الكاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إيلاعٍ بالشيء وتعلُّقٍ به. من ذلك الكَلَف، تقول: قد كَلِف بالأمر يَكْلَفُ كَلَفاً.
ويقولون: "لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، ولا بُغْضُكَ تَلَفاً".
والكُلْفة: ما يُتَكلَّفُ من نائبةٍ أو حقٍّ.
والمتكلِّف: العِرِّيض لما لا يَعنيه. قال الله سبحانه: قُلْ لا أسْأَلُكُمْ علَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ [ص 86].
ومن الباب الكَلَف: شيءٌ يعلو الوجهَ فيغيِّر بشرتَه.
اللام والغين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على الشَّيءِ لا يُعتدُّ به، والآخَر على اللَّهَج بالشَّيء.فالأوَّل اللَّغْو: ما لا يُعتَدُّ به من أولادِ الإبلِ في الدِّيَة. قال العبديّ:
يقال منه لغَا يلْغُو لَغْواً.
وذلك في لَغْو الأيمان.
واللَّغا هو اللَّغو بعينهِ. قال الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ [البقرة 225، المائدة 89]، أي ما لَمْ تَعقِدوه بقلوبكم.
والفقهاء يقولون: هو قولُ الرّجللا والله، وبلَى والله.
وقوم يقولون: هو قولُ الرّجُل لسوادٍ مُقْبِلاً: والله إنَّ هذا فلانٌ، يظنُّه إياه، ثم لا يكون كما ظنّ. قالوا: فيمينه لغوٌ، لأنَّه لم يتعمَّد الكذِب.والثاني قولهم: . . . أكمل المادة لَغِيَ بالأمر، إذا لَهِجَ به.
ويقال إنَّ اشتقاق اللُّغة منه، أي يَلْهَجُ صاحبُها بها.
وأمّا الهمزة والدال في المضاعف فأصلان: أحدهما عِظَم الشيء وشدّته وتكرُّره، والآخر النُّدود. فأمّا الأوّل فالإِدُّ، وهو الأمر العظيم. قال الله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إدّاً [مريم 89]، أي عظيماً من الكفر.
وأنشد ابنُ دريد:
وأنشد الخليل:
ويقال أدّتِ الناقة، إذا رجّعت حَنينَها.
والأَدُّ: القُوّة، قاله ابن دريد وأنشد:
فهذا الأصل الأوَّل.
وأمَّا الثاني فقال ابن دريد: أدَّتِ الإبل، إذا نَدّت.
وأما أُدُّ بن طابخة بن إلياس بن مضر فقال ابن دريد: الهمزة في أدّ واوٌ، لأنه من الوُدّ وقد . . . أكمل المادة ذكر في بابه.
الباء والثاء أصلٌ واحد، وهو تفريق الشيء وإظهاره؛ يقال بثُّوا الخيلَ في الغارة.
وبثّ الصيّاد كلابَه على الصّيد. قال النابغة:
والله تعالى خَلقَ الخلْقَ وبثَّهمْ في الأرض لمعاشهم.
وإذا بُسِط المتاعُ بنَواحِي البيت والدّار فهو مَبثُوث.
وفي القرآن: وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ [الغاشية 16] أي كثيرة متفرّقة. قال ابن الأعرابيّ: تَمْرٌ بَثٌّ، أي متفرِّق لم يجمعه كَنْزٌ. قال: وبثَثْتُ الطَّعامَ والتمرَ إذا قَلّبْتهُ* وألقيتَ بعضَه على بعض، وبثثْتُ الحديثَ أي نشَرْتُه.
وأما البثُّ من الحزْن فمِنْ ذلك أيضاً، لأنه شيءٌ يُشتَكَى ويُبَثّ ويُظهَر. قال الله تعالى في قصّة مَن قال: إنَّما أَشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى . . . أكمل المادة اللهِ [يوسف 86]. قال أبو زيد: يقال أبَثَّ فلانٌ شُقُورَهُ وفُقُورَه إلى فلانٍ يُبِثّ إبثاثاً.
والإبثاث أن يشكو إليه فقره وضَيعته. قال:
وقالت امرأةٌ لزوجها: "والله لقد أطعَمْتُك مأدُومِي، وأبْثَثْتُكَ مكتُومي، باهلاً غيرَ ذاتِ صِرار".
العين والقاف والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شَدٍّ وشِدّةِ وُثوق، وإليه ترجعُ فروعُ البابِ كلها.من ذلك عَقْد البِناء، والجمع أعقاد وعُقود. قال الخليل: ولم أسمع له فِعْلاً.
ولو قيل عَقَّد تَعقِيداً، أي بنى عَقْداً لجاز.
وعَقَدت الحبلَ أعقِده عَقْداً، وقد انعقد، وتلك هي العُقْدة.ومما يرجع إلى هذا المعنى لكنَّه يُزَاد فيه للفصل بين المعاني: أعقَدْت العَسَل وانعقد، وعسلٌ عقيد ومُنعقِد. قال:
وعاقَدته مثل عاهدته، وهو العَقْد والجمع عُقود. قال الله تعالى: أوْفُوا بالعُقود [المائدة 1]، والعَقْد: عَقْدُ اليمين، [ومنه] قوله تعالى: ولكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة 89].
وعُقْدَة النكاح وكلِّ شيء: . . . أكمل المادة وُجوبُه وإبرامُه.
والعُقْدة في البيع: إيجابه.
والعُقْدَة: الضَّيْعة، والجمع عُقَد. يقال اعتقد فلانٌ عُقْدةً، أي اتَّخذها.
واعتقد مالاً وأخاً، أي اقتناه.
وعَقَد قلبَهعلى كذا فلا يَنزِع عنه.
واعتَقَد الشيءُ: صَلُب.
واعتَقَد الإخاءُ: ثَبَتَ .
والعَقِيد: طعام يُعْقَد بعسل.
والمَعَاقِد: مواضع العَقْد من النِّظام. قال:وعِقْدُ القِلادة ما يكون طُوَارَ العُنق، أي مقدارَه. قال الدريديّ: "المِعقاد خيط تنظم فيه خَرَزَات ".قال الخليل: عَقَد الرَّمل: ما تراكم واجتمع، والجمع أعقاد.
وقلَّما يقال عَقِد وعَقِدات، وهو جائز. قال ذو الرّمّة:
ومن أمثالهم: "أحمق من تُرْب العَقَد" يعنون عَقَد الرَّمل؛ وحُمْقُه أنّه لا يثبت فيه التّراب، إنما ينهار.
و"هو أعطش من عَقَد الرّمْل"، و"أشْرَبُ من عَقَد الرّمل" أي إنّه يتشرَّب كلَّ ما أصابه من مطر ودَثَّة .* قال الخليل: ناقةٌ عاقدٌ، إذا عَقَدتْ .قال ابنُ الأعرابيّ: العُقْدة من الشّجر: ما يكفي المالَ سنَتَه. قال غيرُه:العُقْدَة من الشّجَر: ما اجتمع وثبَتَ أصلُه.
ويقال للمكان الذي يكثر شجرُه عُقدة أيضاً.
وكلُّ الذي قيل في عُقدة الشَّجَر والنَّبْت فهو عائد إلى هذا.
ولا معنى لتكثير الباب بالتكرير.ويقولون: "هو آلَفُ من غُراب العُقْدة".
ولا يطير غُرابها.
والمعنى أنّه يجد ما يريده فيها.ويقال: اعتقدَت الأرضُ حَيَا سنَتِها، وذلك إذا مُطِرَت حتى يحفِر الحافر الثَّرَى فتذهبَ يدُه فيه حتى يَمَسَّ الأرض بأُذُنه وهو يحفر والثَّرَى جَعْد.قال ابنُ الأعرابيّ: عُقَد الدُّورِ والأرَضِينَ مأخوذةٌ من عُقَد الكلأ؛ لأنَّ فيها بلاغاً وكِفاية.
وعَقَد الكَرْمُ، إذا رأيتَ عُودَه قد يَبس ماؤُه وانتهى.
وعَقَدَ الإفطُ.
ويقال إنّ عَكَد اللسان، ويقال لـه عَقَد أيضاً، هو الغِلَظ في وسطه.
وعَقِد الرّجلُ، إذا كانت في لسانه عُقدة، فهو أعقَدُ.ويقال ظبيةٌ عاقدٌ، إذا كانت تَلْوي عنقَها، والأعقد من التُّيوس والظباء: الذي في قَرْنه عُقْدة أو عُقَد، قال النَّابغة في الظباء العواقد:
ومن الباب ما حكاه ابن السكّيت: لئيمٌ أعقد، إذا لم يكن سهلَ الخلق. قال الطّرِمّاح:
يقال إنّ الأعقد الكلب، شبَّهه به.ومن الباب: ناقةٌ معقودة القَرَى، أي موَثَّقةُ الظهر.
وأنشد:
وجملٌ عَقْدٌ، أي مُمَرُّ الخَلْقِ. قال النابغة:
ويقال: تعقَّد السَّحابُ، إذا صار كأنّه عَقْد مضروبٌ مبنيّ.
ويقال للرجل: "قد تَحلَّلت عُقَده"، إذا سكنَ غضبَهُ.
ويقال: "قد عقد ناصيتَه"، إذا غَضِب فتهيَّأ للشَّر. قال:ويقال: تعاقَدت الكلابُ، إذا تعاظَلَت. قال الدريديّ: "عَقَّدَ فلان كلامَه، إذا عمَّاه وأعْوَصه ".
ويقال: إنّ المعقِّد السّاحر. قال:
وإنما قيل ذلك لأنّه يعقِّد السِّحر.
وقد جاء في كتاب الله تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في الْعُقَد [الفلق 4]: من السَّواحر اللواتي يُعقِّدن في الخُيُوط.
ويقال إذا أطبق الوادي على قوم فأهلكهم: عقد عليهم.وممّا يشبه هذا الأصل قولُهم للقصير أعْقَد.
وإنما قيل لـه ذلك لأنّه كأنّه عُقْدَة.
والعُقْد: القِصَار. قال: