَّه ضارع الاسم. قال ابن السكيت: فَعُولٌ إذا كان في تأْويل فاعلٍ كان مُؤَنَّثُه بغير هاء نحو رجلٌ صَبُور وامرأَة صَبور، إلا حرفاً واحداً جاءَ نادراً قالوا: هذه عَدُوَّة لله؛ قال الفراء: وإنما أَدخلوا فيها الهاء تشبيهاً بصَديقةٍ لأَن الشيءَ قد يُبْنى على ضِدِّهِ، ومما وضَع به ابن سيده من أَبي عبد الله بن الأَعرابي ما ذكره عنه في خُطْبة كتابه المحكم فقال: وهل أَدَلُّ على قلة التفصيل والبعد عن التحصيل من قولِ أَبي عبدِ الله بنِ الأَعرابي في كتابه النوادر: العَدوّ يكون للذكر والأُنثى بغير هاء، والجمع أَعداءٌ وأَعادٍ وعُداةٌ وعِدًى وعُدًى، فأَوْهم أَن هذا كلَّه لشيءٍ واحد؟ وإنما أَعداءٌ جمع عَدُوٍّ أَجروه مُجْرى فَعِيل صِفَةً كشَرِيفٍ وأَشْرافٍ ونصِيرٍ وأَنصارٍ، لأَن فَعُولاً وفَعِيلاً متساويانِ في العِدَّةِ والحركة والسكون، وكون حرف اللين ثالثاً فيهما إلا بحسب اختلاف حَرفَيِ اللَّين، وذلك لا يوجبُ اختلافاً في الحكم في هذا، أَلا تَراهم سَوَّوْا بين نَوارٍ وصَبورٍ في الجمع فقالوا نُوُرٌ وصُبُرٌ، وقد كان يجب أَن يكسَّر عَدُوٌّ على ما كُسّرَ عليه صَبُورٌ؟ لكنهم لو فعلوا ذلك لأَجْحفوا، إذ لو كَسَّروه على فُعُلٍ للزم عُدُوٌ، ثم لزم إسكان الواو كراهية الحركة عليها، فإذا سَكَنَت وبعدها التنوين التقى ساكناًًً ُ ئُ آؤآؤ ٍُى ُْدٌ ، وليس في الكلام اسم آخره واوٌ قبلَها ضمَّة، فإن أَدَّى إلى ذلك قياس رُفِضَ، فقلبت الضمة كسرة ولزم انقلاب الواو ياء فقيل عُدٍ، فتَنَكَّبت العرب ذلك في كل معتلِّ اللام على فعول أَو فَعِيل أَو فَعال أَو فِعالٍ أَو فُعالٍ على ما قد أَحكمته صناعة الإعرابِ، وأَما أَعادٍ فجمعُ الجمع، كَسَّروا عَدُوّاً على أَعْداءٍ ثم كَسَّروا أَعْداءً على أَعادٍ وأَصلُه أَعاديّ كأَنْعامٍ وأَناعيم لأن حرفَ اللَّين إذا ثبَت رابعاً في الواحدِ ثبتَ في الجمع، واكان ياء، إلا ان يُضْطَرَّ إليه شاعر كقوله أَنشده سيبويه: والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا ولكنهم قالوا أَعادٍ كراهة الياءَين مع الكسرة كما حكى سيبويه في جمع مِعْطاءٍ مَعاطٍ، قال: ولا يمتنع أَن يجيء على الأَصل مَعاطِيّ كأَثافيّ، فكذلك لا يمتنع أَن يقال أَعادِيّ، وأَما عُداةٌ فجمع عادٍ؛ حكى أَبو زيد عن العرب: أَشْمَتً اللهُ عادِيَكَ أَي عَدُوّكَ، وهذا مُطَّرِدٌ في باب فاعلٍ مما لامُهُ حرفُ علَّةٍ، يعني أَن يُكَسَّر على فُعلَةٍ كقاضٍ وقُضاةٍ ورامٍ ورُماةٍ، وهو قول سيبويه في باب تكسير ما كان من الصفة عِدَّتُه أَربعةُ أَحرف، وهذا شبيه بلفظِ أَكثرِ الناس في توهُّمِهم أَن كُماةً جمعُ كَمِيٍّ، وفعيلٌ ليس مما يكسَّر على فُعَلةٍ، وإنما جمعُ سحٍَِمِيٍّ أَكماءٌ؛ حكاه أَبو زيد، فأَما كُماةٌ فجمع كامٍ من قولهم كَمَى شجاعتَه وشهادَتَه كتَمها، وأَما عِدًى وعُدًى فاسمان للجمع، لأن فِعَلاً وفُعَلاً ليسا بصيغتي جمع إلا لِفعْلَةٍ أو فُعْلة وربما كانت لفَعْلة، وذلك قليل كهَضْبة وهِضَب وبَدْرة وبِدر، والله أَعلم.
والعَداوة: اسمٌ عامٌّ من العَدُوِّ، يقا: عَدُوٌّ بَيِّنُ العَداوة، وفلانٌ يُعادِي بني فلان. قال الله عز وجل: عسَى اللهُ أَن يَجْعلَ بينَكم وبينَ الذين عادَيْتم منهمْ مَوَدَّة؛ وفي التنزيل العزيز: فإِنَّهم عَدَوٌّ لي؛ قال سيبويه: عَدُوٌّ وصْفٌ ولكنه ضارَع الاسم، وقد يُثنَّى ويُجمع ويُؤَنَّث، والجمع أَعْداءٌ، قال سيبويه: ولم يكسرَّ على فُعُلٍ، وإن كان كصَبُورٍ، كراهية الإِخْلالِ والاعْتلال، ولم يكسَّر على فِعْلانٍ كراهية الكسرة قبل الواو لأَنَّ الساكن ليس بحاجز حصِين، والأعادِي جمع الجمع.
والعِدَى، بكسر العين، الأَعْداءُ، وهوجمعٌ لا نظير له، وقالوا في جَمْعِ عَدُوَّة عدايا لم يُسْمَعْ إلا في الشعر.
وقوله تعالى هُمفاحْذَرْهُم؛ قيل: معناه هم العَدُوُّ الأَدْنَى، وقيل: معناه هم العَدُوُّ الأَشدّ لأَنهم كانوا أَعْداء النبي،صلى الله عليه وسلم، ويُظهرون أَنهم معه.
والعادي: العَدُوُّ، وجَمْعُه عُداةٌ؛ قالت امرأَة من العرب: أَشْمَتَ ربُّ العالَمين عادِيَكْ وقال الخليل في جماعة العَدُوِّ عُدًى وعِدًى، قال: وكان حَدُّ الواحد عَدُو،بسكون الواو، ففخموا آخره بواو وقالوا عَدُوٌّ، لأنهم لم يجدوا في كلام العرب اسماً في آخره واو ساكنة، قال: ومن العرب من يقول قومٌ عِدًى، وحكى أَبو العباس: قومٌ عُدًى، بضم العين، إلا أَنه قال: الاخْتِيار إذا كسرت العين أن لا تأْتيَ بالهاء، والاختيارُ إذا ضَمَمْتَ العينَ أَن تأْتيَ بالهاء؛ وأَنشد: مَعاذةَ وجْه اللهِ أَن أُشْمِتَ العِدَى بلَيلى، وإن لم تَجْزني ما أَدِينُها وقد عادَاه مُعاداةً وعِداءً، والاسمُ العَداوة، وهو الأَشدُّ عادياً. قال أَبو العباس: العُدَى جمع عَدوّ، والرُّؤَى جمع رؤيَةٍ، والذُّرَى جمع ذِرْوَة؛ وقال الكوفيون: إنما هو مثل قُضاة وغُزاة ودُعاة فحذفوا الهاء فصارت عُدًى، وهو جمع عادٍ.
وتَعادَى القومُ: عادَى بعضُهم بعضاً.
وقومٌ عِدًى: يكتب بالياء وإن كان أَصله الواوَ لمكان الكسرة التي في أَوَّله، وعُدًى مثله، وقيل: العُدَى الأَعْداءُ، والعِدَى الأَعْداءُ الذين لا قَرابة بينك وبينَهُم، قال: والقول هو الأَوّل.
وقولُهم: أَعْدَى من الذئبِ، قال ثعلب: يكون من العَدْوِ ويكون من العَداوَة، وكونُه من العَدْوِ أَكثر، وأُراه إنما ذهب إلى أَنه لا يقال أَفْعَل من فاعَلْت، فلذلك جاز أَن يكون من العَدْوِ لا مِنَ العَداوَة.
وتَعادَى ما بينَهم: اخْتَلف.
وعَدِيتُ له: أَبْغَضْتُه؛ عن ابن الأَعرابي. ابن شميل: رَدَدْت عني عادِيَةَ فلان أَي حِدَّته وغَضبه.
ويقال: كُفَّ عنا عادِيَتَك أَي ظُلْمك وشرّك، وهذا مصدر جاء على فاعلة كالراغِية والثاغية. يقال: سمعت راغِيَةَ البعير وثاغية الشاة أَي رُغاء البعير وثُغاء الشاة، وكذلك عاديَةُ الرجل عَدْوُه عليك بالمكروه.والعُدَواء: أَرض يابسة صُلْبة ورُبَّما جاءت في البئر إذا حُفِرَتْ، قال: وقد تَكُون حَجَراً يُحادُ عنه في الحَفْرِ؛ قال العجاج يصف ثوراً يحفر كناساً: وإنْ أَصابَ عُدَوَاءَ احْرَوْرَفا عَنْها، وَوَلاها الظُّلُوفَ الظُّلَّفا أَكَّد بالظُّلَّفِ كما يقال نِعافٌ نُعَّف وبِطاحٌ بُطَّحٌ وكأَنه جَمَعَ ظِلْفاً ظالفاً، وهذا الرجز أَورده الجوهري شاهداً على عُدَواءِ الشُّغْلِ موانِعِه؛ قال ابن بري: هو للعجاج وهو شاهد على العُدَواء الأرضِ ذات الحجارة لا على العُدَواء الشُّغْلِ، وفسره ابن بري أَيضاً قال : ظُلَّف جمع ظالِف أَي ظُلُوفُهِ تمنع الأَذى عنه؛ قال الأزهري: وهذا من قولهم أَرض ذاتُ عُدَواءَ إذا لم تكن مستقيمة وَطِيئةً وكانت مُتَعادِيةً. ابن الأَعرابي: العُدَواءُ المكان الغَلِيظ الخَشِن.
وقال ابن السكيت: زعم أَبو عمرو أَن العِدَى الحجارة والصُّخور؛ وأَنشد قول كُثَيَّر: وحالَ السَّفَى يَيني وبَينَك والعِدَى، ورهْنُ السَّفَى غَمْرُ النَّقيبة ماجِدُ أَراد بالسَّفَى ترابَ القبر، وبالعِدَى ما يُطْبَق على اللَّحد من الصَّفائح.
وأَعْداءُ الوادي وأَعْناؤه: جوانبه؛ قال عمرو بن بَدْرٍ الهُذَلي فمدَّ العِدَى، وهي الحجارة والصخور: أَو اسْتَمَرّ لَمسْكَنٍ، أَثْوَى به بِقَرارِ ملْحَدةِ العِداءِ شَطُونِ وقال أَبو عمرو: العِداءُ، ممدودٌ، ما عادَيْت على المَيّت حينَ تَدْفِنُه من لَبِنٍ أَو حجارة أو خشب أَو ما أَشبَهه، الواحدة عِداءة.
ويقال أَيضاً: العِدَى والعِداءُ حجر رقيق يستر به الشيء، ويقال لكلِّ حجر يوضع على شيء يَسْتُره فهو عِدَاءٌ؛ قال أُسامة الهذلي: تالله ما حُبِّي عَلِيّاً بشَوى قد ظَعَنَ الحَيُّ وأَمْسى قدْ ثَوى، مُغادَراً تحتَ العِداء والثَّرَى معناه: ما حُبِّي عليّاً بخَطَاٍ. ابن الأعرابي: الأعْداء حِجارَة المَقابر، قال: والأدْعاء آلام النار (* قوله «آلام النار» هو هكذا في الأصل والتهذيب.) ويقال: جـئْـتُك على فَرَسٍ ذي عُدَواء، غير مُجْرىً إذا لم يكن ذا طُمَأْنينة وسُهولة.
وعُدَوَاءُ الشَّوْق: ما بَرَّح بصاحبه.
والمُتَعَدِّي من الأفعال: ما يُجاوزُ صاحبَه إلى غيره.
والتَّعَدِّي في القافِية: حَرَكة الهاء التي للمضمر المذكر الساكنة في الوقف؛ والمُتَعَدِّي الواوُ التي تلحقُه من بعدها كقوله: تَنْفُشُ منه الخَيْل ما لا يَغْزِ لُهُو فحَركة الهاء هي التَّعَدِّي والواو بعدها هي المُتَعَدِّي؛ وكذلك قوله: وامْتَدَّ عُرْشا عُنْقِهِ للمُقْتَهِي حركة الهاء هي التَّعَدِّي والياء بعدها هي المُتَعَدِّي، وإنما سميت هاتان الحركتان تَعَدِّياً، والياء والواوُ بعدهما مُتَعَدِّياً لأنه تَجاوزٌ للحَدّ وخروجٌ عن الواجبِ، ولا يُعْتَدُّ به في الوزن لأنّ الوزنَ قد تَناهى قبلَه، جعلوا ذلك في آخر البيت بمنزلة الخَزْمِ في أَوَّله.
وعَدَّاه إليه: أَجازَه وأَنْفَذَه.
ورأيتهم عدا أَخاك وما عدَا أَخاكَ أَي ما خَلا، وقد يُخْفَض بها دون ما ، قال الجوهري: وعَدَا فعل يُسْتَثْتى به مع ما وبغير ما ، تقولُ جاءَني القومُ ما عَدَا زيداً، وجاؤوني عدًا زيداً، تنصبُ ما بعدها بها والفاعلُ مُضْمَر فيها. قال الأَزهري: من حروف الاستثناء قولهم ما رأَيت أَحداً ما عَدَا زيداً كقولك ما خلا زيداً، وتَنْصب زيداً في هذَيْن، فإذا أَخرجتَ ما خَفَضتَ ونَصَبت فقلتَ ما رأيتُ أَحداً عدَا زيداً وعدا زيدٍ وخلا زَيْداً وخَلا زيدٍ، النصب بمعنى إلاَّوالخفضُ بمعنى سِوى.
وعَدِّ عَنَّا حاجَتَك أَي اطْلُبْها عندَ غيرِنا فإِنَّا لا نَقْدِرُ لك عليها، هذه عن ابن الأَعرابي.
ويقال: تعَدَّ ما أَنت فيه إلى غيره أَي تجاوَزْه.
وعدِّ عما أَنت فيه أَي اصرف هَمَّك وقولَك إلى غيره.
وْعَدَّيْتُ عني الهمَّ أَي نحَّيته.
وتقول لمن قَصَدَك: عدِّ عنِّي إلى غيري: ويقال: عادِ رِجْلَك عن الأَرض أَي جافِها، وما عدا فلانٌ أَن صَنعَ كذا، وما لي عن فلانٍ مَعْدىً أَي لا تَجاوُزَ لي إلى غيره ولا قُصُور دونه.
وعَدَوْته عن الأمر: صرَفْته عنه.
وعدِّ عما تَرَى أَي اصرف بصَرَك عنه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه أُتيَ بسَطِيحَتَيْنِ فيهما نبيذٌ فشَرِبَ من إحداهما وعَدَّى عن الأُخرى أَي تَرَكها لما رابه منها. يقال: عدِّ عن هذا الأمرِ أَي تجاوَزْه إلى غيره؛ ومنه حديثه الآخرُ: أَنه أُهْدِيَ له لبن بمكة فعدَّاه أَي صرفه عنه.
والإعْداءُ: إعْداءُ الحرب.
وأَعداه الداءُ يُعديه إعداءً: جاوزَ غيره إليه، وقيل: هو أَن يصيبَه مثلُ ما بصاحبِ الداءِ.
وأَعداهُ من علَّته وخُلُقِه وأَعداهُ به: جوّزه إليه، والاسم من كل ذلك العَدْوى.
وفي الحديث: لا عَدْوى ولا هامَة ولا صَفَر ولا طيرَةَ ولا غُولَ أَي لا يُعْدي شيء شيئاً.
وقد تكرر ذكر العَدْوى في الحديث، وهو اسمٌ من الإعداء كالرَّعْوى والبَقْوَى من الإرْعاءِ والإبْقاءِ.
والعَدْوى: أن يكون ببعير جَرَب مثلاً فتُتَّقى مُخالَطَتُه بإبل أُخرى حِذار أَن يَتعَدى ما به من الجَرَب إليها فيصيبَها ما أَصابَه، فقد أَبطَله الإِسلامُ لأَنهم كانوا يظُنُّون أَن المرض بنفسه يتَعَدَّى، فأَعْلَمَهم النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن الأَمر ليس كذلك، وإنما الله تعالى هو الذي يُمرض ويُنْزلُ الداءَ، ولهذا قال في بعض الأَحاديث وقد قيل له، صلى الله عليه وسلم: إِن النُّقْبة تَبْدُو وبمشْفر البعير فتُعْدي الإِبل كلها، فقال النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، للذي خاطبه: فمَن الذي أَعدَى البعيرَ الأَول أَي من أَين صار فيه الجَرَب؟ قال الأَزهري: العَدْوَى أَن يكون ببعير جَرَبٌ أَو بإنسان جُذام أَو بَرَصٌ فتَتَّقيَ مخالطتَه أَو مؤاكلته حِذار أَن يَعْدُوَه ما به إِليك أَي يُجاوِزه فيُصيبك مثلُ ما أَصابه.
ويقال: إِنَّ الجَرَب ليُعْدي أَي يجاوز ذا الجَرَب إلى مَنْ قاربه حتى يَجْرَبَ، وقد نَهى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، مع إنكاره العَدْوى، أَن يُورِدَ مُصِحٌّ على مُجْرِب لئلا يصيب الصِّحاحَ الجَرَبُ فيحقق صاحبُها العَدْوَى.
والعَدْوَى: اسمٌ من أَعْدَى يُعْدِي، فهو مُعْدٍ، ومعنى أَعْدَى أَي أَجاز الجَرَبَ الذي به إِلى غيره، أَو أَجاز جَرَباً بغيره إِليه، وأَصله مِنْ عَدا يَعْدُو إِذا جاوز الحدَّ.
وتعادَى القومُ أَي أَصاب هذا مثلُ داء هذا.
والعَدْوَى: طَلَبُك إِلى والٍ ليُعْدِيَكَ على منْ ظَلَمك أَي يَنْتَقِم منه. قال ابن سيده: العَدْوَى النُّصْرَة والمَعُونَة.
وأَعْداهُ عليه: نَصَره وأَعانه.
واسْتَعْداهُ: اسْتَنْصَره واستعانه.
واسْتَعْدَى عليه السلطانَ أَي اسْتَعانَ به فأَنْصَفه منه.
وأَعْداهُ عليه: قَوَّاه وأَعانه عليه؛ قال يزيد ابن حذاق: ولقد أَضاءَ لك الطَّريقُ، وأَنْهَجَتْ سُبُلُ المكارِمِ، والهُدَى يُعْدي أَي إِبْصارُكَ الطَّريقَ يقوِّيك على الطَّريقِ ويُعينُك؛ وقال آخر: وأَنتَ امرؤٌ لا الجُودُ منكَ سَجيَّةٌ فتُعْطِي، وقد يُعْدِي على النَّائِلِ الوُجْدُ ويقال: اسْتَأْداه، بالهمزة، فآداه أَي أَعانَه وقَوَّاه، وبعضُ أَهل اللغة يجعل الهمزة في هذا أَصلاً ويجعل العين بدلاً منها.
ويقال: آدَيْتُك وأَعْدَيْتُك من العَدْوَى، وهي المَعونة.
وعادى بين اثنين فصاعِداً مُعاداةً وعِداءً: وإلي؛ قال امرؤ القيس: فعادَى عِداءً بين ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ، وبين شَبُوبٍ كالقَضِيمَةِ قَرْهَبِ ويقال: عادى الفارِسُ بين صَيْدَيْن وبين رَجُلَين إِذا طَعَنهما طعنتين مُتَوالِيَتَيْن.
والعِدَاء، بالكسر، والمُعاداة: المُوالاة والمتابَعة بين الاثنين يُصرَعُ أَحدهما على إِثر الآخر في طَلَقٍ واحد؛ وأَنشد لامرئ القيس: فعادَى عِدَاءً بين ثَوْرٍ ونَعْجةٍ دِراكاً، ولم يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَلِ يقال: عادَى بين عَشَرة من الصَّيْد أَي والى بينها قَتْلاً ورَمْياً.
وتعادَى القومُ على نصرهم أَي تَوالَوْا وتَتابَعوا.
وعِداءُ كلِّ شيءٍ وعَدَاؤُه وعِدْوَتُه وعُدْوَتُه وعِدْوُه: طَوَارُه، وهو ما انْقادَ معه مِن عَرْضِه وطُولِه؛ قال ابن بري: شاهده ما أَنشده أَبو عمرو بن العلاء:بَكَتْ عَيْني، وحَقَّ لها البُكاءُ، وأَحْرَقَها المَحابِشُ والعَدَاء (* قوله« المحابش» هكذا في الأصل.) وقال ابن أَحمر يخاطب ناقته: خُبِّي، فَلَيْس إِلى عثمانَ مُرْتَجَعٌ إِلاّ العَداءُ، وإِلا مكنع ضرر (* قوله« إلا مكنع ضرر» هو هكذا في الأصل.) ويقال: لَزِمْت عَداءَ النهر وعَدَاءَ الطريق والجبلِ أَي طَوَاره. ابن شميل: يقال الْزَمْ عَدَاء الطريق، وهو أَن تأْخذَه لا تَظْلِمه.
ويقال: خُذْ عَداءَ الجبل أَي خذ في سَنَدِه تَدورُ فيه حتى تعلُوَه، وإِن اسْتَقام فيه أَيضاً فقد أَخَذَ عَدَاءَه.
وقال ابن بزرج: يقال الْزَمِ عِدْوَ أَعْدَاءِ الطريقِ (* قوله« عدو أعداء الطريق» هكذا في الأصل والتهذيب.) والْزَمْ أَعْدَاء الطريق أَي وَضَحَه.
وقال رجل من العرب لآخر: أَلَبناً نسقيك أَم ماءً؟ فأَجاب: أَيَّهُما كان ولا عَدَاءَ؛ معناه لا بُدَّ من أَحدهما ولا يكونن ثالث.
ويقال: الأَكْحَل عِرْقٌ عَداءَ الساعِدِ. قال الأَزهري: والتَّعْداءُ التَّفْعال من كل ما مَرَّ جائز.
والعِدَى والعَدَا: الناحية؛ الأَخيرة عن كراع، والجمع أَعْداءٌ.
والعُدْوةُ: المكانُ المُتَباعِدُ؛ عن كراع.
والعِدَى والعُدْوةُ والعِدْوةُ والعَدْوَة، كلُّه: شاطئُ الوادي؛ حكى اللحياني هذه الأَخيرةَ عن يونس.
والعُدْوة: سنَدُ الوادي، قال: ومن الشاذِّ قراءة قَتادة: إِذ أَنتم بالعَدْوةِ الدنيا.والعِدْوة والعُدْوة أَيضاً: المكان المرتفع. قال الليث: العُدْوة صَلابة من شاطئِ الوادي، ويقال عِدْوة.
وفي التنزيل: إِذ أَنتم بالعُدْوة الدنيا وهم بالعُدْوة القُصْوى؛ قال الفراء: العُدْوة شاطئُ الوادي، الدنيا مما يَلي المدينة، والقُصْوَى مما يلي مكة، قال ابن السكيت: عُدْوةُ الوادي وعِدْوتُه جانبُه وحافَتُه، والجمع عِدًى وعُدًى؛ قال الجوهري: والجمع عِداءٌ مثلُ بُرْمَةٍ وبِرامٍ ورِهْمَةٍ ورِهامٍ وعِدَياتٌ؛ قال ابن بري: قال الجوهري الجمع عِدَياتٌ، قال: وصوابه عِدَاواتٌ ولا يجوز عِدِواتٌ على حدّ كِسِراتٍ. قال سيبويه: لا يقولون في جمع جِرْوةٍ جِرِياتٌ، كراهة قلْب الواو ياءً، فعلى هذا يقال جِرْوات وكُلْياتٌ بالإِسكان لا غيرُ.
وفي حديث الطاعون: لو كانت لك إِبلٌ فَهَبَطت وادياً له عُدْوتانِ؛ العدوة، بالضم والكسر: جانبُ الوادي، وقيل: العُدوة المكان المرتفع شيئاً على ما هو منه.
وعَداءُ الخَنْدَقِ وعَداء الوادي: بطنُه وعادَى شعرَه: أَخَذَ منه.
وفي حديث حُذَيْفَة: أَنه خرج وقد طَمَّ رأْسَه فقال: إِنَّ تحت كل شَعْرةٍ لا يُصيبُها الماء جَنابةً، فمن ثَمَّ عاديتُ رأْسي كما تَرَوْنَ؛ التفسير لشمر: معناه أَنه طَمّه واسْتَأْصله ليَصِلَ الماءُ إِلى أُصولِ الشَّعَر، وقال غيره: عادَيْتُ رأْسِي أَي جَفَوْت شعرَه ولم أَدْهُنْه، وقيل: عادَيْتُ رأْسي أَي عاوَدْتُه بوضْوء وغُسْلٍ.
ورَوَى أَبو عَدْنانَ عن أَبي عبيدة: عادَى شعره رَفَعَه، حكاه الهَرَويّ في الغريبين، وفي التهذيب: رَفَعَه عند الغسلِ.
وعادَيْت الوسادةَ أَي ثَنَيْتُها.
وعادَيْتُ الشيءَ: باعَدْته.
وتَعادَيْتُ عنه أَي تَجَافَيْت.
وفي النوادر: فلان ما يُعادِيني ولا يُواديني؛ قال: لا يُعاديني أَي لا يُجافِيني، ولا يُواديني أَي لا يُواتيني.
والعَدَوِيَّة: الشجر يَخْضَرُّ بعدَ ذهاب الربيع.قال أَبو حنيفة: قال أَبو زِيادٍ العَدَوِيَّة الرَّبْل، يقال: أَصاب المالُ عَدَويَّةً، وقال أَبو حنيفة: لم أَسمَعْ هذا من غير أَبي زِيادٍ. الليث: العَدَوِيَّة من نبات الصيف بعد ذهاب الربيع أَن تَخْضَرَّ صغار الشجر فتَرْعاه الإِبل، تقول: أَصابت الإِبلُ عَدَويَّةً؛ قال الأَزهري: العَدَويَّة الإِبل التي تَرْعى العُدْوة، وهي الخُلَّة، ولم يضبط الليث تفسير العَدَويَّة فجعله نَباتاً، وهو غلط، ثم خَلَّط فقال: والعَدَويَّة أَيضاً سِخالُ الغنم، يقال: هي بنات أَربعين يوماً، فإِذا جُزَّت عنها عَقِيقتُها ذهب عنها هذا الاسم؛ قال الأَزهري: وهذا غلط بل تصحيف منكر، والصواب في ذلك الغَدَويَّة، بالغين، أَو الغَذَويَّة، بالذال، والغِذاء: صغار الغنم، واحدها غَذِيٌّ؛ قال الأَزهري: وهي كلها مفسرة في معتل الغين، ومن قال العَدَويةُ سِخال الغنم فقد أَبْطَل وصحَّف، وقد ذكره ابن سيده في مُحكَمِه أَيضاً فقال: والعَدَويَّة صِغارُ الغنمِ، وقيل: هي بناتُ أَربعين يوماً. أَبو عبيد عن أَصحابه: تَقادَعَ القومُ تَقادُعاً وتَعادَوْا تَعادِياً وهو أَن يَمُوتَ بعضهم في إِثْر بعض. قال ابن سيده: وتَعادَى القومُ وتَعادَتِ الإِبلُ جميعاً أَي مَوَّتَتْ، وقد تَعادَتْ بالقَرْحة.
وتَعادَى القوم: ماتَ بعضهم إِثْرَ بعَضٍ في شَهْرٍ واحدٍ وعامٍ واحد؛ قال: فَما لَكِ منْ أَرْوَى تَعادَيْت بالعَمى، ولاقَيْتِ كَلاّباً مُطِّلاً وراميا يدعُو عليها بالهلاكِ.
والعُدْوة: الخُلَّة من النَّبَات، فإِذا نُسِبَ إِليها أَو رَعَتْها الإِبلُ قيل إِبل عُدْويَّةٌ على القِياسِ، وإِبلٌ عَدَويَّة على غَيْرِ القِياسِ، وعَوادٍ على النَّسَبِ بغير ياء النَّسَبِ؛ كلّ ذلك عن ابن الأَعرابي.
وإِبلٌ عادِيَةٌ وعَوادٍ: تَرْعى الحَمْضَ قال كُثَيِّر: وإِنَّ الذي يَنْوي منَ المالِ أَهلُها أَوارِكُ، لمَّا تَأْتَلِفْ، وعَوادِي ويُرْوى: يَبْغِي؛ ذكَرَ امرأَةً وأَن أَهلَها يطلبُون في مَهْرِها من المالِ ما لا يُمْكن ولا يكون كما لا تَأْتَلِفُ هذه الأَوارِكُ والعَوادي، فكأَن هذا ضِدَّ لأَنَّ العَوادِيَ على هذَيْن القولين هي التي تَرْعى الخُلَّةَ والتي تَرْعَى الحَمْضَ، وهما مُخْتَلِفا الطَّعْمَيْن لأَن الخُلَّة ما حَلا من المَرْعى، والحَمْض منه ما كانت فيه مُلُوحَةٌ، والأَوارك التي ترعى الأَراك وليسَ بحَمْضٍ ولا خُلَّة، إِنما هو شجر عِظامٌ.
وحكى الأَزهري عن ابن السكيت: وإِبلٌ عادِيَةٌ تَرْعَى الخُلَّة ولا تَرْعَى الحَمْضَ، وإِبلٌ آركة وأَوَارِكُ مقيمة في الحَمْضِ؛ وأَنشد بيت كثير أَيضاً وقال: وكذلك العادِيات؛ وقال: رأَى صاحِبي في العادِياتِ نَجِيبةً، وأَمْثالها في الواضِعاتِ القَوامِسِ قال: ورَوَى الرَّبيعُ عن الشافعي في باب السَّلَم أَلْبان إِبلٍ عَوادٍ وأَوارِكَ، قال: والفرق بينهما ما ذكر.
وفي حديث أَبي ذرّ: فقَرَّبوها إِلى الغابة تُصيبُ مِن أَثْلها وتَعْدُو في الشَّجَر؛ يعني الإِبلَ أَي تَرْعى العُدْوَةَ، وهي الخُلَّة ضربٌ من المَرْعَى مَحبوبٌ إِلى الإِبل. قال الجوهري: والعادِيةُ من الإِبل المُقِيمة في العِضاهِ لا تُفارِقُها وليست تَرْعَى الحَمْضَ، وأَما الذي في حديث قُسٍّ: فإذا شَجَرة عادِيَّةٌ أَي قَدِيمة كأَنها نُسِبَت إِلى عادٍ، وهمْ قومُ هودٍ النبيِّ، صلى الله عليه وعلى نَبيِّنا وسلم، وكلّ قديمٍ يَنْسُبُونه إِلى عادٍ وإِن لم يُدْرِكْهُم.
وفي كتاب عليٍّ إِلى مُعاوية: لم يَمْنَعْنا قَدِيمُ عِزِّنا وعادِيُّ طَوْلِنا على قَوْمِك أَنْ خَلَطْناكُم بأَنْفُسِنا.
وتَعدَّى القَوْمُ: وجَدُوا لَبَناً يَشْرَبونَه فأَغْناهُمْ عن اشْتِراء اللَّحْمِ، وتَعَدَّوْا أَيضاً: وجَدُوا مَراعِيَ لمَواشيهِمْ فأَغْناهُم ذلك عن اشْتِراءِ العَلَف لهَا؛ وقول سَلامَة بن جَنْدَل: يَكُونُ مَحْبِسُها أَدْنَى لمَرْتَعِها، ولَوْ تَعادَى ببكْءٍ كلُّ مَحْلُوب معناه لَوْ ذَهَبَتْ أَلْبانُها كلُّها؛ وقول الكميت: يَرْمِي بعَيْنَيْهِ عَدْوَةَ الأَمدِ الـ أَبعدِ، هَلْ في مطافِهِ رِيَب؟ قال: عَدْوة الأَمد مَدُّ بصَره ينظُر هل يَرى رِيبةً تَريبهُ.
وقال الأَصمعي: عداني منه شر أَي بَلَغني، وعداني فلان مِنْ شَرِّه بشَرّ يَعْدُوني عَدْواً؛ وفلان قد أَعْدَى الناس بشَرٍّ أَي أَلْزَقَ بهم منه شَرّاً، وقد جلَسْتُ إِليه فأَعْداني شرًّا أَي أَصابني بشرِّه.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، أَنه قال لطَلْحَة يومَ الجَمَل: عرَفْتَني بالحجاز وأَنْكَرْتني بالعراق فما عَدَا مِمَّا بَدَا؟ وذلك أَنه كان بايَعه بالمَدِينة وجاءَ يقاتله بالبَصْرة، أَي ما الذي صَرَفَك ومَنَعك وحملك على التَّخَلّف، بعدَ ما ظهر منك من التَّقَدّم في الطاعة والمتابعة، وقيل: معناه ما بَدَا لكَ مِنِّي فصَرَفَك عَنِّي، وقيل: معنى قوله ما عَدَا مِمَّا بدَا أَي ما عَداك مما كان بَدَا لنا من نصرِك أَي ما شَغَلك؛ وأَنشد: عداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمِي عَجايا كلُّها، إِلاَّ قَلِيلاَ وقال الأَصمعي في قول العامة: ما عدَا مَنْ بَدَا، هذا خطأٌ والصواب أَمَا عَدَا مَنْ بَدَا، على الاستفهام؛ يقول: أَلمْ يَعْدُ الحقَّ مَنْ بدأَ بالظلم، ولو أَراد الإِخبار قال: قد عَدَا منْ بَدانا بالظلم أَي قد اعْتَدَى، أَو إنما عَدَا مَنْ بَدَا. قال أَبو العباس: ويقال فَعَلَ فلان ذلك الأَمرَ عَدْواً بَدْواً أَي ظاهراً جِهاراً.وعَوادي الدَّهْر: عَواقِبُه؛ قال الشاعر: هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ من يتَجَنَّبُ، وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيك تَشْعَبُ وقال المازني: عَدَا الماءُ يَعْدُو إِذا جَرَى؛ وأَنشد: وما شَعَرْتُ أَنَّ ظَهْري ابتلاَّ، حتى رأَيْتُ الماءَ يَعْدُو شَلاَّ وعَدِيٌّ: قَبيلَةٌ. قال الجوهري: وعَدِيٌّ من قُرَيش رهطُ عُمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهو عَدِيُ بن كَعْب بن لُؤَيِّ بنِ غالبِ بنِ فهْرِ بن مالكِ بنِ النَّضْرِ، والنسبة إِليه عَدَوِيٌّ وَعَدَيِيٌّ، وحُجَّة مَن أَجازَ ذلك أَن الياءَ في عَدِيٍّ لمَّا جَرَتْ مَجْرى الصحيح في اعْتقابِ حَرَكات الإِعراب عليها فقالوا عَدِيٌّ وعَدِيّاً وعَدِيٍّ، جَرَى مَجْرَى حَنِيفٍ فقالوا عَدَيِيٌّ كما قالوا حَنَفِيٌّ، فِيمَن نُسِب إِلى حَنِيفٍ.
وعَدِيُّ بن عبد مَناة: من الرِّباب رَهْطِ ذي الرُّمَّة، والنسبة إِليهم أَيضاً عَدَوِيّ، وعَدِيٌّ في بني حَنيفة، وعَدِيٌّ في فَزارة.
وبَنُو العَدَوِيَّة: قومٌ من حَنْظلة وتَمِيمٍ.وعَدْوانُ، بالتسكين: قَبيلَةٌ، وهو عَدْوانُ بن عَمْرو بن قَيْس عَيْلانَ؛ قال الشاعر: عَذِيرَ الحَيِّ مِنْ عَدْوا نَ، كانوا حيَّةَ الأَرضِ أَراد: كانوا حَيَّاتِ الأَرْضِ، فوضَع الواحدَ موضع الجمع.
وبَنُو عِدًى: حَيٌّ من بني مُزَيْنَة، النَسَبَ إِليه عِداويٌّ نادرٌ؛ قال: عِداوِيَّةٌ، هيهاتَ منكَ محلُّها إِذا ما هي احْتَلَّتْ بقُدْسٍ وآرَةِ ويروى: بقدس أُوارَةِ.
ومَعْدِ يكرَبَ: من جَعله مَفْعِلاً كان له مَخْرَج من الياء والواو، قال الأَزهري: مَعْدِيكرَب اسمان جُعِلا اسماً واحداً فأُعْطِيا إِعراباً واحداً، وهو الفتح.
وبنو عِداءٍ (* قوله« وبنو عداء إلخ» ضبط في المحكم بكسر العين وتخفيف الدال والمدّ في الموضعين، وفي القاموس: وبنو عداء، مضبوطاً بفتح العين والتشديد والمدّ.): قبيلة؛ هن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: أَلمْ تَرَ أَنَّنا، وبَني عِداءٍ، توارَثْنا من الآباء داءَ؟ وهم غيرُ بني عِدًى من مُزينة.
وسَمَوْأَلُ بنُ عادِياءَ، ممدودٌ؛ قال النَّمِر بن تَوْلب: هَلاَّ سأَلْت بِعادِياءَ وبَيْتِه، والخَلِّ والخَمْرِ التي لم تُمْنَع وقد قصَره المُرادِي في شِعْره فقال: بَنَى لي عادِيَا حِصْناً حَصِيناً، إِذا ما سامَني ضَيْمٌ أَبَيْتُ

دمن (الصّحّاح في اللغة) [0]


الدِمْنُ: البَعَرُ. قال لبيد:
ثَلَمَتْهُ كلُّ ريحٍ وسَـبَـلْ      راسِخُ الدِمْنِ على أَعْضادِهِ

وفلان دِمْنُ مالٍ، كما يقال إزاء مالٍ.
والدمْنَةُ: آثار الناس وما سوَّدوا؛ والجمع الدِمَنُ. تقول منه: دَمَّنَ القومُ الدار، ودَمَّنَ الشاءُ الماءَ. هذا من البعر. قال ذو الرمة:
يُدَمِّنُ أجوافَ المياهِ وَقيرُها      مُوَلَّعَةً خَنساءَ ليست بنعجةٍ

والماءُ مُتَدَمِّنٌ، إذا سقطعت فيه أبعار الغنم والإبل.
والدِمْنَةُ: الحقد، والجمع دِمَنٌ.
وقد دَمِنَتْ قلوبهم بالكسر. يقال: دَمِنْتُ على فلانٍ، أي ضَغِنْتُ.
ودَمَنْت الأرض مثل دَمَلْتُها بالفتح.
وفلان يُدْمِنُ كذا، أي يديمه.
ورجلٌ مُدْمِنُ خمرٍ، أي مداومٌ شربها. قال الأصمعي: إذا أَنْسَغَتِ النخلةُ عن عَفَنٍ وسواد قيل: قد أصابها الدَمانُ بالفتح.