المصادر:  


قصم (لسان العرب) [217]


القَصْمُ: دَقُّ الشيء. يقال للظالم: قَصَمَ الله ظهره. ابن سيده: القَصْمُ كسر الشيء الشديد حتى يَبين. قَصمه يَقْصِمه قَصْماً فانْقَصَمَ وتقَصَّمَ: كسَره كسْراً فيه بَيْنونة.
ورجل قَصِمٌ أَي سريع الانْقِصام هَيَّابٌ ضعيف.
وقُصَمُ مثل قُثَم: يَحْطِم ما لقي؛ قال ابن بري: صوابه قُصَمٌ مثل قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، وإِنما العدل يكون في الأَسماء لا غير.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه قال في أَهل الجنة يُرْفَعُ أَهلُ الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم في دُرَّة بَيْضاء ليس فيها قَصْمٌ ولا فَصْمٌ؛ أَبو عبيدة: القَصْمُ، بالقاف، هو أَن ينكسر الشيء فيبَين، يقال منه: قَصَمْت الشيء إِذا كسرتَه حتى يبين، ومنه قيل: فلان أَقْصَمُ . . . أكمل المادة الثَّنِيَّة إذا كان منكسرها، وأَما الفَصْمُ، بالفاء، فهو أَن يَنْصَدِعَ الشيء من غير أَن يَبِين.
وفي الحديث: الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حتى يَقْصِمها الله.
وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: ولا قَصَمُوا له قَناة، ويروى بالفاء.
وفي حديث كعب: وجدت انْقِصاماً في ظهري، ويروى بالفاء، وقد تقدما.
ورمح قَصِمٌ: منكسر، وقناة قَصِمةٌ كذلك، وقد قَصِمَ.وقَصِمَتْ سِنُّه قَصَماً وهي قَصْماء: انشقت عَرْضاً ورجل أَقصمُ الثنية إِذا كان منكسرها من النصف بيّن القَصَمِ، والأَقْصَمُ أَعمُّ وأََعرف من الأَقصف، وهو الذي انقصمت ثنيته من النصف. يقال: جاءتكمُ القَصْماء، تذهب به إِلى تأْنيث الثنية. قال بعض الأَعراب لرجل أَقصَمِ الثنيةِ: جاءتكم القَصْماء، ذهب إِلى سِنِّه فأَنثها.
والقَصْماء من المعز: التي انكسر قرناها من طرفيهما إِلى المُشاشة، وقال ابن دريد: القَصْماء، من المعز المكسورة القرنِ الخارجِ، والعَضْباء المكسورة القرن الداخل، وهو المُشاش.والقَصْمُ في عَروض الوافر: حذف الأَول وإِسكان الخامس، فيبقى الجزء فاعِيلٌ، فينقل في التقطيع إِلى مَفْعولن، وذلك على التشبيه بقَصْم السن أَو القَرْن.
وقَصْمُ السواكِ وقَصْمَتُه وقِصْمَتُه الكسرة منه، وفي الحديث: اسْتَغْنُوا عن الناس ولو عن قِصْمةِ السواكِ.
والقصمة، بكسر القاف، أَي الكسرة منه إِذا استيك به، ويروى بالفاء.
وقَصَمه يَقْصِمه قَصْماً: أَهلكه.
وقال الزجاج في قوله تعالى: وكم قَصَمْنا من قرية؛ كم في موضع نصب بقَصَمنا، ومعنى قَصمنا أَهلكنا وأَذهبنا.
ويقال: قَصَمَ الله عُمُر الكافر أَي أَذهبه.
والقاصِمةُ: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن سيده: أَرى ذلك لأَنها قَصَمت الكفر أَي أَذْهَبته.
والقَصْمة، بالفتح: مَرْقاة الدرجة مثل القَصْفة.
وفي الحديث: إِن الشمس لتَطْلُعُ من جهنم بين قَرْنَيْ شيطان فما ترتفع في السماء من قَصْمة إِلا فُتحَ لها باب من النار، فإِذا اشتدَّت الظهيرة فُتحت الأَبواب كلها.
وسميت المرقاة قَصْمة لأَنها كسرة من القصم الكسر.
وكلُّ شيء كَسَرْته فقد قَصَمْته.
وأَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله ولا يكون إِلا من الطَّريفة، الواحد قِصْمٌ.
والقَصْمُ: العتيق من القطن؛ عن أَبي حنيفة. ما سهل من الأَرض وكثر شجره.والقَصِيمةُ مَنْبِت الغَضى والأَرْطَى والسَّلَم؛ وهي رملة؛ قال لبيد: وكتِيبة الأَحْلافِ قد لاقَيْتُهمْ، حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ وقال بشر في مفرده: وباكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَلَّبٌ أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ ، أَغْبَرُ قال: وقال أُنَيْف بن جَبَلة: ولقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمة، مُنْهِب الليث: القَصِيمةُ من الرمل ما أَنبت الغَضَى وهي القَصائِمُ. أَبو عبيد: القصائمُ من الرمال ما أَنبت العِضاه. قال أَبو منصور: وقول الليث في القَصِيمة ما يُنبت الغضى هو الصواب. موضع معروف يَشُقُّه طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ وأَنشد ابن السكيت: يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ، على مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ مُبِين: اسم بئر. نَبْت.
والأَجارِدُ من الأَرض: ما لا يُنبت؛ وقال: أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وعِشارٍ كُومِ باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم، لبَابة من هَمِقٍ عَيْشُوم الرياشي: أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم: يَطْْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ، تحْتَ الذُّنابَى في مكانٍ سُخْنِ قال: ويسمى هذا السناد. قال الفراء: سمي الدال والجيم الإِجادة، رواه عن الخليل؛ وقال الشاعر يصف صَيّاداً: وأَشْعَثَ أَعْلى ماله كِفَفٌ له، بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِيمُ الفَرْش: مَنابت العُرْفُط. ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرفط، وقَصِيمةٌ من غَضىً، وأَيْكَةٌ من أَثْل، وغالٌّ من سَلَم، وسَلِيلٌ من سَمُرٍ للجماعة منها.
وقال أَبو حنيفة: القَصِيمُ، بغير هاء، أَجَمة الغضى، وجمعها قَصائم وقُصْم. الغَيْضة.
والقَيْصوم: ما طال من العشب، وهو كالقَيْعُون؛ عن كراع.
والقَيْصُوم: من نبات السهل؛ قال أَبو حنيفة: القَيْصُوم من الذكور ومن الأَمْرار، وهو طيب الرائحة من رَياحين البر، وورقه هَدَب، وله نَوْرَة صفراء وهي تَنْهض على ساق وتطول؛ قال جرير: نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّها، ونَأَتْ عن الجَثْجاثِ والقَيْصُوم وقال الشاعر: بلادٌ بها القَيْصُومُ والشِّيحُ والغَضَى أَبو زيد: قَصَم راجعاً وكصَمَ راجعاً إذا رجع من حيث جاء ولم يُتِمَّ إلى حيث قصَد.

قصم (الصّحّاح في اللغة) [56]


 قَصَمْتُ الشيء قَصْماً، إذا كسرتَه حتَّى يبين. تقول: قَصَمَهُ فانْقَصَمَ وتَقَصَّمَ.
ورجلٌ أقْصَمُ الثَنيَّةِ، إذا كان منكسِرها من النصف، بيِّن القَصَمِ. يقال: جاءتكم القَصْماءُ، يُذْهَب به إلى تأنيث الثنية. قال ابن دريد: القَصْماءُ من المعز المكسورة القرنِ الخارج، والعَضْباءُ: المكسورة القرن الداخل، وهو المُشاش.
والقِصمَةُ بكسر القاف الكِسْرَةُ، والقَصْمَةُ بالفتح: مِرْقاة الدرَجة.
ورجلٌ قصِمٌ: سريعُ الانكسار.
وقُصَمٌ مثال قثمٍ: يحطم ما لَقي. رملةٌ تُنبت الغَضى؛ والجمع قَصيمٌ.
والقَيْصومُ: نبتٌ.

قصم (مقاييس اللغة) [55]



القاف والصاد والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الكسر. يقال: قصَمْت الشيء قَصْماً.
والقُصَم: الرّجُل يَحطِم ما لَقي.
وقال الله تعالى: وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظالِمَةً [الأنبياء 11] أراد –والله أعلمُ- إهلاكَه إيّاهم، فعبَّر عنه بالكسر. والقَيْصوم: نبتان.

ص - ق - م (جمهرة اللغة) [53]


القَمْص من قولهم: قَمَصَ البعيرُ يقمُص ويقمِص قَمْصاً وقُماصاً، وهو أن يرفع يديه ثم يطرحهما معاً ويَعْجِر؛ العَجْر: ضرب من العَدْو برجليه. والقميص: معروف. والقَمَص: شبيه بالذُّباب الصغار يقع على الماء الآجن وغير الآجن كثيراً. وفي الحديث: " القارصة والقامصة والواقصة " ، وذلك أن ثلاث جوارٍ حملت إحداهنّ الأخرى فقرصتها التي لم تَحْمِل فقَمَصَتِ المركوبةُ فوُقِصَت الراكبةُ فجعل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الدِّيَةَ أثلاثاً: ثلثاً على القارصة وثلثاً على القامصة وثلثاً هدراً لأنها أعانت على نفسها. وقمّص البحر بالسفينة، إذا حرّكها بالموج حتى كأنها بعير يَقْمُص. قال الشاعر: وهندٌ أتى من دونها ذو غواربٍ ... . . . أكمل المادة يقمِّص بالبُوصيّ مُعْرَوْرِفُ وَرْدُ والقَصْم: مصدر قَصَمْتُ الشيءَ أقصِمه قَصْماً، إذا كسرته؛ والقِصْمَة من الشيء: القطعة منه، والجمع القِصَم. ورجل أقْصَمُ وامرأة قَصْماءُ، إذا انكسر طرف ثنيّته أو رَباعيته. والقَصيمة: قطعة رمل تنقصم عن معظم الرمل، والجمع قصائم. والقَيْصوم: نبت.

قَصَمَهُ (القاموس المحيط) [6]


قَصَمَهُ يَقْصِمُه: كسره وأبانه، أو كَسَرَه وإنْ لم يَبِنْ، فانْقَصَمَ وتَقَصَّمَ، ورَجَعَ من حيث جاءَ.
وهو أقْصَمُ الثَّنِيَّةِ: مُنْكَسِرُها من النِصْفِ، فهو بَيِّنُ القَصَمِ، محرَّكةً.
والقَصماءُ: المَعَزُ المكسورةُ القَرْنِ الخارِجِ
ج: قُصْمٌ.
والقَصْمُ والقَصْمَةُ، مُثَلَّثَةً: الكَسْرُ، والضم عن الصَّغانِيِّ، والفتحُ عن الباهِرِ، وبالكسر: الكِسْرَةُ.
وفي الحديث: "اسْتَغْنُوا ولو عن قِصْمَةِ سِواكٍ"، وبالفتح: المِرْقاةُ.
وككتِفٍ: السريعُ الانْكِسارِ.
وكزُفَرَ: من يَحْطِمُ ما لَقِيَ.
والقَصيمةُ: رَمْلَةٌ تُنْبِتُ الغَضَى، أو جماعةُ الغَضى المُتَقَارِبِ
ج: قَصيمٌ
جج: قُصُمٌ وقَصائمُ، وع.
وكأَميرٍ: ع بين اليَمامةِ والبَصْرَةِ،
وع بشِقِّه طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ.
والقَصيمُ: عَتيقُ القُطْنِ، أو عَتيقُ شَجَرِه، وبالكسر أو الفتح: أصلُ المَراتِعِ
ج: أقصامٌ، . . . أكمل المادة وبالتحريك: بَيْضُ الجَرادِ.
والقَيْصُومُ: نبتٌ، وهو صِنْفانِ: أُنْثَى وذَكَرٌ، النافِعُ منه أطْرافُه، وزَهْرُهُ مُرٌّ جِدّاً، ويُدْلَكُ البدنُ به للنافِضِ، فلا يَقْشَعِرُّ إلا يَسيراً، ودُخانُه يَطْرُدُ الهَوامَّ، وشُرْبُ سَحيقِه نِيئاً نافِعٌ لعُسْرِ النَّفَسِ، والبَوْلِ، والطَّمْثِ، ولعِرْقِ النَّسا، ويُنْبتُ الشَّعَرَ، ويَقْتُلُ الدودَ.

همق (لسان العرب) [6]


كُلاٌ هَمِقٌ: هَشٌّ لين؛ عن أَبي حنيفة؛ وأنشد: باتَتْ تَعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيمِ، لُبايَةً من هَمِقٍ عَيْشومِ وقال بعضهم: الهَمِقُ من الحَمض، والهَمِق: نبت، والعَيْشوم اليابس. ابن الأعرابي: الهَمْقى نبت؛ وفي كتاب أبي عمرو: لباية من هَمِقٍ هَيشوم وقال: الهَمِقُ الكثير، والقَصِيم منابت الغضا جمع قَصِيمةٍ، بصاد غير معجمة.
والهِمَقَّى والهِمِقَّى: ضرب من المشي، وقال كراع: هو سير سريع.
والهَمْقاق والهُمقاق: حب يشبه حب القطن في جُمَّاحة مثل الخَشْخاش؛ قال ابن سيده: وهي مثل الخَشْخاش إلا أنها صلبة ذات شعب يُقْلَى حَبُّه، وأكله يزيد في الجماع، يكون في بلاد بَلْعَمِّ، واحدته هَمْقاقة، وهُمْقاقة بوزن فُعْلانة من كلام العجم أولله . . . أكمل المادة كلام بَلْعَمِّ خاصة لأنه يكون بجبال بَلْعَمِّ؛ قال ابن سيده: وأَحسبها دخيلة. قال: والهَمَقِيقٌ نبت، زعموا. الجوهري: ومشى الهِمَقَّى إذا مشى على جانب مرة وعلى جانب مرة. أبو العباس: الهِمَقَّى مشية فيها تمايل؛ وأَنشد: فأَصْبَحْنَ يَمْشِينَ الهِمَقَّى، كأنما يدافِعْنَ بالأفْخاذِ نَهْداً مؤَرَّبا الأزهري: المُهَمَّق من السَّويق المُدَقَّق.

جرد (لسان العرب) [5]


جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ: قشَره؛ قال: كأَنَّ فداءَها، إِذْ جَرَّدُوهُ وطافوا حَوْله، سُلَكٌ يَتِيمُ ويروى حَرَّدُوهُ، بالحاء المهملة وسيأْتي ذكره.
واسمُ ما جُرِدَ منه: الجُرادَةُ.
وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْداً: نزع عنه الشعر، وكذلك جَرَّدَه؛ قال طَرَفَةُ: كسِبْتِ اليماني قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ ويقال: رجل أَجْرَدُ لا شعر عليه.
وثَوْبٌ جَرْدٌ: خَلَقٌ قد سَقَطَ زِئْبِرُهُ، وقيل: هو الذي بين الجديد والخَلَق؛ قال الشاعر: أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً؟ هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟ أَي لا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قد خَرَّقته الرماح فأَيُّ. تُصِلحُ (* قوله «فأيِّ تصلح» كذا بنسخة الأصل المنسوبة إلى المؤلف ببياض بين أيّ وتصلح ولعل المراد فأي أمر أو . . . أكمل المادة شأن أو شعب أو نحو ذلك.) بَعْدَهُ.
والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب، وأَثْوابٌ جُرُودٌ؛ قال كُثَيِّرُ عزة:فلا تَبْعَدَنْ تَحْتَ الضَّريحةِ أَعْظُمٌ رَميمٌ، وأَثوابٌ هُناكَ جُرودُ وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كذلك؛ قال الهذلي: وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ، شَفَيْنا أُحاحَهُ غَدَاتَئِذٍ، في جَرْدَةٍ، مُتَماحِلِ بَوْشِيٌّ: كثير العيال. متماحِلٌ: طويل: شفينا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه.
والجَرْدَةُ، بالفتح: البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ.
وانْجَرَدَ الثوبُ أَي انسَحَق ولانَ، وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ؛ وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: ليس عندنا من مال المسلمين إِلاَّ جَرْدُ هذه القَطِيفَةِ أَي التي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ.
وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: قالت لها امرأَة: رأَيتُ أُمي في المنام وفي يدها شَحْمَةٌ وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ، تصغير جَرْدَة، وهي الخِرْقة البالية.
والجَرَدُ من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ، والجمع الأَجاردُ.
والجَرَدُ: فضاءٌ لا نَبْتَ فيه، وهذا الاسم للفضاء؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار وحش وأَنه يأْتي الماء ليلاً فيشرب: يَقْضِي لُبَانَتَهُ بالليلِ، ثم إِذا أَضْحَى، تَيَمَّمَ حَزْماً حَوْلهُ جَرَدُ والجُرْدَةُ، بالضم: أَرض مسْتوية متجرِّدة.
ومكانٌ جَرْدٌ وأَجْرَدُ وجَرِدٌ، لا نبات به، وفضاءٌ أَجْرَدُ.
وأَرض جَرْداءُ وجَرِدَةٌ، كذلك، وقد جَرِدَتْ جَرَداً وجَرَّدَها القحطُ تَجْريداً.
والسماءُ جَرْداءُ إِذا لم يكن فيها غَيْم من صَلَع.
وفي حديث أَبي موسى: وكانت فيها أَجارِدُ أَمْسَكَتِ الماءَ أَي مواضعُ منْجَرِدَة من النبات؛ ومنه الحديث: تُفْتَتحُ الأَريافُ فيخرج إِليها الناسُ، ثم يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم في أَرض جَرَديَّة؛ قيل: هي منسوبة إِلى الجَرَدِ، بالتحريك، وهي كل أَرض لا نبات بها.
وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ: فرميته على جُرَيداءِ مَتْنِهِ أَي وسطه، وهو موضع القفا المنْجَرِد عن اللحم تصغيرُ الجَرْداء.
وسنة جارودٌ: مُقْحِطَةٌ شديدة المَحْلِ.
ورجلٌ جارُودٌ: مَشْو ومٌ، منه، كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ.
وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْداً: سأَلهم فمنعوه أَو أَعطَوْه كارهين.
والجَرْدُ، مخفف: أَخذُك الشيءَ عن الشيءِ حَرْقاً وسَحْفاً، ولذلك سمي المشؤوم جاروداً، والجارودُ العَبْدِيُّ: رجلٌ من الصحابة واسمه بِشْرُ بنُ عمرو من عبد القيس، وسمي الجارودَ لأَنه فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله من بني شيبان وبإِبله داء، ففشا ذلك الداء في إِبل أَخواله فأَهلكها؛ وفيه يقول الشاعر: لقد جَرَدَ الجارودُ بكرَ بنَ وائِلِ ومعناه: شُئِمَ عليهم، وقيل: استأْصل ما عندهم.
وللجارود حديث، وقد صحب النبي، صلى الله عليه وسلم، وقتل بفارس في عقبة الطين.
وأَرض جَرْداءُ: فضاء واسعة مع قلة نبت.
ورجل أَجْرَدُ: لا شعر على جسده.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه أَجرَدُ ذو مَسْرَبةٍ؛ قال ابن الأَثير: الأَجرد الذي ليس على بدنه شعر ولم يكن، صلى الله عليه وسلم، كذلك وإِنما أَراد به أَن الشعر كان في أَماكن من بدنه كالمسربة والساعدين والساقين، فإِن ضدَّ الأَجْرَد الأَشعرُ، وهو الذي على جميع بدنه شعر.
وفي حديث صفة أَهل الجنة: جُرْذ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون، وخَدٌّ أَجْرَدُ، كذلك.
وفي حديث أَنس: أَنه أَخرج نعلين جَرْداوَيْن فقال: هاتان نعلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَي لا شعر عليهما.
والأَجْرَدُ من الخيلِ والدوابِّ كلِّها: القصيرُ الشعرِ حتى يقال إِنه لأَجْرَدُ القوائم.
وفرس أَجْرَدُ: قصير الشعر، وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ، وكذلك غيره من الدواب وذلك من علامات العِتْق والكَرَم؛ وقولهم: أَجردُ القوائم إِنما يريدون أَجردُ شعر القوائم؛ قال:كأَنَّ قتودِي، والقِيانُ هَوَتْ به من الحَقْبِ، جَردَاءُ اليدين وثيقُ وقيل: الأَجردُ الذي رقَّ شعره وقصر، وهو مدح.
وتَجَرَّد من ثوبه وانجَرَدَ: تَعرَّى. سيبويه: انجرد ليست للمطاوعة إِنما هي كَفَعَلْتُ كما أَنَّ افتَقَرَ كضَعُفَ، وقد جَرَّده من ثوبه؛ وحكى الفارسيُّ عن ثعلب: جَرَّدهُ من ثوبه وجرَّده إِياه.
ويقال أَيضاً: فلان حسنُ الجُرْدةِ والمجرَّدِ والمتجرَّدِ كقولك حَسَنُ العُريةِ والمعَرّى، وهما بمعنى.
والتجريدُ: التعرية من الثياب.
وتجريدُ السيف: انتضاؤه.
والتجريدُ: التشذيبُ.
والتجرُّدُ: التعرِّي.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان أَنورَ المتجرِّدِ أَي ما جُرِّدَ عنه الثياب من جسده وكُشِف؛ يريد أَنه كان مشرق الجسد.
وامرأَة بَضَّةُ الجُرْدةِ والمتجرَّدِ والمتجرَّدِ، والفتح أَكثر، أَي بَضَّةٌ عند التجرُّدِ، فالمتجرَّدِ على هذا مصدر؛ ومثل هذا فلان رجلُ حرب أَي عند الحرب، ومن قال بضة المتجرِّد، بالكسر، أَراد الجسمَ. التهذيب: امرأَةٌ بَضَّةُ المتجرَّدِ إِذا كانت بَضَّةَ البَشَرَةِ إِذا جُرِّدَتْ من ثوبها. أَبو زيد: يقال للرجل إِذا كان مُسْتَحْيياً ولم يكن بالمنبسِطِ في الظهور: ما أَنتَ بمنجَرِدِ السِّلْكِ.
والمتجرِّدةُ: اسم امرأَةِ النعمانِ بن المنذِر ملك الحَيرةِ.
وفي حديث الشُّراةِ: فإِذا ظهروا بين النَّهْرَينِ لم يُطاقوا ثم يَقِلُّون حتى يكون آخرهُم لُصوصاً جرَّادين أَي يُعْرُون الناسَ ثيابهم ويَنْهَبونها؛ ومنه حديث الحجاج؛ قال الأَنس: لأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرِّدُ الضبُّ أَي لأَسْلُخَنَّك سلخَ الضبِّ، لأَنه إِذا شوي جُرَّدَ من جلده، ويروى: لأَجْرُدَنَّك، بتخفيف الراء.
والجَرْدُ: أَخذ الشيء عن الشيء عَسْفاً وجَرْفاً؛ ومنه سمي الجارودُ وهي السنة الشديدة المَحْل كأَنها تهلك الناس؛ ومنه الحديث: وبها سَرْحةٌ سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً لم تُقْتَلْ ولم تُجَرَّدْ أَي لم تصبها آفة تهلك ثَمرها ولا ورقها؛ وقيل: هو من قولهم جُرِدَتِ الأَرضُ، فهي مجرودة إِذا أَكلها الجرادُ.
وجَرَّدَ السيفَ من غِمْدِهِ: سَلَّهُ.
وتجرَّدَتِ السنبلة وانجَرَدَتْ: خرجت من لفائفها، وكذلك النَّورُ عن كِمامِهِ.
وانجردت الإِبِلُ من أَوبارها إِذا سقطت عنها.
وجَرَّدَ الكتابَ والمصحفَ: عَرَّاه من الضبط والزيادات والفواتح؛ ومنه قول عبدالله بن مسعود وقد قرأَ عنده رجل فقال أَستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال: جَرِّدوا القرآنَ لِيَرْبُوَ فيه صغيركم ولا يَنْأَى عنه كبيركم، ولا تَلبِسوا به شيئاً ليس منه؛ قال ابن عيينة: معناه لا تقرنوا به شيئاً من الأَحاديث التي يرويها أَهل الكتاب ليكون وحده مفرداً، كأَنه حثَّهم على أَن لا يتعلم أَحد منهم شيئاً من كتب الله غيره، لأَن ما خلا القرآن من كتب الله تعالى إِنما يؤخذ عن اليهود والنصارى وهم غير مأْمونين عليها؛ وكان إِبراهيم يقول: أَراد بقوله جَرِّدوا القرآنَ من النَّقْط والإِعراب والتعجيم وما أَشبهها، واللام في ليَرْبُوَ من صلة جَرِّدوا، والمعنى اجعلوا القرآن لهذا وخُصُّوه به واقْصُروه عليه، دون النسيان والإِعراض عنه لينشأَ على تعليمه صغاركم ولا يبعد عن تلاوته وتدبره كباركم.
وتجرَّدَ الحِمارُ: تقدَّمَ الأُتُنَ فخرج عنها.
وتجَرَّدَ الفرسُ وانجرَدَ: تقدَّم الحَلْبَةَ فخرج منها ولذلك قيل: نَضَا الفرسُ الخيلَ إِذا تقدّمها، كأَنه أَلقاها عن نفسه كما ينضو الإِنسانُ ثوبَه عنه.
والأَجْرَدُ: الذي يسبق الخيلَ ويَنْجَرِدُ عنها لسرعته؛ عن ابن جني.
ورجلٌ مُجْرَد، بتخفيف الراء: أُخْرِجَ من ماله؛ عن ابن الأَعرابي.
وتجَرَّدَ العصير: سكن غَلَيانُه.
وخمرٌ جَرداءُ: منجردةٌ من خُثاراتها وأَثفالها؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد للطرماح: فلما فُتَّ عنها الطينُ فاحَتْ، وصَرَّح أَجْرَدُ الحَجَراتِ صافي وتجَرَّدَ للأَمر: جَدَّ فيه، وكذلك تجَرَّد في سيره وانجَرَدَ، ولذلك قالوا: شَمَّرَ في سيره.
وانجرَدَ به السيرُ: امتَدَّ وطال؛ وإِذا جَدَّ الرجل في سيره فمضى يقال: انجرَدَ فذهب، وإِذا أَجَدَّ في القيام بأَمر قيل: تجَرَّد لأَمر كذا، وتجَردَّ للعبادة؛ وروي عن عمر: تجرَّدُوا بالحج وإِن لم تُحرِموا. قال إِسحق بن منصور: قلت لأَحمد ما قوله تجَرَّدوا بالحج؟ قال: تَشَبَّهوا بالحاج وإِن لم تكونوا حُجَّاجاً، وقال إِسحق بن إِبراهيم كما قال؛ وقال ابن شميل: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ وتجَرَّدَ بالحج إِذا أَفرده ولم يُقْرِنْ.
والجرادُ: معروف، الواحدةُ جَرادة تقع على الذكر والأُنثى. قال الجوهري: وليس الجرادُ بذكر للجرادة وإِنما هو اسم للجنس كالبقر والبقرة والتمر والتمرة والحمام والحمامة وما أَشبه ذلك، فحقُّ مذكره أَن لا يكون مؤنثُه من لفظه لئلا يلتبس الواحدُ المذكرُ بالجمع؛ قال أَبو عبيد: قيل هو سِرْوَةٌ ثم دبى ثم غَوْغاءُ ثم خَيْفانٌ ثم كُتْفانُ ثم جَراد، وقيل: الجراد الذكر والجرادة الأُنثى؛ ومن كلامهم: رأَيت جَراداً على جَرادةٍ كقولهم: رأَيت نعاماً على نعامة؛ قال الفارسي: وذلك موضوعٌ على ما يحافظون عليه، ويتركون غيرَه بالغالب إِليه من إِلزام المؤَنث العلامةَ المشعرةَ بالتأْنيث، وإِن كان أَيضاً غير ذلك من كلامهم واسعاً كثيراً، يعني المؤَنث الذي لا علامة فيه كالعين والقدْر والعَناق والمذكر الذي فيه علامةُ التأْنيث كالحمامة والحَيَّة؛ قال أَبو حنيفة: قال الأَصمعي إِذا اصفَرَّت الذكورُ واسودت الإِناثُ ذهب عنه الأَسماء إِلا الجرادَ يعني أَنه اسم لا يفارقها؛ وذهب أَبو عبيد في الجراد إِلى أَنه آخر أَسمائه كما تقدم.
وقال أَعرابي: تركت جراداً كأَنه نعامة جاثمة.
وجُردت الأَرضُ، فهي مجرودةٌ إِذا أَكل الجرادُ نَبْتَها.
وجَرَدَ الجرادُ الأَرضَ يَجْرُدُها جَرْداً: احْتَنَكَ ما عليها من النبات فلم يُبق منه شيئاً؛ وقيل: إِنما سمي جَراداً بذلك؛ قال ابن سيده: فأَما ما حكاه أَبو عبيد من قولهم أَرضٌ مجرودةٌ، من الجراد، فالوجه عندي أَن يكون مفعولةً من جَرَدَها الجرادُ كما تقدم، وللآخر أَن يعني بها كثرةَ الجراد، كما قالوا أَرضٌ موحوشةٌ كثيرةُ الوحش، فيكون على صيغة مفعول من غير فعل إِلا بحسب التوهم كأَنه جُردت الأَرض أَي حدث فيها الجراد، أَو كأَنها رُميَتْ بذلك، فأَما الجرادةُ اسم فرس عبدالله بن شُرَحْبيل، فإِنما سميت بواحد الجراد على التشبيه لها بها، كما سماها بعضهم خَيْفانَةً.
وجَرادةُ العَيَّار: اسم فرس كان في الجاهلية.
والجَرَدُ: أَن يَشْرَى جِلْدُ الإِنسان من أَكْلِ الجَرادِ.
وجُردَ الإِنسانُ، بصيغة ما لم يُسَمَّ فاعلهُ، إِذا أَكل الجرادَ فاشتكى بطنَه، فهو مجرودٌ.
وجَرِدَ الرجلُ، بالكسر، جَرَداً، فهو جَرِدٌ: شَرِيَ جِلْدُه من أَكل الجرادِ.
وجُرِدَ الزرعُ: أَصابه الجرادُ.
وما أَدري أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيُّ الناس ذهب به.
وفي الصحاح: ما أَدري أَيُّ جَرادٍ عارَه.
وجَرادَةُ: اسمُ امرأَةٍ ذكروا أَنها غَنَّتْ رجالاً بعثهم عاد إِلى البيت يستسقون فأَلهتهم عن ذلك؛ وإِياها عنى ابن مقبل بقوله: سِحْراً كما سَحَرَتْ جَرادَةُ شَرْبَها، بِغُرورِ أَيامٍ ولَهْوِ ليالِ والجَرادَتان: مغنيتان للنعمان؛ وفي قصة أَبي رغال: فغنته الجرادَتان. التهذيب: وكان بمكة في الجاهلية قينتان يقال هما الجرادتان مشهورتان بحسن الصوت والغناء.
وخيلٌ جريدة: لا رَجَّالَةَ فيها؛ ويقال: نَدَبَ القائدُ جَريدَةً من الخيل إِذا لم يُنْهِضْ معهم راجلاً؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً وأُتُنَه:يُقَلِّبُ بالصَّمَّانِ قُوداً جَريدةً، تَرامَى به قِيعانُهُ وأَخاشِبُه قال الأَصمعي: الجَريدةُ التي قد جَرَدَها من الصِّغار؛ ويقال: تَنَقَّ إِبلاً جريدة أَي خياراً شداداً. أَبو مالك: الجَريدةُ الجماعة من الخيل.والجاروديَّةُ: فرقة من الزيدية نسبوا إِلى الجارود زياد بن أَبي زياد.ويقال: جَريدة من الخيل للجماعة جردت من سائرها لوجه.
والجَريدة: سَعفة طويلة رطبة؛ قال الفارسي: هي رطبةً سفعةٌ ويابسةً جريدةٌ؛ وقيل: الجريدة للنخلة كالقضيب للشجرة، وذهب بعضهم إِلى اشتقاق الجريدة فقال: هي السعفة التي تقشر من خوصها كما يقشر القضيب من ورقه، والجمع جَريدٌ وجَرائدُ؛ وقيل: الجريدة السعَفة ما كانت، بلغة أَهل الحجاز؛ وقيل: الجريد اسم واحد كالقضيب؛ قال ابن سيده: والصحيح أَن الجريد جمع جريدة كشعير وشعيرة، وفي حديث عمر: ائْتني بجريدة.
وفي الحديث: كتب القرآن في جَرائدَ، جمع جريدة؛ الأَصمعي: هو الجَريد عند أَهل الحجاز، واحدته جريدة، وهو الخوص والجردان. الجوهري: الجريد الذي يُجْرَدُ عنه الخوص ولا يسمى جريداً ما دام عليه الخوص، وإِنما يسمى سَعَفاً.
وكل شيء قشرته عن شيء، فقد جردته عنه، والمقشور: مجرود، وما قشر عنه: جُرادة.
وفي الحديث: القلوب أَربعة: قلب أَجرَدُ فيه مثلُ السراج يُزْهِرُ أَي ليس فيه غِلٌّ ولا غِشٌّ، فهو على أَصل الفطرة فنور الإِيمان فيه يُزهر.
ويومٌ جَريد وأَجْرَدُ: تامّ، وكذلك الشهر؛ عن ثعلب.
وعامٌ جَريد أَي تامّ.
وما رأَيته مُذْ أَجْرَدانِ وجَريدانِ ومُذْ أَبيضان: يريدُ يومين أَو شهرين تامين.
والمُجَرَّدُ والجُردانُ، بالضم: القضيب من ذوات الحافر؛ وقيل: هو الذكر معموماً به، وقيل هو في الإِنسان أَصل وفيما سواه مستعار؛ قال جرير: إِذا رَوِينَ على الخِنْزِير من سَكَرٍ، نادَيْنَ: يا أَعظَمَ القِسَّين جُرْدانا الجمع جَرادين.
والجَرَدُ في الدواب: عيب معروف، وقد حكيت بالذال المعجمة، والفعل منه جَرِدَ جَرَداً. قال ابن شميل: الجَرَدُ ورم في مؤَخر عرقوب الفرس يعظم حتى يمنعَه المشيَ والسعيَ؛ قال أَبو منصور: ولم أَسمعه لغيره وهو ثقة مأْمون.
والإِجْرِدُّ: نبت يدل على الكمأَة، واحدته إِجْرِدَّةٌ؛ قال: جَنَيْتُها من مُجْتَنىً عَويصِ، من مَنْبِتِ الإِجْرِدِّ والقَصيصِ النضر: الإِجْرِدُّ بقل يقال له حب كأَنه الفلفل، قال: ومنهم من يقول إِجْرِدٌ، بتخفيف الدال، مثل إِثمد، ومن ثقل، فهو مثل الإِكْبِرِّ، يقال: هو إِكْبِرُّ قومه.
وجُرادُ: اسم رملة في البادية.
وجُراد وجَراد وجُرادَى: أَسماء مواضع؛ ومنه قول بعض العرب: تركت جَراداً كأَنها نعامة باركة.
والجُراد والجُرادة: اسم رملة بأَعلى البادية.
والجارد وأُجارد، بالضم: موضعان أَيضاً، ومثله أُباتر.
والجُراد: موضع في ديار تميم. يقال: جَرَدُ القَصِيم والجارود والمجرد وجارود أَسماء رجال.
ودَرابُ جِرْد: موضع. فأَما قول سيبويه: فدراب جرد كدجاجة ودراب جردين كدجاجتين فإِنه لم يرد أَن هنالك دراب جِرْدين، وإِنما يريد أَن جِرْد بمنزلة الهاء في دجاجة، فكما تجيء بعلم التثنية بعد الهاء في قولك دجاجتين كذلك تجيء بعلم التثنية بعد جرد، وإِنما هو تمثيل من سيبويه لا أَن دراب جردين معروف؛ وقول أَبي ذؤيب: تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ بِجَرْداءَ، مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو عُرابُها يعني صخرة ملساء؛ قال ابن بري يصف مشتاراً للعسل تدلى على بيوت النحل.
والسبّ: الحبل.
والخيطة: الوتد.
والهاء في قوله عليها تعود على النحل.
وقوله: بجرداء يريد به صخرة ملساء كما ذكر.
والوكف: النطع شبهها به لملاستها، ولذلك قال: يكبو غرابها أَي يزلق الغراب إِذا مشى عليها؛ التهذيب: قال الرياشي أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم: أَلا لها الوَيْلُ على مُبين، على مبين جَرَدِ القَصِيم قال ابن بري: البيت لحنظلة بن مصبح، وأَنشد صدره: يا رِيَّها اليومَ على مُبين مبين: اسم بئر، وفي الصحاح: اسم موضع ببلاد تميم. نبت.
والأَجاردة من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ؛ وأَنشد في مثل ذلك: يطعُنُها بخَنْجَرٍ من لحم، تحت الذُّنابى في مكانٍ سُخْن وقيل: القَصيم موضع بعينه معروف في الرمال المتصلة بجبال الدعناء.
ولبن أَجْرَدُ: لا رغوة له؛ قال الأَعشى: ضَمِنَتْ لنا أَعجازَه أَرماحُنا، مِلءَ المراجِلِ، والصريحَ الأَجْرَدا

قلزم (لسان العرب) [3]


القَلْزَمَةُ: ابْتِلاع الشيء، وفي المحكم. الابتلاع؛ أَنشد ابن الأعرابي: ولا ذِي قَلازِمَ عِندَ الحِياض، إذاما الشَّريبُ أَرادَ الشَّريبا فأَما اشتقاقه من القَلْز الذي هو الشرب الشديد فبعيد. يقال: تَقَلْزمَه إذا ابتلعه والْتَهَمَه، وبحر القُلْزُم مشتق منه، وبه سمي القلزم لالتهامه من ركبه، وهو المكان الذي غرق فيه فرعون وآلُه؛ قال ابن خالويه: القُلْزُم مقلوب من الزُّلقُم وهو البحر.
والزَّلْقمةُ: الاتساع؛ وقوله: قد صَبَّحَتْ قُلَيْزِماً قذوما إنما أَخذه من بحر القلزم شبه البئر في غُزرها به وصغرها على جهة المدح كقول أَوس: فُوَيْقَ جُبَيْلٍ شامِخِ الرأسِ لم يكن لِيُدْرِكَه، حتَّى يَكِلَّ ويَعْملا (* قوله «فويق جبيل إلى آخر البيت» ما . . . أكمل المادة بعده موجود في النسخة التي كانت في قف السلطان الأشرف وهي العمدة، وتقدم في مادة ق ص م: باتت تعشى الليل بالقصيم * لبابة من همق عيشوم وفي المحكم والتهذيب: لباية، بلام مضمومة ومثناة تحتية، وفسرها في التهذيب فقال: اللباية شجر الأمطى، وفيه: عيشوم، بالعين، وفي المحكم: هيشوم، بالهاء بدل العين).

كسم (لسان العرب) [3]


ابن الأَعرابي: الكَسْمُ الكَدُّ على العيال من حرام أَو حلال، وقال: كَسَمَ وكَسَبَ واحد.
والكَسْم: البَقية تَبْقى في يدك من الشيء اليابس.
والكَسْمُ: فَتُّك الشيء بيدك ولا يكون إلا من شيء يابس، كَسَمه يَكْسِمه كَسْماً؛ وقول الشاعر: وحامِل القِدْر أَبو يَكْسُوم يقال: جاء يَحْمِل القِدْر إذا جاء بالشر.
والكَيْسُوم: الكثير من الحشيش، ولُمْعة أُكْسُوم وكَيْسُوم؛ أَنشد أبو حنيفة: باتَتْ تُعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيمِ، ومِنْ حَليٍّ وَسْطَه كَيْسُومِ الأَصمعي: الأَكاسِمُ اللُّمَعُ من النبت المتراكبة. يقال: لُمْعةٌ أُكْسُومٌ أَي مُتراكِمة؛ وأَنشد: أَكاسِماً للِطَّرْفِ فيها مُتَّسَعْ، ولِلأَيُولِ الآيلِ الصَّبّ فَنَعْ وقال غيره: روضة أُكْسُومٌ ويَكْسُوم أَي نَدِيَّة كثيرة، وأَبو يَكْسُوم من ذلك: صاحب الفيل؛ . . . أكمل المادة قال لبيد: لو كان حَيٌّ في الحياة مُخَلَّداً، في الدَّهْر، أَلْفاه أَبو يَكْسُوم وكَيْسوم، فَيْعُول: منه.
وخَيْل أَكاسِمُ أَي كثيرة يكاد يركب بعضها بعضاً.
وَكَيْسَمٌ: أَبو بطن من العرب مشتق من ذلك.
وكَيْسُومٌ: اسم وهو أَيضاً موضع، مُعَرَّب.
ويَكْسُوم: اسم أَعجمي.
ويَكْسُوم: موضع.

هشر (لسان العرب) [3]


الهَشْرُ: خِفَّة الشيء ورِقَّتُه.
ورجل هَيْشَرٌ: رِخْوٌ ضعيف طويل.
والهَيْشَرُ والهَيْشُور: شجر، وقيل: نبات رِخْوٌ فيه طول على رأْسه بُرْعُومَةٌ كأَنه عنق الرَّأْلِ؛ قال ذو الرمة يصف فراخ النَّعام: كأَن أَعْناقَها كُرَّاثُ سائِفَةٍ طارَتْ لَفائِفُه، أَوْ هَيْشَرٌ سُلُبُ أَي مَسْلُوبُ الورق؛ وقال الراجز: باتتْ تَعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيم، لُبايَةً من هَمِقٍ هَيْشُور* قوله« لباية» بموحدة فمثناة تحتية بينهما ألف، كذا بالأصل ونسخة من القاموس شرح عليها السيد مرتضى وصوَّبها.
وفي نسخ من الصحاح والقاموس: لبابة بموحدتين.
وفي رواية: هَيْشُوم، وقيل: الهيشور شجر ينبت في الرمل يطول ويستوي وله كمأَة، البَزْرُ في رأْسه.
والسائفة: ما استرق من الرمل. غيره: الهَيْشَرُ كَنْكَرُ البَرِّ ينبت في . . . أكمل المادة الرمال. ابن الأَعرابي: الهُشَيْرَةُ تصغير الهُشْرَةِ، وهي البَطَرُ.
وفي النوادر: شجرة هَشُورٌ وهَشِرَةٌ وهَمُورٌ وهَمِرَةٌ إِذا كان ورقها يسقط سريعاً.
وقال أَبو حنيفة: من العُشْب الهَيْشَرُ وله ورقة شاكَةٌ فيها شَوْكٌ ضخم وهو يُسَمِّقُ، وزهرته صفراء وتطولُ، له قصبةٌ من وسطه حتى تكون أَطول من الرجل، واحدته هَيْشَرَةٌ.
والمِهْشارُ من الإِبل: التي تَضْبعُ قَبْلَها* قوله« التي تضبع قبلها» أي تشتهي الفحل قبل الابل.
ووقع في القاموس: التي تضع أي من الوضع قبلها أي بضمتين، وخطأه شارحه وصوّت ما في اللسان وصوّب وتَلْقَحُ في أَوّل ضَرْبَة ولا تُمارِنُ.
والمَهْشُورُ من الإِبل: المُحْتَرِقُ الرِّئَةِ.

أور (مقاييس اللغة) [3]



الهمزة والواو والراء أصلٌ واحد، وهو الحرّ. قال الخليل: الأُوار: حَرّ الشّمس، وحَرّ التَّنُّور.
ويقال أرضٌ أَوِرَةٌ. قال: وربما جمعوا الأُوَارَ على الأُورِ.
وأُوَارَةُ: مكان.
ويوم أُوارةَ كان أنّ عمرَو بنَ المنذر اللخميّ بَنَّى زُرارةَ بن عُدس ابناً لـه يقال لـه أسعد، فلما تَرَعرَع الغُلامُ مرّتْ به ناقةٌ كَوماءُ فرمى ضَرعَها، فشَدَّ عليه ربُّها سُوَيْدٌ أحدُ بني عبد الله بن دارم فقتله، ثمّ هرب سُوَيدٌ فلحق مكّة، وزُرارة يومئذٍ عند عمرو بن المنذر، فكتَمَ قتْلَ ابنه أسعد، وجاء عمرو بن مِلْقط الطائيُّ –وكانت في نفسه حَسيكةٌ على زُرارة- فقال:
وحوادث الأيّام لا      يَبقَى لها إلاّ الحجارَه

وحوادث الأيّام لافقال عمرو بن المنذر: . . . أكمل المادة يا زُرارةُ [ما تقول؟]. قال: كذب، وقد علمتَ عداوته لي. قال: صدقْتَ: فلما جَنَّ عليه اللّيلُ اجلَوَّذَ زُرارة ولحق بقومه، ثم لم يلبث أن مرِض ومات، فلمّا بلغ عَمراً موتُه غزا بني دارم، وكان حَلَفَ ليقتُلنَّ منهم مائةً، فجاء حتَّى أناخ على أُوارة وقد نَذِرُوا وفرّوا، فقتل منهم تسعةً وتسعين، فجاءه رجلٌ من البراجم شاعرٌ ليمدحَه، فأخذَهُ فقتله ليُوَفِّيَ به المائَةَ، وقال: "إنّ الشقيّ وافِدُ البَرَاجم".
وقال الأعشى في ذلك:
أبناءَ قَومٍ قُتِّلُوا      يومَ القُصَيبةِ من أُوَارَهْ

والأُوَار: المكانُ. قال:
مِن اللائِي غُذِينَ بغير بُؤْسٍ      مَنَازِلُها القَصِيمةُ فالأُوَارُ

وعث (لسان العرب) [2]


الوَعْثُ: المكان السَّهْلُ الكثير الدَّهِسُ، تغيب فيه الأَقدام. قال ابن سيده: الوَعْثُ من الرمل ما غابت فيه الأَرجل والأَخفاف؛ وقيل: الوَعْثُ من الرمل ما ليس بكثير جداً؛ وقيل: هو المكان اللين؛ أَنشد ثعلب:ومِنْ عاقِرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، عِذارَيْن مِن جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها رفع خصورها بِوَعْثٍ لأَنه في معنى لَيِّنٍ، فكأَنه قال: لين خصورها، والجمعُ وُعْثٌ (* قوله «والجمع وعث» كذا بالأصل المعول عليه بهذا الضبط.) ووُغُوثٌ.
وحكى الأَزهري عن خالد بن كلثوم: الوَعْثاءُ ما غابت فيه الحوافِرُ والأَخفافُ من الرمل الرقيق والدَّهاسِ من الحصى الصغار وشبهه. قال: وقال أَبو زيد: يقال طريق وَعْثٌ في طريق وَعُوثٍ.
ويقال: الوَعَثُ رِقَّةُ التراب . . . أكمل المادة ورخاوة الأَرض تغيب فيه قوائم الدواب؛ ونَقاً مُوَعَّثٌ إِذا كان كذلك.
وقال الأَصمعي: الوَعْثُ كلُّ لَيِّنٍ سهل.
وحكى الفراءُ عن أَبي قَطَرِيٍّ: أَرضٌ وَعْثَةٌ ووَعِثَةٌ، وقد وَعُثَتْ وَعْثاً، وقال غيره: وُعُوثةً ووَعاثةً. قال ابن سيده: وَعِثَ الطريقُ وَعْثاً ووَعَثاً، ووَعُثَ وُعُوثةً، كلاهما: لانَ فصار كالوَعْثِ.
وأَوْعَثَ: وَقَع في الوَعْثِ.
وأَوْعَثُوا: وقَعُوا في الوَعْثِ؛ وأَوْعَثَ البعيرُ؛ قال رؤْبة: ليس طريقُ خَيْره بالأَوْعَثِ وامرأَة وَعْثَةٌ: كثيرةُ اللحم كأَنَّ الأَصابع تَسُوخُ فيها من لينها وكثرة لحمها. قال ابن سيده: ومَرَةٌ وَعْثَةُ الأَرداف: لَيِّنَتُها؛ فأَما قول رؤْبة: ومِنْ هَوايَ الرُّجُحُ الأَثائِثُ، تُميلُها أَعْجازُها الأَواعِثُ فقد يكون جَمَع وَعْثاً على غير قياس، وقد يكون جَمَع وَعْثاءَ على أَوْعُثٍ، ثم جَمَع أَوْعُثاً على أَواعِثَ. قال: والوَعْثاءُ كالوَعْثِ؛ وقالوا: على ما خَيَّلَتْ وَعْثُ القَصِيم إِذا أَمرته بركوب الأَمر على ما فيه، وهو مَثَلٌ.
ووَعْثاءُ السفر: مشقته وشدّته.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه إِذا كان سافَر سفراً قال: اللهم إِنا نعوذ بك من وَعْثاءِ السَّفَر، وكآبة المُنْقَلَبِ أَي شدّته ومشقته؛ قال أَبو عبيد: هو شدة النصَب والمشقة، وكذلك هو في المآثم؛ قال الكميت يذكر قضاعة وانتسابهم إِلى اليمن: وابنُ ابْنِها مِنَّا ومنكم، وبَعْلُها خُزَيْمَةُ، والأَرْحامُ وَعْثاءُ حُوبُها يقول: إِن قطيعة الرحم مَأْثَمٌ شديدٌ، وإِنما أَصل الوَعْثاء من الوَعْثِ، وهو الدَّهِسُ معا الرمال (* قوله «وهو الدهس معا الرمال» كذا بالأصل المعول عليه بأيدينا ولعله الدهس من الرمال أو نحو ذلك.) الرقيقة، والمشي يشتدّ فيه على صاحبه، فجعل مَثَلاً لكل ما يشق على صاحبه.
وفي الحديث: مَثَلُ الرزق كَمَثَل حائط له باب، فما حولَ البابِ سُهُولَةٌ، وما حولَ الحائط وَعْثٌ وَوَعْرٌ.
وفي حديث أُمِّ زرع: على رأْس قَوْرٍ وَعْثٍ.
والوُعُوثُ: الشِّدَّةُ والشَّرُّ؛ قال صخر الغيِّ: يُحَرِّضُ قَوْمَه كيْ يَقْتُلوني، على المُزَنيِّ، إِذ كَثُرَ الوُعُوثُ ويقال للعظم المكسور المَوْقورِ: وَعْثٌ.ورجلٌ مَوْعوثٌ: ناقصُ الحسَب.
وَأَوْعَثَ فُلانٌ إِيعاثاً إِذا خَلَّطَ.
والوَعْثُ: فسادُ الأَمر واختلاطه، ويجمع على وُعُوثٍ.
وَأَوْعَثَ في ماله، وأَقْعَثَ في ماله، وطَأْطَأَ الرَّكْضَ في ماله: أَسْرَفَ فيه.
وقال الأَزهري في ترجمة وعث: تقول وَعَثْتُهُ عن كذا وعَوَّثْتُه أَي صرفته.

سرف (العباب الزاخر) [2]


السَّرَفْ: ضد القصد. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا ينتَهِبُ الرجل نهبة ذاة سَرَفٍ وهو مؤمن. أي ذاة شَرَفٍ، أي ذاة قدر كثير يُنكِر ذلك الناس ويتشرفون إليه ويستعظمونه، ويُروى بالشين المعجمة. والسَّرَفُ -أيضاً-: الإغفال والخطأ، وقد سَرِفْتُ الشيء -بالكسر-: إذا أغفلته وجهلته.
وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم؛ فقيل له في ذلك فقال: مررت بكم فَسَرِفْتُكُم: أي أغْفَلْتُكم، ومنه قول جرير:
أعطوا هُنيدة يحدوها ثمـانـية      ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَفُ

أي إغفال ولا خطأ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المُسْتَحِقَّ. ورجل سَرِفُ الفؤاد: أي مُخْطِئ الفؤاد غافلُهُ، . . . أكمل المادة قال طرفة بن العبد:
إن إمرءً سَرِفَ الفؤاد يرى      عَسَلا بماء سَحَابَةٍ شتمي

والسَّرَفُ -أيضاً-: الضراوة، ومنه حديث عائشة -رضي الله عنها-: إن لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخمر.
والمعنى: أن مَن اعتاده ضري بأكله فأسرف فيه فعل المعاقر في ضراوته بالخمر وقلة صبره عنها.
ووجه آخر: أن تريد بالسَّرَفِ الغَفلَةَ.
ويجوز أن يكون من سَرِفَتِ المرأة صبيها إذا أفسدته بكثرة اللبن، تعني الفساد الحاصل من جهة غلظة القلب وقسوته والجرأة على المعصية والانبعاث للشهوة. وسَرِفُ -مثال كَتِفٍ-: موضع قريب من التنعيم، وتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية -رضي الله عنها- بِسَرِفَ سنة سبعٍ من الهجرة في عمر القضاء، وبنى بها بِسَرِفَ، وكانت وفاتها-أيضا-بِسَرِفَ، ودفنت هنالك. قال خداش بن زهير:
فإن سمعتم بجيشٍ سـالـك سـرفـاً      أو بطن مرَّ فأخفوا الجرس واكتتموا

وقال عبيد الله بن قيس الرُّقيات:
سَرِفٌ منزل لسلمةَ فالظه      ران منها منازل فالقصيمُ

والسُّرْفَةُ: دويبة تتخذ لنفسها بيتا مربعا من دُقَاقِ العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناوُوْسِ ثم تدخل فيه وتموت.
وفي المثل: هو أصنع من سُرْفَةٍ.
وقد سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشجرة تَسْرُفُها سَرْفاً: إذا أكلت ورقها؛ عن ابن السكيت.
وسُرِفَتِ الشجرة فهي مَسْرُوْفَةٌ.
وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: ولم تُسْرَفْ، وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ج ر د.
وأرض سَرِفَةٌ: كثيرة السُّرْفَةِ. وقال ابن عبّاد: السًّرُفُ: شيء أبيض كأنه نسج دود القز. والسَّرُوْفُ: الشديد العظيم، يقال يوم سَرُوْفٌ: أي عظيم. وقال غيره: الأُسْرُفُ: الآنُكُ، فارسي معرب، وهو تعريب سُرُبْ. وذهب ماء الحوض سرفاً: إذا فاض من نواحيه. والسَّرِيْفُ: سطر من كَرْمٍ. واسرافيل: اسم أعجمي كأنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة: اسْرَافِيْنُ؛ كما قالوا جبرين واسماعين واسْرَائينُ.
والإسراف في النفقة: التبذير، قال الله تعالى: (ولا تُسْرِفُوا) الإسراف: أكل ما لا يحل أكله، وقيل: هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله الله، وقال سفيان: الإسْرَافُ ما أُنْفِقَ في غير طاعة الله، وقال إياس بن معاوية: ما قُصِرَ به عن حق الله. وقوله تعالى: (مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي كافرٌ شاك. ومُسْرِفٌ: لقب مسلم بن عقبة المُرِّيِّ صاحب وقعة الحرة؛ لأنه قد أسْرَفَ فيها، قال علي بن عبد الله بن العباس:
هم منعوا ذِماري يوم جاءت      كتائب مُسْرِفٍ وبنو اللَّكِيْعَه

والتركيب يدل على تعدي الحد وعلى الإغفال للشيء.

كفأ (العباب الزاخر) [1]


كَفَأْتُ القوم كَفْأً: إذا أرادوا وجها فصرفْتهم إلى غيره. وكَفَأْتُ الإناء: كَببته وقلبْته. وكَفَأَه: تبِعه. وكَفَأَتِ الغنم في الشعب: دَخَلَت فيه. والكِفَاءُ -بالكسر والمد-: شُقَّة أو شُقّتان تُنصح إحداهما بالأخرى ثم يُخلُّ به مؤخَّر الخِباء. وأصبح فلان كَفِئَ اللون -على فَعِيْلٍ-: أي متغيره، كأنه كُفئَ فهو مَكْفُوْءٌ وكَفِئٌ.
والكَفِئُ -أيضاً-: النظير، وكذلك الكُفء ولكُفَوْءُ -بالضم فيهما على فُعْلٍ وفُعُوْل -واكِفءُ- بالكسر، وقرأ سليمان بن علي الهاشمي: (ولم يكُن له كِفْأً أحَدٌ) بالكسر -والكِفَاءُ-مثال الكِساء-، وهو في الأصل مصدر. والكِفءُ -بالكسر- والكَفِيءُ: بطن الوادي.
والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ -بالفتح والضم-: نتاج الإبل سنة، يقال: أعطني كَفْأَةَ ناقتك وكُفْأَةَ ناقتك.
ويقال: أكْفَأْتُ إبلي كُفْأَتَيْن: إذا جعلتها نصفين تنتِج كل عام نصفها وتترك . . . أكمل المادة نصفا، لأن أفضل النِّتاج أن تحمل على الإبل الفُحولة عاماً وتترك عاماً كما يُصنع بالأرض في الزراعة، قال ذو الرمة:
كِلا كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ ولـم يَجِـدْ      له ثِيْلَ سَقْبٍ في النِّتاجَيْنِ لامِس

يقول: إنها نُتِجت إناثا كلّها، وهذا محمود عندهم. وأكْفَأْتُ الإناء: لغة في كَفْأْتُه: وقال الكسائي: أكْفَأْتُه: أمَلْتُه. وأكْفَأتُ البيت: جعلت له كِفَاءً. والإكْفَاءُ في الشعر: أن يُخالف بين قوافيه بعضها ميم وبعضها نون وبعضها دال وبعضها حاء وبعضها خاء، قال حنظلة ابن مصبِّح:
ألا لَها الوَيْلُ على مُبِـيْنِ      على مُبِيْنِ جَرَدِ القَصيمِ

ويورة: إن لها الرِّي على. هذا قول أبي زيد، وهو المعروف عند العرب، وقال الفرّاء: أكْفَأَ الشاعر: إذا خالف بين حركات الرَّوي وهو مثل الإقْواء، حكاه عنه ابن السكِّيت. وأكْفَأْتُ القوس: إذا أملت رأسها ولم تَنصبْها نصباً حين ترمي عنها، ومنه قول ذي الرمة:
قَطعتُ بها أرضاً تَرى وَجْهَ ركْبِها      إذا ما عَلَوْها مُكْفَأً غير ساجِـعِ

قال أبو زيد: يعني جائراً ير قاصد. وأكْفَأْتُ الرجل: أعطيته كُفْأَةَ ناقتي. وأكْفَأْتُ في سيري: إذا جُرْت عن القصد. ورجل مُكْفَأُ الوجه: كاسِفُه. ويقال بنى فلان ظُلَّة يكافئ بها عين الشمس: أي يدافع، ومنه حديث أبي ذَرّ الغفاري -رضي الله عنه-: لنا عَباءتان نكافئ بهما عين الشمس وإني لأخشى فضل الحساب. ويقال: كافَأ الرجل بين فارسين برُمحه: إذا والى بينهما فطعن هذا ثم هذا، قال الكُميت:
وعاثَ في غابِرٍ منها بِعَثْعَـثَةٍ      نَحْرَ المُكافِئِ والمَكْثُوْرُ يَهْاَبِلُ

وكافَأْتُه على ما كان منه: جازَيْته. وتقول: ما لي به قِبَلٌ ولا كِفاء: أي ما لي طاقة على أن أُكافِئه. وكل شيء ساوى شيئاً فهو مكافئ.
وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: في العقيقة عن الغلام شاتان مكافِئتان أو مكافَأتانأي كبَبْته، وقال الكسائي: وززززز وعن الجارية شاة، أي كل واحدة منهما مساوية لصاحبتها في السن، ولا فرق بين المكافِئتين والكافَأتين؛ لأن كل واحدة منهما إذا كافَأتْ أختها فقد مُوفِئَتْ؛ فهي مُكافِئة ومُكافأة؛ أو معادِلتان لما يجب في الزكاة والأضحية من الأسنان، ويحتمل في رواية من رَوى مكافأتان أن يراد مذبوحتان معا؛ من قولهم: كافأ الرجل بين بعيرين: إذا وَجَأ في لَبَّة هذا ثم لَبَّةِ هذا فنحرهُما معا، والشاهد بيت الكُميت الذي سبق. وتَكَفَّأتِ المرأة في مشيتها: ترَهْيَأت ومارات كما تتحرك النخلة العَيدانة، قال بِشر بن أبي خازم:
وكأنَّ ظُعْنَهُم غّداةَ تَحَمَّلُـوا      سُفُن تَكَفَّأُ في خليجٍ مُغْرَبِ

ويروى: تَكَفْكَفُ. والتَّكافُؤ: الاستواء، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون تَتَكافَأُ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناه ويَرُد عليهم أقصاهم وهم يد على من سِواهم، -ويروى: ويُجيز عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم- يرُد مُشِدُّهم على مُضعِفِهم ومُتسرِّيهم على قاعدهم لا يُقتل ملسم بكافر ولا ذو عهد في عهده، أي تتساوى في القصاص والدِّيات لا فضل فيها لِشريف على وضيع. وأكْفتَفَأْتُ الإناء: مثل كَفَأْتُه: أي قلبته. واستَكْفَأْتُ فلاناً ابِلَه: أي سألتُه نِتاج إبِلِه سنة. وأنْكَفَأ: رجع. وانْكَفَأ لونه: تغير، وفي حدي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أنه انْكَفَأَ لونه في عام الرمادة حين قال: لا آكل سَمنا ولا سِميناً وأنه اتخذ أيام كان يُطعِم الناس قِدحاً فيه فرْض وكان يَطوف على القِصاع فيغمر القِدْحَ فإن لم تَبلغ الثَّريدة الفرض فتعال فانظر ماذا يفعل بالذي ولِي الطعام. والتركي يدل على التساوي في الشيئين وعلى الميل والإمالة والاعوجاج.

أثل (لسان العرب) [1]


أَثْلَةُ كل شيء: أَصله؛ قال الأَعشى: أَلَسْتَ مُنْتَهياً عن نَحْتِ أَثْلَتِنا؛ ولَسْتَ ضائِرَها، منا أَطَّتِ الإِبلُ يقال: فلان يَنْحَِتُ أَثْلَتَنا إِذا قال في حَسبَه قبيحاً.
وأَثَلَ يأْثِل أُثولاً وتَأَثَّل: تأَصَّل.
وأَثَّل مالَه: أَصَّله.
وتَأَثَّل مالاً: اكتسبه واتخذه وثَمَّره.
وأَثَّل اللهُ مالَه: زكاه.
وأَثَّل مُلْكَه: عَظَّمه.
وتَأَثَّل هو: عَظُم.
وكلُّ شيء قديم مُؤَصَّلٍ: أَثيلٌ ومُؤَثَّل ومُتأَثِّل، ومال مؤَثَّل.
والتَّأَثُّلُ: اتخاذ أَصل مال.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال في وصيّ اليتيم: إِنه يأْكل من ماله غَيْرَ مُتَأَثِّل مالاً؛ قال: المتأَثل الجامع، فقوله غير متأَثل أَي غير جامع، وقال ابن شميل في قوله، صلى الله عليه وسلم: ولمن وليها أَنْ يَأْكُل ويُؤْكِلَ صَديقاً غيرَ مُتَأَثِّلٍ مالاً، . . . أكمل المادة يقال: مال مُؤَثَّل ومَجْدٌ مؤثَّل أَي مجموع ذو أَصل. قال ابن بري: ويقال مال أَثِيلٌ؛ وأَنشد لساعدة: ولا مال أَثِيل وكل شيء له أَصل قديم أَو جُمِعَ حتى يصير له أَصل، فهو مُؤَثَّل؛ قال لبيد: لله نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضل، وله العُلى وأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّل ابن الأَعرابي: المؤَثَّل الدائم.
وأَثَّلْتُ الشيءَ: أَدَمْتُه.
وقال أَبو عمرو: مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ له.
ويقال: أَثَّلَ اللهُ مُلْكاً آثِلاً أَي ثَبَّته؛ قال رؤبة: أَثَّل مُلْكاً خِنْدِفاً فَدَعَما وقال أَيضاً: رِبابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلا أَي ملكاً ذا أَثْلَةٍ.
والتأْثيل: التأْصيل.
وتأْثيل المجد: بناؤه.
وفي حديث أبي قتادة: إِنه لأَوَّلُ مال تَأَثَّلْتُه.
والأَثال، بالفتح: المحد، وبه سمي الرجل.
ومجد مُؤَثَّل: قديم، منه، ومجد أثيل أَيضاً؛ قال امرؤ القيس: ولكِنَّما أَسْعى لمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ، وقد يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثَّل أَمثالي والأَثْلَةُ والأَثَلَةُ: متاع البيت وبِزَّتُه.
وتَأَثَّلَ فلان بعد حاجة أَي اتخذ أَثْلَةً، والأَثْلة: المِيرةُ.
وأَثَّل أَهْلَه: كساهم أَفضل الكُسوة، وقيل: أَثَّلهم كساهم وأَحسن إِليهم.
وأَثَّلَ: كَثُرَ مالُه؛ قال طفيل: فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى به الخَطْبُ بعدما أَسافَ، ولولا سَعْيُنا لم يُؤَثِّل ورواية أَبي عبيد: فأَبّل ولم يُؤَبِّل.
ويقال: هم يَتَأَثَّلون الناسَ أَي يأْخذون منهم أَثالاً، والأَثال المال.
ويقال: تأَثَّل فلان بئراً إِذا احتفرها لنفسه. المحكم: وتَأَثَّلَ البئر حَفَرها؛ قال أَبو ذؤيب يصف قوماً حفروا بئراً، وشبه القبر بالبئر: وقد أَرْسَلُوا فُرّاطَهُم، فَتَأَثَّلوا قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَواعِد أَراد أَنهم حفروا له قبراً يُدْفَن فيه فسماه قليباً على التشبيه، وقيل: فتأَثّلوا قليباً أَي هَيَّأُوه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضاء، فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعمالَها فَسَّره فقال: تؤثل أَي تُلْزِمني، قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا.
والأَثْلُ: شجر يشبه الطَّرْفاء إِلا أَنه أَعظم منه وأَكرم وأَجود عُوداً تسوَّى به الأَقداح الصُّفْر الجياد، ومنه اتُّخِذ مِنبر سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ وفي الصحاح: هو نوع من الطَّرْفاء.
والأَثْل: أُصول غليظة يسوّي منها الأَبواب وغيرها وورقه عَبْلٌ كورق الطرفاء.
وفي الحديث: أَن منبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان من أَثْل الغابة، والغابة غَيْضة ذات شجر كثير وهي على تسعة أَميال من المدينة، قال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد من العضاه الأَثْل وهو طُوَال في السماء مستطيل الخشب وخشبه جيد يحمل من القرى فتبنى عليه بيوت المدر، وورقُه هَدَبٌ طُوَال دُقَاق وليس له شوك، ومنه تُصنع القِصَاع والجِفَان، وله ثمرة حمراء كأَنها أُبْنَة، يعني عُقْدة الرِّشاء، واحدته أَثْلة وجمعه أُثول كتَمْر وتُمور؛ قال طُرَيح: ما مُسْبِلٌ زَجَلُ البَعُوضِ أَنِيسُه، يَرْمي الجِراعَ أُثُولَها وأَراكَها وجمعه أَثَلاث.
وفي كلام بَيْهَسٍ الملقب بنَعامةَ: لكِنْ بالأَثَلات لَحْمٌ لا يُظَلِّل؛ يعني لحم إِخوته القَتْلى؛ ومنه قيل للأَصل أَثْلة؛ قال: ولسُمُوّ الأَثلة واستوائها وحسن اعتدالها شبه الشعراء المرأَة إِذا تم قَوامها واستوى خَلْقها بها؛ قال كُثَيِّر: وإِنْ هِيَ قامت، فما أَثْلَةٌ بعَلْيا تُناوحُ رِيحاً أَصيلا، بأَحْسَنَ منها، وإِن أَدْبَرَتْ فأَرْخٌ بِجُبَّةَ تَقْرْو خَمِيلا الأَرْخُ والإِرْخُ: الفَتيُّ من البَقَر.
والأُثَيْل: مَنْبِتُ الأَراك.وأُثَيْل، مصغَّر: موضع قرب المدينة وبه عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب عليه السلام.
وأُثال، بالضم: اسم جبل، وبه سمي الرجل أُثالاً.
وأُثالة: اسم.
وأَثْلة والأَثِيل: موضعان؛ وكذلك الأُثَيْلة.
وأُثال: بالقَصِيم من بلاد بني أَسد؛ قال: قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَع وذو المأْثول: وادٍ، قال كُثَيِّر عَزَّة: فلما أَنْ رأَيْتُ العِيسَ صَبَّتْ، بِذِي المأْثولِ، مُجْمِعَةَ التَّوالي

بين (لسان العرب) [1]


البَيْنُ في كلام العرب جاء على وجْهَين: يكون البَينُ الفُرْقةَ، ويكون الوَصْلَ، بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً، وهو من الأَضداد؛ وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر: لقد فَرَّقَ الواشِينَ بيني وبينَها، فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح: لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى، ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ فالبَينُ هنا الوَصْلُ؛ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر: كأَنَّ رِماحَنا أَشْطانُ بئْرٍ بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ وأَنشد أَيضاً: ويُشْرِقُ بَيْنُ اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل قال ابن سيده: ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً.
وفي التنزيل العزيز: لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون؛ قرئَ بينكم بالرفع . . . أكمل المادة والنصب، فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم، والنصبُ على الحذف، يريدُ ما بينكم، قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً، وقرأَ ابن كَثير وأَبو عَمْروٍ وابنُ عامر وحمزة بينُكم رفعاً، وقال أَبو عمرو: لقد تقطَّع بينُكم أَي وَصْلُكم، ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال: معناه تقطَّع الذي كانَ بينَكم؛ وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى: لقد تقطَّع ما كنتم فيه من الشَّركة بينَكم، ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد تقطَّع ما بينَكم، واعتمد الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود لِمَنْ قرأَ بينَكم، وكان أَبو حاتم يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول: من قرأَ بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما بينَكم، قال: ولا يجوز حذفُ الموصول وبقاء الصلةِ، لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ بمعنى إنّ الذي قام زيدٌ، قال أَبو منصور: وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ، لأَن الله جَلّ ثناؤه خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال: ولقد جئتمونا فُرادَى كما خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم؛ أَراد لقد تقطع الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم، فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر الشُّركاء، فافهمه؛ قال ابن سيده: مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين: أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو الودُّ بينََكم، والآخرُ ما كان يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم، وإن كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله، غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ الظرف، وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم إياه ظرفاً، إلا أَن استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من استعمالِها فاعِلةً، لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في الفاعل، أَلا ترى إلى قولهم: تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ أَي سماعُك به خيرٌ من رؤْيتك إياه.
وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً؛ وأَنشد ثعلب:فهاجَ جوىً في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى بَبَيْنُونةٍ، يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ والمُبايَنة: المُفارَقَة.
وتَبايَنَ القومُ: تَهاجَرُوا.
وغُرابُ البَين: هو الأَبْقَع؛ قال عنترة: ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ، وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ وقال أَبو الغَوث: غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ، فأَما الأَسْود فإِنه الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق.
وتقول: ضربَه فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه، فهو مُبِينٌ.
وفي حديث الشُّرْب: أَبِنِ القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ من الرِّيق، وهو من البَينِ البُعْد والفِراق.
وفي الحديث في صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً الذي بَعُدَ عن قَدِّ الرجال الطِّوال، وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً.
وحكى الفارسيُّ عن أَبي زيد: طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ، وذلك إذا طَلَب إليهما أَن يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ، ولا تكونُ البائنةُ إلا من الأَبوين أَو أَحدِهما، ولا تكونُ من غيرهما، وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى بانَ هو بذلك يَبينُ بُيُوناً.
وفي حديث الشَّعْبي قال: سمعتُ النُّعْمانَ بن بَشيرٍ يقول: سمعتُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، وطَلَبَتْ عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيُشْهدَه فقال: هل لك معه ولدٌ غيرُه؟ قال: نعم، قال: فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي أَبَنتَ هذا؟ فقال: لا، قال: فإني لا أَشهَدُ على هذا، هذا جَورٌ، أَشهِدْ على هذا غيري، أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في البرِّ واللُّطف؛ قوله: هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ واحدٍ مالاً تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه، والاسم البائنةُ.
وفي حديث الصديق: قال لعائشة، رضي الله عنهما: إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ.
وحكى الفارسي عن أَبي زيد: بانَ وبانَه؛ وأَنشد: كأَنَّ عَيْنَيَّ، وقد بانُوني، غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ وتبَايَنَ الرجُلانِ: بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه، وكذلك في الشركة إذا انفصلا.
وبانَت المرأَةُ عن الرجل، وهي بائنٌ: انفصلت عنه بطلاق.
وتَطْليقةٌ بائنة، بالهاء لا غير، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، أَي تَطْليقةٌ (* قوله «وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ» هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً). ذاتُ بَيْنونةٍ، ومثله: عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً.
وفي حديث ابن مسعود فيمن طَلق امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ: فقيل له إنها قد بانَتْ منك، فقال: صدَقُوا؛ بانَتِ المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقُه.
والطَّلاقُ البائِنُ: هو الذي لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ، وقد تكرر ذكرها في الحديث.
ويقال: بانَتْ يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً، وبانَ الخلِيطُ يَبينُ بَيْناً وبَيْنونةً؛ قال الطرماح: أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة ابن شميل: يقال للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت، وهُنّ قد بِنَّ إذا تزوَّجْنَ.
وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى زوجها، وبانَت هي إذا تزوجت، وكأَنه من البئر البعيدة أَي بَعُدَتْ عن بيت أَبيها.
وفي الحديث: مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ؛ يَبِنَّ، بفتح الياء، أَي يتزوَّجْنَ.
وفي الحديث الآخر: حتى بانُوا أَو ماتوا.
وبئرٌ بَيُونٌ: واسعةُ ما بين الجالَيْنِ؛ وقال أَبو مالك: هي التي لا يُصيبُها رِشاؤُها، وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم، وقيل: البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ الضَّيِّقَة الأَسْفَل؛ وأَنشد أَبو علي الفارسي: إِنَّك لو دَعَوْتَني، ودُوني زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ، لقُلْتُ: لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني فجعلها زَوْراءَ، وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ، والمَنْزَعُ: الموضعُ الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا نُزِع من البئر، فذلك الهواء هو المَنْزَعُ.
وقال بعضهم: بئرٌ بَيُونٌ وهي التي يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها؛ قال جرير يصف خيلاً وصَهِيلَها: يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد، كأَنما إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ أَراد كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ فيها إرنانها ذوات (* قوله «ارنانها ذوات إلخ» كذا بالأصل.
وفي التكملة: والبيت للفرزدق يهجو جريراً، والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار بوائن لسعة أجوافها إلخ.
وقول الصاغاني: والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية الجوهري فإنها أذنابها، وقد عزا الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه الصاغاني من وجهين). الأَذنِ والنَّشاطِ منها، أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل في بئرٍ دَحُول، وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها. قال ابن بري، رحمه الله: البيت للفرزدق لا لجرير، قال: والذي في شعره يَصْهَلْنَ.
والبائنةُ: البئرُ البعيدةُ القعر الواسعة، والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيراً.
وأَبانَ الدَّلوَ عن طَيِّ البئر: حادَ بها عنه لئلا يُصيبَها فتنخرق؛ قال: دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنينُها، لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها وتقول: هو بَيْني وبَيْنَه، ولا يُعْطَفُ عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون إلا من اثنين، وقالوا: بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا؛ قال أَنشده سيبويه: فبَيْنا نحن نَرْقُبُه، أَتانا مُعَلّق وَفْضةٍ، وزِناد راعِ إنما أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا، فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ بعدها أَلفٌ، فإِن قيل: فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن، وقد علمنا أَن هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف العطف نحو المالُ بينَ القومِ والمالُ بين زيدٍ وعمرو، وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ، والجملة لا يُذْهَب لها بَعْدَ هذا الظرفِ؟ فالجواب: أَن ههنا واسطة محذوفةٌ وتقدير الكلام بينَ أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا إياه، والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ، وأَوانَ الخليفةُ عبدُ المَلِك، ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف الذي كان مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى: واسأَل القرية؛ أَي أَهلَ القرية، وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إذا صلَح في موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر: بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه، يوماً، أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على الابتداء والخبر، والذي يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها (* قوله: «والذي ينشد إلى وبخفضها؛ هكذا في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً). قال ابن بري: ومثلُه في جواز الرفع والخفض بعدها قولُ الآخر: كُنْ كيفَ شِئْتَ، فقَصْرُك الموتُ، لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ، زالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُ قال ابن بري: وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد الأَرقط: بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه، إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه وقال آخر: بيْنا كذلك، إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ تَسْبي وتَقْتُل، حتى يَسْأَمَ الناسُ وقال القطامي: فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي عُبادةَ، إذْ واجَهْت أَصحَم ذا خَتْر قال ابن بري: وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما، وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى؛ ومما يدل على فساد هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن هَرْمة في باب النَّسيبِ من الحَماسةِ: بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا عِ سِراعاً، والعِيسُ تَهْوي هُوِيّا خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذكـ ـراكِ وهْناً، فما استَطَعتُ مُضِيّاً ومثله قول الأَعشى: بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْـ ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ، رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ، حتى عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ ومثله قول أَبي دواد: بَيْنما المرءُ آمِنٌ، راعَهُ را ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ وفي الحديث: بَيْنا نحن عند رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجلٌ؛ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ، فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً، ويقال بَيْنا وبَيْنما، وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة، ويُضافان إلى جملة من فعلٍ وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر، ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى، قال: والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه إذا وإذا، وقد جاءا في الجواب كثيراً، تقول: بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو، وإذ دخَل عليه، وإذا دخل عليه؛ ومنه قول الحُرَقة بنت النُّعمان: بَيْنا نَسوسُ الناسَ، والأَمرُ أَمْرُنا، إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ وأَما قوله تعالى: وجعلنا بينهم مَوْبِقاً؛ فإنّ الزجاج قال: معناه جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي يُهْلِكهم؛ وقال الفراء: معناه جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم القيامة أَي هُلْكاً، وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال. الجوهري: وبَيْن بمعنى وسْط، تقول: جلستُ بينَ القوم، كما تقول: وسْطَ القوم، بالتخفيف، وهو ظرفٌ، وإن جعلته اسماً أَعرَبْتَه؛ تقول: لقد تقطَّع بينُكم، برفع النون، كما قال أَبو خِراش الهُذلي يصف عُقاباً: فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ، فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا الجبُوب: وجه الأَرض. الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة: روي عن أَبي الهيثم أَنه قال الكواكب البَبانيات (* وردت في مادة بين «البابانيات» تبعاً للأصل، والصواب ما هنا). هي التي لا يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر، وهي شامية، ومَهَبُّ الشَّمالِ منها، أَوَّلها القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول، والجدْي والفَرْقَدان، وهو بَيْنَ القُطب، وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى، وقال أَبو عمرو: سمعت المبرَّد يقول إذا كان الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء، وإن كان اسماً مصدريّاً خفضْتَه، ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ، قال: فسأَلت أَحمد بن يحيى عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال: هذا الدرُّ، إلا أَنَّ من الفصحاء من يرفع الاسم الذي بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم الحقيقي؛ وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد: بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه، ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ وجائز: وبهْجَتُه، قال: وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ، وكذلك المصدر. ابن سيده: وبَيْنا وبينما من حروف الابتداء، وليست الأَلف في بَيْنا بصلةٍ، وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ فصارت أَلفاً، وبينما بَين زِيدت عليه ما، والمعنى واحد، وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي بَيْنَ الجيِّد والرَّديء، وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح، والهمزة المخفَّفة تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ؛ وقالوا: بَين بَين، يريدون التَّوَسُّط كما قال عَبيد بن الأَبرص: نَحْمي حَقيقَتَنا، وبعـ ـض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا وكما يقولون: همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف اللين، وهو الحرف الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة، فهي بين الهمزة والأَلف مثل سأَل، وإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ، وإن كانت مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل لَؤُم، إلا أَنها ليس لها تمكينُ الهمزة المحققة، ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً أَوَّلاً لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن، إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة، فالمفتوحة نحو قولك في سأَل سأَلَ، والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ، والمضمومة نحو قولك في لؤُم لؤُم، ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها، قال الجوهري: وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها؛ وأَنشد بيت عبيد بن الأَبرص: وبعض القومِ يسقط بين بينا أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به؛ قال ابن بري: قال السيرافي كأَنه قال بَينَ هؤلاء وهؤلاء، كأَنه رجلٌ يدخل بينَ فريقين في أَمرٍ من الأُمور فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه؛ قال الشيخ: ويجوز عندي أَن يريد بينَ الدخول في الحرب والتأَخر عنها، كما يقال: فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر أُخرى.
ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم أَتيته؛ وقوله: وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى بِقانِئِه، إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ أَي بائن.
والبَيانُ: ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها.
وبانَ الشيءُ بَياناً: اتَّضَح، فهو بَيِّنٌ، والجمع أَبْيِناءُ، مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء، وكذلك أَبانَ الشيءُ فهو مُبينٌ؛ قال الشاعر: لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها، لأَبانَ من آثارِهِنَّ حُدورُ قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن وأَهْيِناء، قال: صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ.
وأَبَنْتُه أَي أَوْضَحْتُه.
واستَبانَ الشيءُ: ظهَر.
واستَبَنْتُه أَنا: عرَفتُه.
وتَبَيَّنَ الشيءُ: ظَهَر، وتَبيَّنْتهُ أَنا، تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى.
وقالوا: بانَ الشيءُ واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد؛ ومنه قوله تعالى: آياتٍ مُبَيِّناتٍ، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى مُتبيِّنات، ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء فالمعنى أَن الله بَيَّنَها.
وفي المثل: قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن؛ وقال ابن ذَريح: وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى شُحوباً، وتَعْرى من يَدَيه الأَشاحم (* قوله «الأشاحم» هكذا في الأصل). قال ابن سيده: هكذا أَنشده ثعلب، ويروى: تُبَيِّن بالفتى شُحوب.
والتَّبْيينُ: الإيضاح.
والتَّبْيين أَيضاً: الوُضوحُ؛ قال النابغة: إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها، والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة الجلَد يعني أَتَبيَّنُها.
والتِّبْيان: مصدرٌ، وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما تجيء على التَّفْعال، بفتح التاء، مثال التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف، ولم يجيءْ بالكسر إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء.
ومنه حديث آدم وموسى، على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام: أَعطاكَ اللهُ التوراةَ فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه وإيضاحُه، وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ أَمثاله بالفتح.
وقوله عز وجل: وهو في الخِصام غيرُ مُبين؛ يريد النساء أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ، وقيل في التفسير: إن المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها، وقد قيل: إنه يعني به الأَصنام، والأَوّل أَجود.
وقوله عز وجل: لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا يَخْرُجْنَ إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة؛ أَي ظاهرة مُتَبيِّنة. قال ثعلب: يقول إذا طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته، ولا أَن يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام عليها، ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت، وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه وبَيَّنْتُه؛ وروي بيت ذي الرمة: تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً، كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا أَي تُبَيِّنُها، ورواه عليّ بن حمزة: تُبيِّن نِسبةُ، بالرفع، على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَينين.
ويقال: بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً، فهو بائنٌ، وأَبانَ يُبينُ إبانة، فهو مُبينٌ، بمعناه.
ومنه قوله تعالى: حم والكتاب المُبين؛ أَي والكتاب البَيِّن، وقيل: معنى المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه الأُمّة؛ وقال الزجاج: بانَ الشيءُ وأَبانَ بمعنى واحد.
ويقال: بانَ الشيءُ وأَبَنتُه، فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه وبرَكَته، أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من الحرام، ومُبينٌ أَن نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ، ومُبين قِصَصَ الأَنبياء. قال أَبو منصور: ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين. قال أَبو منصور: والاسْتِبانةُ يكون واقعاً. يقال: اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه حتى تَبيَّن لك. قال الله عز وجل: وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ المجرمين؛ المعنى ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ استِبانة، وإذا بانَ سبيلُ المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين، وأَكثرُ القراء قرؤُوا: ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين؛ والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع.
ويقال: تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته وتوسَّمْتُه، وقد تبيَّنَ الأَمرُ يكون لازِماً وواقِعاً، وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن أَي تَبَيَّن، لازمٌ ومتعدّ.
وقوله عز وجل: وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ شيءٍ؛ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر الدِّين، وهذا من اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ، والعرب تقول: بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً، بكسر التاء، وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون اسماً، فأَما المصدر فإِنه يجيء على تَفْعال بفتح التاء، مثل التَّكْذاب والتَّصْداق وما أَشبهه، وفي المصادر حرفان نادران: وهما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان، قال: ولا يقاس عليهما.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أَلا إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه، وقرئ قوله عز وجل: إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا، وقرئ: فتثبَّتوا، والمعنيان متقاربان.
وقوله عز وجل: إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا، وفتَثبَّتُوا؛ قرئ بالوجهين جميعاً.
وقال سيبويه في قوله: الكتاب المُبين، قال: وهو التِّبيان، وليس على الفعل إنما هو بناءٌ على حدة، ولو كان مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة من أَغَرْت.
وقال كراع: التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء، وهو مذكور في موضعه.
وبينهما بَينٌ أَي بُعْد، لغة في بَوْنٍ، والواو أَعلى، وقد بانَه بَيْناً.
والبَيانُ: الفصاحة واللَّسَن، وكلامٌ بيِّن فَصيح.
والبَيان: الإفصاح مع ذكاء.
والبَيِّن من الرجال: الفصيح. ابن شميل: البَيِّن من الرجال السَّمْح اللسان الفصيح الظريف العالي الكلام القليل الرتَج.
وفلانٌ أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح كلاماً.
ورجل بَيِّنٌ: فصيح، والجمع أَبْيِناء، صحَّت الياء لسكون ما قبلها؛ وأَنشد شمر: قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ، ويَلْتَئي على البَيِّنِ السَّفّاكِ، وهو خَطيبُ قوله يَلتئي أَي يُبْطئ، من اللأْي وهو الإبطاء.
وحكى اللحياني في جمعه أَبْيان وبُيَناء، فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات، قال سيبويه: شَبَّهوا فَيْعِلاً بفاعل حين قالوا شاهد وأَشهاد، قال: ومثله، يعني ميِّتاً وأَمواتاً، قيِّل وأَقيال وكَيِّس وأَكياس، وأَما بُيِّناء فنادر، والأَقيَس في ذلك جمعُه بالواو، وهو قول سيبويه. روى ابنُ عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من الشِّعر لحِكَماً؛ قال: البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ، وهو من الفَهْم وذكاءِ القلْب مع اللَّسَن، وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ، وقيل: معناه إن الرجُلَ يكونُ عليه الحقُّ، وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه، فيَقْلِبُ الحقَّ بِبَيانِه إلى نَفْسِه، لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ، وقيل: معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه وحُبِّه، ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ، فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك، وهو وَجْهُ قوله: إن من البيانِ لسِحْراً.
وفي الحديث عن أَبي أُمامة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الحياءُ والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ، والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق؛ أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق، أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ فظاهر، وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق والتفاصُحَ وإظهارَ التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ، ولذلك قال في رواية أُخْرى: البَذاءُ وبعضُ البيان، لأَنه ليس كلُّ البيانِ مذموماً.
وقال الزجاج في قوله تعالى: خَلَق الإنْسان علَّمَه البيانَ؛ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، علَّمَه البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء، وقيل: الإنسانُ هنا آدمُ، عليه السلام، ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس جميعاً، ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ ببيَانِه وتمييزه من جميع الحيوان.
ويقال: بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ وبَوْنٌ بعيد؛ قال أَبو مالك: البَيْنُ الفصلُ (* قوله «البين الفصل إلخ» كذا بالأصل). بين الشيئين، يكون إمّا حَزْناً أَو بقْرْبه رَمْلٌ، وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ.
والبَوْنُ: الفضلُ والمزيّةُ. يقال: بانه يَبونُه ويَبينُه، والواوُ أَفصحُ، فأَما في البُعْد فيقال: إن بينهما لَبَيْناً لا غير.
وقوله في الحديث: أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه أَي يُعْرب ويَشهد عليه.
ونخلةٌ بائنةٌ: فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت عراجِينُها وطالت؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لحَبيب القُشَيْري: من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها عنها، وحاضنةٍ لها مِيقارِ قوله: تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها.
والبائنُ والبائنةُ من القِسِيِّ: التي بانتْ من وتَرِها، وهي ضد البانِية، إلا أَنها عيب، والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية. الجوهري: البائنةُ القوسُ التي بانت عن وَتَرِها كثيراً، وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق به فهي البانيةُ، بتقديم النون؛ قال: وكلاهما عيب.
والباناةُ: النَّبْلُ الصِّغارُ؛ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي الخطاب.
وللناقة حالِبانِ: أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن، والآخرُ يحلُب من الجانب الأَيْسر، والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي، والذي يُمْسِك يسمَّى البائنَ.
والبَيْنُ: الفراق. التهذيب: ومن أَمثال العرب: اسْتُ البائنِ أَعْرَفُ، وقيل: أَعلمُ، أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به ممن لم يُمارِسْه، قال: والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها، والجمع البُيَّنُ، وقيل: البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ، والآخر مُحْلِب، والمُعينُ هو المُحْلِب، والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ، والمُسْتَعْلي الذي عن شِمالها، وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه؛ قال الكميت: يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ، من الحالبَيْنِ، بأَن لا غِرارا قال الجوهري: والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها، والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل يمينها.
والبِينُ، بالكسر: القطعةُ من الأَرض قدر مَدِّ البصر من الطريق، وقيل: هو ارتفاعٌ في غِلَظٍ، وقيل: هو الفصل بين الأَرْضَيْن.
والبِينُ أَيضاً: الناحيةُ، قال الباهلي: المِيلُ قدرُ ما يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ، وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن يقال له بِينٌ، قال: وهي التُّخومُ، والجمعُ بُيونٌ؛ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ: لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها، من أَهلِ رَيْمانَ، إلا حاجةً فينا بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به، أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا (* قوله «بسرو» قال الصاغاني، والرواية: من سرو حمير لا غير).
ومَن كسَر التاءَ والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال، قال: والتذكير أَصْوَبُ.
ويقال: سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ، وهو البِينُ.
وبِينٌ: موضعٌ قريب من الحيرة.
ومُبِينٌ: موضع أَيضاً، وقيل: اسمُ ماءٍ؛ قال حَنْظلةُ بن مصبح: يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ، على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ التارك المَخاضَ كالأُرومِ، وفَحْلَها أَسود كالظَّليمِ جمع بين النون والميم، وهذا هو الإكْفاء؛ قال الجوهري: وهو جائز للمطْبوع على قُبْحِه، يقول: يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء، فأَخرَجَ الكلامَ مُخْرَجَ النداء وهو تعجُّب.
وبَيْنونةُ: موضع؛ قال: يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا، جئْتِ بأَلوانِ المُصَفَّرِينا (* قوله «بألوان» في ياقوت: بأرواح).وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ القُصْوَى وبَينونة الدُّنيا، وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين. التهذيب: بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ.
وعَدَنُ أَبْيَنَ وإِبْيَن: موضعٌ، وحكى السيرافي: عَدَن أَبْيَن، وقال: أَبْيَن موضع، ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ، وقيل: عَدَن أَبْيَن اسمُ قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن. الجوهري: أَبْيَنُ اسمُ رجلٍ ينسب إليه عَدَن، يقال: عَدَنُ أَبْيَنَ.
والبانُ: شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل، وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل، وليس لخَشَبه صلابةٌ، واحدتُه بانةٌ؛ قال أَبو زياد: من العِضاه البانُ، وله هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ الخُضْرة، وينبت في الهِضَبِ، وثمرتُه تُشبه قُرونَ اللُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها شديدةٌ، ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج دُهْنُ البانِ. التهذيب: البانةُ شجرةٌ لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه الطيِّب، ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً، وجمعها البانُ، ولاسْتِواءِ نباتِها ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل: كأَنها بانةٌ، وكأَنها غُصْنُ بانٍ؛ قال قيس بن الخَطيم: حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها، كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ ابن سيده: قَضَينا على أَلف البانِ بالياء، وإن كانت عيناً لغلبةِ (ب ي ن) على (ب و ن).

أيك (لسان العرب) [0]


الأَيْكةَ: الشمر الكثير الملتفّ، وقيل: هي الغَيْضة تُنْبِتُ السَّدْر والأَراك ونحوهما من ناعم الشجر، وخص بعضهم به منبت الأَثْل ومُجتَمعه، وقيل: الأَيْكة جماعة الأَراك، وقال أَبو حنيفة: قد تكون الأَيْكة الجماع من كل الشجر حتى من النخل، قال: والأَول أَعرق، والجمع أَيْكٌ.
وأَيِكَ الأَراك فهو أَيِكٌ واسْتَأْيَك، كلاهما: التفٍّ وصار أَيكة؛ قال: ونحنُ من فَلْجٍ بأَعْلَى شِعْبِ، أَيْكِ الأَراكِ مُتَداني القَضْبِ قال ابن سيده: أراه أيِكِ الأَرَاك فخفف، وأيْك أيِكٌ مُثْمر، وقيل هو على المبالغة.
وفي التهذيب في قوله تعالى: كذَّب أصحابُ الأَيْكة المُرْسَلين؛ وقرئ أصحاب لَيكة، وجاء في التفسير أن اسم المدينة كان لَيْكة، واختار أبو عبيد هذه القراءة . . . أكمل المادة وجعل لَيْكة لا تنصرف، ومن قرأ أصحاب الأَيْكة قال: الأََيْك الشجر الملتفّ، يقال أيْكة وأيْك، وجاء في التفسير: إن شجرهم كان الدَّوْم.
وروى شمر عن ابن الأَعرابي قال: يقال أيْكة من أثْل، ورَهْطٌ من عُشَر، وقَصِيمَة من غَضاً؛ قال الزجاج: يجوز وهو حسن جداً كذب أصحاب لَيْكةِ، بغير ألف على الكسر، على أن الأَصل الأيكةِ فأُلقيت الهمزة فقيل الَيْكةِ، ثم حذفت الألف فقال لَيْكَةِ، والعرب تقول (* قوله «والعرب تقول إلخ» عبارة زاده على البيضاوي كما تقول: مررت بالأحمر، على تحقيق الهمزة، ثم تخففها فتقول بلحمر، فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولاً وإن شئت كتبته بالحذف على حكم لفظ اللافظ فلا يجوز حينئذ إلا الجر كما لا يجوز في الايكة إلا الجر.) الأَحمرُ قد جاءني، وتقول إذا ألقت الهمزة: الحَمرُ جاءني، بفتح اللام وإثبات ألف الوصل، وتقول أيضاً: لَحْمَرُ جاءني، يريدون الأَحْمَرَ؛ قال: وإثبات الألف واللام فيها في سائر القرآن يدل على أن حذف الهمزة منها التي هي ألف وصل بمنزلة قولهم لَحْمَرَ؛ قال الجوهري: من قرأ كذَّب أصحابُ الأَيْكَة المرسلين، فهي الغَيْضة، ومن قرأ لَيْكة فهي اسم القرية.
ويقال: هما مثل بَكَّة ومَكَّة.

فرش (لسان العرب) [0]


فَرَشَ الشيء يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشاً وفَرَشَه فانْفَرَش وافْتَرَشَه: بسَطَه. الليث: الفَرْشُ مصدر فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وهو بسط الفراش، وافْتَرشَ فلان تُراباً أَو ثوباً تحته.
وأَفْرَشَت الفرس إِذا اسْتَأْتَتْ أَي طلبت أَن تُؤْتى.
وافْتَرشَ فلان لسانَه: تكلم كيف شاء أَي بسطه.
وافْتَرشَ الأَسدُ والذئب ذراعيه: رَبَضَ عليهما ومدّهما؛ قال: تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيه، كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ وافتَرَشَ ذراعيه: بسطهما على الأَرض.
وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه نهى في الصلاة عن افتراش السبع، وهو أَن يَبْسُط ذراعيه في السجود ولا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عن الأَرض إِذا سَجَد كما يَفْتَرشُ الذئبُ والكلب ذراعيه ويبسطهما.
والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: من الفَرْش والفِراش.
وافْتَرَشَه أَي وطِئَه.
والفِراشُ: ما افْتُرِش، . . . أكمل المادة والجمع أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سيبويه؛ وإِن شئت خفَّفْت في لغة بني تميم.
وقد يكنى بالفَرْش عن المرأَة.
والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الذي يُجْعل فوق الصُّفَّة.
والفَرْشُ: المَفْروشُ من متاع البيت.
وقوله تعالى: الذي جعل لكم الأَرض فِراشاً؛ أَي وِطاءً لم يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لا يمكن الاستقرار عليها.
ويقال: لَقِيَ فلان فلاناً فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه.
والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ الفضاءُ الواسع من الأَرض، وقيل: هي أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عنها الجبال. الليث: يقال فَرَّش فلان داره إِذا بلّطَها، قال أَبو منصور: وكذلك إِذا بَسَطَ فيها الآجُرَّ والصَفِيحَ فقد فَرَّشَها.
وتَفْرِيشُ الدار: تَبْلِيطُها.
وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لا سَنام له، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ الأَرض كذلك، وكلُّه من الفَرْشِ.
والفَرِيشُ: الثَوْرُ العربي الذي لا سنام له؛ قال طريح: غُبْس خَنابِس كلّهنّ مُصَدّرٌ، نَهْدُ الزُّبُّنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ وفَرَشَه فِراشاً وأَفْرَشَه: فَرَشَه له. ابن الأَعرابي: فَرَشْتُ زيداً بِساطاً وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت له بِساطاً في ضيافتِه، وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَبته فَرْشاً من الإِبل. الليث: فَرَشْت فلاناً أَي فَرَشْت له، ويقال: فَرَشْتُه أَمْري أَي بسطته كلَّهُ، وفَرَشْت الشيء أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بسطته.
ويقال: فَرَشَه أَمْرَهي إِذا أَوسَعه إِياه وبسَطه له.
والمِفْرَشُ: شيء كالشاذَكُونَة (* الشاذكونة: ثياب مُضرَّبَة تعمل باليمن «القاموس».).
والمِفْرَشةُ: شيء يكون على الرحْل يَقعد عليها الرجل، وهي أَصغرُ من المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ منه.
والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قال أَبو كبير: مِنْهُمْ ولا هُلْك المَفارِش عُزَّل أَي النساء، وافْتَرَشَ الرجل المرأَة للّذَّة.
والفَريشُ: الجاريةُ يَفْتَرِشُها الرجلُ. الليث: جارية فَرِشٌ قد افْتَرَشَها الرجل، فَعِيلٌ جاء من افْتَعَل، قال أَبو منصور: ولم أَسمع جارية فَرِيش لغيره. أَبو عمرو: الفِراش الزوج والفِراش المرأَة والفِراشُ ما يَنامان عليه والفِراش البيت والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قال أَبو كبير الهذلي: حتى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ والفَراشُ: مَوْقِع اللسان في قعر الفمِ.
وقوله تعالى: وفُرُشٍ مَرْفُوعةٍ؛ قالوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الجنة ذواتِ الفُرُشِ. يقال لامرأَة الرجل: هي فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وقوله مرفوعة رُفِعْن بالجَمال عن نساء أَهلِ الدنيا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ.
وقوله، صلى اللَّه عليه وسلم: الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ؛ معناه أَنه لمالك الفِراشِ وهو الزوج والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا من مختصر الكلام كقوله عز وجل: واسأَل القريةَ، يريد أَهلَ القريةِ.
والمرأَة تسمى فِراشاً لأَن الرجل يَفْتَرِشُها.
ويقال: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سلكوه.
وافْتَرشَ فلانٌ كريمةَ فلانٍ فلم يُحْسنْ صحبتها إِذا تزوّجها.
ويقال: فلانٌ كريمٌ مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كان يَفْرُشُ نفسَه لهم.
وفلان كريمُ المَفارِشِ إِذا تزوّج كرائمَ النِّساء.
والفَرِيشُ من الحافر: التي أَتى عليها من نِتاجها سبعةُ أَيام واستحقت أَن تُضرَبَ، أَتاناً كانت أَو فَرَساً، وهو على التشبيه بالفَرِيشِ من النساء، والجمع فَرائشُ؛ قال الشماخ: راحَتْ يُقَحِّمُها ذو ازْملٍ وسَقَتْ له الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عليها بعد النِّتاج بسبع.
والفَرِيشُ من ذوات الحافر: بمنزلة النُّفَساء من النساء إِذا طهُرت وبمنزلة العُوذِ من النوق.
والفَرْشُ: الموضع الذي يكثر فيه النبات.
والفَرْشُ: الزرع إِذا فَرَّشَ.
وفَرَشَ النباتُ فَرْشاً: انبسط على وجه الأَرض.
والمُفَرِّشُ: الزرع إِذا انبسط، وقد فَرَّشَ تَفْريشاً.
وفَراشُ اللسان: اللحمة التي تحته، وقيل: هي الجلدة الخَشْناء التي تلي أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وقيل: الفَراشُ مَوْقع اللسان من أَسفل الحَنَك، وقيل: الفَراشَتانِ بالهاء غُرْضُوفانِ عند اللَّهاة.
وفَراشُ الرأْس: عِظامٌ رِقاق تلي القِحْف. النضر: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تحت اللسان؛ وأَنشد يصف فرساً: خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ، كَثِيف الفَراشةِ ناتي الصُّرَد ابن شميل: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللتان يُرْبط بهما العذاران، والعذَارانِ السَّيْرانِ اللذان يُجْمعان عند القَفا. ابن الأَعرابي: الفَرْشُ الْكذِبُ، يقال: كَمْ تَفْرُش كَمْ وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق من القِحْف، وقيل: هو ما رَقَّ من عظْم الهامة، وقيل: كلُّ رقيقٍ من عظمٍ فَراشَةٌ، وقيل: كل عظم ضُرب فطارت منه عظامٌ رِقاقٌ فهي الفَراش، وقيل: كل قُشور تكون على العظْم دون اللحم، وقيل: هي العِظامُ التي تخرج من رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وقيل: لا تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشاً حتى تتبيّن، الواحدة من كل ذلك فَراشةٌ.
والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ من الشِّجاجِ: التي تبلغ الفَراش.
وفي حديث مالك: في المُنَقِّلَةِ التي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ؛ المُنَقَّلَةُ من الشِّجاج التي تُنَقِّلُ العظام. الأَصمعي: المُنَقِّلة من الشجاج هي التي يخرج منها فَراشُ العظام وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم؛ ومنه قول النابغة: ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب والفَراش: عظم الحاجب.
ويقال: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وذلك إِذا طارت العظام رِقاقاً من رأْسه.
وكل رقيق من عظم أَو حديدٍ، فهو فَراشةٌ؛ وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها.
وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه: ضَرْبٌ يَطِير منه فَراشُ الهامِ؛ الفَراشُ: عظام رقاق تلي قِحْف الرأْس. الجوهري: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ التي تَصْدَع العظم ولا تَهْشِم، والفَراشةُ: ما شخَص من فروع الكتفين فيما بين أَصْل العنق ومستوى الظهر وهما فَراشا الكتفين.
والفَراشَتان: طرَفا الوركين في النُّفْرة.
وفَراشُ الظَّهْر: مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فيه.
وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها فَراشة؛ حكاها أَبو عبيد؛ قال ابن دريد: لا أَحْسبها عربيّة.
وكلُّ حديدةٍ رقيقة: فَراشةٌ.
وفَراشةُ القُفْل: ما يَنْشَبُ فيه. يقال: أَقْفَلَ فأَفْرَشَ.
وفَراشُ التَّبِيذ: الحَبَبُ الذي عليه.
والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صارت له ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ.
وفَرْشُ الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ والجمع في ذلك سواءٌ. قال الفراء: لم أَسمع له بجمع، قال: ويحتمل أَن يكون مصدراً سمي به من قولهم فَرَشَها اللَّهُ فَرْشاً أَي بَثُّها بَثّاً.
وفي التنزيل العزيز: ومن الأَنْعام حَمُولةً وفَرْشاً؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عن ثعلب؛ وأَنشد: له إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة صُهابيّة، حانَتْ عليه حُقُوقُها وقيل: الفَرْشُ من النَّعَم ما لا يَصْلح إِلا للذبح.
وقال الفراء: الحَمُولةُ ما أَطاقَ العملَ والحَمْلَ.
والفَرْشُ: الصغارُ.
وقال أَبو إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللغة على أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل.
وقال بعض المفسرين: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن البقر والغنم من الفَرْش. قال: والذي جاء في التفسير يدلّ عليه قولُه عز وجل: ثمانية أَزواجٍ من الضأْن اثنين ومن المَعزِ اثنين، فلما جاء هذا بدلاً من قوله حَمُولة وفرْشاً جعله للبقر والغنم مع الإِبل؛ قال أَبو منصور: وأَنشدني غيرهُ ما يُحَقّق قول أَهل التفسير: ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْ شُ من الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ وفي حديث أُذَينةَ: في الظُّفْرِ فَرْشٌ من الإِبل؛ هو صغارُ الإِبل، وقيل: هو من الإِبل والبقر والغنم ما لا يصلح إِلا للذبح.
وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيته فَرْشاً من الإِبل، صغاراً أَو كباراً.
وفي حديث خزيمة يذكر السَّنَة: وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكاً أَي شديدَ السواد من الاحتراق. قيل: الفَراش الصغارُ من الإِبل؛ قال أَبو بكر: هذا غيرُ صحيح عندي لأَن الصِّغارَ من الإِبل لا يقال لها إِلا الفَرْش.
وفي حديث آخر: لكم العارض والفَريشُ؛ قال القتيبي: هي التي وَضَعَت حديثاً كالنُّفَساء من النساء.
والفَرْشُ: منابت العُرْفُط؛ قال الشاعر: وأَشْعَث أَعْلى ماله كِففٌ له بفَْرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرْفُط وقَصِيمَةٌ من غَضاً وأَيكةٌ من أَثْلٍ وغالٌّ من سَلَم وسَليلٌ من سَمُر.
وفَرْشُ الحطب والشجر: دِقُّه وصِغارُه.
ويقال: ما بها إِلا فَرْشٌ من الشجر.
وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها.
والفَرْشُ: الدارةُ من الطَّلْح، وقيل: الفَرْشُ الغَمْضُ من الأَرض فيه العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر والعَوْسجُ، وهو ينبت في الأَرض مستوية ميلاً وفرسخاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:وقد أَراها وشَواها الجُبْشا ومِشْفَراً، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا ثم فسره فقال: إِن الإِبل إِذا أَكلت العرفط والسلم استَرْخت أَفواهُها.
والفَرْشُ في رِجْل البعير: اتساعٌ قليل وهو محمود، وإِذا كثُر وأَفرط الرَّوَحُ حتى اصطَكَّ العُرْقوبان فهو العَقَل، وهو مذموم.
وناقة مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كان فيها اسْطار (* قوله: اسْطار؛ هكذا في الأَصل.) وانحناء؛ وأَنشد الجعدي: مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة، مَفْروشة الرِّجْل فَرْشاً لم يكن عَقَلا ويقال: الفَرْشُ في الرِّجُل هو أَن لا يكون فيها أَن لا يكون فيها انْتِصابٌ ولا إِقْعاد.
وافْتَرَشَ الشيءَ أَي انبسط.
ويقال: أَكَمَةٌ مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كانت دكَّاءَ.
وفي حديث طَهْفة: لكم العارِض والفَريشُ؛ الفَريشُ من النبات: ما انْبَسط على وجه الأَرض ولم يَقُم على ساق.
وقال ابن الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتساع في رِجْل البعير، فإن كثُر فهو عَقَل.
وقال أَبو حنيفة: الفَرْشةُ الطريقةُ المطمئنة من الأَرض شيئاً يقودُ اليومَ والليلة ونحو ذلك، قال.
ولا يكون إِلا فيما اتسع من الأَرض واستوى وأَصْحَرَ، والجمع فُرُوش.
والفَراشة: حجارة عظام أَمثال الأَرْجاء توضع أَوّلاً ثم يُبْنى عليها الركِيبُ وهو حائط النخل.
والفَراشةُ: البقيّة تبقى في الحوض من الماء القليل الذي ترى أَرض الحوض من ورائه من صَفائه.
والفَراشةُ: مَنْقَع الماء في الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ.
وفَراشُ القاعِ والطين: ما يَبِشَ بعد نُضُوب الماء من الطين على وجه الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ من الضَّحْضاح؛ قال ذو الرمة يصف الحُمُر: وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ من العَرَقِ، وقيل: هو القليل من العرق: عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا البيت إِنما المعروف بيت لبيد: عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب قال: وأَرى ابن الأَعرابي إِنما أَراد هذا البيت فأَحالَ الروايةَ إِلا أَن يكون لَبِيدٌ قد أَقْوى فقال: فراش المسيح فوقه يتصبب قال: وإِنما قلت إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هذه القصيدةِ مجرورٌ، وأَوّلُها: أَرى النفسَ لَجّتْ في رَجاءِ مُكَذَّبِ، وقد جَرّبَتْ لو تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ وروى البيت: كالجمان المُحَبَّبِ؛ قال الجوهري: مَنْ رفعَ الفَراشَ ونَصَبَ المِسْكَ في البيت رفَعَ الدِّيباجَ على أَن الواو للحال، ومَنْ نصب الفَراشَ رفعَهما.
والفَرَاشُ: دوابُّ مثل البعوض تَطير، واحدتُها فَراشةٌ.
والفرَاشةُ: التي تَطير وتَهافَتُ في السِّراج، والجمع فَراشٌ.
وقال الزجاج في قوله عز وجل: يومَ يكونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوثِ، قال: الفَراش ما تَراه كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ في النار، شَبَّهَ اللَّهُ عزّ وجل الناسَ يومَ البَعْث بالجراد المُنْتَشر وبالفَراش المبثوث لأَنهم إِذا بُعِثُوا يمُوج بعضُهم في بعض كالجراد الذي يَمُوج بعضُه في بعض، وقال الفرّاء: يريد كالغَوْغاءِ من الجراد يَرْكَبُ بعضه بعضاً كذلك الناس يَجُول يومئذ بعضُهم في بعض، وقال الليث: الفَراشُ الذي يَطِير؛ وأَنشد: أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم حِلْمُ الفَراشِ ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي (* هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة): أَزرَى بحِلمُِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ مثلُ الفَراش غَشِين نار المصطلي وفي المثل: أَطْيَشُ من فَراشةٍ.
وفي الحديث: فتَتَقادَعُ بهم جَنْبةُ السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ؛ هو بالفتح الطير الذي يُلْقي نفسَه في ضوء السِّراج؛ ومنه الحديث: جَعَلَ الفَراشُ وهذه الدوابُّ تقع فيها.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ من الرجال.
وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بجناحيه وبسَطَهما؛ قال أَبو دواد يصف ربيئة:فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ الـ بَيْض شَدّاً، وقد تَعالى النهارُ ويقال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جعل يُرَفْرِف على الشيء، وهي الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ.
وفي الحديث: فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفَرّش؛ هو أَن تَقْرب من الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف.
وضرَبَه فما أَفْرَش عنه حتى قَتَلَه أَي ما أَقْلعَ عنه، وأَفْرَش عنهم الموتُ أَي ارْتفع؛ عن ابن الأَعرابي.
وقولهم: ما أَفْرَشَ عنه أَي ما أَقْلَع؛ قال يزيد ابن عمرو بن الصَّعِق (* قوله «قال يزيد إلخ» هكذا في الأصل، والذي في ياقوت وأَمثال الميداني: لم أَر يوماً مثل يوم جبله لما أَتتنا أسد وحنظله وغطفان والملوك أزفله تعلوهم بقضب منتخله وزاد الميداني: لم تعد أَن أَفرش عنها الصقله): نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ، يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ، نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ، لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عنها الصَّقَلَهْ أَي أَنها جُدُدٌ.
ومعنى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة. يقال: تَنَخَّلْت الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته.
والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مثل كاتب وكَتَبة.
وقوله لم تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لم تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عنها الصقلةُ أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ.
وفرش عنه: أَرادَه وتهيّأَ له.
وفي حديث ابن عبد العزيز: إِلا أَن يكون مالاً مُفْتَرَشاً أَي مغصوباً قد انْبَسطت فيه الأَيْدي بغير حق، من قولهم: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فيه، وحقيقتُه جَعَله لنفسه فِراشاً يطؤُه.
وفَرْش الجَبَا: موضع؛ قال كُثيّر عزة: أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ، تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟ والفَرَاشةُ: أَرض؛ قال الأَخطل: وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا، وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ (* قوله »الشقير» كذا بالأصل هنا وفي مادة شقر بالقاف، وفي ياقوت: الشفير بالفاء.) وفي الحديث ذكر فَرْش، بفتح الفاء وتسكين الراء، وادٍ سلَكه النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، حين سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.

نوط (لسان العرب) [0]


ناطَ الشيءَ يَنُوطُه نَوْطاً: عَلَّقه.
والنَّوْطُ: ما عُلِّق، سمي بالمصدر، قال سيبويه وقالوا: هو منِّي مَناط الثُّرَيَّا أَي في البُعْد، وقيل: أَي بتلك المنزلة فحذف الجارّ وأَوْصل كذهبت الشام ودخلت البيتَ.
وانتاط به تعَلَّق.
والنَّوْطُ: ما بين العَجُز والمَتْن.
وكلُّ ما عُلِّقَ من شيء، فهو نَوْط.
والأَنواطُ: المَعالِيقُ.
وفي المثل (* قوله «وفي المثل إلخ» هو عبارة الصحاح، وفي مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن يدعي ما ليس يملكه.): عاطٍ بغير أَنْواطٍ أَي يتَناوَلُ وليس هناك شيء مُعَلَّق، وهذا نحو قولهم: كالحادِي وليس له بعير، وتجَشَّأَ لُقْمانُ من غير شبَعٍ.
والأَنْواطُ: ما نُوِّطَ على البعير إِذا أُوقِرَ.
والتَّنْواطُ: ما يُعَلَّق من الهَوْدَج يُزَيَّنُ به.
ويقال: نِيطَ عليه الشيء . . . أكمل المادة عُلِّقَ عليه؛ قال رقاع بن قَيْس الأَسدي: بِلاد بِها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي، وأَوَّلُ أَرضٍ مسَّ جِلْدِي تُرابُها وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أُتِيَ بمال كثير فقال: إِني لأَحْسَبكم قد أَهْلَكْتُم الناسَ، فقالوا: واللّه ما أَخَذْناه إِلاَّ عَفْواً بلا سَوْطٍ ولا نوط أَي بلا ضَرْب ولا تَعْلِيقٍ؛ ومنه حديث علي، كرَّم اللّه وجهه: المُتَعَلِّقُ بها كالنَّوْط المُذَبْذَبِ؛ أَراد ما يُناطُ بِرَحْل الرَّاكب من قَعْب أَو غيره فهو أَبداً يتحرَّك.
ونيط به الشيء أَيضاً: وُصِلَ به.
وفي الحديث: أُرِيَ الليلةَ رجُل صالحٌ أَنَّ أَبا بكر نِيطَ برسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي عُلِّقَ. يقال: نُطْتُ هذا الأَمرَ به أَنُوطُه، وقد نِيطَ به، فهو مَنُوط.
وفي حديث الحجّاج: قال لِحَفَّار البئر: أَخَسَفْتَ أَم أَوْشَلْتَ؟ فقال: لا واحدَ منهما ولكن نَيِّطاً بين الأَمرين أَي وسَطاً بين القليل والكثير، كأَنه مُعَلَّق بينهما؛ قال القتيبي: هكذا روي بالياء مشدَّدة، وهي من ناطَه يَنُوطُه نَوْطاً، فإِن كانت الرواية بالباء الموحدة فيقال للرّكية إِذا استُخْرج ماؤُها واسْتُنْبِط هي نَبَطٌ، بالتحريك.
ونِياطٌ كل شيء: مُعَلَّقُه كنِياطِ القوْسِ والقِرْبة. تقول: نُطْتُ القربةَ بنِياطِها نَوْطاً.
ونِياطُ القوس: مُعَلَّقُها.
والنِّياط: الفُؤَاد.
والنِّياطُ: عِرْق علق به القلب من الوتين، فإِذا قُطع مات صاحبُه، وهو النَّيْطُ أَيضاً؛ ومنه قولهم: رماه اللّه بالنيْطِ أَي بالموت.
ويقال للأَرنب: مُقَطَِّعَةُ النِّياطِ كما قالوا مُقَطَّعة الأَسْحار.
ونِياطُ القلب: عِرْق غليظ نِيط به القلبُ إِلى الوتين، والجمع أَنوِطةٌ ونُوط، وقيل: هما نِياطانِ: فالأَعلى نِياطُ الفؤاد، والأَسفل الفرجُ، وقال الأَزهري في جمعه: أَنوِطةٌ، قال: فإِذا لم ترد العدد جاز أَن يقال للجمع نُوط لأَن الياء التي في النِّياطِ واو في الأَصل.
والنِّياط والنائط: عرق مستبْطِن الصُّلْب تحت المتن، وقيل: عرق في الصلب ممتدّ يُعالَج المَصْفور بقَطْعه، قال العجاج: فَبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ، قَضْبَ الطَّبِيبِ، نائطَ المَصْفُورِ (* قوله «فبج إلخ» أَورده المؤلف في مادة نعر وقال: بج شق أَي طعن الثور الكلب فشق جلده، وتقدم في مادة ع ن د فبج كل بالخاء المعجمة ورفع كل والصواب ما هنا.) القَضْبُ: القَطْع.
والمَصْفُور: الذي في بطنه الماء الأَصفر.
ونِياطُ المَفازةِ: بُعد طريقها كأَنها نِيطت بمفازة أُخرى لا تكاد تنقطع، وإِنما قيل لبُعد الفلاة نياط لأَنها منوطة بفلاة أُخرى تتصل بها؛ قال العجاج: وبَلْدةٍ بَعِيدةِ النِّياطِ، مَجْهُولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الخاطِي وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِذا انْتاطتِ المَغازِي أَي إِذا بَعُدت وهو من نِياطِ المَفازة وهو بعدها، ويقال: انْتاطَت المغازي أَي بَعُدت من النَّوط، وانْتَطَتْ جائز على القلب؛ قال رؤبة: وبَلْدةٍ نِياطُها نَطِيّ أَراد نَيِّطٌ فقلب كما قالوا في جمع قَوْس قِسِيّ وانْتاطَ أَي بعُد، فهو نَيِّطٌ. ابن الأَعرابي: وانْتاطَتِ الدارُ بعُدَت، قال: ومنه قول مُعاوية في حديثه لبعض خُدّامه: عليك بصاحِبك الأَقدم فإِنك تَجِدُه على مودّة واحدة وإِن قَدُمَ العهدُ وانْتاطَتِ الدار، وإِياك وكل مُسْتَحْدَثٍ فإِنه يأْكل مع كل قوم ويجري مع كل ريح؛ وأَنشد ثعلب: ولكنَّ أَلفاً قد تجَهَّز غادِياً، بحَوْرانَ، مُنْتاط المَحَلِّ غَرِيبُ والنَّيِّطُ من الآبار: التي يجري ماؤُها معلَّقاً يَنْحَدِرُ من أَجْوالِها إِلى مَجَمِّها. ابن الأَعرابي: بئر نَيِّطٌ إِذا حُفرت فأَتَى الماء من جانب منها فسال إِلى قعرها ولم تَعِنْ من قعرها بشيء؛ وأَنشد: لا تَسْتَقِي دِلاؤها من نَيِّطِ، ولا بَعِيدٍ قعْرُها مُخْرَوِّطِ وقال الشاعر: لا تتّقي دِلاؤها بالنَّيِّط (* قوله «تتقي» كذا بالأصل ولعله تستقي.) وانْتاطَ الشيءَ: اقْتَضَبَه برأْيه من غير مُشاوَرة.
والنَّوْطُ: الجُلّةُ الصغيرة فيها التمر ونحوه، والجمع أَنْواطٌ ونِياطٌ. قال أَبو منصور: وسمعت البَحْرانِيين يسمون الجِلالَ الصغار التي تعلَّق بعُراها من أَقتاب الحَمُولةِ نِياطاً، واحدها نَوْط.
وفي الحديث: إِنَّ وفد عبد القَيْس قَدِمُوا على رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، فأَهْدَوْا له نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَر أَي أَهدوا له جُلّة صغيرة من تمر التَّعْضُوض، وهو من أَسْرَى تُمْرانِ هَجر، أَسْوَدُ جَعْدٌ لَحِيم عَذْب الطعم حُلو.
وفي حديث وفد عبد القيس: أَطْعِمْنا من بقيَّةِ القَوْس الذي في نَوْطِك. الأَصمعي: ومن أَمثالهم في الشدّة على البخيل: إِن ضَجَّ فزِدْه وِقْراً، وإِن أَعْيا فزِدْه نَوطاً، وإِن جَرْجَرَ فزِدْه ثقلاً؛ قال أَبو عبيدة: النوط العِلاوة بين الفَوْدَيْنِ.
ويقال للدَّعِيِّ يَنْتَمِي إِلى قوم: مَنُوطٌ مُذَبْذَب؛ سمي مذبذباً لأَنه لا يدرى إِلى من يَنتَمِي فالريح تُذَبْذِبُه يميناً وشمالاً.
ورجل منوط بالقوم: ليس من مُصاصِهم؛ قال حسان: وأَنْتَ دَعِيٌّ نِيطَ في آل هاشِمٍ، كما نِيطَ خَلْفَ الراكِب القَدَحُ الفَرد ونيط به الشيء: وُصل به.
والنَّوْطةُ: الحوْصَلةُ؛ قال النابغة في وصف قطاة: حَذَّاء مُدبِرةً، سَكّاء مُقْبِلةً، للماء في النَّحْر منها نَوْطة عَجَبُ قال ابن سيده: ولا أَرى هذا إِلا على التشبيه. حذّاء: خفيفة الذنب. سَكّاء: لا أُذن لها، شبه حوصلةَ القطاةِ بنوطة البعير وهي سِلْعة تكون في نَحْرِه.
والنوْطةُ: ورم في الصدر، وقيل: ورَم في نَحر البعير وأَرْفاغه وقد نِيط له؛ قال ابن أَحمر: ولا عِلْمَ لي ما نَوْطةٌ مُسْتكِنَّةٌ، ولا أَيُّ مَن فارقت أَسْقي سِقائيا والنوْطةُ: الحِقْدُ.
ويقال للبعير إِذا وَرِمَ نحرُه وأَرفاغُه: نِيطت له نوْطة، وبعير مَنُوط وقد نِيطَ له وبه نَوْطة إِذا كان في حَلقه ورَم.
ويقال: نيط البعير إِذا أَصابه ذلك.
وفي الحديث: بعير له قد نيط. يقال: نِيط الجمل، فهو منوط إِذا أَصابه النوْطُ، وهي غُدَّة تُصيبه فتقتله.
والنوْطة: ما يَنْصَبُّ من الرِّحاب من البلد الظاهر الذي به الغَضَا.
والنوْطةُ: الأَرض يكثر بها الطَّلْح، وليست بواحدة، وربما كانت فيه نِياطٌ تجتمع جماعات منه ينقطع أَعلاها وأَسفلها. ابن شميل: والنوْطةُ ليست بوادٍ ضخْمٍ ولا بتَلْعةٍ هي بينهما.
والنوْطةُ: المَكان في وسطه شجر، وقيل: مكان فيه طَرْفاء خاصّة. ابن الأَعرابي: النوْطةُ المكان فيه شجر في وسطه، وطرَفاه لا شجر فيهما، وهو مرتفع عن السيل.
والنوْطة: الموضع المرتفع عن الماء؛ عن ابن الأَعرابي.
وقال أَعرابي: أَصابنا مطَر جَوْدٌ وإِنَّا لَبِنَوْطةٍ فجاء بجارّ الضبُع أَي بسَيْل يجُرّ الضبُع من كثرته.
والتَّنَوُّطُ والتُّنَوِّطُ: طائر نحو القارِية سواداً تركَّب عُشها بين عُودين أَو على عود واحد فتُطيل عشها فلا يصل الرجل إِلى بيضها حتى يُدخل يده إِلى المنكب، وقال أَبو علي في البصريّات: هو طائر يُعلِّق قشوراً من قشور الشجر ويُعشِّش في أَطرافها ليحفظَه من الحيات والناس والذرّ؛ قال: تُقَطِّعُ أَعناقَ التَنَوُّطِ بالضُّحَى، وتَفْرِسُ في الظَّلْماء أَفْعَى الأَجارِعِ وصف هذه الإِبل بطول الأَعناق وأَنها تصل إِلى ذلك، واحدها تَنَوُّطةٌ وتُنَوِّطة. قال الأَصمعي: إِنما سمي تنوّطاً لأَنه يُدلِّي خُيوطاً من شجرة ثم يُفرخ فيها.
وذاتُ أَنواطٍ: شجرة كانت تُعبد في الجاهلية، وفي الحديث: اجعل لنا ذات أَنْواطٍ، قال ابن الأَثير: هي اسم سَمُرةٍ بعينها كانت للمشركين يَنُوطون بها سِلاحَهم أَي يعلِّقونه بها ويَعْكُفون حولَها، فسأَلوه أَن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك.
وأَنواط جمع نَوْط، وهو مصدر سمي به المَنُوط. الجوهري: وذات أَنواط اسم شجرة بعينها.
وفي الحديث: أَنه أَبصر في بعض أَسفاره شجرة دَفْواء تسمّى ذاتَ أَنواط.
ويقال: نوْطةٌ من طَلْح كما يقال عِيصٌ من سِدْر وأَيكةٌ من أَثل وفَرْس من عُرْفُط ووَهْطٌ من عُشَرٍ وغالٌّ من سَلَم وسَلِيلٌ من سَمُر وقَصِيمةٌ من غضاً ومن رِمْث وصَرِيمةٌ من غَضاً ومن سَلَم وحَرَجةٌ من شجر.
وقال الخليل: المدّات الثلاث مَنُوطات بالهمز، ولذلك قال بعض العرب في الوقوف: افْعَلِئ افْعَلأ افْعَلُؤ، فهمزوا الأَلف والياء والواو حين وقفوا.

ضغط (العباب الزاخر) [0]


رجل ضفيط بين الضفاطة: أي ضعيف الرأي والعقل، قال ابو حزام غالبُ بن الحارث العكلي.
تعادت بالجنان على المزجى      ويخفي بالبدء الضـفـيط

يخفي: يظهرُ، والبدء: الداهية، وقد ضفط -بالضم-، وبلغ عمر -رضى الله عنه- أن رجلا استأذن فقال: إني لا أراه ضفيطاً، لأنه كان ينكر قول من قال: إذا قعد إليك رجل فلا تقم حتى تستأذنه. وقال الليثُ: الضفيط: العذيوط الذي يبدي إذا جامع أهله. وعن ابن سيرين: أنه شهد نكاحاً فقال: أين ضفاطتكم، أراد الدف لأنه لعب ولهو فهو راجع إلى ملا يحققُ فيه صاحبه. وفي حديث عمر -رضى الله عنه-: أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال: اللهم إني أعوذ بك . . . أكمل المادة من الضفاطة، أتسأل ربك إلا يرزقك أهلا ومالا. ذهبَ إلى قوله تعالى: (إنما أموالُكم وأولادُكم فتنة) وكره التعوذ منها. وفي حديث ابن عباس -رضى الله عنهما-: لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء، فقيل له: أتقولُ هذا وأنت عامل لفلان، فقال: إن في ضفطات وهذه إحدى ضفطاتي الضفطة للمرة كالحمقة، والجمع الضفط ضفطى؛ كصريعه وصرعى.
وفي الحديث عمر رضى الله عنه-: أن صاحب محمد صلى الله عليه وسلم-: تذاكروا الوتر، فقال أبو بكر برضى الله عنه-: أما أنا فأبدوا الوتر، وقال عمر -رضى الله عنه-: لكني أوتر حين ينام الضفى: همُ الحمقى والنوكى. والضفيط -أيضا- من فحول الإبل: السريس. والضفيط: السخي:وهو من الاضداد. والضَّفَّاطة -بالتشديد-: شبيهة بالدجاجة؛ وهي الرفقة العظيمة. والضفاط: الذي يكري الإبل من قرية إلى قرية أخرى.
وقال ابن الأعرابي: الضفاط: الجمال وروي: أن ضفاطة -ويروي: ضفاطتين- قدموا المدينة. وقيل: الضفاطةُ: رذال الناس، وكذلك الضفاط، قال بن القطيب:
ليست به شمائل الضفاط     

وقال ابن شميل: الضفاطة: الأنباط كانوا يقدمون المدينة بالدرمك والزيت وقال ابن المبارك: الضفاط: الجالب من الأصل والمقاط: الحاملُ من قريةُ إلى قرية. وقيل: الضفاط: الذي يكري من منزل إلى منزل أو من ماء إلى ماء، قال: وما كنت ضفاطاً ولكن راكباً. وذاةُ أنواطٍ: اسم شجرة كلان يُنَاطُ بها السلاح وتعبد من دون الله، ومنه الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ابْصَرَ في بعض أسفاره شجرة دَفْوَاءَ ذاةَ أنوَاطٍ. الدَّفْوَاءُ: العظيمة الطويلة الفروع والأغصان الجَثَلةُ الظليلةُ. سُمي المَنُوطُ بالنَّوِط وهو مصدر؛ ثم جمع- ومنه قولهم لِمزد الراكب الذي يَنُوطه: نَوطٌ والنَّوُطُ والنَّوْطَةُ: جُلة صغيرة فيها ثمر تعلق من البعير، وفي الحديث أنه أهْدي إلى النبي -صلى الله عليه ويلم- نَوْطُ من تَعْضوض هجر أهداه "له" وفد عبد القيس. "والنَّوْطُ": العلاوة بين "العدْلَيِنِ".
وأصله الجُلَّةُ. إذا تلكأ في السير بصر.
والإلحاح على البعير، وأنشد ابن دريد:
فَعَلَّق النَّوْطَ أبا مَحْـبُـوبِ      إنَّ الغّضّا ليس بذي تَذنُوبِ

وقال أبو عمر: النّوْطَةُ: البئر بين الجبلين. والنَّوْطَةُ: الحَوصَلةُ، قال النابغة الذبياني يصف القَطَاةَ:
حَذّاءُ مُدْبِرَةً سَـكّـاءُ مُـقْـبـلَةً      للماءِ في النَّحْرِ منها نَوْطَةُ عَجَبُ

والنَّوْطَةُ -أيضاً-: وَرَمٌ في نَحْرِ البعير وأرفاغه، وقال ابن دريد: النَّوْطَةُ: غُدَّةٌ تصيب البعير في بطنه فلا أن تقتله، يقال: نِيْطَ البعير: إذا أصابه ذلك. والنَّوْطَةُ -أيضاً- الحِقْدُ، قال عمرو بن أحمر الباهلي:
وما عِلْمُنا ما نَوْطَةٌ مُسْتَـكِـنَّة      ولا أيُّ ما قارَفتُ أسقى سِقائيا

يقول: وما ادري أي ذنوبي فعل بي هذا.
ويروى: "ولا أي من قارَفْتُ".
وقوله: أسقى سِقائيا: أي أوعى جوفي هذا الدّاء الذي أجده. والنَّوءطُ: ما بين العجز والمتن. والأنْوَاطُ: ما عُلق على البعير إذا أوقِرَ.
وكل عُلق من شيءٍ فهو نَوْطُ. ويقال: نَوْطَةٌ من صلح، كما يقال: عِيصٌ من سِدرٍ وايكةٌ من أثلٍ وفرشٌ من عُرفُطٍ ووهط من عُشر وغال من سلم وسليل من سَمرٍ وقصيمة من غَضَاً ومن رمث وصريمة من غضا ومن سلم وحرجة من شجر. وقال ابن الأعرابي: النَّوْطُ: المكان فيه شجر في وسطه وطرفاه لا شجر فيهما؛ وهو مرتفع في السيل، يقال: أصابنا مطر وإنا لَبِنَوطةٍ.
وقال ابن شُميل: النَّوْطَةُ ليست بواد ضخم ولا بتلعة؛ هي بين ذلك. والتَّنْوَاطُ: ما يتلعق من الهودج يزين به.
ويقال: فلان منَّي مَنَاطَ الثُريا: أي في البعد.
وهذا الشيء مَنُوْطٌ بفلان. وقال الخليل: المَدّاتُ الثلاث مَنُوْطاتُ بالهمز، قال: ولذلك قابل بعضهم في افْعَلي وافْعَلا وافْعَلوا في الوقوف: افْعَلِىء وافْعَلا وافْعَلُوا، ولذلك يهمزون "لا" إذا وقفوا فيقولون: لا. ويقال: رجل مَنُطُ بالقوم: أي ليس منهم، وقيل: دَعِيُّ، قال حسان بن ثابت يهجو أبا سفيان -رضي الله عنهما-:
وكْنت دَعِيّاً نشيْطَ فـي آلِ هـاشـمٍ      كما نِيْطَ خَلْفَ الرّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ

والنَّيَاطُ: ما يعلق به الشيء، يقال: نُطْتُ القربة بِنياطها: أي علقتها من محمل ونحوه. ونِيَاطُ المفازة: بعد طريقها فكأنها نِيْطَتْ بمفازةٍ أخرى لا تكاد تنقطع، قال العجاج:
وبَـلْـدَةٍ بَـعِـيْدِة الـنَّـيَاطِ      مجْهولةٍ تَغتال خَطْوَ الخاطي

والنَّيَاطُ: كوكبان بينهما قلب العقرب. والنَّيَاط: عرق عُلق به القلب من الوترين فإذا قُطع مات صاحبه.
ويقال للأرنب: المُقطعة النَّيِاط والمقطعة الأسحار والمقطعة السحور على التفاؤل؛ أي نِيَاطُها يقطع على هذا الاسم. في ال. من يكسر الطاء؛ أي سرعتها وشدة عَدوها كأنها تُقطع نِياطَها، وقيل: تُقطع نِيَاطَ الكلاب من شدة عدوها. وكذلك النَّيْطُ، قال أبو سعيد: القياس: النَّوْطُ، لأنه من ناطَ يَنُوطُ، غير أن الياء تعاقب الواو في حروف كثيرة، ويجوز أن يقال أصله نَيطُّ؛ فخفف؛ كميت وهين ولين في ميتٍ وهين ولينٍ. ويقال: رُمي في نَيْطِه وطعن في جنازته: إذا مات، ومنه حديث عليّ -رضي الله عنه- أنه قال: لودَّ معاوية أنه ما بقى من بني هاشم نافخ ضرمةٍ الا طُعن في نَيْطِه. ويقال: رماه الله بالنَّيِط: أي بالموت. ونِيَاطُ القوس: مُعلقها. والنّاءطُ: عرق في الصلب ممتد بعالج المصفور بقطعه، قال العجاج يصف ثوراً طعن الكلاب:
وبَجَّ كلَّ عِانـدٍ نَـعُـورِ      أجْوَفَ ذي فَوّارَةٍ ثَوورِ

قَضْبَ الطبيب نائطَ المَصْفُوِر ؤالنّائطَةُ: الحَوصَلةُ. وقال ابن عباد النَّيَّطَةُ: "البعير يرسله مع ناسٍ يمتارون" ليحمل له عليه. وقال ابن الأعرابي: بئر نَيُطٌ -على فعيل-: إذا حفرت فأتي الماء من جانب منها فسال الى قعرها ولم تعن من قعرها بشيءٍ، وأنشد:
لا تَسْتَقي دِلاؤها من نَيّطِ      ولا بَعِيدٍ قَعرُها مُخْرَوط

وقال أبو الهيثم: النَّيَّطُ: العين في البئر قبل أن تصل إلى القعر، ومنه حديث الحجاج: أنه أمر رجلاً له عضيدة أن يحفر بالشجي بئراً فحفرها؛ فقال: يا عُضيدة أأخسفت أم أوشلت ويروى: أمْ أعلمت- فقال: لا واحد منهما ولكن نَيَّطاً بين المائين، قال: وما يبلغ ماؤها؟ قال: وردت عَلَيَّ رفقة فيها خمسة وعشرون بعيراً؛ فرويت الإبل ومن عليها، فقال الحجاج: الإبل حفرتها إن الإبل ضُمزٌ خُنُس ما جشمت. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: وسبب ذلك أن رفقةً ماتت من العطش بالشجي. فقال الحجاج: أني أظنهم قد دعوا الله حين بلغهم الجهد؛ فاحفروا في مكانهم الذي ماتوا فيه لعل الله يسقي الناس، فقال رجل من جلسائه: قد قال الشاعر:
تَرَاءَتْ له بَيْنَ الَّـلـوى وعُـنَـيْزَةٍ      وبَيْنَ الشَّجِي مّماِ أحالَ على الوادي

ما تَراءت له إلا وهو على ماءٍ، فأمر الحجاج رجلاً له عُضيدة أن يحفر في الشَّجي بئراً؛ فحفرها؛ فلما أنْيَطَ حمل معه قربتين من مائها إلى الحجاج بواسطٍ، فلما طلع قال له: يا عضيدة لقد تخطيت بها ماء عذاباً أأخسفت. الحديث. وقال بعضهم: إن كان الحرف على ما روي "فهو من" ناطَه يَنُوْطُه: إذا "عَلَّقَه؛ أراد": أن الماء وَ"سَط بين المائين": كأنه معلق بينهما.
وإن كانت الرواية لكن نَبَطاً بالباء الموحدة- "فإنَّه" يقال "للرَّكِيَّة" إذا استخرج ماؤها. والتَّنضوُّطُ والتُّنَويطُ: طائر، قال الأصمعي، سمي بذلك لأنه يُدلي خيوطها من شجرةٍ ثم يفرخ فيها، الواحدة: تَنَوُّطَةٌ وتُنَوَّطَةٌ. وقال "حَمْزَةُ" في قولهم: أصنع من تَنَوطٍ: هو طائر يركب عشه تركيباً بين عودين من أعواد الشجر فينسجه كقارورة الدهن ضيق الفم واسع الداخل فيودعه بيضه فلا يوصل إليه حتى تدخل اليد فيه إلى المعصم. وقال أبو عمرو: أناطَتِ الإبل: أصابها وَرَمٌ في نحورها؛ مثل نِيْطَتْ.
وقال ابن عباد: نَوَّطْت القربة تَنْوِيْطاً: إذا أثقلتها لتدهنها. وانْتَاطَ المكان: بَعُدَ. وقال أبو عمرو: انْتَاطَ من قولهم: أني أريد أن أسْتَنِطَكَ ناقتي: إذا دفعها إليه ليمتار له "عليها، فيقول" الرجل: أنا أنْتَاطُها لك. والتركيب يدل على تعليق شيءٍ بشيء إذا علقته به، وقد شَذَّ عن هذا التركيب قولهم: بئر نَيُّطٌ.

غلل (لسان العرب) [0]


الغُلُّ والغُلّة والغَلَلُ والغَلِيلُ، كله: شدّة العطش وحرارته، قلَّ أَو كثر؛ رجل مَغْلول وغَلِيل ومُغْتَلّ بيّن الغُلّة.
وبعير غالٌّ وغَلاَّنُ، بالفتح: عطشان شديد العطش. غُلَّ يُغَلٌّ غَلَلاً، فهو مَغْلول، على ما لم يسم فاعله؛ ابن سيده: غَلَّ يَغَلّ غُلّة واغْتَلّ، وربما سميت حرارة الحزن والحبّ غَلِيلاً.
وأَغَلّ إِبلَه: أَساءَ سَقْيَها فصدَرَت ولم تَرْوَ.
وغَلَّ البعيرُ أَيضاً يَغَلُّ غُلّة إِذا لم يَقْضِ رِيَّه. أَبو عبيد عن أَبي زيد: أَعْلَلْتُ الإِبلَ إِذا أَصْدَرْتها ولم تروها فهي عالَّة، بالعين غير معجمة؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف والصواب أَغْلَلْت الإِبل إِذا أَصدرتها ولم تروها، بالغين، من الغُلَّة وهي حرارة العطش، وهي إِبل غالَّة؛ وقال نصر . . . أكمل المادة الرازي: إِذا صدَرَت الإِبلُ عِطاشاً قلت صدرت غالَّة وغَوالَّ، وقد أَغْلَلْتَها أَنت إِغْلالاً إِذا أَسَأْتَ سَقْيَها فأَصدرتها ولم تروها وصدرت غَوالَّ، الواحدة غالَّة؛ وكأَن الراوي عن أَبي عبيد غلط في روايته.
والغَلِيلُ: حَرُّ الجوف لَوْحاً وامْتِعاضاً.
والغِلُّ، بالكسر، والغَلِيلُ: الغِشُّ والعَداوة والضِّغْنُ والحقْد والحسد.
وفي التنزيل العزيز: ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ ؛ قال الزجاج: حقيقته، والله أَعلم، أَنه لا يَحْسُدُ بعض أَهل الجنة بعضاً في عُلُوِّ المرتبة لأَن الحسد غِلٌّ وهو أَيضاً كَدر، والجنة مبرّأَة من ذلك، غَلَّ صدرُه يَغِلُّ، بالكسر، غِلاًّ إِذا كان ذا غِشٍّ أَو ضِغْن وحقد.
ورجل مُغِلٌّ: مُضِبٌّ على حقد وغِلٍّ.
وغَلَّ يَغُلُّ غُلولاً وأَغَلَّ: خانَ؛ قال النمر: جزَى اللهُ عنَّا حَمْزة ابنة نَوْفَلٍ جزاءَ مُغِلٍّ بالأَمانةِ كاذبِ وخص بعضهم به الخون في الفَيء والمَغْنم.
وأَغَلَّه: خَوّنه.
وفي التنزيل العزيز: وما كان لنبي أَنْ يَغُلَّ؛ قال ابن السكيت: لم نسمع في المَغْنم إِلا غَلَّ غُلُولاً، وقرئ: وما كان لنبي أَن يُغَلَّ، فمن قرأَ يَغُلّ فمعناه يَخُون، ومن قرأَ يُغَلّ فهو يحتمل معنيين: أَحدهما يُخان يعني أَن يؤخذ من غنيمته، والآخر يخوَّن أَي ينسب إِلى الغُلول، وهي قراءة أَصحاب عبد الله، يريدون يسرَّق؛ قال أَبو العباس: جعل يُغَل بمعنى يُغَلَّل، قال: وكلام العرب على غير ذلك في فَعَّلْت وأَفْعَلْت، وأَفْعَلْت أَدخلت ذلك فيه، وفَعَّلْت كثَّرت ذلك فيه؛ وقال الفراء: جائز أَن يكون يُغَلّ من أَغْلَلْت بمعنى يُغَلَّل أَي يُخوَّن كقوله فإِنهم لا يكذِّبونك، وقال الزجاج: قُرِئا جميعاً أَن يَغُلّ وأَن يُغَلّ، فمن قال أَن يَغُل فالمعنى ما كان لنبيّ أَن يَخُون أُمّته، وتفسير ذلك أَن الغَنائم جمعها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غَزَاة فجاءه جماعة من المسلمين فقالوا: لا تقسم غنائمنا، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لو أَفاء الله عليّ مثل أُحُد ذهباً ما منعتكم درهماً، أَترَوْنني أَغُلُّكم مَغْنَمكم؟ قال: ومن قرأَ أَن يُغَل فهو جائز على ضرْبين: أَحدهما ما كان لنبي أَن يَغُله أَصحابه أَي يخونوه، وجاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لأَعْرِفَنّ أَحدكم يجيء يوم القيامة ومعه شاة قد غَلَّها، لها ثُغاءٌ، ثم قال أَدّوا الخِياطَ والمِخْيَط، والوجه الثاني أَن يكون يُغَل يخوَّن، وكان أَبو عمرو بن العَلاء ويونس يختاران: وما كان لنبي أَن يَغُل، قال يونس: كيف لا يُغَل؟ بلى ويقتل؛ وقال أَبو عبيد: الغُلول من المَغْنَم خاصة ولا نراه من الخيانة ولا من الحِقْد، ومما يبين ذلك أَنه يقال من الخيانة أَغَلّ يُغِلّ، ومن الحِقْد غَلّ يَغِلّ، بالكسر، ومن الغُلول غَلّ يَغُلّ، بالضم؛ قال ابن بري: قلّ أَن نجد في كلام العرب ما كان لفلان أَن يُضْرَب على أَن يكون الفعل مبنيّاً للمفعول، وإِنما نجده مبنيّاً للفاعل، كقولك ما كان لمؤمن أَن يَكْذِب، وما كان لنبي أَن يَخُون، وما كان لمُحرِم أَن يلبَس، قال: وبهذا تعلم صحة قراءة من قرأَ: وما كان لنبي أَن يَغُل، على إِسناد الفعل للفاعل دون المفعول؛ قال: والشاهد على قوله يُقال من الخيانة أَغَلَّ يُغِل قول الشاعر: حَدَّثْتَ نَفسَكَ بالوَفاء، ولم تكن للغَدْر خائنة مُعِلّ الإِصبع وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَمْلى في صُلْح الحُدَيْبية: أَن لا إِغْلال ولا إِسْلال؛ قال أَبو عبيد: الإِغْلال الخِيانة والإِسْلال السَّرِقة، وقيل: الإِغلال السرقة، أَي لا خيانة ولا سرقة، ويقال: لا رِشْوة. قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الغُلول في الحديث، وهو الخيانة في المَغْنم والسرقة من الغَنيمة؛ وكلُّ من خان في شيء خُفْية فقد غل، وسميت غُلولاً لأَن الأَيدي فيها مَغْلولة أَي ممنوعة مجعول فيها غُلّ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأَسير إِلى عُنقه، ويقال لها جامِعَة أَيضاً، وأَحاديث الغُلول في الغنيمة كثيرة. أَبو عبيدة: رجل مُغِلّ مُسِلّ أَي صاحب خيانة وسَلَّةٍ؛ ومنه قول شريح: ليس على المُستعير غير المُغِلّ ولا على المُستودَع غير المُغِلّ ضَمان، إِذا لم يَخُن في العارِيَّة والوَدِيعة فلا ضمان عليه، من الإِغْلال الخِيانةِ، يعني الخائن، وقيل: المُغِل ههنا المُسْتَغِلّ وأَراد به القابض لأَنه بالقَبْض يكون مُسْتَغِلاًّ، قال ابن الأَثير: والأَوَّل الوَجْه؛ وقيل: الإِغْلال الخيانة والسرقة الخفيّة، والإِسْلال من سَلّ البعيرَ وغيرَه في جوف الليل إِذا انتزعه من الإِبل وهي السَّلَّة، وقيل: هو الغارة الظاهرة، يقال: غَلّ يَغُلّ وسَلّ يَسُلّ، فأَما أَغَلَّ وأَسَلَّ فمعناه صار ذا غُلول وسَلَّة، ويكون أَيضاً أَن يُعِينَ غيره عليهما، وقيل: الإِغْلال لُبْس الدُّروع، والإِسْلال سَلّ السيوف؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يُغِل عليهنّ قلبُ مؤمن: إِخْلاصُ العمل لله، ومُناصَحة ذوي الأَمْر، ولزوم جماعة المسلمين فإِنَّ دعوتهم تُحيط من ورائهم؛ قيل: معنى قوله لا يُغِل عليهنّ قلب مؤمن أَي لا يكون معها في قلبه غَشّ ودَغَل ونِفاق، ولكن يكون معها الإِخلاص في ذات الله عز وجل، وروي: لا يَغِلّ ولا يُغِلّ، فمن قال يَغِلّ، بالفتح للياء وكسر الغين، فإِنه يجعل ذلك من الضَّغْن والغِلّ وهو الضِّغْن والشَّحْناء، أَي لا يدخله حِقْد يُزيله عن الحق، ومن قال يُغِل، بضم الياء، جعله من الخيانة؛ وأَما غَلَّ يَغُلّ غُلولاً فإِنه الخيانة في المَغْنَم خاصة، والإِغْلال: الخيانة في المَغانم وغيرها.
ويقال من الغِلّ: غَلّ يَغِلّ، ومن الغُلول: غَلّ يَغُلّ.
وقال الزجاج: غَلّ الرجلُ يَغُلّ إِذا خان لأَنه أَخْذ شيء في خَفاء، وكل من خان في شيء في خفاء فقد غَلّ يَغُلّ غُلولاً، وكل ما كان في هذا الباب راجع إِلى هذا، من ذلك الغالّ، وهو الوادي المطمئن الكثير الشجر، وجمعه غُلاَّن، ومن ذلك الغِلّ وهو الحِقْد الكامِن؛ وقال ابن الأَثير في تفسير لا يُغِلّ عليهنّ قلب مؤمن، قال: ويروى يَغِلُ، بالتخفيف، من الوُغول الدخول في الشيء، قال: والمعنى أَن هذه الخِلال الثلاث تُستصلَح بها القلوب، فمن تمسك بها طهُر قلبه من الدَّغَل والخيانة والشرّ، قال: وعليهنّ في موضع الحال تقديره لا يَغِلُ كائناً عليهن.
وفي حديث أَبي ذر: غَلَلْتم والله أَي خُنْتم في القول والعمل ولم تَصْدُقوه. ابن الأَعرابي في النوادر: غُلّ بصرُ فلان حاد عن الصواب من غَلَّ يَغِلُّ، وهو معنى قوله ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلبُ امرئ أَي لا يحيد عن الصواب غاشًّا.
وأَغَلَّ الخطيب إِذا لم يصب في كلامه؛ قال أَبو وجزة: خُطباء لا خُرْق ولا غُلل، إِذا خطباء غيرهمُ أَغَلَّ شِرارُها وأَغَلَّ في الجِلْد: أَخذ بعض اللحم والإِهابَ. يقال: أَغْلَلْت الجلد إِذا سلخته وأَبقيت فيه شيئاً من الشَّحم، وأَغْلَلْت في الإِهاب سلخته فتركت على الجلد اللحم.
والغَلَل: اللحم الذي ترك على الإِهاب حين سلخ.
وأَغَلَّ الجازر في الإِهاب إِذا سلَخ فترك من اللحم ملتزِقاً بالإِهاب.
والغَلَل: داء في الإِحليل مثل الرَّفَقِ، وذلك أَن لا يَنْفُض الحالب الضَّرْع فيترك فيه شيئاً من اللبن فيعود دماً أَو خَرَطاً.
وغَلّ في الشيء يَغُلّ غُلولاً وانْغَلَّ وتَغَلَّل وتَغَلْغَلَ: دخل فيه، يكون ذلك في الجواهر والأَعراض؛ قال ذو الرمة يصف الثور والكِناس: يُحَفِّرُه عن كلِّ ساقٍ دَقِيقةٍ، وعن كل عِرْقٍ في الثَّرى مُتَغَلْغِل (* قوله «يحفره» هكذا في الأصل»).
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود في العَرَض رواه ثعلب عن شيوخه: تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ في فُؤادي، فَبادِيه مع الخافي يَسِيرُ وغَلَّه يَغُلّه غَلاًّ: أَدخله؛ قال ذو الرمة: غَلَلْت المَهَارى بينها كلّ ليلة، وبين الدُّجَى حتى أَراها تمزَّق وغَلَّه فانغَلّ أَي أَدخله فدخل؛ قال بعض العرب: ومنها ما يُغِلّ يعني من الكِباش أَي يُدْخِل قضيبه من غير أَن يرفع الأَلْية.
وغَلّ أَيضاً: دخل، يتعدّى ولا يتعدّى.
ويقال: غَلّ فلان المَفاوِز أَي دخلها وتوسّطها.
وغَلْغَله: كغَلَّه.
والغُلَّة: ما تواريت فيه؛ عن ابن الأَعرابي.
والغَلْغَلة: كالغَرْغَرة في معنى الكسر.
والغَلَلُ: الماء الذي يَتَغَلَّل بين الشجر، والجمع الأَغْلال؛ قال دُكين: يُنْجِيه مِنْ مِثْل حَمام الأَغْلال وَقْعُ يَدٍ عَجْلى، ورِجْلٍ شِمْلال ظَمْأَى النَّسا من تَحت رَيَّا مِن عال يقول: يُنْجي هذا الفرسَ من سِراع (* قوله «من سراع» عبارة الصحاح: من خيل سراع) في الغارة كالحَمام الواردة؛ وفي التهذيب قال: أَراد يُنْجي هذا الفرسَ من خيل مثل حمام يرد غَلَلاً من الماء وهو ما يجري في أُصول الشجر، وقيل: الغَلَل الماء الظاهر الجاري، وقيل: هو الظاهر على وجه الأَرض ظُهوراً قليلاً وليس له جِرْية فيخفى مرّة ويظهر مرة، وقيل: الغَلَل الماء الذي يجري بين الشجر؛ قال الحُوَيْدِرة: لَعِب السُّيُول به، فأَصبح ماؤه غَلَلاً يُقَطِّع في أُصول الخِرْوَع وقال أَبو حنيفة: الغَلَل السيل الضعيف يَسِيل من بطن الوادي أَو التِّلَع في الشجرَ وهو في بطن الوادي، وقيل: أَن يأْتي الشجر غَلَلٌ من قَبْل ضِعْفِه واتّباعِه كلَّ ما تَواطأَ من بطن الوادي فلا يكاد يرى ولا يتبع إِلاَّ الوَطاء.
وغَلَّ الماءُ بين الأَشجار إِذا جرى فيها يَغُلُّ، بالضم في جميع ذلك.
وتَغَلْغَل الماء في الشجر: تخلَّلها.
وقال أَبو سعيد: لا يذهب كلامُنا غَلَلاً أَي لا ينبغي أَن يَنْطوي عن الناس بل يجب أَن يظهر.
ويقال لعرق الشجر إِذا أَمعن في الأَرض غَلْغَلٌ، وجمعه غَلاغَلُ؛ قال كعب: وتَفْتَرّ عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنها أَقاحيّ تُرْوى عن عُرُوق غُلاغِل والغِلالة: شِعار يلبَس تحت الثوب لأَنه يُتَغَلَّل فيها أَي يُدْخَل.
وفي التهذيب: الغِلالة الثوب الذي يلبس تحت الثياب أَو تحت دِرْع الحديد.
واغْتَلَلْت الثوبَ: لَبِسته تحت الثياب، ومنه الغَلَل الماء الذي يجري في أُصول الشجر.
وغَلَّلَ الغِلالة: لبسها تحت ثيابه؛ هذه عن ابن الأَعرابي.
والغُلَّة: الغِلالة، وقيل هي كالغِلالة تُغَلّ تحت الدِّرْع أَي تدخَل.
والغَلائل: الدرُوع، وقيل: بَطائن تلبَس تحت الدُّروع، وقيل: هي مَسامير الدُّروع التي تَجمع بين رؤوس الحَلَق لأَنها تُغَلّ فيها أَي تدخَل، واحدتها غَلِيلَة؛ وقول النابغة: عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنّ كُرَّةً، فهنّ وِضاءٌ صافياتُ الغَلائِل (* في ديوان النابغة: القلائل بدل الغلائل، ولعل الصواب ما هنا). خَصّ الغَلائل بالصَّفاء لأَنها آخر ما يَصْدَأُ من الدُّروع، ومن جعلها البَطائن جعل الدُّروع نقيّة لم يُصْدِئن الغَلائل.
وغَلائل الدُّروع: مساميرها المُدخَلة فيها، الواحد غَلِيل؛ قال لبيد: وأَحْكَم أَضْغان القَتِير الغَلائِل وقال ابن السكيت في قوله فهنّ وِضاء صافيات الغَلائل، قال: الغِلالة المِسمار الذي يَجمع بين رأْسَي الحَلَقَة، وإِنما وَصف الغَلائل بالصَّفاء لأَنها أَسرع شيء صَدأَ من الدُّروع. ابن الأَعرابي: العُظْمَة والغِلالة والرُّفاعة والأُضْخُومَة والحَشِيّة الثوب الذي تشدّه المرأَة على عَجيزتها تحت إِزارها تضخّم به عجيزتها؛ وأَنشد: تَغْتال عَرْض النُّقْبة المُذالة، ولم تَنَطّقْها على غِلاله، إِلاَّ لحسْن الخَلْق والنَّباله قال ابن بري: وكذلك الغُلَّة، وجمعها غُلَل؛ قال الشاعر: كَفاها الشَّبابُ وتَقْوِيمُه، وحُسْن الرُّواءِ ولُبْسُ الغُلَلْ وغَلَّ الدهنَ في رأْسه: أَدخله في أُصول الشعر.
وغَلَّ شعرَه بالطيب: أَدخَله فيه.
وتَغَلَّل بالغالِية، شدد للكثرة، واغْتَلَّ وتَغَلْغَل: تَغَلَّف؛ أَبو صخر: سِراج الدُّجى تَغْتَلّ بالمِسْك طِفْلَة، فلا هي مِتْفال، ولا اللَّوْن أَكْهَب وغَلَّله بها.
وحكى اللحياني: تَغَلَّى بالغالِية، فإِما أَن يكون من لفظ الغالِية، وإِما أَن يكون أَراد تَغَلَّل فأَبدل من اللام الأَخيرة ياء، كما قالوا تظنَّيْت في تَظَنَّنْت، قال: والأَول أَقيس. غيره: ويقال تَغَلَّيْتٍّ من الغالية، وقال الفراء: يقال تَغَلَّلْت بالغالية، قال: وكل شيء أَلْصقته بجِلدك وأُصول شعرك فقد تَغَلَّلْته، قال: وتَغَلَّيْت مولّدة.
وقال أَبو نصر: سأَلت الأَصمعي هل يجوز تَغَلَّلْت من الغالِية؟ فقال: إِن أَردت أَنك أَدخلته في لحيتك أَو شارِبك فجائز. الليث: ويقال من الغالِية غَلَّلْت وغَلَّفْت وغَلَّيْت.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت أُغَلِّل لحيةَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالغالِية أَي أُلطّخها وأُلبِسها بها؛ قال ابن الأَثير: قال الفراء يقال تَغَلَّلْت بالغالِية ولا يقال تَغَلَّيْت، قال: وأَجازه الجوهري.
وفي حديث المخنَّث هِيتِ قال: إِذا قامت تَثَنَّتْ وإِذا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ، فقال له: قد تَغَلْغَلْت يا عدوّ الله الغَلْغَلَة: إِدخال الشيء في الشيء حتى يلتبِس به ويصير من جملته، أَي يلغْت بنظرك من محاسن هذه المرأَة حيث لا يبلغ ناظر ولا يَصِل واصِل ولا يَصِف واصِف.
وغَلَّ المرأَةَ: حَشاها، ولا يكون إِلاَّ من ضخم؛ حكاه ابن الأَعرابي. السلمي: غَشَّ له الخَنْجَر والسِّنَانَ وغَلَّه له أَي دَسَّه له وهو لا يشعر به.
والغُلاَّن، بالضم: مَنابت الطَّلْح، وهي أَودية غامضة في الأَرض ذات شجر، واحدها غالّ وغلِيلٌ.
وأَغَلَّ الوادي إِذا أَنبت الغُلاّن؛ قال أَبو حنيفة: هو بطن غامض في الأَرض، وقد انْغَلَّ.
والغالُّ: أَرض مطمئنة ذات شجر.
ومنابت السَّلَم والطَّلْح يقال لها غالّ من سَلَم، كما يقال عِيصٌ من سِدْر وقَصِيمة من غَضاً.
والغالّ: نبت، والجمع غُلاَّن، بالضم؛ وأَنشد ابن بري لذي الرمة: وأَظْهَرَ في غُلاَّن رَقْدٍ وسَيْلُهُ عَلاجِيمُ، لا ضُحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ (* قوله «وأظهر في غلان رقد إلخ» تقدم هذا البيت في مادة ضحح ورقد وظهر على غير هذه الصورة والصواب ما هنا). أَظْهَرَ صار في وقت الظهيرة، وقيل: إِنه بمعنى ظهر مثل تَبِع وأَتْبَع؛ وقال مضرِّس الأَسدي: تَعَرُّضَ حَوْراء المَدافِع، تَرْتَعي تِلاعاً وغُلاَّناً سَوائل من رَمَمْ (* قوله «تعرض إلخ» قبله كما في ياقوت: ولم أنس من ربا غداة تعرضت * لنا دون أبواب الطراف من الادم) الغُلاَّن: بطون الأَودية، ورَمَم: موضع.
والغالَّة: ما ينقطع من ساحل البحر فيجتمع في موضع.
والغُلّ: جامِعة توضع في العُنق أَو اليد، والجمع أَغْلال لا يكسَّر على غير ذلك؛ ويقال: في رقبته غُلّ من حديد، وقد غُلّ بالغُلّ الجامِعة يُغَلّ بها، فهو مَغْلول.
وقوله عز وجل في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ويَضَعُ عنهم إِصْرَهم والأَغْلال التي كانت عليهم؛ قال الزجاج: كان عليهم أَنه من قَتَل قُتِل لا يقبَل في ذلك دِيَة، وكان عليهم إِذا أَصاب جُلودهم شيء من البول أَن يقرِضوه، وكان عليهم أَن لا يَعلموا في السَّبْت؛ هذه الأَغلال التي كانت عليهم، وهذا على المَثل كما تقول جعلت هذا طَوْقاً في عُنقك وليس هناك طوق، وتأْويله ولَّيْتُك هذا وأَلزمتك القيام به فجعلت لزومه لك كالطَّوْق في عنُقك.
وقوله تعالى: إِذ الأَغْلال في أَعناقهم؛ أَراد بالأَغْلال الأَعمال التي هي كالأَغْلال، وهي أَيضاً مؤدِّية إِلى كون الأَغْلال في أَعناقهم يوم القيامة، لأَن قولك للرجل هذا غُلّ في عُنقك للشيء يعمله إِنما معناه أَنه لازم لك وأَنك مجازى عليه بالعذاب، وقد غَلَّه يَغُلّه.
وقوله تعالى وتقدَّس: إِنا جعلنا في أَعناقهم أَغْلالاً؛ هي الجَوامِع تجمَع أَيديهم إِلى أَعناقهم.
وغُلَّتْ يدُه إِلى عنُقه، وقد غُلّ، فهو مَغْلول.
وفي حديث الإِمارة: فكَّه عَدْله وغَلَّه جَوْره (* قوله «وغله جوره» هكذا في الأصل، والذي في النهاية: أو غله جوره) أَي جعل في يده وعنقه الغُلّ وهو القيد المختص بهما.
وقوله تعالى: وقالت اليهود يَدُ الله مَغْلولة، غُلَّت أَيديهم؛ قيل: ممنوعة عن الإِنفاق، وقيل: أَرادوا نعمتُه مقبوضة عنَّا، وقيل: معناه يَدُه مقبوضة عن عذابنا، وقيل: يدُ الله ممسكة عن الاتساع علينا.
وقوله تعالى: ولا تجعلْ يدَك مغْلولة إِلى عنُقك؛ تأْويله لا تُمْسِكها عن الإِنفاق، وقد غَلَّه يَغُلُّه.
وقولهم في المرأَة السَّيِّئة الخُلُق: غُلٌّ قَمِلٌ: أَصله أَن العرب كانوا إِذا أَسَروا أَسيراً غَلُّوه بغُلّ من قِدّ وعليه شعر، فربما قَمِلَ في عُنقه إِذا قَبّ ويبس فتجتمع عليه مِحْنَتان الغُلّ والقَمْل، ضربه مثلاً للمرأَة السيئة الخُلق الكثيرة المَهْر لا يجد بَعْلها منها مخلصاً، والعرب تكني عن المرأَة بالغُلّ.
وفي الحديث: وإِن من النساء غُلاًّ قَمِلاً يقذِفه الله في عُنق من يشاء ثم لا يخرجه إِلا هو. ابن السكيت: به غُلّ من العطش وفي رقبته غُلّ من حديد وفي صدره غِلّ.
وقولها: ما له أُلَّ وغُلَّ؛ أُلَّ دُفِع في قضاء، وغُلّ: جُنّ فوضع في عُنقه الغُلّ.
والغَلّة: الدَّخْل من كِراءِ دار وأَجْر غلام وفائدة أَرض.
والغَلَّة: واحدة الغَلاَّت.
واستَغَلّ عبدَه أَي كلَّفه أَن يُغِلّ عليه.
واسْتِغْلال المُسْتَغَلاَّت: أَخْذُ غَلّتها.
وأَغَلَّت الضَّيْعة: أَعطت الغَلَّة، فهي مُغِلَّة إِذا أَتت بشيء وأَصلها باقٍ؛ قال زهير: فتُغْلِلْ لكم ما لا تُغِلّ لأَهْلِها قُرىً بالعراق، من قَفِيزٍ ودِرْهَم وأَغَلَّت الضِّياع أَيضاً: من الغَلَّة؛ قال الراجز: أَقْبَل سَيْلٌ، جاء من عِند الله يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ وأَغَلَّ القومُ إِذا بلغت غَلّتهم.
وفي الحديث: الغَلَّة بالضَّمان؛ قال ابن الأَثير: هو كحديثه الآخر: الخَراجُ بالضَّمان.
والغَلَّة: الدَّخْل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإِجارة والنِّتاج ونحو ذلك.
وفلان يُغِلّ على عِياله أَي يأْتيهم بالغَلَّة.
ويقال: نِعْم الغَلول شَراب شَرِبْتُه أَو طعام إِذا وافقني.
ويقال: اغْتَلَلْت الشرابَ شربتُه، وأَنا مُغْتَلّ إِليه أَي مشتاق إِليه.
ونِعْم غَلول الشيخ هذا الطعام يعني التَّغْذِية التي تَغَذَّاها أَو الطعام الذي يُدخله جوفه، على فَعُول، بفتح الفاء.
وغَلّ بصَرُه: حاد عن الصواب.
وأَغَلَّ بصرَه إِذا شدَّد نظره.
والغُلَّة: خِرْقة تشدّ على رأْس الإِبريق؛ عن ابن الأَعرابي، والجمع غُلَل.
والغَلَلُ: المِصْفاة؛ وقول لبيد: لها غَلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ، بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفونَ المَقاوِلا يعني الفِدام الذي على رأْس الأَباريق، وبعضهم يرويه غُلَل بالضم، جمع غُلَّة.
والغَلِيل: القَتّ والنوى والعجيم تعلفه الدوابّ.
والغَلِيل: النوى يخلَط بالقَتِّ تعلفه الناقة؛ قال علقمة: سُلاَّءَة، كعَصا النَّهْدِيِّ، غُلّ لها ذو فَيْئة من نَوى قُرّانَ مَعْجُوم ويروى: سُلاَّءة، كعصا النهديِّ، غُلّ لها مُنَظَّم من نوى قرّان معجوم قوله: ذو فَيئة أَي ذو رَجعة، يريد أَن النوى عُلِفته الإِبل ثم بَعَرته فهو أَصلب، شبّه نسورَها وامّلاسها بالنوَى الذي بَعَرته الإِبل، والنَّهْدِيّ: الشيخ المُسِنّ فعصاه ملساء، ومَعْجُوم: مَعْضُوض أَي عضَّته الناقة فرمته لصلابته.
والغَلْغَلة: سرعة السير، وقد تغَلْغَل.
ويقال: تغَلْغَلوا فمضوا.
والمُغَلْغَلة: الرِّسالة.
ورِسالة مُغَلْغَلة: محمولة من بلدٍ إِلى بلد؛ وأَنشد ابن بري: أَبْلِغْ أَبا مالكٍ عنِّي مُغَلْغَلةٍ، وفي العِتاب حَياةٌ بين أَقوام وفي حديث ابن ذي يَزَن: مُغَلْغَلة مَغالِقُها، تُغَالي إِلى صَنْعاء من فَجٍّ عَمِيق المُغَلْغَلة، بفتح الغينين: الرِّسالة المحمولة من بلدٍ إِلى بلد، وبكسر الغين الثانية: المسرِعة، من الغَلْغَلةِ سرعة السير.
وغَلْغَلَة: موضع؛ قال: هنالِك لا أَخْشى تنالُ مَقادَتي، إِذا حَلَّ بيتي بين شُوطٍ وغَلْغَله